‫الاختنتنلالكين‬ ‫لا‬ ‫وس سے مو إز‬ ‫ك‬ ‫سص‬ ‫و‬ ‫(‬ ‫‪,‬‬ ‫م‬ ‫‪5‬‬ ‫‏‪٢‬‬ ‫صب‬ ‫‪77‬‬ ‫ت‬ ‫‏‪ ١‬ايلات‬ ‫ف ‏‪ ١‬تسرب‬ ‫ا‪ -‬لكلا الالات‪:‬‬ ‫هم‬ ‫لاترتيتتالتار؛‬ ‫اللختاكلااكن‬ ‫د‬ ‫ه‬ ‫مس‬‫وس‬ ‫خس‬ ‫مو (‬ ‫الترب الالات‬ ‫سے‬ ‫غم"‬ ‫جميع الحقوق محفوظة‬ ‫‪03‬‬ ‫"و‬ ‫‪.%‬‬ ‫منشورات موقع بصيرة الإلكتروني‬ ‫‏‪ ٧‬ه‪.‬‬ ‫‪.‬م‬ ‫ے۔ س‬ ‫م‬ ‫التتَحةآارك‬ ‫‪ ٣٦‬ه‪ ‎١‬۔‪ ‎‬م‪٥١.٢‬‬ ‫للتواصل وطلب الكميات‬ ‫‪٩٨١٧٧٧٨٩‬‬ ‫‏‪/ ٩٥١٠٥‬‬ ‫‪:45‬‬ ‫اكلنا | ‪1‬‬ ‫'ا‪7‬إابمدح‪-١‬‏‬ ‫‪:.‬‬ ‫‪5‬‬ ‫جه (‬ ‫ر س س‬ ‫امه (‬ ‫م٭سے‬ ‫ق التَرَبالايتلات‬ ‫م‪ . ... . ..‬لكاه ‪.‬‬ ‫لي‪,.‬‬ ‫‏‪٠ .. 1‬‬ ‫}‬ ‫رب‪:‬‬ ‫‪]::‬‬ ‫حااار حا‬ ‫ح‬ ‫ل‬ ‫ختصللسبوورتالةاتنلنرندتودجا‬ ‫‪.‬‬ ‫ه‪‎‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪٠‬‬ ‫القستمالكرل‪ :‬الدراسة‬ ‫للترتيتتالتا؛‬ ‫أصل هذا الكتاب رسالة دكتوراه بعنوان‪:‬‬ ‫مختصر البسيوي المسمى‪ :‬سيوغ التعم‬ ‫للعلامة الشيخ أبي الحسن علي بن محمد البسيوي (ت‪ :‬ق ‏‪ ٤‬ه)‬ ‫تحقيق ودراسة مقارنة بين المذهب الإباضي والمذهب المالكي بالفرب الإسلامي‬ ‫(رسالة الشيخ ابن أبي زيد القيرواني (ت‪٣٨٦ :‬ه)‏ نموذجاً)‪.‬‬ ‫نوقشت بالمملكة المغربية بجامعة سيدي محمد بن عبدالله ۔ سايس ‪ ،‬مدينة فاس‬ ‫تحت إشراف الأستاذ الدكتور حميد لحمر‬ ‫ه‪٢٣٤١‬۔‪٤١‬آ‪ / ‎٨٢‬م‪١١٠٢‬۔‪‎٧٠٠٢‬‬ ‫‏‪٩‬‬ ‫القسم الأول‪ :‬الدراسة‬ ‫‏‪١١‬‬ ‫المقدمة‬ ‫الفصل الأول‪ :‬المذاهب الفقهية الإسلامية‪ .‬النشأة والأسباب ‪....‬‬ ‫‏‪0٧‬‬ ‫المبحث الأول‪ :‬المذهب الإباضي‬ ‫‏‪٥٧‬‬ ‫المطلب الأول‪ :‬تاريخ النشأة‬ ‫‏‪٧٧‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬التأسيس‬ ‫‏‪٨٣‬‬ ‫المطلب الثالث‪ :‬أماكن انتشار المذهب الإباضي‬ ‫‏‪٩٦‬‬ ‫المطلب الرابع‪ :‬المؤلفات الإباضية إلى القرن الرابع الهجري‬ ‫‏‪٩٩‬‬ ‫المبحث الثانى‪ :‬المذهب المالكى‬ ‫‏‪٩٩‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫تمهيد‪:‬‬ ‫‏‪١٠٠‬‬ ‫المطلب الأول‪ :‬الإمام مالك بن أنس الأصبحي مؤسس المذهب المالكي‬ ‫‏‪١٠١‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬مولده ونشأته‪ ،‬ومنهجه في الطلب ومكانته في العلم ‪..‬‬ ‫‏‪١٠٩‬‬ ‫المطلب الثالث‪ :‬أماكن انتشار المذهب المالكي‬ ‫‏‪١١0‬‬ ‫المطلب الرابع‪ :‬المؤلفات المالكية إلى القرن الرابع الهجري‬ ‫‏‪١١٩‬‬ ‫خاتمة الفصل‬ ‫الفصل الثاني‪ :‬الإباضية والمالكيةش علاقة تاريخية وفكرية ه‪١٧٠١‬‏‬ ‫المبحث الأول‪ :‬العلاقة التاريخية بين الإباضية والمالكية في الغرب الإسلامي‪١٢٣.......‬‏‬ ‫‏‪١٣٣‬‬ ‫المبحث الثانى‪ :‬العلاقة الفكرية‬ ‫الإباضية والمالكية شي الخرب الإسلامي‬ ‫© ‪::‬‬ ‫‏‪٩‬‬ ‫المطلب الأول‪ :‬رأي الإمام مالك وعلماء المالكية في الغرب الإسلامي في الإباضية}‬ ‫‏‪١٣٣‬‬ ‫وملابسات التسمية‬ ‫‏‪١٦٥‬‬ ‫المطلب الثانى‪ :‬التوافق والاختلاف في الجانب الفقهي (الأصول)‬ ‫المطلب الثالث‪ :‬أسباب الحكم على الإباضية بالاستتابة في كتب المالكية بالغرب‬ ‫‏‪١٩٣‬‬ ‫الإسلامي‬ ‫‏‪٢٦٠٩‬‬ ‫خاتمة الفصل‬ ‫الفصل الثالث‪ :‬الشيخ أبو الحسن البسيوي والشيخ ابن أبي زيد القيرواني والمقارنة بين‬ ‫‏‪٢٦١١‬‬ ‫منهجيهما في المختصر والرسالة‬ ‫تلق‬ ‫المبحث الأول‪ :‬الشيخ أبو الحسن البسيوي‬ ‫تلق‬ ‫المطلب الأول‪ :‬النشأة والوفاة‬ ‫‏‪٧٣ ٧٨‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬حياة الطلب والعطاء (الشيوخ والتلاميذ) !‪......‬‬ ‫‏‪٢٣٠‬‬ ‫المطلب الثالث‪ :‬مكانته العلمية‬ ‫‏‪٢٣٧‬‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬الشيخ ابن أبي زيد القيرواني‬ ‫ي‪ .......................... ......‬‏‪٢‬‬ ‫المطلب الأول‪ :‬حياة الطلب والعطاء (الشيوخ والتلاميذ)‬ ‫‏‪٢٤١‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬مكانته العلمية‬ ‫‏‪٢٤٥‬‬ ‫المطلب الثالث‪ :‬وفاته‬ ‫المبحث الثالث‪ :‬مقارنة بين منهجي (المختصر والرسالة) ‪ ......‬‏‪٢٤٧‬‬ ‫المطلب الأول‪ :‬منهج الشيخ ابن أبي زيد في الرسالة ‪& ......‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬منهج الشيخ البسيوي في مختصره الفقهي !!!‪ ......‬‏‪٨‬‬ ‫‏‪٢٦٩‬‬ ‫خاتمة الفصل‬ ‫‏‪٢٧١‬‬ ‫البسيوي‬ ‫الفصل الرابع‪ :‬دراسة مختصر‬ ‫مقدمة تمهيدية تشتمل على تعريف المختصرات وتاريخها وأسبابها ‪ .............................‬‏‪٢٧٣‬‬ ‫‏‪٢٨٥‬‬ ‫المبحث الأول‪ :‬مختصر البسيوي‬ ‫‏‪٢٨٥‬‬ ‫تمهيد‪:‬‬ ‫‏‪٢٨٨‬‬ ‫المطلب الأول‪ :‬توثيق اسم الكتاب وصحة نسبته إلى المؤلف ‪......,,,‬‬ ‫‏‪٢٩٣‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬أسباب وضع الكتاب‪ .‬وتاريخ التأليف ‪1‬‬ ‫رر‬ ‫‪:‬‬ ‫الفهرس‬ ‫‪٢٩٩‬‬ ‫المطلب الثالث‪ :‬موضوع الكتاب ومحتواه‬ ‫‪٣٠٢‬‬ ‫المطلب الرابع‪ :‬تأثره بمن سبق‬ ‫‪٣٠٥‬‬ ‫المطلب الخامس‪ :‬مكانته بين العلماء‬ ‫‪٣٠٩‬‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬المنهج الاستدلالي لدى الشيخ البسيوي في مختصره الفقهي‬ ‫‪٣٠٩‬‬ ‫المطلب الأول‪ :‬المنهج الاستدلالي عند أبي الحسن (المصادر التشريعية) ‪....‬‬ ‫الفرع الأول‪ :‬استدلاله بالقرآن‬ ‫الفرع الثاني‪ :‬الاستدلال بالشئة‬ ‫‪٣٠‬‬ ‫الفرع الثالث‪ :‬الاستدلال بالإجماع‬ ‫الفرع الرابع‪ :‬الاستدلال بالقياس‬ ‫‪٣٣٣‬‬ ‫الفرع الخامس‪ :‬الاستدلال بالاستحسان‬ ‫‪٣٩‬‬ ‫المبحث الثالث‪ :‬المخالفات والترجيحات‬ ‫مخالفة آبي الحسن لمشهور المذهب ومن قال بها من المالكية‪= :‬‬ ‫‪٩‬‬ ‫نماذج وأمثلة‪:‬‬ ‫‪:5‬‬ ‫المطلب الأول‪ :‬المسألة الأولى‬ ‫‪٣٤٠‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬المسألة الثانية‬ ‫‪٣٤١‬‬ ‫المطلب الثالث‪ :‬المسألة الثالثة‬ ‫المطلب الرابع‪ :‬المسألة الرابعة‬ ‫المطلب الخامس‪ :‬المسألة الخامسة‬ ‫المبحث الرابع‪ :‬منهج التحقيق‬ ‫المطلب الأول‪ :‬المخطوطات المعتمدة في التحقيق‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬خطة التحقيق‬ ‫‪٣٦١‬‬ ‫خاتمة عامة‬ ‫‪٣٨٧‬‬ ‫الملاحق‬ ‫‪٣٨٧‬‬ ‫ملحق ‏‪ :١‬الإمام المحدث الربيع بن حبيب‬ ‫‪٣٩٢‬‬ ‫(ملحق ‏‪)٢‬‬ ‫لرنتتيننكك‬ ‫‪ .‬وفيها أربعة فصول‪:‬‬ ‫الفصل الول‪:‬‬ ‫المذاهب الإسلامية‪ .‬النشأة والأسباب (الإباضئية والمالكية نموذجاً)‪.‬‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬ ‫الإباضية والمالكية‪ .‬علاقة تاريخية وفكرية‪.‬‬ ‫الفصل الثالث‪:‬‬ ‫والشيخ ابن أبي زيد القيرواني‪ .‬والمقارنة‬ ‫البسيوي‪.‬‬ ‫الشيخ أبو الحسن‬ ‫بين منهجيهما في المختصر والرسالة‪.‬‬ ‫الرا بع‪:‬‬ ‫الفصل‬ ‫البسيوي‪.‬‬ ‫دراسة مختصر‬ ‫ع‬ ‫‪25‬‬‫‪2‬‬ ‫‪5‬‬ ‫‪1‬‬ ‫ن‬ ‫‪2‬‬ ‫‪2‬؟‬ ‫‪1 :‬‬ ‫الحمد لله الذي علم بالقلم‪ ،‬علم الإنسان ما لم يعلم‪ .‬القائل في كتابه‬ ‫العزيز « تنا ينمى أله من عبايو الملتنث ك ألة عَيرعَمَورٌ ‪[ 4‬ناطر‪ .‬‏‪٧٢٨‬‬ ‫والصلاة والسلام على إمام المرسلين‪ ،‬وأشرف خلق الله أجمعين‪ ،‬القائل في‬ ‫الحديث الصحيح «من يرد الله به خيرا يفقه في الدين»‪٠‬‏ وعلى آله وصحبه‬ ‫الطاهرين وعنا معهم إلى يوم الدين‪ ....‬وبعد‬ ‫فقد كان القرآن الكريم وهو يتنزل على رسول الله ية يؤسس لطائفة‬ ‫نابهة من الناس‪ ،‬تمضي أشواطا من حياتها في تعلم الفقه في الدين‪ ،‬وتقطع‬ ‫مسافات الزمان والمكان من أجل الوصول إلى المكنة العلمية المجردة}‬ ‫حتى تعود إلى قومها مبشرة ومنذرة‪ ،‬تعالج مستجدات الحياة وتحكم في‬ ‫نوازلها الداهمة‪ ،‬يقول يقل‪« :‬ملولا تري نك ذركةر تتهم طبقة ينهوا‬ ‫في الزين ولسُنذزدا ترمم يدا رجعوا النهلمعلهم يدروك ‪ 4‬التوبة ‏‪٠٢٢‬‬ ‫(‪ )١‬أخرجه مالك في الموطا برواية الليثي" كتاب القدر‪ :‬باب ما جاء فأيهل القدر‪٩٠٠7/٢( ‎‬‬ ‫والبخاري في الصحيح‪ ). .‬كب العلم‪ :‬باب من يرد الله به خيرا يفقهه في‪‎‬‬ ‫رقم‪)).٩ ‎:‬‬ ‫الدين‪ ٣٩/١( ‎‬رقم‪ .)٢١ ‎:‬ومسلم كتاب الزكاة‪ :‬باب النهي عن المسألة‪ ٩٤/٣( ‎‬رقم‪)٢٤٣٦ ‎:‬‬ ‫كلهم من حديث معاوية بن أبي سفيان‪‎.‬‬ ‫الإباضية والمالكية في الغرب الإسلامي‬ ‫‏‪٨٦‬‬ ‫رر‬ ‫۔۔‬ ‫‪7‬‬ ‫ومن أجل هذا كان النبي تة يعقد لأصحابه جلسات العلم المستمرة‬ ‫يزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة‪ .‬وفي كل مشهد من مشاهد اللقاء العلمي‬ ‫يعطي النبي ية أصحابه إشارة واضحة إلى العلل والمناطات بما يمكنهم‬ ‫مستقبلا من مواجهة مستجدات الحياة بنفس تلك القواعد والأصول‪ ،‬فإذا‬ ‫أرسل أحدهم داعيا إلى بلد من البلدان تحسس قدراته الاجتهادية‪ ،‬واطمأن‬ ‫إلى فقهه في الدين‪ ،‬ففي الحياة نوازل قد لا يجد فيها الداعية حكما في‬ ‫نصوص الكتاب والسنة فلا بد أن يجتهد رأيه ليستنبط من روحهما كما فعل‬ ‫مع معاذ بن جبل ف‪ :‬وقد كان ذلك بمثابة تأسيس مصطلح الفقيه‪ ،‬وإسناد‬ ‫مهمة التبليغ والتعليم إلى طائفة مخصوصة من الناس؛ ففي حجة الوداع قلد‬ ‫النبي ينة هذه الطائفة وسام التبليغ ومهمة الدعوة والإصلاح‪ .‬فكان مما قال‬ ‫عليه أفضل الصلاة والسلام‪« :‬نضّر الله عبدا سمع مقالتي فوعاها ثم أداها إلى‬ ‫من لم يسمعها فإنه رب حامل فقه ليس بفقيه ورب حامل فقه إلى من هو‬ ‫أفقه منه»_'‪ ،‬وواضح من هذه الكلمات أن استيعاب الرسالة المحمدية ومد‬ ‫شعاعها إلى العالمين يحتاج إلى فهم عميق وإصغاء دقيق للحكم والمناطات©‬ ‫فالأحداث المتسارعة على وقع الحياة تدفع في كل عصر بل في كل يوم‬ ‫بالمستجدات الحثيثة والنوازل الكثيرة؛ فكان لا بد لفقهاء هذه الأمة أن‬ ‫يتصدوا لها بما فهموه من كتاب الله تعالى وشئة نبيه يلة وما توفر لديهم من‬ ‫أدوات الاجتهاد المقررة‪.‬‬ ‫ومن هنا كان للفقهاء مكانة سامقة في الأمة الإسلامية‪ ،‬فرضت لهم‬ ‫احترام الناس وتقديرهم‪ 6‬فهم مبلغون عن الف وموقعون عن ربالعالمين©‬ ‫‏(‪ )١‬أخرجه الحاكم في المستدرك‘ كتاب العلم؛ ى ( ‏‪ ١٦١٢‬رقم‪ :‬‏‪ ،)٢٩٤‬وقال‪ :‬إنه على شرط‬ ‫الشيخين فوافقه الذهبي‪ ،‬وأحمد ‏(‪ ١٨٣/٥‬رقم‪ :‬‏‪ .)٢١٦٣٠‬وصححه الأرنؤوط‪. .‬وفي نص‬ ‫أحمد «نضر الله امرا سمع منا حديئا فحفظه حتى يبلغه غيره»‪.‬‬ ‫‏‪١٢‬‬ ‫المقدمة‬ ‫‪-‬‬ ‫رس‬ ‫ولقد حم عليهم هذا الواجب الشريف أن يمدوا الأمة بالكتب الفقهية‬ ‫المحكمةً وأن يصقوا علومهم التي تناقلوها عبر الأجيال في مجلدات أو‬ ‫مختصرات‘ حتى يسهل على طالب العلم استيعابها وحفظها‪ ،‬ويسهل على‬ ‫الفقهاء اللاحقين الإفتاء بها والإفادة منها‪.‬‬ ‫ولقد ظلت القرون الثلاثة الأولى تشتغل بالمطولات الفقهية؛ طمعا في‬ ‫جمع المادة العلمية التي أفرزتها الفهوم الحكيمة‘ وقصدا إلى رفد الأجيال‬ ‫اللاحقة بغزارة ما أنتجته قرائح المجتهدين من هذه الأمة‪ ،‬حتى زاد ذلك عن‬ ‫حد الاستيعاب‪ ،‬ورأى فيه اللاحقون صعوبة الفهم والاستحضار‪ ،‬خاصة بعد‬ ‫ما تقرر العمل بفقه عدد من الأئمة المجتهدين فكما قيل‪ :‬إن ديوان الإمام‬ ‫جابر بن زيد كان يضم أجزاء ضخمة من فتاوى الصحابة وأقرانه التابعين‬ ‫تحمله سبعة أبعرة‪ ،‬كما نقل عن الإمام مالك إلى العراق وحدها سبعون ألف‬ ‫مسألة‪ .‬وإلى الحجاز والمغرب أمثال هذا الرقم؛ ثم جمعت في مجلدات‬ ‫ضخمة مع أقوال تلاميذه الكبار‪ ،‬فكثرت فيها الأقوال والترجيحات؛‬ ‫ما جعلها صعبة المنال شديدة المحال فانبرى مجموعة من العلماء إلى‬ ‫وضع منهج جديد يعتمد على اختصار المطولات‘ وتقريب مضامينها إلى‬ ‫طلبة العلم! أو تأليف كتب مختصرة تأخذ مادتها الراجحة منها‪ ،‬فلا تشتغل‬ ‫كثيرا بالأدلة وكثرة التفريعات والخلافات" تسهيلا لطلبة العلوم وتحبيبا في‬ ‫العلم الشرعي كما يرومون‪ ،‬وقد ساعد على ذلك انقطاع الاجتهاد وإغلاق‬ ‫بابه واستقرار الناس على مذاهب معينة\ بالإضافة إلى ضعف الحال‬ ‫السياسى‪.‬‬ ‫وليس بعيدا عن هذه الأجواء المذهب الإباضي فقد اشتغل علماؤه في‬ ‫القرون الثلاثة الأولى بتأليف الجوامع الحاصرة‪ ،‬ترص بين سطورها أقوال‬ ‫وأبي عبيدة‬ ‫جابر بن زيك‬ ‫المذهب من أمثال الإمام أبي الشعغاء‬ ‫أساطين‬ ‫الإباضية والمالكية في الشرب الإسلامي‬ ‫‏‪١‬‬ ‫مسلم بن أبي كريمةا وتلاميذه مع وفرة جزيلة في الأدلة والبراهين© كجامع‬ ‫أبي علي موسى بن علي (ت‪٢٣٠ :‬ه))‏ وابن جعفر محمد بن جعفر الأزكوي‬ ‫(ق‪٣ :‬ه)‪.‬‏ وأبي الحواري محمد بن الحواري (ت‪ :‬ق ‪٣‬ه)‪،‬‏ والفضل بن‬ ‫الحواري (ت‪٢٧٨ :‬ه)‪.‬‏ وأبي معاوية عزان بن الصقر (‪٢٦٨‬ه)‪6‬‏ وجامع ابن‬ ‫بركة (ت‪٣٦٣ :‬ه)‪،‬‏ وغيرها‪ ،‬حتى توفر لدى الإمام عبدالوهاب بن‬ ‫عبدالرحمن بن رستم (ت‪٢٠٨ :‬ه)‏ أحمال من الكتب نقلتها إليه في تيهرت‬ ‫عشرة أبعرة‪ .‬وقيل‪ :‬إن مكتبة الرستاق التي أحرقت في القرن الثالث على يد‬ ‫القائد العباسي محمد بن نور كانت تضم تسعة آلاف كتاب‘ ومثل هذا تزخر‬ ‫به المذاهب الإسلامية الأخرى في كل مكان‪ ،‬حتى تجاوب علماؤها مع‬ ‫نغمة المنهج الجديد فانبرى كل عالم في مذهبه إلى وضع المختصرات‪،‬‬ ‫وتسهيل مادة الفقه لطلبة العلم الجدد" فكان من بين هؤلاء العلامة الشيخ‬ ‫أبو الحسن علي بن محمد بن علي البسيوي المممانيس حيث وضع أول‬ ‫مختصر في المذهب الإباضي سمي فيما بعد بمختصر البسيوي‪ ،‬استطاع فيه‬ ‫الشيخ اختصار المادة الفقهية المعمول بها في المذهب إلى القرن الرابع‬ ‫الهجري بطريقة فريدة‪ ،‬تجمع بين حصر المادة الفقهية اللازمة واختصارها‬ ‫بحذف الخلافات وكثرة الأقوال‪.‬‬ ‫وفي الوقت نفسه كان نظيره العلامة الشيخ أبو محمد عبدالله ابن‬ ‫آبي زيد القيرواني (ت‪٣٨٦ :‬ه)‏ يؤلف لتلاميذه في القيروان رسالته الشهيرةء‬ ‫ليدشن بذلك أول مختصر فقهي في المذهب المالكي‪.‬‬ ‫وإذا كانت الرسالة قد لاقت من علماء المالكية القدامى والمحدثين‬ ‫اهتماما عريضا على مستوى الشروح والدراسات فإن مختصر البسيوي لم‬ ‫ينله شيء من هذا الحظ‘ فظل طوال هذه المدة يفتقر إلى شرح أو تحقيق أو‬ ‫حتى دراسة‪ ،‬رغم أهميته الكبرى في الفقه الإباضي‪ .‬وقد رأيت من الواجب‬ ‫‏‪١٥‬‬ ‫‪.‬‬ ‫المقدمة‬ ‫‪2‬‬ ‫رز‬ ‫وقد سنحت الفرصة ‪ -‬أن أقوم بهذا الدور وأجتهد في تحقيق الكتاب‬ ‫وتنقيته من زيادات النساخ‪ ،‬مع مقارنته في الوقت نفسه برسالة ابن آبي زيد‬ ‫القيرواني" مقارنة تركز على مواطن الاتفاق وهي كثيرة‪ ،‬والاختلاف وهي‬ ‫قليلة‪ ،‬بالإضافة إلى بحث العلاقة التاريخية والفكرية بين المذهبين الإباضي‬ ‫والمالكي‪ ،‬وخاصة في أجواء الغرب الإسلامي‪ ،‬حيث كان العمل السياسي‬ ‫والعلمي مشتركا ضمن دول المالكية في القيروان والأندلس والمغرب ث‘‬ ‫والدولة الإباضية في تيهرت‪ ،‬لعلي بذلك أكون قد وفقت في وضع لبنة‬ ‫جديدة في صرح العلاقة المتينة بين المذهبين" وتقوية أواصر القربى بينهماء‬ ‫ورفع الملابسات الفكرية والتاريخية عن الإباضية في كتب مالكية الغرب‬ ‫الإسلامي كما سيتضح ذلك في ثنايا الدراسة\ والله من وراء القصد وهو‬ ‫الهادي إلى سبيل الرشاد‪.‬‬ ‫والله أسأل أن يكون هذا العمل خالصا لوجهه الكريم؛ أنال به الجزاء‬ ‫الجميل والثواب الجزيل إنه سبحانه عليم رحيم‪.‬‬ ‫سيف بن سالم بن سيف الهادي‬ ‫۔ العامرات‬ ‫مسقط‬ ‫‏‪ ٤٣٦٢٦٤٢٢‬‏م‪٧!٢/٣/١١٠٢‬۔ها‪١‬‬ ‫الإباضية والمالكية في الشرب الإسلامي‬ ‫‏‪٦‬‬ ‫‏‪٦‬‬ ‫ار‬ ‫أهمية الموضوع‪:‬‬ ‫‏‪ ١‬في القرن الثاني الهجري انتظمت مجموعة من المدارس الفقهية‬ ‫فى سلك العمل التشريعي بعد انقضاء عصر الصحابة إن والتابعين رحمهم‬ ‫الله؛ وذلك بغية المحافظة على قيم التشريع الإسلامي‪ ،‬ومواجهة متطلبات‬ ‫الحياة الجديدة‪ ،‬ومعالجة النوازل والمستجدات‘ حيث مئلت هذه المدارس‬ ‫فيما بعد الحجر الأساس لما غرف بالفقه الإسلامي وقد واجهت علماء‬ ‫هذا القرن الكثير من المصاعب العلمية بسبب انتشار ظاهرة الوضع على‬ ‫رسول الله يَة‪ ،‬والتقؤل على الصحابة الكرام كما أسهمت الاتجاهات‬ ‫السياسية بدورها في زيادة هذه الصعوبات وتضخيم حجم المشكلة‪ ،‬كل‬ ‫هذا فرض على علماء هذا القرن أن يتبع كل واحد منهم طريقة معينة في‬ ‫استنباط الأحكام الشرعية والإفتاء للناس© فظهرت مدرسة أهل الرأي وأهل‬ ‫الحديث‪ ،‬ولما كان القرن الثاني الهجري يمثل الانطلاقة الأولى للمدارس‬ ‫الفقهية فقد كثر فيه العلماء المجتهدون" وتعددت مدارسهم واتجاهاتهم‪.‬‬ ‫فمنهم من حفظ لنا التاريخ منهجه وطريقته فعرف له مذهب معين{ ومنهم‬ ‫من طواه الزمن على عجل‘ وإنما بقيت آثاره العلمية منبعا ثرًا ينهل منه‬ ‫العلماء المتأخرون‪.‬‬ ‫وقد كان من بين المدارس الذين حفظ لنا التاريخ مناهجهم الفقهية أتباع‬ ‫التابعي الشهير أبي الشعثاء جابر بن زيد الأزدي الماني (ت‪٩٢ :‬ه)‏ حيث‬ ‫كان لهذا التابعي الكريم مجموعة من التلاميذ أشهرهم التابعي أبو عبيدة‬ ‫مسلم بن أبي كريمة التميمي (ت‪١٤٥ :‬ه)‏ وقد صارت لهم فيما بعد طريقة‬ ‫منهجية وعلمية في استنباط الأحكام والتعامل مع النصوص الشرعية‪ ،‬قد‬ ‫لا تختلف كثيرا عن المدارس الفقهية الأخرى‪ ،‬لكنها تميزت ببعض الميزات‬ ‫والخصائص وقد دونت آراءهم الفقهية وطرائقهم في الاستنباط والتعامل‬ ‫‏‪١٧‬‬ ‫المقدمة‬ ‫‪-‬‬ ‫‏‪٦‬‬ ‫مع النص في عدد كبير من الكتب غرف الكثير منها في أوساط المدارس‬ ‫الفقهية بينما ظل العدد الآخر محجوبا‪.‬‬ ‫غُرفت هذه المدرسة فيما بعد بالمدرسة الإباضية! وهي نسبة غير‬ ‫صحيحة‪ .‬لأن عبدالله بن إباض الذي تعود إليه النسبة لم يكن سوى فرد من‬ ‫أفراد المدرسة‪ ،‬وإنما أوكلت إليه مهمة التفاوض المباشر مع سلطة بني أمية‬ ‫آنذاك حتى غرفت المدرسة به‪ ،‬ولم يجد الإباضية غضاضة في التسمي به‬ ‫لأنه أيسر من نسبتهم إلى الخوارج‪ .‬وعلى كل حال ففي القرن الرابع الهجري‬ ‫عندما كانت المدارس الفقهية قد وصلت إلى مرحلة الاستقرار في التأصيل‬ ‫والتقعيد‪ ،‬واعتمدت لها منهجا خاضا وكتبا مرجعية تجمع معتمدات المذهب‬ ‫في شتى أبواب الفقه‪ ،‬كان المذهب الإباضي أيضًا قد حظي بمؤلفات من‬ ‫هذا النوع‪ ،‬وأشهرها كتاب «مختصر البسيوي» الذي كان صاحبه معاصرا‬ ‫للعلامة الشيخ ابن أبي زيد القيرواني‪ ،‬وقد وضع هذا الأخير أيضا معتمدات‬ ‫المذهب المالكي في رسالته المشهورة‪.‬‬ ‫وقد رأيت أن أقوم بتحقيق مختصر البسيوي ومقارنته في التأصيل‬ ‫ومعتمدات الأقوال برسالة ابن أبي زيد القيرواني‪ ،‬وسوف يضعنا البحث‬ ‫بحول الله أمام تقارب كبير بين المذهبين إلى حد الزعم بأنهما قد خرجا‬ ‫فقها وتأصيلا من مشكاة واحدة‪ ،‬وما ذلك إلا لروح التلاقي بين المذهبين‬ ‫والتعايش السلمي والعلمي بينهما في المغرب الإسلامي‪ ،‬أضف إلى ذلك‬ ‫منهج المدرستين المازج بين الحديث والفقه‪ .‬ويعد «مختصر البسيوي» من‬ ‫أحسن المؤلفات جمعا وتحقيقا في المذهب الإباضي" يجد فيه المتعطش‬ ‫لعلم الشريعة ما يروي ظمأه ويشبع رغبته‪.‬‬ ‫‏‪ ٢‬۔ ويكتسب هذا التحقيق أهميته من كونه يسعى إلى خدمة التراث‬ ‫الإسلامي وخاصة في قرونه الأولى عندما بدأت معالم المدارس الفقهية‬ ‫الإباضية والمالكية في الغرب الإسلامي‬ ‫‏‪١٨‬‬ ‫زنة‬ ‫‪-‬‬ ‫تتشكل وتتخذ لنفسها قواميس معتمدة في المسائل الفقهية مما استقر عليه‬ ‫إمام المذهب وأجمع عليه تلاميذه‪ ،‬إلى الحد الذي أصبح يلخص في كتب‬ ‫تتجرد من الدليل والنقاش العلمي‪.‬‬ ‫‏‪ ٣‬۔ سوف يقدم هذا التحقيق مساهمة جيدة في موضوع الفقه الإسلامي©‬ ‫وهو موضع لا تزال جملة من مسائله مثار نقاش وبحث إلى اليوم؛ حيث‬ ‫تدور في ندوات النقاش قضايا تتعلق بجدوى الفقه الإسلامي وتاريخ تدوينه‬ ‫ومدى مواكبته للعصر‪.‬‬ ‫دوافع البحث‪:‬‬ ‫‏‪ ١‬لقد حفظ لنا التاريخ معالم هذه المدرسة كاملة من خلال آراء جابر بن‬ ‫زيد وتلميذه أبي عبيدة مسلم بن أبي كريمة‪ ،‬وقد حظي هذان الجليلان‬ ‫بمجموعة من الدراسات المتخصصة والرسائل العلمية في مختلف‬ ‫الجامعات بيد أن إبراز فقههما في شكل مدرسة مستقرة على معتمدات‬ ‫فقهية معينة لا يزال بحاجة إلى مزيد من الجهد العلمي ودورات‬ ‫‪.‬‬ ‫التحقيق‪.‬‬ ‫‪٢‬۔‏ مساهمة في كشف المزيد من الفكر الإسلامي الأول في القرن الرابع‬ ‫المجري وإبراز المزيد من الطرائق المنهجية والعلمية في استنباط‬ ‫الأحكام الشرعية‪.‬‬ ‫إماطة اللثام عن شخصيات علمية في تاريخ التشريع الإسلامي لم‬ ‫‏‪٣‬‬ ‫يتسن للدارسين من قبل التعرف على مناهجهم الفقهية واجتهاداتهم في‬ ‫مجال الأحكام الشرعية‪.‬‬ ‫يضع‬ ‫جديد‬ ‫على كتاب‬ ‫تساهم الدراسة كذلك في التعرف‬ ‫سوف‬ ‫‏‪ ٤‬۔‬ ‫‪0‬‬ ‫‪.‬‬ ‫المقدمة‬ ‫‪-‬‬ ‫من؟‬ ‫المسائل الفقهية المعتمدة في المذهب الواحد في شكل مختصر أو‬ ‫رسالة قبل القرن الخامس الهجري الذي يتحدث الباحثون بأنه قرن‬ ‫اكتمال القواعد الأصولية‪.‬‬ ‫التعرف كذلك على شخصية المؤلف وآثاره العلمية‘ وآراء ومنهجه‬ ‫الفقهي‬ ‫إضافة أخرى لعالم التقريب بين المدارس الفقهيةة واعتبارها ظاهرة‬ ‫صحية تعبر عن ثراء الفكر الإسلامي وانطلاقاته الموضوعية‪ ،‬فهي‬ ‫بالتالي لبنات في صرح عظيم‬ ‫سوف يعمل هذا التحقيق المقارن بالفقه المالكي على شطب الكثير‬ ‫من التهم الفقهية التي ألصقت بالإباضية‪ ،‬والزعم كذلك بافتقارهم الى‬ ‫الفقه المؤصل أو حتى المؤلفات الفقهية؛ كأمثال ابن حزم الذي نسب‬ ‫إليهم مجموعة من الآراء الفقهية الغريبةث لكن الباحث سيكتشف أن‬ ‫ابن حزم وغيره ما كانوا يعرفون من الإباضية سوى فرقة منشقة تسمى‬ ‫النكارية‪.‬‬ ‫تردد كثيزا على ألسنة الباحثين وأساتذة الجامعات أن المذهب الإباضي‬ ‫قريب جا من المذهب المالكي في الفقه‪ ،‬لكن الدراسات المقارنة‬ ‫لإئبات هذه المعلومة لم تكن كثيرة أو داعمة بشكل كلي ولذلك فإن‬ ‫هذا الإسهام سيعمل على دعم هذه الحقيقة بالادلة والبراهين وسيلف‬ ‫على كل أبواب الفقه تقريبا‪ .‬مثبتا بذلك صحة التقارب بين المذهبين‬ ‫في الآراء الفقهية‪ .‬ويضع يده كذلك على أجواء التعايش واللقاءات‬ ‫السياسية والعلمية بينهما‪.‬‬ ‫التراث‬ ‫بوحدة‬ ‫رئيس مسلك الدكتوراه‬ ‫اهتبل الباحث فرصة إطلاق‬ ‫۔‪‎٩‬‬ ‫الإباضية والمالكية هي الشرب الإسلامي‬ ‫‪.‬‬ ‫‏‪٢‬‬ ‫الأستاذ الدكتور حميد لحمر‬ ‫الفقهي المالكي بالغرب الإسلامي‬ ‫ابن أبي زيد القيرواني‪ ،‬وتأثيرها‬ ‫دراسات علمية لرسالة الشيخ العلامة‬ ‫مستاأذئا الأستاذ الدكتور أن‬ ‫الفقهى فى المذهب المالكي‪ ،‬فرأى ۔‬ ‫عالمين متعاصرين من مذهبين‬ ‫ينضاف إلى ذلك دراسة مقارنة بين‬ ‫كتابا مختصرا ظل هو المعتمد‬ ‫مختلفين قدم كل واحد منهما لمذهبه‬ ‫الزمن‪ .‬وعادة ما تدفع هذه المقارنات بالمزيد من‬ ‫فقهيا ردحا من‬ ‫التجليات الفقهية لكل عالم من العلماء‪.‬‬ ‫الصعوبات التي واجهت الباحث‪:‬‬ ‫احتاج العمل في مثل هذا النوع من الرسائل الكثير من الجهد والصبر‬ ‫كرون أن البحث ذو شقين‪:‬‬ ‫الأول‪ :‬يتعلق بالدراسة المقارنة وسوف تتناول هذه الجزئية التاريخ‬ ‫والأعلام ومواطن الاتفاق والاختلاف‪ .‬ولما كان المذهب الإباضي مصنما‬ ‫من جملة الخوارج متحملا بذلك قسطا من التشويه والتهم‪ 6‬كان الباحث‬ ‫مطالبا بنفي هذه الألقاب‪ ،‬وإثبات ضيق الفوارق بينه والمذاهب الإسلامية‬ ‫الأخرى وخاصة المذهب المالكي حيث اشتركا جميعا في منطقة جغرافية‬ ‫واحدة وتعاملا مع أجناس بشرية متفقة لغة وتاريخًا‪.‬‬ ‫والثاني‪ :‬يعنى بتحقيق نصوص فقهية مركزة‪ ،‬اعتبرت في المذهب‬ ‫الإباضي هي الأم أو كما اصطلح عليه فقهيا «ما عليه العمل» ولأجل هذا‬ ‫واجهت الباحث جملة من الصعوبات تتمثل في التالي‪:‬‬ ‫‪١‬۔‏ ليس لمختصر البسيوي في ما بحثث مخطوطات قريبة العهد بالمؤلفث‬ ‫وإنما أقدم نسخة وقعت عليها يدي تعود إلى نهاية القرن العاشر‬ ‫الهمجري“‪ ،‬حيث بحثت في معظم مظان المذهب من الخزانات‬ ‫‪٢١‬‬ ‫المتقدمة‬ ‫‪_-‬‬ ‫‪٦‬‬ ‫والمكتبات في كل من سلطنة غمان‪ ،‬والجزائر وليبيا وتونس‪ .‬والنسخة‪‎‬‬ ‫الأقدم هي التي عثرت عليها في مكتبة جزائرية‪ .‬وهذا يعني أن النص‪‎‬‬ ‫يحتاج إلى جهد كبير لإثبات صحة نسبته إلى المؤلف‪ ،‬وهو ما جعلني‪‎‬‬ ‫أنظر في النقول والاقتباسات من المختصر في الموسوعات الفقهية‪‎‬‬ ‫الإباضية التي ألفت في القرن الخامس والسادس الهجري" أمثال «بيان‪‎‬‬ ‫الشرع»» و«المصنف‘©‪ ،‬بل وحتى التي ألفت في القرن العاشر الهجري‪‎‬‬ ‫مثل كتاب «منهج الطالبين»۔‪‎‬‬ ‫النسخة الأصل كتبت بخط مغربي‪ ،‬وقد تطلب مني ذلك جهدا في فك‪‎‬‬ ‫بعض رموزه‪ ،‬مستعينا ببعض الجزائريين الموجودين معنا في السلطنة‪ ،‬لكن‪‎‬‬ ‫ذلك لم يدم طويلا فقد تمكنت بعد ذلك من قراءته بسهولة ولله الحمد‪‎.‬‬ ‫مشكلة النسخ المانية أن نظام التحشية والتعليقات فيها تدخل ضمن‪‎‬‬ ‫متن المؤلفؤ ويشار إليها غالبا ب«من غير الكتاب‪ ،‬أو من غيره» ثم‪‎‬‬ ‫يختم ب«رجع» لكن هذا كما يبدو خاضع لمزاج الناسخ؛ ففي كثير من‪‎‬‬ ‫الأحيان يتجاوز هذه الإشارات فيدخل في النص ما ليس منه‪ .‬وقد‪‎‬‬ ‫تفشى هذا النوع من الإضافات في القرن الحادي عشر الهجري وما‪‎‬‬ ‫بعده في المؤلفات الإباضية‪ .‬حتى أن مختصر البسيوي المطبوع من‪‎‬‬ ‫قبل وزارة التراث والثقافة المانية عام ‪١٤٠٦‬ه‪١٩٨٦/‬م اعتمد فيه‪‎‬‬ ‫على نسخة العلامة الشيخ سعيد بن ناصر الكندي في القرن الرابع عشر‪‎‬‬ ‫الهجري وقد انضافت إلى نصوصه قرابة ثلاثين ورقة لا توجد فيها‪‎‬‬ ‫إشارة إلى أنها من غير الكتاب‪ ،‬وقد قمت بتنقية المختصر منها اعتمادا‪‎‬‬ ‫على النسخ الأربع‪ ،‬وجمعت تلك الزيادات في ملحق مستقل آخر‪‎‬‬ ‫التحقيق© ليتبين للباحث الماني كم تضرر الفقه الإباضي ‪ -‬الماني‪‎‬‬ ‫خاصة ۔ من هذه التدخلات غير المنهجية عند النساخ المانيين‪!!. ‎‬‬ ‫الإباضية والمالكية في الغرب الإسلامي‬ ‫هناك اختلاف في التبويب أحيانا بين النسخة الأصل والنسخ الثلاث‬ ‫‏‪ ٤‬۔‬ ‫الأخرى" فاعتمدت الطريقة التي اصطلح عليها الفقهاء في ترتيب‬ ‫الكتب والأبواب" على أن كل النسخ لا تضع للمختصر كتبا‪ ،‬وإنما‬ ‫تكتفى بالأبواب فقط‪ ،‬ومثل ذلك أيضا رسالة العلامة الشيخ أبي محمد‬ ‫عبد لله بن أبي زيد القيرواني‪ ،‬ولعل ذلك أقرب إلى روح الاختصار‬ ‫أيضا‪.‬‬ ‫طبيعة الأحاديث في المختصرات تجريدها من السند أو حتى النسبةء‬ ‫وقد يكون هذا غير شاق على الباحث لو كان المؤلف ينقل من‬ ‫المصادر الحديثية مباشرة‪ ،‬لكن البسيوي يعتمد غالبا في النقل على‬ ‫حفظه أو أنه ينقل ذلك من المؤلفات المانية السابقة وهذا ما جعل‬ ‫مهمة التحقيق والتخريج صعبة على الباحث؛ لأن البسيوي كثيرا‬ ‫ما يدخل متن حديثين في حديث واحد وأحيانا أخرى يغير من لفظ‬ ‫الحديث كما أنه يعتمد أحيانا ۔ وهذا قليل ۔ على روايات لا أصل‬ ‫لهاؤ وإنما تداولتها المؤلفات العمانية قبله كجامع ابن جعفر وقد‬ ‫بذلت جهدا كبيا في البحث عنها فلم أوفق" فأاشرت في التحقيق إلى‬ ‫ذلك‪.‬‬ ‫التصميم الإجمالي للاقسام والفصول والمباحث (خطة الدراسة)‬ ‫بدأت الدراسة بعد المقدمة والخطبة التمهيدية بالتقسيمات التفصيلية‬ ‫للدراسة‬ ‫والتحقيق فجعلتها ۔ مستعينا بالله ۔ في قسمين‪ :‬القسم الاول يتعلق‬ ‫ب‬ ‫الدراسة والمقارنة‪ ،‬والثاني يتضمن المتن الذي رمت تحقيقه‪.‬‬ ‫أما القسم الأول فقد جعلته أيضا في أربعة فصول‪ ،‬جاءت المباحث‬ ‫والمطالب فيها على النحو التالي‪:‬‬ ‫‪-‬‏‪٢٢‬‬ ‫ح‬ ‫‪:..‬‬ ‫المقدمة‬ ‫الفصل الأول‪ :‬المذاهب الفقهية الإسلاميةش النشأة والأسباب (الإباضيّة‬ ‫والمالكية نموذجاً)‪.‬‬ ‫بدأت هذا الفصل بمقدمة تمهيدية عن تعريف المذهب© وتاريخ نشاة‬ ‫المذاهب الفقهية الإسلامية عموما! وأوضحت من خلاله مسميات هذه‬ ‫المذاهب ومؤسسيهاء وظروف النشأة وما بقي منها وما اندثر‪ .‬ثم دخلت في‬ ‫الأول بعنوان‪ :‬المذهب الإباضي‪ :‬في هذا المبحث دار الحديث عن‬ ‫تاريخ نشأة المذهب©ؤ ومرحلة التأسيس التاريخية والعلمية‪ ،‬وأبرز الشخصيات‬ ‫التي وضعت لبنات التأسيس» وواصلت مد التأثير المذهبي في المدارس‬ ‫والبلدان‪ .‬حيث كان الإمام جابر بن زيد هو المؤسس الأول للمذهب؛‬ ‫ولذلك أفردته بترجمة وافية‪ ،‬ثم أجبث على الكثير من الإشكالات التي تثار‬ ‫حول نشأة المذهب الإباضي وهل هو من الخوارج أم لا؟ ولماذا ينسب إلى‬ ‫عبدالله بن إباض وليس إلى جابر بن زيد؟ث وهل لدى الإباضية أدلة كافية‬ ‫لإثبات دعوى نسبتهم إلى جابر‪ ،‬كما ناقشت بعض الحقائق التاريخية حول‬ ‫علاقة ابن إباض بنافع‪ ،‬وعبدالله بن الصفار‪ ،‬وقادة الخوارج الآخرين‪.‬‬ ‫كان من مقتضيات هذا المبحث أن يتم الحديث عن أصول المذهب‬ ‫الفقهية ومدى تأثرها وتأثيرها في الفقه الإباضي تعويلًا واستنباطا‪ ،‬وهل هي‬ ‫من الكثرة والنشأة قادرة على تأسيس فقه مستقل له معالمه وخصائصها أم أن‬ ‫الإباضية اعتمدوا على فقه غيرهم وخاصة المالكية؟‪.‬‬ ‫ومن مطالب هذا المبحث‪ :‬الحديث عن أماكن انتشار المذهب والبلدان‬ ‫التي استقر بها طويلا أو قصيرا‪ ،‬وأين مواضع وجوده في العصر الحالي‪.‬‬ ‫وأخيزا ختمت هذا المبحث ‪ -‬بتوجيه من الأستاذ المشرف ‪ -‬بذكر‬ ‫الإباضية والمالكية في القرب الإسلامي‬ ‫‏‪٢٤‬‬ ‫المصادر والمؤلفات الفقهية التي ألفت في القرون الأربعة الأولى إلى عصر‬ ‫مؤلف المختصر الشيخ العلامة أبي الحسن البسيوي؛ لأن ذلك سيمكن من‬ ‫معرفة مدى التأثير الذي طبعته تلك المؤلفات على المختصر من حيث‬ ‫المنهج والأسلوب‪.‬‬ ‫أما المبحث الثاني‪ :‬فخصصته للحديث عن المذهب المالكي‪ ،‬وسلكت‬ ‫فيه مسلك الحديث عن نظيره الإباضي في المبحث السابق‪ ،‬لكن الإشكالات‬ ‫حول المذهب المالكي غير موجودة‪ ،‬مما سهل على الباحث مهمة التعاطي‬ ‫مع الحقائق التاريخية للمالكية[ وأفردت أيضا لمؤسس المذهب الإمام مالك‬ ‫مطلبا خاصا‪ ،‬وكذلك ما يتعلق بأصول المالكية‪ ،‬وأماكن انتشار الفقه المالكي‬ ‫وأتباعه‪ ،‬وختمت كذلك ‪ -‬باقتراح من الاستاذ المشرف ۔ بمطلب الحديث‬ ‫عن أهم الكتب الفقهية المالكية المدونة في القرون الأربعة الأولى إلى عصر‬ ‫صاحب الرسالة‪.‬‬ ‫الفصل الثاني‪ :‬وقد جعلته في الحديث عن المالكية والإباضيّة‪ .‬والعلاقات‬ ‫التاريخية والفكرية بينهما وفي هذا الفصل مبحثان وعدة مطالب‪:‬‬ ‫المبحث الأول‪ :‬يتحدث عن العلاقة التاريخية بين المذهبين فى الغرب‬ ‫الإسلامي خاصة‪ ،‬حيث كانت مرحلة تاريخية مفعمة بالمشاهد والأحداث‬ ‫أثبث من خلالها أن الأجواء السياسية والعلمية بين المذهبين كانت فى‬ ‫مرحلة التعانق وليس التنافر كما أنها مرت بمنعطفات تاريخية سيئها‬ ‫بعض الانشقاقات في الصف الإباضي على مستوى التسميات العلمية‬ ‫والسياسية‪ ،‬وهو لغز ظل يفرض وجوده على بعض النصوص التي دونت‬ ‫عند المالكية في حق الإباضية‪ .‬أما العلاقة بينهما في المشرق فقد اكتفيث‬ ‫بالإشارة الإجمالية إليها لكونها شحيحة بسبب قلة فرص اللقاء الجغرافى‬ ‫والعلمى‪.‬‬ ‫‪٢٥‬‬ ‫المقدمة‪‎‬‬ ‫‪2‬‬ ‫=‬ ‫أما المبحث الثاني‪ :‬فقد ناقش المقولة التي نسبت إلى الإمام مالك في‬ ‫المدونة عن الإباضية! حيث أثبت الباحث من خلال القرائن والأدلة أن تلك‬ ‫النسبة غير دقيقة وإنما هي من كلام الإمام ابن القاسم وأن أجواء اللقاء بين‬ ‫الإمام مالك والإباضية كانت تتسم بالحب والاحترام والتقدير كذلك كانت‬ ‫أجواء اللقاء مع علماء المالكية الآخرين‪ ،‬وإنما رأي ابن القاسم فيهم كانت‬ ‫له أيضا مبرراته السياسية والمرحلية‪ .‬وهذا في المطلب الأول‪.‬‬ ‫أما المطلب الثاني‪ :‬فكان الحديث فيه عن التوافق والاختلاف بين‬ ‫المدرستين الفقهيتين في الأصول والفروعس أثبث من خلالها أوجه التقارب‬ ‫الكبير في الأصول؛ بل يصح أن نقول أنها واحدة‪ ،‬كذلك ضربت أمثلة من‬ ‫الاتفاق والاحترام في الفروع الفقهية من خلال بعض نصوص المختصر‬ ‫والرسالة‪.‬‬ ‫وجعلت المطلب الثالث‪ :‬للحديث عن أسباب الحكم على الإباضية‬ ‫بالاستتابة في كتب المالكية‪ ،‬وناقشت الملابسات التي دفعت بالإباضية في‬ ‫مربع الخوارج اسما ومضمونا وبالتالي كان الحكم منطبقا على المسمى‬ ‫دون معرفة المضمون‪.‬‬ ‫الفصل الثالث‪ :‬خصصته للحديث عن العالمين الجليلين الشيخ أبي الحسن‬ ‫البسيوي والشيخ ابن أبي زيد القيرواني والمقارنة بين منهجيهما‪ ،‬وجعلته في‬ ‫ثلائة مباحث‪:‬‬ ‫من التفصيل ضمن مطالب‬ ‫الأول‪ :‬يتناول سيرة أبي الحسن بشيء‬ ‫تتحدث عن حياته ونشأته ومكانته العلمية‪.‬‬ ‫والمبحث الثاني‪ :‬يتناول سيرة ابن أبي زيد القيرواني‪ ،‬في مطالب أيضًا‬ ‫تلف على سيرته كاملة ومكانته في المذهب المالكى‪.‬‬ ‫الإباضية والمالكية في الغرب الإسلامي‬ ‫‪.‬‬ ‫‏‪٢٦‬‬ ‫‪: ٨‬‬ ‫‏=‬ ‫أما المبحث الثالث‪ :‬فكان الحديث فيه عن مقارنة موجزة بين كتابي‬ ‫المختصر والرسالة‪ ،‬من حيث المنهج وهو مطلب مستقل© ومن حيث طريقة‬ ‫التأليف والأسلوب فى مطلب آخر واعتمدت في ذلك على القراءة المجردة‬ ‫للكتابين‪ ،‬وتسجيل الملاحظات بشأن المنهج والأاسلوب‘ مستعينا في الوقت‬ ‫نفسه ببعض الكتابات عن منهجية القيرواني في المدرسة المالكية خاصة‬ ‫أما البسيوي فلم يسبق أن كتب عنه أحد بالتفصيل‪.‬‬ ‫وأخيرا الفصل الرابع‪ :‬خصصته لدراسة مختصر البسيوي‘ كونه محل‬ ‫البحث ونقطة الارتكاز وجعلته في أربعة مباحث" قدمت لها بتمهيد عن‬ ‫تعريف المختصرات وتاريخ نشأتهاء والأقوال التي دارت حولها مؤيدة‬ ‫ومعارضه‪.‬‬ ‫ثم جاء المبحث الأول‪ :‬يتحدث عن مختصر البسيوي من حيث التوثيق‬ ‫وصحة نسبة المؤلف لصاحبه وكذلك ما يتعلق بأسباب وضع الكتاب‪،‬‬ ‫وتاريخ تأليفه ثم موضوع الكتاب ومحتواه‪ ،‬وتأثره بمن سبقه‪ ،‬ومكانته بين‬ ‫العلماء وقد كان ذلك كله في خمسة مطالب‘ حاولت فيها جاهدا البحث عن‬ ‫معلومات وافية حولها‪ ،‬مع قلة المصادر المتخصصة والمعلومات الشحيحة‬ ‫عن التواريخ والسنوات‪.‬‬ ‫في مختصره‬ ‫الإمام البسيوي‬ ‫منهج‬ ‫أما المبحث الثاني‪ :‬فهو للحديث عن‬ ‫وهو في مطلبين‪ .‬الاول‪ :‬عن المنهج الاستدلالي عند المؤلف‪ ،‬واشتمل هذا‬ ‫المطلب على الحديث عن الاستدلال بالقرآن الكريم؛ والشئة‪ ،‬والإجماعض‬ ‫والقياس‪ ،‬والاستحسان‪ ،‬مع شيء من التعريفات والتفصيلات وضرب الأمثلة‪.‬‬ ‫وفي هذا المطلب أيضا تتضح منهجية أبي الحسن في الاحتجاج وترتيب‬ ‫الأدلة‪ .‬وهو الشيء الذي لا يزال بحاجة إلى دراسة متأنية متخصصة‪.‬‬ ‫‪٢٧‬‬ ‫المتدمة‪‎‬‬ ‫عم‬ ‫رس‬ ‫أما المبحث الثالث‪ :‬فهو عن المخالفات والترجيحات عند البسيوي‪ ،‬وهو‬ ‫أيضا في ستة مطالب؛ شملت الحديث عن بعض المسائل الفقهية التي خالف‬ ‫فيها أبو الحسن مشهور المذهب أو كما قيل بأن العمل على خلافها‪ ،‬وحاولت‬ ‫هنا أن أقارن هذه المسائل بالرأي المعمول به كذلك عند السادة المالكية‪.‬‬ ‫وأخيرا المبحث الرابع‪ :‬في الحديث عن منهجيتي التي اتبعتها في‬ ‫التحقيق أثناء معالجة المتن‪ ،‬وقد أوضحت في هذا المبحث من خلال‬ ‫مطلبين المخطوطات الأربع التي اعتمدتها‪ ،‬بالإضافة إلى الخامسة التي‬ ‫استعنت بها أحيانا‪.‬‬ ‫ثم تحدثت في المطلب الثاني عن خطة التحقيق بشيء من التفصيل©‬ ‫وقد تضمن هذا المطلب الحديث عن بعض المصطلحات الواردة في‬ ‫الكتاب‪.‬‬ ‫وجعلت نهاية هذا الفصل خاتمة عامة لخصث ما دار في الفصول الأربعة‬ ‫من حديث ضمن نقاط محدودة‪.‬‬ ‫وحيث إنني اعتمدت على مسد الإمام الربيع بن حبيب الفراهيدي في‬ ‫تحقيق أحاديث المتن على اعتبار أن البسيوي جعله أحد مصادره في الرواية؛‬ ‫فقد أفردته بترجمة خاصة في نهاية البحث تحت مسمى «ملحقا‪١‬؛؛‏ لأننا‬ ‫بحاجة إلى تعريف واف بهذا العَلَم وكتابه المسند‪ ،‬لكونه ظل مجهولا عند‬ ‫كثير من الفرق الإسلامية‪.‬‬ ‫كما جعلت في الملحق الثاني الزيادات التي وردت من قبل التساخ على‬ ‫متن مختصر البسيوي في النسخة المطبوعة من قبل وزارة التراث والثقافة‬ ‫بسلطنة عمان" من أجل أن يتبين القارئ مدى الأضرار التي ألحقتها الزيادات‬ ‫على الكتب العمانية بعد القرن العاشر الهجري بصفة عامة‪.‬‬ ‫الإباضية والمالكية في الشرب الإسلامي‬ ‫فرہ‪٨٢‬‏‬ ‫التم الثاني‪ :‬فهو لتحقيق المتن واتبعت فيه الطريقة الأكاديمية في‬ ‫التحقيق‪ ،‬وجعلت في نهاية هذا القسم مجموعة من الفهارس (المصادر‬ ‫والمراجع والآيات" والأحاديث والأعلام‪ ،‬والأماكن‪ .‬والفهارس العامة)‬ ‫واللة أسأل أن يجعل هذا العمل خالصا لوجه الكريم" وأن ينفع به كل‬ ‫قارئ مخلص مريدا للعلم‪ .‬طامعا في الخير والتفقه في الدين‪ 5‬إنه سميع‬ ‫وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين‪.‬‬ ‫ملاحظات ورموز‬ ‫۔ لم أقم بالترجمة للصحابة اعتمادا على شهرتهم‪.‬‬ ‫وغيرهم‪.‬‬ ‫وابن حزم!‬ ‫لم أقم كذلك بالترجمة للمشاهير كابن خلدون‬ ‫‪-‬‬ ‫وغيره‪.‬‬ ‫۔ لم أقم بترجمة بعض الشيوخ والتلاميذ أثناء الحديث عن بعض التراجم؛‬ ‫لأن ذلك سيزيد من أعباء البحث وعدد صفحاته‪.‬‬ ‫۔ لم أقم بتخريج الأحاديث الواردة ضمن النصوص المقتبسة على اعتبار‬ ‫أنها مخزجة في الكتاب المقتبس منه‪.‬‬ ‫۔ اعتمدت كثيزا في التراجم على كتاب الأعلام للزركلي‪ ،‬مع الاستعانة‬ ‫ببعض المصادر الأخرى‪.‬‬ ‫۔ في التحقيق لم أسلك منهج المقارنة بين الأقوال بطريقة تحرير محل‬ ‫النزاع وذكر الأدلة وإنما اكتفيت بذكر اختلاف الفقهاء في عدد كبير من‬ ‫المسائل" وأحلت على المصادر‪.‬‬ ‫۔ قارنت عدداً كبيرا منها بما ورد في رسالة الشيخ ابن أبي زيد القيرواني‪،‬‬ ‫وعدد من المصادر المالكية على هامش تحقيق المتن‪.‬‬ ‫الإباضية والمالكية في الشرب الإسلامي‬ ‫‪3‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‪٦‬‬ ‫=‬ ‫‪ 7‬أرمز للنصوص المقتبسة ب« »‪.‬‬ ‫۔ الكتاب الذي ليس له رقم الطبعة أرمز له (بدون‪ :‬ط)‪ ،‬وإذا كان أيضا ليس‬ ‫لطبعته تاريخ ف (بدون‪ :‬ت) وإذا اجتمع الاثنان معا (بدون‪ :‬ط©‪ ،‬ت)‪.‬‬ ‫‪ -‬استثنيت من فهارس الأعلام أبا الحسن البسيوي" وابن أبي زيد القيرواني‪،‬‬ ‫والإمام مالك لأنهم يشغلون معظم الرسالة‪.‬‬ ‫‪::::‬‬ ‫ر ‪.‬ن‪.‬‬ ‫‪.2‬‬ ‫‪...‬‬ ‫‪3‬‬ ‫‪١‬ن‪...‬‬ ‫‪.‬‬ ‫ي‬ ‫‪.‬‬ ‫‪ .>.‬ن‬ ‫‪...‬‬ ‫`‬ ‫‏‪..,‬‬ ‫مقدمة تمهيدية تشتمل على تعريف المذاهب‪ ،‬وتاريخ تشاتها۔‬ ‫المبحث الأول‪ :‬المذهب الإباضي‬ ‫الأول‪ :‬تاريخ النشأة‪.‬‬ ‫المطلب‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬التأسيس‪.‬‬ ‫المطلب الثالث‪ :‬أماكن الانتشار‪.‬‬ ‫المطلب الرابع‪ :‬المؤلفات الإباضية إلى القرن الرابع الهجري‪.‬‬ ‫المبحث الثاتي؛ المذهب المالكي‬ ‫المطلب الأول‪ :‬تاريخ النشأة‪.‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬التأسيس‪.‬‬ ‫المطلب الثالث‪ :‬أماكن الانتشار‪.‬‬ ‫المطلب الرابع‪ :‬المؤلفات المالكية إلى القرن الرابع الهجري‪.‬‬ ‫الخاتمة‬ ‫الفصل الأول‬ ‫المذاهب الفقهية الإسلامية‪ .‬النشأة والأسباب‬ ‫(الاباضيّة والمالكية نموذجً)‬ ‫مقدمة تمهيدية تشتمل على تعريف المذهب‬ ‫وتاريخ نشاة المذاهب عمومًا دون تفصيل‬ ‫لا بد أولا قبل الشروع في اكتناه تاريخ المذاهب وظروف نشأتها‪ ،‬أن‬ ‫نضع تعريفا يحدد المقصود من مصطلح المذهبك©‪٥‬‏ وماذا تعني إضافته إلى‬ ‫الفقه‪:‬‬ ‫المذهب مصدر ميمي على وزن «مَفعل» وهو الذهاب والسير والمرور‪،‬‬ ‫من ذَعَب يَذْهَب دَهابا وهوبا‪ ،‬فهو ذايب وتَمُوب‪ ،‬ومذهاب‪ .‬والذب‬ ‫مصدر كالذهاب'‪ .‬ومذهب الرجل‪ :‬مشاه لقضاء الحاجة‪ .‬وفلان حسن‬ ‫المذهب وقبيح المذهب أي‪ :‬الطريقة"‘‪.‬‬ ‫والمذهب‪ :‬المعتقد الذي يذهب إليه"'‪.‬‬ ‫قال الزمخشري‪ :‬ومن المجاز والكناية‪ :‬ذهب فلان مذهبا حسئا‪ .‬وذهب‬ ‫‏(‪ )١‬لسان العرب ‏(‪ .)٢٩٣/١‬مختار الصحاح (ص ‏‪.)٢٢٦‬‬ ‫(‪ )٢‬جمهرة اللغة لابن دريد‪.)١٢٣/١( ‎‬‬ ‫(‪ )٣‬لسان العرب‪)٣٩٣/١( ‎‬۔‬ ‫الإباضية والمالكية شي الغرب الإسلامي‬ ‫‪.‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‏‪٦٨‬‬ ‫طظ‬ ‫كذا‪ :‬نسبته‪ .‬وذهب الرجل في القوم‪ ،‬والماء في اللبن‪ :‬ضال‪ .‬وفلان‬ ‫علئ‬ ‫يذهب إلى قول أبي حنيفة} أي‪ :‬يأخذ به‪.‬‬ ‫والذي يفيده المعنى اللغوي هو أن للمذهب معنيين‪:‬‬ ‫الأول‪ :‬الذهاب والسير والمرور‪.‬‬ ‫والثاني‪ :‬المعتقد الذي يذهب إليه‪.‬‬ ‫والأول هو الذي استعير لمصطلح المذهب الفقهي فيما بعد يقول‬ ‫العلامة اللقاني‪"١‬؛‪:‬‏ «ولفظ بعض أثمتنا‪ :‬المذهب لغة‪ :‬الطريق‪ ،‬ثم صار عند‬ ‫الفقهاء‪ 5‬حقيقة عرفية فيما ذهب إليه إمام من الأئمة من الأحكام‬ ‫الاجتهادية"'‪.‬‬ ‫ولا يبدو أن بين الأول والثاني اشسترائا في الاصطلاح إلا من حيث‬ ‫السير في الاتجاه؛ لأن الاعتقاد مرحلة أعلا من طريقة أو مسلك‪ ،‬قال‬ ‫الخليل‪« :‬وعقد قلبه على شيع‪ :‬لم ينزع عنه‪ .‬وقد يكون بينهما عموم‬ ‫وخصوص؛ لأن الذي اعتقد شيئا يكون قد ذهب وسار في كل ما يتعلق‬ ‫(‪ )١‬أساس البلاغة‪ ‎‬۔)‪(١/٠١٢‬‬ ‫‏(‪ )٢‬إبراهيم بن إبراهيم بن حسن اللقاني‪ .‬أبو الإمداد‪ .‬برهان الدين‪( :‬ت‪١٠٤١ :‬ه)‏ فاضل‬ ‫متصوف مصري مالكي‪ ،‬نسبته إلى (لقانة) من البحيرة بمصر توفي بقرب العقبة عاثذا من‬ ‫الحج‪ .‬له كتب منها (جوهرة التوحيد) منظومة في العقائدش و(بهجة المحافل) في التعريف‬ ‫برواة الشمائل‪ ،‬و(حاشية على مختصر خليل) فقه‪ ،‬و(نشر المآثر فيمن أدركتهم من علماء‬ ‫القرن العاشر)۔ ينظر‪ :‬الاعلام للزركلي ‏(‪ 6)٢٨/١‬مقدمة كتاب منار أصول الفتوى ص ‏‪.٣٧‬‬ ‫)( منار أصول الفتوى وقواعد الإفتاء بالاقوى‪ 6‬للفقيه إبراهيم اللقاني (ت‪١٠٤١ :‬ه)‪٬‬‏ تح‪:‬‬ ‫د‪ .‬عبدالله الهلالي‪ ،‬وزارة الاوقاف والشؤون الإسلامية ۔ المملكة المغربيةء‬ ‫ط ‏‪ :١‬‏؛م‪/٢!٠٠٢‬اه‪ ٣٢٤١‬‏‪١٢٢.‬ص‬ ‫‏(‪ )٤‬كتاب العين‪ ،‬تاليف‪ :‬الخليل بن أحمد الفراهيدي" دار النشر‪ :‬دار ومكتبة الهلال‪ ،‬تحقيق‪:‬‬ ‫‏(‪.)١٤٠/١‬‬ ‫د‪ .‬مهدي المخزومي ‪ /‬د‪ .‬إبراهيم السامرائي‬ ‫‪٢٥‬‬ ‫الفصل الأول‪ :‬المذاهب الفقهية الإسلامية‪ .‬النشاة والأسباب ‏‪١‬‬ ‫بتطبيقاته وآثارهؤ وهذا ما يفسره قولهم‪« :‬المعتقد الذي يذهب إليه» وقد يسير‬ ‫في طريق لا يعتقد صوابها!!‬ ‫فهل المذهب طريقة أم اعتقاد؟‬ ‫وسبب السؤال هو أن الطرائق قابلة للتعديل بعد مرحلة من المراجعات‬ ‫والإقناع‪ ،‬فكأن المذهب منهج سلكه الإنسان بسبب قناعته بمسلكه وصحة‬ ‫مورده؛ بعد أن بان له ووضح" قال في اللسان‪« :‬ونَهَجث الطريئ أبنثه‬ ‫وأوضحئه‪ ،‬يقال‪ :‬امل على ما نهجه لك‪ .‬ونهجث الطريق سَلكئه{ وفلان‬ ‫تستنهج سبيل فلان؛ أي‪ :‬يسلك مَسلكه»×'‪.‬‬ ‫منهجا عمليا‪5‬‬ ‫أما الاعتقاد فهو بمعنى الجزم؛ وهو عمل قلبي وليس‬ ‫وسيكون التحول فيه والتعديل خاضعا لما فى النفس من قناعات‪ ،‬قال الله‬ ‫‏‪٣‬‬ ‫ے ۔۔ح وه هه‬ ‫ى ۔ء ‪+‬‬ ‫پا لإيمنن ‪[ 4‬النحل‪]١٠٦ :‬ء‏ فالعقيدة كما‬ ‫مُظميث‬ ‫وقلبه‬ ‫لا من أكره‬ ‫«‬ ‫تعالى‪:‬‬ ‫عزفها الجرجاني‪« :‬ما يقصد فيه نفس الاعتقاد دون العمل'‪ 8‬أما قلعه جي‬ ‫فقد عؤف العقيدة بأنها‪« :‬ما قد عَلَيه القلب واطمأن إليهه'‪.‬‬ ‫الملل والفرق©‬ ‫بين‬ ‫بل وحتى‬ ‫العقيدة والمذهب©‪6‬‬ ‫فئمة فارق إذن بين‬ ‫يقول أبو يعقوب الوارجلاني الإباضي (ت‪٥٧٠:‬ه‪:)٧‬‏ «أما الملة‪ :‬فإنهم‬ ‫(‪ )١‬لسان العرب‪.)٣٨٣/٢( ‎‬‬ ‫‏(‪ )٢‬التعريفات" تاليف‪ :‬علي بن محمد بن علي الجرجاني" دار النشر‪ :‬دار الكتاب العربي ۔‬ ‫بيروت ۔ ‪١٤٠٥‬ه‏ الطبعة‪ :‬الاولى‪ ،‬تحقيق‪ :‬إبراهيم الأبياري‪ .‬ص ‏‪.١١٨‬‬ ‫إنجليزي‪ ،‬ا‪ .‬د‪ .‬محمد رواس قلعه جي© د‪ .‬حامد صادق قنيبي‪6‬‬ ‫‏)‪ (٣‬معجم لغة الفقهاءء عربي‬ ‫دار النفائس" بيروت" ط ‏‪ :١‬‏‪،‬م‪/٥٨٩١‬ه‪ ٥٠٤١‬ص ‏‪ \٢١٨‬مادة‪« :‬عقد»‪.‬‬ ‫‏(‪ )٤‬أبو يعقوب يوسف بن إبراهيم الوارجلاني (نسبة إلى وارجلان بلدة في جنوب الجزائر) كان‬ ‫عالما بالتفسير والحديث والاصول والفقه وغيرها رحل إلى الأندلس وتعلم بها وتتلمذ‬ ‫على علمائها‪ ،‬ويعد أول من أشار إلى خط الاستواء‪ ،‬له من الكتب (العدل والإنصاف‪١‬‏‬ ‫والدليل والبرهان) وقد قام بترتيب مسند الإمام الربيع بن حبيب" وهو من افضل الاعمال =‬ ‫الإباضية والمالكية هي الغرب الإسلامي‬ ‫‪7- - - ,‬‬ ‫‪:‬‬ ‫۔۔۔۔۔‬ ‫۔۔۔‪.‬‬ ‫۔_‬ ‫‏‪٢٦‬‬ ‫آ‬ ‫س‪7‬‬ ‫_‬ ‫أرادوا بها الأصلين انذين بني عليهما الدين‪ :‬دين الله يك ودين الشيطان‪،‬‬ ‫وهما التوحيد والشرك ومقتضاهما‪ ..‬واعلم أن فروع الملة لا تأثير لها في‬ ‫الدخول في الملة ولا انخروج منها‪ .‬وأما الديانات‪ ،‬فالديانة‪ :‬اسم يشتمل‬ ‫على ما بانت يه كل قرقة من صاحبتها مما اعتقدوه ديئا يدان الله تعالى به‪،‬‬ ‫وقطعوا فيه عذر من خالفهم سواء كان ذلك حما أو باطلا أو عمدا ذلك أو‬ ‫خطأ‪ ...‬وأما الفرقة ومعناها‪ :‬فهي اسم لأهل ديانة من هذه الأمة‪ ،‬قال‬ ‫رسول الله ية‪« :‬ستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة كلهن إلى النار ما خلا‬ ‫واحدة ناجية وكلهم يدعي تلك الناجية‪ ...‬وأما المذهب‪ :‬فهو الطريق التي‬ ‫بانت بها الفرق في الفروع‘ وليس فيها تأئيم‪ ،‬وإنما ظهرت المذاهب في‬ ‫هذه الأمة‪ .‬حين اقتسمت الأئمة الأمة‪ ،‬فبانت كل فرقة بمذهب إمامها‪ .‬وإنما‬ ‫ظهرت الأئمة في آخر المائة الثانية من خلافة العباسيين»«'‪ ،‬وهو نفسه الذي‬ ‫أوضحه الجرجاني بقوله‪« :‬الدين والملة متحدان بالذات‘ ومختلفان‬ ‫بالاعتبار‪ ،‬فإن الشريعة من حيث إنها تطاع تسمى ديئاء ومن حيث إنها تجمع‬ ‫تسمى ملة‪ ،‬ومن حيث إنها يرجع إليها تتمى مذهبا‘& وهذا من حيث‬ ‫التسمية بالاعتبارات‘ يقول الإمام السالمي"‪َ« :‬يْسَمى ‪ -‬أي‪ :‬الدين أيضا‬ ‫= التي قام بها‪ .‬حيث تركت بصماتها على المذهب الإباضي لاحقا‪ .‬توفي سنة‬ ‫‏‪ .٤١٩/٢‬السيرك للخماخي‬ ‫‏‪٥/ ٠‬ه‪١٧‬ا‪١‬م‪.‬‏ ينظر‪ :‬طبقات المشائخ‪ .‬للدرجيني‬ ‫‏‪.١٠٥/٢‬‬ ‫‏(‪ )١‬الدليل والبرهان‪ .‬أبو يعقوب يوسف بن إبراهيم الوارجلاني‪ .‬تحا الشيخ سالم بن حمد‬ ‫الحارثي‪ ،‬مسقط‪ .‬ط ‏‪ .٢‬‏م‪!٦٠٠٢‬ه‪ ٧٢٦٤١‬ص ‏(‪ .)٢٦/٢‬يتصرف‪.‬‬ ‫(‪ )٢‬التعريفات‪ ،‬الجرجاني ص‪.١١١ ‎‬‬ ‫‏(‪ )٣‬هو‪ :‬العلامة المحقق‬ ‫نور الدين أبي محمد عبدالله بن حميد بن سلوم السالمي عالم‬ ‫مجتهد مطلق في المذهب© ولد في بلدة الحوقين من أعمال الرستاق؛ كان نير البصيرة‪،‬‬ ‫مع آنه ضرير؛ ويراس الجيوش مع أنه فقير‪ .‬له مع علماء المغرب ومصر مراسلات‬ ‫ومواصلات اتسمت مؤلفاته بالتحقيق العلمي الرصين كان داعية إلى الوحدة والجامعة‬ ‫‪٢٧‬‬ ‫‏‪: :٠‬‬ ‫الفصل الأول‪ :‬المذاهب الفقهية الإسلامية‪ .‬النشاة والأسباب‬ ‫ملة من حيث إن الرسول يمليه على الملك‪ ،‬وهو يمليه علينا ويسمى شريعة‬ ‫من حيث إن الله شرعه لنا؛ أي‪ :‬بينه لناه"‪ ،‬لكن الجرجاني يعود فيبين الفرق‬ ‫الاصطلاحي العرفي بطريقة أوضع‪« :‬وقيل‪ :‬الفرق بين الدين والملة‬ ‫والمذهب أن الدين منسوب إلى ا له تعالى والملة منسوب إلى الرسول‪،‬‬ ‫والمذهب إلى المجتهده‘‪.‬‬ ‫وهذا الذي تقرر في الاصطلاحات العرفية هو الذي أردنا الوصول إليه‪،‬‬ ‫وهو أن المذهب مسلك اجتهادي يشتغل على الظنيات‪ ،‬والفروع الفقهية‬ ‫التي تسمح القواعد بالاختلاف فيها‪ .‬بحيث لا يقطع عذر المخالف؛ لأنه‬ ‫حينئذ سيعتبر ظاهرة صحية ومظهرا من مظاهر الإنتاج العقلي في العالم‬ ‫الإسلامي يتسامح فيها أرباب المذاهب في الخلافات الفروعية‪ ،‬ويعذر‬ ‫واجتهاده فذ‪:‬مسائل الرأي هي المسائل التي‬ ‫كل واحد صاحبه في فهمه‬ ‫أو ربما كانت الأدلة في نفسها فيها أخذ ورد من‬ ‫ربما تعارضت فيها الأدلة‪،‬‬ ‫بعض العلماء ثبوت رواية من الروايات عن‬ ‫حيث ثبوتها‪ ،‬فقد يرى‬ ‫ثبوت تلكم الرواية‪ ،‬فمن هنا يكون الاختلاف‬ ‫النبي َفة‪ 5‬ويرى آخر عدم‬ ‫بينهم ولا يفسق بعضهم بعضا ولا يضلل بعضهم بعضا ولا يقطع‬ ‫بعضهم عذر بعض؛ لأن قطع الأعذار إنما هو في مخالفة القطعيات‪ .‬وقد‬ ‫الإسلاميةإ كافح الاستعمار‪ ،‬له تآليف في معظم الفنون كأصول الدين وأصول الفقه والفقه‬ ‫=‬ ‫واللغة والادب والتاريخ‪ ،‬وكان مصلمًا اجتماعيا‪ 5‬وتوفي بتنوف من أعمال نزوى العاصمة‬ ‫المانية آنذاك عام ‪١٣٣٢‬ه‏ ومن مؤلفاته‪ :‬جوهر النظام‪ .‬أنوار العقول" بهجة الأنوار‪6‬‬ ‫المنهل الصافي" مدارج الكمال‪ ،‬تحفة الاعيان‪ 6‬تلقين الصبيان‪ ..‬وغيرهاء مات في الثامنة‬ ‫والأربعين سنة ‪١٣٣٢‬ه‪.‬‏ ينظر‪ :‬مقدمة كتابه جوهر النظام‪.‬‬ ‫‏(‪ )١‬مشارق أنوار العقول" نور الدين أبو محَمد عبدالله بن محميد (ت‪١٣٣٦ :‬ها)ء‏ علق عليه‬ ‫وصححه الشيخ أحمد بن حمد الخليليض مطابع العقيدة‪ ،‬سلطنة مان! ‪١٢٩٨‬ه‪١٩٦٧٨/‬م؛‏‬ ‫‏‪.٢٧‬‬ ‫ص‬ ‫‏‪.١١١‬‬ ‫‏(‪ )٢‬التعريفات‘‪ 6‬الجرجاني ص‬ ‫الإباضية والمالكية في الغرب الإسلامي‬ ‫‏‪٢٨‬‬ ‫قال علماؤنا بأن الدين ما فارقت فيه كل فرقة فرقة أخرى من الأصول؛ أي‪:‬‬ ‫في قضايا الأصول" والمذهب إنما هو ما خالفت فيه كل فرقة فرقةأخرى‬ ‫في قضايا الفروع‪ ،‬فالاختلاف في الدين يعتبر اختلاقا في الأصول؛ لأنه‬ ‫لا يمكن أن يكون اختلافا دينيا في الفروع‪ ،‬أما قضايا الفروع يقال ذهب‬ ‫فلان إلى كذا وذهب فلان إلى كذا فهذه اختلافات إنما تعد اختلافات‬ ‫فرعية لا تصل إلى حدود القطع" فلذلك لا يفسق الناس بعضهم بعضًا‪،‬‬ ‫ولا يضلل بعضهم بعضّاه('‪.‬‬ ‫ويمكن القول أيضا أن التفريق بين العقائد والمذاهب في المعاني‬ ‫الاصطلاحية‪ ،‬جاء بعد الفصل بينهما‪ ،‬بعدما ظل مصطلح الفقه يشملهما‬ ‫جميعا في بدايات التأليف‪ ،‬فبالرجوع إلى حقيقة المذاهب الفقهية نجد‬ ‫أنها لا تختلف في الأصول والكليات وفي العقائد والديانات‪ ،‬وإنما‬ ‫الاختلاف في مسائل فرعية تتصل بأدوات التعليل والتأويل‪ ،‬كما أنها منهج‬ ‫عملي يتجاوز مرحلة القلبية إلى الفعليةث ومرحلة التنظير إلى التطبيق©‬ ‫ولذلك ارتبطت تاريخيا بالفقه والفقه هو الفهم‪ .‬أو معنى أخص من‬ ‫‏‪ ١‬لفهم ننزة‬ ‫المعنى الاصطلاحي‪:‬‬ ‫أطلت النفس قليلا في تعريف المذهب من الناحية اللغوية‪ ،‬ومرادي‬ ‫‏(‪ )١‬منهج لتغيير المنكر في المجتمع للشيخ أحمد بن حمد الخليلي‪ ،‬من منشورات وزارة‬ ‫الأوقاف والشؤون الدينية بسلطنة غمان ط ‏‪ :١‬‏‪٥‬م‪( ٩٠٠٢٦‬ص ‪)١٢‬۔‏‬ ‫(؟) قال ابن فارس في مادة (فقه)‪ :‬الفاء والقاف والهاء اصل واحد صحيح‪ .‬يد على إدراك‬ ‫الشيء ء واليلم به‪ .‬تقول‪ :‬فَقِهثالحديث أفقهه‪ .‬وكل عذر بشيء فهو فقه‪ .‬يقولون‪ :‬لا يفقه‬ ‫ولا نقه‪ .‬ثم اخئض بذلك علم الشريعة‪ .‬فقيل لكل عالم بالحلال والحرام‪ :‬فقيه‪ .‬وأفْقهثك‬ ‫‏(‪.)٣٥٤/٤‬‬ ‫الشية إذا بَتِئئه لك۔ ينظر‪ :‬مقاييس اللغة‬ ‫‏‪٢٨٩‬‬ ‫‪...‬‬ ‫النصل الأول‪ :‬المذامب الفقهية الإسلامية‪ .‬النشاة والأسباب‬ ‫وضع الإطار العام للحديث في قضية المذاهب" خاصة وأننا نقارن بين‬ ‫مذهبين‪ :‬الإباضي والمالكي‪ 6‬وقد اشتهر الأخير بمنهجه الفقهي وضميمته‬ ‫إلى المذاهب الأربعة الاوسع انتنشازا وأتباغاء أما المذهب الإباضي فرغم‬ ‫شهرته عند المنصفين إلا أن غالب الكتابات عنه القديمة والمعاصرة من‬ ‫غير أتباعه ۔ لا تعرف عنه سوى أنه فرقة سياسية اشتهرت باسم الخوارج‪.‬‬ ‫لا حظ لها في الفقه‪ ،‬وإنما غالب ميادينها سياسية بحتة‪.‬‬ ‫وقد رامت بعض الكتابات من هذا المنطلق نفي مصطلح المذهب عن‬ ‫كل فرقة إسلامية سياسية أو عقدية في أصل نشاتها‪ ،‬ففي مجلة الراصد جاء‬ ‫تعريف المذهب مصحوبا بتلك الاحترازات‘ فهو في نظر المجلة «نظر‬ ‫الفروع ‪ -‬ولا يتعلق بمسائل العقائد والإيمان‪،‬‬ ‫واجتهاد في الأحكام الفقهية‬ ‫ولذلك لا تع الخوارج والمرجئة والقدرية والمعتزلة من المذاهب الفقهية}‬ ‫وكذلك هو حال الشيعة\ فهي فرقة وليست مذهبا؛ لأنها تخالف وتنازع في‬ ‫الفقهيةهه'‪.‬‬ ‫والعقائد وليس في الفروع والاحكام‬ ‫الأصول‬ ‫ولنات الآن إلى تعريف المذهب في المعنى الاصطلاحي‪:‬‬ ‫غالبا ما تعتمد المعاني الاصطلاحية على المعاني اللغوية‪ ،‬ثم تتحول‬ ‫إلى الحقيقة العرفية‪ .‬أو الشرعية‪ ،‬والذي تقرر معنا في المعنى اللغوي‬ ‫للمذاهب هو الطريقة والسير في اتجاه معين‪ ،‬وهو قدر يحتفظ به المعنى‬ ‫الاصطلاحي في تحديد الطريقة التي اختارها إمام دون آخر‪.‬‬ ‫فالمذهب هو الطريقة التي اختارها إمام من الأئمة في استنباط الأحكام‬ ‫من الكتاب والسُئة والإجماع والقياس‪ ،‬ومجموع الاجتهادات والآراء الفقهية‬ ‫االلححججة ‪١٤٦٢٨‬ه‏ مجلة إ لكترونية‪،‬‬ ‫و‬ ‫ن ۔ ذو‬ ‫والخ‬ ‫بع‬ ‫العدد الراب‬ ‫الر اصف‬ ‫‏(‪ )١‬م مج<جلة‬ ‫‏‪.٦‬‬ ‫ص‬ ‫الإباضية والمالكية في الغرب الإسلامي‬ ‫؛‬ ‫التى توصل إليها في أمر الناس وفق القواعد الأصولية والفقهية‪ .‬وسوف‬ ‫نقتصر على تعريفه عند كل من المالكية والإباضية‪:‬‬ ‫قال الإمام القرافي المالكي"'‪« :‬مذهب مالك ما اختص به من الأحكام‬ ‫الشرعية الفروعية الاجتهادية' مبينا أن التقليد عادة يكون في خمسة أشياء‪:‬‬ ‫«الأحكام الشرعية الفرعية والاجتهادية وأسبابها وشروطها وموانعها‬ ‫والحجج المثبتة للأسباب والشروط والموانع‪ ،‬فخرجت العقلية‬ ‫كالحسابيات‪ ،‬وخرجت الأصولية بالفرعية‪ ،‬وخرجت الضرورية بالاجتهادية‪.‬‬ ‫والمراد بالحجج المثبتة الأسباب والشروط إلخ ما تعتمده الحكام من‬ ‫البينات والأقاريرك وينبغي أن يزاد على الخمسة قيد آخر‪ :‬أن لا يكون مجمعا‬ ‫عليه‪ ،‬فيقال‪ :‬مذهب مالك مثلا ما اختص به من الأحكام الشرعية الفرعية‬ ‫الاجتهادية‪ ،‬وما اختص به من أسباب تلك الأحكام وشروطها وموانعها»""‪.‬‬ ‫لكن تعبير القرافي يحصر المذهب في ما اختص به الإمام مالك‪ ،‬فهل‬ ‫لتلاميذه نصيب في تأطير المذهب بحيث تصبح أقوالهم جزغا من‬ ‫التعريف؟‪ ،‬هذا ما يؤكده الدكتور محمد إبراهيم علي بقوله‪« :‬ومن ثم فقد‬ ‫حرر المتأخرون من العلماء تعريف المذهب بأن المراد به‪ :‬ما قاله هو‬ ‫وأصحابه على طريقته‪ ،‬ونسب إليه مذهبا‪ .‬لكونه يجري على قواعده وأصله‬ ‫‏(‪ )١‬احمد بن إدريس بن عبدالرحمن أبو العباس‪ ،‬شهاب الدين الصنهاجي القرافي‬ ‫(ت‪٦٨٤ :‬ها)‪:‬‏ من علماء المالكية نسبته إلى قبيلة صنهاجة (من برابرة المغرب) وإلى‬ ‫القرافة (المحلة المجاورة لقبر الإمام الشافعي) بالقاهرة‪ .‬وهو مصري المولد والمنشأ‬ ‫والوفاة‪ .‬له مصنفات جليلة في الفقه والأصول منها (أنوار البروق في أنواء الفروق) في‬ ‫أربعة أجزاث و(الإحكام في تمييز الفتاوى عن الاحكام وتصرف القاضي والإمام)‬ ‫و(الذخيرة) في فقه المالكية في ست مجلدات‪ .‬ينظر‪ :‬الاعلام للزركلي ‏(‪.)٩٥/١‬‬ ‫(‪ )٢‬الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني أحمد بن غنيم النفزاوي‪ ٧‬دار الفكر‪- ‎‬‬ ‫بيروت‪١٤١٥ ‎‬ه۔ ‪)١٦٣/١(‎‬۔‬ ‫(‪ )٣‬نفسه‪ .)١٦٢/١( ‎‬وينظر‪ :‬منار أصول الفتوى وقواعد الإفتاء بالأقوىث‪١٢٢-٣٢٢. ‎‬ص‬ ‫اةمية‪ .‬النشاة والأسباب ` ة ث‬ ‫سلف‬ ‫لقهب‬ ‫الفصل الأول‪ :‬ال‬ ‫امذ‬ ‫لاهإب ا‬ ‫لا‬ ‫الذي بنى عليه مذهبه‪ ،‬وليس المراد ما ذهب إليه وحده دون غيره من أهل‬ ‫‪»٨'.‬هبهذم‪‎‬‬ ‫وللمالكية جملة تعاريف لا تخرج عن هذا المعنى‪.‬‬ ‫أما عند الإباضية‪ .‬فقد اجتهدت في البحث عن تعريف معين للمذهب‬ ‫في كتب الفقه الإباضي لكنني لم أجد سوى إشارات يمكن بمجموعها تقدم‬ ‫تعريفا لمعنى المذهب في العقلية الإباضية‪ .‬فالإمام القطب يقول في شرح‬ ‫النيل‪« :‬والمذهب ما لا يقطع فيه عذر وهو الفروع""'& لكن هذا لا يعبر‬ ‫يقة إسناد المذهب الى إمام أو جماعة علماء‪.‬‬ ‫قما هو إذن تعريف المذهب في الاصطلاح الاباضي؟‬ ‫لا شك أن الإباضية يعتبرون الإمام جابر بن زيد مؤسسا وإماما للمذهب©‬ ‫بيد أن الخط الذي سار عليه أصحابه هو الاحتفاظ بالقواعد العامة ذات الطابع‬ ‫المنهجي المؤسس لنظرية التعامل مع النصوص» وهي نظرية تجمع بين الرأي‬ ‫والحديث" وما عدا ذلك فقد أفسح أتباعه لأنفسهم المجال للاجتهاد وفق تلك‬ ‫القواعد من غير اعتماد قول الإمام جابر‪ ،‬أو تلميذه أبي عبيدةه"" وأقرانهإ قولا‬ ‫‏(‪ )١‬اصطلاح المذهب عند المالكية د‪ .‬محمد إبراهيم علي‪ ،‬دار البحوث للدراسات الإسلامية‬ ‫دبي" ط ؟‪١٤٦٢٢ :‬ه‪٢٠٠٢/‬م‏ ص ‏‪ .٢٢‬نقلا عن‬ ‫وإحياء التراث‪ ،‬الإمارات العربية المتحدة‬ ‫حاشية الشيخ علي العدوي على الخرشي" بهامش الخرشي على خليل‪.‬‬ ‫(‪ )٢‬شرح النيل وشفاء العليل محمد بن يوسف أطفيش مكتبة الإرشاد‘ جدة‪٨ ‎‬ةيدوعسلا‬ ‫ط‪١٤٠٥:٣ ‎‬ها‪١٩٨٥‬م (‪.)٤٨٣/٤‬‬ ‫‏(‪ )٣‬يعتبر أبو عبيدة من أبرز تلاميذ جابر بن زيد وأحد الذين أكثروا فى الأخذ عنه والتلمذة‬ ‫على يديه‪ ،‬وقد أوكل إليه الإمام جابر إدارة المدرسة الداخليةء واسمه أبو عبيدة مسلم بن‬ ‫أبي كريمة التميمي ولد عام ‏‪ ٤٥‬هجرية‪ ،‬وكان مولى لعروة بن أدية التميمي ويكنى بابنته‬ ‫«عبيدة؛ التي أخذت العلم عن أبيها فرويت عنها آثازا في كتب الفقه الإباضي© أما أبوه‬ ‫الإباضية والمالكية في الغرب الإسلامي‬ ‫‪..,‬‬ ‫‏‪‘٢‬‬ ‫أخيرا في المسألة الواحدةس أو اختزال مجموع الاجتهادات اللاحقة في رأي‬ ‫واحد‪.‬‬ ‫ويبدو أن هذا المسلك كان مثار استغراب عند الجيل الرابع من أتباع‬ ‫المذهب‪ ،‬فالإمام أبو غانم الخراساني كان يستغرب من المخالفة الصارخة‬ ‫التى يجدها عند تلاميذ جابر وأبي عبيدة} فعندما عاتب أبو غانم" شيخه‬ ‫ه«أبو كريمة» فقد كان معاصرا للإمام جابر أيضا‪ .‬نشا أبو عبيدة في البصرة فتلقى فيها عن‬ ‫=‬ ‫الصحابة الكرام خ فقد أدرك مجموعة منهم؛ بل قيل‪ :‬إنه أدرك من أدركهم جابر بن زيد‬ ‫وهذا مستبعد لأنه لم يثبت عن أبي عبيدة أنه رحل إلى المدينة بالكثافة التي كان عليها‬ ‫جابر بن زيدؤ ويمكن أن يكون لقاؤه بهم في موسم الحج‪ .‬لم يكن آبو عبيدة أقل شأنا عن‬ ‫شيخه جابر فقد كان زاهذا ورعا وصابرا قنوعا‪ .‬كان «أبو عبيدة» شديد الاحتياط في الدين‬ ‫وخصوصا فيما يتعلق بالطهارة والعبادات لدرجة أن خيار ين سالم أحد أصحابه قال له‬ ‫يوما‪ :‬لو كنت نبيا ما أجابك أحدا أنت تشدد على الناس‪ .‬وكان يشدد على نفسه كثيزا فلما‬ ‫سمع حيان الاعرج وهو أحد معاصريه بإحدى فتاويه المتشددة قال‪ :‬لقد أشقانا الله في ديننا‬ ‫لو كان الامر كما يقول «أبو عبيدة»؛ ولعل علماء الإباضية الأواثل بنوا قواعد المذهب على‬ ‫مبدأ الاحتياط الذي ألزم به «أبو عبيدة» نفسه‪.‬‬ ‫يعد أبو عبيدة المؤسس الثاني للمذهب الإباضي حيث اعتمد استراتيجية تقوم على السرية‬ ‫من جانبؤ وتهيثة مجموعات التلاميذ ليتم نشرهم في أقاليم العالم الإسلامي من جانب‬ ‫آخر‪ .‬توفي الإمام آبو عبيدة مسلم بن أبي كريمة ما بين ‪١٥٠-١٤٥‬ه‏ في عهد أبي جعفر‬ ‫المنصورا وتولى الربيع بن حبيب إمامة الإباضية من بعده في البصرة‪ .‬ويروى أن أبا جعفر‬ ‫المنصور قال عندما سمع بموت آبي عبيدة‪« :‬ذهبت الإباضية‪ .‬وقد عمر «أبو عبيدة» عمرا‬ ‫طويلا حتى رأى آثار جهده وتربيته اللذين نتج عنهما إمامتان‪ :‬واحدة بالمشرق© واخرى‬ ‫بالمغرب‪ .‬تنظر سيرته من‪ :‬طبقات الدرجيني ‏‪ .٢٥٤/٢‬كتاب السير للشماخي ‏‪ .٨٢/١‬تراجم‬ ‫الاعلام للنامي في ملحق أجوبة ابن خلفون ‏‪ .١٠٩‬وانظر رسالتي للماجستير بعنوان‬ ‫«المنهج الفقهي والتأصيلي عند علماء المدونة من خلال مدونة أبي غانم الخراساني‬ ‫جامعة سيدي محمد بن عبدالله‪ ،‬كلية الآداب والعلوم الإنسانية _ ظهر المهراز المملكة‬ ‫المغربية ۔ فاس‪١٤٢٧ ،‬ه‪٢٠٠٦/‬م‪.‬‏ ص ‏‪.٤٤‬‬ ‫‏(‪ )١‬ابو غانم بشر بن غانم الخراساني (ت‪٢٠٥-:‬ه)‏ صاحب كتاب هالمدونة»‪٧‬‏ درس في‬ ‫البصرة على يد تلامذة ابو عبيدةش وهناك ما يشير إلى لقائه بابي عبيدة نفسه وضع أول =‬ ‫‪٢‬‬ ‫الفصل الأول‪ :‬المذاهب الفقهية الإسلامية‪ .‬النشاة والأسباب ‏‪: ,١‬‬ ‫وزن‬ ‫عبدالله بن عبد العزيز"" على مخالفته لشيخه أبي عبيدة ولشيخ شيخه ابن‬ ‫عباس ۔ رضي الله عنهم أجمعين ‪ 7‬ني مسألة المرى والؤقتى والشكنى؟‬ ‫كانت إجابة ابن عبد العزيز توضح أن المتوخى من كل هذا الخلاف إنما هو‬ ‫لا دخل فيه ولا وهن‪.‬‬ ‫طلب الحق الذي‬ ‫«قال ابن عبدالعزيز‪ :‬وكان غيزه من الفقهاء لا يجيز ذلك ولا يراه لورثته‬ ‫سفر إباضي يضم أقوال المؤسسين الأوائل‪ ،‬وخاصة تلاميذ أبي عبيدةا حاكيّا ظاهرة‬ ‫=‪-‬‬ ‫الخلاف والنقاش العلمي بينهم؛ وقد كان ذلك في النصف الثاني من القرن الثاني‬ ‫الهجري‪ ،‬وخلال زيارة له للمفضرب اعطى للإمام الرستمي عبد الوهاب بن عبدالرحمن‬ ‫(‪١٦٨‬ه‪٧٨٤/‬م‏ _ ‪٢٠٨‬ه‪٨٦٤/‬م)‏ نخة من مدونته لإغناء مكتبته المشهورة بالمكتبة‬ ‫المعصومة والتي أضرمت فيها النيران سنة ‪٢٩٦‬ه‪٦٩٠٨/‬م‏ عندما دخل الإمام الفاطمي‬ ‫ابو عبدالله الشيعي تيهرت‪ .‬وكان أبو حفص عمروس بن فتح قد استنسخ المدونة من‬ ‫خلال النسخة التي أودعها عنده أبو غانم قبل أن يسافر الى تيهرت‪ .‬ينظر‪ :‬الطبقات‬ ‫للدرجيني ‪٢٢٣/٢‬ؤ‏ السيرة للشماخي‪ ،‬ص ‏‪.٢٢٨‬‬ ‫عبدالله بن عبد العزيز البصري" لم تقدم لنا المصادر في ترجمته أطول من هذا الننب©‪١‬‏‬ ‫‪-‬‬ ‫حتى الجهة التي ينسب إليها لم تحدث وإنما نسب إلى البصرة نظرا لكثافة وجوده هناك‪٢‬‏‬ ‫أما كنيته فأبو سعيد‪ .‬والذي يظهر أنه ولد العقدين الأخيرين من القرن الاول الهجري"‬ ‫لكونه قرينا للإمام الربيع الشخص الوحيد الذي دونت سنة ولادته من تلاميذ أبي عبيدة‪.‬‬ ‫وحيث أن هؤلاء العلماء كانوا أترابا تلقوا العلم على يد أبي عبيدة في مجلس واحد فإن‬ ‫تقاربهم في السن كذلك لن يكون بعيدا‪ ،‬يعتبر أبو سعيد أبرز عالم في مدونة أبي غانم؛‬ ‫تكاد أقواله تفوق في الكثرة أقوال آبي المؤرج والربيع‪ ،‬والسبب يعود إلى قدرة ابي سعيد‬ ‫على الاستنباط‪ ،‬يظهر ذلك في كثرة استخدامه للقياس‪ ،‬وهو لم يات إلا بعد تيقنه من خلو‬ ‫من الأئر‪ ،‬بينما لا يجرؤ غيره على ذلك لاحتمال عدم استيفائه آو حفظه للاثار‪6‬‬ ‫المسألة‬ ‫لنا المصادر سنة محددة لوفاته‪ .‬والغالب أنها في العقد الثامن من القرن الأول‬ ‫ولا تقدم‬ ‫تنظر سيرته في‪ :‬طبقات الدرجيني ‏‪ .٢٢٣/٢‬كتاب السير للشماخي ‏‪ .٩٧/١‬تعليق‬ ‫الهجري‪.‬‬ ‫في مقدمة المدونةش مخطوط‪ .‬تراجم الأعلام للنامي في ملحق أجوبة ابن خلفون‬ ‫السالمي‬ ‫‏‪ .٠٧‬أبو عبيدة مسلم بن أبي كريمة‪ ،‬مبارك الراشدي ص‪.٢٣٢‬‏ وانظر‪ :‬رسالتي في‬ ‫الماجستير «المنهج الفقهي والتأصيلي لعلماء المدونة» ص ‏‪.٦١٢- ٥٩‬‬ ‫الإباضية والمالكية في الغرب الإسلامي‬ ‫‪7‬‬ ‫‪-‬‬ ‫رر ‏‪٨٦‬‬ ‫ئ‬ ‫إذا‬ ‫في العمرى‪:‬‬ ‫ويقول‬ ‫لا يجيز ذلك‬ ‫وكان إبراهيم النخعي ممن‬ ‫من بعده‪6‬‬ ‫مات الذي عَمَرَها فهي رَاجعَة[ إلا أن يقول‪ :‬هي لك ولعَتيكه؛ وقول إبراهيم‬ ‫قلت له‪ :‬رأيتك تأخد بقول إبراهيم في كثير منَ المسائلس وتختار قوله‬ ‫على من هو أكبز منه وأفضل؟‬ ‫هو؟‬ ‫ومن‬ ‫قال‪:‬‬ ‫قلت‪ :‬أبو عبيدة‪.‬‬ ‫قال‪ :‬الإنصاف في الحق قبول الحق ممن جاء با والأمؤ القوي الذي‬ ‫لا دَخَل فيه وا حَلَلَ ليسز كَعَيره مما تدخل فيه الوهن والضعفت«‘'‪.‬‬ ‫وعندما شعر أبو غانم بخطورة الخلاف بين العلماء وأن ذلك ربما‬ ‫سيؤدي مستقبلا إلى البراءة من بعضهم البعض والتباين إلى حد القطيعة‪،‬‬ ‫وبالتالي تتحول الأمة تبعا لعلمائها إلى صراعات لا نهاية لهاء سارع إلى‬ ‫أبي المؤرج يسأله عن هذا المصير‪ ،‬إذا ما كان له علاقة باختلاف العلماء أم‬ ‫لا‪ ،‬فقال‪« :‬سألت أبا المؤرج عن الاختلاف في الرأي" أو اختلاف السلف‬ ‫قال‪:‬‬ ‫قبلنا في رأيهم‪ 6‬أليس قد يسعهم الاختلاف ولم يبرأ بعضهم من بعض؟‬ ‫لما‬ ‫الناس ببعض تأويلهم وهو خلاف‬ ‫فإذا أخذ بعض‬ ‫قلت‪:‬‬ ‫بل ذلك واسع‪.‬‬ ‫اجتمع عليه المسلمون هل يبرأ بعضهم من بعض أم لا؟‪.‬‬ ‫فقال لي مغضبا‪ :‬ما حملك على البراءة يا هذا‪ ،‬إنك إليها لسريع‪ ،‬ما يسع‬ ‫من كان قبلنا فهو يسعنا)"'‬ ‫‏(‪ )١‬المدونة ‏‪ 0٣٤٨ ،٣٤٧/١‬وانظر‪ :‬رسالتي للماجستير بعنوان ه«المنهج الفقهي والتأصيلي عند‬ ‫علماء المدونة" من خلال مدونة ابي غانم الخراساني» ص ‏‪ ١٠٠‬وما بعدها‪.‬‬ ‫‏(‪ )٢‬المرجع السابق ‏‪.٩٣/٢‬‬ ‫‏‪٤٥‬‬ ‫الفصل الأول‪ :‬المذاهب الفقهية الإسلا مية‪ .‬النشاة والأسباب‬ ‫لقد كان هذا هو الأصل لكنه بمرور الزمن تحدد للمذهب الإباضي‬ ‫أقوال تم اعتمادها في المذهب وجرى عليها العمل ومن ثم ألفت‬ ‫مجموعة‬ ‫الكتب الفقهية اللاحقة اعتمادا على ما استقر عليه العمل‪ ،‬مع وجود بعض‬ ‫الخلافات الفقيهة داخل المذهب كما هو الحال عند المذاهب الأاخرى‪،‬‬ ‫وأول الكتب التي وصلت إلينا من هذا النوع كتاب «جامع ابن جعفر»‬ ‫(ق‪ :‬‏‪ .٨٣‬وعند إباضية الغرب الإسلامي كتاب هالدينونة الصافية»‬ ‫لعمروس بن فتح (ت‪:‬۔‪'")٢٨٣-‬‏ حيث قال‪« :‬وذكرت قول أهل الحق‬ ‫وأردت أن أقصد بكتابي إلى بعض أمور تكون فيها الحاجة مما كلف الله به‬ ‫العباد وذلك أن أول ما يلزمهم الإقرار بالله را وبمحمد نبيا‪ ،‬وبما جاء به‬ ‫حق‪ ،‬وهذا ما لا يسع جهله طرفة عين" وفي هذا الكتاب ورد مسمى‬ ‫الإباضية لأول مرة في كتبهم كنوع من الاعتراف الرسمي‘ وسوف يأتي‬ ‫تحليل ذلك لاحقا بحول الله تعالى‪ ،‬كما تتضح أيضا ظاهرة الانحياز لأقوال‬ ‫أئمة المذهب الأوائل‪ :‬يقول عمروس‪« :‬وقد تركت قولين يقال بهما في‬ ‫‏(‪ )١‬هو‪ :‬الشيخ العلامة أبو جابر محمد بن جعفر الأازكوي من مشاهير؛ العلماء في زمانه ومن‬ ‫المؤلفين المجيدين وهو من علماء النصف الأخير من القرن الثالث الهجري" وكان أصماء‪،‬‬ ‫ساند موسى بن موسى في خلع الإمام الصلت بن مالك (‪٢٧٣‬ه‪٨٨٦/‬م)‪6‬‏ من أشياخه‬ ‫العلامة محمد بن محبوب" وعمر بن محمد القاضي الضبي الأازكوي" من مؤلفاته كتاب‬ ‫الجامع‪ .‬ينظر‪ :‬إتحاف الأعيان في تاريخ بعض علماء غمان‪ 6‬سيف بن حمود بن حامد‬ ‫البطاشي‪ 6‬مسقط‪ :‬مطابع النهضةء ‪١٤٠٢‬ه‪١٩٨٣/‬م‏ (‪)٢٠٧/١‬۔‏‬ ‫‏(‪ )٢‬آبو حفص عمروس بن فتحؤ ولد في قرية قطرس في ليبيا‪ ،‬وتوقي سنة ‪٨٢‬؟ه‪،‬‏ شهد‬ ‫معركة (مانو) بين التفوستين والأغالبة وأسر فيها‪ .‬له مؤلفات عديدة منها‪« :‬الذينونة‬ ‫الصافية» وهكتاب العمروس»‪ ،‬وهو الذي نقل مدونة أبي غانم عندما استودعه إياها وهو‬ ‫في طريقه إلى تيهرت‪ .‬ينظر‪ :‬معجم أعلام الإباضية‪ .‬نشر جمعتة التراث‘ القرارة‪ ،‬غرداية‪.‬‬ ‫الجزائر! ‪١٤٦٢٠‬ه‪١٩٩٩/‬م‪،‬‏ ص ‏‪.٦١٧/١٠‬‬ ‫)( أصول الدينونة الصافية (ص ‪)٦١٢‬۔‪.‬‏‬ ‫الإباضية والمالكية في الغرب الإسلامي‬ ‫رزه‬ ‫‪2‬‬‫‏‪٤٦‬‬ ‫الحجة؛ لأن من أدركنا من خيار أصحابنا ممن كنا نأخذ عنهم قالوا بتضعيف‬ ‫ذلك القولين ولم يميتوهما»ه'۔‬ ‫وهذا الذي يعرفه على العموم أبو يعقوب الوارجلاني بقوله ‪« ::‬وأما‬ ‫المذهب فهو الطريق التي بانت بها الفرق في الفروع‪ ،‬وليس فيها تأثيم؛‬ ‫وإنما ظهرت المذاهب في هذه الأمة‪ .‬حين اقتسمت الأئمة الأمة‪ ،‬فبانت كل‬ ‫فرقة بمذهب إمامها‪ ،‬وإنما ظهرت الأئمة في آخر المائة الثانية من خلاف‬ ‫العباسيين"& وواضح من خلال هذا التعريف معنى المذهب في الاصطلاح‬ ‫الإباضي‪ :‬هو الفروع الاجتهادية التي اتبع فيها كل فريق إمامه‪ .‬ويقول في‬ ‫موضع آخر‪« :‬وأما المذاهب‪ :‬وهي طريقة الأمة في الشريعة من الفقهيات‬ ‫ومذاهبهم في التفسير وما يؤول إلى ذلك‘ لا تفسيق ولا تضليل‪ ،‬وهو سائغ‬ ‫الأخذ به والعمل للخاصة والعامة التخيير بين المذاهب"‪.‬‬ ‫ومن خلال كتب الفقه الإباضي يتضح أن المذهب هو ما جرى عليه‬ ‫العمل مما سبيله الاجتهاد" يقول الإمام السالمي‪« :‬والمذهب الذي عليه‬ ‫الفتوىه وفي المعارج يقول‪« :‬والْممذممب عندنا قبول خبر الواحد في‬ ‫حقوق الله تعَالَّى‪ ،‬والله أعلم»ث'‪.‬‬ ‫وعلى هذا فإضافة المذاهب إلى الفقه تكون من باب إضافة الطريقة إلى‬ ‫اصول الدينونة الصافيةش عمروس بن فتحغ تح‪ :‬حاج احمد كروم مراجعة‪ :‬مصطفى بن‬ ‫)‬ ‫‪-‬‬ ‫ح‬ ‫محمد شريفي‪ ،‬ومحمد بن موسى باباعمي‘ وزارة التراث القومى والثقافةء سلطنة مان‬ ‫‪:‬‬ ‫ط‪ :١ ‎‬م‪/٩٩٩١‬ه‪١١٦). ‎٠٢٤١‬ص(‪‎‬‬ ‫(‪ )٢‬الدليل والبرهان‪ ٤٥/٢٣( ‎‬۔)‪‎-٦٤‬‬ ‫(‪ )٣‬نفه‪.)٦/٢( ‎‬‬ ‫طبعة وزارة الاوقاف‬ ‫‏(‪ )٤‬جوابات الشيخ السالمي‪٥‬‏ نور الدين عبدالله ين حميد الالمي‪،‬‬ ‫والشؤون الدينية‪ ،‬سلطنة مان ط ‏‪٢٠٠٩ :١‬م؛ (‪.)٦١٠/٤٢‬‬ ‫(‪ )٥‬المعارج‪.)٤٧٨/٥( ‎‬‬ ‫‏‪٧‬‬ ‫النصل الأول‪ :‬المذاهب الفقهية الإسلامية‪ .‬التشاة والأسباب `‪, :=;,:‬‬ ‫الفهم المخصوص أو إضافة الشيء إلى بعض أجزائه؛ لأن الفقه عند‬ ‫الأصوليين‪« :‬العلم بالأحكام الشرعية العملة المستنبطة من أدلتها‬ ‫التفصيليّة»‘'‪ ،‬وعند الفقهاء هو «مجموعة الأحكام والمسائل نفسها‪ ،‬فإذا ذكرت‬ ‫دراسة الفقه‪ ،‬أو فهم الفقه أو ما ورد في الفقه‪ ،‬أو التأليف في الفقه‪ ،‬أو كتب‬ ‫الفقه‪ ،‬فإنهم لا يعنون إلا هذه الأحكام الشرعية العملية‪ ،‬التي نزل بها الوحي©‬ ‫قطعية كانت أم ظنية‪ ،‬وعلى ما استنبطه المجتهدون على اختلاف طبقاتهم»{‪.0‬‬ ‫ولا بد أن نذكر هنا بأن المذهب لا يعني اطراح الأدلة الصحيحة إذا‬ ‫ثبتت لدى المجتهد بحجة التقليد‪ ،‬بل الذي عليه علماء الأمة الوقوف عند‬ ‫النص وتقديمه على أقوال العلماء بعد توفر شروط الاجتهاد" ولنا في هذا‬ ‫المقام مثالين لعالمين جليلين الأول أبو سعيد الكدمي الإباضي‬ ‫(ت‪:‬ہ‪٣٥٦‬ه)ا‏ والثاني أبو العباس القرافي المالكي (ت‪٥٧٠ :‬ه)‪.‬‏‬ ‫يقول أبو سعيد الكدمي!"'‪« :‬والدين معنا ما ثبت في الكتاب نصا أو‬ ‫تويا‪ .‬لا يجوز فيه الاختلافث أو ما ثبت في السُئة كذلك‘ أو ما ثبت في‬ ‫الإجماع كذلك أو ما أشبه هذا‪ ،‬فمعنا أنه من الدين" ولا يجوز خلافه بدين‬ ‫ولا برأي‪ .‬وما عدا هذا وما أشبهه‪ ،‬ولم يأت فيه بذلك فهو معنا وجه الرأي‬ ‫(‪ )١‬التعريفات الجرجاني ص‪.١٧٥ ‎‬‬ ‫(‪ )٢‬موسوعة الفقه الإسلاميغ وزارة الأوقاف‪ ‎‬الكريتية‪.)١/١( ٬‬‬ ‫‏(‪ )٣‬الشيخ أبو سعيد محمد بن سعيد الكدمي الناعبي (‪٢٥٦-٣٠٥‬ه)!‏ من أشهر علماء عمان‬ ‫في القرن الرابع الهجري" له أثر كبير في الفقه الإباضي وفي مسألة الولاية والبراءة؛ حيث‬ ‫حسم الله به النزاع الدائر بين أهل عمان على ولاية موسى بن موسى وراشد بن النظر‪ .‬له‬ ‫كتب عدة تعد مراجع في المذهب حتى أن الإمام السالمي سماه شيخ المذهب© من هذه‬ ‫الكتب‪ :‬كتاب الاستقامة‪ .‬وكتاب المعتبر‪ ،‬والجامع المفيد من أحكام أبي سعيد وله كتاب‬ ‫‪ .‬زيادات الإشراف وهو عبارة عن حاشية على كتاب الإشراف لابن المنذر النيسابوري‪.‬‬ ‫ينظر‪ :‬ابن بركة وآراؤه الاصولية (ص ‪)١٨‬۔‏‬ ‫الإباضية والمالكية هي القرب الإسلامي‬ ‫‏‪٤٨‬‬ ‫لأهل الرأي‪ .‬ومن بلغ إلى علم الرأاي‪ ،‬في شيء من أصول الدين‪ ،‬أو من‬ ‫فنونه أو من أبوابه أو من وجه من وجوهه فهو كذلكؤ وله القول في ذلك‬ ‫الذي أبصره‘ وبلغ إلى علمه‪ ،‬وأبصر وجه الرأي فيه‪ .‬وليس كل من بلغ إلى‬ ‫علم ذلك أبصر وجه الرأي فيه‪ ،‬كما أنه ليس كل من حفظ شيئا من الكتاب‬ ‫أو من السنة أو من الإجماع وما أشبه ذلك أحسن تأويلًا بالعدل" كذلك ليس‬ ‫كل من بلغ إلى حال يجوز لبالغه الرأي أن يقول بالرأي" إلا ببصره وجوه‬ ‫الرأي‪ ،‬كما لا يجوز له التفسير لما عرف بعينه إلا ببصره للتفسير‪ ،‬وإن كان‬ ‫يعرف الشيء بعينه‪ .‬فالذي يطلب عنه الشيء بدلائله التي عنده‪ ،‬أبعد وأحرى‬ ‫أن لا يثبت له ذلك‘ ولا يجوز له إلا بمادة بصر ونظر من عنده‪ ،‬يبصر به‬ ‫وجه ما يجتهد للتماسه‪ ،‬من إصابة الحق في الرأي‪ ،‬فانهم ذلك إن شاء الله»ه('‪.‬‬ ‫ويقول القرافي‪« :‬كل شيء أفتى فيه المجتهد فخرجت فتياه فيه على‬ ‫خلاف الإجماع أو القواعد أو النص أو القياس الجلي السالم عن المعارض‬ ‫الراجح لا يجوز لمقلده أن ينقله للناس ولا يفتي به في دين الله تعالى؛ فإن‬ ‫هذا الحكم لو حكم به حاكم لنقضناه‪ ،‬وما لا نقره شرعا بعد تقرره بحكم‬ ‫الحاكم أولى أن لا نقره شرغا إذا لم يتأكد‪ ،‬وهذا لم يتأكد‪ ،‬فلا نقره شرعا‪.‬‬ ‫والفتيا بغير شرع حرام فالفتيا بهذا الحكم حرام وإن كان الإمام المجتهد‬ ‫ما أمر به‪ ،‬وقد قال‬ ‫غير عاص به بل مثابا عليه لأنه بذل جهده على حسب‬ ‫النبي لا‪« :‬إذا اجتهد الحاكم فاخطأ فله أجر وإن أصاب فله أجران» فعلى‬ ‫هذا يجب على أهل العصر تفقد مذاهبهم؛ فكل ما وجدوه من هذا النوع يحرم‬ ‫عليهم الفتيا به" ولا يعرى مذهب من المذاهب عنه لكنه قد يقل وقد يكثر»"‘‪.‬‬ ‫(‪)١‬‬ ‫المعتبر‪ ،‬أبو سعيد الكدمي‪ ،‬وزارة التراث والثقافة‪ .‬سلطنة عمان ط‪.)٢٠٤/١( ١ ‎‬‬ ‫أبو العباس‬ ‫في أنواء الفروق‪،‬‬ ‫أو أنوار البروق‬ ‫الفروق‬ ‫) ‪(٢‬‬ ‫أحمد بن إدريس الصنهاجي القرافي©‪‎‬‬ ‫دار الكتب العلمية ۔ بيروت‪‎:‬‬ ‫خليل المنصور‬ ‫تح‪:‬‬ ‫) ‪.) ١٩٩/٢‬‬ ‫‪/٨٩٩١ ٤١٨‬ه‪ ‎١‬م‪‎.‬‬ ‫‏‪٤٩‬‬ ‫الفصل الأول‪ :‬المذاهب الفقهية الإسلامية‪ .‬النشاة والأسباب‬ ‫والآن بعد تحديدنا لمعنى المذهب في اللغة والاصطلاح نتساءل عن‬ ‫تاريخ نشأة هذه المذاهب الفقهية وأسمائها؟‬ ‫منذ أن ذر قرن الخلاف بين الصحابة الكرام ؤ حول عدد من‬ ‫المسائل الاجتهادية حتى بدأت تتكن النواة الأولى للاختلافات الفقهية‬ ‫بين العلماء‪ ،‬فعدد من هؤلاء الصحابة الكرام قد استوطن مدئا معينة كان له‬ ‫فيها مدارس علمية شهيرة كالكوفة والبصرة والمدينة ومصر‪ .‬وقد انطلق في‬ ‫فتاواه وأقضيته من عدد الأحاديث التي يحفظها عن رسول الله يلة‪ .‬وما عدا‬ ‫ذلك فإن الاجتهاد المبني على الفهم العميق للقواعد الكلية والمقاصد‬ ‫الشرعية في القرآن والسئة هو المصدر الثالث للتشريع الإسلامي‪ .‬وعلى يد‬ ‫هؤلاء الصحابة تخرج أعداد من العلماء النبهاء وهم يحملون نفس‬ ‫الخصائص العلمية والمنطلقات الفكرية التي كان عليها هذا الصحابي أو‬ ‫ذاك('‪.‬‬ ‫وإذا كان بعض الباحثين" يسرى أن الخلاف بين الصحابة لم يكن‬ ‫يتجاوز عددا بسيطا من القضايا الاجتهادية‪ .‬ولم يكن له مساس البتة بالقرآن‬ ‫والسُئة؛ فإن علماء آخرين يذهبون إلى خلاف هذا ويرون أن الاختلاف في‬ ‫تفسير القرآن والشئة ودلالتها على هذا الحكم أو ذاك كان موجودا بين‬ ‫‏(‪ )١‬يقول ابن القيم‪« :‬والدين والفقه والعلم انتشر في الأمة عن أصحاب ابن مسعود‪ ،‬وأصحاب‬ ‫زيد بن ثابت واصحاب عبدالله بن عمر‪ ،‬وأصحاب عبدالله بن عباس فعلم الناس عامته‬ ‫عن اصحاب هؤلاء الاربعةة فاما أهل المدينة نعلمهم عن اصحاب زيد بن ثابت‬ ‫وعبدالله بن عمر وأما أفل مكة فعلمهم عن أصحاب عبدالله بن عباس» وأما أهل العراق‬ ‫فعلمهم عن اصحاب عبدالله بن مسعود؛ (إعلام الموقعين ‏‪.)٢١/١‬‬ ‫‏(‪ )٢‬القواعد الفقهية بين التأصيل والتطبيق (بحوث ندوة تطور العلوم الفقهية في غمان‪ ،‬خلال‬ ‫القرن الرابع الهجري" القواعد الشرعية نموذججا)‪ 6‬بحث الدكتور رضوان السيدك وزارة‬ ‫الأوقاف والشؤون الدينية بسلطنة غغمان‪ ،‬ط ‏‪ ١٤٢٩٢‬‏م‪/٨٠٠٢‬اه ص ‏‪.٣٤‬‬ ‫الإباضية والمالكية هي الغرب الإسلامي‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.0‬‬ ‫منذ‬ ‫=‬ ‫الصحابة ؤة ومعلوما في مسائل كثيرة" حيث يذهب هؤلاء إلى أن‬ ‫ما اختلف فيه الصحابة في المدينة انعكس على مذهب مالك‘ وما اختلف‬ ‫بن‬ ‫فقه عمرو‬ ‫ظهر في‬ ‫والتابعين بمكة؛‬ ‫الصحابة‬ ‫من‬ ‫غيره‬ ‫مع‬ ‫عباس‬ ‫فيه ابن‬ ‫ظهر في فقه‬ ‫الكوفة؛‬ ‫وما اختلف فيه فقهاء‬ ‫دينار وعطاء بن أبي رباح‪.‬‬ ‫أبى حنفةةا!‘‪.‬‬ ‫إذن فقد تولى النقل عن هؤلاء الصحابة ؤة وتبنى منهجهم والتفريع عليه‬ ‫مجموعة من التابعين الكبار في كل مصر من الأمصار الإسلامية التي استقر‬ ‫بها فقهاء الصحابة وفلة ؤ ففي المدينة تأسست القاعدة العلمية بعد الصحابة وقلة‬ ‫بن‬ ‫والقاسم‬ ‫‏‪٠٤‬‬ ‫الزبير‬ ‫ببن‬ ‫وعروة‬ ‫‏‪٠‬‬ ‫المسيب"'‬ ‫بن‬ ‫سعيد‬ ‫السبعة‪: :‬‬ ‫الفقهاء‬ ‫يد‬ ‫على‬ ‫‏(‪ )١‬ينظر في ذلك‪ :‬كتاب «دفع الملام عن الأئمة الاعلام لابن تيمية‪ .‬وقد حصر العلامة‬ ‫الحجوي في الفكر السامي سبع مسائل رئيسية اختلف فيها الصحابة هي النواة فيما بعد‬ ‫لاسباب الاختلاف بين الفقهاءس انظر‪ :‬الفكر السامي في تاريخ الفقه الإسلامي‪ :‬محمد بن‬ ‫الحسن الحجوي الثعالبي" دار الكتب العلمية ۔ بيروت‘ الطبعة الاولى ‪١٤١٦‬ه‪١٩٩٥/‬م‪٠‬‏‬ ‫تحقيق‪ :‬أحمد صالح شعبان‪-٢٤٣/١ .‬۔‪.٣٤٨‬‏‬ ‫(‪ )٢‬مراعاة الخلاف في المذهب المالكيؤ محمد سالم بن الشيخ‪ ،‬دار البحوث‪٠ ‎‬تاساردلاو‬ ‫دولة الإمارات العربية؛ ص‪ .٢٥-٢٢ ‎‬ونظرية التقعيد الفقهى وأثرها فى اختلاف الفقهاء‪‎،‬‬ ‫محمد الروكي" دار الصفاء ۔ بيروت" ط‪/٠٠٠ :١ ‎:‬ه‪ ‎١٦٤١‬آ ص‪.٣٧٢٣٣ ‎‬‬ ‫(‪ )٣‬سعيد بن المسيب بن حزن بن آبي وهب المخزومى القرشى أبو محمد (ت‪): ‎:‬اه‪٤٩‬‬ ‫سيد التابعين‪ ،‬وأحد الفقهاء السيعة بالمدينة‪ .‬جمع بين الحديث والفقه والزهد‪‎‬‬ ‫والورع‪ ،‬وكان يعيش من التجارة بالزيت لا يأخذ عطاءا‪ ،‬وكان أحفظ الناس لأحكام‪‎‬‬ ‫عمر بن الخطاب واقضيتهء حتى سمي راوية عمر‪ ،‬توفي بالمدينة‪( .‬الاعلام للزركلي‪‎‬‬ ‫‪.)١٢٠ ٣‬‬ ‫‏(‪ )٤‬عروة بن الزبير بن العوام الاسدي القرشي ابو عبدالله (‪٩٣-٦٢٢‬ه)‪:‬‏ أحد الفقهاء السبعة‬ ‫من الفتن‪ .‬وانتقل إلى‬ ‫بالمدينة‪ .‬كان عالما بالدين" صالحًا كريما! لم يدخل في شيء‬ ‫البصرةؤ ثم إلى مصر فتزوج واقام بها سبع سنين‪ .‬وعاد إلى المدينة فتوفي فيها‪ .‬وهو أخو‬ ‫عبدالله بن الزبير لأبيه وأمه‪ .‬وهبثر عروة» بالمدينة منسوبة إليه‪ .‬الاعلام للزركلي (‪)٢٢٦/٤‬۔‏‬ ‫‏‪٥١‬‬ ‫الفصل الأول‪ :‬المذاهب الفقهية الإسلامية‪ .‬النشاة والأسباب ©‬ ‫بن‬ ‫حارث‬ ‫وأبو بكر بن عبد الرحمن بن‬ ‫وخارجة بن زيد"‬ ‫محمد‬ ‫ما‬ ‫هشام‪ &'":‬وسليمان بن يسارا وعبيد الله بن عبدالله بن عتبة بن مسعود‘)‬ ‫في الكوفة‪ :‬فإبراهيم النخعي شيخ حماد بن أبي سليمان شيخ أبي حنيفة‪.‬‬ ‫وجابر بن زيد‪.‬‬ ‫البصري«'‬ ‫البصرة‪ :‬الحسن‬ ‫ومن فقهاء‬ ‫القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق" أبو محمد‪١٠٧١-٢٧( :‬ه)‏ أحد الفقهاء السبعة في‬ ‫المدينة‪ .‬ولد فيها‪ ،‬وتوفي بقديد (بين مكة والمدينة) حاجًا أو معتمرا‪ .‬وكان صالسًا ثقة من‬ ‫سادات التابعين" عمي في أواخر أيامه‪ .‬قال ابن عيينة‪ :‬كان القاسم أفضل اهل زمانه‪.‬‬ ‫الأعلام للزركلي ‏(‪.)١٨١/٥‬‬ ‫)‪ (٢‬خارجة بن زيد بن ثابت الأنصاري‪٩٩-٦٢٩( ،‬ه)‏ أبو زيد‪ ،‬من بني النجار‪ :‬أحد الفقهاء‬ ‫السبعة في المدينة‪ .‬تابعيؤ أدرك زمان عثمان وتوفي بالمدينة‪ .‬الأعلام للزركلي (‪)٢٩٢/٦٢‬۔‏‬ ‫)‪ (٣‬أبو بكر بن عبدالرحمن بن الحارث ابن هشام المخزومي القرشي (ت‪٩٤ :‬ه)‪:‬‏ أحد‬ ‫الفقهاء البعة بالمدينة كان من سادات التابعين ويلقب براهب قريش‪ .‬توفي في المدينة‪.‬‬ ‫وكان مكفوفا‪ .‬الاعلام للزركلي ‏(‪.)٦٥/٦‬‬ ‫)‪ (٤‬سليمان بن يسار‪ ،‬أبو أيوب (‪-٢٣٤‬۔‪١٠٢‬ها)‪،‬‏ مولى ميمونة أم المؤمنين‪ :‬أحد الفقهاء السبعة‬ ‫بالمدينة‪ .‬كان سعيد بن المسيب إذا أتاه مستفت يقول له‪ :‬اذهب إلى سليمان فإنه أعلم من‬ ‫بقي اليوم‪ .‬ولد في خلافة عثمان‪ .‬وكان أبوه فارسيا‪ .‬قال ابن سعد في وصفه‪ :‬ثقة عالم فقيه‬ ‫كثير الحديث‪ .‬الاعلام للزركلي ‏(‪ .)١٣٨/٣‬وعبيد الله بن عبدالله بن عتبة بن مسعود‬ ‫العذلي" أبو عبدالله‪( :‬ت‪٩٨ :‬ه)‏ مفتي المدينة‪ .‬وأحد الفقهاء السبعة فيها‪ .‬من أعلام‬ ‫التابعين‪ .‬له شعر جيد أورد أبو تمام قطعة منه في «الحماسة» وأورد أبو الفرج كثيزا منه‬ ‫أيضا في «الاغاني» وهو مؤدب عمر بن عبدالعزيز‪ .‬قال ابن سعد‪ :‬كان ثقة عالما فقيها كثير‬ ‫الحديث والعلم بالشعر‪ ،‬وقد ذهب بصره‪ .‬مات بالمدينة‪ .‬الاعلام للزركلي ‏(‪.)١٩٥/٤‬‬ ‫إبراهيم بن يزيد بن قيس الكوفيؤ أبو عمرانؤ فقيه العراق‪ ،‬ودخل على أم المؤمنين‬ ‫)‪(٥‬‬ ‫عائشة زما وهو صبي وعامة ما يروي عن التابعين" وكان من العلماء ذوي الإخلاص" قال‬ ‫مغيرة‪ :‬كنا نهاب إبراهيم كما يهاب الأميرؤ وقال سعيد بن جبير‪ :‬تستفتوني وفيكم إبراهيم‬ ‫النخعي" توفي في آخر سنة ‪٩٥‬ه‏ وهو ابن ‏‪ ٤٩‬سنةشؤ وقيل‪ :‬ابن نيف وخمسين سنة (تذكرة‬ ‫الحفاظ ‏‪.)٧٣/١‬‬ ‫الحسن بن يسار البصري" أبو سعيد (‪١١٠-٦٢١‬ه)‪:‬‏ تابعي‪ ،‬كان إمام أهل البصرة وحبر‬ ‫الأمة فى زمنه‪ ،‬وهو أحد العلماء الفقهاء الفصحاء الشجعان النساك‘ ولد بالمدينة وشب =‬ ‫الإباضية والمالكية في الهرب الإسلامي‬ ‫مثل‪ :‬عكرمة مولى ابن عباسأ ! عطاء بن‬ ‫وهناك بين التابعين فقهاء آخرون‬ ‫أبي رباح_& وطاووس بن كيسا ‏ن‪ ،".‬وأبو إدريس ال‪.‬خول‪٦‬اني ومحمد بن سيرين ‪ (٥).‬ث‬ ‫في كنف علي بن ابي طالب‪ ،‬واستكتبه الربيع بن زياد والي خراسان في عهد معاوية‪،‬‬ ‫وسكن البصرة‪ ،‬وعظمت هيبته في القلوب فكان يدخل على الولاة فيأمرهم وينهاهم؛‬ ‫لا يخاف في الحق لومة‪ ،‬واخباره كثيرة} توفي بالبصرة‪( .‬الأاعلام للزركلي ‪)٢٢٦/٢‬۔‏‬ ‫عكرمة مولى ابن عباس العلامة؛ الحافظ‪ ،‬المفسرا أبو عبدالله القرشي مولاهم} المدني البربري‬ ‫الاصل‪ .‬قيل‪ :‬كان لحصين بن ابي الحر العنبري" فوهبه لابن عباس‪ .‬حدث عن ابن عباس" وعائشة؛‬ ‫وابي هريرة وابن عمر وعبدالله بن عمرو وعقبة بن عامر‪ ،‬وعلي بن ابي طالب" وصفوان بن أمية‬ ‫والحجاج بن عمرو الأنصاري" وجابر بن عبداللة" وحمنة بنت جحش© وابي سعيد الخدري وأم‬ ‫عمارة الأنصارية‪ .‬وعدة‪ .‬وعن يحيى بن يعمر" وعبدالله بن رافع‪ .‬كانت فقيها مشهوزا إلا أن تبنيه‬ ‫لرأي الصفرية كما يحكى عنه جعل عدذا من العلماء يترددون فى الأخذ عنها على أن عكرمة بإجماع‬ ‫المحدثين ثقة ثبت‪ ،‬توفي سنة ‪١٠١‬ه‏ ينظر ترجمته من‪ :‬طبقات ابن سعد ‏‪ 0٦٨٧/٥‬سير أعلام‬ ‫النبلاء ‏(‪ ")١٢/٥‬تهذيب الكمال ‏(‪.)٩٥٧ 0٩٥٤‬‬ ‫عطاء بن أبي رباح أبو محمد بن أسلم القرشي مولاهمإ مقتي أهل مكة ومحدثهم‪ 6‬ولد‬ ‫في خلافة عثمان وقيل‪ :‬في خلافة عمر‪ ،‬قال عبدالله بن عباس‪ :‬يا أهمل مكة تجتمعون علي‬ ‫وعندكم عطاءء وقال ابن عمر‪ :‬تجمعون لي المائل وفيكم عطاء‪ ،‬مات على الاصح في‬ ‫رمضان سنة أربع عشرة ومائة‪ .‬وقيل‪ :‬سنة خمس عشرة بمكة (تذكرة الحفاظ ‏‪.)٩٨/١‬‬ ‫طاووس بن كيسان الخولاني الهمداني‪ ،‬بالولاءء أبو عبدالرحمن (‪١٠٦١-٣٣‬ها)‪:‬‏ من أكابر‬ ‫التابعين‪ 6‬تفقها في الدين ورواية للحديث‪ ،‬وتقشمًا في العيش" وجرأة على وعظ الخلفاء‬ ‫والملوك‪ .‬أصله من الفرسؤ ومولده ومنشا في اليمن‪ .‬توفي حاجا بالمزدلفة أو بمنى© وكان‬ ‫هشام بن عبدالملك حاجا تلك السنة‪ .‬فصلى عليه‪ .‬وكان يأبى القرب من الملوك والأمراك‬ ‫‪ .‬قال ابن عيينة‪ :‬متجنبو السلطان ثلاثة‪ :‬بو ذر‪ .‬وطاووس؛ والثوري‪ .‬الأعلام للزركلي ‏(‪.)٢٢٤/٣‬‬ ‫عائذ ا له‬ ‫بن عبدالله بن عمرو الخولاني الصوذي الدمشقي (‪٨٠-٨‬ه)‪:‬‏ تابعي‪ ،‬فقيه‪ .‬كان‬ ‫واعظ أهل‬ ‫فيه ال دمشق وقاضيهم؛ في خلافة عبدالملك‪ .‬وولاه عبدالملك القضاء فى دمشق‪ .‬قال‬ ‫ذهبي‪ :‬عالم أهل ال‬ ‫شام‪ .‬الاعلام للزركلي ‏(‪ .)٢٢٩/٣‬وانظر‪ :‬سير أعلام النبلاء ‏(‪.)٢٧٦٢/٤‬‬ ‫محمد بن‬ ‫سيرين البصري" الأنصاري بالولاء‪ ،‬أبو بكر (‪١١٠-٢٣٣‬ه)‪:‬‏ إمام وقته في علوم‬ ‫الدين با‬ ‫لبصرة‪ .‬تابعي من أشراف الكتاب" مولده ووفاته في البصرة‪ .‬نشا بزاا في أذنه‬ ‫بصفمارمس‪ .‬وتوفكقاهن وأربووهى موالحديث‪ ،‬واشتهر بالورع وتعبير الرؤيا واستكتبه أنس بن مالك‪١‬‏‬ ‫لى لانس‪ .‬الأعلام للزركلي ‏(‪.)١٥٤/٦‬‬ ‫‏‪٥٢‬‬ ‫الفصل الأول‪ :‬المذاهب انلفقهية الإسلامية‪ .‬النشاة والأسباب‬ ‫“‬ ‫ومسروق بن الأجدع«"‪ 8‬وعلقمة النخعي'} والشعبي‬ ‫والاسود بن يزيد‬ ‫وشريح القاضي “ وسعيد بن جبيرا ‪.‬‏‪.٦‬ومكحول الد شمقيشرقى "_"‪.‬‬ ‫‏(‪ )١‬الاسود بن يزيد بن قيس النخعي (ت‪٧٥ :‬ه)‏ تابعي‪ ،‬فقيه‪ ،‬من الحفاظ‪ .‬كان عالم الكرفة‬ ‫في عصره‪ .‬الاعلام للزركلي ‏(‪.)٢٣٠/١‬‬ ‫‏(‪ )٢‬مسروق بن الاجدع بن مالك الهمداني الوادعيؤ ابو عائشة (‪٦٢‬ها)‪:‬‏ تابعي ثقة‪ .‬من أهل‬ ‫اليمن‪ .‬قدم المدينة في أيام ابى بكرا وسكن الكوفة‪ .‬وشهد حروب علي وكان اعلم‬ ‫بالفتيا من شريح‪ .‬وشريح أبصر منه بالقضاء‪ .‬الأعلام للزركلي ‏(‪.)٢١٥/٧١‬‬ ‫‏(‪ )٣‬علقمة بن قيس بن عبدالله بن مالك النخعي الهمداني" أبو شبل (ت‪٦٢ :‬ها)‪:‬‏ تابعي‪ 5‬كان‬ ‫فقيه العراق‪ .‬يشبه ابن مسعود في هديه وسمته وفضله‪ .‬ولد في حياة النبي خة وروى‬ ‫الحديث عن الصحابة‪ .‬ورواه عنه كثيرون‪ .‬وشهد صفين‪ .‬وغزا خراسان‪ .‬وأقام بخوارزم‬ ‫سنتين وبمرو مدة‪ .‬وسكن الكوفة فتوفي فيها‪ .‬الأعلام للزركلي ‏(‪.)٢٤٨/٤‬‬ ‫‏(‪ )٤‬عامر بن شراحيل بن عبد ذي كبار‪ ،‬الشعبي الحميري‪ ،‬أبو عمرو (‪١٠٣-١٩‬ها)‪:‬‏ راوية من‬ ‫التابعين يضرب المثل بحفظه‪ .‬ولد ونشأ ومات فجأة بالكوفة‪ .‬اتصل بعبد الملك بن‬ ‫مروان" فكان نديمه وسميره ورسوله إلى ملك الروم‪ ،‬وكان ضئيلا نحيقا‪ ،‬ولد لسبعة أشهر‪.‬‬ ‫وسئل عما بلغ إليه حفظه‪ 6‬فقال‪ :‬ما كتبت سوداء في بيضاء‪ ،‬ولا حدثني رجل بحديث إلا‬ ‫حفظته‪ .‬وهو من رجال الحديث الثقات استقضاه عمر بن عبدالعزيز‪ .‬وكان فقيهاء وعالمما‬ ‫بارا‪ .‬الأعلام للزركلي (‪)٢٥١/٣‬۔‏‬ ‫‏(‪ )٥‬شريح بن الحارث بن قيس بن الجهم الكندي" أبو أمية (ت‪٧٨ :‬ه)‪:‬‏ من اشهر القضاة‬ ‫الفقهاء في صدر الإسلام‪ .‬أصله من اليمن" ولي قضاء الكوفة في زمن عمر وعثمان وعلي‬ ‫ومعاوية‪ .‬واستعفى في أيام الحجاج‪ .‬فأعفاه سنة ‪٧٧‬ه‏ وكان ثقة في الحديث" مأمونا في‬ ‫القضاء‪ ،‬له باع في الادب والشعر‪ .‬وعمر طويلا‪ .‬ومات بالكوفة‪ .‬الأعلام للزركلي ‏(‪.)١٦١/٣‬‬ ‫‏(‪ )٦‬سعيد بن جبير الاسدي" بالولاء‪ ،‬الكوفي‪ ،‬أبو عبدالله ‏(‪- ٤٥‬‏‪):‬ه‪٥٩‬تابعي كان أعلمهم‬ ‫على الإطلاق" وهو حبشي الأصل‪ :‬من موالي بني واليه بانلحارث من بني أسد أخذ‬ ‫العلم عن عبدالله بن عباس وابن عمره ثم كان ابن عباس إذا أتاه أهل الكوفة يستفتونه‪6‬‬ ‫قال‪ :‬أتسالونني وفيكم ابن أم دهماء؟ يعني سعيدا‪ .‬ولما خرج عبدالرحمن بن محمد بن‬ ‫الاشعث‘ على عبدالملك بن مروان‪ 6‬كان سعيد معه إلى أن قتل عبدالرحمن" فذهب سعيد‬ ‫إلى مكة‪ ،‬فقبض عليه واليها (خالد الققري) وارسله إلى الحجاج فقتله بواسطء قال‬ ‫الإمام أحمد بن حنبل‪ :‬قتل الحجاج سعيدا وما على وجه الارض أحد إلا وهو مفتقر إلى‬ ‫علمه‪ .‬الأعلام للزركلي ‏(‪.)٩٢/١‬‬ ‫(‪ )٧١‬مكحول بن أبي مسلم شهراب بن شاذلك أبو عبداللهإ الهذلي بالولاء (ت‪١١٢ :‬ها)‪ :‬فقيه‪= ‎‬‬ ‫الإباضية والمالكية في الشرب الإسلامي‬ ‫‪0‬‬ ‫وقد كان لهؤلاء العلماء جملة من الأتباع عملوا على نشر المذهب©‬ ‫والبناء على قواعده العلمية‪ ،‬استمر فترة تتراوح بين القرن والأربعة قرون‪،‬‬ ‫ولربما توسعت دوائر التأثير لبعضهم لتشمل غير البلدان التي نشؤوا فيها‬ ‫كمذهب الأوزاعي والظاهري في الأندلس‪ .‬لكن الأمر استقر فيما بعد على‬ ‫ثمانية مذاهب فقهية ظلت معتمد الأمة الإسلامية إلى اليوم‪ ،‬وهي‪ :‬المذهب‬ ‫الإباضي‪ ،‬والمالكي‪ ،‬والحنفي‪ ،‬والشافعي‪ ،‬والحنبلي‪ ،‬والزيدي‪ ،‬والإمامي‪.‬‬ ‫وانطلاقا من القول بأن المدارس الفقهية توزعت علم الصحابة‬ ‫ومناهجهم» فإن المدرسة الجابرية الإباضية قد اتخذت من ابن عباس وا‬ ‫إماما محتذى في تقرير الأصول وبناء الفروع‪ ،‬فلقد كان خيه بحرا في العلوم‬ ‫الإسلامية كلها وليس ذلك خفيا على أحد‪ ،‬ونظرة عجلى في كتب الإباضية‬ ‫الأولى يتضح أن علماءها لا يخرجون عن رأيه ويرفضون مخالفته إلا عند‬ ‫إعمال الرأي وثبوت الاصح؛ فإن المخايرة بين أقوال الصحابة وفن منهج‬ ‫مقرر عند علمائهم‪.‬‬ ‫أما الإمام مالك فقد وجد نفسه في مدينة تزدحم أفنيتها بالعلماء الأجلاء‬ ‫وأهل الورع والدين‪ ،‬لكن الاتجاه السائد فيها هو الاقتفاء في الأقوال‬ ‫والمنازع الفقهية ومنهجية الاستنباط بعمر بن الخطاب وابنه عبد الله ؤثثما‬ ‫الشام في عصره من حفاظ الحديث‪ .‬أصله من فارس ومولده بكابل‪ .‬ترعرع بها وسبي‪6.‬‬ ‫=‬ ‫وصار مولى لامرأة بمصر© من هذيل فنسب إليها‪ ،‬وأعتق وتفقه‪ ،‬ورحل في طلب الحديث‬ ‫إلى العراق‪ ،‬فالمدينة‪ ،‬وطاف كثيرا من البلدان‪ 6‬واستقر فى دمشق" وتوفي بها‪ .‬قال الزهري‪:‬‬ ‫‪:‬‬ ‫لم يكن في زمنه أبصر منه بالفتيا‪.‬‬ ‫‏(‪ )١‬ينظر‪ :‬الديباج المذهب ‏(‪ .)١٢/١‬وقال أيضا في الديباج‪« :‬وأما أصحاب الطبري وأبي ثور فلم‬ ‫يكثروا ولا طالت مدتهم‪ .‬وانقطع أتباع ابي ثور بعد ثلاثمائة وأتباع الطبري بعد أربعمائة‪.‬‬ ‫وأما داود فكثر أتباعه وانتشر ببلاد بغداد وبلاد فارس مذهبه وقال به قوم قليل بأفريقية‬ ‫والاندلس وضعف الآن»‪ .‬الديباج المذهب في معرفة أعيان علماء المذهب ‏(‪.)١٢/١‬‬ ‫الفقهية الإسلامية‪ .‬النشاة والأسباب ‪ , :‬ت‬ ‫الفصل الأول‪ :‬المذاهب‬ ‫‪22‬‬ ‫زك‬ ‫إضافة إلى وجود عدد من الصحابة ون في المدينة كانوا يباشرون الإفتاء‬ ‫كعائشة أم المؤمنين ونا وزيد بن ثابت‘" وابن عباس وعلي بن‬ ‫أبي طالب وف" إلا أن هذين الأخيرين تكثف وجودهما في منطقة العراق‬ ‫أكثر من غيرها‪.‬‬ ‫وفي الفصول والمباحث القادمة سوف نركز الحديث عن المذهبين‬ ‫الإباضي والمالكي بغية البحث في مواطن الاتفاق والاختلاف‪ ،‬والمساهمة‬ ‫في التقريب بين المذاهب الإسلامية‪ .‬فنقول وبالله التوفيق‪:‬‬ ‫المطلب الأول‪ :‬تاريخ التشأة‬ ‫لم يكن في بال الإباضية الأوائل تأليف كتاب يبين أصل النشأة وظروف‬ ‫الظهور؛ لأنهم اتخذوا مواقف في بداية الأمر تتعلق بالجانب السياسي©‬ ‫ومواجهة الموجة التي أطاحت بنظام الخلافة الراشدة وجعلت الملك‬ ‫عضوضا‪ ،‬ورغم أن هذا المسلك قد يكون مقبولا في المدرسة الإباضية إذا‬ ‫ما استقامت الأمور وتحقق العدل والقسط إلا أن مبدأ الشورى وانتخاب‬ ‫الإمام ومحاسبته على الاستقامة في الحكم يعد هو المطلب الرئيس عند هذه‬ ‫الطائفة‪.‬‬ ‫ولما بدأت وتيرة الأحداث تتجه إلى التصعيد‪ ،‬وتعسف بنو أمية في‬ ‫ملاحقة المعارضين؛ اتخذ الإباضية مسلك المطالبة السلمية‪ ،‬والقعود‬ ‫عن المصادمة والتحدي" ورأوا أن حقن دماء المسلمين واستتباب الأمن‬ ‫في الدولة الإسلامية أولى من كل شيع؛ ولذلك سميت فرقتهم‬ ‫ب(القعدة)ء وهو لقب أطلقه عليهم نافع ين الأزرق(" وأتباعه‪ ،‬تعريضًا‬ ‫‏(‪ )١‬نافع بن الازرق بن قيس الحنفي‪ ،‬البكري الوائلي" الحروري" أبو راشد‪ :‬رأس الأزارقة‪،‬‬ ‫وإليه نسبتهم‪ ،‬كان أمير قومه وفقيههم من أهل البصرة‪ .‬صحب في أول أمره عبدالله بن =‬ ‫الإباضية والمالكية في القرب الإسلامي‬ ‫رن‪..‬‬ ‫‪7‬‬ ‫‏‪2٨‬‬ ‫بهذا الفيلق المعارض ومحاولة لاستثارة الهمم في المواجهة المسلحة‬ ‫مع بني أمية‪.‬‬ ‫لقد ظن نافع بن الأزرق وقادة الخوارج الآخرون أن الإباضية فرقة‬ ‫معارضة فحسب لا تنطلق من قواعد ولم تتأسس على مبدا ولذلك حاول‬ ‫هو وأصحابه دفعهم إلى مربع الصراع المسلح؛ فلم يفلح؛ لأن الإباضية‬ ‫طائفة مسلمة تقوم على أسس علمية‪ ،‬وقواعد منهجية‘ حيث فضلوا منذ‬ ‫البداية أن يطلقوا على أنفسهم مصطلح (المسلمون) أو (أهل الدعوة)" وأخيرا‬ ‫(أهل الحق والاستقامة)‪ ،‬وهذا اللقب الأخير ‪ -‬أي‪ :‬الإباضية _ جاء بعد‬ ‫القرون الثلاثة الأولى‪ ،‬بعد أن تحددت معالم المذاهب الفقهية والسياسيةة‬ ‫يقول الدكتور عمرو النامي‪« :‬ولم يكن الإباضيون في البداية يستخدمون اسم‬ ‫الإباضية؛ بل استخدموا عبارات (المسلمين) و(أمة المسلمين) و(جماعة‬ ‫المسلمين) و(أهل الدعوة)‪ .‬ولم يرد ذكر اسم (الإباضية) في الأعمال‬ ‫الإباضية الأولى مثل «مدونة أبي غانم» أو أي عمل آخر مبكرا إلا أنهم‬ ‫عادوا في وقت لاحق فاعترفوا بهذا الاسم وقبلوه‪ .‬وقد ظهر لاول مرة في‬ ‫الأعمال الإباضية المغربية في رسالة عمروس بن فتح (ت‪-:‬‬ ‫‪٢٨٢‬ه_‪٨٩٣/‬م)"!‪.‬‏‬ ‫عباس لكنه انعزل بفكره السياسي" واحب أن يبدأ المواجهة المسلحة مع الأمويين‪ ،‬وكان‬ ‫=‬ ‫نافع يذهب إلى سوق الأهواز‪ 6‬ويعترض الناس بما يحير العقل (كما يقول الذهبي) ولما‬ ‫ولي عبيد الله بن زياد إمارة البصرة (سنة ‪٥٥‬ه)‏ في عهد معاوية‪ ،‬اشتد على اتباع نافع‬ ‫وأوكل مهمة قتاله إلى المهلب بن أبي صفرة وقتل بعد معارك ضارية فى سنة ‪٦٥‬ه۔‏‬ ‫الاعلام للزركلي‬ ‫‏(‪ .)٤٨٦/١٠‬‏(‪ 6)٢٥١/٧‬وينظر تفاصيل محاورته مع ابن عباس ليا في‪ :‬سير أعلام‬ ‫بلاء‬ ‫الن‬ ‫‏(‪ )١‬سبقت ترجمته في التمهيد الاول‪.‬‬ ‫(‪ )٢‬دراسات عن الإباضية‪.‬‬ ‫د‪ .‬عمرو خليفه النامي‪ .‬تر‪ :‬ميخائيل خوري" دار الغرب الإسلامي‪- ‎‬‬ ‫بيروت‪ ،‬ط‪، ٤١ ‎‬م‪ ‎١٠٠٢٦‬ص‪.٤٦‎‬‬ ‫آك‬ ‫‪.‬ر‪_ ::‬‬ ‫المبحث الأول‪ :‬المتهب الإباضي‬ ‫وعلى هذا فإن تأليف كتاب مخصص لتاريخ النشأة مستبعد في تلك‬ ‫الفترةث ولربما تم ذلك‘‪ ،‬لكن الذي وصل إلينا مما يتعلق بهذا الجانب نزر‬ ‫يسير معظمه في كتب الموسوعات الفقهية‪ ،‬وبعض السير التي دونت على‬ ‫ياقةلمراسلات القديمة'؛ وكلها شجمعة على أن البداية كانت على يد‬ ‫التابعي الشهير جابر بن زيد الأزدي الغماني‪ ،‬تجد ذلك واضحًا في مسند‬ ‫الإمام الربيع بن حبيب الذي يروي أحاديثه عن أبي عبيدة عن جابر بن زيد‪،‬‬ ‫ثم مدونة أبي غانم الخرساني التي ألفت في النصف الثاني من القرن الثاني‬ ‫الهجري؛ وهي تحكي أجواء التفاعل العلمي بين تلاميذ أبي عبيدة مسلم بن‬ ‫‏(‪ )١‬إضافة إلى هذا فإن التاريخ الإباضي تقل فيه العناية بحياة الرجال والجوانب التاريخية‬ ‫لادوارهم‪ .‬ولهذا الضمور أسباب كثيرة لعل أهمها‪ ،‬هو فقدان الكثير من الكتب التي‬ ‫دونها هؤلاء في أحقاب تاريخية مختلفةإ ثم إهمالهم هذا الجانب لاحقا بعد اندثار الكثير‬ ‫من الدول التي أقاموها في الشرق والغرب؛ وإلا فإن محاولة تدوين السيرة جاءت مبكرة‬ ‫في هذه المدرسةً فأقدم كتاب تاريخي وصل إلى المكتبة الإسلامية هو سيرة سالم بن‬ ‫ذكوان وقد دونها في نهاية القرن الاول الهجري" يحكي فيها الاحداث التي داهمت‬ ‫المسلمين في زمن الخليفة الثالث عثمان بن عفان" ثم الاحداث التي تلاحقت من بعده‬ ‫إلى زمن المؤلف‪ ،‬ولعل أفضل ما يميز هذه السيرة هي أنها تجمع بين السرد التاريخي‬ ‫المجرد والنقد العلمي لتفاصيل تلك الأحداث‪ .‬ثم دؤن أبو سفيان محبوب بن الرحيل‬ ‫أحد علماء المدونة سيرته الشهيرة عن رجال المذهب وفي مقدمتهم أبو عبيدة وعلاقة‬ ‫البصرة بممان والمغرب العربي‪ ،‬ومثله فعل أبو أيوب واثل الحضرمي أحد علماء المدونة‬ ‫ايضًا‪ ،‬وهذه السير توجد منها نقول كاملة في كتب الإباضية[ وقد توالت السير الأخرى‬ ‫منذ تلك الفترة كما تذكر المؤلفات اللاحقة‪ ،‬وإن كان بعضها أو جلها بالاحرى محجوب‬ ‫عنا إلى اليوم‪.‬‬ ‫وفي القرن السادس الهجري لاحظ أبو يعقوب الوارجلاني أن تاريخ الإباضية يخلو من‬ ‫كتب تتحدث عن الرواة وضبطهم‪ ،‬وذلك عندما قام بجمع وترتيب الجامع الصحيح‬ ‫للإمام الربيع بن حبيب أحد علماء المدونةء فالف كتابا في أسماء الرواة ودرجاتهم من‬ ‫العدالة والضبط‘ وهذا الكتاب لا يزال أيضا مخطوطا لم ير النور‪.‬‬ ‫الإباضية والمالكية في الغرب الإسلامي‬ ‫‪٦‬‬ ‫أبى كريمه_' واتصاله بجابر بن زيد وأبي نوح صالح الدهان"' وغيرهم من‬ ‫المؤسسين الأوائل‪ ،‬ثم ما ذكره أيضا ابن سلام المؤرخ الإباضي المتوفى بعد‬ ‫وغيرها من‬ ‫(‪٢٧٢٣‬ه)‏ فى كتابه شرائع الدين© ورسالة سالم بن ذكوان"‬ ‫الكتب القديمة والحديثة(‪.‬‬ ‫وسوف نقرر في المطلب التالي الإجابة على سؤالين مهمين في هذا‬ ‫الصدد‪:‬‬ ‫)‪ (١‬سبقت ترجمته‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬أبو نوح صالح بن نوح الهان‪ :‬سكن البصرة وكان مسكنه في طيء‪ ،‬كان شديد الورع‬ ‫غزير العلم‪ ،‬أخذ عن جابر بن زيد وغيره‪ ،‬وعنه اخذ الزبيعؤ يقول عنه الترجيني‪ :‬شيخ‬ ‫التحقيق وأستاذ أهل الطريقؤ وناهج طرق الصالحين" وأبو نوح تعرفه كتب الصحاح‬ ‫والسنن وقد أجمعوا على توثيقه‪٠‬‏ مع تنصيصهم أته يرري عن الإمام جابر المصدر‪:‬‬ ‫(الرجينن‪ :‬الطبقات ‏‪ !٢٥ ٤/٦٢‬الشماخئ‪ :‬كتاب الشير تحقيق‪ :‬أحمد بن مسعود الشياب‬ ‫َ‬ ‫‏‪ ٤٠٧‬‏‪/٧٨٩‬۔ه‪ ١‬‏م‪ ١‬وزارة التراث القومي والتقافة (‪١‬ا‪.)٨٦‬‏‬ ‫سالم بن ذكوان الهلالي ين‪ .‬أحد مشاهير المذهب الإباضي‪ 6‬عاش في أواخر القرن‬ ‫الاول وأوائل القرن الثاني الهجربين (‪١٠١-٩٩‬ه)ء‏ أحد تلامذة الإمام جابر بن زيد ذهك©‬ ‫بل هو من خاصة تلامذته إذ كان كاتبه‪ ،‬وكان له دور بارز في الأحداث التاريخية الواقعة‬ ‫في ذلك الوقت‪ ،‬وهو أحد أفراد الوفد الإباضي الذي ذهب مبايعا ومآزا للخليفة الراشد‬ ‫الخامس عمر بن عبد العزيز نه ‏‪ ٧‬اختاره أبو عبيدة ليكون ضمن الوفد الذي يتفاوض مع‬ ‫الخليفة العادل لما رأوا فيه من حسن نية في إصلاح الاوضاع‪ ،‬وهو أحد القراء المشهود‬ ‫لهم بالعلم‪ ،‬وقد روى عن عبدالله بن عامر الشامي كما أورده ابن الجزري في طبقات‬ ‫القراء‪( .‬معجم أعلام الإباضية ترجمة رقم ‏‪.)١٦٧/١ .٣٦٥‬‬ ‫لاستفادة هذه الحقائق التاريخية والأدوار التأسيسية للمذهب الإباضي يمكن الرجوع إلى‬ ‫«إسلام بلا مذاهب»‬ ‫المصادر الآتية‪« :‬دراسات عن الإباضية» الدكتور عمرو النامي‬ ‫مصطفى الشكعة _ هالإباضية بين الفرق الإسلامية علي يحيى معمر _ هالإباضية في‬ ‫موكب التاريخ» علي يحيى معمر أجوبة ابن خلفون» تحقيق‪ :‬الدكتور عمرو النامي ۔‬ ‫«طبقات المشائح بالمفرب‘ أبو العباس أحمد بن سعيد الدرجيني ۔ه«نشأة الحركة‬ ‫الإباضية في مصر والمغرب وعلاقتهم بإباضية غمان‬ ‫الإباضية‪ .‬د‪ .‬عوض خليفات‬ ‫والبحرين» الدكتور رجب محمد عبد الحليم‪.‬‬ ‫المبحث الأول‪ :‬المذهب الإباضي‬ ‫‪-‬‬ ‫فذ‪...‬‬ ‫السؤال الأول‪ :‬لماذا التسمية بالإباضيّة وليس الجابرية؟‬ ‫يذكر الطبري أن مجموعة من المتحمسين للإطاحة بحكم بني أمية‬ ‫التقت أفكارهم على ضرورة الانضمام تحت لواء صادق يقوم بهذه المهمة}‬ ‫فوقع الاختيار على عبدالله بن الزبير ضه الثائر في منطقة الحجاز وهؤلاء‬ ‫هم‪ :‬نافع بن الأزرق‪ ،‬وعبدالله بن الصفار" وأبناء الماخور‪ .‬كان الهدف‬ ‫الذي يسعى إليه هؤلاء هو حماية مكة المكرمة من الجيش الشامي «فقد‬ ‫كانت للأحداث الأليمة في المدينة المنورة على يد القائد الأموي مسلم بن‬ ‫عقبة في وقعة الحرة (عام ‪٦٣‬ه)‏ واستباحتهاء وقتل العدد الكبير من أهلها‬ ‫قد تركت أثرا بليعَا لدى المحكمة الاولى فرأوا وجوب الدفاع عن مكة‬ ‫المكرمة لئلا يحل بها ما حل بالمدينة قبلها‪ ،‬فاشترك عبدالله بن إباض" مع‬ ‫‏(‪ )١‬عبدالله بن صفار الصريمي التميمي (نحو ‪٦٠‬ه)‪:‬‏ رئيس الصفرية‪ ،‬من الخوارج" نسبوا إليه‬ ‫فيما يقال ۔ على غير قياس وفي صحة رئاسته لهم خلاف طويل‪ 6‬قاد هذا الرجل‬ ‫مجموعة من الحملات المسلحة‪ .‬إلا أن نفوذه امتدت الى جهة المغرب على يد عكرمة‬ ‫مولى ابن عباس‪ ،‬وظل للصفرية دولة في سلجماسة بالمغرب زمنا طويلا إلى أن زالت‬ ‫على يد الفاطميين‪ .‬الأعلام للزركلي ‏(‪.)٩٢/٤‬‬ ‫‏(‪ )٢‬هو‪ :‬عبدالله بن إباض بن تيم ابن ثعلبة‪ ،‬من بني مزة بن عبيدؤ رهط الأحنف بن قيس» آل‬ ‫مقاعس التميمي (ت‪٨٦ :‬ه‪٢٠٥/‬م)"‏ فهو من قبيلة تميم التي كان لها دور هام في‬ ‫الأحداث السياسية في صدر الدولة الاموية‪ .‬نشا في مدينة البصرة‪ ،‬وعاصر فتنة افتراق‬ ‫المسلمين بعد صفين" وكانت له مواقف حاسمة من تلك الأحداث" فقد شب في زمان‬ ‫معاوية‪ .‬وأدرك عبد الملك بن مروان" يعد من التابعين‪ ،‬أدرك كثيزا من الصحابة‪.‬‬ ‫إلى ابن إباض ينسب المذهب الإباضي نسبة غير قياسية؛ كما تتفق على ذلك المصادر‬ ‫الإباضية التي جمع ايضا على أن إمام المذهب الذي وضع قواعده هو جابر بن زيد‬ ‫الازدي الغماني (ت‪٩٢ :‬ه‪٧٢١١/‬م)&‏ ولكن غدل عن النسبة إليه إالى ابن إباض لمواقفه‬ ‫العلنية من مخالفي الإباضية ومناظراته الظاهرة للخوارج ورؤسائهم من أمثال نافع بن‬ ‫الازرق‪ ،‬لاستعراضهم المسلمين" واستحلال دماءهم وأموالهم بغير حق كما ناظر القدرية‬ ‫‪ .‬والشيعةا واشتهر برسائله إلى عبدالملك بن مروان‪ ،‬ضمنها نصائح لهس وبين فيها آراء =‬ ‫الإباضية والمالكية في الغرب الإسلامي‬ ‫‪7‬‬ ‫‏‪٦٢‬‬ ‫فرہ‪٩‬‏‬ ‫=‬ ‫أبرز الشخصيات الثائرة على الوضع الأموي كنافع بن الأرزق‪ ،‬ونجدة بن‬ ‫عامرا وغيرهم من الزعماء المشهورين للدفاع عن مكة بجانب عبدالله بن‬ ‫الزبير‪ ،‬بغض النظر عن اختلاف الأهداف السياسية للفريقين‪ ،‬فقد جمعتهم‬ ‫مصلحة الدفاع المشترك ضد العدو الواحده«‘‪.0‬‬ ‫أنجزت المهمة على أكمل وجه‪ ،‬وأصبحت مكة الآن في مأمن من الغزو‬ ‫الشامي‪ ،‬ولم يبق لهؤلاء سوى الرجوع‪ .‬ولكن لماذا العودة إلى العراق وابن‬ ‫الزبير لا يزال خليفة كما يدعو إلى نفسه هل كان محتاجا إلى اعتراف من‬ ‫هؤلاء الزعماء ولما يكن‪ ،‬أم أن موقفا معيئا جعل منهم يعودون إلى أوطانهم‬ ‫دون أن يقدموا الولاء والطاعة‪.‬‬ ‫حاول المؤرخون هنا أن يجيبوا على هذه التساؤلات من خلال استحضار‬ ‫المبدأ الذي ينادي به هؤلاء الزعماء وهو تحديد الموقف من الفتنة أيام‬ ‫عثمان بن عفان" فلما كان ابن الزبير لم يقدم فيها تفسيرا يتوافق مع آراء‬ ‫جماعته‪ 6‬وموقفها من انحراف السلطة الأموية عن نهج الراشدين" بيد أن نسبة هذه الرسائل‬ ‫=‬ ‫إليه محل نظرث حيث يذهب عدد من الباحثين إلى عدم صحة نسبتها إليها‪ .‬وكان يصدر في‬ ‫كل ذلك عن مشورة إمام المذهب جابر بن زيدا فهو تلميذه في العلم‪ ،‬وإن كان أكبر منه‬ ‫سنا‪ .‬كان ابن إباض شجاغا مقداما شارك في الدفاع عن مكة مع ابن الزبير ضد الأمويين؛‬ ‫قال عنه الشماخي‪« :‬كان إمام أهل التحقيق‪ ،‬والعمدة عند شغب أولي التفريق»‪ .‬ولهذه‬ ‫الأسباب عرف أصحابه بأتباع عبدالله بن إباض" أثا هم فلم يكونوا يطلقون على أنفسهم‬ ‫إلا أهل الدعوة‪ 5‬أو أهل الحق والاستقامة} ولكئهم رضوا بهذه النسبة بعد ذلك‪٠‬‏ وظهرت‬ ‫‏(‪٨)٨٢/١‬‬ ‫كلمة الإباضية في مؤلفاتهم في نهاية القرن الثالث الهجري‪ .‬ينظر‪ :‬كتاب السير‬ ‫معجم أعلام الإباضية لجمعية التراث ‏(‪.)٣٨١/١‬‬ ‫الحركة الإباضية في المشرق العربي© مهدي هاشم طالب" ص ‏‪ ٥٥‬وما بعدها‪ ،‬بتصرف‪.‬‬ ‫_‬ ‫_‬ ‫)‬ ‫وينظر أيضًا‪ :‬الكامل للمبرد ص‪0!٠٦‬‏ الرسائل والملوك للطبري ‏‪ ،٥٦٠٦/١‬أنساب‬ ‫الأشراف للبلاذريث ص ‏‪.١٠٦٢‬‬ ‫المبحث الأول‪ :‬المذهب الإباضي‬ ‫الوافدين انسحبوا عنه وقفلوا راجعينه"'‪ .‬ولا يوجد اتفاق بين المؤرخين أن‬ ‫ابن إباض كان مع الوفد‪ ،‬فإذا كان الطبري والمبرد يثبتان انضمامه إليهم فإن‬ ‫الذي بدا مترددا في ذكره ۔ وخليفة خياط لا يذكرونه من‬ ‫كلا من البلاذري‬ ‫بينهم"‪.‬‬ ‫لكن الذي يتفق عليه المؤرخون أن هؤلاء التقوا بعبدالله بن إباض‬ ‫بالبصرة؛ وتذاكروا معه الفرصة السانحة التي وفرتها الأوضاع المضطربة أيام‬ ‫‏‪ "٦٤‬فقدم كل واحد منهم‬ ‫عبيد الله بن زياد بعد موت يزيد بن معاوية عام‬ ‫أفكاره السياسية لاستغلال الوضع؛ فكانت ثلاثة آراء‪ ،‬الأول‪ :‬يفضل الخروج‬ ‫واستحلال الدماء والأموال والحكم على الناس بالشرك وهو نافع بن‬ ‫الازرق‪ .‬والثاني‪ :‬يستحل الدماء والأموال وهو عبدالله بن الصفار إلا أنه لم‬ ‫يخرج كما فعل نافع‪ .‬والثالث‪ :‬يفضل القعود واتباع الطرق السلمية في الحوار‬ ‫واعتبار الناس مسلمين موحدين برآء من الشرك وهو عبدالله بن إباضؤ‪.‬‬ ‫(‪ )١‬الكامل للمبرد ص‪١٠٦‬۔ تاريخ الطبري‪.٢٩٨/١ ‎‬‬ ‫‏(‪ )٢‬تاريخ خليفة بن خياط خليفة بن خياط الليثي العصفري أبو عمر دار القلم! مؤسسة‬ ‫الرسالة ۔ دمشق‪ ،‬بيروت ط ؟‪١٣٩٧ :‬ه‏ (‪٥٣/١‬؟)‪،‬‏ أنساب الأشراف (‪)١٩٠/٢‬ء ‏(‪.)٢٢١/٦٢‬‬ ‫(‪ )٣‬الكامل في التاريخ‪.)٤٩١/٣( ‎‬‬ ‫‏(‪ )٤‬ينظر‪ :‬تاريخ الطبري ‏(‪ .)٢٩٨/٣‬وهي محاولة من الطبري والمبرد لتبرئة عبدالله بن إباض‬ ‫من أفعال الخوارج واستباحتهم للدماء؛ لما رأى فيه من حسن السيرة والسلوك؛ وإلا فإن‬ ‫رواية خروجه إلى ابن الزبير مع نافع وابن الصفار غير دقيقةإ اعتمد فيها الطبري على‬ ‫بعض الرواة ولم تؤكدها المصادر الاخرى" والذي نميل إليه هو أن ابن إباض كان أحد‬ ‫تلاميذ الإمام جابر بن زيد السياسيين إلا أنه كان يجاهر بتوجهه ويتحدى به حكام بني‬ ‫أمية‪ ،‬ولذلك فإن كل من له علاقة به سمي باسمه (إباضي)ا أما رواية اللقاء الثلاثي بين‬ ‫نافع ابن إباض وعبدالله بن الصفار حينما قرروا الانفصال بسبب اختلاف الافكار فهي‬ ‫رواية ساقطة؛ لانه جاء في نص ابن إباض‪ :‬دولا يحل لنا إلا دمائهمء وهذا ليس هو منهج‬ ‫ابن إباض وليس من شعاره ولا يرضاه مسلكا أبدا ثم هو يخالف ما عرف عن جماعته‬ ‫بالقعدة‪ ،‬وهذا ما يؤكده المؤرخون أنفسهم فكيف يستقيم هذا مع تلك العبارة‪ .‬فتأمل" بل =‬ ‫الإباضية والمالكية في الغرب الإسلامي‬ ‫ب‬ ‫‪:‬‬ ‫ێ_۔_۔۔_ر‬ ‫كان لكل واحد من هؤلاء أتباع مخلصون في آرائهم مدافعون عنها‬ ‫ما اسطاعوا إلى ذلك سبيلًا‪ ،‬فلما عزم ابن الأزرق على استعراض الناس‬ ‫وقارب فعله عبدالله بن الصفار التزم ابن إباض الطريق السلمي وسعى إلى‬ ‫الانصهار في المجتمع والأرجح أنه انضم إلى الإمام جابر بن زيد حيث‬ ‫كان يؤسس مجموعته الاولى بطريقة سرية‪.‬‬ ‫هذا الانعزال من قبل ابن إباض دفع بقادة الخوارج نافع بن الأزرق وابن‬ ‫الصفار إلى تسميتهم بهالقعده» يقول الدكتور عوض خليفات‪« :‬وقد أنكر‬ ‫الخوارج المتطرفون قعود أقرانهم (أتباع مرداس) عن الثورة فلقبوهم‬ ‫۔ احتقازا بالقعدة؛ أي‪ :‬الذين قعدوا طبقا لوجهة نظرهم ‪ -‬عن الجهاد في‬ ‫سبيل الله ومحاربة الولاة الظالمين‪ .‬أما أهل السُئة في البصرة فكانوا يسمونهم‬ ‫الحرورية‪ ،‬نسبة إلى حروراء‪ ،‬تجنبا لما يؤذيهم من ألقاب‪ ،‬وعلامة رضى عن‬ ‫تصرفاتهم التي لا تؤذي الآخرين‪ .‬وأحيانا كانوا يطلقون عليهم اسم المحكمة‬ ‫كما كان يسمي هؤلاء أنفسهم" وكانوا يسمون أنفسهم أيضا الشراة»'‪.‬‬ ‫لقد كان ابن إباض يحتاج إلى لواء علمي ينضوي تحته حتى يتمكن فيه‬ ‫يورد الطبري وغيره محاورة ابن إباض لنافع وتشنيعه عليه قتل المسلمين واستباحة‬ ‫=‬ ‫أموالهم ويورد له من الحجج التي تحرم دم المسلم المخالفؤ فبالله عليكم كيف يستقيم‬ ‫هذا مع تلك العبارة السالفة؟ !! يبدو أن تاريخ الإباضية شؤه كثيرا واضطربت حوله‬ ‫الروايات والنقول إلى حد القطيعة مع الحقيقة‪ .‬وسوف تقرأ في مختصر البسيوي تأصيل‬ ‫قضية القتال والدفاع عن النفس فتجد أن الإباضية من أنزه الجماعات الإسلامية عن دماء‬ ‫إخوانها أو ممتلكاتهم‪ .‬ينظر‪ :‬الرسائل والملوك‪ ،‬الطبري ‏‪ 6 ٥٦١٧/١‬‏۔‪ ٨٦٥‬الكامل‪ ،‬المبرد‬ ‫ص ه!‪١1‬إ‏ الخوارج عقيدة وفكرا وفلفة‘ د‪ .‬عامر النجار‪ .‬مكتبة القدسي©‬ ‫ط ‏‪ :١‬‏م‪/٦٨٩١‬ه‪ ٦٠٤١‬ص ‏‪ ٨١‬وما بعدها‪ .‬العقود الفضية فى الأصول الإباضية ص ‏‪.١٢١‬‬ ‫نشأة الحركة الإباضية‪ ،‬د‪ .‬عوض خليفات{ نشر اتحاد المؤرخين العرب©‘ مطابع دار‬ ‫)‬ ‫‪-‬‬ ‫_‬ ‫الشعب©ؤ عمان الاردن‪١٩٧٨ :‬م‪،‬‏ ص ‏‪.٩٧‬‬ ‫‏‪٦٥‬‬ ‫المبحث الأول‪ :‬المذهب الإباضي‬ ‫شل‬ ‫تر‬ ‫وأصحابه من المحافظة على قيم العدل والسلام؛ وفي الوقت نفسه المحافظة‬ ‫على المطالب الاولى‪ :‬وهي إعادة الاعتبار إلى نظام الخلافة الراشسدة؛ سواء‬ ‫كان فيما يتعلق بطريقة الانتخاب أو طريقة ممارسة الحكم‪ .‬ويرى الدكتور‬ ‫خليفات أن انحياز هله الجماعة إلى البصرة ورفعها لشعار القعود والمسالمة‬ ‫دفع بالتابعي الشهير جابر بن زيد للاتصال بهم والانضمام إلى حزبهم‬ ‫بطريقة سريةاا‪ 5‬بيد أن هذا الرأي كما يقول الدكترر رجب محمد عبدالحليم‬ ‫لا يستند إلى دليل صحيح وليس فيه سوى محارلة صناعة المشهد بالغيب‘‬ ‫والذي يرجحه الدكتور رجب هو أن ابن إباض انضم إلى جماعة جابر بن‬ ‫زيد الممانية‪ ،‬وانتنع بأفكارهم الداعية إلى السلم والحوار العلمي؛‬ ‫والمحافظة في الوقت نفسه على فيم أبي بلال مرداس بن أديةا"' الدي أنكر‬ ‫(‪ )١‬نفسه؛ ص‪.٨٠ ‎‬‬ ‫‏(‪ )٢‬أبر بلال (ت‪٬‬‏ ‪٦١‬ه‪٦٧٠/‬م)‏ هر احد بني ربيعة بن حنظلة بن مالك بن زيد مناة بن تميم؛‬ ‫اشتهر بمرداس بن أدية‪ .‬وادية اله‪ .‬تابمي من أئمة الماهب الارائل‪ .‬لازم الإمام جابر بن‬ ‫زيد واخ عنه؛ والتقى عددا من الصحابة منهم؛ ابن هباس رعالشة؛ وعبدالله بن وهب‬ ‫الراسبي" شارك في صنين فأنكر التحكيم؛ ركان من أهل النهرران‪ 6‬لنجا منها‪.‬‬ ‫انشا جماعة سزبة منظمةش ننكزن من اربعين شاربا منهم حريث السدرسي‪ 6‬ركهمس‬ ‫الصريمي‪ .‬وعقد المجالس رالمناظرات لإنناع الناس برجهة نظره؛ فأثر السلم على‬ ‫الحرب‘ كما أنكر على الخوارج تعزضهم للناس بالسيفا راستحلالهم لدماء المرحدبن‪.‬‬ ‫وعمد عبيد الله بن زياد إلى سجنها ثم اطلق سراحه؛ واضطزنه الضغرط والمظالم الأمرية‬ ‫أن يعلن براءته منهم؛ فارسل إلبه عبيد الله جبشا بقيادة اسلم بن زرعة الكلابي في الف‬ ‫رجل فهزم الشراء جيشن ابن زباد بمنطفة آسك{ وذلك بالصبر والحبلة والإيمان الراسخ‪.‬‬ ‫فرجه إليه عبيد الله جيشا آخر سنة ‪٦١‬ه‪٦٨٠/‬م؛‏ وامه اربعة آلاف بقيادة عباد بن علقمة‬ ‫المازني المشهور بعباد بن الاخضر؛ لغدروا بابي بلال رصحببا ولتلرهم جمبغا رهم‬ ‫يرذرن صلاة الجمعةش ركان ذلك بمنطقة نؤج ار دار بجرد من ارض فارس‪.‬‬ ‫اشتهر أبر بلال بالعلم والورع؛ وكان مجتهذا كلير الصواب من أجل ذلك تنازعته‬ ‫المذاهب‪ 6‬رهو من الشعراء المجبدبن‪ 6‬له شعر لي التحريض هلى الجهاد والصبر رراه‬ ‫المبرد ولغيره لي كتب الادب؛ ومن ذلك فوله‪:‬‬ ‫الإباضية والمالكية في الغرب الإسلامي‬ ‫رز ‪7‬ہ‬ ‫‏‪___ ٦‬‬ ‫على بنى أميه انحرافهم عن هدى الخلافة الراشدة وانتهاكهم لحقوق‬ ‫الناس«‪ 8‬وقد كان أبو بلال رافضا منذ البداية إعلان المواجهة أو القتال أو‬ ‫إثارة أي شيء يدفع بالمجتمع إلى التناحر وإراقة الدماء والأموال‪ .‬لكن بني‬ ‫أميه لم يرتضوا منه هذا المسلك فدفعوا إليه من يقتله بطريقة يمكن الرجوع‬ ‫إليها في مصادرها‪.‬‬ ‫كان جابر بن زيد فنه يرى كما يرى إخوانه العلماء من التابعين؛‬ ‫كالحسن البصري‪ ،‬وسعيد بن جبير وعكرمة مولى ابن عباس ضرورة‬ ‫اتخاذ وسيلة للإنكار على بني أميه لكنه فارق أقرانه باتخاذ طريقة فريدة من‬ ‫نوعها تتلخص في تأسيس مدرسة سرية تعمل على إحياء الخلافة الراشدة‬ ‫بعيذا عن مجتمعات بني أمية‪ .‬بينما انضم سعيد بن جبير إلى ثورة التوابين‬ ‫وانضم عكرمة إلى عبدالله بن الصفار‪.‬‬ ‫ورغم محاولة جابر بن زيد الابتعاد عن أنظار المراقبين إلا أن العلماء‬ ‫اليقظين كانوا يعلمون أن جابر بن زيد إباضي بالفعل‪ ،‬يقول يحيى بن معين‪:‬‬ ‫«كان جابر إباضيًا وعكرمة صفريًاه""‪ .‬وذلك جريا مع التسمية التي أطلقها‬ ‫بنو أمية على جابر وأتباعه‪.‬‬ ‫ومن خاض في تلك الحروب المهالكا‬ ‫أبعد ابن وهب في الوفاء وفي التقى‬ ‫=‪-‬‬ ‫وقد قتلوا زيد بن حصن ومالكا‬ ‫سلامة‬ ‫أو أرخجي‬ ‫لقاء‬ ‫أحث‬ ‫وزدني تقى حنى الاقي أولنكا‬ ‫فيا رب سلم نيتي وبصيرتي‬ ‫وقد روى حصين بن نوفل عن ابن عباس قوله‪« :‬أصاب أبو بلال السبيل»‪ ،‬ورثاه عند مقتله‬ ‫الكثير من الشعراء‪ .‬معجم أعلام الإباضية لجمعية التراث ‏(‪.)٨٩/٢‬‬ ‫‏(‪ )١‬الإباضية في مصر والمغرب وعلاقتهم بإباضية غمان والبصرةء د‪ .‬رجب محمد عبد الحليم؛‬ ‫‏‪.٢٣ -١٢‬‬ ‫مكتبة الضامري ‪ -‬سلطنة عمان ۔ السيب ط ‏‪( ١‬بدون‪ :‬ت)‪ ،‬ص‬ ‫‏(‪ )٢‬سبقت ترجمته‪.‬‬ ‫‏(‪ )٣‬ينظر‪ :‬الكامل لابن عدي ‏‪ ،٧١/١‬تهذيب التهذيب ‏‪ 0!٢٤/٢‬وقد أبطل يحيى بن معين الروايات‬ ‫‏‪.١٥/١‬‬ ‫التي تنص على براءة جابر بن زيد من الإباضية‪ .‬انظر‪ :‬تاريخ يحيى بن معين‬ ‫‏‪٦٧‬‬ ‫المبحث الأول‪ :‬المذهب الإباضي‬ ‫‪=-‬‬ ‫فز‪.‬‬ ‫هذا هو الذي تجمع عليه مصادر الإباضية في أصل النشأة وهو الذي‬ ‫أقر به علماء الجرح والتعديل‪ ،‬لكن الخلاف هو في طريقة انضمام ابن إباض‬ ‫إلى فريق جابر‪ .‬والذي نرجحه هو أن عبدالله بن إباض وجد في جماعة جابر‬ ‫المحصن الخالص لأفكار أبي بلال‪ ،‬وأنه الشخصية الوحيدة من العلماء التي‬ ‫تحمل برنامجا سياسيا يضمن الخروج من أزمة الملك العضوض‪ ،‬ويحقق‬ ‫قيم الحق والعدالة‪ .‬والعودة بالأمة إلى هدي الخلافة الراشدة" إذ ليس‬ ‫الهدف هو الخروج على بني أميه بأي طريقة وتحت أي شعار وإنما الهدف‬ ‫هو اتخاذ طريقة ناجحة لاستعادة مجد الأمة حتى ولو كان على المدى‬ ‫البعيد‪ .‬إذ لو كان هدف ابن إباض هو الثورة فحسب لانضم إلى ابن الازرق‬ ‫أو ابن الصفار أو حتى إلى عبدالرحمن بن الأشعث‘ الذي انضم تحت لوائه‬ ‫كان أبعد فكرا من هذا وأسبر‬ ‫ابن إباض‬ ‫والقراء لكن‬ ‫العلماء‬ ‫مجموعة من‬ ‫غورا لحقيقة الشعارات المرفوعة آنذاك‪ ،‬فاختار جابر بن زيد الثماني‬ ‫بالبصرة‪.‬‬ ‫من قبل قبيلة الأزد‬ ‫المحمي‬ ‫ويدلل الدكتور رجب عبدالحليم على هذه النتيجة بالنقاط التالية‪:‬‬ ‫‪١‬۔‏ لم يكن جابر بن زيد حاضرا في مشاهد أحداث البصرة أيام عبيد الله بن‬ ‫زياد‪.‬‬ ‫‪٢‬۔‏ ليس لدى المؤرخين دليل موثوق على اتصال جابر بالقعدة‪.‬‬ ‫‏‪ ٣‬قبيلة الأزد أقوى وأشهر من تميم في البصرة بدليل تكتلهم الكثيف‬ ‫خلف المهلب لقتال الخوارج‪ ،‬وبالتالي فلا يحتاج جابر إلى حماية من‬ ‫‏(‪ )١‬وإلى مثل هذا يذهب الدكتور رجب محمد عبدالحليم في كتابه‪ :‬الإباضية في مصر‬ ‫والمغرب وعلاقتهم بإباضية غُمان والبصره‪6٥‬‏ ص !‪-١‬۔‪.٢٣‬‏‬ ‫الإباضية والمالكية في الغرب الإسلامي‬ ‫تر‪.‬‬ ‫‏‪٦٨‬‬ ‫‏‪ ٤‬۔ نفي الحجاج لجابر إلى غمان دليل على درايته بالقيادة العامة للإباضية‪،‬‬ ‫فكان ذلك النفي فرصة لترسيخ دعائم المذهب‪.‬‬ ‫يقول الدكتور‪ :‬دومعنى ذلك أن القعدة أو جماعة المسلمين هم الذين‬ ‫انضموا إلى جابر بن زيدا وانضووا تحت قيادته بعد أن انتهى دور ابن‬ ‫إباض نهاية غير معروفة‪ ،‬وبعد أن رأوا مدى القوة التي ينعم بها هذا الفقيه‬ ‫الازدي بسبب مساندة الأزد له لدرجة أن الحجاج المشهور بالبطش لم‬ ‫يجرؤ على قتله‘ عندما عرف صلته بالإباضية‪ ،‬واكتفى بنفيه إلى عمان‬ ‫ولم يلبث أن عاد إلى البصرة‪ ،‬ولم يتعرض له الحجاج في قليل‬ ‫ولا كثيره_'‪.‬‬ ‫كان انضمام عبدالله ين إباض فرصة لبني أميه لتسمية فريق جابر‬ ‫بالإباضية نسبة إليهؤ وأهدافهم سياسية محضة\ لكنها تستخدم العاطفة الدينية‬ ‫لطرد المخالفين‪ .‬وشخصية عسكرية كابن إباض إذا انضاف إلى الإمام جابر‬ ‫زادت حدة مراقبتهاء وأصبحت جاهزة للطرد أو الإقصاء في أي لحظة‪.‬‬ ‫وانتشرت في الآفاق الإسلامية هذه التسمية وعرف بها مؤسسوا هذه‬ ‫المدرسة عند علماء الأمة‪ .‬وخاصة علماء الجرح والتعديل؛ لأنها بالفعل‬ ‫سوف تؤدي إلى ضم فريق جابر إلى مجموعة الخوارج بناء على التسمية‬ ‫بابن إباض الصديق القديم لنافع بن الأزرق وعبدالله بن الصفار‪ .‬وهو أمر لم‬ ‫يستطع الفكاك منه حتى المؤرخون في العصر الحديث‘ فرغم وجود الفروق‬ ‫الواضحة بين منهج الإباضية والخوارج إلا أن التسمية التاريخية تظل معتمدة‬ ‫مهما حاول الإباضية نفيها‪ ،‬يقول الدكتور عامر النجار‪« :‬ومع قلة الدلائل‬ ‫والروابط بين الخوارج والإباضية فإننا لا نملك إلا أن نساير الاتجاه الفكري‬ ‫(‪ )١‬الإباضية في مصر والمغرب وعلاقتهم بإباضية عمان والبصرة ص‪.٢٠ ‎‬‬ ‫‏‪٦1٨‬‬ ‫المبحث الأول‪ :‬المذهب الإباضي‬ ‫‪7‬‬ ‫‏‪٦‬‬ ‫العام لدى سائر كتاب الفرق الإسلامية فنضم الإباضية ضمن فرق الخوارج‬ ‫على أساس أن الخط الفكري الجامع بينهم هو إنكار التحكيم" وعدم‬ ‫الخروج على الحاكم‪.'»..‬‬ ‫وجواز‬ ‫بالإمامة‬ ‫قريش‬ ‫اختصاص‬ ‫التساؤل الثاني‪ :‬هل الإباضية خوارج؟‬ ‫بعد انضمام عبدالله بن إباض إلى فريق جابر بن زيد وجدت هذه‬ ‫الجماعة نفسها أمام اللقب الجديد «الخوارج» لاعتبارين كلاهما سياسي‪:‬‬ ‫الأول‪ :‬هو أن مؤسسها كما يتصورن عبدالله بن إباض أحد المعارضين‬ ‫لبني أميه مع ابن الأزرق وابن الصفار‪.‬‬ ‫الثاني‪ :‬تتبني هذه الجماعة فكر أبي بلال مرادس بن حدير الذي أنكر‬ ‫كان أحق بالخلافة وأولى‬ ‫التحكيم" ورأى أن الإمام علي ۔ كرم الله وجهه‬ ‫بها من النزول إلى طلب التحكيم‪.‬‬ ‫ورغم أن أبا بلال رفض منذ البداية مسلك المواجهة‪ ،‬واعتبر أن ما حدث‬ ‫منعطف سياسي في الأمة الإسلامية تحملت أثاره الخطيرة‪ ،‬إلا أن الوضع‬ ‫الحالي يمكن معالجته بالنصيحة والكلمة الطيبةث وليس بالمواجهة المسلحة‬ ‫والثورات‪ ،‬لكن بني أميه رفضوا إلا أن يتجرد للمواجهة بطريق الإكراه‪ ،‬فمما‬ ‫يذكر أن أبا بلال استمع ذات يوم لعبيد الله بن زياد وهو يقول في خطبته‪:‬‬ ‫«والله لآخذن المحسن منكم بالمسيء والحاضر بالغائب© والصحيح‬ ‫بالسقيم‪ .‬فقام ينه إليه فقال‪ :‬قد سمعنا ما قلت أيها الإنسان‪ ،‬وما هكذا ذكر‬ ‫لله عن نبيه إبراهيم جنيد ‪ ،‬إذ يقول‪ « :‬وتهم أى رَقَ ه ألا تي وازرة وذدً‬ ‫‏(‪ )١‬الخوارج عقيدة وفكرا وفلسفة‪ ،‬د‪ .‬عامر النجار‪ .‬ص ‏‪ .٨٣‬وانظر أيضا‪ :‬دراسة عن الفرق في‬ ‫تاريخ المسلمين الخوارج والشيعة د‪ .‬أحمد محمد أحمد حلبي" مركز الملك فيصل‬ ‫‏‪.٧٩-٦٢‬‬ ‫ص‬ ‫ط‪٤٠٦:١‬اه‪١٩٨٦١/‬‏ م‬ ‫الإسلامية‪،‬‬ ‫والدراسات‬ ‫للبحوث‬ ‫الإباضية والمالكية في الغرب الإسلامي‬ ‫ز‬ ‫‪7‬‬ ‫لزين ه وأن آت للإنتن إلا ما معن ‏‪ ٥‬وأ سَقَية‪ ,‬سوت برن ه ثم رنه‬ ‫اآلْحَرَاء الأزرق ‪[ 4‬النجم؛ ‏‪ 6]٤١-٢٧‬وإنك تزعم أنك تأخذ المطيع بالعاصىه‪.'{٢‬‏‬ ‫بعد موت أبي بلال استفاد جابر بن زيد ۔ وقد كان صديقه ۔ من الحدث‬ ‫فاتخذ الطريقة التي أسلفنا فكان انضمام ابن إباض إليه فرصة لوصفهم‬ ‫بالخوارج عبر التاريخ‪.‬‬ ‫والإباضية لا صلة لهم بالخوارج ولا التقاء بينهم في مسلك من‬ ‫المسالك السياسية أو القيادية‪ ،‬وقد دافع الإباضية عن أنفسهم عبر التاريخ إلا‬ ‫أن أحذا لم يرض منهم هذا الدفاع ولم يقبل هذا النفي المتكرر وكأن‬ ‫وصفهم بالخوارج قدر لا مفر منه ولا حيد عنه‪ ،‬وكأنني بهؤلاء يشتهون‬ ‫سفك دمائهم واستحلال قتلهم وإزهاقهم‪ ،‬فقد قال الدكتور فرحات‬ ‫الجعبيري" أن هذه التسمية دفع الإباضية دمائهم الغزيرة ثمنا لها عبر‬ ‫التاريخ وتجافت عنهم المذاهب الإسلامية رغم أنهم لا يفترقون عنهم‬ ‫بشيء‪ ،‬يقول الدكتور وهو يعدد المواقع التي دفع الإباضية فيها دمائهم ثمنا‬ ‫لهذه التسمية‪...« :‬فإن الإباضية قاسوا من هذه النسبة من إخوانهم المسلمين‬ ‫آلاما كثيرة‪ ...‬ولنذكر بعضا من هذه الآلام في ما يلي‪:‬‬ ‫‪ -‬واقعة مانو (‪٢٨٢‬ه‪٨٩٦/‬م)‏ التي لم يبق فيها من علماء الإباضية إلا اثنان‬ ‫بعد أن كانوا أربعمائة والتي تقرب فيها إبراهيم الثاني الأغلبي‬ ‫(‪٦٢٨٩-٢٦١‬ه‪٩٠١-٨٧٤/‬م)‏ أحسن قربى إلى الله عندما ثبت لديه‬ ‫‏(‪ )١‬طبقات المشايخ بالمغرب" احمد بن سعيد الدرجيني" (ت‪٦٧٠ :‬ه‪١٢٧١/‬م)‏ تحقيق‬ ‫‏(‪.)١٣/٦٢‬‬ ‫وطباعة‪ :‬إبراهيم طلاي‪( .‬بدون‪ :‬ت‪ .‬ط)‪.‬‬ ‫‏(‪ )٢‬أستاذ التاريخ الإسلامي بجامعة الزيتونة ۔ تونس‪ .‬معاصر‪.‬‬ ‫‏‪٧١‬‬ ‫‪. : -‬‬ ‫الميحث الآول‪ :‬المذهب الإباضي‬ ‫‪7‬‬ ‫‪٦‬‬ ‫حملة المعز بن باديس (‪٤٥٣-٤٠٦‬ه‪١٠٦١-١٠١٥٩/‬م) على جربة‪‎‬‬ ‫‪).‬م‪٩٣٠١‬۔ه‪‎(١٣٤‬‬ ‫إزالة الإباضية من منطقة قصطيلية (الجريد)‪« :‬فنزل عسكر لصنهاجة على‪‎‬‬ ‫قلعة بني درجين أرسله المعز بن باديس فحاصرها حصارا شديدا وذلك‪‎‬‬ ‫سنة (‪٤٤٠‬ه‪١٠٤٨/‬م) فلما اشتد عليهم الحصار ولا منجد لهم خرجوا‪‎‬‬ ‫عليهم خروج رجل واحد يقاتلون حتى قتلوا عن آخرهم واستبيح ما في‪‎‬‬ ‫القلعة وهدمت وأحرقت‪‎.‬‬ ‫تخريب يحيى بن إسحاق الميورقي (ت‪٦٣٣ :‬ه‪١٢٣٦/‬م) لسدراته‪‎‬‬ ‫ووارجلان سنة ‪٧٢٦‬ه‪١٣٢٦/‬م) وإن كانت حملته أوسع من الهجوم على‪‎‬‬ ‫الإباضية يقول الدرجيني في ذلك‪« :‬فلما كانت سنة ست وعشرين أو سبع‪‎‬‬ ‫وعشرين دخلها يحيى بن إسحاق الميورقي المتلثم فهدم كل ما دار عليه‪‎‬‬ ‫سورها إلى المسجد وعادت وارجلان كأن لم تغن بالأامس»‪‎.‬‬ ‫باشا على جربة سنة ‪٩٦٠‬ه‪ ١٥٥٣/‬م‪« :‬فنهاجمهم درغوث‪‎‬‬ ‫هجوم درغوث‬ ‫باشا ودخل الجزيرة ونزل على الساحل القبلي‪ ،‬واجتمع أهل الجزيرة‪‎‬‬ ‫وقاتلوا قتالا شديدا‪ ،‬وترادفت العربان مع درغوث باشا؛ فانهزم أهل‪‎‬‬ ‫الجزيرة‪ ،‬واستشهد منهم ألف ومائتا شهيد‪ ،‬ثم بعد حين أعدم شيخها‪‎‬‬ ‫مما نال الإباضية من الضير‪‎‬‬ ‫داود التلاتي (‪٩٦٧‬هھ‪ ١٥٦١٠/‬م(‪ .‬هذا شيء‬ ‫(‪(١‬‬ ‫نتيجة نسبتهم إلى الخوارج»"'‪.‬‬ ‫‏(‪ )١‬البعد الحضاري للعقيدة الإباضية‪ .‬نشر جامعة السلطان قابوس‪ ،‬مطبعة الألوان الحديثة‪.‬‬ ‫سلطنة غمان‪ ،‬ط ‏‪ :١‬‏‪.‬م‪/٧٨٩١‬ه‪ ٨٠٤١‬‏‪٧٥-٨٥.‬ص وقد أحال الدكتور على مراجع هذه‬ ‫الأحداث وهي‪ :‬تاريخ الدولة الرستمية لابن الصغير المالكي ص ‏‪ ١١٠‬خلاصة تاريخ تونس‬ ‫‏‪.٢٦١٨‬‬ ‫‏‪ ،٦١‬السير للشماخى ص‬ ‫لحسن عبد الوهاب ص‬ ‫الإباضية والمالكية في الغرب الإسلامي‬ ‫‏‪٦٨‬‬ ‫رر‬ ‫‏‪٢‬‬ ‫وكثير من هذه الأحكام الجائرة في حق الاباضية صدرت من شخصيات‬ ‫علمية لم يتح لها الإطلاع على كتبهم أو معايشتهم ومعاشرتهم‪ ،‬أما من توفر‬ ‫له هذا الحظ اكتشف أن الإباضية بعيدون جدا عن ما قيل فيهمض من بين‬ ‫هؤلاء مؤرخ الدولة الرستمية ابن الصغير مالكي المذهب وقيل‪ :‬شيعي©‬ ‫حينما وصف التسامح المذهبي في الدولة الرستمية بقوله‪« :‬ليس أحد ينزل‬ ‫بهم من الغرباء إلا استوطن معهم وابتنى بين أظهرهم‪ ،‬لما يرى من رخاء‬ ‫البلد وحسن سيرة إمامه وعدله في رعيته‪ ،‬وأمانة على نفسه وماله؛ حتى‬ ‫لا ترى دازا إلا قيل هذه لفلان الكوفي‪ ،‬وهذه لفلان البصري‪ ،‬وهذه لفلان‬ ‫القروي وهذا مسجد القرويين ورحبتهم‪ ،‬وهذا مسجد البصريبن© وهذا‬ ‫مسجد الكوفيين‪...‬ه'‪ .‬في حين ظل عدد من المؤرخين الذين تعرفوا على‬ ‫بعض معتقدات الإباضية وفقههم بطريقة غير مباشرة يردد عبارة قربهم من‬ ‫أهل السنة كالمبرد في الكامل‪« :‬قول ابن إباض أقرب الأقاويل إلى السُئةم{'©‬ ‫وابن حزم‪« :‬وأقرب فرق الخوارج إلى أهل السُئة أصحاب عبدالله بن يزيد‬ ‫الاباضي الفزازي الكوفي"‪ ،‬وابن خلدون‪« :‬وقول هؤلاء أقرب إلى‬ ‫السُنّةه‘'‪.‬‬ ‫أما في العصر الحديث فإن جل الكئاب الذين زاروا أوطان الإباضية‬ ‫والتقوا بعلمائهم تغيرت نظرتهم تماما‪ .‬وتصححت أفكارهم وخاصة مالكية‬ ‫الغرب الإسلامي الذين كتبوا في رسائلهم وكتبهم ثناء عطرا على الإباضية‪،‬‬ ‫يقول الدكتور التونسي المالكي عبدالعزيز المجدوب الذي اعتبر الإباضية‬ ‫(‪ )١‬أخبار الأئمة الرستميين"‪ ‎‬۔‪٦٣‬ص‬ ‫(‪ )٢‬الكامل في الادب‪.)٢١٤/٦٢( ‎‬‬ ‫‏(‪ )٣‬الفصل في الملل والأهواء والنحل ‏(‪ ،)٨٩/٢‬وسيأتي معنا أن ابن حزم لم تكن معرفته‬ ‫بالإباضية منضبطةء أو دقيقة‪ .‬وإنما كان يعرف فرقة منهم تسمى النكارية‪.‬‬ ‫(‪.)١٤٥/٣‬‬ ‫(‪ (٤‬تاريخ ابن خلدون‪‎‬‬ ‫‏‪٧٢‬‬ ‫‪.‬‬ ‫المبحث الأول‪ :‬المذهب الإباضي‬ ‫_‪-‬‬ ‫‏‪٦‬‬ ‫مذهبا سيا خامسا‪« :‬وأبرز ما يتصف به الإباضيون تمسكهم الشديد بالدين‪.‬‬ ‫بأداء فروضه وتجنب نواهيه إلى حد الغلو ‪ -‬وبغضهم المفرط لاصحاب‬ ‫الظلم والفساد‘ وبفضل هاتين الصفتين استطاعوا أن يحققوا لأنفسهم عزا‬ ‫دينيا‪ ،‬ومجذا سياسياء خلد ذكرهم في التاريخ»‪٧‬‏ وقال أيضا‪« :‬حائظوا على‬ ‫صفاء الرسالة المحمدية في أصول مذهبهم" ولم ينحرفوا عن النهج القويم‬ ‫الذي كان عليه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وصحابته البررة في‬ ‫سلوكهم وأمور معاشهم ولا اقترف ولاتهم إثما‪ .‬ولا مارسوا في قيادتهم‬ ‫ظلما! ولا أي لون من ألوان العسف التي لم يبرأ منها إلا القليل من الولاة‬ ‫سواهم‪ .‬بل إن الظلم في حقهم كان مستحيلًا‪ ،‬لا لكونهم معصومين" بل لأن‬ ‫رجل الدين عندهم ورجل السياسة واحد والقائم بأمر الناس فيهم هو الإمام‬ ‫نفسه‘ وتلك هي قاعدة الإسلام في الحكم التي سار عليها الخلفاء‬ ‫الراشدون‪ ،‬وعليها حافظوا ودونها نافحوا‪ ،‬فمن الطبيعي أن ينتشر مذهب هذا‬ ‫شأنه‪ .‬وأن يُقبل على أتباعه الناس ببلاد المغرب ليجدوا في أكنافه الأمن‬ ‫والكرامة‪ .‬وهم من سئموا حياة الاضطراب والظلم على أيدي الكثير من‬ ‫عمال بني أمية وبني العياسه(‪.‬‬ ‫وليس الدكتور المجدوب هو من عهم مذهبا نيا خامسا بل توالت‬ ‫على ذلك كتابات عدة من بينها ما قاله العلامة الجليل حسن السندوبي‬ ‫محقق البيان والتبيين للجاحظ‪ ،‬قال في حاشية الجزء الثاني‪ « :‬المذهب‬ ‫الإباضي ‪ -‬وأهل هذا المذهب من أفاضل القبلة وممن ينفرون من البدع التي‬ ‫ليست من الدين في شيء‪ ،‬ومن هنا يتهمهم بعض المسلمين بالتشدد وبعدم‬ ‫مسايرتهم للتقدم بل يرمونهم بما هم منه براء‪ ،‬وقد كنت خدعت بقول‬ ‫‏(‪ )١‬الصراع المذهبي بأفريقية إلى قيام الدولة الزبيرية‪ .‬الاستاذ عبدالعزيز المجدوب دار ابن‬ ‫‏‪.٠٤‬‬ ‫آم‪ .‬ص‬ ‫ط ‪١٤٢٩:١‬ه‪٠٠٨/‬‏‬ ‫للطباعة والنشر ‪ -‬بيروت"‪٨‬‏‬ ‫حزم‬ ‫الإباضية والمالكية في الشرب الإسلامي‬ ‫‪7‬‬ ‫خصومهم فيهم؛ فرددت مجمل ما يتهمونهم به في بض هوامش الجزء‬ ‫الأولؤ ثم تبين لي اليقين فيهم؛ فعلمت أنهم من خيار المسلمين وممن‬ ‫يرجعون في كل أمورهم من عبادة ومعاملة إلى الكتاب والسُئة‪ ،‬ولا يرعك‬ ‫تنديد الجاحظ بهم فإنهم كانوا فيما سلف خصوما للمعتزلة رضي الله تعالى‬ ‫عن المسلمين كافة"‪ .‬ومن ذلك أيضًا ما قاله الشيخ عمر محمد صالح با‬ ‫من السنغال وهو مالكي المذهب‪ .‬يقول في مؤلفه عن الإباضية‪« :‬غير أن‬ ‫المبرر الذي نعتبره أكثر إلحاحا لتعريف الناس بالمذهب الإباضي هو‬ ‫السعي لإزالة فهم تاريخي خاطئ عن هذا المذهب تداوله الكتاب‪ ،‬وأصبح‬ ‫سائذا في الأوساط العلمية وغير العلمية‪ .‬وهذا المفهوم يتحمل تبعته كثاب‬ ‫غير دقيقين في كتاباتهم ولا مقدرين مؤسوليتهم نحو المادة العلمية التي‬ ‫يقدمونها إلى الجمهور كشيء خالد له دوره في تكوين الفكر البشسري»‪.‬‬ ‫ويقول عندما عرف الحقيقة عن المذهب الإباضي‪« :‬والحق أن كاب‬ ‫المقالات جنوا على التاريخ وجنوا على العلم وجنوا على أمة محمد قناة‬ ‫جنوا على التاريخ لأنهم زوروه وكتبوا وقائعه على نحو سقيم واعتدوا على‬ ‫قوم أبرياء ۔ قلميّا ‪ -‬وزتفوا مبادئهم‪ 6‬وقالوا في ألسنتهم ما لم يقله هؤلاء‪.‬‬ ‫مع عدم صحة ما ورد فيها وانتفاء الثقة‬ ‫وجنوا على العلم؛ لأن كتبهم‬ ‫عنها۔ أصبحت مراجع يرجع إليها من يريد الاطلاع على آراء الفرق‬ ‫الإسلامية‪ ،‬والتزود بمادة علمية منها‪ .‬والحال أنها خالية من أية مادة علمية‪.‬‬ ‫وجنوا على أمة محمد يَقة لمحاولة تفريقها والإمعان في تمزيقها»‘‬ ‫والكتابات المتأخرة من هذا النوع كثيرة ليس هنا موضع استقصائها‪.‬‬ ‫‏(‪ )١‬البيان والتبيين‪ 6‬أبو عمر الجاحظ‪ ،‬شرح وتحقيق‪ :‬حسن السندوبي دار المعارف للطباعة‬ ‫‏‪ ١٩٩٠‬م (‪)١٨٣/٢‬۔‏‬ ‫تونس‪:‬‬ ‫والنشر‪ ،‬سوسة‬ ‫(‪ )٢‬دراسات في الفكر الإباضي‪ 6‬مسقط‪ :‬مكتبة الاستقامة‪ .‬الطبعة‪ :‬الثانية‪ ‎.‬؛م‪/٢٩٩١‬ه‪٤١٤١‬‬ ‫‪.٤٨‬‬ ‫ص‪‎‬‬ ‫‏‪٥‬‬ ‫‪-.‬‬ ‫المبحث الأول‪ :‬المذهب الإباضي‬ ‫_‪-‬‬ ‫‏‪٢‬‬ ‫والآن نأتي إلى الحجج التي قدمها الإباضية لنفي صفة الخوارج عنهم‪،‬‬ ‫وأبرزها كما بينها الدكتور علي يحيى معمر‪ ،‬والدكتور عمرو النامي‪ ،‬والشيخ‬ ‫سالم بن حمود السيابي«'‪ 5‬وغيرهم‪ ،‬هي‪ :‬۔‬ ‫اولا‪ :‬تصدي القائد الشهير المهلب بن أبي صفرة لقتال الخوارج‬ ‫الأزارقة‪ .‬وتنكيله بهمإ وقد كان ذلك لصالح الدولة الأموية كون المهلب‬ ‫مواليا لهم‪ ،‬لكن ضرر الخوارج في نظر الإباضية أكبر وأخطر من الأمويين‬ ‫لأنهم يستحلون دماء المؤمنين ديئا‪ 5‬بينما يستحلها الأمويين سياسة‪ ،‬ومن‬ ‫الثابت تاريخيا أن أسرة آل المهلب كانوا إباضية‪ ،‬وكانوا على اتصال وثيق‬ ‫بالإمام جابر بن زيد الأزدي فه" ولم يبذل المهلب في قتال الخوارج‬ ‫والقضاء عليهم إلا لعلمه بعدم العلاقة بينهم والإباضية؛ لأن قبيلة الأزد‬ ‫آنذاك كانت تتبنى رأي الإباضية‪ .‬وعلى مدارها كانت الفتوى في الأقضية‬ ‫والنوازل‪ ،‬ومعلوم أن القبيلة التي كان يقاتل بها المهلب هي الأزد‪.‬‬ ‫ثانيا‪ :‬كان الإمام عبدالله بن إباض شديدا إزاء الآراء والأفكار التي ينادي‬ ‫بها نافع بن الأزرق‪ ،‬وكان يعلن بطلانها بصراحة تامة‪ ،‬ويحذر منها الناس‪،‬‬ ‫وله في هذا الصدد مراسلات شديدة مع ابن الأزرق" يحذره فيها من مغبة‬ ‫التطاول على دماء المسلمين وأمنهم‪ .‬والغريب أن المؤرخين من غير‬ ‫الإباضية يثبتون ذلك ويرون فيه اعتدالا من ابن إباض» ومع ذلك يصرون‬ ‫على تسمية الإباضية بالخوارج‪.‬‬ ‫ثالئا‪ :‬ومما يثبت هذه الحقيقة هو أن الرجل الثالث في الإباضية المحدث‬ ‫الحجة الربيع بن حبيب الفراهيدي صاحب المسند الصحيح يبرأ من‬ ‫الإباضية‬ ‫عن‬ ‫‪ .٤٦٢‬دراسات‬ ‫‏‪.٦١‬‬ ‫ص‬ ‫معمر‬ ‫علي يحيى‬ ‫الإسلامية‬ ‫الفرق‬ ‫الإباضية بين‬ ‫‏)‪(١‬‬ ‫‏‪ ١٦٠‬وما بعدها‪.‬‬ ‫د‪ .‬عمرو النامى ص‬ ‫الإباضية والمالكية في الغرب الإسلامي‬ ‫‪7‬‬ ‫تر‪.‬‬ ‫الخوارج‪٠‬‏ وكان يقول فيهم‪« :‬دعوهم حتى يتجاوزوا القول إلى الفعل‪ ،‬فإن‬ ‫بقوا على قولهم فخطؤهم محمول عليهم" وإن تجاوزوه إلى الفعل حكمنا‬ ‫فيهم بحكم اللهه' وقد كان ذلك بمثابة الفتوى التي سوغت قتال الإباضية‬ ‫للخوارج وإبعادهم عن ساحة التأثير السلبي‪ ،‬وليس خفيا على رجال التاريخ‬ ‫كابن خلدون ومؤرخي المغرب أن الإباضية والصفرية التقوا في المغرب‬ ‫الإسلامى‪ ،‬لكن ذلك ما كان يجمعهم على مائدة واحدة‪ ،‬بل عمل الإباضية‬ ‫بقيادة الإمام أبي الخطاب المعافري على إنقاذ أهل القيروان من عبث‬ ‫الصفرية وانتهاكهم لحرمات البلد‪ .‬وعبر التاريخ فإن المالكية لم يسجلوا مع‬ ‫الإباضية معركة واحدة باسم المذهبية‪ ،‬إنما وقعت أحداث كان الغرض منها‬ ‫سياسيا محضاء يهدف إلى توسعة نفوذ الولاء والطاعة لبني أمية والعباس‪.‬‬ ‫رابعا‪ :‬ومما يدل على ذلك أيضا في المشرق قتال الإمام الجلندي بن‬ ‫۔ عندما‬ ‫وهو من الصفرية‬ ‫‏‪ ١٣٤‬ه_)آ) لشيبان الخارجى‬ ‫الماني (ت‪:‬‬ ‫مسعود‬ ‫‏(‪ )١‬وقد تقرر هذا الموقف من الخوارج عموما في أولى المؤلفات الإباضية ككتاب الدينونة‬ ‫الصافية لعمروس بن فتح (ت‪:‬۔‪٢٨٣-‬ه)‏ إذ يقول عن الصفرية الذين التقوا بالإياضية زمانا‬ ‫ومكائا على اراض الغرب الإسلامي دوقالت الصفرية‪ :‬بتشريك أهل الكبائر من آهل‬ ‫التوحيد‪ 6‬واستحلوا سبي ذراريهم؛ وغنيمة أموالهم جرأة على الله‪ ،‬ديئا لم يشرعه الله ولم‬ ‫يسن بسيرته نبي الله نتله؛ وتاولوا على ذلك تأويل شبهة خالفت الحق وخرجت من‬ ‫العدل" فدخل عليهم من الضلال ما لا نهاية لهء‪ .‬ولو كان ثمة لقاء بين الخوارج والإباضية‬ ‫لكانوا احوج ما يكونون إلى الصفرية في أرض المفرب؛ لأن الإباضية خاصة في زمن‬ ‫عمروس تعرضوا لمحن شديدة ذهب ضحيتها عمروس نف‪ .‬فتأمل كيف كان الإباضية‬ ‫يرفضونهم معتقذا فضلا عن السياسة‪ .‬ينظر‪ :‬أصول الدينونة الصافية (ص ‏‪.)٥٩ ٥٥٤ ٥٥٢‬‬ ‫هو‪ :‬الإمام الجلندي بن مسعود& بيعته كانت سببا لقوة المذهب©‪ 6‬وكان عادلا مرضيا‪،‬‬ ‫)‬ ‫ح‬ ‫<‬ ‫قتل رنه في حربه مع القائد العباسي خازم بن خزيمة الذي طلب منه السمع والطاعة‬ ‫للخليفة فرفض وقد كان الإمام اشتبك في قتال مع القائد الصفري شيبان‪ ،‬فانتصر عليه‪،‬‬ ‫وقرر إرجاع ماله وخاتمه إلى أهله‪ 6‬إلا أن القائد العباسي الذي كان يلاحق شيبان وصل‬ ‫متاخا فطالب الإمام الجلندي بالمع والطاعة وبتسليم مقتنيات شيبان‪ ،‬وبعد التهديد =‬ ‫‏‪٧٧‬‬ ‫المبحث الأول‪ :‬المذهب الإباضي‬ ‫‪-‬‬ ‫‏‪٦‬ہرك‬ ‫ودارت معركة‬ ‫الحاكم العباسي‬ ‫قدم في جيش إلى عمان هاربا من السفاح‬ ‫بين جيش الإمام الجلندي وبين شيبان وأصحابه وأسفرت المعركة عن‬ ‫مقتل شيبان وجنوده‪ ،‬وقد كان بإمكان الإمام أن يضم إلى صفوفه هؤلاء‬ ‫الهاربين من ملاحقة العباسيين لو كانوا على رأي واحدا لكن الصفرية‬ ‫خوارج غالوا في الدين واستحلوا الدماء‪ ،‬أما الإباضية فبخلاف ذلك تماما‪.‬‬ ‫خامسا‪ :‬وسوف يكون الموقف الإباضي من القائد الشهير عند أهل غُمان‬ ‫هلال بن عطية الخراساني بعد تركه للصفرية وانضمامه إلى الإباضية أن‬ ‫يرجع إلى الذين دعاهم إلى مبادئ الخوارج‪ .‬ويعلمهم ببطلان تلك المبادئ‬ ‫والآراء التي دعاهم إليها‪ ،‬ثم عاد إلى غمان فتم قبوله بعد أن صحح الأفكار‬ ‫التي غرر بها الناس‪ ،‬فكان قائدا ووزيرا للإمام الشهيد الجلندي بن‬ ‫مسعود طان ۔‬ ‫التأسيس‬ ‫الثاتي؛‬ ‫المطلب‬ ‫المذهب الإباضي هو التابعي الشهير جابر بن زيد‪ ،‬وقد دللنا‬ ‫مؤسس‬ ‫فمن هو جابر بن زيد وما هى مكانته‪.‬‬ ‫السابق‬ ‫على ذلك في المطلب‬ ‫اسمه ومولده‪:‬‬ ‫‏‪٠‬‬ ‫هو‪ :‬جابر بن زيد اليحمدي الأزدي تابعي مشهور©‪ ،‬ولد في عمان في‬ ‫خلافة عمر بن الخطاب ن‪ .‬وقد حدد المؤرخون مكان ولادته في نزوى‬ ‫إحدى الولايات التغمانية‪ ،‬أما تحديد سنة ولادته فلم ترد في المصادر وإنما‬ ‫بالقتال وافق على إعطاثه المال وخاتم شيبان لكن خزيمة رنض إلا السمع رالطاعة‪،‬‬ ‫=‬ ‫الغمة ص‪٢٥١-٢٤٨‬‏‬ ‫‏‪ ٤‬ه انظر‪ :‬كشف‬ ‫فاقتتل الفريقان‪ ،‬وقاتل الإمام حتى قتل عام‬ ‫رقم ‏‪ .٤٥٥‬تحفة الأعيان ‏(‪.)٧٢/١‬‬ ‫الإباضية والمالكية في الغرب الإسلامي‬ ‫ز‪ .‬‏‪٦‬‬ ‫‏‪__ ٧٨‬‬ ‫هو اجتهاد من قبل بعض الباحثين‪ ،‬من خلال استحضار الظروف الزمانية‬ ‫والمكانية التى ولد فيها‪ .‬ولم يختلف المؤرخون أو المترجمون لجابر بن‬ ‫زيد أنه ولد في خلافة عمر بن الخطاب نؤيد وكان ذلك تقريب عام ‪٢٢‬ه‏ في‬ ‫الجوفا وهي موضع بمممان كما حدده ياقوت الحموي إلا أن بعضهم‬ ‫ولقلة المصادر المتوفرة لديه عن جغرافية مان وأقاليمها التبست عليه‬ ‫التسمية فسماها «الخوف» كما وقع للذهبي‘& وسماها بعضهم «الحوف»‬ ‫بالحاء‪ ،‬بينما ذهب بعضهم إلى أنها درب الجوف بالبصرة‪ ،‬وهو ما حكاه‬ ‫المزي"‪ 3‬قال ابن حبان‪« :‬أصله من الجوف ناحية بمممان‪ ،‬وكان ينزل البصرة‬ ‫في الأزد موضع يقال له‪ :‬درب الجوفا‪ .‬ومهما يكن من الاختلاف في‬ ‫التسمية فإن أهل مكة أدرى بشعابها‪ ،‬فالذي عليه المؤرخون الممانيون أنها‬ ‫«الجوف» بلدة من أعمال نزوى وتسمى حاليا‪« :‬فرق»‪.‬‬ ‫نشأته‪:‬‬ ‫‪.‬‬ ‫مما لا شك فيه أن الإمام جابر بن زيد نشا في بلده غمان يترعرع بين‬ ‫عنه الإمام‬ ‫عالما ثبئا روى‬ ‫أبوه‬ ‫فلقد كان‬ ‫أسرته الكريمة‬ ‫ربوعها وفي أحضان‬ ‫‏(‪ )١‬الجوف هي إحدى بلدان ولاية نزوى وهي ولاية غمانية قديمةة كانت منذ القرن الثاني‬ ‫الهجري عاصمة غمان العلمية والسياسيةء وفيها تعاقبت أحداث كثيرة} ولكثرة المدارس‬ ‫فيها وكونها مقر الإمام المنتخب سميت ببيضة الإسلام؛ وفي القرن الثامن عشر الميلادي‬ ‫انتقلت العاصمة إلى مسقط على ساحل بحر العرب‪ ،‬ولا تزال هي العاصمة إلى اليوم۔‬ ‫‏(‪ )٢‬قال الذهبي في السير‪« :‬جابر بن زيد الازدي اليحمدي مولاهم البصري الخوفي بخاء‬ ‫معجمةا والخوف ناحية من عمان" كان عالم أهل البصرة في زمانه‪ ،‬عد مع الحسن وابن‬ ‫سيرين وهو من كبار تلامذة ابن عباس" حث عنه عمرو بن دينار‪ ،‬وأيوب الختياني©‬ ‫‪.‬‬ ‫‏‪.)٤٨٢-٤٨١/١‬‬ ‫وقتادة وآخرون» (سير أعلام النبلاء‬ ‫(‪ )٣‬تهذيب الكمال‪.٤٣٥ /٤ ‎‬‬ ‫(‪ )٤‬الثقات‪.١٠١/٤ ‎‬‬ ‫‏‪٧٩‬‬ ‫‪.‬‬ ‫المبحث الأول‪ :‬المذهب الإباضي‬ ‫‪2-‬‬ ‫ترز=۔‬ ‫جابر حديئا في كتاب «أحكام القرآن للجصاصه' مما جعل بعض‬ ‫المؤرخين يذكر أن أباه كان صحابيا" وليس هذا القول بعيدا فقد توجهت‬ ‫أعداد كبيرة من غمان إلى رسول الله قلة تطلب العلم وتسعى إلى شرف‬ ‫الصحبة‪ ،‬وقد عد المؤرخ سيف بن حمود البطاشي عددا منهم في كتابه‬ ‫«إتحاف الأعيان» كمازن بن غضوبة وصحار العبدي وغيرهم‪.‬‬ ‫نشأ جابر بن زيد نشأة علمية في بلده غمان‪ ،‬ثم توجه به أبوه إلى‬ ‫البصرة حيث يرحل الممانيون إليها في تلك الفترة بأعداد كبيرة حتى عرف‬ ‫لهم حي خاص باسمهم وقد تجمهر حولهم الأزد من كل مكان‪ ،‬فظهرت‬ ‫فيهم قيادات علمية وسياسية‘ من بينهم المهلب بن أبي صفرة الذي قاتل‬ ‫الخوارج وأنهى وجودهم فيما بعد‪.‬‬ ‫كان جابر بن زيد يرقب الصحابة الكرام وهم يؤسسون مدارسهم‬ ‫بالبصرة وسرعان ما انضم إليهم بعدما اشتد وآنس من نفسه قدرة في العلم‪،‬‬ ‫فلزم شيخه ابن عباس وهما وأخذ عنه العلم حتى تمكن منه دون أن يحيط به‪،‬‬ ‫ثم رحل إلى المدينة المنورة ليلتقي هناك عددا كبيرا من الصحابة الكرام‪،‬‬ ‫قال هو عنهم‪« :‬أدركت سبعين بدريّا فحويت ما عندهم إلا البحر‪ ،‬يعني‪ :‬ابن‬ ‫عباس»‪.‬‬ ‫‏‪ :١٤٨/٤‬ه«روى أبو معاوية عن ابن جريج عن جابر بن‬ ‫‏(‪ )١‬جاء في أحكام القرآن للجصاص‬ ‫زيد ابي الشعثاء عن أبيه قال‪ :‬سئل النبي هة عن محرم أتي بلحم صيد يأكل منه فقال‪:‬‬ ‫أحسبوا له‪ .‬قال أبو معاوية‪ :‬يعني إن كان صيد قبل أن يحرم فياكل وإلا فلاه‪.‬‬ ‫‏(‪ )٦٢‬الشيخ سيف بن حمود البطاشي‪ ،‬عالم معاصر‪ ،‬عمل في وزارة التراث القومي والثقافة}‬ ‫وقد كان يتميز بولعه الشديد بالتاريخ‪ .‬فهيا له عمله في التراث الاتصال بالكثير من‬ ‫المخطوطاتؤ ثم قام بجولة داخلية في ربوع عمان اثناء مشروع تأليفه الكتاب السالف©‬ ‫فاصدر منه أربعة أجزاء استوعب فيه معظم علماء عمان من القرن الاول إلى اليوم؛ توفي‬ ‫ودفن ببلدة الطايين إحدى ولايات عمان الشرقية‪.‬‬ ‫‏‪ ٥‬ه‬ ‫ني عام‬ ‫الإباضية والمالكية في الشرب الإسلامي‬ ‫‏‪٨٠‬‬ ‫فر‬ ‫=‬ ‫زهده وعلمه‪:‬‬ ‫‏‪٠‬‬ ‫بذلك‬ ‫كان جابر بن زيد إماما ني التفسير والحديث والفقه" وقد حصل‬ ‫على شهادات تزكية عالية من شيوخه الصحابة رز فقال فيه ابن عباس؛ «لو‬ ‫أن أهل البصرة نزلوا عند قول جابر بن زيك‪ ،‬لارسعهم علما من كتاب الله‬ ‫وربما تال‪ :‬عما في كتاب الله»'‪.‬‬ ‫وقد توالت شهادات الصحابة زن في الثناء على جابر بن زيد بما يطول‬ ‫ذكرها هنا‪ .‬وعندما توفي قال عنه أنس بن مالك نث‪« :‬اليوم مات أعلم من‬ ‫في الارض" أما شهادات زملائه التابعين فهي كثيرة جدا‪.‬‬ ‫لقد كان جابر بن زيد زاهدا ورغا‪ ،‬وكان كما وصفه أبو نعيم في الحلية‬ ‫«مسلما عند الدينار والدرهم"‪.‬‬ ‫تلا ميذ ‏‪:٥‬‬ ‫‪.‬‬ ‫للإمام جابر تلاميذث يعمل بعضهم في النظام السري الذي أنشاء‬ ‫العلم والسياسة‪.‬‬ ‫طريق الجمع بين‬ ‫وهدفه نشر الخير وتوطيد الحق عن‬ ‫وإنما هم طلبة علم سخروا‬ ‫الجانب©‬ ‫هذا‬ ‫يشغلو ن‬ ‫لا يث‬ ‫وتلاميذ آخرون‬ ‫أوقاتهم لطلبه‪ ،‬فكان لهم في الإمام جابر مندوحة عن غيره‪ ،‬فأما تلاميذه‬ ‫من المدرسة الخارجية فهم عمر بن صرح" وعمر بن دينار وقتادةا‘‬ ‫(‪ )١‬تهذيب الكمال‪.٤٣٦/٤ ‎‬‬ ‫‏(‪ )٢‬نفسه‬ ‫() حلية الاولياء ‏‪.٨٩/٢٣‬‬ ‫‏(‪ )٤‬قتادة بن دعامة بن قتادة بن عزيز السدوسي البصري" أبو الخطاب" تابعي جليل" ولد سنة‬ ‫ستينغ قال ابن سيرين‪ :‬قتادة أحفظ الناس‪ ،‬وقال سفيان الثوري‪ :‬أوكان في الدنيا مثل قتادة‪،‬‬ ‫كان رأاشا في العربية واللغة وايام العرب والنسب" مات بواسط في الطاعون سنة سبع‬ ‫عشرة ومائة (تذكرة الحفاظ ‏‪.)١٢٦٢/١‬‬ ‫‏‪٨١‬‬ ‫المبحث الأول‪ :‬المذهب الإباضي‬ ‫‏‪٦‬‬ ‫وغيرهم ممن ذكرهم المزي في التهذيب‪ ،‬واما تلاميذه من المدرسة‬ ‫الداخلية فهم أبو عبيدة مسلم بن أبي كريمة وضمام بن السائب'‪ ،‬وابو‬ ‫وحيان الأعرج(" وجعفر السماكإ‪.‬‬ ‫الدهان‪.‬‬ ‫صالح‬ ‫نوح‬ ‫‏(‪ )١‬ضمام بن التائب‪ :‬أصله من غمان من التدب‘ ومولده بالبصرة من علماء الطبقة التانية من‬ ‫أنقة الإباضية وفقهائهم‪ ،‬أخذ العلم عن جابر بن زيد‪ ،‬وكان ممن تصذر للفتيا في أيام‬ ‫أبي عبيدة وقد دونت رواياته عن جابر بن زيد في كتاب ه«روايات ضمام»" جمعه أبر صفرة‬ ‫عبدالملك بن صفرة‪ ،‬وقد ذكر الإمام أحمد أنه من أصحاب جابر بن زيد" جاء في كتابه‬ ‫العلل‪« :‬قلت ليحيى‪ :‬شيخ حدث عنه معتمر يقال له ابو عبيدة عن ضمام عن جابر بن زيد‬ ‫كره أن يأكل متكثا من ابو عبيدة هذا‪ .‬قال‪ :‬رجل روى عنه معتمر ليس به باس يقال له‬ ‫عبد الله بن القاسم‪ .‬قلت؛ من حدث عنه غير المعتمر؟ قال‪ :‬البصريون يحدثون به عنه‪ .‬قلت‬ ‫ليحيى؛ فضمام هذا الذي روى عنه أبو عبيدة من هو؟ قال‪ :‬شيخ روى عن جابر بن زيد‬ ‫روى عنه أبو عبيدة هذا وروى عنه معمر يعني ضماماء المصدر (العلل ومعرفة الرجال‬ ‫‏!‪.)١١‬‬ ‫يوسف المزاتي! أجوبة ابن خلفون‪،‬‬ ‫‏‪٣‬‬ ‫‏(‪ )٢‬أبو نوح صالح بن نوح الذان‪ :‬سكن البصرة وكان مسكنه في طيء كان شديد الورع‬ ‫غزير العلم‪ ،‬أخذ عن جابر بن زيد وغيره‪ ،‬وعنه أخذ الربيع‪ ،‬يقول عنه الذرجيني؛ «شيخ‬ ‫التحقيق واستاذ أهل الطريقؤ وناهج طرق الصالحين‪ .‬وابو نوح تعرنه كتب الصحاح‬ ‫والسنن" وقد أجمعوا على توثيقها مع تنصيصهم أنه يروي عن الإمام جابر» المصدر‪:‬‬ ‫(الرجيني‪ :‬الطبقات‪ .‬‏‪ /٢٥٤/٦٢‬الشماخي؛ كتاب السير‪ ،‬تحقيق‪ :‬أحمد بن مسعود الشياب‪.‬‬ ‫‏م‪/٧٨٩١‬اه وزارة التراث القومي والقافة ‏‪.)٨٦٢/١‬‬ ‫‏‪٤٧‬‬ ‫‏(‪ )٣‬حيان الاعرج الجوفي البصري" تابعي‪ ،‬من شيوخه‪ :‬الإمام جابر بن زيد من تلاميذه‪:‬‬ ‫داود بن أبي القصاف© وسعيد بن أبي عروبة‪ .‬وابن جريح‪ ،‬وقتادة‪ ،‬أرسل بعض الرواة عنه‬ ‫حديئاء فوهم بعضهم فذكره من الصحابة‪ .‬قال عنه يحيى بن معين‪« :‬حيان الاعرج ثقة»‪.‬‬ ‫وذكره ابن حبان في (الثقات) وقال الذهبي‪« :‬وثق»‪ .‬رقال عنه البدر الشنماخي‪« :‬كان من‬ ‫العلماء الراسخين وأهل التقوى والدين من كبراء من صحب جابرا وأخذ عنه»‪ .‬ينظر‪:‬‬ ‫تهذيب الكمال للمزي ‏‪ .٤٧٦/٧‬الثقات لابن حبان ‏‪ .١٨٦/٩‬الكاشف للذهبى ‏‪.٣٥٩/١‬‬ ‫‪:‬‬ ‫السير للشماخي ‏‪.٨٣/١‬‬ ‫‏(‪ )٤‬جعفر بن السماك قال عنه أبو سفيان محبوب بن الرحيل‪ :‬كان معلم أبي عبيدة وما‬ ‫حفظ عنه أكثر مما حفظ عن جابرا كان ضمن الوفد الذين هننوا عمر بن عبدالعزيز‬ ‫بالخلافة‪ .‬مطالبين في الوقت نفسه بالمزيد من الإصلاحات السياسية والدينيةس ولما =‬ ‫الإباضية والمالكية في القرب الإسلامي‬ ‫‪5 . :‬‬ ‫‏‪٨٢‬‬ ‫وعبدالله بن زيد الجرمي وعاتكة بنت أبي صفرة ة‪ (٦) ‎‬وغيرهم كثير‪ .‬ويتبين‬ ‫من خلال تراجمهم في كتب أهل الحديث أن لقائهم بجابر كان كثيقماك وكانوا‬ ‫حسب كتب التراجم يروون عنه‪ ،‬بيد أن المؤرخين لا يعلمون شيئا عن هذه‬ ‫المدرسة‪ ،‬وسرية إنشائها بالنسبة لجابر أما تلاميذه السريون فإن أهل‬ ‫الحديث كثيرا ما ينعتونهم بهذه العبارة‪« :‬كان يرى رأي الخوارج»‪.‬‬ ‫وفاته‪:‬‬ ‫‏‪٠‬‬ ‫في عام ‪٩٣‬ه‏ كان العالم على موعد مع رحيل عالم من علماء المسلمين‬ ‫ممن نذروا أنفسهم لطلب العلم وتعليمه‪ ،‬بحيث كانوا امتدادا حقيقيا‬ ‫للصحابة الكرام توفي جابر بن زيد في هذا العام على الأرجح وإن كان‬ ‫بعضهم يعتبر وفاته ‪١٠١‬ه‏ لكن الأرجح هو ‪٩٣‬ه؛‏ لأنه توفي قبل‬ ‫= سئل جعفر عن عمر قال‪ :‬مثل الحسن بن آبي الحسن البصري‪ .‬والغالب أنه توفي في‬ ‫النصف الأول من القرن الثاني الهجري‪ .‬ينظر‪ :‬الطبقات للدرجيني‪ ،‬‏‪ ٢٣٢ /٢‬السير‬ ‫‪.‬‬ ‫للشماخي‪ ،‬‏‪.٧٥١١‬‬ ‫‏(‪ )١‬أبو قلابة عبدالله بن زيد الجرمي البصري" أحد الأئمة الأاعلام؛ قدم التام وسكن داريا‪.‬‬ ‫روى عن أنس بن مالك وحذيفة بن اليمان ومالك بن الحويرث وكثيرين‪ .‬روى عنه أيوب‬ ‫الختياني وثابت البناني وخالد الحذاء وكثيرون‪ .‬تابع" ثقةا كثير الحديث‪٥‬‏ أريد على‬ ‫القضاء فابى© توفي سنة ‪١٠٤‬هز‏ وقيل‪ :‬‏‪ ٠١٠٥‬وقيل‪ :‬‏‪ ٠ ٦‬وقيل‪ :‬‏‪ .١٠٧‬انظر! تهذيب‬ ‫الكمال للمزي‪ :‬رقم‪ ٬٢٢٨٣‬‏‪.٥٤٦٢/١٤‬‬ ‫‏(‪ )٢‬نشأت هذه الفاضلة الكريمة وترعرعت في بيت شرف وعظمة‪ ،‬فقد عاشت في بيثة عربية‬ ‫إسلامية في آخر القرن الاول الهجري وبداية القرن الثاني الهجري‪ .‬ولما ازدادت الكراهية‬ ‫بين الأزد والحجاج بن يوسف الثقفي بسبب جوره وتعسفه‪ ،‬أظهر الكثير منهم تبرمهم من‬ ‫الأوضاع فازدادت صلتهم باتجاه جابر بن زيد من أجل خدمة مشروع إعادة الاعتبار‬ ‫للخلافة الراشدة وعلى رأسهم أفراد من آل مهلب©‪ ،‬وكان منهم عاتكة بنت أبي صفرة‬ ‫وهي من عائلة المهلب بن أبي صفرة القائد الشهير ولعلها أخته‪٨‬‏ روت الكثير عن الإمام‬ ‫جابر‪ ،‬ولس لها سنة وفاة محددة" والغالب أنها توفيت في بداية القرن الثاني الهجري‪.‬‬ ‫طبقات المشايخ بالمغرب لابي العباس الدرجيني ‏(‪.)٤٨/٦٢‬‬ ‫‏‪٨٢‬‬ ‫المبحث الأول‪ :‬المذهب الإباضي‬ ‫‪7‬‬ ‫مين؟‬ ‫جابر بن زيد قال‬ ‫وعند موت‬ ‫الحجاج بن يوسف الثقفي المتوفى عام ‪٥‬ه‪٥-‬‏‬ ‫عالم البصرة‪ ،‬أو قال‪ :‬عالم العراقهأ‪'١‬‏‬ ‫تلميذه قتادة‪« :‬اليوم مات‬ ‫المطلب الثالث‪ :‬أماكن انتشار المذهب الإباضي‬ ‫يجدر ينا بداية أن نذگر بأن مسمى الإباضية‪ ،‬لم يكن مرحبا به عند‬ ‫الإباضية بداية الأمر أو بالتعبير العصري لم يكن معترقا به في‬ ‫المخاطبات الرسمية أو العلمية حتى القرن الثالث الهجري حيث ورد‬ ‫لاول مرة في كتاب «الدينونة الصافية» لعمروس بن فتح"" وأما قبل ذلك‬ ‫فكان مصطلح (جماعة المسلمين)‪ ،‬و(أهل الدعوة) هي لغة التخاطب بين‬ ‫هؤلاء القوم‪.‬‬ ‫بدأ التأسيس في البصرة على يد جابر بن زيد كما ذكرنا سابقا وتوسعت‬ ‫دائرته هناك‘ ثم انتقل إلى الكوفة حيث التقى الإباضية بالأحناف في‬ ‫مدارسها وجرت بينهم مناظرات عديده‪ ،‬لم يحتفظ لنا التاريخ إلا بالإشارة‬ ‫إليها‪ .‬وظل المذهب في البصرة فترة طويلة من الزمن‪ ،‬ليس لدينا معلومات‬ ‫موثقة عن تاريخ اختفائه منها‪ ،‬وغالب الظن أنه امتد إلى نهاية النصف الأول‬ ‫من الدولة العباسية‪.‬‬ ‫وأمتد تأثير المذهب إلى الحجاز حيث وجد له أتباع على مستوى‬ ‫العلماء؛ كأبي الحر علي بن الحصين العنبري!"‪ 5‬في عدة مشايخ آخرين‬ ‫‪.١٠١/١‬‬ ‫(‪ )١‬الثقات‪‎‬‬ ‫‏(‪ )٢‬سبقت ترجمته‪.‬‬ ‫‏(‪ )٣‬أبو الحر علي بن الحصين ين مالك بن الخشخاش العنبري التميمي (ت؛ ‪١٣٠‬ه)‏ من‬ ‫فقهاء الإباضية‪ .‬كانت له ثروة في البصرة سكن مكة‪ .‬وجاهر فيها أيام «مرران بن محمد»‬ ‫بمناصرة «طالب الحق وكان هذا قد خلع طاعة مروان‪ ،‬وبويع له بالخلافة في اليمن‪= .‬‬ ‫الإباضية والمالكية في الخرب الإسلامي‬ ‫‏‪٨‬‬ ‫رر ‏‪٨٦١‬‬ ‫غ‬ ‫يذكر ابن سلام الإباضي أن الإباضية يلتقون بأقرانهم من أهل الحجاز وغمان‬ ‫والمغرب والبصرة في موسم الحج في مكان خاص بمنى يسمى مضارب‬ ‫محبوبؤ وقد عذ فيها من العلماء مائة وخمسين عالما منهم خمسة وعشرون‬ ‫من أهل غمان'‪ .‬ولم يستمر الوجود الإباضي طويلاً في الحجاز؛ لان‬ ‫الحملة السياسية كانت شديدة عليهم إضافة إلى قوة تأثير الإعلام الاموي‬ ‫على الفرق المناوئة سياسيا‪.‬‬ ‫ومن الحجاز إلى اليمن حيث انتشار المذهب الإباضي في أهل‬ ‫حضرموت حتى صاروا غالبيتها‪ .‬ومنها انطلقت ثورة طالب الحق عبدالله بن‬ ‫يحيى الكندي (‪١٢٩‬ه)"‘&‏ لكن ثورته انتهت بمقتله عام ‪١٣٠‬هف‏ وفي نهاية‬ ‫= فكتب مروان إلى عاملة بمكة يامر بالقبض على «أبي الحر» فاعتقل واوثق بالحديد‬ ‫واشخص إلى المدينة‪ .‬وهو شيخ كبير‪ .‬وأدركه في الطريق يعض أنتصار طالب الحق"‬ ‫فانقذوه وعادوا به إلى مكة} مستترين‪ .‬ولم دخلها ابو حمزة (المختار بن عوف) كان‬ ‫«ابو الحر» من رجاله‪ .‬وقتل في مكة‪ .‬قال أبو محمد بن أبي حاتم‪ :‬سمع عمر بن‬ ‫عبدالعزيز وجابر بن زيد‪ ،‬روى عنه ابن جريج‪ ،‬وروى بشر بن المفضل عن أبيه عنه‪ ،‬قال‬ ‫ابن عيينة‪ :‬رأيت علي بن الحصين وكان يرى رأي الخوارج" سألت أبي عنه فقال‪ :‬يكتب‬ ‫حديثه‪ .‬الاعلام للزركلي ‏(‪ 0)٢٨٢/٤‬وانظر‪ :‬لسان الميزان ‏(‪ ،)٢٢٦/٤‬تاريخ دمشق‬ ‫‏(‪.)٤٤٥/٤١‬‬ ‫‏(‪ )١‬كتاب ابن سلام هالإسلام وتاريخه من وجهة نظر إباضية» تح‪ :‬ر‪ .‬ف‪ .‬شفارتزش وسالم‬ ‫يعقربؤ دار اقرا بيروت ط ‏‪ :١‬‏؛م‪/٥٨٩١‬ه‪ ٥٠٤١‬ص ‏‪.١٢٠‬‬ ‫‏(‪ )٢‬عبدالله بن يحيى بن عمر بن الاسود بن عبدالله بن الحارث بن معاوية بن الحارث‬ ‫الكندي" الشهير بهطالب الحق» (ت‪١٣٠:‬ه‪٧٤٧/‬م)‏ الراجح أئه ولد في حضرموت وبها‬ ‫تلى علومه الاولى‪ .‬انتقل مع أبي الخطاب عبدالاعلى بن المح المعافري إلى البصرة؛‬ ‫لياخذ ممن عاصرهم من التابعين‪ ،‬وعلى رأسهم أبو عبيدة مسلم بن أبي كريمة؛ وضمام بن‬ ‫السائبؤ وكثير من معاصربهما‪ .‬ثم عاد إلى بلده اليمن‪ ،‬فتولى منصب القضاء لإبراهيم بن‬ ‫جبلة‪ .‬عامل القويسم على حضرموت" وهو عامل مروان بن محمد الأموي على اليمن؛ إلا‬ ‫اه لم يهدأ له بالؤ لما رآه من الجور الظاهر‪ ،‬والعسف الشديد‪ ،‬فقال لأصحابه‪« :‬ما يح‬ ‫لنا المقام على ما نرى‪ ،‬ولا يسعنا الصبر عليهء‪٨‬‏ فكتب إلى شيخه أبي عبيدة مسلم‪ ،‬وغيره =‬ ‫‏‪٨٥‬‬ ‫المبحث الأول‪ :‬المذهب الإباضي‬ ‫‪7‬‬ ‫‪٦‬‬ ‫القرن الثاني الهجري ظهرت من جديد الإمامة الإباضية في حضرموت‘‬ ‫حيث برز الامام الوارث بن كعب الخروصي '‪ .‬وفي بداية القرن الثالث‬ ‫استطاع ابن زياد عامل المأمون على اليمن أن يضم حضرموت إلى سلطته‬ ‫إلا أن تلك السلطة كانت اسمية وشكلية نظرا لسيطرة حكم العشائر فيها‪.‬‬ ‫وفي عهد الإمام الماني المهنا بن جيفر ‪٢٢٦‬ه"'‏ دخلت حضرموت في‬ ‫من علماء الإباضية بالبصرة يستفتيهم ويشاورهم في الامرؤ فكتبوا إليه‪« :‬إن استطعت أن‬ ‫لا تقيم يوما واحدا فافعلء‪ .‬فشمر طالب الحق على ساعد الج والجهاد ليقيم أؤل إمامة‬ ‫ظهور إباضية باليمن سنة ‪١٦٢٩‬ه‪٧٤٦/‬م‪٠‬‏ وبايعه أصحابه على ذلك" فائجه إلى دار الإمامة‬ ‫فعامل واليها أحسن معاملة‪ 9‬ثم استولى على صنعاء‪٬‬‏ حيث خطب في الناس‬ ‫بحضرموت‘‬ ‫خطبة أبان فيها دعوته ومنهجه في الدعوة إلى دين الله الحق" وإلى نبذ الحكم الجائر‪ .‬ثم‬ ‫ائجه قائد جيوشه أبو حمزة الشاري إلى مكة والمدينة ليبط على أهلهما عدل الإمامة‬ ‫الإسلامية وحاول مواصلة فتوحاته إلى الشام إلا آئه لم يفلح‪ .‬ولم تدم إمامته طويلا إذ‬ ‫سرعان ما أرسل إليه مروان بن محمد جيشا بقيادة عبدالملك بن محمد عطية السعدي‪6‬‬ ‫فهزم آبا حمزة وقضى بعد ذلك على طالب الحق بحضرموت سنة ‪١٣٠‬ها‪٧٤٧٢‬م؛‏ رعلى‬ ‫‏‪١\‘{٧١١٠‬اآ الطبقات‬ ‫‏‪١٢‬‬ ‫الإسلام‪.‬‬ ‫بدء‬ ‫‪١٣٦٢‬ه_‪٤٩/‬‏ ‪٧‬م‪.‬‏ ينظر‪ :‬ابن سلام‪:‬‬ ‫ثورته نهائيا سنة‬ ‫‪ .٢٧٩‬ومعجم أعلام الإباضية‬ ‫‪.٦٢٦٥‬‬ ‫‪٦٢٥٨/٢‬۔ ‪.٢٦٢‬‬ ‫‪١٨٧‬؛‬ ‫‪.٧٤‬‬ ‫‪.٧‬‬ ‫‏‪.٥/١‬‬ ‫للدرجيني‪:‬‬ ‫‏‪.٤٠٦/١‬‬ ‫لجمعية التراث‪:‬‬ ‫الوارث بن كعب الخروصي الشاري اليحمدي الازدي (‪١٧٧‬۔‪١٩٢-‬ه‪-٧٩٣/‬۔‪٨٠٧‬م(‏‬ ‫_‬ ‫_‬ ‫س‬ ‫اشتهر بالحزم قبل أن يبايع إماما‪ .‬تمت بيعته بنزوى برئاسة الشيخ موسى بن أبي جابر‬ ‫فأظهر العدل وأعز الحق واهله‪ ،‬وأخمد الكفر والنفاق والبغي والشقاق‪ .‬وتذكر‬ ‫‏‪١‬‬ ‫المصادر تصديه للجيش الذي أرسله هارون الرشيد لاحتلال عمان بقيادة فارس بن‬ ‫محمد بن عبدالله الازدي‪ .‬فكان النصر حليف الإمامة وقد توفي غريقا عندما سعى إلى‬ ‫إنقاذ بعض المساجين من السجن‪ .‬وقبره مشهور بين العقر وسعال وهما محلتان بنزوى‪.‬‬ ‫ينظر‪ :‬كشف الغمة ‏‪ \٢٦١٥- ٦٢٥٤‬تحفة الاعيان ‏‪ ١١٤/١‬۔ ‏‪.١٠٦‬‬ ‫المهنا بن جيفر الفجحي اليحمدي الأزدي تولى الإمامة يوم الجمعة في شهر رجب سنة‬ ‫‏‪ ٦‬ه اشتهر بالضبط والحزم وقلة الكلام والعدل في الرعية‪ ،‬له أعمال كثيرة تثبت الحزم‬ ‫والعدل توفي رنه يوم ‏‪ ١٦‬من ربيع الآخر سنة ‪٢٣٧‬ه‏ انظر‪ :‬كشف الغمة الجامع لاخبار‬ ‫الامة ص ‏‪.٢٦١٣-٢٦٠0‬‬ ‫الإباضية والمالكية في الغرب الإسلامي‬ ‫‪.‬‬ ‫‏‪٨٦‬‬ ‫إطار الإمامة المانية مرة أخرى بعد أن سبقتها إلى ذلك الشحر والمهرة‬ ‫بنحو عشرين عاما‪ .‬وظلت حضرموت إباضية خالصة طيلة القرن الرابع‪،‬‬ ‫وفيها أئمة منها يحكمونها‪ ،‬يقول أبو محمد الهمداني (ت‪ :‬‏‪ ٢٣٤‬أو ‪٣٤٤‬ه)‏‬ ‫فى كتابه صفة جزيرة العرب‪ :‬إن إمام الإباضية هو الذي يأمر وينهى في‬ ‫حضرموت ومدينة دوعن‪ .‬ويقول المقدسي (ت‪٣٧٥ :‬ه)‏ كما أورده الحداد‬ ‫فى الشامل في تاريخ حضرموت‪« :‬والحضارمة لهم في الخير رغبة‪ ،‬إلا أنهم‬ ‫شراة‪ .‬واستمر الوجود الإباضي في حضرموت ومناطق من اليمن إلى القرن‬ ‫الحادي عشر الهجري" ثم تلاشى بفعل التأثير القوي للمذهب الشافعي في‬ ‫حضرموت»‪.'_٢‬‏‬ ‫أما في الغرب الإسلامي‪ ،‬فقد وصلت الدعوة الإباضية إليه على يد‬ ‫سلمة بن سعدا" بداية القرن الثاني الهجري‘ وكانت مترافقة مع دعوة‬ ‫‏(‪ )١‬ينظر‪ :‬تاريخ حضرموت بين القرنين الرابع والحادي عشر للهجرة بين الإباضية والمعتزلة}‬ ‫سالم فرج مفلح‪ ،‬دار حضرموت للدراسات والنشر المكلا‪ ،‬الطبعة الاولىث ‪٢٠٠٦‬م؛‏‬ ‫بتصرف‪.‬‬ ‫سلمة بن سعد بن علي بن أسد الحضرمي اليمني (حي =‪١٣٥ :‬ه‪٧٥٢/‬م)‏ عالم عامل‬ ‫وداعية؛ صنفه الدرجيني في طبقة تابعي التابعين‪١‬‏ اخذ العلم عن إمام المذهب جابر بن‬ ‫زيد‪ 6‬وعن أبي عبيدة مسلم بن أبي كريمة‪ .‬وعن ضمام بن السائب‪ ...‬وغيرهم‪ .‬هو أؤل من‬ ‫جاء من البصرة بمذهب الإباضئة} ليدعو إليه في بلاد المغرب الإسلامي‪ .‬قيل‪ :‬ئه جاء في‬ ‫بداية القرن الثاني الهجري‪ /‬الثامن الميلادي" أرسله الإمام آبو عبيدة مسلم بن أبي كريمة}‬ ‫فجاء هو وعكرمة مولى ابن عباس» يتعاقبان جملا واحدا‪ .‬كان سلمة يدعو لمذهب‬ ‫الإباضيةا وعكرمة يدعو لمذهب الصفرية‪ .‬ولَعَلُ توجه محمد بن عبدالحميد بن مغطير‬ ‫النفوسي إلى البصرة من آثار دعوته؛ ثم تلاه فوج آخر بعد عودة ابن مغطير يتكؤن من‬ ‫أربعة مغاربة‪ ،‬وهم‪ :‬إسماعيل بن درار الفدامسي من ليبيا‪ ،‬وأبو داود القبلي النفزاوي“‬ ‫وعبدالرحمن بن رستم من القيروان وعاصم السدراتي‪ .‬توجهوا إلى البصرة سنة‬ ‫‏‪ ١٥‬‏‪.‬م‪/٢٥٧‬ه واستقزوا بها إلى سنة ‪١٤٠‬ه‪٢٥٧/‬م؛‏ لتلقي العلم من منبعه على يد‬ ‫=‬ ‫أبي عبيدة مسلم بن أبي كريمة! ثم عادوا الى بلاد المفرب ومعهم أبو الخطاب‬ ‫‏‪٨٧‬‬ ‫المبحث الأول‪ :‬المذهب الإباضي‬ ‫‪-‬‬ ‫رر‬ ‫الصفرية على يد عكرمة مولى ابن عباس فؤثماء واستطاع سلمة بن سعد أن‬ ‫يهيأ خمسة من التلاميذ فارسلهم إلى أبي عبيدة في البصرة‪ ،‬ثم رجعوا إلى‬ ‫بلدانهم يواصلون نشر المذهب والإفتاء فيه حتى تأسست أول إمامة إباضية‬ ‫على يد أبي الخطاب عبد الأعلى بن السمحه'» حيث تولى إزالة الوجود‬ ‫الصفري من القيروان‪ ،‬إلا أن الحملة العباسية استطاعت القضاء على هذه‬ ‫الإمامة ومحاصرتها في أرجاء المغرب حتى تمكن الإباضية من تأسيس دولة‬ ‫أخرى على يد عبد الرحمن بن رستم عام (‪١٦١‬ها)'‏ عرفت فيما بعد بالدولة‬ ‫عبدالاعلى بن السمح المعافري اليمني غرفوا في المصادر وكتب التاريخ بحملة العلم‬ ‫‪-‬‬ ‫إلى المغرب‪.‬‬ ‫وقد نجحت جهرد سلمة بن سعد في الدعوة الإباضية‪ ،‬وكان يقول عن نفسه قبل ذلك‪:‬‬ ‫«وددت أن لو ظهر هذا الامر من أؤل النهار إلى آخره فلا آبالي إن مث بعد ذلكء‪ .‬وك‬ ‫ذلك حرضا في الدعوة‪ ،‬وإيمانا بالمذنب وصواب نهجه! فانتشرت الإباضية ني بلاد‬ ‫المغرب الإسلامي منذ ذلك اليوم‪ .‬انظر‪ :‬معجم أعلام الإباضية لجمعية التراث ‏(‪)٢٧٤/١‬‬ ‫نقلا عن‪ :‬الجمهرة لابن حزم (‪٥٩-٣٥٨‬؟)‏ ٭‪ :‬الليرة لأبي زكريا ‏(‪ 6)٤٦٢/١‬طبقات‬ ‫المشائخ للدرجيني‪.)١٦ - ١١/١( ‎:‬‬ ‫عبدالاعلى بن السمح المعافري الحميري اليمني" أبو الخطاب (ت‪١٤٤ :‬ها)ء‏ زعيم‬ ‫_‪-‬‬ ‫_‬ ‫)‬ ‫الإباضة في إفريقية‪ .‬كان شجاغا بطلا‪ .‬استولى أول أمره‪ ،‬على طرابلس الغرب سنة‬ ‫‏‪ ٠‬هز وحكم إفريقية كلها في بدء سنة ‪١٤١‬ه‏ ووجه إليه المنصور العباسي خمسين‬ ‫ألناه بقيادة أمير مصر محمد بن الاشعث‘ فكاد يؤوب بالخيبة؛ لولا أمور وقعت بين‬ ‫أصحاب أبي الخطاب فارقه بعضهم من أجلها‪ .‬وفاجأه ابن الأشعث في (سرت) على حين‬ ‫غرة‪ ،‬فقتله ومن بقي معه من أصحابه وكانوا نحو اثني عشر القا‪ .‬وأرسل رأسه إلى بغداد‪.‬‬ ‫انظر‪ :‬الاعلام للزركلي (‪)٢٦٩/٣‬ء‏ تاريخ ابن خلدون ‏(‪ ٨)١٩١/٤‬كتاب السير ‏(‪.)١٦٢٧/١‬‬ ‫دراسات شمال إفريقية (ص ‪)٧٢٧‬۔‏‬ ‫‏(‪ )٢‬هو‪ :‬الإمام عبدالرحمن بن رستم بن بهرام بن كسرى" علم من أكبر اعلام الإباضية‪ .‬ولد‬ ‫بالعراق في العقد الاول من القرن الثاني الهمجري؛ ويرجع في نسبه إلى الأكاسرة ملوك‬ ‫الفرسؤ وبعضهم ينسبه إلى اللذارقة ملوك الاندلس" قبل الإسلام؛ سافر أبوه وأمه من‬ ‫العراق إلى الحجاز لأداء فريضة الحج إلا أن اباه وافاه اجله‪ ،‬وترك أرملة ويتيعما هو الإمام‬ ‫عبدالرحمن" ثم تزوجت أمه برجل مغربي أخذها وابنها إلى القيروان‪ ،‬فنشا الإمام =‬ ‫الإباسية والمالكية في الغرب الإسلامي‬ ‫‏‪٨٨‬‬ ‫الرستمية‪ .‬حيث توسعت لتشمل أجزاء من ليبيا حاليا والجزائر وتونس‪،‬‬ ‫لكنها انتهت على يد الخليفة الفاطمي أبو عبدالله الشيعي في شوال‬ ‫‪٦‬ه‪6١‬‏ فانحصر الوجود الإباضي إلى اليوم في جبل نفوسة بليبيا"'&‬ ‫وجزيرة جربة في تونس"' ووارجلان ووادي ميزاب بالجزائر‪.‬‬ ‫أما فى الأندلس فقد وفرت العلاقة الحميمة بين أمرائها وبين الدولة‬ ‫الرستمية مجالا للانتشار الإباضي بالأندلس‪ ،‬وخاصة الفرقة النكارية منهم‪٨‬‏‬ ‫وقد سجل كل من الإمام عبدالبر وابن حزم لقاءات متكررة مع الإباضية‬ ‫هناكاث‪ 6‬بل إن الإباضية استطاعوا أن يؤسسوا دولتين بالأندلس وهما بنو‬ ‫عبدالرحمن في القيروان‪ ،‬وتعلم مبادئ العلوم فيها‪ ،‬ثم صادف نشر دعوة الإباضية في تلك‬ ‫=‬ ‫الربوع فتعلق بهاء فانتقل إلى البصرة في سنة ‪١٢٥‬هے‏ للدراسة على يد الإمام أبي عبيدة‪،‬‬ ‫عاد إلى المفرب بعد خمس سنوات‘ ميزه أبو عبيدة عن بقية حملة العلم إلى المغرب‬ ‫بقوله‪« :‬إنت بما سمعت مني وما لم تمع‪ ،‬غين واليا وقاضيا على القيروان في عهد‬ ‫الإمام ابي الخطاب المعافري (‪١٤٥-١٤٠‬ها)‪،‬‏ استطاع الإمام عبدالرحمن بعد سقوط‬ ‫دولة الإمام أبي الخطاب تكوين دولة للإباضية عرفت بالدولة الرستمية في سنة ‏‪5١٥٥‬‬ ‫واتخذ تيهرت عاصمة لهاؤ بويع له بالإمامة في سنة ‪١٦٠‬هؤ‏ وتوفي في سنة ‪١٧١‬ه©‏‬ ‫وترك بعض المؤلفات وهما‪ :‬‏‪ ١‬۔ في تفسير كتاب الله العزيز ‏‪ ٢‬۔ كتاب جمعت فيه خطبه‬ ‫‏‪٢٩٠/٢‬۔ماخي‪ ،‬السيرك ‏‪ ١٦١٧-١٢٣٩ ٠١٢٥-١٢٤/١‬۔‬ ‫(انظر‪ :‬الدرجيني" الطبقات‪ .‬الش‬ ‫‏‪ ٢٤٨-٦٤٦/٦‬رقم الترجمة‪ :‬‏‪.)٥٤٤‬‬ ‫معجم أعلام الإباضية‪.‬‬ ‫‏(‪ )١‬طبقات المشائخ بالمغرب ‏(‪ .)٢٧/١‬وآبو عبدالله هو‪ :‬الحسين بن أحمد بن محمد بن زكريا‬ ‫المعروف بالشليعي ويلقب بالمعلم؛ ممهد الدولة للعبيديين وناشر دعوتهم في المغرب©‬ ‫من اهل صنعاء اتصل في صباه بمحمد الحبيب أبي المهدي عبيد الله الفاطمي‪ ،‬ورحل‬ ‫إلى المفرب فدعا إلى بيعة المهدي" فلما تم الأمر للمهدي بمبايعته والقضاء على دولة‬ ‫الأغالبة بالقيروان‪ .‬قتل أبو عبدالله عام ‪٢٩٨‬ه‪٢١١/‬م‪.‬‏ انظر‪ :‬الأعلام للزركلي ‏(‪.)٢٣٠/٢‬‬ ‫(؟) جبل نقوسة منذ انتشار الإسلام حتى هجرة بني هلال إلى بلاد المغرب (‪٤٤٢-٦٢١‬ه)‏‬ ‫‏(‪ ١٠٥٣٦ ٤٢‬م) د‪ .‬مسعود مزهودي‪ .‬ط ‏‪ ١‬‏‪٦٥).‬ص(‬ ‫‏(‪ )٣‬انظر‪ :‬كتاب مؤنس الأحبة في أخبار جربة‪ ،‬محمد أبو راس الجربي ت‪١٢٢٢ :‬ه‘‏ تح‪:‬‬ ‫نحمد المرزوقيش المطبعة الرسمية تونس" ص ‏!‪ \١‬عام ‪١٩٦٠‬م‪.‬‏ ص ‏‪.٧٠-٣١‬‬ ‫‏(‪ )٤‬سيشار إليهما في مبحث العلاقة التاريخية بين الإباضية والمالكية‪.‬‬ ‫‏‪٨٨‬‬ ‫ر‬ ‫المبحث الأول‪ :‬المذهب الإباضي‬ ‫برزال‪ ،‬وبنو دمرا"‪ 5‬وانتهى الوجود الإباضي بالأندلس بانتهاء الوجود‬ ‫الإسلامي بها‪.‬‬ ‫وانتشر المذهب الإباضي أيضًا في خراسان‘‪ 6‬وتكونت لديهم هناك‬ ‫مدارس فقهية مشهورة يشار إليها في الكتب الإباضية بعمل أهل خراسانء‬ ‫من بين علمائها هلال بن عطية الخراساني©؛ وأبو عيسى الخراساني وأبو‬ ‫(‪ (١‬بنو برزال؛ ينتمون إلى قبيلة بني يفرن الذين هم بطن من بطون زناته وكانوا يقطنون‬ ‫بالمغرب الارسط بأرض الزاب الاسفل والمسيلة؛ وقد أنشا هذه الدولة الإباضية بالاندلس‬ ‫رجل يدعى أبو عبدالله البرزالي في سنة ‪٤٠٠‬ه‏ وقيل‪٤٠٤ :‬ه‏ في ولاية جيان بالجنوب‬ ‫الشرقي من الاندلس وبالتحديد في «قرمونة» الواقعة في منحنى الوادي الكبير بين إمارة‬ ‫قرطبة ومملكة إشبيلية‪ .‬وسار في حكمه سيرة حسنةا وعامل الرعية بالرفق والعدل‪٧‬‏ وقد‬ ‫استمرت هذه الدولة الإباضية لمدة ‏‪ ٥٤‬عاما إلى أن سقطت في سنة ‏‪ ٤٥0٩‬ه بسبب‬ ‫مهاجمة المعتضد بن عباد صاحب إشبيلية لها وسيطرته عليها (ينظر‪ :‬يحيى محمد بكرش‪6‬‬ ‫الوجود الإباضي بالأندلس" مكتبة الضامري‪ 6‬سلطنة مانا السيب‘ ط ‏‪!٢‬‬ ‫‏‪ ٤١١‬‏‪.‬م‪/٠٩٩١‬ه ‏‪٢٢).‬۔‪٤٢‬ص‬ ‫أقيمت هذه الإمارة في مدينة «مورور» أو «مورونء بالقسم الجنوبي من الاندلس في القرن‬ ‫الرابع الهمجري© وكانت تشغل رقعة صغيرة تمتد حول هذه المدينة جنربا حتى وادي‬ ‫«لكهء؛ رأقام هذه الإمارة رجل يدعى نوح بن أبي تزيري الدميري زعيم بني دمر‪ ،‬وكان‬ ‫بنو دمر من بربر تونس ومن بطون زناته‪ 6‬وهم من الإباضية\ وفد جدهم ابو تزير إلى‬ ‫الاندلس أيام المنصور وخدم في الجيش كسائر زملائه من زعماء البربر وانحاز منذ أيام‬ ‫الفتنة إلى تلك المنطقة واستقر بها وبسط عليها سلطانه! رقد استمرت هذه الإمارة لاكثر‬ ‫من ‏‪ ٦٠‬عاما حتى سقطت في يد المعتضد بن عباد في سنة ‪٤٥٨‬هف\‏ وكان آخر من حكمها‬ ‫مناد بن محمد بن نوح الملقب بعماد الدولة (ينظر‪ :‬بكوشا الوجود الإباضي بالاندلس‪.‬‬ ‫ص‪-٢٨‬۔‪.)٣٠‬‏‬ ‫مثال ذلك قول العلامة القصي‪ :‬دوقال أصحابنا من أهل خراسان أن الزكاة لا تدفع إلا‬ ‫للفقراء من أهل الولاية في الدين وأما أصحابنا من أهل عمان فأجازوا دفعها للفقراء من‬ ‫أهل الدعوة كان وليا أو غير ولي" إلا أن الافضل عندهم أولى بهاء ينظر‪ :‬منهج الطالبين‬ ‫‏(‪ )١٩/٤( .)١٦/٤( )٢٦٤/٣‬وغيرها‪.‬‬ ‫الإباضية والمالكية في الغرب الإسلامي‬ ‫‪.‬‬ ‫_‏‪٩‬‬ ‫رنة‬ ‫منصور حاتم بن أبي منصور وأبو غانم بشر بن غانم الخراساني صاحب‬ ‫أول مدونة في الفقة الإباضي «مدونة أبي غانم الخراسانيس‪'٢‬‏ وظل الوجود‬ ‫الإباضي في خراسان وبحر قزوين مستمرا إلى أن تم إنهاء وجودهم على يد‬ ‫إسماعيل الصفوي في القرن العاشر الهجري‪.‬‬ ‫وانتشر المذهب الإباضي ولا يزال في شرق أفريقيا وغربها ووسطها‬ ‫حيث لا يزال وجودهم كثيفا في كل من زنجبار وتنزانيا‪ ،‬وكينيا مقديشو‬ ‫ومالى© والسنغال‪ 6‬وغانا‪ .‬وبروندي© ورواندا‪ ،‬وقد تولى المممانيون وإباضية‬ ‫الجزائر وليبيا نشر المذهب الإباضي في هذه المنطقه"'‪.‬‬ ‫وانتشر المذهب الإباضي في مصر بداية القرن الثاني الهجري على يد‬ ‫طلبة العلم الذين رحلوا إلى أبي عبيدة مسلم بن أبي كريمة في البصرةة'‪.‬‬ ‫واستمر معتمدا بها يشارك في المسارح السياسية والعلمية‪ .‬وقد تولى‬ ‫قضاء مصر مجموعة من الإباضية وفي زمن صلاح الدين خصصت لهم‬ ‫أروقة خاصه بالأزهر الشريفه واستمر المذهب الإباضى موجودا إلى‬ ‫‪.‬‬ ‫اليوم في محافظة سيوه‪ ،‬غرب الجمهورية المصرية‪.‬‬ ‫‏(‪ )١‬تنظر ترجمتهم وافية في‪ :‬رسالتي للمجاستير المنهج الفقهي والتاصيلي لعلماء المدونة‪.‬‬ ‫من خلال مدونة أبي غان الخراساني» في جامعة سيدي محمد بن عبدالله‪ ،‬كلية الآداب‬ ‫والعلوم الإنسانية ۔ ظهر المهراز ۔ فاس عام ‏‪ ٠٦‬م‪.‬‬ ‫(‪٢‬؟)‏ ينظر‪ :‬كتاب دور فقهاء الإباضية في إسلام مملكة مالي‪ ،‬للدكتور‪ :‬أحمد إلياس حسين"‬ ‫ص ‏‪ .١٣‬المدخل إلى تاريخ الإسلام بأفريقيا مع دراسة الدور الغماني" د‪ .‬محمد قرقش‪٥‬‏‬ ‫مكتبة ابن كثيرؤ مطبعة بسمة‪ .‬سلطنة مان ۔ صحار‪ .‬ط ‏‪( ١‬بدون‪ :‬ت) ص ‏‪.٤٤٤ ٣٣٣‬‬ ‫‏(‪ )٢‬من بينهم‪ :‬محمد بن عباد وأبو إبراهيم موفق المصري‘ وغيرهم‪ :‬تنظر تفاصيل سيرتهم‬ ‫وأثرهم العلمي في مصر كتاب‪ :‬الإباضية في مصر والمغرب وعلاقتهم بإباضية عمان والبصرة‪،‬‬ ‫د‪ .‬رجب محمد عبدالحليم! مكتبة الضامري ۔ سلطنة غمان۔ اليب ط ‏‪ ٥.١‬‏‪٦٩-٠٠١.‬ص‬ ‫(‪ )٤‬نفه ص‪.١٠١ ‎‬‬ ‫‏‪٩١‬‬ ‫‪7‬‬ ‫المبحث الأول‪ :‬المذهب الإباضي‬ ‫‪-‬‬ ‫‏‪٦‬‬ ‫أما في غمان فهو المذهب الرسمي بها إلى اليوم؛ ويمثل نسبة خمسة‬ ‫وسبعين في المائة من السكان‘ والسبب يعود إلى أن معظم زعامات‬ ‫المذهب أصلهم من غمان كجابر بن زيد‪ ،‬والرجل الثالث الربيع بن حبيب‬ ‫الفراهيدي صاحب المسند وغيرهم كثيرا‪ .‬ومن أسباب توسعه وبقائه في‬ ‫غمان هو أن حملة العلم لم ينقطعوا عن البصرة في القرنين الثاني والثالث‬ ‫حتى انتقلت الرئاسة الإباضية من البصرة إلى عمان فانتقل إليها طلبة العلم‬ ‫من الغرب الإسلامي‪ ،‬وخراسان واليمن‪ ،‬وغيرها‪ ،‬وسوف أشير إلى مدرسة‬ ‫ابن بركة المليئة بالطلبة المغاربة في مبحث التعريف بابي الحسن‪ .‬ومن‬ ‫أسباب ذلك أيضا انعقاد أول إمامة إباضية فيها عام ‪١٣٦‬ه‏ للإمام‬ ‫الجلندى بن مسعود" ‪ ،‬بطريقة الشورى وبتنظيم من العلماء في مجلس أهل‬ ‫الحل والعقد‪ ،‬وظل هذا التقليد في الإمامة مستمرا بها إلى بدايات النصف‬ ‫الثاني من القرن الرابع عشر الهجري حيث تحولت طريقة الحكم بعد ذلك‬ ‫إلى النظام الوراثي‪.‬‬ ‫‏(‪ )١‬أفردت للإمام الربيع ترجمة خاصة في ملاحق الرسالة في قسمها الاول" نظرا لان كتابه‬ ‫أحد المصادر الحديثية لمختصر البسيوي‪.‬‬ ‫‏(‪ )٢‬سبقت ترجمته‪.‬‬ ‫الإباضية والمالكية في الشرب الإسلامي‬ ‫‏‪٣‬‬ ‫‏‪١‬‬ ‫ص‪,...‬‬ ‫المطلب الرابع؛ المؤلفات الاباضيّة إالى القرن الرابع الهجري‬ ‫منذ النشأة الأولى كان لدى الإباضية اهتمام بالتأليف وتقييد‬ ‫السياسية التي لاحقت وجودهم‬ ‫السماعات والبلاغات‪ ،‬رغم المشكلات‬ ‫في كل مكان‪ ،‬فالإمام جابر بن زيد المؤسس للمذهب الإباضي ألف كتابه‬ ‫«الديوان» قبل أن يسدل الستار على القرن الأول الهجري" وقد كان ضخما‬ ‫في سبعة أحمال‪ ،‬يضم أعدادا كبيرة من فتاوى الصحابة وتلاميذهم«'&‬ ‫بالإضافة إلى آراء جابر بنفسها ولكن الأحداث السياسية داخل وخارج‬ ‫المذهب جعلت هذا الكتاب في ذاكرة التاريخ إلا بعض أجزاثه وأبوابه‬ ‫المتفرقة كما ذكر الدكتور عمرو النامي‪ ،‬ثم تولى الإمام أبو عبيدة مسلم بن‬ ‫أبي كريمة مواصلة التأليف لكنه أيضا لم يحفظ لنا التاريخ سوى كتابه‬ ‫«الزكاة» مطبوع في وزارة التراث والثقافة المانية‪ .‬وهو عبارة عن رسالة‬ ‫وجهها إلى أهل غمان‪ ،‬ثم واصل تلاميذ أبي عبيدة تأليفهم في المذهب‬ ‫فكان من بينها‪:‬‬ ‫مسند الإمام الربيع بن حبيب‪ :‬وهو كتاب أفرده مؤلفه لأحاديث‬ ‫‏‪١‬‬ ‫الرسول تة في العلم والآداب والأحكام‪ .‬ولم يخلط بها شيئا من أقوال‬ ‫الصحابة والتابعين إلا في أحيان قليلة يذكر فيها الربيع قولا لصحابي‬ ‫أو تابعي لارتباطه بالحديث الذي سبقه‪.‬‬ ‫‏‪ ٢‬آثار الإمام الربيع‪ ،‬وهي رواياته عن شيخه ضمام عن جابر بن زيد‪،‬‬ ‫وهذا الكتاب يضم ‏‪ ٣٢٤‬أثرا‪ .‬عن الإمام جابر فيما يرويه عن الصحابة‬ ‫عن رسول الله ية‪ 5‬وقد قام بتحقيقه الدكتور كهلان الخروصي الذي‬ ‫رجح أن يكون تأليف الكتاب تم في عام ‪١٣٢‬ه‘‏ وعلى هذا فهو من‬ ‫(‪ )١‬طبقات المشايخ بالمغرب لابي العباس الدرجيني‪.)٨٦/١( ‎‬‬ ‫‏‪٩٢‬‬ ‫المبحث الأول‪ :‬المذهب الإباضي‬ ‫‪-‬‬ ‫‏‪٦‬‬ ‫أقدم الكتب التي وصلتنا إلى الآن في المكتبة الإسلامية"' بعد جزء‬ ‫النكاح للإمام جابر بن زيد‬ ‫‪٣‬۔‏ مدونة الإمام أبي غانم الخراساني‪ :‬وهي في الأصل كتاب فقه‪ ،‬غير أن‬ ‫المؤلف ساق فيها بسنده عددا وافرا من الأحاديث النبوية لاستنباط‬ ‫الأحكام الشرعية منها والمدونة تضم إضافة إلى تلك الأحاديث‬ ‫أقوالا كثيرة للصحابة والتابعين وتابعي التابعين‪ ،‬وقد أحصى الباحث‬ ‫‏‪ ١١٤‬حديئا مسندا ومنقطعا في المدونة"'‪ .‬في حين‬ ‫صالح البوسعيدي‬ ‫‏‪ ١١١‬حديئا فقط" والحقيقة هذا فيما يتعلق‬ ‫أحصى محققها‬ ‫بالأحاديث المسندةء وإلا فإن معظم فتاوى وأحكام علماء المدونة‬ ‫نصوص من الأحاديث النبوية التي ثبتت عندهم" وإن لم يبينوا أنها‬ ‫لديه دراية بأنها أجزاء من‬ ‫أحاديث على اعتبار أن السائل _ أبو غانم‬ ‫أحاديث‪ ،‬ولعلهم عولوا أيضا على وجودها في ديوان الإمام جابر‬ ‫الذي استوعبه تلاميذه حفظاءؤ ومنهم علماء المدونة كما يظهر في‬ ‫إجاباتهم‪.‬‬ ‫‪٤‬۔‏ أحاديث في العقيدة‪ :‬وهو كتاب ألفه الإمام الربيع جمع فيه ما بلغه من‬ ‫أحاديث عن الرسول قة وآثار عن الصحابة ومن بعدهم تتعلق بأمور‬ ‫العقيدة‪.‬‬ ‫‏‪ ٥‬۔ روايات أبي سفيان محبوب بن الرحيل القرشي‪ :‬وهي روايات رواها‬ ‫أبو سقيان عن بعض العلماء تتعلق بأمور مختلفة‪ .‬وهذه الروايات‬ ‫‏(‪ )١‬آثار الإمام الربيع‪ .‬رسالة دكتوراه للدكتور كهلان الخروصي باللغة الإنجليزية‪ .‬ولم تنشر‬ ‫إلى الآن‬ ‫ص‪.٦١٨‎‬‬ ‫(‪ )٢‬ينظر‪« :‬رواية الحديث عند الإباضية»‪ ،‬صالح البورسعيدي‬ ‫(‪ )٣‬مقدمة تحقيق المدونة‪ ‎‬صس‪.٢٦‬‬ ‫الإباضية والمالكية في الغرب الإسلامي‬ ‫‪7‬‬ ‫فرہ‪٦‬‏‬ ‫ضمها الوارجلاني' إلى كتاب ه«الجامع الصحيح» غير أنه من العسير‬ ‫الجزم بأن أبا سفيان ذكر هذه الروايات في مؤلف مستقل أم أن‬ ‫الوارجلاني التقطها من شيء من كتبه؟‪.‬‬ ‫۔ روايات الإمام أفلح"‪ :‬وهي أحاديث أخذها الإمام أفلح من كتاب‬ ‫أبي يزيد الخوارزمي‪ ،‬وقد ضمها الوارجلاني إلى الجامع الصحيح‪.‬‬ ‫مقاطيع الإمام جابر بن زيد‪ :‬وهي أحاديث معلقة ذكرها الوارجلاني في‬ ‫الجامع الصحيح ولم يرتبها على ترتيب معين‪.‬‬ ‫)‪ (١‬هو‪ :‬أبو يعقوب يوسف بن إبراهيم بن مناد السدراتي الوارجلاني‪ ،‬علم من أشهر علماء‬ ‫الإباضية‪ ،‬ولد بسدراته من قرى وارجلان‪ ،‬ولد ستة ‪٥٠٠‬ه۔‏ أخذ مبادئ العلوم على‬ ‫علماء وارجلان‪ ،‬ومن شيوخه بها‪ :‬أبو سليمان آيوب بن إسماعيلك وأبو زكرياء يحيى بن‬ ‫أبي زكرياء‪ .‬هاجر إلى الاندلس لطلب العلم‪ .‬وأقام بقرطبة سنين عديدة حتى بلغ‬ ‫الذروة في العلم‪ ،‬فلقبه الأندلسيون هالجاحظ» لسعة علمه واطلاعه‪ .‬ثم هاجر إلى‬ ‫السودان ودخل مجاهل إفريقيا حتى وصل إلى قريب من خط الاستواء‪ ،‬كما يحكي‬ ‫ذلك بالمرجع السابق" فكان من السباقين إلى اكتشاف هذه المناطق المجهولة‪ ،‬ثم رحل‬ ‫إلى الحجاز لاداء فريضة الحج" ولشدة حرصه على العلم! مكث بداره سيع سنين‬ ‫عاكمما على الكتابة والتأليف والنسخ‪ .‬ترك آثازا علمية في مختلف العلوم؛ منها‪ :‬‏‪- ١‬‬ ‫تفير القرآن الكريم في سبعين جزا وهو مفقود‪ ،‬‏‪ - ٢‬الدليل والبرهان لاهل العقول‪:‬‬ ‫في الاصول وعلم الكلام وغيرها من العلوم‪ ،‬‏‪ ٣‬۔ العدل والإنصاف في أصول الفقه‪ ،‬‏‪- ٤‬‬ ‫مرج البحرين‪ :‬في المنطق‪ ،‬‏‪ ٥‬ترتيب مسد الإمام الربيع بن حبيب" ‏‪ - ٦‬ديوان شعر‬ ‫وهو مفقودا وله قصيدة اسمها الحجازية من ‏‪ ٣٦٠‬بينا تدل على تمكنه من الشعر‬ ‫والادب‪ ،‬وغيرها من المؤلفات‪ ،‬من أشهر تلامذته‪ :‬ابنه ابو إسحاق إبراهيم بن يوسف©‬ ‫وابو سليمان أيوب بن نوحؤ كانت وفاته في سنة ‪٥٧٠‬هؤ‏ ودفن بمسقط رأسه سدراته‬ ‫(انظر‪ :‬الدرجيني‪ ،‬الطبقات" ‏‪ /١‬ي ‏‪ ٥٠١ ٥٤٩٥-٤٨٩٩ .٤٦١ -٤٦٠/!٢‬۔ الشماخي©‬ ‫اللير‪-١٠٥ .‬۔‪.)١٠٦‬‏‬ ‫)‪ (٢‬سبقت الإشارة إليه‪.‬‬ ‫‏‪٩٥‬‬ ‫‪.‬‬ ‫المبحث الأول‪ :‬المذهب الإباضي‬ ‫‪27‬‬ ‫‏‪٦‬رك‬ ‫ومن تلاميذ الإمام أبي عبيدة محبوب بن الرحيل«'& وله سيرة عرفت‬ ‫بسيرة أبي سفيان ظلت متداولة إلى القرن السادس الهجري يقول عنها‬ ‫الدرجيني في الطبقات‪« :‬ومنهم محبوب بن الرحيل العبدي ين" أحد‬ ‫الأخيار الأنجار‪ ،‬وممن سبق إلى تخليد سير السلف الأخيار‪ ،‬واللف مما‬ ‫يحصل عنده عنهم من الآثار‪٬‬‏ وجمع ذلك في سلك واحد بين غرائب الفقه‪،‬‬ ‫وعجائب الأخبار‪ ،‬وذكر مناقب المجتهدين من مجاهدين في سبيل الله‬ ‫وأنصاره‪ ،‬نه على مثالب من بدا منه اقصار{ والمشعرين التدابر‪ ،‬والمولين‬ ‫الأدبار واعتذر عمن قام عذره واستحق قبول الاعتذاره{‪0‬‬ ‫ويذكر الإمام السالمي أن لأبناء محبوب تأليفات كثيرة في المذهب‬ ‫ككتاب محمد بن محبوب يذكرون أنه سبعون جزغا‪ ،‬قال البرادي‪ :‬رأيت‬ ‫منه جزغا واحداث وكتاب الخزانة تأليف بشير بن محمد بن محبوب‘‪ 6‬سمعت‬ ‫شيخنا محمد بن مسعود يذكر أنه في سبعين سفراء وكتاب البستان في‬ ‫‏(‪ )١‬محبوب بن الرحيل القرشي أحد الأشياخ الاخيار‪ ،‬والمقيد غرائب الفقه وعجائب الأخبار‪.‬‬ ‫هكذا وصفه الشماخي في السيرا ومحبوب ربيب للإمام الربيع الذي تزوج أمه‪ ،‬ولذلك‬ ‫كثرت رواية محبوب عن الربيع في المدونة‪ .‬وقد كان شغوفا بالسيرة حتى قيل أنه لا يشذ‬ ‫عنه من سيرة رسول الله تة شيء‪ ،‬وقد ترجم هذا الشغف بالتدوين فكتب سيرته المعروفة[‬ ‫وهي وإن كانت محجوبة عنا إلى الآن إلا أن مادتها توزعت في كتب علماء هذه المدرسة‬ ‫ابتداء من القرن الثالث الهجري وما بعده‪١‬‏ وأكثر مادة كتاب الطبقات للدرجيني والسير‬ ‫للماخي من هذه السيرة‪ .‬ومن أبرز أبناء محبوب ولده محمد الذي آلت إليه الرئاسة‬ ‫العلمية في غمان في النصف الأول من القرن الهجري الثالث‪ ،‬وهو من بين عالمين ورد‬ ‫اسمهما في مختصر البسيوي كما ستأتي ترجمته هناك بحول الله‪ .‬توفي في العقد الاخير‬ ‫من القرن الثاني الهجري _ تنظر سيرته في‪ :‬طبقات المشايخ" الدرجيني ‏‪ .٢٦٩/٦‬كتاب‬ ‫اللير" الشماخي ‏‪ .١١٢/١‬تعليق السالمي في أول المدونةإ مخطوط‪ .‬تراجم الاعلام للنامي‬ ‫في ملحق أجوبة ابن خلفون ‏‪ .١٠٨‬الإمام أبو عبيدةؤ مبارك الراشدي‪٨‬‏ ص ‏‪.٢٦٧‬‬ ‫(‪.)٦٥/٢‬‬ ‫(‪ )٢‬طبقات المشائخ بالمغرب‪‎‬‬ ‫الإباضية والمالكية في الغرب الإسلامي‬ ‫‏‪٠٦‬‬ ‫الأصول لبشير أيضا وكتاب الرضف في التوحيد وحدوث العالم وغير ذلك‬ ‫لبشير ايضاء وكتاب المحاربة لبشير أيضًاء'‪ ،‬وقد كان لدى الإباضية بعد‬ ‫ذلك اتجاه إلى تاليف الجوامع؛ كجامع أبي علي موسى بن علي‬ ‫(ت؛ ‪٢٣٠‬ه)!‏ وجامع ابن جعفر محمد بن جعفر الازكوي (ق؛ ‪٣‬ه)‪،‬‏ وجامع‬ ‫أبي الحواري محمد بن الحواري (ق؛ ‪٣‬ه)ء‏ وجامع الفضل بن الحواري‬ ‫(ت‪٢٧٨ :‬ه)ء‏ وجامع ابي معاوية عزان بن الصقر (‪٢٦٨‬ه)‪،‬‏ وجامع ابن‬ ‫بركة (ت؛ ‪٣٦٣‬ه)‪6‬‏ ولابي سعيد الكدمي كتاب «الجامع المفيد من جوابات‬ ‫ابي سعيد مطبوع في خمسة أجزاء‪ ،‬وكتاب زيادات الإشراف لابي سعيد‬ ‫ايضاء وذلك أنه تعقب كتاب الإشراف لابي بكر محمد بن إبراهيم المشهور‬ ‫بابن المنذر النيسابوري المتوفى في سنة ثلاثمائة وسبعة عشر للهجرة‪ ،‬جمع‬ ‫فيه مذاهب الامةإ وتعقبه أبو سعيد في كل مسألة ذكرها فصحح رضعف‬ ‫وقرب وبعد‪ ،‬وقد قام زميلي الاستاذ محمد الحبسي بدراسة وتحقيق الجزء‬ ‫المتبقي منه وهو كتاب البيوع‪ ،‬وقارنه بكتاب الاستذكار لابن عبدالبرث‬ ‫وذلك ضمن رسائل وحدة التراث الفقهي المالكي بالغرب الإسلامي بجامعة‬ ‫سيدي محمد بن عبدالله بالمملكة المغربية ‪ -‬فاس‪ .‬ولابن بركة شيخ‬ ‫البسيوي أيضا كتاب الشرح لجامع بن جعفر لا يزال مخطوطا‪ ،‬وكتاب‬ ‫التقييدؤ وكتاب الموازنة له ايضا ألفه في أقوال من خالفه بأقوال من ضل من‬ ‫الامم‪ .‬وله أيضا كتاب المبتدأ وكتاب التعارف وكتاب الإقليدؤ وكلها لا تزال‬ ‫مخطوطة بمكتبة التراث والثقافة‪ .‬إلى أن جاء في النصف الثاني من القرن‬ ‫الرابع الهجري كتاب الجامع للبسيري وهو مطبوع في أربعة أجزاء‪ ،‬وكتاب‬ ‫مختصر البسيوي وهو كتابنا الذي نحققه في هذه الرسالة‪.‬‬ ‫وفي الوجود الإباضي بالغرب الإسلامي برزت عدة مؤلفات فقهية في‬ ‫القرنين الثالث والرابع من بينها كتاب؛ (بدء الإسلام وشرائع الدين) ۔ مطبوع ۔‬ ‫(‪ )١‬اللمعة المرضية من أشعة الإباضية لنور الدين السالمي (ص‪.)١٣ ‎‬‬ ‫‏‪٩٧‬‬ ‫المبحث الأول‪ :‬المذهب الإباضي‬ ‫_‬ ‫‪٦‬‬ ‫لمؤلفه الشيخ لواب بن سلام الأغرميماني‪ ،‬من قرية أغرميمان‪ ،‬توفي بعد سنة‬ ‫‪ ٧‬ه‪٨٨‬م‏ والنسخة التي اعتمدتها في المصادر سماها المحقق بالإسلام‬ ‫‪/‬‏‪٢٧٢‬‬ ‫من وجهة نظر إباضية‪ ،‬وكتاب للشيخ مهدي الويغوي النفوسي" وهو أيضا‬ ‫للاسف لم تشير المصادر إلى عنوانه‪ ،‬إلا أنه مكتوب باللغة الأمازيغية‪.‬‬ ‫وكذلك من مؤلفات هذا القرن ما الفه العلامة عمروس بن فتح‬ ‫المساكني©‪ ،‬ويرجع لقرية أموساكن (بالرحيبات اليوم ۔ ليبيا) توفي سنة‬ ‫‏م‪/٦٩٨‬ه ومن أهم كتبه‪ :‬كتاب (أصول الدينونة الصافية) المعروف‬ ‫‏‪٨٣‬‬ ‫ب(العمروسي) ألفه بناء على طلب أحد علماء إباضية فزان وهو الشيخ‬ ‫عبد الخالق الفزاني‪ .‬كما ألف رسالة في الرد على الناكثة‪.‬‬ ‫أما في القرن الرابع الهجري فقد تطورت حركة التأليف خلال هذا القرن‬ ‫حيث ظهر التأليف الجماعي للمؤلفات‘ وهو أن يشترك مجموعة من‬ ‫المشائخ والعلماء في تأليف كتاب موسوعي يشمل مواضيع مختلفة في‬ ‫العبادات والمعاملات والأحكام" وعرفت تلك الموسوعات في المصادر‬ ‫التاريخية الإباضية باسم (الديوان) وشارك علماء من جبل نفوسة بليبيا علماء‬ ‫آخرين في تأليف أهم موسوعتين وهما‪( :‬ديوان الأشياخ)‪ ،‬و(ديوان العزابة)‪.‬‬ ‫حيث ساهم الشيخ أبو زكريا يحيى بن جرناز اللالوتي النفوسي في تأليف‬ ‫ديوان الأشياخ أما ديوان العزابة فمن علماء الجبل المشاركين فيه‪ :‬الشيخ‬ ‫يخلفتن بن أيوب“‪ ،‬ومحمد بن صالح المسناني النفوسي‘ والشيخ أبوالعباس‬ ‫أحمد الفرسطائي‪ .‬غير أن هذا الكتاب لا يزال مخطوطا إلى اليوم‪.‬‬ ‫هذا مجمل ما تناقلته المصادر الإباضية من الكتب الفقهية المطبوع‬ ‫منها والمخطوط ‪ -‬في المذهب خلال القرون الأربعة الأولى‪ ،‬وإلا فهناك‬ ‫كتب كثيرة لا تزال محجوبة إلى اليوم} ولعل القدر يهيئ لها الأيدي التي‬ ‫تقع عليها وتنفع بها العالمين‪.‬‬ ‫تمهيد‪:‬‬ ‫ما إن انتصف القرن الثاني الهجري حتى بدأت تتشكل معالم المذاهب‬ ‫وقد‬ ‫وتتبلور أصولها وفروعها في حواضر العالم الإسلامي آنذاك‬ ‫الفقهية{‬ ‫أسلفنا أن كل حاضرة من هذه الحواضر اغتبطت بوجود عدد من الصحابة‬ ‫الكرام طفت ‪ .‬حتى استقرت مجموعات المتلقين على منهج أحدهم ممن طال‬ ‫مكثه وعظم تأثيره‪ ،‬وقد توفر له في الوقت نفسه مجموعة نابهة من التلاميذ‬ ‫حملوا عنه مشاعل العلم‪ ،‬وتبنوا منهجه العلمي في التأصيل والاستنباط‪،‬‬ ‫واعتمدوا فهمه للنصوص الشرعية طريقة ومسلكا مع القضايا المستجدة‬ ‫والأحداث الداهمة‪.‬‬ ‫كانت المدينة المنورة واحدة من الحواضر الإسلامية التي نشات فيها‬ ‫مجموعات العلماء وتأسست فيها مناهجهم وظلوا هكذا إلى أن تصدر‬ ‫الدرس الإمام مالك بن أنس الأصبحي‘ فمن هو هذا الإمام الشهير‪:‬‬ ‫المطلب الأول‪ :‬الإمام مالك بن أنس الأصبحي مؤسس المذهب المالكي‬ ‫اسمه‬ ‫‏‪.٠‬‬ ‫بن أبي عا مر ‏‪ ١‬لأصبحي نسبة إلى أصبح قبيلة‬ ‫مالك‬ ‫أنس بن‬ ‫ين‬ ‫مالك‬ ‫الإباضية والمالكية في الغرب الإسلامي‬ ‫‏‪١‬‬ ‫من اليمن كبيرة‪ ،‬نشأ الإمام مالك في بيت قامت أركانه على العلم وتأسس‬ ‫بنيانه على التقوى؛ فجده الأعلى أبو عامر صحابي جليل هذا ما نص عليه‬ ‫ابن حجر في الإصابة‪ ،‬اعتمادا على رواية الذهبي في التجريد'» لكن عدا‬ ‫من العلماء يرى أنه تابعي مخضرم وهذا ما يفهم من كلام ابن حجر‬ ‫أيضّاا"'‪ ،‬أما جده الاسفل مالك فهو من التابعين وعلمائهم‪ ،‬روى عن عمر‬ ‫وعثمان وطلحة وعقيل بن أبي طالب وعائشة وأبي هريرة وغيرهم" وروى‬ ‫عنه أبناؤه أنس والربيع وأبو سهل نافع وسليمان بن يسار وآخرون"'‪ ،‬وثقه‬ ‫النسائي وابن سعد وذكره ابن حبان في الثقات وقد خرج له في‬ ‫الصحيحين أحاديث كثيرة‪ ،‬بينما روى مالك عن أبيه عن جده في غير‬ ‫الموطأاث‘‪.‬‬ ‫المطلب الثاني؛ مولده ونشأته‪ .‬ومنهجه في الطلب ومكانته في العلم‪.‬‬ ‫ولد الإمام مالك سنة ثلاث وتسعين للهجرة في المدينة المنورة على‬ ‫أشهر الأقوال" وبها نشا محبا للعلم راغبا في الطلب وهو صغير‪ ،‬سأل‬ ‫أمه ذات يوم كما في الديباج ۔ هل يذهب ليكتب العلم كما يفعل‬ ‫الآخرون" فقالت له‪ :‬تعال فالبس ثياب العلم فألبسته ثياتا مشمرة‪ ،‬ووضعت‬ ‫الطويلة على رأسه وعممته فوقها‪ ،‬ثم قالت‪ :‬اذهب واكتب الآن‪ .‬كما قالت‬ ‫له في معرض النصيحة والإرشاد‪ :‬اذهب إلى ربيعة فتعلم من أدبه قبل‬ ‫(‪ )١‬الإصابة في تمييز الصحابة‪.٢٩٨/٧ ‎‬‬ ‫‏(‪ )٢‬نفسه‬ ‫(‪ )٣‬التاريخ الكبير‪.٣٠٥/٧ ‎‬‬ ‫‪١٩/١‬۔‬ ‫(‪ )٤‬تهذيب التهذيبث‪‎‬‬ ‫‪.٤٤٧‬‬ ‫(‪ )٥‬الفكر السامي‪ ،‬الحجوي‪- ٤٤٦/٢ ‎.‬‬ ‫(‪ )٦‬الانتقاء في فضائل الثلاثة الائمة الفقهاء‪ ،‬لابن عبدالبر ص‪.١٠ ‎‬‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬المذهب المالكي‬ ‫مرہ‪٨٢‬‏‬ ‫علمه‪ .‬وقد ذكر في الديباج المذهب أيضًا أنه انقطع إلى ابن هرمز سبع‬ ‫سنين لم يخلط معه غيره“‘& ولم يكن ابن هرمز وحده من تتلمذ عليه‬ ‫الإمام مالك بل كان تلميذا موسوعيا ۔ كما يتضح في تراجمه ۔ من حيث‬ ‫عدد الشيوخ وتنوع المجالس العلمية‪ ،‬فقد تتلمذ على أكثر من تسعمائة‬ ‫شيخ من التابعين وتابعيهمإ يتصدرهم أبو الزناد‪ ،‬ونافع‪ ،‬وسالم بن‬ ‫عبدالله بن عمر‪ ،‬وزيد بن أسلم‪ ،‬وهشام بن عروةس وابن المنكدر‪ ،‬والزهري‪،‬‬ ‫وحميد الطويل‪ ،‬وسعيد المغري وغيرهم" ‪ ،‬هذا مع اتباعه منهجًا معيئا في‬ ‫اختيار الشيوخ وانتقاء المعلمين؛ قاله بنفسه لأحد تلاميذه‪« :‬إن هذا العلم‬ ‫دين فانظروا عمن تأخذونه؛ لقد أدركت سبعين ممن يقول‪ :‬قال رسول الله يقل‬ ‫عند هذه الأساطين وأشار إلى المسجد فما أخذت عنهم شيئًا‪ ،‬وإن‬ ‫أحدهم لو اثتمن على بيت مال لكان أميئاء إلا أنهم لم يكونوا من أهل هذا‬ ‫الشأن»"'‪.‬‬ ‫وهذا التحري أدى بطبيعة الحال إلى أن تتقلص روايات موطثئه من عشرة‬ ‫آلاف إلى أقل من ألف حديث" يقول ابن وهب‪« :‬قال لي مالك‪ :‬عندي‬ ‫حديث كثير ما حدثت به قطك ولا أتحدث به حتى أموت‘ ثم قال‪ :‬لا يكون‬ ‫العالم عالما حتى يخزن من علمهه‘‪ 5‬أما المسائل وقضايا الفتوى فإن‬ ‫ما يصدر منها يكون قد خضع لتمحيص علمي ومراجعات دقيقة‪ ،‬وإلا فقد‬ ‫‏‪ .٢٠/١‬وابن هرمز هو‪ :‬أبو داود عبدالرحمن بن هرمز (ت‪١١٧ :‬ه)‏‬ ‫الديباج المذهب‬ ‫_‬ ‫س‬ ‫)‬ ‫يعرف بالاعرج‪ ،‬من موالي بني هشام حافظ قارئ من آهل المدينة‪ .‬وهو أول من بؤز في‬ ‫القرآن والسنن‪ .‬كان خبيرا بأنساب العرب‪ .‬رابط بثغر الإسكندرية‪ .‬ومات بها‪ .‬ينظر؛‬ ‫الزركلي‪ :‬الأعلام؛ ‪٣٤٠/٣‬۔‏‬ ‫(‪ )٢‬الانتقاء في فضائل الثلاثة الائمة الفقهاء ص‪.١٢ ‎‬‬ ‫(‪ )٣‬ترتيب المدارك‪ .٢٣/١ ‎،‬مختصر الكامل في الضعفاء ص‪.٧٢ ‎‬‬ ‫(‪ )٤‬مختصر الكامل في الضعفاء ص‪.٧٢ ‎‬‬ ‫الإباضية والماقكية في الغرب الإسلامي‬ ‫‪:‬‬ ‫‏‪١١٢‬‬ ‫‪٦‬‬ ‫‏_‬ ‫اشتهر عنه أنه سئل عن ثمان وأربعين مسألة فقال في اثنتين وثلاثين منها‪:‬‬ ‫لا أدري«'‪.‬‬ ‫ولا يتنافى هذا مع كثرة المسائل التي نقلت عنه‪ ،‬والأسفار التي حملها‬ ‫تلاميذه إلى الأقطار كما قال ابن أبي زيد القيرواني‪« :‬نقل عن مالك إلى‬ ‫العراق سبعون ألف مسألة قال شيوخ البغداديين‪ :‬هذا غير ما زاد علينا‬ ‫أهل الحجاز ومصر والمغرب؛ لأن أهل الآفاق كانوا يقصدون إليه رحلة‬ ‫وبحئا في الفقه والحديث مع قصد الأمراء وغيرهم من بلده وسائر البلدان‬ ‫في النوازل وغيرها فكثرت الحاجة إليهاء هذا مع كثرة توقفه في الفتوى©‬ ‫والهروب منها وكثرة قوله‪ :‬لا أدري»‪."٨‬‏‬ ‫وظل الإمام مالك يواصل تتبع أسلوب المراجعات العلمية في كل‬ ‫مسائله حتى لحظاته الأخيرة" ولهذا السبب عرفت للموطأ روايات متعددة قد‬ ‫يختلف بعضها عن بعض من حيث الزيادة والنقصان‪ ،‬يقول عتيق الزبيري‪:‬‬ ‫«دوضع مالك الموطأ على نحو من عشرة آلاف حديث فلم يزل ينظر فيه كل‬ ‫سنة ويسقط منه حتى بقي هذا‪ ،‬ولو بقي قليلا لأسقطه كله» وقال القطان‪:‬‬ ‫«كان علم الناس في زيادة وعلم مالك في النقصان‪ ،‬ولو عاش مالك لأاسقط‬ ‫علمه كلهم"'‪.‬‬ ‫‪.١٤٦/١‬‬ ‫(‪ )١‬ترتيب المدارك‪‎‬‬ ‫‏(‪ )٢‬لعله يشير إلى ما روي عن البخاري أنه قال‪« :‬عن أبي العباس السراج‪ :‬أنه أشار إلى كتب‬ ‫له فقال‪ :‬هذه سبعون ألف مسألة لمالك" ما نفضت عنها الغبار مذ كتبتها» سير أعلام النبلاء‬ ‫‏‪.٣٩٢١٤‬‬ ‫‏‪.٨/١‬‬ ‫)( النوارد والزيادات"‬ ‫‪.١٩٣/١‬‬ ‫(‪ )٤‬ترتيب المدارك‪‎‬‬ ‫انظا‬ ‫‪..‬‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬المذهب المالكي‬ ‫‪-‬‬ ‫منذ‬ ‫تلاميذه‪:‬‬ ‫‪.‬‬ ‫يذكر أصحاب التراجم عن الإمام مالك أن شيوخه الذين درس على‬ ‫أيديهم صاروا هم فيما بعد يروون عنه ويستفتونه؛ يقول عن نفسه‪« :‬قلَ رجل‬ ‫كنت أتعلم منه ما مات حتى يجيثني ويستفتيني»_& وفي هذا يقول ابن‬ ‫عبد البر‪« :‬ما زال العلماء يروي بعضهم عن بعض لكن رواية هؤلاء الأئمة‬ ‫الجلة عن مالك وهو حي دليل على جلالة قدره ورفيع مكانه في علمه‬ ‫ودينه وحفظه وإتقانه‪.‘٨:‬‏‬ ‫من بين هؤلاء الشيوخ الذين رووا عنه محمد بن مسلم الزهري" وأيوب‬ ‫السختياني‪ 6‬وربيعة بن أبي عبدالرحمن وغيرهم" وروى عنهم أقرانه أيضا‬ ‫سفيان الثوري والأوزاعي‪ ،‬والليث بن سعد وحماد بن سلمة وصالح بن‬ ‫كيسان‪ ،‬وهذا ما يعرف برواية الأكابر عن الأصاغر‪.‬‬ ‫وقد أوصل الحجوي الذين رووا عن مالك إلى ألف وثلاثمائة من أعلام‬ ‫ومصر‪.‬‬ ‫والشام‬ ‫وخراسان‬ ‫والعراق©‬ ‫واليمن‬ ‫الحجاز‬ ‫الإسلامية من‬ ‫الأقطار‬ ‫وإفريقية والأندلس‪.‬‬ ‫ورغم دقة التحري إلا أن الطبيعة البشرية تظل تلاحق الإنسان‬ ‫مهما علا شأنه أو ارتفع مكانه فقد روى الإمام مالك عن ضعفاء‬ ‫ومجاهيل كروايته عن عبد الكريم بن أبي المخارق'‪ 6‬وروايته عن بعض‬ ‫‪.٦٨‬‬ ‫(‪ )١‬طبقات الفقهاء للشيرازي“ ص‪‎‬‬ ‫(‪ )٢‬الإنتقاء في فضائل الثلاثة الائمة الفقهاء ص‪.١٥ ‎‬‬ ‫‏(‪ )٣‬الفكر السامي‪ ،‬‏‪ .٤٤٩/٢‬ونص ابن عبدالبر عن الدارقطني أنهم نحو من الف‪ .‬ينظر‪:‬‬ ‫الإنتقاء في فضائل الثلاثة الأئمة الفقهاء ص ‏‪.١٥‬‬ ‫(‪ )٤‬سير أعلام النبلاء‪.)١٠٢/١١( ‎‬‬ ‫الإباضية والمالكية في الغرب الإسلامي‬ ‫‏‪٤‬‬ ‫هات التابعين وهن مجهولات كام حرام في رواية ولدها محمد بن‬ ‫أم‬ ‫زيدا(‪.‬‬ ‫وللإمام مالك نوعان من التلاميذ محدثون وفقهاء؛ فرض تنوعهما‬ ‫طريقته فى الاستدلال بالشئةش فالشئة عنده هي تلك الأحاديث الصحيحة‬ ‫المرفوعة سواء كانت متواترة أم آحذادا‪ ،‬وأيضا هي تلك التي توثأققوال‬ ‫الصحابة وفتاويهم وعمل أهل المدينة وأعرافهم‪ ،‬إضافة إلى تخصص الإمام‬ ‫المزدوج (الفقه‪ ،‬والحديث)!'‬ ‫فبالإضافة الى تلاميذه المحدثون" كان له تلاميذ فقهاء تولوا لاحقا نشر‬ ‫المذهب في الآفاق‪ ،‬وعلى يد هؤلاء تم تحديد القواعد والأصول‪ ،‬حتى أن‬ ‫من كثرتهم واختلاف مداركهم تبلورت في المذهب المالكي مدارس نسبت‬ ‫إلى أقاليمها؛ كالمدرسة المدنية (المدينة المنورة)‪ ،‬وهي المدرسة الأم حيث‬ ‫كان موطن الإمام؛ وفي هذه المدرسة يتصدر للفتوى وحكاية أقوال الإمام‬ ‫مالك تلاميذه الكبار كابن الماجشونا"‘‪ ،‬ومطرف وغيرهما‪.‬‬ ‫‏(‪ )١‬قال عنها الذهبي‪« :‬لا تعرف" ميزان الاعتدال ‏(‪ ")٦١٢/٤‬على أن عدم المعرفة لا يدل على‬ ‫القدح مع التحقيق‪ ،‬فكم أبعد عن الحديث أناس أفاضل بحجة أنهم مجاهيل‪ .‬والحق أن‬ ‫جهالتهم إنما هي عند المدونين من أهل الحديث" وقد وقع لهم ما وقع للمؤرخين من‬ ‫نقل اللاحق عن السابق" وتكرار الاحداث من مصدر واحد‪ .‬يقول الذهبي نفه‪« :‬لا يلزم‬ ‫روى عنه! وهو عنده‬ ‫من ذلك أنه يروي عن كل الثقات ثم لا يلزم مما قال أن كل من‬ ‫ثقة‪ ،‬أن يكون ثقة عند باقي الحفاظ فقد يخفى عليه من حال شيخه ما يظهر لغيره‪ ،‬إلا أنه‬ ‫بكل حال كثير التحري في نقد الرجال" رَعَنْه ‪ .‬سير أعلام النبلاء ‏(‪.)٧٢/٨‬‬ ‫‏‪ 6\٥٨‬بتصرف‪.‬‬ ‫‏(‪ )٢‬ينظر‪ :‬اصطلاح المذهب عند المالكية} د‪ .‬محمد إبراهيم علي ص‬ ‫(‪ )٣‬عبدالملك بن عبدالعزيز بن عبدالله التيمي بالولاء أبو مروان ابن الماجشون (ت‪): ‎:‬اه‪٢١٢‬‬ ‫فقيه مالكي فصيح" دارت عليه الفتيا في زمانه‪ ،‬وعلى أبيه قبله‪ .‬أضر في آخر عمره۔‪‎‬‬ ‫الأعلام للزركلي‪.(١٦٠ 5 ‎‬‬ ‫‏(‪ )٤‬أبو مصعب مطرف بن عبدالله بن مطرف صحب الإمام مالك عشرين سنة‪ ،‬كما درس على‬ ‫ابن الماجشونا توفي بالمدينة عام ‪٦٢٠‬ه‏ وقيل‪٦٢١٤ :‬ه‪٢١٩/‬ه‏ ينظر‪ :‬طبقات الفقهاء =‬ ‫‏‪١٠٥‬‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬المذهب المالكي‬ ‫‪7‬‬ ‫وقد تميزت هذه المدرسة بحرص شيوخها وخاصة الاخوين على التزام‬ ‫منهج الاعتماد على الأحاديث النبوية الشريفة‪ ،‬واعتبرها المصدر الثاني بعد‬ ‫القرآن الكريم" وهو منهج تأثر به أيضا من المدرسة المصرية ابن وهب"'&‬ ‫ومن الاندلس عبد الملك بن حبيب"‪.‬‬ ‫أما المدرسة الثانية‪ :‬فهي المدرسة العراقية‪ ،‬فقد كان رسوخها على يد‬ ‫تلاميذ الإمام مالك من العراق كابن مهدي" والقعنبيث‪ 8‬بيد أن تبلورها تم‬ ‫على يد أسرة آل حماد بن زيدا'‪ .‬وهذه المدرسة ستكون متأثرة بالاجواء‬ ‫والمناخات العلمية السائدة في العراق على يد الإمام أبي حنيفة وتلاميذه‪،‬‬ ‫‪ -‬ص ‏‪ .١٥٣‬ومنهم فقهاء مدرسة المدينة أيضا‪ :‬ابن دينار محمد بن إبراهيم؛ وابن أبي حازم؛‬ ‫وابن نافع‪ ،‬وابن مسلمة‪.‬‬ ‫‏(‪ )١‬عبدالله بن وهب بن مسلم الفهري بالولاء‪ ،‬المصري" أبو محمد (‪١٩٧-١٦٥‬ه)‪:‬‏ فقيه من‬ ‫الأتمة‪ .‬من أصحاب الإمام مالك‪ .‬جمع بين الفقه والحديث والعبادة‪ .‬له كتب‪ ،‬منها‬ ‫«الجامع» وكان حافظا ثقة مجتهذا‪ ،‬عرض عليه القضاء فخبا نفسه ولزم منزله‪ .‬مولده‬ ‫ووفاته بمصر‪ .‬الاعلام للزركلي (‪)١٤٤/٤‬۔‏‬ ‫‏(‪ )٢‬عبدالملك بن حبيب بن سليمان بن هارون السلمي الالبيري القرطبي" أبو مروان‬ ‫(‪٢٣٨-١٧٤‬ها)‪:‬‏ عالم الاندلس وفقيهها في عصره أصله من طليطلة‪ ،‬من بني سليم! ار‬ ‫من مواليهم‪ .‬ولد في إلبيرةه وسكن قرطبة‪ .‬وزار مصرا ثم عاد إلى الاندلس فتوفي بقرطبة‪.‬‬ ‫كان عالما بالتاريخ والادب‪ .‬الأعلام للزركلي ‏(‪.)١٥٧/٤‬‬ ‫)( عبدالرحمن بن مهدي بن حسان العنبري البصري اللؤلؤي‪ 6‬أبو سعيد (‪١٩٨-١٣٥‬ها؛‪:‬‏‬ ‫من كبار حفاظ الحديث\ وله فيه (تصانيف) حدث ببغداد‪ .‬سمع مالكا وشعبة وغيرهما‪.‬‬ ‫ومولده ووفاته في البصرة‪ .‬قال الشافعي‪ :‬لا أعرف له نظيرا في الدنيا‪ ..‬الاعلام للزركلي‬ ‫‏(‪.)٣٣٩/٣‬‬ ‫‏(‪ )٤‬عبدالله بن مسلمة بن قعنب الحارثي (ت‪٦٢٦٢١ :‬ه)‪:‬‏ من رجال الحديث الثقات‪ ،‬من أهل‬ ‫المدينة‪ .‬سكن البصرة‪ ،‬وتوفي فيها أو بطريق مكة‪ .‬روى عنه البخاري ‏‪ ١٦٢٣‬حديئا‪ 6‬ومسلم‬ ‫‏‪ ٠‬حديئا‪ .‬وكان يجلس إلى يمين الإمام مالك فروى عنه كثيرا‪ .‬وهو من أثبت الناس فيه‪.‬‬ ‫‏(‪.)١٣٧/٤‬‬ ‫الاعلام للزركلي‬ ‫‏(‪ )٥‬سياتي الحديث عنها في مطلب الأصول المالكية‪.‬‬ ‫الإباضية والمالكية في القرب الإسلامي‬ ‫‪:,‬‬ ‫‏‪١.٦‬‬ ‫مع‬ ‫الأجواء‬ ‫في هذه‬ ‫علماء المالكية فيها لن يكونوا نشازًا‬ ‫ولذلك فإن‬ ‫احتفاظهم بطابع المذهب وأصوله‪ ،‬عن طريق سماعات ابن عبدالحكم‬ ‫إلى التحليل المنطقي للصور‬ ‫لكنهم سيميلون‬ ‫الإمام مالك‬ ‫ومروياته عن‬ ‫الفقهية‪ .‬والاستدلال الأصولي" وذلك بإفراد المسائل وتحليل الدلائل على‬ ‫رسم الجدليين© وأهل النظر من الأصوليين‪.0‬‬ ‫أما المدرسة الثالثة‪ :‬فهي المدرسة المصرية‪ ،‬وفيها يتصدر من تلاميذ‬ ‫الإمام مالك؛ الإمام ابن القاسم؛"' وهو الأشهر بلا نزاع ثم الأئمة أشهب"'&‬ ‫وابن وهب" وأصبغ! وغيرهم‪ .‬هذه المدرسة ستعتمد سماعات ابن القاسم‬ ‫في المدونة وسيكون لها تأثير قوي على الأندلس والقيروان بل والغرب‬ ‫الإسلامي المالكي كافة‪ .‬وتوصف هذه المدرسة بأنها رائدة السنة الأثرية‬ ‫(العمل) جنبا إلى جنب مع الحديث" لكن الواقع المالكي في هذه المدرسة‬ ‫سيتجه لاحقا الى اعتماد مرويات هذه المدرسة وسماعاتها أصولا مقررة في‬ ‫‏(‪ )١‬ينظر‪ :‬اصطلاح المذهب عند المالكيةء د‪ .‬محمد إبراهيم علي ص‏‪ \٦٧١‬بتصرف‪.‬‬ ‫‏(‪ )٢‬عبدالرحمن بن القاسم بن خالد بن جنادة العتقي المصري" أبو عبدالله‪ .‬ويعرف بابن‬ ‫القاسم‪ :‬فقيه‪ .‬جمع بين الزهد والعلم‪ .‬وتفقه بالإمام مالك ونظرائه‪ .‬مولده ووفاته يمصرا له‬ ‫(المدونة) في ستة عشر جزاء وهي من أجل كتب المالكية‪ .‬رواها عن الإمام مالك‪٥‬‏‬ ‫وشهرته عند المالكية أكثر من أن توصف وقد لقب بمالك الصغير‪ .‬الديباج المذهب‬ ‫‏‪.١٤٦١‬‬ ‫‏(‪ )٣‬أشهب بن عبدالعزيز بن داود القيسي العامري الجعدي" أبوعمرو (‪٢٠٤-١٤٥‬ها)‪:‬‏ فقيه‬ ‫الديار المصرية في عصره‪ .‬كان صاحب الإمام مالك‪ .‬قيل‪ :‬اسمه مسكين‪ .‬واشهب لقب له‪.‬‬ ‫مات بمصر‪ .‬الاعلام للزركلي (‪)٢٣٣/١‬۔‏‬ ‫‏)‪ (٤‬اصبغ بن الفرج بن سعيد بن نافع (ت‪٦٢٢٥ :‬ها)‪:‬‏ فقيه من كبار المالكية بمصر‪ .‬قال ابن‬ ‫الماجشون‪ :‬ما أخرجت مصر مثل أصبغ‪ .‬وكان كاتب ابن وهب‪ .‬وله تصانيف" وكان قد‬ ‫رحل إلى المدينة ليسمع من مالكث ثم صحب ابن القاسم وأشهب وغيرهم‪ .‬ينظر‪ :‬الاعلام‬ ‫للزركلي ‏(‪.)٣٣٣/١‬‬ ‫‏‪١٠٧‬‬ ‫‪5‬‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬المذهب المالكي‬ ‫‪-‬‬ ‫‏‪٦‬‬ ‫المذهب‘ مما سيستقر عليه المذهب المالكي بصورة تامة‪ .‬بسبب التأكيد‬ ‫المستمر على جدارة ابن القاسم وضبطه أكثر من غيره_ؤ‪.‬‬ ‫المدرسة الرابعة‪ :‬وهي المدرسة المغربية (القيروان ‪ -‬تونس ۔ فاس) وقد‬ ‫تاسست أصول هذه المدرسة ومناحيها على يد علي بن زيادا"‘‪ 8‬ثم سار على‬ ‫أثره من تلاميذ الإمام مالك ابن أشرس"'‪ ،‬والبهلول بن راشدك‪ ،‬وأسد ابن‬ ‫الفرات" وإن كان هذا الاخير سيتأثر بفقه أهل العراق كما سنبينه لاحقا‪.‬‬ ‫وإلى هذه المدرسة يعزى نشر المذهب المالكي في الغرب الإسلامي‬ ‫وتعزيز وجوده بالاجتهادات والفتاوى© ومعلوم أن أحد تلاميذ هؤلاء الأفذاذ‬ ‫هو الذي أعاد إنتاج المدونة بطريقة تتفق مع الروح العلمية للإمام مالك‬ ‫وهو الإمام سحنون{'‪ .‬ويرى الدكتور محمد إبراهيم أن مما تتميز به هذه‬ ‫المدرسة أنها انبنت على فقه الموطأء المؤسس على الدعائم الصحيحة من‬ ‫(‪ )١‬تطور المذهب المالكي في المغرب الإسلامي حتى نهاية العصر المرابطي ص‪.٢٣٥ ‎‬‬ ‫‏(‪ )٦٢‬علي بن زياد العبي التونسي (ت‪١٨٣ :‬ها)‪:‬‏ اول من ادخل «موطاء الإمام مالك للمغرب‪.‬‬ ‫ولم يكن في عصره أفقه منه بإفريقيةؤ وقبره معروف في تونس إلى الآن‪ .‬الاعلام للزركلي‬ ‫‏(‪.)٢٨٩/٤‬‬ ‫‏(‪ )٣‬أبو مسعود عبدالرحيم أو عبدالرحمن ابن أشرس" سمع من مالك وابن القاسم؛ ركان‬ ‫أحفظ للرواية‪ .‬طبقات الفقهاء ص‏‪.١٥٧‬‬ ‫‏(‪ )٤‬البهلول بن راشد‪ ،‬أبو عمرو الحجري الرعيني بالولاء (‪١٨٣-١٢٨‬ها)‪:‬‏ من علماء الزهاد‪5‬‬ ‫من اهل القيروان‪ .‬سمع من مالك والليث بن سعد وسفيان الثوري" أخباره في الزهد‬ ‫كثيرة‪ .‬له كتاب في (الفقه) على مذهب الإمام مالك‘‪ ،‬وقد يميل إلى أقوال الثوري‪ .‬وقيل؛‬ ‫إن أصحابه دونوا الكتاب عنه‪ .‬الاعلام للزركلي ‏(‪.)٧٧/٦٢‬‬ ‫‏(‪ )٥‬عبدالسلام بن سعيد بن حبيب التنوخي الملقب بسحنون (‪٢٤٠-١٦٠‬ه)‪:‬‏ قاض فقيه؛‬ ‫انتهت إليه رياسة العلم في المغرب‪ .‬كان زاهدا لا يهاب سلطانا في حق يقوله‪ .‬اصله‬ ‫شامي‪ ،‬من حمص ومولده في القيروان‪ .‬ولي القضاء بها سنة ‪٦٢٢٣٤‬ه‏ واستمر إلى أن‬ ‫مات أخباره كثيرة جذا‪ .‬وكان رفيع القدر‪ ،‬عفيناء ابي النفس‪ .‬روى هالمدونة» في فروع‬ ‫المالكية‪ ،‬عن عبدالرحمن بن قاسم" عن الإمام مالك‪ .‬الاعلام للزركلي ‏(‪.)٥/٤‬‬ ‫الإباضية والمالكية في الغرب الإسلامي‬ ‫‏‪١٠٨‬‬ ‫الحديث والأثر‪ .‬ولشدة حرص هذه المدرسة على اتباع الأصول كان‬ ‫منهجهم تصحيح الروايات وبيان وجوه الاحتمالات‘ مع ما انضاف إلى‬ ‫ذلك من تتبع الآثار وترتيب أساليب الأخبار‪ ،‬وضبط الحروف على حسب‬ ‫ما وقع في السماع«'‪.‬‬ ‫المدرسة الأخيرة‪ :‬هي المدرسة الأندلسية‪ ،‬وقد تأسست على يد تلميذ‬ ‫الإمام مالك الإمام زياد بن عبدالرحمن الملقب بشيبطون"‘‪ ،‬والذي يرجع‬ ‫إليه الفضل في إدخال موطا الإمام مالك إلى الأندلس ثم تلاه يحيى بن‬ ‫يحيى الليثي‪ ،‬وهذا الأخير سيمثل الدور الذي أداه الإمام سحنون في‬ ‫المدرسة المغربية‪ .‬حيث ستمنحه المكانة العلمية بين خلفاء الأندلس فرصة‬ ‫ترسيخ المذهب والدعوة إليه عن طريق تولية القضاة‪ .‬ولذلك فإن هذه‬ ‫المدرسة تعد امتدادا علميا لمدرسة تونس والقيروان لقوة الاتصال بينهما‬ ‫وتداخل نشاطهما العلمى‪ ،‬ولذلك فإن بعض المالكية يعدونهما مدرسة‬ ‫واحدة"‪.‬‬ ‫ورغم تميز الإمام مالك بالروايات وأشهر كتبه الموطا إلا أنه يغلب على‬ ‫أتباعه اعتماد الأقوال الفقهية المروية عنهء حتى ولو خالفت ما يرويه أحيانا‬ ‫في الموطأ‪ ،‬كما أن المدونة عند المالكية مقدمة في الفقه على الموطأء‬ ‫‏‪ ٧٤‬يتصرف‪.‬‬ ‫‏(‪ )١‬ينظر‪ :‬اصطلاح المذهب عند المالكية‪ ،‬د‪ .‬محمد إبراهيم علي ص‬ ‫‏(‪ )٢‬زياد بن عبدالرحمن اللخمي" المعروف بزياد شبطون (ت‪ :‬‏‪ ١٩٤‬وقيل غير ذلك)& سمع‬ ‫من مالك الموطأ وروى عن الليثؤ وعنه يحيى بن يحيى الليثي‪ 6‬فقيه أهل الاندلس على‬ ‫‪.‬‬ ‫مذهب مالك‪ .‬ينظر‪ :‬ترتيب المدارك ‏(‪ ١١٦/٣‬وغيرها)‪.‬‬ ‫‏(‪ )٢‬للتوسع في معرفة هذه المدارس واختلافاتها ينظر‪ :‬تطور المذهب المالكي في المغرب‬ ‫الإسلامي حتى نهاية العصر المرابطي ص‪٢!٣٩‬‏ وما بعدها‪ ،‬ينظر‪ :‬اصطلاح المذهب عند‬ ‫المالكية\ د‪ .‬محمد إبراهيم علي ص‪٧١‬‏ وما بعدها‪ .‬الاختلاف الفقهي في المذهب‬ ‫المالكي مصطلحاته وأسبابه‪ .‬عبدالعزيز صالح الخليفي ص ‏‪ ٢٥٦‬وما بعدها‪.‬‬ ‫‏‪١٩‬‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬المذهب المالكي‬ ‫‪-‬‬ ‫‏‪٦‬رم‬ ‫ولعلهم يعتبرون المدونة خلاصة الأقوال الفقهية المعتمدة على التمحيص‬ ‫للروايات" إذ لا نتصور المخالفة بغير توفر الأقوى عند الإمام‪.‬‬ ‫وفاته‪:‬‬ ‫‏‪٠‬‬ ‫للهجرةا&‬ ‫توفي الإمام مالك في ربيع الأول سنة تسع وسبعين ومائة‬ ‫وقد كان لوفاته أثر كبير على التابعين والفقهاءء مما صار حديث المجالس‬ ‫الإسلامية‪ ،‬حتى في المناطق البعيدة عن المدينة‪ ،‬يقال أن ابن الفرات‪« :‬نعي‬ ‫مالك فارتجت العراق لموته‪ .‬قال أسد‪ :‬فوالله ما بالعراق حلقة إلا وذكر مالك‬ ‫فيها‪ .‬كلهم يقول مالك»"'‪.‬‬ ‫المطلب التالث‪ :‬أماكن اتتشار المذهب المالكي‬ ‫قدمنا سابقا أن انتشار المذاهب الإسلامية توفر له عاملان رئيسيان‪ :‬قوة‬ ‫الإقناع من خلال ما يمكن أن نصطلح عليه حديئا بالبرنامج العملي‬ ‫الحياة والتعامل مع مفرداتها ونوازلها‪ 6‬والثاني‪ :‬قوة الدعم‬ ‫والسياسي لإدارة‬ ‫السياسي بحيث يعد المذهب الواحد في أي مكان هوية وطنية يتم من‬ ‫خلالها سوق العامة والخاصة إلى الطاعة والإذعان للحاكم لأنه الوصي على‬ ‫قيم المذهب ومبادئه‪.‬‬ ‫وبالنسبة للمذهب المالكى فإن هذين العنصرين قد توفرا له بقدر كاف‬ ‫حتى توسعت رقعته في أكثر البلدان الإسلاميةء غير أن ابن حزم يرى أن‬ ‫انتشاره كان معتمدا فقط على القوة السياسية‪.‬‬ ‫‏(‪ )١‬ذكر ابن عبد البر الاتفاق على ذلك من قبل المؤرخين‪ .‬ينظر‪ :‬الإنتقاء في فضائل الثلاثة‬ ‫الائمة الفقهاء ص ‏‪ {©١٥‬وفيات الاعيان ‏(‪.)١٣٧/٤‬‬ ‫‏‪ ٤١٥٥‬ترتيب المدارك وتقريب المسالك (‪)١٦٩/١‬۔‏‬ ‫‏(‪ )٢‬طبقات الفقهاء ص‬ ‫‏(‪ )٣‬رسائل اين حزم ‏(‪.)٢٢٩/٦٢‬‬ ‫الإباضية والمالكية في الغرب الإسلامي‬ ‫‪.‬‬ ‫خرن‪٩٦‬‏‬ ‫أما جانب الإقناع فإنه يشترك فيها مع المذاهب الاخرى‪ .‬وابن حزم ليس‬ ‫ملاما فى هذا التحليل لأنه هو نفسه تعرض لجملة من المواقف العصيبة في‬ ‫احتكاكه بالمالكية في الأندلس‪ ،‬كما شاهد بعينه لحظات انحسار المذهب‬ ‫الظاهري أمام المالكي بفعل السلطة‪ .‬وما يقوله ابن حزم هو نفسه الذي‬ ‫يؤكده المقريزي عندما تحدث عن انتشار المذهب المالكي بإفريقية (تونس)‬ ‫والأندلس عندما آلت السلطة إلى المعز بن باديس"‪« :‬فرجع أهل إفريقية‬ ‫وأهل الأندلس كلهم إلى مذهب مالك اليوم رغبة فيما عند السلطان©‬ ‫وحرصا على طلب الدنياء إذ كان القضاء والإفتاء في جميع تلك المدن‬ ‫وسائر القرى لا يكون إلا لمن تسمى بالفقه على مذهب مالك‘ فاضطرت‬ ‫العامة إلى أحكامهم وفتاواهم{ ففشا هذا المذهب هناك فشؤا طبق تلك‬ ‫الآفاق"‪ .‬وهذا التفسير عند المقريزي يتفق مع ما ذكره القاضي عياض أيضا‬ ‫وهو من المالكية" ‪ ،‬لكن الشيخ أبا زهرة يرى أن ابن باديس لم يختر‬ ‫المذهب المالكي إلا لأنه «أكثر فشؤا بين أهل تلك البلاد وهم له أميل‪،‬‬ ‫وإليه ينزعون" وهو المذهب الغالب»'‪ .‬فهو إذن خيار استراتيجي يمكن‬ ‫سحبه على فعل المستنصر بن عبدالرحمن الناصر المتوفى (‪٣٦٦‬ه)ث‪6‬‏‬ ‫‏(‪ )١‬المعز بن باديس بن منصور الصنهاجي" المغربي (‪٤٥٤-٣٩٨‬ه)‪6‬‏ كان ملكا مهيباى سريا‬ ‫شجاغاء عالي الهمة‪ .‬محبا للعلم؛ كثير البذل‪١‬‏ مدحته الشعراء‪ .‬وكان مذهب الإمام‬ ‫آبي حنيفة قد كثر بإفريقية‪ .‬فحمل أهل بلاده على مذهب مالك حسما لمادة الخلاف‪٠‬‏‬ ‫وكان يرجع إلى اسلام فخلع طاعة العبيدية‪ .‬وخطب للقائم بأمر الله العباسي‪ 6‬فبعث إليه‬ ‫المستنصر يتهدده‪ 6‬فلم يخفه{ فجهز لمحاربته من مصر العربؤ فخربوا حصون برقة‬ ‫وإفريقية‪ ،‬وأخذوا أماكن‪ 6‬واستوطنوا تلك الديار من هذا الزمان" ولم يخطب لبني عبيد‬ ‫بعدها بالقيروان‪ .‬سير أعلام النبلاء ‏(‪.)١٤١/١٨‬‬ ‫‏(‪.)٣٣٣/٢‬‬ ‫‏(‪ )٢‬الخطط المقريزية‬ ‫(ص‪.)١٠‬‬ ‫(‪ )٣‬الاختلاف الفقهي في المذهب المالكي‪‎‬‬ ‫(ص‪.)٢٨٤‬‬ ‫(‪ )٤‬مالك أبو زهرة‪‎‬‬ ‫‏(‪ )٥‬الحكم بن عبد الرحمن بن محمد أمير المؤمنين بالأندلس أبو العاص المستنصر بالله بن‬ ‫‏‪١١١‬‬ ‫‪.‬‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬المذهب المالكي‬ ‫‪-‬‬ ‫‪٦‬‬ ‫عندما كتب رسالة إلى قاضيه يأمره بتعميم المذهب المالكي يقول فيها‪‎:‬‬ ‫«فمن خالف مذهب مالك بن أنس يَتَن؛ بالفتوى أو غيره وبلغني خبره أنزلت‪‎‬‬ ‫به من النكال ما يستحق» وعلل ذلك بقوله‪« :‬وقد خبرت فيما رأيت من‪‎‬‬ ‫الكتب أن مذهب مالك وأصحابه أفضل المذاهب ولم نر في أصحابه‪‎‬‬ ‫ولا فيمن تقلد مذهبه غير السشئة والجماعةه‘_'‪ .‬ورغم توفر هذه الصفات في‪‎‬‬ ‫المذهب المالكي إلا أن المستنصر لم يكن يعنيها بالأصالة رتما؛ لأن الإمام‪‎‬‬ ‫عليه تعميم موطثه ومذهبه من قبل المهدي لكنه اعتذر‪‎‬‬ ‫مالك نفسه عرض‬ ‫عن ذلك ولم يرضه مسلكاا'؛ إيمانا منه بأهمية الاجتهاد وتعدد الرؤى‪‎‬‬ ‫واختلاف القدرات الاستنباطية‪ ،‬وهي في حقيقتها ترجمة لقدرات‪‎‬‬ ‫الصحابة وق الذين انتشروا في الأقاليم والأمصار‪‎.‬‬ ‫يقول الدكتور عبد العزيز الخليفي‪« :‬ولا يلزم فيمن أصدر القرار أن يكون‬ ‫متحمسا للمذهب الذي دعا إليه فربما أمر به الحاكم وولى القضاء بعض‬ ‫المنتسبين إليه لأنه مذهب عامة الشعب الذي يحكمه‘ فيكون ذلك سببا‬ ‫لاستقرار أوضاع المجتمع وتضييق شقة الخلاف المؤدي إلى المشاحنة‬ ‫والتنافره"‘‪.‬‬ ‫الناصر الاموي المرواني بويع بعد أبيه في رمضان سنة خمسين وثلاث مئة وكان حسن‬ ‫الليرة جامعا للعلم مكرما للأفاضل كبير القدر ذا نهمه مفطرة في العلم والفضائل عاكنا‬ ‫على المطالعة جمع من الكتب ما لم يجمعه احد من الملوك لا قبله ولا بعده‪ 6‬توفي‬ ‫بالفالج في صفر سنة ست وستين وثلاث مئة للهجرة‪ .‬سير اعلام البلاء ‏(‪.)٢٦٩/٨‬‬ ‫(‪ )١‬تطور المذهب المالكي في المغرب الإسلامي حتى نهاية العصر المرابطي صفحة‪٠١٥٦١ ‎‬‬ ‫ويبدو آن المستنصر استفاد هذه الاستراتيجية من أمير الأندلس قبله هشام بن‪‎‬‬ ‫عبدالرحمن بن معاوية عندما حمل الناس على مذهب مالك وصر إليه القضاء والفتيا‪‎‬‬ ‫ينظر‪ :‬المعيار المعرب للوانشريسي‪.٢٠٦/٦ ‎‬‬ ‫(‪ )٢‬ترتيب المدارك وتقريب المسالك‪ {)٦١٠/١( ‎‬سير اعلام النبلاء‪.)٧٢٨/٨( ‎‬‬ ‫(‪ )٢‬الاختلاف الفقهي في المذهب المالكي ص‪.١٠! ‎‬‬ ‫الإباضية والمالكية في الغرب الإسلامي‬ ‫‏‪١١٢‬‬ ‫وقد كان من جراء تبني السلطة لمذهب الإمام مالك وضع مقاليد‬ ‫القضاء ورئاسته بيد أكبر علمائه‪ ،‬وهو ما زاد من توسع نفوذ المذهب‬ ‫وانتشاره‪ 6‬ففي الأندلس أسندت مهمة تعيين القضاة إلى الإمام يحيى بن‬ ‫يحيى الليثي‪ ،‬وفي مصر شهد المذهب المالكى مذا وجزرا بسبب المنافس‬ ‫الحنفي والشافعي إلا أنه عندما تولى حكمها الدولة الأيوبية أعادت الاعتبار‬ ‫للمذهب المالكي بتولية علمائه القضاء‪ .‬وفي المدينة كان الفضل يعود إلى‬ ‫تولي ابن فرحون القضاء عام ‪٧٩٢‬م{‪6‬‏ مما ساعد في ترسيخ المذهب‬ ‫وا ستقرا ره « ‏‪.٠‬‬ ‫أما ابن خلدون فيرسم صورة أخرى لانتشار المذهب المالكي في الغرب‬ ‫الإسلامي معتبرا أن أهل المغرب كانوا بدؤا خلا فقصدوا من الحواضر‬ ‫العلمية ما يتوافق مع بيئتهم" وقد كانت المدينة آنذاك أما العراق والشام فإن‬ ‫طبيعتها العمرانية تختلف والثاني‪ :‬لأن مكة والمدينة كانت في طريقهم في‬ ‫الرحلة إلى الحج ولم يكن مبرزا فيها سوى مالكا"‪ .‬ومعلوم أن تحليلات‬ ‫‏(‪ )١‬هو‪ :‬إبراهيم بن علي بن محمدا ابن فرحون" برهان الدين اليعمري (ت‪٧٩٩ :‬ه)‪:‬‏ عالم‬ ‫بحاث‪ ،‬ولد ونشا ومات في المدينة‪ .‬وهو مغربي الاصل‪ ،‬نسبته إلى يعمر بن مالك© من‬ ‫‪٧٩٣‬ه‏‬ ‫سنة‬ ‫بالمدينة‬ ‫‏‪ ٩٢‬‏ه‪ ٧‬وتولى القضاء‬ ‫والشام سنة‬ ‫عدنان‪ .‬رحل إلى مصر والقدس‬ ‫ثم اصيب بالفالج في شقه الايسر‪ ،‬فمات بعلته عن نحو ‏‪ ٧٠‬عاما‪ .‬وهو من شيوخ المالكيةؤ‬ ‫له (الديباج المذهب ۔ ط) في تراجم أعيان المذهب المالكي‪ 6‬و(تبصرة الحكام في اصول‬ ‫الأقضية ومناهج الاحكام) و(درة الغواص في محاضرة الخواص) و(طبقات علماء الغرب)‬ ‫و(تهيل المهمات) في شرح جامع الأمهات لابن الحاجبؤ فقه‪ .‬الاعلام للزركلي‬ ‫‏(‪.)٥٢/١‬‬ ‫‏)‪ (٢‬للتوسع ينظر‪ :‬تطور المذهب المالكي في الغرب الإسلامي‪ .‬الأستاذ‪ :‬محمد بن حسن‬ ‫شرحبيلي‪ 6‬وزارة الاوقاف والشؤرن الاسلامية المغربية‪ ،‬ط؛‪١٤٢١‬ه‪٢٠٠٠/‬م‘‏‬ ‫ص‪-١٦٧‬۔‪.١٨٦‬‏‬ ‫(‪ )٣‬مقدمة ابن خلدون‪٨٥٢). ‎‬رص(‬ ‫‏‪١١٢‬‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬المذهب المالكي‬ ‫‪7‬‬ ‫‏‪٦‬‬ ‫ابن خلدون تعتمد على المعطيات الحضارية والجغرافية والطبوغرافيةء‬ ‫ولذلك اعتمد في تحليله على هذه الاسس وقد سبق له اتهام العرب بقلة‬ ‫الفهم في الحضارة «أن العرب إذا تغلبوا على أوطان أسرع إليها الخراب؛‬ ‫والسبب في ذلك أنهم أمة وحشية باستحكام عوائد التوحش وأسبابه فيهم‬ ‫فصار لهم خلقا وجبلة»‪ ،‬ولربما أزعج ابن خلدون سرعة التخريب للمعالم‬ ‫الحضارية بعد هبوط المؤشر البياني لانتهاء الوجود الإسلامي في الأندلس‪،‬‬ ‫والحق أن العرب من دون الإسلام صفر مهما تجمهرت أعدادهمإ فلا‬ ‫يشكلون رقما ذا قيمةؤ وكان بإمكانهم تثمير القدرات الحضارية والعمرانية‬ ‫للأمازيغ‪ ،‬إلا أن ولاة بني أمية كانوا مشتغلين بتخميسهم وسوق جواريهم‬ ‫إلى الشام‪ ،‬وتم تصنيفهم بأنهم برب متوحشون‘ ليقنعوا العالم بأن معاملتهم‬ ‫بالقسوة والغلظة له ما يبررهك ولذلك كان الفارق واضحا بين امتداد الإسلام‬ ‫في الشرق على يد الصحابة أيام الخلفاء الراشدين وامتداده في الغرب على‬ ‫يد الامويين‪.‬‬ ‫ولنأت الآن إلى تحديد أماكن الانتشار‪:‬‬ ‫‪ -‬انتشر المذهب المالكي بداية في المدينة المنورة على يد الإمام مالك‬ ‫نفسه‪ ،‬لكنه تعرض لمنافسات عديدة من المذاهب الأخرى من بينهم‬ ‫الشيعة القادمين من أهل قاشان(‪،)١‬‏ وقد ساعد سيطرتهم على زمام‬ ‫المدينة في ذبول المذهب المالكي وانحساره إلى أن عادت إليه الروح‬ ‫‏(‪ )١‬المعيار المعرب ‏‪ .٤٥٠/٢‬وقاشان بالشين المعجمة وآخره نون‪ :‬مدينة قرب أصبهان‪ ،‬من‬ ‫مدن الجبال في إيران‪ ،‬تقع جنوبي مدينة قم‪ ،‬اشتهرت في ديار الشرق بقرميدها الذي يقال‬ ‫له (القاشاني)‪ ،‬قال الإدريسي‪ :‬ومدينة قاشان صغيرة القطر عامرة بالناس وبها متاجر‬ ‫وصناعات وبناؤها بالطين‪ .‬انظر‪ :‬معجم البلدان ‏(‪ })٢٩٦/٤‬نزهةالمشتاق فايختراق‬ ‫الآفاق (ص ‏‪.)٢٢١‬‬ ‫الإباضية والمالكية في الغرب الإسلامي‬ ‫العلمية والعملية والشعبية على يد ابن فرحون الذي تولى القضاء عام‬ ‫‏‪ ٣‬ه وفي العصر الحديث توسع المذهب الحنبلي حتى صار عليه‬ ‫غالب أهلها مع وجود اتباع غير قليلين للمذهب المالكي‪.‬‬ ‫۔ وفى مصر كان المذهب المالكي سابقاً إليها قبل المذاهب الأخرى©‬ ‫وقد قيل إن ذلك على يد عثمان بن الحكم الجذامي«'& وقيل‪ :‬هو‬ ‫عبدالرحيم بن خالد بن يزيد"'‪ ،‬ثم انتشر على يد عبدالرحمن بن‬ ‫القاسم‪.‬‬ ‫لكن رحيل الإمام الشافعي إليها جعل من مذهبه منافتا قويا‬ ‫للمالكية‪ .‬ثم تبنى السلطة كذلك للمذهب الحنفي خاصة أيام‬ ‫العثمانيين‪ ،‬لكن ظل للمذهب وجود جنبا إلى جنب مع المذهب‬ ‫الشافعي والحنفي إلى اليوم‪.‬‬ ‫۔ أما أهل السودان فإن مذهبهم الموحد هو المذهب المالكي‪ ،‬ومثلهم‬ ‫المناطق الإفريقية كمالي‪ ،‬والنيجر‪ ،‬وغانا وغيرها‪.‬‬ ‫۔ وهو المذهب الرسمي والشعبي في كل بلدان الغرب الإسلامي‬ ‫‏‪ .١٨٧/١‬وعثمان بن الحكم الجذامي من بنى نضرة‪ ،‬يروي عن محمد بن‬ ‫(‪ (١‬الديباج المذهب‬ ‫زيد بن المهاجر بن قنفذؤ وموسى بن عقبة وعبيد الله بن ععمر‪ 6‬روى عنه ابن وهب‬ ‫وسعيد بن أبي مريم وغيرهما كان فقيها من أهل مصر‪ ،‬توفي سنة ثلاث وستين ومائة‪.‬‬ ‫انظر‪ :‬إكمال الكمال ‏(‪.)٢٣٠/١‬‬ ‫عبدالرحيم بن خالد بن يزيد مولى الجمحيين‪ ،‬مولى عمر بن وهب الجمحي اسكندراني‬ ‫يكنى أبا يحيى‪ .‬قال الدارقطني‪ :‬عبدالرحيم وعثمان بن عبدالحكم أول من قدم مصر‬ ‫بمسائل مالك‪ .‬وعنده تفقه ابن القاسم بمصر قبل رحلته إلى مالك وكان جمع بين الزهد‬ ‫والعلم‪ .‬وقد روى عن مالك الموطأ‪ ،‬وقد روى عنه الليث وابن وهب" وروى ابن وهب‬ ‫عن سعيد بن أبي ايوب‪ .‬قال ابن بكير‪ :‬بلغني أن مالكما كان يعجب بها وكان فقيها‪ .‬توفي‬ ‫سنة ثلاث وستين ومائة‪ .‬ترتيب المدارك وتقريب المسالك ‏(‪.)١٠٥/١‬‬ ‫تلقا‬ ‫‪:‬‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬المذهب المالكي‬ ‫‪-‬‬ ‫‪٦‬‬ ‫«المغرب ‪ -‬الجزاثر ‪ -‬موريتانيا ۔ تونس ‪ -‬ليبيا» ما عدا وجود قليل‬ ‫الحنفي في تونس والجزائر والإباضي في تونس والجزائر‬ ‫للمذهب‬ ‫وليبياء وهذا ما سبق الحديث عنه بالنسبة للإباضية‪.‬‬ ‫۔ وبالنسبة للخليج فيقول الدكتور أحمد تيمور‪« :‬إن الغالب على قطر‬ ‫والبحرين المذهب المالكي‪ ،‬وفيها حنابلة من الواردين إليها من‬ ‫نجد& والغالب الآن أيضا على أهل الشئة في الإحساء الحنبلي‬ ‫والمالكي‪ ،‬والغالب على الكويت المالكي‪ ،‬أما الإمارات العربية‬ ‫المتحدة فإن المالكية فيها في أبوظبي ودبي»'‪.‬‬ ‫أما عندنا في غمان فليس للمالكية كبير وجود إلا على مستوى بعض‬ ‫الأفراد القادمين من الحجاز ونجد إبان قيام الدولة السعودية‪.‬‬ ‫هذا بطبيعة الحال الوجود المالكي فيالعصر الحديث أما فيما مضى‬ ‫فقد كان منتشرا في العراق أيضًا وفي الأندلس وهو مذهب أهل الري وأهل‬ ‫صقلية‘ وبعض مناطق العالم الإسلامي‘ يقول القاضي عياض‪« :‬غلب مذهب‬ ‫مالك على الحجاز والبصرة ومصر وما والاها من بلاد إفريقية والأندلس‬ ‫وصقلية والمغرب الأقصى إلى بلاد من أسلم من السودان إلى وقتنا هذاك‬ ‫وظهر ببغداد ظهورا كثيرا وضعف بها بعد أربعمائة سنة‪ ،‬وضعف بالبصرة‬ ‫بعد خمسمائة سنة‪ ،‬وغلب على بلاد خراسان على قزوين وأبهر‪ ،‬وظهر‬ ‫بنيسابور وكان بها وبغيرها أئمة ومدرسون‪ .‬وكان ببلاد فارس وانتشر‬ ‫باليمن وكثير من بلاد الشام"‪.‬‬ ‫(‪ )١‬نظرة تاريخية في حدوث المذاهب الاربعة وانتشارها ص‪.٤٥ ‎‬‬ ‫‪-٧/١‬۔‪-‬۔‪.٨٠‬‬ ‫المدارك‪‎:‬‬ ‫)‪ (٢‬ترتيب‬ ‫الإباضية والمالكية في الغرب الإسلامي‬ ‫‏‪١١٦‬‬ ‫المطلب الرابع؛ المؤلفات المالكية إلى القرن الرابع الهجري‬ ‫كان الإمام مالك نفسه مؤسسا لحركة التأليف في المذهب من خلال‬ ‫كتابه «الموطأ» حيث جمع فيه بين الحديث والفقه‪ ،‬كما أنه مر بسلسلة طويلة‬ ‫من المراجعات إلى أن استقر على وضعه الحالي‪ ،‬فكان ذلك بمثابة اكتمال‬ ‫النضج في المرويات والآثار والفتاوى وما إن حملته راحات التلاميذ حتى‬ ‫طاروا به في الآفاق‪ .‬تلته المدونة وهي سجل حافل بسؤالات تلاميذ الإمام‬ ‫لشيخهم‪ .‬وخاصة الإمام ابن القاسم‪ .‬بدأها أسد بن الفرات على طريقة أهل‬ ‫العراق ثم استقرت عند الإمام سحنون‪ ،‬مهذبة مصاغة على طريقة المدرسة‬ ‫الأثرية كما يذكر المالكية لكنها ظلت تحتفظ بآثار ابن الفرات فسميت‬ ‫بالمختلطة أيضا‪ .‬وتحتل المدونة المرتبة الثانية بعد الموطأء والأولى من‬ ‫حيث العمل‪ ،‬وبعد المدونة جاءت الواضحة في السنن والفقه؛ وهي في‬ ‫المرتبة الثالثة بعد الموطأ والمدونة ألفها الحافظ عبدالملك بن حبيب‬ ‫السلمي (ت‪٢٢٣٩ :‬ها)‪،‬‏ وقد كان القرن الثاني والثالث الهجريين تتجه فيه‬ ‫الإمام مالك‬ ‫وجمعها من تلاميذ‬ ‫طريقة تدوين السماعات‬ ‫المؤلفات إلى‬ ‫وتلاميذهم؛ فبالإضافة إلى ما ذكرنا‪:‬‬ ‫«بابن الماز»‬ ‫إبراهيم المعروف‬ ‫بن‬ ‫محمد‬ ‫«المؤازتية» للإمام‬ ‫‏‪ ١‬۔‬ ‫‏‪ ٦٩‬‏‪_).‬ه‪٢‬‬ ‫(ت‪:‬‬ ‫«المستخرجة من الا سمعة» أو «العتبية» وهي للإمام محمد بن أحمد‬ ‫‏۔‪٢‬‬ ‫‪٢٥٥‬ھ_)‪.‬‏‬ ‫العتبي (ت‪:‬‬ ‫عبدوس‬ ‫إبراهيم بن‬ ‫بن‬ ‫للإمام محمد‬ ‫ها لمجمو عة»وهي «كالمدونة»‬ ‫‪٣‬۔‏‬ ‫وفاة المؤلف‪.‬‬ ‫لكنه لم يتمها بسبب‬ ‫‪٢٦٠‬ها)‏‬ ‫(ت‪:‬‬ ‫‏‪ ٤‬۔ ه«المبسوط في الفقه»‪ :‬للإمام القاضي أبي إسحاق إسماعيل بن إسحاق‬ ‫‪٢٨٢‬هھا)‪.‬‏‬ ‫(ت‪:‬‬ ‫‏‪١١٧‬‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬المذهب المالكي‬ ‫‪٦‬‬ ‫‏۔‪« ٥‬مختصرات ابن عبدالحكم» للإمام العلامة الحافظ عبدالله بن‬ ‫عبد الحكم بن أعين (ت‪٢١٤ :‬ه)‏ وهي‪:‬‬ ‫وغيره كابن وهب‪.‬‬ ‫أ ‪ -‬المختصر الكبير‪ :‬اختصر فيه سماعاته عن أشهب‬ ‫ب ‪ -‬المختصر الأوسط‪ :‬وفيه أربعة آلاف مسألة‪.‬‬ ‫على ألف ومائتي مسألة‪.‬‬ ‫ويحتوي‬ ‫المختصر الصغير‪:‬‬ ‫ج۔‬ ‫التطبيق والتوثيق‪،‬‬ ‫منحى‬ ‫تنحو‬ ‫أخرى‬ ‫كتب‬ ‫المؤلفات‬ ‫هذه‬ ‫ثم تلت‬ ‫وتعالج النوازل بالإضافة إلى أنها ستمثل مرحلة الشروح والمختصرات‬ ‫النحو التالي‪:‬‬ ‫وهي على‬ ‫للفقه المالكي‬ ‫‪١‬۔‏ «كتب الإمام أبي بكر الأبهري» (ت‪٣٧٥ :‬ه)»‏ إمام المدرسة العراقية‬ ‫حيث قدم شروحا لمختصرات ابن عبد الحكم الكبير والصغير‪.‬‬ ‫«التفريع» للإمام عبيد الله بن الحصين بن الجلاب (ت‪٣٧٨ :‬ه)‏‬ ‫ويسمى أيضا «مختصر ابن الجلاب»‪.‬‬ ‫«الرسالة» لابن أبي زيد وهي موضوع دراستنا في المقارنة مع مختصر‬ ‫البسيوي‪.‬‬ ‫«النوادر والزيادات» لابن أبي زيد أيضًا‪ ،‬وقد اشرت إليه بشيء من‬ ‫التركيز أثناء الحديث عن مؤلفات الشيخ‪.‬‬ ‫«مختصر المدونة» له أيضًا‪ ،‬وهو كتاب نفيس" ظل المالكية يعملون به‬ ‫إلى اليوم‪.‬‬ ‫«عيون الأدلة» للامام أبي الحسن علي بن عمر بن أحمد المعروف‬ ‫«بابن القصار» (ت ‪٣٩٨-٣٩٧‬ها)؛‏ وهو كتاب فقه مقارن‪.‬‬ ‫«الكافي في فقه أهل المدينة» للإمام أبي عمرو ابن عبدالبر‪.‬‬ ‫الإباضية والمالكية في الخرب الإسلامي‬ ‫‪7:‬‬ ‫‏‪١١٨‬‬ ‫ومن الكتب التي تصنف على أنها فقهية وحديثية كتب الإمام ابن‬ ‫عبد البر «التمهيد» و«الاستذكار»‪ ،‬و«جامع بيان العلم وفضله»‪.‬‬ ‫هذه مجرد نظرة موجزة للكتب التي امتد تأثيرها الفقهي في المدرسة‬ ‫المالكية عبر القرون" وإلا فهناك حركة موازية لهذه المؤلفات الكبرى‬ ‫اعتمدت على اختصارها وشرحها في بعض الأحيان فقد ذكر الأستاذ‬ ‫عبدالكريم محمد قبول قرابة اثنين وعشرين مختصرا للكتب المطولة في‬ ‫القرنين الثالث والرابع الهجريين" وسيع مختصرات استقلالا وابتدا"“‬ ‫كما أنه في المكتبة المالكية كتب كثيرة أخرى مخطوطةا والبعض لا يزال‬ ‫محجوبا‪.‬‬ ‫والشيء اللافت أن هذه المؤلفات تميزت عن نظيراتها الإباضية بأنها‬ ‫طبعت وحققت‘ وكثرت حولها الشروح والحواشي وذلك يعود إلى حالة‬ ‫الاستقرار في الل المالكية‪ .‬كما أن أساطينها كانوا رواد الحواضر الثقافية‬ ‫الإسلامية آنذاك في بغداد‪ ،‬ومصر والقيروان" والأندلس‪.‬‬ ‫‏(‪ )١‬الاختصار والمختصرات في المذهب المالكي" عبدالكريم محمد قبول" دار نجيوبية‬ ‫‏‪.١٠٨٨-١٠٢٧‬‬ ‫ص‬ ‫للترجمة‪ .‬مصر ط !‪١٤٣٠ :‬ه‪٠٠٩/‬‏ آم‬ ‫‏(‪ )٢‬نفسه ص‏‪.١٣٢‬‬ ‫خاتمة الفصل‬ ‫‪.‬‬ ‫)‬ ‫ك>ن =<‬ ‫‪9‬‬ ‫‪::‬‬ ‫ل"‬ ‫طل‬ ‫يتضح من خلال تاريخ المذاهب مجموعة من النقاط التي تشرح أوجه‬ ‫التقارب بين المذهبين من حيث تاريخ النشأة والمبادئ والأصول‪ ،‬ويمكن‬ ‫تلخيصها في التالي‪ :‬۔‬ ‫‏‪ - ١‬يشترك المذهبان في التوجه المنهجي نحو الجمع بين مدرستي أهل‬ ‫الرأي وأهل الحديثؤ فالإمام مالك رغم نشاته في المدينة وتأثره بالجانب‬ ‫التحديثي إلا أنه يعد صاحب منهج مستقل في الجمع بين الاتجاهين‪ ،‬فقد‬ ‫ثبت أن العمل عنده مقدم على بعض الروايات التي يرويها‪.‬‬ ‫ومثله الامام جابر بن زيد رغم حرصه على النقل المباشر من الصحابة‘‬ ‫وحرصه كذلك على تجنب الرأي" إلا أن الثابت عنه التوسع في استخدام‬ ‫المصادر التبعية‪ ،‬كما أن تلاميذه عرفوا بالمنهج الوسط بين أهل الرأي وأهل‬ ‫الحديث‪.‬‬ ‫‏‪ ٢‬۔ عاصر الإمام مالك الجيل الثالث من الإباضية‪ ،‬وقد أسميتهم في‬ ‫حبيبا&‪6‬‬ ‫المدونة‪ ،‬وعلى راسهم الربيع بن‬ ‫بعلماء‬ ‫رسالتي للما جستير‬ ‫وعبدالله بن عبد العزيزؤ وأبو المؤرج‪ ،‬وغيرهم‪ .‬بيد أن هذا لم يوفر للإمام‬ ‫مالك اطلاعا وافيا بخط هذه المدرسة وسير اتجاهها‪ ،‬وسوف يأتى معنا أن‬ ‫الإباضية والمقكية في الغرب الإسلامي‬ ‫‏‪١٢٠‬‬ ‫‪7‬‬ ‫نا‬ ‫علاقته بهم بعد خطبة أبي حمزة طيبه‪ .‬وجيده‪ .‬أما ما روي عنه في شأنهم‬ ‫فليس ذلك من قوله على الراجح‪.‬‬ ‫‏‪ ٣‬۔ يشترك الإباضية والمالكية في الكثير من مناطق النفوذ والانتشار‪،‬‬ ‫وقد وفر ذلك بينهم نوعا من الاحتكاك العلمي والسياسي© بيد أن الغالب‬ ‫على أسباب انتشار المالكية هو العامل السياسي‪.‬‬ ‫يتميز المذهب المالكي بكثرة الأصول وقواعد الاستنباطات ويعود‬ ‫‏‪٤‬‬ ‫سبب ذلك إلى عدم توفر قواعد محددة عن الإمام مالك وإنما غالب قواعد‬ ‫المالكية مستنبطة من أقضيته وفتاويه‪ .‬كما أن كثرة المنافسة للمالكية من‬ ‫المذاهب الأخرى ولد الحاجة إلى زيادة طابع الهوية من خلال استقلالية‬ ‫الأصول وكثرة جزئياتها‪ .‬بينما لم يتوفر ذلك للإباضية‪ .‬وفي الفصل القادم‬ ‫سوف نتناول هذا بشيء من التفصيل بحول الله تعالى‪.‬‬ ‫‪١‬‬ ‫‪١‬‬ ‫ل‬ ‫» ‪2‬‬ ‫‪4‬‬ ‫الميحث الأول‪ :‬العلاقة التاريخية بين الإباضية‬ ‫والمالكية في الغرب الاسلامي‬ ‫المبحث الثاتي؛ العلاقة الفكرية‬ ‫المطلب الأول‪ :‬رأي الإمام مالك في الإباضية‪ ،‬وملابسات‬ ‫ه‬ ‫التسمية‪.‬‬ ‫‏‪ ٠‬المطلب الثانى‪ :‬التوافق والاختلاف فى الجانب الفقهى‬ ‫‪.‬‬ ‫‪.‬‬ ‫(الأصول والفروع)‬ ‫‏‪ ٠‬المطلب الثالث‪ :‬أسباب الحكم على الإباضية بالاستتابة‬ ‫في كتب المالكية بالغرب الإسلامي‪.‬‬ ‫الخاتمة‬ ‫المبحث الأول‪:‬‬ ‫العلاقة التاريخية ببن الإباضيّة والمالكية‬‫‪٠٠‬‬ ‫‪٠٠‬‬ ‫في الغرب الإسلامي‬ ‫العلاقة بين الإباضية والمالكية امتدت عبر العصور‪ ،‬فكانت في غالبها‬ ‫تتسم بطابع الهدوء والتسامح لكنها تعرضت عبر فترات من التاريخ لنوع‬ ‫من المد والجزر إما بسبب تصنيف الإباضية من فرق الخوارج" وإما بسبب‬ ‫عوامل الاحتكاك الإداري والتنافس العلمي بين المذهبين في الرقعة‬ ‫الجغرافية الواحدة‪ .‬ومعلوم أن المسلك الذي اتخذه المالكية بداية مع‬ ‫المذاهب المخالفة كان يتسم بالشدة والعنف بسبب تمادي بعض الفرق‬ ‫وخروجها عن حد الاعتدال؛ كالشيعة والمعتزلة والصفريةا وبالتالي فلم‬ ‫يتسع الوقت ساعتها للتفريق بين الإباضية وغيرهم على اعتبار اشتراكهم في‬ ‫المنحى السياسيڵ فالإمام سحنون عندما تولى القضاء في القيروان عمل‬ ‫على إخراج كل الفرق الإسلامية الأخرى من المسجد بما فيها المذهب‬ ‫الحنفي‪ .‬ورغم أن الإباضية لم يرد ذكرهم في هذا الإجراء إلا أن جملة من‬ ‫الذين علقوا على هذه الحادثة ذكروا الإباضية من جملتهم لأن وجودهم‬ ‫بالقيروان كان ظاهرا وكبيرا!'‪.‬‬ ‫بيد أن الإباضية أسسوا لأنفسهم فيما بعد دولة مستقلة في الجزء‬ ‫‪ .٠٤‬مستند تاريخ مملكة الأغالبة (ص‪.)٣٨ ‎‬‬ ‫(‪ )١‬تراجم أغلبية‪‎‬‬ ‫الإباضية والمالكبة في الغرب الإسلامي‬ ‫‏‪٤‬‬ ‫‪٦‬‬ ‫الجنوبي الغربي من الجزائر عرفت بالدولة الرستميةش كان لها أثر جيد في‬ ‫إعادة العلاقة الحميمة بين المالكية والإباضية‪ ،‬ففي الدولة الرستمية الإباضية‬ ‫تم احتضان المالكية كأخوة مسلمين“ وعين منهم للإمام الإباضي وزراء‬ ‫وقضاة‪ .‬ولم يكن أحد ساعتها يفرق بين المذهبين‪ .‬وقد أصل أبو يعقوب‬ ‫الإباضي طريقة تعامل الدولة الإباضية مع المخالفين الذين يخضعون‬ ‫بالطاعة لها بطريقة هي غاية في التسامح المذهبي واحترام حرية الرأي"‬ ‫فيقول في كتابه الدليل والبرهان‪« :‬وإن اعترفوا بطاعتنا‪ ،‬وانفردوا ببلادهم‪6‬‬ ‫وأجروا فيها أحكامهم تركناهم} وذلك ما لم يكن ردا على آية محكمة أو‬ ‫‪ 7‬قائمة‪ .‬ونستقضي عليهم منهم من يقوم بواجب الحقوق عليهم ولهم‬ ‫ونقبل قوله في ذلك على أسلوب القضاة كلهم‪ .‬إذا كانوا ممن تقود لهم‬ ‫دياناتهم‪ 6‬ولم يمنعنا من ولايتهم إلا ما هم عليه ونأخذ منهم كل ما يجب‬ ‫من الحقوق" ونردها في فقرائهم وذوي الحاجة منهم»'‪.‬‬ ‫وقد تكمل بتدوين سيرة هذه الدولة وعدلها ابن الصغير وهو مؤلف‬ ‫مالكي‪ .‬كما استطاعت الدولة الرستمية أن توفر غطاء من الحماية للأدارسة‬ ‫المالكية في المغرب الأقصى من الدولة العباسية؛ حتى أن الرشيد عدل عن‬ ‫غزو الادارسة لهذا السبب واكتفى باتباع سياسة الاغتيالات‪.‬‬ ‫امتدت علاقة الدولة الرستمية بالدول الية المالكية في كل من‬ ‫الأندلس والقيروان" والذي يؤكده المؤرخون أن الدولة الرستمية الإباضية‬ ‫هي التي آرت عبدالرحمن بن معاوية عندما فر من العباسيين «فاستجار ببني‬ ‫‏(‪ )١‬الدليل والبرهان ‏(‪ .)٥٩/٢‬وبهذه المنهجية اللمحة‪ .‬خرج الإباضية من تهمة نشر مذهبهم‬ ‫عن طريق تولية القضاة في الامصار والاقاليم؛ كما بينا ذلك سابقا أثناء تمهيدنا لاسباب‬ ‫انتشار المذاهب‪.‬‬ ‫‏‪١٢٥‬‬ ‫المبحث الأول‪ :‬الملاقة التاريخية بين الإباضية والمالكية‬ ‫_‬ ‫‪7‬‬ ‫رستم من المغرب الأوسط'‪ .‬وحسب تعبير المقري فإن «قبائل المغرب‬ ‫الاوسط التابعة مذهبيّا لبني رستم هي التي قدمت يد المساعدة لعبد الرحمن‬ ‫الدولة الأموية بالأندللسه'‪ .‬ورغم أن مسلك الإباضية‬ ‫الداخل مؤسس‬ ‫مسلك إسلامي بحت لا يضع للاستراتيجيات السياسية دخلا في تطبيق‬ ‫تعاليم الإسلام من إجارة المظلوم وحماية المستجير إلا أن بعض المعاصرين‬ ‫يرون أن ذلك كان سياسة ودهاء من عبدالرحمن بن رستم ونكاية في الدولة‬ ‫العباسية التي أرهقت الإباضية كثيرا"‪.‬‬ ‫بعد تحقق الأمان لعبد الرحمن الداخل توجه إلى الأندلس بمساندة‬ ‫الإباضية فتحقق له مجد الخلافة من جديد‪ ،‬لكنه ظل ممتئا للدولة الرستمية‬ ‫يبادلها المحبة والاحترام‪ ،‬بل وتطور الأمر إلى تبادل السفراء بين الدولتين‪،‬‬ ‫وقد تكلم المؤرخون كثيرا في هذا الموضوع وما يعنينا هنا هو أن هشام بن‬ ‫الحكمؤ الذي أصدر فرلمائًا بوجوب اتباع المذهب المالكي كان على علاقة‬ ‫‏(‪ )١‬نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب‪ .‬أبو العباس أحمد المقري؛ تح‪ :‬محمد محيي‬ ‫الدين عبد الحميد ‪ -‬دار الكتاب العربي بيروت ‏‪.٢٨/٤‬‬ ‫(‪ )٦٢‬نفح الطيب‪.)٢٩/٣( ‎‬‬ ‫‏(‪ )٢‬العلاقات الخارجية للدولة الرستمية‪ ،‬جودت عبدالكريم يوسف‪ .‬المؤسسة الوطنية للكتاب‬ ‫الجزائر ۔ ‏‪ .١٩٨٤‬‏‪٦١.‬؟‪٧‬ص‬ ‫‏(‪ )٤‬هشام بن الحكم بن عبدالرحمن الناصر أبو الوليد‪ ،‬المؤيد الاموي‪ :‬من خلفاء الدولة‬ ‫الاموية بالاندلس‪ .‬ولد بقرطبة‪ ،‬وبويع يوم وفاة أبيه (سنة ‪٣٦٦‬ه)‏ فاستاثر بتدبير مملكته‬ ‫وزير أبيه محمد بن عبدالله الملقب بالمنصور ابن أبي عامر‪ ،‬ثم ابن المنصور‪ ،‬عبدالملك‬ ‫الملقب بالمظفر‪ ،‬ثم ابنه الثاني عبدالرحمن بن محمد الملقب بالناصر‪ .‬واستمر صاحب‬ ‫الترجمة خليفة في قفص‪ ،‬إلى أن طلب منه عبدالرحمن هذا أن يوليه عهدها فاجابه‪ ،‬وكتب‬ ‫له عهدا بالخلافة من بعده‪ ،‬فثارت ثائرة أهل الدولة لذلكؤ فقتلوا صاحب الشرطة وهو في‬ ‫باب قصر الخلافة بقرطبة (سنة ‪٣٩٩‬ه)‏ ونادوا بخلع المؤيد‪ ،‬وبايعوا محمد بن هشام بن‬ ‫عبدالجبار ابن الناصر لدين اللهإ ولقبوه هالمهدي بالله» وقتلوا عبدالرحمن الوزير‪ .‬ثم‬ ‫كانت فتن انتهت بعودة المؤيد إلى ملكه في أواخر سنة ‪٤٠٠‬ه‏ والثورات قائمة‪ ،‬نقتل =‬ ‫الإباضية والمالكية في الغرب الإسلامي‬ ‫‏‪١٦‬‬ ‫‪٦‬ہرف‪‎‬‬ ‫وثيقة هو الآخر بالدولة الرستمية على مستوى تبادل السفراء‪ ،‬والاستعانة‬ ‫برجال الحرب والسياسة‪ .‬والأمويون في الأندلس ‪ -‬أعداء بني العباس ۔ قد‬ ‫اتخذوا من المالكية مذهبا رسميا‪ ،‬لكن الرستميين لم يجدوا عضاضة في مد‬ ‫جسور المحبة والتعاون مع الدول المحيطة انطلائا من تسامح المذهب‬ ‫الإباضي مع المخالفين بل حتى مع غير المسلمينك ويمكن مراجعة ذلك‬ ‫بتوسع في مصادره ومظانه المعروفة'‪.‬‬ ‫ومن الناحية الفكريةا فإن علماء الإباضية والمالكية تبادلوا الزيارة‬ ‫والدرس في كل من الاندلس والقيروان وتيهرتؤ فبالرغم من الوجود‬ ‫المكثف للإباضية في الأندلس من النكار والوهبية إلا أنه لم تسجل أية‬ ‫اعتداءات من المالكية عليهم رغم ظهور الانحراف في الفرقة النكارية‬ ‫المحسوبة على الإباضية‪ ،‬ولعل مرد ذلك هو العلاقة الحميمة التي أشرنا‬ ‫إليها بين الرستميين والأمويين‪ .‬وبالمثل فإن علماء المالكية نبتوا في مدارس‬ ‫تيهرت ونبغ منهم عدد من العلماء‪.‬‬ ‫وإذا كان الإباضية متسامحين مع المذاهب الأخرى وبالاخص المالكية‬ ‫فإن المالكية كذلك تسامحوا مع المذهب الإباضي في الأندلس حيث امتدت‬ ‫هذه العلاقة المذهبية زمنا طويلا إلى أن انتهى الوجود الإسلامي من الأندلس‪.‬‬ ‫المهدي" واستمر سنتين وشهوزا لم يهدا له فيها بال‪ .‬وقتل سؤا في قرطبةؤ بعد أن امتلكها‬ ‫=‬ ‫سليمان بن الحكم الملقب بالمستعين بال‪ .‬وكان المؤيد ضعينًا‪ ،‬مهملاؤ فيه انقباض عن‬ ‫الناس وميل إلى العبادة‪ .‬ومات عقيما‪ .‬الاعلام للزركلي ‏(‪.)٨٥/٨‬‬ ‫‏(‪ )١‬ينظر‪ :‬كتاب الخوارج ببلاد المغرب حتى منتصف القرن الرابع الهجري لمحمود إسماعيل؛‬ ‫ويؤكد ذلك الدكتور شرحبيلي عند ترجمته للإمام الإباضي محمد بن أفلح حيث يذكر‬ ‫ابن عذاري أنه كان لا يصدر في رايه إلا عن الأمير القرطبى محمد بن عبدالرحمن‬ ‫(ت‪٦٧٢٣ :‬ه)‪.‬‏ ص ‏‪ .٦٦١ ٤٦٥‬ولعل ابن عذاري رأى قوة العلاقة نحسبها طاعة‪ ،‬والصواب‬ ‫أنها علاقة متينة على مستوى التشاور في مصالح البلدين‪.‬‬ ‫‏‪١٧٧‬‬ ‫‪,‬‬ ‫المبحث الأول‪ :‬الملاقة التاريخية بين الإباضية والمالكية‬ ‫وقد كانت للعلاقة الحميمة بين الإباضية والمالكية دولا أو أفرادا كما‬ ‫يقول الدكتور محمد حسن شرحبيلي‪« :‬انعكاس إيجابي على انتشار المذهب‬ ‫المالكي فالتواصل المستمر بين هذه الإمارات ۔ سلجماسة‘ وتاهرت©‪6‬‬ ‫وقرطبة ۔ قد نشأ عنه تواصل ثقافي وحوار علمي" بالإضافة الى التبادل‬ ‫الاقتصادي والتقارب السياسي»{'‬ ‫والحق أن الإباضية يقبلون التعايش مع الدولة الإسلامية من مختلف‬ ‫مذاهبها ما لم يضايقوا في دينهم أو يشاهدوا مظاهر الانحراف الفكري‬ ‫والسياسي إلى حد القطيعة مع الدين والتعانق مع الظلم فإنهم حينئذ‬ ‫سيكونون منكرين لهذه الصور آمرين بالمعروف ناهين عن المنكر'‪ ،‬إلا‬ ‫أنهم سيفكرون مليا في قضية النهوض بالأمة وتغيير الأوضاع إذا بلفت‬ ‫قوتهم نصف قوة الإمام المستبد وكانت القرائن تتجه إلى تمكنهم من‬ ‫التغيير مع أقل الخسائر في الأرواح والأموال" وهذا ما جعلهم يستقلون‬ ‫بدول بعيدة عن حواضر الخلافات الأموية والعباسية‪ ،‬مفضلين الناي بأنفسهم‬ ‫بعيدا عن أجواء الظلم والجور‪ .‬أما إذا كان الإمام أو الحاكم يحكم بالعدل‬ ‫والقسط ويقيم شريعة الله في عباده فإن الإباضية سيكونون أول المنضوين‬ ‫تحت لوائه‪ .‬ينصرونه بأرواحهم ما وجدوا إلى ذلك سبيلا‪ ،‬كما فعلوا مع‬ ‫الخليفة العادل عمر بن عبد العزيز ننه وكما فعلوا ذلك مع الخليفة الأموي‬ ‫عبدالرحمن بن الحكم عندما استقبل في حاضرته السياسية محمد بن‬ ‫سعيد بن عبدالرحمن بن رستم ليكون وزيرا وقائدا استعان به على حماية‬ ‫(‪ )١‬تطور المذهب المالكي في الغرب الإسلامي" الأستاذ‪ :‬محمد بن حسن شرحبيلي؛ ص‪.٦١٧‎‬‬ ‫‏(‪ )٢‬يجيز الإباضية الخروج على الحاكم الظالم} ولا يوجبونه كما يفعل الخوارج‪ .‬أما المذاهب‬ ‫الاربعة فلا يجيزون ذلك ويعتبرونه فسادا‪ ،‬ولهم في ذلك عدد من النصوص القاضية‬ ‫بوجوب السمع والطاعة‪.‬‬ ‫() ينظر‪ :‬باب الجهاد في القسم الثاني (تحقيق متن المختصر)‪.‬‬ ‫‪7‬‬ ‫الإباضية والمقكية في الخرب الإسلامي‬ ‫فر‬ ‫الدولة وتوطيد أركانهاء حيث يذكر ابن الأبار في كتابه «الحلة السيراء»‪« :‬إن‬ ‫أول من دخل الأندلس من أسرة الرستميين هو محمد بن سعيد بن‬ ‫عبدالرحمن بن رستم؛ كان ابنه محمد يقيم بناحية الجزيرة أي جنوب‬ ‫الاندلس؛ وقد اصطنعه الخليفة لنفسه عندما كان أميرا على مدينة شذونة من‬ ‫قبل أبيه الحكم‪ .‬وكان يقربه إليه ويأنس به في بعض الأحيان نظرا لمعارفه‬ ‫وسعة معلوماته" ولما أفضت الخلافة إليه استقدمه إلى قرطبة عاصمة الدولة‬ ‫وصرفه في الحجابة والوزارة‪ .‬أثناء ذلك هجم النورمان على بلاد الإاسلامإ‬ ‫وأنهم كانوا إذا أغاروا على موضع أشعلوا فيه النيران‪ ،‬وكانوا يخرجون لغزو‬ ‫الشواطئ في مراكب صغيرة ذات أشرعة سوداء من مراكز لهم في جنوب‬ ‫اسكندناوه‪ ،‬أو جنوب انجلترا أو من مراكز احتلوها على شواطئ فرنسا‬ ‫الشمالية في ناحية سميت بعد ذلك باسمهم وكانوا إذ ذاك وثنيين لا يفرقون‬ ‫بين المسلمين وغير المسلمين‪ .‬فحشد الأمير عبدالرحمن قواده لحربهمإ‬ ‫وكان على رأسهم القائد محمد بن سعيد بن عبدالرحمن بن رستم الجزائري‪.‬‬ ‫ولما نجح هذا القائد في إنزال الهزيمة بالنورمانديين سنة ‪٦٢٣٠‬ه‏ أرسل‬ ‫صاحب قرطبة رسولا إلى الإمام أفلح الإباضي إمام تيهرت يخبره بما تم من‬ ‫انتصار على هؤلاء المجوس بفضل القائد محمد بن سعيد»'‪.‬‬ ‫وفي بداية القرن السادس الهجري سينتقل إلى الأندلس أحد الشباب‬ ‫الإباضي طلبا للعلم ورغبة في الدرس على يد علماء المالكية فيهاء حتى‬ ‫برز في العلم وتقدم في المعرفةش وأصبح مأنعلم أهل زمانه‪ ،‬ذلكم هو‬ ‫أبو عبد الله محمد‬ ‫تاليف‪:‬‬ ‫اليراء‪،‬‬ ‫الحلة‬ ‫‏(‪)١‬‬ ‫دار النشر‪ :‬دار‬ ‫بن عبد الله بن آبي بكر القضاعي"‬ ‫‏(‪٨)٣٧٦٢/٢‬‬ ‫المعارف ‪ -‬القاهرة ‪١٩٨٥ -‬م)‏ الطبعة‪ :‬الثانية" تحقيق‪ :‬الدكتور حسنى مؤنس‬ ‫الوجود الإباضي في الاندلس (ص‪٥٤‬‏ ه)‪.‬‬ ‫‪١٦٩‬‬ ‫المبحث الآول‪ :‬الملاقة التاريخية بين الإباضية والمالكية‬ ‫مر ‏‪٨٢‬‬ ‫أبو يعقوب يوسف بن إبراهيم السدراتي الوارجلاني”'‪ .‬أحد أقطاب الإباضية‬ ‫وصاحب الكتب والتصانيف الفريدة‪ .‬له كتاب «العدل والإنصاف» في‬ ‫الأصول‪ ،‬و«الدليل والبرهان» في أصول الدين‪ .‬هذا العالم الجليل سيحدد‬ ‫المبدأ الذي أشرنا إليه بكلمات توصل قضية التعايش بين الإباضية وغيرهم‬ ‫من المذاهب©‘ فيقول في كتابه العقدي «الدليل والبرهان» وهو يحكي منهج‬ ‫التعايش عن الإمام الربيع بن حبيب© الإمام الثالث في المذهب الإباضي‪:‬‬ ‫«وكذلك ما بيننا وبين المخالفين من الأحكامإ أن كنا تحت أيديهم وجرت‬ ‫علينا أحكامهم ولو خالفوا في الأحكام مذهب المسلمين أي‪ :‬الإباضية ۔‬ ‫كما أن ليس علينا أن نمنع من أحكامهم إذا أجروها علينا في جميع ما لم‬ ‫نقطع عذرهم فيه»‪.‬‬ ‫ويضيف قائلا‪:‬‬ ‫«دوهل يسعنا أن نمنع لهم أن يأخذوا من أموالنا ما وجب علينا من الزكاة‬ ‫والعشر والفطرة؟»۔‬ ‫ويجيب بقوله‪:‬‬ ‫«فليس لنا ذلك ويجزئنا عند الله‪ ،‬وليس علينا إعادة‪.'"٨‬‏‬ ‫وبالنسبة لعلماء المالكية بالدولة الرستمية فإن شهرتهم كانت أحد الأدلة‬ ‫على متانة العلاقة بين المالكية والإباضية‪ ،‬ففى مساجد الرستميين‬ ‫وعاصمتهم تعددت المدارس الفكرية وتنوعت العلوم والمعارف الإنسانية‬ ‫الطب والفلسفة والتاريخ وعلوما إنسانية كثيرة‪ ،‬وقد بلغ من تسامح‬ ‫لتشمل‬ ‫الإباضية أن مكنوا المدارس الأخرى من تأسيس مساجد لهم وربَطا وزوايا‬ ‫‏(‪ )١‬سبقت ترجمته‪.‬‬ ‫(‪ )٦٢‬الدليل والبرهان" أبو يعقوب يوسف بن إبراهيم الوارجلاني‪.)٩٨/٦٢( ‎،‬‬ ‫الإباضية والمالكية في الغرب الإسلامي‬ ‫‏‪١٣٠‬‬ ‫قرر ‏‪٦‬‬ ‫_‬ ‫يتمكنون خلالها من ممارسة حريتهم الفكرية والعقدية\ يقول ابن الصغير‬ ‫المالكي‪« :‬ليس أحد ينزل بهم من الغرباء إلا استوطن معهم وابتنى بين‬ ‫أظهرهمض لما يرى من رخاء البلد وحسن سيرة إمامه وعدله في رعيته‪ ،‬وأمانه‬ ‫على نفسه وماله‪ ،‬حتى لا ترى دارا إلا قيل‪ :‬هذه لفلان الكوفي‪ ،‬وهذه لفلان‬ ‫البصري" وهذه لفلان القروي‪ ،‬وهذا مسجد القرويين ورحبتهم‪ ،‬وهذا مسجد‬ ‫البصريين وهذا مسجد الكوفيين‪»...‬أ'‬ ‫وبحكم العلاقة الوطيدة بين الدولة الرستمية والأمويين والأغالبة ارتحل‬ ‫مجموعة من علماء تاهرت إلى الأندلس والقيروان من أجل طلب العلم‬ ‫واللقاء بشيوخهاء‪ ،‬حتى كان لهم فضل بعد ذلك في تخريج العلماء ونشر‬ ‫العلم والأدب‪ ،‬من بين هؤلاء‪ :‬قاسم بن عبدالرحمن التاهرتي الذي يقول‬ ‫عنه الحميدي إنه‪« :‬دخل الأندلس وكان من جلساء بكر بن حماد التاهرتي‬ ‫وممن أخذ عنها وهو والد أبي الفضل أحمد بن قاسم الذييروي وعنه‬ ‫أبو عمر بن عبدالبره"'‪ .‬ومنهم أحمد بن قاسم بن عبدالرحمن التاهرتي‬ ‫البزاز آبو الفضل يقول عنه الحميدي‪« :‬ولد بتاهرت وأتى مع أبيه صغيا‬ ‫إلى الأندلس" وقال أبو عمر بن عبدالبر‪ :‬سمع آبا الفضل التاهرتي من ابن‬ ‫ابي دليم وقاسم بن أصبغ‪ ،‬ووهب بن مسرة! ومحمد بن معاوية القرشي©‬ ‫اختص بالقاضي منذر بن سعيد‬ ‫وأبي بكر الدينوري وكان ثقة فاضلا‬ ‫البلوطي وسمع منه تواليفه كلها‪ ،‬قال أبو عمر‪ :‬وقد لقيته وسمعت كثيرا منه»‬ ‫ويضيف الحميدي قائلا‪« :‬أخبرنا أبو عمر يوسف بن عبدالله النمري‪ ،‬قال‪:‬‬ ‫حدثني أحمد بن قاسم التاهرتي بكتاب «صريح الشنّة» لابي جعفر محمد بن‬ ‫(‪ )١‬أخبار الائمة الرستميين ص‪.١٧‎‬‬ ‫(‪ )٢‬جذوة المقتبس في ذكر ولاة الأندلس‪ :‬الحميدي آبو عبدالله ۔ تحقيق‪ :‬روحية عبدالرحمن‪‎‬‬ ‫دار الكتب العلمية بيروت ط ‪١٤١٧-١‬ه‪١٩٩٧/‬م ۔ ص‪.٢٩٩ ‎‬‬ ‫الويفي‬ ‫‏‪١٣١‬‬ ‫المبحث الأول‪ :‬الملاقة التاريخبة بين الإباضية والمالكبة‬ ‫مر‬ ‫«فضائل الجهاد» له وبرسالته إلى أهل طبرستان‬ ‫جرير الطبري وبكتاب‬ ‫المعروفة ب«التبصير» عن أبي بكر أحمد بن الفضل الدينوري عن الطبري»؛'‬ ‫ومنهم بكر بن حماد" وهو أبو عبدالرحمن بكر بن حماد بن سمك بن‬ ‫إسماعيل الزناتي أو التاهرتي (‪-٢٠٠‬۔‪٢٩٦‬ھ)‏ الذي نشأ بتاهرت‪ ،‬وأخذ عن‬ ‫علمائها‪ ،‬والتحق بالقيروان سنة ‪٢١٧‬ه‏ فأخذ بها عن الشيخ سحنون‬ ‫وعون بن يوسفت©ؤ ثم انتقل إلى المشرق وطاف بحواضره العلمية‪ ،‬وتزود منها‬ ‫بعلوم الدين والحديث واللغة والأدب" ثم عاد إلى القيروان‪ ،‬وانتصب لإملاء‬ ‫الحديث‪ ،‬كما كان يملي قصائده الشعرية الرائعة"‪ .‬ويقول عنه أبو عبيد‬ ‫البكري‪« :‬كان ثقة مأمونًا حافظا للحديث»» وقال عنه ابن عذاري‪« :‬كان عالما‬ ‫بالحديث وتمييز الرجال وشاعرا مقلققا تصدر بجامع القيروان لإملاء الادب‬ ‫والعلم منذ سنة ‪٦٢٧٤‬ه‪٨٨٧/‬م؛‏ فارتحل إليه الكثير من أهل الاندلس للأخذ‬ ‫عنه والتخرج على يديه‪ ،‬وكان منهم قاسم بن أصبغ البياني أيضا"‪.‬‬ ‫فالمالكية والإباضية إذن في المغرب أشبه بعروس تفننت في صناعة‬ ‫الجمال وتباهمت بما تحمله من مقومات الإغراء فسواء وقع العرس بتيهرت‬ ‫الإباضية أو جارتها البصرة المغربية المالكية فإن الفرح سيكون مشتركا بين‬ ‫الجميع هكذا يصورها شاعر تيهرت المالكي أحمد بن فتح المعروف بابن‬ ‫الخزار عندما امتدح أبا العيش عيسى بن إبراهيم بن القاسم قائل‪:‬‬ ‫(‪ )١‬نفسه‪ :‬ص‪.١٦٢٥-١٦٢٤‎‬‬ ‫(‪ )٢‬الاعلام للزركلي‪.)٦١٣/٦٢( ‎‬‬ ‫‏(‪ )٦٢/٢‬وللتوسع أكثر ينظر‪ :‬المقالة التي كتبها الدكتور عبدالقادر بوباية‬ ‫)( الاعلام للزركلي‬ ‫في‪ :‬مجلة التراث العربي ‪ -‬مجلة فصلية تصدر عن اتحاد الكتاب العرب ۔ دمشق العددان‬ ‫‏‪ ٩‬و ‏‪ - ١٠٠‬السنة الخامسة والعشرون ‪ -‬تشرين الاول ‏‪ ٠٥‬م۔ رمضان ‪١٤٢٦‬ه‏‬ ‫‏(‪ )٤‬لم اجد له ترجمة غير هذا‪ .‬وذكر أيضا له القصيدة ياقوت الحموي في معجم البلدان‪ ،‬دار‬ ‫‏(‪.)٤٤٠/١‬‬ ‫الفكر ۔ بيروت"‬ ‫‏‪٢٢‬‬ ‫الإباضية والمالكية في الغرب الإسلامي‬ ‫رر ‏‪٢‬‬ ‫فذة‬ ‫بصرية في حمرة وبياض‬ ‫ما حاز كل الحسن إلا قينة‬ ‫وجناتها والكشح غير مفاض‬ ‫الخمر في لحظاتها والورد في‬ ‫إباضي‬ ‫وعفاف سني وسمت‬ ‫في شكل مرجي ونسك مهاجر‬ ‫عوضت منك ببصرة فاعتاضي‬ ‫تاهرت أنت خلية وبرية‬ ‫لأو تستفيض بأبحر وحياضه‬ ‫لا عذر للحمراء في كلفي بها‬ ‫‏(‪ )١‬الروض المعطار في خبر الأقطار محمد بن عبدالمنعم الجميري‪ ،‬إحسان عباس©‪ 6‬مؤسسة‬ ‫نا‬ ‫صر للثقافة بيروت ۔ طبع على مطابع دار الراج‪ .‬ط ا‪١٩٨٠ :‬م؛‏ (ص ‏‪ .)١٠٨‬حيث‬ ‫قال عن البصرة‬ ‫في نفس الصفحة‪ :‬هوفيما بين طنجة وفاس من أرض المغرب مدينة يقال‬ ‫لها البصرةس أيضا كبيرة هي اوسع تلك النواحي مرعى واكثرها زرعا ولكثرة ألبانها تعرف‬ ‫بقصر الذ‬ ‫بان" وتعرف ببصرة الكتان‪ .‬وكانوا يتبايعون في بده امرها جميع تجاراتهم‬ ‫بالكت‬ ‫ان‘ وتعرف أيضا بالحمراء لأنها حمراء التربة وسورها مبني بالحجارة وهي بين‬ ‫شرفين ولها عشرة أبواب وجامعها سبع بلاطات وبها حمامان‪ 6‬ومقبرتها الكبرى في‬ ‫بشبرقيها في جبلؤ وماء المدينة زعاق وشرب أهلها من بثر عذبة على باب المدينة تعرف‬ ‫ثر ابن ذلفاء‪ ،‬وخارجها في جناتها عيون كثيرة وآبار عذبة‪ .‬ونساء البصرة مخصوصات‬ ‫بالجمال الفائق والحسن الرائق ليس بأرض المغرب أجمل منهن‪.‬‬ ‫‪ ١‬لمبحث‪ ١ ‎‬لثاني‪: ‎‬‬ ‫العلاقة الفكرية‪‎‬‬ ‫المطلب الأول‪ :‬رأي الإمام مالك وعلماء المالكية في الغرب الإسلامي‬ ‫في الإباضية‪ .‬وملابسات التسمية‬ ‫كان الإمام مالك عالما من علماء الأمة الإسلامية له حضور بارز في‬ ‫كتبهم ومصنفاتهم‪ ،‬وكان يشتهر بتواصله العلمي مع حكام بني العباس‬ ‫وهو ما ضمن له مكانة مرموقة في المجتمع من الناحية العلمية والسياسية‬ ‫معا‪.‬‬ ‫هذه المكانة دفعت بخصومه في الساحة العلمية والسياسية معا إلى‬ ‫التقليل منها بنسبة مجموعة من الأقوال والأفعال إليه؛ بغية تشويه السمعة‬ ‫من جانبڵ والاعتماد على أقواله كمبررات في العمل السياسي من جانب‬ ‫آخرا وإذا كان ذلك قد تم في حق النبي قة من خلال وضع الأحاديث‬ ‫السياسية المكذوبة؛ فالإمام مالك وغيره لن يكون بعيذا عن مثل هذه‬ ‫العقليات‪.‬‬ ‫من بين ما نسب إلى الإمام مالك آراؤه حول الفتنه الداهمة أيام الخليفة‬ ‫وعلي بن ابي طالب‘‪ 6‬وما دار حولها من أحداث‬ ‫الثالث عثمان بن عفان‬ ‫جسيمة ظلت تداعياتها تتحكم في الأمة الإسلامية إلى اليوم؛ وكأننا لا زلنا‬ ‫الإباضية والمالكية في الغرب الإسللمي‬ ‫‏‪"٤‬‬ ‫ترر‪٦‬‏‬ ‫=‬ ‫نعيش تلك الأجواء الصاخبة تماما كما لو وقعت الآن‪ .‬فنقل عن الإمام مالك‬ ‫أنه قال عن الخليفتين وعن الزبير وطلحة وعائشة‪« :‬والله ما اقتتلوا إلا على‬ ‫الثريد العفر وهذا النص يخالف ما عليه المالكية من أنهم كانوا‬ ‫مجتهدين متأولين"‪ 6‬وقد دافع ابن عبدالبر عن هذا القدح في الصحابة‪،‬‬ ‫وأعتبر أن ذلك من باب الحسد للإمام مالك وقد قيل مثله في الأنبياء‬ ‫والعلماء والصالحين؛"'‪ ،‬وفي فترة التعصب بين المذاهب الأربعة ذكر الإمام‬ ‫مالك كأحد المنتقدين لنظرائه من الفقهاء كالإمام أبي حنيفة وأصحابه؛ فقد‬ ‫قال ابن حبيب المالكي‪ :‬في شرح غريب كتاب الجامع في حديث مالك‪:‬‬ ‫دوقد سئل عن الداء العضال‪ ،‬قال‪ :‬أخبرنا مطرف أنهم سألوا مالكا عن الداء‬ ‫العضال؟ فقال‪ :‬هو أبو حنيفة وأصحابه‪ .‬وذلك أنه ضل الناس بوجهين‪:‬‬ ‫الإرجاء‪ ،‬ونقض السنن بالرأي" فهو عندنا‪ 5‬أشام مولود في الإسلام ضل به‬ ‫خلق كثيره"‘‪ .‬ومهما يكن فإن استخدام هذه الرموز من قبل الجماعات‬ ‫المعارضة للحكم السياسي أو الجماعات الفكرية تكاثرت في تلك الأزمنة‬ ‫إلى حد بعيد حتى على مستويات الحكم على الأئمة والعلماء من المدرسة‬ ‫الواحدة‪.‬‬ ‫ويجدر بنا قبل أن نعالج مقولة الإمام مالك في الإباضية أن نبين بأن‬ ‫الصراع بين المذاهب الإسلامية تشتد حدته كلما اشتركت هذه المذاهب في‬ ‫(‪ )١‬العقد الفريد‪.)١٦٥/١( ‎‬‬ ‫‏(‪ )٢‬ينظر‪ :‬العواصم من القواصم‪.‬‬ ‫‏(‪ )٢‬جامع بيان ا‬ ‫لعلم وفضله‪ .‬تأليف‪ :‬يوسف بن عبدالبر النمري" دار النشر‪ :‬دار الكتب العلمية‬ ‫‪ -‬بيروت ۔ ‏‪.)٢١١( ١٣٩٨‬‬ ‫(‪ )٤‬الإباضية بين الفرق‪ 6‬علي يحيى معمر‪ .‬دار الحكمة ۔ لندن‪ .‬ط‪١٤٦٢٥‎ :٥ ‎‬ه‪٢٠٠٤/‬م‪٧‬‬ ‫‏‪٧٧٤).‬۔‪٦٧٤-‬ا‪ (١‬تقلا عن ك‬ ‫تاب المسلك المحمود في معرفة الردودء لسعيد بن ثعاريت‬ ‫‪.‬‬ ‫الجربي ط‪١٣٣١ :‬ه_‏‬ ‫‏‪١٢٥‬‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬الملاقة الفكرية‬ ‫_‪-‬‬ ‫‏؟‪٢‬رك‬ ‫الرقعة الجغرافية الواحدة مما يولد عنه صراغا حادا على مستوى التكفير‬ ‫والدعوة إلى التصفية‪ ،‬ولم يكن ذلك واقعا بين الفرق الكلامية والسياسية‬ ‫نقط؛ كالشيعة وأهل الش ئة‪ ،‬أو هؤلاء والخوارج‪ ،‬وإنما حتى بين المذاهب‬ ‫الأربعة أنفسهم" وسوف نقرر لاحقا في مبحث أصول المالكية كيف أنهم‬ ‫واجهوا منافسة شديدة من الأحناف والشافعية في مصر والعراق" كما بينت‬ ‫أيضا ما قاله الإمام الغزالي في مذهب الإمام أبي حنيفة‪ .‬تطور ذلك عبر‬ ‫التاريخ إلى الحكم بالتكفير والمناداة بإغلاق المساجد وهدمهما‪ .‬ولم يعد‬ ‫هذا المنعطف الخطير في تاريخ الامة خفيا على أحد‪ ،‬ونكتفي هنا بما ذكره‬ ‫الأستاذ عبدالوهاب خلاف حينما قال‪« :‬دومن تأقل ما حدث بين أئمة‬ ‫المذاهب من التشاجر والتنافرش على صحة ما قلنا حنى أن المالكية استقنّوا‬ ‫بالمغرب" والحنفية بالمشرق‪ ،‬فلا يفارق أحد المذهبين أحدا من غيره في‬ ‫بلاده إلا على وجه ماث وحتى بلغنا أن أهل جيلان من الحنابلة إذا دخل‬ ‫عليهم حنفي قتلوه‪ ،‬وجعلوا ماله فينا حكمهم في الكفار‪.‬‬ ‫حنى بلغنا أن بعض بلاد ما وراء النهر من بلاد الحنفية كان فيه مسجد‬ ‫واحد للشافعية‪ ،‬وكان والي البلد يخرج كل يوم لصلاة الصبح فيرى ذلك‬ ‫المسجد فيقول‪ :‬أما آن لهذه الكنيسة أن تغلق؟ فلم يزل كذلك حنى أصبح‬ ‫يوما وقد سد باب المسجد بالطين واللبن فأعجب الوالي ذلك‪.‬‬ ‫ثم إن كلا من أتباع الأئمة يفضل إمامه على غيره في تصانيفهم‬ ‫ومحاوراتهم حنى رايت حنفيّا صئّف مناقب أبي حنيفة فافتخر فيها بأتباعه‬ ‫«كابي يوسف ومحمد وابن المبارك‘ ونحوهم» تُمٌ قال يعرض بباقي‬ ‫المذاهب‪:‬‬ ‫أولئك آبائي فجثني‪...‬بمثلهم‪ ...‬إذا جمعتنا يا جرير ‪...‬المجامع‬ ‫وهذا شبيه بدعوى الجاهلية‪ .‬وغيره كثير وحتى أن المالكية يقولون‪:‬‬ ‫الإباضية والمالكية في الشرب الإسلامي‬ ‫‏‪٦‬‬ ‫‪7‬‬ ‫الشافعي غلام لمالك‪ ،‬والشافعية يقولون‪ :‬أحمد بن حنبل غلام الشافعي©‬ ‫والحنابلة يقولون‪ :‬الانمي غلام أحمد بن حنبل وقد ذكره آبو الحسن‬ ‫القرافي في الطبقات من أتباع أحمد والحنفية يقولون‪ :‬إن الشافعي غلام‬ ‫ابي حنيفة؛ لأنه غلام محمد بن حسن ومحمد غلام أبي حنيفة‪ .‬قالوا‪ :‬لولا‬ ‫ا الشافعي من أتباع أبي حنيفة لما رضينا أن ننصب معه الخلاف© وحتى أن‬ ‫الشافعية يطعنون بأن أبا حنيفة من الموالد وأئه ليس قرشا وأحوج ذلك‬ ‫الحنفية إلى الطعن في نسب الشافعي" وأئه ليس قرشيا بل من موالي قريش‪،‬‬ ‫ولا إماما في الحديث لأن البخاري ومسلما أدركاه ولم يرويا عنه مع أنهما‬ ‫لم يدركا إماما إلا رويا عنه‪ ،‬حى احتاج الإمام فخر الدين والتميمي في‬ ‫تصنيفهما مناقب الشافعي إلى الاستدلال على هاشميته؛ وحتى جعل كل‬ ‫فريق يروي السنة في تفضيل إمامه×'‪ .‬تم ذكر المؤلف بعض الأحاديث التي‬ ‫يرويها أصحاب المذاهب في فضل أئمتهم‪ ،‬وشرعية مناهجهم‪.‬‬ ‫والآن نأتي إلى مناقشة ما جاء في المدونة التي يرويها سحنون عن‬ ‫الإمام مالك في حق الإباضية‪« :‬قلت‪ :‬أرأيت قتل الخوارج ما قول مالك‬ ‫فيهم؟ قال‪ :‬قال لي مالك في الإباضيةش والحرورية وأهل الأهواء كلهم‪ :‬أرى‬ ‫أن يستتابوا فإن تابوا وإلا قتلوا‪ .‬قال ابن القاسم وقال مالك في الحرورية‬ ‫وما أشبههم‪ :‬إنهم يقتلون إذا لم يتوبوا إذا كان الإمام عدلا‪ ،‬وهذا يدلك على‬ ‫أنهم إن خرجوا على إمام عدل يريدون قتاله ويدعون إلى ما هم عليه دعوا‬ ‫إلى الجماعة والسُئة‪ ،‬فإن أبوا قوتلوا"'‪.‬‬ ‫(‪ )١‬الإباضية بين الفرق‪ ،‬علي يحيى معمر دار الحكمة ۔ لندن ط‪ :٥ ‎‬؛م‪/٤٠٠٢‬ه‪‎٥٢٦٤١‬‬ ‫(‪ )٤٧٣ - ٤٧٢/١‬نقلا عن‪« :‬مصادر التشريع الإسلامي فيما نص فيه‪ ،‬للاستاذ عبد الوهاب‪‎‬‬ ‫خلاف‪ ،‬طبعه دار القلم ‪١٣٩٢‬ف ص‪.١٣٠ ‎‬‬ ‫() المدونة الكبرى" رواية الإمام سحنون عن ابن القاسم" دار النشر‪ :‬دار صادر ۔ بيروت‬ ‫‏(‪.)٤٧/٣‬‬ ‫‏‪١٢٧‬‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬الملاقة الفكرية‬ ‫‪-‬‬ ‫‏؟‪٦‬ہرف‬ ‫وهي عبارة ليست محكمة تحتاج إلى دراسة متأنية لمعرفة الملابسات‬ ‫التي قيلت فيها‪ ،‬وذلك على النحو التالي‪:‬‬ ‫‌‬ ‫أولا‪:‬‬ ‫أ۔ ورد في كتاب النوادر والزيادات لابن أبي زيد ما يفيد بوجود نسبة‬ ‫من الشك في إسناد المقولة السالفة إلى الإمام مالك‪ ،‬فقد قال‪« :‬قال ابن‬ ‫الماز‪ :‬وقال مالك في القدرية‪ :‬إنهم يستتابون وإلا قتلوا‪ .‬وهو قول عمر بن‬ ‫عبد العزيز'‪ .‬قال بعض أصحاب مالك أظنه عن مالك‪ ،‬يستتاب الإباضية‬ ‫والقدرية‪ ،‬فإن تابوا وإلا قتلوا»"'‪ 5‬وهذا الظن الوارد في الزيادات يكشف عن‬ ‫نسبة من الشك في إسناد الحكم إلى الإمام مالك نفسه‪ ،‬وذلك يتضح أكثر‬ ‫في الأدلة التي سنوردها في النقاط اللاحقة؛ لأن الإمام مالك لا يتصور أن‬ ‫يترك ذكر بقية فرق الخوارج وهي أشد خطزا من الإباضية كالازارقة‬ ‫والصفرية‪ .‬ومعلوم أن خطر الصفرية على المالكية في الغرب الإسلامي كان‬ ‫كبيزا» فكيف تم انتقاء الإباضية في هذه العبارة؟ !} لم يكن إذن ذلك من‬ ‫كلام الإمام مالك وإنما هو من بعض تلاميذه كما ينص ابن الماز ورجحان‬ ‫الظن إنما جاء لأن الرواية ينسبها ابن القاسم إلى الإمام مالك في المدونةء‬ ‫على اعتبار أنهم أقرب تفسير لظاهرة الخوارج السياسية في نظر ابن القاسم‬ ‫كون هؤلاء يمثلون حضورا بارزا في مصر والمغرب الإسلامي" لكن حظ‬ ‫ابن القاسم هو أن الوقوف على معلومات ضبابية عن هذا المسمى ومعتنقيه‪.‬‬ ‫‏(‪ )١‬إدراج عمر بن عبد العزيز نيه في هذا النص ليس دقيمًا‪ ،‬إلا إذا كان ذلك أيام إمارته على‬ ‫المدينة وقبل أن يكون خليفة؛ لان المشهور عنه أنه استطاع أن يحتوي كل الفرق‬ ‫والخلافات‪ ،‬وأن يصنع بينها موائمة لم يتكرر مثلها في بني أمية والعباس" بل في غالب‬ ‫الدول المسلمة‪.‬‬ ‫‏(‪ )٢‬النوادر والزيادات" أبو محمد عبدالله بن أبى زيد القيرواني دار الغرب الإسلامى ۔‬ ‫‏(‪.)٥٤٥/١٤‬‬ ‫‪ ١٩٩٩‬م‪.‬‬ ‫‏‪:١‬‬ ‫ط‬ ‫بيروت‘‪6‬‬ ‫الإباضية والمالكية في الغرب الإسلامي‬ ‫رن‪.‬ة‬ ‫‏‪١٢٣٨‬‬ ‫ه‬ ‫ب ۔ أتت هذه المعرفة الجزئية المشوشة عن الإباضة إلى حدوث‬ ‫اضطراب في الحكم عليهم في كتب المالكية بسبب عدم وضوح منهج هذه‬ ‫الفرقة في الخط السياسي من ناحية وفي المسلك العقدي من ناحية أخرى©‬ ‫فيشند الحكم عندما تستحضر أقوال النكار؛ وهذا ما تدل عليه فتوى ابن‬ ‫القاسم؛ وكما في هذا النص الذي أورده ابن أبي زيد أيضًَا في النوادر‪« :‬قال‬ ‫مالك في القدرية والإباضية‪ :‬لا يصلى عليهم فإذا قتلوا فذلك أحرى»ه{‘'‪.‬‬ ‫وتارة تتضح بعض معالم الإباضية الأصل فتخف حدة الحكم كما هي فتوى‬ ‫الإمام سحنون عندما سئل عن فتوى الإمام مالك في الإباضية كما جاء في‬ ‫البيان والتحصيل‪« :‬وسئل سحنون عن قول مالك في أهل البدع الإباضية‬ ‫والقدرية وجميع أهل الأهواء إنه لا يصلى عليهم؟ فقال‪ :‬لا أرى ذلك‘ وأرى‬ ‫أن يصلى عليهم ولا يتركوا بغير صلاة لذنب ارتكبوه‪ ،‬ومن قال‪ :‬لا يصلى‬ ‫عليهم فقد كفرهم‪ ،‬وقد جاء الحديث أن رسول الله يلة قال‪« :‬لا تكفروهم‬ ‫بذنوبهم»‪ 6‬وإنما قال مالك‪ :‬لا يصلى على موتاهم تأديا لهم‪ ،‬ونحن نقول‬ ‫ذلك على وجه التأديب لهم»ه‘‪ 0‬وواضح جا أن المسألة تحمل قدرا كبيزا‬ ‫من الحيرة عند رجالات المذهب المالكي‪ .‬فالإمام مالك على تقدير صحة‬ ‫المقولة عنه لا يبدو أنه يعرف عن الإباضية الكثير سوى آنهم خوارج‪.‬‬ ‫وجريمة هؤلاء في الفكر السني هو جواز الخروج على الحاكم الظالم؛ لأن‬ ‫ذلك فتنة من جهه‪ .‬ولأنه يخالف جملة من الأحاديث القاضية بالسمع‬ ‫والطاعة من جهة أخرى" لكن الإمام سحنون وقد عايش الإباضية لا يرى أن‬ ‫ذلك يستوجب تكفيرهمإ وإنما قصارى ما فيه أنه تأديب‪ ،‬ولذلك تأول فتوى‬ ‫الإمام مالك بما يتسق مع فقهه وعلمه‪.‬‬ ‫(‪ )١‬النوادر والزيادات‪)٥٤٥/١٤( ‎‬۔‬ ‫(‪ )٢‬النيات وانتحصيل‪.)٤١٠/١٦( ‎‬‬ ‫‏‪١٣٩‬‬ ‫‪..‬‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬العلاقة الفكرية‬ ‫_‪-‬‬ ‫‏‪٦‬‬ ‫ج ۔ اقتصار الإباضية الأصل على منطقه تيهرت في الجزائر‪ ،‬ونفوسة‬ ‫بليبيا‪ .‬وجربة بتونس‪ ،‬على أن هذه المناطق أيضا زاحمهم فيها النكار‪ ،‬وظل‬ ‫الصراع الفكري بينهم ممتدا إلى القرن الحادي عشر الهجري‪ ،‬وعليه فسوف‬ ‫يكون الحكم عليهم صعبا للغايةإ أو بالاحرى لا توجد مرشحات لتغيير‬ ‫الحكم‪ .‬على أن التحري في مثل هذه الحالات كان المفترض أن يكون‬ ‫حاضرا لدى العالم الديني عندما لا تتضح لديه الأمور بالقدر الكافي‪.‬‬ ‫ومعلوم أن منهج التثبت في الإسلام لا يسمح باعتماد الظنون‘ واجتزاء‬ ‫المعارف‪ ،‬وغاية ما يلجأ إليه المؤمن عند اشتباه الأمور هو الصمت‪.‬‬ ‫ومما يضاف إلى هذا أيضا اختلاط الصفرية بالإباضية إلى الحد الذي لم‬ ‫يفرق فيه بعضهم بين الإباضية والصفريةف‪ ،‬وخاصة في المغرب© ففي تاريخ‬ ‫مدينة دمشق يقول أبو القاسم‪« :‬والغرباء إلى وقتنا هذا قوم على مذهب‬ ‫الإباضية يعرفون بالصفرية يزعمون أنهم أخذوا ذلك عن عكرمةه'‪ .‬ووقع‬ ‫مثل ذلك لابن حجر في فتح الباري رغم سعته في الاطلاع"'‪ .‬وعكرمة نفسه‬ ‫تارة يذكر بأنه إباضي وتارة صفري‪ ،‬وتارة بأنه صفري إباضي‪ ،‬وكذلك‬ ‫‏(‪ )١‬تاريخ مدينة دمشق وذكر فضلها وتسمية من حلها من المائل" تاليف‪ :‬أبي القاسم علي بن‬ ‫الحن ابن هبة الله بن عبدالله الشافعي" دار النشر‪ :‬دار الفكر ۔ بيروت ۔ ‪١٩٩٥‬مإ‏ تحقيق‪:‬‬ ‫محب الدين أبي سعيد عمر بن غرامة العمري{ ‏(‪.)٧٩/٤١‬‬ ‫(؟) ينظر‪ :‬هدي الساري مقدمة فتح الباري شرح صحيح البخاري" تاليف‪ :‬أحمد بن علي بن‬ ‫حجر أبو الفضل العسقلاني الشافعي دار النشر‪ :‬دار المعرفة ۔ بيروت ۔ ‪١٢٣٧٩‬ه©‪٥‬‏‬ ‫تحقيق‪ :‬محمد فؤاد عبد الباقي" محب الدين الخطيب" ‏(‪.)٤٢٦/١‬‬ ‫‏(‪ )٢‬ورغم اشتهار عكرمة بانه صفري" والإياضئة أنفسهم لا يعدونه منهم بسبب الخلاف بينهم‬ ‫وبين الصفريةء إلا أن كتب المالكية ترى أنه زباضي‪ ،‬وأن الإمام مالك لم يرو عنه لانه‬ ‫يرى رأي الإباضية‘ يقول ابن عبدالبر في التمهيد‪« :‬وقيل لابن ابي أويس‪ :‬لم لم يكتب‬ ‫مالك حديث عكرمة مولى ابن عباس؟ قال‪ :‬لأنه كان يرى رأي الإباضيةء التمهيد لما في‬ ‫‪:‬‬ ‫الموطأ من المعاني والاسانيد ‏(‪ )٢٨/٢‬وانظر‪ :‬تاريخ الإسلام ‏‪.١٨١/٧‬‬ ‫الإباضية والمالكية شي الغرب الإسلامي‬ ‫رر‬ ‫ل‏‪١٤‬‬ ‫الحال مع عمران بن حطان تارة ينسب إلى الإباضية وأخرى إلى الصفرية(‬ ‫وقد أخرج البخاري ومسلم لهذين العالمين دونما نكير‪.‬‬ ‫والصفرية مذهب خارجي لا يقبله الإباضية ولا يرضون عن أفعاله وقد‬ ‫ورد ذمهم في كتب الإباضية كثيرا يقول العلامة الشقصيه"'‪« :‬قيل‪ :‬إن رجلا‬ ‫من الصفرية جاء إلى الربيع ووائل بن أيوب" وأراد التوبة" فقيل له‪ :‬نثبت‬ ‫‏(‪ )١‬من بني عمرو بن شيبان‪ .‬تابعو من طبقة الإمام جابر بن زيد (ت‪٩٢ :‬ه)‏ كما صئفه‬ ‫الدرجينئى والشماخئن‪ .‬نشا بالبصرة‪ .‬وتذكر المصادر أئه أدرك صدزا من الصحابة مثل‬ ‫عائشة‪ .‬كان من أية القعدة بالبصرة‪ ،‬آلت إليه زعامتها بعد مقتل أبي بلال مرداس ابن‬ ‫حدير في موقعة آسك‪ .‬ولكن المصادر غير الإباضية تصفه ضمن فرق الخوارج" وتجعل‬ ‫تحت لوائه عددا من هذه الفرق كالصفرية‪ .‬وصفه ابن عماد بانه أحد رؤوس الخوارج‪٠‬‏‬ ‫وشاعرهم البليغ‪ .‬وجعله الجاحظ رئيس القعدة من الصفرة وصاحب فتواهم ومفزعهم‬ ‫عند اختلافهم؛ وتذكر هذه المصادر أيضا أثه كان من أهل المئة‪ .‬فتزؤج بامرأة من الشراة‬ ‫ليرثها إلى الحق فذهبت به وصار من زعمائهم‪ .‬قيل أنه توفي في أحيائهم ومات هناك‪6‬‬ ‫وقيل‪ :‬إئه مات في روذ سيسان قرب الكوفة سنة ‪٨٤‬ه‪٢٠٢٣/‬م‪.‬‏ وتجمع المصادر أنه ترع‬ ‫في الشعر‪ ،‬وله في علوم الشريعة ضلع‪ .‬روى الحديث عن الصحابة وروى عنه أصحاب‬ ‫الحديث‪ .‬فكان محذئا فقيها‪ .‬كما كان شاعزا فصيحا‪ .‬سسّر شعره لنصرة مذهبه في الشراء‬ ‫وفداء العقيدة‪ .‬تنظر سيرته في‪ :‬جمهرة أناب العرب© ابن حزم ‏‪ ::٣١٨‬البيان والتبيين‬ ‫‏‪٢٢٦ .٢٢٣/٦٢‬۔‪ {٤٥٣ ٥٢٣٢‬السير‬ ‫‏‪ ٧١‬طبقات المشائخ‪ .‬الدرجيني ‪٧/١‬؛‬ ‫الجاحظ‬ ‫الشمماخي‪ ،‬‏‪ ٧٢٢٣‬تذكرة الحفاظ‪ .‬الذهبى ‏‪.٢٣/١‬‬ ‫‏(‪ )٢‬هو‪ :‬العلامة الفقيه خميس بن سعيد الشقصى الرستاقي (ت‪١٠٦٠ :‬ها)‪،‬‏ من أبرز علماء‬ ‫مان في القرن الحادي عشر الهجري" من مواليد القرن العاشر واستمر ذكره حتى في‬ ‫عهد الإمام سلطان بن سيف ثاني الأئمة اليعاربة‪ ،‬أصله من نزوى واستوطن الرستاق‪ .‬من‬ ‫مؤلفاته (منهج الطالبين وبلاغ الراغبين) وهو من أشهر كتب الفقه الإباضية‪ .‬ينظر‪ :‬مجموعة‬ ‫باحثين (دليل أعلام غمان) ص ‏‪ .٥٩‬تحفة الأعيان للسالمى ‏(‪.)٢/٢‬‬ ‫‏(‪ )٣‬هو‪:‬‬ ‫أبو ايرب وائل بن ايوب الحضرمي ينه صنو الربيع وتلوه‪ 6‬له آثار بالعراق والمغرب‬ ‫وغمان وحضرموت‪ .‬من اقواله تَتلْة‪« :‬إنما الفقيه الذي يعلم الناس ما يسع الناس فيها عما‬ ‫سالوه عنهءؤ وله من الفضائل الكثيرة‪ .‬تولى قيادة المدرسة الإباضية في البصرة بعد الربيع‪.‬‬ ‫توفي أوائل القرن الثالث الهجري تقريبا‪ .‬انظر‪ :‬طبقات المشائخ بالمغرب ‏‪.٢٧٨/٢‬‬ ‫‏‪١٤١‬‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬الملاقة الفكرية‬ ‫‪-‬‬ ‫‪..‬‬ ‫لك الإسلام ولكن لا تكون لك عندنا ولاية حتى تأتي إلى قومك الذين‬ ‫دعوتهم؛ لأنك كنت داعيا تدعو الناس فتبين لهم‪ .‬أني كنت أدعوكم إلى‬ ‫غير الحقؤ وأني قد تبت من ذلك‘ وقد رجعت\ فذهب إليهم فأخبرهم" فلما‬ ‫جاء إلى الربيع ووائل بعد ذلك قبلوه وثبتوا له الإسلام"‪ .‬ولكن المشكلة‬ ‫أن مجال انتشارهم في المغرب كان متزامنا مع الإباضية زمانا ومكاناء‬ ‫فحدث ما حدث من الخلط بينهما‪ ،‬فحتى ابن خلدون عندما تحدث عن‬ ‫ثورة أبي الخطاب عبد الأعلى بن السمح على الصفرية في القيروان جعلها‬ ‫ثورة إباضية على إباضيةث'‪ ،‬وهو لا شك خطأ سببه الخلط وقلة التحريأ'‪.‬‬ ‫ولا يبدو من كل هذا وجود رغبة حقيقية عند الباحثين القدامى في استجلاء‬ ‫خبر هذا المذهب ومعرفة تاريخه ورجاله وإنتاجه العلمي" رغم الصفحات‬ ‫التاريخية التي كتب فيها صور التضحيات من أجل إعلاء كلمة الله ونشر‬ ‫مظلة العدالة الإسلامية على الأمم والشعوب دون تمييز عرقي أو طائفي‪.‬‬ ‫وتضاف إلى هذا مشكلة أخرى وهي أن فرقا أخرى انشقت عن الإباضية‬ ‫وانفردت بآراثها المخالفة للإباضية الوهبية} لكنها ظلت تتمسك بهذا الاسم‬ ‫(‪ )٤‬منهج الطالبين‪ ‎‬۔)‪(٢/٦٨٢‬‬ ‫(‪.)١٥١/٦‬‬ ‫)‪ (٥‬تاريخ ابن خلدون‪‎‬‬ ‫‏(‪ )٦‬ومن جملة أخطاء ابن خلدون هو قوله في عبدالرحمن بن رستم‪ :‬إنه كان من مسلمة‬ ‫الفتح‪ ،‬وهو من ولد رستم أمير الفرس بالقادسيةء وقدم إلى إفريقية مع طوالع الفتح فكان‬ ‫بها‪ .‬وأخذ يدين بالخارجية والإباضية منهمإ وكان شيعة لليمنية وحليفا لهمء‪ 6‬وقوله هذا‬ ‫هو خليط من المتناقضات‘ لا يستقيم حرف منه‪ .‬فعبد الرحمن بن رستم توفي سنة‬ ‫‪٦٨‬ه‏ فكيف يمكن أن يكون من ولد رستم أمير الفرس بالقادسية‪ .‬وقد دارت رحاها‬ ‫بين سنتي‪١٦١-١٤ :‬ه؟۔‏ الهم إلا إذا نحن حملنا عبارته على أنه من ذريته‪ .‬وكيف يمكن‬ ‫أن يكون قدم إفريقية مع طوالع الفتع" وهو بدا سنة ‪٢٧‬ه‘‏ وتواصل إلى أن تم نحو سنة‬ ‫‪٧٤‬ه؟!‏ إنه يستحيل ۔ لاسباب تاريخية أن يكون ابن رستم قدم مع طوالع الفتح‬ ‫ولا حتى مع أواخره‪ .‬ينظر‪ :‬أخطاء ابن خلدون في كتايه المقدمة (ص ‏‪.)١٩٥‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‏‪٢‬‬ ‫الإباضية والمالكية في الغرب الإسلامي‬ ‫مرہ‪٩‬؟‏‬ ‫أيضا وتنعت به نفسها دون الآخرين من بين هذه الفرق العمرانية‪0‬‬ ‫والحسينيةؤ واليزيدية‪ ،‬يقول المؤرخ الإباضي أبو زكريا‪« :‬إنً طائفة تنتحل‬ ‫اسم الإباضية يقال لهم‪ :‬العمرانية‪ ،‬لم تجمعنا وياهم جامعة من قبلؤ وهم‬ ‫يزعمون أنهم إتاضية‪ ،‬يسندون مذهبهم إلى عبدالله بن مسعود يره وهم‬ ‫أتباع عيسى بن عمير»ه"'۔ أما ابن الصغير المالكي مؤرخ الدولة الرستمية‬ ‫فيقول مبينا هذه المشكلة‪« :‬وعلى يديه افترقت الإباضية وافترق كبراؤهم‬ ‫وتسمى قوم منهم بالنكارش وتسمى قوم منهم بالوهبية‪ ،‬وهذا الاسم لست‬ ‫أعرفه‪ ،‬وقد سمعت أنهم تسموا بهذا الاسم لاتباعهم عبد الوهاب‪ ،‬ولذا أعرف‬ ‫من أسمائهم على ما حدثني به أهل المعرفة أن فرقة منهم يسمون باليزيدية‬ ‫يريدون من اتبع عبدالله بن يزيدا وبالعمرية يريدون من اتبع عيسى بن‬ ‫عمرو‪ ،‬وبعده أحمد بن الحسين‪ ،‬ورأيت من يسمون بالوهبية‪ ،‬يميلون إلى‬ ‫هذين المذهبين ويسمون أيضا بالعمسكرية{ وجل من كان عندنا من نفوسة‬ ‫يسمون بهذا الاسم"‘‪ 8‬وإذا كان ابن الصغير وهو معاصر للدولة الرستمية‬ ‫وخاصة في أواخرها وقع له اضطراب في المسميات وحصل لديه ضبابية في‬ ‫نسبتها وأتباعها؛ فإن ذلك لن يكون مستغربا من الإدريسي بعيد العهد عندما‬ ‫لا يفرق بين النكار والوهبية فيجعلهما مسمى واحدا‪ ،‬فيقول واصقّا جزيرة‬ ‫زيزوا القريبة من جربة‪« :‬دوهذه الجزيرة عامرة بأهلها‪ .‬وهم قوم نكار خوارج‬ ‫جميع الحصون والقصور التي تلي‬ ‫في الإسلام مذهبهم الوهبية‪ .‬وكذلك‬ ‫وذلك أنهم لا يماسح ثوب أحدهم‬ ‫هاتين الجزيرتين يتمذهبون بمثل ذلك‘‬ ‫يؤاكله‪ ،‬ولا يأكل له في آنية إلا أن‬ ‫ثوب رجل غريب ولا يمسه بيده ولا‬ ‫ورجالهم ونساؤهم يتطهرون في كل‬ ‫تكون آنية محفوظة لا يقربها أحد سواه‪،‬‬ ‫(‪ )١‬سير الائمة‪ 5‬أبو زكريا ص‪.٨٨‎‬‬ ‫(‪ )٢‬أخبار الائمة الرستميين؛ ص‪.٤٤ ‎‬‬ ‫‏‪١٤٢‬‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬العلاقة الفكرية‬ ‫‪7‬‬ ‫‏‪٦‬رف‬ ‫وإن استقى عابر سبيل‬ ‫لكل صلاة‬ ‫ثم يتيممون‬ ‫يوم عند الصباح ويتوضئون‬ ‫شيئا من مياه آبارهم وعاينوه طردوه‪ ،‬واستخرجوا ذلك الماء عن البثر‪،‬‬ ‫لا يقربها الطاهر؛ وثياب الطاهر لا يقربها الجنب© وهم مع‬ ‫وثياب الجنب‬ ‫ذلك كله ضيافون يطعمون الطعام ويندبون إلى طعامهم ويسالمون الناس في‬ ‫أموالهم وفيهم عدالة بينة لمن نزل بهمه ورغم التناقض الفصيح في هذا‬ ‫الوصف إلا أننا لا زلنا نصر على أن كثيرا من هذه الأوصاف المذهبية كتبت‬ ‫بالوكالة‪ .‬ولم يسبق لأصحابها تحر صحيح أو زيارة علمية استكشافية‪ .‬يتأكد‬ ‫لمدينة المسيلة‪« :‬ومن مدينة المسيلة‬ ‫ذلك في وصف الإدريسي مرة أخرى‬ ‫إلى وارجلان اثنتا عشرة مرحلة كبارث وهي مدينة فيها قبائل مياسير وتجار‬ ‫أغنياء يتجولون في بلاد السودان إلى بلاد غانة وبلاد ونقارة‪ ،‬فيخرجون منها‬ ‫التبرث ويضربونه في بلادهم باسم بلدهم" وهم وهبية إباضية نكار خوارج‬ ‫في دين الإسلام»‪.'"٨‬‏‬ ‫هذه الفرق‬ ‫والتيمم مما تتميز به بفض‬ ‫الطهارة هذه‬ ‫آن قضية‬ ‫ويبدو‬ ‫من‬ ‫الاستبصار‬ ‫ففي كتاب‬ ‫التسمية‬ ‫حيث‬ ‫على الإباضية من‬ ‫المحسوبة‬ ‫عجائب الأمصار يذكر المؤلف عند حديثه عن الإباضية في مدينة شروس‬ ‫بشمال إفريقية أن هذه المدينة ليس بها جامع‪ ،‬ولا يرون في مذهبهم الجمعة‪.‬‬ ‫الاغتسال بالماء جملة"‪.‬‬ ‫وبعضهم لا يرى‬ ‫غريبة في الطهارة‬ ‫ولهم طرق‬ ‫د ۔ بعض الذين التقوا بالإباضية الأصل وتعرفوا على ما لديهم تعدل‬ ‫‏(‪ )١‬نزهة المشتاق في اختراق الآفاق‪ ،‬تأليف‪ :‬أبو عبدالله محمد بن عبدالله بن إدريس الحمودي‬ ‫الحسني" دار النشره عالم الكتب ‪ -‬بيروت _ ‪١٤٠٩‬ه‪١٩٨٩/‬م)‏ الطبعة‪ :‬الاولىث ‏(‪.)٢٠٦/١‬‬ ‫(‪ )٦٢‬نفسه‪٢٩٦/١ ‎‬۔‬ ‫‏‪ \١٤٥ ٠١٤٤‬نقلا من كتاب دراسة عن الفرق في تاريخ‬ ‫(؟) الاستبصار في عجائب الامصار ص‬ ‫المسلمين الخوارج والشيعة د‪ .‬أحمد محمد أحمد حلبي" مركز الملك فيصل للبحوث‬ ‫والدراسات الإسلامية‪ .‬ط ‏‪١٤٠٦ :١‬ه _ ‪ ١٩٨٦١‬م ‪ .‬ص‏‪.٧٨ ٥٧٧‬‬ ‫الإباضية والمالكية في الغرب الإسللمي‬ ‫‪71‬‬ ‫‏‪١٤٤‬‬ ‫غل‬ ‫الحكم لديهم وتغيرت نظرتهم للإباضية مع وجود بعض الحواجز العقدية‬ ‫كالقول بخلق القرآن" على أن الخلاف بين الإباضية والأشاعرة في هذه‬ ‫المسألة خلاف لفظي لا غير كما سيأتي بيانه بحول الله تعالى‪ ،‬إذ كلاهما‬ ‫يقولان بأن الكلام النفسي غير مخلوق‪ ،‬وإنما الملفوظ المكتوب محدث‪.‬‬ ‫ومن بين هؤلاء الذين توفرت لديهم صلة مباشرة بالإباضية‪ :‬ابن حزم كما‬ ‫أسلفنا سابقا‪ ،‬جاء في المجموع شرح المذهب قال‪« :‬قال ابن حزم‪ :‬وأقربهم‬ ‫إلى الحق الإباضية‪ .‬قلت _ الشارح ‪ :‬وهم يعيشون الآن في جبال القبائل في‬ ‫شمال إفريقية من تونس والجزائر ومراكش‪ ،‬كما أن لهم إماما في غمان وقد‬ ‫قرات في كتبهم أنهم يتبعون في فقههم أبا الشعثاء جابر بن زيد‪ ،‬وهو موثق‬ ‫في جميع كتب أهل الُئة وله عندهم أخبار وروايات رواها عنه عبدالله بن‬ ‫إباض لم أجدها عندناء'‪ .‬والمؤرخ المالكي ابن الصغير وهو مؤرخ الدولة‬ ‫الرستمية الإباضية‪ ،‬حيث قال‪« :‬ليس أحد ينزل بهم من الغرباء إلا استوطن‬ ‫معهم وابتنى بين أظهرهمإ لما يرى من رخاء البلد وحسن سيرة إمامه وعدله‬ ‫في رعيته‪ ،‬وأمانه على نفسه وماله‪ ،‬حتى لا ترى دارا إلا قيل هذه لفلان‬ ‫الكرفي‪ 6‬وهذه لفلان البصري وهذه لفلان القروي‪ ،‬وهذا مسجد القرويبن©‬ ‫ورحبتهم‪ ،‬وهذا مسجد البصريين‪ ،‬وهذا مسجد الكوفيين‪...‬؛‪‘"٨‬‏‬ ‫ثانيا‪:‬‬ ‫وهناك مخرج آخر قد لا نجد أنه مكتمل التفاصيل والرؤية لكنه قد‬ ‫يستأانس به لمعرفة ملابسات دخول مصطلح الإباضية في العبارة المنسوبة‬ ‫‏(‪ 6)٢١٩/١٩‬فيوالحمقسينقدة أن اين إباض لم يرو عن الإمام جابر‬ ‫‏(‪ )١‬المجموع شرح المهذب‬ ‫الإمام الربيع بن حبيب‪.‬‬ ‫وإنما هو أبوعبيدة مسلم بن أبي كريمة‪،‬‬ ‫‏(‪ )٢‬أخبار الائمة الرستميينؤ ابن الصغيرث تح‪ :‬د‪ .‬محمد ناصر وإبراهيم بحازا دار القرب‬ ‫الإسلامي‪ .‬بيروت ط ‪١٤٠٦‬ه‪٩١٨٦/‬‏ ‪١‬م؛‏ ص‪.٣٦‬‏‬ ‫‏‪١٤٥‬‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬العلاقة الفكرية‬ ‫‪-‬‬ ‫‏‪٦‬‬ ‫إلى الإمام مالك وإن كنا لا زلنا نظن أن العراك السياسي وراء إدخالها‪ ،‬بيد‬ ‫أن التماس الأعذار واجب يحتم على المؤمن أن يبحث فيه إلى سببين وأكثر‪.‬‬ ‫هذا المخرج يمكن النظر إليه من خلال المدة الزمنية التي توجه فيها‬ ‫السؤال إلى الإمام ابن القاسم فالسؤال الموجه إلى الإمام ابن القاسم كان‬ ‫ومظنة وقوع هذا السؤال ستكون‬ ‫والسائل هو الإمام سحنون‬ ‫عن الخوارج‪.‬‬ ‫في العقد قبل الأخير من القرن الثاني الهجري؛ أي‪ :‬في الوقت الذي حدثت‬ ‫الإباضية على يد ابن فندين{' الذي انعزل بنفسه‬ ‫فيه انقسامات في صقوف‬ ‫عن دائرة الشورى‪ ،‬وفضل أن يخوض صراعا مع الإمام عبدالوهاب‬ ‫الرستمي"'‪ ،‬بفرض شروطه في استشارة جماعه خاصة هو أحدهم‪ .‬أدى ذلك‬ ‫‏(‪ )١‬هو‪ :‬آبو قدامة يزيد بن فندين اليفراني النكاري‪ 6‬زعيم حركة النكار فني عهد الإمام‬ ‫عبدالوهاب عاش في تيهرت‪ ،‬كان معاصرا للإمام عبدالرحمن بن رستمإ وقد رشحه‬ ‫الإمام عبدالرحمن لمنصب الإمامة بعده مع النفر الستة" وعندما مال المسلمون إلى‬ ‫عبد الوهاب‪ ،‬ومسعود الاندلسي‪ ،‬ولم يلتفتوا إليه ۔ وكان يطمع في الحكم ۔ بادر بترشيح‬ ‫عبدالوهاب لمنصب الإمامة‪ ،‬طمعا أن ينال حظوة عنده‪ ،‬ويجعله على شيء من المناصب‬ ‫المهمة في الدولة‪ .‬خاصة أن أم الإمام عبد الوهاب كانت يفرانية‪ .‬من نفس قبيلة ابن‬ ‫فندين‪ ،‬فاشترط ابن فندين ومن معه عند مبايعة عبدالوهاب ألا يقضي دون جماعة معلومة‪٬‬‏‬ ‫وذلك حتى يتسنى لهم التدخل في شؤون الحكم‪ .‬إلا أن العلماء رفضوا شرط ابن فندين‬ ‫ومن معه{ وتمت مبايعة الإمام عبدالوهاب‪ ،‬وعندما تولى عبدالوهاب الإمامة وعين‬ ‫العلماء وأهل الخير‪ .‬ولم يلتفت إلى ابن فندين ومن معه‪ ،‬ثار الحسد في قلوبهم‪ .‬فاثاروا‬ ‫قضية الشرط الذي اشترطوه عند مبايعة الإمام عبدالوهاب‪ ،‬وهو شرط باطل فاثاروا فتنة‬ ‫بين الناس ووقف معهم بعض الجهال‪ ،‬وبعض أصحاب الأهواء‪ ،‬فوقعت حرب بين الإمام‬ ‫عبد الوهاب وابن فندين كان النصر فيها من نصيب الإمام عبدالوهاب‪ ،‬وقتل افلخ بن‬ ‫عبدالوهاب يزيد بن فندين‪ ،‬ولمعرفة تفاصيل فتنة ابن فندين تنظر المراجع التالية‪ :‬الطبقات‬ ‫‏‪.١٢١/١‬‬ ‫‏‪ _ ٥٦- ٤٦/١‬السير للشماخي"‬ ‫للدرجيني‪،‬‬ ‫‏(‪ )٢‬الإمام عبدالوهاب هو الإمام الثاني من أئمة الدولة الرستمية بالمفرب‘ وقد تولى الإمامة‬ ‫‪١٧١‬هز‏ بعد وفاة والده الإمام عبدالرحمن بن رستم المؤسس للدولة الرستمية‘‬ ‫في سنة‬ ‫وقد كان يتصف بالعلم والورع والهيبة‪ .‬واتسم عهد الإمام عبدالوهاب بالعدل والرقي =‬ ‫الإباضية والمالكية هي الشرب الإسلامي‬ ‫‪.:‬‬ ‫‏‪١٤٦‬‬ ‫‪٦‬ہرف‪‎‬‬ ‫الصراع إلى وجود طائفة من الإباضية تسمى (النكار)"'؛ نسبت نفسها فقهيا‬ ‫ونشر الامن في ربوع الدولة الرستمية\ والقضاء على كل من أراد الإخلال بأمن البلاد‬ ‫د‬ ‫ووحدتها‪ .‬وأرسل في أطراف دولته ودواخلها أوامره الشديدة بامتثال الأوامر واجتناب‬ ‫المناهي الشرعية‪ ،‬ورتب الحكام والعمال والقضاة ورجال الشرطة في سائر انحاء دولته‪٬‬‏‬ ‫فعمهم عدله وشملهم حكمها ولم ينقم عليه أحد شيئا في أحكامه وسيرته؛ إلا أن عهد‬ ‫هذا الإمام لم يخل من بعض الفتن الداخلية‪ .‬قام بها بعض من أراد الإخلال بأمن الدولة‬ ‫الرستمية‪ ،‬وتشتيت وحدتهاء ومن ذلك خروج ابن فندين على الإمام عبدالوهاب‪ .‬إلا أن‬ ‫الإمام عبدالوهاب تمكن من القضاء على فتنة ابن فندين بقيادة ابنه أفلح‪ .‬توفي عام‬ ‫‏‪.١٢٣٤ -١٣٣/١‬‬ ‫الطبقات للدرجيني ‏‪ ٥٤/١‬۔‪ ،‬السير للشماخي‪:‬‬ ‫‏‪٠٨‬ه‬ ‫_‬ ‫النكار أو النماث أو النمالة أو الناكثة‪ .‬من كلمة «نكث» أي‪« :‬أنكر» هم جماعة خرجت‬ ‫_‬ ‫س‬ ‫على الإمام عبدالوهاب وأنكروا إمامته ونكشوا اليمين التي قطعوها له‪ ،‬فلذلك سموا‬ ‫بالنكاث وبالنكار‪ .‬ويعرفون كذلك بالنجوية من كلمة نجوى؛ أي‪ :‬الخديعة الرية التي‬ ‫عرفت عنهم عند مناقشة مالة إمامة الإمام عبدالوهاب التي أنكروها‪ ،‬ويعرفون كذلك‬ ‫بالملحدة لانهم ألحدوا بالنسبة لاسماء الله تعالى وباليزيدية نسبة إلى فقيههم عبدالله بن‬ ‫يزيد الفزاري‪ ،‬أو نسبة إلى زعيمهم السياسي يزيد بن فندين الذي خرج على الإمام‬ ‫عبد الوهاب وأنكر إمامته‪ .‬ويعرفون بالشغبية بسبب الشغب الذي أحدثوه‪ ،‬وبالمشتاوه نسبة‬ ‫الى اسم قبيلة من قبائل البربر الرئيسة المؤيدة لهم‪ .‬والنكار آو النكاث كانوا في البداية‬ ‫على المذهب الإباضي إلا انهم انشقوا عنه‪ ،‬وابتدعوا آقوالا خاصة بهم في الفقه والعقيدة‬ ‫لا تمت إلى المذهب الإباضي بصلة فتبرأ منهم أئمة المذهب الإباضي" وقد وقعت معارك‬ ‫بين النكار بقيادة ابي قدامة يزيد بن فندين‪ ،‬وبين الإباضية بقيادة الإمام عبد الوهاب كان‬ ‫النصر فيها من نصيب الإمام عبدالوهاب" وقتل يزيد بن فندين‪ .‬إلا أن حركة النكار‬ ‫استمرت في شمالي إفريقيا‪ .‬وكؤنوا هينات ومجالس للعزابة خاصة بهم ومع بداية القرن‬ ‫الرابع الهجري حاول النكار إقامة إمامة بقيادة أبى يزيد مخلد بن كيداد المشهور بصاحب‬ ‫الحمارش واستطاع بين (‪٢١٦‬۔‪٣٣٦‬ه)‏ ان يسيطر على القسم الأكبر من وسط شمالي‬ ‫فريقياء وكان ذلك العصر الذهبي للحركة النكارية‪ .‬واستطاعوا أن يصلوا إلى بعض مناطق‬ ‫الاندلس؛ إلا أن مخلد بن كيداد هزم وشرع على يد الحاكم الفاطمي المنصور بن القاسم‬ ‫سنة ‪٣٣٦‬هؤ‏ وكانت تلك نهاية الحركة النكارية‪ .‬فلم تظهر لهم ظاهرة بعد ذلك‪ ،‬وقد كان‬ ‫لهم وجود حتى القرن الثاني عشر الهجريؤ حيث أنهم كانوا في القرن ‪١٠‬ه‘‏ و ‪١١‬ه‘‏‬ ‫و ‪١٢‬هؤ‏ يعمرون الجانب الشرقي لجزيرة جربة‪ .‬كما يذكر الشيخ الجعبيري" إلا أن‬ ‫حركتهم انتهت فلا وجود لهم اليوم كما يذكر الشيخ علي يحيى معمر؛ والاباضية يعدون‬ ‫النكار كفار نعمة‪ .‬والعلاقة بين الفريقين كانت ذات طابع عدائي‪ ،‬وأهم معتقدات النكار =‬ ‫‏‪١٤٧‬‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬العلاقة الفكرية‬ ‫‪٦‬‬ ‫إلى بعض التلاميذ الذين طردهم أبو عبيدة مسلم بن أبي كريمة من مجلسه؛‬ ‫لانهم يحملون بعض الأفكار المتطرفة وخاصة فيما يتعلق بالعقيدة‪ .‬وعلى‬ ‫وشعيب أبو المعروف"‬ ‫عبد العزيز«‘&‬ ‫عبد الله بن‬ ‫هؤلاء‪:‬‬ ‫راس‬ ‫التى خالفوا بها الإباضية‪ :‬‏‪ - ١‬أسماء الله مخلوقةا ! ۔ حجة الله ليست ملزمة‪ ،‬‏‪ _ ٣‬ولاية الله‬ ‫للمسلمين متقبلة‪ ،‬‏‪ ٤‬۔ لا يلزم العلم بالفرائلض عدا التوحيد ولكن يلزم العمل بتلك‬ ‫الفرائض" ‏‪ ٥‬۔ المسلمون الذين يؤمنون بالتشبيه في حق الله هم مشركون‪ ،‬‏‪ ٦‬۔ صلاة الجمعة‬ ‫في عهد الحاكم الجائر غير جاثزة‪ ،‬‏‪ _ ٧‬الحرام المجهول مباح ‏‪ ٨‬الإمامة ليست واجبة{ ‏‪٩‬‬ ‫لا تجوز إمامة رجل إذا كان في المسلمين من هو أعلم منه؛ هذه بعض أقوالهم وهناك‬ ‫أقوال أخرى لهم ذكرتها المصادر والمراجع التي تحدثت عن هذه الحركة والإباضية‬ ‫يتبرأاون من النكار ومن حركتهم ومعتقداتهمإ وأما عبدالله بن عبدالعزيز فلم يثبت أنه شارك‬ ‫فى شىء من أعمال هذه الفرقة أو ساندها‪ ،‬وإنما كان منزعجًا فقط من توارث الإمامةإ وإلا‬ ‫فإن هذه الأقوال والعقائد المنسوبة إلى النكارية جاءت بعده‪ .‬ينظر الإباضية بين الفرق‬ ‫‏‪ ٢٠-١٤/٢‬۔ الإباضية مذهب إسلامي معتدل" علي‬ ‫الإسلامية» ل علي يحيى معمر‬ ‫‏‪ ٢٠٨٧-٢٦٠١‬۔ هالبعد الحضاري‬ ‫‏‪ ٤٤‬۔ «دراسات عن الإباضية! النامي‪ 6‬ص‬ ‫يحيى معمرؤ ص‬ ‫للعقيدة الإباضية! للجعبيري‪ ،‬ص ‏‪ ٢١٢٣‬الهامش" والنص للعدي من كتابه عمروس بن‬ ‫سبقت ترجمته‪.‬‬ ‫ابو المعروف شعيب بن المعروف الازدي" أخذ العلم عن أبي عبيدة مسلم؛ وهو من طبقة‬ ‫الربيع بن حبيب‘ ويظهر آن موطنه مصر أو أنه أقام فيها فترة من الزمنؤ خالف شيخه في‬ ‫بعض المسائل ومن جملة هذه المسائل تشريكه للمتاولين من اهل القبلة فعاتبه شيخه‬ ‫وهجره مع أصحابه فتابوا على يد الربيع وحاجبا ولكنه أظهروا الخلاف مرة أخرى بعد‬ ‫وفاة شيخهم" مما جعل الإباضية يتبرؤون منهم؛ ولكن يأخذون بافوالهم في المسائل‬ ‫الفقهية مما لم يخالفوا فيه مشايخهم‪ .‬وقد أفتى بذلك الإمام أفلح؛ لان الفقه فيه سعة‬ ‫لتعدد الآراءث وعندما وقع الخلاف على إمامة عبد الوهاب كان في مصرا فراح إلى تاهرت‬ ‫الزمن وهو يناصر النكار في حروبهم ضد الإمام‪ .‬ولما‬ ‫وعاضد ابن فندين"‪ 6‬وبقي مدة من‬ ‫انهزم يزيد بن فندين رجع شعيب إلى طرابلس‪ ،‬وواصل معارضته للإمام! ولعله بقي‬ ‫هنالك إلى أن مات مما جعل الربيع بن حبيب وبقية أئمة المذهب يعلنون البراءة منه‪.‬‬ ‫وليس لشعيب حضور في المدونة سوى خمس مرات" ليس له منها سوى مأالتين‪ ،‬والبقية‬ ‫رواية عن أبي عبيدة‪( .‬تنظر سيرته‪ :‬طبقات الدرجيني ‏‪ .٢٢٣/٢‬سير الشماخي ‏‪ .٩٧/١‬ملحق‬ ‫تعريف الاعلام في كتاب أجوبة ابن خلفون ‏‪١٣‬‬ ‫الإباضية والمالكية في الغرب الإسلامي‬ ‫‪7‬‬ ‫فره‬ ‫وأبو المؤرجا‪ 6‬ثم واصل عبدالله بن يزيد الفزاري تلميذ عبدالله بن‬ ‫عبدالعزيز مد تلك المخالفات والانتصار لها""‪ .‬ورغم أن الإمام عبد الوهاب‬ ‫تغلب عليهم في مواطن كثيرة إلا أن انتشارهم كان واسعا‪ ،‬حتى سلبوا فترة‬ ‫من الزمن مصطلح الإباضية فصار عند جمهرة من المتابعين محصورا‬ ‫‏(‪ )١‬هو عمرو بن محمد القدمي اليمنيؤ رحل من قرية قدم باليمن إلى البصرة‪ ،‬وهناك التقى‬ ‫بابي عبيدة وأقرانه فتتلمذ على أيديهم‪ .‬وأكبر شيوخه الذين لازمهم أبو عبيدة‪ .‬ولذلك أكثر‬ ‫ابر غانم في النقل عنه لكثرة ملازمته لابي عبيدة وحفظه لأقواله‪ .‬لم تحدد المصادر مولده‪١‬‏‬ ‫والذي يظهر أنه قريب من حيث السن والعلم من الإمام الربيع رحمهما الله ۔ ومعلوم ان‬ ‫الإمام الربيع ولد في عام ثمانين هجرية وعلى هذا فأبو المؤرج لا يبعد عن هذا التاريخ‬ ‫فقد يتقدم قليلا أو يتأخر‪ .‬يعد ابو المؤرج من كبار الفقهاء والمجتهدين" اعتمد أبو غانم‬ ‫على الكثير من آرائه‪ .‬وحرص على تدوينها منسوبة إليهؤ لم تحدد لنا المصادر وفاته‪٨‬‏‬ ‫والذي لا نشك فيه آن وفاته كانت في أواخر النصف الثاني من القرن الثاني الهجري أي‪:‬‬ ‫ما بين ‏‪ ١٨٥-١٨٠‬هجري" وقد استندنا في ذلك على معاصرة أبي المؤرج للاحداث التي‬ ‫قادها ابن فندين في عام ‪١٧١‬ه‏ أيام تولي الإمام عبدالوهاب للإمامة حيث تهدف إلى‬ ‫الإطاحة به‪ .‬وحسب المصادر الإباضية فقد استمر آبو المؤرج فقيها لهزلاء المعارضين‬ ‫فترة من الزمن؛ إلى أن زار عمان وتمت مناقشته في المائل التي أثارها‪ .‬ومن ثم رجع‬ ‫من غمان‪ ،‬ويحتمل أن رجوعه كان إلى البصرة أو مصر لأن أهل غمان اشترطوا عليه [بلاغ‬ ‫من أفتاهم بالرجوع عن فتواهؤ وفي الطريق توفي أبو المؤرج يأن وعلى هذا فيمكن إعطاء‬ ‫هذه الاحداث قرابة عشر سنوات‪ .‬تنظر سيرته فى المصادر الآتية‪ :‬كتاب السير للشماخي‬ ‫‏‪ ٠١‬تعليق السالمي في مقدمة المدونة‪ .‬تراجم الاعلام للنامي في ملحق أجوبة ابن‬ ‫خلفون ص ‏‪ 6١١٠‬أبو عبيدة مسلم بن أبي كريمة‪ ،‬مبارك الراشدي ص ‏‪ .٢٣٩‬وانظر‪ :‬رسالتي‬ ‫‏‪.٥٩-٥٦‬‬ ‫في الماجستير «المنهج الفقهي والتاصيلي لعلماء المدونة» ص‬ ‫‏(‪ )٢‬عبدالله بن يزيد الفزاري (ق‪٣‬ه)‏ كان يعيش بالكوفة بين ق‪٢‬و‪.٢‬‏ وقد ذكره ابن حزم في‬ ‫الفصل حيث يقول‪ :‬وأقرب فرق الخوارج إلى أهل الشئة أصحاب عبدالله بن يزيد الفزاري‬ ‫الكوفي‪ .‬ذكر أنه تلميذ لابي عبيدة مسلم بن أبي كريمة‪ .‬لكن الاشهر أنه تلميذ تلاميذه‬ ‫وخاصة ابن عبد العزيزه له مجموعة كتب في العقيدة ذكر منها ابن النديم‪ :‬كتاب التوحيد‪،‬‬ ‫كتاب الرد على المعتزلةؤ وكتاب الرد على الرافضةء وكتاب الاستطاعة توفي في أواخر‬ ‫القرن الثاني الهجري‪ .‬انظر‪ :‬الخوارج والحقيقة الغائبة للسابعي (ص ‪)١٩‬۔‏‬ ‫‏‪١٤٩‬‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬الملاقة الفكرية‬ ‫‪٦‬‬ ‫عليهم‪ .‬وامتد انتشارهم إلى الأندلس والقيروان‪ ،‬وجزيرة جربة في تونس«'‪3‬‬ ‫وغيرها‪ ،‬مما حدا بالإباضية الأصليين أن يتمايزوا عنهم بمصطلح‬ ‫«الوهبية"'‪.‬‬ ‫أن يؤسسوا لأنفسهم معتقدا وفقها عبر‬ ‫وقد رأى هؤلاء ‪ -‬أي‪ :‬النكار‬ ‫بعض المؤلفات التي وصلت كما يبدو إلى مخالفيهم من المذاهب الأخرى‬ ‫باسم الإباضية‪ ،‬كما تداولها الإباضية الوهبية في المفرب أيضًا‪ ،‬نظرا لما‬ ‫تتمتع به من السباكة العلمية والدقة في التأليف'‪ .‬لكن هذه الانتصارات‬ ‫(‪ )١‬ينظر‪ :‬نزهة المشتاق في اختراق الآفاق‪.٢٩٦/١ ‎‬‬ ‫‏(‪ )٢‬يقول الشيخ علي يحيى معمر في كتابه الإباضية بين الفرق ‪٧١/١‬؟‪:‬‏ «وهكذا أصبح النكار‬ ‫فرقة مستقلة لها مقالاتها في العقائد والاصول" ومع ذلك فقد بقيت تطلق على نفسها اسم‬ ‫«الإباضية» فوقعت مشاكل وشبه فاضاف الإباضية الأاصلاء إلى اسمهم كلمة الوهبية تمييزا‬ ‫لهم عن النكار‪ .‬وقد استطاع أبو معروف أن ينشر آراء فرقته في بعض أنحاء ليبيا والجنوب‬ ‫التونسي ولكنه لم يستطع أن يتقدم به إلى جبل نفوسةء‪ .‬ينظر أيضا‪ :‬دراسات شمال إفريقية‬ ‫(ص‪.)٤٦‬‏ بل إن مثل هذا ايضا وقع في عمان في القرن الثالث الهجري" أدى إلى دخول‬ ‫بعض الأقوال الشاذة والمتطرفة إلى دائرة الإباضية دون أن يميز الناس أنها ليست لهم‬ ‫أصلا‪ :‬يقول العلامة الشقصي‪« :‬فلما اختلف في التحكيم أئمة الخوارج لم تثبت الموافقة‬ ‫باسم التحكيم والشراء‪ ،‬وكذلك الإباضية لما افترقوا لم تصح المرافقة باسم الإباضية؛ لان‬ ‫الطريفية والشعبية يتسمون بالإباضئة‪ .‬فلما انترقت الإباضية لم تصح الموافقة إلا لمن‬ ‫برئ من الدخول في ضلال من ضل منهم! وكذلك ما اعترض من الريب والشبهة في‬ ‫المتدينين فيمن يتسمى بالإباضضة والمحبوبية من اهل غمان في أحداث جرت بينهم‬ ‫واختلاف في أمور كثيرة‪ ،‬حتى بدا منهم ترك الولايات لبعضهم بعض وربما برئ بعضهم‬ ‫من بعض وجعل كل واحد منهم يجتهد في إقامة الحجة له على صحة مذهبه وتدينه»‪.‬‬ ‫‏(‪.)٧١٢/٢‬‬ ‫منهج الطالبين‬ ‫‏(‪ )٣‬يقول ابن خلدون‪« :‬وتطير إلينا هذا العهد من تلك البلاد دواوين ومجلدات من كلامهم في‬ ‫فقه الدين وتمهيد عقائده وفروعه مباينة لمناحي الشئة وطرقها بالكلية إلا أنها ضاربة بسهم‬ ‫في إجادة التأليف والترتيب وبناء الفروع على أصولهم الفاسدة! تاريخ ابن خلدون‬ ‫‏(‪ .)٢١٣/٣‬وعبارة ابن خلدون يفهم منها أنها كتب النكارش وإلا فإن الإباضية الوهبية ه‬ ‫الإباضية والمالكية شي الشرب الإسلامي‬ ‫‏‪١٥.‬‬ ‫رر‬ ‫نهل‬ ‫السياسية والعلمية لم تكن مثار إعجاب عند الإباضية الأصل بل تواصلت‬ ‫في كتبهم ردود تفصح عن عدم ارتياحهم لجملة من أقوالهم كما تتبع ذلك‬ ‫القطب في شرح النيل‪ ،‬كما رفضوا مشاركتهم في أي حرب ضد الدولة‬ ‫العباسية أو الفاطمية‪ ،‬ففي الوقت الذي شارك فيه علماء المالكية وعامتهم‬ ‫القائد الثوري أبا يزيد مخلد بن كيداد‪ ،‬في حربه على الفاطميين في‬ ‫اصولهم وفروعهم لا تختلف عن أهل الشئة إلى هذا الحد من الوصف© بل هي بشهادة‬ ‫=‬ ‫ابن خلدون أقرب فرق الخوارج إلى اهل الشئة كما أثبتنا ذلك سابققا‪ ،‬مع العلم بأن القبائل‬ ‫التي ذكرها ابن خلدون في هذا النص أكد في مواضع أخرى أنها على مذهب النكار‪،‬‬ ‫وسوف ياتي معنا في المطلب التالي كيف أن أصول الإباضية والمالكية متفقة في أغلبها‬ ‫فكيف إذن يقال بأنها مباينة لمناحي أهل الشئة‪ .‬وإنما استأنسنا بهذا الرأي لأن القبائل التي‬ ‫ذكرها أكد في موضع آخر بأنها نكارية‪ .‬على أن المسألة لا تزال بحاجة إلى تحقيق‬ ‫وتدقيق؛ لان النكار ليس لهم من الكتب المشهورة ما يتصف بهذا الوصف ولم يحفظ لنا‬ ‫التاريخ شيء منها إلى الآن‪ ،‬كما لم يذكر ابن خلدون شيتا من هذه الكتب وماذا تتضمن‬ ‫من المخالفات" وغالب الظن بأن أوصافها منقولة سماعا من بعض المتعصبين‪.‬‬ ‫‏(‪ )١‬مخلد بن كيداد بن سعد الله بن مغيث الزناتى النكارى‪ ،‬أبو يزيد (ت‪٣٣٦ :‬ها)‪:‬‏ ثاثر؛ من‬ ‫زعماء الإباضية النكار ‪ -‬وائمتهم؛ بربري الاصل‪ .‬كان يغلب عليه الزهد والتقشف"‬ ‫ويلبس جبة صوف قصيرة ضيقة الكمين‪ .‬ولد ونشأ في (قسطيلة) وكانت تابعة لتوزر‪ ،‬ونشا‬ ‫بتوزرث وخالط النكارية بتشديد الكاف‪ 6‬وهم من فرقة من الإباضية؛ وسافر إلى تاهرت‬ ‫فكان معلما للصبيان فيها‪ .‬وانتقل إلى (تقيوس)‪ .‬قال ابن خلدون‪( :‬ثم أخذ نفسه بالحبة‬ ‫على الناس وتغيير المنكر سنة ‪٣١٦‬ه‏ فكثر أتباعه) ولما مات المهدى الفاطمي (سنة‬ ‫‪٢‬ه)‏ خرج بناحية جبل (أوراس) وتلقب بشيخ المؤمنين‪ 6‬وقاتلته عساكر القائم بأمر الله‬ ‫(ابن المهدى) صاحب المغرب" وعظم أمره‪٧‬‏ فزحف على (رقادة) في متتى الف مقاتل؛‬ ‫وامتلكهاء وخضعت له القيروان (سنة ‪٣٣٢‬ه)‏ وأرسل أحد قواده إلى (سوسة) فاستباحها‪3‬‬ ‫وحصر (القائم) في عاصمته (المهدية) وجاع أهلها حتى أكلوا الميتات والدواب‪ .‬ثم بدات‬ ‫هزائمه بانتقاض بعض البربر عليه‪ ،‬فرجع إلى القيروان (سنة ‪٣٣٤‬ه)‏ وغنم أهل المهدية‬ ‫معسكره وتوالت المعارك‪ ،‬وانتقضت عليه (سوسة) فعاد إلى حصارها‪ .‬ومات (القائم)‬ ‫وتولى ابنه (المنصور) فاخفى موت ابيه وخرج من المهدية‪ ،‬فالتقى بمخلد على (سوسة)‬ ‫فكانت الحرب سجالا ثم انهزم مخلدا وقتل من أصحابه عدد كبير‪ 6‬وتعقبه المنصور في ۔‬ ‫‏‪١٥١‬‬ ‫‪7‬‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬الملاقة الفكرية‬ ‫فر ‏‪٦‬‬ ‫القيروان؛ أمتنع الإباضية الوهبية من المشاركة معتبرين أبا يزيد شسخصية‬ ‫منحرفة‪ ،‬فاسدة المعتقد وهي ليست بأقل خطرا من الفاطميين أنفسهم«'&‬ ‫وهو ما تبين للمالكية فيما بعد'‪.‬‬ ‫نستخلص من كل هذا ظنا مفاده أن فرقة النكار التي اشتهرت عند‬ ‫المذهب المالكي والمذاهب الأخرى باسم الإباضية قد تكون وصلت‬ ‫‪.‬ه جبال وأوعار ومضايق‪ 6‬وكلما أدركه ثبت له (مخلد) قليلا وانهزم؛ إلى أن حصر في قلعة‬ ‫(كتامة) واستاأمن الذين معه فامنهم المنصور { ودخل القلعة عنوة وأضرمها نازا‪ .‬فحمل‬ ‫(مخلد) على أصحاب المنصور حملة منكرة فافرجوا له وخرج" وأمر المنصور بطلبه‪،‬‬ ‫فالفوه جريحا قد حمله ثلاثة من أصحابه‪ .‬فجاءوا به إلى المنصور‪ 6‬فمات من جراحه بعد‬ ‫أسره بأربعة أيام‪ .‬ينظر‪ :‬تاريخ ابن خلدون ‏(‪ ))٥٢/٤‬الاعلام للزركلي ‏(‪.)١٩٤/٧‬‬ ‫‏(‪ )١‬طبقات المشايخ ‏(‪ 6)٤١/١‬يقول الشيخ علي يحيى معمر باضي ليبي عن ابي يزيد‬ ‫مخلد بن كيداد‪« :‬أما الإباضية فقد كانوا يعرفونه منذ كان صغيرا! فقد برئوا منه وهو‬ ‫لا يزال في حلقات الدروس تلميذا متعلما ولكنه مشاغب مشاكس ينحوا إلى الخلاف‬ ‫ويرنوا إلى الزعامة والتسلط فلما بدأ القيام بمغامراته لم يغتروا كما اغتر به المالكية فلم‬ ‫ينظموا إليه ولم ينصروه ووقفوا منه ومن خصومه موقف الحيادي الكامل‪ .‬ولذلك قال له‬ ‫أحد أتباعه‪« :‬لا تظن أن الوهبية خرجوا معك فإئهم في مساجدهم! وإنما خرجنا معك‬ ‫نحن" نشاركك في أكل هذه الميتة‪ .‬فدع عندك ما تحدث به نفك‪ ،‬وإذا اقتتلنا قتال كلاب‬ ‫الحي» وشرح ابو العباس الدرجيني هذه العبارة بقوله‪« :‬يريد بالميتة الاموال التي كانوا‬ ‫ينتهبونهاء‪ .‬ولعل أعظم فترة لازدهار فرقة النكار كانت في هذه الفترة التي انتمى فيها‬ ‫إليهم أبو يزيد بن كيداد‪ .‬فلما قتل أبو يزيد شرد العبيديون أتباعه في كل مكان وانتقم منه‬ ‫المالكية الذين اغتروا بهم وساعدوهم في أؤل الأمر تمم ندموا لما عرفوا حقيقة قائدهم؛‬ ‫ولم يسمح لهم الإباضية بالحياة في أراضيهم وبلدانهم خوفا منهم على عقائد أبنائهم‬ ‫وتتبعهم خصومهم من العبيديين والمالكية بالبيف ومن الإباضية بالمحاججة والإقناع‬ ‫وتعاونت هذه الوسائل كلها عليهم فانتهى أمرهم بعد زمن يسير؛ ولا يوجد الآن احد من‬ ‫الناس على مذهبهم فيما أعلم»‪ .‬الإباضية بين الفرق ‏(‪.)٢٧٣/١‬‬ ‫(‪ )٢‬تاريخ ابن خلدون‪)١٥/٧( ‎‬۔‬ ‫الإباضية والمالكية في الغرب الإسلامي‬ ‫‏‪١٥٢‬‬ ‫ترة‬ ‫قفله‬ ‫أنباؤها إلى الإمام ابن القاسم والإمام سحنون\ والإمام أسد بن الفرات«'‬ ‫وغيرهم؛ فمن الطبيعي أن يكون الحكم عليهم بهذه الصورة وهو يتفق مع‬ ‫حكم الإباضية الوهبية عليهم أصلا قبل المذاهب الأخرىه'‪ .‬وندلل على‬ ‫ذلك بالتالي‪:‬‬ ‫‪1‬‬ ‫أ و لا‪:‬‬ ‫ذكر الإباضية بالاسم كما يبدو من قول ابن القاسم وليس من قول الإمام‬ ‫مالك؛ لأن السؤال للإمام كان عن الخوارج‪ .‬فقال ابن القاسم‪ :‬قال لي مالك‬ ‫‏(‪ )١‬آبو عبدالله أسد بن الفرات (‪١٤٦‬ه۔‏ ‪٢١٣‬ه)ا‏ كان تفقه بالقيروان‪ ،‬ثم تفقه على الإمام‬ ‫مالكث ثم ارتحل إلى العراق فتفقه بأصحاب أبي حنيفة‪ ،‬ثم نعي الإمام مالك فارتجت‬ ‫العراق بموته‪ 6‬فقدم أسد بن الفرات حين وقفات مالك فاجمع أمره على الانتقال إلى‬ ‫مذهبه‪ 6‬فقدم مصر فقصد ابن وهب© وقال‪ :‬هذه كتب أبي حنيفة‪ .‬وسأل أن يجيب فيها على‬ ‫مذهب مالك فتورع ابن وهب وأبى‪ .‬فذهب إلى اين القاسم فاجابه إلى ما طلب فأجاب‬ ‫فيما حفظ عن مالك بقوله وفيما شك قال أخال وأحسب وأظن‪ ،‬وتسمى تلك الكتب‬ ‫الاسديةا ثم رجع إلى القيروان وحصلت له رياسة العلم بتلك الكتب ثم ارتحل إلى‬ ‫سحنون بالأسدية إلى ابن القاسم فعرضها عليها فقال ابن القاسم‪ :‬فيها شيء لا بد من‬ ‫تغييرهؤ وأجاب عما كان شك فيه واستدرك منها أشياء‪ ،‬وكتب إلى أسد أن عارض كتبك‬ ‫بكتب سحنون فلم يفعل أسد ذلك فبلغ ابن القاسم فقال‪ :‬الهم لا تبارك في الأسدية‪.‬‬ ‫فهي مرفوضة عندهم إلى الآن‪ ،‬ومضى أسد غازيا ففتح القفص من جزيرة صقلية‪ ،‬ومات‬ ‫هناك وفيها قبره ومسجده بله تعالى‪( .‬طبقات الفقهاء ‏‪.)١٦٠ !١‬‬ ‫‏‪ .٢٠٨-٢٠١‬يقول الدكتور المالكي حسن‬ ‫دراسات عن الإباضية‪ .‬د‪ .‬عمرو الناميش ص‬ ‫_‬‫ہ‬ ‫)‬ ‫علي حسن‪ :‬ويتميز النكار عن الإباضية الوهبية بعدم تخسيل الموتى‘ وعدم الصلاة‬ ‫عليهم‪ ،‬وبعدم توريث البنت وتقبل المخالفين إذا أذنبوا بتكفير أهل الملة‪ .‬وبسب الإمام‬ ‫علي‪ ....‬وبذلك تبقى في النكار صفة الغلو وجذور الصفرية‪ .‬ويصبح الوهبيون يمثلون‬ ‫الجانب المعتدل الحياة الدينية في المغرب في القرث الثالث الهجري»" د‪ .‬حسن علي‬ ‫حسن ط‪١٩٨٥ :‬م‏ (بدون‪ :‬ط‪ ،‬ودار نشر) ص ‏‪ .٣٨٣‬ويبدو أن الدكتور قد توصل إلى هذه‬ ‫الحقيقة في آخر كتابه‪ ،‬وإلا فقد قال في ص ‏‪ :١٢٥‬هوقد اعتنق أهل جبل نفوسة المذهب‬ ‫الخارجي" فهم إما إباضية أتباع عبدالله بن [باض؛ وإما وهبية أتباع عبدالله بن وهب»‪.‬‬ ‫‏‪١٥٢‬‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬العلاقة الفكرية‬ ‫‪7‬‬ ‫وواضح جذا أن ابن‬ ‫في الإباضية والحرورية وأهل الأهواء كلهم‪ ...‬إلخ‬ ‫للأسباب التي‬ ‫القاسم كان يعد الإباضية من الخوارج ومن أهل الأهواء‬ ‫ذكرناها ۔ ولذلك كانت إجابته مبتدئة بهم مباشرة لأنهم الأقرب ذهنيا وواقعي‬ ‫إليه" بدليل أن هذا السؤال نفسه يرد في المدونة وفي بعض كتب المالكية‬ ‫& وفي بعضها «الواصلية‬ ‫بإضافة «الحرورية وأهل الأهواء‬ ‫الواصلية هى‬ ‫أن‬ ‫ومعلوم‬ ‫«القدرية والإباضية'‪5‬‬ ‫وفى بعضها‬ ‫والإباضية'‬ ‫أيضا ممن زاحم المالكية في المغرب فكانت الأقرب عند ذكر أهل الأاهواءء‬ ‫كما أن الإباضية أنفسهم اشتبكوا مع المعتزلة في الغرب فترات طويلة‪.‬‬ ‫وإضافة القدرية أيضا يعطي مؤشرا أنها من ابن القاسم أو تلاميذ الإمام‬ ‫مالك؛ لأن السؤال في الأصل عن الخوارج ثم إن الذين رموا بالقدر في‬ ‫التابعين وتابعيهم ومن بينهم التابعي‬ ‫وقبله جملة من‬ ‫زمن الإمام مالك‬ ‫الشهير قتادة بن دعامة السدوسى“‪ ،‬ووهب بن منبه اليمانو‪'١‬‏ وغيرهم كثير‪6‬‬ ‫فلا يعقل أن يحكم فيهم الإمام مالك بهذا الحكم" بل الأدهى من ذلك أن‬ ‫المالكية أنفسهم اتهموا بأنهم قدرية فكيف يصح هذاء يقول الصلاح الصفدي‬ ‫(‪ )١‬المدونة الكبرى‪.)٤٧/٣( ‎‬‬ ‫(‪ )٢‬البيان والتحصيل‪.)٤٤٣/١( ‎‬‬ ‫(‪.)٤١٠/١٦١( ٨)٤٤٣/١‬‬ ‫(‪ )٣‬ينظر‪ :‬المدونة الكبرى (‪)٤٨/٣‬ء البيان والتحصيل‪‎‬‬ ‫(‪.)١٥٥/١‬‬ ‫(‪ )٤‬انظر‪ :‬كتاب السير‪‎‬‬ ‫‏(‪ )٥‬قتادة بن دعامة بن قتادة بن عزيز الدوسي البصري" ابو الخطاب" تابعي جليل‪ .‬ولد سنة‬ ‫ستين قال ابن سيرين‪ :‬قتادة أحفظ الناس» وقال سفيان الثوري‪ :‬أوكان في الدنيا مثل قتادة؛‬ ‫كان رأشا في العربية واللغة وايام العرب والنسب© مات بواسط في الطاعون سنة سبع‬ ‫عشرة ومائة (تذكرة الحفاظ ‪)١٢٢/١‬۔‏‬ ‫‏(‪ )٦‬وهب بن منبه‪ :‬أبو عبدالله اليماني‪ ،‬صاحب القصص من أحبار علماء التابعين؛ ولد في‬ ‫آخر خلافة عثمان" حديثه عن أخيه همام في الصحيحين" روى عن ابن عباس وعبدالله بن‬ ‫ومسلم وابو‬ ‫وأقاربه‪ .‬أخرج له البخاري‬ ‫الاعرابي‪،‬‬ ‫بن دينار‪ 6‬وعوف‬ ‫عنه عمرو‬ ‫وروى‬ ‫عمروا‪6‬‬ ‫داود والترمذي والنسائي‪ .‬توفي في سنة ‪١١٤‬ه‏ انظر‪ :‬ميزان الاعتدال ‏‪ ٢٣٥٦٢/٤‬رقم ‏‪.٩٤٣٢٣‬‬ ‫الإباضية والمالكية في الغرب الإسلامي‬ ‫‏‪١٥‬‬ ‫‪٩٨‬ہرمك‪‎‬‬ ‫_‪-‬‬ ‫كما في شرح لامية العجم‪« :‬غالب الشافعية أشاعرة‪ ،‬والغالب في الحنفية‬ ‫المعتزلة‪ ،‬والغالب في المالكية قدري‪ .‬والغالب في الحنابلة حشويّة(‪.0‬‬ ‫وندلل على صحة ما توصلنا إليه من ذلك بالتالي‪:‬‬ ‫ا۔ موقف الإمام مالك من خطبة ابي حمزة الشاري الإباضي!" تدل على‬ ‫أن المعلومات التي كان يمتلكها الإمام عن الإباضية منصفة‪ ،‬يتضح ذلك في‬ ‫موقفه من خطبة أبي حمزة على منبر رسول الله ينة فقال قولته المشهورة‪:‬‬ ‫«خَطبنا أبو حمزة خطبة شكك فيها المستبصر وردت المرتاب‘ ومعلوم أن‬ ‫الإمام مالك لا يقول كلمة إلا ويحسب لها ألف حساب؛ لأنها ستنقل عنه‬ ‫وستكون بمثابة النص عند مقلديهؤ ولذلك لم يشتهر عن الإمام مالك فتوى‬ ‫ضد أبي حمزة الشاري رغم معايشته لدخول أبي حمزة المدينة شهورا‬ ‫عديدة‪.‬‬ ‫ب ۔ احترام الإباضية للإمام مالك وقصده بالزيارة إلى المدينة المنورة‬ ‫واعتباره إماما حجة‪ .‬وثبنا موثوقا‪ .‬وهذا يدل على أن إضافة (الإباضية) في‬ ‫‏(‪ )١‬الإباضية بين الفرق ‏(‪ )٤٥٠/١‬نقلا عن المصدر المذكور‪.‬‬ ‫(!) أبو حمزة الثاري (ت‪١٢٠ :‬ه)‏ المختار بن عوف بن سليمان ين مالك الازدي السليمي‬ ‫البصري‪ .‬من الخطباء القادة ولد بغمان‪ .‬إباضي المذهب‪ .‬أرسله أبو عبيدة مسلم بن‬ ‫بي كريمة وبلج بن عقبة إلى نجدة عبدالله بن يحيى (طالب الحق) وتوجه أبو حمزة من‬ ‫اليمن يريد الشام لقتال مروان بن محمد وتبعه جميع أهلها (اليمن) ومر بالمدينة فقاتله‬ ‫‪ .‬أهلها في قديد فقاتلهم ودخلها عنوة ثم تابع زحفه نحو الشام وقد ألقى خطبة بمكة‬ ‫وأخرى بالمدينة ما تزال كتب الأدب تنوه بقيمتها البلاغية‪ .‬فوجه مروان بن محمد إليهم‬ ‫جيشا بقيادة عبدالملك بن محمد بن عطية العدي وانتهت المعركة بمقتل أبي حمزة‬ ‫‏‪ .٢٦٧-٦٢٥٨/٢‬وقد أورد الخطبتين ص‪-٢٦٦‬۔‪.٢٦٧‬‏‬ ‫الطبقات للارجيني‬ ‫‏‪٠‬‬ ‫كتاب السير للشماخي ‏‪ .١٠/٩٨‬والاعلام للزكلي ‏‪.٧١/٨‬‬ ‫‏(‪ )٣‬العقد الفريد ‏(‪.)٣٠/٦٢‬‬ ‫‏‪١٥٥‬‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬الملاقة الفكرية‬ ‫_‬ ‫‏‪٦‬‬ ‫رواية ابن القاسم ليست من قول الإمام مالكث وإلا لشكل ذلك حاجزا نفسيا‬ ‫لدى الطرفين قد لا يمكن من اللقاء الحميمي بالصورة التي سنذكرها‪ .‬لكن‬ ‫الرضع كان بخلاف ذلك؛ فالإباضية التقوا بالإمام مالك‪ ،‬وزاروه حتى في‬ ‫آخر أيام حياته زيارة التلاميذ لاستاذهم" وهذه هي الرواية كما يذكرها‬ ‫الصحاري العوتبى من علماء القرن الخامس الهجري!"' قال‪« :‬وروى‬ ‫محمد بن شعوة أنه قال‪ :‬حدثنا أبو عبدالله محمد بن المسبح قال‪ :‬حدثنا‬ ‫عثمان بن محمد المكي ابن أخي هارون بن اليماني‪ ،‬عن عثمان بن اليماني‪،‬‬ ‫قال‪ :‬دخلت أنا ورجل على مالك بين أنس في مرضته التي مات فيها‪ ،‬فقال‪:‬‬ ‫أشهدكم إني قد رجعت عن مسح الخفين ورفع اليدين»"‪.‬‬ ‫وهذه الرواية تتفق مع رواية ابن القاسم في المدونة أصلا‪ ،‬وأوضح منها‬ ‫في البيان والتحصيل عن الإمام محمد بن‬ ‫روايته التي يذكرها ابن رشد‬ ‫أحمد العتبي (ت‪٢٥٥ :‬ه)‏ يقول‪« :‬قال ابن القاسم‪ :‬رأيت مالكا يرفع يديه‬ ‫في التكبير للصلاةء ولا أراه ترك ذلك‘ إلا أنه رأى أن ذلك من تعظيم الله‬ ‫وإجلاله‪ ،‬قال‪ :‬ولقد سألنا مالكا عن ذلكؤ فقال‪ :‬ليم يرفع يديه؟ ! أيذرك‬ ‫‏(‪ )١‬سَلّمة بن ششلم بن إبراهيم الوتبي" آبو المنذر‪ ،‬الشحاري" نسبة إلى شحار التاريخية‪,‬‬ ‫وهمي قصبة أو ناحية غمان مما يلي البحر" واسمها مشتق من الصحراء كما ذكره ياقوت في‬ ‫«معجم البلدان» وغؤتب‪ :‬قرية من قرى ضحار‪ .‬ولا يعرف بالضبط والدقة تاريخ ولادته‬ ‫وتاريخ وفاته‪ ،‬وعرف بالاستنتاج والترجيح أنه من علماء القرن الخامس الهجري" وقيل‪:‬‬ ‫امتدت حياته حتى مطلع القرن السادس‪ .‬يعتبر سلمة بن مسلم الغموتبي الصحاري فقيهاء‬ ‫ومؤرخًا‪ .‬وعلامة في النسب والأدب والبلاغة والحكمة والأمثال له كتاب الانساب‬ ‫والضياء مطبوعان‘ ومجموعة كتب أخرى لم تطبع بعد‪ .‬ينظر‪ :‬معجم أعلام المشرق‪١‬‏‬ ‫د‪ .‬محمد ناصر؛ ترجمة رقم ‏‪ .٥٦٩‬العوتبي بين الفقه والاصول والادب‪٠‬‏ ضمن كتاب‬ ‫(قراءات في فكر العوتبي)‪ :‬ص ‏‪.٦١٦‬‬ ‫‏(‪ )٢‬الضياءث سلمة بن مسلم العوتبي الصحاري (ت‪ :‬ق‪6)٥‬‏ وزارة التراث والثقافة‪ .‬سلطنة غمانؤ‬ ‫ط ‏‪١٤١١ :١‬ه‪١٩٩١/‬م؛ (‪.)١٥٣/٥‬‬ ‫الإباضية والمالكية في الخرب الإسلامي‬ ‫‏‪١٥٦‬‬ ‫‪٦‬‬ ‫‏‪_-‬‬ ‫تبارك وتعالى؟! فانكر مالك رفع اليدين على الجنازة وفي الصلوات»‪ .‬قال‬ ‫محمد بن رشد‪« :‬قد أذكر على مالك إنكاره لرفع اليدين في الصلاة للآثار‬ ‫المتواترة في ذلك عن النبي قلة ‪ 5‬فأمر ابن لبابة بطرح هذه الرواية‪ ،‬وقال‪:‬‬ ‫ما قالت الإباضية باكثر من هذا يريد دفع السنن بالقياس والرأي ۔ وقد‬ ‫وقع في بعض الروايات من كتاب الحج الأول من المدونة ۔تضعيف رفع‬ ‫«وفي‬ ‫التفسير قال‪:‬‬ ‫القرطبي في‬ ‫وكذلك‬ ‫‏‪٠‬‬ ‫وغيره‬ ‫الإحرام‬ ‫ففي‬ ‫اليدين‬ ‫من‬ ‫عن مالك‪ :‬لا يرفع اليدين في شيء‬ ‫«مختصر ما ليس فاىلمختصر»‬ ‫قال‪ :‬وأحب‬ ‫الإحرام؛‬ ‫الصلاة‪ .‬قال ابن القاسم ولم أر مالكا يرفع يديه عند‬ ‫في كتب‬ ‫خاصة‬ ‫مكانة‬ ‫وللامام مالك‬ ‫إلي ترك رفع اليدين عند الإحرام"‪.‬‬ ‫‪ .‬الإباضية! خاصة بالمشرق حيث ذكر له صاحب بيان الشرع ‏‪ ٧٠٠‬أثرا كما‬ ‫ذكرنا ذلك سابقا‪.‬‬ ‫ج ۔ كانت العلاقة بين الإباضية والمالكية في مصر في حياة ابن القاسم‬ ‫حتى‬ ‫العلمي والفكري‪6‬‬ ‫التبادل‬ ‫على مستوى‬ ‫امتدت‬ ‫علاقة حميمة‬ ‫وبعده‬ ‫فلم‬ ‫مصر في وسط كثيف للمالكية والشافعية‬ ‫تقلد بعض الإباضية قضاء‬ ‫يكن منهم إنكار أو اعتراض‘ بل كانت تعقد بينهم لقاءات علمية وتبادلات‬ ‫قاضي الدولة العباسية في مصر‪١‬؟'‘‏‬ ‫بن سليمان‬ ‫معرفية‪ .‬من بين هؤلاء‪ :‬غوث‬ ‫‏(‪ )١‬البيان والتحصيل (‪)١٨٩/٢‬۔‏‬ ‫(‪ )٢‬تفسير القرطبي‪.)٢٢٢/٢٠( ‎‬‬ ‫)‪ (٣‬غوث بن سليمان الحضرمي‪ :‬قاض مصري‪ .‬كان أعلم الناس بمعاني القضاء وسياسته‪ ©6‬ولم‪‎‬‬ ‫‏‪.‬ها‪ ١‬وخرج إلى الصاتفة بفلسطين‪.‬‬ ‫‏‪٤٠١١-١٢٣٥‬‬ ‫يكن بالفقيه العالم‪ .‬ولي القضاء بمصر سنة‬ ‫‪٤‬ا‪٤‬ا‪١‬هك‪6‬‏ واتهم بمكاتبة الإباضية في‬ ‫فاقام الى سنة‬ ‫وعاد ني سنته إلى القضاء بمصر‬ ‫المغرب‪ ،‬فعزل وحبس‪ .‬وحمل إلى بغداد‪ ،‬فاعتذر للخليفة ابي جعفر المنصور© فعذره‬ ‫فأقام بها‪ .‬واعيد إلى القضاء سنة ‪١٦٧‬ه©‏ في أيام المهدي‪ 6‬فاستمر إلى‬ ‫ورده إلى مصر‬ ‫أن توفي‪ .‬ينظر‪ :‬الإكمال (‪)٢٠/٧‬ء‏ المتفق والمفترق للخطيب البغدادي ‏(‪ ٠)١٩٩/٣‬رفع‬ ‫‏‪.)٢‬‬ ‫قضاة مصر (ص‬ ‫اإصر عن‬ ‫‏‪١٥٧‬‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬الملدقة الفكرية‬ ‫‪7‬‬ ‫‏‪٦‬رف‬ ‫يحث فتيان ابن أبي السمح أحد العلماء المتعصبين للمالكية أنه كان‬ ‫أي‪ :‬غوث ۔ متهما بالإباضية‪ ،‬وهذه التهمة كما يبدو كانت بالنسبة لابن‬ ‫أبي السمح تهمة سياسية ما كان العباسيون يعرفون عنها شيئا‪ ،‬بدليل أن‬ ‫الذي حدثه بذلك من الإباضية أنفسهم يقول فتيان‪« :‬حدثني ربيعة الموسي‬ ‫قال‪ :‬أنا حملت كتاب أبي الخطاب الإباضي من إفريقية إلى غوث وحملت‬ ‫كتاب غؤث إلى أبي الخَطاب"'‪ .‬وربيعة هذا إباضي من جبل نفوسة يقع‬ ‫بليبيا حاليا‪ .‬وبعد هذا فإن غوث بن سليمان محدث ثقة اتفق العلماء على‬ ‫تعديله‪ .‬يروي عنه ابن وهب أحد أقطاب المالكية الأفذاذ"‪.‬‬ ‫ومثل هذا المشهد يتكرر مع الإمام الشافعي في مصر عندما يجتمع في‬ ‫داره حفص الفرد‪ ،‬ومصلان الإباضي؛ فتقع بين هذين الأخيرين مناظرة في‬ ‫الإيمان‪ ،‬هل يزيد أو ينقص فيضطر الإمام الشافعي إلى التدخل من أجل‬ ‫نصرة مصلان الإباضي على خصمه‪.‬‬ ‫‏(‪ )١‬فتيان بن أبي السمح أبو الخيار مصري يروي عن مالك بن أنسؤ ولد سنة خمسين ومائة‬ ‫أو إحدى وخمسين كان من كبار أصحاب مالك المتعصبين لمذهبه من المصريين وجرى‬ ‫بينه وبين الشافعي خصومات‘ؤ وضربه السلطان وشهرهؤ وكان يتهم الشافعي بذلك وسثل‬ ‫الشافعي عن ذلك؟ فقال‪ :‬والله ما ذكرته قط للسلطان‪ .‬وكان كما تذكر كتب التراجم من‬ ‫اشغب الناس في المناظرة فكانت بينه وبين الشافعي مناظرة في بيع الحر في الدين‪ .‬فكان‬ ‫الشافعي يقول‪ :‬يباع۔ ويقول فتيان‪ :‬لا يباع‪ .‬فقال فتيان للشافعي‪ :‬إن ثبت على هذا فعل بك‬ ‫كيت وكيت‪ .‬وكان الشافعي حليما حييا‪ .‬ولهذه القصة تفاصيل في مظانها‪ .‬توفي فتيان سنة‬ ‫خمس ومائتين‪ .‬ينظر‪ :‬ترتيب المدارك وتقريب المالك (‪)١٦٥/١‬ا‏ المؤتلف والمختلف‬ ‫للدارقطني ‏(‪.)٣٥/٤‬‬ ‫(‪ )٢‬حلية الاولياء‪ ،)١١٥/٩( ‎‬تاريخ دمشق‪)٩٨/٤٨( ‎‬۔‬ ‫)( نفس المصدرين‪.‬‬ ‫‪.٣١١/٥٦‬‬ ‫تاريخ دمشق‪‎‬‬ ‫‪٩‬‬ ‫(‪ )٤‬حلية الاولياء‪‎‬‬ ‫الإباضية والمالكية هي الشرب الإسلامي‬ ‫‪..‬‬ ‫قرن‬ ‫‏‪١١٨‬‬ ‫لله‬ ‫ثانيا‪:‬‬ ‫وحيث إننا نقارن مختصر البسيوي برسالة العلامة اين أبي زيد‬ ‫القيرواني فإن الرسالة نفسها تقرر قاعدة التكفير عند المالكية حيث لا يكفر‬ ‫أح من أهل القبلة بذنب‪ ،‬إلا إذا اعتقد ما يخالف عقيدة الإسلام المجمع‬ ‫عليها‪ ،‬يقول في الرسالة‪« :‬ولا يكمل قول الإيمان إلا بالعمل ولا قول وعمل‬ ‫إلا بنية ولا قول وعمل ونية إلا بموافقة السنة وأنه لا يكفر أحد بذنب من‬ ‫أهل القبلة‪ .‬وقد شرح هذه العبارة العلامة النفراوي في الفواكه الدواني‬ ‫واوضح من خلال الأمثلة التي ضربها في من يحكم لصاحبها بالكفر‬ ‫والإباضية لا يدخلون في شيء منها لأنها لا تنطبق عليهم أولا‪ .‬وثانيا لأنهم‬ ‫لم يختلفوا مع الأشاعرة في العقائد إلا في ثلاث مسائل فقط{ وهي من‬ ‫فروع العقيدة وليس من أصولها‪ .‬وسوف يأتي توضيحها بإذن الله‪ .‬وقد رأيت‬ ‫أن أنقل كلام النفراوي كاملا لنفاسته في هذا الموضوع" يقول‪« :‬والمعنى‪ :‬أن‬ ‫من تقرر بالإيمان الجازم إيمانه وتحقق بالإتيان بالشهادتين إسلامه إذا‬ ‫ارتكب ذنبا ليس من المكفرات وكان غير مستحل له فإنه لا يكفر عندنا‬ ‫بارتكابه" ولا يخرج به عندنا عن الإيمان صغيرا كان الذنب أو كبيرا‪ ،‬خلافا‬ ‫للخوارج في التكفير بارتكاب الذنوب ولو صغائر‪ ،‬وللمعتزلة في إخراجهم‬ ‫العبد بالكبيرة من الإيمان وإن لم تدخله في الكفر إلا باستحلالي} وهذه‬ ‫القاعدة قال بها مالك وأبو حنيفة والشافعي وأحمد في أصح الروايتين عنه‪،‬‬ ‫ومثل ذلك من ابتدع بإنكاره صفة الباري‪ ،‬وكمنكر خلق الله لأفعال العباد أو‬ ‫رؤيته يوم القيامة وكذلك سائر أهل البدع كالقدرية وغيرهم» وأكثر قول‬ ‫‏(‪ )١‬رسالة اب‬ ‫ن أبي زيد القيروانيؤ مالك الصغير آبي محمد عبدالله ين أبي زيد القيرواني‪.‬‬ ‫وم‬ ‫عها إيضاح المعاني على رسالة القيرواني‪ ،‬كتبها احمد مصطفى قاسم الطهطاوي دار‬ ‫‏‪.٢١‬‬ ‫الفضيلة‪ .‬دبي (بدون ط‪٥.‬‏ ت) ص‬ ‫‏‪١٥٩‬‬ ‫‪:..‬‬ ‫المبحث الثاتي‪ :‬الملاقة الفكرية‬ ‫‪‎‬فر‪٨٢‬‬ ‫مالكر وأصحابه عدم تكفيرهم بل يؤدبون‪ ،‬أما من خرج ببدعته من أهل‬ ‫القبلة كمنكري حدوث العالم والبعث والحشر للأجسام والعلم للجزئيات‬ ‫فلا نزاع في كفرهم لإنكارهم بعض ما علم بمجيء الرسول به ضرورة‬ ‫ووقع نزاع في تكفير المجسم قال ابن عرفة‪ :‬الأقرب كفره‪ ،‬واختيار العز عدم‬ ‫كفره لعسر فهم العوام برهان نفي الجسمية‪.‬‬ ‫قال القاضي عياض‪ :‬فإن نفى شخص صفة من صفات الله الذاتية أو‬ ‫جحدها مستبصرا في ذلك؛ أي‪ :‬حال كونه على بصيرة من جحدها ونفيها‬ ‫متعمدا لذلك كقوله‪ :‬ليس عالما ولا قادرا ولا مريذا ولا متكلما وشبه ذلك‬ ‫فقد نص أئمتنا على الإجماع على كفر‬ ‫من صفات الكمال الواجبة له تك‬ ‫من نفى عنه الوصف بها‪.‬‬ ‫وعلى هذا حمل قول سحنون من قال‪ :‬ليس لله كلام} فهو كافر وهؤلاء‬ ‫يكفرون المتاولين© وأما من جهل صفة من هذه الصفات فاختلف العلماء في‬ ‫كفره والذي رجع إليه الأشعري أنه لا يكفر؛ لأنه لم يعتقد مقالته حما ولم‬ ‫يتخذها دينا" وأما من أثبت الوصف ونفى الصفة فقال‪ :‬الله عالم ولا علم له‬ ‫ومتكلم ولا كلام له وهكذا فاختلف فيه على قولين‪ :‬فمن أخذ بالحال لم‬ ‫يكفره‪ ،‬ومن أخذ بالمآل كفره والمعتمد عدم كفره‪ ،‬كمن نفى الصفات‬ ‫المعنوية فإنه لا يكفر أيضًا‪ ،‬بخلاف من اعتقد أنه غير قديم فإنه يكفر‪ ،‬كما‬ ‫يكفر من اعترف بألوهيته ووحدانيته ولكن اعتقد أنه غير حي أو ادعى أن له‬ ‫ولذا أو صاحبة أو أنه متولد من شيء أو اعتقد أن هناك صانعا للعالم سواه‪٬‬‏‬ ‫وكل ذلك كفر بإجماع المسلمين وأما من نفى صفة البقاء ففيه تفصيل‪ ،‬فإن‬ ‫أراد بالنفي صفقة زائدة على الذات فلا يكفر بخلاف من أراد بنفيه طريان‬ ‫العدم فلا شك في كفره وأما من قال‪ :‬إن الله يجب عليه كذا فإن أراد بالفضل‬ ‫والإحسان فلا يكفرك وإن أراد الوجوب الذاتي؛ أي‪ :‬بالقهر وعدم الإرادة فإنه‬ ‫الإباضية والمالكية في الغرب الإسلامي‬ ‫‏‪١٦٠‬‬ ‫‪77‬‬ ‫نال‬ ‫يكفر لنفيه الإرادة والاختيار‪ .‬وأما مسائل الوعد والوعيد والرؤية وخلق‬ ‫القرآن والأفعال وبقاء الأعراض وشبهها من الدقائق فالأولى عدم تكفير‬ ‫المتأاولين فيها‪ .‬إذ ليس في الجهل بشيء منها جهل بالله تعالى‪ ،‬ودليل أهل‬ ‫الشئة على عدم الكفر بالذنب الآيات والأحاديث الناطقة يإطلاق لفظ‬ ‫المؤمن على العاصي كقوله تعالى‪ « :‬يتيما أنين عامنا كي عَتتَكمه السام »‬ ‫الآية ابفرة ‏‪ ١٨‬و«يَأيما آآييك ءامثرا مبا إل كه تربة سَسُوا؛‬ ‫[النحريم‪:‬ه]وبالإجماع على الصلاة على من مات من أهل الكبائر من غير توبة‬ ‫وبمشروعية الحدود لصاحب المعصية كالسارق والزاني ولو كفر لاستحق‬ ‫القتل‪ ،‬وما استدل به المكفر من نحو حديث‪« :‬من ترك الصلاة فقد كفره‬ ‫فمؤول على أن معناه أنه يعامله معاملة الكافر بالارتداد من قتله إن تركها‬ ‫كسلا وعناذا أو أخرناه لآخر الوقت ولم يفعل وإن كان هذا يقتل حاء‬ ‫بخلاف الجاحد فإنه يكفره‪.'٧‬‏‬ ‫والإباضية لم يختلفوا مع الأشاعرة ومذاهب أهل الة إلا في مسائل‬ ‫عقدية ثلاثة لا توجب الكفر أو الحكم بالاستتابة والقتل حسب القواعد‬ ‫المالكية وهي‪:‬‬ ‫‏‪ - ١‬عدم رؤية الله تبارك وتعالى يوم القيامة‪ .‬وهم ليسوا الوحيدين في‬ ‫هذا بل جمع من الصحابة والتابعين فقد روي عن هالإمام علي بن‬ ‫أبي طالب كرم الله وجهه من طريق أبي معمر السعدي" كما أخرجه أيضا عن‬ ‫ابن عباس ظنا من طريق الضحاك بن قيس‪ ،‬وطريق سعيد بن جبير وعزاه‬ ‫وإبراهيم والزهري وسعيد بن جبير وسعيد بن‬ ‫إلى مجاهد ومكحول‬ ‫المسيب» ‏‪٠‬‬ ‫(‪ )١‬الفواكه الدواني‪.)٣٠١ .٣٠٠ .٩٩/١( ‎‬‬ ‫‏‪١٦١‬‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬الملاقة الفكرية‬ ‫_‪-‬‬ ‫‏‪٦‬رك‬ ‫من الصحابة‪ ،‬وعكرمة من التابعين©‬ ‫ورواه ابن مردويه عن ابن عمر ‪:‬‬ ‫ورواه عن عكرمة عبد بن حميد كما رواه عن مجاهد وأبي صالح بإسناد‬ ‫صححه الحافظ ابن حجرها وقال به من الأشاعرة‪ :‬الغزالي" والرازي"'}‬ ‫والجصاص من الأحناف”' وصاحب تفسير المنارا وهو قول المعتزلة أيضا‬ ‫وقد جاء عن الإمام سحنون أن من قال بها متأولًا لا يحكم بكفره كما في‬ ‫نص النفراوي السابق‪ .‬وهي مسألة فرعية كما ينص صاحب المنار حيث بعد‬ ‫عرضه لأدلة الفريقين‪« :‬وغرضنا من هذه النقول بيان أن أهل السُئة قد أولوا‬ ‫بعض أحاديث الرؤية كما أولت المعتزلة والخوارج والشيعة فلا مقتضى‬ ‫للتعادي والتفرق في الدين لأجل التأويل وبعض هذه التأويلات أعرق في‬ ‫التكلف من بعض وما ساغ في بعض الروايات لا يسوغ في البعض الآخر‬ ‫وإذا كان الغرض من التأويل تقريب المعاني إلى الأذهان حتى لا يبقى مجال‬ ‫واسع للتشكيك في النصوص فإن الواقفين على علوم هذا العصر وفنونه قد‬ ‫يحتاجون إلى ما لم يكن يحتاج إليه من قبلهم»ؤ‪.‬‬ ‫‏‪ ٢‬۔ خلق القرآن والخلاف فيه لفظي مع الأشاعرة لأن المقصود به‬ ‫القرآن المكتوب بالحبر المنظوم بالصوت أما الكلام النفسي فليس مخلوماء‬ ‫يقول الحجوي الثعالبي‪« :‬فالمسألة كانت سياسية أكثر منها دينية بدليل أن‬ ‫الخلاف الذي هؤلوا به مسألة الكلام تبين أنه لفظي إذ الصفة القائمة بذاته‬ ‫تعالى قديمة‘ والمعتزلة لا يقرون بقيام الصفات بالقديم فرارا من تعدد‬ ‫القدماء والحروف والأصوات التي ننطق بها نحن حادثة‪ .‬وتعصب بعض‬ ‫‏(‪ )١‬الحق الدامغ للعلامة الشيخ أحمد الخليلي (ص ‏‪.)٤٥‬‬ ‫(‪ )٢‬الحق الدامغ (ص‪)٢٨ ‎‬۔‬ ‫(‪.)١٦٩/٤‬‬ ‫(‪ )٣٢‬أحكام القرآن للجصاص‪‎‬‬ ‫(‪ )٤‬تفير المتار‪.)١٢٨/٩( ‎‬‬ ‫(‪ )٥‬تفسير المنار‪.)١٢٨/٩( ‎‬‬ ‫الإباضية والمالكية في الغرب الإسلامي‬ ‫‪.‬‏‪٦‬‬ ‫‏"‪١٦‬‬ ‫نذق‬ ‫المنتسبين لابن حنبل فقالوا بقدمها‪ ،‬بل قالوا‪ :‬إن الجلد وغلاف المصحف‬ ‫أزليان‪ 6‬وهو جهل أو عناد‪ ،‬ومثله لا يعد في آراء أهمل العلم‪ .‬فتبين أنه‬ ‫لا خلاف إلا في إثبات قيام الصفات به تعالى‪ ،‬وهكذا جل الخلاف‬ ‫المنسوب الى المعتزلة وأهل السُئة آيل إلى هذاك فهى مسائل حزبية سياسية‬ ‫لا مذهبية دينية‪_...‬م وأبو الحسن البسيوي نفسه يبين في كتابه الجامع أن‬ ‫القرآن غير مخلوق؛ لان هذا كان هو الخيار المصطلحي عند الإباضية في‬ ‫البداية" ويعنون به الكلام النفسي يقول أبو الحسن‪« :‬وسأل فقال‪ :‬كلام الله‬ ‫مخلوق أو غير مخلوق؟‬ ‫قيل له‪ :‬قد اختلف الناس في ذلكؤ فقال قوم إن كلام الله مخلوق‪ ،‬وقال‬ ‫آخرون وهم أكثر الأمة ۔ إن كلام الله ليس بمخلوق‪ ،‬ووقف في ذلك‬ ‫واقفون‪ ،‬وكلام الله تعالى من صفاته‘ وصفاته لم تزل له‪ ،‬ولو جاز لقاثل أن‬ ‫يقول‪ :‬إن الله لم يكن متكلما ثم تكلم‪ ،‬لجاز لقائل أن يقول‪ :‬لم يزل الرحمن‬ ‫الرحيم الحي العالم القادر السميع البصير المتكلم‪ ،‬فسد قول من يقول‪ :‬إن‬ ‫كلام الله مخلوق إذ هو المتكلم كما أنه هو العالمإ والكلام صفته‪ ،‬فدل‬ ‫بذلك أن كلامه غير مخلوق"‬ ‫‏‪ ٣‬خلود صاحب الكبيرة في النار إذا لم يتب‪ ،‬وهذه في أصلها محل‬ ‫خلاف ولا ناصر فيها لمن أنكرها إلا أحاديث الآحاد ووفق مذهب المالكية‬ ‫فإن أحاديث الآحاد لا يؤخذ بها فى الاعتقاد‪ ،‬ولذلك قال بها من أهل السُئة‬ ‫المعاصرين عدد من العلماء كالإمام محمد عبده وتلميذه سيد رشيد رضا"‬ ‫وغيرهم مما لا يتسع بحثنا لها‪ ،‬ثم هي والمسألة التي قبلها من مسائل‬ ‫(‪ )١‬الفكر السامي‪.)٣٦٢/٦٢( ‎‬‬ ‫(‪ )٢‬جامع آبي الحسن البسيوي‪.)٤٦/١( ‎‬‬ ‫(‪ )٣‬تفسير المنار‪.)٨٣/٣( ‎‬‬ ‫‏‪١٦٢‬‬ ‫المبعث الثاني‪ :‬الملاقة الفكرية‬ ‫‪7‬‬ ‫‏‪٦‬‬ ‫الفروع العقدية كما حققها الدكتور محمد نعيم محمد في كتابه القانون‪.0‬‬ ‫كما أن كتب المالكية لا تحكم بكفر من قال بهذا‪.‬‬ ‫وما عدا ذلك فالإباضية متفقون مع المالكية في الأصول والفروع'‬ ‫ولا خلاف بينهم يستوجب حكاية تلك الرواية عن الإمام مالك‘ كما أن‬ ‫الإباضية يبرؤون من الخوارج ولا زون عن مسلكهمإ وقد كانت كتبهم‬ ‫من أوائل من أعلن موقفه الصارم من الخوارج كما سنبين ذلك لاحقا بحول‬ ‫الله‪.‬‬ ‫وأخيرا‪:‬‬ ‫رغم المحاولة التي بذلناها في نفي هذه المقولة عن الإمام مالك فإننا‬ ‫نظن أيضا أن الإمام مالك كان يتفاعل مع أجواء مخصوصة تنظر إلى الفرق‬ ‫المنفصلة عن منهج أهل الحديث ‪ -‬وبالاخص منهج أهل المدينة ۔ على أنها‬ ‫مبتدعة ضالة تشتد عبارة النكير عليها حتى ولو كان أساطينها أحد الأئمة‬ ‫الأربعة‪ .‬ففي سير أعلام النبلاء يقول «أبو يوسف أحمد بن محمد‬ ‫الصيدلاني‪ :‬سمعت محمد ين الحسن الشيباني يقول‪ :‬كنت عند مالك فنظر‬ ‫إلى أصحابه‪ ،‬فقال‪ :‬انظروا أهل المشرق‪ ،‬فانزلوهم بمنزلة أهل الكتاب" إذا‬ ‫حدثوكم‪ ،‬فلا تصدقوهمح ولا تكذبوهم‪ 6‬ثم التفت" فرآني؛ فكأنه استحيى‪6‬‬ ‫فقال‪ :‬يا أبا عبد الله‪ ،‬أكره أن تكون غيبة‪ ،‬هكذا أدركت أصحابنا يقولون» يقول‬ ‫الذهبي‪ :‬قلت‪ :‬هذا القول من الإمام قاله لأنه لم يكن له اعتناء بأحوال بعض‬ ‫القوم؛ ولا خبر تراجمهم وهذا هو الورع ألا تراه لما أخبر حال أيوب‬ ‫‏(‪ )١‬القانون في عقائد الفرق والمذاهب الإسلامية‪ .‬د‪ .‬محمد نعيم محمد هاني ساعي" أستاذ‬ ‫إمريكا‪ ،‬دار السلام للطباعة والنشر ۔‬ ‫الفقه وأصوله ‪ -‬الجامعة الإمريكية المفتوحة‬ ‫ط ‏‪ :١‬‏‪.‬ع‪٧٠٠٢‬اه‪ ٨٢٦٤١‬ص ‪٤٢٣‬۔‪.٤٣٣‬‏‬ ‫(‪ )٦‬أصول الجمع وكليات الوفاق بين المذهبين الإباضي والمالكي‪ ،‬ص‪.١٥٩ ‎‬‬ ‫الإباضية والمالكية في الشرب الإسلامي‬ ‫‏‪٦٤‬‬ ‫‪٨‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‏‪7‬‬ ‫السختياني العراقي كيف احتج به‪ ،‬كذلك حميد الطويل وغير واحد ممن‬ ‫روى عنهمإ وأهل العراق كغيرهم فيهم الثقة الحجة‪ ،‬والصدوق‘ والفقيه©‬ ‫والمقرئ‪ ،‬والعابدؤ وفيهم الضعيف© والمتروك‪ ،‬والمتهم‪ .‬وفي ه«الصحيحين‬ ‫«شيء كثير جذا من رواية العراقيين رحمهم الله‪ .‬وفيهم من التابعين كمثل‬ ‫علقمة‪ ،‬ومسروق"‪ 6‬وعبيدة" والحسن‪..‬ع‪.'١‬‏‬ ‫والذي يظهر فإن هؤلاء المخالفين لمنهج آهل المدينة يجمعهم مصطلح‬ ‫اهل البدع‪ ،‬وتأتي العبارة فيهم من الإمام مالك عامة في غالب النصوص‪©،‬‬ ‫مما مكن لتلاميذه بعد ذلك أن يفترضوا مسميات معينة تم تسويقها على أنها‬ ‫داخلة تحت هذا المصطلح يقول أصبغ‪« :‬حدثنا ابن وهب“ عن مالك وسئل‬ ‫عن الصلاة خلف أهل البدع القدرية وغيرهم فقال‪ :‬لا أرى أن يصلى خلفهم‪.‬‬ ‫قيل‪ :‬فالجمعة؟ قال‪ :‬إن الجمعة فريضة وقد يذكر عن الرجل الشيء‪ ،‬وليس‬ ‫هو عليه‪ .‬فقيل له‪ :‬أرأيت إن استيقنت‪ ،‬أو بلغني من أثق به‪ ،‬أليس لا أصلي‬ ‫الجمعة خلفه؟ قال‪ :‬إن استقينت‪ .‬كأنه يقول‪ :‬إن لم يستيقن ذلك‘ فهو في‬ ‫سعة من الصلاة خلفه"'‪.‬‬ ‫إن تكرر عبارة «وغيرهم» عند سؤالات الإمام مالك في أكثر من موضع‬ ‫الإمام لا زلنا‬ ‫في المدونة مهدت الطريق لضم فرق مختلفة في نصوص‬ ‫نعتقد أنه لم يعينها في خطاب موثوق‪ ،‬والله تعالى أعلم‪.‬‬ ‫_‬ ‫‏(‪ )١‬سير أعلام النبلاء ‏(‪.)٦٨/٨‬‬ ‫‏(‪ )٢‬سير أعلام البلاء ‏(‪.)٦٨/٨‬‬ ‫‏‪١٦٥‬‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬الملاقة الفكرية‬ ‫‪٦‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬التوافق والاختلاف في الجانب الفقهي (الصول)‪‎‬‬ ‫المالكية‬ ‫الأصول‬ ‫أولا‪:‬‬ ‫‏‪٠‬‬ ‫كان الإمام مالك كغيره من الأئمة المجتهدين في تلك العصور الثلاثة‬ ‫الأولى لم يدون قواعد معينة أو أصولا معلومة وإنما كان ما سطره في كتبه‬ ‫۔ وخاصة الموطآ _ هو حصيلة الاجتهاد الكثيف في الآيات والاحاديث‬ ‫وأقوال الصحابة زفن وقد اغتيرت نظرائه الاجتهادية في الفتاوى والاحكام‬ ‫وطريقة الترجيح للأقوال قواعت ثابتة عند المذهب المالكي‪ ،‬ساعد على‬ ‫انتظامها لاحقا في كتب خاصة دقة الاستقراء لجميع ما دون وسمع من‬ ‫الإمام مالك‪ .‬ولم يكن ذلك بالشيء اليسير؛ فالأسفار التي حملت عنه إلى‬ ‫الأمصار كانت كثيرة جدا كما أسلفناء ويزداد الأمر كثافة عندما نعلم بأن‬ ‫الذين رووا عنه زاد عددهم عن ألف وثلاثمائة من أعلام الأقطار الإسلامية«'ء‬ ‫إلا أن الموطأ كان في صدارة هذه الأسفار حتى قال الإمام السيوطي‪« :‬وكان‬ ‫مالك في الموطأ أشار إلى بعض قواعده»ه""‪.‬‬ ‫وقد استأنس أصحابه برسالته إلى الإمام الليث بن سعد في وجود‬ ‫مقررات أصولية وقواعد معتمدة في استنباط الأحكام من النصوص الشرعية؛‬ ‫حيث جاء عمل أهل المدينة أصلا واضحا في هذه الرسالة عندما قال‪« :‬فإذا‬ ‫كان الأمر بالمدينة ظاهرا معمولا به لم أر خلافه‪ ،‬للذي في أيديهم من تلك‬ ‫الوراثة التي لا يجوز لأحد انتحالها ولا ادعاؤها‪."...‬‬ ‫(‪ )١‬ينظر‪ :‬الفكر السامي‪.)٤٤٩/١( ‎‬‬ ‫(‪.)٤٠٤/١‬‬ ‫(‪ )٢‬الفكر السامي‪‎‬‬ ‫‏(‪ )٢‬ترتيب المدارك ‏(‪ )٤١/١‬وينظر أيضا‪ :‬تخريج الفروع على الاصول د‪ .‬عثمان محمد‬ ‫الأخضر شوشان ‪ -‬دار طيبة للنشر‪ .‬ط ‏‪ ١٩٩٨-١٤١٩ ،١‬م (‪٩-١٣٨/١‬ح!‪.)١‬‏‬ ‫الإباضية والمالكية في الغرب الإسلامي‬ ‫‏‪١٦٦‬‬ ‫‪77‬‬ ‫لق‬ ‫ستحتم هذه الوضعية لاحقا على علماء المالكية أن يجتهدوا في‬ ‫استخراج أصول الإمام مالك وقواعده من كتبه وفتاويهء وقد كان هذا‬ ‫الاجتهاد نشيطا في بدايته لكنه لم يتبلور في شكل مؤلفات خاصة كما هو‬ ‫الحال عند الأاحنافه' والشافعية ولذلك ۔ كما يقول الدكتور محمد‬ ‫بسهولة نظريات‬ ‫المختار ‪« :‬إن الباحث في أصول الفقه المالكي لا يرى‬ ‫الأصوليةهه"‘ وهذا‬ ‫متكاملة مقررة في شكلها النهائي وشاملة لجميع المباحث‬ ‫هؤلاء الثلاثة إلى‬ ‫الحال نفسه في المذهب الإباضي والحنبلي حيث انضم‬ ‫العامة مع احتفاظ‬ ‫المدرسة الشافعية «المتكلمين» من حيث القواعد الأصولية‬ ‫كل مذهب بقواعد خاصة تميزه عن المذاهب الأخرى لكن الأمر بالنسبة‬ ‫للإباضية أكثر انفتاحا على الأحناف"‪.‬‬ ‫أدى اجتهاد علماء المالكية في وضع قواعد المذهب إلى وجود عدد‬ ‫كبير من القواعد الأصولية تتفوق على نظيراتها من المذاهب الأخرى؛ حتى‬ ‫‏(‪ )١‬لم يدون الإمام أبو حنيفة أصولا معلومة لمذهبه وإنما هي عبارة أوضح فيها مسلكه في‬ ‫تقرير الاحكام‪ :‬ياخذ فيها بكتاب الله ثم شئته ثم أقوال الصحابة‪ ،‬أما التابعون فيجتهد‬ ‫معهم مثل ما اجتهدوا‪ .‬لكن علماء الأحناف اتبعوا طريقة استقرائية اعتمدوا فيها على أقوال‬ ‫وفتاوي أئمتهم وبنوا عليها الاصول‪ ،‬ولربما طوعوا القاعدة الأصولية لخدمة الفرع الفقهي‪١‬‏‬ ‫وقد اجتهدوا في ذلك اجتهادا كبيزا حتى برز منهم أعلام كبار في فن الاصول؛ كالجصاص‬ ‫وابي زيد الدبوسي‘ والبزدوي"‪ 6‬والسرخسي وابي الحسن الكرخي؛ وهذا ما جعلهم‬ ‫مدرسة مستقلة بذاتها في الاصول‪ .‬وقد توفر مثل هذا للشافعية ابتداء من كتاب الرسالة‬ ‫للامام الشافعي نفسه ثم جاء علماء الشافعية لوضع اللبنة الأخيرة في اعتماد الاصول‬ ‫والقواعد؛ كإمام الحرمين‪ .‬والغزالي" والرازي" والآمدي"‪ 6‬والسبكي" بينما لم يتوفر ذلك‬ ‫للمالكية‪.‬‬ ‫‏(‪ )٦٢‬مدخل إلى أصول الفقهص الم‏‪.٩‬الك وي‪ .‬د‪ .‬محمد المختار ولد أباه‪ ،‬دار الأمان ‪ -‬الرباط‪،‬‬ ‫‏‪/٣٠٠‬ه‪ ٢٤١‬آم‬ ‫‏‪٤ :٢‬‬ ‫ط‬ ‫() منهج الاجتهاد عند الإياضة‪ .‬د‪ .‬مصطفى باجوا مكتبة الجيل الواعد ۔ مسقط؛‬ ‫‏‪.٠ ٤ ٢٦١‬‬ ‫‏م‪ ٢‬ص‬ ‫‏‪٠٠٤١‬‬ ‫ط‬ ‫‏‪١٦٧‬‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬الملاقة الفكرية‬ ‫‪-‬‬ ‫‏‪٦‬‬ ‫قال الشيخ أبو زهرة‪« :‬إن المذهب المالكي أكثر المذاهب أصولاء" حيث‬ ‫اوصلها بعضهم إلى سبعة عشر أصلاں بينما اعتبرها الحجوي في الفكر‬ ‫السامي عشرين أصلا لكن هذا العدد الكبير من الأصول يدخل فيه‬ ‫الجزئيات المنبثقة من الأصول الكبرى كما سنوضحه لاحقا إن شاء الله‪ .‬وقد‬ ‫أدى دخول هذه الجزئيات إلى وجود عدد كبير جذا من القواعد في الفقه‬ ‫المالكي؛ أوصلها السبكي إلى خمسمائة أصله بينما أنهاها القرافي إلى‬ ‫خمسمائة وثمانية وأربعين أصلا وضاعفها المقري لتصل إلى ألف‬ ‫ومائتين‪ .‬وفرق ‪ -‬أي‪ :‬المقري ‪ -‬بين «القواعد الضابطة للفروع وبين أصول‬ ‫المذهب فإن أصول المذهب هي مصادر الاستنباط فيه وطرائقه‪ ،‬وقوة الأدلة‬ ‫الفقهية ومراتبها‪ .‬وكيف يكون الترجيح بينها عند التعارض‪ .‬أما القواعد فهي‬ ‫ضوابط كلية توضح المنهاج الذي انتهى إليه الاجتهاد في ذلك المذهب ©‬ ‫والروابط التي تربط بين مسائله الجزئية‪ ،‬فالقواعد متأخرة في وجودها‬ ‫الذهني والواقعي عن الفروع لأنها جمع لاشتاتها‪ .‬وربط بينهاء وجمع‬ ‫لمعانيها‪ 5‬أما الأصول فالفرض الذهني يقتضي وجودها قبل الفرع؛ لأنها‬ ‫القيود التي أخذ الفقيه نفسه بها عند استنباطهه‘"‪.‬‬ ‫أسباب كثرة الأصول والقواعد في المذهب المالكي‪:‬‬ ‫لا خلاف بين الذين كتبوا في تاريخ التشريع أن ما وضعه الأئمة‬ ‫المتبوعون من القواعد قليل جدا باستثناء الإمام الشافعي‪ 5‬لكن كثرة الأتباع‬ ‫(‪ )١‬مالك ‪ -‬لابي‪٬ ‎‬ةرهز ‪٦١١.‬ص‪‎‬‬ ‫(‪.)٤٥٥/١‬‬ ‫(‪ )٢‬الفكر السامي‪‎،‬‬ ‫(؟) مالك لابي زهرة‪٬‬‏ ص ‏‪.٢١٦‬‬ ‫(‪ )٤‬أنوار البروق في أنواع الفروق‪.)٤/١( ‎‬‬ ‫ص‪.٢١٦‬‬ ‫(‪ )٥‬مالك لابي زهرة؛‪‎‬‬ ‫الإباضية والمالكية هي الغرب الإسلامي‬ ‫‪77‬‬ ‫لمهااال‬ ‫وارتضاء الناس إماما معينا قدوة وعالما معتمدا يقلدونه ويفرعون على أصوله‬ ‫وقواعده! دفع بالعلماء البارزين في كل مذهب بحكم الاحتكاكات العلمية‬ ‫والمناظرات الفقهية إلى استنباط الأصول وتقعيد القواعد حتى صارت‬ ‫«أصول كل مذهب تبدو وكأنها جمعت لتبرير مواقف أئمته سواء أكانت‬ ‫لترجيح مجموعة من الاحكام الجزئية التي قد تخالف هذا المنهج أو ذاك‬ ‫أم لتدعيم مواقف مبدثية مثل موقف الإمام الشافعي من قضية اختلاف‬ ‫الحديث‘ وابن حزم من استيعاب النصوص لجميع النوازل تفصيلا أو‬ ‫إجما لا‪.‬‬ ‫وقد سبق لنا أن قدمنا الحديث عن المدارس المالكية الخمس وما‬ ‫تميزت به كل مدرسة من التأصيل والتفريع‪ ،‬وهذا يُعد من أقوى أسباب تعدد‬ ‫الأصول المالكية وكثرتها"‪.‬‬ ‫أما قضية التنافس العلمي مع المدارس الخارجية فقد كانت مجموعات‬ ‫المذهب المالكي تتعرض لمنافسات علمية من أتباع الأئمة الآخرين ففي‬ ‫العراق كان الميدان فسيحًا لأبى حنيفة وصاحبيه محمد وأبي يوسفؤ وقد‬ ‫حدث الاحتكاك بينهم والمذهب المالكي مبكرا لشهرة الإمام مالك‪ ،‬وبراعة‬ ‫أتباعه في الذب عن أصولهم وفي هذا الصدد تبادل عالمان من كلا‬ ‫المذهبين الزيارة لمعاقل الوطن وبؤرة التكوين؛ فزار محمد بن الحسن‬ ‫الشيباني الإمام مالك في المدينة المنورة وعنه أخذ الموطأ‪ ،‬وقد علق على‬ ‫جملة من مسائله بما يتوافق أو يختلف مع مذهب شيخه أبي حنيفة‪ ،‬كما‬ ‫رحل أسد بن الفرات إلى علماء الأحناف في العراق بنصيحة الإمام مالك‬ ‫(‪ )١‬مدخل إلى أصرل الفقه المالكيث ص‪.٩ ‎‬‬ ‫‪.٨٢‬‬ ‫ص‪‎‬‬ ‫إبراهيم علي‪6‬‬ ‫المذهب عند المالكية‪ ،‬د‪ .‬محمد‬ ‫ينظر‪ :‬اصطلاح‬ ‫)‪(٢‬‬ ‫‏‪٧٦٩‬‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬الىلاقة الفكرية‬ ‫_‬ ‫‏‪٦‬ہك‬ ‫نفسه‘ حيث كانت ميولاته العلمية تتجه نحو افتراض المسائل«'& ورغم‬ ‫عودته لاحقا إلى المدينة المنورة ورحلته إلى مصر إلا أن طابع الفقه الحنفي‬ ‫كان غالبا عليه في دروسه وفي بعض أقضيته‘ حتى عده بعضهم من‬ ‫الأحناف"‘‪.‬‬ ‫«وقد كان وصول المذهب المالكي إلى العراق مبكرا بواسطة ابن مهدي‬ ‫والقعنبي وأبي حذافة السهمي وغيرهم" ثم بأتباعهم من أمثال‪ :‬ابن المعذل‬ ‫بن شيبة وآل حماد بن زيد»"'‪.‬‬ ‫ويعقوب‬ ‫ولد هذا الاحتكاك والتنافس بين المالكية والأحناف فرصا كثيرة‬ ‫للمناظرات العلمية والمساجلات الفقهية مما اضطر علماء المالكية إلى‬ ‫وضع أصول المذهب وتقعيده حتى يكون على قدر المنافسة‘ «حتى جاء‬ ‫القاضي إسماعيل الذي ألف من التصانيف في شرح مذهب مالك‬ ‫والاحتجاج له ما صار لأهل هذا المذهب معالم يحتذونهاء إذ يعتبر أول من‬ ‫بسط قول مالك واحتج به وأظهره بالعراق‪ ،‬وساهم بهذا في نشر المذهب‬ ‫هناك»"'‪.‬‬ ‫‏(‪ )١‬وفي ذلك يقول ابن الفرات‪« :‬كان ابن القاسم وغيره يحملني أن أسال مالكماء فإذا اجابني‬ ‫قالوا لي‪ :‬قل له فإن كان كذا وكذا‪ ،‬فضاق علي يوما‪ ،‬وقال‪ :‬هذه سلسلة بنت سلسلة‪ .‬إن‬ ‫كان كذا كان كذا‪ .‬إن أردت فعليك بالعراق‪ .‬فلما ودعته حين خروجي إلى العراق؛ دخلت‬ ‫عليه وصاحبان لي‪ ،‬وهما حارث التميمي وغالب صهر أسد‪ .‬فقلنا له‪ :‬أوصنا‪ .‬فقال لي‪:‬‬ ‫أوصيك بتقوى الله العظيم والقرآن ومناصحة هذه الامة خيزاء۔ ينظر‪ :‬ترتيب المدارك‬ ‫وتقريب المسالك ‏‪.١٦٩/١‬‬ ‫‏(‪ )٢‬مثل القاضي عياض في تراجم أغلبية‪ .‬ص ‪٦٤‬ؤ‏ والمقيرزي كذلك‘ ينظر‪ :‬الصراع المذهبي‬ ‫بإفريقية ص ‏‪.٥٩-٥٨‬‬ ‫ص‪.١٠١ ‎‬‬ ‫(‪ )٢‬الاختلاف الفقهي في المذهب المالكيث‬ ‫‪.١٧٠-١٦٩/٢‬‬ ‫(‪ )٤‬ترتيب المدارك‪‎‬‬ ‫الإباضية والمالكية في الهرب الإسلامي‬ ‫‪.‬رنة‬ ‫‏‪١٠‬‬ ‫د‬ ‫أما في مصر حيث كان رجالات المذهب المالكي يتصدرون الفتوى‬ ‫والقضاء فإن المنافس الأقوى هو المذهب الشافعي‪ ،‬وقد كان الشافعي نفسه‬ ‫مالكيا في بداية أمره كما تذكر كتب المالكية" إلى أنه اشتجر مع فتيان ابن‬ ‫أبي السمح أحد أعلام المالكية‘‪ ،‬وقد كان هذا الأخير متعصبا لمذهب‬ ‫مالك‪ ،‬ولم يكن يدرك الخطورة التي يمثلها الإمام الشافعي على مذهب‬ ‫مالك حتى ه«لقد كان المذهب الشافعي أشد خطورة على المالكية؛ لأن‬ ‫مراكز الإشعاع المالكي انتقلت في وقت مبكر من المدينة إلى مصر‪ ،‬ومن‬ ‫مصر إلى إفريقية والأندلس‪ .‬ولما رحل الشافعي إلى مصر وهو مشبع بعلوم‬ ‫المالكية جعلت آراؤه تدب في الفكر المالكي وتجذب بعض مفكريه"‪.‬‬ ‫وإذا كان أسرة حماد بن زيد هي الأسرة المسؤولة عن حماية المذهب‬ ‫المالكي في العراق من خلال من نبغ فيها من العلماء الأجلاء؛ك'؛ فإن أسرة‬ ‫‏(‪ )١‬نض على ذلك القاضي عياض بقوله‪« :‬وأما أرض مصر فأول أرض انتشر بها مذهب مالك‬ ‫بعد المدينة‪ .‬وغلب عليها واطبق أهلها على الاقتداء به‪ 6‬إلى أن قدم عليهم الشافعي فكان‬ ‫واحذا منهم وفيهم‪ .‬إلى أن كتر عليه فتيان ابن أبي السمح من فقهانهم؛ وجرت بينه وبينهم‬ ‫خطوب اقتضت تحيزه مع آصحابهء‪ .‬ترتيب المدارك وتقريب المسالك (‪٨/١‬؟‪)٢‬‏ وما‬ ‫بعدهاء وينظر أيضا‪ :‬مدخل إلى أصول الفقه المالكي ص ‏‪.١٥‬‬ ‫‏(‪ )٢‬سبقت ترجمته‪.‬‬ ‫(‪ )٢‬مدخل إلى أصول الفقه المالكى ص‪.١٥ ‎‬‬ ‫‏(‪)٤‬‬ ‫يقول القاضي عياض في المدارك؛ «كانت ۔ هذا البيت ۔ الاسرة على كثرة رجالهاێ وشهرة‬ ‫أنعشلرامهاك من أجل بيوت العلم بالعراق‪ 6‬وارفع مراتب السؤدد في الدين والدنيا‪ .‬وهم‬ ‫وا هذا المذهب هناك‪ .‬ومنهم اقتبس‪ .‬فمنهم من أئمة الفقه والمشية في الحديث‬ ‫والسنن عدةض كلهم أجلة‪ .‬ورجال سة‪ .‬روي عنهم في أقطار الأرض" وانتشر ذكرهم ما بين‬ ‫المشرق والمغرب" وتردد العلم في طبقاتهم وبيتهم نحو ثلاثمانة عام؛ من زمن جدهم‬ ‫الإمام ح‬ ‫ماد بن زيد‪ 5‬واخيه سعيدا ومولدهما نحو المائة‪ 6‬إلى وفاة آخر من وصف منهم‬ ‫بعلم؛ المعروف بابن أبي يعلى‪ .‬ووفاته قرب عام أربعمائة" ترتيب المدارك وتقريب‬ ‫المسالك»‪ .‬‏(‪.)٢٠٣/١‬‬ ‫‏‪٧٧١‬‬ ‫‪.‬‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬الملاقة الفكرية‬ ‫‪-‬‬ ‫مسن‬ ‫عبد الحكم هي المسؤولة عنه في مصر إلا أن كثافة التأثير الشافعي جعل‬ ‫من احد أبنائها يميل إلى الشافعية وهو محمد بن عبدالله بن عبدالحكم‬ ‫حيث ترجم له أبو إسحاق الشيرازي في الشافعية‪ ،‬ومثله فعل السبكي" إلا‬ ‫أنه ذكر بان محمد بن عبدالله كان شافعيا في الاصل ثم رجع عن الشافعية‬ ‫إلى المالكية بسبب خلافه مع البويطي'‪ ،‬وإن كان القاضي عياض ينكر‬ ‫ذلك ويعتبر محمذا مالكيا حيث عاد إلى المذهب بعد وفاة الشافعي‬ ‫مباشرة”)‪.‬‬ ‫لم يكن المالكية راضين عن هذه المنافسة قبل أن يشترك المذهبان تحت‬ ‫لواء الأشعريةث بل لقد تصدى علماؤهم للرد على الشافعي وتلاميذه في عدد‬ ‫مناسبات‪ ،‬من بينهم آبو بكر بن أحمد بن مروان تلميذ القاضي إسماعيل{'}‬ ‫وأبو الفضل بكر بن العلاء القشيري!' الذي ر على الإمام الشافعي في‬ ‫‏(‪ )١‬طبقات الشافعية الكبرىؤ تاج الدين بن علي بن عبدالكافي السبكي" تح‪ :‬د‪ .‬محمود محمد‬ ‫الطناحي ود‪ .‬عبد الفتاح محمد الحلو‪ .‬هجر للطباعة والنشر والتوزيع ط ؟‪١٤١٣ :‬ه‪٠‬‏‬ ‫‏(‪.)٦١٩-٦٨/٦٢‬‬ ‫‪.١٥٧/١‬‬ ‫(‪ )٢‬المدارك‪‎‬‬ ‫‏(‪ )٣‬أبو بكر أحمد بن مروان الدينوري المالكي" قاض من رجال الحديث‪( .‬ت؛ ‪٣٣٣‬ه)‏ كان‬ ‫على قضاء القلزم! ثم ولي قضاء أسوان بمصر عدة سنين" وتوفي بالقاهرة‪ .‬من كتبه‬ ‫(المجالسة وجواهر العلم) الجزء الاول منه‪ ،‬وهو من أماليهؤ و(الرد على الشافعي)‬ ‫و(مناقب مالك)‪ .‬الأعلام للزركلي ‏(‪.)٢٥٦/١‬‬ ‫‏(‪ )٤‬بكر بن محمد بن العلاء بن محمد بن زياد‪ ،‬أبو الفضل القشيري (ت‪٦٢٦٠ :‬ها)؛‏ ويقال له‪:‬‬ ‫‏‪٣٣٠‬‬ ‫بكر بن العلاء" قاض من علماء المالكية من أهل البصرة‪ .‬انتقل إلى مصر قبل سنة‬ ‫وتوفي بها عن نيف وثمانين سنة‪ .‬له كتب‪ ،‬منها (أحكام القرآن) و(الرد على المزني)‬ ‫و(الاشربة) و(أصول الفقة) و(القياس) و(مسائل الخلاف) و(الرد على القدرية) قال القاضي‬ ‫عياض‪ :‬ورأيت له كتاب (مآخذ الأصول) وكتاب (تنزيه الأنبياء عليهم اللام) وكتاب (ما‬ ‫في القرآن من دلائل النبوة)‪ .‬الأعلام للزركلي ‏(‪.)٦٩/٦٢‬‬ ‫الإباضية والمالكية في الغرب الإسلامي‬ ‫‪7‬‬ ‫فر‬ ‫حكم وجوب التلفظ بالصلاة على النبي قلة‪ .‬كما له رد على المزني تلميذ‬ ‫الشافعي وأبحاثه في قراءة البسملة في الصلاة'‪.0‬‬ ‫أما في بلاد إفريقية والأندلس فإن المالكية سيجدون أنفسهم في منافسة‬ ‫أخرى مع الاحناف والظاهرية ففي القيروان «كان الفقهاء المالكية والأاحناف‬ ‫في أول عهدهم بأفريقية متآخين‪ ،‬وكان طلاب العلم بها والشبان يقبلون على‬ ‫تعلم المذهبين والفقهين‪ ...‬وبمرور الأيام وتبدل الأوضاع السياسية‬ ‫والحضارية نشا الخلاف بين الفريقين واتسعت شقته إلى حد خطير‪ ،‬وكان‬ ‫لسحنون الدور الهام في تعلق سكان القيروان بمذهب مالك ني" وفي‬ ‫انتشار هذا المذهب بكامل المغرب‪ .‬وتحقق كما قيل فراسة أبي خاجة‬ ‫الفافقي‪ ،‬الذي قال‪« :‬لا تذهب الليالي والأيام حتى تمحى كتب أبي حنيفةء‬ ‫زاد عياض‪« :‬فكان كذلك أيام سحنونه"'‪ ،‬والحقيقة أن الطابع الذي كان‬ ‫عليه الصراع بين المذهبين في القيروان ومحيطها ليس يحكمه التنافس على‬ ‫مناصب القضاء والإفتاء فحسب بل تطور إلى المناظرات العلمية وتعرض‬ ‫للأصول والفروع‪.‬‬ ‫آما في الأندلس فقد كان مذهب الأوزاعي سابقا إليها إلا أن إقصاءه لم‬ ‫ياخذ عنا طويلا" لكن المقاومة الظاهرية بقيادة ابن حزم جعلت من علماء‬ ‫المالكية يبرزون في ميادين المناظرات العلمية"" والمؤلفات الدفاعية «وهذه‬ ‫ص‪١٦١‬۔‪.١٧‬‬ ‫(‪ )١‬مدخل إلى أصول الفقه المالكى‪‎‬‬ ‫(‪ )٦‬ا‬ ‫لصراع المذهبي بإفريقية إلى قيام الدولة الزيرية‪ .‬عبدالعزيز المجدوب ص‪٧٩-٧٤ ‎‬‬ ‫بتصرف©ؤ ترتيب المدارك وتقريب المسالك‪.)١٧٩/١( ‎‬‬ ‫‏(‪ )٣‬قال الق‬ ‫اضي عياض‪ :‬غلب مذهب الأوزاعي على الشام وعلى جزيرة الاندلس اولا إلى أن‬ ‫غلب عليها مذهب مالك بعد المائتين فانقطع‪ .‬ترتيب المدارك وتقريب المسالك ‏(‪.)١٧١!١‬‬ ‫ابن حزم ۔‬ ‫‏(‪ )٤‬من ذلك المناظرة التي جرت بين ابن حزم والليث بن حرفش العبيدي وبينه‬ ‫وابي الوليد‬ ‫=‬ ‫الباجي‪ .‬وقد صنع الدكتور عبدالمجيد التركي من هذا اللقاءات والمناظرات‬ ‫‏‪١٧‬‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬الملاقة الفكرية‬ ‫‪-‬‬ ‫‏‪٦‬‬ ‫المناظرات جددت عند المالكية ضرورة إبراز أسس مذهبهم النهائية وعرض‬ ‫آرائهم في الأصول وذلك ما قام به أبو الوليد أحمد بن سليمان الباجي في‬ ‫كتابه المعروف «إحكام الفصول في أحكام الأصول»۔‬ ‫أما الإباضية فلم تذكر المصادر وقوع احتكاك بينهم وبين المالكية رغم‬ ‫الالتقاء والتواصل في الرقعة الجغرافيةإ إلا بعض المناظرات القليلة كالتي‬ ‫حصلت بين صولة الغدامسي المالكي (ق‪١٠-٩ :‬ها)‪،‬‏ وأبي العباس‬ ‫الشماخي (ت‪٩٦٢٨ :‬ه)‏ وقد قام الاستاذ العربي بن علي بن ثاير ۔ مالكي ۔‬ ‫بتقديم دراسة حول هذه المناظرة في كتابه «الحوار الإباضي المالكي» وأشار‬ ‫في ثنايا الكتاب إلى قلة المناظرات بين المذهبين' ومثله فعل الدكتور‬ ‫فرحات الجعبري في كتابه «البعد الحضاري للعقيدة الإباضية» حيث أورد‬ ‫بعض المراسلات بين علماء الإباضية وحكام المالكية في غالبها نفي للشبه‬ ‫التي أثيرت حول المذهب الإباضيه"‪ ،‬والتي سوف نشير إليها أثناء حديثنا‬ ‫عن العلاقة التاريخية بين المذهبينؤ ولعل ذلك يعود إلى التقارب الاصولي‬ ‫والفروعي بين المذهبين من ناحية؛ وإلى ابتعاد الإباضة عن مجالات‬ ‫المناظرة والنقاش العلمي في الأجواء المشحونة‪ ،‬رغم إنساحهم ذلك في‬ ‫الدول التي أسسوها كما يذكر ابن الصغير وكان سبب هذه الأخيرة هو‬ ‫المكتوبة والشفهية كتابه «مناظرات في اصول الشريعة الاسلامية بين ابن حزم والباجي»‬ ‫=‬ ‫تعا تره عبد الصبور شاهين دار الغرب الإسلامي ۔ بيروت‪١٤٠٦ ،‬ه‪١٩٨٦/‬م‪.‬‏‬ ‫‏(‪ )١‬الحوار الإباضي المالكي‪ ،‬الاستاذ العربي بن علي بن ثاير‪ ،‬وزارة التراث والثقافة ۔ سلطنة‬ ‫عمان‪ .‬ط ‏‪ :١‬‏‪.‬م‪/٦٠٠٢‬ه‪ ٧٢٦٤١‬ص ‏‪.١٧١‬‬ ‫‏(‪ )٢‬من بينها رسالة يوسف المصعبي الإباضي إلى أهل طرابلس وعلى رأسهم أحمد باشاء‬ ‫بسبب رفض شهادة الإباضية{ ومثلها رسالة سعيد الجارودي لحاكم مراكش إسماعيل بن‬ ‫‏‪ ١٣٩‬‏۔ه‪ ١‬‏‪.‬م‪١‬ا‪ ٧!٢٧‬ينظر‪ :‬البعد الحضاري للعقيدة الإباضية‪ .‬د‪ .‬فرحات بن‬ ‫شريف في عام‬ ‫على الجعبيري‪ ،‬نشر جامعة السلطان قابرس مطبعة الالوان الحديثة‪ .‬سلطنة غمان‪١‬‏‬ ‫ط‪١‬‏ ‪١٤٠٨ :‬ها‪١٩٨٧‬م‪.‬‏ ص ‏‪.٧١٧١‬‬ ‫الإباضية والمالكية في الضرب الإسلنمي‬ ‫‏‪١٧٤‬‬ ‫‪٦‬‬ ‫الاستقلال الإباضي السياسي‪ ،‬وعدم إدراجهم في الحواضر الأخرى ضمن‪‎‬‬ ‫قائمة القضاة والمفتين؛ وهما منصبان تنساح منهما المذاهب عادة في أوساط‪‎‬‬ ‫الجماهير طوغا أو كرها‪‎.‬‬ ‫اصول المذهب المالكي‪‎:‬‬ ‫أصول المذهب المالكي منها ما يشترك فيها مع الجمهور ومنها ما يعد‬ ‫من ميزات المذهب وانفراداته‪ ،‬فالذي يشترك فيه مع الجمهور‪ :‬‏‪ ١‬۔ الكتاب©‬ ‫العرفب ‏‪- ٧‬‬ ‫‪٢‬۔الشئة ‏‪ ٣‬الإجماع ‏‪ - ٤‬القياس‪ ،‬‏‪ ٥‬۔ قول الصحابي‪ ،‬‏‪٦‬‬ ‫الاستصحاب‪.‬‬ ‫ما عدا الشافعية في الاستحسان فإنهم يرفضون الاستحسان نظريا‪3‬‬ ‫ويفرعون عليه عمليا‪ .‬والظاهرية والشيعة يسقطون القياس أيضا‪.‬‬ ‫وقد عد المالكية أصولهم عند التفصيل في هذه الأصول الآنفة أكثر من‬ ‫هذا بحيث لا يتم التعامل معها بنفس وتيرة الجمهور؛ وإنما لهم فيها مقاييس‬ ‫ونظريات تميزهم عن غيرهم فقالوا‪« :‬إن الأدلة التي بنى عليها مالك مذهبه‬ ‫سبعة عشر‪« :‬نص الكتاب‪ ،‬وظاهرة؛ يعني‪ :‬العموم؛ ودليله؛ آي‪ :‬مفهوم‬ ‫المخالفة‪ ،‬ومفهومه‪ ،‬يعني‪ :‬المفهوم بالأولى والتنبيه على العلة‪ ،‬ومن السشئة‬ ‫مثل هذه الخمس×ه'‪ .‬فانت تلاحظ «أن نص القرآن وظاهرة ومفهومه ودليله‬ ‫وتنبيهه كل هذا داخل في أصل واحد وهو القرآن‪ .‬وكذلك هذه الأمور‬ ‫الخمسة من السُئة‪ ،‬ولكنها ذكرت لأنها ليست في قوة واحدة في الاستدلال‪،‬‬ ‫فظاهر القرآن ليس في قوة نصه‪ ،‬ومفهوم المخالفة ليست في قوة ظاهره»'‪.0‬‬ ‫ورغم أن هذه التفصيلات يمكن التماسها بنفس المعنى عند المتكلمين إلا‬ ‫‪.٥‬‬ ‫ص‪‎‬‬ ‫المالكي©‬ ‫الفقهي في المذهب‬ ‫الاختلاف‬ ‫(‪)١‬‬ ‫(‪ )٢‬الفكر السامي‪.)٤٥٤/١( ‎‬‬ ‫لنه‏‪٧٥‬‬ ‫رر<=‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬الملاقة الفكرية‬ ‫أن مراعاة ترتيبها ووقائع تطبيقها يرى القاضي عياض أنها مما تميز المذهب‬ ‫وتزيد من رصيده في الأصول‪« :‬إن ترتيب الاجتهاد على ما يوجب العقل‪6‬‬ ‫ويشهد له الشرع‪ :‬تقديم كتاب الله يك على ترتيب أدلته في الوضوح من‬ ‫تقديم نصوصها ثم ظواهرك‪ ،‬ثم مفهوماته‪ .‬ثم كذلك السُئة على ترتيب‬ ‫متواترها ومشهورها وآحادها ثم ترتيب نصوصها وظواهرها ومفهومها ثم‬ ‫الإجماع عند عدم الكتاب ومتواتر الشئة‪ .‬وعند عدم هذه الأصول كلها‬ ‫القياس عليها والاستنباط منها؛ إذ كتاب الله مقطوع به‪ ،‬وكذلك متواتر السئة‬ ‫وكذلك النص مقطوع به فوجب تقديم ذلك كله ثم الظواهر‪ ،‬ثم المفهوم في‬ ‫دخول الاحتمال في معناها‪ ،‬ثم أخبار الآحاد ۔ عند عدم الكتاب ‪ -‬والمتواتر‬ ‫منها‪ .‬وهي مقدمة على القياس لإجماع الصحابة ؤ على الأصلين وتركهم‬ ‫نظر أنفسهم متى بلغهم خبر الثقة} وامتثالهم مقتضاه دون خلاف منهم في‬ ‫ذلك‪ .‬ثم القياس آخرا عند عدم هذه الأصول على ما مضى عليه عمل‬ ‫الصحابة ون ومن بعدهم من السلف المرضيين وعلى مذاهبهم أجمعين‪.‬‬ ‫وأنت إذا نظرت لأول وهلة إلى منازع هؤلاء الأئمة ومآخذهم في الفقه‬ ‫واجتهادهم في الشرع وجدت مالكا يت ناهجًا في هذه الأصول مناهجها‪،‬‬ ‫مرتبا لها مراتبها ومداركها‪ ،‬مقدما كتاب الله يك على الآثار‪ .‬ثم مقدما لها‬ ‫على القياس والاعتبار‪ ،‬تارگا منها ما لم يتحمله الثقات العارفون بما تحملوه‬ ‫أو ما وجد الجمهور والجم الغفير من أهل المدينة قد عملوا بغيره وخالفوه‪.‬‬ ‫ثم كان من وقوفه في المشكلات وتحريه عن الكلام في المعوصات ما سلك‬ ‫به سبيل السلف الصالح‪ .‬وكان يرجح الاتباع ويكره الابتداع والخروج عن‬ ‫سنن الماضين»«_'‪.‬‬ ‫(‪ )١‬الديباج المذهب في معرفة أعيان علماء المذهب‪.)١٦١ /١( ‎‬‬ ‫الإباضية والمالكية في الغرب الإسلامي‬ ‫‏‪٦‬‬ ‫‪٦‬‬ ‫‏‪7‬‬ ‫أما الأصول التي يختلف فيها مع غيره فهي‬ ‫‏‪ ١‬عمل أهل المدينة‪.‬‬ ‫وهو محل نزاع عند المالكية‪.‬‬ ‫‏‪ ٢‬۔ مراعاة الخلاف‬ ‫‏‪ - ٣‬التوسع في المصالح المرسلة وسد الذرائع أو فتحها‪.‬‬ ‫‏‪ ٤‬شرع من قبلنا شرع لنا‪.‬‬ ‫‏‪ ٥‬۔ العرف‪.‬‬ ‫أما عمل أهل المدينة فإن نظرية الإمام مالك فيه هو أنهم ورثوا كل تلك‬ ‫العلوم التطبيقية عن رسول الله يلة كما أوضح ذلك في رسالته إلى الليث بن‬ ‫سعد'‪ ،‬ولذلك كثيرا ما يذكر في الموطأ عبارات من نوع «والأمر عندناء"'‪.‬‬ ‫وقد اشتد النزاع بين المالكية وجمهور الأمة في أصل «عمل أهل‬ ‫المدينة وأشد من شئع على المالكية في ذلك ابن حزم في كتبه& ولسنا‬ ‫هنا بصدد بحث الموضوع ويمكن الرجوع إليه في مصادره‪ .‬وحيث إن الامام‬ ‫‏(‪ )١‬مثل ذلك تقديم الكتاب والشئة على الإجماع عند التعارض وتقديم القياس على ظاهر‬ ‫الشلئة كما في إيجاب الدلك في الفسل والتوسع في المصلحة المرسلة‪ ،‬وكذلك‬ ‫الاستحسان حيث استحسن خمس مسائل لم يسبقه غيره إليها ۔يراجع الفكر السامي‬ ‫‏‪ ٤٠١‬وقد عدد الشاطبي فايلموافقات أثناء دفاعه عن مخالفات الإمام مالك لنصوص‬ ‫بعض الأحاديث التي يرويها جملة من النظرات المقاصدية فيما ذهب إليه‪ .‬ينظر‪ :‬الموافقات‬ ‫في أصول الفقه تأليف‪ :‬إبراهيم بن موسى اللخمي الغرناطي المالكي‪ 6‬دار النشر‪ :‬دار‬ ‫المعرفة ۔بيروت‘ تحقيق‪ :‬عبدالله دراز‪ .‬‏‪ ٢٢/٢‬وما بعدها‬ ‫موطا الإمام مالك تأليف‪ :‬مالك بنانس أبو عبدالله الاصبحي دار النشر‪ :‬دار إحياء‬ ‫_‬‫<‬ ‫)‬ ‫‏‪0.٦١٩/٦ .٦١٠ /! ،٥٨٢/٢ ٣٥٥١‬‬ ‫التراث العربي مصر ۔تح‪ :‬محمد فؤاد عبدالباقيش‬ ‫وغيرها‪.‬‬ ‫)( المحلى‪.)٤٨٨/٩( ‎‬‬ ‫‏‪١٧‬‬ ‫المبعث الثاني‪ :‬الملاقة الفكرية‬ ‫‪7‬‬ ‫فة‬ ‫مالك لم ينص على حدود هذا الأصل ولم يبين حقيقته فإن تحديد المقصود‬ ‫كما‬ ‫منه أصبح فيما بعد مناط الاجتهاد عند علماء المالكية‪ ،‬وغالب اتفاقهم‬ ‫ينص عليه الشيخ حسن المشاط ۔ هو أن عمل أهل المدينة يصبح حجة عند‬ ‫الإمام مالك فيما طريقه التوقيف ولا مجال للرأي فيه_‪.0‬‬ ‫أما مراعاة الخلاف فهو مختلف فيه عند المالكية أنفسهم وضابطه كما‬ ‫يقول الحجوي الثعالبي‪« :‬إذا كان القول قوي الدليل راعاه الإمام؛ ككثير من‬ ‫الأنكحة الفاسدة يفسخها بطلاق وصداق" ويلحق الولد المتكون منه" وإذا‬ ‫كان ضعيف المدرك جذا لم يلتفت إليه كمن تزوج خامسة"‪.‬‬ ‫وأما التوسع في المصلحة المرسلة فقد تحاشى ذكرها كل من القاضي‬ ‫والباقلاني وأبي الوليد الباجي”'‪ ،‬ولربما ذلك يعود إلى قسوة إمام الحرمين‬ ‫في التشنيع على الإمام مالك في موضوع التوسع“‪ ،‬حتى قال القرافي‪« :‬ينقل‬ ‫عن مذهبنا أن من خواصه اعتبار العوائد والمصالح المرسلة وسد الذرائع‪،‬‬ ‫وليس كذلك‪ ،‬أما العرف فمشترك بين المذاهب‪ ،‬ومن استقراها وجدهم‬ ‫يصرحون بذلك فيها‪ ،‬وأما المصلحة المرسلة فغيرنا يصرح بإنكارها ولكنهم‬ ‫عند التفريع نجدهم يعللون بمطلق المصلحة ولا يطالبون أنفسهم عند‬ ‫الفروق والجوامع بإبداء الشاهد لها بالاعتبار‪ ،‬بل يعتمدون على مجرد‬ ‫المناسبة‪ .‬وهذا هو المصلحة المرسلة‪ .‬وأما الذرائع فقد اجتمعت الأمة على‬ ‫أنها ثلاثة أقسام! أحدها‪ :‬معتبر إجماعا؛ كحفر الآبار في طرق المسلمين‪،‬‬ ‫وإلقاء السم في أطعمتهم‪ ،‬وسب الأصنام عند من يعلم حاله أنه يسب الله‬ ‫[[‪ ]6‬ينظر‪ :‬اصطلاح المذهب عند المالكية‪ ،‬د‪ .‬محمد إبراهيم عليا ص‪.٥٦‬‏‬ ‫‏‪.٤٥ ٥/١‬‬ ‫‏(‪ )٢‬الفكر السامي‬ ‫(‪ )٢‬مدخل إلى أصول الفقه المالكي د‪ .‬محمد مختار ولد إباء‪ ‎‬ص‪.٩٦‬‬ ‫(‪ )٤‬نفسه ص‪.١٥ ‎‬‬ ‫الإباضية والمالكية في الغرب الإسلامي‬ ‫‪.‬‬ ‫‏‪١٧٨‬‬ ‫مرہ؟‬ ‫‪-‬‬ ‫تعالى حينئذ‪ .‬وثانيها‪ :‬ملغي إجماغغا؛ كزراعة العنب فإنه لا يمنع خشية‬ ‫الدار خشية الزنا‪ .‬وثالثها‪ :‬مختلف فيه؛ كبيوع‬ ‫الخمر‪ ،‬والشركة في سكنى‬ ‫الآجال‪ ،‬اعتبرنا نحن الذريعة فيها‪ .‬وخالفنا غيرناء فحاصل القضية أننا قلنا‬ ‫بسد الذرائع أكثر من غيرنا لا لأنها خاصة بنا»‪.'٨‬‏‬ ‫أما «شرع من قبلنا شرع لنا» فإن الإمام مالك لم ينص عليه في كتبه كما‬ ‫يذكر ذلك الدكتور محمد المختار وإنما يستفاد من تطبيقاته العملية وحكمه‬ ‫في النوازل" على أن الدراسة في هذه التطبيقات تقود إلى عدم اعتبار هذا‬ ‫الاصل إلا إذا أورده الكتاب في حكم معين مثلا‪ ،‬وأقرته السنة وجرت عليه‬ ‫أحكام المسلمين وعند الإمام مالك هنا «عمل أهل المدينة» فحينثذ يعتبر‬ ‫أصلا"‪ .‬وهذا التوصيف يتفق فيه الإباضية مع المالكية لكنهم لا يعتبرون‬ ‫عمل أهل المدينة داعما له‪ ،‬وإنما يكتسب شرعيته من اعتباره في الكتاب‬ ‫والشئة يقول الإمام السالمي‪« :‬إن الدليل لم يفصل بين من له أتباع ومن‬ ‫إذ‬ ‫حجة؛‬ ‫فلا يكون‬ ‫وأيضًا فقول من عداه فليس قولا لكل الأمة‬ ‫لا أتباع له‬ ‫‏(‪ )١‬شرح تنقيح الفصول من بداية الباب الثالث عشر‪ :‬في فعله (إلى نهاية الكتاب تأليف العالم‬ ‫المحقق ‪ /‬شهاب الدين أحمد بن إدريس الصنهاجي القرافي (ت‪٦٨٤ :‬ه)‏ (دراسة‬ ‫وتحقيق) رسالة مقدمة لنيل درجة الماجستير في الدراسات الإسلامية إعداد الطالب؛‬ ‫ناصر بن علي بن ناصر الغامدي إشراف‪ :‬فضيلة الشيخ الأستاذ الدكتور حمزة بن حسين‬ ‫الفعر‪ ،‬‏‪ ٤٦١‬ا ه‪٢٠٠٠‬م‪!.‬‏ ص‏‪.٤٤٨‬‬ ‫‏(‪ )٢‬فع القرطبي وابن العربي في التفسير بعضا من الفروع الفقهية على أصول الإمام مالك‬ ‫في اعتبار شرع من قبلنا عندما يتعرضان للآيات التي سيقت لبيان تشريعات الامم‬ ‫السالفةء فيقول القرطبي مثلا في قصة البقرة‪« :‬هذه دليل على أن شرع من قبلنا شرع لنا‪٧‬‏‬ ‫وقال به طوائف من المتكلمين وقوم من الفقهاء‪ .‬واختاره الكرخي ونص عليه ابن بكير‬ ‫القاضي من علماتناء وقال القاضي أبو محمد عبدالوهاب‪ :‬هو الذي تقتضيه أصول مالك‬ ‫ومنازعه في كتبهؤ وإليه مال الشافعي»‪ .‬ينظر‪ :‬تفسير القرطبي ‏(‪ .)٣٥/٧( ")٤٦٦٢/١‬أحكام‬ ‫القرآن لابن العربي ‏(‪.)٤١/١‬‬ ‫‏‪١٧٩‬‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬الملاقة الفكرية‬ ‫‪-‬‬ ‫‏‪٦‬ہك‬ ‫الحجة إنما هي قول جميع الأمة لا بعضها على ما اقتضته الدلالة‪ .‬وكذلك‬ ‫لا يكون إجماع آهل المدينة ۔ مع اختلاف غيرهم ۔ حجةة لانهم بعض‬ ‫الأمة‪ .‬والمفروض إجماع جميع الامة‪...‬ء'‪ .‬على أنه لا يفوتنا التنبيه أن‬ ‫الإمام مالك ينظر إلى عمل أهل المدينة على أنه سُئة متبعة لا يتصور تواطؤ‬ ‫عمل أهلها على مخالفة عمل النبي ية وأقضيته‪ ،‬فإذا جاءت الشئة مخالفة‬ ‫للعمل قدم العمل عليها؛ لأنه حينئذ يكون ناسخًا لها‪ 5‬يقول ابن رشد الجد‪:‬‬ ‫«إن السُئّة تمضي لا تعارض برأي" إذا صحبها العمل‪ .‬وأما ما كان من السنن‬ ‫التي اتصل العمل بخلافها فيقدم ما اتصل به العمل عليها؛ لأن اتصال العمل‬ ‫بخلافها دليل على نسخها‪ .‬وإذا عارض القياس ظاهر الشئة تؤولت على‬ ‫ما يوجبه القياس»"'۔‬ ‫وما قيل في أصل «شرع من تقبلنا» يصدق على أصل «الاستصحاب»ء‬ ‫فاعتباره عند المالكية مشروط بدعم العمل الذي كان الإمام ينقله عن أهل‬ ‫المدينة‪.‬‬ ‫ثانيا‪ :‬الأصول الإباضية‬ ‫قدمنا سايقاً الحديث عن ما تزخر به المنظومة المالكية من الأصول‬ ‫والقواعد الفقهية‪ .‬حيث كانت كما ينص أبو زهرة «من أكثر المذاهب الفقهية‬ ‫أصولا" وفي هذا المطلب سوف ندلل على الأصول الإباضية ومعتمدهم‬ ‫في الفقه‪ ،‬لنخلص من خلال ذلك إلى مواطن الاتفاق والاختلاف في‬ ‫الأصول المقررة‪.‬‬ ‫(‪ )١‬طلعة الشمس‪.)١٢٦/٢( ‎‬‬ ‫(‪ )٢‬البيان والتحصيل‪)٤٨٢/١٨( ‎‬۔‪.‬‬ ‫)( مالك لابي زهرة‪ ‎‬ص‪.٢١٦‬‬ ‫الإباضية والمالكية هي الشرب الإسلامي‬ ‫ترة‬ ‫ش‏‪٨‬‬ ‫يجدر بنا بداية أن نقرر بأن الإباضية والمالكية متفقون على اعتماد‬ ‫الكتاب والسنة والإجماع والقياس والاستحسان والاستصحاب والمصالح‬ ‫المرسلة والعرف مصادر تشريعية نقلية وعقلية‪ ،‬إلا أن التفريعات الجزئية‬ ‫ستكون محل اختلاف في التطبيقات عند المذهبين‪ .‬وإذا كنا قد دللنا سابقا‬ ‫على الأصول المالكية فإنه يحسن بنا الآن أن ندلل على الأصول الإباضية‬ ‫من كتبهم المعتمدة‪ .‬وسوف أطيل النفس قليلا نظرا لحاجتنا الكشف عن‬ ‫مدرسة فقهية ضاربة في التاريخ‪ ،‬إلا أن طوائف المسلمين لا تعرف عنها إلى‬ ‫الآن سوى القليل ولربما بسبب التقاطعات والمنعطفات السياسية تشوهت‬ ‫صورتها إلى حد الظن بأنها مدرسة تعتمد فقه غيرها‪ ،‬وليس لها سوى‬ ‫المنحى العقدي والسياسي كما صنع الدكتور عبدالرحمن كمال محمد في‬ ‫كتابه (علم أصول الدين وآثاره في الفقه الإسلامي) عندما قال‪« :‬وغالب‬ ‫مذهبهم أي‪ :‬الإباضية ۔ على مذهب الإمام مالك يَنة»“_"‪ ،‬وكلام الدكتور‬ ‫عبدالرحمن صحيح بالنظر إلى بعض التطبيقات الفقهية؛ نظرا للقرب‬ ‫الزماني والفكري بين المذهبين إلا أن الإباضية مستقلون بأصولهم‬ ‫وفروعهم من حيث النشة والتأسيس‪ .‬ولكن لما كانت الأدلة واحدة‬ ‫والمنطلقات الأصولية واحدة؛ فمن الطبيعي أن تتفق الكثير من الآراء‪ ،‬يقول‬ ‫الدكتور حسن محمد سفرا"‪« :‬قام المذهب الإباضي على ما قام عليه فقه‬ ‫المذاهب السنية تقريبا"‪ .‬والكثير من الذين كتبوا في تاريخ التشريع ونظروا‬ ‫‏(‪ )١‬علم اصول الدينض وأئره في الفقه الإسلاميغ د‪ .‬عبد الرحمن كمال محمدا دار الكتب‬ ‫العلمية بيرون (بدون‪ :‬ط‪٥‬‏ ت)‪ ،‬ص‪.٧٦‬‏‬ ‫‏(‪ )٢‬أستاذ تنظيم الحكم والتشريع الإسلامي‪ ،‬جامعة الملك عبد العزيز _ السعودية‪.‬‬ ‫‏(‪ )٢‬المدخل للفقه الإسلامي" تاريخ التشريع الإسلامي" د‪ .‬حسن محمد سفرك دار النوابغ ۔‬ ‫جدة‪ .‬ط !‪ :‬‏‪ ٥١٤١٤‬ص ‏‪.٨١‬‬ ‫‏‪١٨١‬‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬العلاقة الفكرية‬ ‫فرہ؛‬ ‫في الاصول الإباضية وقواعدهم وتفريعاتهم الفقهيه يقررون هذه الحقيقة‬ ‫كالدكتور رمضان علي السيد الشرنباصه والدكتور محمد كمال الدين‬ ‫إمام!" والدكتور جار عبد الهادي الشافعي عندما قالوا‪« :‬وفقه الإباضية‬ ‫قريب من مذاهب أهل الششئة‪ ،‬ولا تكاد تختلف مصادرهم في استنباط‬ ‫الأحكام عن مصادر مذاهب أهل السُئة في الجملةة ولهذا لا يوجد بينهم‬ ‫وبين أهل السُئة خلاف إلا في بعض الاحكام‪ :‬منها إجازة الوصية للوارث‪&٨‬‏‬ ‫والقول بالوصية الواجبة وغيرها‪ ،‬ولمذهب الإباضية تراث فقهي كبير يتمثل‬ ‫في كتب كثيرة‪....‬‬ ‫وإذا كان هذا قد تحقق في العصر الحديث فإن العلماء القدامى ما كانوا‬ ‫يعرفون الإباضية بأكثر من أنهم فرقة من الخوارج انقسمت على نفسها‬ ‫انقسامات عديدة ولم أجد في ما بحثت من ينعتهم بفقههم ومؤلفاتهم إلا‬ ‫في شرح المجموع قال‪« :‬قال ابن حزم‪ :‬وأقربهم إلى الحق الإباضية‪ .‬قلت‬ ‫‪ -‬النووي ‪ :‬وهم يعيشون الآن في جبال القبائل في شمال إفريقيه من تونس‬ ‫والجزائر ومراكش كما أن لهم إماما في عمان‪ .‬وقد قرأت في كتبهم أنهم‬ ‫‏(‪ )١‬أستاذ ورئيس قسم الشريعة الإسلامية‪ ،‬كلية الحقوق ۔ الإسكندرية‪.‬‬ ‫‏(‪ )٢‬أستاذ مساعد الشريعة الإسلامية‪ ،‬كلية الحقوق ‪ -‬الإسكندرية‪.‬‬ ‫() مدرس الشريعة الإسلامية ۔ كلية الحقوق‪ ،‬جامعة الإسكندرية‪.‬‬ ‫‏(‪ )٤‬لم يجز الإباضية الوصية للوارث‘ وإنما قالوا بأنها اي‪ :‬الوصية للوارث ۔ نسختها آية‬ ‫المواريث" وليس الحديث هلا وصيه لوارث»‪ ،‬على أن بعض الإباضية قال بأن الناسخ هو‬ ‫الحديث‘ وستجد هذا في المختصر واضمًا في باب الوصية‪ ،‬وما ذكره الدكتور يدل على‬ ‫أنه ايضا لم يطلع على كتبهمإ وإنما نقل ذلك ممن سمع أو كتب دون ان يقراء وهي‬ ‫مشكلة الموضوعية والأمانة العلمية في كتاباتنا الإسلامية للاسف الشديد‪.‬‬ ‫‏(‪ )٥‬المدخل لدراسة الفقه الإسلامي ونظرياته العامة‪ ،‬من تأليف العلماء الثلاثة الذين أشرنا‬ ‫اليهم‪ .‬ط ‪١٤٦٢٢‬ه۔‏ ‪٢٠٠!٢‬م‪،‬‏ ص‪.١٧١٨‬‏‬ ‫الإباضية والمالكية في الغرب الإسلامي‬ ‫‪0.‬‬ ‫‏‪١٨٢‬‬ ‫فمر‪٦‬؛‏‬ ‫‪-‬‬ ‫يتبعون في فقههم أبا الشعثاء جابر بن زيد وهو موثق في جميع كتب أهل‬ ‫الشئة وله عندهم أخبار وروايات رواها عنه عبدالله بن إباض لم أجدها‬ ‫عندناء('‪.‬‬ ‫والحقيقة أن معلومات ابن حزم عن الإباضية مضطربة أيضا فتارة ينقل‬ ‫من كتب المقالات لأبي الحسن الأشعري والبغدادي وغيرهم؛ وهي كتب‬ ‫كما أشرنا سابمًا لم تنصف الإباضية ولم تعرف حقيقتهم جيدا‪ ،‬۔ ربما بسبب‬ ‫الضبابية السياسية والانقسامات ‪ -‬ومن الغرائب أنه نسب إليهم أقوالڵا فقهية‬ ‫غاية في العجب كقوله‪ :‬دوشاهدنا الإياضية عندنا بالأندلس يحرمون طعام‬ ‫أهل الكتاب‪ ،‬ويحرمون أكل قضيب التيس والثور والكبش‪ ،‬ويوجبون القضاء‬ ‫على من نام نهازا في رمضان فاحتلمإ ويتيممون وهم على الآبار التي‬ ‫يشربون منها إلا قليلا منهم»ه‪ 8‬وهذه من أغرب القضايا‪ .‬وقد علقث على‬ ‫نصوص البسيوي أثناء التحقيق فبينث كيف أن ابن حزم أبعد النجعة عندما‬ ‫نسب إلى الإباضية كل هذا ومختصر البسيوي كتب وابن حزم لا يزال في‬ ‫أرحام النساء'‪ .‬والغريب أن الإمام ابن عبدالبر يخالف هذا الرأي‪ ،‬فهو يرى‬ ‫أن الإباضية في الاندلس يكثرون من استخدام الماء للوضوء‪ .‬وهو كلام‬ ‫صحيح لان الإباضية يشترطون التراب في التيمم ولا يرون التيمم بالحجر‬ ‫‏‪ .٢١٩/١٩‬وقد‬ ‫‏) ‪ )١‬المجموع شرح المذهبؤ أبو زكريا يحيى بن شرف النووي ت؛ ‪٦٧٦‬هف‬ ‫يكون هذا نص الدكتور أحمد شاكر متمم كتاب المجموع شرح المهذب‬ ‫(‪ )٢‬الفصل في الملل والهواء والتحل؛ ابن حزم‪ .‬مكتبة الخاجي _ القاهرة‪.١٤٤ /٤ ‎.‬‬ ‫‏(‪ )٣‬لان ابن حزم ولد عام ‪٣٨٢‬هؤ‏ بينما‬ ‫وضع البسيوي كتابه هذا في النصف الاول من القرن‬ ‫الرابعؤ وبالتقريب عام ‪٢٣٤٥‬ه_‏‬ ‫‏(‪ )٤‬قال في ال‬ ‫استذكار‪« :‬وليس في حديث مالك هذا إلا الاقتصار على ما يكفي من الماء من‬ ‫غير تحديد‪ ،‬وأن الإسراف فيه مذموم‬ ‫! وذلك رد على الإباضية ومن ذهب مذهبهم في‬ ‫الإكثار من الماءء‪ .‬الاستذكار ‏(‪.)٢٦٦/١‬‬ ‫‏‪١٨٢‬‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬الملاقة الفكرية‬ ‫‪-‬‬ ‫‏‪٦‬‬ ‫كالمالكيةش كما أن كثيرا من فقههم مبني على الاحتياط بسبب تأثرهم بالإمام‬ ‫ابي عبيدة مسلم بن أبي كريمة( ولكن أين هذا من ما ذكره ابن حزم عنهم‬ ‫أنهم يتيممون على الآبار‪.‬‬ ‫ولربما عذر ابن حزم في ذلك أن الأندلس بها مجموعات منفصلة عن‬ ‫الإباضية يسمون بالتكار ۔ وقد أشرنا إليهم سابقا ۔ وهؤلاء استقلوا بفقههم‬ ‫وعقيدتهم عن الإباضية حيث اتبعوا عبدالله بن يزيد الفزاري في العقيدةء‬ ‫وقد كثر أتباعهم ورحل الكثير منهم إلى الأندلس وهؤلاء هم الذين‬ ‫يعرفهم ابن حزم وشاهدهم في الأندلس؛ فقد قال في نفس الكتاب‪« :‬وأقرب‬ ‫فرق الخوارج إلى أهل السشئة أصحاب عبدالله بن يزيد الإباضي الفزاري‬ ‫الكوفي»"' ويؤكد ذلك في رسالته أيضا‘‪ ،‬ثم يقرر هذا في كتابه فيقول‪:‬‬ ‫«كما أن النكار من الإباضية هم الغالبون على خوارج الأندلس‪ .‬وقالت‬ ‫‏(‪ )١‬كان «أبو عبيدة» شديد الاحتياط فى الدين وخصوصا فيما يتعلق بالطهارة والعبادات‬ ‫لدرجة أن خيار بن سالم أحد اصحابه قال له يوما‪ :‬لو كنت نبيا ما أجابك أحدا أنت تشدد‬ ‫على الناس‪ ،‬وكان يشدد على نفسه كثيرا فلما سمع حيان الاعرج وهو أحد معاصريه‬ ‫بإحدى فتاويه المتشددة قال‪ :‬لقد أشقانا الله في ديننا لو كان الامر كما يقول أبو عبيدة؛‬ ‫ولعل علماء الإباضية الاوائل بنوا قواعد المذهب على مبدا الاحتياط الذي الزم به «أبو‬ ‫عبيدة» نفسه‪ .‬انظرا سيرته في سير الشماخي‪.‬‬ ‫() يمكن معرفة تفاصيل ذلك بالرجوع إلى كتاب هالوجود الإباضي بالاندلس»ء للاستاذ‬ ‫يحيى محمد بكوشؤ حيث ذكر العديد من القبائل الإباضية بالأندلس" بل قد اسسوا لهم‬ ‫هناك دويلات مستقلة‪ .‬كدولة بني برزال‪ ،‬ودولة بني دمر‪ ،‬ومما يؤكد عدم معرفة ابن حزم‬ ‫بهذه الطوائف؛ هل هي إباضية وهبية أم نكارية؟؛ أنه يذكر بان قبيلة بني برزال الذين‬ ‫أسسوا لهم دولة مستقلة عام ‪٤٠٠‬ه‏ لباضية‪ ،‬بينما يذكر ابن خلدون أن هذه القبيلة في‬ ‫المغرب الاوسط كانت نكارية أصلا‪ .‬ينظر‪ :‬الوجود الإباضي في الاندلس (ص ‏‪٨)١٢‬‬ ‫جمهرة الانساب لابن حزم ص ‪٤٩٨‬۔‏ تاريخ ابن خلدون (‪)٢٧٢/٧‬۔‏‬ ‫() الفصل في الملل والنحل ابن حزم؛ ج ‏‪ ٨٢‬ص ‏‪.٨٩‬‬ ‫(‪ )٤‬رسائل ابن حزم‪.)١١٤/٦٢( ‎‬‬ ‫الإباضية والمالكية في الغرب الإسلامي‬ ‫‪71‬‬ ‫غ‏‪١٨٤‬‬ ‫المكرومية وهم أصحاب أبي مكرم وهم من الثعالبة أصحاب ثعلبة وهو من‬ ‫الصفرية‪ ،‬وإلى قول الثعالبة رجع عبدالله بن إباض فبرئ منه أصحابه فهم‬ ‫لا يعرفونه اليوم؛ ولقد سألنا من هو مقدمهم في علمهم ومذهبهم عنهم فما‬ ‫عرفه أحد منهم»«_'‪ 8‬ولابن حزم منهج خاص في تقسيم الفرق وتسميتها‬ ‫حيث يصنفها على أساس قربها أو بعدها من أهل السُئة"‘& وقد ركز في‬ ‫دراسته عن الخوارج على اساس هالكلام في الإيمان والكفر ما هما؟‬ ‫التسمية بها والوعيد والإمامةهه"'‪ .‬ووضح جا من خلال هذا أن ابن حزم‬ ‫كان يروم انتقاء الفرقة الكلامية البعيدة عن منهج أهل السنة الذي يؤمن به‘‪0‬‬ ‫فليس غريبا أن يقع في الأخطاء بعض الأحيان على مستوى التسميات‬ ‫والأعلام «فلم يكن ابن حزم ليعصم نفسه من الوقوع في بعض الأخطاء‬ ‫والتي هي من سبيل السهو وسبق القلم في إرادته لهذه الأعلام‪ ،‬فعند ذكره‬ ‫لرأس طائفة النجدات لدى فرقة الخوارج يسميه نجدة ين عويمر الحنفي‬ ‫بينما تذكره المصادر الباقية باسم نجدة بن عامر" ورغم أنه يصرح في مكان‬ ‫آخر بانه نقل هذه المعلومة من خط الحكم المستنصر‪ ،‬فإن هذا لا يعفيه من‬ ‫‏(‪ )١‬الفصل في الملل والاهواء والنحل ‏(‪ .)١٤٥/٤‬وقد يكون ذلك صحيحا؛ لأن الإباضية‬ ‫عموما لا يعرفون لابن إباض مسألة فقهية في كتبهمإ وليس هو من أئمة العلم المنظرين‬ ‫في المذهب" وإنما نسبهم إليه بنو أمية لاغراض سياسية‪ ،‬لكنه كشخصية علمية وسياسية‬ ‫معروف لدى الإباضية بعلمه وورعه؛ وهو أحد تلاميذ الإمام جابر بن زيد المؤسس‬ ‫الحقيقي للمذهبؤ وليس له علاقة بالثعالبة كما يقول ابن حزما والذي يظهر أن ابن إباض‬ ‫بسبب غياب ترجمة وافية له من جهة‪ .‬وبسبب ضخامة تأثير الإعلام الاموي من جهة‬ ‫أخرى تخبط المؤرخون في حقيقته وآرائه بما يفضي إلى التناقض والاضطراب© أما النكار‬ ‫فبطبيعة الحال سوف ينكرون معرفتهم المطلقة به؛ بسبب استقلالهم بفكر آخر‪.‬‬ ‫‪.٣١/١‬‬ ‫(‪ )٢‬منهج ابن حزم في دراسته الفرق والعقائد‪‎.‬‬ ‫(‪ )٣‬الفصل‪.)٢٦٦/٢( ‎‬‬ ‫‏(‪ )٤‬ولذلك ذكر آبا حنيفة الإمام المشهور ضمن المرجئة‪.‬‬ ‫‏‪٨٥‬‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬الملاقة الكرية‬ ‫‪-‬‬ ‫‏‪٦‬‬ ‫مسؤوليتها أيضًا‪ ،‬وقد يطلق لقبا غريبا على اسم اشتهر بلقب آخر مثل‪:‬‬ ‫تسميته أبا مسلم الخراساني‪ ،‬بأبي مسلم السراج‪ ،‬كما يذكر أعلاما مبهمة‬ ‫مثل قوله‪ :‬ورآيت رجلا يعرف بابن شمعون»‪.0‬‬ ‫إذن فاسستثناء القليل عند ابن حزم ومن رآهم ابن عبدالبر يسرفون في‬ ‫الماء هم الإباضية الحقيقيون ولكن اختلط الحابل بالنابل؛ فصار الحكم‬ ‫عليها تجارة مزجاة يعذر فيها كل الأطراف‪ ،‬فهل سيطلب الإباضية من الكثاب‬ ‫المحققين أن يوفوا لهم الكيل ويتصدقوا عليهم؟ !! أم يرمونهم بنبال العصبية؟‬ ‫إنه لا بد من الموضوعية العلمية المجردة‪ ،‬والحياد العلمي والإيماني في تناول‬ ‫أي فرقة مسلمة تضع جبهتها على الارض سجوذا لله رب العالمين‪.‬‬ ‫ثالث‪ :‬الفروع الفقهية الرئيسة المختلف فيها بين الإباضية والمالكية‪.‬‬ ‫يتفق الإباضية والمالكية في غالب الفروع الفقهية ويختلفون في القليل‬ ‫منها مما يمكن إحصائه واستيعابه دون عناء؛ لأنها مسائل قليلة تقع داخل‬ ‫المذهب الواحد عادة‪ ،‬وقد انفرد الإمام مالك كما يقول ابن فرحون باثنتين‬ ‫وسبعين مسألة لم يتابعه عليها أحد""' ومثل ذلك يوجد في المذهب‬ ‫الشافعي والحنفي والحنبلي‪ ،‬بل إن للإمام مالك وأحمد بن حنبل أقوالا في‬ ‫المسألة الواحدة‪ ،‬وهذا مشهور عنهما!" أما الإمام الشافعي فله المذهب‬ ‫القديم والمذهب الجديد‪ .‬والاختلاف ظاهرة صحية كما أن تعدد المناهج‬ ‫وتغيرها كلما اتسعت المدارك وتقدمت العلوم ضرورة تقتضيها طبيعة البشر‬ ‫والحراك الحضاري‘ والمسائل التي ينفرد بها الإباضية لا يخالفون فيها‬ ‫المالكية فحسب وإنما يختلفون فيها مع المذاهب السنية الاخرى‪ ،‬ومع قلتها‬ ‫‏(‪ )١‬منهج ابن حزم في دراسة الفرق والعقائد ‏‪.٤٢/١‬‬ ‫(‪ )٢‬المسائل الملقوطة ص‪.٤٠ ‎‬‬ ‫(؟) اصطلاح المذهب عند المالكية ص‪.٤٧- ٤٦ ‎‬‬ ‫الإباضية والمالكية في الغرب الإسللمي‬ ‫‏‪١٨٦‬‬ ‫كرر ‏‪٢‬‬ ‫لم‬ ‫إلا أنها تجد من أصحاب تلك المذاهب من يتفق معها بناء على أن غالبها‬ ‫مسند إلى الصحابة وؤنة‪.‬‬ ‫وهذه المسائل على النحو التالي‪:‬‬ ‫‏‪ ١‬المسح على الخفين‪:‬‬ ‫‪ .‬يرى الإباضية أن المسح على الخفين منسوخ بآية المائدة «يتأيها‬ ‫أتذيك عامئوا يدا من يل الصترة اثرا وجوهكم وآتريكم يل‬ ‫المَرَافق وأمحخوا زيكم تأتبمتكُم إل انكمبَين ‪ ...‬الآية (المتدة ‏‪٨٠‬‬ ‫ويروون في ذلك أحاديث عن أبي هريرة وابن عباس وعائشة وعلي بن‬ ‫ابي طالب ‪ 6 :‬ومن أجل هذا قال الإمام جاير بن زيد‪« :‬كيف يمسح الرجل‬ ‫على خفيه والله تعالى يخاطبنا في كتابه بنفس الوضوءه‘_'‪ .‬والقول بعدم‬ ‫المسح على الخفين قول مروي عن الإمام مالك‘ ويفهم من كلام ابن رشد‬ ‫الجد أنه آخر ما روي عنه"'ء إلا أن ابن عبدالبر لا يرى ثبوت ذلك عن‬ ‫الإمام مالك‪ ،‬بل الصحيح أنه يرى المسح ويعمل به فهو المعتمد عنده في‬ ‫الموطأ والمدونة معماء وهو الذي عليه أصحابه دون خلاف"'‪ ،‬ودافع عنه‬ ‫كذلك في «جامع بيان العلم وفضله» واعتبر أن القول بعدم المسح مما عيب‬ ‫على الإمام مالك إلا أنه غير صحيحا‪.‬‬ ‫ومع اختلاف المالكية مع الإباضية في المسح على الخفين إلا أنهم‬ ‫يرونه رخصة مباحة' ومعلوم أن المباح لا ثواب فيه ولا عقاب إلا من‬ ‫‪.٢٣‬‬ ‫‪ .٣٦/١‬رقم‪‎‬‬ ‫الإمام الربيع بن حبيب‪‎‬‬ ‫مسند‬ ‫(‪)١‬‬ ‫(‪ )٢‬البيان والتحصيل‪.٨٦٢/١ ‎‬‬ ‫(‪ )٣‬الاستذكار‪.٢١٦/١ ‎‬‬ ‫(‪ )٤‬جامع بيان العلم وفضله ۔ مؤسسة الريان‪.)٢١١/٢( ‎‬‬ ‫(‪ )٥‬التاج والاكليل‪.٢٢٤/١ ‎‬‬ ‫‏‪١٨٧‬‬ ‫‏‪2٧‬‬ ‫تر =‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬الملاقة الفكرية‬ ‫خلال النية كما يقرر ذلك الشاطبي‪ .‬أما الإباضية فيرون عدم إجزائه عن‬ ‫الرضوء‪ ،‬ومن فعل ذلك وجب عليه إعادة الوضوء والصلاة‪ ،‬واستثني من‬ ‫ذلك الصلاة خلف من يرى المسح على الخفين فإنه متأاول متمسك بقول‬ ‫من أقوال المسلمين«{'‪.‬‬ ‫‏‪ ٢‬رفع الايدي في الصلاة‪:‬‬ ‫من المسائل التي يخالف فيها الإباضية جميع المذاهب الأربعة هي‬ ‫مسألة رفع الايدي في الصلاة أثناء تكبيرة الإحرامإ فإن الإباضية لا يرون أنها‬ ‫سشئة داوم عليها النبي ية ‪ ،‬مع إقرارهم بأنه ربما صنع ذلك في فترة معينة ثم‬ ‫نسخ بالخشوع والسكينة في الصلاة'‪ .‬وعدم الرفع مطلقا رواية عن الإمام‬ ‫مالك أيضًا يحكيها عنه ابن القاسم'‪ ،‬ويؤكد ذلك ابن رشد الجد في البيان‬ ‫والتحصيل‪ ،‬وسيشير إلى أن ذلك أيضا فعل الإباضية‪ ،‬ولذلك ضرب المالكية‬ ‫عنه صفحًاء كما ذكرنا ذلك سابئاء فهي رواية لا يعتبرونها ثابتة عن الإمام‬ ‫مالك رغم أنها مؤكدة من ابن القاسم'‪ ،‬وفي الجامع لأحكام القرآن يقول‬ ‫‪.١٧١/١‬‬ ‫(‪ )١‬الموافقات‪‎‬‬ ‫(‪ )٢‬شرح النيل‪.٣٩١/! ‎‬‬ ‫)( أصول الجمع وكليات الوفاقه بين المذهبين الإباضي والمالكي ص‏‪.٥٨‬‬ ‫(‪ )٤‬البيان والتحصيل‪.)١٨٩/٢( ‎‬‬ ‫‏(‪ )٥‬ونص ذلك كما جاء عند ابن رشد‪« :‬قال ابن القاسم‪ :‬رأيت مالكا لا يرفع يديه في التكبير‬ ‫للصلاةء ولا أراه ترك ذلكث إلا أنه رأى ان ذلك من تعظيم الله وإجلالهء قال‪ :‬ولقد سالنا‬ ‫مالكما عن ذلك‘ فقال‪ :‬ولم يرفع يديه؟ أيدرك تبارك وتعالى؟! فأنكر مالك رفع البدين‬ ‫على الجنازة وفي الصلوات‪ .‬قال محمد بن رشد‪ :‬قد أنكر على مالك إنكاره لرفع اليدين‬ ‫ة‪ .‬فامر ابن لبابة بمرح هذه الرواية‪.‬‬ ‫في الصلاة‪ ،‬للآثار المتواترة في ذلك عن النبي‬ ‫وقال‪ :‬ما قالت الإباضية بأكثر من هذا‪ .‬البيان والتحصيل ‏(‪ .)١٨٩/٢‬وفهم ابن رشد أن‬ ‫الإباضية يدفعون روايات الرفع بالرأي والقياس" وليس كذلكؤ بل هو رأي مقرر منذ‬ ‫تأسيسهم‪.‬‬ ‫الإباضية والمالكية في الغرب الإسلامي‬ ‫‏‪١٨٨‬‬ ‫رر‬ ‫لل‬ ‫القرطبي في تفسير سورة الكوثر‪« :‬وفي مختصر ما يختصر عن ابن القاسم‬ ‫ما رأيت مالكا يرفع يديه في شيء من الصلاة»'‪.‬‬ ‫وبناء على هذا فالمسألة ليست كبيرة الخلاف بين المذهبين؛ لأن‬ ‫المالكية أنفسهم يرون رفع الأيدي عند تكبيرة الإحرام من فضائل الصلاة‬ ‫فقط"‪ .‬وقد عملوا فيه بأصح الروايات عندهم عن الإمام مالك كما جاء في‬ ‫المدونةا"'‪ 5‬أما رواية عدم الرفع مطلقا فهي رواية ثابتة أيضا لكن العمل على‬ ‫خلافها‪ ،‬يقول ابن عبدالبر‪« :‬وذكر ابن خويز منداد قال‪ :‬يرفع في كل خفض‬ ‫ورفع على حديث ابن عمر‪ ،‬ومرة قال‪ :‬لا يرفع إلا في تكبيرة الإحرام‪ ،‬ومرة‬ ‫قال‪ :‬لا يرفع أصلاهث وفي التاج والإكليل قال المواق‪« :‬ووقع له سماع‬ ‫أبي زيد إنكار الرفع في ذلك‪ ...‬واختلف عند مالك في الرفع ۔ وذكر‬ ‫الخلاف ‪ -‬ثم قال‪ :‬وروي عنه‪ :‬لا رفع في أول الصلاة ولا في شيء منها‪.‬‬ ‫ذكرها ابن شعبان وابن خويز منداد وابن القصار‪ ،‬وتأولها بعضهم على‬ ‫تضعيف الرفع في المدونة‪.‬‬ ‫وهذا الذي روي عن الإمام مالك هو الذي يؤكده الإباضية عنه برواية‬ ‫موثقة يذكرها العوتبي الصحاري في الضياء وقد أشرنا إليها سابقا‪.‬‬ ‫(‪ )١‬الجامع لاحكام القرآن" أبو عبدالله محمد بن أحمد الانصاري القرطبي‪ 6‬دار‪ ‎‬اللعب‪٥‬‬ ‫القاهرة‪.)٢٢٦٢/٣( ‎‬‬ ‫الخلاصة الفقهية على مذهب السادة المالكية‪ .‬للقروي ‏‪ \١!٤٨/١‬الذخيرةا للقرافي‬ ‫‏(‪)٢‬‬ ‫ص‪.٢١٩‬‏‬ ‫المدونة الكبرى‪.)٦٨/١( ‎‬‬ ‫(‪)٣‬‬ ‫الاستذكار‪)٤٠٨/١( ‎‬۔‬ ‫(‪)٤‬‬ ‫التاج والاكليل‪.)٤٣٥/١( ‎‬‬ ‫(‪)٥‬‬ ‫تسامح في هذه المسالة عن أبي الحسن‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ي‬ ‫ك‬ ‫ح‬ ‫ي‬ ‫ة‬ ‫ح‬ ‫ف‬ ‫ص‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫س‬ ‫ف‬ ‫ن‬ ‫ي‬ ‫الضياء ‏(‪ .)١٥٣/٥‬وف‬ ‫‏(‪)٦١‬‬ ‫البسيوي فيقول‪« :‬قال ابو الحسن ننه‪ :‬ولم نر أسلافنا يعملون ذلك" ولم نر أنهم يفسدون =‬ ‫‏‪١٨٩‬‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬العلاقة الفكرية‬ ‫‪-‬‬ ‫‪77‬‬ ‫أما وضع اليمنى على اليسرى في الصلاة فالإباضية والمالكية دون‬ ‫غيرهم من المذاهب ما عدا الشيعة متفقون على عدم فعلها وإن كان‬ ‫المالكية يتمسكون في بعض الأحيان برواية الإمام مالك في الموطاا'‪8‬‬ ‫مناطقهم وبلدانهم‪.‬‬ ‫فيه المالكية بحسب‬ ‫وذلك يختلف‬ ‫‏‪ - ٣‬البسملة‪:‬‬ ‫يرى الإباضية أنها آية من كل سورة من القرآن الكريمؤ وهو مذهب‬ ‫الشافعي أيضًا‪ ،‬وعلى هذا تجب قراءتها في الصلاة السرية والجهرية‪ .‬بينما‬ ‫برى المالكية ومثلهم الحنابلة أنها لا تقرأ في الصلاة سؤا ولا جهرا لكن‬ ‫الحنابلة والأحناف يجيزون قراءتها سراء يقول ابن عبد البر‪« :‬قال مالك‪ :‬لا يقرأ‬ ‫(بسم الله الرحمن الرحيم) في المكتوبة سرا ولا جهرا في فاتحة الكتاب‬ ‫ولا في غيرها‪ ،‬وأما في النافلة فإن شاء قرأ وإن شاء ترك‪ ،‬وهو قول الطبري»ه‪.‬‬ ‫القراءة خلف الإمام فيما جهر‪:‬‬ ‫‏‪٤‬‬ ‫يتفق الإباضية والمالكية على وجوب قراءة الفاتحة في الصلاة‪ ،‬ويتفقون‬ ‫على قراءتها خلف الإمام سراء إلا أن المالكية يستحبونه والإباضئة‬ ‫يوجبونه'‪ .‬لكنهم يختلفون في القراءة خلف الإمام فيما جهر به؛ فالإباضية‬ ‫يرون وجوب قراءة الفاتحة خلف الإمام مباشرة مع وجود فاصل بينهما‬ ‫صلاة من فعله ومن فعله لم نره يفسد صلاة من لم يفعله‪ ،‬إلا ما رأينا من إنكار بعضهم‬ ‫۔‬ ‫على بعض»‪.‬‬ ‫‏(‪ )١‬حدثني يحيى عن مالك عن عبدالكريم بن أبي المخارق البصري أنه قال‪ :‬من كلام النبرة‬ ‫«إذا لم تستحي فافعل ما شثت» ووضع اليدين إحداهما على الاخرى في الصلاة يضع‬ ‫رواية يحبى الليغي‬ ‫اليمنى على اليسرى وتعجيل الفطر والاستيناء بالحورا الموطأ‬ ‫‏(‪ ١٥٨/١‬رقم ‏‪.)٣٧٥‬‬ ‫(‪ )٢‬الاستذكار‪.٤٣٨١ ‎‬‬ ‫‏‪ ،٤٦٢/١‬شرح النيل‪ .‬الفواكه الدواني ‏‪.٥١٣/١‬‬ ‫(؟) الاستذكار‬ ‫‪7‬‬ ‫الإباضية والمقكية في الغرب الإسلامي‬ ‫فر‬ ‫بمقدار كلمة تقريبا أما في السورة بعد الفاتحة فعليه الإنصات‪ .‬أما‬ ‫المالكية فلا يرون القراءة خلف الإمام فيما جهر به أبدا بل يوجبون عليه‬ ‫الإنصات!" لكن حدة ذلك تخف أحيانا عند المالكية فيرون كما قال‬ ‫القرافي من الورع‪ :‬ه«القراءة في الجهرية خلف الإمام والإتيان بالبسملة في‬ ‫الفاتحة للاتفاق على صحة الصلاة حينئذه"'‪ .‬أما الإباضية فإن من ترك قراءة‬ ‫الفاتحة خلف الإمام عندهم تبطل صلاته؛ وعليه الإعادة في العمد‬ ‫والاستدراك في النسيان إذا لم يقم من صلاته{ا‪.‬‬ ‫‏‪ ٥‬۔ القنوت‪:‬‬ ‫القنوت بمعنى الدعاء بعد الصلاة يتفق عليه الإباضية والمالكية‪ .‬أما أن‬ ‫يكون بعد الركوع أو قبل الركوع من الركعة الثانية فهو شيء يختلف فيه‬ ‫المذهبان؛ فالإباضية لا يرون القنوت ولا يرون أن الصلاة تصح به إلا خلف‬ ‫من يرى القنوت متأولا إذا لم يعلم به المأموم‪ 6‬أما إذا علم به ففيه قولان‪.‬‬ ‫أما المالكية فالقنوت عندهم قبل الركوع من الركعة الثانية في صلاة الفجر‬ ‫أخذا بالرواية عن عمر بن الخطاب ذينا‪ ،‬في حين لم يأخذوا بالرواية عن‬ ‫ابنه الذي ما كان يرى القنوت في شيء مانلصلاة"'‪ ،‬لكنّ وجود الروايتين‬ ‫وبسبب الاختلاف في المسألة يرون أن القنوت مستحب فقط أو مباح‪،‬‬ ‫فالإمام مالك يقول‪« :‬إنما هو دعاء فمن شاء قنت ومن شاء تركه"‪.‬‬ ‫شرح النيل وشفاء العليل‪.)١٢٥/٣( ‎‬‬ ‫(‪(١‬‬ ‫الاستذكار ‏‪ ٤٣١‬الفقه المالكى‪.‬‬ ‫‏(‪)٢‬‬ ‫الفواكه الدواني‪.٥١٧/١ ‎‬‬ ‫(‪)٣‬‬ ‫معارج الآمال ج‪ .٤ ‎‬ص‪ .٤٩١‎‬شرح النيل‪/٢ ‎‬‬ ‫(‪)٤‬‬ ‫‪.١٢٤‬‬ ‫‪.١١٦/١‬‬ ‫قولان عند المالكية‪ .‬انظر مر الدواني في تقريب المعاني‪‎‬‬ ‫ث‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫‪,‬‬ ‫(‪)٥‬‬ ‫الاستذكار‪ .٢٦٩٥ /٢ ‎‬المدونة‪.٩٦٢ /١ ‎‬‬ ‫(‪)٦‬‬ ‫نفس المصدرين‪.‬‬ ‫‏(‪)٧‬‬ ‫‏‪١٩١‬‬ ‫‪:‬‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬الملاقة الفكرية‬ ‫‪7‬‬ ‫‏‪ ٦‬وجوب الغسل من الجنابة على الصائم‪:‬‬ ‫هذه مسألة قديمة‪ ،‬ثار حولها الخلاف في وقت مبكر إلا أن القول‬ ‫بوجوب الغسل على الججنب قبل أن يطلع عليه الفجر أو في حال احتلامه‬ ‫بالنهار مما تمسك به الإباضية وحدهم في الميدان؛ لأن المذاهب الإسلامية‬ ‫النية كلها مجمعة على الجواز‪ .‬والإباضية يأخذون بحديث أبي هريرة ؤ‪:‬‬ ‫عند مسلم" أما المالكية‪ ،‬وغيرهم فيتمسكون بحديث عائشة وأم سلمة ؤثا‬ ‫في الموطأ والصحيحين‪.'«١‬‏‬ ‫‏‪ ٧‬زكاة البقر‪:‬‬ ‫جميع المذاهب الأربعة ترى أن زكاة البقر تبدا من وصولها في العدد‬ ‫إلى ثلاثين بتفصيل ليس هنا محل ذكره" بينما يرى الإباضية أن البقر‬ ‫والإبل سواء في الزكاة‪ .‬وقد حققت المسألة وما فيها من الخلاف أثناء‬ ‫تعرضي لها في القسم الثاني من تحقيق المختصر‪.‬‬ ‫‏‪ ٨‬هل يتزوج الزاني بمزنيته؟‬ ‫هذه المسألة خلافية بين المالكية والإباضية‪ ،‬وقد تمسك فيها الإباضية‬ ‫كما ينص علماؤهم بقول عبدالله بن مسعود' والبراء بن عازب‪ ،‬وعلي بن‬ ‫ابي طالب وأبي هريرة‪ ،‬وجابر بن عبدالله نك ومن التابعين‪ :‬جابر بن زيد‬ ‫إمام الإباضية‪ ،‬واين سيرين والحسن البصري!" ۔ رحمهم الله تعالى ۔‬ ‫وهؤلاء جميعا يرون عدم جواز زواج الزاني بمزنيته‪ .‬أما المالكية ومعهم‬ ‫الشافعية والأحناف فعندهم أن الزنى بالمرأة لا يحزم نكاحها‪ .‬ولكن جاء في‬ ‫‪.٧٥٧‬‬ ‫شرح خليل للخرشي‪‎‬‬ ‫(‪ )١‬الاستذكار ‪٩١-١‬؟‪،‬‬ ‫(‪ )٢‬بداية المجتهد لابن رشد‪.٢٦١/١ ‎‬‬ ‫(‪ )٣‬كتاب الوضع للجناوني ص‪ .١٥٦ ‎‬شرح النيل‪.١٦٨/١٠ ‎‬‬ ‫الإباضية والمالكية هي الغرب الإسلامي‬ ‫‪77‬‬ ‫ذه‏"‪٩‬‬ ‫المدونة أنها تستبرأ من الماء الفاسد‪ ،‬وللإمام مالك قول آخر في الأم والابن‬ ‫فإن ذلك عنده بمنزلة الوطء الحلال يحرمها على الزاني«'‪.‬‬ ‫هذه هي مسائل الخلاف المشهورة بين المالكية والإباضية‪ ،‬وبعضها يعد‬ ‫خلافا مع المذاهب الأربعة كلها‪ :‬كالمسح على الخفين وعدم الرفع في‬ ‫الصلاة وزكاة البقر ووجوب الغسل من الجنابة للصائم‪ .‬أما بقية المسائل‬ ‫فالخلاف فيها موجود حتى بين هذه المذاهب‪ .‬وتبقى بعد ذلك فروع فقهية‬ ‫أخرى ليس الخلاف فيها لافا للنظر لأنها مما يختلف فيه أهل المذهب‬ ‫الواحد‪ ،‬وفي هذا يقول الدكتور عمرو النامي‪« :‬ليس هناك فارق كبير بين‬ ‫المذهب الإباضي والمذهب السشئي بوجه عامهه"'‪ .‬وقد ألفت الشيخ محمد‬ ‫بالحاج كتابا بين فيه اصول الجمع وكليات الوفاق بين المذهبين الإباضي‬ ‫والمالكي جاء في خاتمته‪« :‬وقد أظهرت لنا ۔ دراسته في الكتاب ۔ مدى‬ ‫التوافق بين الجميع في أغلب الأصول والفروع _ وما أكثرها _ بل هي الكثرة‬ ‫وما أقلها ۔ وقليلة ما هي بل هي‬ ‫الغالبة‪ ،‬وبرزت بعض نقاط الفروع خلافا‬ ‫القلة القليلة النادرة"‪ .‬وفي مختصر البسيوي سوف نجد أثناء التحقيق في‬ ‫القسم الثاني عددا كبيرا من مسائل الخلاف والوفاق في الفروع الفقهية‪،‬‬ ‫ومقارنة كل ذلك بالرسالة لابن ابي زيد القيرواني‪ 6‬والله ولي التوفيق‪.‬‬ ‫‏(‪ )١‬جاء في المدونة‪« :‬أرايت الرجل يفسق بامرأة يزنى بها تحل لابنه أو لأبيه؟ قال‪٬‬‏ سمعت‬ ‫مالكا غير مرة‪ 6‬وسئل عن الرجل الذي يزني بام امراته أو يتلذذ بها فيما دون الفرجؤ فقال‪:‬‬ ‫أرى أن يفارق امرأته‪ ،‬فكذلك الرجل عندي إذا زنى بام امراته لم ينبغ لابنه ولا لابيه أن‬ ‫يتزوجها أبدا وهو رأيي الذي آخذ به‪ .‬قلت‪ :‬أفيتزوج الرجل المرأة التي قد زنى بها هو‬ ‫نفسه في قول مالك؟ قال‪ :‬نعم؛ بعد الاستبراء من الماء الفاسده‪ .‬المدونة ‏(‪ .)١٩٧/٢‬وينظر‬ ‫أيضا‪ :‬الكافي في فقه أهل المدينه ابن عبدالبر ‏‪.٥٤٦٢ /٦‬‬ ‫‏‪ (٢‬دراسات عن الإباضية ۔ الدكتور عمرو خليفة النامي‪.‬‬ ‫‏(‪ )٣‬أصرل الجمع وكليات الوفاق بين المذهبين الإباضي والمالكي" الليخ محمد الشيخ بالحاج‬ ‫استاذ الشريعة والتاريخ بمعهد الحياة الجزائر دار البحث ‪ -‬قسنطينة ۔ الجزاثر ط ‏‪ ٥١‬ص ‏‪.١٥٩‬‬ ‫‏‪١٩٦٢‬‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬الملاقة الفكرية‬ ‫‪-‬‬ ‫مية‬ ‫المطلب الثالث‪ :‬أسباب الحكم على الاباضية بالاستتابة في كتب‬ ‫المالكية بالغرب الاسلامي‬ ‫يتضح لنا من خلال السابق عدم وجود الفوارق أو الخلافات التي تسمح‬ ‫بتصنيف الإباضية من فرق الخوارج أولاك وعدم وجود عقائد أو مخالفات‬ ‫لديهم تسمح هي الأخرى بتكفيرهم أو حتى استتابتهم ثانيا‪ .‬فما الذي جعل‬ ‫علماء المالكية يحكمون عليهم بتلك الأحكام الصارمة؟‬ ‫رغم سوقنا للأدلة القاضية باستحواذ فرقة النكار على مسمى الإباضية‪.‬‬ ‫والتي نظن بنسبة منخفضة أنها وراء سبب تلك الأحكام؛ إلا أننا لا نغفل‬ ‫مهما في هذه القضية‪ ،‬وهي نظرة المالكية إلى الخوارج أصلا‪ .‬حيث‬ ‫جانبا‬ ‫الاستقراء في كتبهم إلى أن الخوارج هم أولئك الذين خرجوا عن الإمام‬ ‫يقود‬ ‫في معركة صفين‘ وانحازوا في منطقة تسمى حروراء ثم قام الإمام‬ ‫علي‬ ‫بقتالهم واستثصال وجودهم في معركة النهروان‪ .‬وهو منعطف تاريخي‬ ‫علي‬ ‫الإعلام الأموي الأحادي‪ .‬ولم يتم تناقل‬ ‫لم تكن له مصدر معتمد سوى‬ ‫تفاصيله سوى من خصوم القوم ومناوئيهم‪ ،‬ولذلك تتفق كلمة فقهاء أهمل‬ ‫الشئة في اعتبار ذلك الفريق المنشق متمردا؛ يتصل منهجيا برجل أخبر‬ ‫النبي تة أن من ضثضئه سيخرج قوم يحقؤ المر صلاته مع صلاتهم‬ ‫فهالخوارج على الصحابة ؤؤين إنما قيل لهم خوارج لقوله ية لأصحابه‪:‬‬ ‫«يخرج فيكم‪ »...‬كان خروجهم ومروقهم في زمن الصحابة فسموا الخوارج‪.‬‬ ‫وسموا المارقة بقوله في هذا الحديث‪« :‬يمرقون من الدين كما يمرق السهم‬ ‫من الرمية»‪ ،‬وبقوله نلتله ‪« :‬تقتتل طائفتان من أمتي تمرق منهما مارقة تقتلها‬ ‫أولى الطائفتين بالحق»‪ .‬فهذا أصل ما سميت به الخوارج والمارقة ثم استمر‬ ‫خروجهم على السلاطين فأكدوا الاسم»‘ؤ‪.‬‬ ‫(‪ )١‬الاستذكار‪ ‎‬۔)‪(٢/٨٩٤‬‬ ‫الإباضية والمالكية في الشرب الإسلام‬ ‫‪7.1‬‬ ‫غد‏‪١٩٤‬‬ ‫ورغم أنه لا صلة بين أهل النهروان الذين كان من بين صفوفهم عدد من‬ ‫الصحابة هة كما ينص على ذلك ابن حجر في الإصابة'‪ ،‬والخوارج الذين‬ ‫خرجوا زمن الامويين عام ‪٦٤‬ه‏ على يد نافع ابن الأزرق© إلا أن الثقافة‬ ‫العامة آنذاك أن أهل النهروان هم أصل الخوارج" وبالتالي فلن يكون علماء‬ ‫المالكية بعيدين عن هذا الجو؛ فالخوارج عندهم تاريخيا هم أهل حروراء‬ ‫حيث وقعت معركة النهروان فهالحرورية قوم خرجوا على علي ذ‪:‬‬ ‫بحروراء‪ :‬قرية من قرى الكوفة على ميلين‪ ،‬منها نقموا عليه في التحكيم؛‬ ‫أي‪ :‬عابوا عليه وكشروه بالذنب‪ .‬والمراد بالتحكيم‪ :‬تحكيمه لأبي موسى‬ ‫الأشعري‪ ،‬قالوا‪ :‬إن هذا ذنب صدر منك وكل ذنب مكمَر لفاعله فأنت كافر‪.‬‬ ‫فاولڵا كفروا معاوية بخروجه على علي ثم كفروا عليا بتحكيمه لأبي موسى‪.‬‬ ‫وخرجوا عن طاعته فقاتلهم قتالا عظيما"‪.‬‬ ‫وقد كان المفترض أن تكون معرفة السادة المالكية بالخوارج معرفة عن‬ ‫قرب ولدتها ظاهرة الاحتكاك السياسي والعلمي في الرقعة الجغرافية‬ ‫الواحدة‪ .‬إلا أن الملاحظ على كتبهم أنها تصف الخوارج بالوصف التقليدي‬ ‫الذي تم رسمه ابتداء في المشرق الإسلامي إبان الاصطدام بالدولة الأموية‬ ‫كتب المالكية ۔ معرفتها ومعلوماتها عنهم من كتب المشارقة‬ ‫وتقتبس‬ ‫‏) ‪ )١‬ومنهم! زيد بن حصن (أو حصين) الطاني‪ .‬وحرقوص بن زهير البعدي التميمي‪6‬‬ ‫وعبدالله بن وهب الراسبي الأزدي ذو الئهنات؛ وشجرة بن أوفى السلمي" وعبدالله بن‬ ‫شجرة السلمي‪ 6‬وشريح بن أوفى (او ابي اوفى) بن ضبعة العبسي" وثرملة (من بني‬ ‫حنظلة)‪ 6‬وعمير بن الحارث‘ وابو عمرو بن نوفل‪ 6‬وهرم بن عمرو الانصاري (من بني‬ ‫واقف)‪ 6‬ونافعؤ والجزيت بن راشد السامي الناجي‪ .‬ينظر‪ :‬الخوارج والحقيقة الغائبة‪.‬‬ ‫ناصر بن سليمان السابعي" مطابع النهضة ۔ سلطنة عمان‪ ،‬ط ‏‪ :١‬‏؛م‪/٩٩٩١‬ه‪٠٢٤١‬‬ ‫‏‪ .٨4٥٧٥‬وقد ذكر المؤلف مصادره كاملة في اعتبار هؤلاء من الصحابة زلت‪.‬‬ ‫ص‬ ‫(‪ )٢‬بلغة السالك‪.)٢٨٩/١( ‎‬‬ ‫‏‪١٩٥‬‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬الملاقة الفكرية‬ ‫‪-‬‬ ‫‪٦‬‬ ‫والاخبار الواردة من هناك‪ ،‬وهذا ما يشير إليه الإمام ابن عبدالبر بقوله‪ :‬دوهم‪‎‬‬ ‫يتسمون بالشراة‪ ،‬ولا يسميهم بذلك غيرهم بل أسماؤهم التي ذكرناها عنهم‪‎‬‬ ‫مشهورة في الأخبار والاشعار قال عبدالله بن قيس الرقيات‪...‬ء'‪ .‬وذكر‪‎‬‬ ‫أشعارا‪‎.‬‬ ‫بل إن وصفهم في المدونة وهي أقدم سفر علمي لدى المالكية‪ ،‬يشخص‬ ‫وانحازت‬ ‫الخوارج بانهم مجموعة خرجت عن الإمام علي _ كرم الله وجهه‬ ‫إلى مكان يسمى حروراء‪ ،‬ولذلك تم وصفهم بالحرورية‪ ،‬ف«الحرورية لما‬ ‫خرجت وهي مع علي بن أبي طالبؤ فقالوا‪ :‬لا حكم إلا لل‪ ،‬فقال علي‪ :‬كلمة‬ ‫حق أريد بها باطل‪ ،‬إن رسول اله ية وصف ناسا إني لأعرف صفتهم في‬ ‫وأشار إلى حلقه ۔ من‬ ‫هؤلاء‪ ،‬ويقولون الحق بألسنتهم لا يجاوز هذا منهم‬ ‫ابفض خلق الله إليه‪ ،‬منهم أسود إحدى يديه كطي شاة أو حلمة ثدي‪ ،‬فلما‬ ‫قاتلهم علي بن آبي طالب‪ ،‬قال‪ :‬انظرواؤ فنظروا فلم يجدوا شيئاء فقال‪:‬‬ ‫ارجعوا‪ ،‬والله وتالله ما كذبت ولا كذبت مرتين أو ثلائا» ثم وجدوه في خربة‬ ‫فاتوا به حتى وضعوه بين يديه‪ ،‬قال عبدالله‪ :‬أنا حاضر ذلك من أمرهم وقول‬ ‫علي فيهم»{"‪.‬‬ ‫وليس في المدونة وصف أو مسمى للصفرية والأزارقة والنجدات‪ ،‬على‬ ‫الرغم من أن الصفرية خاصة اشتبكوا مع مالكية الغرب الإسلامي في مواقع‬ ‫عدة‪ .‬كما أنهم كانوا من غلاة الخوارج كالأزارقة‪ ،‬في حين أننا نجد حضورا‬ ‫للإباضية في المدونة‪ ،‬ومنها نقلت كتب المالكية الأخرى الحكم عليهم دون‬ ‫أدنى تغيير أو مخالفة‪ ،‬كما سنبين ذلك لاحقا وهو ملحظ جدير بالدراسة"‪.‬‬ ‫(‪ )١‬الاستذكار‪. ‎‬۔)‪(٢/٨٩٤‬‬ ‫(‪ )٢‬المدونة‪.)٥٣١/١( ‎‬‬ ‫(‪ )٢‬ذكر الصفرية في كتاب النوادر والزيادات‪ ،‬أثناء الحديث عن كتابة الوصية‪= ٨)٢٦١/١١( ‎‬‬ ‫الإباضية والمالكية في الغرب الإسلامي‬ ‫تدا‬ ‫‪٦‬‬ ‫وفي النقاط التالية نحاول رسم معالم الخوارج وأوصافهم كما وردت‪‎‬‬ ‫في كتب السادة المالكية‪:‬‬ ‫‏‪ ١‬الخوارج هم أولثك الذين خرجوا على الإمام علي وكقروه‪ ،‬وكفروا‬ ‫معاوية والحكمين‪ ،‬وقد أشرنا إلى نصوص ذلك‪ .‬قال في المدونة‪« :‬إن‬ ‫الحرورية خرجت فنازعوا عليا وفارقوه وشهدوا عليه بالشرك»«'‪.‬‬ ‫الخوارج فاق يخالفون ما عليه أهل المئة والجماعة‪ ،‬يقول القرافي‪:‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‪+‬‬ ‫دوأما الخوارج؛ فمنع مالك إمامتهم لأنهم أشد الفسشاق‪ ،‬واختلف في‬ ‫كفرهم لاعتقادهم إباحة ما خالف فيه جماعة السُنة‪ ،‬وأن ما عليه جماعة‬ ‫السنة ليس من الدين»"'‪.‬‬ ‫الخوارج يكفرون الصحابة‪ .‬ويستحلون دماء المسلمين‪« :‬واختلفوا في‬ ‫‏‪٣‬‬ ‫الخوارج المكمرين لكثير من الصحابة المستحلين دماء المسلمين‬ ‫ولمالك في تكفيرهم‬ ‫الجنايات هم بغاةء‬ ‫وأموالهم فقال‪ :...‬ومتأخروا‬ ‫قولان فعلى تكفيرهم يكونون بغاة»‪.""٢‬‏‬ ‫‏‪ ٤‬الخوارج يخرجون على الإمام العادل‪« :‬ومنهم الخوارج الذين يخرجون‬ ‫الإمام العادل ولا يمتثلون أمره»‘'‪.‬‬ ‫عن‬ ‫‏= (‪ .)٥٤٥/١٤‬وهي عبارة تتناقلها معظم كتب المالكية‪ .‬كما أن الذين ناؤوا المالكية في الغرب‬ ‫الإسلامي هم الإباضية والمعتزلة والمرجئة وغالبا ما يقصد بهم الأاحناف‪ 6‬لان هؤلاء هم من‬ ‫نافس المالكية على الريادة الدينية والسياسية ولذلك يرد ذكرهم كثيرا‪ 6‬وكذلك كتب‬ ‫الإباضية في الغرب الإسلامي تركز كثيزا على الصفرية والمعتزلة؛ لان هؤلاء أيضا اشتبكوا‬ ‫كثيرا معهم في مواقع عدة‪ .‬وهكذا هي الفرق الإسلامية كما آشرنا إلى ذلك سابقا‪.‬‬ ‫(‪.)٥٣٠/١‬‬ ‫(‪ )١‬المدونة‪‎‬‬ ‫(‪.)٢٤٠/٦٢‬‬ ‫(‪ )٢‬الذخيرة‪‎‬‬ ‫(‪ )٣‬نفسه‪.)٦/١٢( ‎‬‬ ‫(‪ )٤‬الفواكه الدواني‪.)٢٠١/١( ‎‬‬ ‫‏‪١٨٩٧‬‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬الملاقة الفكرية‬ ‫‏‪٨‬ہرم‬ ‫الخوارج يجيزون الزواج من تسع نساء‪« :‬فإن الخوارج أجازوا تسعًا‬ ‫‏‪ ٥‬۔‬ ‫مستدلين بجمع النبي لهن وبقوله تعالى‪« :‬أنكحرا ما عاب لكم يَنَ ال‬ ‫متي وَتُككَ رَريحَ؛ [النساء‪]٣٢.‬‏ ورة عليهم بان الزيادة على أربع من‬ ‫خصوصيات الأنبياء‪ ،‬وأن الواو في الآية بمعنى أو التي للتخييره‘ا‪.‬‬ ‫والحق أن الخوارج لم يقولوا بالزواج من تسع نساء إنما هي فرية‬ ‫افتريت عليهم بالمشرق" لم يجد أهل المغرب با من نقلها؛ جريا على‬ ‫طريقة النقل بالوكالة‪.‬‬ ‫الخوارج يقولون‪« :‬إن الإيمان هو الطاعات بأسرها فرضا كانت أو نفلاك‬ ‫ويكفرون أهل المعاصي من المؤمنين بالذنوب"‪.‬‬ ‫الخوارج يرون أن وجوب الأداء في أول وقت الصلاة ويحرم تأخيرهاء‬ ‫ف«المبادرة في أول الوقت من فعل الخوارج الذين يعتقدون أن تأخير‬ ‫لا يحل"‪.‬‬ ‫وقتها‬ ‫الصلاة عن أول‬ ‫كل هذه الصفات ‪ -‬وأشدها تكفير المسلمين ۔ جعلت من الخوارج في‬ ‫نظر بعض المالكية كارا‪ .‬فقد قال ابن حبيب‪« :‬إن الخوارج الذين‬ ‫كفروا الناس بالذنوب كمار‪ ،‬وأنه يستتاب من ظهر عليه منهم أيائاء‬ ‫ويسجن لذلك‘ خرجوا أو لم يخرجوا إذا ظهر ذلك منهم‪ ...‬إنهم كفار‬ ‫ببدعتهم هذه؛ لأنهم سموا الزاني‪ ،‬والسارق" والقاتل‪ ،‬وأشباههم من‬ ‫أهل الذنوب كفارا»'‪.‬‬ ‫هذا مجمل ما جاء في كتب المالكية من وصف الخوارج‪ ،‬أما ما يخض‬ ‫بلغة السالك ‏(‪.)٢٣٥/٤‬‬ ‫)‪(١‬‬ ‫حاشية العدوي (‪)٢٩٩/١‬۔‏‬ ‫)‪(٢‬‬ ‫البيان والتحصيل ‏(‪.)٤٤٣/١‬‬ ‫)‪(٣‬‬ ‫النوادر والزيادات ‏(‪.)٥٤٤/١٤‬‬ ‫)‪(٤‬‬ ‫الإباضية والمالكية في الغرب الإعلامي‬ ‫‪َ77‬‬ ‫ت‏‪٨٨‬‬ ‫الحكم باستتابتهم وقتلهم فإن ذلك أيضا مرهون بمدى تطاولهم العسكري‬ ‫على جماعة المسلمين ‪ -‬آهل السشئة والجماعة ۔ وإلا فإن قتلهم بغير ذلك‬ ‫لا يصح‪ :‬يقول ابن أبي زيد‪« :‬قال مالك في الحروري‪ ،‬إذا لم يخرج على‬ ‫الإمام العدل فيدعو إلى بدعته‪ ،‬أو يقتل أحدا فلم نقتله‪ .‬فأما إن قتل أحدا على‬ ‫دينه ذلك أو خرج على الإمام العدل فيستتاب‪ ،‬فإن تاب قبلت منه‪ ،‬وإلا‬ ‫قتل»_'‪ .‬وهو نفس تفسير ابن القاسم لكلام الإمام مالك في المدونة أيضا"‪٨‬‏‬ ‫وكذلك بالنسبة للصلاة عليهم فإنها لا تتتحب على الخوارج إذا كانوا في‬ ‫حالة حرب وخروج على الإمام‪ .‬إلا أن الإمام سحنون له رأي آخر© فهؤلاء‬ ‫«الذين قتلهم الإمام من أهل الأهواء لما بانوا عن الجماعة ودعوا إلى ما هم‬ ‫عليه ونصبوا الحرب؛ هل يصلي على قتلاهم؟ قال‪ :‬نعم وهم من المسلمين‪.‬‬ ‫وليس بذنوبهم التي استوجبوا بها القتل تترك الصلاة عليهم ألا ترى أن‬ ‫الزاني المحصن قد وجب عليه القتل بذنبه‪ .‬والمحارب والقاتل عمدا قد‬ ‫اسستوجبوا القتل" فإذا قتلوا لم تترك الصلاة عليهم" وليس بذنوبهم التي‬ ‫ارتكبوها واستوجبوا بها للقتل تخرجهم من الأحكام‪ ،‬وأرى أن يصلى عليهم‬ ‫كما يصلى على أهل الإسلام والبدع»‪ .':‬ويبدو أن هذا هو رأي أكثر أصحاب‬ ‫الإمام مالك كما ينص عليه ابن رشدا‘'‪ .‬وهذا بخلاف رأي ابن حبيب السالف‪.‬‬ ‫ويذعم الخرشي إجماع أصحاب الإمام مالك على عدم تكفير الخوارج‬ ‫بإجماع أهل السُئة عموما‪ ،‬فقد «قال الخطابي‪ :‬أجمع علماء المسلمين على‬ ‫(‪.)٥٣٩/١٤‬‬ ‫(‪ )١‬النوادر والزيادات‪‎‬‬ ‫‏)‪ (٢‬المدونة ‏(‪ .)٥٣٠/١‬ومثل ذلك أيضا تفسير القاضي إسماعيل لكلام الإمام مالك حيث قال‪:‬‬ ‫«لم ير مالك استتابة القدرية وسائر أهل الأهواء وقتلهم إن لم يتوبوا من جهة الكفرؤ وإنما‬ ‫راى قتلهم من جهة الفساد في الدين لأنهم أعظم فساذا من المحاربين»‪ .‬الاستذكار ‏(‪.)١٥٤/٢‬‬ ‫(‪ )٣‬البيان والتحصيل‪ .)٤١١/١٦( ‎‬وينظر‪ :‬الذخيرة‪)٢٧٢/١٦( ‎‬۔‪.‬‬ ‫(‪ )٤‬نفسه‪ .‬وينظر‪ :‬النوادر والزيادات‪.)٥٤٤/١٤( ‎‬‬ ‫‏‪٩٩‬‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬الملاقة الفكرية‬ ‫فر‬ ‫فرقة من فرق المسلمين وأجازوا مناكحتهم‬ ‫أن الخوارج ۔ على ضلالتهم‬ ‫وأكل ذبائحهم وقبول شهادتهم»'‪.‬‬ ‫فماذا إذن عن الإباضية في كتب المالكية؟‬ ‫قدمنا سابقا أن الإباضية هم وحدهم من تم وصفهم بالخوارج في كتب‬ ‫اللادة المالكية" دون ذكر أدنى تفريق بينهم وبين الخوارج بشكل عام‬ ‫وبالتالي فإن الحكم عليهم سيكون كالحكم على الخوارج تماما‪ ،‬ذلك لان‬ ‫المحكي عن الإباضية في كتب المالكية ليس سوى مجموعة من الأقوال‬ ‫والمعتقدات التي يخالفون بها أهل السُئةش فهم بهذا خوارج لا يفترقون عن‬ ‫غيرهم‪ .‬يقول ابن أبي زيد‪« :‬وذكر ابن حبيب عن مطرف وابن الماجشون‬ ‫وابن عبد الحكم وأصبغ أنهم قالوا في أهل الأهواء والبدع كلها القدرية‬ ‫والإباضية والحرورية والمرجثة وجميع أهل الأهواء‪ ،‬أنهم على الإسلام‬ ‫متماسكين به إلا أنهم ابتدعوا وحرفوا كتاب الله وتاولوه على غير تأويلهك‬ ‫أهم يستتابوا فإن تابوا وإلا قتلوا»""‪.‬‬ ‫وفي النقاط التالية نكشف الوضعية الوصفية للإباضية في كتب المالكية‪:‬‬ ‫‪١‬۔‏ الإباضية امتداد للخوارج الذين أخبر النبي قلة بخروجهم‪« :‬قال‬ ‫محمد بن رشد‪ :‬الإباضية والواصلية فرقتان من فرق الخوارج الذين‬ ‫أعلم النبي قة بخروجهم على المسلمين ومروقهم من الدين؛'‪ .‬على‬ ‫الرغم من أن الواصلية لا علاقة لهم بالخوارج تاريخاء أو حتى‬ ‫سياسيا‪ ،‬بيد أن مصطلح البدعة المالكية يجمع الفرقاء في سلة واحدة‪.‬‬ ‫(‪ )١‬شرح خليل للخرشي‪.)٤٠٦/٢١( ‎‬‬ ‫(‪ )٢‬النوادر والزيادات‪.)٥٤٦/١٤( ‎‬‬ ‫(‪ )٣‬البيان والتحصيل‪.)٤٤٣/١( ‎‬‬ ‫الإباضية والمالكية في الغرب الإسلامي‬ ‫ترر‪٦.‬‏‬ ‫ن ‏ ‪٢.‬‬ ‫فهم بهذا فرقة من فرق الخوارج كالأزارقة والصفرية وغيرهم قال ابن‬ ‫‏‪٦٢‬‬ ‫عبد البر‪« :‬ثم افترقوا فرقا لها أسماء منهم‪ :‬الإباضية أتباع عبدالله بن‬ ‫إباض والأزارقة أتباع نافع بن الازرق© والصفرية أتباع النعمان زياد بن‬ ‫الأصفره'‪.‬‬ ‫الإباضية من أهل الأهواء المخالفين لجماعة المسلمين‪ ،‬قال ابن رشد‪:‬‬ ‫‏‪٣‬‬ ‫«وأما أهل الأهواء الذين هم على الإسلام العارفين بالله غير المنكرين‬ ‫له مثل القدرية والإباضية وما أشبههم ممن هو على غير ما عليه جماعة‬ ‫المسلمين والتابعين لرسول الله ية من البدع والتحريف لكتاب الله‬ ‫وتأويله على غير تأويله"‪ .‬وقضية تحريف كتاب الله قضية قلمية فقط‬ ‫ليس لها أصل في الواقع" ولم يستطع أحد من المالكية إثبات ماهية‬ ‫هذا التحريف‪.‬‬ ‫‏‪ ٤‬الإباضية يكفرون الناس بالذنوب كالخوارج‪« :‬وركب قياس قول‬ ‫الإباضية والحرورية الذين يكفرون جماعة المسلمين بالذنوب من‬ ‫القول»"'‪.‬‬ ‫‪ -‬الإباضية كالمعتزلة أيضا من أهل الأهواء‪« :‬وهذا في مشل القدرية‬ ‫والإباضية والمعتزلة وشبههم‪ ....‬والقدرية والإباضية والمعتزلة وشبههم‬ ‫من أهل الأهواء لا يقطع بخلودهم فيها‪ ،‬وأهل الأهواء يقطع على أنهم‬ ‫لا يخلدون في النار كالمصرين على الذنوب»"'‪.‬‬ ‫‪-٦‬۔‏ وكالمرجئة من أهل الأهواء‪« :‬أو يُذكر عنه أنه من أهل الأهواء في دينه‬ ‫الاستذكار‪.)٤٩٨/٦( ‎‬‬ ‫(‪)١‬‬ ‫البيان والتحصيل‪.)٤٠٩/١٦( ‎‬‬ ‫(‪)٢‬‬ ‫البيان والتحصيل‪.)٤١٦!١٦( ‎‬‬ ‫(‪)٣‬‬ ‫البيان والتحصيل‪.)٤١٣/١٦( ‎‬‬ ‫(‪)٤‬‬ ‫‏‪٢٠١‬‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬الملاقة الفكرية‬ ‫‪-‬‬ ‫‪٦‬‬ ‫مثل الإباضية والمرجئة فلا تقبل شهادته إذا تواطأ الكلام عليه‪‎‬‬ ‫‪٨('.‬هكلذب‪‎‬‬ ‫أما في كتب التاريخ المالكي فإن الإباضية لا يفرق بينهم والصفريةء‪‎‬‬ ‫إلا في الحكم على القعدة؛ فالإباضية أشد عليهم في الحكم‪« :‬الصفرية‪‎‬‬ ‫وهم موافقون للإباضية إلا في القعدة يعني الذين يقعدون عن القتال‪‎‬‬ ‫معهم‪ .‬فإن الإباضية أشد على القعدة منهمإ وربما تشعبت هذه الآراء‪‎‬‬ ‫بعد ذلك"‪ .‬رغم أن الإباضية هم القعدة أنفسهم سماهم بذلك‪‎‬‬ ‫الأزارقة عندما رفضوا قتال المسلمين كما أشرنا إليه في مبحث‪‎‬‬ ‫التعريف بالمذهب"‪‎.‬‬ ‫البيان والتحصيل ‏(‪.)١١/١٠‬‬ ‫الاستقصا لأخبار دول المغرب الاقصى ‏(‪.)١٦٤/١‬‬ ‫والعجيب أن الصفرية والإباضية يتفقون على القعود‪ ،‬ويرون أنه الخط الاسلم من خط‬ ‫المواجهة الذي اتبعه نافع بن الأزرق‪ 6‬وإنما تحول فكر الصفرية لاحقا إلى مواجهة‬ ‫المسلمين من نوع آخر‪ ،‬يقول الاستاذ ناصر السابعي‪« :‬وتذكر بعض المصادر أن ابن صفار‬ ‫خالف نافعا في أمور غير أنه لا تحدد المصادر نوعية تلك المخالفة فبينما يقول بعضها‬ ‫بان ابن صفار بريء من عبدالله بن إياض وبرئ من ابن الازرق‪ ،‬يقول بعضها بان الصفرية‬ ‫أخذوا بقول عبد الله بن إباض وراوا القعود‪ .‬والذي يظهر أن الاتفاق بين عبدالله بن صفار‬ ‫والإباضية إنما هو في أمر القعود عن الخروج" وهي المسالة الني خالف فيها نافع بن‬ ‫الازرقء وهذا واضح من المقارنة بين راي نافع وكلام عبدالله بن إباض الآتي‪ ،‬ومن نظرة‬ ‫عبدالله ين صفار إلى ابن الازرق بانه «غلاء وإلى ابن إباض بأنه «قصرء‪ .‬وهذا هو تفسير‬ ‫ما تذكره بعض المصادر من أن الأزارقة والصفرية استحلوا السبي والغنيمة‪ ،‬وما يذكره‬ ‫بعضها أيضًا من أنه «قام نجدة بن عامر وعبدالله بن صفار فدعوا إلى مثل ما دعا إليه نافع‬ ‫غير انهما خالفاه في أمور برئا منه عليها جميعا‪ .‬وعليه يكون معنى وصف ابن صفار‬ ‫نافع بن الازرق بالغلو لاجل قطعه العذر في القعود وإيجابه القتال" ومعنى رصفه ابن‬ ‫إباض بالتقصير لعدم حكمه على المخالفين بالشركا وعلى هذا يكون راي الصفرية كراي‬ ‫النجدات‪ ،‬ويكون التمييز بينهما تمييز نسبة لا غير‪ .‬والذي يؤيد هذا أن ينسب إلى الصفرية‬ ‫عين ما ينسب إلى النجدات من إباحتهم المناكحة والموارثة بينهم وبين مخالفبهم؛ واكل =‬ ‫الإباضية والمالكية في الغرب الإسلامي‬ ‫تر‪:‬ة‬ ‫‪:‬‏‪٢٢‬‬ ‫كل هذا جعل الحكم على الإباضية شديداء وإن لم يصل إلى حد‬ ‫التكفير في الغالب كما هو رأي الإمام سحنون ومعظم أصحاب الإمام مالك©‬ ‫إلا أن بعض متأخري المالكية ممن توفرت لديهم قناعة نظرية عبر تلك‬ ‫الأوصاف لم يتردد في الحكم بضلال الإباضية‪ .‬وبالتالي الحكم ببطلان‬ ‫وصاياهم؛ أو حتى هدم مساجدهم إذا بنيت قريبا من مساجد المالكية لأنها‬ ‫عندئذ ستكون مساجد ضرار مثل الفتاوى التي يحكيها الإمام الونشريسي”ؤ‪.‬‬ ‫ومن خلال نصوص الونشريسي واستقراء كتابه المعرب؛ نجد أنه لم يخرج‬ ‫أيضا عن النظرة التقليدية للإباضية‪ ،‬وبالتالي فإن الحكم عليهم لن يكون‬ ‫بعيذا عن تلك الأجواء‪.‬‬ ‫والأاوصاف التي قيلت في الإباضية ليست صحيحة البتة وبين يدينا‬ ‫الآن مختصر البسيوي وما فيه من النصوص كافية في الر على كل ذلك"‬ ‫فليست هناك أهواء ولا ضلالات‘ وليست هناك علاقة بين الإباضية‬ ‫والخوارج" وكذلك ليست لهم علاقة بالمعتزلة والمرجثة بل إن الثابت‬ ‫تاريخا أن الإباضية يعود إليهم الفضل في إنهاك الصفرية والمعتزلة في‬ ‫الغرب الإسلامي‪ ،‬وذلك على مستوى الحروب والمناظرات يقول الدكتور‬ ‫أحمد إلياس ۔ مالكي ۔ عن ثورة أبي الخطاب المعافري الإباضي‬ ‫(ت‪١٤٤ :‬ها)‪:‬‏ «ثم بدأ في التوجه نحو المغرب وذلك لأن فرقة الصفرية‬ ‫تمكنت من السيطرة على القيروان‪ ،‬وكان سلوك الصفرية على نقيض‬ ‫الإباضية في طرابلس فاستحلوا المحارم وارتكبوا الكبائر‪ ...‬وربطوا دوابهم‬ ‫= ذبائحهم‪ ،‬وعدم قتل الاطفال والنساءا وعذر القعدة‪ .‬وتضيف بعض المصادر أن الصغرية‬ ‫أجازوا أيضا ينظر‪ :‬الخوارج والحقيقة الغائبة (ص ‪)١٨٣‬۔‏‬ ‫‏(‪ )١‬ينظر‪ :‬البيان المعرب والجامع المغرب أو العباس أحمد بن يحيى الونشريسي‬ ‫(ت‪٩١٤ :‬ها)‪6‬‏ وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بالمملكة المغربية ۔ الرباط‪6‬‬ ‫‏‪١ ٤٠١‬ها‪١٩٨١‬م‪١١٧/٧١( .‬۔‪.)١٥١-١٥٠/١٠( )٣٦٢‬‬ ‫ط‪:‬‬ ‫‏‪٢٠٢‬‬ ‫‪, .‬‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬الملاقة الفكرية‬ ‫‪7‬‬ ‫كري‬ ‫بالمسجد الجامع‪ ،‬واستبيحت الاموال والدماء بدون حسصاب©ؤ فضج‬ ‫المسلمون واستنجدوا بإباضية طرابلس‪.‬‬ ‫ولما كان أبو الخطاب يعمل لتأسيس جمهورية إسلامية يسود فيها العدل‬ ‫وتطبيق مبادئ الإسلام؛ فقد عقد العزم على حرب الصفرية‪ .‬سار أبو الخطاب‬ ‫بجنوده نحو القيروان واحتل قابس التي كان الصفرية قد استولت عليها ثم‬ ‫واصل زحفه على القيروان‪ ،‬وتمكن من هزيمة الصفرية‪ ،‬ودخل القيروان عام‬ ‫‪١٤١‬ه‪٧٥٨/‬م‪،‬‏ وضرب أبو الخطاب المثل الأعلى في حروبه إذ لم يحدث‬ ‫ما اعتاد أهل القيروان مشاهدته بعد نهاية الحروب؛ فلم تمتد يد جنوده إلى‬ ‫جثث أعدائهم‪ ،‬والتزموا بحدود الانتصار‪ ،‬فلم يسلبوا ميئاء ولم يتعرضوا‬ ‫لسكان القيروان وأموالهم‪ .‬وكان لذلك السلوك وقع حميد في نفوس سكان‬ ‫المنطقة‪ ،‬فتولى عبدالرحمن بن رستم إدارة القيروان" ورجع أبو الخطاب‬ ‫إلى طرابلس‪ .‬أما الصفرية فقد اتجهوا إلى المغرب الاقصى حيث استقروا‬ ‫هناك واختطوا مدينة سجلماسة التي أصبحت مركرًا لتجمعاتهم»'‪ .‬وقد كان‬ ‫سبب هذه الثورة التي قام بها أبو الخطاب هو حماية أهل القيروان من‬ ‫الصفرية الذين أفسدوا في الأرضه"‪.0‬‬ ‫وقد سجل الإباضية الأوائل مواقف واضحة من انحرافات الصفرية‪.‬‬ ‫واتهموهم بالضلال؛ لأن كل ما جاءوا به يخالف الكتاب والشئة وما عليه‬ ‫المسلمون‘ يقول أبو حفص عمروس بن فتح الإباضي (ت‪٢٨!٢ -:‬ها)‪:‬‏‬ ‫وقالت الصفرية بتشريك أهل الكبائر من أهل التوحيد‪ ،‬واستحلوا سبي‬ ‫(‪ )١‬الإباضية في المغرب العربي (ص‪ ‎‬۔)‪٦١‬‬ ‫‏‪ .١١٣/٦٢‬الإباضية‬ ‫‏(‪ )٢‬للاستزادة ينظر‪ :‬ابن غزاري المراكشي ‏‪ .٠١‬العبر" ابن خلدون"‬ ‫‏‪ .٢٤‬الطبقات‪ :‬الدرجيني"‬ ‫التاريخ‪ .‬الحلقة الثاللة‪ .‬علي يحيى معمر‪ .‬ص‬ ‫ني موكب‬ ‫‏‪.٢٩١‬‬ ‫الإباضية والملكية في القرب الإسللمي‬ ‫رة‬ ‫ئ‏‪٢٤‬‬ ‫ذراريهم‪ 3‬وغنيمة أموالهم جرأة على الله‪ ،‬ديئا لم يشرعه الله‪ ،‬ولم يسر بسيرته‬ ‫نبي الله نت ؛ وتاولوا على ذلك تأويل شبهة خالفت الحق‪ ،‬وخرجت من‬ ‫العدل‘ فدخل عليهم من الضلال ما لا نهاية له‪ .‬وتناقض قولهم فأاجازوا‬ ‫مناكحة أهل القبلةث وأكل ذباتحهم‪ ،‬وأجازوا شهادتهمإ والقيام بين أظهرهم؛‬ ‫واستحلوا نكاح ذوات البعولة من غير موت أزواجهن ولا طلاق‪ ،‬وانتحلوا‬ ‫الهجرة‪ ،‬وزعموا أنها كهجرة الرسول تة فهذا مما لا يحصى من فريتهم‬ ‫وخدعتهمإ فاخذوا ما أحبوا وتركوا ما كرهوا»'‪ .‬فكيف يجمع بعد هذا بين‬ ‫الإباضية والصفرية في قرن واحد‪.‬‬ ‫إن كل هذا يعزز ما ذهبنا إليه من أن المعلومات التاريخية المغلوطة عن‬ ‫الإباضية في المشرق هي التي شوشت على مالكية الغرب في الحكم؛‬ ‫ولربما تأئد ذلك لدى المالكية بوجود فرق منشقة عن الإباضية انتهجت‬ ‫مناهج مشابهة لفعل الخوارج حسب التاريخ المنقول‪.‬‬ ‫وإذا كان الإباضية يفارقون الصفرية جملة وتفصيلا؛ فإنه كذلك ليست‬ ‫بينهم وبين المعتزلة أدنى علاقة تاريخية أو فكرية‪ .‬اللهم إلا في المسائل‬ ‫العقدية الثلاث التي أشرنا إليها سابقا‪ .‬وقد وَجَدَث من أهل السُئة من يقول‬ ‫بها‪ .‬أما في ميادين القتال والمناظرة فقد كان بينهم والإباضيّة سجال عنيف‬ ‫في الفرب الإسلامي‪ ،‬يقول الشماخي عن الإمام عبد الوهاب (ت‪٢٠٨ :‬ها)‪:‬‏‬ ‫«وكان للإمام مع المعتزلة حروب ومناظرات ووقائع‪ ،‬وكان الإمام من العلماء‬ ‫الراسخينه' ثم قال وهو يصور إحدى المناظرات العلمية بين علماء‬ ‫الإباضية والمعتزلة قبيل المعركة من أجل إقامة الحجة‪« :‬ثم إن الإمام دعا‬ ‫المعتزلة إلى ترك ما به ضلوا وأبوا إلا التمادي‪ ،‬وطلبوا المناظرة‪ ،‬فخرج‬ ‫(‪ )١‬أصول الدينونة الصافية (ص‪.)٥٢ ‎‬‬ ‫(‪ )٢‬كتاب السير‪١( ‎‬ا‪.)١٥٥/‬‬ ‫‏‪٢٠٥‬‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬الملاقة الفكرية‬ ‫‪-‬‬ ‫‪٦‬‬ ‫عالمهم وبرز إليه المهدي بين الصفين‪ ،‬ومعه الإمام في جماعة المسلمين‪‎.‬‬ ‫نقال مهدي لمحمد بن يانس‪ :‬تَاظره‪ .‬قال‪ :‬بل ناظره أنت© ولست باعلم مني‪‎.‬‬ ‫ولكن خشيت العرق الذي في من قبل يانس‪ .‬فتناظرا حتى غاصا بحيث‪‎‬‬ ‫لا يفهم ما يقولان من الحاضرين إلا الإمام‪ ،‬فتمادى بهم البحث حتى خفي‪‎‬‬ ‫عن الإمام وغيره‪ ،‬فأفحمه مهدي" فكر المسلمون‪ ،‬فافترقا من المناظرة وقد‪‎‬‬ ‫خزي المعتزلة فخرج حاميتهم طالبا للبرازه فخرج إليه أيوب جابا فرسه‪‎‬‬ ‫حتى أبصره الفريقان‘ فتجاهل حين ازداد الركوبث فأضحك الفريقين‪‎‬‬ ‫واستبشر المعتزلة وازدرته أعينهمإ إلا أباه‪ ،‬فقال‪ :‬هيهات جاء قاتل ابني‪‎.‬‬ ‫قالوا‪ :‬وكيف ذلك؟‪ .‬قال‪ :‬ألا ترون كيف أدلى فرسه حين ركبه‪ ،‬ولا يفعل‪‎‬‬ ‫الفرس ذلك إلا تحت الفارس الحاذق»«_‘‪‎.‬‬ ‫أما تهمة تكفير الإباضية للمسلمين بالذنوب فليست صحيحة وليسوا هم‬ ‫كالخوارج في ذلك فالإباضية يكفرون المسلمين ولا يحكمون بالكفر‬ ‫على مرتكب الذنوب‪ .‬ولكن الإشكال الذي وقع فيه من كتب عنهم هو‬ ‫«المصطلح»‪ ،‬فالإباضية يقولون بأن مرتكب الكبيرة «كافر»‪ ،‬ولكنهم يقصدون‬ ‫به كفر النعمة ولهم في ذلك مجموعة من الحجج"'‪ ،‬يقول العلامة الخليلي‬ ‫وقد أورد مجموعة من الأدلة على أن مرتكب الكبيرة يطلق عليه لغة كافر‬ ‫ويعني أنه كافر كفر نعمة‪« :‬وإن تعجب فعجب ممن ينكر هذا القسم من‬ ‫الكفر بعد ثبوته بالكتاب والسُئة‪ ،‬ويشئع على الإباضية بأنهم يقولون به‬ ‫ويلقيهم ۔ بسبب ذلك ‪ -‬في مصاف الخوارج الذين يكفرون أهل التوحيد‬ ‫‏(‪ )١‬نفسه ‏(‪ .)١٥٦/١‬طبقات المشايخ ‏(‪ .)٦/١‬وللإباضية في الغرب الإسلامي كتب مطبوعة في‬ ‫الرد على المعتزلة والشيعة مثل كتاب هالرة على جميع المخالفين» لابي خزر يغلا بن‬ ‫زلتاف الوسياني الحامي الإباضي‪.‬‬ ‫(‪ )٦٢‬ينظر‪ :‬جامع آبي الحسن البسيوي‪.)٧٨/١( ‎‬‬ ‫الإباضية والمالكية في الغرب الإعلنمي‬ ‫‪:‬ترة‬ ‫‪-‬‏‪٢٠٦‬‬ ‫تكفيرا يخرجهم من الملة‪ .‬وأنت إذا تدبرت كلام المحققين من المحدثين‬ ‫وغيرهم وجدتهم يصرحون بصحة ما ذهب إليه أصحابنا من تكفير مرتكب‬ ‫لا كفر شرك‘ وكفى بإمامي المحدثين ‪ -‬البخاري ومسلم ۔‬ ‫الكبائر كفر نعمة‬ ‫صحيحيهما بهذا الكفر غير مرة‪ .‬وقد مر بك كلام الإمام‬ ‫اللذين صرحا في‬ ‫في مقدمة أئمة المالكية فقها وحديئا وتفسيرا‪ ،‬وتجد نحوه‬ ‫ابن العربي‪ ،‬وهو‬ ‫في شرحه على صحيح مسلم ومثله ما قاله المحققون من‬ ‫في كلام النووي‬ ‫شزاح البخاري كالحافظ ابن حجر في فتح الباري‪ ،‬والعيني في عمدة‬ ‫القاري‪ ،‬والقسطلاني في إرشاد الساري" وهو الحق الذي لا غبار عليه»_'‪.‬‬ ‫وقد أدرك مقصود الإباضية العلامة الطاهر ابن عاشور عندما تبين له‬ ‫ذلك من خلال الإباضية أنفسهم فقال‪« :‬وقالت الإباضية من الخوارج‪ :‬إن‬ ‫تار بعض الواجبات كافر لكن كفره كفر نعمة لا شركا نقله إمام الحرمين‬ ‫عنهم؛ وهو الذي سمعناه من طلبتهم‪ .‬وأما المعتزلة فقد وافقوا الخوارج في‬ ‫أذ للأعمال حظا من الإيمان‪ ،‬إلا أنهم خالفوهم في مقاديرها‪ .‬ومذاهب‬ ‫المعتزلة في هذا الموضع غير منضبطة فقال قدماؤهم وهو المشهور عنهم‪:‬‬ ‫إن العاصي مخلد في النار لكنه لا يوصف بالكفر ولا بالإيمانث ووصفوه‬ ‫بالفسق وجعلوا استحقاق الخلود لارتكاب الكبيرة خاصة وكذلك نسب‬ ‫إليهم ابن حزم في كتاب الفصل وقال واصل بن عطاء الغزال‪ :‬إن مرتكب‬ ‫بإيمان ولا كفر‪ ،‬فيفارق بذلك‬ ‫الكبيرة منزلة بين المنزلتين؛ اي‪ :‬لا يوصف‬ ‫قول الخوارج وقول المرجثةه؛"‪.0‬‬ ‫(‪ )١‬جواهر التفسير" أحمد بن حمد الخليلي" مكتبة الاستقامة‪ .‬سلطنة مان ط‪.)١٨٤/٢( ١ ‎‬‬ ‫‏(‪ )٢‬التحرير والتنوير المعروف بتفسير ابن عاشور‪ ،‬محمد الطاهر بن محمد بن محمد‬ ‫الطاهر بن عاشور التوني (المتوفى‪١٣٩٢ :‬ه)‏ مؤسسة التاريخ العربي" بيروت ‪ -‬لبنان‬ ‫ط‪ :‬‏‪١٤٢٠ ١‬ه‪٢٠٠٠/‬م (‪.)٢٦٤/١‬‬ ‫‏‪٢٠٧‬‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬العلاقة الفكرية‬ ‫‪-‬‬ ‫فذ‬ ‫لا مكان لمعتقدهم عند الإباضية‪ .‬بل هم من أوائل من‬ ‫والمرجئة كذلك‬ ‫شئع عليهم عندما جعلوا الإيمان قولا بلا عمل‪ .‬وساورد هنا نصا لأقدم‬ ‫مؤلف إباضي في الغرب الاسلامي‪ ،‬للشيخ عمروس بن فتح‪ ،‬وإنما قصدي‬ ‫بذلك هو بيان مسلك الإباضية منذ البداية‪ ،‬وإلا فإن كل كتب الإباضية‬ ‫القديمة والحديثة مليئة بنفي كل الشبهات التي نسبت إليهم‪ 6‬ولو توفر لدى‬ ‫فرق المسلمين فرصة الاطلاع على كتبهم لما حكموا عليهم بمثل تلك‬ ‫الاحكام'ء يقول عمروس‪« :‬قالت المرجئة‪ :‬إن كل موحد مسلم مؤمن‪ ،‬وإن‬ ‫لم يذر لله حرمة إلا انتهكها‪ ،‬أو معصية إلا ارتكبها خلانا لما قال الله وتركا‬ ‫لما حكم؛ جرأة على الله‪ ،‬ونقضًا لقول الله بمكابرة‪ ...‬وقد شرع الله ديئًا نقيا‬ ‫صافيا خالصًا‪ ،‬ليس فيه ند ولا قذر ولا ظلم ولا منكر ولا يدان فيه بمعصية‬ ‫الرب‪ ،‬ولا يتولى فيه عدو وليس يساعدهم على مقالتهم إلا سفيه أو فاجر‪،‬‬ ‫يرتع في رياض الهوى‪ ،‬ويتجرأ في الشهوات‪ ،‬جرأة العصاة على معصية الله‬ ‫وإسخاط ربهم»"'‪.‬‬ ‫من كل هذا يتبين لنا أن سبب الحكم على الإباضية لدى المالكية هو‬ ‫اعتبار الإباضية من الخوارج اسما ومضموئا‪ ،‬وهو ما ليس له حقيقة في‬ ‫الواقع‪ ،‬ولكن مشكلة المالكية أنهم سجلوا منذ البداية موقما صعبا من‬ ‫«أهل الأهواء والبدع»‪ ،‬دون التفريق بين‬ ‫المخالفين الذين يجمعهم مصطلح‬ ‫‏(‪ )١‬من هؤلاء الدكتور وهبةالزحيلي" أستاذ ورئيس قم الفقه الإسلامي وأصوله بجامعة‬ ‫دمشق كلية الشريعة ۔حيث قال بعد أن توفرت له الفرصة لزيارة مان والاطلاع على‬ ‫كتب الإباضية‪« :‬هذا‪ ...‬وإني أعلن رجوعي عما كتبته عن الإباضية في الطبعة السابقة‪.‬‬ ‫لتبين الخطأ فيهء‪ .‬الفقة الإسلامي وادلثة الشامل للادلة الشرعية والآراء المذهبية واهم‬ ‫النظرات الفقهية وتحقيق الاحاديث الئبوية وتخريجهاء أ‪.‬د‪ .‬هبة الرحيلي‪ .‬دار الفكر ۔‬ ‫سورئة ۔ دمشق‪ .‬ط ‏‪.)٤٤/١( ٤‬‬ ‫(‪ )!٢‬أصول الدينونة الصافية (ص‪.)٥٤ ‎‬‬ ‫الإباضية والمالكية في الغرب الإعللمي‬ ‫دا‬ ‫‏‪٦‬‬ ‫هذا وذلك‪ .‬وتحت هذا الشعار لا تجوز مساكنتهم أو حتى الصلاة عليهم أو‬ ‫المالكية‬ ‫وإلا فإن من‬ ‫بعدك‬ ‫النظر ني كتبهم(‪ .‬وهذا طبعا بالنسبة للحكم عن‬ ‫من ساكن الإباضية الاصل كما أشرنا إليه سابقا في مطلب العلاقة التاريخية‪.‬‬ ‫وتبين له حقيقتهم وأنهم بخلاف الخوارج تماما‪ ،‬ومنهم من ساكن طائفة‬ ‫النكار فظن أنهم الإباضية فطبق عليهم موقف المالكية من أهل الأهواء‬ ‫والبدع‪ ،‬وذلك حقه في النهاية" بل إن ذلك هو مسلك الإباضية أنفسهم مع‬ ‫النكار كما أشرنا إليه أيضًا۔‬ ‫(‪.)١٤٩/١٨( )٣٨٠/١٦‬‬ ‫(‪ )١‬المدونة (‪)١!٧٦/١‬ء الذخيرة (‪)٣١٤/١٣‬ء البان والتحصيا‪‎,‬‬ ‫خانعة الخصل‬ ‫يتضح من خلال هذا الفصل أن العلاقة بين المذهبين يتسم غالبها‬ ‫بالهدوء والاستقرار‪ ،‬وغياب الأجواء العلمية بطريقه الأخذ والرد والنقاط‬ ‫التالية ستوضح المراد‪.‬‬ ‫‪١‬۔‏ غالب مناطق الاحتكاك العلمي والسياسي بين الإباضية والمالكية‬ ‫في الغرب الإسلامي وقد تبدى في أشكاله السياسية أكثر من‬ ‫العلمية‪.‬‬ ‫‪٢‬۔‏ يشيع جو من التسامح بين المذهبين على مستوى تبادل السفراء‬ ‫السياسيين والعلماء والتلاميذؤ وعلى مستوى إقامة حلقات العلم ودور‬ ‫العبادة كل في منطقة نفوذ الآخر‪.‬‬ ‫‪٢٣‬۔‏ ستب انتشار فرقة النكارية المتسمية بالمذهب الإباضي كثيرا من‬ ‫الإشكالات في تفسير مقالات مالكية الغرب الإسلامي في حق‬ ‫الإباضية‬ ‫الإباضية حيث تتجه غالب نصوصهم المتشددة في حق‬ ‫النكار‪ .‬وقد ساعدت عزلة الإباضية الوهبية على توفير الأرضية لتلك‬ ‫الاقوال؛ حيث لا يظهر في الساحة إلا النكار‪.‬‬ ‫‪٤‬۔‏ المقولة التي نسبت إلى الإمام مالك عن الإباضية لا تعود بالتحقيق‬ ‫الإباضية والمالكية في الشرب الإسللمي‬ ‫‪.‬‬ ‫فرہذ‬ ‫إليه‪ ،‬بل هي من تفسير تلميذه ابن القاسم" وهو أشبه بالاجتهاد في‬ ‫تصنيف أهل الأهواء عند تلاميذ الإمام‪.‬‬ ‫تصنيف الإباضية من الخوارج في كتب المالكية هو الذي جز الحكم‬ ‫عليهم بمثل الحكم على الخوارج عموما‪ ،‬ويبدو من خلال تلك‬ ‫الاحكام أنه لم تتوفر لدى المالكية فرصة الاطلاع جيدا على حقيقة‬ ‫الإباضية الأصل‪.‬‬ ‫لا تظهر علاقة تاريخية وعلمية بين إباضية المشرق والمالكية سوى في‬ ‫نصين‪ :‬الأول في مقولة الإمام مالك عن خطبة أبي حمزة الإباضي وهي‬ ‫إيجابيهؤ والثانية عند إباضية غمان وزيارتهم للإمام مالك في المدينة‬ ‫وهي إيجابية كذلك‪.‬‬ ‫يتفق الإباضية والمالكية في الكثير من الأصول والمصادر ويختلفون‬ ‫في القليل منها على مستوى أصل واحد هو عمل أهل المدينة‪ ،‬وبعض‬ ‫التطبيقات الجزئية للمصادر‪.‬‬ ‫۔‪_.‬۔__۔۔‪ -.‬ك‪‎‬‬ ‫۔۔۔‪.‬۔ ‪.‬‬ ‫زفتي‪:‬‬ ‫<‪! 5‬‬ ‫وخيم‪:‬‬‫‏‪٠.٦‬‬ ‫ج لربة‪:‬‬ ‫‪34‬‬ ‫رج‬ ‫‪4‬‬ ‫‪7‬‬ ‫‪! 4 <٩‬‬‫&‬ ‫أبو الحسن البسيوي‬ ‫المبحث الأول!‬ ‫المطلب الأول‪ :‬حياته ونشأته‬ ‫‏‪٠‬‬ ‫الطلب والعطاء (الشيوخ والتلاميذ)‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬حياة‬ ‫‏‪٠‬‬ ‫المطلب الثالث‪ :‬مكانته العلمية‬ ‫‏‪٠‬‬ ‫الشيخ ابن أيي زبيد القيرواني‬ ‫المبحث الثاني‪:‬‬ ‫‏‪ ٠‬المطلب الأول‪ :‬حياة الطلب والعطاء (الشيوخ والتلاميذ)‬ ‫الثاني‪ :‬مكانته العلمية‬ ‫المطلب‬ ‫‏‪٠‬‬ ‫المطلب الثالث‪ :‬وفاته‬ ‫‏‪٠‬‬ ‫الرابع‪ :‬مؤلفاته‬ ‫المطلب‬ ‫‏‪٠‬‬ ‫( المختصر والرسالة)‬ ‫مقارنة بين منهجين‬ ‫المبحث الثالث‪:‬‬ ‫المطلب الاول‪ :‬من حيث المنهج‬ ‫‏‪٠‬‬ ‫الثاني‪ :‬مقارنة بين الآراء (كتاب الصلاة نموذجما)‬ ‫المطلب‬ ‫‏‪٠‬‬ ‫الخاتمة‬ ‫المبحث الأول‬ ‫‪ . .‬ع‬ ‫الشيخ ابو الحسن البسيوي‬ ‫المطلب الأول‪ :‬انلتشأة والوفاة‬ ‫لم يكن أبو الحسن بأوفر حظا من علماء عمان في تلك الفترة وبعدها؛‬ ‫فالمصادر التي بين أيدينا لا توفر لنا من نسبه سوى حليته واسم أبيه وجد‬ ‫أبيه ونسبته البلدانية‪ ،‬أما القبيلة فهي الأخرى محل خلاف‪.‬‬ ‫محمد بن علي بن الحسن البسيوي‬ ‫فهو إذن أبو الحسن علي بن‬ ‫اليحمدي الازدي‪ .‬هكذا ينسبه أبو بكر الكندي بينما يذهب أهل بلده إلى‬ ‫أنه شكيلي من بني شكيل وهي قبيلة عدنانية يتصل نسبها إلى عامر بن‬ ‫فيهاا وقد اشتهرت نسبته إليها‬ ‫صعصعة"‪.'١‬‏ وبسيا هي بلده التي ولد وعاش‬ ‫فعلماء تلك الفترة‬ ‫ولا غرو‬ ‫قبيلته موضع خلاف‬ ‫حتى جعلت من تحديد‬ ‫‏(‪ )١‬الجوهر المقتصر‪ .‬أبو بكر أحمد بن عبدالله الكندي" تح‪ :‬سيدة إسماعيل كاشف‘‪ 6‬طبعة‬ ‫وزارة التراث والثقافة بسلطنة غمان‪( ،‬بدون‪ :‬ط) ‪١٤٠٢‬ه‪١٩٨٣/‬م"‪٧‬‏ ص‪.٧‬‏‬ ‫(؟) بنو شكيل قبيلة من النزار بعمان" على المشهور أنهم من عامر بن صعصعة وشكيل لقب‬ ‫لاحد أولاد عامر بن صعصعةا ومنازل بني شكيل سيفهمإ وهي مركزهم المهم‪ .‬وهي‬ ‫محط رحالهم وتقع بالقرب من الغافات‪ ،‬بلاد بني هناة‪ .‬وكلاهما شرقي جبل الكور‬ ‫المعروف لدى الكل‪ .‬وأكثرهم في بلد بسياء بل هي عاصمة إمرتهم حتى اليوم‪ .‬ينظر‪:‬‬ ‫إسعاف الأعيان في أنساب أهل غمان‪ ،‬ص ‏‪.٩‬‬ ‫الإباضية والمالكية في الخرب الإسللمي‬ ‫‏‪٢‬‬ ‫‪٨‬ہرر‪‎‬‬ ‫وما قبلها عرفوا بشهرتهم البلدانية أكثر من قبائلهم كأبي سعيد الكدمي" وابن‬ ‫جعفر الازكوي" وابنأبي جابر الأازكوي‪ ،‬وموسى بن علي الأزكوي©‬ ‫وغيرهم من علماء غمان‪ .‬وكما يبدو فإن النسبة إلى البلدان مصطلح متفق‬ ‫عليه في أقطار العالم الإسلامي آنذاك وخاصة إذا كانت شهرة البلد تمنح‬ ‫صاحبها مكانة أرفع وشهرة أوفر‪.‬‬ ‫وبسيا هي قرية من قرى ولاية بهلا بداخلية عغمان‪ ،‬وقد تسب إليها عدد‬ ‫من علماء غمان كابي عبيدة الصغير عبدالله بن القاسم صاحب أول رحلة‬ ‫عربيةإلى الصينه'‪ ،‬والأزهر بن محمد بن سليمان البسياوي{"'‪.‬‬ ‫ميلاده‪:‬‬ ‫‏‪٠‬‬ ‫لم تحدد لنا المصادر شيئا من ذلك‘ وتلك عادة من عاش في تلك‬ ‫العصور‪ .‬ولأن سنة الميلاد لا يكترث بها عادة إلا بعد نبوغ الشخص وتقدمه‬ ‫في العلم أو الشهرة‪ .‬ورغم توفرهما في أبي الحسن إلا أن سنة الميلاد ظلت‬ ‫مجهولة تخضع للتقديرات باستحضار الأحداث واستقراء المواقف التي‬ ‫شارك فيها‪ ،‬وبالنسبة لابي الحسن فإن الإطار الزمني الذي عاش فيه مليء‬ ‫‪.‬‬ ‫بالاحداث التاريخية والعلمية‪.‬‬ ‫فهو عالم بارز في المدرسة الرستاقية يقترن اسمه باسم شيخه ابن بركة‬ ‫‏(‪ )١‬عبدالله بن القاسم أبو عبيدة الصغير هكذا لقبته الجماعة الإباضية الاولى تشبيها له بأبي‬ ‫عبيدة مسلم بن أبي كريمة الرجل الثاني في المدرسة الإباضية‪ .‬وقد كان ابن القاسم رجلا‬ ‫وقوزا ورعا يكتنز في داخله علما غريزا وعمقا وفهما ناضجًاء وله تجارة مشهورة إلى‬ ‫الصين‪ ،‬بل هو أول عربي وصل إليها (انظر‪ :‬معجم أعلام إباضية المشرق‪ :‬تر‪ :‬‏‪.)١١٧٩‬‬ ‫‏(‪ )٢‬الازهر بن محمد بن سليمان البياوي (حي في‪٦٢٧٧ :‬ه)‏ عالم وشيخؤ من قريةبسياء‬ ‫عاصر الإمام الصلت بن مالك‪ ،‬وكان ممن كره عزله‪ ،‬وكره إمامة راشد بن النظر‪ ،‬ومن‬ ‫الذين بايعوا الإمام عزان بن تميم ‪٦٢٧٧‬ه۔‏ وقد ولاه الإمام عزان على صحار‪ .‬انظر‪ :‬كشف‬ ‫الغمة ‏‪ \٢٦٥/٦‬تحفة الأعيان ‏‪.٢٠٩/١‬‬ ‫‏‪٢١٥‬‬ ‫‪:‬‬ ‫المبحث الأول‪ :‬الشيخ آبو الحسن البسيوي‬ ‫‪-‬‬ ‫‏‪٦‬‬ ‫في مواجهة تيار المدرسة النزوانية‪ ،‬وقد ذكرت بعض المصادر أنه رد على‬ ‫ابرز شيوخها أبي سعيد الكدمي الذي ولد عام ‪٣٠٥‬ه‏ مما يمكن‬ ‫الاستئناس به في تحديد فترة ولادة أبي الحسن؛ لأن بلوغ هذه المرتبة‬ ‫العلمية لا تكون للاحداث ومن لم تتوفر له الآلة العلمية‪ ،‬ولا يتأتى ذلك‬ ‫عادة إلا لأقران أبي سعيد‪ .‬كما نستروح أيضا من خلال تتلمذه على‬ ‫‏‪ ٣٢٠‬وتوفي عام‬ ‫ابي القاسم سعيد بن عبدالله الذي بويع له بالإمامة سنة‬ ‫‪٨‬ه‏ أن ولادته بالتقريب في ووائل القرن الرابع الهجري لأنه يبعد أن‬ ‫يكون عندثذ دون البلوغ‪ .‬ويمكن أن يضاف إلى هذا تتلمذه على أغلب‬ ‫الشيوخ الذين تتلمذ عليهم شيخه ابن بركة} وهؤلاء تعود تواريخ وفاتهم كما‬ ‫تذكرها المصادر إلى ما بين (‪٢٣٣٢-٢٣٢٨‬ه)"'‪.‬‏‬ ‫كل هذا يعطي زمنا تقريبيا يأن ولادة أبي الحصن كانت في بداية العقد‬ ‫الاول من القرن الرابع الهجري"‪.‬‬ ‫نشأته‪:‬‬ ‫‪.‬‬ ‫المصادر التي أغفلت ستة الميلاد لهذا العلم الشامخ أغفلت أيضا تتبع‬ ‫النشأة وتفاصيل أحداثهاء وليس هذا غريبا فكتب التاريخ الإباضية من أصلها‬ ‫قليلة‪ .‬وليس فيها من المكتوب ما يرسم تفاصيل كل قرية واحداث كل زمن؛‬ ‫الغمة والذي يعد المصدر الأول للتاريخ الماني‬ ‫حتى إن كتاب كشف‬ ‫مجهول المؤلف وإن حاول محققه أنه ينسبه إلى سرحان بن عمر بن سعيد‬ ‫(‪ )١‬ينظر‪ :‬كتاب السير والجوابات‪ ،‬مجموعة علماء‪.)١٠٦/٢( ‎‬‬ ‫‏(‪ )٢‬ينظر‪ :‬كتاب إتحاف الأعيان الجزء الاول‪.‬‬ ‫(؟) وهذا بخلاف ما قرره الباحثون الاجلاء الدكتور خلفان المنذري في كتابه «أحاديث الببيوي‬ ‫دراسة وتخريج» ص ‏‪ 0٢٥‬والدكتور عبدالله السيابي في كتابه «المنهج الفقهي للشيخ ابي الحسن‬ ‫البيوي» ص‪،٤٠‬‏ حيث نضا على أن ولادته كانت في أواخر القرن الثالث الهجري‪.‬‬ ‫الإباضية والمالكية شي الغرب الإسلامي‬ ‫‏‪٢٨١٦‬‬ ‫؟‪٢٦‬ررت‪‎‬‬ ‫السرحني الازكوي‪ .‬وعلى كل حال فإن أبا الحسن عاش في قريته كما يعيش‬ ‫أي طفل في سنها حيث تلقى تعليمه الاول من هناك‪ ،‬وقد كانت قريته تضج‬ ‫بالحركة العلمية والشيوخ الأجلاء؛ فلا يستبعد أن يكون هذا أحد النابغين‬ ‫في مدارس النابهين‪.‬‬ ‫وفي الغالب فإن العالم لا ينسب إلى بلده إلا إذا بلغت من الشهرة‬ ‫العلمية مبلعَا تستحق أن يستعاض بها عن القبائل والبطون؛ لأن شرف النسبة‬ ‫إليها عندئذ سيكون أفضل‪ :‬وهذا يعني أن بسيا بلد علم ومعرفة غلبت نسبة‬ ‫ابي الحسن إليها‪ ،‬والمتوخى من أبنائها ۔ والوضع هكذا ‪ -‬أنه يكونوا على‬ ‫هذه الشاكلة من العلم والمعرفة والدراية‪.‬‬ ‫ويبدو أن أبا الحسن لما آنس من نفسه قوة في العلم وؤفرا في آلته رحل‬ ‫إلى بهلا ونزوى للاستزادة من العلم والتلمذة على يد الشيوخ الكبار‪،‬‬ ‫ومعلوم أن نزوى كانت العاصمة العلمية والسياسية لمممان آنذاك‪ ،‬وفيها تتلمذ‬ ‫على يد أبي عثمان رمشقي بن راشدها‪ .‬أما بهلا فقد كانت مستقره الطويلة؛‬ ‫حيث تتلمذ على يد شيخه الاكبر أبي محمد عبدالله بن بركه السليمي‬ ‫البهلوي!"'‪ .‬وقد تولى من بعده قيادة المدرسة الرستاقية والرد على مخالفيها‬ ‫ضمن مناظرات طويلة‪.‬‬ ‫‏‪ ٥‬وناته‪:‬‬ ‫نفس المشكلة تواجهنا في الوفاة‪ ،‬فهي ليست محددة التاريخ وإنما‬ ‫يمكن تحديد الفترة الزمنية التي امتد به العمر فيها‪ .‬من خلال مشاركته في‬ ‫الأحداث السياسية الواردة في زمنه فقد كتب ۔ أي‪ :‬أبا الحسن ‪ -‬سيرة يشرح‬ ‫(‪ ,)١‬معجم أعلام إباضية المشرق‪ :‬تر‪.٧٦١ ‎‬‬ ‫(‪ )٢‬سوف تأتي ترجمته في المطلب الثاني‪‎.‬‬ ‫‪+‬‬ ‫‏‪١٧‬‬ ‫المبحث الأول‪ :‬الشيخ أبو الحسن البسبوي‬ ‫‪‎‬فرہ‪٩‬‬ ‫فيها الملابسات التي أدت إلى البيعة الاولى للإمام حفص بن راشد" أيام‬ ‫مواجهته الدفاعية للمطهر بن عبداللها"' القائد العسكري العباسي عام‬ ‫‏‪ ٣٦٤‬‏‪".‬م‪/٤٧٩‬ه ويبدو أن أبا الحسن كان آنذاك على وفرة في العلم والسن‬ ‫وهما المؤهلان للاستشارة السياسية والعلمية في مثل تلك الأحداث‪ .‬وقد‬ ‫ذكر في سيرته أنه كان يعيد وراءه صلاة الجمعة ظهرا‪ ،‬وأنه غرم الزكاة التي‬ ‫قبضت من قبل الإمام المذكور‪ ،‬وبعد عام ‪٣٦٤‬ه‏ اتجهت نية الإمام حفص‬ ‫إلى العودة إلى الإمامة من جديدك فكان أبو الحسن أحد المستشارين فى‬ ‫جواز ذلك‪.‬‬ ‫وحسب تتبع الأحداث فإن الإمام حفص مكث مدة طويلة لا تقل عن‬ ‫خمس سنوات حتى عاد إلى الإمامة الثانية‪ ،‬يدل على ذلك ما ذكره ابن‬ ‫الأثير أن المطهر استولى على غمان آنذاك ودانت له بالطاعة‪ ،‬وأن الإمام‬ ‫حفص توجه إلى اليمن ليبقى فيها معلما‪ ،‬وإذا صح كلام ابن الأثير أن‬ ‫‏(‪ )١‬الإمام حفص بن راشد (حي بعد‪٣٦٢ :‬ها)ء‏ كانت إماته للدفاع بسبب الغزو العباسي" لكنه‬ ‫لم يكن مرضي الليرة كما يبدو‪ .‬وقد هزم أمام جيش المطهر فاختفى ثم عاد إلى‬ ‫الظهورث فسببت عودته خلاقا بين المممانيين‪ ،‬وقد ساعده القرامطة في تولي الإمامة بعد‬ ‫نهاية دولة بني وجيه ولكنه قتل على يد حملة عضد الدولة البويهي‪ .‬انظر‪[ :‬تحاف الاعيان‬ ‫‏(‪.)٣٠٤/١‬‬ ‫‏(‪ )٢‬بعد وفاة معز الدولة ترك آبو الفرج غمان وآلت إلى عمر بن نبهان الطائي" ولكن الزنج‬ ‫ثاروا عليه وقتلوه ونصبوا على غمان رجلا يدعى ابن حلاجؤ وارسل عضد الدولة العباسي‬ ‫(‪٣٣٨‬ه‏ _ ‪٣٧٣‬ه)‏ حملة بقيادة ابي حرب طعان واستطاع طمان أن ينتصر على الزنج‪.‬‬ ‫واستغل الممانيون هذه الفرصة فانتخبوا الإمام حفص بن راشد إماما لهم فاحس عضد‬ ‫الدوله بالخطر فارسل حملة بقيادة المطهر بن عبدالله الذي هزم الإمام سنة ‪٣٦٤‬ه‏ ولكن‬ ‫المانيون عادوا وعينوا الإمام حفص مرة أخرى إماما لهم إلى أن مات وبعد موته عادت‬ ‫غمان للنفوذ البويهي وعين عليها أستاذ هرمز واليا‪ .‬انظر‪ :‬تحفة الأعيان للسالمي ‏(‪.)٢٤٨/١‬‬ ‫)( الكامل لابن الأثير ‏‪ \٢٤٧-٦٢٤٤/٨‬إتحاف الأعيان ‏‪.٣٠٤/١‬‬ ‫الإباضية والمالكية في الغرب الإسلامي‬ ‫‏‪٧١٨‬‬ ‫رب‬ ‫‪-‬‬ ‫الإمام حفص توجه إلى اليمن ۔ فإن رجوعه لا يكون إلا بعد مدة تكفي‬ ‫لترتيب الأوضاع والتخطيط الاستراتيجي للإطاحة بالمطهر وجيشه وهو‬ ‫ما نقدره بخمس سنوات تقريبا‪ .‬حيث سيفتي أبو الحسن مرة أخرى في‬ ‫إمامته الثانية بعدم جواز عقدها كما أشرنا إلى ذلك‪ .‬لكن غمان كما يبدر‬ ‫ستستقر فترة طويلة في زمنه الثاني بدليل أن بعض تلاميذ أبي الحسن كان‬ ‫يبحث عن لواء معقود يجاهد تحته كما في الرسالة المرفقة في المخطوطة‬ ‫(ب)"'‪ .‬وبمجموع هذه القرائن يمكن اعتبار وفاة أبي الحسن في أواسط‬ ‫العقد الثامن من القرن الرابع الهجري؛ لأنه يبعد أن يكون قد عمر طويلا‬ ‫بيعة الإمام‬ ‫بعد فقده للىمع‪ .‬وهمي الفترة التي كان مستشارا فيها حول‬ ‫حفص‪.‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬حياة الطلب والعطاء (الشيوخ والتلاميذ)‬ ‫‏‪ ٠‬اولا‪ :‬حياة الطلب‬ ‫كان أبو الحسن أحد الذين استيقظوا على صوت العلم الذي تردد في‬ ‫بلده بسياء فلما فتح عينيه كانت مدارس بسيا تقدم للامة مجموعات‬ ‫تلاميذها‪ ،‬بداية من عبدالله بن القاسم‪ .‬وعلى بعد مسافة قريبة من بسيا‬ ‫لا تتجاوز خمسة كيلو مترات‪ ،‬كان شيخه الكبير أبو محمد عبدالله بن بركة‬ ‫يقيم مدرسة في بهلا تضم أقساما داخلية وفصولا دراسية‪ .‬يذكر المؤرخون‬ ‫أنه تخرج منها ثمانون عالما من المغرب وحدها" لكن أبرز تلاميذها على‬ ‫(‪ )١‬وينظر أيضا‪ :‬إتحاف الاعيان؛ للبطاشي‪ ‎‬۔)‪(١/٢٠٢‬‬ ‫‏(‪ )٢‬سوف أشير إليها في نهاية هذا القسم عند الحديث عن المخطوطات المعتمدة‪.‬‬ ‫‏(‪ )٣‬الإمام ابن بركة‪ :‬حياته وفكره ومدرسته‪ ،‬ضمن أعمال ندوة «قراءات في فكر ابن بركة‬ ‫البهلوي»‪ ،‬أحمد بن سعود السيابيش ص ‏‪ 0٢٠‬نقلا عن الشيبة محمد بن عبدالله السالمي‪.‬‬ ‫‏‪٢١٨‬‬ ‫المبحث الأول‪ :‬الشيخ آبو الحسن البسيوي‬ ‫‪-_-‬‬ ‫‪٦‬‬ ‫الإطلاق أبو الحسن البسيوي ‪ -‬حيث لازم شيخه ملازمة طويلة وحمل عنه ۔‬ ‫كما يقول العوتبي«‪ -‬فقه المذهب الإباضي‘ بل تولى فيما بعد إدارة شؤون‬ ‫هذه المدرسة وتحدي مخالفيها في المنحى السياسي‪.‬‬ ‫وبحكم القرب المكاني بين بهلا ونزوى فقد كان آبو الحسن يتنقل‬ ‫بينهما‪ .‬ولربما كان ذلك في مرحلة الطلب حيث من الثابت تتلمذه على يد‬ ‫العالم النزواني رمشقي بن راشد‪ ،‬ومحمد بن أبي الحسن النزواني‪ ،‬كما ذكر‬ ‫ذلك البطاشي في إتحافه"'‪ .‬ذلك لأن نزوى آنذاك تمثل العاصمة العلمية‬ ‫والسياسية لتممان‪ ،‬وبها أكبر المدارس العلمية وأشهر العلماء الئمانيين؛‬ ‫فليس غريبا أن يرد إليها طلاب العلم من أقطار غمان المختلفة‪ .‬ولقد ظلت‬ ‫كذلك حتى عام ‏‪ ١٩٠٦‬للميلاد‪ ،‬حيث انتقلت العاصمة فيما بعد إلى مسقط‪.‬‬ ‫وليس لدينا دليل على رحيل البسيوي إلى نزوى لتلقي العلم إلا من‬ ‫خلال استثناسنا بتتلمذه على بعض علمائها المشهورين لكن هذا الاستئناس‬ ‫يعكر عليه أن هؤلاء العلماء محسوبيون تاريخيا على المدرسة الرستاقية‪.‬‬ ‫فليس بعيدا أن يكونوا قد انتقلوا إلى بهلا لينضموا إلى مدرسة ابن بركة‪،‬‬ ‫لأن مرحلة الطلب من هؤلاء كما يبدو جاءت بعد الدخول في مدرسة ابن‬ ‫بركة} ومعلوم أن التحزب العلمي آنذاك كان يمنع الاتصال بالمخالفين في‬ ‫الرأي السياسي خاصة وأن أبا الحسن يعد من الغلاة في أمر موسى بن‬ ‫كتاب‬ ‫ورسائله ‪7‬‬ ‫بذلك سيرته المشهورة‬ ‫وراشد بن ينظر كما تشهد‬ ‫موسى‬ ‫السير والجوابات”"'‪.‬‬ ‫(‪ )١‬الانساب‪ ،‬سلمة بن مسلم العوتبي"‪.)٢٨١/٦٢( ‎‬‬ ‫(‪ )٢‬إتحاف الاعيانث‪.)٣٠٠/١( ‎‬‬ ‫)( لكن الباحث سلطان الشيباني يدلل على أن ثمة توافق بين أصحاب المدرستين النزوانية‬ ‫والرستاقية؛ واستفادة كل مدرسة من الاخرى‪ :‬وهذا انعكاس لما سبق ذكره من جمع =‬ ‫الإباضية والمالكية شي الشرب الإسللمي‬ ‫‏‪٢‬‬ ‫ر!‪.‬‬ ‫‏‪ ٠‬ثانيا‪ :‬شيوخه‪.‬‬ ‫لا يبلغ رجل درجة الاجتهاد والفتيا والمرجعية الدينية والعلمية إلا إذا‬ ‫توفر له جو علمي واسع ينبت فيه نباتا حسنا ويترعرع في أحضان شيوخه‬ ‫وعلمائه‪ ،‬وهذا الذي اغتبط به أبو الحسن وهو ينهل من معين علماء عصره‪٬‬‏‬ ‫ويرتشف من رحيق معارفهم ومواقفهم اتجاه القضايا والمستجدات وقد نوه‬ ‫هو بنفسه بالحكمة العلمية لهؤلاء إلى درجة أنهم معتمدة في أخذ الدين‬ ‫وقدوته في السيرة والحياة يقول‪« :‬سعيد ين عبدالله الإمام‪ ،‬والحواري بن‬ ‫عثمان" وعبدالله بن محمد بن بركة وعيسى بن محمد بن كامل وعبدالله بن‬ ‫محمد وإبراهيم بن عبدالله أبو يعقوب‪ ،‬وغيرهم ممن لم أذكر اسمه معهم‬ ‫فهؤلاء المتاخرون أخذنا عنهم ديننا‪ .‬وقبلنا قولهم فيما غاب عناء وآثارهم‬ ‫حققنا! وهم الأمناء عندنا فيما قالوه‪ ،‬مما قد وعوه وعقلوه من الكتاب والسُئة‬ ‫والإجماع" وقال في موضع آخر‪« :‬ديننا دينهم وقولنا قولهم لا نبتغي به‬ ‫بدلا ولا عنه حولا إن شاء الله وبه التوفيق ولا حول ولا قوة إلا بالله»ه"'‪.‬‬ ‫كلمتهم وسد باب التقرل بغير علمإ ويتجلى ذلك في مظاهر عدة أهمها‪ :‬أن تجد الشيخ نزوانا‬ ‫=‬ ‫وتلميذه رستاقي" او الدكس‪ ،‬ويجتمع عند الإمام الواحد في دولته قضاة من المدرستين‪.‬‬ ‫في هذا القرن سبق الحديث عنهما؛ هما‪« :‬الضياء» ودبيان الشرعء؛‬ ‫وتستوففنا مرسوعتان ضخمتان‬ ‫الاولى لرستاقي‪ 6‬والثانية لنزواني‪ .‬وفي «الضياءء مشلا‪ :‬‏‪ ٣٤٠٤‬رايا لابي سعيد الكدمي عميد‬ ‫المدرسة النزوانية‪ .‬وجملة آراء لأصحابه من بعده‪ .‬وفي هبيان الشرع» مثلا‪ :‬‏‪ ٤٧٠‬رأيا لابن بركة‬ ‫عميد المدرسة الرستاقية‪ .‬و ‏‪ ٦٠‬رأيا لتلميذه ابي الحسن البسيوي" و ‏‪ ٣٥٠‬نقلا عن العوتبي وكتابه‬ ‫الضياء‪ .‬وإذا تجاوزنا عصرنا قليلا فإن المقدم لبيان الشرع ومرتب أبوابه صاحب المصنفث وهو‬ ‫رستاقي" من أعيان القرن السادس»‪ .‬سلطان الشياني‪ 6‬باحث وخبير بالمخطوطات بوزارة الارقاف‬ ‫‏‪.٧٦‬‬ ‫والشؤون الدينية‪ .‬وبحثه هذا مقدم ضمن ندوة تطور العلوم الفقهية في غمان‘ ص‬ ‫‏(‪ )١‬مخطوط ضمن كتاب ه«السير» لمجموعة علماء بمكتبة اليد محمد بن أحمد البوسعيدي‬ ‫تحت رقم ‏(‪ »)٢٢٣‬ص ‏‪.٣٠٥‬‬ ‫)!( السير والجوابات" تح‪ :‬سيد إسماعيل ‏‪.١٠٥ /!٢‬‬ ‫‏‪٢٦٢١‬‬ ‫المبحث الأول‪ :‬الشيخ أبو الحسن البسبوي‬ ‫‪---‬‬ ‫ح‬ ‫أن التنويه بهذه المكانة يعني أن أبا الحسن تعهد في الاخذ‬ ‫ولا شك‬ ‫عنهم والوقوف على علومهم ومعارفهم وورعهم وتقواهم‪ ،‬مع ما في عبارته‬ ‫من وضوح المنحى السياسي الذي اتبعته هذه المدرسة في موقفها من الفتنة‬ ‫أيام الصلت؛ لأن أبا الحسن سيقرر في موضع آخر أن الإمام الذي انتهى‬ ‫إليه الإجماع هو الصلت بن مالك وحده‪ ،‬أما من جاء بعده ممن كانوا قبل‬ ‫أبي الحسن أو في زمنه فلم يقم الإجماع على إمامتهم ولم يسلم لهم موقف‬ ‫دون نقد إلا الإمام سعيد بن عبدالله فإن إمامته مما اتفق عليه أهل عمان‬ ‫كلهم آنذاك‪ .‬وما ذكره الإمام السالمي وبعض الباحثين المعاصرين" من أنه‬ ‫كان راضيا عن ولاية حفص بن راشد الثانية‪ ،‬فليس ذلك واضحا في عبارته‬ ‫بقدر ما كانت تحمل كما من التشاؤم المرتقب من الولاية على نحو قول‬ ‫آن بقيت عذرَحكم رَبستنلدسض‪:‬‬ ‫مرسى نقلا‪« :‬تال عسى ريك‬ ‫م و‬ ‫‪[ 4‬الاعراف‪ :‬‏‪.]١٦٩‬‬ ‫وا‬ ‫ق الأتضِ قَمَنظلرَ كيف‬ ‫ولنأت الآن إلى ذكر هؤلاء الشيوخ ومكانتهم العلمية بما يعطي لمحة‬ ‫يسيرة عنهم‪:‬‬ ‫أولهم‪ :‬أبو محمد عبد الله بن محمد بن بركة السليمي البهلوي‬ ‫(ت‪٣٦٢ :‬ه‪٩٧٢/‬م)‪.‬‏‬ ‫يعد ابن بركة أشهر شيوخ البسيوي كما يعد البسيوي أبرز تلاميذه‬ ‫بعده‘ ولد ابن بركة بصحار في بداية الربع‬ ‫المدرسة‬ ‫والمتولي شؤون‬ ‫الأخير مانلقرن الثالث الهمجري‪ ،‬وليس ذلك مؤكدا وإنما أخذ من قرينة‬ ‫مناظرته للإمام سعيد بن عبد الله الذي بويع له بالإمامة عام‪٣٢٣‬ه‏ وتوفي‬ ‫ابن بركة وآرائه الأصولية ۔ جابر بن علي السعدي‪ ،‬رسالة ماجستير‬ ‫‏‪١‬‬ ‫‏(‪ )١‬تحفة الاعيان‬ ‫‏‪.٢٤‬‬ ‫ص‬ ‫منها‪،‬‬ ‫نسخة‬ ‫لدي‬ ‫لم تطبع‬ ‫الإباضية والمالكية شي الخرب الإسلامي‬ ‫ترة‬ ‫‪2‬‏‪٢٢‬‬ ‫عام ‪٣٢٢٨‬ه‪.'١‬‏ وقيل‪ :‬ولد بمدينة بهلا ما بين عام ‏‪ ٢٩٦‬و ‪٣٠٠‬هے‏ وقد‬ ‫ذكر ذلك الدكتور زهران المسعودي ولم يقدم دليلا عليه"‪.‬‬ ‫وعلى العموم فإن مولده على الأرجح في أواخر النصف الثاني من‬ ‫القرن الثالث الهجري دون تحديد سنة بعينها‪ .‬وليس بعيدا إذا قلنا أنها في‬ ‫منتصف العقد السادس من القرن الثالث الهجري؛ لأن مناظره إمام بحجم‬ ‫سعيد بن عبدالله وقد تجاوز الأربعين لا تكون عادة إلا من أترابه وأقرانه‪.‬‬ ‫وابن بركة من العلماء المحققين الأصوليين في عمان وقد اشتهر‬ ‫بكنيته «أبو محمد» كما اشتهر بكتابه الجامع‪ ،‬حيث جمع فيه بين الأصول‬ ‫والفروع‪ ،‬ولابن بركة مدرسة علمية في بهلا حج إليها طلاب العلم من‬ ‫المشرق والمغرب©‪ ،‬وله مواقف حياتية مشهورة فهو أحد أركان المدرسة‬ ‫الرستاقية‪ .‬ومن مؤلفاته أيضا كتاب التعاريف وكتاب الموازنة وكتاب‬ ‫التقييدس وشرح جامع ابن جعفر وهو حاشية على كتاب الجامع لأبي جابر‬ ‫محمد بن جعفر الأازكوي‪ ،‬وله منشورة في مسائل العقيدة والعبادات‬ ‫‏‪ ٠‬رأيا فقهيا‬ ‫والمعاملات‪ .‬وقد ذكر له الكندي في بيان الشرع‬ ‫وعقديّا'‪ 0‬كما تناثرت أقواله فى كتب المشارقة والمغاربة من أتباع‬ ‫‪.‬‬ ‫المذهب الإباضي‪.‬‬ ‫اعتبره أبو الحسن إمامه في الدين وقدوته في السيرة والعلم ومعتمده في‬ ‫آرائه العلمية والسياسية'‪ .‬ولم يمنعه ذلك من مخالفته في الرأي في عدة‬ ‫مسائل كما نبين ذلك لاحقا بحول الله‪.‬‬ ‫(‪ )١‬ابن بركة وآراثه الاصوليةإ جابر بن علي العديؤ ص‪.٢٤ ‎‬‬ ‫(‪ )٢‬ابن‬ ‫بركة ودوره الفقهي في المدرسة الإباضية‪ ،‬زهران بن خميس المسعودي‪ ،‬ص‪.٥٢ ‎‬‬ ‫(‪ )٣‬الكتابات الفقهية للشيباني ضمن ندوة تطور العلوم الفقهية في غمان؛ ص‪.٧٨ ‎‬‬ ‫‏(‪ )٤‬أشرنا إلى ذلك سابقا وحددنا مرضعه‪.‬‬ ‫‏‪٢٢٢‬‬ ‫‪7‬‬ ‫المبحث الأول‪ :‬الشبخ أبو الحسن البسيوي‬ ‫‪-_-‬‬ ‫‪٦‬‬ ‫ثانيا‪ :‬محمد بن أبي الحسن النزواني‪‎.‬‬ ‫وهو من العلماء المعدودين في زمن أبي الحسن بدليل أن بعض مسائله‪‎‬‬ ‫وأجوبته موجودة في المراجع الإباضية اللاحقة ككتاب الكوكب الدري‪‎‬‬ ‫وهو‪‎‬‬ ‫خميس الرستاقي"‘}‪3‬‬ ‫لعبد الله الحضرمي‪ “ ١‬ومنهج الطالبين للشيخ‬ ‫أيضا على جامع أبي جعفر الازكوى"‪‎.‬‬ ‫المحشى‬ ‫ثالثا‪ .‬آبو مالك غسان بن محمد بن الخضر الصلاني (ق‪). ‎:‬ه‪٤‬‬ ‫من أبرز علماء غمان في القرن الثالث والربع الأول من القرن الرابع‪ .‬له‬ ‫مدرسة علمية مشهورة بمسقط رأسه صحار وفيها أخذ العلم عن شيوخها‬ ‫الكبار أمثال أبي عبد الله محمد بن محبوب وأخيه بشير بن محمد وغيرهم‬ ‫ولابي مالك أقوال فقهية كثيرة في المصادر الإباضية وقد تولى ابن بركة‬ ‫تدوين أقواله التي سمعها منه في كتابه التقييد؛ أي‪ :‬تقييد أقوال أبي مالك‬ ‫والإمام سعيد بن عبدالله بن محمد بن محبوب‘ؤ توفي قبل ‪٣٢٠‬ه‏ كما حققه‬ ‫بعض الباحثين‪.‬‬ ‫وليس لدينا دليل على تلمذة أبي الحسن المباشرة على أبي مالك سوى‬ ‫ما أشار إليه البسيوي في جملة من مقالاته أثناء معالجه موضوع الأزمة‬ ‫السياسية ۔ كما أشرنا إلى ذلك سابقا ۔ وقال عنه في موضوع آخر بما يفيد‬ ‫لقاءه به‪« :‬إنه من بقايا من أبصر الحق وعمل به وبينه لمن جهله وأنكر‬ ‫(‪ )١‬ينظر مثلا الكوكب الدري‪.٨/٧ ‎‬‬ ‫(‪ )٢‬ينظر مثلا‪ :‬منهج الطالبين؛‪.٢٠٣/٦ ‎‬‬ ‫‏(‪ )٣‬ينظر‪ :‬معجم أعلام الإباضية قسم المشرق تر‪ :‬‏‪ ،١٠٨٩‬سيرة ابن مداد ص ‏‪ 0٢٤‬كشف الغمة‬ ‫ص ‏‪ .٤٧٠‬المنهج الفقهي للشيخ أبي الحسن السيابي‪.‬‬ ‫(‪ )٤‬ابن بركة وآراؤه الأاصولية‪ ،‬السعدي ص‪٤٣. ‎‬۔‪٣٣٢‬‬ ‫الإباضية والمالكية في الشرب الإسللمي‬ ‫‏‪٢٢٤‬‬ ‫فر‪٦ ‎‬‬ ‫المنكر على من فعل»ه'‪ .‬ولعل ذلك تم عندما كان أبو مالك في مدينة بهلا‬ ‫حيث قيل‪ :‬إنه نشا بها‪ ،‬وإلا فالثابت أن ابن بركة شيخ البسيوي كان يرحل‬ ‫إليه في بلده صحار وينتقل معه في بعض أسفاره‪ ،‬والذي يظهر من مواقف‬ ‫هذه الرحلات أن ابن بركة كان طالبا صغيرا‪ ،‬لا يملك من العلم سوى تقديم‬ ‫أدب الطالب والمتعلم والحرص على تدوين العلم وتقييد الأثر وإذا كان‬ ‫أبو مالك توفي قبل عام ‪٣٢٠‬ه‏ فإنه عمر آبي الحسن على التقدير كما‬ ‫حققناه سابقا ۔ حوالي عشرون سنة‪ .‬ولعل هذا ما يفر قلة النقل عنه أو‬ ‫الإشارة إليه‪.‬‬ ‫رابعا‪ :‬أبو مروان سليمان بن محمد بن حبيب‪.‬‬ ‫يذكره ابن مداد والبطاشي' من شيوخ أبي الحسن لكنني لم أعثر على‬ ‫دليل واضح يثبت اللقاء به أو المعاصرة‪ ،‬فضلا عن التلمذة‪ ،‬ورغم أن ابن‬ ‫مداد ذكر أنه أبو سليمان بن محمد بن حبيب إلا أن الدكتور عبدالله السيابي‬ ‫لأن‬ ‫في ذلك؛‬ ‫ولا أدري مستنده‬ ‫بن محمد"‬ ‫اعتبره أبو مروان سليمان‬ ‫المشهور بهذه الكنية هو سليمان بن الحكم النزوي" كان واليا في صحار‬ ‫للإمام الصلت‘‪ ،‬وبسبب شدته على المخالفين عزله الإمام فعاد إلى نزوى‬ ‫وتوفي بها‪ ،‬كان ذلك تقريبا في النصف الأخير من القرن الثالث الهجري“‪&٨‬‏‬ ‫يذكر‬ ‫كما‬ ‫محبوب‬ ‫بن‬ ‫وعبد الله ابني محمد‬ ‫وهو الذي تتلمذ على بشير‬ ‫البطاشي«)‪.‬‬ ‫‏(‪ )١‬بيان الشرع للكندي (‪)٢٢١/٣‬۔‏‬ ‫‏(‪ )٢‬السيرة لابن مداد‪٬‬‏ ص ‏‪ 0٢٤‬إتحاف الاعيان للبطاشي‪ ،‬‏(‪.)٥٢٦/١‬‬ ‫‏(‪ )٢‬المنهج الفقهي للشيخ أبي الحسن البسيوي من خلال كتابه الجامع د‪ .‬عبدالله بن راشد‬ ‫‏‪.٤٩‬‬ ‫آم‪ .‬ص‬ ‫مركز الغندور ‪ -‬القاهرة ط‪٠١٠:١‬‏‬ ‫السيابي‬ ‫‏‪.٤٩‬‬ ‫‏)‪ (٤‬المنهج الفقهي لشيخ آبي الحصن‪٥‬‏ السيابي ص‬ ‫(‪ )٥‬تحفة الأعيان"‪.)١٣٥/١( ‎‬‬ ‫‏‪٢٢٥‬‬ ‫المبحث الأول‪ :‬الشيخ أبو الحسن البسبوي‬ ‫‪--‬‬ ‫‪‎‬فرہ‪٦‬‬ ‫أما آبو مروان شيخ البسيوي فالذي أرجحه أنه سليمان بن حبيب" وليس‬ ‫له ترجمة تذكر إلا أن الشقصي عده من علماء عمان ومن طبقة ابي قحطان‬ ‫وابن بركةش ولم يترجم له بأكثر من هذ_(۔‬ ‫خامسا‪ :‬أبو يعقوب إبراهيم بن عبدالله الجوفي‪.‬‬ ‫يذكر البسيوي أنه ممن أخذ عنه الدين وتتلمذ على يديه‪ 6‬إلا أن كتب‬ ‫السير والتراجم المانية فيما بحثت لا تعطي إشارة عن هذا العالم‪ ،‬وحاولت‬ ‫ايضا أن أبحث له عن مسألة في كتب الفقه فلم أجد‪.‬‬ ‫سادساً‪ :‬الإمام سعيد بن عبدالله بن محمد بن محبوب الرحيلي (ت‪٣٢٨ :‬ه)‪.‬‏‬ ‫من الأئمة المشهورين بمممان‪ ،‬وقد كان شيمًا وقوزا وعالمما زاهذا بويع‬ ‫له بالإمامة عام ‪٣٦٢٠‬ه‪،‬‏ وهو أيضا من شيوخ ابن بركة ومن أقران أبي مالك‬ ‫غسان‪ ،‬وكنيته أبو القاسم توفي سنة ‪٣٢٨‬ه‪.""٩٣٢/‬‏ وقد ذكر في الثناء‬ ‫عليه كلام طويل ليس هذا محل سرده"‪.‬‬ ‫سابعاً‪ :‬الحواري بن عثمان‪.‬‬ ‫من علماء النصف الأول من القرن الرابع الهجري وكنيته أبو محمد‬ ‫ذكر الإمام السالمي أنه أول من عقد الإمامة لسعيد بن عبدالله وكان ذلك‬ ‫أي‪ :‬سعيد بن عبدالله ۔‬ ‫على الدفاع'‪ ،‬قال أبو سعيد الكدمي‪ :‬وقد كان معه‬ ‫أبو محمد الحواري بن عثمان وعبدالله بن محمد ومحمد بن الحسن‬ ‫(‪ )١‬منهج الطالبين‪ ")٤٨١/١( ‎‬إتحاف الأعيان‪ ،‬البطاشي‪.)٥٦٦/١( ‎‬‬ ‫)( تحف الاعيان السالمي ‏‪ \٢٠٢/١‬سيرة ابن مداد‪ ،‬عبدالله بن مداد النزوي" (ت‪٩١٧ :‬ه‪١٥١١/‬م)؛‏‬ ‫مسقط\ وزارة التراث‪١٩٨٤ ،‬م‪،‬‏ ص ‏‪ '٢٤‬إتحاف الأعيان‪ ،‬البطاشي ‏(‪.)٢٠٥/١‬‬ ‫(‪ )٢‬للتوسع في ذلك ينظر‪ :‬تحفة الاعيانؤ السالمي"‪.)٢٣٦/١( ‎‬‬ ‫(‪.)٢٣٦/١‬‬ ‫(‪ )٤‬تحفة الاعيان" السالمي{‪‎‬‬ ‫الإباضية والمالكية في الغرب الإعللمسي‬ ‫‏‪٢٦٦‬‬ ‫‪٦‬‬ ‫ومحمد بن زائدة مع نفر لاينكر في الدار فضلهم ولا يجهل عدلهم»'‪.‬‬ ‫النصف الثاني من‬ ‫وليس لدينا بالتحديد تاريخ لوفاته لكنها لا تخرج عن‬ ‫القرن الرابع الهمجري‪.0‬‬ ‫ثامن‪ :‬عيسى بن محمد بن كامل (ق‪٤ :‬ه‪/‬‏ ق ‪٨‬م)‪.‬‏‬ ‫ذكر البسيوي أنه أخذ عنه الدين‪ ،‬وهو فقيه عالم لا شك بهذه المرتبةف‬ ‫إلا أنه لا تتوفر له ترجمة كافية سوى التنويه بعلمه وفضله ومعاصرته لأقرانه‬ ‫الحواري بن عثمان{ ومحمد بن بركة ‪.7‬‬ ‫تاسعا‪ :‬عبد الله بن محمد‪.‬‬ ‫في هذا الاسم‬ ‫يشترك‬ ‫عدد ممن‬ ‫لم يذكر البسيوي نسبه الكامل مع وجود‬ ‫من علماء مان في تلك الفترة ويرجح الدكتور عبدالله السيابي أنه‬ ‫عبدالله بن محمد بن أبي المؤثر بن الصلت بن خميس الخروصي‪ .‬وهو‬ ‫عنه أنه قال‪:‬‬ ‫عالم فقيه بايع الإمام سعيد بن عبدالل‪٬‬‏ وكنيته آبو محمد حكى‬ ‫«لا نعلم في أئمة المسلمين أفضل من سعيد بن عبدالله إلا أن يكون‬ ‫الجلندى بن مسعودةه!'‪ ،‬قتل في وقعة الغشب بالرستاق مع الإمام راشد بن‬ ‫الوليدش وقد كان أبو محمد أول من بايع لراشد بن الوليد مع جماعة معه هم‬ ‫في زمانهم كأمثال المبايعين لسعيد بن عبد الله‪.'١‬‏‬ ‫‏(‪ )١‬نفسه‪.‬‬ ‫(‪ )٢‬إتحاف الأعيان‪ .‬البطاشي‪.٥٦٢٠/١ ‎‬‬ ‫(‪ )٣‬السيرة‪ ،‬البسيوي‪ 6‬ص‪.٣٠٥ ‎‬‬ ‫‏(‪ )٤‬من هؤلاء‪ :‬آبو محمد عبدالله بن محمد بن صالح وآبر محمد عبدالله بن محمد بن‬ ‫محبوب"‪ 6‬وابو محمد عبدالله بن محمد بن ابي شيخه۔‬ ‫(‪ )٥‬المنهج الفقهي للبسيوي" السيابي! ص‪١٥. ‎‬۔‪٠٥‬‬ ‫(‪ )٦١‬تحفة الاعيان الالمي‪.٧٧/١ ‎.‬‬ ‫(‪ )٧١‬تحفة الاعيان" الالمي‪.٢٤١/١ ‎‬‬ ‫المبحث الآول‪ :‬الشيخ آبو الحسن البسيوي‬ ‫‏‪٢٦٧‬‬ ‫‪---‬‬ ‫‪٦‬‬ ‫تلا ميذ‪:٥ ‎‬‬ ‫‪٠‬‬ ‫شخصية بهذا الحجم لا شك أنها تضم تحت جناحها العلمي عددا كبيزا‬ ‫من التلاميذ وقد توفر لابي الحسن ميزتان يكثر بها عادة عدد التلاميذ‬ ‫والمتلقين والدارسين‪:‬‬ ‫الأولى‪ :‬تولى القيادة العلمية والسياسية بعد شيخه ابن بركة وقد بينا‬ ‫سابقا أن لابن بركة مدرسة كبيرة تخرج منها عدد كثيف من العلماء‪ ،‬ولا يظن‬ ‫أن أبا الحسن أوقف هذه المدرسة أو عطل نشاطها‪ ،‬بل نظن أنه من أغناها‬ ‫ووسع نشاطها‪ ،‬وإنا كنا لا نمتلك دليلا على ذلك‪.‬‬ ‫الثانية‪ :‬المرجعية العلمية والفتيا في القضايا العلمية والسياسية؛ ومن‬ ‫بلغ هذه المرتبة لا يمكنه أن ينحصر في زاوية ضيقة بعيدا عن طلاب‬ ‫العلم ومريدي المعرفة‪ ،‬وإذا أضفنا إلى ذلك أنه الوحيد من بين تلاميذ‬ ‫اين بركة من كتب وألف؛ فإن نسبة تجمهر التلاميذ حوله ستكون عالية‬ ‫جدا‪.‬‬ ‫وعلى كل حال فإن الذين جادت بهم المصادر من تلاميذ هذا العالم‬ ‫ثلاثة فقط وحاله في هذا كحال شيخه ابن بركة يذكر من كثرة تلاميذه‬ ‫وطلابه ولا يعرف منهم سوى اثنين فقط‪ :‬أبو الحسن مؤلفنا‪ ،‬وأبو عبداللة‬ ‫محمد بن زاهر‪ ،‬وهذا الآخر ليس له ترجمة تعرف© وإنما كان تقييده لآثار‬ ‫ابن بركة في كتابه التقييد شاهد على أنه من تلاميذه كما حقق ذلك الدكتور‬ ‫جابر السعدي‪.‬‬ ‫‏(‪ )٨‬ابن بركة وآراؤه الاصولية؛ السعدي‘ ص ‏‪ .٣٤-٣٣‬وذكر في ندوة التأليف الموسوعى أن‬ ‫من تلاميذه أيضا أحمد بن محمد بن خالد وليس له ترجمة‪ .‬ندوة التاليف الموسوعى‬ ‫‏‪ .٩١١‬تح‪ :‬مصطفى باجو‪.‬‬ ‫الإباضية والمالكية في الغرب الإمللمي‬ ‫آ‬ ‫فر‬ ‫وأول تلاميذ ابي الحسن‪ :‬محمد بن المختار النخلي‪.‬‬ ‫ويبدو أنه صار مرجعا علميا بعد شيخه أبي الحسن فأقواله منثورة في‬ ‫كتب الفقه من القرن الخامس الهجري“ كما هو الحال في «بيان الشرعء‪٠‬‏‬ ‫حتى كان في بعض المسائل يختم بسكوته على جواز أمر معين‪ ،‬جاء في‬ ‫منهج الطالبين‪« :‬والأموال المفصوبة لا تجوز فيها الإباحةا ولا الدلالة‬ ‫الغاصب‪ .‬وقال‬ ‫ولا البيعؤ إذا كان المشتري لا يتوصل إلى قبضها من يد‬ ‫حيان‪ :‬لأن الإقرار في المغصوب جائز‪ .‬وعرض ذلك على محمد بن المختار‬ ‫فلم يقل شيماء"‪ .‬أما مسنة وفاته فليس هو بأوفر حظا من شيوخه وأقرانه في‬ ‫تحديدها"‪.‬‬ ‫ثاني‪ :‬معين بن معين‪.‬‬ ‫شاعر وناظم ذكر له صاحب «بيان الشرع» مجموعة من الابيات في‬ ‫أفعال العباد"‪ 5‬وقد عده البطاشي واحدا من تلاميذ أبي الحسن‪ ،‬لكني لم‬ ‫أعثر له فيها بحث على مسألة فقهية بخلاف التلميذ الأول محمد بن‬ ‫المختار‪.‬‬ ‫ثالثا‪ :‬سعيد بن قريش ابو القاسم (ق‪ :‬‏‪ ٤‬‏‪).‬هه‪-٥‬‬ ‫فقيه وقاض من علماء النصف الثاني من القرن الرابع والنصف الأول‬ ‫من القرن الخامس الهجري" استأنس الدكتور السيابي بروايته عن أبي الحسن‬ ‫(‪ )١‬منهج الطالبين‪ .‬الشقصيء‪.)٨٧/١٦( ‎‬‬ ‫‪.٢٤‬‬ ‫ص‪‎‬‬ ‫السيرة‪ ،‬ابن مداد‬ ‫(‪(٢‬‬ ‫(‪.)٩ ٠ / ١‬‬ ‫بيان الشرع‪ .‬الكندي‪‎.‬‬ ‫‪(٣‬‬ ‫‏(‪ )٤‬إتحاف الاعيان‪ ،‬البطاشي‪ .‬‏(‪ 6)٥٢١ /١‬المنهج الفقهي لأبي الحسنغ السيابي‪6‬‬ ‫‪.‬‬ ‫‏‪.٥٢‬‬ ‫ص‬ ‫‏‪٢٦٨٩‬‬ ‫المبحث الأول‪ :‬الشيخ أبو الحسن البسيوي‬ ‫‪-=.‬‬ ‫‪٦‬‬ ‫أنه من تلاميذه" كما أشار إلى ذلك أيضا السعدي في معجم أعلام‬ ‫الإباضية"‪.‬‬ ‫وهو من بلدة نزوى‘ كان قاضيا مفتيا من المراجع العلمية الكبار" وحاله‬ ‫في كتب الفقه الإباضي كحال محمد بن المختار السالف الذكر‪ ،‬بل أكثر‪.‬‬ ‫وقد عده الشقصي من حملة المذهب© ومن علماء الدين الذين أسندوه عبر‬ ‫سلسلة من العلماء المتقين أهل الولاية والدين‪.‬‬ ‫ويبدو أنه توفي في بداية النصف الثاني من القرن الخامس الهجري أو‬ ‫قبله لأن ابنه أبا علي الحسن بن سعيد كان من جملة العلماء الذين حضروا‬ ‫وثيقة الاتفاق بين علماء عمان عام ‪٤٤٣‬ه‏ لإنهاء فتنة الصلت كما يذكرها‬ ‫السالمي في التحفة‘'‪.‬‬ ‫رابعا‪ :‬فهم بن أحمد الرستاقي‪.‬‬ ‫أحد العلماء الأجلاء من أهل الرستاق كما ذكره السيابيان'‪ .‬وهو من‬ ‫علماء القرن الرابع الهجري إلا أن المصادر لا تعطي بيانا عنه أكثر من هذا‪.‬‬ ‫واستأنسنا بتتلمذه على أبي الحسن من خلال المسألة اليتيمة التي رواها عنه‬ ‫سعيد بن قريش‪ ،‬فقد جاء في بيان الشرع‪« :‬أخبرني فهم بن أحمد الرستاقي‬ ‫أن الشيخ أبا الحسن يه قال‪« :‬إذا جاء واحد فقال‪ :‬هذه النخلة لفلان" وثان©‬ ‫وثالث" بقدر ما يتحقق في نفسه أنه كذلك ولم يجيء أحد ولا سمع أنها‬ ‫لغير من قد قيل أنها له‪ ،‬أن يشهد بها للذي قالوا أنها له»‪.0٨‬‏‬ ‫(‪ )١‬المنهج الفقهي" عبد الله السيابي ص‪.٥٣‎‬‬ ‫)!( معجم أعلام الإباضية ص‏‪.٧٧‬‬ ‫(‪)٤١٢/١‬۔‬ ‫(‪ )٢‬منهج الطالبين الشقصي‪‎،‬‬ ‫(‪.)٢٦٩/١‬‬ ‫(‪ )٤‬تحفة الأاعيان‪ ،‬السالمي"‪‎‬‬ ‫(‪ )٥‬اصدق المناهج‪ ،‬سالم السيابي ج‪ ،‬ص‪ 0٢٣ ‎‬المنهج الفقهي" عبدالله السيابي ص‪.٥٢‎‬‬ ‫(‪.)٥١/١‬‬ ‫(‪ )٦١‬بيان الشرع (‪)٩٨/٣٣‬ء منهج الطالبين‪ ،‬الشقصي"‪‎‬‬ ‫الإباضية والمالكية في القرب الإطلمي‬ ‫‪7‬‬ ‫ظ‏‪٢٢٠‬‬ ‫المطلب الثالث؛ مكانته العلمية‬ ‫ما كاد أبو الحسن يلمع نجمه في مدرسة ابن بركة حتى توسعت له‬ ‫حلقات العلم واتجهت الأنظار إلى فهمه وعمق تحليله ونقاشه‪ .‬وقد تبدى‬ ‫ذلك عندما تصدى للرد على أقطاب المدرسة النزوانية‪ ،‬واختار من بينهم‬ ‫أصلبهم عودا وأكثرهم علما وأقدمهم مكانة وريادة أبا سعيد الكدمي إذ لم‬ ‫يكن لهذا الرأس من نظير سوى شيخه ابن بركة‪ .‬ومنذ ذلك الحين كان‬ ‫أبو الحسن أحد أقطاب العلم وأصحاب الرياسة والفهم‪ ،‬شدت إليه الرحال‬ ‫واتجهت نحوه الرجال‪ ،‬ينهلون من معين علمه وعميق فهمه‪ ،‬يظهر ذلك في‬ ‫كثرة الاسئلة الموجهة إليه والمستفهمة عن أمور الدين والدنياء سواء كان‬ ‫ذلك للمقلد العامي‪ ،‬أو للقريب العلمي‪ ،‬وسواء كانت الأسئلة في المجالات‬ ‫الدينية عبادة وعقيدة أم في القضايا السياسية وإدارة شؤون الدولةث ولكل‬ ‫هؤلاء المستفهمين وضع كتابه المختصر للخاصة والعامةث لتسهيل فهم‬ ‫أحكام الدين واختصار المسائل الطويلة بالرأي الراجح مع الدليل؛ يدل على‬ ‫ذلك قوله‪« :‬ولو أردنا الإكثار لطال به الكتاب©‪ ،‬ولكنا لم نرد أن نجعل في‬ ‫هذا الكتاب حججًا ولا سنئا ولا إكثازا‪ ،‬وإنما جعلنا نكتب المسائل مجموعة‬ ‫لسرعة المتعلم لهاي‪ 5‬ثم أصبح المختصر عمدة المذهب في الآراء الفقهية‬ ‫كلها إلا قليلا ودرجت كلمة العلماء على العمل بما جاء فيه تحت مصطلح‬ ‫«ما عليه العمل»‪.‬‬ ‫ولطلبة العلم والعلماء وضع كتابه الجامع في أربع مجلدات واتبع فيه‬ ‫طريقة فريدة في عصره تقوم على تصدير المسألة الفقهية بسؤال مفترض ثم‬ ‫الإجابة عليه بطريقة الفقه المقارن"'‪ .‬أما المسترشدون في المناحي السياسية‬ ‫وأحاديث البسيوي‬ ‫البيابي‪،‬‬ ‫أبي الحسن ينظر‪ :‬المنهج الفقهي‪6‬‬ ‫‏(‪ (١‬للتوسع ني معرفة منهج‬ ‫رسالة ماجستير لم تطبع‪.‬‬ ‫للدكتور خلفان المنذري‬ ‫دراسة وتخريج‪.‬‬ ‫‏‪٢٣١‬‬ ‫المبحث الأول‪ :‬الشيخ أبو الحسن البسيوي‬ ‫ل‬ ‫مررة‬ ‫والعلوم الإدارية فله مجموعة من السير تحدد رأيه في مستجدات عصره‬ ‫وموقفه من كل قضية‪.‬‬ ‫جاء في رسالة البرادي‪« :‬وسير الشيخ أبي الحسن علي بن محمد‬ ‫البسياوي وقفت على ثلاثة منها‪ :‬ما هو إلى أهل المغرب كلام في النقض‬ ‫والرد وذكر العقائدا وتسمية أثمة المسلمين من الصحابة والتابعين‬ ‫وغيرهم»( ‪.‬‬ ‫وعالم بهذا الحجم مع ما يتحلى به من الزهد والورع والتقوى لا يمكن‬ ‫أن يتخلى عن مكانته العلمية حتى ولو فقد بعض حواسه‘ كما لا يمكن‬ ‫للناس أن ينقطعوا عن سؤاله والإفادة من علمه مهما كانت ظروفه الصحية‬ ‫كيف وهو المرجع الأكبر في عصره‪ ،‬ولذلك عندما شاخ وفقد سمعه كانت‬ ‫الناس تكتب له على الأرض فيجيبهم صوتا"‪ .‬والكتابة على الأرض يعنى‬ ‫أنه يسأل في كل مكان أين ما حل وظعن يقول آبو محمد عثمان بن عبدالله‬ ‫الأصم‪« :‬كان الشيخ أبو الحسن علي بن محمد البسيانيؤ والشيخ أبو جابر‬ ‫محمد بن جعفر الأركوي أصمين" ولم يبلغنا عن أحد من هؤلاء أنه طعن‬ ‫المسلمون أو أحذ على من صلى خلفهم وكانوا أئمة في الصلاة وأئمة في‬ ‫الدين‪ ،‬يؤخذ بفتواهم‪ ،‬وتنفذ أحكامهم" وتنقل الآثار عنهم؛ وهم صم فيما‬ ‫بلغناس ولم يقدح أحد في ذلك"‪.‬‬ ‫وكيف يقدحون فيهم لمظنة فقد السمع وهؤلاء مراجع البلاد وأعمدة‬ ‫الدين‪ ،‬وقد عدهم من جاء بعدهم امتدادا لأسلافهم من حملة الشريعة وإسناد‬ ‫الدينث وعن طريقهم تم رفع المذهب يقول الشقصي في منهج الطالبين‪:‬‬ ‫‏(‪ )١‬رسالة في تقييد كتب أصحابنا‪ ،‬البراويث ص ‏‪.٢٨٦‬‬ ‫‪)٢٧٩/١٧(‎‬۔‬ ‫الشقصي‪٥‬‬ ‫الطالبين‪‎،‬‬ ‫)‪ (٢‬منهج‬ ‫(‪.)١٦٥/٣‬‬ ‫اللقصي‪‎.‬‬ ‫الطالبين"‬ ‫)‪ (٣‬منهج‬ ‫الإباضية والمقكية في الغرب الإعللمي‬ ‫‏‪٢٢‬‬ ‫‪٦‬‬ ‫«رفع المذهب الشيخ أبو الحسن علي بن محمد البسيوي‪ ،‬وأبو محمد‬ ‫عبدالله بن محمد بن بركة وسعيد بن عبدالله ين محمد بن محبوب ‪ -‬رحمهم‬ ‫لله ۔ ومن كان بعصرهم من المسلمين عن موسى بن علي ومحمد بن هاشم‬ ‫ومن كان بعصرهم‪.\٨»...‬‏‬ ‫ومحمد بن محبوب‬ ‫وقد بدأت مؤلفات البسيوي وآراؤه الفقهية تنتشر بسرعة في أوساط‬ ‫المدرسة الإباضية في المشرق والمغرب قبل أن ينقضي القرن الخامس‬ ‫الهجري" ففي اليمن ألف أبو إسحاق الحضرمي المتوفى بعد ‪٤٨٥‬ه‏ كتابه‬ ‫الدلائل والحجج وضمنه الكثير من أقوال أبي الحسن في كتابه الجامعة"‪.‬‬ ‫وفي الغرب الإسلامي حيث توجد مجموعات الإباضية ألف الجيطالي كتابه‬ ‫قواعد الإسلام‪ :‬ومناسك الحج وضمنهما كذلك آراء البسيوي من خلال‬ ‫كتابه الجامع والمختصر فعل ذلك في أكثر من موضع"‪.‬‬ ‫أما في غمان فإن تلاميذه ومن جاء بعدهم كانوا أغبط الناس بأقواله‬ ‫والدراسة على كتبه‪ ،‬وأول هؤلاء تلميذ تلميذه سلمة بن مسلم العوتبيه‬ ‫الذي جعل من كتابه هالضياء» حاويا للكثير من مسائله واجتهاداته‪ ،‬ومثله‬ ‫() و‬ ‫في‬ ‫فعل صاحب الموسوعة الفقهية الإباضية محمد بن إبراهيم الكندي‬ ‫(‪ )١‬منهج الطالبين‪ .‬الشقصي"‪)٦٤/١( ‎‬۔‬ ‫(‪ )٢‬ينظر الدلائل والحجج الحضرمي" ص‪.٦٨٨ .٦٧٨ .٦٦٩ {٦٢٥ .٥٥٢٣ .٥٧٧ .٥١٨ .١٠٥ ‎‬‬ ‫(‪ )٣‬ينظر‪ :‬مناسك الحج ‪ -‬الشيخ آبو طاهر إسماعيل بن موسى الجيطالي النفوسي‪)٤٣/١( ‎‬‬ ‫(‪.)١٥٦١/٣( )٥٦/٣‬‬ ‫‏(‪ )٤‬سبقت ترجمته‪.‬‬ ‫(‪ )٥‬العالم المحقق والفقيه البارع أبو عبدالله محمد بن إبراهيم بن سليمان الكندي" (ت‪) ‎:‬ه‪٨٠٥‬‬ ‫من أهل سمد نزوى‪ .‬من آثاره‪ :‬ما وجد بخط يده كتاب الصلت بن مالك إلى جنده عند‪‎‬‬ ‫تحرير سقطرى‪ .‬الف موسوعته المشهورة بيان الشرعغ‪ 6‬وهي في نيف وسبعين جزاء حرى‪‎‬‬ ‫فيها أصول الشرع والاحكام والأديان‪ .‬وله كتاب اللمعة المرضية في أصول الشرع وفررعه»‪= ‎‬‬ ‫آ‬ ‫المبحث الآول‪ :‬الشيخ آبو الحسن البسيوي‬ ‫‪-‬‬ ‫‪٦‬‬ ‫كتابه «بيان الشرع» وهما علمان من علماء القرن الخامس والعقد الأول من‪‎‬‬ ‫القرن السادس الهجري‘ وقد ضم كتاب الضياء أكثر من‪ ٣٨٠ ‎‬قولا لابي‪‎‬‬ ‫الحسن" وضم بيان الشرع‪ ٦٠ ‎‬قولاء بالإضافة إلى‪ ٢٧ ‎‬قولا نقلا من‪‎‬‬ ‫الضياء'‪ .‬وهذا إن دل على شيع فإنما يدل على المكانة العلمية لأبى‪‎‬‬ ‫الحسن وقوة الأثر العلمي الذي خلفه في عصره والأعصار المتعاقبة‪ .‬يقول‪‎‬‬ ‫الدكتور عبدالله السيابي‪« :‬وكانت لأبي الحسن آثار اجتماعية هامةإ إذ كان‪‎‬‬ ‫محلا للفتوى وموجها ومرشنا‪ ،‬ورفعت له أسئلة كثيرة متعلقة بالحياة‪‎‬‬ ‫الاجتماعية والسياسية‪ ،‬والمتتبع للمؤلفات الفقهية التي جاءت بعد البسيوي‪‎‬‬ ‫عند العلماء ‪ -‬المشارقة والمغاربة تجد فقه هذا الشيخ وآثاره واضحة جلية‪‎.‬‬ ‫فقلما يخلو كتاب منهاء؛"'‪ .‬أما المتأخرون من أصحابنا كالشيخ الشقصى‪‎،‬‬ ‫والإمام القطب والإمام السالمي فقد أكثروا من النقل عن أبي الحسن‪‎‬‬ ‫ومناقشة آراثه بما يدل على جسامة ما كتب وعميق ما أضل”"‪‎.‬‬ ‫مؤلفا ته‪:‬‬ ‫‏‪٠‬‬ ‫لابي الحسن مجموعة من المؤلفات ذات الصيت العلمي الكبير‪ ،‬وقد‬ ‫أشرنا إليها إجمالا في مطلب مكانته العلمية وسنذكرها هنا تفصيلا‪:‬‬ ‫= توفي الشيخ محمد بن إبراهيم عشية الثلائاء لعشر ليال خلون من رمضان سنة‪٥٠٨ :‬ه‪٥‬‏‬ ‫وقيل‪ :‬ليلة ‏‪ ٢٢‬شعبان ‏‪ ٥٠٧‬ه‪ :‬معجم أعلام المشرق؛ د‪ .‬محمد ناصر ترجمة رقم ‏‪.١٠٩٠‬‬ ‫‏‪ .٤٩٤ 0٢٨٩ 0٢١٨ ،٩٦ .٣٩ 0٣٨ ،٢٧/٦‬بيان الشرع‪.‬‬ ‫‏(‪ )١‬ينظر مثلا‪ :‬الضياء للعوتبي‪،‬‬ ‫‏‪.0١١٧ .٨٥ .٧٩ .٦٦ .٦٥ .٦٩ .١٦ .٦ .٥٧ .١١٣ .0٠٦ .٣ ٦/١‬‬ ‫الكخدري‬ ‫‏‪.٦‬‬ ‫(‪ )٢‬المنهج الفقهي‪ ،‬السيابي‪ ،‬ص‪.٥٨‎‬‬ ‫‏(‪ )٣‬ينظر‪ :‬كتاب منهج الطالبين ‏‪ ٢٣٨ !١٧ 0٢١/٦ .١٧٧١٥ ٥٤٠٦ .١٠٩ ١٠٨ /٢‬وهكذا‪.‬‬ ‫۔ شرح النيل ؟!‪ .٢١٩/١‬‏‪ ٥٥٣ /٢٧ .١٣٣/١٧‬‏۔‪ ٨٢/٤٣١.‬المعارج‪ :‬‏‪٥٩ .٢٢٨/٥‬‬ ‫وهكذا‪.‬‬ ‫الإباضية والمالكية في الغرب الإسلامي‬ ‫‪.‬‬ ‫‏‪٢٢٤‬‬ ‫‪٨‬رف‪‎‬‬ ‫‏‪ ١‬۔ جامع ابي الحسن البسيوي‪:‬‬ ‫وهو كتاب جامع كاسمه من أربعة مجلدات ضمنه مسائل العقيدة‬ ‫والفقه‪ .‬وسلك فيه مسلك السائل والمجيب لكن الإجابة على سبيل الفقه‬ ‫المقارن‪ ،‬وهي طريقة فريدة في ذلك العصر يقول الدكتور السيابي‪:‬‬ ‫«واللافت للنظر في ترتيب الكتاب شيثان‪ ،‬الأول‪ :‬أنه بدأه بقسم كبير يتحدث‬ ‫عن العقيدة‪ ،‬والثاني‪ :‬أنه ختمه بباب في الحكم والمواعظ والآداب وجعل‬ ‫آخر ذلك الكلام عن التوبة‪ ،‬وكأنه يلمح إلى أن كل عمل يبنى على العقيدة‬ ‫الصحيحة\ وآخره يختم بالتوبة والاستغفار من كل تقصير أو تفريط لحق‬ ‫هذا العمل»؛‪.0‬‬ ‫وطريقة البسيوي في تأليف الجامع شبيهة بما فعله الإمام الشافعي في‬ ‫الرسالة «لكنه على طريقة أرقى مما فعله أبو الحسن؛ فقد زاد الشافعي في‬ ‫رسالته أنه أقام هذا الشخص الآخر كأنه مجادل له يسأله عن المسألة ثم عن‬ ‫الدليل ثم يتطرق إلى بيان موضع الاستدلال من الدليلؤ وربما نقضه‘ ثم‬ ‫بيان أدلة أخرى تركها الإمام ولم يأخذ بهاه"‪.‬‬ ‫وأبو الحسن في هذا الكتاب لم يتبع طريقة الفقه المقارن المعروف في‬ ‫ذلك الزمان أو ما يسمى بالخلاف العالي" والمتمثلة في ذكر المذاهب‬ ‫وأربابها وحجج كل فريق وأدلتهإ وإنما اكتفى بالإشارة إلى الآراء الاخرى‬ ‫دون نسبتها إلا قليلاؤ كما أنه كان مشغولا في كل مسألة بالتدليل على الرأي‬ ‫الراجح حتى ولو كان مخالقا لما عليه العمل في المذهب© وهو في هذا‬ ‫قريب الشبه بمؤلفات الإباضية في القرنين الثالث والرابع كجامع الفضل بن‬ ‫‏(‪ )١‬المنهج الفقهي" السيابيث ص‏‪.٧٣‬‬ ‫‏(‪ )٢‬أحاديث جامع أيي الحسن البسيوي تخريج ودراسة الدكتور خلفان بن محمد المنذري؛‬ ‫‏‪.٦٧/١‬‬ ‫‏‪ ٤٣‬رسالة ماجستير غير مطبوعة‪ ،‬جامعة القاهرة كلية دار العلوم‪ ،‬مصر‬ ‫ص‬ ‫‏‪٢٥‬‬ ‫المبحث الأول‪ :‬الشيخ آبو الحسن البسبوي‬ ‫‪---‬‬ ‫‪٦‬‬ ‫على‬ ‫وجامع علي موسى بن‬ ‫(ت‪٦٢٧٨ :‬ه!‪١‬‏ ‪٩‬م)‪.‬‏‬ ‫الحواري‬ ‫(ت‪٨٤٤/٢٣١ :‬م)‪،‬‏ وجامع أبي جعفر محمد بن جعفر الازكوي (ت‪ :‬ق‬ ‫‪٩/٢‬م)‏ في ستة مجلدات وجامع ابي الحواري‪ :‬محمد بن الحواري‬ ‫(ت‪٣ :‬ه‪٩/‬م)‏ في خمسة أجزاء‪.‬‬ ‫طبع جامع أبي الحسن في أربعة مجلدات في عام ‪١٤٠٤‬ه‪١٩٨٤/‬م‏ من‬ ‫قبل وزارة التراث والثقافة بتحقيق الأستاذ أبي الحسن محمد شحاته‪.‬‬ ‫أو ما يسمى مغاربيًا «سبوغ النعم»‬ ‫أبي الحسن البسيوي‬ ‫‏‪ ٢‬۔ مختصر‬ ‫وهو محل دراستنا‪.‬‬ ‫‏‪ ٣‬۔ سيرة أبي الحسن البسيوي‪ :‬وهي في الواقع سيرتان أو ثلاث كما‬ ‫نص على ذلك البرادي( ‪.‬‬ ‫الاولى‪ :‬بعنوان «عن الشيخ أبي الحسن علي بن محمد البسياني في‬ ‫أيام خروجه على المطهر بن عبد الله وعقده الأول»‪.‬‬ ‫حفص بن راشد‬ ‫إمامة حفص الارلى‬ ‫حول‬ ‫اوضح رأيه بكل شجاعة‬ ‫السيرة‬ ‫وفي هذه‬ ‫والثانية فكان فيها مقداما لا يخشى في الله لومة لائمإ وإن كان الإمام‬ ‫السالمي أرجع جرأته هذه إلى موقفه الأساس من المدرسة النزوانية"‪.‬‬ ‫والثانية‪ :‬بعنوان «سيرة الحجة على من أبطل السؤال عن الحدث الواقع‬ ‫بئمان» تناولت هذه السيرة تاريخ اختلاف الأمة وبعض الفرق داخل المذهب‬ ‫الولاية‬ ‫وأحكام‬ ‫الخلافة إلى عصرها‬ ‫السياسية حول‬ ‫والاحداث‬ ‫وخارجه‬ ‫والبراءة‪ ،‬وقد فعل ذلك تمهيدا لبيان الموقف الذي يرجحه من فتنة الإمام‬ ‫الصلت وقضية موسى بن موسى وراشد بن النظر؛ مبيئًا أن ذلك الرأي هو‬ ‫‏(‪ )١‬أشرنا إلى ذلك سابقا‪.‬‬ ‫‏(‪ )٦‬اشرنا إلى ذلك الموضوع سابقا‪.‬‬ ‫الإباضية والمالكية في القرب الإسلامي‬ ‫‏‪٢٦‬‬ ‫‪٦‬ہرف‪‎‬‬ ‫مما تأصل فهمه وتقدر اعتقاده عبر سلسلة من علماء الإباضية من لدن‬ ‫الصحابة ز مرورا بجابر بن زيد وأبي عبيدة وأقرانهم وانتهاء بشيخه ابن‬ ‫بركة(‪.‬‬ ‫والسيرة الثالثة‪ :‬كتبها في الرد على الشيخ محمد بن سعيد الكدمي حول‬ ‫مسألة الوقوف في فتنة الصلت‘ وهل هو وقوف سؤال أم وقول شك‘ وهي‬ ‫سيرة مختصرة جذا تقع في سبع ورقات‪ ،‬لكن علماء تلك الفترة درجوا على‬ ‫تسمية الأجوبة الطويلة ذات المنحى التاريخي والسياسي بالسيرة‪.‬‬ ‫كل هذه السيرة ضمنت كتاب السير والجوابات لمجموعة من علماء‬ ‫مان بتحقيق سيدة إسماعيل كاشف وطبع في وزارة التراث والثقافة عام‬ ‫‪١٤٠٦‬ه‪١٩١٦/‬م‪.‬‏‬ ‫ينظر‪ :‬السير والجوابات‪.‬ث‪,٤١-١٥١. ‎‬ص‬ ‫(‪(١‬‬ ‫المبحث الثاني‪:‬‬ ‫الشبخ ابن أبي زبد القيرواني‬ ‫لم يكن حظ الشيخ اين أبي زيد كحظ نظيره البسيوي؛ فقد اعتنى‬ ‫العلماء في الشرق والغرب بحياته عناية بالغة‪ .‬ودونوا في مصنفاتهم مواقفه‬ ‫وذكرياته وعلومه ومصنفاته‪ ،‬كيف لا وهو الإمام المالكي الشهير ذو الصيت‬ ‫العلمي الكبير الملقب لفضله وعلمه بمالك الصغير"'‪ ،‬مام موثوق به في‬ ‫درايته وروايتها"‘& «كان إمام المالكية في وقته وقدوتهم‪ 6‬وجامع مذهب مالك‬ ‫وشارح أقواله واسع العلمإ كثير الحفظ{ فصيح القلم؛ ذو بيان ومعرفة بما‬ ‫يقوله"‘‪ ،‬ذكره أبو بكر الطيب (ت‪٤٠٣ :‬ه‪١٠١٣/‬م)‏ في كتابه فعظم قدره‬ ‫وشيخه كذلك‘ هو وغيره من أهل المشرق© واستجازه ابن مجاهد البغدادي‬ ‫وغيره من أصحابه البغداديين"'‪.‬‬ ‫(‪ )١‬طبقات الفقهاء الشيرازي‪ :‬تحقيق وتقديم‪ :‬إحسان عباس» دار الرائد العربي" بيروتؤ‪١ ‎‬نانبل‬ ‫ط‪١٤٠١‎ .! ‎‬ه‪١٩٨١/‬م؛ ‪‎‬ص‪.١٦‬‬ ‫(‪ )٢‬ذكر ذلك عن آبي الحسن القابسي (ت؛‪). ‎‬م‪/٥١٠١‬ه‪٢٠٤‬‬ ‫‏(‪ )٣‬ابن أبي زيد القيرواني حياته ومنهجه الاجتهادي من خلال النوادر والزيادات علي‬ ‫العلوي‪ ،‬دار ابن حزم ط ‏‪ ٤١‬‏!م‪٩٠٠٢‬۔ه‪ ٠٣٤١‬‏‪١١.‬ص‬ ‫(‪.)٢١٥/٦‬‬ ‫(‪ )٤‬ترتيب المدارك القاضي عياض‪‎‬‬ ‫الإباضية والمالكية في الغرب الإسللمي‬ ‫‏‪٢٣٨‬‬ ‫؟‬ ‫المطلب الأول؛ حياة الطلب والعطاء (الشيوخ والتلامين)‬ ‫هو‪ :‬أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن أبي زيد عبدالرحمن النفزي نسبة‬ ‫إلى قبيلته نفزة البربرية‪ ،‬أو على منطقة بهذا الاسم في الشمال التونسي قرب‬ ‫باجة‪ ،‬ولد بالقيروان سنة ‪٣٣١‬ه‪٩٥٥/‬مإ‏ فنسب إليها حتى اشتهر بابن‬ ‫آبي زيد القيرواني(‪.‬‬ ‫شيوخه‪:‬‬ ‫‏‪٠‬‬ ‫كانت إقامته بالقيروان فرصة متاحة من لدن الرحمن جل وعلا؛ حيث‬ ‫كانت تزخر بالعلماء الأجلاء وتنتشر فيها زوايا العلم والمعرفة؛ خاصة جامعها‬ ‫المشهور‪ .‬نجمع الله له من الشيوخ عددا كبيرا يتمتع كل واحد منهم بقدر عال‬ ‫من الفقه في الدين؛ كأبي بكر بن اللبادك وأبي الفضل المميسي‪ ،‬وأخذ فيها‬ ‫أيضا عن محمد بن مسرور العسال‪ ،‬ودارس بن إسماعيل‪ ،‬وعبد الله بن أحمد‬ ‫الابياني وزياد بن موسى" وسعدون الخولاني وغيرهم كثير‪.‬‬ ‫تلاميذه‪:‬‬ ‫‏‪٠‬‬ ‫كان النبوغ الذي انتشر في علم ابن أبي زيد ومؤلفاته وحياته وتصرفاته؛‬ ‫أمله مباشرة لاستلام زمام العلوم من بعد مشايخه الأجلاء ليصبح واحدا من‬ ‫أبرز شيوخ القيروان‪ ،‬وهو هنا كنظيره البسيوي حينما ورث العلم عن شيخه‬ ‫ابن بركة حتى صار خليفته في مدرسته الشهيرة‪ ،‬فكان لا بد والوضع هذا أن‬ ‫يكثر تلاميذه وتمتد بهم آفاق الأرض كامتداد الرقعة التي انتشر فيها المذهب‬ ‫المالكى‪.‬‬ ‫الاحمدي أيو النور‪ ،‬دار التراث القاهرة‬ ‫‏(‪ )١‬تنظر ترجمته في‪ :‬الديباج لابن فرحون تح‪ :‬محمد‬ ‫خلال‬ ‫من‬ ‫القيرواني حياته ومنهجه الاجتهادي‬ ‫‏(‪ .)٤٧١٧١‬ابن ابي زيد‬ ‫‏‪]٤٧٩١‬ا م‬ ‫‏‪.٤‬‬ ‫ط‬ ‫‏‪ ١١‬وما بعدها‪.‬‬ ‫النوادر والزيادات‪ ،‬علي العلوي؛ ص‬ ‫‏‪٢٩‬‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬الشيخ ابن ابي زيد التيرواني‬ ‫=‪-‬‬ ‫‏‪٦‬ہرك‬ ‫ومن أشهر تلاميذه‪:‬‬ ‫۔ أبو سعيد خلف بن أبي القاسم الأزدي المعروف بالبراذعي‪ ،‬وهو من‬ ‫لشجر ة‪« :‬كان من كبار‬ ‫في الث‬ ‫عنه مخلوف‬ ‫قال‬ ‫المالكية‪،‬‬ ‫فقهاء‬ ‫كبار‬ ‫القاببي وحفاظ‬ ‫وأبي الحسن‬ ‫ابي محمذ بن أبي زيد‬ ‫أصحاب‬ ‫المذهب المؤلفين فيه»'‪.‬‬ ‫من أعلام‬ ‫عبد الرحمن الخولاني القيرواني؛‬ ‫أحمد بن‬ ‫أبو بكر‬ ‫‪.‬‬ ‫المذهب في عصره‪ ،‬تخرجت على يديه طبقة مهمة من الشيوخ أمثال‪:‬‬ ‫اين محرز والسيوري‪ 6‬وكانت وفاته سنة ‪٤٣٢‬ه"‘‪.‬‏‬ ‫۔ آبو القاسم عبدالرحمن بن محمد اللبيدي الحضرمي القيرواني" كان‬ ‫أيضًا من مشاهير العلماء والمؤلفين© توفي بالقيروان سنة ‪٤٤٠‬ه‪.‬‏‬ ‫وقد عدد العلماء أكثر من تسعة عشر تلميذا لابن أبي زيد يتوزعون على‬ ‫أفريقية والمغرب والأندلس‪ ،‬وهؤلاء بطبيعة الحال الذين اشتهر صيتهم ونقل‬ ‫الناس عنهم علومهم ومعارفهم وإلا فالذين تخرجوا على يديه أكثر من ذلك؛‬ ‫لأن «لابن ابي زيد أسلوب‬ ‫ذكرهم بفعل عوامل الزبسن‬ ‫وإنما انطوى‬ ‫(بيداغوجي) ممتازؤ فهو يفتتح دروسه بإثارة الأسئلة المتعلقة بالمسائل‬ ‫ويشجع الطلبة على إلقائها‪ 0‬ويذكر هو نفسه ما يتوقعه منها‬ ‫الدقيقة الغامضة‬ ‫بما يشفي الغليل"‪.‬‬ ‫ثم يجيب عنها‬ ‫والاسلوب الذي كان يتبعه ابن أبي زيد قريب الشبه من أسلوب‬ ‫البسيوي© حيث يعد كتابه الجامع من أفضل الكتب في فرض المسائل‬ ‫(‪.)١٤٦/٣‬‬ ‫(‪ (١‬معالم الإيمان للدباغ} تح وتع‪ :‬محمد ماضورا المكتبة العتيقة بتونس ط(د‪.‬ت)‪‎‬‬ ‫‪ .٩‬دار الفكر؛ ط (د‪.‬ت)‪‎.‬‬ ‫(‪ )٢‬شجرة النور" محمد بن محمد مخلوف ص‪ ١٠٨ ‎‬ترجمة رقم‪‎:‬‬ ‫(‪ )٢‬ابن أبي زيد حياته ومنهجه‪ ،‬علي العلوي ص‪ 1٢٩ ‎‬نقلا عن «معالم الإيمان للدباغ؛‪.)١١٦/٣( ‎‬‬ ‫الإباضية والمالكية في القرب الإسللمي‬ ‫ترة‬ ‫غا‏‪٢٤٠‬‬ ‫ومناقشتها‪« ،‬فهو يفترض الحجج والأدلة على أسلوب حواري هادئ هادف©‬ ‫يردفه بالرد عليها‪ .‬بغية وصول المعلومة إلى قارئها وصولا صحيحا لا مرية‬ ‫فيهه'‪ 6‬وقد تكون هذه الاسئلة مما كان يثيره على تلاميذه في الدروس©‬ ‫ويلقيه في أوساطهم للمناقشة واختبار المقدرات العلمية‪.‬‬ ‫وأمثال هذا النوع من العلماء محبوب الأسلوب عند التلاميذ لكسره‬ ‫حاجز الخوف وخفايا الكوت‪ ،‬وقد كان للإمام مالك من أجل هذه الغاية‬ ‫وغيرها أسلوب فريد في رواية الموطأ «فبينما كان جمهور علماء الحديث في‬ ‫زمانه ۔ وبعد زمانه ۔ مفضلين لمنهج سماع الطالب من شيخه{ اختار لنفسه‬ ‫قراءة طلابه عليه‪ ،‬وسماع عرضهم عليه‪ 6‬ودافع عن اختياره هذا ردحا من‬ ‫الزمن" قال مطرف‪« :‬صحبت مالكا تسع عشرة سنةش فما رأيته قرا على أحد‬ ‫كتاب الموطأ وسمعته يأبى أشد الإباء على من يقول لا يجوز العرض»‪،‬‬ ‫ويبرر الإمام مالك منهجه في ذلك بقوله‪« :‬إن الراوي ربما سها أو غلط فيها‪،‬‬ ‫فيقرؤه بنفسه ولا يرد عليه الطالب السامع ذلك الغلط لخلال ثلاث‪ :‬إما لأن‬ ‫الطالب جاهل فلا يهتدي للرد عليهؤ وإما لهيبة الراوي وجلالته‪ ،‬وإما أن‬ ‫يكون غلطه في موضع صادف اختلاا فيجعله خلافا توهما أنه مذهبه فيحمل‬ ‫الخطأ صوابا‪ ،‬قال‪ :‬وإذا قرأ الطالب على الراوي‪ ،‬فسها الطالب أو أخطأ رد‬ ‫عليه الراوي لعلمها مع فراغ ذهنه‪ .‬أو يرد عليه غيره ممن يحضره لأنه لا هيبة‬ ‫للطالبؤ ولا يعد له أيضا مذهبا فى الخلاف إن صادف بغلطه موضع‬ ‫اختلاف‘ فالرد عليه متوجهع"‘‪.‬‬ ‫(‪ )١‬المنهج الفقهي للشيخ أبي الحسن البسيوي" السيابي‪ ،‬ص‪.٦٢١٩ ‎‬‬ ‫‏(‪ )٢‬للتوسع في منهج الإمام مالك حول هذا الموضوع ينظر‪« :‬منهج دراسة نصوص الحديث‬ ‫النبوي مقدمة نظرية ونماذج تطبيقيةء الدكتور إدريس الخرشافي‪ ،‬ط ‏‪ ٠١‬مطبعة انفو ۔‬ ‫برانت‪ 6‬فاس ص‪٢‬؟‪ .‬‏‪ .٢٤ 0٢٣‬وينظر أيضا‪ :‬اصطلاح المذهب عند المالكية‪ .‬د‪ .‬محمد‬ ‫إبراهيم علي ص ‏‪.٤٥- ٤٣‬‬ ‫‏‪٢٤١‬‬ ‫المبعث الثاني‪ :‬الشيخ ابن آبي زيد القيرواني‬ ‫‪---‬‬ ‫رر ‏‪٦‬‬ ‫وقد ذكرنا سابقا أن للامام الشافعي أسلوب افتراض الخصم وحجة في‬ ‫الرسالة‪ ،‬ويبدو من خلال ذلك أن هذا المنهج جيد للطلبة‪ ،‬ويمارسه العالم‬ ‫عادة في مجلسه العلمي وفي مصنفاته العلمية‪.‬‬ ‫المطلب الثاني؛ مكانته العلمية‬ ‫لو لم يشهد لابن أبي زيد سوى كتبه الضخمة وأسفاره الثمينة لكان‬ ‫ذلك كافيا‪ .‬لكن علماء عصره ومن جاء بعدهم ملؤوا كتب السيرة والطبقات‬ ‫ثناء عليه واعترافَا بفضله‪ ،‬يقول أبو الحسن علي بن عبدالله القطان‪« :‬ما قلدت‬ ‫أبا محمد حتى رأيت السباني يقلدهه'۔‬ ‫وقال عنه الذهبي‪ :‬هالإمام العلامة القدوة الفقيه‪ ،‬عالم أهل المغرب‪...‬‬ ‫وكان من برز في العلم والعمل»"'‪ 3‬وقد اعتبره مؤرخو المدرسة المالكية‬ ‫الحلقة الفاصلة بين طبقة المتقدمين وطبقة المتأخرين من الفقهاء المالكية‪.‬‬ ‫فإذا قال المالكية‪« :‬المتقدمون» فإنهم يعنون بهم من جاؤوا قبل ابن أبي زيد‬ ‫القيرواني من تلاميذ إمام دار الهجرة كابن القاسم وغيرها وإذا قالوا‪:‬‬ ‫دالمتأخرون» فيقصد بهم ابن أبي زيد ومن جاء بعده!"‪ 6‬كما استاثر ابن‬ ‫أبي زيد بمصطلح «الشيخ» في المذهب المالكي فإذا ثنيا شاركه أبو الحسن‬ ‫القابسي القيرواني‪.‬‬ ‫المائة‬ ‫الله بهم الدين على رأس‬ ‫الثعالبي ممن جدد‬ ‫الحجوي‬ ‫وقد عده‬ ‫‏‪ .١٣١‬ولكنه ورد فيه «النائي» وهو تصحيف©ؤ وقد نقل ذلك‬ ‫‏(‪ )١‬ينظر‪ :‬الديباج المذهب‬ ‫ايضًا عنه كما هو الحجوي في الفكر السامي ص ؟‪ /٢‬‏‪.١٤‬‬ ‫)( سير أعلام النبلاء ‏‪.١٠/١٧‬‬ ‫‏(‪ )٢‬حاشية الشرح الكبير لأبي البركات أحمد الدرديدري‪ 6‬محمد عرفه الدسوقي ‏‪ ،٢٥/١‬ينظر‬ ‫ايضا‪ :‬الفكر الامي" الحجوي الثعالي ‏‪.١٤٠/٢‬‬ ‫الإباضية والمالكية في الغرب الإسللمي‬ ‫‏‪٢٤٢‬‬ ‫‪٦‬‬ ‫كما جاء في الحديث «يبعث الله على رأس كل مائة عام من يجدد لهذه الأمة‬ ‫ثم‬ ‫يعطي حكمها‪6‬‬ ‫شيء‬ ‫بان ما قارب‬ ‫المائة‪:‬‬ ‫راس‬ ‫عن‬ ‫تأخره‬ ‫مبررا‬ ‫أمر دينها»‬ ‫إن تقدير المائة نسبي لأن اصطلاح التاريخ تم في زمن عمر بن‬ ‫الخطاب ز «("‬ ‫ولابن أبي زيد مكانة عند علماء الحديث لعنايته الشديدة بالرواية؛ حتى‬ ‫قال فيه أحمد بن غنيم النفزاوي‪« :‬من أعظم أوصافه ۔ يعني‪ :‬ابن أبي زيد ۔‬ ‫علو سنده! لأنه كان يروي عن سحنون بواسطة وعن ابن القاسم بواسطتين‪6‬‬ ‫وعن مالك بثلاث»"'‪.‬‬ ‫أما أخلاقه وورعه فيلخصها الدكتور علي العلوي في النقاط التالية‪:‬‬ ‫والوقار وارتفاع الهمة‪.‬‬ ‫الورع وحص الصمت‘©‬ ‫‪-‬‬ ‫۔ الصلاح التام والصفة النبيلة‪.‬‬ ‫۔ قال عياض‪« :‬كان أبو محمد بن أبي زيد من أمل الصلاح والورع‬ ‫والفضل»۔‬ ‫للحق»‪.‬‬ ‫سريع الانقياد‬ ‫«كان‬ ‫قال الداودي‪:‬‬ ‫لخضوعه للحق وتأييده‪.‬‬ ‫ومواساة‬ ‫الفقراء‪،‬‬ ‫الخير ومساعدة‬ ‫في وجوه‬ ‫الكرم وإنفاق المال‬ ‫المصابين‪.‬‬ ‫‪ -‬الشجاعة في إعلان الحق والتنويه باهله‪ ،‬وذلك ما يتضح في مؤلفاته‬ ‫التي أيد فيها آراء أهل السُنّة‪ ،‬وفي رثائه لشيوخه‪.‬‬ ‫قال عنه الشيخ الدباغ‪« :‬كان ينه من الأجواد وأهل الإيثار والصدقة‪.‬‬ ‫(‪ )١‬الفكر السامي" الحجوي الثمالي‪.١٤/٢ ‎‬‬ ‫(‪ )٢‬الفواكه الدواني" النفزاوي{‪.٨/١ ‎‬‬ ‫‏‪:٢‬‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬الشبخ ابن آبي زيد القيرواني‬ ‫‪-..‬‬ ‫‪‎‬فرہ‪٨‬‬ ‫كثير البذل للفقراء والغرباء وطلبة العلمإ كان ينفق عليهم ويكسوهم‬ ‫ريزودهم×‪.١ ‎‬‬ ‫‏‪ ٠‬مؤلفاته‪:‬‬ ‫علامة كابن ابي زيد لا يتصور إلا أنه ترك موسوعة ضخمة من المؤلفات‬ ‫القيمة في ميادين الشريعة والفقهء ستصبح فيما بعد من أهم المراجع في‬ ‫العلوم الإسلامية عامة والفقه المالكي خاصة ولو لم يكن له إلا الرسالة‬ ‫لكان ذلك كافيًا؛ فقد ألفها وعمره سسبعة عشرة مسنة‪ ،‬فاودع فيها من العلوم‬ ‫الفقهية والمعارف ما يشي بنبوغ علمي مبكر يصل بصاحبه إلى درجات‬ ‫المجتهدين" كيف وقد جمع بعد ذلك ما تعرفه من المذهب المالكي في‬ ‫الاسفار الاولى في كتابه «النوادر والزيادات» أاوعب فيه الفروع المالكية‪ .‬فهو‬ ‫في المذهب المالكي كمسند أحمد عند المحدثين؛ حتى قيل‪ :‬إنه ما لا يوجد‬ ‫النوادر والزيادات فهو ليس في مذهب مالك""' ‪ 8‬وفد جاء هذا الكتاب فى‬ ‫ف‬ ‫مائة جزء‪ .‬ولابن ابي زيد «مختصر المدونة! وهو أحد معمول المالكية في‬ ‫عصره وما بعده‪ ،‬وله كتاب والاقتداء بأهل السُسنة» وكتاب الذب عن مذهب‬ ‫مالك» وكتاب ه«التنبيه على القول في أولاد المرتدين ومسألة الحبس على‬ ‫ولد الأعيانه وكتاب‪« :‬تفسير أوقات الصلوات» وكتاب هالثقة بالله والتوكل‬ ‫على الله سبحانه»ه‪ ،‬وكتاب المعرفة واليقين»‪ ،‬وكتاب هالمضمون من الرزق»‬ ‫وكتاب «المناسك»‪ ،‬وكتاب «رد المسائل»‪ ،‬وكتاب «حماية عرض المؤمن»‪.‬‬ ‫وكتاب «الوساوس»‘ وكتاب البيان في إعجاز القرآن»‪ ،‬وكتاب «الاستظهار‬ ‫ني الرد على الفكرية»‪ ،‬وكتاب «كشف التلبيس في مثله" وكتاب «فضل قيام‬ ‫رمضان»‪ ،‬وله كتاب «الجامع في السنن والآداب والحكم والمغازي والتاريخ»‪.‬‬ ‫(‪ )١‬للتوسع ينظر‪ :‬ابن آبي زيد حياته ومنهجه‪ ،‬علي العلوي ص‪.٤ ‎‬‬ ‫‏(‪ )٢‬نفسه۔‬ ‫الإباضية والمالكية في الخرب الإسللمي‬ ‫‏‪٢٤٤‬‬ ‫‪7‬‬ ‫وله مجموعة من الرسائل الموجهة لغاية معينة لكنها تجاوزت فيما بعد‬ ‫حد الرسالة المتعارف عليها في الاصطلاحات العلمية لتكون مراجع هي‬ ‫الأخرى تكتنز قدرا وافزا من العلوم في المجال الذي وجهت إليه‪ .‬من بين‬ ‫تلك الرسائل المعروفة‪:‬‬ ‫‪ -‬رسالة فيمن تأخذه عند قراءة القرآن حركة‪.‬‬ ‫رسالة إعطاء القرابة من الزكاة‪.‬‬ ‫‪ -‬رسالة النهى عن الجدال‪.‬‬ ‫القدرية‪.‬‬ ‫رسالة في الرد على‬ ‫رسالة في مناقضة رسالة البغدادي المعتزلي‪.‬‬ ‫‪-‬‬ ‫۔ رسالة الموعظة والنصيحة‪.‬‬ ‫۔ رسالة طلب العلم‪.‬‬ ‫‪ -‬رسالة الموعظة الحسنة لأهل الصدق‪.‬‬ ‫رسالة إلى أهل سجلماسة في تلاوة القرآن‪.‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪ -‬رسالة في أصول التوحيد'‪.‬‬ ‫وهكذا كان ابن أبي زيد منارا علميا أبصر الناس سناه في حياته وبعد‬ ‫موته‪ ،‬وأكثر اللاحقون الأخذ من علومه عبر مؤلفاته‪ ،‬ولعل البحث والتنقيب‬ ‫‪.٦١٤٨-٦١٤٤ /١‬‬ ‫عبدالوهاب‪‎‬‬ ‫حسني‬ ‫(‪ (١‬معالم الإيمان‪ 5‬الدباغ‪ ٣ ‎‬إ‪ ‎١١‬كتاب العمر‪ 6‬حسن‬ ‫‪ \٢!٩-٢٦/٣‬ابن آبي زيد حياته ومنهجه‪ 6‬علي‪‎‬‬ ‫تاريخ الادب العربي‪ 6‬كارل بروكلمان‪‎6‬‬ ‫العلوي ص‪.٥٠- ٤٩ ‎‬‬ ‫‏‪٢٤٥‬‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬الشيخ ابن أبي زيد القيرواني‬ ‫‪--.‬‬ ‫‏‪٨‬رم‪.‬‬ ‫في المخطوطات يقود إلى اكتشاف المزيد من مؤلفاته ورسائله‘ فقد ذكر‬ ‫الدباغ في المعالم أن له رسائل أخرى من بينها‪:‬‬ ‫المارق‪.‬‬ ‫ابن مسرة‬ ‫على‬ ‫الرد‬ ‫‪-‬‬ ‫۔ رسالة وعظ بها محمد بن الطاهر القائد‪.‬‬ ‫‪(١‬‬ ‫_‪ _-‬حكايات عن سعيد بن الحداد‬ ‫والشمولي‪،‬‬ ‫المعرفي‬ ‫زيد تتميز بالثراء‬ ‫ابن أبي‬ ‫مؤلفات‬ ‫أن‬ ‫والملاحظ‬ ‫وهي ذات إفادة كبرى بالنسبة لتلاميذه وللفقهاء عموما وللعامة أيضا لأسلوبه‬ ‫الللس ولغته السهلة‪ ،‬الأمر الذي يؤكده القاضي عياض بقوله‪« :‬وجملة‬ ‫تواليفه كلها مفيدة بديعة غزيرة العلم"‪.‬‬ ‫وفاته‬ ‫المطلب الثالث‪:‬‬ ‫كثيرا ما يختلف العلماء في تحديد وفاة الإعلام{ ولربما ذلك يعود إلى‬ ‫ذهول الناس عند تدوين التاريخ بسبب هول المصيبةا ففقد عالم من هذا‬ ‫الطراز يعد ثلمة عظيمة وخسارة جسيمة وكما حدث من الخلاف في تحديد‬ ‫وفاة البسيوي فإن نفسه يحدث مع القيرواني حيث يذهب كل من القاضي‬ ‫عياض وابن فرحون والدباغ وابن ناجي" وأحمد زروق© ومخلوف‪ ،‬وكحالة‪.‬‬ ‫والزركلي‪ ،‬إلى أن وفاته كانت في الثلاثين من شعبان سنة ‪٣٨٦‬ه‏ ۔ ‏‪١٤‬‬ ‫‪.‬‬ ‫سبتمبر ‪٩٩٦‬م‪.‬‏‬ ‫بينما يسوق الشيخ الأجهوري روايتين أخريين؛ الأولى‪ :‬تنص على أن‬ ‫وفاته سنة ‪٣٩٦‬ه‪١٠٠٥/‬م‏ والثانية‪ :‬تجعلها سنة ‪٣١٦‬ه‪٩٩٦/‬مإ‏ وتذهب‬ ‫(‪ )١‬ابن أبي زيد حياته ومنهجه‪ ٥‬علي العلوي ص‪.٥٠- ٤٩ ‎‬‬ ‫(‪ )٢‬ترتيب المدارك وتقريب المسالك‪.٤٣٨/١ ‎‬‬ ‫الإباضية والمالكية هي الغرب الإصللمي‬ ‫‏‪٢٤٦‬‬ ‫‪٨٢‬‬ ‫طائفة أخرى من المؤرخين إلى أن وفاته كانت عام ‪٣١٩‬ه‪٢٩٩٨/‬م‪ .‬والذي‪‎‬‬ ‫يرجحه الحجوي الثعالبي" والدكتور علي العلوي أن وفاته سنة‪. ‎‬ؤ"ه‪٦٨٣‬‬ ‫وأيا كان فإن حياة اين أبي زيد ظلت ممتدة عبر القرون والأعوام ترفد‪‎‬‬ ‫الأجيال المتلاحقة بالمعرفة الطرية والمعلومة الحيةث فكان عطاء ثراء ومعرفة‪‎‬‬ ‫جزيلة‪‎.‬‬ ‫‪٥٤٩٦٤‬‬ ‫المدارك‪‎‬‬ ‫ترتيب‬ ‫‪١‬‬ ‫الظنون ص‪‎‬‬ ‫‪ .١٣‬كشف‬ ‫(‪ (١‬للتوسع ينظر‪ :‬شذرات الذهب‪‎‬‬ ‫الديباج المذهب‪ 0١٣٨/١ ‎‬شجرة النور الزكية ج‪ ٠١ ‎‬ص‪ (٢١٦ ‎‬ابن أبي زيد حياته ومنهجه‪‎.‬‬ ‫‪.١٤١٣‬‬ ‫الفكر السامي" الجهوري الثعالبي©‪‎‬‬ ‫‪ .١٥٥‬؛‪‎٦٥!6‬‬ ‫علي العلوي‪ 6‬ص‪‎‬‬ ‫بين منهجي (المختصر والرسالة)‬ ‫مقارنة‬ ‫ہ‬ ‫)>‬ ‫‪5 5‬ت‬ ‫ح‬ ‫‪.‬‬ ‫>‬ ‫الظل‬ ‫المطلب الأول‪ :‬متهج الشيخ ابن أبي زيد قي الرسالة‬ ‫اسلوبه في التأليف‬ ‫‏‪١‬‬ ‫اتبع ابن أبي زيد أسلوبا فريدا في التأليف جمع فيه بين سهولة الحفظ‬ ‫والتلقي لفئة الدارسين الصغار كما قرر ذلك في مقدمة الرسالة‪« :‬لما رغبت‬ ‫فيه من تعليم ذلك للولدان كما تغلمهم حروف القرآن ليسبق إلى قلوبهم من‬ ‫فهم دين الله وشرائعه ما ترجى لهم بركته وتحمد لهم عاقبته فاجبتك إلى‬ ‫ذلك لما رجوته لنفسي ولك من ثواب من علم دين الله أو دعا إليه" وبن‬ ‫حرصه على أن يكون الأسلوب جذابا محبوبا للدارسين‪ ،‬يترك في قلوبهم‬ ‫أثزا من المحبة لهذا النوع من التأليف ولذلك اعتبر المالكية أن رسالة ابن‬ ‫ابي زيد تحمل خاصية روحية هي أشبه ببركة العلم في القلوبث هذه البركة‪:‬‬ ‫«تخصها دون سائر المؤلفات‘ مما يزيد أهميتها‪ ،‬فقد قيل‪ :‬إن من حفظها‬ ‫وعني بها وهبه الله ثلانّا أو واحدة من ثلاث‪ :‬العلم؛ والصلاح والمال‬ ‫‏(‪ )١‬متن الرسالة‪ ،‬أبو محمد عبدالله بن أبي زيد القيرواني" اعدها‪ :‬احمد مصطفى قاسم‬ ‫الطهطاوي" دار الفضيلة ۔ الإمارات‪ ،‬دبي بدون تاريخ ورقم الطبعة‪ .‬ص ‏‪.٨‬‬ ‫الإباضية والمالكية في الشرب الإسللمي‬ ‫‏‪٢٤٨‬‬ ‫‪٦‬‬ ‫الطيبه الأمر الذي أشار إليه النفزاوي في شرحه للرسالة عندما قال‪« :‬وقد‬ ‫اشتغل الناس برسالة أبي محمد الملقبة بباكورة أسعد\ وبزيدة المذهب" ظهر‬ ‫في الخافقين من أثرها وبركتها؛ لأنها أول مختصر ظهر في المذهب بعد‬ ‫تفريع ابن الجلاب»ه"‪.‬‬ ‫هذا الاسلوب الجذاب جمع فيه ابن أبي زيد في وريقات لا تتعدى‬ ‫المائة والسبعين ورقة ۔ بحسب الطبعات ‪ -‬جميع مقررات الفقه المالكي‬ ‫بطريقة فاق بها من قبله من المختصرات؛ حيث اصطف في هذه الرسالة كما‬ ‫يقول العلامة أحمد زروق في شرحه‘ وكذلك ابن ناجي في شرحه أيضًا‬ ‫أربعة آلاف مسألة مبنية على أربعة آلاف حديث‘ وقد أسندها الأبهري في‬ ‫كتاب سماه‪« :‬مالك الجلالة في إسناد أحاديث الرسالة×"'ء ويمكن حصر‬ ‫أسلوب الشيخ في الرسالة في مجموعة نقاط‪:‬‬ ‫سهولة اللغة وسلاسة التعبير ما لا يحتاج معه طالب العلم إلى شرح‬ ‫‏‪١‬‬ ‫وتفصيل‪ ،‬وإنما جاءت الشروح اللاحقة بسبب أنها جمعت مسائل‬ ‫المذهب المالكي ‪ -‬ما عدا القليل ۔ وقد عرف ابن أبي زيد بجهده في‬ ‫حصر مسائل المذهب وجمعها من معظم كتب المالكية المتداولة آن‬ ‫ذاك؛ وفي مقدمتها المدونة في كتابه «النوادر والزيادات»‪ .‬وسوف تأتي‬ ‫الرسالة نتاجَا لهذا الجهد الضخم والفهم العميق والاستيعاب الكبير‬ ‫لمسائل المذهب"'‪ ،‬يقول الشيخ زروق‪« :‬رسالة ابن أبي زيد شهيرة‬ ‫‏(‪ )١‬محاضرة الشيخ محمد الشيباني في ملتقى عبدالله بن أبي زيد القيرواني‪ ،‬مركز الدراسات‬ ‫الإسلامية بالقيروان‪ .‬ص‏‪.١٧‬‬ ‫(‪ )٢‬الفواكه الدواني‪.)٢/١( ‎‬‬ ‫‪.١٦١‬‬ ‫(‪ )٣‬الاختصار والمختصرات في المذهب المالكي‪ .‬ص‪‎‬‬ ‫‏(‪ )٤‬مع العلم بأن الرسالة من أوائل تآليفه حيث كان عمره آنذاك كما قيل‪ :‬سبعة عشرة سنة‪.‬‬ ‫‏‪٢٤٩‬‬ ‫المبحث الثالث‪ :‬مقارنة بين منهجي ( المختصر والرسالة)‬ ‫‪--.‬‬ ‫المناقب والفضائل‪ ،‬غزيرة النفع في الفقه والمسائل من حيث إنها‬ ‫مدخل جامع للأبواب© قيمة المرام في الحفظ والكتب والاكتساب»؛ء‬ ‫ولذلك فإن هذه العذوبة في تأليف الرسالة مع ما يجتمع لها من‬ ‫الاستيعاب للمسائل سيجعل من الرسالة مقدمة على غيرها من‬ ‫التواليف والمختصرات‘ كما نص على ذلك الكثير من الكتب‬ ‫المالكية‪.‬‬ ‫ليس في الرسالة تفريعات فقهية أو تعدد في الأقوال للمسألة الواحدة‬ ‫وإنما هي قول واحد في كل مسألة‪ ،‬والغالب أنه الراجح في المذهب‬ ‫المالكي‪ ،‬إلا أن هذا المسك من ابن أبي زيد لم يخل من ترجيحات‬ ‫خاصة به ريما خالف فيها المشهور عن الإمام مالك؛ مما حدا بابن‬ ‫الفخار القرطبي المالكي (‪٤١٩‬ه)‏ أن يؤلف كتابه التبصرة في نقد‬ ‫رسالة ابن أبي زيد القيرواني‪ ،‬أوضح فيها مجموعة من الأغلاط‬ ‫والمخالفات في الرسالة لا تتفق مع رأي المذهب"‬ ‫قل ما يستشهد في الرسالة بالآيات القرآنية‪ .‬والأحاديث النبوية‪ ،‬إذ إن‬ ‫غالب مسائلها جاءت مقررة كدلالات مسلمة من الآيات والأحاديث‬ ‫أصلا‪ ،‬لكن هذا لم يمنع من الاستشهاد بالآيات نصا في بعض‬ ‫المواضع كقوله‪« :‬وحرم الله سبحانه من النساء سبعا بالقرابة وسبعا‬ ‫والصهر فقال ولن ؛ « حُرَمعَتَنكُمم أتمتكم وبتانكم‬ ‫ب‬ ‫كخ وَبتاث الكم وبنات النت ؟ فهزلاء‬ ‫وَأَتَرسكك‪:‬م وَعَمَمَكُم‬ ‫بيروت‪( 6‬بدون‪ :‬ط)‬ ‫ابن ناجي على الرسالةء دار الفكر‬ ‫زروق مح شرح‬ ‫شرح‬ ‫)‪(١‬‬ ‫‏‪١ ٤٠٢٦‬ه!‪١٩٨٦٢‬م (‪.)١!١‬‬ ‫)‪ (٢‬التبصرة في نقد رسالة ابن أبي زيد القيرواني" أبو عبدالله محمد بن عمر ابن الفخار‬ ‫‏ه‪٥٢٦٤١‬‬ ‫‏‪،٦٧‬‬ ‫العدد‬ ‫منشور مجلة الاحمدي!‬ ‫عبد الإله العمرانى‪،‬‬ ‫بدر بن‬ ‫تح‪:‬‬ ‫القرطبى©‬ ‫الإباضية والمالكية في الغرب الإسلامي‬ ‫فر؟‬ ‫من القرابة واللواتي من الرضاع والصهر قوله تعالى‪« :‬وَأمَهنتْكُم‬ ‫ألى آزَمتكم وحوكم تر الرَصَدعَة ‏‪ ٠4‬وقوله‪« :‬وتحيض‬ ‫الجارية وبالبلوغ لزمتهم أعمال الأبدان فريضة قال الله سبحانه «وَا‬ ‫منك لحل فَلَْمَتزِوا ‪."4‬‬ ‫بل ‪1‬‬ ‫أما الأحاديث فإنها وردت نصوصا ضمن ألفاظ الرسالة دون الإشارة‬ ‫إليها كنص حديثي‪ ،‬ولذلك أفرد لها القاضي أبو بكر الأربهري كتابا‬ ‫سماه «مالك الجلالة في مسند الرسالة» تتبع فيه جميع مسائلها فرفع‬ ‫لفظها ومعناها إلى رسول الله ية أو إلى أصحابه وية" وبذلك رد الفرع‬ ‫إلى أصله ودعم المسائل بحججها!"‪ 8‬وهناك بعض الأحاديث ورد‬ ‫التنصيص على رفعها في الرسالة مثل‪« :‬وقال النبي ننه‪« :‬إن الله أنقب‬ ‫عنكم غبية الجاهلية وفخرها بالآباء‪ ،‬مؤمن تقي أو فاجر شقي‪ .‬انتم‬ ‫بنو آدم وآدم من تراب» وقال النبي ننه في رجل تعلم أنساب الناس‪:‬‬ ‫«علم لا ينفع وجهالة لا تضره(‪.‬‬ ‫عدم استقصاء كل الجزيئات المتعلقة بالباب‪ ،‬بل اكتفى بما تمس إليه‬ ‫‪٤‎‬۔‬ ‫الحاجة‪ .‬وبما لا يسع المكلف جهله‪.‬‬ ‫خلوها من التراجمإ والتعاريف والحدود جريا مع طبيعة المختصرات‪.‬‬ ‫‏‪ - ٢‬منهجه في التأليف‪.‬‬ ‫اتبع الشيخ القيرواني منهجا يختلف عن من سبقه من المؤلفين‬ ‫المالكيين‪ ،‬فهو هنا في الرسالة لم يكن كتابه مختصرا لكتب سابقة كما فعل‬ ‫(‪ )١‬متن الرسالةؤ ابن أبي زيد القيرواني" عبدالله بن عبدالرحمن دار الفكر (ص‪.)٩٠ ‎‬‬ ‫‪.)٦١٠‬‬ ‫(‪ )٢‬متن الرسالةث ط‪ :‬دار الفكر (ص‪‎‬‬ ‫(‪ )٣‬الاختصار والمختصرات في المذهب المالكي‪( .‬ص‪.)١٦١ ‎‬‬ ‫(‪ )٤‬متن الرسالة (ص‪)١٦١٨ ‎‬۔‬ ‫‏‪٢٥١‬‬ ‫المبحث الثالث‪ :‬مقارنة بين منهجي (المختصر والرسالة)‬ ‫‪--‬‬ ‫العلماء قبله‪ .‬وكما فعل هو نفسه عندما اختصر المدونة في خمسين ألف‬ ‫مسألة(‘'‪.‬‬ ‫أما في الرسالة فهي كتاب تم إنشاؤه ابتداء لتعليم الصغارا'‪ ،‬ولذلك فإن‬ ‫تأليفه سيتوخى فيه صاحبه سلاسة العبارة ودقة المعنى والحرص على‬ ‫الإيجاز في العبارة والأقوال إلى حد الاكتفاء بالراجح في المذهب أو عند‬ ‫المؤلف‪« :‬وسأفصل لك ما شرطت لك ذكره بابا؛ ليقرب من فهم متعلميه إن‬ ‫شاء الله تعالى"‪.‬‬ ‫ولما كانت هذه الرسالة منهججا مدرسا فإن مؤلفها سيجمع في منهجية‬ ‫التأليف بين العقيدة وأصول الققه‪ ،‬والفقه‪ ،‬والآداب والأخلاق والسلوك‬ ‫ويمكن تفصيل منهجه في الجمع بين هذه العناوين في النقاط التالية‪:‬‬ ‫‪١‬۔‏ صر المؤلف كتابه بمقدمة عرفت بالرسالة وسبب تأليفها ومبلغ‬ ‫مراعاة من هي موجهة إليه‪ ،‬وغايته‪ ،‬وما تتضمنه من مواضيع يقول فيها‪:‬‬ ‫«إنك سألتني أن أكتب لك جملة مختصرة من واجب أمور الديانة مما‬ ‫تنطق به الألسنة وتعتقده القلوب©ؤ وتعمله الجوارح وما يتصل‬ ‫بالواجب من ذلك من السنن من مؤكدها ونوافلها ورغائبها وشيء من‬ ‫الآداب منهاء وجمل من أصول الفقه وفنونه على مذهب الإمام مالك‬ ‫ابن أنس ينه تعالى وطريقتهه''‪ .‬لكنه في بعض الأحيان يحكي‬ ‫الأقوال بصيغة التمريض «قيل» دون أن ينسبها إلى أحد كقوله‪:‬‬ ‫«ويستحب أن تؤخر في الصيف إلى أن يزيد ظل كل شيء ربعه بعد‬ ‫(‪ )١‬الفهرست لابن النديم (ص‪ ‎‬۔)‪٤٨٢‬‬ ‫(‪ )٢‬المختصرات الفقهية في المذهب المالكي© د‪ .‬محمد جوهار‪ .‬ص‪.٣٦٧١ ‎‬‬ ‫(‪ )٣‬متن الرسالة‪ ،‬ط‪ :‬دبي ص‪.٩ ‎‬‬ ‫ص‪.٨‎‬‬ ‫(‪ )٤‬متن الرسالة‪ .‬طبعة دبي‬ ‫الإباضية والمقكية في الغرب الإسلامي‬ ‫‪٥٦‬‬ ‫فر‪٦‬‏‬ ‫الظل الذي زالت عليه الشمس وقيل‪ :‬إنما يستحب ذلك في المساجد‬ ‫ليدرك الناس الصلاة وأما الرجل في خاصة نفسه فأول الوقت أفضل‬ ‫له‪ ،‬وقيل‪ :‬أما في شدة الحر فالافضل له أن يبرد بها»‘'‪.‬‬ ‫انطلق بعد المقدمة في تفصيل (واجب أمور الديانة‪ ).....‬في خمسة‬ ‫وأربعين بابا تنتظم بداخلها علم العقيدة والأحكام الشرعية والآداب‬ ‫الإسلامية والتصرفات الشخصية المترتبة على أحوال خاصة كالعلاج‬ ‫والرقية وغيرها‪.‬‬ ‫أشار المؤلف إلى إدراجه فنونا من أصول الفقه"'ء إلا أن شراح الرسالة‬ ‫والمعلقون عليها اختلفوا في تحديد المراد بأصول الفقه‪ ،‬فالطيالسي‬ ‫ينقل عن ابن أبي زيد نفسه أن هالمراد بالأصول الأحاديث الملخصة‬ ‫أي‪ :‬المحذوفة الأسانيده‪ ،‬كما أن المراد بالفنون الواردة في‬ ‫الأسانيد"‬ ‫المقدمة والخاتمة هي هالآراء المنسوبة إلى العلماء""‪.‬‬ ‫وعلق أبو عمران على هذين الموضعين بقولة‪« :‬وهذا شاهد على من‬ ‫فشر الأصول بأمهات المسائل؛ كمسألة بيوع الآجال؛ فهي أصل بالنسبة‬ ‫لما يخرج منها وفرع بالنسبة لما أخذت منه؛ يدل على هذا قوله‪:‬‬ ‫«وفنونه»ه‪6٨‬‏ ويبدو أنه لا يجمع هذا العنوان منهج معين أو تم سوقه‬ ‫لأسباب ومبررات محددةء وإنما ترد ضمن المسائل كلما تراءت لابن‬ ‫أبي زيد فائدة من إيرادهاثا‪.‬‬ ‫متن الرسالة[ ط‪ :‬دار الفكر (ص‪٣‬؟‪٠)٢‬‏ وانظر مثلا‪ :‬ص ‏‪ ٣٥ ،٣٤ 0٢٤ .٢٣ .٢٢ ١٧٣‬وغيرها‪.‬‬ ‫انظر‪ :‬المقدمة‪.‬‬ ‫الاستاذ محمد الحبيب عباس ملتقى عبدالله بن أبي زيد القيرواني (ص‪.)١٤٤‬‏‬ ‫نفسه ص ‏‪.١٤٤‬‬ ‫نفسه بتصرف‪.‬‬ ‫‏‪٢٥٢‬‬ ‫المبحث الثالث‪ :‬مقارنة بين منهجي ( المختصر والرسالة)‬ ‫‏۔‪ ٤‬يلتزم ابن أبي زيد في منهجه بالإشارة المستمرة لإمام المذهب‬ ‫مالك بن أنس© كنوع من تكريس الموالاة والاتباع لهذا الإمام الكبير‬ ‫في نفوس طلبة العلم؛ حيث ورد ذكر الإمام ست عشرة مرة‪ ،‬وتم‬ ‫الإشارة في الوقت نفسه إلى بعض أصحابه مثل أشهب وابن القاسم‬ ‫وعبدالملك‪ ،‬وسحنون‪'١‬؛‏ من باب الإشارة إلى وجود مدرسة تبلورت‬ ‫فقها وأصبحت قادرة على الامتداد عبر القرون" فليس مالك وحده فى‬ ‫الميدان بل في أصحابه مجتهدون يستقلون ويخالفون‪ .‬وسوف يكون‬ ‫هذا المنهج مهتما جذا لفهم الطلبة واستيعابهم مثل هذه الإشارات‪.‬‬ ‫والاصل أن تأليف الرسالة جاء أساسا على فقه الإمام مالك نفسه كما‬ ‫ورد في المقدمة‪ .‬كما آن المدرسة المغربية بما فيها القيروان قائمة‬ ‫على ترسيخ مبدأ الاتباع والانتصار للمذهب من خلال التأكيد على‬ ‫في مبحث الحديث عن الإمام‬ ‫طابعه وهويته كما أشرنا الى ذلك‬ ‫مالك‪.‬‬ ‫‪٥‬۔‏ على الرغم من محاولة ابن أبي زيد جمع مسائل الفقه في رسالة‬ ‫موجزة إلا أنه لم يسلم من التكرار‪ ،‬كما أنه لم يسلم كذلك من وضع‬ ‫بعض المسائل في غير محلهاء وقد تعرض الشراح لمعالجة هذه‬ ‫الإشكالية؛ إما بالتبرير وإما بالتماس العصذر‪ ،‬وتعرض إلى كل ذلك‬ ‫الأستاذ محمد حبيب عباس بالتفصيل متوصلا إلى أن تبريرات‬ ‫الشزاح ليست كافية في رد النقد الموجه إلى منهجية الرسالة وترتيب‬ ‫أبوابها"‪.‬‬ ‫‏‪ .٥٠٤٠٤‬ابن‬ ‫‏‪ .٦‬ا‪.‬‬ ‫ص‬ ‫مالك‪:‬‬ ‫الإمام‬ ‫دار الفكر‪١‬‏‬ ‫الرسالة ط‪:‬‬ ‫انظر مثلا‪ :‬متن‬ ‫‏)‪(١‬‬ ‫‏‪ .١٠٦‬سحنون‪ :‬‏‪ 0١٠١ {٨٢‬عبدالملك ‏‪.١٠١‬‬ ‫القاسم‪ :‬‏‪ .١1٠٦ .٠٠١‬أشهب‪:‬‬ ‫)!( ينظر‪ :‬بحث الاستاذ محمد الحبيب عباس فى محاضرات ملتقى عبدالله بن ابى زيد‬ ‫ص‪.١٦١٩-١٤٣‬‏‬ ‫إلية بالملكية في لقرب الإملمي‬ ‫ِّ‬ ‫ح‬ ‫‪ 3‬۔ أشتمنت الرسالة على العقيدة والفقهث والآداب والسلوك‪ .‬وما يتعلق‬ ‫إلا‬ ‫في المختصر‪.‬‬ ‫الجمع لم يتوفر للبسيوي‬ ‫والعلاج‪٠‬‏ وهذا‬ ‫بانرؤى‬ ‫العبادات‬ ‫الفقهي بقتمي‬ ‫أن انغانب على الرسالة هو الجانب‬ ‫والمعاملات‪.‬‬ ‫اتقضقتهي‬ ‫المطلب الثاتي‪ :‬منهج الشيخ البسيوي قي مختصره‬ ‫‏‪ ١‬۔ أسلوبه في تأليف المختصر‪:‬‬ ‫لم يكن أسلوب البسيوي يختلف كثيرًا عن نظيره القيرواني من حيث‬ ‫النفة السهلة والاسلوب الجذاب" وإذا كنا سنقرر بأن البسيوي وضع‬ ‫مختصره لغرض تعليمي فإن الاسلوب المتبع سيكون في متناول طالب‬ ‫العلم المبتدئ‪ ،‬يتجنب فيه الإطالة وكثرة التفصيلات‪ .‬إلا أن البسيوي كما‬ ‫يبدو وضع هذا الكتاب لطبقة متقدمة من التعليم بدليل لجوئه بعض‬ ‫الاحيان إلى سوق الأدلة وتحديد مواطن الاستنباط للأحكام خاصة عندما‬ ‫يكون في المسألة أكثر من قول‪ ..‬ويمكن رسم ملامح الأسلوب في النقاط‬ ‫التالية‪:‬‬ ‫سلاسة العبارة ودقة التعبير‪ ،‬مما يجعله في متناول طالب العلم دون‬ ‫‪-١‬۔‏‬ ‫العلم‬ ‫هي لغة طالب‬ ‫فاللغة المستخدمة‬ ‫وتحشيات‘‪6‬‬ ‫الحاجة إلى شروح‬ ‫بعيدة عن التعقيد والألفاظ الأصولية والمنطقية وأسلوب الحجاج‬ ‫والمناظرة‪.‬‬ ‫اتبع البسيوي أسلوبا فريذا في التأليف يجمع بين اختصار العبارة‬ ‫‏‪٢‬‬ ‫لكنه في الوقت نفسه يحتفظ بالجزئيات الفقهية‬ ‫المعنى‬ ‫وإيجاز‬ ‫المندرجة تحت المسألة الواحدة! بحيث يستوعب باب الطهارة مثلا‬ ‫ولذلك لم‬ ‫العمل عليه‪،‬‬ ‫كل المتعلقات بهاك مما اعتمده المذهب وجرى‬ ‫‏‪٥‬‬ ‫المبعث الثالث‪ :‬مقارنة بين منهجي ( المختصر والرالة)‬ ‫ح‬ ‫يضطر هذا الأسلوب العلماء بعد البسيوي إلى شرحه والتحشية عليه ۔‬ ‫فيما وصل إلينا ۔ بل ظل هذا الكتاب معتمدا فقهيا للصغار والكبار‪,‬‬ ‫وجرى العمل على كل ما فيه ما عدا ثلاث مسائل‪.‬‬ ‫وهل كان هذا الاسلوب هو الذي جعل العلماء لا يشرحونه كما فعلوا‬ ‫مع رسالة ابن أبي زيد؟ قد يكون هذاء وقد يكون السبب عائدا إلى قلة‬ ‫اعتناء علماء الإباضية بهذا اللون من التأليف ۔ أي‪ :‬الشروح ‪ -‬فالفقه‬ ‫الإباضي عموما لا توجد به كتب تشرح كتبا قبلها مختصرات أو‬ ‫مطولات إلا النزر اليسير كشرح جامع ابن جعفر من قبل أبي سعيد‬ ‫الكدمي في كتابه المعتبر‪ .‬وشرحه أيضًا من قبل ابن بركة؛ وكشرح‬ ‫النيل وهو متأخر جداء وما عدا ذلك فالمذهب الإباضي تخلو مكتبته‬ ‫من الشروحات المعلومة على الأقل‪ ،‬أما التحشية على الكتب فقد‬ ‫اشتهرت عند إباضية الغرب الإسلامي بشكل خاص«()‪.‬‬ ‫‪٣‬۔‏ يكثر الاستشهاد بالآيات والأحاديث في المختصر حيث بلغ عدد‬ ‫الآيات سبعة وتسعين آية أما الأحاديث فبلغت مائة وخمسة‬ ‫وعشرين حديئا وليس هذا فقط بل يثبغ كثيرا من الآيات تفسيز‬ ‫يحدد مواطن الاستنباط من الآية ووجه الاحتجاج بها‪ .‬ومثل ذلك‬ ‫ياتي مع الأحاديث‘ وسوف نوضح ذلك عند حديثنا عن استدلالات‬ ‫المؤلف‪ .‬وهذا بخلاف الرسالة التي تقل فيها هذه الطريقة في‬ ‫الاستشهاد‪.‬‬ ‫‪٤‬۔‏ رغم حرص البسيوي على تجنب الإطالة والتفريعات إلا أنه يلجا إلى‬ ‫‏(‪ )١‬مثل‪ :‬حاشية عمرو التلاتي على كتاب الديانات" وحاشية عبدالله السدويكشي على كتاب‬ ‫وعلى كتاب مند الرببع‪١‬‏ حاشية يرسف‬ ‫الوضع‬ ‫وحاشية المحشي على كتاب‬ ‫الديانات؛‬ ‫المصعبي على أصول تبغورين‪.‬‬ ‫الإباضية والمالكية في الغرب الإسللمي‬ ‫‪٥٦‬‬ ‫‪7‬‬ ‫ذلك أحيائا عندما تقتضيه الضرورة الاستدلالية‪ .‬لكنه يعود فيذكر نفسه‬ ‫والقارئ بأن هذا الكتاب لم يوضع لمثل هذه الإطالات أصلا‪ ،‬ويمكن‬ ‫توضيح ذلك في النقاط التالية‪:‬‬ ‫الاحتجاج للقول بعدد من الآيات والأحاديث والغالب في هذه الأقوال‬ ‫الذي يراد الانتصار له‪ ،‬وإما لأنها مذهب‬ ‫إما لأنها قول المذهب‬ ‫مثال ذلك في باب حلف اليمين‪« :‬وإن حلف‬ ‫المؤلف في تلك المسألة‪،‬‬ ‫يكون طعامًا‪ ،‬ما يطعم حنث‘ وإن خالف في‬ ‫لا يأكل الطعام فأكل مما‬ ‫إذا أكل منه؛ لأن الله تعالى يقول‪« :‬يتَلمْ ولا‬ ‫ذلك من خالف فهذا قولنا‬ ‫لعم ‪ 4‬االانمام‪ :‬‏‪ ]١٤‬وقوله يك‪« :‬إما تلمتكر لوه اله ‪[ 4‬الإنان‪٠:‬ا‪،‬‏ لو أطعم‬ ‫بطيخا أو قثاء أو نبا فقد أطعمإ وقولهم في قوله الله تعالى‪« :‬لن تَضَيَ‬ ‫كلكار وجر تانغ تنا تك يرج تنا متا ثنيث القز ين تقيما‬ ‫ومها ريها وَعَديكا؛ اابترة‪ :‬‏‪ ]٦٠١‬نقد قصد إلى أن كل هذا الطعام‬ ‫يؤكل ويطعم" وما وقع عليه اسم الطعام أطعم طعاما والله أعلم‪ .‬وإن‬ ‫كانوا قالوا غير هذا»‪.‬‬ ‫الإشارة إلى الأقوال الاخرى إما بصيغة «قيل» وإما بالإشارة إليها‬ ‫مباشرة بقوله‪« :‬وفيها اختلاف» مثال ذلك‪« :‬دوسؤر الفار نجس وفيه‬ ‫اختلاف‪ .‬وبعر الفأر وبعر الاجدل والغراب والعقاب وما كان مثله‬ ‫مختلف فيه‪ ،‬والذي أحب تركه‪ .‬وبعر الخناز والضب واليربوع مختلف‬ ‫فيه «ولا يجلد السكران عند أصحابنا حتى يصحو‪ .‬وقيل‪ :‬حتى يصير‬ ‫في ذهاب العقل ولا يعرف السواد من البياض ولا ثيابه من ثياب‬ ‫غيره"‪« 6‬ومن اشترى مالا بمال عنده لرجل أو أمانة عنده أو مال اليتيم‬ ‫أو لشريك فإن ذلك إلى أصحاب المال‪ ،‬والذي أخذه بمالهم إن شاءوا‬ ‫أخذوه وإن شاءوا أخذوا الذي لهم وتركوه‪ ،‬وليس هو للذي فعل‬ ‫‏‪٢٥٧‬‬ ‫المبعث الثالث‪ :‬مقارنة بين منهجي ( المختصر والر سالة)‬ ‫‪-‬‬ ‫ما لا يجوز له‪ ،‬وقد قيل في ذلك بالاختلاف وتركته‪ ،‬وقد قيل‪ :‬إن المال‬ ‫لاصحاب الدراهم وقيل غير ذلك»‪.‬‬ ‫وعندما تكثر الأقوال يختم المؤلف المسألة بقوله‪« :‬فإن أراد مراجعتها‬ ‫كمر كفارة الظهار ولا وقت عليه‪ ،‬وقد قيل في ذلك بالاختلاف‬ ‫وتركناه»‪« 5‬والاختلاف فيه كثير وصفه‪ ،‬وقد تركت ذكره‪ ،‬وأكثر ما اتفقوا‬ ‫عليه ربع دينار»‪.‬‬ ‫ذكر الخلاف في المسألة الواحدة بطريقة مختصرة‪ ،‬ثم تختم باختيار‬ ‫المؤلفث إما لأنه الأرجح عنده‪ ،‬وإما من باب الاحتياط مثال‪« :‬وذلك‬ ‫عندي أن سترة الكنيف سترة‪ ،‬وسترة المصلي سترة‪ ،‬وبينهما الفرجة‬ ‫الخارجة من ذلك الذي بينهما»» «والذي عندي أن السكر سكران‪ :‬سكر‬ ‫ذهابؤ كالملقى في المزبلة لا يعقل ولو قطع أو حرف" وآخر يكون منه‬ ‫التخليط وفيه بعض العقل ويهذي ويتكلم‪ .‬وحد العبد في الخمر نصف‬ ‫حد الحر أربعين جلدة»‪« ،‬وإن رأى في ثوبه نجاسة ولم يعلم متى‬ ‫وقعت فيه‘ وقد صلى به‪ ،‬فإنه على الاحتياط يبدل صلاة يوم وليلة‪.‬‬ ‫وأما في الحكم فلا يلزمه إلا حين علم»‪.‬‬ ‫أسلوب إحالة القارئ إلى مراجعة المسألة والنظر فيها‪ ،‬وهذا يكثر فى‬ ‫‪٤‬‬ ‫المؤلفات الإباضية عند الحديث عن مسائل الاجتهاده وسببه شدة‬ ‫الورع عند علمائنا‪ .‬وخوفهم من التقول على الله وهم هنا يجمعون بين‬ ‫إيمانهم بشرعية الاجتهاد والفتوى بما أدى إليه‪ ،‬والخوف من مجانبة‬ ‫ذلك القول للصوابؤ فيهربون من هذه المسألة الضميرية إلى عبارات‬ ‫مثل «فانظر فيه» «واسأل عن ذلك©‪« ،‬وفي نفسي من ذلك شيء فانظر‬ ‫فيه إن شاء الله»‪« ،‬وفيه اختلاف وسل عن ذلك»‪.‬‬ ‫يتبع البسيوي أسلوب التعريفات المبسطة لجملة من المسائل بغية‬ ‫الإباضية والمالكية في الغرب الإسلامي‬ ‫‏‪٢٥٨‬‬ ‫‪٦‬ہرف‪‎‬‬ ‫تقريب أو توضيح معناها للسائل مثل قوله‪« :‬والإيلاء هو الألية باليمين‪6‬‬ ‫أن يحلف الرجل بطلاق زوجته على فعل وذلك مثل قوله‪ :‬إن جامعتك‬ ‫فأنت طالق" فإن جامعها فأمضى حرمت عليهه'‪« ،‬وأما الخلع فهو‬ ‫الفدية‪ .‬وهو أن تختلع المرأة بشيء من مالها" «والمفقود هو الذي‬ ‫يصح أنه كان في صف الحرب ثم ينجلي ولا يدري أمات أو حي أو‬ ‫قتل»‪« 6‬واما الغائب‪ :‬فإنه من غاب ولم يدر أين توجه ولا ما كان من‬ ‫سببه فإن ذلك غائب أبذا حتى يصح موته ولو تطاول ذلك‬ ‫وليس ذلك على سبيل التعريفات والحدود وإنما فقط لزيادة الفهم لها‬ ‫والتوضيح على أن هذا ليس مطردا عند البسيوي فهناك الكثير من‬ ‫العبارات تفتقر إلى التعريف خاصة في أبواب البيوع والأبواب‬ ‫الأخيرة مانلمختصر‪.‬‬ ‫‪٦‬۔‏ استخدام ألفاظ من اللهجة المانية‪ .‬وهذا كثير في المختصر مما يؤيد‬ ‫القول بأن الكتاب وضع للمبتدثينأصلا وإلا فإن العلماء المجتهدين‬ ‫لا يحتاجون إلى هذاء ولذلك تخلو هذه الألفاظ من كتابه الجامع‪.‬‬ ‫«ومن نذر أنه يتصدق بماله ويطعم اللقابين فهذا يجب عليه أن يطعم‬ ‫الفقراء من الصبيان والصغار‪ ،‬والمساكين ما كانوا صغارا أو كباراء‬ ‫ولا يطعم اللعابين شيئا»‪« 6‬ولا ينقع مفاصله ولا أصابعه في الصلاة»‪٢‬‏‬ ‫«أو غماء بطين‪ 6‬أو يحفر فيها حفرًا ويطويها بجص أو بآجر© فكل ذلك‬ ‫منكر على من فعله ومن أحدث ذلك ينكر عليه‪ ،‬ويؤمر برد ما أحدث‪.‬‬ ‫ولا يحظر فيها شوا ولا يوعث المسلك ولا يحولها من موضعها‬ ‫‏(‪ )١‬القسم الثاني‪ ،‬باب في ذكر الإيلاه‪.‬‬ ‫‏(‪ )٢‬القسم الثاني‪ 6‬باب في ذكر الخلع‪.‬‬ ‫‏(‪ )٢‬القسم الثاني‪ 0‬باب في ذكر المفقود‪ ،‬باب في ذكر الغائب وأحكامه‪.‬‬ ‫‏‪٢٥٩‬‬ ‫( المختصر والرسالة)‬ ‫المبحث الثالث‪ :‬مقارنة بين منهجي‬ ‫‪-..‬‬ ‫ولا يجعل فيها ساقية‪ .‬ولا يلقى فيها حجارةء ولا سلا ولا أمتعة‬ ‫ولا يجوز له أن يجعلها دكاكين لبيع ولا شراء ولا يتخذها مجالس"‬ ‫ولا يوعث مسلكها بكبس تراب ولا رش ماء‪ ،‬ولا مبارك دواب‪٥‬‏‬ ‫ولا غرس كرم ولا قرط ولا سدر ولا كمام بطين‪ 6‬ولا غير ذلك" وذلك‬ ‫كله منكر على من فعله» وغير هذا مما قمت بشرحه وبيان معناه أثناء‬ ‫تحقيق المتن‪.‬‬ ‫إطنابه بعض الشىء فى تلقين المكلف العبارات الشرعية عند ممارسة‬ ‫‪٧‎‬۔‬ ‫الحكم" وهذا يظهر كثيرا في كتاب النكاح بأبوابه المختلفة‪ .‬وهو أمر‬ ‫جرت عليه فيما بعد مؤلفات العمانيين وآخرها كتاب «تلقين الصبيان»‬ ‫للإمام السالمي مثل هذه العبارات‪« :‬ولفظ الرد أن يقول‪ :‬اشهدوا أني‬ ‫قد رددت زوجتي فلانة بنت فلان بحقها وما بقي من طلاقها‪ ،‬فذلك‬ ‫جائزش وإن قال‪ :‬قد رددتها وراجعتها بحقها على ما بقي من طلاقها‬ ‫فذلك جائز وإن قال‪ :‬قد رددتها على ما كنا عليه من الزوجية فذلك‬ ‫جائز‪ ،‬وإن قال‪ :‬اشهدوا أني قد راجعتها على ما بقي من طلاقها‪ ،‬ولم‬ ‫يذكر الحق فذلك جائز‪ .‬وقد قيل‪ :‬إنه إذا ذكر الحق عند المراجعة لزمه»‪.‬‬ ‫أطال النفس قليلا في باب الحج وأداء المناسك فبدأ رحلته من بيت‬ ‫الناوي للحاج ورافقه في الطريق وأدخله الحرم ثم ودعه إلى وطنه‬ ‫في الوقت الذي صدر فيه كتاب الحج بجملة من الأحكام الضرورية‬ ‫التي يحتاج إليها الحاج‪ .‬وفعل مثل ذلك في الفرائض حيث أطال‬ ‫عن قسمة الميراث على الفروض والعصبات© ووضع للقارئ‬ ‫الحديث‬ ‫تفاصيل القسمة كيف تكون صحيحة وبالعول وبالرد وبالكسر‪ 6‬وغيرها‪.‬‬ ‫وقع للبسيوي تكرار في بعض الابواب" مثل باب البيوع والفرائض‬ ‫وغيرها‪ .‬وهذا في نظري يعود إلى تصرف النساخ حيث أعاد علماء‬ ‫الإباضية والمالكية في الشرب الإسلامي‬ ‫‪77‬‬ ‫لنآهكا‬ ‫القرن العاشر ترتيب الكتاب حسب الأبواب المتعارف عليها لاحقاء‬ ‫وإلا فإن النسخة المغربية لا تصدر الفقرات بمصطلح «باب» وإنما‬ ‫«ذكر»‪.‬‬ ‫‏‪ ٠‬يلجأ البسيوي إلى جمع متفرقات المسائل في الكتاب الواحد إلى‬ ‫إفرادها بباب خاص تحت عنوان «أحكام عامة» فعل ذلك مع الصلاةء‬ ‫والحج والصيام‪ .‬وغالب هذه الاحكام تركز على نتائج المفاسد‬ ‫والمبطلات‪ ،‬والمخالفات التي يفوت بها المكلف حكما من الأحكام‬ ‫أو يقع في المخالفات الشرعية‪ ،‬فيخبره البسيوي بما يلزمه من ذلك‪.‬‬ ‫‏‪ ٢‬منهجه في التأليف‪:‬‬ ‫يختلف منهج البسيوي عن نظيره القيرواني في التأليف© بسبب حرص‬ ‫الأخير على استحضار ذهنية المتعلم الصغير أثناء الدرس أما الأول فقد كان‬ ‫يراعي عدم الإطالة «ولو أردنا الإكثار لطال به الكتاب©ؤ ولكنا لم نرد أن‬ ‫نجعل في هذا الكتاب حجججا ولا سنا ولا إكثارًا‪ ،‬وإنما جعلنا نكتب‬ ‫المسائل مجموعة لسرعة المتعلم لها»‪ .‬وحرص البسيوي هذا لا ينافي زيادة‬ ‫جرعة التعلم مع الحفاظ على سرعة الاستيعاب وتجنب الإطالة «والأيمان‬ ‫أكثر من هذا لو استقصينا عليها لطال بها الكتاب وملها قاريها»۔‬ ‫ويمكن توضيح منهج البسيوي في التأليف من خلال النقاط التالية مع‬ ‫الإشارة إلى مواضع الاختلاف مع الرسالة‪:‬‬ ‫‏‪ ١‬يصدر البسيوي مختصره بمقدمة في أهمية العلم والتعلم" والآيات‬ ‫والاحاديث التي تحث على ذلك‘ والهدف هو فتح شهية المتعلم ودفعه‬ ‫إلى الإقبال عليها بخلفية طلب العبادة والاجر‪ .‬في حين تخلو الرسالة‬ ‫من هذا الاتجاه كما يخلو منها كذلك مختصر خليل ربما لان شغل‬ ‫الأول هو الحرص على شدة الاختصار وشغل الثاني هو الجانب‬ ‫‏‪٦٣٦‬‬ ‫( المختصر والرسالة)‬ ‫المبحث الثالث‪ :‬مقارنة بين منهجي‬ ‫ح‬ ‫الفقهي المحض وعليه فإن هذه ميزة تحسب للبسيوي‪ .‬لكنه سيعود‬ ‫بعد جملة أبواب إلى بيان ما يتعلمه المكلف وما يجب عليه أن يعلمه‬ ‫من أحكام الدين والشريعة ۔ ولربما عذره في ذلك هو أنه بصدد‬ ‫التمهيد للحديث عما يسع جهله وما لا يسع‪.‬‬ ‫‪٢‬۔‏ بعد الحديث عن أهمية العلم دخل البسيوي في موضوع التوحيد بشيء‬ ‫من التفصيل© بدأ بالحديث عن ما يسع ولا يسع جهله في أمر الإيمان‬ ‫والإسلام‪ ،‬معرقا في الوقت نفسه بالإيمان والإسلام؛ وذلك على النحو‬ ‫التالي‪:‬‬ ‫‪ 7‬في ذكر ما لا يسع جهله‪.‬‬ ‫في معرفة التوحيد‪.‬‬ ‫في ذكر النعم التي أنعم الله بها على عباده‪.‬‬ ‫في الإسلام وإكماله‪.‬‬ ‫وبين هذه الأبواب تداخل؛ يمكن بشيء من الجهد ضمها تحت بابين‬ ‫نقط «باب الإيمان وحقيقته وباب «معرفة التوحيد» لكن هذا التفصيل على‬ ‫هذا النحو فيه تداخل المعارف وقد يكون عذر المؤلف هو اشتغاله بالاتجاه‬ ‫الفقهي في التأليف‪ ،‬إذ لم يكن معهودا في ذلك العصر إفراد العقيدة بكتاب‬ ‫مستقل" وصنيع البسيوي في الجامع يؤيد هذا‪.‬‬ ‫وما يميز حديث البسيوي في هذه المقدمة هو تجنب ذكر الخلافات‬ ‫العقدية فيها‪ ،‬والتركيز على ما يشترك فيه المسلمون جميعا في أمر الاعتقاد‬ ‫بعيدا عن الاتجاهات الطارئة عليه فهو هنا لم يتحدث كما فعل في الجامع‬ ‫عن نفي الرؤية أو خلق القرآن" أو خلود مرتكب الكبيرة في النار‪ ،‬أو أفعال‬ ‫العباد أو القدر أو صفات الذات إنما اكتفى بذكر ما يتصف به سبحانه من‬ ‫الإباضية والمالكية هي الغرب الإطلمي‬ ‫لها‬ ‫ترة‬ ‫ذ‬ ‫نعوت الجلال والكمال" بخلاف القيرواني الذي كان مسكونًا بتقرير الاتجاه‬ ‫العقدي للمدرسة السنية‪ .‬سواء كان ما يتعلق بالتوحيد أو حتى بالصحابة ؤؤن‬ ‫وقد تضمنت مقدمته في التوحيد مائة وثمانية وثلاثين مسألة ركز فيها على‬ ‫أبرز القضايا الخلافية بين الأشاعرة والمعتزلةى بل ومن بينها «رؤية الله‬ ‫تعالى يوم القيامةه‪« 5‬القرآن غير مخلوق»ء «خروج مرتكب الكبيرة من النار»‪.‬‬ ‫لكن عقيدة القيرواني في الصفات لم تتحدد معالمها جيدا في هذه المقدمة‪.‬‬ ‫هل هي عقيدة سلفية حنبلية أم هي أشعرية‪ ،‬ولذلك كشر الخلاف حول‬ ‫عقيدته في شروح الرسالة‪ ،‬واعتبرته المدرسة الحنبلية سلفيا في هذا‬ ‫الجانب'‪ ،‬وقد بينت في مقدمة تحقيقي للمختصر الأسباب التي دفعت‬ ‫بالقيرواني إلى التركيز على هذا الجانب العقدي‪.‬‬ ‫وفي نظري فإن اتجاه البسيوي أنسب للمتعلمين وأفضل في تاسيس‬ ‫القضية الإيمانية من الرسالة؛ لان المتعلم لا يرغب بداية أن يخوض في هذه‬ ‫القضايا أو يقنع بها إلا في وقت لاحق من التأسيس والمكانة العلمية‪ .‬لكن‬ ‫كما قلنا إلتهاب أجواء القيروان بالخلافات الحادة يعد مبررا قويا للقيرواني"‪.‬‬ ‫ورغم حرص الشيخ ابن أبي زيد على ضم جزئيات العقيدة تحت هذه‬ ‫المقدمة إلا أنها لم تسلم من النقد؛ لأن الاشتغال بتقرير معتقد أهل السُئة‬ ‫‏(‪ )١‬ينظر‪ :‬الفواكه الدواني ‏(‪ )٢٠٨/١‬التبصرة في نقد رسالة ابن أبي زيد القيرواني© أبو عبدالله‬ ‫محمد بن عمر ابن الفخار القرطبي ص ؟‪.١٠‬‏ عقيدة السلف مقدمة ابن أبي زيد القيرواني؛‬ ‫أحمد بن مشرف الاحسائي المالكي تقديم‪ :‬بكر أبو زيد" دار العاصمة ‪ -‬الرياض المملكة‬ ‫العربية الىعودية‪ .‬ص‪١٦١‬‏ وما بعدها‪.‬‬ ‫() ينظر‪ :‬تطور المذهب المالكي في المغرب الإسلامي حتى نهاية العصر المرابطي صفحة‬ ‫‏‪ . ٠‬وثقافة المجتمع القيرواني في القرن الثالث الهجري" د‪ .‬عبدالمجيد حمزةا شركة‬ ‫فنون الرسم والنشر ۔ تونس‪ ،‬ط ‏‪ :١‬‏م‪/٧٩٩١‬اه‪ ٨١٤١‬ص ‏‪ ١٩٠‬وما بعدها‪ .‬عقيدة السلف‬ ‫مقدمة ابن أبي زيد القيرواني أحمد بن مشرف الأحسائي المالكيث ص ‏‪.٦١‬‬ ‫‏‪٦٢٦٢‬‬ ‫المبحث الثالث‪ :‬مقارنة مين منهجي ( المختصر والرسالة)‬ ‫_‬ ‫سيدفع بهذه الخلافات على أنها مما أوجب الله اعتقادهء وأن ضده ينافي‬ ‫الإيمان‪ ،‬وهذا ما لم يقل به أحد من المالكية أصلا لسعة الخلاف بالتأويل‬ ‫في هذه القضايا‪ ،‬ولذلك يقول علي الصعيدي العدوي المالكي في حاشيته‬ ‫على شرح الرسالة عندما تحدث عن ذكر الصحابة من ضمن ما يجب الإيمان‬ ‫به‪« :‬مما يجب اعتقاده على تقدير خطورة هذه على البال أو ذكرهم باللسان‪3‬‬ ‫وإلا فليست هذه التفصيلات مما أوجب الله على المؤمنين اكتسابه أو‬ ‫اعتقاده‪ .‬بل لو غفل عن هذه المسالة مطلقا لم يقدح ذلك في الدين‪ .‬نعم‬ ‫متى خطرت بالبال أو تحدث فيها اللسان وجب الإنصاف‘ وتوفية كل ذي‬ ‫حق حقه كما أفاده اللقاني»‪6«.‬‬ ‫‪٣‬۔‏ يبتدئ البسيوي أغلب الأبواب بآية أو حديث" في حين تخلو الرسالة‬ ‫من ذلك إلا في بعض المواضع وفي بعض الاحيان ياتي البسيوي‬ ‫بالآية ويدعمم دلالتها بالحديث‪ ،‬وكذلك الحال في ثنايا الباب بحيث‬ ‫لا يكاد يخلو باب واحد من عدد من الأحاديث والآيات‪ ،‬أما القيرواني‬ ‫فإنه يأتي فقط بالحكم المستنبط من الآية دون إيرادها بنصها كقوله‪:‬‬ ‫«دوصلاة الخوف واجبة أمر الله يلة بهاء!"‪« 8‬دوحرم الله سبحانه وطء‬ ‫الكوافر ممن ليس من أهل الكتاب بملك أو نكاح ويحل وطء‬ ‫الكتابيات بالملك ويحل وطء حرائرهن بالنكاح ولا يحل وطء إمائهن‬ ‫بالنكاح لحر ولا لعبده!"'‪ .‬وأما الأحاديث فالغالب أنها تأتي متوا‬ ‫للمؤلف كما أوضحنا ذلك سابقا‪.‬‬ ‫‏(‪ )١‬حاشية علي الصعيدي على شرح الرسالة ۔ لعلي بن محمد المنوفي المالكي الشاذلي‬ ‫‏‪ ١‬نقلا عن؛ محاضرات ملتقى عبدالله بن ابي القيرواني‪ .‬الاستاذ محمد الحبيب‬ ‫عباس ص ‏‪.١٤٩‬‬ ‫(‪ )٢‬رسالة القيرواني (ص‪)٩١ ‎‬۔‬ ‫(‪ )٣‬رسالة القيرواني (ص‪.)١٤٧ ‎‬‬ ‫الإباضية والمالكية في القرب الإعلامي‬ ‫‪٢٦٤‬‬ ‫‪٦‬يك‪‎‬‬ ‫يبتدئ البسيوي الكثير من الأبواب بما يجب على المكلف فعله وبما‬ ‫يلزمه تجاه ذلك الفرض ثم يعقب في نهاية الباب بالممنوعات‪ ،‬ونتائج‬ ‫المخالفات وما يلزم المكلف حال النسيان أو التعمد‪.‬‬ ‫للمكلف‬ ‫ما يحبه‬ ‫وبيان‬ ‫يعنى البسيوي كثيرا بترجيحاته في المختصر‬ ‫من الآراء المختلف فيها بعبارة «أحب إلي» كما لا يعنى في كتابه بنسبة‬ ‫الأقوال إلى قائليها‪ ،‬ولا يذكر كذلك مسميات المذاهب© كما لا يعنى‬ ‫أيضا بذكر رموز المذهب وعلمائه المؤسسينح وإنما يكتفي بالإشارة‬ ‫إلى بعض شيوخه وذلك نادر أيضا‪ .‬أما القيرواني فإنه يركز كثيرا على‬ ‫طباعة الاتجاه المذهبي في ذهنية المتعلم فهو يخبره بأن هذا رأي «أهل‬ ‫المدينة»‪ ،‬وأن هذا قول «مالك» مؤسس المذهب وقول تلاميذه الذين‬ ‫أخذوا على عاتقهم قضية امتداد هذه المدرسة وتأصيلهاء «فأجازه‬ ‫أشهب وكرهه ابن القاسم»_& «واختلف في كفن الزوجة فقال ابن‬ ‫إن‬ ‫وقال سحنون‪:‬‬ ‫في مالها‪ ،‬وقال عبد الملك‪ :‬في مال الزوج‪،‬‬ ‫القاسم‪:‬‬ ‫كانت ملية‪."٨...‬‏‬ ‫والبسيوي هنا ۔ في نظري ۔ يحاول أن يضع الطالب في أجواء عصره‬ ‫وعلماء زمانه بالإضافة إلى تنبيه الطالب على قدرة أستاذه على‬ ‫قوة تمسك الطالب‬ ‫من‬ ‫يزيد‬ ‫وهذا‬ ‫والترجيح والاختيار‬ ‫الاستنباط‬ ‫بشيخه‪ .‬أما القيرواني فيمكن أن يكون عذره في التالي‪:‬‬ ‫‪ -‬صغر سنه أثناء التأليف حيث كان عمره سبعة عشرة سنة‪ ،‬وهذا يعفيه من‬ ‫قضية التنبيه على شخصيته الاجتهادية‪.‬‬ ‫(‪ )١‬رسالة القيرواني‪٦٠١). ‎‬ص(‬ ‫(‪ )٢‬رسالة القيرواني‪( ‎‬ص‪.)١٠١‬‬ ‫‏‪٢٦٥‬‬ ‫المبحث الثالث‪ :‬مقارنة بين منهجي ( المختصر والرسالة)‬ ‫‪---‬‬ ‫۔ تعدد المدارس المتنافسة في القيروان‪ ،‬وضرورة تدعيم المذهب المالكي‬ ‫كخيار استراتيجي في المواجهة‪.‬‬ ‫۔_ حرص المدرسة المالكية على الاتباع وعدم الخروج عن خط الإمام مالك‬ ‫وأصحابه ۔ بخلاف الإباضية الذين يعدون أكثر انفتاحا على المدارس‬ ‫الأخرى© وأكثر دعوة إلى توسيع دائرة الاجتهاد ونبذ التقليد‪ ،‬وقد كان‬ ‫ذلك مسلكهم منذ البداية بحيث يصح لكل عالم زمانه وقدوة عصره أن‬ ‫يخط لاهل زمنه وتلاميذه منهجا يتلاءم مع المفتى به في عصرهم!‬ ‫ويتوافق مع قدراتهم العلمية‪ .‬فمتى ما ثبت الدليل وصح النظر من‬ ‫المجتهد المتبحر فله أن يقول رأيه وأن يحرر المسائل والأحكام وليس‬ ‫هناك بعد النبي ية معصوماً من الخطاء على أنه لا بد من الاحتفاظ بخط‬ ‫المذهب في القواعد والأصول والاحتفاظ بما أجمع عليه علمائه وجرى‬ ‫عليه العمل مما يعد هوية مذهبية تم الاتفاق عليها عند التأسيس‪ .‬وهو‬ ‫حظ يشترك فيه المالكيةً إلا أن الغالب هو الاتباع والتقيد بآثار‬ ‫الأسلاف‪.'١‬‏‬ ‫‪٦‬۔‏ توسع دائرة التفصيل عند أبي الحسن بحيث يعطي كل باب حقه من‬ ‫المسائل المندرجة تحته‪ ،‬فالنكاح باب لوحده والطلاق باب آخر‬ ‫وهكذا الرجعة والظهار والإيلاء والخلع والرضاع‪ ،‬أما الشيخ القيرواني‬ ‫فإنه يجعل كل تلك العناوين تحت باب واحدا ويربط بين مسائلها‬ ‫‏(‪ .)٨٩/١‬وينظر أيضا‪ :‬اصطلاح المذهب عند المالكية[ د‪ .‬محمد‬ ‫‏(‪ )١‬ينظر‪ :‬ترتيب المدارك‬ ‫شرحيلي يرى خلاف ذلك" فالمذهب‬ ‫‏‪ .٥٠٠١‬لكن الدكتور محمد حسن‬ ‫إبراهيم علي ص‬ ‫المالكي أكثر المذاهب انفتاحا على المذاهب الاخرى لدرجة أنه جعل من اصوله اصلا‬ ‫خاصا بالعلاقة مع المذاهب الاخرى وهو المسمى ب مراعاة الخلاف‪ .‬ينظر للتوسع‪ :‬تطور‬ ‫المذهب المالكي في المغرب الإسلامي حتى نهاية العصر المرابطي ص ‏‪.٢٢٣ 0٦٢٢‬‬ ‫الإباضية والمالكية في الغرب الإسلامي‬ ‫‏‪٢٦٦‬‬ ‫‪7‬‬ ‫على اعتبار أنها تنتظم في المطولات تحت كتاب واحد‪ .‬لكن هذا‬ ‫المسلك سيجعله يقتصر على المسائل المهمة فيها دون التفريعات‬ ‫والجزثيات الاخرى ومثل ذلك العدة والنفقة والاستبراء‪ ،‬باب واحد‪6‬‬ ‫والشفعة والهبة والصدقة والحبس والرهن والعارية والوديعة واللقطة‬ ‫والفصب© باب واحد‪ .‬أما البسيوي فإن لكل واحد من هذه العناوين‬ ‫باب مستقل يكاد يستوعب الجزثيات المندرجة ت تحته ما عدا قضايا‬ ‫الخلافؤ والنوازل واللواحقؤ وطريقة البسيوي هنا تتفق مع طريقة ابن‬ ‫عبد البر في كتابه الكافي في فقه أهل المدينة‪.‬‬ ‫اقتصر البسيوي في منهجية تأليفه على مقدمة في التوحيد ثم الأحكام‬ ‫‏‪٧‬‬ ‫الفقهيةإ ولم يتعرض للآداب العامة؛ كآداب الطعام والشراب والسلام‬ ‫والاستئذان كما فعل ابن أبي زيدؤ ولم يضم إلى كتابه كذلك ما يتعلق‬ ‫بالرؤى والعلاج وغيرها مما تميز به القيرواني في الرسالةث حيث كانت‬ ‫أي‪ :‬الرسالة ۔بحسب التفاصيل السابقة تنقسم إلى أربعة عناوين كما‬ ‫هكل ما يتعلق بالتصرفات‬ ‫أسلفنا ويأتي العنوان الرابع يتحدث عن‬ ‫التي تصدر عن الاشخاص في دائرة المسموح به شرعا تبعا لمقتضياتها‬ ‫من أحوال أصحابها مما لا يمس بالآخرينك ولا يتعلق بمناط حكم‬ ‫شرعي في عبادة أو معاملة أو أدب إسلامي أو مبدأ من مبادئ الاعتقاد‬ ‫أو العمل أو أصل من أصول الديانة وفروعها”'‪.‬‬ ‫‪٨‬۔‏ تتضح في مختصر البسيوي ظاهرة الاستدلال بالأدلة التبعية كالإجماع‬ ‫‪ -‬بحسب من صنفه تبعيا ۔ والقياس‪ 6‬وكذلك ما يتعلق بالدرس الدلالي‬ ‫في القرآن الكريم بينما لا نجد شيئا من هذا في الرسالة‪ ،‬ولعل الفارق‬ ‫هو أن الرسالة موجهة إلى طلبة العلم الصغار وليس لهم دراية بهذاء‬ ‫(‪ )١‬الاستاذ محمد الحبيب عباس ملتقى عبدالله بن ابي زيد ص‪.١٦٧ ‎‬‬ ‫‏‪"٧‬‬ ‫المبعث الثالث‪ :‬مقارنة بين منهجي ( المختصر والرسالة)‬ ‫بينما وجهة المختصر إلى متوسطي طلبة العلمإ كما يتضح ذلك في‬ ‫عبارات البسيوي من نحو قوله‪« :‬وصفت لك‘ بينت لك‪ .‬وغيرها مما‬ ‫يتعلق بافتراض طالب علم قادر على الفهم والاستيعاب‪.‬‬ ‫‪١‬‬ ‫ا‪ ١ ‎‬ذ‪‎‬‬ ‫نحذ‪٠٠‬‬ ‫‪٠٠‬‬‫خا‪ ‎‬ن‬ ‫بعد انقضاء القرن الرابع الهجري أو انقضاء عقده الثامن كان العالم أمام‬ ‫تراث عالمين جليلين خط كل واحد منهما لمذهبه خطا جديدا في التاليف©‬ ‫وطبع حرضًّا شديدا على تبسيط الفقه وتسهيل مادته‪ .‬وفي النقاط التالية‬ ‫سوف نجمل ما تم تناوله في هذا الفصل‪:‬‬ ‫نشأ كل من آبي الحسن والقيرواني في القرن الرابع الهجري وآلت‬ ‫‏‪١‬‬ ‫إليها الرياسة العلمية في كل من عمان بالنسبة لابي الحسن والقيروان بالنسبة‬ ‫لابن آبي زيد‪.‬‬ ‫‏‪ ٢‬۔ تجلى نبوغ العلمين في مرحلة مبكرة مانلتحصيل الدراسي؛فابو‬ ‫إلا أنه كان قادرا على مناظرة قرين شيخه ابن بركة‬ ‫الحسن رغم صغر سه‬ ‫سعيد الكدمي والراجح أن تأليفه للمختصر كان في‬ ‫وهو العلامة الجليل أبو‬ ‫تعليمي؛ لأن مضامينه تدل على أن تأليفه كان قبل‬ ‫وقت مبكر أيضا لغرض‬ ‫فإن تأليفه للرسالة كان في عقده الثاني‪ ،‬ومع ذلك‬ ‫الجامع‪ .‬أما ابن أبي زيد‬ ‫حققت صيئًا كبيرا وتأثيررا عظيما حتى اعتبرت عمدة المذهب وزبدة العلم‬ ‫وباكورة السعد‪ .‬كما أن لجوء معلمي الصبيان إليه للتأليف وهو صغير فيه‬ ‫دلالة على عمق معرفته وسطوع نجمه في أوساط الناس‪.‬‬ ‫الإباضية والمالكية هي الغرب الإطلمي‬ ‫ترة‬ ‫‪-‬‏‪٢٧٠‬‬ ‫‏‪ ٣‬۔ يتفق آبو الحسن ونظيره أبو محمد في أسلوب تأليف المختصر‬ ‫والرسالة مع بعض الفوارق البسيطة التي تقضيها المرحلة الدراسية‬ ‫المستهدفة وإلا فإن المقدمة العقدية والفروع والأبواب الفقهية شيء‬ ‫يشتركان في انتهاجه‪ ،‬مع بعض الزيادات في أبواب الرسالة مما يتعلق‬ ‫بالعلاج والرؤى‪ ،‬وزيادات الفروع والاحكام الفقهية بالنسبة للمختصر‪.‬‬ ‫‏‪ ٤‬۔ حظيت الرسالة بالكثير من الدراسات التي تناولت الأسلوب‬ ‫والمنهج من جهة‪ .‬وبالشروح الكثيرة والتحشيات التي تجاوزت المائة“}‬ ‫بينما لم يحظ المختصر بشي من ذلك سوى ما قام به بعض العلماء من‬ ‫نظمه‪ .‬ثم اقتصر البقية على العمل بما فيه والثناء عليه‪.‬‬ ‫‏(‪ )١‬قام شيخنا الأستاذ الدكتور الحسن الزين الفيلالي رئيس المجلس العلمي بمدينة صفرو‬ ‫بدراسة ببليوغرافية لشروح الرسالة وتعليقاتها وحواشسها في خزانات المملكة المغربية؛‬ ‫توصل من خلالها الى العثور على ‏‪ ١٣٤‬مخطوطا ومطبوعما طبعة حجرية‪ .‬مع تأكيده بان‬ ‫زيادة البحث ربما سيزيد هذا العدد كثيرا‪ .‬ينظر‪ :‬محاضرات ملتقى عبدالله بن ابي زيد‬ ‫القيرواني ‪١٤١٤٣‬ه‪١٩٩٣/‬م؛‏ ص‪.١٤١-١١٩‬‏‬ ‫المبحث الأول‪ :‬مختصر البسيوي‬ ‫ه المطلب الأول‪ :‬توثيق اسم الكتاب وصحة نسبته إلى المؤلف‪.‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬أسباب وضع الكتابث وتاريخ التأليف‪.‬‬ ‫المطلب الثالث‪ :‬موضوع الكتاب ومحتواه‪.‬‬ ‫المطلب الرابع‪ :‬تأثره بمن سبق‪.‬‬ ‫المطلب الخامس‪ :‬مكانته بين العلماء‪.‬‬ ‫المنهج الاستدلالي لدى الشيخ البسيوي‬ ‫المبحث الثاني‪:‬‬ ‫الققهمي‬ ‫قي مختصره‬ ‫‏‪ .٠‬المطلب الأول‪ :‬المنهج الاستدلالي عند أبي الحسن (المصادر‬ ‫التشريعية)‬ ‫الفرع الأول‪ :‬الاستدلال بالقرآن‪.‬‬ ‫الفرع الثاني‪ :‬الاستدلال بالسُئة‪.‬‬ ‫الفرع الثالث‪ :‬الاستدلال بالإجماع‪.‬‬ ‫الفرع الرابع‪ :‬الاستدلال بالقياس‪.‬‬ ‫الفرع الخامس‪ :‬الاستدلال بقول الصحابي‪.‬‬ ‫الفرع السادس‪ :‬الاستدلال بالاستحسان‪.‬‬ ‫المبحث الثالث‪ :‬المخالفات والترجيحات‬ ‫بها من‬ ‫ومن قال‬ ‫المذهب©‪٥‬‏‬ ‫أبي الحسن لمشهور‬ ‫مخالفة‬ ‫‏‪٠‬‬ ‫المالكية‪.‬‬ ‫ه نماذج وأمثلة‪:‬‬ ‫المطلب الأول‪ :‬المسألة الأولى‪.‬‬ ‫ه‬ ‫الثاني‪ :‬المسألة الثانية‪.‬‬ ‫المطلب‬ ‫ه‬ ‫الثالث‪ :‬المسألة الثالثة‪.‬‬ ‫المطلب‬ ‫ه‬ ‫الرابع‪ :‬المسألة الرابعة‪.‬‬ ‫المطلب‬ ‫ه‬ ‫الخامس‪ :‬المسألة الخامسة‪.‬‬ ‫المطلب‬ ‫ه‬ ‫المبحث الرابع‪ :‬منهج التحقيق‬ ‫المطلب الأول‪ :‬المخطوطات المعتمدة في التحقيق‪.‬‬ ‫ه‬ ‫ه المطلب الثاني‪ :‬خطة التحقيق‪.‬‬ ‫خاتمة عامة‬ ‫‪٠٠‬‬ ‫‪٠.٠‬‬ ‫تشتمل على تعرببف المختصرات وتاريخها وأسبابها‬ ‫الاختصار في اللغة ‪:‬‬ ‫يناقش اللغويون معنى الاختصار عند مادة «خصره والأصل فيه أنه‬ ‫وسط الإنسان‘ وهي الشاكلة؛ لأنها منطقة يدق فيها الجسم وكأنه فاصل‬ ‫يفصل أعلى الإنسان عن أسفله بمنطقة أقل من القسمين ومن هذا المعنى‬ ‫تأتى بقية الاشتقاقات‪ ،‬فاختصار الطريق سلوك أقربه؛ ومختصرات الطرق‬ ‫التي تقرب في وعورها‪ ،‬وإذا سلك الطريق الأبعد كان أسهل«)‪.‬‬ ‫ومن هنا يأتي معنى اختصار الكلام‪ :‬فهو إيجازه وترك الفضول منه بحيث‬ ‫تستوجز الذي يأتي على المعنى' والاختصار حذف الفضول من كل شيء"‪.‬‬ ‫قال ابن فارس‪« :‬وكان بعض أهل اللغة يقول‪ :‬الاختصار أخذ أوساط‬ ‫الكلام وترك شعبه»''‪ .‬ويجعله ابن عباد مرادفا للقصر فهاختصر الكلام‬ ‫واختصر الطريق أخذ في أقربه‪ ،‬وهذا أخصر من ذاك وأقصر‪.‬‬ ‫‏(‪ )١‬لان العرب ‏(‪.)٢٤٠/٤‬‬ ‫‏(‪ )!٢‬كتاب العين ‏(‪.)١٨٣/٤‬‬ ‫‏(‪ )٣‬لسان العرب ‏(‪.)٢٤٠/٤‬‬ ‫(‪ )٥‬أساس البلاغة‪)١١٥/١( ‎‬۔‬ ‫الإباضية والمالكية في الخرب الإسلامي‬ ‫‏‪٢٧٤‬‬ ‫ترر‪٦‬‏‬ ‫غا‬ ‫وهل الاختصار هو الإيجاز؟ رأيان‪.‬‬ ‫الأول‪ :‬يرى أن الاختصار في اللفظ‪ ،‬أما الإيجاز ففي المعنى«'‪.‬‬ ‫والثاني‪ :‬لا فرق" وعلى هذا بهاء الدين السبكي (ت‪٧٧٢ :‬ه)‪.‬‏ ويذكر‬ ‫السبكي ۔ أنه لا فرق بينهما كذلك عند السكاكي (ت‪٦٦٢٦ :‬ه)‏ فالإيجاز‬ ‫هو الاختصار‪ .‬وإن كان الإيجاز لغة هو تقليل اللفظ مطلقا؛ أي‪ :‬أن الإيجاز‬ ‫أعم!"'‪ .‬كما أن بعضهم يجعلهما مترادفين إذا كان الإيجاز من نوع الحذف‬ ‫وليس القصر؛ لأنه كما هو مقرر عند البلاغيين أن الإيجاز ضربان‪ :‬إيجاز‬ ‫حذف وإيجاز قصرك والفرق بينهما أن الكلام القليل إن كان بعضًّا من كلام‬ ‫أطول منه فهو إيجاز حذفؤ وإن كان كلاما يعطي معنى أطول منه فهو إيجاز‬ ‫قصرا"'‪ .‬وفي تعبير العلامة أبي إسحاق الحضرمي الإباضي (ت‪ :‬بعد ‪٤٧٥‬ه)‏‬ ‫في مقدمة كتابه مختصر الخصال ما يشير صراحة إلى أنه لا فرق بينهما‪6‬‬ ‫يقول‪« :‬فجعلت كتابى هذا مختصرا موجرا‪ ،‬وفصّلته أبوابا وجعلت كل كتاب‬ ‫منه خصالا ليسهل على المتعلم حفظه ويقرب إليه فهمه‪ ،‬ويزيد العالم نباهة‬ ‫في قلبهس وتقوية في علمه‪.'"...‬‬ ‫أما في الاصطلاح‪:‬‬ ‫تستفاد عادة معاني المصطلحات التي تواضع عليها أهل كل فن من‬ ‫معناها اللغوي" وإذا كنا قد قررنا بأن الاختصار في اللغة يأتي بمعنى ترك‬ ‫الفضول وحذفه من كل شيء حسا كان أم معنويا‪ ،‬أو بمعنى آخر اختيار‬ ‫‏(‪ 6)١٥٤/١‬الاختصار والمختصرات في المذهب المالكي" عبد الكريم‬ ‫‏(‪ )١‬الفواكه الدواني‬ ‫محمد قبول‪ 6‬ص‪.٢١‬‏‬ ‫‪.٢٢‬‬ ‫(‪ )٢‬نفسه ص‪‎‬‬ ‫‪٦٢٤‬۔‏‬ ‫)( الاختصار والمختصرات ني المذهب المالكي" عبد الكريم محمد قبول؛ ص‬ ‫(‪ )٤‬مختصر الخصال أبو إسحاق الحضرمي‪١٦. ‎6‬ص‬ ‫‏‪٢٧0‬‬ ‫مقدمة تمهبدية‬ ‫‪-‬‬ ‫‪٦‬‬ ‫أنرب المسافات في الوصول إلى المراد فإن المعنى الاصطلاحي لا يخرج‪‎‬‬ ‫عن هذا المعنى‪‎.‬‬ ‫لكن عبارة الفقهاء سوف تختلف هنا في بيان معنى الاختصار‪‎‬‬ ‫فالإسفراييني يقول بأن‪« :‬حقيقة الاختصار ضم بعض الشيء إلى بعض؛‪‎‬‬ ‫ومعناه عند الفقهاء رد الكثير إلى القليل‪ ،‬وفي القليل معنى الكثير‪ .‬وقيل‪ :‬هو‪‎‬‬ ‫إيجاز اللفظ مع استيفاء المعنى»‘"‪ 8‬وهذا الاخير هو الذي يتوافق مع المعنى‪‎‬‬ ‫دليل السالك‪ :‬ه«المختصرات جمع مختصر‪‎.‬‬ ‫اللغوي ولذلك يقول صاحب‬ ‫وهو تقليل الألفاظ مع كثرة المعنى‪ ،‬فهو اسم مفعول من اختصر الكلام إذا‪‎‬‬ ‫أتى بالمعاني الكثيرة في الألفاظ القليلة من غير إخلال بالمعنى"‪ .‬قال‪‎‬‬ ‫الدسوقي‪ ...« :‬وعلى هذا فالمختصر ما قل لفظه وكثر معناه‪ ،‬ويقابله المطول‪‎.‬‬ ‫وهو ما كثر لفظه ومعناه‪ ،‬وعلى هذا فما كثر لفظه وقل معناه أو ق لفظه‪‎‬‬ ‫ومعناه واسطة بينهماك وأن المختصر ما قل لفظه وكثر معناه أم لا‪ ،‬وان‪‎‬‬ ‫المطول ما كثر لفظه ومعناه‪ ،‬أو قلْ‪ 5‬فقول الشارح‪ :‬الاختصار تقليل اللفظ مع‪‎‬‬ ‫كثرة المعنى هذا أحد قولين‪ ،‬والآخر أنه تقليل اللفظ مطلقا؛ أي‪ :‬سواء كثر‪‎‬‬ ‫المعنى أم لاه"‪‎.‬‬ ‫وعلى هذا فإن الاختصار الذي قصده الفقهاء هو حذف ما لا ضرورة‪‎‬‬ ‫لذكره من التفريعات وكثرة الأدلة والاقتصار على الراجح في المذهب أو‪‎‬‬ ‫عند المؤلف‪ ،‬وترك فضول القول المتعلق بالتعليقات والملاحظات‘ وإن كان‪‎‬‬ ‫الوضع يختلف من نوع إلى آخر‪ :‬فاختصار المطولات يعني تلخيصها‪ ،‬وهو‪‎‬‬ ‫معنى مرادف للاختصار؛ لان «لخص الشيء أخذ خلاصته{ ولخص القول‪‎:‬‬ ‫(‪ )١‬تهذيب الأسماء واللغات‪.٩١-٩٠/٣ ‎‬‬ ‫ص‪.٥٦١٦‬‬ ‫(‪ )٢‬المختصرات الفقهية في المذهب المالكي© محمد جوهار‪‎‬‬ ‫‪-١١‬۔‪.١٩‬‬ ‫حاشية الدسوقي‪‎‬‬ ‫)(‬ ‫الإباضية والمالكية في الغرب الإسللمن‪.‬‬ ‫ترة‬ ‫‪72‬‬ ‫قربه واختصره‪ ،‬ولخص الشيء بينه وشرحه»'‪ .‬لكن التلخيص اختصار مع‬ ‫وضوح العبارة} بخلاف الاختصار الذي يكون غالبا تقليلا في اللفظ مع‬ ‫تكثيف يلفه غموض في المعنى غالبا"‪ .‬وقريبا من هذا‪ :‬الاقتصار‪ .‬لكنهم‬ ‫«فرقوا بين الاقتصار والاختصار؛ بأن الاقتصار هو الاتيان ببعض الشيء‬ ‫وترك بعضه والاختصار تجريد اللفظ اليسير من الكثير مع بقاء المعنى‬ ‫الأصلي‪ .‬ولبعض‪ :‬الاختصار حذف بعض الكلام لدليل‪ ،‬والاقتصار حذف‬ ‫لغير دليل‪.‬‬ ‫بعضه‬ ‫أما ما يتعلق بتنقية المؤلفات من حواشي الكلام أو مبالغاته‪ ،‬أو‬ ‫الزيادات التي تضر بالهدف منه فهو تهذيب‪ .‬وأصل التهذيب والهذب‪ :‬تنقية‬ ‫الاشجار بقطع الأطراف لتزيد نمؤًا وحسنًا ثثم استعملوه هفي تنقيةكل شي‬ ‫وإصلاحه وتخليصه من الشوائب حتى صار حقيقة عرفية في ذلك"_'‪.‬‬ ‫أما وضع كتاب يقتصر فيه على الراجح‪ ،‬ويقدم المادة الفقهية التي عليها‬ ‫العمل دون الإكثار من الأدلة‪ .‬أو حكاية الأقوال فهو أيضا يطلق عليه عند‬ ‫الفقهاء مختصر ومن هذا القبيل‪ :‬مختصر البسيوي‪ ،‬ورسالة ابن أبي زيد‬ ‫القيرواني‪ ،‬والعمدة لابن قدامة‪ ،‬والكافي في فقه أهل المدينة لابن عبدالبر‬ ‫وغيرها‪.‬‬ ‫تاريخ المختضرات‘ وأسباب ظهورها‪:‬‬ ‫أسلفنا سابقا بأن الأمة الإسلامية استقرت على عدد من المذاهب‬ ‫الفقهية‪ ،‬تتبع في التقليد أئمة معينين‪ .‬كان ذلك الاستقرار تحددت معالمه في‬ ‫(‪ )١‬المعجم الوسيط‪.)٨٢٠/٢( ‎‬‬ ‫)‪ (٢‬الاختصار والمختصرات في المذهب المالكي" عبد الكريم محمد قبولث ص‪.٢٤ ‎‬‬ ‫(‪ )٢‬الفواكه الدواني‪.)١٥٤/١( ‎‬‬ ‫(ص‪.)١٠٦٦‬‬ ‫(‪ )٤‬تاج العروس‪‎‬‬ ‫‏‪٦٨٧‬‬ ‫مقدمة تمهبدية‬ ‫‏‪٦‬رف‬ ‫الفرن الرابع الهجري“ أو يمكن القول بأواخر القرن الثالث الهجري‪ .‬ويعتبر‬ ‫الجحوي أن القرنين الثالث والرابع هما قرنا شيخوخة الفقه الإسلاميء‬ ‫لعدة أمور‪:‬‬ ‫‪:7‬‬ ‫أولها‪ :‬شيوع التقليد بين العلماء حتى اضمحل الاجتهاد المطلق من الأمة‬ ‫شيا فشيئا آخر القرن الثالث‪ ،‬ولم يبق في جل الرابع مجتهد مطلق‪.‬‬ ‫الثاني‪ :‬ظهور فساد الاخلاق‪.‬‬ ‫الثالث‪ :‬إنه في القرن الرابع بدأت فكرة الاختصار والإكثار من جمع‬ ‫الفروع بدون أدلةث وشرح تلك المختصرات"‪.‬‬ ‫ومما شجع على فكرة التقليد هو اشتداد النزاع بين أهل الرأي وأهل‬ ‫الحديث في أوائل العصر العباسي «حيث انحاز لكل جانب فريق مخصوص‪،‬‬ ‫واختص كل إمام بتلاميذه‪ ،‬يتلقون عنه المسائل الفقهية وينهجون منهجه في‬ ‫الأصول والأدلة التي بنى عليه اجتهاده فكان من نتيجة ذلك أن بدأت‬ ‫مذاهب هؤلاء يتميز بعضها عن بعض وتأخذ في الذيوع والانتنشار‪ ،‬عن‬ ‫طريق التلاميذ والأتباع‪ .‬ومن هنا يتبين أن الفقه مر بأشواط متعددة} وتقلب‬ ‫في أطوار ومراحل مختلفة»")‪.‬‬ ‫ولقد تحدث العلماء كثيرا عن أسباب جمود الفقه عند المذاهب‬ ‫المتبوعة‪ ،‬وخلو الساحة العلمية من مجتهد مطلق بعد ذلك‘ فبالإضافة إلى‬ ‫ما سبق يرى بعض الباحثين أن ضعف الخلفاء العباسيين وانقسام الأمة إلى‬ ‫إمارات ودويلات حال دون استمرار الاجتهاد في الفقه على المستوى الذي‬ ‫(‪ )١‬الفكر السامي‪.)١٨٢ - ١٨١/٣( ‎‬‬ ‫(؟) ابن القاسم وأثره في الفقه المالكي‪ 6)١٢/١( ‎‬نقلا من كتاب هالمختصرات الفقهية في‪‎‬‬ ‫المذهب المالكي» ص‪.٥٢٣٥ ‎‬‬ ‫الإباضية والمالكية في الغرب الإطلمي‬ ‫‏‪٢٧٨‬‬ ‫‪7‬‬ ‫‪2‬‬ ‫كان عليه أيام قوة الخلافة وتماسك الدولة'‪ .‬غير أن ابن خلدون يرى أن‬ ‫قفل باب الاجتهاد سببه الخوف من تصدر من ليس أهلا للإفتاء «ووقف‬ ‫التقليد في الأمصار عند هؤلاء الأربعة ودرس المقلدون لمن سواهم‪ .‬وسد‬ ‫الناس باب الخلاف وطرقه لما كثر تشعب الاصطلاحات في العلوم‪ .‬ولما‬ ‫عاق عن الوصول إلى رتبة الاجتهاد‪ .‬ولما خشي من إسناد ذلك إلى غير‬ ‫أهله‪ ،‬ومن لا يوثق برأيه ولا بدينه‪ .‬فصرحوا بالعجز والإعواز‪ ،‬وردوا الناس‬ ‫إلى تقليد هؤلاء‪ ،‬كل من اختص به من المقلدين‪ .‬وحظروا أن يتداول‬ ‫تقليدهم لما فيه من التلاعب‪ .‬ولم يبق إلا نقل مذاهبهم‪ .‬وعمل كل مقلد‬ ‫بمذهب من قلده منهم بعد تصحيح الاصول واتصال سندها بالروايةش‬ ‫لا محصول اليوم للفقه غير هذاء"‪.‬‬ ‫وعلى كل حال فإن القرن الرابع شهد بعد ذلك مؤلفات تعنى بظاهرة‬ ‫الخلاف بين الفقهاء المتمذهبين ومدى اتفاقها واختلافها مع أقوال الأئمة‬ ‫المجتهدين الذين لم يتوفر لهم حظ الاتباع بالإضافة إلى اهتمامها بظاهرة‬ ‫الخلاف حتى بين أعلام المذهب الواحد وخاصة تلاميذ المتبوعين‪:‬‬ ‫كالكتب هالتي ألفها أبو بكر محمد بن إبراهيم بن المنذر (ت‪٣١٩ :‬ه)‏ وهي‬ ‫«الإشراف على مذاهب أهل العلم»‪ ،‬والأوسط في السنن والإجماع‬ ‫والاختلاف»‪ ،‬وداختلاف العلماءء‪ .‬وصتف الطحاوي الحنفي (ت‪٣٦٢٠ :‬ه)‏‬ ‫كتبه المشهورة في الاختلاف‪« :‬شرح معاني الآثاره‪ ،‬وداختلاف الفقهاءء؛‬ ‫ويقع كل منها في عدة مجلدات‪.‬‬ ‫وتختص المرحلة ما بين القرنين الرابع والسادس بانقلاب الاختلاف من‬ ‫‏(‪ )١‬المختصرات الفقهية ني المذهب المالكي ص ‏‪ .٥٧٣‬نقلا عن‪ :‬قواعد الفقه المالكي من‬ ‫خلال كتب الإشراف على مسائل الخلاف للقاضي عبد الوهاب‘ رسالة دبلوم الدراسات‬ ‫العليا‪ ،‬كلية الآداب" محمد الروكي‪.‬‬ ‫‏(‪ )٢‬مقدمة ابن خلدون (‪)٤٤٨/١‬۔‏‬ ‫‏‪٢٧٩‬‬ ‫مقدمة تمهيدية‬ ‫‪2‬‬ ‫تر _‬ ‫نقه مقارن إلى جدل عنيف أو هادئ؛ من مثل كتاب أبي الليث نصر بن‬ ‫محمد السمرقندي ارت‪ :‬‏‪ ٧٣‬ه(‪« :‬مسائل الخلاف» أو «مختلف الروايةه‪٬‬‏‬ ‫وكتاب الفراء (ت‪٤٥٠ :‬ه)‪:‬‏ «الخلاف الكبير" وكتاب القدوري الحنفي‬ ‫(ت‪٤٢٨ :‬ها)‪:‬‏ «التجريدء وكتاب البيهقي (ت‪٤٥٨ :‬ه)‪:‬‏ «الخلافيات»‪ .‬وأشهر‬ ‫خلافيات هذه الفترة‪« :‬بداية المجتهد» لابن رشد (ت‪٥٩٥ :‬ه)‪،‬‏ وكتب‬ ‫الغزالي (ت‪ :‬‏‪ ٠٥‬‏‪):‬ه‪« ٥‬مآخذ الخلاف»» و«لباب النظره» و«تحصين المآخذه»‬ ‫والمبادئ والغايات»'‪.‬‬ ‫والآن بعد هذه المقدمة التمهيدية عن حالة الفقه ومرشحات ظاهرة‬ ‫الاختصار نجمل أسياب الاختصارات في النقاط التالية‪ :‬۔‬ ‫۔وفر جوؤالتبلور المذهبي وظاهرة التقليد فرصة التدريس على مذهب‬ ‫واحد وتنشثه طلبة العلم على حفظ المذهب وإتباع أقواله‪ ،‬وقد كان هذا هر‬ ‫الهدف الرئيس للاختصارات‪ ،‬أن يكون لغرض التعليم وتسهيل المادة الفقهية‬ ‫للطالب وتختلف درجة الاختصار باختلاف المرحلة الدراسية المخاطبة‪.‬‬ ‫يظهر ذلك جليا في مقدمات هذه المختصرات كما هو في مقدمة المعونة‬ ‫للقاضي عبد الوهاب والرسالة لابن أبي زيد والكافي لابن عبدالبر‪ ،‬وهذا‬ ‫في المذهب المالكي‪ .‬ومثل ذلك في المذهب الإباضي فالبسيوي يقول مثلا‬ ‫في المختصر‪« :‬ولو أردنا الإكثار لطال به الكتاب‪ ،‬ولكنا لم نرد أن نجعل في‬ ‫هذا الكتاب حججا ولا سنئًا ولا إكثارا‪ 5‬وإنما جعلنا نكتب المسائل مجموعة‬ ‫لسرعة المتعلم لهاه‪ ،‬ومثله يقول أبو إسحاق الحضرمي (ت‪ :‬بعد ‪٤٧٥‬ه)‏ في‬ ‫مقدمة كتابه مختصر الخصال‪« :‬فجعلت كتابي هذا مختصرا موجزا‪ .‬وفضّلته‬ ‫أبواا وجعلت كل كتاب منه خصالا ليسهل على المتعلم حفظه ويقرب إليه‬ ‫فهمه‪ ،‬ويزيد العالم نباهة في قلبه‪ ،‬وتقوية في علمه‪'{...‬‬ ‫‏(‪ )١‬للتوسع ينظر‪ :‬ندوة التأليف الموسوعي" د‪ .‬رضوان السيد (ص ‏‪.)٦٤‬‬ ‫‏(‪ )٢‬مختصر الخصال" آبو إسحاق الحضرمي" ص‪.٦١‬‏‬ ‫الإباضية والمالكية في الغرب الإمللمي‬ ‫ترة‬ ‫كن‏‪٢٨٠‬‬ ‫‏‪ ٢‬هناك سبب آخر أقل شأنا من السبب الأول‪ ،‬وهو «حالة الضعف‬ ‫التي مرت بها الأمة الإسلامية‪ ،‬وانقسامها إلى دويلات‪ ،‬وإغلاق باب‬ ‫الاجتهاد‪ ،‬فانقطع بذلك التشجيع الذي يحظى به الفقهاء من الدول‬ ‫الإسلامية‪ ،‬فكانت النتيجة فتور الهمة والوقوف عند ما ورثوه عن أسلافهم‪.‬‬ ‫يضاف إلى ذلك وجود بعض من لم يتأهل للاجتهاد ويدعيه ويفتي للناس‬ ‫برأيه‪ .‬فعمدوا إلى سد الطريق أمامهم فنادوا بقفل باب الاجتهاد»‪'{.‬‬ ‫‏‪ - ٣‬رغبة كثير من الفقهاء ممن آنس من نفسه قدرة على الاجتهاد‪ ،‬وتر‬ ‫بين تلاميذه شيخا بارعا وعالما مجتهدا يأن يضع لتلاميذه كتابا فقها‬ ‫مختصرا يحرر فيه أقواله‪ ،‬ويرتب فيه مسائله ويضع بصمته الاجتهادية على‬ ‫كثير من مسائلهإ وقد يكون ذلك أيضا طلبا من تلاميذه؛"'‪ .‬ويمكن أن يفهم‬ ‫هذا أيضا من صنيع البسيوي في المختصر؛ حيث كثيرا ما يبدي رأيه في‬ ‫المسائل المختلفة إما بتصحيح قول على آخر‪ ،‬وإما بقوله‪( :‬وهذا أحب‬ ‫إلي)‪ ،‬وإما بدفع القارئ إلى مزيد من النظر والإطلاع في الرأي المعروض‪.‬‬ ‫ويمكن أيضا أن يكون هذا سببًا لتأليف كتاب (الدينونة الصافية) لعمروس بن‬ ‫فتح (ت‪ :‬‏‪ )٢٨٢‬فهو عبارة عن كبسولات دراسية مختصرة في مسائل العقيدة‬ ‫والعبادات والمعاملات يظهر منها وضع مقررات المذهب الإباضي في كل‬ ‫هذه الأقسام‪.‬‬ ‫تأليف هذه يعود‬ ‫هناك بعض المختصرات من أصل مطول‪ ،‬وسبب‬ ‫‏‪٤‬‬ ‫إلى صعوبة حفظ المطولات‪ ،‬أو أن قراءتها تحتاج إلى زمن طويل‪ ،‬لذلك‬ ‫لجأ العلماء إلى اختصارها وتقليل ألفاظها تيسيرا للحفظ‪ ،‬وكذلك جمع‬ ‫‏‪٦٨٨‬‬ ‫مقدمة تمهبدية‬ ‫‪‎‬فر‪٨٩‬‬ ‫ما هو متفرق في كتب المذهب من فروع ليكون أجمع"'‪ ،‬وقد تميز المذهب‬ ‫المالكي بكثرة هذا النوع من المختصرات حتى أن مدونة الإمام مالك‬ ‫اختصرت عشرين مرة ولربما أكثر على مدى أربعة قرون‪.‬‬ ‫أما في المذهب الإباضي فقد اختصر بيان الشرع المكون من ثلاثة‬ ‫وسبعين جزةَا لمؤلفه الشيخ محمد بن إبراهيم الكندي (ت‪٥٠٨ :‬ه)‏ مرتان‬ ‫على يد أبي بكر أحمد بن عبدالله بن موسى الكندي (ت‪٥٥٧ :‬ه)‏ في‬ ‫كتابه «المصنف» في اثنين وأربعين جزةا‪ ،‬ومنهج الطالبين وبلاغ الراغبين‬ ‫في اثنين وعشرين جزءا للشيخ خميس بن سعيد الشقصي الرستاقي‬ ‫(‪١٠٦٠‬ه)‪.‬‏‬ ‫الولع‪ ،‬والتناغم‪ :‬وأقصد بهما ولع بعض العلماء بتأليف ثلاثة كتب‬ ‫‏‪٥‬‬ ‫في المذهب الواحد‪ :‬مطول ومتوسط ومختصر كما فعل الغزالي في‬ ‫(الوسيط والوجيز) وابن قدامة عندما ألف المغني (مطول)ء والمقنع‬ ‫(متوسط)ء والكافي (أوسع قليلا من المقنع)‪ ،‬وعمدة الفقيه (مختصر) لطلبة‬ ‫العلم‪.‬‬ ‫وأما التناغم فهو السير على ركاب الجمهور واتباع موضة العصر‪ ،‬وهذا‬ ‫يظهر في مقدمة ابن الحاجب في مختصره الشهير في أصول الفقه (مختصر‬ ‫المنتهى)‪« :‬فإني لما رأيت قصور الهمم عن الإكثار وميلها إلى الإيجاز‬ ‫والاختصار صنفت مختصرا في أصول الفقس ثم اختصرته على وجه بديع‬ ‫وسبيل منيع لا يصد اللبيب عن تعلمه صاد‪ ،‬ولا يرد الأديب عن تفهمه‬ ‫راده"'‪.‬‬ ‫‪.٨٨‬‬ ‫(‪ )١‬مباحث في الفقه المالكي" ص‪‎‬‬ ‫(‪.)٢٢٩/١‬‬ ‫(‪ )٢‬مختصر المنتهى مع شرحه ابن الحاجب‪‎‬‬ ‫الإباضية والمالكية في الغرب الإسلامي‬ ‫‏‪٢٨٢‬‬ ‫‪٨٢‬‬ ‫‏‪ ٦‬۔ هناك سبب سادس لتأليف المختصرات يتميز به المذهب الإباضي‘©‬ ‫وهو الأثر السياسي المرحلي على جماعة الإباضية في كل من الغرب‬ ‫الإسلامي واليمن‪ ،‬ففي جبل نفوسة بليبيا وضع أبو زكريا الجناوني‬ ‫(ق‪٥ :‬ه)'‏ كتابه المختصر (الوضع) لأنه عايش فترة تحول واضح بالنسبة‬ ‫إلى إباضية المفربؤ ذلك أن هؤلاء قد حاولوا طيلة القرن الرابع للهجرة‬ ‫إحياء إمامة الظهور بعد سقوط الإمامة الرستمية سنة ‪٢٩٦‬ه‏ من خلال ثورة‬ ‫ابي خزر الحامي (‪٣٥٨‬ه‪٩٦٨/‬م"'‏ لكن جهودهم ياءت بالفشل ففكروا‬ ‫تفكيرًا جديا عملا للحفاظ على كيانهم في التحول إلى مسلك الكتمان‘‬ ‫فكان من مقتضياته زيادة طابع الهوية الفقهيةا"'‪.‬‬ ‫أما في اليمن فقد كان الخوف يسيطر على أبي إسحاق الحضرمي من‬ ‫اندراس المذهب وتحول أتباعه إلى علوم المذاهب الأخرى؛ فوضع كتابه‬ ‫‏(‪ )١‬أبو زكريا يحيى بن الخير الجناوني العلامة الإباضي" هو حفيد آبو الخير توزين الجناوني‬ ‫معاصر الشيخ أبو الخير توزين الزواغي‪ .‬وحيث إن هذا الاخير كان يعيش في ظل حكم‬ ‫الأمير الزيري لقيروان المعز بن باديس (‪٤٥٤-٤٠٤‬ه‪١٠٦١٢-١٠١٦١/‬م)؛‏ فالغالب أن أبا‬ ‫زكريا هو من جماعة الاشياح الإباضيين الذين عاشوا في أواخر القرن الخامس الهجري!‬ ‫الحادي عشر الميلادي" أو في النصف الاول من القرن الادس الهجري‪ /‬الثاني عشر‬ ‫الميلادي‪.‬‬ ‫درس تحت إمرة الفقيه العلامة أبو ربيع سليمان بن آبي هارون بجامع إبناين‪ 6‬وتألق في‬ ‫الادب الإباضي بفضل سعة علمه وبصفة خاصة بفصل اجتهاداته الفقهية‪ .‬ينظر‪ :‬تسمية‬ ‫ِ‬ ‫شيوخ جبل نفوسة وقراهم (ص ‏‪.)٩٠‬‬ ‫‏(‪ )٢‬يعد أبو خزر يغلا بن زلتاف الوسياني الحاقي من علماء القرن الرابع الهجري الذين بلغوا‬ ‫درجة الاجتهاد في المذهب الإباضي إذ عده الإمام أبو يعقوب الوارجلاني ۔ صاحب‬ ‫الليل والبرهان ۔ ضمن الأئمة العشرة الذين انفردوا بآراء في علم الكلام‪ .‬ينظر‪ :‬مقدمة‬ ‫كتابه الرد على جميع المخالفين" دراسة وتحقيق د‪ .‬ونيس عامر أستاذ بجامعة الزيتونة‪.‬‬ ‫تونس‪.‬‬ ‫(‪ )٣‬ندوة التأليف الموسوعي" الدكتور فرحات الجعبيري (ص‪.)٢٢٥ ‎‬‬ ‫‏‪٢٨٢‬‬ ‫مندمة تمهبدية‬ ‫‪٢‬‬ ‫مختصر الخصال وسيلة للجذب من ناحيةؤ وتسهيلا لتحصيل علوم المذهب‬ ‫رحفظها من جهة أخرى كما ورد ذلك في مقدمته التي ذكرناها سابقا '‪.‬‬ ‫هذا وقد تكلم كثير من العلماء في ظاهرة الاختصار بين مؤيد ومعارض‬ ‫وغالب كلام المعارضين يتلخص في أن ظاهرة الاختصار أفقدت الفقه‬ ‫الإسلامي روحه ومقاصده! وحولته إلى ألغاز واحاجي من ناحيةش وإلى‬ ‫مصادرة الزخم الهاثل من الآراء والاختلافات بين الفقهاء‪ .‬ويبدو أن معارضة‬ ‫هذا النوع من الاختصارات كان في وقت مبكرا وليس بحثنا هذا معنيا‬ ‫باستقصاء هذه الملاحظات خشية أن يطول البحث أكثر مما ينبغي‪.‬‬ ‫أما المؤيدون فيرون أن المقصد الذي رامه العلماء هو تعليمي بحت ولم‬ ‫يكن في حسبانهم أن تتحول مختصراتهم إلى مقررات دراسية ومرجعيات‬ ‫إفتائية يستغني بها عن المطولات‪ ،‬ولذلك فإن استهواء بعض العلماء وضع‬ ‫الشروحات والتحشيات على هذه المختصرات دليل على القبول والرضى‪.‬‬ ‫وأرى أن المختصرات قد أدت غرضها التعليمي في زمن المؤلف‬ ‫والأزمنة اللاحقة لكن توجيهها إلى مسار الهيمنة على الأجواء الفقهية‬ ‫ومناهج التأليف لم يكن مقصدا أصليًا للمؤلفين‪ ،‬ولم يكن مسلكا صحيحا‬ ‫‏(‪ )١‬وقد أوضح الدكتور فرحات الجعبيري أسباب اختصار الحضرمي والجناوني في النقاط‬ ‫التالية‪ :‬دواعي الحضرمي تتلخص فيما يلي؛ قلة إباضية بين كثرة غير إباضبة‪ .‬انتشار‬ ‫آراء المخالفين في ۔ ميل العامة إلى تلك الآراء‪ .‬المذهب (شافعية| حنفيةا باطنية)‪ .‬۔ رغبة‬ ‫في إحياء مسلك التلف بالسيف والقلم‪ .‬۔ صعوبة في تناول الموسوعات‪ .‬أما دواعي‬ ‫الاختصار عند الجتاوني تتلخص كالآتي‪ :‬نكبات توالت على جبل نفوسة أهمها واقعة‬ ‫مانو ‪٢٨٣‬ه‪٨٩٦/‬م‪.‬‏ ‪ -‬انتهاء إمامة الظهور ‪٦٩٦‬ه‪٩٠٩/‬م‏ ۔ فشل محاولة العودة إلى‬ ‫الظهور‪ :‬السيف‪ - .‬بعث مسلك الكتمان نظام الحلقة‪ :‬القلم‪ .‬۔ تحول المذهب المالكي إلى‬ ‫دور التيادة مع الصنهاجتين‪.‬۔ قلة إباضية بين كثرة غير إباضتة خاصة في قسطيلية‪ .‬۔‬ ‫صعوبة في تناول الموسوعات‪ .‬ينظر‪ :‬ندوة التأليف الموسوعي (ص‪.)٢٤١‬‏‬ ‫الإباضية والمالكية في القرب الإعطللمي‬ ‫‏‪٢٨٤‬‬ ‫؟‪٢‬ہرف‪‎‬‬ ‫أيضا من الشراح وأصحاب الحواشي‘ إذ كان يمكن أن يتم توجيه الطلبة أو‬ ‫التأليف نفسه إلى المطولات القديمة‪ .‬أو محاولة تأليف مطولات مماثلة‪.‬‬ ‫يقول العلامة ابن خلدون‪« :‬ذهب كثير من المتأخرين إلى اختصار الطرق‬ ‫والإيجاز في العلوم يولعون بها ويدونون منها برنامجا مختصرا في كل علم‬ ‫يشتمل على حصر مسائله وأدلتها‪ ،‬باختصار في الألفاظ وحشو القليل منها‬ ‫بالمعاني الكثيرة من ذلك الفن فصار ذلك مخل بالبلاغة وعسيرًا على‬ ‫الفهم وربما عمدوا إلى الكتب الأمهات المطولة في الفنون للتفسير والبيانث‬ ‫فاختصروها تقريبا للحفظ{ كما فعله ابن الحاجب في الفقه وأصول الفقهء‬ ‫وابن مالك في العربية‪ ،‬والخونجي في المنطق© وأمثالهم‪ .‬وهو فساد في‬ ‫التعليم وفيه إخلال بالتحصيل‪ ،‬وذلك لأن فيه تخليطا على المبتدىء يإلقاء‬ ‫الغايات من العلم عليه‘ وهو لم يستعد لقبولها بعد‪ ،‬وهو من سوء التعليم‬ ‫كما سيأتي‪ .‬ثم فيه مع ذلك شغل كبير على المتعلم بتتبع ألفاظ الاختصار‬ ‫العويصة للفهم بتزاحم المعاني عليها وصعوبة استخراج المسائل من بينها؛‬ ‫لان ألفاظ المختصرات نجدها لأجل ذلك صعبة عويصة‘‪ ،‬وإلى هذا النقد‬ ‫الشديد ذهب الجحوي أيضًا في الفكر السامي"'‪.‬‬ ‫(‪ )١‬مقدمة ابن خلدون‪.)٥٣٢/١( ‎‬‬ ‫(‪ )٢‬الفكر السامي‪)١!٤٧‎ 0١٤ ٦/٦٢( ‎‬۔‬ ‫المبحث الأول‪.‬‬ ‫مختصر البسيوي‬ ‫تمهيد‪.‬‬ ‫كان مختصر البسيوي وجامعه واحدا من دعامات الفقه الإباضي في‬ ‫ظل الانتشار الواسع والتأليف المستفيض للمذاهب الأخرى في ذلك‬ ‫القرنك فكان لا بد أن يتقدم علماء الإباضية بما يوفر لطلبة العلم الغنية‬ ‫عن غيرها‪ ،‬ومما يدل على ذلك إكثار شيخه ابن بركة من أقوال المذاهب‬ ‫الاربعة ومناقشتها ما يعني أن كتب تلك المذاهب كانت مصفوفة في‬ ‫مكتبة ابن بركة ومدرسته الشهيرة‪ .‬لكن تلميذه أبا الحسن كان يرى أن‬ ‫ما تزخر به تلك الكتب من الشروح والمختصرات قد يكون على المدى‬ ‫القريب أو البعيد معتمد طلبة العلم في المذهب؛ لعدم وجود المنافس من‬ ‫ناحيةإ وفقدان الكثير من كتب المذهب في الحروب والنزاعات من ناحية‬ ‫أخرى‪ ،‬ولذلك تجنب البسيوي في جامعه الإشارة إلى أسماء المذاهب‬ ‫الأخرى وعلمائها كما فعل شيخه ابن بركة‪ .‬وحرص في مختصره أن‬ ‫يكون نوعا فريدا من المختصرات سهل العبارة واضح المعاني مدعومًا‬ ‫بالأدلة لكل مسألة يقرر أن العمل سيكون عليها‪ .‬وما رمى إليه تحقق بعد‬ ‫وفاته عندما صار المختصر مدونه الأقوال المعتمدة في المذهب كما قال‬ ‫ابن وضاح‪.‬‬ ‫الإباضية والمالكية في الغرب الإمللمي‬ ‫‏‪٢٨٦‬‬ ‫فر‪٦ ‎‬‬ ‫وليس مسلك البسيوي نوعا من التعصب بل هو خيار استراتيجي‬ ‫للحفاظ على هوية المذهب الفقهية والسياسية؛ لأن غالب المذاهب‬ ‫اندثرت بسبب عدم وجود فقهاء ناصحون يؤلفون ويحررون كما حدث‬ ‫لمذهب الأوزاعي والبصري وأبي ثور والطبري وغيرهم‪ .‬وهو نفسه الذي‬ ‫شعر به أبو إسحاق الحضرمي الإباضي في حضرموت عندما قال في‬ ‫مقدمة كتابه «مختصر الخصال‪« ::‬فقد دعاني إلى تصنيف هذا الكتاب‬ ‫خشية انطماس أصول الإباضية في الامصار وتقييدها في الاسطار‪ ،‬وخيفة‬ ‫الرغبة عنها في معقل الدعوة الاصلية‪ ...‬لتي شاهدت قوما ممن ينتمي‬ ‫لديننا زاغت بهم الأهواء عن قصد التلف الصالح" فلما خشيت هؤلاء‬ ‫وأمثالهم أن يزيغوا بما استخقوا به من الخلاف© ويستميلوا قلوب‬ ‫الضعاف صرفت عناني إلى تصنيفه لترسخ الأصول في أماكنها‪ ،‬ويتعلق‬ ‫بها أهل دعوتها‪...‬ه('‪.‬‬ ‫ومع هذا الخيار الاستراتيجي فإن البسيوي كما هو الحال عند علماء‬ ‫الإباضية ۔ حتى وهم يعيشون أوج قوتهم في القرن الرابع الهجري ۔‬ ‫لا يغمزون المذاهب الأخرى بالسلب والانتفاص؛ وإنما يكتفون بتحرير‬ ‫أقوال المذهب والانتصار لها بالدليل" بخلاف من أثرت على قلمه حدة‬ ‫المنافسة‪ ،‬وانظر مثلا ما قاله الإمام الغزالي عن الإمام أبي حنيفة‪« :‬ولا أكترث‬ ‫بمخالفة أبي حنيفة فيها فإني أقطع بخطئه في تسعة أعشار مذهبه الذي‬ ‫خالف فيه خصومه فإنه أتى فيها من الزلل في قواعد أصولية يترقى القول‬ ‫فيها عن مظان الظنون؛ كتقديم القياس على الخبر ورجوعه إلى الاستحسان‬ ‫الذي لا مستند له‪ ،‬وزعم أن الزيادة على النص نسخ في مسائل ذكرناهاء‬ ‫وتمسكه بمسائل شاذة في خرم القواعد‪ ،‬فليس الكلام معه فيها في مظنة‬ ‫(‪ )١‬مختصر الخصال؛‪١٦. ‎‬ص‬ ‫‏‪٢٨٧‬‬ ‫المبحث الأول‪ :‬مختصر البسيوي‬ ‫‪‎‬فرہ‪٦‬؛‬ ‫النظر في المظنونات‪ ،‬والعشر الباقي يستوي فيه قدمه وقدم خصومه‪ ،‬ولعلهم‬ ‫برجحون عليه فيهه('‪.‬‬ ‫وموضوع المحافظة على الهوية الفقهية يشتد أحيانا إلى درجة اظراح‬ ‫بعض ما يقترفه علماء المذهب الواحد من تأثر بمذهب المخالف" ففي‬ ‫المدرسة المالكية ؤصف ابن بشير وابن شاس كما في عبارة الشاطبي بأنهم‬ ‫أدوا المذهب‘ حيث يقول‪« :‬وأما ما ذكرتم من عدم اعتمادي على التآليف‬ ‫المتأخرة فليس ذلك من محض رأي" ولكن اعتمدته بحسب الخبرة عند‬ ‫النظر في كتب المتقدمين مع المتأخرين" وأعنى بالمتاخرين كابن بشير وابن‬ ‫شاس وابن الحاجب ومن يعدهم؛ لأن بعض من لقيته من العلماء بالفقه‬ ‫أوصاني بالتحامي عن كتب المتأخرين‪ ،‬وأتى بعبارة خشنة ولكنها محض‬ ‫النصيحةه"'‪ .‬والعبارة الخشنة التي أشار إليها كان ينقلها عن صاحبه‬ ‫أبي العباس القباب أنه كان يقول في ابن بشير وابن شاس‪« :‬أفسدوا الفقهه‪.'"٢‬‏‬ ‫وقال التنبكتي مبينا المراد من نسبة فسا الفقه إليهم‪« :‬إن ابن شاس وابن‬ ‫الحاجب أدخلا مسائل من وجيز الغزالي في المذهب‪ ،‬مع أنها مخالفة له‪٨‬‏‬ ‫كما نبه عليه الناس‪ ،‬وابن بشير بنى فروعا على قواعد أصولية وادخلها في‬ ‫المذهب مع مخالفتها له'‪ .‬بل قيل‪ :‬إن القاضي إسماعيل بن حماد‬ ‫البغدادي‪ .‬وهو عالم مالكي كبير مكث أربعين سنة يميت ذكر أبي حنيفة‬ ‫المنخول‪ ‎‬۔)‪(١/٩٣٤‬‬ ‫(‪)١‬‬ ‫الموافقات‪)١٤٨/١( ‎‬۔‬ ‫(‪)٢‬‬ ‫نيل الابتهاج ص‪ \٨‎‬الاختلاف الفقهي ص‪.٩٧‎‬‬ ‫(‪)٢‬‬ ‫الموافقات‪)١٤٨/١( ‎‬۔‬ ‫(‪)٤‬‬ ‫‏(‪ )٥‬إسماعيل بن حماد بن حماد بن زيد بن درهم بن بابك الجهضمي الازدي البغدادي‪.‬‬ ‫مولى آل جرير بن حازم (ت‪٢٨٢ :‬ه)‪.‬‏ أصله من البصرة‪ .‬وبها نشا‪ ،‬واستوطن بغداد‪ .‬سمع‬ ‫محمد بن عبدالله الانصاري ومسلم بن إبراهيم الفراهيدي" وسليمان بن حرب الواشجي =‬ ‫الإباضية والمالكية في الغرب الإطلمي‬ ‫‏‪٢٨٨‬‬ ‫فذ‬ ‫‪-‬‬ ‫في العراق‪ ،‬وقد ألف في الرد عليه وعلى تلميذه الشيباني كما رد على‬ ‫الشافعى فى مسألة الخمسأ'‪.‬‬ ‫المطلب الأول‪ :‬توثيق اسم الكتاب وصحة نسبته إلى المؤلف‬ ‫المؤلفات على وضع تسمية لكتبهم في‬ ‫في الكثير من‬ ‫درج العلماء‬ ‫مقدمة الكتاب‘ مبينين سبب التسمية ومبررات اختيار الاسم وليس ذلك‬ ‫خفيا على كل من اطلع على مؤلفاتهم} لكن الوضع مع مختصر البسيوي‬ ‫ولا يوجد بين‬ ‫يختلف تماممًاء فليس في المقدمة ما يشير إلى اسم الكتاب‬ ‫النسخ اتفاق على التسمية‘ ففي النسخ المشرقية يضع الناسخ عنوان الكتاب‬ ‫باسم «مختصر البسيوي» من باب نسيبة الكتاب إلى صاحبه‪ ،‬أما النسخ‬ ‫المغربية فُعنون له بهسبوغ النعم»۔‬ ‫وفيما يلي نحاول إثبات التسمية كما جاءت في المؤلفات الإباضية‬ ‫المشرقية والمغربية‪:‬‬ ‫أولا‪ :‬المختصر‪:‬‬ ‫‏‪ ١‬أول إشارة إلى المختصر وردت عند العلامة أبي بكر أحمد بن‬ ‫وغيرهم‪ .‬روى عنه موسى بن هارون الحافظ وعبدالله بن أحمد بن حنبل‪ ،‬وأبو القاسم‬ ‫=‬ ‫البغوي ويحيى بن صاعد وغيرهم كان إسماعيل فاضلا عالما‪ .‬متفنئا فقيها‪ .‬على مذهب‬ ‫مالك‪ .‬شرح مذهب©‪ ،‬ولخصها واحتج له وصنف المسند وكتبا عديدة من علوم القرآن‪١‬‏‬ ‫وجمع حديث مالك‘ ويحيى بن سعيد الأنصاري" وايوب السختياني‪ .‬قال ابو إسحاق‬ ‫الشيرازي‪ :‬كان إسماعيل جمع القرآن" وعلوم القرآن والحديث وآثار العلماء‪ .‬والفقه‬ ‫والكلام‪ ،‬والمعرفة بعلم اللسان‪ .‬وكان من نظراء أبي العباس المبرد في علم كتاب سيبويه‪.‬‬ ‫ينظر‪ :‬ترتيب المدارك وتقريب المسالك ‏(‪.)٣٠٤/١‬‬ ‫‪ 0٢٨/٤‬مدخل إلى أصول الفقه المالكي ص‪.١٥ ‎‬‬ ‫(‪ )١‬المدارك‪‎‬‬ ‫‏‪٧٨٩‬‬ ‫المبحث الآول‪ :‬مختصر البسبوي‬ ‫‪-‬‬ ‫‏‪٦‬ہرف‬ ‫عبد الله الكندي المتوفى عام ‏‪ ٥٧‬‏؛'"ه‪ ٥‬أي‪ :‬بعد وفاة المؤلف ب ‏‪ ١٧٢‬سنة‬ ‫تقريبا! لأن البسيوي توفي حسب التاريخ الذي ملت إليه عام ‪٢٣٨٥‬ه‘‏ وهي‬ ‫ني النقل‬ ‫الكتاب واعتماده‬ ‫على توسم دائرة انتشار‬ ‫تدل‬ ‫مبكرة‬ ‫إشارة‬ ‫ولا باس في‬ ‫«وفني المختصر‪ :‬وذرقها نجس‬ ‫في المصنف‪:‬‬ ‫والاقتباس‪ .‬جاء‬ ‫أخرى عند ابي عبد الله‬ ‫تلتها إشارة‬ ‫يريد به الذرق‪8“....‬‬ ‫الثياب ولعل ذلك‬ ‫كثيرا ما ترد‬ ‫عثمان الاصم المتوفى سنه ‪٦٢١‬ه"'‏ فى كتابه «البصيرة» حيث‬ ‫العبارة عنده‪( :‬ومن المختصر) ثم ينقل نصا من مختصر البسيوي'"‪.‬‬ ‫‏‪ ٢‬تمم الشيخ عمر بن سعيد البهلوي (حي إلى أوائل ق‪٩‬ه)"‏ حيث‬ ‫قام بنظم مختصر البسيوي كعادة الكثير من المؤلفين العمانين في نظم‬ ‫المختصرات يقول في مطلع النظم‪:‬‬ ‫على الإمام المختبر‬ ‫للبسيوي‬ ‫مختصر‬ ‫لانني نظمته من‬ ‫مبينا فصيحا‬ ‫مبوبا‬ ‫صحيحا‬ ‫مختصرا‬ ‫وجدته‬ ‫‏(‪ )١‬هوا العالم المجتهد الفقيه أبو بكر أحمد بن عبدالله بن موسى بن سليمان بن محمد بن‬ ‫عبدالله بن المقداد الكندي الافلوجي (ت‪٥٥٧ :‬ه)"‏ من سمد نزوى‪ .‬تلقى العلم على يد‬ ‫الفقيه ابي بكر النزواني وأحمد بن محمد بن صالح الغلانقي‪ .‬وقد ترك لنا آثازا في شتى‬ ‫العلوم والفنون‪ ،‬كان أهمها‪ :‬كتاب هالمصنف» في الأديان والاحكام يقع في اثنين وأربعين‬ ‫جزاء وله كتاب ه«التخصيصر» في الولاية والبراءة‪ .‬معجم اعلام المشرق" د‪ .‬محمد ناصر‪.‬‬ ‫(؟) المصنف© أبو بكر الكندي (ص ‏‪.)٦١٨‬‬ ‫‏(‪ )٣‬أبو عبدالله عثمان الاصم العقري النزوي صاحب كتاب البصيرة في الأديان والاحكام؛‬ ‫والتاج‪ .‬والإبانة في اصول الديانة وكتاب العقود وإنما لقب بذلك لانه تصامم عن امرأة‬ ‫أحدثت في حضرته فخجلت؛ وقد جاءته تشكوا واستعاد شكواها يواهمها أنه لم يسمع‬ ‫مقالها لصمم فيه؛ فسرى عن المرأة ما تجد من الحياء ظنا منها أنه أصم فلقب من يومئذ‬ ‫بالاصم‪ .‬تحفة الاعيان الجزء الاول (ص ‏‪.)٣٠٥‬‬ ‫(‪ )٤‬انظر مثلا‪ :‬البصيرة‪.١١٦١ .٥٧ {٢٠/١ ‎.‬‬ ‫‏(‪ )٥‬عمر بن سعيد‪ :‬هو الشيخ الفقيه أبو حفص عمر بن سعيد بن راشد بن ورد البهلوي من‬ ‫علماء النصف الأخير من القرن الثامن واول القرن التاسع وهو من فقهاء زمانه‪ 6‬وكان ممن‬ ‫يقول الشعرا له قصائد وأراجيز في الفقه أكثرها في الأديان‪ .‬ينظر‪ :‬إتحاف الاعيان ‏‪.٤٠٥/١‬‬ ‫الإباضية والمالكية في الغرب الإسلامي‬ ‫‪77‬‬ ‫ط‏‪٢٩‬‬ ‫‪ -‬الثناء الذي تناقله العلماء عن الشيخ صالح بن وضاح المنحى ۔ من‬ ‫علماء القرن التاسع الهجري "‪ 6‬حتى أن جميع النسخ المشرقية التي بين‬ ‫يدي تذكر هذه الثناء في البداية أو النهاية يقول الشيخ صالح‪« :‬حفظنا عن‬ ‫أشياخنا رحمهم الله أن مختصر الشيخ أبي الحسن البسيوي ينه كان عليه‬ ‫العمل إلا ثلاث مسائل‪:‬‬ ‫الأولى‪ :‬في الحيض ذكر فايلمختصر أن أكثره خمسة عشر يوماء‬ ‫والعمل أن أكثره عشرة‪.‬‬ ‫الثانية‪ :‬عطية الزوجين لبعضهما‪ ،‬ذكر فايلمختصر أنه إذا أعطى أحد‬ ‫الزرجين صاحبه عطية فردها عليه في الصحة أو في المرض جاز ذلكؤ والعمل‬ ‫أنه إذا رد عليه العطية في الصحة ثبت ذلك‘ وأما رده في المرض لا يثبت‬ ‫الثالثة‪ :‬هي التي قال فيها إذا حلف الرجل على زوجته على شيء يمنعها منه‬ ‫مما يجوز منعها عنه فعصته فيه‪ :‬أن لا صداق لها والعمل على أن لها الصداق»”"‪.‬‬ ‫‏‪ - ٤‬توالت بعد ذلك ‪ -‬أي‪ :‬بعد القرن التاسع الهجري ‪ -‬النقول عن‬ ‫المختصر في المؤلفات المشرقية باسم «مختصر البسيوي»»‪ 6‬مثل كتاب‬ ‫(منهج الطالبيين)‪ ،‬و(معارج الآمال) وغيرها حتى قال الإمام السالمي‬ ‫البسيوي ‪ -‬المختصر‬ ‫(ت‪١٣٣٦ :‬ه)‏ في كتابه (اللمعة المرضية)‪« :‬وله أيضًا‬ ‫المشهور بمختصر البسياني)‪.‬‬ ‫‏(‪ (١‬صالح بن وضح‪: :‬هو الفقيه العلامة ومرجع الفتوى في زمانه الشيخ صالح بن وضاح بن‬ ‫محمد بن أبايلحسن بن محمد بن أبي الحسن من علماء مدينة منح في القرن التاسع‬ ‫ومن مشاهير علماء عمان في زمانه‪ .‬وقد عاصر كثيرا منهم‪ .‬منهم‪ :‬الشيخ أحمد بن مفرج‬ ‫البهلوي‪ ،‬وولده الفقيه ورد بن أحمد بن مفرج‪ ،‬والشيخ صالح بن محمد المنحي‪.‬‬ ‫وغيرهم‪ .‬عاصر سلاطين بني نبهان‪ .‬له مؤلفات منها‪ :‬منهاج العدل وحقائق الإيمان‪ ،‬وكتاب‬ ‫البصيرة في الأديان والأحكام‪ .‬يوجد بمكتبة وزارةالتراث‪ .‬ينظر‪ :‬إتحاف الاعيان ‏(‪.)١٢٣/٦‬‬ ‫(‪ )٢‬إتحاف الاعيان"‪.)٢٣٠/١( ‎‬‬ ‫‏‪٢٩١‬‬ ‫المبعث الأول‪ :‬مختصر البسيوي‬ ‫‏؛‪٨‬رف‬ ‫كل ما قدمناه كاف في إثبات صحة التسمية ونسبة الكتاب إلى صاحبه؛‬ ‫ولو لم يكن إلا عبارته الصريحة في ثنايا الكتاب وتصريحه بالنقل والسماع‬ ‫من شيخه ابن بركة‪ ،‬مع صياغة الكتاب من حيث الأقوال والعبارات على‬ ‫طريقة كتابة الجامع؛ لكانت تلك الدلائل كافية في نسبة الكتاب إليه‪.‬‬ ‫وفي ثنايا عبارات الكتاب ما يفيد بالهدف من التأليف؛ فقد وضع على‬ ‫نحو الاختصار للمسائل بتجنب التطويل في الأدلة وذكر الأقوال؛ مما يمكن‬ ‫الاستئناس به في التسمية أيضًا‪ ،‬يقول البسيوي‪« :‬ولو أردنا الإكثار لطال به‬ ‫الكتاب" ولكنا لم نرد أن نجعل في هذا الكتاب حججا ولا سنئا‪ ،‬ولا إكثازا‪١‬‏‬ ‫وإنما جعلنا نكتب المسائل مجموعة لسرعة المتعلم لهاء «والأايمان أكثر من‬ ‫هذا لو استقصينا عليها لطال بها الكتاب وملها قاريها»‪« 6‬والاختلاف فيه كثير‬ ‫وصفه وقد تركت ذكرهه» وأمثال هذه العبارات المعبرة عن حضور معنى‬ ‫الاختصار عند المؤلف كثيرة جدا‪.‬‬ ‫ولعل التسمية بالمختصر عند المشارقة جاءت من هذه العبارات" أو‬ ‫لأنها كانت تسمية معتمدة من المؤلف في عصره ‪ -‬وليس لدينا دليل على‬ ‫ذلك ‪ -‬أو بالنظر إلى أن مسائله وعباراته التي جاءت متطابقة تماما مع عبارته‬ ‫في الجامع في عدد كبير من المواقع باستثناء الأدلة وتعدد الاقوال‪ .‬لكن‬ ‫الذي نطمئن إليه أن المختصر كتاب مستقل ولربما ألف قبل الجامع لأنه‬ ‫لا ترد الإشارة إليه أو الإحالة رغم قول أبي الحسن عند كثير من المسائل‪:‬‬ ‫«والخلاف فيها كثير تركت ذكره»‪ 6‬كما أن أبواب الجامع تزيد على ما في‬ ‫المختصر‪ .‬وهناك قرينة أخرى نستانس بها وهي أن المسائل التي أحال فيها‬ ‫البسيوي قارئه إلى النظر والسؤال عنها عاد في الجامع واعتمدها قولا أخيزاء‬ ‫استقر عليه بعد بحث واستدلال‪ .‬وكل هذا ستجده في القسم الثاني أثناء‬ ‫تحقيق تلك المسائل‪.‬‬ ‫الإباضية والمالكية في الغرب الإسلامي‬ ‫‪7‬‬ ‫ذ‏‪٢٩٢‬‬ ‫ثانيا‪ :‬سبوغ النعم‪:‬‬ ‫اشتهر مختصر البسيوي عند إباضية الغرب الإسلامي باسم «سبوغ‬ ‫النعم» وقد وردت هذه التسمية في مؤلفاتهم كثيراء وفي جميعها نقل حرفي‬ ‫من مختصر البسيوي‪ :‬ككتاب (الإيضاح) للشيخ عامر بن علي الشماخي‬ ‫(ت‪٧٩٢ :‬ھ)‏ انظر مثلا‪)١٤٠/٢( :‬ا‏ والشيخ إسماعيل بن علي الجيطالي‬ ‫(ت‪٧٥٧ :‬ه)‏ في كتابه قواعد الإسلام‪ :‬‏(‪ ،)٢٦٨/١‬والعلامة قطب الأمة‬ ‫محمد بن يوسف أطفيش (ت‪١٣٣٢ :‬ه)‏ في شرح النيل ‏(‪)٢٩١/٢‬‬ ‫وغيرهم‪.‬‬ ‫ويؤكد هذه التسمية البرادي (حي‪٨١٠‬ه'‏ في رسالته المطولة‪ ،‬يقول‪:‬‬ ‫(‪ ....‬ومختصر الشيخ أبي الحسن‪ ،‬وهو سبوغ النعم؛ أخبرني بذلك الثقة‬ ‫الحافظ عمنا ربيع بن أحمده"‪ 8‬وفي عبارة البرادي ما يشير إلى أن التسمية‬ ‫المشهورة للكتاب هي (مختصر البسيوي) لكن المتداول عند المغاربة‬ ‫(سبوغ النعم)؛ فيبين أن علمائهم يعلمون تماما أنه هو المختصر بعينه كما‬ ‫يفهم من عبارته (أخبرني بذلك الثقة الحافظ‪ )...‬وإلا فإن أدنى مقارنة بين‬ ‫الكتابين يتبين أنهما واحدث غير أن الباحث مهنا بن علي السعدي يرى أن‬ ‫عبارة البرادي هي محاولة لتصحيح ما يظنه المغاربة من أن (سبوغ النعم)‬ ‫غير المختصر؛ فاراد أن ينبه على ذلك‪ .‬والتسمية ب(سبوغ النعم) هي التي‬ ‫‏(‪ )١‬أبو الفضل أبو القاسم بن إبراهيم البرادي (حي في ‪٨١٠‬ه)‏ ولد بجبل دمر في الجنوب‬ ‫التتروسي" من شيوخه يعيش بن موسى الجربيؤ والشيخ أبي ساكن عامر بن علي‬ ‫الشماخي" أصبح شيخا وعالما نقيهاء له عدة مؤلفات منها البحث الصادق والاستكشاف‬ ‫عن حقائق أسرار معاني كتاب العدل والإنصاف‪ ،‬والجواهر المنتقاة في إتمام ما أخل به‬ ‫كتاب الطبقات وغيرها‪ .‬معجم أعلام الإباضية ‏(‪.)٧٠٨/٤‬‬ ‫(‪ )٢‬رسالة في تقييد كتب أصحابنا ص‪.٢٨٥ ‎‬‬ ‫‏(‪ )٣‬قراءة في كتب الفقه الإباضي ص ‏‪ ١٣‬مخطوط في مكتبة الباحث‪.‬‬ ‫‏‪٢٨٢‬‬ ‫المبحث الأول‪ :‬مختصر البسيوي‬ ‫في ‪.‬‬ ‫‪--‬‬ ‫عنون بها مخطوطات الكتاب في المغربؤ فالمخطوطة التي بين يدي وهي‬ ‫التي اعتمدها أصلا في التحقيق عنوانها هكذا! ومثلها مخطوطة مكتبة آل‬ ‫‏‪ ٢٤‬للعام و ‏‪ ٨٦‬للخاص‪.‬‬ ‫يدر تحت رقم‬ ‫ويبدو أن هذه التسمية ظلت متداولة حتى في عصر القطب؛ أي‪ :‬في‬ ‫القرن الرابع عشر الهجري كما ينص على ذلك في كتابه شرح النيل‪ 6‬وليس‬ ‫خفيا على القطب أنه عنوان آخر لمختصر البسيوي بالتأكيد‪.‬‬ ‫والمرجح أن التسمية ب(سبوغ النعم) جاءت مستفادة من مقدمة المؤلف‬ ‫دالحمد لله على سبوغ النعم‪ »...‬لاحتمال أن نسخة الكتاب نقلت إلى المغرب‬ ‫في عصر المؤلف أو بعده مباشرة حيث لم تكن التسمية قد وضعت بعد؛‬ ‫لأننا سنرجح في المطلب التالي بأن الكتاب وضعه البسيوي للطلبة الدارسين‬ ‫في مدرسة ابن بركة عندما آلت مشيختها إليه‪ ،‬وقد كانت تضم ثمانين طالبًا‬ ‫من إباضية الغرب الإسلامي‪ ،‬وسيكون من البدهي وجوده معهم} وسفرهم‬ ‫به إلى بلدانهم عند نهاية الدراسة؛ لأنهم في الغالب قد حفظوه عن ظهر‬ ‫ققب‪ ،‬ولأنه مرجع جديد للعامة والمبتدئين يمكن أن يُرَسُم منهجا في‬ ‫مدارس أخرى‪.‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬أسباب وضع الكتاب‪ ،‬وتاريخ التأليف‬ ‫لا يوجد في صدر الكتاب ما يصرح بسبب التأليف أو يعطي إشارة على‬ ‫الافى وهل كان موجودا في النسخ القديمة أم لا‪ ،‬ليس لدينا ما يؤكد ذلك‬ ‫فاندم نسخة بين أيدينا تعود إلى السنة الأولى من القرن العاشر الهجري‬ ‫وهي كغيرها من النسخ اللاحقة في القرن الحادي عشر تبدأ بالبسملة‬ ‫والصلاة على النبي قل ثم تشرع مباشرة في الباب الأول في «تعليم العلم»ء‬ ‫لكن أبا الحسن يصرح في مواطن من الكتاب أن سبب اختصاره كان لاجل‬ ‫الإباضية والمالكية هي الغرب الإسلامي‬ ‫‏‪٢٩٤‬‬ ‫فر؟‬ ‫سرعة التعليم واستيعابه من قبل الدارسين فقال في باب الحيض‪« :‬ولو أردنا‬ ‫الإكثار لطال به الكتاب‪ ،‬ولكنا لم نرد أن نجعل في هذا الكتاب حججا‬ ‫ولا سئئاء‪ 5‬ولا إكثارا‪ 5‬وإنما جعلنا نكتب المسائل مجموعة لسرعة المتعلم‬ ‫لها»‪ .‬إن هذا الهدف الذي أفصح عنه آبو الحسن في تأليف الكتاب يؤكد أن‬ ‫غرض التأليف كان لقصد تعليمي ربما ليكون منهجا مقررًا في مدرسه ابن‬ ‫بركة؛ لأن إدارتها قد آلت إليه بعد وفاة شيخهم عام ‪٣٦٣-‬ه۔‏ فكان من‬ ‫الاهمية القصوى أن يضع لطلاب العلم كتابا من هذا النوع؛ يجمع بين حاجة‬ ‫المتعلم وزاد المستقنع‪ ،‬إذ لم يعرف أن شيخه ابن بركة ألف في هذا الفن‬ ‫سوى كتابه الجامع‪ ،‬وهو كتاب متخصص فوق مستوى طلبة العلم‪.‬‬ ‫ومما يجعلنا نستريح لهذا الاستنتاج هو بداية الكتاب؛ حيث كان الباب‬ ‫الاول بعنوان (تعليم العلم) وقد ضمنه عددا من الأحاديث المرغبة في العلم‬ ‫وضرورة طلبه‪ ،‬ثم خصص أبو الحسن فصلا أسماه (أول ما ابتدأنا به في‬ ‫العلم تعلم القرآن)‪ ،‬ثم جاءت مسائله سهلة تخاطب طالب العلم بكاف‬ ‫الخطاب المباشر (وكل ما كان يسع جهله فهو كما وصفت لك) (وإذا‬ ‫وصفت لك)‪( ،‬فإذا سارت راحلتك فقل كما وصفت لك)‪( ،‬وقد وصفت لك‬ ‫الدلالة في هذا الكتاب)‪ ،‬وأمثلة كثيرة‪ .‬في حين لم يصنع مثل ذلك في‬ ‫جامعه عندما ابتدأه بفصول طويلة في العقيدة والاحتجاج لها من الكتاب‬ ‫والسُئة والعقل‪.‬‬ ‫ولكن قد يعكر على هذا الاستنتاج أمران‪:‬‬ ‫الأول‪ :‬أن مادة الكتاب غزيرة لا يتصور أنها كانت للمبتدثين من طلبة‬ ‫العلم؛ لأن أبا الحسن أكثر فيه من أدلة الكتاب والسشئة‪ ،‬ومما يؤكد هذا‬ ‫ما تعارف عليه إباضية المشرق من تسميه الكتاب ب«مختصر البسيوي»؛ أي‪:‬‬ ‫أنه كان اختصارا لكتابه (الجامع)‪.‬‬ ‫‏‪٢٩٥‬‬ ‫المبحث الأول‪ :‬مختصر البسيوي‬ ‫‪7‬‬ ‫في‬ ‫الثاني‪ :‬أن هذا الكتاب أصبح فيما بعد معتمد المذهب في الأقوال‬ ‫الفقهية وما جرى العمل عليه في كل المسائل إلا ثلاث أو أربع مسائل كما‬ ‫في نص ابن وضاح‪ ،‬فهل يمكن أن يكون مختصر كهذا أعد للتعليم في‬ ‫المراحل الاولى مرجمًا ومعتمدًا في مذهب بأكمله‪.‬‬ ‫وللإجابة على هذين الأمرين نقول‪:‬‬ ‫أما كون مادة الكتاب غزيرة فليس ذلك بمستغرب؛ فقد كانت همم‬ ‫طلاب العلم عالية جدا‪ ،‬وما يتلقونه من العلوم الشرعية في شكل مختصرات‬ ‫من هذا الحجم يعتبر دراسة تمهيدية؛ لأن المرحلة القادمة ستكون مرحلة‬ ‫المقارنة والبحث في الأدلة وطرائق الاستدلال‪ ،‬يشهد لذلك مقدما كثير من‬ ‫المختصرات الفقهية واللغوية‪ .‬فالرسالة لابن أبي زيد القيرواني وضعت كما‬ ‫يقول مؤلفها لتعليم الولدان«ا‪ ،‬وهي الآن مما يستثقله الكبار‪ .‬والأغرب من‬ ‫هذا هو كتاب ديوان الاشياخ الإباضية بوادي أربغ الذي تعاون على تأليفه‬ ‫عشرة من العلماء الأجلاء في خمسة وعشرين جزةا‪ ،‬كان الهدف المعلن من‬ ‫تأليفه هو تسهيل الحفظ للمبتدئين !! يقول أبو العباس الشماخى‪« :‬ذكر غير‬ ‫واحد من المشايخ أن العزابة اجتمعوا على تأليف كتاب في المذهب ليسهل‬ ‫على المبتدئين حفظه‪ ،‬فصنفوه في خمسة وعشرين جزاءه"‪ .‬ويبدو أن معايير‬ ‫الحفظ لطلبة العلم في ذلك الزمان كانت تطال هذه المقادير من العلوم؛‬ ‫وتضطر العلماء في المصنفات الكبار أن يدونوا في صفحاتها ما يتجاوز‬ ‫العلوم المحتصلة لدى الصغار‪ ،‬كما يقول ابن حزم في المحلى بمناسبة كلامه‬ ‫على صلاة السفر «ولم نورد إلا رواية مشهورة ظاهرة عند العلماء بالنقل في‬ ‫الكتب المتداولة عند صبيان المحدثين فكيف أهل العلم»‪٧‬‏ وقد علق الشيخ‬ ‫(‪ )١‬مقدمة الرساله‪ ٬‬ص‪.٣‎‬‬ ‫(؟) السير‪.)٣٥٤/١( ‎‬‬ ‫الإباضية والمالكية في الخرب الإعلامي‬ ‫‏‪٥‬‬ ‫تك‏‪٦٩٦‬‬ ‫شاكر على كلام ابن حزم بقوله‪« :‬هذه الكتب التي كانت متداولة عند صبيان‬ ‫المحدثين في عصر ابن حزم ۔ القرن الخامس ‪ -‬ومن أهمها مصنف ابن‬ ‫أبي شيبة‪ ،‬ومنصف عبدالرزاق واختلاف العلماء لابن المنذر ث صارت في‬ ‫عصرنا هذا وقبله بقرون من النوادر الغالية التي لا يسمع اسمها إلا الخواص‬ ‫من كبار المطلعين على كتب السُئة‪ ،‬وعامة المشتغلين بالحديث‬ ‫لا يعرفونها‪ .‬وعلى هذا فما علق به الدكتور فرحات الجعبري أثناء دراسته‬ ‫لكتاب ديوان الأاشياخ ۔ وهو كتاب فقهي ألفه مجموعة شيوخ "" لا يثبت‬ ‫أمام هذه الاستنتاجات حيث يرى الدكتور «أن أمر التيسير للحفظ بقي في‬ ‫مستوى الرغبة لكن عندما تحول الأمر إلى الإنجاز جاء النص في مستوى‬ ‫أرفع بكثير من مستوى المبتدئين‪ ،‬ويكفي أن نقول ‪ -‬والكلام للدكتور ۔ ليس‬ ‫من السهل حفظ ألفين وخمسمائة صفحة وفيما نعلم أن النصوص التعليمية‬ ‫المخصصة لهذا لا تدرك عادة مثل هذا العدد من الصفحات»"'‪.‬‬ ‫والاصل أن قضية التأليف في تلك العصور كانت تتوخى قدرات الطلاب‬ ‫واستعدادهم للفهم والتلقي‪ .‬فكلما كانت المؤلفات جسيمة غزيرة المادة؛‬ ‫كانت الهمم العلمية عالية بقدرها‪ .‬ففي بداية عصر اليعاربة نشطت في عمان‬ ‫حركة علمية واسعة شملت كل أنواع المعارف والعلوم في القرن الحادي‬ ‫عشر الهجري‪ ،‬وتأسست مدارس في مختلف أرجاء البلاد حتى قيل أن‬ ‫الخضار وبائع السمك والفلاح يصلح كل واحد منهم أن يكون قاضيا يفصل‬ ‫(‪ )١‬المحلى لابن حزم‪.)١٠/٥( ‎‬‬ ‫‏(‪ )٢‬ألف هذا الديوان الفقهاء السبعة‪ :‬أبو عمران موسى بن زكريا‪ ،‬وهو الذي تولى نسخه وابو‬ ‫عمرو النميلي‪ ،‬وعبدالله بن مانوج‪ ،‬وابر زكريا يحيى بن جرناز النفوسي" وجابر بن سدرام‬ ‫وكباب بن مصلح وأبو مجبر توزين‪ .‬يتكون هذا الديران من اثني عشر كتابا‪ .‬ينظر‪ :‬السير‬ ‫للشماخي" ص ‏‪.٤٠١١‬‬ ‫(‪ )٣‬ندوة التأليف الموسوعي‪ .‬ص‪.٢٣١ ‎‬‬ ‫‏‪٢٩٧‬‬ ‫المبحث الأول‪ :‬مختصر البسبوي‬ ‫مك‪.‬‬ ‫بين خصومات الناس فالمتوقع من طلبة العلم المبتدئين في ذلك العصر أن‬ ‫يكونوا على قدر من المعرفة والتحصيل مما سيدفع بمثل الشيخ خميس‬ ‫الشقصي أن يصدر كتابه (منهج الطالبين) وهو مطبوع في واحد وعشرين‬ ‫جزا بهذه العبارة‪« :‬أما بعد فإني لما رأيت العلم قد قل طالبه وتقاصر أكثر‬ ‫الناس عن الرغبة فيه‪ ،‬وكلت الهمم عن الوصول إلى مقامات السلف‬ ‫الماضين وعجزت عن درك مقاصد السابقين ۔ استعملت خاطري في‬ ‫تصنيف مختصر أجمع فيه معالم الشريعة وأنظم فيه شتات الفقه‪ ،‬وأبين‬ ‫أصله وفروعه‪ ،‬وأجعل مسائله مشروحة مجموعة متجاورة متتابعة مشروعة‪.‬‬ ‫نجمعت فيه بغاية الإيجاز الذي لا يكون معه ملال‪ ،‬واختصار لا يزري به‬ ‫لال ولا إخلالث وسميته كتاب منهج الطالبين وبلاغ الراغبين‪ ،‬وجعلته‬ ‫مجزا عشرين جزءا‪ ،‬يحتوي على ضروب من علوم الشريعة‪ ،‬وفنون من العلم‬ ‫مجموعة‪ .‬وجعلته معلما بالأاقوال‪ ،‬ومفصلا بالفصول لمطالعة المسائل‪.‬‬ ‫تقريبا عن الإطالة والملالة»'‪ .‬ثم قال في موضع آخر‪« :‬وكتابنا هذا مختصر‪6‬‬ ‫لا يحتمل الإطالة«'‪.‬‬ ‫هكذا هو الحال عندما تنشأ في المجتمع فئات علمية راقية نتبجة‬ ‫الازدهار العلمي والنمو المعرفي «وفي فترة ازدهار الفقه المالكي في القرن‬ ‫الرابع برزت محاولات كان يقصد منها إيجاد وسائل ملائمة تقريبية للفئات‬ ‫الدارسة له والمهتمة بقضاياه‘ وتيسيرافهمه للقارئ عن طريق ضبط مسائله‬ ‫وتحريرها واختصارها‪ ،‬وفي هذا السياق جاء كتاب النوادر والزيادات الذي‬ ‫توخى مؤلفه ابن أبي زيد استيعاب فروع فقه مالك وضمها في مصنف‬ ‫واحدث وقد نجح إلى حد كبير في مهمة الجمع والاستيعاب فجاء الكتاب‬ ‫(‪ )١‬منهج الطالبين‪.)٥/١( ‎‬‬ ‫(‪ )٦‬منهج الطالبين‪.)٢٢٦/١٨( ‎‬‬ ‫الإباضية والمالكية في الغرب الإسلامي‬ ‫‏‪٢٩٨‬‬ ‫‪77‬‬ ‫هحط‬ ‫مطولا في عدة أسفار وفي مادة فقهية لا تنتهي»'‪« .‬والدارس لكتاب (النوادر‬ ‫والزيادات) يلحظ علاقته بالتوجه نحو الاختصار والتخلص من كثرة‬ ‫النصوص فالكتاب ملخص من كثير من المصادر الأمهات»‪٠‬‏ «ومع طول هذا‬ ‫الكتاب حتى بلغت أجزاؤه المائة بتصنيف السلف فإن بعض العلماء كان‬ ‫يحفظه؛ كأبي عبدالله محمد بن عمر بن يوسف بن بشكوال المعروف بابن‬ ‫الفخار والمتوفى عام ‪٤١٩‬هف‘‏ وكذلك كان أبو الربيع سليمان بن‬ ‫عبدالواحد بن عيسى الهمداني المتوفى عام ‪٥٩٩‬ه‏ عرض كتاب ابن‬ ‫ابي زيد الكبير وكان يحفظه»"'‪.‬‬ ‫وبهذا يصفوا لنا جو الفريضة سالفة الذكر‪.‬‬ ‫أما أن الكتاب أصبح معتمد المذهب فيما بعد فليس ذلك بمستغرب‪،‬‬ ‫فكم من مختصرات كان الهدف منها تبسيط المعلومة للمتعلم والأخذ بيد‬ ‫المبتدئ في الفقه والأصول‘ ثم سرعان ما تصبح مع مرور الزمن مرجعا‬ ‫فقها في المذهب الواحد تكثر شروحها وتتعدد حواشيها كرسالة ابن‬ ‫أبي زيد القيرواني‪ ،‬كان الهدف منها كما قلنا تعليم الولدان ثم صارت أهم‬ ‫مرجع فقهي في المذهب المالكي‪ ،‬حتى قال بعض الشراح‪ :‬أنها منذ وجدت‬ ‫إلى الآن (القرن التاسع) يخرج لها في كل سنة شرح وتبيان‪ ،‬وقد كثر‬ ‫استعمال الناس بها ولقبت بباكورة العد وبزبدة المذهب؛ لأنها أول‬ ‫مختصر ظهر في المذهب"‪ .‬وكذلك مختصر ابن الحاجب المسمى بجامع‬ ‫الأمهات فإنه يعد من المختصرات التي حظيت باهتمام المالكية شرقا وغربا‪.‬‬ ‫(‪ )١‬المختصرات الفقهيه في المذهب المالكي محمد جوهار ص‪.٦٢٥ ‎‬‬ ‫‏(‪ )٢‬ابن أبي زيد القيرواني حياته ومنهجه الاجتهادي من خلال النوادر والزيادات‪ ،‬علي العلوي‬ ‫‏‪.١٦٥ .١٢٤‬‬ ‫ص‬ ‫‏)‪ (٣‬للتوسع ينظر‪ :‬المختصرات الفقهية ني المذهب المالكي© محمد جوهار‪.‬‬ ‫‏‪٢٩٩‬‬ ‫المبعث الأول‪ :‬مختصر البسيوي‬ ‫مذ‪.‬‬ ‫مختصر الشيخ خليل ليحتل مركز الصدارة عند الفقهاء وطلاب‬ ‫ثم جاء‬ ‫العلم‪ .‬وكذلك الشأن بالنسبة لمختصر القدوري في المذهب الحنفي حتى‬ ‫أطلق عليه لفظ «الكتاب»‪.‬‬ ‫هذا مع العلم بأن مختصر البسيوي لم يكن معتمدا كمرجع عليه العمل‬ ‫في القرن الرابع وأواخر الخامس الهجري" بدليل أن أبا إسحاق الحضرمي‬ ‫(ت‪ :‬بعد ‏‪ ٤٧٥‬ه)‪ .‬عندما ألف كتابه مختصر الخصال كان يشير في مقدمته‬ ‫إلى عدم وجود كتاب مختصر في الفقه الإباضي إلى زمنه فتصدى هو لهذه‬ ‫المهمة‪ .‬حيث قال‪« :‬وقد نظرت في بعض تصانيف أهل مذهبنا فإذا هو علم‬ ‫منشور‪ ،‬ولا تؤدي المسألة إلا معنى واحدا غير شامل لاصول العلمؤ مفتقرا‬ ‫إلى النظر في جميع الكتب فجعلت كتابي هذا موجزا مختصرا‪...‬ء"'‪ .‬وابو‬ ‫إسحاق زار عمان ومكث فيها يطلب النصرة من الإمام الخليل بن شاذان‬ ‫(‪٤٢٥-٤٠٥‬ه)‪،‬‏ والإمام راشد بن سعيد اليحمدي (‪٤٢٥-٤٤٥‬ه)‪6‬‏ وفي‬ ‫نلك الفترة أخذ ‪ -‬أبو إسحاق _ كتاب الجامع لابي الحسن البسيوي كمرجع‬ ‫(باضي كبير فاعتمد على أقواله كثيرا في كتابه هالدلائل والحججء'‪ .‬ولم‬ ‫يشر في هذا الكتاب إلى المختصر أبدًا‪ ،‬مما يرجح أنه كان خاصا بطلبة‬ ‫العلم آنذاك‪ ،‬ولم يشتهر مرجعا ومعتمدًا في المذهب‪ ،‬وهكذا هو شأن كثير‬ ‫من المختصرات والرسائل‪.‬‬ ‫الكتاب ومحتواه‬ ‫موضوع‬ ‫المطلب الثالث‪:‬‬ ‫وهي أقدم نسخ ةة إلى‬ ‫المغربية‘‬ ‫النسخة‬ ‫يمع المختصر في‬ ‫مواض ي‬ ‫تصدر‬ ‫الآن ‪ -‬بمصطلح «في ذكر» مثل‪« :‬في ذكر صلاة التراويح»ء وهدفي ذكر صلاة‬ ‫(‪ )١‬مختصر الخصال‪ ٥‬الحضرمي‪(١٦. ‎‬ص‬ ‫(‪ )٦‬مخطوط‪ ،‬قام بتحقيقه مؤخرا استاذان جزاثريان‪ 6‬إلا أن الكتاب لم يطبع بعد‪‎.‬‬ ‫الإباضية والمالكية في الغرب الإسلامي‬ ‫‏‪٢.٠‬‬ ‫‪٦‬‬ ‫‏‪-‬‬ ‫الضحى» وهكذا‪ ،‬بينما تتفق النسخ الأربع الأخرى وهي أقدم نسخ عمانية‬ ‫للمختصر إلى الآن أيضًا‪ ،‬۔ وقد يقود البحث الأدق مستقبلا إلى العثور على‬ ‫ب«باب»‪٨‬‏‬ ‫مواضيع المخ‬ ‫كل هذه النسخ تتفق على تصدير‬ ‫ما هو أقدم ‪.‬‬ ‫رسالة ابن‬ ‫يتفق مع‬ ‫وهو بهذا‬ ‫منها‪،‬‬ ‫في شيء‬ ‫«الكتاب»‬ ‫ذكر مصطلح‬ ‫ولم يرد‬ ‫أبي زيد‪ ،‬حيث إن كل مواضيعها أبواب‘ ولعل هذا هو ما يلاءم طبيعة‬ ‫‏‪ ١‬لاختصار‪.‬‬ ‫وإذا أردنا ضم تلك الأبواب إلى كتب كما هو العمل في سائر الكتب‬ ‫الفقهية؛ فإن الكتب التي تنتظم أبواب البسيوي ستكون على النحو التالي‪:‬‬ ‫مقدمة في العلم والتوحيد (ويضم أحد عشر بابا) وقبل الدخول في‬ ‫‏‪١‬‬ ‫الصلاة‘‬ ‫البيوي ثلاثة أبواب‪ :‬في سنن‬ ‫كتاب الطهارة خصص‬ ‫والفرائض الإجمالية‪ ،‬وأخيرا العلم بالوقت والنية والوضوء‪ .‬وذلك على‬ ‫سبيل بيان ما يجب على الإنسان‪ ،‬وما يسن في حقه‪.‬‬ ‫الطهارات (ويضم عشرة أبواب)‬ ‫‏‪٢‬‬ ‫الصلاة (ويضم تسعة عشر بابا)‬ ‫‪٣‬۔‏‬ ‫‪٤‬۔‏ الجنائز (باب واحد)‬ ‫الزكاة (ستة أبواب)‬ ‫‏‪٥‬‬ ‫‪٦‬۔‏ الجهاد (باب واحدا على أنه أجمل القول فيه في كتاب العلم والتوحيد)‬ ‫الصيام (باب واحد)‬ ‫‪٧‬۔‏‬ ‫وزكاة الفطرة (باب واحد)‬ ‫‪٨‬۔‏‬ ‫‪٩‬۔‏ الحج (بابان)‬ ‫‏‪ ٠‬الأيمان (باب واحد)‬ ‫المبحث الأول‪ :‬مختصر البسبوي‬ ‫رر‬ ‫‪١‬‬ ‫‪١‬‬ ‫‏‪ ١‬النذور والاعتكاف (باب واحد)‬ ‫‏‪ ١٢‬وصية الأقارب (باب واحد)‬ ‫‏‪ _ ٣‬العطية والهدايا (بابان)‬ ‫‏‪ ٤‬الفرائض (سبعة عشر بابا)‬ ‫‏‪ ٥‬البيوع (بابان)‬ ‫‏‪ ٦‬۔ الصيد والذكاة (باب واحد)‬ ‫‏‪ ٧‬النكاح والطلاق وأحكامهما (سبعة وعشرون بابا)‬ ‫الحيض والنفاس (بابان)‬ ‫‏‪٨‬‬ ‫‏‪ ٩‬العتق والمكاتبة (باب واحد)‬ ‫‏‪ ٠‬الأمانة والوديعة والعارية (ثلاثة أبواب)‬ ‫‏‪ ١‬اللقطة والضالة والتعدي والسرقة والغصب (أربعة أبواب)‬ ‫‪٢‬۔تحريم‏ الخبائث وتحليل الطيبات (بابان)‬ ‫‏‪ _ ٣‬الحدود (أربعة أبواب)‬ ‫‏‪ ٢٤‬۔ الجنايات (خمسة أبواب)‬ ‫‏‪ ٢٥‬۔ أحكام الأودية والرموم (بابان)‬ ‫‏‪- ٦‬فيما تنازع الناس فيه من المضار‬ ‫‏‪ ٧‬في القيام بأمر اليتيم‬ ‫‏‪ ٨‬في حفر الأفلاج (وهو باب لا يوجد له نظير في كتب المذاهب الفقهية‬ ‫الاخرى؛ لأنه نظام ري خاص بأهل غمان)‬ ‫الإباضية والمالكية في الشرب الإملمي‬ ‫‪:‬‏‪٢٠٢‬‬ ‫‪77‬‬ ‫‏‪ ٩‬الإيجارات وعمل الأموال والارض والشفع (خمسة أبواب)‬ ‫‏‪ ٠‬البيوع وما يجوز منها وما لا يجوز (أربعة أبواب)‬ ‫‏‪ ١‬۔في المضاربة وبيع السلف (بابان)‬ ‫وقد اعتادت المؤلفات الفقهية أن تذكر الحيض والنفاس ضمن أبواب‬ ‫الطهارة‪ .‬إلا أن آبا الحسن أخرهما إلى ما بعد الحديث عن النكاح والطلاق‪٢‬‏‬ ‫وكذلك الحال بالنسبة لكتاب الفرائض جرت العادة أن يكون آخر المطافث‪6‬‬ ‫إلا أن آبا الحسن أيضا قمه ليكون قبل البيوع والنكاح والطلاق‪ .‬وهكذا‬ ‫يوجد في بعض الأبواب تقديم وتأخير‪ ،‬ولكنه ليس كبيرا‪.‬‬ ‫المطلب الرابع‪ :‬تأثره بمن سبق‬ ‫لا يصرح أبو الحسن بمصادره في المختصر إلا نادرا عندما يذكر‬ ‫الأقوال المنسوبة إلى شيوخه ومعاصريه‪ ،‬ولربما يتراجع قليلا إلى القرن‬ ‫الذي يسبقهم ليحكي عن علمائه بعض الأقوال‪ ،‬كهذه المسألة مثلا التي‬ ‫يذكر فيها قولين لعالمين جليلين أحدهما الإمام محمد بن محبوب‬ ‫(ت‪٣٦٢٣ :‬ه)‏ يقول‬ ‫والثاني شيخه أبو محمد بن بركة‬ ‫(ت‪٢٦٠ :‬ه)'‏‬ ‫فيها‪« :‬ولا تصلي ۔ المرأة ۔ إلا بخمار‪ .‬ولا تصلي ورأسها مكشوف© وقد‬ ‫أجازوا ذلك‘ ويوجد في الأثر عن محمد بن محبوب أن للمرأة أن تصلي‬ ‫بن محبوب‪ :‬هو شيخ المسلمين في زمانه محمد بن محبوب بن الرحيل بن‬ ‫‏(‪ )١‬محمد‬ ‫بن هبيرة القرشي المخزومي" من أشهر العلماء في زمانه كان مضرب المثل في‬ ‫سيف‬ ‫والزهد والتقوى" نشا أيام الإمام غسان بن عبدالله سنة ‪١٩٢‬هف\‏ وعاصر الإمام‬ ‫العلم‬ ‫بن جيفر" وتألق نجمه أيام الصلت بن مالك سنة ‪٢٣٩‬ه‏ تقلد القضاء له في صحار‬ ‫المهنا‬ ‫من أشياخه موسى بن علي الازكري‪ .‬توفي رنه بصحار يوم الجمعة لثلاث ليال خلون من‬ ‫شهر محرم سنة ‪٢٦٠‬ه‏ وقبره بصحار مشهور‪ .‬انظر‪ :‬إتحاف الأعيان ص ‏‪.١٨٩٤-١٩١٢‬‬ ‫‏‪٦‬‬ ‫المبحث الأولل‪:‬مختصر اللببسسييوويي‬ ‫ا‬ ‫في بيتها ورأسها مكشوف‪ .‬قال أبو محمد‪ :‬إن ذلك لا يجوز وإن تغطية‬ ‫رأسها في الصلاة واجب في بيتها وغير بيتها"'‪ .‬ويتكرر ذكر ابن محبوب‬ ‫في موضع آخر عند الحديث عن الرموم‪« :‬وقد يوجد عن محمد بن‬ ‫محبوب تن‪ :‬أنه قال‪« :‬الرموم قسم في الجاهلية ثبت في الإسلام»‪ 6‬فعلى‬ ‫هذا القول عمل أهل عمان وأنه غير موروث ولا مقسوم ولا يباع‬ ‫ولايشترى‪ ،‬وأنه ليابنى فيه ولا يفسل ولا يتخذ يدا لاحد دون ج‬ ‫أهله الأحياء"'‪ .‬وهذا يعطي إشارة باعتماد البسيوي على المصادر ل‬ ‫قبله ولعل أيرزها جامع ابن جعفر‪ ،‬وما عدا ذلك فلم يشر البسيوي إلى اي‬ ‫أثر آخر أو عالم معين‪ ،‬وإنما يكتفي بذكر الخلافات في المسألة الواحدة‬ ‫دون أن ينسبها‪.‬‬ ‫والذي أميل إليه هو أن المختصر تم وضعه على طريقة الإملاء او أن‬ ‫المؤلف وضعه من حفظه دون الرجوع إلى مصدر معين‪ ،‬نستدل على ذلك‬ ‫بالخلط في متون الحديث أحياناء وشكه في الحفظ والرواية أحيانا أخرى‪.‬‬ ‫وعادة مثل هذه الاحوال لا تطظرآ إلا لمن يتكا على ذاكرته في الكتابة‬ ‫والتحديث‘ يقول معلا في هذا الحديث‪ :‬ه«روي عن رسول الله ية أنه قال؛‬ ‫«صلاتنا هذه لا يصلح أن يتكلم فيه أو يقال فيها بشيء من كلام الآدميين‪,‬‬ ‫الشك مني؛'‪« ،‬وقد روي عن رسول ا له يه أنه صلى يوم فتح مكة ضحوة‬ ‫النهار ركعتين أو أربعا ۔ الشك مني ۔ فصارت سُئة متبعة‪ ،‬وللمصلي من‬ ‫الفضل درجات لا يعلمها إلا الله رب العالمين»"'‪.‬‬ ‫في ذكر لبس الثياب عند فعل الصلاة‪.‬‬ ‫باب‬ ‫الثاني‬ ‫القسم‬ ‫ينظر‪:‬‬ ‫‏(‪)١‬‬ ‫الرموم‪.‬‬ ‫باب‬ ‫الثاني‬ ‫القسم‬ ‫ينظر‪:‬‬ ‫(؟)‬ ‫التوجيه‪.‬‬ ‫باب‬ ‫الثاني‬ ‫القسم‬ ‫ينظر‪:‬‬ ‫‏(‪)٢‬‬ ‫صلاة الضحى‪.‬‬ ‫باب‬ ‫الثاني‬ ‫القسم‬ ‫ينظر‪:‬‬ ‫‏(‪)٤‬‬ ‫الإباضية والمالكية في الغرب الإمللمسس‬ ‫‪:‬‏‪٢٠٤‬‬ ‫ترة‬ ‫فهمه‬ ‫الأحيان أنه يحتج للمخالف من خلال‬ ‫في بعض‬ ‫ويصرح‬ ‫لقواعدهم من غير الرجوع إلى مصادرهم فيقول‪« :‬واختلفوا فيه‪ .‬والاكثر من‬ ‫أهل عمان على إجازته إن دخل في مال معروف بجزء من ثمرة معروفة فإن‬ ‫ذلك عندهم جاثزا وإن كان النصيب مجهولا أيضًا‪ ،‬وبعضهم قال‪ :‬إن ذلك‬ ‫لا يجوز لأنه مجهول‪ ،‬وأنه لا يدرى ما يحصل للعامل‪ .‬ونحب أن يكون له‬ ‫عناؤه إن رجع أو رجع عليه‪ 6‬إلا أن الحجة للذي يثبت ذلك ۔ من غير أن‬ ‫أ المساقاة في النخل جائزة بالسُئّة والإجماع" وإن كان‬ ‫آخذ ذلك عنهم‬ ‫العوض مجهولا»('‪.‬‬ ‫وفي أحيانا اخرى يسند قولا أو فعلا إلى شخصية معينة والمشهور أن‬ ‫الفعل لغيرها" كما يثبت ذلك بنفسه في الجامع‪ ،‬فيقول مثلا‪« :‬والإقامة مثنى‬ ‫مثنى‪ 6‬وإنما أفرد الأذان معاوية ومعلوم أن الذي أفرده معاوية هو الإقامة‬ ‫وليس الأذان" وقد علقت على ذلك عند تحقيق المتن في باب الأذان‬ ‫والإقامة‪.‬‬ ‫ومن ذلك أيضًّا خطأه في اسم المرأة التي اختلعت من زوجها‪ ،‬حيث‬ ‫قال في باب الخلع‪ :‬دوقد قيل‪ :‬إن حبيبة بنت عبدالله بن أبي أو ابنة سهيل‬ ‫هش‬ ‫زوجة ثابت بن قيس بن شماس الأنصاري اختلعت إليه في أيام النبي‬ ‫فاجاز له أخذ الفدية‪ .‬وهو أول خلع كان في الإسلام»‪ ،‬ومعلوم أنها جميلة‬ ‫بنت عبدالله بن ابي‪ ،‬وقيل أختها‪ ،‬أما ابنة سهل فهي حبيبة‪ ،‬وقد وضحت‬ ‫ذلك أيضًا في تحقيق المتن‪.‬‬ ‫كل هذا يعطي مؤشرا على أن الكتاب كان إملاء من حفظه وفيه دلالة‬ ‫على قوة الذاكرة وسعة العلم والاطلاع‪.‬‬ ‫‏(‪ )١‬ينظر‪ :‬القسم الثاني باب في ذكر الاعمال في الاموال‬ ‫‪+..‬‬ ‫المبحث الأول‪ :‬مختصر البسيوي‬ ‫_‬ ‫َ‪77‬‬ ‫`‬ ‫ر‬ ‫لي‪.‬‬ ‫مكانته بين العلماء‬ ‫المطلب الخامس‪:‬‬ ‫حظي المختصر بمكانه رفيعة في المذهب الإباضي‪ .‬واعتبر عمدة فى‬ ‫الفتاوى والأحكام" ومرجعا لا بد منه لطالب العلم والمفتي معا‪ .‬بل اعتبر‬ ‫كل ما جاء فيه قد استقر عليه عمل المذهب إلا أربع مسائل كما اسلفنا‪.‬‬ ‫ولأجل هذه المكانة توالت كلمات الثناء عليه من العلماء الأجلاء إلا أن‬ ‫الملفت للانتباه هو افتقار هذا السفر الفقهي الكبير إلى الشرح أو التحشية‬ ‫خلال هذه الفترة الطويلة‪ ،‬ولا ندري إذا كان هناك من قام بهذا الأمر أم لاء‬ ‫لكن الذي نعرفه إلى الآن هو أن هذا المختصر ظل متداولا بمتنه دون شروح‬ ‫الفقه ووضوحها من غير الحاجة‬ ‫أو تعليقات‪ ،‬ريما بسبب استيفائه لمسائل‬ ‫لمجملات المختصر حيث توسع‬ ‫إلى شرحؤ أو لان الجامع يُعد بمثابة الشرح‬ ‫ظن بعض العلماء أن المختصر‬ ‫فيه الفرش العلمي‪ ،‬والحجج والأدلة؛ حتى‬ ‫من خلال هذه الدراسة‪.‬‬ ‫ما هو إلا تلخيص للجامع‪ .‬وهو ما لم نؤكده‬ ‫ولكن الذي حظي به المختصر هو نظم لكل مسائله بطريقة الرجز وهي‬ ‫طريقة أكثر منها الحمانيون في تآليفهم‪ ،‬ففي حين أن المذهب المالكي يتميز‬ ‫بكثرة الشروح والحواشي على مختصراته أو حتى مطولاته‪ ،‬فإن الذي يتميز‬ ‫به الفقه الإباضي هو النظم" وخاصة في القسم المشرقي منه‪ ،‬من بين هؤلاء‬ ‫الشيخ عمر بن سعيد البهلوي‪ ،‬فقد نظمه نظما حسنًا محكما‪ ،‬يقول في مقدمة‬ ‫النظم‪:‬‬ ‫من كل شيطان غوي فاجر‬ ‫أعوذ بالله القوي القاهر‬ ‫وكل همازحسودآئم‬ ‫وكل جبار غشوم ظالم‬ ‫مادمت في الأحياء حبا نائما‬ ‫أحمده حمدا كثيرا دائما‬ ‫إلى أن قال‪:‬‬ ‫فرض الصلاة جاهدا لبغنما‬ ‫ثم ليعلم من أراد يعلما‬ ‫الإباضية والمالكية في الغرب الإسلامي‬ ‫‏‪٣٠٦‬‬ ‫‏‪٦‬‬ ‫واعمل بنظمي ماعليك معتب‬ ‫اسمع دع إذ كنت ممن يرغب‬ ‫للبسبري علي الإمام المختبر‬ ‫لانني نظمته من مختصر‬ ‫فصيحا‬ ‫مبينا‬ ‫مبوباً‬ ‫صحيحا‬ ‫وجدته مختصرا‬ ‫وفي القرن التاسع الهجري ذكر الشيخ صالح بن وضاح المنحي أن‬ ‫مختصر البسيوي هو القانون الفقهي في المذهب الإباضي© يجري العمل‬ ‫وفق المسائل الواردة فيه إلا أربتما منها‪ .‬يقول‪« :‬حفظنا عن أشياخنا ۔ رحمهم‬ ‫للشيخ ابي الحسن البيوي رشه ‪ .‬كله عليه‬ ‫الله ‏‪ ٥‬أن كتاب المختصر‬ ‫العمل إلا ثلاث مسائل' اه‬ ‫وقال الشيخ سيف بن حمود البطاشي (ت‪١٤٢٠ :‬ه)‏ وهو أحد العلماء‬ ‫المعاصرين‪« :‬وهو ۔ آي‪ :‬المختصر ‪ 7‬على اختصاره كتاب مفيد جداء جامع‬ ‫لكثير من مسائل الأديان والأحكامش سهل التناول‪ ،‬سلس العبارة‪ ،‬خال من‬ ‫التكرار والتعقيده"' اه‬ ‫وفي العصر الحديث أيضا قال الشيخ الفقيه سالم بن حمود السيابي في‬ ‫كتابه إسعاف الأعيان بأنساب أهل عمان أثناء تعرضه لقبيلة البسيوي‪« :‬ومن‬ ‫بسيا الشيخ العلامة أبو الحسن علي بن محمد البسيوي صاحب الجامع‬ ‫المشهور بجامع الحسن وله كتاب مختصر أبي الحسن وهذان الكتابان من‬ ‫أشهر الكتب الفقهية بمممان‪ ،‬وهو من تلاميذ العلامة أبي محمد ابن بركة‬ ‫المشهور»"'‪.‬‬ ‫وقال سماحة الشيخ العلامة أحمد بن حمد الخليلي في مقدمة طبعة‬ ‫(‪ )١‬إتحاف الاعيان‪.)٢٣٠/١( ‎6‬‬ ‫والصفحة‪‎.‬‬ ‫نفس المصدر‬ ‫)‪(٢‬‬ ‫(‪)٩/١‬۔‬ ‫(‪ )٣‬إسعاف الاعيان في أنساب أهل عمان ۔ الشيخ سالم السيابي‪‎‬‬ ‫‏‪٢٠٧‬‬ ‫المبحث الأول‪ :‬مختصر البسيوي‬ ‫ه‬ ‫<‬ ‫الكتاب من قبل وزارة التراث والثقافة‪« :‬إن مؤلف الكتاب من غرف بطول‬ ‫الباع في الفقه وكثرة الاطلاع على أقوال الفقهاء‪ ،‬وعباراته من أسهل العبارات‬ ‫وأقربها إلى أفهام العامة وهو مستوعب لما لا بد منه من مسائل الاديان؛‬ ‫كما أنه أخذ بقدر لا بأس به من مسائل الأحكامء'‪.‬‬ ‫وقد عرفت مكانة المختصر بين العلماء في كثرة النقل عنه في‬ ‫المصنفات الإباضيّة‪ ،‬القديمة منها والحديثة‪ .‬وقد أشرت إلى ذلك أثناء‬ ‫حديثي عن ثبوت صحة نسبة المختصر إلى صاحبة‪ .‬حيث تسميه الكنب‬ ‫المغربية الإباضية ب(سبوغ النعم)" بينما تسميه المشرنية بالمختصر‪ .‬وابا‬ ‫كان فإن نفاسة هذا الكتاب وعلو منزلته جعلته في مقدمة المصادر أثناء النقل‬ ‫وبيان الراجح في المذهب وما عليه العمل ويكفيه ذلك شرفا أن يكرن‬ ‫موردا ثزا ينهل منه المتقدمون والمتاخرون" فيجد كل واحد منهم فيه بغيته‪٢‬‏‬ ‫ويعثر فيه على طلبته‪.‬‬ ‫غير‬ ‫مان؛ طا‪١٦:‬ا!ا‪١‬ه‪١٩٨٦/‬‏ م‬ ‫بسلطنة‬ ‫التراث والثقافة‪.‬‬ ‫طبع وزارة‬ ‫‏(‪ (١‬مختصر البسيوي‪6‬‬ ‫‏‪.٤‬‬ ‫ص‬ ‫محقق‪٠‬‏‬ ‫المبحث الثاني‪:‬‬ ‫المنهج الاستدلالي لدى الشيخ البسيوي‬ ‫في مخنصره الفقهي‬ ‫)‬ ‫ا‪::‬‬ ‫‪7‬‬ ‫ل‪ ::‬ز‬ ‫المطلب الأول‪ :‬المنهج الاستدلالي عند أبي الحسن (المصادر التشريعية)‬ ‫تمهيد‬ ‫أفصح البسيوي عن مصادره وترتيبها في كتابه الجامع بما يسهل من‬ ‫معرفة منهجه في الاستدلال‪ ،‬وطريقته في الترجيح" وقد تناول عدد من‬ ‫الباحثين كتابه الجامع بالتحليل" بيد أن منهج البسيوي لا يزال محتاجا إلى‬ ‫مزيد من الدراسات فهو شخصية مجتهدة ومحققة وله آراء يخالف فيها‬ ‫شيخه ابن بركة كما سنوضح ذلك في المبحث التالي بحول الله‪ .‬وبالرجوع‬ ‫إلى أدلة البسيوي واستدلالاته نجد أنه يعرض فيها المبدأ النظري والعملي‬ ‫معا‪ .‬ففي الجانب النظري يقول في الجامع‪« :‬وقد نظرت فيما ذكرت فلم أر‬ ‫دليلا ولا هاديّا أوضح من كتاب الله المنزل" وسئة نبيه المرسل فإنه السبيل‬ ‫الواضح لمن سلكه‘ والضلال عند من تركه»“_'‪ ،‬ونفس هذا المعنى يلح عليه‬ ‫في المختصر كثيرًا‪ ،‬ويعتبر المخالف لهما خارجا عن أحكام الدين‪« :‬فمن‬ ‫صلى في سفره أربعًا‪ ،‬فقد خالف الكتاب والسُئة وعليه البدل‪ .‬لكن مصادر‬ ‫التشريع عند البسيوي تتسع أكثر‪ ،‬فهي تشمل بالإضافة إلى الكتاب والسُئة‪:‬‬ ‫(‪ )١‬جامع أبي الحسن البسيوي‪.)٥/١( ‎‬‬ ‫الإباضية والمالكية في الغرب الإطلمي‬ ‫‏‪٦‬‬ ‫‏‪٠‬نك‬ ‫الإجماع والقياس والأدلة التبعية الاخرى" ففي الجامع يقول مثلا‪« :‬لان جملة‬ ‫ما تعبد الله به عباده في كتابه وسُئة نبيه‪ ،‬ومن القياس عليهما والإجماع على‬ ‫ذلك»ء' وهكذا يؤكد في المختصر‪« :‬وفرائض الحج التي لا يتم إلا بالإجماع‬ ‫عليها من المسلمين بلا اختلاف فيها مع ما دلت عليه السُئة ونطق الكتاب‬ ‫«فلا يحل له مجامعة امرأته في المحيض لنهي الله تعالى عن ذلك فقد‬ ‫أجمعت الامة وجاء النهي عن رسول الله يمة مع ما نطق به الوحي في كتاب‬ ‫الله في النهي عن وطء الحائض‪»...‬ء «ثم اختلفوا بعد هذا الإجماع»" «ولم‬ ‫أقل فيما اختلفوا فيها إذ القياس يوجب الأخذ به لجريان العلة في‬ ‫معلولاتها‪« ،‬وما أنبتت الأرض حكمه حكمها فى القياس والناس على‬ ‫ذلك متفقون؛ه"'‪ .‬والملاحظ في عبارات البسيوي قي المختصر والجامع أنه‬ ‫يقدم الإجماع على منطوق الكتاب والسنة‪ .‬فهل يذهب بذلك مع القائلين‬ ‫بان دليل الإجماع أقوى من دليل الكتاب والسُئنة؟‪ ،‬هذا أمر سنفصله بحول‬ ‫الله تعالى في مطلب استدلاله بالإجماع‪.‬‬ ‫وإذا كان البسيوي وسع موضوع الاستدلال بالمصادر الأصلية والتبعية‬ ‫أو النقلية والعقلية ۔ كما يسميها البعض ‪ -‬وبرهن على دلالتها بكثافة في‬ ‫كتابه الجامع‪ ،‬فإنه في المختصر سيكتفي بالدليل دون توضيح طريقته في‬ ‫استنباط الحكم منه على عادة المختصرات‪ ،‬إلا أنه في بعض المسائل التي‬ ‫يرى ضرورة أن يبين فيها رأي المذهب أو رأيه الذي ذهب إليه سيضطر إلى‬ ‫توضيح طريقة الوصول إلى هذا الحكم أو ذاك‪١‬‏ وسيطيل النفس قليلا في‬ ‫الاحتجاج على الخصم" ولكنها أيضا طريقة مختصرة وبعبارات دقيقة‪ ،‬يكفي‬ ‫أن تفهم منها وجه الاستدلال من كل دليل‪ ،‬ووجه الاعتراض على المخالف‪6‬‬ ‫(‪ )١‬جامع ابي الحسن البسيوي‪ ‎‬۔)‪(١/٠٠٢‬‬ ‫(‪ )٢‬كلها عبارات تجدها في القسم الثاني من المختصر‪‎.‬‬ ‫‏‪٣‬‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬المنهج الاستدلالي لدى الشبخ البسبوي‬ ‫كما أنها مسائل قليلة بالمقارنة مع ظاهرة الاحتجاج والانتصار للمذهب في‬ ‫كتابه الجامع‪.‬‬ ‫والآن بعد هذا التمهيد المجمل سنتقل إلى التفصيل بما يعطي لمحة‬ ‫مختصرة عن منهج الاستدلال عند البسيوي ني المختصرا فنقول وبالله‬ ‫التوفيق‪:‬‬ ‫‪ .‬الفرع الأول‪ :‬استدلاله بالقرآن‬ ‫يضع البسيوي الأدلة القرآنية في المكانة الرفيعة «فالقرآن هو الدليل‬ ‫الهادي إلى الطريق المستقيم" وهو الحق الذي لا يضل من سلكهؤ ولا يهدي‬ ‫من تركه فما أمرك به فاتبع‪ ،‬وما نهاك عنه فارتدع»«_'‪ .‬ولذلك فإن الكثير من‬ ‫الأحكام في المختصر مصدرها القرآن الكريما حيث سيستدل البسيوي‬ ‫بائنتين وسبعين آية لإثبات الأحكام سواء كانت الدلالة بالمنطوق أو‬ ‫المفهوم؛ وفي كل الأحوال فإنه سيوضح للقارئ كيف تم الاستنباط‪ 6‬وكيف‬ ‫جاءت الآية مقررة للحكم‪.‬‬ ‫فالاغتسال من الجنابة «فرض فى كتاب الله ك ولا عذر لمن جهله‪ ،‬قال‬ ‫شب قَاََهَدُوا ‪[ 4‬المائدة‪ :‬‏‪« ]٦‬معناه‪ :‬فاغتسلوا بالماءس!""‪.‬‬ ‫الله تعالى‪ « :‬ون كتم‬ ‫فالتطظهر في هذه الآية دل بالمنطوق أن معناه الاغتسال كما يفسره البسيوي؛‬ ‫لكنه حكم مجمل سوف تبينه السُئة الفعلية والقولية‪ ،‬إلا أن البسيوي مضى‬ ‫قدما في تفصيل معنى الاغتسال وكيفيته‪ ،‬ولم يحتج إلى استدعاء السُئة إلا‬ ‫عندما ذكر اغتسال النبي قلة وعائشة زنا في إناء واحدا"‪ 8‬ومن أمثلة أدلة‬ ‫‪). ١/‬‬ ‫(‪١‬‬ ‫جامع البسيوي‪‎:‬‬ ‫)‪(١‬‬ ‫(‪ )٢‬المختصر‪ .‬القسم الثاني‪ :‬باب ذكر الفل من الجنابه‪‎.‬‬ ‫)( نفسه‬ ‫الإباضية والمالكية في الغرب الإسلامي‬ ‫‏‪٢٣١٢‬‬ ‫رر‬ ‫=‬ ‫الله تعالى عند عدم الماء‬ ‫المنطوق فى المختصر‪« :‬والتيمم فرض في كتاب‬ ‫للطهارة والصلاة والجنابة قال ا له تعالى‪« :‬وَِ ك نتم جُثْبًا قَامَلهَُوأ وإن‬ ‫كنتم تربح آؤ عل سقر آو جاه لة نك من آلتآبط آؤ كمَنتُمُ الشم لم‬ ‫تجدوا ماه قَتَيَتَمُوا ميدا يبا نآمستحوا يؤجُويكم وآيريكم ينة ما‬ ‫عيكم يَن حَرچج ‪[ 4‬المائدة‪ :‬‏‪ !]٦‬معناه‪ :‬من ضيقه"‪.‬‬ ‫جك‬ ‫ريد له‬ ‫«واستقبال القبلة فرض لقوله تعالى‪« :‬فَوَلِ وَجَهَذت عَظرَ المنجد‬ ‫آلْحَرَام ‪[ "4‬البقرة‪ :‬‏‪.'"»]١٤٤‬‬ ‫«قال الله تعالى‪« :‬يَأتُهَا ليب ءامثوا تكغروا وَسْجموا ه""‬ ‫[الحج‪ .‬‏‪ ٢٧‬فالركوع في الصلاة فرض في كتاب الله×ث‪6‬‬ ‫وفي بعض الأحيان يستنبط الحكم من الآية من خلال ما يذهب إليه في‬ ‫تفسيرها‪ ،‬أو تفسير ألفاظها‪ ،‬وذلك ما يعرف بالدرس الدلالي لألفاظ القرآن‬ ‫الكريم" والأمثلة على ذلك في المختصر عديدة منها‪:‬‬ ‫لا ياكل‬ ‫حلف‬ ‫على تحنيث من‬ ‫معنى الطعام‬ ‫بعموم‬ ‫۔ استدلاله‬ ‫‏‪١‬‬ ‫الطعام؛ فأكل مما يصدق عليه معنى الطعام؛ فقال‪« :‬وإن حلف لا يأكل الطعام‬ ‫فأكل مما يكون طعامًا ما يطعم؛ حنث‘ وإن خالف في ذلك من خالف فهذا‬ ‫‏(‪ )١‬المختصر باب في ذكر الانتصاب فى القيام للصلاة‪...‬‬ ‫‏‪ .٨‬م۔اتَرماووتفررن بك قلسهي ۔‪٠‬‏س بنه ما بفؤو]ل ۔۔و۔هن م‪َ.‬نلر التنجد‬ ‫‏(‪ )٦٢‬و ‪.‬نصها‪ « :‬قذ جيرى ‪2‬عت‪[4‬لت ۔ت۔جهت ف‬ ‫لتتم ‪ 5‬أم ألحَذ م‪ .‬ترث هه‬ ‫)كترت‬ ‫كن ‪ 2‬رة الن‬ ‫ع ۔۔‪ .‬ه ماس «‪ .‬ع۔‪ 4‬أ مشك‬ ‫‏‪٥‬‬ ‫سَظرة ود ألزم أوؤا انيكت مشوت أنه ألحَق من رَبِهم رونا‬ ‫الحا وَحَنْث ماكنئز قولوا جوكم‬ ‫قه عَتا نملة ‪.4‬‬ ‫‏(‪ )٣‬المختصر القسم الثاني" باب في ذكر الانتصاب في القيام للصلاة‪..‬‬ ‫‏(‪ )٤‬وتمامها‪« :‬يَتأبهَا ألذي ءامئوا تتكهرا وَنجديا وأبدوا كم وفص آنحَير لَمَكُم‬ ‫‪.4‬‬ ‫م ‪7‬‬ ‫‪1‬‬ ‫‏(‪ )٥‬المختصر القم الثاني‪ 9‬باب في ذكر الركوع والجود‪.‬‬ ‫آ"‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬المنهج الاستدلالي لدى الشبة البسبوي‬ ‫‪-‬‬ ‫رر ‏‪٢‬‬ ‫قولنا إذا أكل منه؛ لأن الله تعالى يقول‪« :‬يْلممْ ولا يلم ‪ "4‬وقوله ين‪ « :‬إما‬ ‫تنلينكر لونه الله ‏‪ "٢‬لو أطعم بطيحًا أو قثاء أو نبقَا نقد أطعمإ وقولهم في‬ ‫فوله الله تعالى‪« :‬تن تصبر عل تام حدر كغ لنا ريك يرج لا ما تن‬ ‫الأسى من تبقهكا وَمِتَآبها ومها وََدَيكا؟""‪ 6‬نقد قصد إلى أن كل هذا‬ ‫الطعام يؤكل ويطعم" وما وقع عليه اسم الطعام أطعم طعامًاء والله أعلم‪ .‬وإن‬ ‫كانوا قالوا غير هذا''‪ .‬والذي يظهر من استدلاله هنا‪ :‬نظرته إلى عموم لفظ‬ ‫الطعام الذي لا تخصصه الحقيقة العرفية؛ لأن آيات القرآن الكريم تطلق لفظ‬ ‫الطعام عاما على كل ما يطعم فبنو إسرائيل عدلوا عن الطعام الطيب الذي‬ ‫يستسيغه الناس وجبة مقبولة في غدائهم وعشائهم وهو المن والسلوى‪ 6‬إلى‬ ‫طلب طعام لا تسميه العادة العرفية طعاما يتخذ للوجبات وهو‪ :‬هالبقل‬ ‫والفوم والعدس والبصل» ومع ذلك سماه القرآن طعاما‪ .‬ومن هنا فإن ما وقع‬ ‫عليه اسم الطعام فأكله الحالف؛ فقد «أطعم طعاما‪.‬‬ ‫فقبل هذه المسألة قال‪« :‬وإن‬ ‫مطردة عند أبي الحسن؛‬ ‫القاعدة‬ ‫وهذه‬ ‫حلف لا يأكل العيش فأكل شيئا مما يعاش به حنث؛ لأن كل شيء يعاش‬ ‫‏)‪(٥‬‬ ‫به»‬ ‫‏‪ - ٢‬وفي بعض الأحيان يبين اختلاف العلماء في تأويل معاني الآيات‬ ‫‏(‪ )١‬سورة الانعام؛ ونص الاية كاملة‪ « :‬مل أمير أيد ريا تار النوت رالي وثر ليمزلابتلمد‬ ‫ل إز يرث آن آوت أول من آش ولاتكوتت يم انئنركي ‪.4‬‬ ‫(!) سورة الإنسان" وتمامها‪ ...« :‬لا زذيتزجزةةرلاشززا ‪.4‬‬ ‫‏(‪ )٣‬سورة البقرةؤ وتمامها «‪ ...‬وكيم قال أتتنيليرت الدى هر أنت بلف هرع اميطوا‬ ‫يا إذ تم تما سال وشربت عتنهغ الذلة وآنتنكت وبنابو بتتبر نك أف ية بأئهنز‬ ‫كارا يتكغروك ياتي اقر تفتك ابين ينأيرلحق دبيةاعصوا كاراينتذرك ‪.4‬‬ ‫‏(‪ )٤‬باب ذكر كفارة الأيمان على من حنث واجبة‪.‬‬ ‫‏(‪ )٥‬القسم الثاني‪ :‬باب في ذكر كفارة الايمان على من حنث واجبة‪.‬‬ ‫الإباضية والمالكية في الغرب الإسلامي‬ ‫‏‪٣١٤‬‬ ‫‪77‬‬ ‫غ‬ ‫اختلافا يؤدي بهم إلى تعدد الآراء حول المسألة الواحدة؛ استنادا إلى فهمهم‬ ‫للآية‪ .‬وذلك ما يسمى باختلاف المدارك وتعدد الفهوم‪ .‬ثم يبين أبو الحسن‬ ‫أن التعمق في تدبر الآية والنظر في ملابسات نزولها يكفي للوصول إلى‬ ‫الحكم المقصود فعند حديثه عن اختلاف المسلمين حول تسمية صلاة‬ ‫السفر هل هي قصرا أم تمام يبين أبو الحسن أن الآية قد تم التنازع على‬ ‫تأويلها تنازنما لا يخدم الفريقين؛ لأنها تتحدث عن مناسبة أخرى‪ ،‬يقول‪:‬‬ ‫«وقد تنازع الناس في صلاة المسافر فسماها قوم قصرا‪ ،‬وسماها آخرون‬ ‫تمامًا‪ ،‬واتفقوا جميعا على أنها ركعتانء والتنازع بينهم في تأويل الآية قال‬ ‫الله تبارك وتعالى‪ « :‬يَلوًا عََنَم في الكضِ كلنس عتتكر متا تآَنمَصَرُوأ من‬ ‫السكة ‪ (4‬زان‪ ...‬‏‪ .]١٠٠‬والضرب هو السير والسفر فقالوا‪ :‬كل ضارب في‬ ‫الارض مسافر‪ ،‬حيث يجب اسم السفر صلى صلاة السفر قصرا‪ ،‬وبيان ل‬ ‫يدل على المراد" قوله‪« :‬لتر عَتتكر لجتناتحح آن نموا من الصوة ة ت حقن‬ ‫فينكم ألكتَروَأ ‪ 46‬فهذا إنما يكون القصر مع الخرف‪ .‬وهو صلاة ار‪:‬‬ ‫وآخر الآية يدل على ذلك لقوله تعالى‪« :‬وَإدَا كنت فيهمتَأمَمتَلهم‬ ‫العنزة _" إلى تمام الآية [الاء‪،]٠٠٢.‬‏ يدل على أن القصر فايلحرب‪ ،‬وأن‬ ‫صلاة السفر هي ركعتان غير قصر وأن الصلاة نزل فرضها مجملا فبينها‬ ‫رسول الله ية وعرف أمته صلاة السفر من صلاة الحضر وصلاة المقيم من‬ ‫ة‬ ‫خفتم آن فينكم ‪:1‬‬ ‫كلنس علنكر لجتا ا آن قصروا مِنَالصَكَزو‬ ‫‏(‪ )١‬ونصها‪ « :‬كدا عَرََم ق الا‬ ‫انكر ةكائزا تعكَرذُا يا‬ ‫‏(‪ )٢‬النساء ونصها كاملة‪ , :‬ت فهمتَأتَنتَتهم الستتزة قلتم طآبكة يتهم معمق وَليَاْذوا‬ ‫تحتهم كدا سَجَذواوا كوا ين رآهم ولتأن طآبتة أترى تر يصملوا قلوا مَعَت‬ ‫ؤ تنئثورت ععَنن الحكم وميك تينة تكر‬ ‫ودالبن كقروا‬ ‫وأعدوا حذَرَمُم‪.7‬‬ ‫تله وحدة وللاجتاح عَتيكگم إنكاة بكم منى تن متل آزكنئم تمرصيح آن تَصَعُوا آتيحتكة‬ ‫لنكغينَ عَدَام شهيا »‪.‬‬ ‫وَغُذوا دركم إ ‪1‬‬ ‫‪-‬‬ ‫‪0‬‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬المنهج الاستدلالي لدى الشبخ البسبري‬ ‫صلاة الأعياد‪ ،‬والسنن وصلاة الجمعة وصلاة الخوف‪ 6‬ولولا ما بينه‬ ‫رسول الله ية ما كان للناس إلى معرفة ذلك سبيلء'‪.‬‬ ‫‏‪ ٣‬۔ لا ينسى أبو الحسن رغم حرصه على الاختصار أن يَذكُر حجة‬ ‫المخالف ما دام قد سمح هو لنفسه أن يبين دليله وحجته مع هذا الاختصار‬ ‫فيقول‪« :‬والذي يحتج بالآية أن صلاة المسافر قصر‪ ،‬ويحتج مع ما تقدم من‬ ‫الآية؛ أن رجلا سأل عمر بن الخطاب خه فقال‪ :‬يا أمير المؤمنين لم جاز‬ ‫قصر الصلاة في الأمن والله تبارك وتعالى يقول‪« :‬إن خفثمآن فينكم أيي‬ ‫كروا ‪ 45‬فقال عمر بن الخطاب زفه‪ :‬قد عجبت مما عجبت منه؛ فسألت‬ ‫رسول الله ية عن ذلك‘ؤ فقال‪« :‬صدقة تصدق الله بها على المؤمنين فافبلوا‬ ‫صدقته"‪ .‬ففي هذه الأخبار ما يدل على اتفاقهم على أن صلاة السفر‬ ‫ركعتان‪ ،‬فمن صلى في سفره أربعًا‪ ،‬فقد خالف الكتاب والسئة وعليه البدل‪٢‬‏‬ ‫وفيما بيّناه فساد لقول من أجاز للمسافر أرباه‪.‬‬ ‫ومما يندرج تحت الدرس الدلالي لألفاظ القرآن الكريم احتجاج‬ ‫‏‪٤‬‬ ‫أبي الحسن بعموم الآيات أيضًّا؛ كقوله عند حديثه عن ضرورة التخفيف‬ ‫بالناس في صلاة الجماعة‪ ،‬وقد ساق مجموعة من الأحاديث والآثار التي‬ ‫تدل على ذلك «وقد قال الله ما فيه شفاء‪« :‬تأفردوأ ما بتر مر القراء"‪.‬‬ ‫فحتى لو اختلف الناس في مفهوم المتيسر من التلاوة؛ فإن اسم الموصول‬ ‫«ما» ۔ وهو من ألفاظ العموم ۔ يدل على أن القدر المتيسر يتم حتى ولو‬ ‫بثلاث آيات‪.‬‬ ‫‏‪ ٥‬۔ وقد يذهب أبو الحسن بعض الأحيان مذهبا مستقلا في فهم الآبة‬ ‫‏(‪ )١‬باب ذكر صلاة المسافر‪.‬‬ ‫‏(‪ )٢‬سيأتي تخريجه في قسم التحقيق‪.‬‬ ‫‏(‪ )٣‬القسم الثاني‪ :‬باب صلاة الجماعة‬ ‫الإباضية والمالكية في الغرب الإعللمي‬ ‫‏‪٢١٦‬‬ ‫ر‬ ‫ليدلل بذلك الفهم على الحكم المبني عليه‪ ،‬فمثلا يحتج بقوله تعالى‪:‬‬ ‫» والمد لله كلا تَدَغُوأ م لله أدا ‪[ "4‬الجن‪]١٨ :‬ء‏ أن «هذه المساجد هي‬ ‫الاعضاء التي وصفت لك‘ؤ فمن لم يسجد عليها فصلاته منتقضة غير تامةء"‬ ‫وهذا فهم خاص بأبي الحسن بعيد الغور يرى معه أن هذه الأعضاء خلقت‬ ‫في الإنسان لتمكنه من السجود لله بطريقه يتجمع فيه الجسم كله لتشكيل‬ ‫منظر السجود‪ ،‬فلا يجوز أن نسجد بها لغير الله‪.‬‬ ‫‏‪ ٦‬ومن ذلك أيضا استدلاله على فرضية القعود للتحيات بقول تعالى‪:‬‬ ‫يذكرون أله قسما وعودا وََ جئوبهم ‪[ "!4‬آل عمران‪]١٩١.‬ء‏ وهو‬ ‫« ال‬ ‫استدلال قد لا يساعد أبا الحسن في استنباط هذا الحكم؛ لأنه يلزم أيضا أن‬ ‫يكون النوم على الجنب فرضا أيضا‪ .‬ولكن لعله أراد أن مطلق ذكر الله يتم‬ ‫في جميع حالات الإنسان من القيام والقعود والاستلقاء وليس المقصود هو‬ ‫فرضية القعود للتحيات‪ .‬إلا أن الإشكال ما يزال قائما؛ لأن استشهاده بالآية‬ ‫عقب قوله‪« :‬والقعود فرض في الصلاة» دال على أن الحكم مأخوذ منها جربا‬ ‫على طريقته في الاستشهاد للركوع بقوله تعالى‪« :‬يَتأيهَا آي عاثوا‬ ‫أتتكغوا وَأسْجمذوا ‪ 46‬الحج‪ :‬‏‪ ،]٧٧‬والسجود بقوله تعالى‪« :‬آركَغوا‬ ‫وََسْجدوأ ‏‪ 6٨‬والقراءة في الصلاة بقوله تعالى‪« :‬تأقرَموأ ما تتر منَ المراه‬ ‫(المزمل‪!٠ .‬ا‪6‬‏ وقوله‪« :‬قأقرموا ما تر منة رآقيشوأ آلصَتة ‪[ 4‬المزمل؛ ‪)٢٠‬۔‏‬ ‫ًّ‬ ‫‏(‪ )١‬انظر‪ :‬باب ذكر التحيات والقعود‪.‬‬ ‫‏(‪ )٢‬القسم الثاني‪ :‬باب ذكر السجود في الصلاة‪.‬‬ ‫‏(‪ )٣‬سورة آل عمران ونصها كاملة‪ « :‬الزب ينَكبوة ألة قبنكا رَفُمُوداوعَق جمثوبوم وََتَتَحكَرُودَ في‬ ‫عاق التوت والكرضربتا ما عَلتت مندا يللا منحتك نينا عَدَابأتار ‪.4‬‬ ‫‏(‪ )٤‬وتمامها‪« :‬يَأبها آآييے ءامنوا تكغرا وَنجمذدا وآتنذوارتَكُم تنصف النحت متحكم‬ ‫تيخو ؟‪.‬‬ ‫‏(‪ )٥‬‏‪٠‬جحلا وتمامها‪« :‬يَأنُها آير اثرا تربكغوا وجدا وغنوا رَتكُم وأقصر الحَن‬ ‫متحكم ثنيخوت ه‪.‬‬ ‫‏‪٢٧‬‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬المنهح الاستدلالي لدى الشبخ البسبوي‬ ‫وهكذا يمضي أبو الحسن في الاستشهاد بآيات القرآن الكريم واستنباط‬ ‫ما لديه من ملكة أصولية وفنهم‬ ‫الاحكام التكليفية والوضعية منها حسب‬ ‫وإدراك‪ .‬وقد اكتفينا بالأمثلة السابقة لأن موضوعنا هو بيان استدلال‬ ‫ابي الحسن بالقرآن فقط من غير الغوص والتعمق في منهجه الدقيق‪.‬‬ ‫الفرع الثانى‪ :‬الاستدلال بالسنة‬ ‫‪.‬‬ ‫يوظف أبو الحسن البسيوي السُئة النبوية الشريفة في الكثير من الاحكام‬ ‫الشرعية‘ ويستند إليها في الأوجه الاستنباطية والدلالية‪ .‬حتى فيما يتعلق‬ ‫بالآداب والسلوك‪ .‬وقد أكثر من الأحاديث النبوية في مختصره حتى وصل‬ ‫مجموع ما استشهد به من السُئة مائة وخمسة وعشرين حديئا‪ ،‬ويتضح من‬ ‫خلال تخريج الأحاديث التي ذكرها أنه يعتمد على معظم المصادر الحديثية‬ ‫المشهورة وهي كالتالي‪:‬‬ ‫البخاري ‪ -‬مسلم _ أبو داود الربيع بن حبيب ۔ مصنف ابن أبي شيبة ۔‬ ‫الديلمي في الفردوس ‪ -‬الفقه الأكبر للإمام أبي حنيفة ۔ موطأ الإمام مالك‬ ‫وغيرها‪.‬‬ ‫إلا أن الملاحظ على آبي الحسن هو جمعه بين ألفاظ الروايات المعتمدة‬ ‫في حديث واحد وفي بعض الأحيان يضم نصه حديثين منفصلين روى كل‬ ‫قسم منهما راو مختلف‪ .‬وقد لاحظ الدكتور خلفان المنذري أثناء دراسته‬ ‫لظاهرة الاحتجاج بالسنة عند البسيوي في الجامع أنه يتبع طريقة الفقهاء‬ ‫المعروفة بقلة اهتمامهم بأسانيد الحديث وطرقها‪ ،‬بل وحتى وحدة متونها“‬ ‫‏(‪ )١‬للتوسع في معرفة احتجاج آبي الحسن بالشئة ينظر‪ :‬أحاديث جامع ابي الحسن البسيوي‬ ‫تخريج ودراسة الدكتور خلفان بن محمد المنذري" ص ‏‪ ٤٣‬رسالة ماجستير غير مطبوعةؤ‬ ‫جامعة القاهرة كلية دار العلوم! مصر‪.‬‬ ‫الإباضية والمالكية في الشرب الإطلمي‬ ‫‏‪٨‬‬ ‫‪٩7‬‬ ‫فليس هو من‬ ‫يقول ابن حجر‪ :‬دوالجويني ‪ -‬وإن كان من أكابر العلماء‬ ‫علماء الحديث‘ وكذلك الغزالي والقاضي حسين وإنما هم من الفقهاء‬ ‫الذين لا يميزون بين الموضوع وغيره كما يعرف ذلك من له أنسة بعلم الشئة‬ ‫واطلاع على مؤلفات هؤلاء»'‪ .‬وهذه السمة هي الغالبة بطبيعة الحال" وإلا‬ ‫فإن عددا من الفقهاء لا يقل شأوا عن المحدثين‪.‬‬ ‫ومن خلال تتبعي لتعامل آبي الحسن مع السُئة النبوية في المختصر‬ ‫يتبين أنه يضعها في موضعها المشهور عند علماء الأصول فهي مستقلة‪.‬‬ ‫ومبينة‪ .‬ومقيدة‪ .‬ومخصصةً كما أنها من حيث اعتبار ذاتها تنقسم إلى قولية‬ ‫وفعلية} وتقريرية‪ ،‬كما يظهر تفريق أبي الحسن أيضًا بين الإسناد والمتن؛‬ ‫وبين الحديث المرفوع والموقوف كما في أول حديث استشهد به في باب‬ ‫طلب العلم‪ ،‬وكل ذلك يتضح من خلال الأمثلة التالية‪:‬‬ ‫‏‪ ١‬السُنّة مستقلة بالتشريع‪.‬‬ ‫أ صلاة الكسوف‪:‬‬ ‫«وروي عن الرسول قفة أن الشمس انكسفت يوم موت إبراهيمإ فقال‬ ‫الناس‪ :‬أصيبت الشمس لموت إبراهيم" فبلغ ذلك رسول الله ية فقام وصلى‬ ‫ركعتين جماعة\ وأطال فيهما القيام والقراءة‪ ،‬فلما قضى الصلاة خطب الناس‬ ‫فحمد الله وأثنى عليه ثم قال‪« :‬يا أيها الناس إن الشمس والقمر آيتان من‬ ‫آيات الله‪٧‬‏ لا ينكسفان لأحد من خلقه‪ ،‬ولكن يذكر بذلك عباده‪ ،‬فإذا رأيتم‬ ‫ذلك فصلوا وادعوا الله‪ ،‬وارغبوا إليه‪ ،‬إلى أن ينجلي كسف أيهما انكسف»؛‬ ‫معنى الرواية وليس الإسناد بعينه»‪.‬‬ ‫(‪ )١‬نيل الأوطار‪.)٢٣٧/٦( ‎‬‬ ‫ہ‬ ‫ِّ‬ ‫ء‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬المنهج الاستدلالي لدى الشبخ البسبوي‬ ‫ا|‬ ‫ب ۔ صلاة الضحى‪:‬‬ ‫«وقد روي عن رسول الله لة أنه صلى يوم فتح مكة ضحوة النهار‬ ‫ركعتين أو أربعا ۔ الشك مني ۔ فصارت سُئة متبعةإ وللمصلي من الفضل‬ ‫درجات لا يعلمها إلا ا له رب العالمين‪.‬‬ ‫ج ‪ -‬الوتر‪:‬‬ ‫المغروب‪٥‬‏‬ ‫الوتر‪ 6‬وركعتان بعد‬ ‫خمس صلوات‪:‬‬ ‫«والسنن في الصلاة‬ ‫وركعتان قبل صلاة الفجر‪ ،‬وصلاة العيدين وصلاة الجنازة‪ .‬فأما صلاة الوتر‬ ‫والجنازة‪ ،‬فقد ألحقن بالفرائنض» غير أن صلاة الجنازة إذا قام بها البعض‬ ‫عليها في الجامع بمجموعة من‬ ‫لم يقم بها»(‪'_١‬‏ وقد استدل‬ ‫أجزأ عمن‬ ‫الأحاديث منها قول النبي تة‪« :‬ختم الله صلاتكم بصلاة سادسة زيادة لكم‬ ‫على أعمالكم»‪ .‬وقال ية‪« :‬زادكم الله صلاة سادسة‪ ،‬وهي خير لكم من حمر‬ ‫النعم‪ .‬وهي صلاة الوتره"'‪.‬‬ ‫د ۔ زكاة الفطر‪:‬‬ ‫«ويستحب إخراج الفطرة غداة الفطر قبل الخروج إلى المصلى‪ ،‬ومن‬ ‫رأى من الفقراء محتاجا فقدمها إليهم فجائز‪ .‬ويخرجها الغني وياخذها‬ ‫أو ما كان‬ ‫من تمر‬ ‫من حب"‪ 6‬أو صاع‬ ‫أو صاع‬ ‫وهي صاع من طعام‬ ‫الفقير©‬ ‫مثله قياسا عليه مثل الزبيب والتين» وقد استدل عليها في الجامع بنص‬ ‫صدفة‬ ‫ذكر مدلولاته فقال‪« :‬كنا نخرج على عهد رسول الله ز‬ ‫الحديث الذي‬ ‫الفطر من ثلاث أصناف© صاع من تمر أو شعير أو أقط أو ذرة‪ .‬فمن أداها‬ ‫منع التخيير‬ ‫ومن‬ ‫به‬ ‫الله ز‬ ‫رسول‬ ‫ما أمره‬ ‫بنز فقد أدى‬ ‫الله‬ ‫رسول‬ ‫ختيره‬ ‫مما‬ ‫‏(‪ )١‬انظر القسم الثاني‪ :‬باب في سنن الصلاة‪.‬‬ ‫‏(‪ )٢‬جامع أبي الحسن البسيوي ‏(‪.)٢٩٤/١‬‬ ‫الإباضية والماقكية في الشرب الإطلمي‬ ‫كف‬ ‫فر‪٨٢‬‏‬ ‫‪7‬‬ ‫فقد خالف السُئة‪ ،‬والاخبار التى جاءت عن رسول الله نغة فقد اتفقوا على‬ ‫التخيير فيهاه‪'١‬‏‬ ‫‏‪ ٢‬السنة مبينة لما أجمل‬ ‫وسوف نضرب على ذلك بعض الأمثلة الصريحة‪ ،‬قال في المختصر عند‬ ‫الحديث عن صلاة السفر هل هي قصر أم تمام من حيث التسمية‪ :‬دوان‬ ‫الصلاة نزل فرضها مجملا فبينها رسول الله ة‪ .‬وعرف أمته صلاة السفر من‬ ‫صلاة الحضر وصلاة المقيم من صلاة الأعياد‪ ،‬والسنن‪ ،‬وصلاة الجمعة‬ ‫وصلاة الخوفؤ ولولا ما بينه رسول الله ية ما كان للناس إلى معرفة ذلك‬ ‫سبيل»‪.‬‬ ‫وقد ذكرنا من قبل في فرع استدلاله بالقرآن أمثلة القعود والركوع‬ ‫والسجود‪ ،‬وكيف استشهد أبو الحسن يعدد من الأحاديث التى تبين ما يقال‬ ‫‪.‬‬ ‫في هذه المواضع‪.‬‬ ‫‪ .‬الفرع الثالث‪ :‬الاستدلال بالإجماع‬ ‫المصدر الثالث من مصادر التشريع هو الإجماع‪ ،‬بيد أن هذا المصدر قد‬ ‫واجه عددا من الاعتراضات‘ فحصره بعضهم في إجماع الصحابة دون‬ ‫غيرهمإ بينما شكك بعضهم في إمكانية وقوعه كما حكى ذلك عن الإمام‬ ‫أحمد على الرغم من قوله‪« :‬من ادعى الإجماع فقد كذب» إلا أن أتباعه‬ ‫يرون أن ذلك ليس نفيا للإجماع إنما حكاية عن صعوبة حصوله"‪ .‬وأخيرا‬ ‫وصل بعضهم إلى استحالة وقوعه مطلقا‪ ،‬وهذا ما استقر عليه النظام من‬ ‫(‪ )١‬جامع أبي الحسن البيوي‪.)٤٤٦/١( ‎‬‬ ‫(؟) المدخل‪ ‎‬ج(‪.)١١٥/١‬‬ ‫‏‪٢٢١‬‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬المتهج الاستدلالي لدى الشيخ البسبوي‬ ‫يفد‬ ‫اس ‪0‬‬ ‫المعتزلة( والصنهاجي"' والشوكاني وهؤلاء يرون أن دعوى وقوعه بين‬ ‫الصحابة بعيد جدا فضلا عن وقوعه بعدهمه"‪.‬‬ ‫عرفه أولا ثم نذكر أنواعه وبعض‬ ‫ولمعرفة حقيقة الإجماع فإننا سوف‬ ‫لواحقه‪:‬‬ ‫الإجماع لغة‪ :‬يأتي بمعنى الاتفاق والضم يقول ابن حزم «والإجماع‬ ‫‏‪١‬‬ ‫وهو حينئذ مضاف‬ ‫ما ات قفق عليه اثنان فصاعدا! وهو الاتفاق؛‬ ‫هو في اللغة‬ ‫إلى ما أجمع عليهءا''‪ .‬ويأتي بمعنى‪ :‬العزم‪ .‬وعند الأصوليين اختلاف في أي‬ ‫المعاني حقيقة‪.‬‬ ‫هذه‬ ‫وله في الاصطلاح تعريفات عدة عند الأصوليين لعل أقربها إلى التعبير‬ ‫المقصود هو «اتفاق مجتهدي أمة محمد يلة بعد وفاته في عصر من‬ ‫عن‬ ‫العصور على حكم شرعي اجتهادي‪.‬‬ ‫وأضاف الشيعة في تعريفهم «على أن يشمل قول المعصوم»“' محاولة‬ ‫منهم إضفاء الشرعية على الإجماع؛ لأن كلامه حينئذ لا يخرج عن الصواب‬ ‫لمظنة العصمة‪.‬‬ ‫حجية الإجماع‪:‬‬ ‫ا لإجماع حجة شرعية عند جمهور الأمة‪ .‬يجب العمل به‪ .‬وتحرم‬ ‫مسلم الثبوت‪.)٢١١/٦( ‎‬‬ ‫(‪)١‬‬ ‫إرشاد الفحول ص‪.١٤٤‎‬‬ ‫(‪)٦‬‬ ‫المصفى ص‪.٣٨٧ ‎‬‬ ‫(‪)٣‬‬ ‫الإحكام لابن حزم‪.)٤٧/١( ‎‬‬ ‫(‪)٤‬‬ ‫جامع ابن بركة‪)١٤٣/١( ‎‬۔‬ ‫(‪)٥‬‬ ‫المحصول‪.)١٤٢/٤( ‎‬‬ ‫(‪)٦‬‬ ‫الإباضية والمالكية في الغرب الإطلمي‬ ‫‏‪٢٢٢‬‬ ‫ثمرر؟‬ ‫مخالفته إذا توفرت أركانه الاربعة وتتمثل في وجود عدد من المجتهدين في‬ ‫التعبير عن الحكم‬ ‫الوقت الذي حدثت فيه الواقعة} وصراحة عبارتهم في‬ ‫بالإفتاء أو القضاء‪ ،‬وأن يشمل هذا الاتفاق جميع المجتهدين بدون تخلفث‬ ‫على أن بعضهم لا يشترط في الركن الأول عددا من المجتهدين بل ينعقد‬ ‫بالإجماع‬ ‫البقية إقرارًا وهو ما يعرف‬ ‫عنده ولو بمجتهد واحد وسكت‬ ‫السكوتي‪.‬‬ ‫وذهب النظام كما أسلفنا إلى أنه ليس بحجة شرعية‪ ،‬وإنما مقبولة‬ ‫والمسألة مثار خلاف بين الأصوليين‪ .‬أما الإجماع السكوتي ففيه خلاف‬ ‫أيضا حيث أثبته الجمهور ولم يثبته الإمام الشافعي‪.‬‬ ‫أنو اعه‪:‬‬ ‫للإجماع نوعان قولي‪ :‬وهو السابق ذكره‪ ،‬وسكوتي وهو أن يطرح بعض‬ ‫مجتهدي العصر رأيهم في الحادثة صريحا بفتوى أو قضاء ويسكت البقية‬ ‫منهم فلا يخالفون قول أولئك ولا يوافقونهء وهذا الأخير يحظى بخلاف‬ ‫أقوى من الإجماع القولي‪ ،‬إذ نفاه الشافعي وقال‪« :‬لا ينسب إلى ساكت قول»‬ ‫بينما يقول به الجمهور" والأحناف"' والإباضيّة وغيرهم‪.‬‬ ‫وقد توسع الإباضية في كيفية وقوع الإجماع فجعلوه ثلاثة أنواع‪:‬‬ ‫‏‪ ١‬نوع يكون من جهة القول والفعل معًا‪.‬‬ ‫‏‪ ٢‬۔ ونوع من جهة القول وحده‪ 6‬أو الفعل وحده وذلك بأن يطلقوا على‬ ‫شيء قولاؤ أو يطلقوا عليه فعلا‪ .‬وهذان لا يشترط فيهما انقراض العصر‬ ‫جلية‪.‬‬ ‫الاتفاق فيهما بصورة‬ ‫حصول‬ ‫لتحقق‬ ‫(‪ )١‬روضة الناظر‪.)١٥١/١( ‎‬‬ ‫(‪ )٢‬التقرير والتحبير‪.)٢٢٠ /٣( ‎‬‬ ‫لدى الشبخ البسبوي‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬المنهج الاستدلالي‬ ‫فها‬ ‫تر ؟‬ ‫د‬ ‫‪-‬‬ ‫‏‪ ٣‬ونوع ثالث يكون من جهة قول البعض وسكوت الباقين‪ ،‬أو فعل‬ ‫البعض وسكوت الباقين وهو ما اصطلح عليه بالإجماع السكوتي«)‪.‬‬ ‫وهذا التوسع ليس شيئا تفرد به الإباضية بل هناك من قال به قبلهم من‬ ‫الاصوليين؛ كابي الحسين البصري والشيرازي في اللمعا""ء يقول البصري‪:‬‬ ‫«إن الاتفاق يكون مع الجماعة بالفعل نحو أن يجمعوا باجمعهم فعلا‬ ‫واحدا‪ .‬ويكون بالقولؤ ويكون بالرضى" نحو أن يخبروا عن أنفسهم‬ ‫بالرضى ونحو أن يظهروا القول فيهمإ ولا يظهروا كراهيته مع زوال التقيةة‬ ‫وقد يجتمعون على الفعل وعلى القول وعلى الإخبار عن الرضا في مسألة‬ ‫واحدةء وكل هذه الأشياء أدلة على الاعتقاد لحسن ما رضوا به ولوجوبه‪6‬‬ ‫على أن اتفاقهم على الفعل يدل على حسنه من حيث كان العقل دليلا على‬ ‫اعتقادهم لحسنه‘ ومن حيث كانوا قد اتفقوا على فعله؛ لأنه لو كان خطا‬ ‫ما اجتمعوا على فعله كما لا يجتمعون على اعتقاد حسنه وقد يجتمعون‬ ‫على ترك القول في الشيء وعلى ترك فعله فيدل ذلك على أنه غير واجب؛‬ ‫لأنه لو كان واجبا لكان تركه محظورا‪ ،‬وفي ذلك إجماعهم على المحظور©‬ ‫ويجوز أن يكون ما تركوه مندوبا إليه»"‪.‬‬ ‫والإجماع حجة عند الإباضية ويشترطون فيه اجتماع جميع مجتهدي‬ ‫الأمة من جميع مذاهبها ومدارسها"‪ .‬وليس كما قال الشيخ أبو زهرة من أن‬ ‫الإباضية يعتدون بإجماعهم فقط ولا يعتدون بإجماع الأمةث‪ ،‬وهذا كلام‬ ‫(‪ )١‬منهج الاجتهاد عند الإباضية‪ .‬د‪ .‬مصطفى باجو؛ ص‪.٢٥٤ ‎‬‬ ‫(‪ )٢‬اللمع في أصول الفقه‪.)٩٠/١( ‎‬‬ ‫(‪ )٣‬المعتمد‪.)٢٣/٢( ‎‬‬ ‫(‪ )٤‬منهج الاجتهاد عند الإباضية ص‪.٦٥٤ ‎‬‬ ‫(‪ )٥‬ينظر‪ :‬أصول الفقه‪ ،‬للدكتور أبر زهرة ص‪.٣٥٧‎‬‬ ‫الإباضية والماقكية في الغرب الإسلامي‬ ‫‏‪٣٢٤‬‬ ‫‪٨٢‬‬ ‫غريب لم يوضح فيه الشيخ مصدره‪ .‬وعلى العموم فقد تولى الرد عليه‪‎‬‬ ‫الدكتور جابر السعدي" والدكتور مصطفى باجو«”‪‎.0‬‬ ‫الإجماع عند البسيوي‪:‬‬ ‫يرد مصطلح الإجماع عند البسيوي كثيرًاء ويعتبر مصدرا من مصادر‬ ‫التشريع النقلية‪ ،‬فكثيرا ما يأتي به مقرونا بالكتاب والسُئة‪ ،‬وفي بعض عباراته‬ ‫يقدم الإجماع على الكتاب والسُئة كما أسلفنا ذلك في التمهيد إلا أننا لم‬ ‫نستطع أن نستقر على رأي معين حول هذا التقديم هل هو تقديم مقصود‬ ‫ينطلق من اعتبار الإجماع أقوى دلالة من الكتاب والسُكنة‪ ،‬أم أن ذلك يأتي‬ ‫زيادة في نفي الخلاف حول الحكم المقصود؛ لأنه في بعض العبارات‬ ‫الاخرى يؤخر الإجماع مرتبة ثالثة بعد الكتاب والسُئّة فيقول مثلا‪« :‬والربا قد‬ ‫حرمه الله تعالى في كتابه ورسوله تة في سُئته‪ ،‬وأجمع المسلمون على‬ ‫تحريمهه!"'‪ .‬وعند حديثه عن وطء الحائض يقول‪« :‬وأن الواطئع في المحيض‬ ‫قد وطئ حراما عليهؤ وفعل ما لا يحل لها وأنه قد ركب ذنبا عظيما قد نهاه‬ ‫الله ورسوله عن ركوبها وأجمع المسلمون على تحريمه''‪ .‬وقوله عند‬ ‫الحديث عن المساقاة‪ :‬دوأن المساقاة فى النخل جائزة بالسُئة والإجماع»‘‪.‬‬ ‫هذه العبارات بمجموعها لا تعطي قرينة على أنه كان يقدم الإجماع على‬ ‫الكتاب والسشئة؛ لأنه لم يلتزم بذلك في كل عبارته} والذي يظهر لي أن‬ ‫العبارات التي قدم فيها الإجماع على الكتاب والسنة كان المقصد منها هو‬ ‫زيادة التأكيد على استقرار الأمة على ذلك الحكم‪.‬‬ ‫(‪ )١‬ابن بركة ومنهجه الاصولي‪ ،‬رسالة دكتوراه لم تطبع بعد‪ ٬‬ص‪.٦١٥ ‎‬‬ ‫(‪ )٢‬ينظر منهج الاجتهاد عند الإباضيةء ص‪.٢٥٤ ‎‬‬ ‫‏(‪ )٣‬انظر القسم الثاني‪ :‬باب في الربا في البيع‪.‬‬ ‫‏(‪ )٤‬انظر القسم الثاني‪ :‬باب في الحيض‪.‬‬ ‫‏(‪ )٥‬انظر القسم الثاني‪ :‬باب في عمل الارض‪.‬‬ ‫‏‪٢٢٥‬‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬المنهج الاستدلالي لدى الشبخ البسبوي‬ ‫والذي لا خلاف فيه أن البسيوي يعتبر الإجماع حجة من حجج الشرع‬ ‫يدلل على ذلك بحديث هلا تجتمع أمتي على ضلال فقد قال في الجامع‪:‬‬ ‫«وقد أجمعت الأمة على تحريم الربا‪ ،‬وقد قال النبي ية‪« :‬لا تجتمع أمتي‬ ‫على ضلال» فلما أجمعوا‪ ،‬وجاء عن الله وعن الرسول أنه حرام فهو حرام»(‪6‬‬ ‫ثم يؤكد هذه الحجة بصريح العبارة في موضوع آخر من الجامع فيقول‪« :‬ولا‬ ‫يكون الإمام إلا عن تراضي أعلام المسلمين ومشورتهم""‪.‬‬ ‫ويرى الدكتور عبدالله السيابي أن البسيوي يتعامل مع الإجماع في إثبات‬ ‫حكم شرعي جديد ابتداء أو مخصصًاء أو مبينا لما ورد عاما أو مجملًا في‬ ‫الكتاب والسُئةا"'‪ .‬لكن الأمثلة التي ساتها الدكتور من الجامع لا تساعده‬ ‫على هذا الاستنتاج إلا فيما يتعلق باعتبار الإجماع حجة فقط؛ لأن الأمثلة‬ ‫من الجامع والمختصر تشهد بأن البسيوي يعتبر الإجماع حجة إذا كان‬ ‫مصدره الكتاب والسُئة‪ ،‬ففي كل عبارته يورد حجة من الكتاب أو السُئة ثم‬ ‫يبين بأن إجماع الأمة منعقد على دلالة ذلك'‪ ،‬وما توهمه السيابي أن‬ ‫الإجماع عند البسيوي يستقل بحكم جديد إنما يعود إلى حكاية البسيوي‬ ‫للإجماع مع وجود الخلاف أصلا ففي الجامع مثلا يقول‪« :‬وأكثر القول أن‬ ‫تمسح الأذنان على الانفراد بماء جديد وهذا إجماع الأمةه'؛ فأنت تلاحظ‬ ‫أنه يحكي الخلاف «أكثر القول» ثم يحكي «إجماع الأمةه‪ ،‬وهذا لا يستقيم‬ ‫مع مفهوم الإجماع" والمسألة مشهورة الخلاف في كتب الفقه‪ ،‬وفي‬ ‫(‪ )١‬الجامع‪.)٧٠/٤( ‎‬‬ ‫(‪ )٦٢‬الجامع‪.)١٩٤/٤( ‎‬‬ ‫(‪ )٣‬المنهج الفقهي للشيخ أبي الحسن من خلال كتابه الجامع ص‪.٩٢‎‬‬ ‫(‪٦٠‎ .٣/٢‬۔‪.٧٥٤ .٢١٣/٣ )٢١٣ .١٩٥ .١٢٣ .٦١٠٤ .٧٤ .٦٣ .٦١‬‬ ‫(‪ )٤‬ينظر‪ :‬الجامع‪‎‬‬ ‫‪.٩٥٤ .٩٦٤‬‬ ‫(‪ )٥‬الجامع‪.)٦١١-٦٠/٦٢( ‎‬‬ ‫الإباضية والمالكية في الشرب الإعللمي‬ ‫اأققا‬ ‫تر ‏‪٦‬‬ ‫_‬ ‫يقول أيضا‪« :‬والتوجيه قبل الإحرام سُئة مؤكدة‪ ،‬وقد أجمع الناس‬ ‫المختصر‬ ‫عليهاء"'والخلاف في سشُئية التوجيه مشهور‪ .‬ويقول أيضا في موضع آخر‬ ‫مبينا أن المبتدئة تنتظر الدم خمسة عشر يوما‪« :‬وإن جاوز خمسة عشر يوما‬ ‫لم يكن حيضًّا بعد الخمسة عشر يوما كان ذلك وقتها لا تجاوزه‬ ‫بالإجماع»'‪ 0‬وقد بينت أثناء التحقيق الخلاف الشهير في المسألة‪ .‬ومن ذلك‬ ‫أيضا حكايته للإجماع على جواز الجمع أثناء الحج في عرفات ومزدلفة‬ ‫وجمع" ومنى «واتفاق الامة على إجازة الجمع بعرفات" والمزدلفة‪٬‬‏ وجمع"‪6‬‬ ‫ومنى‪ .‬وفي إجماعهم هذا دحض لحجة من أبطل الجمع"' وقد بينت في‬ ‫التحقيق مقدار الخلاف الموجود في المسألةء كما أنه لم يثبت من الشئة‬ ‫شيء يفيد بجمعه تة في منى رغم تأكيد البسيوي على ثبوت ذلك‪.‬‬ ‫إذن فالذي وقع لابي الحسن من حكايات الإجماع مع وجود الخلاف‬ ‫هو الذي وقع لغيره من العلماء الكبار؛ كابن عبدالبر‪ ،‬وابن رشد‘ وابن حزم؛‬ ‫وغيرهم‪ .‬وهذا ما يذعم القائلين باستحالة الإجماع أصلا؛ لأن اتفاق الامة‬ ‫على أمر معين بحيث يكون معلوما لدى الجميع لا يخفى أو يختفي منهم‬ ‫أحد يعد ضربا من الخيال‪.‬‬ ‫‏‪ ٠‬الفرع الرابع‪ :‬الاستدلال القياس‬ ‫للقياس في الأصول ثلاثة أنواع قياس العلة‪ .‬وقياس الدلالة" وقياس‬ ‫الله‪:‬‬ ‫كل واحد منها ونبين حجيته بحول‬ ‫نعرف‬ ‫وسوف‬ ‫الشبه‘'؛‬ ‫‏(‪ )١‬انظر القسم الثاني‪ :‬باب ذكر التوجيه‪.‬‬ ‫‏(‪ )٢‬انظر القسم الثاني‪ :‬باب الحيض‪.‬‬ ‫‏(‪ )٣‬انظر القسم الثاني‪ :‬باب الدلالة في الحج‪.‬‬ ‫‏(‪ )٤‬قال ابن العربي في المحصول‪ :‬قال علماؤنا‪ :‬أقام القياس ثلاثة‪ :‬قياس علة قياس دلالة‬ ‫وقياس شبهة؛ فاما قياس العلة‪ :‬فهو كقولنا في أن المرأة لا تتولى نكاحها لانها ناقصة =‬ ‫لا‬ ‫_‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬المنهج الاستدلائي لدى الشبخ البسبوي سر‬ ‫العلة‬ ‫قياس‬ ‫الأول‪:‬‬ ‫المطلب‬ ‫لجميع الأنواع‪ :‬قاس الشيء يقيسه قيسا‬ ‫تعريف مشترك‬ ‫في اللغة‪ :‬وهذا‬ ‫مثالها‪.‬‬ ‫على‬ ‫قدره‬ ‫إذا‬ ‫وقيسه‪:‬‬ ‫وقياسًا واقتاسه‬ ‫وأما في الاصطلاح‪ :‬فللقياس تعريفات عده ارتضى منها الإمام السالمي‬ ‫هذا التعريف ه«حمل مجهول الحكم على معلوم الحكم بجامع بينهماءه"'‪8‬‬ ‫وهو أيضا اختيار الآمدي وحكى عليه إجماع المحققين"‪ 5‬ولكنه لم يسلم‬ ‫من اعتراضات وجهت إليه ذكرها الشوكاني في الإرشاد'‪.‬‬ ‫واختار هو _ أي‪ :‬الشوكاني هذا التعريف استخراج مثل حكم المذكور‬ ‫لما لم يذكر بجامع بينهما“‪ 8‬وزعم أنه سالم من الاعتراضات‪.‬‬ ‫واختار محمد رضا المظفر من الشيعة تعريفا آخر ذكر أيضًا أنه سالم من‬ ‫فني محل آخر بتلك‬ ‫في محل بعلة لثبوته‬ ‫الاعتراضات وهو «إثبات حكم‬ ‫العلةه_‘‪ ،‬فهو يرى مع إنكاره للقياس أن هذا هو أدق تعريف له‪.‬‬ ‫الأنوثة فلم يجز أن تلي عقد نكاح كالامة؛ فاتفق العلماء على الامة لا تلي عقد نكاحها‪،‬‬ ‫=‬ ‫واختلفوا في تعليله فمنهم من قال‪ :‬إن العلة في امتناع إنكاح الامة نفسها نقصان الرق‪،‬‬ ‫ومنهم من قال‪ :‬نقصان الأنوثة! فنحن عللنا بنقصان الأنوثة وحملنا عليه الحرة‪.‬‬ ‫وأما قياس الدلالة‪ :‬كقول علمائنا في الخل مائع لا يجوز به الوضوء فلا يجوز به إزالة‬ ‫النجاسة كاللين؛ وكقولهم في الوتر صلاة تفعل على الراحلة فلا تكون واجبة كركعتي‬ ‫الفجر" فاستدلوا في امتناع الوضوء بالخل على أنه ليس بمطهر في الشرعض واستدلوا على‬ ‫الوتر ليس بواجب بفعله على الراحلة‪ :‬وذلك من خصائص النوافل‪( .‬المحصول لابن‬ ‫‏‪.)١٢٦/١‬‬ ‫العربي‬ ‫‪١٨٧/٦‬۔‬ ‫(‪ )١‬لسان العرب‪‎‬‬ ‫(‪ )!٢‬شرح طلعة الشمس‪.٢١٠/٢ ‎‬‬ ‫(‪ )٣‬الإحكام للآمدي‪.٢٠٨/١ ‎‬‬ ‫‪.٣٣٧/١‬‬ ‫(‪ )٤‬إرشاد الفحول‪‎‬‬ ‫‏(‪ )٥‬المرجع السابق‬ ‫‪.٤١٦١‬‬ ‫(‪ )٦‬أصول الفقه ص‪‎‬‬ ‫الإباضية والمالكية في الغرب الإعلامي‬ ‫‪71‬‬ ‫ه‏‪٢٢٨‬‬ ‫والحق أنه كما قال إمام الحرمين‪ :‬يتعذر الحد الحقيقي في القياس‬ ‫لاشتماله على حقائق مختلفة" وقد وافقه على ذلك كما يقول الشوكاني‪:‬‬ ‫ابن المنير وابن الأنباري"'‪.‬‬ ‫والتعريفات السابقة إنما هي لقياس العلة أما قياس الدلالة فعرفوه بأنه‬ ‫«القياس الذي لم تذكر العلة فيه بل ذكر فيه ما يدل عليها من وصف ملازم‬ ‫لها؛ كقول شافعي في المسروق‪ :‬يجب على السارق رده حال كونه قائما‬ ‫وإن قطعت اليد فيه فيجب ضمانه عليه حال كونه هالكا‪ ،‬وإن قطعت اليد فيه‬ ‫أيضا كالمغصوب»؛"‬ ‫حجية القياس‪:‬‬ ‫القياس حجة عند الجمهور من الإباضية والمالكية والأاحناف والشافعية‬ ‫والزيدية‪ .‬وخالف الظاهرية والشيعة الإمامية فلم يعتبروه حجة‪ ،‬وللمسألة‬ ‫تفاصيل محلها كتب الاصول‪.‬‬ ‫(‪ )١‬البرهان في أصول الفقه‪.)٤٨٩/٦( ‎‬‬ ‫(‪ )٢‬إرشاد الفحول‪.)٢٣٧/١( ‎‬‬ ‫‏(‪ )٣‬التقرير والتحبير (‪)١٦٥/٣‬؛‏ يقول أبو إسحاق الشيرازي في اللمع‪« :‬قياس الدلالة‪ :‬فهو أن‬ ‫ترد الفرع إلى الاصل بمعنى غير المعنى الذي علق عليه الحكم في الشرع إلا أنه يدل‬ ‫على وجود علة الشرع‪ .‬وهذا على أضرب‪ :‬منها أن يستدل بخصيصة من خصائص الحكم‬ ‫على الحكم؛ وذلك مثل أن يستدل على منع وجوب سجود التلاوة بجواز فعلها على‬ ‫الراحلةا فإن جوازه على الراحلة من أحكام النوافل؛ ويليه ما يستدل بنظير الحكم على‬ ‫الحكم؛ كقولنا في وجوب الزكاة في مال الصبي أنه يجب العشر في زرعها فوجبت الزكاة‬ ‫في ماله كالبالغ وكقولنا في ظهار الذمي آنه يصح طلاقه يصح ظهارهء فيستدل بالعشر‬ ‫على ربع العشر وبالطلاق على الظاهر؛ لأنهما نظيران‪ ،‬فيدل أحدهما على الآخر؛ وهذا‬ ‫الضرب من القياس يجري مجرى الخفي من قياس العلة في الاحتمال‪ ،‬إلا أن يتفق فيه‬ ‫ما يجمع على دلالته فيصير كالجلي في نقض الحكم به»‪( .‬اللمع في أصول الفقه‬ ‫‏‪). ١٠٠١١‬‬ ‫لا‬ ‫_‬ ‫ر‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬المتهج الاستدلالي لدى الشيخ البسبوي‬ ‫قياس الشبه‪:‬‬ ‫وقد أفردناه بنفسه نظرا لكثرة الخلاف حوله؛ ومعناه كما عزفه الباقلانى‬ ‫ونقله عنه السبكي في الإبهاج هو «إلحاق فرع بأصل لكثرة إشباهه للأصل‬ ‫في الأوصاف من غير أن يعتقد أن الأوصاف التي شابه الفرع فيها الأصل‬ ‫علة حكم الأصل‪.‬‬ ‫وهناك تعريفات عدة تركناها بغية الاختصار© ثم هو كما يقول ابن العربى‪:‬‬ ‫ضربان شبه خلقي وشبه حكمي؛ فاما الشبه الخلقي‪ :‬فكإجماع الصحابة على‬ ‫جزاء الحمامة بالشاة‪ ،‬والنعامة باليدنة‪ .‬لما بينهما من تشابه الخلقة[ وإما‬ ‫الشبه الحكمي‪ :‬كقول علمائنا في الدليل على أن الوضوء يفتقر إلى النية‬ ‫خلافا لابي حنيفة بأنها طهارة حكمية فافتقرت إلى النية كالتيمم؛ وقد استبعد‬ ‫فقال‪ :‬طهارتان فكيف يفتقران‪ ،‬فشبهوا طهارة وطهارة"‪.‬‬ ‫الشافعي عليه ذلك‬ ‫وقد اختلف العلماء في كونه حجة في الأحكام أم ليس بحجة‪.‬‬ ‫والذي نسبه السمعاني إلى الإمام الشافعي أنه حجة‪.‬‬ ‫وهو الذي رجحه السبكي في الإبهاج' وقبل ذلك إمام الحرمين في‬ ‫البرهان؛ث'۔‬ ‫الباجي في المنهاج«'& وحجة‬ ‫عند المالكية كما ذكره‬ ‫كذلك‬ ‫وهو حجة‬ ‫أيضا عند الإباضية"‪.‬‬ ‫(‪ )١‬الإبهاج‪.)٦٧/٣( ‎‬‬ ‫(‪ )٢‬المحصول لابن العربي‪.)١٢٦/١( ‎‬‬ ‫(‪ )٣‬قواطع الادلة في الاصول‪.)١٦٤/٦٢( ‎‬‬ ‫(‪ )٤‬الإبهاج‪.)٦٧/٣( ‎‬‬ ‫(‪ )٥‬البرهان في أصول الفقه ص‪.٥٦٥ ‎‬‬ ‫(‪ )٦‬المنهاج في ترتيب الحجاج ص؟؟‪‎.‬‬ ‫(‪ )٧‬طلعة الشمس‪)٢٠٨/٢( ‎‬۔‬ ‫الإباضية والمالكية في الغرب الإعللسي‬ ‫‪.‬‬ ‫‪٦‬يك‪‎‬‬ ‫‪١١‬‬ ‫وذهب آخرون إلى أنه ليس بحجة وإليه ذهب أصحاب أبي حنيفة‬ ‫وذكر السبكي أنه قول القاضي أبي بكر الباقلاني وأبي إسحاق المروزي‬ ‫وأبي إسحاق الشيرازي"ؤ لكن القاضي ذكر أنه صالح لأن يرجح به‪.‬‬ ‫استخدام القياس عند البسيوي‪:‬‬ ‫يستخدم البسيوي القياس كثيرا ويعتبره مصدرًا من مصادر التشريع عندما‬ ‫لا يوجد في المسألة نص من الكتاب أو السُئة أو الإجماع‪ .‬وإلا فإن القياس‬ ‫لا يرد نضًا من هذه النصوص‪ .‬ففي الجامع تحدث عن المقدار الذي يجب‬ ‫آن يخرجه المرء عن زكاة الفطر وهو صاع؛ ثم قال‪« :‬ولا يؤخذ بقول من‬ ‫قال‪ :‬في البر نصف صاع لأن النبي ية قال‪« :‬صاع» والقياس لا يدفع النص‬ ‫في ذلكة"'‪ ،‬ويؤكد ذلك في عبارة أخرى بقوله‪« :‬لأن جملة ما تعبد الله به‬ ‫عباده في كتابهش وفي شئة نبته ومن القياس عليهما»‪ ،‬هذا النص يدل على‬ ‫اعتبار أبي الحسن للقياس من ناحيتين‪:‬‬ ‫‏‪ ١‬۔ تعبدي‪.‬‬ ‫‏‪ ٢‬القياس على العلة المنصوصة‪.‬‬ ‫وهل يعتبر العلة غير المنصوصة‪ ،‬هذا شيء يحتاج إلى استقراء جميع‬ ‫تطبيقاته في الجامع والمختصر‪.‬‬ ‫لكن الذي لا يختلف فيه الباحثون أن آبا الحسن يستخدم القياس بطريقة‬ ‫أصولية منضبطة‪ ،‬فهو يتحدث عن العلة‪ .‬وعن اطرادها؛ كقوله في ثبوت‬ ‫(‪ )١‬قواطع الادلة في الاصول‪.)١٦٥/٦٢( ‎‬‬ ‫(؟) الإبهاج‪.)٦١٨/٣( ‎‬‬ ‫(‪ )٣‬الجامع‪.)٢١٨/٦٢( ‎‬‬ ‫‏‪٣١‬‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬المنهج الاستدلال لدى الشبخ الببوي‬ ‫ح‬ ‫رمة الزوجة الموطوءة في الحيض‪« :‬الا ترى أن القياس مطرد فى‬ ‫لفروجها"'‪ ،‬ويعني به‪ :‬التعجل في الحصول على الشيء قبل جل ومن اجل‬ ‫إثبات هذا القياس يستقرئ أبو الحسن جميع الصور المشابهة في الأحكام‬ ‫الفقهية‪( :‬الزواج في العدة‪ ،‬قتل الموروث\ الجماع في الصوم} الجماع في‬ ‫الاعتكاف" الجماع في الحج وقت الإحرام‪ ،‬وطئ الجارية قبل الاستبراء)»‬ ‫«وقد وجدنا الله تعالى حرم فروجًا على الأبد بنهيه‪٨‬‏ وحرم منها أشياء إلى‬ ‫مدة‪ ،‬فمن تعمد قبل المدة وفيها قبل الطلاق له‪ ،‬حرم ذلك الشيء عليه‪}'"‘»...‬‬ ‫ويتحدث عن جريان العلة فيقول في المختصر عند حديثه عن جواز المزارعة‬ ‫قياسا على المساقاة في النخل الثابت في السنة وعلى المضاربة في الدراهم‬ ‫الثابت أيضا‪« :‬ولم أقل فيما اختلفوا فيه} إذ القياس يوجب الأخذ به لجريان‬ ‫العلة في معلولاتهاء"‪ ،‬وعندما لا يثبت هذا الجريان للعلة فإن القياس‬ ‫لا يصح" فشعر الخنزير ليس كشعر الميتة الذي ورد في طهارته شيء من‬ ‫الشئة «ولم يأت في الخنزير خبر في السُئة‪...‬؛ ويتحدث عن صحة القياس‬ ‫عند حديثه عن قياس الجد على الاب في حجبه للإخوة هوالاختلاف بينهم‬ ‫فى معنى الجد وأخذنا بقول من جعله آبا ولم يورث معه الأخوةهه"‪6‬‬ ‫والحديث عن استخدام البسيوي للقياس يطول‪ ،‬يحتاج بمفرده إلى دراسة‬ ‫أما في المختصر فإن التطبيقات الفقهية التي أثبتها بالقياس في الجامع‬ ‫يثبتها في المختصر دون التدليل عليها بالقباس‪ ،‬تمشيا مع طبيعة الاختصار‪،‬‬ ‫(‪ )١‬جامع أبي الحسن البسيوي‪)٨٦/٢( ‎‬۔‬ ‫(‪ )٢‬الجامع‪)٨٧/٢( ‎‬۔‬ ‫‏(‪ )٢‬انظر‪ :‬القسم الثاني‪ .‬باب في عمل الارض‪.‬‬ ‫‏(‪ )٤‬الجامع ‏(‪.)٢٠٦٢/٢‬‬ ‫الإباضية والمالكية في الغرب الإسللمسي‬ ‫‏‪٢٢‬‬ ‫؟‪٢‬ہررث‪‎‬‬ ‫لكنه مع ذلك يصرح في بعض الأحيان بالقياس وبالعدول عنه‪ ،‬وفي الأمثلة‬ ‫التالية بيان ذلك‪ :‬۔‬ ‫‏‪ ١‬حديثه عن قياس طهارة ما يخرج من الأرض على طهارتها «ولا تجوز‬ ‫الصلاة إلا على الأرض بالبقعة} وما أنبتت الأرض حكمه حكمها في‬ ‫القياس" والناس على ذلك متفقون»'‪.‬‬ ‫‏‪ ٢‬تحدث أيضًا عن تحريم المرأة إذا وطثها زوجها في الحيض ودلْلٌ على‬ ‫ذلك بالقياس فقال‪« :‬ورأينا الأخذ بقول من قال بالفرقة بينهما ۔ يعني‪:‬‬ ‫الذي يأتي امرأته في الحيض ۔‪ ،‬وأن الحرمة واقعة عليه لتعديه لنهي الله‬ ‫تعالى قبل إباحته له مما قد حظر عليه بوقت؛ كالمال المحلل في وقت‬ ‫إلى مدة‪ ،‬مباح لصاحبه محرم عليه قبل ذلك أخذه‪ ،‬فعجل فأخ