‫كه‬ ‫‪.‬‬ ‫> ‪......‬‬ ‫‪.... :‬‬ ‫‪-‬‬ ‫سات‬ ‫‪-‬‬ ‫‪٣‬‬ ‫ك‬ ‫‪1‬‬ ‫لك نمت قلن‬ ‫(‪.‬‬ ‫محفوظة‬ ‫الحقوق‬ ‫جميع‬ ‫احَبحالأكَ‬ ‫‪ ١٤٣٨‬ه‪ / ‎‬م‪‎٧١٠٢‬‬ ‫الناشر‪:‬‬ ‫ذاكرة مان‬ ‫سلطنة عمان ۔ مسقط‬ ‫‏‪٠٠٩٦٨٨٩٢٢ ١١٠١١‬‬ ‫‪:‬‬ ‫هاتف‬ ‫‪(©8!.-‬‬ ‫البريد الإلكتروني ‪0‬‬ ‫الموقع ‪..‬‬ ‫اتم (مزتتعرزلترين‬ ‫مقدمة‬ ‫‪0‬‬ ‫بسي‬ ‫قدم‬ ‫لمن‬ ‫ويقال‬ ‫التي بها حصنك‪6‬‬ ‫الأرض‬ ‫وهي‬ ‫جمع مدينة©‬ ‫المدن‬ ‫المدائن أي‬ ‫ومن‬ ‫مدينتها هو العالم بأمر المدينة‬ ‫مَدَنَ© وابن‬ ‫المدينة‪:‬‬ ‫تنعم‪.‬‬ ‫وتمن‬ ‫مصرهاء‬ ‫هذا ملخص ما أوردته المعاجم اللغوية وفي مقدمتها إمامها معجم‬ ‫كتاب العين‪ ،‬للإمام الخليل بن أحمد الفراهيدي‪.‬‬ ‫وهذه التعريفات اللغوية لكلمة مدينة" تدل على التحضر والتنعم؛‬ ‫والشظافة‪.‬‬ ‫البداوة‬ ‫ضد‬ ‫هما‬ ‫اللذين‬ ‫والنعمة©‬ ‫الحضارة‬ ‫من‬ ‫المشتقَن‬ ‫ومن هنه المعاني الرقيقة الجميلة أخذت مدينة الرسول قة اسم‬ ‫(المدينة) بدلا من الاسم الجاهلي (يثرب)‪ ،‬فقد سماها الإسلام ‪ -‬قرآنا‬ ‫المدينة" كقول الله تعالى‪« :‬ماكات لأهل الْمَديَةٍ ومن حَومشر ض‬ ‫وشنة‬ ‫الكتاب أن يتََلَشُوا عَن رسول اله ولا يرما نفرم عَن تَتيد۔“ لاتوبة‪.]٠/‬‏‬ ‫وقول الرسول يمة‪« :‬المدينة كالكير تنفي خبثها»‪.‬‬ ‫وفي ذلك تهيئة إسلامية للمدينة المنورة لأن تصبح قاعدة الحضارة‬ ‫العربية وقاعدة الثقافة الإسلامية حيث أن منها انطلق الإسلام حضارة وثقافة‪.‬‬ ‫مُدن فى الذاكرة العمانية‬ ‫‏‪٦‬‬ ‫‪:‬‬ ‫__‬ ‫وفي ضوء ذلك نشأ التمذن‘ وتكونت المدن الحضارية في أماكن شتى‪.‬‬ ‫مشتملة على نضارة العيش ورقي الحياة ونعيمها‪ ،‬مكتسية بالازدهار‬ ‫الاقتصادي والتطور الثقافي‪.‬‬ ‫وقد عرفت عمان مدنا عدة كان لها حضور تاريخي وإسهام علمي‪،‬‬ ‫ومن تلك المدن‪ :‬السيب ونزوى وسقطرى‪ ،‬هذه المدن التي نسلط عليها‬ ‫الحديث في كتابنا هذا الذي هو بعنوان «مُذُنٌ في الذاكرة العمانية»‪ ،‬أملا متا‬ ‫في أن يعزف بالمدن الثلاث‘ وأن يقدم للقارئ ما كانت عليه من مدنية‬ ‫وحضارة وتاريخ ‪ .‬ويكشف مخزونها العلمي والثقافي‪.‬‬ ‫والله نسأله التوفيق ©‘}&‬ ‫وآخر دعوانا أن الحمد لله ربت العالمين &}©&‬ ‫أحمد بن سعود السيابي‬ ‫مسقط‪ :‬‏‪ ٢٥‬ربيع الأول ‪١٤٣٨‬ه‏‬ ‫‏‪ ٢٠٦‬م‬ ‫‏‪ ٥‬د يسمبر‬ ‫‏‪٧‬‬ ‫مكانة دَمما التاريخية‬ ‫سس _‬ ‫‪8‬‬ ‫مكانة دَما التاريخية‬ ‫موقعها وأهميتها التاريخية‪:‬‬ ‫في كتابه‬ ‫بعتح الدال وتخفيف الميم ‪ .‬كما ضبطها ياقوت الحموي‬ ‫دما‬ ‫معجم البلدان(‪.‬‬ ‫وتطلق تاريخيا على مدينة السيب الحالية بما فيها منطقة الخرس‪.‬‬ ‫وهي تقع على ساحل بحر عمان المتفرع من بحر العرب الذي هو‬ ‫امتداد للمحيط الهندي‪ ،‬ويتصل ببحيرة الخليج العربي وشط العرب عبر‬ ‫قناة مضيق هرمز الممر المائي الحيوي‪.‬‬ ‫وتذكر المصادر التاريخية أن دما كانت بلدة أنيقة طيبة جميلة لما بها‬ ‫من الأنهار والأشجار‪ .‬فقد جاء في وصفها «وقيل أن دما من الباطنة كانت‬ ‫قبل ذلك بلدة طيبة ذات أنهار وأشجار»"{'‪.‬‬ ‫(٭) قدم هذا البحث إلى ندوة «دما (السيب) ومكانتها التاريخية والأدبية» التي أقامها المنتدى‬ ‫الأدبي بتاريخ ‪١٩٩٦/٧/٦‬م‪،‬‏ ولا شك أن مدينة السيب شهدت تطورات وإنجازات منذ ذلك‬ ‫الوقت وإلى يومنا هذا‪.‬‬ ‫(‪ )١‬ياقوت الحموي‪ :‬معجم البلدان‪ ،‬ج‪ .٦ ‎‬ص‪.٤٦٤ ‎‬‬ ‫(‪ )٢‬نور الدين السالمي‪ :‬تحفة الاعيان‪ :‬ج‪١ ‎‬ؤ ‪.١٥٦١‬‬ ‫مُدن في الذاكرة المانية‬ ‫‏‪٨‬‬ ‫_‬ ‫خ‬ ‫والمقصود من عبارة «قبل ذلك» أي قبل الجائحة وهي الفيضان‬ ‫العظيم الذي طم عمان أو أجزاء كبيرة منها ومن مدينة دما‪ .‬وذلك في‬ ‫سنة ‏‪ ٢٥١‬هجرية في عهد الإمام الصلت بن مالك الخروصي ينه «"‪.‬‬ ‫وفي عصرنا الحالى أصبحت السيب (دما) امتدادا للعاصمة مسقط‪.‬‬ ‫فهي ريفها الجميل لما بها من المزارع الغناء الوارفة الظلال‪ .‬والبساتين‬ ‫المياه وعذوبتها ‪.‬‬ ‫ووفرة‬ ‫البهجة الرائعة‪.‬‬ ‫ذات‬ ‫إضافة إلى ما بها من حضارة عمرانية حديثة وأهمها قصر جلالة‬ ‫السلطان قابوس بن سعيد المعظم ‪ 3‬المعروف بقصر السيب‪ .‬وبها أيضا‬ ‫وبها المدارس والمنشآت الأخرى المتعددة‪.‬‬ ‫على أنه بجانب هذه الأهمية لموقعها وجمالها وحضارتها العمرانية‬ ‫الحديثة المعاصرة‪ ،‬فإن لها أهمية تاريخية بارزة‪.‬‬ ‫ولا شك أن أهميتها الحالية تأتي امتدادا لأهميتها التاريخية‪ ،‬فالحاضر‬ ‫يستمد قوته من الما ضى ‪ .‬والخلف يستمد من السلف وجوده‪.‬‬ ‫والأهمية التاريخية لهذه المدينة أنها كانت واحدة من أسواق العرب‬ ‫المشهورة يقول ياقوت الحموي في معجم البلدان عنها أنها «مدينة تذكر‬ ‫مع دبا كانت من أسواق العرب المشهورة»”""‪.‬‬ ‫‏‪.١٦٤‬‬ ‫نفس المصدر ص‬ ‫((‬ ‫‏‪١٦٤.‬ص‬ ‫‏‪٢‬‬ ‫معجم البلدان© ج‬ ‫ياقوت الحموي‬ ‫‏)‪(٢‬‬ ‫‏‪٩‬‬ ‫مكانة دَمَا انتاريخية‬ ‫_‬ ‫ت‬ ‫ويعني هذا أن دما لها أهمية جغرافية وإقتصادية فكل مدينة في ذلك‬ ‫الزمان إذا بلغت أن تكون سوقا عربية معنى ذلك أنها صارت إلى مستوى‬ ‫الشهرة العالمية العربية‪ .‬ولا يمكن لمدينة ما‪ ،‬أن تبلغ هذا المستوى من‬ ‫الشهرة إلا إذا كانت لها أهمية متعددة الجوانب كالأهمية الإقليمية‬ ‫والأهمية التاريخية والأهمية الفكرية والأهمية التجارية وغير ذلك‪.‬‬ ‫وقد ذكر التاريخ أن هناك عددا قليلاً من المدن كانت أسواقا للعرب‬ ‫مثل دومة والمشقر‪ ،‬وصحار ودما‪ ،‬والشحر‪ ،‬وعدن‪ ،‬والرابية‪ ،‬وعكاظ‬ ‫وذو المجاز‪ .‬وذو المجتة('‪ ،‬وبعض المدن الأخرى التي يرد ذكرها في‬ ‫ثنايا كتب الأدب والتاريخ‪.‬‬ ‫كما أن من أهميتها العلمية خروج بعض العلماء منها‪ ،‬منهم أبو شداد‬ ‫الذي يروي عنه عبد العزيز بن زياد الخبظي‪ ،‬حيث روى عنه ورود خطاب‬ ‫النبي تلة الى عمان‪ ،‬قال أبو شداد جاءنا كتاب رسول الله يلة في قطعة من‬ ‫أديم إلى عمان‪.‬‬ ‫على أن من الأهمية بمكان الإشارة إلى ما يقال إن موقع حصن دما‬ ‫القديم كان يقع بالقرب من دوار الخوض _ الجامعة في مزرعة يملكها‬ ‫أحد الاشخاص حاليا‪.‬‬ ‫كما ورد ذكر اسم جامع قديم فيها‪ ،‬دارت بقربه معركة طاحنه بين‬ ‫القائد العباسي محمد بن نور وبين التمانيين بقيادة الاهيف بن حمحام‬ ‫(‪ ()١‬العوتبي©‪ ،‬الانساب ج‪ .١ ‎‬ص‪.٩ ‎‬‬ ‫)‪ (٢‬معجم البلدان© ج‪‎ ٢ ‎‬ص‪.٤٦١‬‬ ‫مدن في الذاكرة المانية‬ ‫‏‪١٠‬‬ ‫‪-‬‬ ‫الهنائي‪ .‬وقتل في تلك المعركة القائد الثماني والشيخ العالم الجليل‬ ‫‏‪٠‬ه‪.‬‬ ‫المنير بن النێر الريامي الجعلاني في عام‬ ‫مكانتها قي الجهاد الاسلامي‪:‬‬ ‫الجهاد في اللغة مأخوذ من الجهد وهو المشقة والطاقة‪ ،‬ويقال‬ ‫جهدت جهادا إذا بلغت المشقة‪ ،‬وذلك باستفراغ ما في الوسع وبذل‬ ‫الطاقة وتحمل المشاق والصعاب فى القتال والمدافعة('‪.‬‬ ‫«وفي الشرع بذل الجهد في قتال الكفار‪ ،‬ويطلق على مجاهدة الشيطان‬ ‫بدفع ما يأتي به من الشبهات وما يزينه من الشهوات “ وعلى مجاهدة‬ ‫الفشاق باليد ثم اللسان ثم القلب»"' ‪.‬‬ ‫أما الجرجانى فيعرف الجهاد بأنه «الدعاء إلى الدين الحق»"'‪.‬‬ ‫وقد فرض الجهاد في الإسلام في السنة الثانية للهجرة النبوية بعد أن‬ ‫مرا‬ ‫أذن الله للمؤمنين بالقتال بقوله تعالى «أدَ للذي يعَثويے يأَتَهَمم‬ ‫ويت الن عل نصرهم لقدر » [الحج‪.]٢٩/‬‏‬ ‫‪.‬‬ ‫م م‬ ‫ولم يؤذن لهم بالقتال عندما كانوا فى مكة لقول الله تعالى « أر مر إِزً‬ ‫[النساء‪.]٧٧/‬‏‬ ‫ريكم أقيموا آلصَلَزةً‬ ‫كم كنو‬ ‫الزب ق‬ ‫على أن فلسفة الجهاد في الإسلام هي أن لا تكون عوائق تحول‬ ‫بين الناس وبين الدعوة إلى الله‪ ،‬فإذا ما وقف الكافرون في وجه الدين‬ ‫‏(‪ )١‬سيد سابق فقه السنة© ج ‏‪ .٣‬ص‏‪.٢٢‬‬ ‫‏‪١٨٢.‬ص‬ ‫‏‪!٢‬‬ ‫المسند ج‬ ‫السالمي‪ ،‬شرح‬ ‫‏)‪(٢‬‬ ‫‏‪.٨٤‬‬ ‫‏)‪ (٣‬الجرجاني‪ ،‬التعريفات ص‬ ‫‏‪١١‬‬ ‫مكانة دَمما التاريخية‬ ‫__‬ ‫از‬ ‫الآخرين من الناسك اعتدهم الإسلام أعداء له‪،‬‬ ‫بينه وبين‬ ‫وحالوا‬ ‫ووجب جهادهم وقتالهم‪ ،‬كما أن الحكمة من الجهاد أيضا هي دفع‬ ‫الظلم والعدوان من الكافرين بالله ورسوله لقول الله تعالى‪« :‬وَلولا دف‬ ‫ثم و‬ ‫‪,‬ص‪,‬‬ ‫}‪.‬‬ ‫و‬ ‫۔ مسه‬ ‫وو‬ ‫؟‬ ‫مر‬ ‫ه إهو‬ ‫و‬ ‫مهمه‬ ‫؟وں م ء‬ ‫مه‬ ‫م‪ .‬مو‬ ‫ے‪,‬ح‪,‬۔‬ ‫‪72‬‬ ‫صلوات ومسجد يذكر فبها اسم‬ ‫النو التاس بعضهم ببع لزمت صولمع وبيع‬ ‫مك م‬ ‫ء‬ ‫۔‬ ‫أ‬ ‫‪72‬‬ ‫‪7‬‬ ‫۔ و وة‬ ‫۔‬ ‫مو‬ ‫ومه‬ ‫ظ ۔>ر‬ ‫[‬ ‫‪4‬‬ ‫أنه لقو عَزير ‏‪ ٥‬الزين إن‬ ‫لقهر كثيا رَلَنضرتك انه من ينصره ك‬ ‫تكتم فى القيض أماشوا الصوة واتا الكرة وأمزوا بالمعروف وهوا‬ ‫م‬ ‫ے۔‬ ‫‪,2‬‬ ‫و؛‬ ‫ثم‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫ِ‬ ‫م‬ ‫‪.‬‬ ‫و‪.‬‬ ‫سك‬ ‫ممر‪.‬‬ ‫ه‬ ‫ير و‬ ‫آ‬ ‫ممم‪ .‬‏‪٠‬‬ ‫صم‬ ‫آم‬ ‫م‬ ‫سے ه ۔ ے‬ ‫محو‬ ‫م‬ ‫عن المنكر ويله علقبة الأمور ‪ 4‬االحج‪.]٤.٤/‬‏‬ ‫أما السنة النبوية قولا وفعلا وتقريراً فهي حافلة بالحث على الجهاد‬ ‫والترغيب إليه وعلى فضله وعظمته منها ما أخرجه الإمام الربيع بن حبيب‬ ‫عن أبي هريرة عن النبي ية ‪ 5‬قال «والذي نفسي بيده لوددت أن أقاتل في‬ ‫سبيل الله‪ .‬فأقتل ثم أحياء ثم أقتل ثم أحيا ثم أقتل»" وأخرج أيضا عن أبي‬ ‫أيوب الانصاري قال‪ :‬سمعت رسول الله يلة يقول «غدوة في سبيل الله أو‬ ‫روحة خير مما طلعت عليه الشمس»"'‪.‬‬ ‫وغير ذالك من الأحاديث الصحيحة الكثيرة في هذا الباب‪ ،‬وما ذالك‬ ‫إلا لأهميته وعظمته وفضله باعتباره سنام الإسلام أي أن فيه رفعة الإسلام‬ ‫وعزته فهو يعتبر سياج الإسلام من عبث العابثين وحقد الحاقدين من‬ ‫الكفرة والبغاة والملحدين أعداء الدين‪.‬‬ ‫ومن أجل ذلك كانت هنالك وعلى امتداد التاريخ الإسلامي أماكن‬ ‫اعتبرت ثغورا إسلامية‪ ،‬وهي الآماكن ذات الأهمية الاستراتيجيه لحماية‬ ‫الربيع بن حبيب‪.‬‬ ‫مسند‬ ‫‏(‪)١‬‬ ‫‏(‪ )٢‬نفس المصدر‪.‬‬ ‫مُدن فى الذاكرة العمانية‬ ‫‏‪١٢‬‬ ‫‪-‬‬ ‫___‬ ‫الاسلام وديار الإسلام ولصيانة بيضة الإسلام‪ ،‬وعرفت تلك الأماكن‬ ‫بالرباطات‪ ،‬واحدها رباط‪.‬‬ ‫«والرباط في الأصل الإقامة على جهاد العدو من الحرب»'‪ ،‬وقال‬ ‫صاحب القاموس المحيط في الرباط «انه ملازمة ثغر العدو» الى أن قال‬ ‫«وسمي المقام في الثغر رباطاً‘‪ ،‬ولعله مأخوذ من رباط الخيل وذلك‬ ‫بجعلها مهيأة لقتال العدو‪ ،‬وجهاده أخذاً من قول الله تعالى «وَأِددأ لَهُم‬ ‫ما مغنم ين قوة ومر رَبَاط الحلي ‪( 4‬الانفاں‪ :‬‏‪ ٦٠٠‬وقد أمر الله المؤمنين‬ ‫بالمرابطة لقول الله تعالى « يَأَتَهَا ليت عاثوا ضيا وَصايئوا وتايطُوأ‬ ‫وأتموا آلله لعنكم تُنْلحُوت ‪ 4‬لآعلمران‪. :‬‬ ‫وقد عرفت العديد من الأماكن أو المدن أو البلدان بأنها رباط وعفت‬ ‫بلام التعريف أو بالإضافة وأصبح هذا الوصف عَلَمما لها‪ .‬مثل الرباط‬ ‫عاصمة المملكة المغربية حاليا‪.‬‬ ‫وعندنا في عمان كان هذا الوصف أو هذه العَلَّمِتِة من استحقاق مدينة‬ ‫دَمَا خلال فترة الإمامة الثانية في عمان التي كانت بدايتها عام ‪١٧٧‬ه‏‬ ‫ونهايتها عام آ‪٦1‬‏‬ ‫خلال هذة الفترة التي ليست بالقصيرة اكتسبت دما أهمية كبيرة‬ ‫حيث صارت رباط المسلمين في عمان واشتهرت بأنها «معقل‬ ‫رباط المسلمين»”"'‪.‬‬ ‫‏(‪ )١‬شرح المسند‪ ،‬ج ‏‪ 0١‬ص‏‪.١{٢‬‬ ‫ترتيب الطاهر الزاوي‪ ،‬باب الراء‪.‬‬ ‫القاموس المحيط‬ ‫‏)‪(٢‬‬ ‫‏(‪ )٣‬تحفة الاعيان© ج‪ .‬صه‪.١٦‬‏‬ ‫‏‪١٢‬‬ ‫مكانة دَمَا التاريخية‬ ‫سع _‬ ‫ولعل السبب في ذلك أنه لما صارت نزوى هي العاصمة بدلا من‬ ‫صحار كانت دما أقرب بلدة بحرية إلى نزوى‪ .‬فتم إتخاذها رباطا‪ .‬وجعلت‬ ‫ثغراً إسلاميا لعمان‪.‬‬ ‫وقد ازدادت أهميتها في عهد الإمام غسان بن عبدالله (‪٢٠٧_١٩٦‬ه)‏‬ ‫وذلك أن عمان في عهد هذا الإمام تعرضت لأعمال قرصنة بحرية قام بها‬ ‫قراصنة أو إرهابيون ‪ -‬بالتعبير المعاصر ۔ من الهند‪ ،‬وكان أولئك القراصنة‬ ‫وهي السفن الكبيرة ۔ ويغزون بها شواطئ عمان «يقعدون‬ ‫لديهم بوارج‬ ‫بأطراف عمان ويسلبون منها ويسبون ويمضون إلى ناحية فارس والعراق‬ ‫وكانوا فيما بلغنا ربما يسيرون بناحية دبا وجلفار»(‪.‬‬ ‫وكان ذلك العمل الإرهابي حافزا للإمام غان على تكوين‬ ‫أسطول بحري يكون قادرا على صد وضرب القراصنة الإرهابيين‬ ‫البحريين‪ ،‬وكان الأسطول مكونا من العديد من الشذاة أو الشذاءات‬ ‫وهي نوع من السفن‪ .‬ومن الغرف ‪ -‬وهي نوع من السفن أيضا ۔‬ ‫وبذلك يعتبر الإمام غسان بن عبدالله أول من أنشأ أسطولا بحرياً‬ ‫لعمان في تاريخها الإسلامى‪.‬‬ ‫«واتخذ غسان الشذاة للغزو وهو أول من اتخذها لعمان وغزا‬ ‫فيها البوارج من هذه الشطوط وأمن الله الناس من البوارج بهذه‬ ‫الشذاءات وبالغرف»"'‪.‬‬ ‫(‪ )١‬نفس المصدر ص‪.١٢٣ ‎‬‬ ‫)‪ (٢‬ن م‪ .‬ن ص‪‎.‬‬ ‫مُدن فى الذاكرة المانية‬ ‫‏‪١٤‬‬ ‫=‬ ‫والظاهر أن دما كانت هي القاعدة البحرية لهذا الأسطول للأسباب‬ ‫التي ذكرناها كقربها من نزوى العاصمة‪.‬‬ ‫وإذا كان الأمر هكذا‪ ،‬فإن دما ولا شك كانت أول قاعدة بحرية‬ ‫إسلامية لعمان‪.‬‬ ‫وبمرور الوقت واستمرار الزمن وازدهار الدولة نمت تلك القوة البحرية‬ ‫حتى أصبحت قوة ضاربة في المحيط الهندي يحسب لها ألف حساب‬ ‫وحساب حيث عظم ذلك الأسطول البحري وصار يضم المئات من السفن‬ ‫فقد ذكر أنه في عهد الإمام المهنا بن جيفر (‪٢٢٦‬۔‪٢٣٧‬ه)‏ صارت لعمان قوة‬ ‫عسكرية كبيرة برية وبحرية «وإجتمعت له من القوة البرية والبحرية ما شاء‬ ‫الهك قيل أنه له في البحر ثلاثمائة مركب مهيأة لحرب العدو»«'‪.‬‬ ‫ولكون دما هي القاعدة البحرية لذلك الأسطول ومعقل رباط المسلمين‬ ‫فلا شك أنها كانت قاعدة إنطلاق ذلك الأسطول الكبير الذي أرسله الإمام‬ ‫الصلت بن مالك ‏(‪ _ ٢٣٧‬‏)ه‪ ٢٧٢‬عندما هجم الأحباش النصارى" على‬ ‫سقطرى ‪ -‬الجزيرة المعروفة في بحر العرب ‪ -‬واحتلوها وقتلوا واليها‬ ‫وبعض من كانوا معه من قبل الإمام‪ ،‬وعاث الأحباش في سقطرى فساداً‬ ‫وعاملوا أهلها بوحشية وقسوة الأمر الذي حدا بإحدى النساء الغيورات‬ ‫على الدين أن تبعث بقصيدة شعرية إلى الإمام صورت فيها الوضع في‬ ‫سقطرى من جراء إحتلال النصارى الأحباش تصويرا دقيقاً تقول فيه‪:‬‬ ‫ص‪.١٥٠ ‎‬‬ ‫(‪ )١‬ن م‪.‬‬ ‫)‪ (٢‬تكون لدينا رأي آخر أثبتناه في بحثنا عن سقطرى‪ .‬فليراجع هنالك‪‎.‬‬ ‫‏‪١٥‬‬ ‫مكانة دما التاريخية‬ ‫أمست سقطرى من الإسلام مقفرة‬ ‫بعد الشرائع والإسلام والكتب‬ ‫جار النصارى على واليك وانتهبوا‬ ‫من الحريم ولم يألوا من السلب‬ ‫قل للإمام الذي ترجى فضائله‬ ‫بأن يغيث بنات الدين والحسب‬ ‫ما بال صلت ينام الليل مغتبطاً‬ ‫وفي سقطرى حريم باد بالنهب"'‬ ‫ولعمر الحق أنه لم ينم الليل مغتبطًء وإنما سهر الليالي ليجهز أسطولا‬ ‫يضم أكثر من مائة سفينة وكتب لرجال ذلك الأسطول عهدا بين لهم فيه‬ ‫الأوامر والنواهي الشرعية في الحرب والجهاد”ا‪.‬‬ ‫وبذلك كانت دما جديرة أن تحظى بإجتماع كوكبة من الأئمة الأعلام‬ ‫الذين كانوا يرابطون فيها‪.‬‬ ‫وعندما ظهرت مسألة خلق القرآن‪ ،‬تلك المسألة العقدية المعقدة التي‬ ‫أثارها اليهودي أبوشاكر الديصاني وألقاها في المجتمع المسلم فأحدثت‬ ‫إنقساما بين الفرق والمذاهب الإسلامية إلى يومنا هذاك لم تكن عمان‬ ‫بمنأى عن ذلك الجدل الكلامي‪ ،‬فوصلت تلك المسألة إلى عمان في عهد‬ ‫الإمام المهنا بن جيفر‪ ،‬وعرضت على الأشياخ العلماء المرابطين في دما‬ ‫‪.١٦١‬‬ ‫ن م‪ .‬ص‪‎‬‬ ‫(‪)١‬‬ ‫‪.١٦٨‬‬ ‫(‪ )٦٢‬ن م‪ .‬ص‪‎‬‬ ‫مُدن فى الذاكرة المانية‬ ‫‏‪١٦‬‬ ‫=‪-‬‬ ‫وهم أبو زياد وسعيد بن محرز ومحمد بن هاشم ومحمد بن محبوب‬ ‫رحمهم الله وغيرهم ممن لم تذكر اسماؤهم‪ .‬لتداول الرأي فيها وإجالة‬ ‫النظر بشأنها‪ .‬حتى توصلوا إلى القول «إن القرآن كلام الله ووحيه وكتابه‬ ‫وتنزيله وإن الله خالق كل شي وما سواه مخلوق»«_‪ 6‬وبذلك شهدت دما‬ ‫نقاشا فكريا وبحثا علمياً من قبل أئمة علماء أجلاء‪.‬‬ ‫وشاء الله أن يكون في هذه المدينة التاريخية ظهور أول موسوعة فقهية‬ ‫في تاريخ التشريع الإسلامي‪ .‬ألا وهي كتاب الأشياخ‪ .‬الذي يجمع بحوثا‬ ‫ومقالات وفتاوى لاولئك الأئمة الأشياخ الذين كانوا مرابطين فيها‪ .‬وهذا‬ ‫الكتاب أو الموسوعة الفقهية إن صح التعبير على حد علمنا أصبح الآن‬ ‫يذكر ولا يبصر وقد وقف الإمام السالمي ينه على مجلد واحد منه‪.‬‬ ‫وقال أنه يقع في مجلدين‪ .‬فقد جاء في جوابه على سؤال عن‬ ‫الأشياخ ونسبة كتاب الأشياخ «أما الأشياخ منهم العلماء الذين كانوا‬ ‫مرابطين للعدو في دما وهي السيب في أيام الأئمة وأولهم عصر‬ ‫غسان بن عبدالله ثم من بعده‪ ،‬أقاموا في الرباط لدفع بوارج الهند‪.‬‬ ‫وكتب عنهم الكاتب ما وقع لهم من المسائل فجمعه في مجلدين‬ ‫وقفت على الثاني منهما»‪.'١‬‏‬ ‫وكأ‬ ‫واحد‬ ‫ن الشيخ السالمى يشير إلى أن ذلك الكتاب من جمع شخص‬ ‫ولعله يله اطلع على الجزء الذي يغلب عليه طابع الإجابات أو الفتاوى‪.‬‬ ‫‪.١٥٦‬‬ ‫ن م‪ .‬ص‪‎‬‬ ‫(‪)١‬‬ ‫(‪ )٢‬العقد الثمين© ج‪ ،١ ‎‬ص‪.٣٣ ‎‬‬ ‫‏‪١٧‬‬ ‫مكانة دَمَا التاريخية‬ ‫! ___ ص_‬ ‫وقد وقفت شخصيا في بعض مطالعاتي على أن هذا الكتاب _ أي‬ ‫كتاب الأشياخ يقع في مائتين وعشرين جزعاً‪.‬‬ ‫وأقول لعل الاشياخ المنسوب إليهم الكتاب هم اولئك العلماء الذين‬ ‫مز ذكرهم في بحث مسألة خلق القران وغيرهم‪ ،‬ولا شك أن هذا الكتاب‬ ‫طالما أنه من انتاج العديد من الأشخاص على شكل بحوث وفتاوى فقهيه‬ ‫فهو شبيه بالموسوعات الفقهية التي ظهرت حديثا‪ ،‬على أنه وإن لم يكن‬ ‫بهذا المستوى المتقدم إلا آنه بداية مبكرة جيدة لمثل هذا النوع من‬ ‫التأليف الجماعي‪.‬‬ ‫وبهذا يكون أهل عمان لهم فضل السبق في هذا النوع أو العمل من‬ ‫التأليف الموسوعي الجماعي‪ ،‬كما كان لهم فضل السبق في التدوين‬ ‫والتأليف حيث كان أول من دن العلم وألێف فيه هو الإمام أبو الشعثاء‬ ‫جابر بن زيد الأزدي الماني رضي الله عنه وأرضاه‪.‬‬ ‫وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين‪.‬‬ ‫‏‪١٩‬‬ ‫الاجتماعية‬ ‫مكانة نزوى‬ ‫مكانة نزوى الاجتماعية ‪! .‬‬ ‫الموقع‪:‬‬ ‫تحتل مدينة «نزوى» موقعاً متميزا في الخريطة الجغرافية للسلطنة‪.‬‬ ‫فهي تقع في وسط منطقة الجوف من عمان‪ ،‬ومنطقة الجوف هي‬ ‫المنطقة الممتدة من بلدان العوامر شرقأ وحتى جبال الكور غرباء فهي‬ ‫بهذا تقع في جوف الجوف©‘ ومعنى الجوف هو المطمئن من الأرض‬ ‫فقد جاء في القاموس «الجوف المطمئن من الأرض ومنك بطنك‬ ‫وموضع بناحية عمان»'‪.‬‬ ‫وتقع في السفح الجنوبي للجبل الأخضر العتيد فهو حارسها وحاميها‬ ‫وخط الدفاع من الجهة الشمالية‪ ،‬يقول الشيخ سالم بن حمود السيابي‬ ‫«وتقع نزوى في سفح الجبل الأخضر من الجنوب بين جبال هي سورها‪.‬‬ ‫في فضاء صالح؛ غير مكتظة بالجبال من كل جهة‪ .‬ذات أنهار وبساتين‬ ‫ونخل باسقة في جو مناسب»"'‪.‬‬ ‫‏‪ 6٥٩٩‬ترتيب الطاهر الزاوي‪.‬‬ ‫‏‪ ١‬ص‬ ‫القاموس المحيط © ج‬ ‫‏(‪(١‬‬ ‫‏‪.٦٤‬‬ ‫العنوان© ص‬ ‫‏)‪(٢‬‬ ‫مُدن قي الذاكرة العمانية‬ ‫‏‪٢٠‬‬ ‫=‬ ‫ويقول عنها ياقوت الحموي «نزوة‪ :‬با لفتح ثم السكون وفتح‬ ‫الواو‪ ،‬والنزو الثوب© والمرة الواحدة نزوة‪ :‬جبل بعمان وليس بالساحل‬ ‫‪.‬‬ ‫عنده عدة قرى كبار‪ ،‬يسمى مجموعها بهذا الاسم‬ ‫البلدان لنزوى‬ ‫معجم‬ ‫صاحب‬ ‫الحموي‬ ‫وبطبيعة الحال فإن تعريف‬ ‫ووصفه لها كان عن بعد‪ ،‬فهو لم يزرها‪ ،‬ولم يتعرف على وضعها وطبيعتها‬ ‫عن كثب©ؤ وقد تعددت الأقوال حول سبب تسميتها‪ ،‬فمن قائل «إنها سميت‬ ‫باسم عين ماء تقع في شمالي القلعة كانت تسيل في وادي كلبوه»‪.‬‬ ‫كما أن هناك قولا بأنها «سميت باسم جبل يقع في الجهة الغربية منهاء‪.‬‬ ‫ومن قائل بأنها «سميت نزوى لإنزوائها وإنكماشها»"'‪.‬‬ ‫ولعل أقرب الأقوال هو القول القائل بأنها سميت باسم الجبل الذي‬ ‫الجبل بهذا الاسم‬ ‫تسمية ذلك‬ ‫يقع في الجهة الغربية منها إذا ما صحت‬ ‫فقد جاء في القاموس المحيط «النزوة» جبل في عمان""'‪.‬‬ ‫وأحيانا تسمى بعض المدن بأسماء جبالها‪.‬‬ ‫أما تسميتها باسم عين الماء التي تصب في وادي كلبوه‪ ،‬فتحتاج إلى‬ ‫إعادة نظر‪ ،‬وذلك لأن وادي كلبوه ليس مجراه الحالي ضارباً في القدم‪.‬‬ ‫وإنما هو من فعل بعض ملوك النباهنة الذي حول مجراه السابق من غربي‬ ‫«نزوى» إلى مجراه الحالى عندما أحدث فلجاً غربي «نزوی»‪.‬‬ ‫‪.٢٨١‬‬ ‫معجم البلدان© ج‪ ٥ ‎‬ص‪‎‬‬ ‫(‪(١‬‬ ‫‪.٧‬‬ ‫ص‪‎‬‬ ‫معالم وإعلام‪.‬‬ ‫نزوى‬ ‫ناصر الفارسي‬ ‫)‪(٢‬‬ ‫‪.٣٥٩‬‬ ‫)‪ (٣‬القاموس المحيط ترتيب الزاوي‪ ،‬ج‪ .٤ ‎‬ص‪‎‬‬ ‫‏‪٢١‬‬ ‫مكانة نزوى الاجتماعية‬ ‫_‬ ‫ت‬ ‫يقول العلامة أبو مسلم البهلاني الرواحي ينه «وحسبك من نزوى‬ ‫كيف تتخللها الأودية كوادي الأبيض ووادي العين المعروف الآن بوادي‬ ‫كلبوهؤ وقد كان هذا الوادي يمر غربي نزوى فأحاله عن مجراه بعض ملوك‬ ‫النباهنة‪ .‬لكونه أحدث فلجاً غربي نزوى فخشي إضراره به وصار مضراً‬ ‫بالحوائر التي همي شمالي القلعة ولو أريد الآن رده إلى مجراه الأول لم‬ ‫يكن ممكنا»'‪.‬‬ ‫بيد أن هناك إشكالا حول هذا القول يثيره وصف المقدسي لنزوى‬ ‫عندما يصفها قائلا «في حد الجبال‪ ،‬كبيرة‪ ،‬بنيانهم طين والجامع وسط‬ ‫السوق إذا غلب الوادي في الشتاء دخله‪ ،‬وشربهم من أنهار وآبار»"'‬ ‫والمقدسي عاش في القرن الرابع الهجري أي قبل ظهور النباهنة‬ ‫حكاماً على عمان‪ ،‬وقد ذكر في وصفه لها وجود الجامع وبأنه وسط‬ ‫السوق وأن الوادي عندما يكون غزيراً يدخله وهذا الوصف ينطبق‬ ‫على وادي كلبوه والجامع والسوق الحاليين‪ ،‬اللهم إلا إذا كان‬ ‫المقصود بالجامع هو جامع سمد نزوى‪ ،‬وأنه كانت هناك سوق حوله‬ ‫وهو أمر بعيد على ما يبدو‪.‬‬ ‫كما أنه عند ذكر اسم «نزوى» بجانب ذكر اسمي سمد وسعال‪ ،‬ينحصر‬ ‫الاسم على منطقة العقر وما حاذاها من الجهة الغربية لوادي كلبوه‪ ،‬وهذا‬ ‫التحديد كثيرا ما يرد في الكتب الفقهية الممانية} يقول ابو مسلم البهلاني‬ ‫‪.٣٧٩‬‬ ‫‪ ٢‬ص‪‎‬‬ ‫نثار الجوهر ج‪‎‬‬ ‫(‪)١‬‬ ‫)‪ (٢‬المقدسي‪‎.‬‬ ‫مُدن في الذاكرة المانية‬ ‫‏‪٢٢‬‬ ‫«وعليه فلو خرج من نزوى مسافرا فدخل سمد لم يقصر إلا من حيث‬ ‫يقصر أهل سمد‘ وكذا سعال وسمد؛ه"‪.‬‬ ‫ونقل عن أبي سعيد الكدمي تنه «أن نزوى وسعال وسمد في معنى‬ ‫الصلاة للمسافر في القصر والتمام أنها قرية واحدة»”' فهذه العبارت‬ ‫الحال والقرينة‬ ‫وأمثالها توحي بأن اسم «نزوى» يضيق ويتسع حسب‬ ‫والعرف‪.‬‬ ‫ونظراً لما تتمتع به «نزوى» من جمال الطبيعة وحسن المنظر والبهجة‬ ‫ابن بطوطة ى قاعدة‬ ‫والنضارة فقد وصفها الكثيرون بذلك فهي عند الرحالة‬ ‫بلاد عمان تحيط بها البساتين وتحف بها الأنهار‪.‬‬ ‫حيث قال «ثم وصلنا عمان وهي خصيبة ذات أنها وأشجار وبساتين‬ ‫وحدائق‪ .‬ونخل وفاكهة كثيرة مختلفة الأجناس ووصلنا إلى قاعدة هذه‬ ‫بها البساتين‬ ‫مدينة في سفح جبل تحف‬ ‫البلاد وهمي مدينة «نزوى»‬ ‫والأنهار"‪.‬‬ ‫كما وصفها الشيخ سالم بن حمود السيابي ية بأنها «بين جبال‬ ‫وتعتبر تلك الجبال كالسور المانع لها‪ ،‬غير أنها في فضاء صالح لم تضغط‬ ‫عليها الجبال حيث أنها في منبسط من الأرض لذلك فهي مدينة تحتوي‬ ‫على بساتين تتخلها الأنهار أي الأفلاج الكبيرة وبها النخل باسقات كما‬ ‫(‪ )١‬النثار‪ ،‬ج ! ص‪.٣٧٨ ‎‬‬ ‫(‪ )٢‬نفس المصدر ص‪.٣٧٧ ‎‬‬ ‫‪.٢٨٤‬‬ ‫ص‪‎‬‬ ‫(‪ )٣‬تحفة النظار تحقيق طلال حرب‬ ‫‏‪٢٢‬‬ ‫مكانة نزوى الاجتماعية‬ ‫‪-_-‬‬ ‫أن مناخها معتدل مناسب‘» ويقول‪« :‬وتقع نزوى في سفح الحبل الأخضر‬ ‫صالح غير مكتظة بالحبال‬ ‫في فضاء‬ ‫هي سورها‬ ‫بين جبال‬ ‫من الجنوب‬ ‫من كل جهة ذات أنهار وبساتين ونخل باسقة في جو مناسبه" ولهذا‬ ‫التميز الجغرافي والمكاني والطبيعة الجميلة كانت نزوى مهيأة لوجود‬ ‫آليات وعوامل المكانة الإجتماعية التي جعلت منها سيدة البقاع ومقر‬ ‫مملكة العروبة والإسلام‬ ‫وقاعدة‬ ‫وا لأخيار‬ ‫والفضلاء‬ ‫العلماء‬ ‫العدالة ومأرز‬ ‫وبعد أن تعرفنا على موقعها وأهميته فلنتعرف على مكانتها الإجتماعية‪.‬‬ ‫المكانة الاجتماعية لتروى‪:‬‬ ‫نالت «نزوى» مكانة اجتماعية سامقة ومنزلة عالية‪ ،‬وفي نظري أن نزوى‬ ‫اكتسبت تلك المكانة الراقية من عاملين اثنين هما‪:‬‬ ‫الأول‪ :‬باعتبارها مقراً للحكم‪.‬‬ ‫الثانى‪ :‬وجود العديد من العلماء بها‪.‬‬ ‫العاملين‪:‬‬ ‫هذين‬ ‫عن‬ ‫ولنتحدث‬ ‫‏‪ ٠‬أولا‪ :‬مقر الحكم‪:‬‬ ‫صارت نزوى مقراً للحكم وعاصمة للمملكة العمانية من بداية عهد‬ ‫الإمامة الثانية تلكم الإمامة التي تبدأمن عام ‪١٧٧‬ه‏ في عهد الإمام محمد بن‬ ‫عزان بن تميم‬ ‫‏‪ ٢٨٠‬ه_ بمقتل الإمام‬ ‫وتنتهي في عام‬ ‫اليحمدي‬ ‫أبي عفان‬ ‫‪.٦٤‬‬ ‫العنوان ‪ 4‬ص‪‎‬‬ ‫)‪(١‬‬ ‫مُدن في الذاكرة المانية‬ ‫‏‪٢٤‬‬ ‫_‬ ‫سص‬ ‫_‬ ‫الخروصي وهزيمة المانيين على أيدي الجيش العباسي بقيادة محمد بن‬ ‫بور‪ ،‬وقبل هذه الإمامة‪ ،‬أي الأمامة الثانية كانت هناك الإمامة الأولى التي‬ ‫تستم عرشها الإمام الجلندى بن مسعود قبه الذي كان أول إمام بعمان‪ ،‬بين‬ ‫عامي (‪١٣٤_١٣٢‬ه)‏ والتي انتهت بمقتل الإمام الجلندى ومعظم جيشه‬ ‫على يد القائد العباسي خازم بن خزيمة وجيشه العباسي‪.‬‬ ‫على أنه كانت العاصمة للإمامة الأولى هي صحار خزانة الشرق‬ ‫وعروس الدنيا‪ ،‬وقبل ذلك كانت العاصمة متنقلة بين صحار التي هي‬ ‫على البحر وتوام (البريمي) التي هي مما يلي الجبل‪.‬‬ ‫وعندما تهيأت الظروف بتشكيل الدولة وإقامتها في إطارها الإمامي‬ ‫رأى أولئكم القادة الميامين والسادة المكرمين نقل العاصمة العمانية من‬ ‫صحار إلى نزوى وعند ظهور دولة الإمامة الثانية تم فعلا نقل العاصمة‬ ‫واتخاذ نزوى عاصمة للدولة التممانية('‪.‬‬ ‫وإننا إزاء قرار خطير وعظيم في التاريخ السياسي وفي المفهوم‬ ‫السياسي فلا بد لنا من التعرف على الأسباب التي حدت بقيادة‬ ‫تلك الدولة ودعائم قيامها وسدنة نظامها السياسي آو على الأقل‬ ‫محاولة التعرف على تلك الأسباب التي دعتهم إلى اتخاذ ذلك‬ ‫القرار الخطير‪.‬‬ ‫‏(‪ )١‬في بداية دولة الإمامة الثانية على عهد الإمام محمد بن أبي عفان كان مقر الدولة مدينة‬ ‫(منح)‪ ،‬وقد انتقل مقر الدولة إلى نزوى على عهد الإمام الوارث بن كعب© وهو الإمام‬ ‫الثاني في تلك الدولة‪.‬‬ ‫‏‪٢٥‬‬ ‫مكانة نزوى الاجتماعية‬ ‫هل كان نتيجة تقويم للهزيمة التي حلت بالإمامة الأولى التي كانت‬ ‫سببا في القضاء عليها‪ ،‬وفي مقتل الإمام الجلندى بن مسعود‪ ،‬ومعظم‬ ‫جيشه وأصحابه؟‪.‬‬ ‫أم كانت نتيجة تحليل للمعركة التي كانت فيها الهزيمة المذكورة‬ ‫والتي دارت في جلفار (رأس الخيمة) باعتبار أن هذا المكان غير بعيد عن‬ ‫العاصمة صحار؟‪.‬‬ ‫أم ذلكم القرار‪ ،‬كان بناء على أن الأشخاص الذين قامت عليهم تلك‬ ‫الدولة هم من منطقة الجوف وما جاورها من عمان؟‪.‬‬ ‫أم أنه تم بناء على مسح جغرافي دقيق؟ ووجدت نزوى بأنها المكان‬ ‫المناسب كعاصمة للدولة المحمانية‪ ،‬نظرا لوجود عوامل طبيعية تجعل من‬ ‫نزوى مكانا مهيأ وآمناً‪.‬‬ ‫إنه لا بد من محاولة التعرف على الإجابة حول التساؤلات عن‬ ‫الأسباب‪ ،‬على أنه لا يمنع من أن تكون هذه الأسباب كلها مجتمعة أدت‬ ‫إلى نقل العاصمة وإن كان الشيخ سالم بن حمود السيابي ينه يعلل نقل‬ ‫العاصمة من صحار إلى نزوى بأنه كان نتيجة اشتداد الغارات الأجنبية‬ ‫على صحار بحيث صار عرش الزعامة في صحار مهددا دائما‪ .‬وكون‬ ‫نزوى بعيدة عن ذلك فهي مأمونة من غارات الأعداء لكونها واقعة في‬ ‫قلب عمان‪ ،‬حيث يقول «وذلك أنه لما اشتدت الغارات الأجنبية على مركز‬ ‫الزعامة الغمانية إمامة كانت أو سلطنة‪ ،‬وتوالت الغزوات بتوالي الغزاة‬ ‫وبقي عرش الزعامة في صحار مهددا دائما في قلق جعلها أي نزوى ۔‬ ‫مدن في الذاكرة المانية‬ ‫‏‪٢٦‬‬ ‫الغمانيون عرش مملكتهم ومقر سلطانهم" ومآمن إمامتهم‪ .‬ومنتدح‬ ‫مهماتهم» إلى أن قال‪« :‬وكانت نزوى مأمونة من غارات الأعداء إذ هي في‬ ‫قلب عمان الداخلية‪ .‬والحال لا طيارات ولا سيارات ونحوهاء فإذا نزل‬ ‫الغازي لعمان‪ ،‬وارتفع خبره إلى نزوى‪ ،‬قامت عليه عمان بعدها وعديدها‬ ‫وسدت الثغور في وجهه وطاردته حتى فل حده‪ .‬وضعف جنده‪ .‬وقل‬ ‫عدده‪ 6‬فيقنع من الغنيمة بالإاياب ويبقى عرش الإمامة ثابتاً في منامهء‘'‪.‬‬ ‫على كل حال فقد تم نقل العاصمة إلى نزوى في عهد دولة الإمامة‬ ‫الثانية (‪١٧٧‬ه)‏ وهكذا أصبحت نزوى عاصمة المملكة المانية لوقت‬ ‫طويل في تاريخ عمان‪ ،‬وقويت فيها دولة الإسلام وارتفعت رايته عالية‬ ‫شامخة خفاقة تحمل معاني العدل والحق والحرية والمساواة‪ ،‬وصارت‬ ‫نزوى قاعدة هذه المعاني الإسلامية الإنسانية النبيلة وسيدة مناطق النفوذ‬ ‫العماني العادل المستقيم ‪.‬‬ ‫أي الإمامة الثانية ۔ وبالتحديد في عهد الإمام‬ ‫وفي عصر تلك الدولة‬ ‫‏(‪ -١٩٢‬‏)ه‪ ٧٠٢٦‬قال الشيخ السالمي ظنه «وفي‬ ‫غسان بن عبدالله اليحمدي‬ ‫زمانه ۔ أي الإمام غسان ۔ سميت نزوى بيضة الإسلام وكانت قبل ذلك‬ ‫تسمى تخت ملك العرب" ومعنى بيضة الإسلام كما جاء في لسان‬ ‫العرب «جماعتهم" وبيضة القوم أصلهم والبيضة أصل القوم ومجتمعهم»‪.‬‬ ‫يقال «أتاهم العدو في بيضتهم» وقوله في الحديث «ولا تسلط عليهم‬ ‫ص‪.٦٤ ‎‬‬ ‫(‪ )١‬العنوان©‬ ‫(‪ )٢‬تحفة الأاعيان‪ ،‬ج‪ ،١‬ص‪.١٢١٥‎‬‬ ‫‏‪٢٧‬‬ ‫مكانة نزوى الاجتماعية‬ ‫___‬ ‫عدوا من غيرهم فيستبيح بيضتهم»‪ ،‬يريد جماعتهم وأصلهم أي مجتمعهم‬ ‫وموضع سلطانهم ومستقر دعوتهم) أراد عدوا يستأصلهم ويهلكهم‬ ‫جميعهم‪ 6‬وهذه التسمية تدل على الأهمية الكبيرة التي أحرزتها نزوى‬ ‫حيث أصبحت حوزة الإسلام وساحته ومجتمعه وأصله لما شهدته من‬ ‫قوة شوكة المسلمين وعلو قدر الإسلام‪ ،‬وسمو الحق‪ ،‬وارتفاع ألوية‬ ‫الجهاد الإسلامي‪ ،‬وظهور العدل‪ ،‬نظرا لما كانت عليه الدولة من عظمة‬ ‫وقوة‪ ،‬ففي تلك الفترة تم إنشاء أسطول بحري قوي لتأديب القراصنة‬ ‫ولحماية الثغور والسواحل كما كان للدولة قوة بية كبيرة كفيلة لدحر أي‬ ‫عدوان خارجي أو داخلي‪.‬‬ ‫وقد بلغت قوة الدولة في عهد الإمام المهنا بن جيفر ‏(‪ _ ٢٢٦‬‏)ه‪٧٣٢‬‬ ‫مبلغا جعلها يحسب لها ألف حساب وحساب مما جعلها في مصاف‬ ‫الدول الكبرى‪.‬‬ ‫ولنستمع إلى الإمام السالمي وهو يقول «واجتمعت له من القوة البرية‬ ‫والبحرية ما شاء الله" قيل أنه اجتمع له في البحر ثلاثمائة مركب مهيأة‬ ‫لحرب العدو‪ .‬وكان عنده بنزوى سبعمائة ناقة وستمائة فرس تركب عند‬ ‫أول صارخ‪ .‬فما ظنك بباقي الخيل والركاب في سائر ممالكه»‪.‬‬ ‫وقال العلامة الصبحي «بلغني أنه كان عند المهنا بن جيفر تسعة آلاف‬ ‫مطية أو ثمانية آلاف مطية قال ولعلها لبيت المال فيما يحكي عنه ثقات‬ ‫‪.٣٢‬‬ ‫‪ ٧‬ص‪‎‬‬ ‫لسان العرب© ج‪‎‬‬ ‫(‪)١‬‬ ‫مدن في الذاكرة المانية‬ ‫‏‪٢٨‬‬ ‫‪.‬‬ ‫___‬ ‫المسلمين وكانت عساكره بنزوى عشرة آلاف مقاتل وهؤلاء بنزرى‬ ‫خاصة فكيف بعساكر غيرها»"‪.‬‬ ‫إن قوة ضاربة كهذه‪ ،‬جديرة بأن تجعل للدولة هيبة رهيبة وموتفا‬ ‫حاسما وقد أخذت تلك القوة تنمو وتزداد في عصر أولئكم الأئمة العظام‬ ‫(‪١٩٢‬ه)‏ وحتى آخر عهد الإمام‬ ‫منذ بداية عهد الإمام الوارث بن كعب‬ ‫الصلت بن مالك (‪٢٧٣‬ه)‏ مرورا بالأئمة غسان بن عبدالله وعبد الملك بن‬ ‫حميد والمهنا بن جيفر ۔ رضي الله عنهم أجمعين _‪.‬‬ ‫ونجد الإمام الصلت بن مالك سرعان ما أمر بتجهيز أسطول مكون‬ ‫من أكثر من مائة سفينة لإسترداد جزيرة سقطرى من النصارى الأحباش‬ ‫تلبية للواجب المقدس لإستغاثة الزهراء الشعرية عام ‪٦٥٣‬ه‏ وهو أمر ينبى‬ ‫عن استعداد قوي وسرعة تحرك تنبئ عن قوة حاضرة وجاهزة على أتم‬ ‫الإستعداد‪.‬‬ ‫أما تسمية نزوى «تخت ملك العرب» فهي تسمية جديرة بالبحث‬ ‫والتحليل والتخت كما جاء في لسان العرب لإبن منظور «التخت وعاء‬ ‫تصان فيه الثياب»"'‪.‬‬ ‫ومعنى ذلك أن نزوى صارت وعاء ملك العرب أي أنها حاوية للملك‬ ‫العربى وحامية له‪ ،‬كالوعاء الذي يحوي ويحمي ما بداخله وهو تعبير فيه‬ ‫ما فيه من الدلالة على عروبة المملكة التممانية ويشير ضمنياً إلى افتخار‬ ‫‪.١٥٠‬‬ ‫(‪ )١‬التحفة ج‪ ١ ‎‬ص‪‎‬‬ ‫(‪ )٢‬لسان العرب ج‪ ٦ ‎‬ص‪.١٨١ ‎‬‬ ‫‏‪٢٩‬‬ ‫مكانة نزوى الاجتماعية‬ ‫ء‬ ‫عربي بوجود دولة عربية إسلامية عمانية عاصمتها نزوى© ولكن ما مدى‬ ‫ونزوى العاصمة؟‪.‬‬ ‫المملكة‬ ‫انطباقه على تلك‬ ‫التعبير وما مدى‬ ‫هذا‬ ‫صحة‬ ‫فقبل أن نلقي نظرة على الأوضاع السياسية في تلك الفترة التاريخية‪.‬‬ ‫يجدر بنا أن نعرف أين هي عمان آنذاك في الخريطة الجغرافية؟ لنستمع إلى‬ ‫ياقوت الحموي‘ وهو في القرن السابع الهجري" يحدد لنا عمان جغرافيا‬ ‫حيث يقول «عمان اسم كورة عربية على ساحل بحر اليمن والهند في الإقليم‬ ‫الأول طولها أربع وثلاثون درجة وثلاثون دقيقة‪ .‬وعرضها تسع عشرة درجة‬ ‫وخمس وأربعون دقيقة في شرقي هجر تشتمل على بلدان كثيرة»"' ولم يعد‬ ‫خافي أن هجر المذكورة هي الإحساء حاليا في المنطقة الشرقية من المملكة‬ ‫العربية السعودية ومعنى ذلك أن عمان كانت يومذاك من سقطرى جنوباً‬ ‫وإلى الاحساء شمالا وغربا‪.‬‬ ‫على أن إلقاء نظرة سريعة على الأوضاع السياسية في تلك الفترة‬ ‫أي في عهد دولة الإمامة الثانية في عمان ۔ بقوتها العسكرية‬ ‫التاريخية‬ ‫الآنفة الذكر‪ ،‬ومساحتها الجغرافية التي مر ذكرها قبل قليل يؤكد ۔ فعلأ‬ ‫أن عمان كانت تعتبر من أقوى الممالك العربية إن لم تكن أقواها على‬ ‫الإطلاق فهي تهيمن على مساحة واسعة من شبه الجزيرة العربية ولا توجد‬ ‫قوة ونفوذ فاعل ناهيكم بأن الخلافة العباسية كانت تخضع لنفوذ فارسي‬ ‫وآخر تركي وبعدهما إلى العديد من هيمنة وتسلط الشعوب الأعجمية‪.‬‬ ‫الأمر الذي أذهب عنها صفة العروبة وطغت على الحياة العامة فيها عادات‬ ‫‪.١٥٠‬‬ ‫(‪ (١‬معجم البلدان© ج‪ ٤٤ ‎‬ص‪‎‬‬ ‫مُدنَ في الذاكرة الغمانية‬ ‫‏‪٣٠‬‬ ‫‪-‬‬ ‫تلك الشعوب وسلوكهم وأخلاقهم وأصبح الملقب بالخليفة ليس في يده‬ ‫من الأمر أو النهي وإنما كما يقول فيهم الشاعر‪:‬‬ ‫شيء‬ ‫باسمه الدنيا جميعاً‬ ‫تؤخذ‬ ‫في يديه‬ ‫وما من ذاك شيء‬ ‫إذن كان إطلاق تسمية «تخت ملك العرب» على نزوى عاصمة‬ ‫المملكة المانية آنذاك يدل على أن التسمية كانت في محلها‪ ،‬والتعبير‬ ‫صحيح ويحمل الدقة والموضوعية‪.‬‬ ‫وهذا وبعد أن تحدثنا عن العامل الآول من عوامل المكانة الإجتماعية‬ ‫لنزوى ننتقل بالحديث عن العامل الثاني‪.‬‬ ‫ه ثانيا‪ :‬وجود العلماء‬ ‫من العوامل التي أكسبت نزوى مكانة اجتماعية بارزة هو‬ ‫ما شهدته من وجود عدد كبير من العلماء بها على مر التاريخ سواء‬ ‫كان أولئكم العلماء الذين ولدوا ونشآوا فيها أو الذين انتقلوا إليها‬ ‫بحكم كونها عاصمة المملكة الحممانية‪ ،‬فمنذ عهد الإمام أبي الشعثاء‬ ‫جابر بن زيد الأزدي ۔ رضي الله عنه وأرضاه _ الذي ولد ونشأ في‬ ‫قرية فرق إحدى قرى نزوى وهي لا تزال تشهد وجود ذلك العدد من‬ ‫العلماء والفضلاء والأخيار في كل زمان وحين ويظهر لي أن لحملة‬ ‫العلم إلى المشرق وهم مجموعة العلماء الذين تلقوا العلم في‬ ‫البصرة على يد الإمام المحدث الفقيه الربيع بن حبيب‬ ‫‏‪٢٣١‬‬ ‫مكانة نزوى الاجتماعية‬ ‫_‬ ‫_‪ -‬سس‬ ‫الفراهيدي لينه دورا مهماً وبارزاً في القيام بنهضة علمية في عمان‬ ‫ولا سيما في منطقة الداخل نزوى وما حولها هيأت لهم ومكنتهم‬ ‫من القيام بإعادة الإمامة وإقامة الدولة\ وكان أولئكم العلماء وهم‬ ‫موسى بن أبي جابر الأزكوي وبشير بن المنذر النزوي ومنير بن‬ ‫النير الريامي الجعلاني ومحمد بن المعلى الكندي ومعهم‬ ‫محبوب بن الرحيل القرشي وقد عادوا إلى عمان بمعية إمامهم‬ ‫وشيخهم الربيع بن حبيب صاحب الجامع الصحيح في الحديث‬ ‫النبوي الشريف (مسد الإمام الربيع) وصاحب الفتاوى الفقهية‬ ‫الكثيرة المبثوثة في كتب المذهب‪.‬‬ ‫وقد باشر الجميع التدريس والفتوى‪ ،‬غير أن الإمامين موسى بن أبي‬ ‫جابر وبشير بن المنذر فيما يظهر أكثرهم تلاميذاً بدليل وجود العديد من‬ ‫العلماء الذين ينقلون عنهما مما يوحى بصلة التتلمذ‪.‬‬ ‫وعندما حالفهم التوفيق الإلهي بتكوين جيل من أهل العلم والصلاحض‬ ‫تهيئت لهم بذلك أرضية جيدة وهيأوا مناخا مناسبا تمكنوا من إعادة‬ ‫الدولة وإقامة كيان سياسي مبارك‪.‬‬ ‫ويرى بعض الباحثين إن إعادة الإمامة الثانية كانت من تخطيط الإمام‬ ‫الربيع بن حبيب" ولكنه توفي قبل التمكن من ذلك‘ وواصل تلاميذه‬ ‫المعروفون «بحملة العلم إلى المشرق» العمل على ذلك من بعده وعلى‬ ‫رأسهم وفي مقدمتهم شيخ المسلمين موسى بن أبي جابر‪ ،‬الذي كان يدير‬ ‫‪.٢٦‬‬ ‫ص‪‎‬‬ ‫في عمان‬ ‫بنو الجلندى‬ ‫ولنكسون‪6‬‬ ‫)‪(١‬‬ ‫مدن قي الذاكرة الغمانية‬ ‫‏‪٣٢‬‬ ‫تاقت_‬ ‫الأمور ويدبرها بأمر اللهس وهو ملقى على سريره ومشدود على حاجبيه‬ ‫بعمامته نتيجة الكبر والعجز والمرض‪.‬‬ ‫ونتيجة لتلك الجهود التي بذلها أولئكم العلماء فقد صار لعمان رصيد‬ ‫ضخم من العلماء حازت نزوى على النصيب الأكبر منهم" حتى ضرب‬ ‫بذلك المثل فشبه العلم بطائر باض في المدينة وفرخ بالبصرة وطار إلى‬ ‫عمان يقول الإمام السالمي في جوهره البديم«'‪:‬‬ ‫انتقلا‬ ‫عمان‬ ‫إلى‬ ‫وبعضهم‬ ‫وضربوا في الإنتقال مثلا‬ ‫العراق‬ ‫في‬ ‫بطائر فرخ‬ ‫بانطلاق‬ ‫طار‬ ‫ولغمان‬ ‫ويعنون بذلك بأنه باض العلم بالمدينة بوجود الرسول الكريم‬ ‫وبأنه فزخ‬ ‫العظيم يلة وصحابته الكرام ۔ رضوان الله عليهم‬ ‫بالبصرة لإنتقال كثير من الصحابة إليهم ووجود الكثير من أئمة‬ ‫التابعين وتابعي التابعين كإمام التابعين آبي الشعثاء جابر بن زيد؛‬ ‫وأبي عبيدة مسلم بن أبي كريمة والربيع بن حبيب وغيرهم‬ ‫‪ -‬رحمهم الله ‪.‬‬ ‫وبأنه طار إلى عمان‪ ،‬بوجود العديد من العلماء المممانيين وغيرهم‬ ‫الذين درسوا بالبصرة وجاءوا إلى عمان ومنهم البعثة العلمية التي عرف‬ ‫أفرادها بحملة العلم إلى عمان وهم موسى بن أبي جابر‪ ،‬وبشير بن‬ ‫جوهر النظام‪ ،‬حج ‏‪ ٤‬باب العلم‪.‬‬ ‫‏)‪(١‬‬ ‫‏‪٢٣٢‬‬ ‫مكانة نزوى الاجتماعية‬ ‫__‬ ‫لل‬ ‫المنذر‪ ،‬ومنير بن النيرث ومحمد بن المعلى‪ ،‬ومحبوب بن الرحيل وبعدهم‬ ‫إمتلأت الساحة العمانية بالعلماء والأئمة والصالحين‪.‬‬ ‫ويصف أبو الحسن البسيوي الإمام غسان بن عبدالله ويقول «وكان في‬ ‫أيامة جمة من العلماء" ويقول الشيخ السالمي عن عهد الإمام المذكور‬ ‫«وكانت تلك الأيام صدر الدولة‪ .‬وقوتها وجمة العلماء»"'‪.‬‬ ‫الأمر الذي يعطينا دلالة واضحة على كثرة العلماء بعمان‪6‬‬ ‫وبطبيعة الحال وضرورة الأمر فإن غالبيتهم كانوا في ربوع نزوى‬ ‫وحوزتها الميمونة‪.‬‬ ‫ويذكر كتاب «مسيرة الخير» نزوى بالقول «ولا تكتسب أهميتها من‬ ‫كونها عاصمة سياسية في عصر من عصور عمان القديمة‪ .‬وإنما كذلك‬ ‫بإعتبارها المحفوظ كواحدة من مراكز تخريج الفقهاء في علوم الدين‬ ‫الحنيف على امتداد الرقعة الإسلامية الشاسعة"‪.‬‬ ‫ومما يعجب له المرء ويثير انتباهه أن ظهور الموسوعات والمطولات‬ ‫الفقهية كان في نزوى‪ ،‬فهناك بيان الشرع في ثلاثة وسبعين مجلدا للشيخ‬ ‫محمد بن إبراهيم الكندي‪ ،‬وكتاب الكفاية للشيخ محمد بن موسى‬ ‫الكندي في واحد وخمسين مجلدا وكتاب المصنف للشيخ أحمد بن‬ ‫عبدالله الكندي في اثنين وأربعين مجلداً وكتاب التاج لأبي عبدالله عثمان‬ ‫(‪ )١‬السالمي تحفة الأعيان‪ ،‬ج‪ ،١‬ص‪.١٢٢ ‎‬‬ ‫(‪ )٢‬التحفةؤ ج‪‎ 6١ ‎‬ص‪٤‬؛‪.١٢‬‬ ‫(‪ )٢‬مسيرة الخير ص‪.٢٠ ‎‬‬ ‫مُدن في الذاكرة الممانية‬ ‫‏‪٢٤‬‬ ‫_‬ ‫===‬ ‫الأصم في واحد وخمسين مجلدا وغيرها من الكتب التي هي أقل أجزاء‬ ‫وأصغر حجما من هذه الكتب المذكورة ولكنها تعتبر من المطولات‬ ‫والموسوعات الفقهية أيضا‪.‬‬ ‫ولعل هذا الأمر مرجعه ومرده إلى توافر المراجع والكتب في حوزة‬ ‫نزوى نظرا لوجود العلماء الكبار الذين غالبا ما يقتنون الكتب الكثيرة‬ ‫ويعملون على جمعها‪ ،‬ويبذلون الغالي والنفيس في الحصول على أكبر‬ ‫عدد منها حتى أنه وجدت مكتبات متعددة في نزوى عامرة بشتى أصناف‬ ‫الكتب" وبعض تلك المكتبات ارتبط بالعائلات والأسر والقبائل فيها‪ ،‬ولا‬ ‫ريب أن الواجب يحتم على هذه العائلات ذات المكتبات إظهارها‬ ‫ووضعها بشكل يليق بها وبقيمتها العلمية حسب التطور الحاصل في‬ ‫الحياة العامة وفي المجالات العلمية" فحسب علمي أن كثيراً من تلك‬ ‫المكتبات أصابها التلف نتيجة الإهمال والطريقة التي حفظت بهاء ولعل‬ ‫الأخرى في طريقها إلى التلف إن لم يحسن حفظها وفق الطرق الحديثة‬ ‫والأساليب الجديدة‪ ،‬والأمر في هذا العصر لا يحتاج إلى كبير عناء‪ ،‬وإلا‬ ‫سوف يكون مصيرها إلى التلاشي وهناك تحدث الخسارة الكبيرة في‬ ‫التراث الفكري التمماني‪ ،‬كما حدثت من قبل في مفردات هذا التراث‬ ‫الفكري العريق الذي يحمل فكر أمة وحضارتها‪ ،‬وكم عانى التراث‬ ‫الفكري في الماضي من ضياع جزء لا يستهان به‪ ،‬فيكاد نصف الكتب‬ ‫المانية أو ما يقرب من النصف تذكر ولا تبصر فقد حلت بها عوادي‬ ‫الدهر‪ ،‬وذهبت بها يد التلاشي نتيجة الإهمال وعدم المحافظة عليها مما‬ ‫تستب في فقدانها‪.‬‬ ‫‏‪٣٥‬‬ ‫مكانة نزوى الاجتماعية‬ ‫‪___ -9‬‬ ‫وكم من كتب مفقودة أن لو كانت موجودة لأمدتنا بالكثير من‬ ‫المعلومات في مختلف فنون العلم والأدب والتاريخ والأنساب واللغة‬ ‫والطب والحكمة وغيرهاء على أننا إذا ما طالعنا قائمة أسماء العلماء‬ ‫المانيين التي هي لوحة الشرف العمانية فإننا نجد العديد من أسماء تلك‬ ‫القائمة أو اللوحة مرتبطة بنزوى ومما يلاحظ أيضا ظهور أسر وعائلات‬ ‫علمية في نزوى يتوارث أفرادها العلم‪ ،‬والعلم طبعا لا يورث بالمفهوم‬ ‫الوراثي المعروف‪.‬‬ ‫لا يورث العلم من الأعمام‬ ‫ولا يرى بالليل في المنام‬ ‫بالتكرار‬ ‫لكنه يحصل‬ ‫والدرس في الليل وفي النهار"‬ ‫ولكنه يظل ينتقل بين أفرادها كابراً عن كابر‪ ،‬فهناك أسرة الشيخ‬ ‫محمد بن صالح وذراريه وهم من بني قرة من عبد القيس‪ ،‬وهناك أسرة‬ ‫آل مداد وهم من النعب من قضاعة\ وهناك قبيلة الكنود وهي قبيلة‬ ‫معروفة ومعظم علماء هذه القبيلة إن لم نقل جميعهم هم من نزوى‪.‬‬ ‫ولا شك أن للمسجد في نزوى دورا بارزا في تخريج أولتكم العلماء‬ ‫والأئمة حيث كان العديد من مساجدها مراكز إشعاع علمي ومقرات إيحاء‬ ‫نوراني بل كانت محيطات إيمانية‪.‬‬ ‫جوهر النظا م‪.‬‬ ‫‏)‪(١‬‬ ‫دن فى الذاكرة الاي‬ ‫_‬ ‫‪7‬‬ ‫ل‬ ‫ولا ينسى التاريخ دور جامع سمد الذي أنشئ في العصر النبوي‬ ‫كما يقال‪ ،‬وقد ارتبط بهذا الجامع عدد كبير من العلماء‪ ،‬وجامع العقر‬ ‫أو جامع السوق (جامع السلطان قابوس) حالياً كانت له مخرجات كبيرة‬ ‫من أهل العلم عبر التاريخ‪ ،‬وقد كانت فترة إزدهاره العلمي‪ ،‬في عهد‬ ‫الإمام محمد بن عبدالله الخليلي تنه ولا تزال بركة ثمرته العلمية‬ ‫مشاهدة حتى اليوم بوجود العديد من المشايخ الذين تخرجوا منه‪.‬‬ ‫ويقف اليوم هذا الجامع المبارك شامخا بشكله المهيب الجميل بعد أن‬ ‫أمر بتجديده حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم‬ ‫۔ حفظه الله ‪.‬‬ ‫وهناك مساجد أخرى ارتبط ذكرها ببعض العلماء الذين أقاموا فيها‬ ‫حلقات العلم والتدريس والإفتاء مثل جامع سعال‪ ،‬ومسجد الشواذنة‪.‬‬ ‫ومسجد ابن روح‪ .‬ومسجد عزان بن الصقر وغيرها من المساجد‪.‬‬ ‫ومما هو معروف عند أهل عمان أن نزوى تعتبر من أكثر البلدان‬ ‫والمدن المانية وجوداً للمساجد فهي بحق مدينة المساجد وقد‬ ‫أشار إلى ذلك كتاب عمان في التاريخ الذي ألفه عدد من المؤرخين‬ ‫العرب وأصدرته وزارة الإعلام بالسلطنة فقد جاء فيه «تقع نزوى في‬ ‫المنطقة الداخلية بعمان وهذه المنطقة مهمة جدا وذلك لما تزدان به‬ ‫من مساجد‪ ،‬ولما قدمته للمجتمع الماني من أساطين العلماءس'‬ ‫والظاهر أن المسجد كان جزعءاً مهماً من الكيان الإجتماعي بالنسبة‬ ‫(‪ )١‬عمان في التاريخ"‪٦٩٢. ‎‬ص‬ ‫‏‪٢٧‬‬ ‫مكانة نزوى الاجتماعية‬ ‫تاا] __‬ ‫إلى أهل نزوى© فهو مدار الكثير من أمور حياتهم فابن بطوطة يذكر‬ ‫عنهم بأنهم «يجتمعون للأكل في صحن المسجد ويأكل معهم‬ ‫الوارد والصادر»"‪.‬‬ ‫وبما أننا ذكرنا دور المسجد في نزوى يجدر بنا أن نذكر مساجد العباد‬ ‫فهناك عدد من المساجد يطلق عليها مساجد العباد وتقع خارج المساكن‬ ‫ويذهب إليها من كان يريد الخلوة والإنقطاع للعبادة والتلاوة والذكر‪.‬‬ ‫بعيدا عن مشاغل الحياة وزخارف الدنيا وبهرجتها‪ ،‬فيجد المتعبد فيها‬ ‫بغيته ومتعته الإيمانية ليعيش مع صفاء النفس وصدق اليقين‪.‬‬ ‫تراهم في ضمير الليل صترهم‬ ‫مثل الخيالات تسبيح وقرآن‬ ‫وقد شهد لنزوى بهذه المكانة الإجتماعية المتميزة العديد من القادة‬ ‫والعلماء والأدباء والشعراء والرحالة‪.‬‬ ‫يقول جلالة السلطان قابوس بن سعيد _ حفظه الله ۔ واصفا إياها بأنها‬ ‫مدينة التاريخ والعلم والتراث وقلعة الأصالة والمجد الشامخ حيث يقول‬ ‫«مدينة نزوى العامرة التي كان لها دور بارز في مسيرة الحضارة العمانية‬ ‫لا يزال يتألق نورا وضياء ورفعة وجلالا لقد كانت معقل القادة والعظماء‬ ‫وموئل العلماء والفقهاء‪ ،‬ومرتاد الشعراء والأدباءء فأعظم بها مدينة لها في‬ ‫قلوب الثحمانيين منزلة عالية ومكانة سامية وقدر جليل»"" إن هذا التقدير‬ ‫‪.٢٨٥‬‬ ‫تحفة النظار© ص‪‎‬‬ ‫(‪)١‬‬ ‫(‪ )٢‬مسيرة الخَئْر‪ ٬‬ص‪.٢٢‎‬‬ ‫مدن في الذاكرة المانية‬ ‫‏‪٣٨‬‬ ‫==‬ ‫والإجلال والذكر الجميل والإشادة الحسنة من قبل القائد جلالة السلطان‬ ‫المعظم ليدل ذلك على ما لنزوى من مكانة خاصة ومنزلة اجتماعية سامية‪.‬‬ ‫ويذكرها الشيخ سالم بن حمود السيابي مبجلا لها أيما تبجيل يقول‬ ‫في حقها‪« :‬فكانت حظيرة العلماء‪ ،‬ودائرة الأئمة‪ ،‬ومأوى الصالحين الأخيار‬ ‫والفضلاء الأحرار ومجتمع العلماء‪ ،‬ومحط الأفاضل الأصفياء بغير‬ ‫نكران ويا لتربتها وما حوت من علماء المسلمين جما غفيرة وحوت في‬ ‫صحائفها من الأتقياء عددا وفيرا‪ ،‬والحال أكبر شاهد وأصدق ناقد"‪.‬‬ ‫ويذكر ياقوت الحموي بأن نزوى كانت تمارس فيها بعض الصناعات‬ ‫لا سيما المنسوجات فيقول‪« :‬يعمل فيها صنف من الثياب منمقة بالحرير‬ ‫جيدة فائقة لا يعمل في شيء من بلاد العرب مثلها ومآزر من ذلك الصنف‬ ‫يبالغ في أثمانها‪ 5‬رأيت منها واستحسنتها"'‪.‬‬ ‫بالتطور الحضاري‬ ‫ومن المعلوم أن وجود الصناعات وتطورها مرهون‬ ‫العام لأي بلد‪ ،‬وهذا دليل على ما شهدته نزوى من تقدم واستقرار وازدهار‬ ‫في شتى المجالات وهكذا حظيت نزوى بالإشادة وجميل الذكر وحسن‬ ‫الثناء لما لها من مكانة في أوساط الأمة يقول الشيخ السالمي‪« :‬قال ني‬ ‫بعض السير ولها مدايح في كتاب سير العرب وفي كتاب سير العجم‬ ‫تركت خوف الاطالة"'‪.‬‬ ‫‪.٦٥‬‬ ‫العنوان© ص‪‎‬‬ ‫)‪(١‬‬ ‫)‪ (٢‬معجم البلدان© ج‪‎ .٥ ‎‬ص‪.٢٨١‬‬ ‫‪.٢٥‬‬ ‫ص‪‎‬‬ ‫ح ‪3‬‬ ‫التحفة‬ ‫)‪(٣‬‬ ‫‏‪٣٩‬‬ ‫مكانة نزوى الاجتماعية‬ ‫تتتا ___‬ ‫وهكذا‬ ‫أي الكتب التى ألفها العلماء العرب‘‬ ‫سير العرب‬ ‫ومعنى كتاب‬ ‫كتاب سير العجم أي الكتب التي ألفها علماء أعاجم‪.‬‬ ‫لنزوى ألقي على مسامع الدهر وصغت‬ ‫ولعل أفضل وصف شعري‬ ‫إليه أفئدة المؤمنين ما جاء عن أبي مسلم ينة في ملحمته النونية الرائعة‬ ‫حيث يقول‪:‬‬ ‫وافرق بها البيد حتى يستبين لها‬ ‫فرق على بيضة الإسلام عنوان‬ ‫فإن تيامنت الحوراء شاخصة‬ ‫لها مع السحب أكناف وأحضان‬ ‫فحط رحلك عنها إنها بلغت‬ ‫نزوى وطافت بها للمجد أركان‬ ‫هنالك انزل وقبل تربة نبتت‬ ‫بها الخلافة والإيمان إيمان‬ ‫انزل على عرصات كلها قدس‬ ‫للحق فيهن أزهار وأفنان‬ ‫انزل على عذبات النور حيث حوت‬ ‫أئمة الدين بطنان وظهران‬ ‫أرض مقدسة قد بوركت وزكت‬ ‫فيها من الأنوار مغنان‬ ‫تنصب‬ ‫مُدن في الذاكرة المانية‬ ‫‏‪٤٠‬‬ ‫__ =‪.‬‬ ‫قامت بها قبة الإسلام شامخة‬ ‫حتى تواضع بهرام وكيوان‬ ‫الله منصبها‬ ‫خحلفإعء‬ ‫تعا قبت‬ ‫منذ الجلندى وختم الكل عزان‬ ‫‏‪٤١‬‬ ‫مراكز الإشماع الحضاري‬ ‫لحركة‬ ‫مراكز الاشعاع الحضاري‬ ‫«الأزهر وتزوى أنموذجا»‬ ‫ه أولا‪ :‬الأزهر الشريف‪:‬‬ ‫أراد الله للأزهر الشريف منذ إنشائه أن يكون لجميع المسلمين عبر‬ ‫المذاهب الإسلامية‪ ،‬وقد تم بناء الجامع الأزهر سنة ‪٣٦١‬ه‏ على يد جوهر‬ ‫الصقلي الذي سيطر على مصر لصالح المعز لدين الله الفاطمي وقد انتقل‬ ‫المعز الفاطمي من شمال إفريقيا وبالتحديد من القيروان أو من المنصورية‬ ‫المجاورة للقيروان إلى مصر سنة ‪٣٦٢‬ه‏ وعلى عهد ابنه تميم العزيز باله‬ ‫الفاطمي انتظمت الدراسة بالجامع الأزهر سنة ‪٣٧٨‬ه‏ بإشارة ورأي من‬ ‫الوزير يعقوب بن كلسح‪ ،‬ومنذ ذلك التاريخ أصبح الجامع الأزهر جامعة‬ ‫إسلامية لجميع المسلمين تدرس فيه المذاهب الإسلامية‪ ،‬فقد استقطب له‬ ‫الخليفة الفاطمي العزيز بالله خمسة وثلاثين عالمأ‪ ،‬وبنى لهم خمسا‬ ‫وثلاثين دارا بجوار الجامع‪.‬‬ ‫وفي رأيي أنه ليس صحيحا أن الخليفة الفاطمي العزيز بالله قصر‬ ‫الدراسة في الأزهر الجامع والجامعة على المذهب الشيعي الإسماعيلي‬ ‫هذه المحاضرة ألقيت في ندوة العلماء المممانيون والأازهريون‪ ،‬بتاريخ ‪٠١٣/٤١٤‬م‏ وكانت‬ ‫(٭)‬ ‫غير مكتوبة فالزيادة والنقصان واردان‪.‬‬ ‫مُدنَ في الذاكرة الثمانية‬ ‫‏‪٤٢‬‬ ‫ا‬ ‫فقط وذلك لأن مصر سنية المذاهب وليس من المعقول دراية ولا من‬ ‫المقبول رواية أن يحول الفاطميون ججمبع المصريين عن سنيتهم‪ ،‬ثم لما‬ ‫جاء بعدهم صلاح الدين الأيوبي حولهم عن تشيعهم إلى سنة‪.‬‬ ‫ولكن ربما حصل شيع من التأثر بمذهب الدولة أو مذهب الحاكم‬ ‫كما هو الشأن في ذلك في كل التحولات السياسية التي حدثت في بلاد‬ ‫العالم الإسلامي ليكون مذهب الدولة أو مذهب الحاكم هو الغالب أو‬ ‫المغلب على غيره منالمذاهب الأخرى‘ ولكن ليس بالضرورة أن يحدث‬ ‫إلغاء المذاهب الأخرى الموجودة‪.‬‬ ‫وفي رأيي أن هذا هو الذي كان في مصر وفي الآزهر على عهد‬ ‫الفاطميين الشيعة الإسماعيليين أو على عهد الأيوبيين الستة‪.‬‬ ‫وعلى كل حال فإنه كان للمذهب الإباضي وجود عند إنشاء‬ ‫الأزهر كمدرسة أو كجامعة ذلك الوجود كان متمثلا في شخص‬ ‫عالم كبير بل إمام من أئمة العلم ألا وهو الإمام العلامة أبو خزر‬ ‫يغلا بن زلتاف الوسياني‪.‬‬ ‫والإمام أبو خزر الوسياني من الحامة من الجنوب التونسي وقد قام‬ ‫بثورة هو وزميله الشيخ العالم أبو نوح سعيد بن زنغيل ضد المعز‬ ‫الفاطمي غير أن تلك الثورة فشلت‘ وبعد مفاوضات ووساطات عفى‬ ‫المعز الفاطمي عن الشيخين وقرتهما وأكرمهما‪.‬‬ ‫وعندما عزم على الانتقال من تونس إلى القاهرة أراد أن يصطحبهما‬ ‫معه إلى القاهرة‪.‬‬ ‫‏‪٤٢‬‬ ‫مراكز الإشماع الحضاري‬ ‫‪-‬‬ ‫‪.‬لتتككا ‪-‬‬ ‫َ‬ ‫لكن أبا نوح اعتذر عن المسير والانتقال لظروف صحية‪ .‬أما‬ ‫أبو خزر فوافق على المسير والانتقال إلى مصر وعندما استقر به المقام‬ ‫بالقاهرة تذكر مشتاقاً أقاربه وأصحابه ومحبيه وقال شعرا عبر فيه عن‬ ‫لوعة الفراق للوطن والإخوان‪ ،‬حيث قال‪:‬‬ ‫عليكم سلام الله إني مسافر‬ ‫ولم أدر بعد السفر هل أنا راجع‬ ‫عليكم سلام الله في كل ساعة‬ ‫سلام كثير دائم متتابع‬ ‫وإني إذا ما هجت ليلا بذكركم‬ ‫أبيت حزينا والنجوم طوالع‬ ‫أحب لقا الإخوان في كل ساعة‬ ‫فإن لقا الإخوان فيه منافع‬ ‫فيارب فاجمع بيننا في سلامة‬ ‫فانك للخلق المشتت جامع‬ ‫وإلا فصترني على طول غربتي‬ ‫فأنت لمن يدعوك يا رب سامع‬ ‫أجب دعوتي يا ذا الجلال فإنني‬ ‫دعوتك مضطرا إليك وطامع‬ ‫وانتقل أبو خزر بصحبة المعز الفاطمي إلى القاهرة واستقر بها معززا‬ ‫مكرما من قبل الخليفة الفاطمي‪.‬‬ ‫مُدنَ في الذاكرة الغمانية‬ ‫‏‪٤٤‬‬ ‫=‬ ‫واستطاع بعلمه وجرأته وقوة حجته أن يتحدى حاسديه في بلاط‬ ‫الخليفة‪ ،‬وقد تحدثت المصادر الإباضية‪ ،‬أن المعز خرج يوما ماء‬ ‫ومز بموكبه على رزع فشقه نصفين أثناء مروره‪ ،‬أما أبو خزر فقد‬ ‫استدار في طريقه الآمر الذي جعل حاسديه يستغلون ذلك ضده عند‬ ‫الخليفة قائلين له أن أبا خزر خالفك في الطريق ولم يتبعك‪ ،‬وما‬ ‫ذلك لأجل مخالفتك‪.‬‬ ‫هنالك عاتب الخليفة أبا خزر في تصرفه ذلكؤ قائلا له لماذا أخترت‬ ‫طريقا غير طريقنا‪ ،‬فأجابه أبو خزر بقوة حجة وسرعة بديهة قائلا له أن‬ ‫هناك حديثاً نبوياً شريفا يقول إن الزرع لا يدخله إلا ثلاثة‪ :‬هم ساقيه أ‬ ‫ناقيه أو واقيه‪ ،‬وأنا لست أحد هؤلاء الثلاثة أما أنت أيها الخليفة فواقيه‪.‬‬ ‫هنالك أعجب الخليفة برده‪.‬‬ ‫وعلى عهد الخليفة العزيز بالله ابن المعز الفاطمي أهمل الشيخ أول‬ ‫الأمر‪ ،‬لكنه عاد إليه فعرف له مكانه ومكانته‪ ،‬فأكرمه وأجله‪ ،‬وتحدثنا‬ ‫المصادر الإباضية مرة أخرى عن ذلك الإقبال والتكريم قائلة‪ :‬أنه قدم عالم‬ ‫معتزلي فأخذ يناظر العلماء في مصر وكان لا يناظر عالما إلا أفحمه فضاق‬ ‫الخليفة به ذرعا‪ ،‬حتى أشير إليه بوجود أبي خزر صاحب أبيه‪ ،‬فاستدعا‬ ‫لمناظرة المعتزلي‪ ،‬فتناظرا أبو خزر والمعتزلي وكانت الحجة والغلبة لأبي‬ ‫خزرك الأمر الذي جعل العزيز بالله يقبل على أبي خزر ويكرمه كأبيه‪.‬‬ ‫وعندما ابتدأت الدراسة في الجامع الآزهر سنة ‪٣٧٨‬ه‏ ورأى‬ ‫أبو خزر التعليم في تلك المدرسة أو الجامعة الجديدة الفتية تمنى‬ ‫‏‪٤0‬‬ ‫مراكز الإشعاع الحضاري‬ ‫_‬ ‫طالباً من أهل الدعوة (الإباضية) يأتون‬ ‫قائلا‪« :‬دوددت لو أن عشرين‬ ‫للدراسة هنا‪ ،‬وأتحمل النفقة عليهم من مالي»‪.‬‬ ‫ولعلها تحققت أمنيته بذلك‘ بمجىء بعض الطلبة الإباضية إلى القاهرة‪.‬‬ ‫والظاهر أنه كان هنالك وجود إباضي سواء للدراسة في الجامع الأزهر‬ ‫أو الإقامة بمصر على عهد الدولة الفاطمية‪.‬‬ ‫ويدل على ذلك أن صلاح الدين الأيوبي الذي أطاح بالدولة الفاطمية‬ ‫وأنهاها راعى الإباضية الموجودين بمصرا كما يقول الشيخ الأستاذ‬ ‫الدكتور حسن الشافعي مستشار شيخ الأزهر ورئيس مجمع اللغة العربية‬ ‫بمصر (مجمع الخالدين) في محاضرة له ألقاها في نادي الصحافة بمسقط‬ ‫سنة ‪١٧٩٩٤‬م‪.‬‏‬ ‫الإباضي لا سيما من إباضية شمال افريقيا أو‬ ‫واستمر الوجود‬ ‫لهم مركزا‬ ‫وأقاموا‬ ‫الأزهر‬ ‫وفي‬ ‫مصر‬ ‫في‬ ‫الإسلامي۔‬ ‫العربي‬ ‫المغرب‬ ‫علميا يسمى وكالة البحار أو وكالة الجاموس بالحى الطولونى بالقاهرة‬ ‫به مدرسة ومكتبة وقد نقلوا إلى‬ ‫وانشأوا‬ ‫ابن طولون ‪.‬‬ ‫مسجد‬ ‫بجوار‬ ‫الإباضية‪.‬‬ ‫انلمخطوطات‬ ‫المكتبة عدداً كبيرا م‬ ‫وقد درس بعضهم في الأزهر ودرس فيه فيما بعد كالمحشي أبي‬ ‫الذي قضى نى القاهرة‬ ‫‪١٠٨٧‬ه)‏‬ ‫(ت‬ ‫أبى ستة‬ ‫بن‬ ‫عمر‬ ‫بن‬ ‫عبل الله محمد‬ ‫يطلق عليه البدر‪ ،‬وكان‬ ‫وكان‬ ‫عاماً دارساً ومدرساً با لأزهر‬ ‫ثمانية وعشرين‬ ‫بعده عمرو بن رمضان التلاتى (ت ‪١١٨٧‬ه)‏ الذي هو الآخر عاش دارسا‬ ‫مُدن فى الذاكرة المانية‬ ‫‏‪٤٦‬‬ ‫‪-‬‬ ‫س‬ ‫ومدرسا في الأزهر وكان ينقل عنه البناني في حاشيته على السعد‬ ‫وعندما ينتهي من النقل عنه يقول‪ :‬انتهى‪ ،‬جربي‪.‬‬ ‫وعندما أممت الأوقاف في مصر على عهد الرئيس جمال‬ ‫عبد الناصر سنة ‪١٩٦٢‬م‪،‬‏ نال ذلك التأميم أوقاف الإباضية ومن بينها‬ ‫وكالة الجاموس التي تحولت مكتبتها إلى دار الكتب المصرية‪ ،‬حيث‬ ‫أن معظم المخطوطات الإباضية الموجودة بالدار حاليا هي محتويات‬ ‫وكالة الجاموس ومن أهمها مدونة أبي غانم الخراساني التي أحضر‬ ‫صورة منها الشيخ الجليل يحيى بن عبد الله النبهاني‪ ،‬وقام بتحقيقها هو‬ ‫والأستاذ إبراهيم العساكر‪ ،‬وهي النسخة العمروسية‪ ،‬أي التي نسخها‬ ‫علامة المغرب أبو ساكن عمروس بن فتح المساكني بمساعدة أخته‬ ‫الفاضلة العالمة له عند نسخها‪.‬‬ ‫وذلك أن أبا غانم الخراساني عندما توجه إلى تيهرت بالجزائر عاصمة‬ ‫الإمامة الرستمية‪ ،‬م على جبل نفوسة بليبيا‪ ،‬واستودع عمروساً نسخة من‬ ‫كتابه المدونة وعندما عاد من بعض الزيارات أو عاد من تيهرت وجد أن‬ ‫عمروساً نسخ المدونة‪ ،‬وقد عرف ذلك من بعض آثار الحبر على النسخة‬ ‫الأصلية وقال لعمروس‪ :‬أسرقتني؟‪ ،‬فأجابه عمروس‪ :‬لا باس سمني‬ ‫سارق العلم‪.‬‬ ‫ونسخة دار الكتب المصرية التي ذكرناها هي المدونة الأصلية الخالية‬ ‫من الإضافات والحواشي والتعليقات‪ ،‬فهي التي يجب اعتمادها مرجعاً‬ ‫فقهياً إباضياً‪.‬‬ ‫‏‪٤٧‬‬ ‫مراكز الإشماع الحضاري‬ ‫التا ۔۔ _‬ ‫وقد رواها أبو غانم عن تسعة من تلاميذ الإمام أبي عبيدة مسلم بن‬ ‫أبي كريمة وأضاف إليهم محبوب بن الرحيل عن الإمام الربيع بن‬ ‫حبيب الفراهيدي‪.‬‬ ‫لذلك‪ :‬أقترح أن تتضمن توصيات الندوة‪ ،‬توصية بأن يقوم الأزهر‬ ‫الشريف عبر قطاعاته بتوثيق الوجود الإباضي بمصر والأزهر‪ ،‬بالتعاون مع‬ ‫جامعة السلطان قابوس ومكتب المفتي العام للسلطنة بوزارة الأرناف‬ ‫والشؤون الدينية على استعداد للتعاون في هذا الأمر الجميل والجليل‪.‬‬ ‫والفضل أولا لله تعالى ثم لحضرة صاحب الجلالة السلطان‬ ‫قابرس بن سعيد المعظم حفظه الله ورعاه‪ ،‬ولولا توجيهاته السديدة لما‬ ‫قامت هذه الندوة وغيرها من الندوات المباركة القيمة‪.‬‬ ‫ه ثا نياً ‪ :‬نزوى‪:‬‬ ‫نزوى مدينة عمانية عريقة تقع في عمق عمان‪ ،‬حيث يطلق على‬ ‫المنطقة أو الإقليم الذي تقع به «الجوف» أي جوف عمان‪ ،‬وهي على‬ ‫السفح الجنوبي للجبل الأخضر الأشم وكانت عاصمة للدولة‬ ‫المانية منذ آواخر القرن الثاني الهجري أي على بداية دولة الإمامة‬ ‫كعب الخروصى‬ ‫منذ عهد الإمام الوارث بن‬ ‫وبالتحديد‬ ‫الثانية‬ ‫(‪_). _ ١٧٩‬ه‪‎٢٩١‬‬ ‫وأطلق عليها اسم بيضة الإسلام لكثرة من كانوا بها من العلماء الأجلاء‬ ‫الكرام‪ ،‬حيث انتقل إليها عدد كبير من العلماء لكونها عاصمة الدولة‪.‬‬ ‫مُدن في الذاكرة المانية‬ ‫‏‪٤٨‬‬ ‫بيد أن المرجعية العلمية كانت في إزكي في القرنين الثاني والثالث‬ ‫للهجرة‪ .‬وذلك أن النهضة العلمية في عمان ارتبطت بمجيئ حملة العلم‬ ‫من البصرة إلى عمان في النصف الثاني من القرن الثاني الهجري‪ ،‬وكان‬ ‫على رأسهم وفي مقدمتهم العلامة موسى بن أبي جابر الضي السامي‬ ‫الأزكوي‪ ،‬وقد أحدث حملة العلم أولئك في عمان نقلة علمية كبيرة‪.‬‬ ‫وتمكنوا بفضل الله تعالى من إعادة دولة الإمامة والاستقلال بعمان عن‬ ‫تبعيتها للدولة العباسية‪.‬‬ ‫وبعد موسى بن أبي جابر صار في القيادة العلمية علي بن عزرة الضبي‬ ‫السامي ثم أولاده موسى ومحمد والأزهر‪ ،‬ثم أولادهم مثل موسى بن‬ ‫موسى وعمر بن محمد ثم كذلك الفضل بن الحواري السامي‬ ‫وأبو جابر محمد بن جعفر وكلهم من بني ضبة من سامة بن لؤي القرشي‪.‬‬ ‫وليس معنى ذلك أن العلماء انحصروا في مدينة إزكي فقط" بل أن‬ ‫هناك علماء في العديد من البلدان المانية ولكن الذين كانوا يمثلون‬ ‫المرجعية العلمية والدينية كانوا في إزكي‪ ،‬حتى آخر القرن الثالث الهجري‪.‬‬ ‫والظاهر أنه في القرن الرابع الهجري انتقلت تلك المرجعية إلى‬ ‫مدينة نزوى حيث ظهر منها وفيها علماء كبار مثلوا المرجعية العلمية‬ ‫والدينية لعمان ولا يعنى هذا أن نزوى قبل هذه الفترة ما كان يوجد بها‬ ‫علماء‪ ،‬وإنما اعني وجود العلماء الذين يمثلون المرجعية العلمية والدينية‬ ‫فإنهم ظهروا في نزو ى بدءا من القرن الرابع الهجري‪ ،‬الأمر الذي جعلها‬ ‫تشترك زمانا مع ظهور الأزهر كمدرسة أو جامعة إسلامية‪ ،‬وإن كان‬ ‫‏‪٤٩‬‬ ‫مراكز الإشعاع الحضاري‬ ‫س __‬ ‫الأزهر متأخرا نسبيا في الزمان‪ ،‬غير أنهما كانا في نفس القرن أي القرن‬ ‫الرابع الهجري‪.‬‬ ‫حيث أن في هذه الفترة‪ ،‬وبالتحديد في بداية القرن الرابع‬ ‫الهجري ولعله منذ أواخر القرن الثالث الهجري ظهر في نزوى‬ ‫القري‪،‬‬ ‫محمد بن الحواري‬ ‫الكبار كأبي الحواري‬ ‫أولتكم العلماء‬ ‫بن ‏‪ ١‬لحسن ‘‬ ‫محمد‬ ‫بني ‏‪ ١‬لمعمر ئ وأبي ‏‪ ١‬لحسن‬ ‫جد‬ ‫ونبها ن بن عثمان‬ ‫بن سعيد‬ ‫محمد‬ ‫وأبي سعيد‬ ‫عربي الكند ي‬ ‫بن‬ ‫روح‬ ‫بن‬ ‫ومحمد‬ ‫الناعبي الكدمي وغيرهم‪.‬‬ ‫كما ظهرت بنزوى الأسر العلمية‪ ،‬وهي الأسر التي تعاقب عدد‬ ‫من أفرادها على القيادة العلمية‪ ،‬ومن تلك الأسر وأشهرها‪:‬‬ ‫‪ -‬أسرة قبيلة الكنود التي ظهر منها العلماء التالية أسماؤهم‪.‬‬ ‫‪٥٠٨‬ه_)‏‬ ‫(ت‬ ‫بن إبراهيم الكندي‬ ‫ه محمد‬ ‫ه محمد بن موسى الكندي (تاريخ وفاته غير معروف) وهو ابن عم الأول‪.‬‬ ‫ه أبو بكر أحمد بن عبد الله الكندي (ت ‪٥٥٧‬ه)‏ وهو أبن أخي الثاني‪.‬‬ ‫بن صالح وذراريه وهم من قبيلة‬ ‫أسرة محمد‬ ‫أيضاً بنزوى‬ ‫وقد ظهرت‬ ‫بني قرة من عبد القيس وقد تعاقب على المناصب العلمية منها عشرة‬ ‫علماء عبر مسافة زمنية امتدت قرنين وربع القرن وهم‪:‬‬ ‫ه محمد بن صالح القري (ت ‪٥٣٦‬ه_)‏‬ ‫مُدن في الذاكرة المانية‬ ‫‪٥‬‬ ‫‪٠‬‬ ‫قات‪‎‬‬ ‫ه أحمد بن محمد بن صالح (ت ‪٥٤٦‬ه)‏‬ ‫ه سعيد بن أحمد بن محمد بن صالح (ت ‪٥٧٨‬ه)‏‬ ‫ه عبدالسلام بن سعيد (ت ‪٦٢٢‬ه)‏‬ ‫ه سعيد بن احمد بن محمد بن أحمد (ت ‪٦٣٢‬ه)‏‬ ‫ه أبو الحسن بن سعيد بن أحمد (ت ‪٦٣٤‬ه)‏‬ ‫ه أحمد بن أبي الحسن بن سعيد (ت ‪٦٨١‬ه)‏‬ ‫ه أبو الحسن بن أحمد بن أبي الحسن (ت ‪٧١٥‬ه)‏‬ ‫ه أبو القاسم بن أبي الحسن (ت ‪٧٤٠‬ه)‏‬ ‫ه أبو سعيد بن أحمد بن أبي الحسن (‪٧٦١‬ه)‏‬ ‫وبعد ذلك ظهرت بنزوى أسرة آل مداد وجدهم الأول هو مداد بن‬ ‫فضالة بن سند الناعبي© والنعب قبيلة من قضاعة‪.‬‬ ‫وظهر منهم عدد من العلماء البارزين امتدوا عبر مسافة زمنية‪ ،‬مساحتها‬ ‫حوالي أربعة قرون‪ ،‬منذ منتصف القرن التاسع الهجري وحتى منتصف‬ ‫القرن الثاني عشر الهجري‪.‬‬ ‫كما ظهرت في نزوى الموسوعات أو المطولات الفقهية مثل‪:‬‬ ‫ه كتاب بيان الشرع تأليف محمد بن إبراهيم الكندي ‏(‪ )٧٢‬جزءا‪.‬‬ ‫(‪ )٥١‬جزءا‪. ‎‬‬ ‫الكندي‪‎‬‬ ‫بن موسى‬ ‫تأليف محمدل‬ ‫الكفاية‬ ‫‪ ٠‬كتاب‬ ‫__‬ ‫‏‪0١‬‬ ‫الحضاري ‪:‬‬ ‫مراكز الإشعاع‬ ‫‏(‪ )٤٢‬جزءا‪.‬‬ ‫أحمد بن عبد الله الكندي‬ ‫المصنف تألف‬ ‫‏‪ ٥‬كتاب‬ ‫ه كتاب التاج‪ .‬تأليف عثمان الأصم ‏(‪ )٥١‬جزءا‪.‬‬ ‫وقد عمرت المساجد في نزوى بحلقات العلم‪٨‬‏ مثل جامع سمدا‬ ‫وجامع العقر (جامع السلطان قابوس حاليا) وجامع سعال ومسجد الشواذنة‬ ‫بحلة العقر‪ ،‬ومسجد بشير ومسجد بن روح ومسجد مود ومسجد خراسين‬ ‫وغيرها من المساجد التي كانت عامرة بحلقات العلم" والتي كان العلماء‬ ‫في نزوى يلقون فيها دروسهم‪ ،‬ويشرحون فيها كتب العلم لطلابهم‪ ،‬ونحن‬ ‫نأمل ونرجو أن تعود تلك الحلقات العلمية في مساجد نزوى وغيرها‪ ،‬ولو‬ ‫في الفترة المسائية كالفترة التي تكون بين صلاتي المغرب والعشاء مثلاأ‬ ‫لأن تلك الحلقات هي التي رسخت العلم‪ ،‬وكرست المعلومات في الذين‬ ‫التحقوا بها حتى خرجوا منها علماء أجلاء فضلاء عاملين‪ .‬وسوف ترسخ‬ ‫العلم والمعلومات إن شاء الله في الذين يلتحقون بها حال إقامتها‪.‬‬ ‫وعلى العموم فإن كلا من الأزهر الشريف©‪ ،‬ومدينة نزوى المباركة‬ ‫الميمونة شكل كل واحد منهما مركز إشعاع علمي أنار دروب‬ ‫الجهل للسالكينك فأبصروا بنور العلم المسالك وتجنبوا بنوره‬ ‫وسره وبركته المهالك‪.‬‬ ‫والله ولي التوفيق‪ ،‬وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله‬ ‫وصحبه وسلم‪.‬‬ ‫وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين‪.‬‬ ‫سقطرى في الذاكرة المانية‬ ‫‏‪٢‬‬ ‫سقطرى قي الذاكرة المانية"‬ ‫بسم الله الرحمن الرحيم‬ ‫المقتدمذ‪:‬‬ ‫الله‪.‬‬ ‫رسول‬ ‫على سيدنا‬ ‫والسلام‬ ‫والصلاة‬ ‫الحمد لله‬ ‫تقع جزيرة سقطرى في بحر العرب جنوب المهرة من أرض اليمن‪.‬‬ ‫وهو شيء سائل‪ ،‬لذلك‬ ‫العنبر ودم ‏‪ ١‬للأخوين‬ ‫وتشتهر بالصبر وسقوط‬ ‫يقال له الصبر القاطر‪ ،‬ولأهمية جزيرة سقطرى ومنتجها المذكور أشار‬ ‫الفيلسوف اليوناني أرسطاطاليس على الاسكندر المقدوني باحتلالها وهو‬ ‫استولى عليها وأسكن بها مجموعة من‬ ‫‏‪ ١‬لأمر الذي قا م به الاسكندر فقد‬ ‫اليونانيين الذين اعتنقوا الديانة النصرانية فيما بعد‪.‬‬ ‫إليهاا لقبائل العربية من مهرة وغيرها فسكنتها‬ ‫ثم زحفت‬ ‫وغلبت عليها‪.‬‬ ‫(‬ ‫) بحث مقدم إلى المؤتمر الدولي الخامس (علاقات عمان بدول القرن الإفريقي) في‬ ‫الفترة‪ :‬‏‪ ٨٦‬ديسمير ‪٢٠١٦‬م؛‏ في جمهورية القمر المتحدة‪.‬‬ ‫مُدن فى الذاكرة العمانية‬ ‫‏‪٥٤‬‬ ‫‪:‬‬ ‫حس‬ ‫وبما أن عمان ما قبل الإسلام وما بعده كانت تتمدد على‬ ‫مساحة واسعة من الأرض تبدأ جنوبا من جزيرة سقطرى وشمالا‬ ‫إلى أرض اليمامة‪.‬‬ ‫الجغرافية‬ ‫المساحة‬ ‫ضمن‬ ‫واقعة‬ ‫فمن هنالك كانت سقطرى‬ ‫الثمانية آنذاك‪.‬‬ ‫ولعل السؤال الذي يدور لدى محرك البحث في الإنسان أنه متى‬ ‫كانت بداية تبعية الجزيرة لعمان؟‪.‬‬ ‫في رأيي‪ :‬إن ذلك كان قد تزامن مع حكم آل الجلندى‪ ،‬ولعله كان إتان‬ ‫حكم الجلندى بن المستكبر لأنه هو الذي أنشأ الأسطول البحري الماني‬ ‫في عهد ما قبل الإسلام‪ ،‬ونتيجة لذلك فإنه ربما وشع من نفوذه البحري‬ ‫فاستولى عليها‪.‬‬ ‫ولذلك عندما وصل الإسلام إلى عمان‘ ودخل أهلها فيه وفي‬ ‫مقدمتهم وعلى رأسهم الملك جيفر بن الجلندى وأخوه عبد‪ ،‬أخذ جيفر‬ ‫يبعث رسله إلى كل أنحاء عمان يخبرهم بالإسلام ويأمرهم بالدخول فيما‬ ‫دخل فيه‪ ،‬ولا شك أن مهرة وسقطرى شملتهما تلك الدعوة‪.‬‬ ‫واستمراراً على ذلك فإن الإمام الجلندى بن مسعود الذي هو أول إمام‬ ‫بعمان‪ ،‬قام بأخذ الجزية من نصارى سقطرى‪.‬‬ ‫إلى أن حدث ما حدث من بعض النصارى فيها من انقلاب على‬ ‫والي الإمام الصلت بن مالك الخروصي في القرن الثالث الهمجرى‪،‬‬ ‫‏‪٥٥‬‬ ‫سقطرى فى الذاكرة المانية‬ ‫لااا _‬ ‫‪.‬‬ ‫التاسع الميلادي وقتل الوالي وعدد من أصحابه الغمانيين‪ ،‬الأمر الذي‬ ‫حمل الإمام على تجهيز أسطول مكون من أكثر من مائة سفينة على‬ ‫وجه السرعة فتمكن من استعادة السيطرة عليها وإخضاعها للدولة‬ ‫المانية من جديد‪.‬‬ ‫المكان‬ ‫‏‪ ٠‬سقطرى‪:‬‬ ‫تقع سقطرى وهي جزيرة في بحر العرب حيث تقابل إقليم المهرة‬ ‫‏(‪)٣٨٠‬‬ ‫المهرة بمسافة‬ ‫تبعد عن إقليم‬ ‫الجنوبية ‪ .‬فهي‬ ‫من الجهة‬ ‫كيلومتراث واقعة شمال خط الإستواء وتقع على مسافة جغرافية طولها‬ ‫‏(‪ )١٣٥‬كيلومترا وعرضها ‏(‪ )٤٢‬كيلومترا‪ ،‬فاجمالي مساحتها ‏(‪)٣٦٥.‬‬ ‫كيلومترا مربعا(‪.‬‬ ‫وحدت المصادر القديمة مساحتها بأنها ‏(‪ )٣٠٠‬فرسخ طول"'‪.‬‬ ‫كما أنها تكتب وتنطق‬ ‫وتكتب وتنطق «سقطرى» با لألف المقصورة‬ ‫بالألف الممدودة «سقطراء»"'‪.‬‬ ‫وينطقها أهلها «سقطرى» بإمالة الراء إلى الياء("‪.‬‬ ‫ولها العديد من أشكال الكتابة والنطق لكن أشهرها ما ذكرناه آنفا‪.‬‬ ‫‏‪.٦٢٢‬‬ ‫الأنبالي‪ ،‬أحمد بن سعيد تاريخ جزيرة سقطرى‘‪ ،‬ص‬ ‫‏(‪(١‬‬ ‫‏‪ ٦٦٨‬تحقيق إحسان النص‪.‬‬ ‫الأنساب ج ‏‪ ٨١‬ص‬ ‫‏)‪ (٢‬العوتبي© سلمة بن مسلم‬ ‫‏(‪ )٣‬الحموي ياقوت© معجم البلدان حرف السين‪.‬‬ ‫‏(‪ )٤‬الأنبالي‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬ص ‏‪.١٧‬‬ ‫مُدن فى الذاكرة المانية‬ ‫‏‪٥٦‬‬ ‫ِ‬ ‫‪-_-‬‬ ‫ولعل التسمية تعني‪ ،‬سوق القطر أو سوق القاطر‪ ،‬والقاطر هو‬ ‫الذي تشتهر الجزيرة بانتاجه بكميات كبيرة ولا يوجد‬ ‫«دم الأخوين»‬ ‫في غيرها("‪.‬‬ ‫ه سقطرى‪ :‬السكان‬ ‫لم يعرف بالتحديد والضبط من من الأمم سكنت جزيرة سقطرى في أول‬ ‫الأزمان‪ ،‬وقبل مجيء الإسكندر المقدوني باليونان‪.‬‬ ‫بيد أنه بالنظر إلى قربها إلى بز العرب‪ ،‬ومجاورتها لجزيرة العرب‪،‬‬ ‫فلا يبعد أن يكون العرب من قوم عاد هم أول من استوطنها وهم العرب‬ ‫البائدة‪.‬‬ ‫ولعل الهنود جاؤا إليها بعد العرب فساكنوهم فيها"'‪.‬‬ ‫والظاهر أنهم هم الذين سماهم العوتبي «البياسرة» حيث قال‪ :‬وكان‬ ‫ساكنها البياسرةء("'لأن البياسرة أصلهم من الهند‪.‬‬ ‫وبعد أن استولى عليها القائد اليوناني الإسكندر المقدوني‪ ،‬بعد استيلائه‬ ‫على الهند وقتل ملكها «قور» نقل إليها قوما من اليونانيين من مدينة «اسطاغرا»‬ ‫بنا على أمر معلمه وأستاذه الفيلسوف أرطاطاليس‪ ،‬وذلك لأجل وجود شجرة‬ ‫الصبر بها‪ ،‬وقام اليونانيون بطرد الهنود‪ ،‬فخرج الهنود ناقلين صنمهم من‬ ‫سقطرى إلى الهند‪.‬‬ ‫ن م‪ .‬نؤ ص‪.‬‬ ‫‏)‪ (١‬الحموي‬ ‫‏(‪ )٢‬الآنبالي‪ ،‬المصدر السابق‪ ،‬ص ‏‪.٥٦‬‬ ‫‏‪.٢٦٢٨‬‬ ‫‏)‪ (٣‬العوتبي© المصدر السابق‪ .‬ص‬ ‫‏‪0٧‬‬ ‫سقطرى في الذاكرة المانية‬ ‫والظاهر أن ذلك كان بعد موت الإسكندر مسموما‪.‬‬ ‫وبعد ظهور النبي عيسى تلتها ‪ ،‬وانتشار الديانة النصرانية‪ ،‬اعتنق يونانيو‬ ‫سقطرى الديانة النصرانية فأصبحوا نصارى‪.‬‬ ‫ولعل أولئك اليونانيين هم الذين أطلق عليهم العوتبي الروم وأن‬ ‫كسرى هو الذي طرحهم بها قائلا‪ :‬وذلك أنهم يذكرون أن قوماً من بلد‬ ‫الروم طرحهم كسرى بها فعمروها حتى عبرت إليهم مهرة‪ ،‬فغلبت عليهم‬ ‫الجزيرة"‪.‬‬ ‫وعلى‬ ‫على دين‬ ‫رهبان‬ ‫سوى‬ ‫أولئك الروم‬ ‫من‬ ‫وقيل إنه لم يبق‬ ‫النصرانية("'‪.‬‬ ‫ويشير العوتبي إلى أن عرب المهرة من قبيلة القمر اعتنقوا الديانة‬ ‫النصرانية لأن أولاد الروم دخلوا فيهم"‪.‬‬ ‫ولعل الروم الذين طرحهم كسرى كانوا بعد تغلبه أي تغلب الفرس‬ ‫على الروم ‪ -‬وذلك بعد مجيء اليونانيين‪.‬‬ ‫واللغة السقطرية متفرعة عن اللغة العربية الجنوبية (القديمة) التى‬ ‫هي كانت لغة حمير غير أنها ليس لها خط تكتب به‪ ،‬والظاهر نها‬ ‫ص ‏ ‪ ٥١‬عالم الكتب‪ ،‬بيروت والحموي‪ ،‬معجم‬ ‫‏(‪ )١‬الشريف الادريسي نزهة المشتاق‪ ،‬جا‬ ‫البلدان‪ ،‬حرف السين۔ والأنباليؤ تاريخ جزيرة سقطرى‪.‬‬ ‫(‪ )٢‬الأنساب ج‪ ،١ ‎‬ص‪.٢٦٨ ‎‬‬ ‫‏(‪ )٣‬ن‪ .‬م‪ .‬ن‪8‬ث ص‪.‬‬ ‫‏(‪ )٤‬نك م‪ .‬ن‪ ،‬ص‪.‬‬ ‫مُدن فى الذاكرة المُمانية‬ ‫‏‪٥٨‬‬ ‫‪:‬‬ ‫_‬ ‫كانت تكتب بخط المسند وحروفه‪ ،‬وهو الخط الذي كان تكتب به لغة‬ ‫حمير وقد أصبحت اللغة السقطرية تكتب بحروف اللغة العربية‬ ‫الفصحى لغة مضر© التي هي لغة قريش‪ ،‬وهي التي نزل بها القرآن‬ ‫الكريم ونظم بها شعراء الجاهلية شعرهم ومعلقاتهم فطغت على لغة‬ ‫الجنوب وغطت عليها‪.‬‬ ‫على أن اللغة السقطرية تلتقي مع اللغة المهرية والجتالية الظفارية('‪.‬‬ ‫ويرى الآنبالي‪ :‬أن اللغة السقطرية تلتقي مع العربية الفصحى‬ ‫بالإشتقاق‪ ،‬وقد أورد كلمات كثيرة من اللغتين العربية والسقطرية كأمثلة‬ ‫على ذلك‪ ،‬حيث قال‪ :‬كثيرة هي تلك الكلمات السقطرية التي تشتق من‬ ‫اللغة العربية الفصيحة ولكن يبقى النطق السقطري المتوارث منذ الحضارة‬ ‫العربية الجنوبية القديمة حائل بينها وبين فهم تلك الكلمات‘ وإن كان‬ ‫أصلها عربيا فصيحا إلا أن اللهجة السقطرية أثرت فيها تأثيرا كبيراء‬ ‫ونسجت عليها من لحنها العجيب"‪.‬‬ ‫الإنتاج‬ ‫‏‪ ٠‬سقطرى‪:‬‬ ‫جزيرة‬ ‫بقوله ‪ :‬هي‬ ‫سقطرى‬ ‫جزيرة‬ ‫‏‪ ١‬لإدريسي‬ ‫الشريف‬ ‫وصف‬ ‫واسعة القطر جليلة القدر بهية الأرضڵ نامية الشجر وأكثر نباتها‬ ‫شجر الصبر ولا صبر يقوق صبرها في الطيب”"' ‪.‬‬ ‫‏(‪ )١‬الأنبالي‪ ،‬تاريخ جزيرة سقطرى‪ ،‬ص‪.٢٢٦‬‏‬ ‫‪.٢٤٥‬‬ ‫المصدر تفسهء{ ص‪‎‬‬ ‫(‪)٢‬‬ ‫‪.٥١‬‬ ‫‪ ١‬ص‪‎‬‬ ‫)‪ (٣‬نزهة المشتاق ج‪‎‬‬ ‫‏‪٥٩‬‬ ‫سقطرى فى الذاكرة المانية‬ ‫‪:‬‬ ‫‪.‬‬ ‫ت‬ ‫ثراها واعتدال‬ ‫بجمالها ْ وفي طيب‬ ‫‏‪ ١‬اسكندر‬ ‫أعجب‬ ‫وقد‬ ‫مناخها" ولذلك فإن جزيرة سقطرى بها الكثير من المنتوجات البرية‬ ‫والبحرية والحيوانية والمزروعات‪ ،‬فهي بها نخل كثير وبها العنبر والصبر‬ ‫ودم الأخوين{"'۔ ومن المناسب أن نبين وصفا وشرحاً لهذه المنتوجات‪:‬‬ ‫‏‪ ١‬النخل‪ :‬وهو نخل التمر والظاهر أن منتوج الجزيرة من التمر جيد‪.‬‬ ‫‏‪ - ٢‬الصبر‪ :‬وهو بفتح الصاد وكسر الباء‪ ،‬ولعل الناس ينطقونه‬ ‫وهو فائق الجودة «ولا صبر يفوق‬ ‫الباء ‏‪ ٠‬والصحيح بكسرها‬ ‫بسكون‬ ‫الصبر‬ ‫شجرة‬ ‫بحفظ‬ ‫أرطاطاليس الاسكندر‬ ‫أوصى‬ ‫وقد‬ ‫صبرها»"'۔‬ ‫وحياطتها لما في ذلك من جمل المنافع الطيبة ولأنه في ذاته دواء‬ ‫جليل كثير المنافع"‪.‬‬ ‫وهو عصارة شجر مر وأفضله السفري الصافي‪ ،‬يسهل الصفراء والبلغم‬ ‫وينقي جميع البدن‪ ،‬وخصوصا علل المعدة والكبد ويذهب اليرقان ويقتل‬ ‫الدود والحيات"'‪.‬‬ ‫وأوراق شجر الصبر تجمع في شهر يوليو‪ ،‬ويصر إلى المشرق‬ ‫والمغرب«'‪.‬‬ ‫‏(‪ )١‬المصدر نفسه‪.‬‬ ‫‏‪.٢٦٨‬‬ ‫‏(‪ (٢‬العوتبي© مصدر سابقث ص‬ ‫‏(‪ )٣‬الإدريسي‪ ،‬مصدر سابق‪.‬‬ ‫(‪ )٤‬نزهة المشتاق" ص‪.٥١‎‬‬ ‫(‪ )٥‬الأازدي‪ ،‬محمد بن عبدالله كتاب الماء‪ ،‬ج !‪ ،‬ص‪.٣٨٠ ‎‬‬ ‫(‪ )٦‬نزهة المشتاق ص‪.٥١ ‎‬‬ ‫الذا اكلذراكةرة الماني لعمانية‬ ‫فىفي‬ ‫مُدن‬ ‫‏‪٦١٠‬‬ ‫الجاري من‬ ‫أحمر اللون‪ ،‬يقطع الدم‬ ‫‏‪ - ٣‬دم ‏‪ ١‬للأخوين‪ :‬وهو صمغ‬ ‫ويقطع الدم من أي مكان كان‬ ‫الجراحات الطرية ويدملها ضمااً‬ ‫‪.‬‬ ‫(‬ ‫<‬ ‫منه‬ ‫أشد‬ ‫شيء‬ ‫لا يوجد‬ ‫الاحمرار‬ ‫شديد‬ ‫‏‪ ٠‬وهو‬ ‫شربا(‬ ‫وقيل إنه هو العندم" ‪.‬‬ ‫‏‪ ٤‬العنبر‪ :‬هو قطع شمعية في بحر الهند تقذف إليه من جبال عالية بها‬ ‫عسل كثير يرعى نحله الأزهار الطيبة فيكثر ويسيل إلى البحر© ثم يطفو فوق‬ ‫الماء ما فيه من الأجسام الشمعية‪ ،‬ثم تنضج وتلطف على مرور الأيام‬ ‫وأجوده الأشهب الزكي الرائحة‪.‬‬ ‫وهناك العنبر الأسود وهو الذي يوجد في جوف دواب البحر‪.‬‬ ‫‏‪ ٥‬۔ المنتوجات الحيوانية‪ :‬وأهمها السمن السقطري وتصدر منه كميات‪.‬‬ ‫وسمعت السيد محمد بن أحمد البوسعيدي المستشار الخاص لجلالة‬ ‫السلطان للشؤون الدينية والتاريخية‪ ،‬وقد توفي من سنوات قليلة أنه في‬ ‫السابق كان يستورد إلى مسقط‪.‬‬ ‫التاريخ القديم‬ ‫‏‪ ٠‬سقطرى‪:‬‬ ‫وتعا قبت‬ ‫سقطرى‬ ‫ذكر ‏‪ ١‬لأمم التي سكنت‬ ‫‏‪ ١‬لسكان‬ ‫في محور‪:‬‬ ‫تقدم‬ ‫على سكناها‪.‬‬ ‫(‪ )١‬كتاب الماءث ج ‪٦‬ح ص‪.٨٨ ‎‬‬ ‫‏(‪ )٢‬معجم البلدان" حرف السين‪.‬‬ ‫(‪ )٣‬الازدي‪ ،‬المصدر السابق" ج‪ ،٣ ‎‬ص‪.٧٣ ‎‬‬ ‫(‪ )٤‬نك م ص‪.٧٢‎‬‬ ‫‏‪٦١‬‬ ‫سقطرى فى الذاكرة المانية‬ ‫التتتتتالا _ __‬ ‫َ‬ ‫ويبدو لي أن أول من سكنها الهنود‪ ،‬حتى جاء اليونانيون في عهد‬ ‫الاسكندر المقدوني فأجلوهم عنها بأمر الحاكم الفيلسوف اليوناني‬ ‫أرسطاطاليس» فخرج منها الهنود متوجهين إلى الهند حاملين معهم‬ ‫صنمهم الذي كانوا يعبدونه‪.‬‬ ‫ثم نزلت إليها العرب من قبيلة القمر من المهرة‪ ،‬فاختلطوا بالسكان‬ ‫اليونانين‪ ،‬ودخلوا في الديانة النصرانية التي كان يونانيوسقطرى قد‬ ‫اعتنقوها بعد ظهور نبي الله عيسى ثا وانتشار الديانة النصرانية‪.‬‬ ‫ولعل العرب البائدة من قوم عاد قد سكنوها ولكنهم اختفوا‬ ‫منها أو سكنها قوم من بني قحطان بن هود‪ ،‬ولكنهم انسحبوا منها‪.‬‬ ‫والله أعلم ‪.‬‬ ‫فلا توجد نصوص في ذلك وإنما هو استنتاج وهو إلى‬ ‫التخمين أقرب‪.‬‬ ‫ه سقطرى‪ :‬الارتباط الماني‬ ‫۔ أولا‪ :‬قبل الإسلام‬ ‫ارتبطت جزيرة سقطرى بعمان سيادة وسياسة غير أننا لا ندري منذ‬ ‫متى كان هذا الإرتباط‪.‬‬ ‫يقول أحمد بن سعيد الآنبالي «فقد حازتها عُمان منذ الجاهلية‬ ‫قبل الإسلام»«"‪.‬‬ ‫(‪ )١‬الحلل السندسية ص‪.٤٦ ‎‬‬ ‫مُدن في الذاكرة المانية‬ ‫‏‪٦٢‬‬ ‫=‪".‬‬ ‫وفي رأيي‪ :‬إن ذلك كان قبل الإسلامإ ولا يبعد أن يكون على عهد‬ ‫الملك الجلندى بن المستكبر والد جيفر وعبد اللذين خاطبهما النبي‬ ‫محمد يلة بالدعوة إلى الدخول في الإسلام‪ ،‬وذلك للأسباب التالية‪:‬‬ ‫الأول‪ :‬إن الجلندى بن المستكبر هو أول حاكم عماني ينشئ‬ ‫أسطولا قويا("‪.‬‬ ‫الثاني‪ :‬إن مهرة والشحر كانتا تحت السيادة العمانية على عهد ولديه‬ ‫جيفر وعبد وقد بعث إليهم جيفر رسوله يدعوهم إلى الدخول في‬ ‫الإسلام‪ ،‬فأسلموا("‪.‬‬ ‫والظاهر إن جيفر بن الجلندى قد ورث السيادة على مهرة والشحر‬ ‫من والده‘ حيث لم يتبين لنا أنه استولى عليهما في عهده‪.‬‬ ‫الثالث‪ :‬قرب جزيرة سقطرى من بلاد مهرة والشحر‪ ،‬وهما أقرب مكان‬ ‫إليها الأمر الذي يسهل السيطرة عليها‪ ،‬لجعلها قاعدة بحرية للأسطول‪.‬‬ ‫الرابع‪ :‬الوجود العربي بها المنحدر من قبائل مهرة‪ ،‬لأن قبائل مهرة‬ ‫كما قدمنا نزلت إليها قبل الإسلام" حتى أنهم أو كثيرا منهم اعتنقوا الديانة‬ ‫النصرانية نتيجة اختلاطهم بالنصارى اليونانيين والروم‪.‬‬ ‫لهذه الأسباب أرجح أن الجزيرة خضعت للسيادة المحمانية على عهد‬ ‫الملك الجلندى بن المستكبر‪.‬‬ ‫‪.٩٨‬‬ ‫غُمان تاريخ يتكلم‪ .‬ص‪‎‬‬ ‫محمد السالمي‪ ،‬وناجي عساف‬ ‫(‪)١‬‬ ‫(‪ )٢‬الأنساب‘ ج! ص‪.٧٦٥ ‎‬‬ ‫‏‪٦٢‬‬ ‫سقطر ى في الذاكرة المانية‬ ‫‪ -‬ثانيا‪ :‬فى عهد الإمام الجلندى بن مسعود‬ ‫هو أول إمام بعمان فقد تم نصبه‬ ‫الإمام الجلندى بن مسعود‬ ‫تمرد من‬ ‫والظاهر أنه حدث‬ ‫سنة ‪١٣٦٢‬ه‏ بعيد قيام دولة بني العباس‬ ‫جعل الإمام الجلندى يوجه إليها جيث ا‬ ‫نصارى سقطرى ذ ا لأمر الذي‬ ‫من الشراة‪.‬‬ ‫والشراة هم المقاتلون الأشداء من الإباضية واحدهم شار والجمع‬ ‫شراة‪ ،‬ولا يطلق هذا اللقب على غير الإباضية والشرى واحد من مسالك‬ ‫الدين الأربعة ى الشرى والدفاع والظهور والكتمان" وتطبيق كل واحد منها‬ ‫وفي رأيي هم الذين يعنيهم‬ ‫الزمانية والمكانية‬ ‫الظروف‬ ‫يتم بحسبثبابا‬ ‫ياقوت الحموي عندما قال «وظهرت فيهم دعوة الإسلام‪ .‬ثم كثر بها الشراة‬ ‫فعدوا على من بها من المسلمين وقتلوهم غير عشرة أناسية»"‪.‬‬ ‫وكذلك هم الذين يعنيهم العوتبي بقوله «ثم دخلتها الشراة من مهرة‬ ‫وحضرموت وعمان فقتلوا من بها»"_'‪.‬‬ ‫للأسباب التالية‪:‬‬ ‫غير صحيحة‬ ‫الحموي‬ ‫عبارة‬ ‫أن‪:‬‬ ‫على‬ ‫القيم الإباضية‬ ‫وغيرهم يتنافى مع‬ ‫مسلمين‬ ‫من‬ ‫قتل الناسك‬ ‫‏‪ - ١‬إن‬ ‫والمنظومة الفكرية الإباضية والشراة هم صميم الإباضية فلا يكون القتل‬ ‫إلا في الحرب والمواجهة بعد الدعوة‪ ،‬للأن الدعوة ماضية إلى يوم القيامة‬ ‫السين‪.‬‬ ‫حرف‬ ‫معجم البلدان©‬ ‫‏)‪(١‬‬ ‫‏‪.٢٦٨‬‬ ‫‏(‪ )٢‬المصدر السابقث ص‬ ‫مُدن فى الذاكرة المانية‬ ‫‏‪٦٤‬‬ ‫‪.‬‬ ‫س"‬ ‫كما يقول الإمام أبو عبيدة مسلم بن أبي كريمة التميمي‪ :‬الدعوة غير‬ ‫منقطعة إلى يوم القيامة إلا من فاجأك بالقتال فلك أن تدفع عن نفسك‪.‬‬ ‫إن أهل سقطرى لم يكونوا حينذاك مسلمين وإنما دخلها الإسلام‬ ‫بدخول الشراة الإباضية‪.‬‬ ‫‏‪ ٣‬كيف يبقى عشرة من الناس لم يقتلواك في حين أن جميع‬ ‫المسلمين تم قتلهم‪.‬‬ ‫‏‪ ٤‬عبارة العوتبي تقول‪ :‬فقتلوا من بها والظاهر أنه يقصد النصارى‪،‬‬ ‫وهي أيضاً عبارة فيها مبالغة‪ ،‬فلا يمكن قتل جميع السكان‪ ،‬بدليل أن‬ ‫الإمام الجلندى صالحهم على مقدار الجزية" التي يؤدونها إليه ويظهر من‬ ‫سياق الأحداثڵ أنهم قاموا بتمرد على سلطة الإمام‪ ،‬فلذلك وجه إليهم‬ ‫الشراة من غغمان ومهرة وحضرموت فأخضعوهم للسيادة التممانية دافعين‬ ‫الجزية المعروفة في الشريعة الإسلامية عملا بقول الله تعالى «قنێلوا‬ ‫الآخر ولا غحرَثوت ما رع آق وَرَسولة ولا‬ ‫اديك لا نقمثوك يالله و يالي‬ ‫ديوك يب الحق من الزي أوذرا انكتب حييعطوا الجزية عن يَد‬ ‫وهم روك ؟ االتوبة‪ .‬‏‪.]٨٩‬‬ ‫‏‪١‬‬ ‫س وو‬ ‫الجزية ليس‬ ‫في حكمهم‬ ‫ومن‬ ‫أهل الكتاب والمجوس‬ ‫إعطاء‬ ‫على إن‬ ‫فيه إهانة لهم وإنما هو مقابل حمايتهم" وعدم تعريضهم للقتال‪.‬‬ ‫‏)‪ (٥٣‬الجزء الثالث‪.‬‬ ‫الحديث رقم‬ ‫الجامع الصحيح‪.‬‬ ‫‏)‪(١‬‬ ‫‪ ٩‬ص‪ .٨٠١ ‎‬وانظر الكندي‪ .‬أحمد بن عبد‪٨ ‎‬للا‬ ‫)‪ (٢‬الكندي‪ .‬محمد بن إبراهيم‪ ،‬بيان الشرع‪ ،‬ج‪‎‬‬ ‫‪8٥‬فنصملا‪ ‎‬ج‪ .٧١ ‎‬ص‪ ‎‬ها‪.١!٤‬‬ ‫___‬ ‫‪<= ٦٥‬‬ ‫سقطرى في الذاكرة الئمماتية‪‎‬‬ ‫في القتال مع المسلمين تسقط عنهم الجزية؟ ‪.‬‬ ‫وهل إذا اشتركوا‬ ‫الصحيح أنها تسقط‪.‬‬ ‫ومن خلال ما تقم أرى‪ :‬إن دخول الإسلام جزيرة سقطرى كان‬ ‫الشراة‬ ‫الثامن الميلادي بدخول‬ ‫القرن‬ ‫‪7‬‬ ‫الثاني الهجري ‏‪٥‬‬ ‫الإباضية إليها‪.‬‬ ‫على أنه لا توجد الأدلة الكافية والقاطعة على صحة ذلك إلا‬ ‫وربط بعضها ببعض والعلم عند الله نك‪.‬‬ ‫ما استنتجته من سياق الأحداث‬ ‫ثالثا‪ :‬في عهد الإمام الصلت بن مالك‪.‬‬ ‫التالية‪:‬‬ ‫عبر المحاور‬ ‫ويتجلى الموضوع‬ ‫أ۔ سياق الحدث‪:‬‬ ‫كانت البيعة بالإمامة للصلت بن مالك سنة ‪٢٣٧‬ه‏ وكانت سقطرى‬ ‫آنذاك لا تزال مستمرة في تبعيتها للدولة التممانية‪ .‬حيث كان عليها وال من‬ ‫قبل الإمام} اسمه القاسم ولا نعلم اسمه الكامل ولا نسبه إلا ما ورد في‬ ‫قصيدة الزهراء من آن اسمه القاسم حيث قالت‪:‬‬ ‫إذا غادروا قاسما في فتية لجب‬ ‫عقوى مسامعهم في سبب خرب‬ ‫فقام النصارى بنكث العهد ونقضه مع الإمام الصلت فهجموا‬ ‫معلنين تمردهم‬ ‫على والي الإمام فقتلوه‪ ،‬وقتلوا جملة من أصحابه‬ ‫مُدنَ في الذاكرة المانية‬ ‫‏‪٦٦‬‬ ‫‪:‬‬ ‫__‬ ‫على السلطة التحمانية وسيادتها على الجزيرة‪ ،‬وفعلوا الأفعال الشنيعة‬ ‫في المانيين مستعملين العنف قتلا واغتصاباً ونهباً وسلبا‪ ،‬كما‬ ‫ذلك الشاعرة الزهراء في قصيدتها‪.‬‬ ‫صورت‬ ‫ويظهر أن النصارى آنذاك كانوا هم غالب سكان سقطرى فأنسوا من‬ ‫أنفسهم قوة‪ ،‬لذلك قاموا بتمدهم‪ ،‬ولعل ذلك كان بدعم أو على الأقل‬ ‫بتحريض من نصارى الحبشة‪.‬‬ ‫على أن هناك من يذهب إلى أن المهاجمين كانوا من نصارى الحبشةة‬ ‫ولعل أول من ذهب إلى ذلك الأستاذ محمد علي الزرقاء في كتابه «غُمان»‬ ‫نقل عنه ذلك الشيخ أبو إسحاق اطفيش في تعليقه على كتاب «تحفة‬ ‫الأعيان» لنور الدين السالمي«'‪.‬‬ ‫ومن المؤكد أن بها مسلمين من غير التممانيين“ ولكن لا ندري‬ ‫موقفهم من تلك الأحداث‪ ،‬ويبدو أنهم كانوا مع الدولة التغمانية} ولكنهم‬ ‫في موقف الضعيف‪.‬‬ ‫وفي رأيي‪ :‬إن المتمردين كانوا من نصارى سقطرى© وليسوا‬ ‫أحباشاًث وهو الذى يشير إليه عهد الإمام الصلت بن مالك للحملة‬ ‫العسكرية البحرية‪ ،‬وسوف نذكر ذلك عند تحليلنا للعهد‪.‬‬ ‫وعلى العموم فقد حصل التمرد وحصل الهجوم على الحامية المانية‪.‬‬ ‫وحدثت الأفعال الشنيعة وهناك بعثت امرأة من سقطرى بقصيدة إلى‬ ‫الإمام الصلت بن مالك‪.‬‬ ‫‏(‪ )١‬تحفة الأعيان© ج‪ 06‬ص‪.‬‬ ‫‏‪٧‬‬ ‫سقطرى في الذاكرة المانية‬ ‫ب ۔ قصيدة الزهراء‪:‬‬ ‫نتيجة الهجوم الدامي من النصارى في سقطرى على الحامية‬ ‫المانية‪ .‬حيث قتل الوالي الماني وعدد ممن كانوا معه بعثت امرأة من‬ ‫سقطرى سمت نفسها الزهراء أو كان اسمها فاطمة والزهراء لقب لها‬ ‫‪--‬‬ ‫الشيخ أحمد بن عبدالله الحارثي أن اسمها فاطمة بنت أحمد بن محمد‬ ‫الجهضمية وأنها من أقارب القاسم بن محمد الجهضمي الذي كان والياً‬ ‫على سقطرى"‪.‬‬ ‫وقد استنهضت بقصيدتها الإمام الصلت الذي لم يتوان عن النصرة‬ ‫والنجدة لإسترداد سقطرى إلى الحاضنة المانية وبتحليلنا للقصيدة تتضح‬ ‫لنا الخطوط العريضة التالية‪:‬‬ ‫‏‪ ١‬استثارة همة الإمام بالثناء عليه وعلى آبائه وأسلافه‪.‬‬ ‫قل للإمام الذي ترجى فضائله‬ ‫ابن الكرام وابن السادة النجب‬ ‫وابن الحجاحجة الشم الذين هم‬ ‫كانوا سناها وكانوا سادة العرب‬ ‫‏‪ ٢‬وصف الحالة التي آلت إليها سقطرى حيث اختفت المظاهر‬ ‫الإسلامية وحلت محلها المظاهر النصرانية‪.‬‬ ‫‏(‪ )١‬الأنبالي‪ ،‬الحلل السندسية‪ ،‬ص ‏‪ 0١١‬نقلا عن اليسرى في إنقاذ سقطرى ولا ندري المصدر‬ ‫الذي اعتمد عليه الشيخ الحارثي‪.‬‬ ‫مُدن فى الذاكرة العمانية‬ ‫‏‪٦٨‬‬ ‫‪.‬‬ ‫سم‬ ‫أمست سقطرى من الإسلام مقفرة‬ ‫بعد الشرائع والفرقان والكتب‬ ‫واستبدلت بالهدى كفرا ومعصية‬ ‫وبالأذان نواقيساً من الخشب‬ ‫وبالذراري رجالا لا خلاق لهم‬ ‫من اللثام علوا بالقهر والغلب‬ ‫‏‪ _ ٣‬ذكر الهجوم على الوالي وحاشيته‪.‬‬ ‫جار النصارى على واليك وانتهبوا‬ ‫من الحريم ولم يآلوا من السلب‬ ‫إذ غادروا قاسما في فتية لجب‬ ‫عقوى مسامعهم في سبب خرب‬ ‫‏‪ ٤‬استثارة الإمام بما تعرضت له النساء المسلمات‪.‬‬ ‫وأخرجوا حرم الإسلام قاطبة‬ ‫يهتفن بالويل والآعوال والكرب‬ ‫قل للإمام الذي ترجى فضائله‬ ‫بأن يغيث بنات الدين والحسب‬ ‫القس الأنثوي في القصيدة‪ ،‬مما يدل أن القائل لها امرأة وليس‬ ‫ه‬ ‫رجلا كما أن القصيدة تشير إلى ما حل بالنساء المسلمات من اغتصاب‬ ‫من قبل النصارى الناكثين”'‪.‬‬ ‫‏(‪ )١‬وهذا يذكرنا بما حل بنساء العرب أثناء الإنقلاب الدامي اللعين في زنجبار سنة ‪١٩٦٤‬م‏ من ۔‬ ‫‏‪٦٩‬‬ ‫سقطرى في الذاكرة الممانية‬ ‫كم من منعمة بكر وثيبة‬ ‫من آل بيت كريم الجد والنسب‬ ‫تدعوا أباها إذا ما العلج هم بها‬ ‫وقد تلقف منها موضع اللبب‬ ‫وباشر العلج ما كانت تضن به‬ ‫على الحلال بوافي المهر والقهب‬ ‫وحل كل عراء من ملمتها‬ ‫عن سوأة لم تزل في حوزة العجب‬ ‫وعن فخوذ وسيقان مدملجة‬ ‫وأجعد كعناقيد من العنب‬ ‫قهرا بغير صداق لا ولا خطبت‬ ‫إلا بضرب العوالي السمر والقضب‬ ‫أقول للعين والأجفان تسعدني«‬ ‫يا عين جودي على الأحباب وانسكبي‬ ‫‏‪ ٦‬تكرار الإستغائة‪.‬‬ ‫ما بال صلت ينام الليل مغتبطاً‬ ‫وفي سقطرى حريم باد بالنهب'‬ ‫اغتصاب وقد سمعت أحد المشايخ العرب في الجزيرة الخضراء (بمبا) يقول إن أكثر‬ ‫ه‬ ‫ما آلمنا أننا كنا نرى نساءنا تغتصب من الأفارقة أمام أعيننا‪.‬‬ ‫‏(‪ )١‬هكذا وردت والافنصح تسعفني‪.‬‬ ‫() وردت في النسخ بادها النهب والصحيح ما أثبتناه‪.‬‬ ‫مُدن قى الذاكرة المانية‬ ‫‏‪٧٠‬‬ ‫‪-‬‬ ‫==‬ ‫‏‪ - ٧‬الإستغاثة بجميع المسلمين مستثيرة فيهم الرجولة‪ ،‬لكي ينتصر‬ ‫الإسلام ويخمد الكقر‪.‬‬ ‫ياللرجال أغيثشوا كل مسلمة‬ ‫ولو حبوتهم على الأذقان والركب‬ ‫حتى يعود عماد الدين منتصبا‬ ‫ويهلك الله أهل الجور والريب‬ ‫‏‪ ٨‬الإفصاح عن اسمها أو لقبها‪.‬‬ ‫وثم يصبح دعا الزهراء صادقة‬ ‫بعد الفسوق وتحيى سنة الكتب‬ ‫القصيدة بها فصاحة وشاعرية رقيقة‪ .‬الأمر الذي يدل على أن‬ ‫‏‪٩‬‬ ‫القائل لها امرأة عربية‪.‬‬ ‫القصيدة تحمل حرقة شديدة من جزاء الحدث الواقع الذي‬ ‫‏‪١٠‬‬ ‫تسبب في قتل الوالي وجماعة معه‪ .‬ولعل هذا يل على كونها عمانية‪.‬‬ ‫ولعلها قريبة النسب من الوالي آو هي زوجته‪.‬‬ ‫ج ۔ عهد الإمام الصلت‪:‬‬ ‫ما إن وصلت قصيدة الزهراء من سقطرى إلى الإمام الصلت بن مالك‬ ‫الخروصي حتى جهز حملة عسكرية بحرية على أسطول كبير يتكون من‬ ‫أكثر من مائة سفينة‪ ،‬وعين لقيادة الحملة رجلين هما‪:‬‬ ‫عشيرة‪.‬‬ ‫بن‬ ‫‪ -‬محمد‬ ‫‏‪١‬‬ ‫‏‪٧١‬‬ ‫سقطرى في الذاكرة المانية‬ ‫‏۔‪ ٢‬سعيد بن شملال‪.‬‬ ‫فإن حدث بأحدهما حادث من قتل أو أسر أو مرض فالثانى منهما‬ ‫يقوم مقام صاحبه وإن حدث بكليهما حادثڵ فإن القيادة تكون لكل من‪:‬‬ ‫‏‪ ١‬حازم بن همام‪.‬‬ ‫‏‪ ٢‬عبد الوهاب بن يزيد‪.‬‬ ‫‏‪ ٣‬عمر بن تميم‪.‬‬ ‫وزدهم بعهد أوضح لهم ما يأتون وما يذرون في مسيرهم وسلمهم‬ ‫وحربهم) ى وهو يشكل قانونا إسلاميا للسلم والحرب‘ وهو أفضل ما كتب‬ ‫من المواثيق والعهود والقوانين الحربية‪.‬‬ ‫قال عنه الطبيب محمد بن علي البار مدير مركز البحوث الطبية بجامعة‬ ‫الملك عبد العزيز بجدة بالمملكة العربية السعودية في مقال له نشره فى عدد‬ ‫من المجلات «وتعتبر وصية الإمام الصلت بن مالك وثيقة من أرتى الوثائق‬ ‫في الشؤون الدولية وخاصة في كيفية محاربة الأعداء والإنذار إليهم»‪.‬‬ ‫على أن العهد هو من إملاء ووضع العلامة المحكم محمد بن محبوب‬ ‫قاضي القضاة ومرجع العلماء في ذلك الأوان‪.‬‬ ‫وقد كان يدعو على نصارى سقطرى في خطبة الجمعة لنكثهم بالعهد‬ ‫مع المسلمين وإمام المسلمين من غير أن يسميهم وإنما كان يقول‬ ‫النصارى الناكثير"'‪.‬‬ ‫(‪ )١‬السالمي عبدالله بن حميد تحفة الأعيان‪١، ‎،‬ج ‪١١٨١.‬۔‪١٦١٦١‬ص‪‎‬‬ ‫‪.٤٠٤‬‬ ‫الكندي‪ .‬أحمد بن عبد الله‪ ،‬المصنف‘© ج‪ .٥ ‎‬ص‪‎‬‬ ‫)‪(٢‬‬ ‫مُدن فى الذاكرة المانية‬ ‫‏‪٧٢‬‬ ‫‪-‬‬ ‫_‬ ‫_‬ ‫تحليلية للعهد ) الوثيقة» يتبين لنا منه المعا لم التا لية ‪:‬‬ ‫وبنظرة‬ ‫‏‪ ١‬الإبتداء بتوحيد الله وتنزيهه ووصفه بصفات الكمال والثناء عليه‪،‬‬ ‫والختام بالصلاة والسلام على النبي يلة‪.‬‬ ‫‏‪ ١‬لعهد ‪ .‬وتتخلل‬ ‫‏‪ _ ٢‬ا لنصيحة ‏‪ ١‬لوعظية ‪ :‬وهي تغظي جا نباً كبيرا من‬ ‫الله فى الغفيوب‪ ،‬وداووا بها‬ ‫كقوله «فالزموا تقوى‬ ‫منه‬ ‫مفاصل عديدة‬ ‫داء العيوب»‪.‬‬ ‫وأصلحوا فيما بقي بما‬ ‫وقوله «فتوبوا إلى الله من سيء ما مضى‬ ‫عنكم به يرضى»۔‬ ‫‏‪ ٣‬۔ تنظيم السير‪« :‬وشدوا على ربابنة السفن أن لا يتفرقوا ولا يسبق‬ ‫بعضهم بعضا‪.).. .‬‬ ‫‏‪ ٤‬تعيين القيادة‪« :‬واعلموا أني وليت عليكم يا معشر الشراة والمدافعة‬ ‫وسعيد بن شملال» إلى أن قال‬ ‫بن عشيرة‬ ‫على جميع سقطرى ‪ ...‬محمد‬ ‫«فإن حدث بأحدهما حدث فالباقتي منهما يقوم مقام صاحبه فإن حدث‬ ‫فقد أقمت مقامهما حازم بن همام وعبد الوهاب بن‬ ‫بهما جميعا حدث‬ ‫يزيد وعمر بن تميم»‪.‬‬ ‫‏‪_ ٥‬۔ا لأثر بالنصيحة للقادة «فانصحوا لوالييكم ووازروهما وانصروهما‬ ‫ولا تخذلوهما‪.»...‬‬ ‫‏‪ ٦‬۔ا لأمر بالوحدة «وتناصحوا فيما بينكم ولا تغاشوا ولا تباغضوا ولا‬ ‫ولا تحاسدوا‪.»...‬‬ ‫تكايدوا‬ ‫‏‪٧٢‬‬ ‫سقطرى في الذاكرة المانية‬ ‫_‬ ‫يت‬ ‫«لا تختلفوا في آرائكم ولا في سلمكم ولا في حربكم وليكن‬ ‫رضاكم واحداً وغضبكم واحداً ووليكم واحداً وعدوكم واحدا»‪.‬‬ ‫‏‪ ٧‬الخارجون على السلطة هم نصارى سقطرى «وقد بغى هؤلاء‬ ‫) النصارى وطغوا ونقضوا عهدهم»‪.‬‬ ‫«ولتدعوهم إلى الرجعة من نكثهم والتوبة من حدثهم إلى الدخول‬ ‫في العهد الأول الذي كان بينهم وبين المسلمين»‪.‬‬ ‫‏‪ ٨‬وجود مسلمين في الجزيرة ولعلهم من الإباضية وغير‬ ‫الإباضية «واجعلوا ممن تؤجهون رجلين صالحين ممن يوثق بهم من‬ ‫أهل الصلاة‪.»... .‬‬ ‫«وكان في رسلكم رجلان تقيان آو رجل واحد من أهل الصلاة‪.»...‬‬ ‫«وإن كانت الحجة قد صحت عندكم كما وصفت لكم برجلين‬ ‫ثقتين من أهل الصلاةء أو بواحد من أهل الصلاة‪.»...‬‬ ‫‏‪ ٩‬عدم الإعتداء‪« :‬ولا تعرضوا لأحد ممن جاءكم تائباً مستامناً‬ ‫مستسلماً بسفك دمه ولا انتهاك حرمته ولا سبي ذريته ولا غنيمة ماله‬ ‫وليكونوا مثلكم آمنين»‪.‬‬ ‫«فلا تبيتوهم ولا تغتالوهم بالقتل ولا تسبوا سبي لهم ولا ذزية ولا‬ ‫تغنموا لهم مالا»‪.‬‬ ‫«وإذا التحمت الحرب بينكم وبينهم فلا تقتلوا صبيا صغيراً ولا شيخاً‬ ‫كبيرا ولا امرأة إلا شيخا أو امرأة أعانوا على القتال‪ ،‬ومن قتلتموه عند‬ ‫المحاربة فلا تمقلوا به فإن رسول الله ية نهى عن المثلة»‪.‬‬ ‫الذاكرة الذاكرةالممان ِة‬ ‫مُدننف فى‬ ‫ي‬ ‫‏‪٧٤‬‬ ‫حمل المسلمين وذراريهم إلى البلاد الإسلامية‪« :‬ومن أراد من‬ ‫‏‪٠‬‬ ‫أهل سقطرى من أهل الصلاة من رجال ونساء أو صبيان أن يخرجوا معكم‬ ‫إلى بلاد المسلمين فاحملوهم في حمولتكم وأنفقوا عليهم من مال الله»‪.‬‬ ‫أما آولاد الشراة وأعوانهم فالنصيحة لهم باخراجهم «فإن تلك‬ ‫الدار لا تصلح لهم بعد تلاحم الحرب بيننا وبينهم»‪.‬‬ ‫وهو عهد طويل ويتضمن الكثير من المعالم الفقهية والفكرية‬ ‫والنصائح الوعظية والتكتيكات العسكرية‪ .‬وتحليله يطول‪ ،‬وشرحه‬ ‫يكون أطول‪.‬‬ ‫والظاهر أن سقطرى بعد هذا التاريخ انفصلت عن عمان نظرا لما‬ ‫تعرضت له عمان من غزو خارجي عباسي سنة ‪٢٨٠‬ه‏ أنهى دولة‬ ‫الإمامة الثانيةش وضعفت بعد ذلك الدولة في عمان حيث تعرضت‬ ‫لغزو خارجي متعدد ومتكرر من القرامطة وبني بويه والسلاجقة‬ ‫والفرس ثم البرتغاليين‪ ،‬فكان ضعف الدولة في عمان ملاحظاً على‬ ‫مدى ثمانية قرون‪ ،‬حتى قيض الله لعمان الإمام الأرشد ناصر بن مرشد‬ ‫اليعربي سنة ‪١٠٣٤‬ه۔‏ ‪١٦٢٤‬م‏ ومن بعده من الأئمة اليعاربة‪ ،‬فقويت بهم‬ ‫عمان دولة ومجتمعا‪ ،‬ثم من بعدهم دولة البوسعيد‪.‬‬ ‫ويظهر أن سقطرى انتقلت تبعيتها إلى حضرموت التي كانت بدورها‬ ‫خاضعة للنفوذ العباسي كما يقول المقدسي في كتابه البدء والتاريخ(‪.‬‬ ‫(‪ (١‬الأنبالي‪ ،‬مصدر سابق‪١٩. ‎،‬ص‬ ‫‏‪٧٥‬‬ ‫سقطرى في الذاكرة المانية‬ ‫الرحالة البريطاني وليام جيفورد‬ ‫وقد انفرد‬ ‫بالجرييف بالقول‪ :‬إن‬ ‫النفوذ الغم‬ ‫ى كانت تحت‬ ‫ة‬ ‫اني‪ ،‬في القرن الثالث عشر الهجرى‬ ‫التاسع عشر الميلادي" ‪.‬‬ ‫ولعله كان نفوذاً مؤقتا في زمن السلطان سعيد بن سلطان‪.‬‬ ‫‏‪ 0١٨٠٤‬وزارة التراث والثقافة‪.‬‬ ‫‏(‪ )١‬الموسوعة العمانية ج ‏‪ ٤٥‬ص‬ ‫‪]::.‬‬ ‫الخاتمه‬ ‫؟‬ ‫ح‬ ‫مما مز أثناء البحث تبينت لنا الأهمية الكبيرة لجزيرة سقطرى{ من‬ ‫حيث موقعها‪ ،‬فهي تقع في بحر العرب بين شبه الجزيرة العربية‪ ،‬وشبه‬ ‫القارة الهندية وسواحل أفريقيا‪.‬‬ ‫ومن حيث وجودها في الذاكرة الممانية‪ ،‬حيث إنها جزء من التاريخ‬ ‫الماني على مدى قرون عدة من الزمن‪ ،‬بل هي أحد معالمه‘ ومفصل‬ ‫مهم من مفاصله‪.‬‬ ‫والذاكرة التممانية عامرة بالإرتباط السقطري العماني منذ عهد الجاهلية‬ ‫العربية إلى أواخر القرن الثالث الهجري ‪ -‬التاسع الميلادي‪ ،‬نظرا لما‬ ‫شهده ذلكم الإرتباط من حراك إيجابي في مجمله‪ ،‬وسلبي في بعضه‬ ‫حتى أن سقطرى كانت حاضرة في المصادر الفقهية الغمانية} لأن تلك‬ ‫المصادر طرحت وناقشت ذلكم الحراك بإيجابياته وسلبياته وبسلمه‬ ‫وحربه‪ ،‬لأن الحراك المذكور كان ناشئا عن احتكاك بين المسلمين‬ ‫والنصارى‪ ،‬على أساس ديني طائفي‪ ،‬ومبنياً على محاولة انفصال عن‬ ‫السيادة العربية على أساس عرقي‪.‬‬ ‫مُدن فى الذاكرة العمانية‬ ‫‏‪٧٨‬‬ ‫‪.‬‬ ‫حس‬ ‫كما أن لسقطرى حضورا أدبيا متمثلاً في القصيدة الزهرائية التي كانت‬ ‫عاطفة‬ ‫وما تحمله من‬ ‫وسلاستها‬ ‫مخزونات الذهنية المانية لفصاحتها‬ ‫من‬ ‫جياشة وارتباط بالأمجاد التممانية‪.‬‬ ‫جاء هذا البحث‪.‬‬ ‫لهذه المعطيات‬ ‫والله ولى التوفيق©‪&©،‬‬ ‫‪٧٩‬‬ ‫الفرس‬ ‫ا‬ ‫مقدمة‬ ‫مكانة دَما التاريخية‬ ‫موقعها وأهميتها التاريخية‬ ‫مكانتها فى الجهاد الإسلامي‬ ‫مكانة نزوى الاجتماعية‬ ‫الموقع‬ ‫المكانة الإجتماعية لنزوى‬ ‫أولا‪ :‬مقر الحاكم‬ ‫ثانيا‪ :‬وجود العلماء‬ ‫مراكز الإشعاع الحضاري «الأزهر ونزوى أنموذجًا»‬ ‫أولا‪ :‬الأزهر الشريف‬ ‫ثانيا‪ :‬نزوى‬ ‫سقطرى في الذاكرة الثمانية‬ ‫المقدمة‬ ‫‪٥٥‬‬ ‫سقطرى‪ :‬المكان‬ ‫‪٥٦‬‬ ‫سقطرى‪ :‬السكان‬ ‫‪٥٨‬‬ ‫سقطرى‪ :‬الإنتاج‬ ‫‪٦١٠‬‬ ‫سقطرى‪ :‬التاريخ القديم‬ ‫‪٦١‬‬ ‫سقطرى‪ :‬الارتباط الغماني‬ ‫‪٧٧‬‬ ‫الخاتمة‬