4471م إلى2831ه 2691م 7ه تأليف الدكتور: معااللنهضة الاصلاحي عند إباضية الجزائر متالرالنهضتر ا لاصلايَ: ع‏٤ندإياضية ن ام زائر 7 من سنة 7511ه4471 /م-إلى سنة 2831ه 2691 /م الد كتور :تأ ليف أحمر الشيغ بالفاعبرناس نشر حنو حمعية التراث القرارة-غرداية-الجزائر طبع :المطبعة العربية[ 1نهج طالبي أحمد غرداية مه جفون (لطبز عفنجعية التراث ص.ب .91 .القرارة-غرداية (- )01174 الطبعةالاآولىالجزائر 21ه 1102 /مفاكس920 58 13 20 : »://.. أصل هذا الكتاب أطروحة دكتوراه4ے ح نوقشت بكلية العلوم الإسلامية-.4 1 ص‏٥ جامعة الجزائر .يوم50صفر 341 1هت)“,-ع‏٧ ٫ه ‏ ٠.عم 1نهج طالبي احمد-غربية -الجزلار 2 /جانفي 0102م .إشراف :د.هاتف/فاكس920 88 63 35 : محمد بن قاسم ناصر بوحجام .بتقدير:المنطقة الصناعية920 78 43 43 : ء.9 مشر ف جدا 1102 /الإيداع القانوني رقم 9174 ردمك5.1..: 548-7499-879- 1-65 : ؟ ها لاإهد اء الإهداء حنىمة محمد علي الصلاة والسلام .رحين لمصل اةال _ إلى قدو إلى مروح والدتي؛ مرب امرحمهاكما مريتني صغيرا . إلى والد_ے الكريم برا وإحسانا . زوجتى وبنا ني وإخوتي محبةورحمة.- _ الى مشايخ وأساتذتي تبجيلاواحتاما . _ الى فضيل :الإمام الشيخ عدون وفاء وتقدير . _ إلىفضيل:العلامةالشيخ الشرضاو .ےإعجابا وإكبارا . إلى أعلام النهضةوالإصلاح يف العال الإسلامي والجزائر وواد_۔ے ميزاب . (بو رياض حشكر وتقدير شكروتقدير بعد أن اكتمل صرح هذا البنيان أجدني ملزما أن أذكر أهل الفضل بفضلهم قائلا: إن الحمد والشكر أولا لنه تعالى على نعمة التوفيق والتسخير ،ثم الشكر بعد ذلك للدولة الجزائرية التى منت علي بمنحة السفر إلى الخارج والتفرغ لإتمام البحث والاطلاع على المكتبات وزيارة الجامعات .ثم الشكر بعد ذلك لكلية العلوم الإسلامية بالخروبة بالجزائر العاصمة إدارة وأساتذة وعمالا ،التى احتضنتنى في رحابها طالبا ثم أستاذا .ثم الشكر بعد ذلك للأيادي البيضاء الكثيرة التى كانت وراء إنحباز هذا البحث‘ وبلوغ هذا العمل كماله‘ وخروجه إلى دائرة الوجود. فمن هؤلاء من كانت مساعدته لي علمية بالتوجيه والنصح والتقويم والتصحيح" وعلى رأس هؤلاء أخص بالذكر أستاذي المشرف الدكتور محمد ناصر بوحجام ،الذي تعلمت منه الكثير وقد نهلت من علمه ،كما نهلت من خلقه فتعلمت منه صفاء القلب والتواضع ودماثة الأخلاق ورحابة الصدر والمثابرة على العمل وقد فتح لي منزله كما فتح لي قلبه 3وجمعتني به لقاءات علمية عديدة كان فيها مقوما ومصححا وناصحا ومرشدا. وتيسيرالبحجثاثلى اجتماعية بتوفير ظروفمن كانت مساعدتهومن هؤلاء وادي ميزاب وأعيانه .عقباته وفي مقدمة هؤلاء مشايخ ومن هؤلاء من كانت مساعدته لي روحية قلبية ،بدعاء وابتسامة وكلمة طيبة وفي مقدمة هؤلاء والداي وزوجتي وابنائي وإخوتي وأصدقائي. فالله أدعو أن يجازي الجميع خير الجزاء ويثيبهم خير الثواب دنيا وآخرى . قاسي زمر لج بافاج ‏ ١لرموز المستعملة ١لرموز اللممستس‎تعماه‎ : 4عدد. م :ميلادي. مج:يجلد. هجري.ھ: ولد.و: فصرحة“ :كلمة غر ."و ( )) :كلام منق حرف,يا. ي|منهجية التوثيق في الهامش منهجية التوثيق2الهامش -توثيق المرجع المطبوع :المؤلف :العنوان ،المحقق أو المعلق إن وجد .الطبعة الطابع ،الناشر ،مكان النشر ،تاريخ الطبع والنشر .المجلد .الجزء الصفحة. = توثيق الرسالة الجامعية :المؤلف :العنوان ،نوع الرسالة ،الجامعة ،التخصص. السنة الجامعية 5الصفحة. -توثيق المقال :صاحب المقال :عنوان المقال اسم المجلة أو الكتابؤ الجهة المصدرة العدد ،التاريخ .الصفحة. -توثيق الوثيقة :المؤلف :العنوان ،التاريخ .الصفحة. -توثيق المقابلة :صاحب القابلةء المكان ،التاريخ. -المرجع ففسه :إذا تكرر استعمال المرجع في الصفحة نفسها مباشرة. _ المرجع السابق :إذا تكرر استعمال المرجع في الصفحة نفسها مع وجود مرجع فاصل. كله :في حال الإشارة إلى المرجع بكامله. -المعلومات الكاملة حول المرجع تذكر في أول استعمال فقط. -اختصار اسم المؤلف وعنوان المرجع بعد أول استعمال. الترجمة للعلم المتوفى في أول استعمال ،إلا من كانت ترجمته في المتن. كتقديم الدكتور محمد بن قاسم ناصر بوحجام دام بن قاسم ناصر بوحجامتقديم الدكتور محمد يحتاج المسلمون في زمن العولمة الفكرية والقافية إلى معرفة المرجعية الحقيقية التى حصتهم من الاستلاب والتفسنّخ والهيمنة .ويحتاجون في خضم المتغيرات التي تنال من الشخصية والهوية إلى وعي العواقب التى تنتج عنها .ويحتاجون في دوامة التيه والضتيع وعدم تحديد الوجهةالصحيحة في السير إلى الراية الكاملة بالطريق التى تضمن التحرك المستقيم بين المبادئ والأهداف .ويحتاجون في عصر الاجتهادات واختلاط المفهومات وكثرة التێارات ،وتباين النظرات إلى العلم بالمعالم التى تحدد سبل العمل والتشاط .ويحتاجون في عهد الصراع من أجل البقاء ،والسباق من أجل فرض الات إلى التمتع بالقوة والقة في النفس للمغامرة والمجابهة والمقارعة؛ للوقوف بالند لمن يواجههم بكل أشكال التسلط والقهر والاستبداد في مختلف الميادين والمجالات. ويحتاجون في سبيل تحقيق الشهود الحضاري والحضور الفكري إلى امتلاك الوسائل المساعدة على بلوغ هذه المرامي .ويحتاجون في كل ذلك إلى القراءة المتانية في تجارب السابقين في ميادين الإصلاح والتربية والتوعية ،وفي مضامير الصراع والترال والقراع والتضال ...وما أكثر هذه التجارب ،وما أعظم هذه المحاولات وما أكثر هذه النماذج التى عملت على تحقيق ما أشرنا إليه ،وتوفير الحاجات التى أومأنا إليها؛ للمحافظة على القتخصية الحقيقة .والحفاظ على المقوّمات التي تضمن عدم تغييبها من المشهد الحضاري والوقاية من الهيمنة على شخصيتها. من هذه التجارب المهمة التي تركت آثارها الواضحة القوية في البناء الحضاري وتحريك المجتمع في السبيل الصحيح :تربية وتوعية وتصحيحًا لمسيرته وتطويرًا له ،واستشرافا لمستقبله-تبربة التهضة الإصلاحية لإباضيّة الجزائر .التى بدأت خيوطها تنسج .وخطوطها تتضح وملامحها تبرز ...في القرن الامن عشبر المجري عند الشيخ أبي زكرياء يجى بن صالح الأفضلي (2021 -6211ه/ 8871 -4م) والثتيخ عبد العزيز بن إبراهيم الميني (0311-2221ه_/ 8081 - 8م) ثم تطورت عند الشيخ الحاج امحمد بن يوسف اطفيش (6331 - 9321ه4191 - 1281 /م) .واستمرّت في الظهور والتبلور عند تلاميذهؤ وتشكلت هذه النهضة حركة قويّة فاعلة .ثم مدرسة فكرية متميزة عند الإمام الشيخ براهيم بن عمر بيوض (1041 - 6131ه_1891 - 9981 /م). ومعاصريه ومساعديه .وبخاصة الشيخ أبي إسحاق إبراهيم بن محمد اطفيش (5831 - 5031ه5691 - 6881 /م) والشيخ إبراهيم بن عيسى أبي اليقظان (3931 - 6031ه_ 3791 - 8881 /م والشيخ عبد الرحمن بن عمر بكلي (6041 - 9131ه6891 - 1091 /م) 6والثتيخ عدون بن بالحاج شريفي (5241 -9131ه4002 - 2091 /م) وغيرهم ...وما تزال هذه المدرسة تؤةي دورها إلى هذا العهد ،وستستمر إن شاء النه تعالى. هذه النهضة انطلقت من مبادئ وتشبعت باصول ،وتبتت فكرا محددا وسطرت أهدافا .وسارت بمعالم وهيّأت هياكل .واعتمدت قواعد وحدادت ركائز 3وأنشأت مؤسّسات‘ واحتكمت إلى هيئات وعاشت تحديات‘ وقاست صعوبات ...من كل ذلك كونت لنفسها مثالا خاصا .وجعلت منها نموذجا متميّرًا۔ يمكن أن يكون مطلب من يرغب العب من التجارب التاجحة .ومطمح من يبغي تطوير أدائه التربوي والاجتماعي بخاصة. لآ أن هذه التجربة الإصلاحية والتربوية مجهولة عند كثير من الباحثين ،فضلا عن عامة الناس ،وغير واضحة المعالم عند من يسمع عنها ،ولا يعي حقيقتها ،ولا يعرف أهدافها ولا يفقه ركائزها ...بل كثير ممن تناولها بالآراسة والتحليل اخطا طريق التعريف بها ،ولم يوفق إلى تقدير قيمها وقيمتها ،وبعض ممن ينتمي إليها فكرا وتوجَها وعاطفةا لم يحسن تقديمها للآخرين؛ إما لعجزه عن فهم كثير من أسرارها أو لفقده عنصر التركيز والتأمل والاستنباط والقراءة الجيدة في المواقف والأفكار أو لعدم تمكنه من الحصول على الوثائق الصحيحة والمصادر الموثوق فيها لاستجلاء الحقائق ،وغير ذلك من معيقات البحث المعمّق والموضوعي والمنهجي المؤصتل في هذه التهضة الغنية المتميزة. إن هذا ما دفع بعض الدارسين إلى بجث الموضوع من جديد وإعادة النظر في هذه النهضة الإصلاحية .بمحاولة التغلب على المعيقات التى أشرنا إليها .وتصحيح بعض الأخطاء التى وقع فيها بعض الذين درسواء أو عرضوا هذه التجربة وأكملوا الطريق الذي بدأه من سبقه في الموضوع .بعد أن ثمن جهودهم" وحلل أعمالهم ونقدها. من هذه الدراسات المهمة الجادة« :معالم النهضة الإصلاحية عند إباضية الجزائرش من سنة 7511ه_ 4471 -م إلى سنة 2831ه_ 2691 -م' للدكتور قاسم بن أحمد بن بابه الشيخ بالحاج .التي حضل بها على درجة الدكتوراه في العلوم الإسلامية. هذه الدراسة أعادت قراءة هذه النهضة الاصلاحية من جديد ذكرت جذورها ،وأشارت إلى مرجعيّتها الفكريّة ،وبينت مرتكزاتها ،وعينت معالمها وسردت هياكلها ومؤسساتها .ورصدت معالاتهاچ وعمدت إلى تحليل جهود الرجال العاملين الفاعلين فيها... في هذا العمل الشامل المتجدد في مضمونه ،قام الباحث صورة جيدة عن معالم هذه النهضة الإصلاحية وكشف عن قواعد العمل والبناء فيها .وأبرز أطوارها بدقة وبمنهجيّة علميّة كبيرة ،واستقراء ذكئ لمسيرتها؛ اعتمادا على معطيات مهمّة ،ومصادر أساسية :من كتب ووثائق ورسائل وواقعات ووقائع ومواقف... ماعلعرض الجيّد والتحليل والتعليل والنقد.. حاول بذلك أن يقف القارئ على مبادئ الحركة الإصلاحية .ومعالم هذه المدرسة ،والمضي بإهلى حسن فهم حقيقة مسيرتها ،ثاملوصول به إلى حسن الإفادة من هذه التجربة الإصلاحية .ليمتطيها فيواصل السير في طريق الإصلاح والعمل نتقديم الدكتور محمد بن قاسم ناصر بوحجام بالأحسن من الوسائل والأصيل من الفكر" مع تحريك الحس النقدي فيه؛ ليقوم بتقويم تحركه هو (المتلقي) في حياته ونشاطه وإسهاماته. الباحث حدد بنفسه هذه المعالم التى وضعها لدراسته 6قال« :تكتسي أهمية دراسة هذه الاجتهادات والتجارب في الوقوف على مكامن القوة والنجاح التي حققتها للعمل بها والبناء عليها ،والوقوف على مكامن الّلل والإخفاق التي وقعت فيها لتجنبها 5والخذر من تكرارها ،كما تكمن الأهمية في معرفة كيفيّة تنزيل الأحكام على الأحوال ،ومراعاة الظروف الزمنية والمكانة .وكيفيّة التعامل مع .القضايا المستجدة ،وإخضاعها للشريعة الإسلاميّةا( .ص.)2 قال أيضا :تاتي هذه الأطروحة لتقف على جزء من هذه الحركة الإصلاحية. لتي عرفتها إباضية الجزائر؛ انطلاقا من وادي ميزاب ،وتخضها للآراسة والتحليل والنقد والمقارنة وتحاول أن تفهم حقيقتها وجذورها وفكرها ومنهج عملها ومنجزاتها»3( .ص). رأى الباحث في هذه التجربة فائدة كبيرة يجنيها من يريد السير في طريق الإصلاح والنهوض من الكبوة؛ هذا فتقديمها مدرؤسة محللة تفيد كثيرا« :اعتقادي أن مجتمع إباضية الجزائر في وادي ميزاب له خصائص ومميزات وتجربة نوعية عريقة جديرة بالعناية والذراسة؛ للتعريف بهاء وتقديم ثمرتها للعالم الإسلامي» ( .ص.)4 بعد محاولة تقديم صورة عن هذه التجربة المهمة في النهضة الإصلاحية. وفهمها ومعرفة حقيقتها ،ياتي دور آخر تقوم به هذه الآراسة ،وهو عرض نموذج من المجتمع الجزائري الذي قام صورة واقعيّة في العمل؛ للمحافظة على الأصالة. مع التفتح على العصر وفقا لروح الإسلام ،وتطبيقًا لتوجيهاته. في هذا التوجه يكمن سر نباح هذه التجربة .التى أرادها الباحث أن تكون القدوة التى تحتذى للخروج من الأزمات النفسيّة} والمشاكل الاجتماعية والترهقل الفكري والتمرّق الداتي .هذا من جملة ما هدفت إليه هذه الآراسة .قال الباحث وهو يذكر أسباب اختياره هذه الموضوع والأهداف التي يريد تحقيقها به ،من هذه ستقديم الدكتور محمد بن قاسم ناصر بوحجام التوافع« :الآزمة التي شهدتها الجزائر على الصعيد السياسي والاجتماعي .والتي أفرزت سلبيات ومشاكل عويصة وصلت إلى حد التقاتل والتناحر وسفك الذماء بين أفراده ،وأعادت التساؤل عن مشروع المجتمع الجزائري .والتساؤل عن هويته ومرجعيته وتاريخه ومكونات شخصبته .ما دفعني لدراسة هذا الموضوع :بهدف تقديم نموذج من المجتمع الجزائري ،الذي أعتقد أنه حاول أن يرسم صورة عملية واقعية-لا تزال مجسدة-للتزاوج والانسجام والانصهار بين مقومات الشعب الجزائري في إسلامه وأمازيغيّته وعربيّته وتقاليده وأصالته .مع انفتاحه على العصر وتفاعله الإيجابي مع قضاياهؤ دون أن يطرح ذلك خللا أو انفصامًا في الثتخصية. أو صراعا مع الات .أو صدامًا مع الآخر( .ص.)+4 الهداف الأساس المسطر للدراسة واضح وهو بيان أسس العمل البنائي. وتوضيح قواعد النهوض الإصلاحي ...من خلال عرض تجربة نموذجيّة 6أثبت واقعيتها وشموليتها والتزامها باصول العمل في مسيرتها؛ تمسكا بأاصالتها .مع مراعاة التاقلم والوفاء للعصر الذي تتحرك فيه .نقرا هذا اهدف من خلال الكلمات المفاتيح لهذه الدراسة وركائز هذا الموضوع؛ لبيان حقيقة هذه التجربة. الكلمات هي :معالم النهضة الإصلاح. حرصا من الباحث على الغوص في أعماق هذه التهضة الإصلاحية،وتقديم الصورة الحقيقيّة والتموذجيّة الواقعية للنهوض بالمجتمع .وخدمة الإسلام والبناء الحضاري .وإعداد الرجال الذين يكونون امتدادا لآبائهم :فكرا وقيمًا ودآبا وفعالية. وكفاية وطاقة وعدة ...حرصنا على ذلك ركز على شخصية الإمام والزعيم والقائد والرائد الشيخ إبراهيم بن عمر بيوض الذي كتب عنه الكثير في هذه النهضة الإصلاحيّة ،وأورد كثيرًا من مواقفه وأفكاره وآرائه وأعماله في كثير من مباحث هذه الراسة القيمة .وحللها ونقدها .نشير إلى هذا بسرد فقرات نما ورد في البحث: [ « -كما أشير آئي ركزت على تحليل فكر التهضة الإصلاحية في مرحلة ..قوّتها ونضجها ،خلال التصف الأول من القرن العشرين .بعد تحولها إلى حركة عتقديم ‏ ١لدكتور محمد بن قاسم ناصر بوحجام وتنظيم ومدرسة فكرية .بقيادة الشيخ إبراهيم بيوض .وذلك لاعتقادي أن المراحل السابقة كانت إعدادية .وكانت الجهود فيها فردية ومشتتةا( .ص.)306 " - 2اعتمدت الحركة الإصلاحية على محورية القيادة .التى تمملت في نخبة من العلماء والمشايخ والأعيان .التي كانت تحرك خيوط المجتمع" وتصنع أحداثه مع التركيز على شخصية القائد الشيخ بيوضة حيث كان رمز الإصلاح .وإمام الحركة وقدوتها .وزعيمها الناطق باسمها .ولعل ذلك ما ينسجم مع طبيعة المجتمعؤ الذي يدين للشخص الرمز ويضع ثقته الكبيرة فيه"( .ص.)4 الشخص الذي يكون محور الحركة ومرتكزها۔ والذي يأخذ صفة الرمز والقدوة .ويتبوأ مرتبة الإمامة والرعامة ،وينتزع من المجتمع فضيلة المقة ...لاب أن يكون محل اهتمام من يريد أن يعرف عن المجتمع الذي يتزعمه ويقوده ..أن يعلم الكثير من أسراره ،ويعي معالم شخصيته .ويطلع على أفكاره ومواقفه وإسهاماته ومنهجه...ليصل إلى غايته من التراسة والبحث .ثم إن هذه المكانة التى حظي بها الشيخ بيوض تدل أن الرجل ليس شخصا عاديا في فكره وعمله وشخصيته؛ حتى هذا التاثير الكبير في مسار المجتمع الذي يتحرك فيه۔ هو محل تامّل.. لقد كون الشيخ بيوض من كل هذا مدرسة فكرية إصلاحية اجتماعية تربوية متميزة ..إذن يصبح من الواجب القيام والحرص على دراسة هذه القتخصية دراسة جادة .كما هي حال هذا البحث .ويكون لزامًا نشر فكر هذه المدرسة\ والالتفاف حوفها؛ للإفادة منها ،ولضمان استمرارها وبقائها مرجعية في التخطيط والتدبير والتسيير ،لتحقيق مزيد من التجاح كما حققتها هي .مع تطوير الأداء وتجديد وسائل العمل بما يتناسب مع كل زمان ومكان .هذا ما كان يحرص عليه الباحث. - 3هذا النجاح الذي حققته هذه المدرسة ،فتحت ها أبوابا من الكراهية والضغط والمؤامرات والحرب ..من جماعة ،بل من جماعات قال عنها الباحث: «...مما جعلها تعمل ما في وسعها لتضييق الخناق على كل ما هو عرفي اجتماعي في وادي ميزاب‘ بدعوى فرض هيبة الدولة وإرساء مؤسساتها على أرض الواقع . وقد تركزت صور هذه الكراهية على شخص عالم وادي ميزاب ورمزه الأول .وقائد نهضته الإصلاحية الشيخ بوض‘ حيث منع من إلقاء دروسه التفسيرية في المسجد واستجوب واستنطق ،وأهين في العديد من المرَّات‘ وأدخل السجن بعد الاستقلال( .ص.)706 « - 4مضت الحركة الإصلاحية في مشروعها الاجتماعي التعليمي إلى وفاة زعيمها الشتيخ بيوض سنة 1891م وما بعده۔ ولم تتائر بغياب قائدها كثيرا .كما كان يتوقع ويتخوّف منه ،إذ إن القائد أفلح في بناء مؤسسات أهليّة قوية .وفي تشكيل قيادة نوعيّة موحَّدةؤ وفي تكوين نخب وكفاءات عالية كثيرة .وفي تخريج أجيال متعلمة متربيّة عديدةء وفي ترك مدرسة فكرية إصلاحية ولودة ،متجددة متأقلمة مع العصر. إلأ آنه يسجل عليها ركونها-بعد ذلك-إلى حالة من الفتور والركود ،مما يستدعي بذل جهود لبعث حيويتها وحركيتها من جديدا( .صر.)806 ذكر الباحث عناصر القوة في المدرسة الإصلاحية التى تركها الرعيم الثتيخ بيوض وقد أةت دورا كبيرًا في العمل التهضوي الإصلاحي ما يرفع من سمعة هذه المدرسة المتميزة .ويشيد بفضل القائد في هذا التكوين القوي .الذي منح الفرصةء وفتح المجال لتستمر هذه المدرسة في النشاط والعطاء .إلآ ا ما لاحظه الباحث هو تراجع أداء هذه المدرسة؛ بسبب الركون والركود اللين أصايا القائمين في الميدان اليوم ،والفتور ونقص الفاعلية اللذين يهددان مشروع الرعيم أن يستمر ويتواصل. تقدير الباحث لهذه المدرسة الفكرية الإصلاحية في محله .وملاحظته عن أداء أبنائها في الة الأخيرة جدير أن تتأمل وتدرس وتقوَم؛ لتدارك ما قد يعرض المسيرة لما يجهضها۔ وليُدفع ما قد يضر بهذه المدرسة. د-دور الشيخ إبراهيم بێوض في الحركة الإصلاحية .بل ومحوريته تظهر ايضا في جانب تاريخها؛ فهو أحد صانعيها ،والمؤئر فيها والموجه والمسير لكثير من أعمالها .ذكر الباحث من بين مصادره في دراسته :كتابات الشيخ بيوض. بيده. مما خطهووثائق؛ومقالات ومذكرات ودروستمسبر ومراسلاتمن لفهم الحركةفي كتب.وهي تعلذً مصدراوطبعوهومما حرَره تلاميذه من بعده الإصلاحية وفكرها... إذا أمكن تحديد بعض مميزات هده الدراسة .نقول: ا-وضعت المعالم الرئيسة للنهضة الإصلاحية لإباضية الجزائر" وحددت أطوارها بدقة. - 2نبهت إلى ضرورة مواصلة البحث في هذه التهضة :للتعريف بها. والوقوف على الأسرار التي تختزنها .وما تزال خافية عن التاس ،بل ووضع مزيد من القواعد لدراستها دراسة علمية منهجية موضوعية ،مع تقويمها ونقدها. - 3أشارت إلى قواعد العمل والبناء والإعداد مستقاة ومستفادة من مسيرة هذه النهضة الإصلاحية .قال في هذه النقطة" :نستطيع القول :إن الحركة الإصلاحية قمت نموذجا عمليا وتجربة واقعية معاصرة للعالم الإسلامي في قدرتها على بناء مجتمع ،يدين عمليا بالثتريعة الإسلامية .ويلتزم بها في اغلب مجالات حياته .ويجتهد في إطار مبادئها؛ ليجد حلولا لمشاكله الراهنة» (ص.)306 - 4تواضع الباحث في تقديم هذا الجهد ،ووفاؤه لمن سبقه .وتسجيل الفضل لمن ساعده وشجعه على الإقدام لدراسة هذا الموضوع .قال عن فضيلة أستاذنا الثتيخ عدون شريفي رحمه النه الذي شجعه على القيام بهذه الآراسة...« :حظيت مباركة الثتيخ عدون شريفي-عليه رحمة النه-لفكرة البحث‘ حينما التقيت به في الجزائر العاصمة .في آخر سنة قبل وفاته .وعرضت عليه الموضوع فباركه وشجَعني على المضي فيهؤ وأوصاني بالتزام الآداب والحدود فيه .ودعا لي بالخير .حيث أعتبر هذا أول نجاح للبحث وتذليل لصعوباته .كما أن البحث حظي بوجود العديد من الآراسات السابقة والممهّدة لجوانب منهم مما فتح أمامي الآفاق للتحليل والبناء والعمق"( .ص.)41 قتقديم الدكتور حمد بن قاسم ناصر بوحجام في سرد الصعوبات التى واجهته في دراسة اللوضوع بدقة .وبمنهجيّة .تعتمد العرض الأمين .والتحليل المعمّق .والنقد الموضوعي الهادف الباء ...ذكر أت هذا يتطلب خبرة كبيرة وعملا دؤوبا .وصبرا ومصابرة ..إن الباحث يريد أن يقدم عملا علميا مفيدا .كأئي به يعترف بقصوره في هذا .ولا يتعي توفره على هذا الزاد في البحث‘ لكنه تقام واستعان بانه فحرّره..قال" :لعل الصعوبة العلميّة تتمگل في ترامي أطراف البحثتؤ وفي غزارة مادته التاريخية والفكرية .وتنوع مصادرها مما يستدعي خبرة كبيرة للتحكم فيها .واستثمارها وتوجيهها ،والاستفادة منها .ومما يستدعي كذلك اوقائا طويلة .وجهوذا كبيرة للإحاطة بها»( .ص.)41 - 5الحكمة في عرض الموضوع .والقادب في مناقشة المسائل والقضايا. ومراعاة الظروف ومقتضيات الأحوال في الإدلاء بالآراء .وتقديم وجهات النظر الخاصة؛ لأن الكتابة هي رسالة قبل كل شيء تتطلب شروطا وضوابط في أدائها. والباحث نفسه أراد أن يقدم التجربة نموذجًا للإصلاح .ومن بدهيات الإصلاح مراعاة مقتضى الحال .قال مثلا: «والصنّعوبة التالثة تتممل في طبيعة الموضوع بكونه يتناول أحدائا معاصرة قريبة الوقوع .وأن تداعياتها على الحياة الراهنة ما زالت قوية .مما جعلنى ني أكثر من موضع في البحث أجد حرجا وصراغا مع نفسي" بين قول ما اقتنعت به ورايته صوابا وبين مراعاة الواقع وأثر كلامي عليه .ولعل هذا ما نهني إليه الإمام الشيخ ) عليك بالتزام الآداب والحدود فها( .ص .)1 5بقوله:عدون هذه الملاحظة أو الميزة كانت الغالبة في بحثه .إلآ بعض الهنات التى نشير إليها فيما بعدث وهي وجهة نظرنا الخاصة. قلم الباحث مجموعة من الملاحظات المهمة .هي عند التامل تنبيهات ،على المتلقي أن ينظر فيها بعمق .وعلى المع بها أن يفحص مضامينها .ويقرأ الرسائل التى تحملها: رتقديم الدكتور محمد بن قاسم ناصر بوحجام ا-قال عن النهاية الحدة لدراسته« :واخترت التوقف في 2831ه/ 2مم التى هي تاريخ استقلال الجزائر؛ لأني أرى أن التهضة الإصلاحية اكتمل تبلور مشروعها خلال هذه الفترة .ودخلت في نوع من الاستقرار© ثم إنها عاشت ظروفا جديدة بعد الاستقلال .دفعتها لتغيير بعض الشيء في قواعد عملها .ومنهج حركتها تما يجعل منها مرحلة مستقلة ،تحتاج إلى دراسة خاصّةا( .ص.)41 - 2إن الحركة الإصلاحية في عمقها تشكلت من الموروث الحضاري للمذهب الإباضي والمجتمع الميزابي ،ثم تفتحت على العالم الخارجي ،فاستفادت منه وتأئرت‘ وتطعّمت ولقحت به تجربتها ونظرتها .تمل ذلك أساسا في الفكر الإسلامي القادم من الملشرق؛ مجسدا في الحركة الإصلاحية المصرية .والحركة العلمية والسياسية التونسية"( .ص.)006 " - 3إن النهضة الإصلاحية عند تحولها إلى حركة .خلال القرن العشرين. ضبطت خطة عمليّة لإحداث الإصلاح والتزول بها إلى الميدان وظفت فيها مجموعة من الأطر والمؤسسات والهيئات .بعضها كان موجودا من قبل فقامت بتفعيل دوره ،وبعضها أحدثته من العدم تمل ذلك أساسًا ني المسجد ونظام العرابة ،ومخافل المجتمع والمدارس والمعاهد .والصحافة والجمعيات ومؤسسات الولة والعلاقات الخارجية( .ص.)006-106 « - 4أدركت الحركة الإصلاحية أن من أكبر جبهات الإصلاح .ومن أكبر تحدياته إعداد الجيل الصاعد وتربيته تربية سليمة .على أسس الإسلام وقيمه وثوابته وتحضيره للمستقبل .فركزت في فلسفتها التربوية التعليمية على البعد العقدي والأخلاقي والعلمي والاجتماعي العملي .فكرّست جهودها في مسيرة متواصلة\ لم تشهد أي توقف أو تعقر لبناء هذا الجيل .وإحداث الإصلاح التربوي التعليمي ،ففتحت المدارس وطورت البرامج وجلبت التجارب ،وشجعت التعليم الفرنسىك وأنشأت معهد الحياة .وخصَته بعناية فائقة .ورابط أعلامها ومشايخها في حلقاته ،ورأت فيه مشتلة لتخريج التخب والكفاءات وأرسلت طلبتها لاستكمال شتقديم الدكتور حمد بن قاسم ناصر بوحجام دراستهم في المعاهد والجامعات الإسلامية .وأنشأت لهم البعثات العلميّة لرعايتهم. وتوفير ظروف الدراسة .واستزادة التكوين( .ص.)206 « - 5اعتقادي أن مجتمع إباضية الجزائر ير بمرحلة حساسة من تاريخه. تواجهه فيها مخاطر وتحديات كبيرة .تهدد بقاء حضارته .لأسباب عديدة؛ على رأسها المشاكل الداخلية .والعولمة بمختلف صورها وأشكالها .مما يستدعي منه العمل الجدي لتدارك هذا الوضع .والعودة إلى تاريخه القريب .لدراسته وفهمه بعمق .واستلهام دروسه وعبره لتقويم حاضره واستشراف مستقبله على ضوئه (.ص.)4 هذه بعض الملاحظات التي ياخذ بعضها طابع نتائج الآراسة ،التي تسجل وتوضح أهدافها:.زتقدم القمار التى قطفها الباحث من بثه .وتحمل-ايضا - صفة التنبيه إلى أهميّة ما عرض والتصح إلى حسن الإفادة منها .والآهمً من ذلك كله تحميل المسؤولية في القيام بالواجب© كما قام بها من قبلناى ومن خلال ذلك دعوة كل فرد إلى القيام بالنقد الذاتي لمسيرته" وكل مؤسسة بتقويم أعمالا؛ حتى تستمر التهضةء ويتطور العمل .على قواعد ثابتة واسس صجيحة.. التزاما بالموضوعية في تقديم الأعمال العلميّة الجاذةب؛ وخرصًا ملى التحلي بالتقد البناء المفيد في حوار الأفكار وتقويم المحاولات :أقدم نماذج من بعض الاجتهاداتؤ وبعض الاستنتاجات التى قتمها الباخث؛ آرا شخصية .ونظرات خاصة ليتامّل فيها القارئ ويناقتشها وينقدها بفكر متجرد وموضوعية .ونظر ثاقب؛ ليكون ما يقدمه إضافة إلى البحثؤ وتقويئا له .أقدم وجهة نظري بنقدها. وعلى المتلقي أن ينقد هذا النقد: ا-في حديث الباحث عن الحركة الإصلاحية الجزائرية .أشار إلى مصادرها التى استلهمتها واسترشدت بها .وتائرت بها قال« :من ذلك بلاد الجزائر التى تائرت بالحركة الإصلاحية المصرية .وتبتت أفكارها .وعملت على إشاعتها في شعبها .وقد قاد هذه الحملة ثلة من العلماء والمشايخ والرجال المخلصينه( .ص.)3 تتقديم الدكتور محمد بن قاسم ناصر بوحجام لا ننكر أبدا تأئر الحركة الإصلاحية بما وفد إليها من المشرق الإسلادي ،أو ما أتى به قادتها منه .في أثناء وجودهم فيه .للآراسة أو للاتصال برجاله .لكن هذا لا يعني تبيهم لكل أفكار علمائها والةوبان في حركتهم .بل كانت لهم استقلالية في ذلك .فقد خالفوا كثيرا من آرائهم ومناهجهم في إصلاحهم .فاغلب هذه الآفكار والمشروعات والمناهج التى تبتوها كانت جزائرية محضة .انبثقت من صميم المجتمع الجزائريؤ واصطبغت بخصوصيات الظروف التى حركت نشاط هؤلاء الزعماء. ينبغي التاني في إصدار الأحكام .وتقرير الحقائق. - 2الم تستطع الحركة الإصلاحية الحفاظ على وحدة المجتمع .وبقائه صفا واحدا أثناء تجسيد مشروع نهضتها الإصلاحي فهي تتحمل جزةَا من مسؤولية إحداث شرخ اجتماعي عميق ،نتج عنه قسمة مجتمع وادي ميزاب إلى صفين متخاصمين متعارضين لا تزال الآثار السلبية هذا الانقسام بادية فيه إلى حد اليوم. كما أنها م تجتهد كثيرا فيما بعد في جبر هذا الكسر وإعادة المياه إلى مجاريها .بعد أن استتبا لها الأمر"( .ص.)406 هذه الأحكام الستلبية التي أصدرها الباحث على الحركة الإصلاحية الميزابية تهدم كل ما قاله عنها في أثناء دراسته من إيجابيات؛ لأن الإصلاح الذي لا يعي عمله .وهو إصلاح الفاسد .وترشيد العمل البنائي .وتوجيه الجهود إلىحقيقة القواعد الذي تؤسس للحفاظ على صلاح المجتمع ...لا يسمى إصلاحا .لا معنى لأن يقم "نموذجا عمليا وتجربة واقعية ...في قدرتها .على بناء مجتمع.٢...‏ إذا كان قد أحدث شرخمًا اجتماعيا عميقا في المجتمع .ولا معنى لمشروعها التهضويا ولا قيمة هذه التتيجة التي انتهى إليها البحث" :بذلت هذه التهضة الإصلاحية جهوذا كبيرة مضنية لإحداث إصلاح شامل للمجتمع .مست فيه الجوانب الدينية والاجتماعية والتربوية والتعليمية والسياسية والاقتصاديّة( »...ص )6إذا كانت قد ‏١أسهمت في «إحداث شرخ اجتماعي عميق.»... ثتقديم الدكتور حمد بن قاسم ناصر بوحجام إذن إن الحركة نجحت في إصلاح كل شيء .وأفسدت الوحدة .ووحدة المسلمين مقدسة .هي فرض .كان الآولى مناقشة موضوع الفرقة .وتحليل الأطراف لمتسبّبة فيها؛ انطلاقا من مبادئ الإسلامإ والتشريعات التي تنظم سلوك المسلم. وتحدد قانون الالتزام بشرع النه .وعرض المحاولات التي قام بها هؤلاء الملصلحون لتجتب هذه الفرقة ،وفي المقابل تسرد الأعمال المواجهة لنشاط الحركة الإاصلاحية؛ حتى يكون الحكم أكثر موضوعية .وإن كا نحن في غنى عن كل هذاء حمى لا ننبش في تاريخ مضى وذهب مع أصحابه .فنتجنّب إطلاق أمثال هذه الأحكام؛ لتحافظ على الوحدة المنشودة.. تقرير الحقائق يتطلب منهجيّة؛ تعتمد المبادئ والمعطيات والظروف والوثائق والأدلة والقدرة على التحليل والاستنباط وتقدير المواقف والقراءة المتأئية في الوقائع والواقعات والأحداث. - 3قال الباحث وهو يسرد الأخطاء والسلبيات والتقائص التى ارتكبتها الحركة الإصلاحية في نهضتها« :ركزت الحركة الإصلاحية كثيرا على شخصية الرعيم القائد .حيث كانت شخصية محورية مركزية؛ كل شيء ينطلق منه ويعود إليه .وقد أثر ذلك-نوعا ما-على التمكين أكثر للمؤسسات وإتاحة الفرص للأفراد .ولعل ذلك ما كان ينسجم مع طبيعة المجتمع الذي كان يدين لزعيم القبيلة وشيخ الجماعة( .ص.)506 فيما ذكره الباحث أمران .في حاجة إلى توضيح وبيان وتذكير: أ-المبالغة في تقرير فردية العمل ،وتسجيل محورية التحرك .وقوله « :دكل شيء ينطلق منه ويعود إليها .إن هذا ليس صحيحا بإطلاق .كما أن هذا الحكم يتناقض مع إشادة الباحث بعمل الرعيم في إنشاء مؤستسات‘ وضع فيها أفرادا يديرون شؤون المجتمع وهو ما عرف بالمنهج المؤسساتي في العمل .دليل ذلك من البحث نفسه .الذي أشار إلى أن حركة الشيخ بيوض استمرت بعده .ولم تتأئر بوفاته؛ لأن الزعيم أستس عمله على تكوين رجال يقومون بالعمل معه وما ختقديم الدكتور محمد بن قاسم ناصر بوحجام بقاؤهم في الميدان وهو غائب عنهم بوفاته .إلآ لأنهم ألفوا العمل .من دون الرجوع إليه دائمًا ،أي يكون غائبا عنهم وهو وحي يرزق 6والعمل لا يتوقف فلو كان اكل شيء ينطلق منه ويعود إليه" لعادت الأمور إلى الصفر بعد عودة الزعيم إلى ربه .فليعد الباحث النظر في هذا الحكم .وليستقرئ الواقع وليتامل جينا في المسيرة وليقابل بين آرائه-في دراسته-وليتاكد من عدم تناقضها .هو القائل: «ولم تتائر بغياب قائدها كثيرا .كما كان يتوقع ويتخوّف منه .إذ إن القائد أفلح في بناء مؤسسات أهلية قوية ،وفي تشكيل قيادة نوعة موحدة .وفي تكرين نخب وكفاءات عالية كثيرة ،وفي تخريج أجيال متعلمة متربتّة عديدة .وفي ترك مدرسة فكرية إصلاحية ولودة .متجددة متأقلمة مع العصر! ( .صر.)806ماذا يعني هذا الحكم الذي هو من استنتاجه وتقريره؟!. ب-التعليل الذي قدمه الباحث غير واضح .هل هو تبرير لموقف الرَعيم؟ هل هو ماخذ يؤخذ على الجتمع؟ هل هو شيء إيجابي يجمد للمجتمع .املته الظروفؤ التي تتطلب هذا السلوك .في غياب الكفاءات التي توجه المجتمع؟ وفي ظل انتشار الجهل والأمية .وتربص الأعداء لاستغلال الوضع للإيقاع بالمجتمع. فكان الالتفاف حول زعيم قادر على تبنيبه هذه المخاطر والمناكر مبرة استراتيجية او ضرورة منهجية؟؟ مهما تكن الإجابة .فهذا الانتقاد في حاجة إلى بيان مقنع. وتفسير أكثر موضوعية. - 4احيانا يحمل الباحث الحركة الإصلاحية أكثر من طاقتها وإمكاناتها .رغم إقراره بالعوامل الحائلة دون العمل الذي يلومها على التقصير فيه ،ويجد لها مبررات عن تأخرها في التحرك في بعض الميادين .وفي مجالات كان أمل الباحث كبيرا أن يرى الحركة أسهمت فيهاؤ وأفادت بها من يحتاج إلى مشروعاتها وأفكارها. وما توفر لديها .عما هو مفقود عند غيرها. قد يكون من الأسباب التي جعلت الباحث يقدر أن مسؤولية الحركة لا حدود ها في السير في طريق النهضة والإصلاح انبهاره بالتجربة الرائدة ها في النهوض بالمجتمع .وما تملكه من أدوات العمل المؤسس على قواعد ،منبثقة من التجربة والحنكة... هذا موقف وتقدير يبدوان بعيدين عن الصواب وعن الواقعيّة .قد يصلان إلى حد التجني على من يبذل جهودا كبيرة ،ويجاهد جهادا مستميئا ،ثم يلام على التقصير فيما لا حول له فيه ولا قوة .قال مثلا« :كان بالإمكان للحركة الإصلاحية أن تقوم بدور أكبر وتأثير أقوى على إباضية الخارج .بخاصة إباضية المغرب من تونس وليبيا .فتستغل قوتها ونفوذها وقدرتها في إحياء حركتهم ،وبعث نشاطهم من جديد ،وتصدير نهضتها إليهم .وإخراجهم من الأوضاع المتردية التي يعيشونها. لكنها اكتفت باستقبال بعض طلبتهم في مدارسها ومعهدها فقط وعقد بعض اليارات إليهم .ولم تهتم بلعب دور أكبر .كتنظيم صفوفهم وتزويدهم بالتجربة الاجتماعية التي ينعم بها وادي ميزاب" وإعادة بعث نظام العرّابة لديهم .ولعل الأوضاع السياسية في هذه البلدان حالت دون ذلك( .صض.)606 ما يرة هذا العمؤ أو يؤخذ على هذا الحكم ما ياتي: ا-ليست عند الباحث أدلة على أن الحركة الإصلاحية في وادي ميزاب لم يكن لها اهتمام بمساعدة إخوانها في تونس وليبيا .فعدم التمكن من العمل لا يعني عدم الاهتمام. ب-ذكر أن الحركة اكتفت باستقبال الطلبة .والقيام بالزيارات إليهم} وهناك وسائل قامت بها الحركة تدل على التواصل بين إباضية المغرب الإسلامي .هذه الجهودات ربما هي ما توقر لديها؛ بسبب الأوضاع الخارجية .والعوامل الداخلية. ج-أي نفوذ واي قوة وائ قدرة تملكها الحركة لتتجاوز حدود محيطهاا فتقوم بهمة الإحياء والتهوض في ظل أوضاع سياسية متردّة في بلدها الجزائر .تحت غطرسة استعمارية .مدمرة كل شيء .ومجهزة على كل تحرك داخلي ،فضلا عن النشاط الخارجي؟! وماذا تستطيع أن تقوم به الحركة لتعين على إحياء نظام انقرض من جربة بتونس-مثلا-قبل ثلاثة قرون كاملة؟ وما هو استعداد أهلها وما هي قوتهم وقدرتهم على القيام بهؤ لو تمكنت الحركة في الجزائر أن تحييه؟. د-ما دام الباحث قال« :ولعل الاوضاع السياسية في هذه البلدان حالت دون ذلك" فما معنى اللوم هنا؟ وأين التقصير في نشاط الحركة؟؟. ؟-احيائا يقع الباحث في تناقض في سرد الأحداث‘ وتقويم المسيرة .أو لا يتأكد جيدا من المعلومات التي ينقلها .انتقد على الحركة عدم ربط علاقات مع علماء في العالم الإسلامي :حضور الملتقيات ،وعدم المشاركة في أحداثه .أو كانت هذه المشاركة دون المستوى المطلوب" :...اكان تموقع الحركة الإصلاحية في العالم الإسلامي وربط العلاقات مع العلماء .وشهود محافله ،والمشاركة في أحداثه دون المستوى" رغم الجهود المبذولة .إذ كان بالإمكان أن تؤةي دورا أكبر .وتسمع صوتها وصوت نهضتها في هذه المحافل الإسلامية .وتعقد علاقات وطيدة مع كبار علماء الإسلام فتعرف بنهضتها وبمذهبها ،وتصحح النظرة التاريخية الخاطئة عنه. وتقدم تجربتها الحضارية للعالم الإسلامي .حيث لم نر لأعلامها حضورا بارزا ني المحافل الإسلامية العالمية( .ص.)606 تعليقنا على هذا الحكم يكون كالآتي: ا -الرة على هذا الحكم يحتاج إلى صفحات وصفحات .حتى نبين بده عن الحقيقة .سنكتفي ببعض السطور تبنا للإطالة. ب-يقرر الباحث هذا الحكم بعيدا عن العوامل التى كانت تحيل بالعمل الإصلاحي قبل سنة 2691م .الفترة التى خصها بالآراسة ،فهو يفكر بتفكير العصر الذي يعيشه. ج-هو ينظر إلى الموضوع نظر شاب طموح له آراء وأفكار وهموم واهتمامات ...يرغب أن تتجسد في الواقع .فلم يتحقق له ذلك ،وكان يتمتى لو كان آباؤه قد فعلوا ذلك لكنهم لم يفعلواء فبدا له ذلك تقصيرًا .بينما لمن سبقه من غتقديم الدكتور محمد بن قاسم ناصر بوحجام أعلام الحركة نظرة أخرى .وهم يعيشون أوضاغا واحوالاً لم يعشها هو .من ذلك أنهم كانوا يسيرون في تخطيطهم ومشروعاتهم وطموحهم وفق الأولويات ،وتبعا للإمكانات المتوفرة عندهم .فمن أولوياتهم :ترتيب البيت من الداخل أولا والقيام ببناء الجبهة الداخلية .ثم الانتقال إلى العالم الخارجي بعد ذلك‘ متى توقرت الظروف والعوامل. د-وقع الباحث في الخطا الذي انتقده على الحركة الإصلاحية وهو التركيز على شخصية الزعيم القائد ..فحصر البحث في هذه القضايا ني أعمال هذا القائد (النتيخ إبراهيم بتوض) .فحكم على الحركة من خلال نشاط الزعيم .حتى ولو أنه قد ذكر أعمال الأعلام الآخرين إلآ أن هذه النظرة كانت مسيطرة عليه .وهو يتناول الموضوع .فائرت عليه سلبا .فجنى على البحث بهذا .وجنى على الزعيم نفسه ،إذ كان ما خصه به من عناية{ ووفر له من مساحة كبيرة في بحثه سبا ي هذا الحكم .رغم أن الشيخ بيوض لم يكن مقصر في هذا الجانب .كان مشاركا فيما طلبه الباحث ولو بمقدار قليل .لأنه كان مركَرًا على الجبهة الداخلية .وكان له دور كبير في بنائها .وكان منشغلا بالتربية التى بها يأتي ما طلبه الباحث .بعض العلماء الآخرين شغلوا أكثر بالعالم الخارجي وبخاصة الشيخان الإبراهيمان :أبو إسحاق وأبو اليقظان© ،ثم بعد ذلك الشيخ الناصر المرموري... ه-لعلماء الحركة الإصلاحية مشاركة فيما طلبه الباحث بجسب ظروفهم وإمكاناتهم .ماذا يقول الباحث في مشاركات زعماء الحركة الإصلاحية في الحياة السياسة التونسيّة ،وفي الحزب الحر التونسي بزعامة الشيخ عبد العزيز القعالبي. وبخاصة المشايخ :ضالح بن يجيى۔ وأبو إسحاق وأبو اليقظان ..وماذا يقول في أعمال الشيخ أبي إسحاق اطفتّش في مصر .ودوره في التعريف بالفكر الإباضي فيهاث وتزويده دار الكتب المصرية بالمؤلفات الإباضية .وإشرافه على طبع مجموعة منها هناك .ومناظراته للعلماء .ومجالستهم" ومشاركته في تحقيق بعضها؟ ماذا يقول الباحث في مشاركة الشتيخ أبي إسحاق في مؤتمر القدس في بداية القلاثينتات من القرن الماضي؟ ...لقد كان عضوا في لجنة تأسيس جمعية الهداية الإسلاميّة .وعضوا في لجنة تاسيس جمعية الإخوان المسلمين" وعضوا فعالا في جمعية تعاون جاليات شمال إفريقيا ئي القاهرة؟... ماذا يقول الباحث في علاقة الشيخ أبي اليقظان بعلماء مصر وتونس والحجاز وغيرها والكتابة في صحفهاء واستقبال أخرى منهم ،لينشرها في صحافته؟ ماذا يقول عن مراسلاته معهم؟ كيف كان ينظر إلى كتاباته العديدة عن فذ ايا العالم الإسلامي؟ فهناك كثير من الآراسات التي قآمت‘ وما تزال تقدم في الموضوع. (قضايا عربية وإسلامية في صحافة أبي اليقظان)... ماذا يقول في الضنّجّة التى أثيرت حول الخلاف الذي حصل بين العالمين الكبيرين الشيخين :شكيب أرسلان .وسليمان الباروني باشا .وكيف اهتم العلماء واغتمّوا لهذا الشقاق ،وعدوه ضربة موجعة للوحدة الإسلامية .فاهتمّوا بالقضية واجتهدوا في رأب الصدع بينهما ،وحرَروا فصولا في ختلف المتحف الإسلامية ...من هؤلاء الشيخ إبراهيم بيوض الذي كتب مقالا في ست حلقات عنوانه" :الفرقان بين أميري السيف والبيان :سليمان باشا وشكيب أرسلان" نشر في جريدة الآمَة اليقظانية في الأعداد 161 - 651 :سنة 8391م بإمضاء (أفلح. وهو الشيخ بيێوض)؟ ماذا يقول ي اللجنة التي ترأسها أسد القرارة الثشيخ الحاج بكير العنق (ت4391:م) لمناصرة تركيا وهي تعيش أوقائا عصيبة .وذلك في العقد الأول أو الثاني من القرن العشرين ،وكان أستاذه الشيخ الحاج عمر بن يحيى المليكي (ت1291:م) عضوا فيها؟؟.. هذا غيض من فيض؛ مما يثبت أن علماء الحركة الإصلاحية في وادي ميزاب لم يغيبوا عن شهود محافل العالم الإسلامي0ولم يناوا عن أحداثه ،ولم ينغلقوا على أنفسهما ولم ينعزلوا عن العلماء المسلمين ...فقد أقدموا وقدموا وقاموا بما يستطيعونؤ وبما كانت تسمح لهم به الظروف ويتناسب مع مشروعاتهم وتخطيطهم .وينسجم مع قدراتهم... نرجو من القارئ أن يقرأ هاتين الفقرتين جيذا ،ويتأمل فيهما .ويفقه ما تحملانه من معان ودلالات وتنبيهات ورسائل: ا « -مع منتصف القرن العشرين بلغت النهضة الإصلاحية مرحلة قوتهاء ونضجها وتمكينها .واصبحت قائدة مجتمع إباضية الجزائر في وادي ميزاب. وموجهة له ،والقوة الفعلية الأولى فيه. إن إباضية الجزائر حظيت بامتلاك مجتمعها لنظام العزابة ،ومؤسساته العرفية الاجتماعية .التى عملت على حفظ المجتمع من التفكك ،وصيانته من الانحراف. وإبقائه في مستوى من الصلاح .والقابلية للدعوة والانصياع للأمر بالمعرورف والهي عن المنكر .وإبقاء خيط الإصلاح فيه رقيقا .دون أن ينقطع .وضوء النهضة خافتا .دون أن ينطفئ" رغم ما آلت إليه الأوضاع العامة .هذا ما دفع فجر النهضة الإصلاحية إلى البزوغ .وأعانها على العمل والتجاح والتمكين( .ص.)006 - 2من جملة ما أوصى به الباحث ما يأتي" :العناية بالمذهب الإباضي علميا. بتكوين المختصين فيه تاريما وفكرًا وعقيدة وفقها .والعمل على تحقيق تراثه" وطبع مصادره ،وإعادة دراسته ونقده داخليا .والجرأة على تقويم أخطائه وضبط مساره والعمل على حضوره وتموقعه في المحافل الوطنية والإسلامية .وتصحيح الرؤى الخاطئة حوله .وبذل المزيد من الجهد لأجل اعتباره-فعلّا -ضمن دائرة المذاهب الإسلامية الوسطية المعترف بها [سلاميًا»( .ص.)01[6 جمل القول :إن هذه الذراسة قيمة بما قدمته من تعريف بنهضة إصلاحية. تقوم شاهدا على قدرة المسلمين على القيام بعمل جاة في سبيل إقامة مجتمع فاضل. يتخذ الإسلام مصدر حياته .ومقوم مسيرته‘ ومعين عطائه .وضمان بقائه ومُعينه على الصمود في وجه الأعاصير والعواصف ومقاومة كل المتتيرات التى تريد تقويضهؤ بشرط العمل بقواعد صارمة{ وبوسائل تتناسب مع العصر .وتستجيب ببتقديم الدكتور محمد بن قاسم ناصر بوحجام للمتطلبات ...هذا كله مثبت في تجربة النهضة الإصلاحية عند إباضية الجزائر .كما قدم الباحث نظرات مهمة في تقويم مسبرة النهضة الإصلاحية .وقدم رؤى استشرافية لتصحيح !لأخطاءء وتطوير العمل .وإعداد الأجيال التى تواصل الترب" وتضمن سيرورة الفكر الأصيل... ‏ ٠وفق النه الباحث في دراساته المستقبليّة؛ ليكمل السير في الآربؤ فيبرز حقيقة هذه التهضة الإصلاحية المثمرةء الق تحولت إلى مدرسة فكرية متميزة .وكذلك يواصل البحث ليقم للعالم .وللثتباب بخاصة الفكر الأصيل الذي عندم الإسلام. ويعين الناس كافة للإفادة منه ،إله سميع قريب مجيب. الحميز ،الجزائر يوم الأربعاء 33 :من شوال 2341ه 12من سبتمبر 1102م الذكتور محمد بن قاسم ناصر بوحجام قسم اللغة العربيّة وآدابها كليّة الآداب واللغات جامعة الحاج الأخضر باتنة _ ) ٢ ْ ١ احمد لله سرب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين وعلى ال وصحب ومن ‏ ١تبع هداهإلىيومرا لدين ‏ ١جمعين معمد مه إن دراسة تاريخ الشعوب والأمم .والوقوف على تباربهم في الحياة يعد من أقدم العلوم التي عرفتها الإنسانية واعتنت بها ،وأحست بالحاجة إليها في تخليد ذكرها وأمجادها ،كما كانت تستمد منها هويتها وقوتها وأحقيتها في الوجود ،لتعيش بسعادة وهناء وهدف وأمل .فكان التاريخ ولا يزال يؤثر على مجريات الأحداث الراهنة للبشر ،ويوجه مستقبلها. لا شك أن المسلمين-كغيرهم من البشرية-مطالبون بالعناية بتاريخهم. واستلهام الدروس والعظات منه ،والاعتبار مما وقع فيه من أحداث ،فقد جاء أمر النه تعالى صريحا في كتابه العزيز بالدعوة للنظر في حياة السابقين والتأمل ف مصيرهم .في قوله تعالى :الاقل سيروا في الازض فانظروا كيف كان عَاقبَة الذين من قبه" & وفي قوله تعالى :لقد كان في قصصهم عبْرَة لأولي الألب ما كان حَديثا يففتر ى%4ههة. ثم إن المسلمين مطالبون بالدراسة المتأنية المتجددة لسيرة رسولهم الكريم محمد ينة.حين اختاره النه تعال ليكون قدوة لهم حيث قال : :لإلقد كان لَكه في رَسُول الله إسنوة حسنة لمن كان يرجاوللة وَالننوة الأخر وَذكَراللَّة ( )1سورة الروم/الآية.24 : سورة يوسف/الآية.111 :)(2 2مقدمة كثيرا" .وجعل من مجتمع صحابته خير مجتمع اخرج للناس حين خاطبهم عن المنكروتهونحير أ ة أخرجت للناس َامُرُون بالمعروفقائلا :لكم وثومنون ن بالڵههه. لا شك أن في الاطلاع على سيرة هذا الجيل النموذجي للمسلمين وللبشرية حثا ودعوة لاقتفاء الآثارؤ واتباع النهج ،وسلك الطريق ،ومعرفة تفاعل هذا الجيل مع الدين في عقيدته واحكامه وقيمه وأخلاقه. تاتي بعد هذه الأهمية الأولى في دراسة العصر الذهبي النموذجي للإسلام دراسة بقية الاجتهادات الإصلاحية التى عرفتها الأمة الإسلامية في تاريخها الطويل. وني بلادها الشاسعة .التي قادها ثلة من العلماء والمصلحين وامجددين ،الذين أدركوا أن الواجب الشرعي يملي عليهم العمل على تحقيق شرع اته تعالى على ارض الواقع .وفي حياة الناس بما يتوافق مع ظروف الزمان والمكان والحال ،لأجل إصلاح أوضاع مجتمعاتهمإ والعودة بها إلى جادة الطريق" وتحقيق وظيفة الاستخلاف في الأرض .فكانت حكمة الله تعالى تقتضي أن يرسل في هذه الأمة بين الحين والآخر من يبدد لها دينها وينفخ فيها الروح من جديد ويدعوها إلى نصرة شريعة النه تعالى .وتمثل دور هؤلاء المصلحين أساسا في بذل الجهد للاقتراب بمجتمعاتهم خطوات نو المجتمع النبوي النموذجي ،واقتراب أفراده خطوات نحو الفرد النموذجي القدوة المتمثل في شخص الني الأكرم محمد يلة. تكتسي أهمية دراسة هذه الاجتهادات والتجارب في الوقوف على مكامن القوة والنجاح التى حققتها للعمل بها والبناء عليها ،والوقوف على مكامن الزلل والإخفاق التى وقعت فيها لتجنبها والحذر من تكرارها كما تكمن الأهمية في معرفة كيفية تنزيل الأحكام على الأحوال ،ومراعاة الظروف الزمنية والمكانية. وكيفية التعامل مع القضايا المستجدة وإخضاعها للشريعة الإسلامية. .12 الأحزاب/الآية: سورة)(1 ( )2سورة آل عمران/الآية.011 : 3مقدمة عرفت البلاد الإسلامية مشرقا ومغربا هذه المحاولات للإصلاح والدعوات للنهضة .وقد تفاوت في ترك آثارها على مسار المجتمعات الإسلامية ،كما تفاوت في تحقيق هدف المقاربة مع المجتمع النبوي المنشود. إذا تكلمنا عن فترة التاريخ الحديث والمعاصر الذي عاشت فيه جل الشعوب الإسلامية مرحلة ضعفها واستعمارها وهوانها ،فإنه في مقابل ذلك تعالت دعوات النهضة وانطلقت حركات الإصلاح منادية بتغيير هذا الواقع ،ورفع هذا الغبن وتحرير هذه الشعوب من أغلالها ،وتخليصها من مصائبها. لعل أهم هذه الدعوات التي تركت بصمات واضحة وآثارا بارزة في حياة الشعوب الإسلامية وشهدت تغلغلا في أعماقها وانتشارا في أوساطها مى تلك الدعوة التي قادها الشيخ جمال الدين الأفغاني والشيخ محمد عبده والشيخ محمذ رشيد رضاء ثم تواصلت على أيدي تلاميذهم من بعدهم. إذا كانت شعلتها الآولى قد انطلقت من مصر فإن ضياءها ونورها قد تردد في أصداء العالم الإسلامي مشرقا ومغربا ،وتلقفها العلماء والزعماء ،وقطعوا بها أشواطا وعملوا على تطويرها والبناء عليها في أوطانهم. من ذلك بلاد الجزائر التى تاثرت بالحركة الإصلاحية المصرية ،وتبنت أفكارها وعملت على إشاعتها في شعبها ،وقد قاد هذه الحملة ثلة من العلماء والمشايخ والرجال المخلصين. تاتى هذه الأطروحة لتقنف على جزء من هذه الحركة الإصلاحية. الت عرفتها إباضية الجزائز انطلاقا من وادي ميزاب‘ وتخضعها للدراسة والتحليل والنقد والمقارنة وتحاول أن تفهم حقيقتها وجذورها وفكرها ومنهج عملها ومنجزاتها. أسباب اختيار الموضوع وأهدافه : يمكن إمجازها فيما يلى:عدة أسباب وأهدافالموضوعوراء اختيار هذا كان 4مقدمة -ميولي إلى الدراسات الفكرية الإسلامية ،واهتمامي بالتاريخ الإسلامي منذ المراحل الجامعية الأولى" مما حفزني على المضي في هذا المنحى ،والتخصص العلمي فيه ،ودراسة النهضة الإسلامية الحديثة والمعاصرة. اعتقادي أن مجتمع إباضية الجزائر في وادي ميزاب له خصائص ومميزات ونبربة نوعية عريقة جديرة بالعناية والدراسة للتعريف بها وتقديم ثمرتها للعالم الإسلامي.. اعتقادي أن مجتمع إباضية الجزائر يمر بمرحلة حساسة من تاريخه ،تواجهه فيها خاطر وتحديات كبيرة تهدد بقاء حضارته ،لأسباب عديدة؛ على رأسها المشاكل الداخلية ،والعولمة بمختلف صورها وأشكاهاء نما يستدعي منه العمل الجدي لتدارك هذا الوضع والعودة إلى تاريخه القريب‘ لدراسته وفهمه بعمق واستلهام دروسه وعبره لتقويم حاضره واستشراف مستقبله على ضوئه. الأزمة التى شهدتها الجزائر على الصعيد السياسى والاجتماعى .والى أفرزت سلبيات ومشاكل عويصة وصلت إلى حد التقاتل والتناحر وسفك الدماء بين أفراده ،وأعادت التساؤل عن مشروع المجتمع الجزائري ،والتساؤل عن هويته ومرجعيته وتاريخه .ومكونات شخصيته .ما دفعني لدراسة هذا اللوضوع بهدف تقديم نموذج من المجتمع الجزائري" الذي أعتقد أنه حاول أن يرسم صورة عملية واقعية-لا تزال مجسدة-للتزاوج والانسجام والانصهار بين مقومات الشعب الجزائري في إسلامه وأمازيغيته وعربيته وتقاليده وأصالته .مع انفتاحه على العصر وتفاعله الإيجابي مع قضاياه" دون أن يطرح ذلك خللا أو انفصاما في الشخصية أو صراعا مع الذات أو صداما مع الآخر. الوضع الذي تعيشه الأمة الإسلامية في محاولاتها المتكررة للنهوض الحضاري ،والخروج من ورطة التخلف والركود" للالتحاق بمصاف الأمم المتقدمة الرائدة للبشرية .فهي مطالبة شرعا بذلك‘ وقد قطعت أشواطا في هذه المسيرة الطويلة .ولا يزال أمامها الكثير ،وقد شهدت فيها انتصارات وإخفاقات‘ ولا تزال 5مقدمة جبهات الإصلاح والتغيير أمامها مفتوحة وإشكالات الحضارة أمامها مطروحة. هذا ما يستدعي الوقوف بالدراسة والتحليل والتقويم لكل تجارب النهوض والإصلاح التى عرفها العالم الإسلامي للاستفادة منها ،ومعرفة مواطن القوة والضعف فيهاؤ ومواطن النجاح والخطإ. اعتقادي أن البشرية اليوم أضحت بجاجة ماسة إلى الإسلام دينا وعقيدة وشريعة أكثر من أي وقت مضى وهي تنظر إلى أتباعه متلهفة للأخذ بيدها إلى حياة الطمأنينة والسعادة والإنسانية الحقة ،وإنقاذها من براثن الحياة المادية الصاخبة التعيسة الزائفة .ولا شك أن ذلك لا يتأتى للمسلمين في عصر العلم والقوة والمصلحة إلا بعرضض الإسلام في قالب من ذهبؤ بأن يعاين العالم أمامه 6ويرى رأي العين مجتمعات إسلامية نوعيةعملية مجسدة على أرض الواقع ،وليست نظرية أو تاريخية فقط" تاخذ بأسباب التمكين وتحيى بإسلامها في عصرها ولا تهرب بإسلامها من عصرها{ وتهتم بالإنسان عقلا ونفسا وجسدا وروحا ،.وتجسد الحريات والمطالب الكبرى للإنسانية. الأهداف.ساعيا لتحقيق هذهالدوافع التى انطلق منها البحثهيهذهإذن: أطروحة البحث : ينطلق البحث من أطروحة علمية يتبناها ،ويدافع عنها ويحاول أن يثبت صحتها من خلال فصوله ومباحثه مفادها ما يلي: إن إباضية الجزائر خلال فترة التاريخ الحديث والمعاصر قاموا بنهضة إصلاحية .ودخلوا في دورة حضارية جديدة .كان ميلادها مع منتصف القرن النامن عشر وقد مرت بمراحل إعدادية اتسمت فيها بالضعف والتشتت ثم بدأت تنمو وتكبر وتجمع قواها وتنظم صفوفها مع مرور الوقت إلى أن شهدت أوج نضجها وقوتها وتمكنها من المجتمع مع منتصف القرن العشرين وذلك يعد أن تحولت إلى حركة إصلاحية ثم إلى مدرسة إصلاحية. 6مقدمة بذلت هذه النهضة الإصلاحية جهودا كبيرة مضنية لاحداث إصلاح شامل للمجتمع ،مست فيه الجوانب الدينية والاجتماعية والتربوية والتعليمية والسياسية والاقتصادية! واعتمدت في إصلاحها الدين الإسلامي-عقيدة وشريعة-مرجعية لها! واجتهدت في إنزال أحكامه على الوقائع ،وتفاعلت مع شؤون الحياة المختلفة لإحداث الإصلاح والتغيير واستطاعت أن تقطع أشواطا معتبرة في مسيرقما هذه .وتحقق نسبة معتبرة من أهدافها. تساؤلات الأطروحة : لإثبات هذه الأطروحة نحدد جملة من التساؤلات التى سيعمل البحث جاهدا ليجيب عنها ،وهي تتمثل فيما يلي: متى كان ميلاد هذه النهضة الإصلاحية ،وما هي دواعي ظهورها؟ ما هي المراحل التى مرت بها؟ ما هي الأهداف التى كانت تصبو لتحقيقها؟ ما مفهوم هذه النهضة الإصلاحية؟ ما مدى استفادتها من المجتمع الإباضي وتراثه؟ كيف تاثرت بالمحيط الجزائري والإسلامي" وكيف كانت علاقتها بهما؟ هل كان لا منهج واضح التزمت به وسارت عليه؟ فيم تمثلت الأطر والوسائل التى اعتمدت عليها في تجسيد مشروعها؟ ما هي المجالات التى اجتهدت فيها لإحداث التغيير والإصلاح ؟ هل اكتفت بجانب التنظير فقط ،أم استطاعت أن تبني تجربة عملية تجسد فيها أفكارها؟ فيم تتمثل أبرز منجزاتها ،وأكبر معالمها ،وأوضح مميزاتها؟ _ما مدى قدرتها على تجسيد مشروعها ،وتحقيق أهدافها؟ 7مقدمة مناهج البحث : وظف البحث جملة مناهج حسب طبيعة النقطة المدروسة كما يلي: _ المنهج التاريخي :فيما تعلق بجمع المادة العلمية المدروسة وترتيبها ووصف أحداثها وتتبع المراحل الزمنية لها. _ المنهج التحليلي :فيما تعلق بفهم الأحداث التاريخية والقضايا الفكرية والقيام بتحليلها ،أو تفكيكها أو تركيبها ،أو البناء عليها ،لأجل الاستنتاج منها ،وإدراك أبعادها ،وتحديد نتائجها. المنهج المقارن :خلال المقارنة بين النقطة المدروسة وغيرها من مثيلاتها أو شبيهاتها في تجارب أو مجالات أخرى. _ المنهج النقدي :عندما تحتاج النقطة المدروسة إلى التقويم والنقد بعد الوصف والتحليل والبناء. هيكلة البحث : اقتضت مادة البحث في الأطروحة أن تعتمد هيكلتها على الفصول والمباحث وخاتمة.فتضمنت مقدمة وستة فصولوا لعنا صر كان الفصل الأول بعنوان :الأوضاع العامة لإباضية الجزانر خلال عصر النهضة الإصلاحية. لظروفعنوا ضحةمنه رسم صورةوهو يعل فصلا تمهيديا ؛ | لفرض والأوضاع التي ولدت فيها النهضة الإصلاحية ونشأت وتحركت. وقد افتتحته بمدخل بعنوان :المشهد العام للجزائر أثناء قيام النهضة الإصلاحية. تناولت فيه الأوضاع العامة السياسية والاجتماعية والدينية والثقافية للجزائر العهد العثماني والاستعمار الفرنسي.خلال 8مقدمة ثم قسمت الفصل إلى ثلاثة مباحث تناولت في المبحث الأول الأوضاع السياسية لإباضية الجزائر خلال العهد العثماني ،وعهد الاستعمار الفرنسي. وتناولت ني المبحث الثاين أوضاعهم الاجتماعية والاقتصادية ،وتناولت في المبحث النالث أوضاعهم الدينية والثقافية. أما الفصل النان فكان بعنوان :جذور النهضة الإصلاحية ومراحلها الإعدادية. قسمته إلى أربعة مباحث .تناولت في المبحث الأول ميلاد فكرة النهضة الإصلاحية ودواعيها ،وتناولت في المبحث الثا جذور النهضة العلمية التى قامت عليها النهضة الإصلاحية ،وتناولت في المبحث الثالث المراحل الإعدادية للنهضة الإصلاحية حيث عرفت ثلاث مراحل قادها في كل مرحلة عالم من العلماء. وخصصت المبحث الرابع لدراسة المرحلة الرابعة التي كان فيها تبلور النهضة الإصلاحية وسميتها عهد تلاميذ القطب لأن القاسم المشترك بين صانعي أحداثها هو التقاؤهم في التلمذة على قطب الأمة الشيخ امحمد اطفيش. أما الفصل الثالث فكان بعنوان :مفهوم الإصلاح ومرجعيته الفكرية والحضارية. قسمته إلى أربعة مباحث .تناولت في المبحث الأول المفهوم اللغوي والقرآني للإصلاح .وتناولت في المبحث الناي مفهوم الإصلاح عند أعلام الحركة الإصلاحية .وتناولت في المبحث النالث مفهوم الجمود وحقيقته في عهد قيام الحركة الإصلاحية ،ذلك لكونه مصطلحا معاكسا للإصلاح ،ويساعد على تميزه وتبلوره ،كما أن الإصلاح قام على أنقاضه وكان من مبررات وجوده .وتناولت في للبحث الرابع المرجعية الفكرية والحضارية للإصلاح. أما الفصل الرابع فكان بعنوان :عوامل قيام الإصلاح وأهدافه وركانزه الفكرية. 9مقدمة قسمته إلى ثلاثة مباحث .تناولت في المبحث الأول عوامل قيام الإصلاح. فهنالك عوامل داخلية ،وأخرى خارجية .وتناولت في المبحث الغناي أهداف الإصلاح .وتناولت في المبحث الثالث الركائز الفكرية الإصلاح المتمثلة في التربية والتعليم والوعظ والتوعية. أما الفصل الخامس فكان بعنوان :أطر الإصلاح ومؤسساته. قسمته إلى ثمانية مباحث ،عرضت فيها الأطر والآليات الى تحركت بواسطتها الحركة الإصلاحية لإحداث نهضتها .تناولت في المبحث الأول مؤسسة المسجد وبينت دورها وفلسفتها ،وتناولت في المبحث النان مؤسسات التربية والتعليم© وتناولت في المبحث الثالث الهيئات العرفية المتمثلة في نظام العزابة وما يندرج تحته من تنظيمات وتناولت في المبحث الرابع الأطر والمؤسسات الحديثة المتمثلة في الجمعيات الخيرية ومؤسسات السلطة الاستعمارية وتناولت في المبحث الخامس المحافل الاجتماعية ،المتمثلة فى محافل دينية وأخرى عرفية ،وتناولت في الميحث السادس القاعدة الاقتصادية ،فبينت كيف مولت الحركة الإصلاحية مشاريعها وبنت منجزاتها ،وتناولت في المبحث السابع الصحافة فبينت دورها الإصلاحي. وتناولت في المبحث النامن الجهود والعلاقات الخارجية للحركة الإصلاحية في الجزائر ومع العالم الإسلامي. أما الفصل السادس فكان بعنوان .:الإصلاح التربوي التعليمي. قسمته إلى خمسة مباحث .تناولت في المبحث الأول فلسفة الإصلاح التربوي التعليمي ،وتناولت في المبحث الناي التعليم الابتدائي ومدارسها وتناولت ني المبحث الثالث التعليم الثانوي المتمثل في معهد الحياة ،فتتبعت مسيرته وعرفت ببرامجه وتنظيماته .وتناولت في المبحث الرابع تعليم المرأة ،فبينت جهود الحركة الإصلاحية في تطويره ،وتناولت في المبحث الخامس البعثات العلمية إلى الخارج. التي أنشأتها الحركة الإصلاحية وقامت بتنظيمها والإشراف عليها.. 0مقدمة أما الخاتمة فعرضت فيها أهم م توصل إليه البحث من نتائج ،وختمتها برؤية استشرافية لمستقبل إباضية الجزائر. مصادر العحث ومراجعه : اقتضت طبيعة البحث أن يعتمد على مصادر متنوعةة تجمع بين الدراسات التاريخيةث والدراسات الفكرية الإسلامية. فالمصادر التاريخية تقدم المادة العلمية التى يحتاجها البحث في تتبع الأحداث والوقائع ،ثم توظيفها في فهم النهضة الإصلاحية ،وتمثل ذلك في مصادر تاريخ إباضية الجزائر في وادي ميزاب ،في فترة تاريخهم الحديث والمعاصر .أثناء الحكم العثماني ،والاستعمار الفرنسي" كما تمثل ذلك في مصادر تاريخ الجزائر خلال الفترة نفسها. أما المصادر الفكرية فهي التي تقدم المادة حول الفكر الإسلامي والحركات الإسلامية ومفهوم النهضة والإصلاح وأسس هذا الفكر وآلياته وأثره في المجتمعات ،وجهود أعلامه وأفكارهم وأعمالمم . وفي هذا الإطار تدخل المصادر والمراجع التى تناولت الحركة الإصلاحية عند إباضية الجزائر وجهودها في جانب من الجوانب© مما كتبه أعلامها ومما كتبه تلاميذها ،ومما كتبه الدارسون لها ،وهي تتمثل في الكتب والمقالات والجرائد والوثائق والرسائل الجامعية. . لا شك أن من بين هذه المصادر والمراجع دراسات اعتمدت عليها الأطروحة كثيرا .وهي تتمثل فيما يلي: كتابات الأستاذ :محمد علي دبوز؛ المتمثلة في كتابه :اعلام الإصلاح في الجزائر ،في خمسة أجزاء .وكتابه :نهضة الجزائر الحذيثة وثورتها المباركة. ف ثلاثة أجزاء. امقدمة أستطيع أن أعد الأستاذ محمد علي دبوز المؤرخ الأول للحركة الإصلاحية. حيث احتوى كتاباه الموسوعيان على مادة تاريخية زاخرة ثرية .تتبعت مسيرة النهضة الإصلاحية في كل مراحلها ،ووصفت أفكارها وأعمالها ،وعرفت أعلامها. واتسمت-في الغالب الأعم-باسلوب أدبي وصفي .وبالتفصيل والإطناب والمدح .وكان ذلك على حساب التقويم والنقد. كما تكمن قيمة الكتابين في المادة الخام الت يجويانها .وعلى نقلهما لشهادات مباشرة لصناع الحركة الإصلاحية لكون الكاتب معاصرا لها۔ وأحد أبنائها .وشاهد عيان عليها .وقد اعتبرت ما أورده على لسان أعلام الإصلاح بمثابة نصوص حرفية لهم؛ لصدق الرجل وأمانته العلمية .وسماعه المباشر منهم. كتابات الشيخ إبراهيم بيوض من تفسير ومراسلات ومقالات ومذكرات ودروس ووثائق؛ مما خطه بنفسه ،ومما حرره تلاميذه من بعده وطبعوه في كتب©6 وهي تعد مصدرا لفهم الحركة الإصلاحية وفكرها .وأهمها تتمثل فيما يلي: تفسير في رحاب القرآن. المجتمع المسجدي. أعمالي في الثورة. حديث الشيخ الإمام. كتابات الشيخ عبد الرحمن بكلي؛ بخاصة منها كتابه :الإصلاح في جيل .الذي ألفه في سنة 8491مإ وكان شاهد عيان على النهضة الإصلاحية .وأحد منظريها وصناع أحداثها.وقد بقي الكتاب مخطوطا إلى سنة 5002م حيث رأى النور ،وقد أفادني كثيرا في فهم حقيقة الإصلاح وتتبع أعماله ،وتطور حركته. كتابات الشيخ إبراهيم أبي اليقظان؛ من جرائد ومقالات وكتب ورسائل. فهو أحد منظري الحركة الإصلاحية وصانعي امجادها ،فكانت كتاباته مصدرا لفهم فكر الحركة الإصلاحية. 21مقدمة كتابات الدكتور محمد ناصر لكونه أحد أبناء النهضة الإصلاحية وأحد الدارسين هاء والمهتمين بها .حيث أن الكثير من كتاباته تصب في دراسة الفكر الإصلاحي .نذكر منها: الشيخ إبراهيم بيوض مصلحا وزعيما. حلقة العزابة ودورها في بناء المجتمع اللسجدي. .الشيخ أبو اليقظان وجهاد الكلمة. كتابات الدكتور محمد ناصر بوحجام{ وهو أحد أبناء النهضة الإصلاحية ،وأحد الدارسين لها والمهتمين بها ،وكتاباته تصب في هذا المنحى كذلك .نذكر منها: الشيخ بيوض المصلح المربي. .الشيخ بيوض والعمل السياسي. رسالة الماجستير للأستاذ نور الدين سكحال بعنوان :الشيخ بيوض ومنهجه ني الإصلاح. فقد أفادتني كثيرا وحددت أمامي مداخل دراسة الحركة الإصلاحية ،وكفتني مؤونة البحث في بعض النقاط كما بنيت عليها للتعمق والتوسع في نقاط أخرى. ۔ كتاب الأستاذ يوسف الحاج سعيد بعنوان :تاريخ بني مزاب ،حيث وفر لي المادة العلمية التاريخية الثرية حول وادي :ميزاب في تاريخه الحديث والمعاصر. إلى جانب هذه الدراسات؛ فقد استفدت من دراسات أخرى كثيرة .أذكر منها كتابات المفكر مالك بن نى حول إشكاليات الحضارة الإسلامية ،وكتابات الدكتور رابح تركيؤ والدكتور عبد الكريم بوصفصاف حول الحركة الإصلاحية الجزائرية. ضبط العنوان: حددت عنوان الأطروحة كما يلي: 31مقدمة معالم النهضة الإصلاحية عند إباضية الجزائر من سنة1 751 :ه4471/م-إلى سنة2831 :ه2691/ه العنوان؟ فما موقع كل كلمة ف معالم :تعني إبراز الأسس والركائز التى قامت عليها النهضة الإصلاحية والمنهج الذي سلكته .والأطر التى تحركت بواسطتها .والمجالات التي أحدثت فيها الإصلاح. النهضة :تعني بيان جهود المجتمع في مختلف المجالات في سبيل إعادة بناء بيته. وبعث حركته من جديد؛ بعد ما أصابه من ركود وهوان. الإصلاحية :تعني بيان طبيعة هذه النهضة التى كانت لإصلاح ما أفسده الناس وغيرته الظروف في المجتمع .ومحاولة العودة به إلى جادة الطريق وصفاء الإسلام .فهي ليست ثورة ولا تغييرا لكل شيء من الجذور أو هدم كل شيء وانطلاقا من فراغ .وبداية من الصفر وإنما هي عملية ترقيع وتصحيح وتقويم وتصويب وبناء. إباضية الجزائر :تعنى تحديدا للإطار البشري والحيز المكاني لهذه النهضة الإصلاحية .التى مست مجموعة من الناس يشكلون مجتمعا في القطر الجزائري يستوطنون منطقة وادي ميزاب‘ ولهم نشاط وحركة في أرجاء الجزائر ،ويتبعون المذهب الإباضي. من سنة7511 :ه4471/م-إلى سنة2831 :ه2691/م :تحديد الإظار الزمني للبحثؤ أو الفترة الزمنية المدروسة التى تندرج ضمن فترة التاريخ الحديث والمعاصر في تقسيم أهل التاريخ. اخترت نقطة البداية من سنة7511ه 4471 /م لأنها تمثل تاريخ عودة الشيخ ابي زكريا يجى الأفضلي للى وادي ميزاب واستقراره فيه بعد رحلته في طلب العلم 3وانطلاقه في عمله الإصلاحي وهو يعتبر باعث النهضة الإصلاحية الحديثة في وادي ميزاب. 41مقدمة واخترت التوقف في سنة 2831ه2691 /م التي هي تاريخ استقلال الجزائر لأني أرى أن النهضة الإصلاحية اكتمل تبلور مشروعها خلال هذه الفترة ودخلت في نوع من الاستقرار 5ثم أنها عاشت ظروفا جديدة بعد الاستقلال" دفعتها لتغيير بعض الشيء في قواعد عملها ومنهج حركتها .ما يجعل منها مرحلة مستقلة تحتاج إلى دراسة خاصة. كما أشير أني ركزت على تحليل فكر النهضة الإصلاحية في مرحلة قوتها ونضجهاء خلال النصف الأول من القرن العشرين بعد تحولها إلى حركة وتنظيم ومدرسة فكرية .بقيادة الشيخ إبراهيم بيوض وذلك لاعتقادي أن المراحل السابقة كانت إعدادية ،وكانت الجهود فيها فردية ومشتتة. صعوبات البحث : لا أرى أن البحث اعترضته صعوبات كبيرة بل إن الله تعالى سخر لي ظروف العمل والتوفيق" كما حظيت بمباركة الشيخ عدون شريفي -:عليه رحمة الله - لفكرة البحث‘ حينما التقيت به في الجزائر العاصمة في آخر سنة قبل وفاته وعرضت عليه الموضوع فباركه ،وشجعني على المضي فيه ،وأوصاني بالتزام الآداب والحدود فيه .ودعا لي بالخير .حيث أعتبر هذا أول نباح للبحث وتذليل لصعوياته ،كما أن البحث حظى بوجود العديد من الدراسات السابقة والممهدة لجوانب منه مما فتح أمامي الآفاق للتحليل والبناء والتعمق. لعل الصعوبة العلمية تتمثل في ترامي أطراف البحث ،وفي غزارة مادته التاريخية والفكرية وتنوع مصادرها ،بما يستدعي خبرة كبيرة للتحكم فيها واستثمارها ،وتوجيهها 5والاستفادة منها ،ومما يستدعي كذلك أوقاتا طويلة. وجهودا كبيرة للإحاطة بها. والصعوبة الثانية تتمثل في اعتماد البحث على نوع من المصادر هي وثائق ورسائل ومذكرات ومقالات يصعب الحصول عليهاء وأحيانا يتعذر لكونها 51مقدمة متناثرة هنا وهناك ،ولكونها موجودة عند جهات خاصة من أسر المشايخ وأبنائهم وتلاميذهم في وادي ميزاب وخارجه .وأن الوصول إليها والاطلاع عليها لا يتأتى بسهولة .ويتطلب أسفارا وتنقلات ومواعيد ولقاءات وانتظارات :لا يتسنى الالتزام بها عادة؛ مما اضطرني إلى الاستغناء عن بعضها أحيانا ،والاكتفاء بما اجتمع لدي. والصعوبة الثالثة تتمثل في طبيعة الموضوع بكونه يتناول أحداثا معاصرة ،قريبة الوقوع ،وأن تداعياتها على الحياة الراهنة مازالت قويةس بما جعلني في أكثر من موضع في البحث أجد حرجا وصراعا مع نفسي بين قول ما اقتنعت به ورأيته صوابا وخلصت إليه وبين مراعاة الواقع وأثر كلامي عليه ،ولعل هذا ما نبهني إليه الإمام الشيخ عدون بقوله :عليك بالتزام الآداب والحدود فيه. شكر وتقدير : لا يسعدني في الأخير وأنا أضع اللمسات الأخيرة لهذا العمل واختتم هذا البحث إلا أن أتوجه إلى النه العلى القدير خاضعا له منيبا إليه حامدا نعماءه وشاكرا آلاءه ،على ما سخر لي من نعم التوفيق والعناية والرعاية أثناء مسيرتي الطويلة خلال إتباز هذا البحث. ثم أتقدم بعد ذلك بالشكر الجزيل لكل من لهم يدي بيضاء علي لأجل أن يبلغ هذا البنيان تمامه ،وبلا شك فإن عددهم كبير ،وليس بوسعي إحصاءهم ولا رد جميلهم .فانه أدعو أن يحبازيهم عني خير الجزاء وأن يبلغهم أمانيهم ومقاصدهنم ويهديهم سواء السبيل .آمين. ولا حول ولا قوة إلا بالنه العلي العظيم .والحمذ لثه رب العالمين. قاسم الشيخ بالحاج القرارة-وادي ميزاب-الجزائر في تاريخ 80 :صفر9241ه 51 /فيفري 8002م. ايتنم الاوضاع العامة لإباضية الجزائر 9 خلال عصر النهضة الإصلاحيةب 7 مدخل :المشهد العام للجزائر أثناء قيام النهضة الاصلاحية للبحث الأول :الأوضاع السياسية الحث الثان :الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية للبحث الثالث :الأوضاع الدينية والثقافية مهيتد: ئ .سى ‏٥-٭۔ . لا شك أن أوضاع العالم الإسلامي بعامة والجزائر بخاصة قد ألقت بظلالها على إباضيةه الجزائر بوادي ميزاب! وقد تأثروا بها أيما تاثر ،وتفاعلوا معها إيجابا وسنلبا .ولا شك أن القواسم المشتركة بين سائر المجتمعات الإسلامية كانت كبيرة؛ جكم الظروف المتشابهة والعوامل المؤثرة المتقاربة" مع تسجيل فوارق في جوانب من الحياة ،تعود إلى الخصوصيات التي يجملها كل مجتمع ،وإلى وجودها ني مناطق جغرافية مختلفة ،يقتضي الحال التأقلم معها والانطباع بها. أحاول الآن تتبع هذه الأوضاع؛ السياسية والاجتماعية والاقتصادية والدينية والثقافية للمجتمع الإباضي في الجزائر؛ قصد رسم صورة متكاملة عنه ،يفهم من خلالها طبيعة الإصلاحات التى سيخضع فها هذا المجتمع ،والتغيرات التي سيعيشها مع ظهور حركة جديدة في أوساطه ،حاولت أن تبذل جهودا على أصعدة عديدة لأجل تغيير وجوه الحياة فيه. ارتايت أن تكون فترة الحكم العثماني للجزائر مع مطلع القرن العاشر المجري السادس عشر الميلادي نقطة البداية لتتبع هذه الأوضاع .مع التركيز أكثر ( )1الإباضية :فرقة من الفرق الإسلامية ،ومذهب من مذاهبها .أسسه الإمام التابعي جابر بن زيد الأزدي العماني المتوفى سنة 39ه 6،وينسب المذهب إلى عبد النه بن باض التابعي المتوفى حوالي سنة 68ه\ لكونه المدافع عنه لدى السلطة الأموية .نشا المذهب في البصرة بالعراق 6ثم توسع إلى اليمن وعمان وإلى ليبيا وتونس والجزائر وإلى جنوب شرق إفريقيا .وللمنهب علماؤه ومصادره ف علوم الشريعة المختلفة. القديمالمقالات ف الاباضية بن الفرق الإسلامية عنل كتاب علي محى معمر:يراجع ف ذلك مثلا كتاب: `والحديث المطبعة العربية .غرداية الجزائرش 7891م كله.. ( )2انظر تعريف وادي ميزاب في المبحث الثاني من هذا الفصل. ( )3للاطلاع على تاريخ الدولة العثمانية ودورها في العالم العربي والإسلامي يراجع مثلا كتاب :عبد المنعم الماشمي :موسوعة تاريخ العرب ،دار ومكتبة الهلال .بيروت‘.6002ج :5عصر المماليك والعثمانيين. ص.313 -581 الفصل الأول :الأوضاع العامة لإباضية الجزائر خلال عصر النهضة الإصلاحيتة20 على عهد الاستعمار الفرنسي؛ ذلك أن الكثير من قضايا الإصلاح والتغيير والنهضة تعود جذورها إلى تلك الحقبة الزمنية ،وأن فهم واستيعاب تطور. الأحداث وتسلسلها يقتضي الاطلاع على تلك الأوضاع ومعرفة تلك الأحداث. كما تعد فترة الاستعمار الفرنسي حلقة حساسة من التاريخ الحديث والمعاصر. للجزائر؛ لما خلفته من آثار جسيمة على الوضعية العامة ،وأحدثت تقلبات جذرية في النسيج الاجتماعي للشعب الجزائري برمته وبمختلف شرائحه ،وعلى كافة أصعدته6ثم ما نتج عن ذلك بالتبع-كرد فعل على هذه الأعمال-من حركية اجتماعية معاكسة .ونضال سياسي مضاد وعمل عسكري مقاوم .ولده هذا الاستعمار في نفوس الجزائريين؛ فقلب نظام الحياة لديهم. نكيف كان ذلك على الجزائر ووادي ميزاب ؟ 12مدخل :الشهد العام للجزائر أثناء قيام النهضة الاصلاحية مدخل: المشهد العام للجزائر أثناء قيام النهضة الإصلاحية لأجل وضع النهضة الإصلاحية التي شهدها إباضية الجزائر في سياقها التاريخي .ولأجل فهم التفاعلات السياسية والاجتماعية التى حصلت في داخلها نحتاج إلى بيان الوضع العام الذي كانت تعيشه الجزائر خلال هذه الفترة ،وما تزامن مع ذلك من أحداث عالية وإسلامية كبرى. بينما كان العالم الإسلامي خلال التاريخ الحديث يدخل فترة سباته الحضاري العميق" ويخرج من مسرح التاريخ وصناعة أحداثه؛ بسبب الضعف والهوان الذي أصابه على تلف الأصعدة .مع سقوط آخر قلاعه الحضارية في أوربا المتمثلة ني مدينة غرناطة بالأندلس سنة 798ه2941/م .كان العالم الغربي يعيش اولى لحظات استفاقته الحضارية وينهي فترة غيبته التاريخية .ويحاول النهوض من كبوته واستعادة جده ،والرجوع إلى مريع الأحداث والتحكم في إدارة مقود السياسة والحكم في العالم 5والاتجاه بها نحو الخط الذي رسمه ني خدمة مصالحه واهدافه العليا؛ آخذا في ذلك بأسباب التمكين والنهوض والعزة والقوة .واستفادته من تجربته الماضية ،والوقوف على أخطائه ومطباته وأخذ الدرس والعبرة منها. ولى وجهه نحو التمكن من ناصية العلم والمعرفة .وتقديس العمل والإبداع } والاختراع والإتقان" وتوفير القيم الإنسانية الكبرى من العدل والأمن والمساواة والرخاء ،وتسخير الجهود لامتلاك قوى التأثير والهيمنة على العالم ،من العلم والمال والإدارة والصناعة والسلاح والإعلام .ثم محاربة كل ما يقف في طريق مشروعه الكبير من مظاهر الجهل والفقر والحرمان والمرض والعضبيات والفتن والاستعباد الكنسي والاستحواذ الإقطاعي والفساد السياسي .والاتجاه بقوة وسرعة نحو الدخول في عهد المدنية والدولة والمواطنة. ( )1للاطلاع على تاريخ النهضة الأوربية خلال العصر الحديث يراجع مثلا كتاب :زينب عصمت راشد: الفصل الأول :الأوضاع العامة لإباضية الجزائر خلال عصر النهضة الإصلاحية} 22 انطلقت الحضارة الغربية في البناء والتزميم الداخلي بخطوات ثابتة ورؤية واضحة وأهداف محددة .وقطعت أشواطا جبارة فيه .حتى بدأت تفكر في التوسع والانقضاض على موروث الضفة الشرقيةالجنوبية من عالمها التى كانت تمثلها أساسا البلدان العربية والإسلامية .حيث أضحى وضعها في حال يرثى له من ضعف الحكومات ووهن الشعوب وتخلفها ودخولها مرحلة القابلية للاستعمار. مكنت هذه الأوضاع المتردية المتراوحة بين السيئ والأسول القوى الغربية من التكالب على هذه الشعوب والعمل على استعمارها .وما إن جاء مطلع القرن التاسع عشر حتى كانت القوى الأوربية الاستعمارية تتجه جيوشها نحو البلاد الإسلامية .وتوظف نتائجبجوثها ومبتكرات صناعتها المدنية والعسكرية للاستحواذ على خيرات هذه البلدان والسيطرة على أراضيها واستعباد شعوبها ،وتقسيم وصفت الدولة العثمانية -صاحبة السيادة الشرعية على هذه البلدان -بالرجل يعد يقوى على تسيير شؤون هذه الإمبراطورية الشاسعة المتراميةالمريض الذي الأطراف لذلك يلزم أن يخضع جسدها المنهار إلى عمليات جراحية معقدة ومتعددة. لأجل انتزاع نفوذها على هذه البلادؤ وتسليمها للدول الغربية القوية. هكذا وجدت معظم الدول العربية والإسلامية نفسها في وضع تاريخي جديد؛ هو وضع الاحتلال والاستعمار .فذاقت تحت وطاته أصنافا من الويلات والجحيم والعذاب ،عاد بها إلى الوراء وزادها ضعفا إلى ضعفها وهوانا إلى هوانها. فكيف كان حظ الجزائر من ويلات هذا الاستعمار وخخازيه؟ شهدت الجزائر خلال تازيخها الحديث والمعاصر حكمين هما الحماية العثمانية الفرنسيوالاستعمار ا .66 -1ص5 /م.624دار الفكر العربي ،القاهرة .مصر.تاريخ أوريا الحديث 32.مدخل :المشهد العام للجزائر أثناء قيام النهضة الإصلاحية كان سبب قيام الحكم العثماني الكي ي البلاد الجزائرية هو رد هجمات الإسبان وغاراتهم على السواحل الجزائرية خلال القرن السادس عشرء وقد تمكنت فعلا قوى الأسطول العثمانى من قهر هذا العدو وصد هذا العدوان" فكان ذلك مدعاة لبقاء القوات العثمانية في الجزائر تحرس سواحلها ،ثم بعد ذلك ضمت إل نفوذها ،وأصبحت محمية عثمانية؛ يتولى الباب العالي في الأستانة تعيين حكامها من الأتراك.‘١‏ تفهم الجزائريون إلى حد بعيد هذا الدور العثماني في بلادهم وتقبلوا هذا الوضع وحفظوا هذا الفضل6وتعاونوا مع الأتراك المنتمين لدينهم وحضارتهم والممثلين للخلافة ا لاسلامية على تاسيس أركا ن دولتهم0وتركوا همم المنا صب العليا والمراكز الحساسة في أجهزة الحكم ولم ينافسوهم فيها. عاشت الجزائر في ظل الحكم العثماني حياة يمكن وصفها-عموما -بالاستقرار الداخلي وبالتعايش والتوافق ببن قبائلها وأهاليهاء رغم الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية المتردية والمتخلفة-عموما -وقد حصل الانصهار والتزاوج بين العائلات التركية والجزائرية واندمج الكثير من الأتراك ضمن المجتمع الجزائري(. عندما شهدت الإمبراطورية العثمانية في الأستانة مرحلة ضعفها مع نهاية القرن الثامن عشر ومطلع القرن التاسع عشر انساب ذلك الضعف على ذيولها في المغرب والمشرق ئ ولم تستطع أن تدفع أ لخطر عنها [ ولا أن عمددولتها فآطرا ف مما جعل الفرنسيين يكشرونمناطق نفوذها البعيدة بقوة السلاح والعتاد والجيوش ( )1احمد توفيق الدني :حرب الثلاثمائة سنة بين الجزائر وإسبانيا2971 -2941 .مإ ط ‘2الشركة الوطنية للنشر والتوزيع الجزائر6791م .ص. 771 -[ 55عبد الرحمن الجيلالي :تاريخ الجزائر العام ..ط .4دار الثقافة .بيروت0041 .ه0891 /م .ج .3ص.05 -7 < 1 1م .ح 899لبنانيبيروتك6الغرب الاسلامي.آ6دارط صسعل الله :تاريخ الجزائر الثقاني.أبو القاسم )(2 حاولةالعهد العثماني،فالجزائريةمسألة السيادة بعنوان:سعيدوني:مقالناصر اللين.522- 1ص93 لتقييم العهد العثماني للجزائرث منشور ضمن كتابه :الجزائر منطلقات وآفاق" دار الفذرب الإسلامي. بيروتؤ لبنان0002 .م 5ص.491 -361 الفصل الأول :الأوضاع العامة لإباضية الجزائر خلال عصر النهضة الإصلاحية24 عن أنيابهم ويبدون أطماعهم في احتلال بلاد الجزائر والقضاء على الحكم العثماني التركي فيها ،حتى تم لهم ذلك في تاريخ51 :محرم 6421ه 50 /جويلية 0381م. فدخلت الجزائر عهد الاستعمار(". إثر احتلال القوى العسكرية الفرنسية للجزائر رات ضرورة تطبيق سياسة شديدة شاملة للسيطرة على شعبها وبسط نفوذها على أراضيها المترامية الشاسعةة يمكن تحديد أهم معالمها ومواصفاتها فيما يلي: على المستوى السياسي عملت السلطات الاستعمارية على إحكام قبضتها على مراكز الحكم والسيادة والتاثير في الجماهير وأزاحت كل الجزائريين منها ووضعت فيها حكاما عسكريين متعصبين حاقدين؛ مسلطين أصناف العذاب والذل على الجزائريين" كما عملت على جلب أكبر عدد ممكن من المستوطنين، وتسهيل كل السبل أمامهم لأجل استقدامهم وضمان استقرارهم في الجزائر ومنحت لهم غختلف الامتيازات ،من الأراضي الزراعية الخصبة ،والمناصب الإدارية الرفيعة ،والرواتب العالية والترقيات السريعة .حتى شكلت منهم طبقة برجوازية إقطاعية عسكرية ،تتحكم بواسطتهم في مفاصل السلطة ،وتضمن من خلالمم استقرارها وقضاء مصالحها في الجزائر(. كانت هذه هي فكرة الجنرال بيجو (لاةععں )8وسياسته .حيث كان يعتقد أن احتلال البلدان والسيطرة عليها لا يتم عن طريق العمل العسكري والجيوش والسلاح فقط وإنما لا بد له من دعم من خلال تكوين طبقة معمرة تستوطن هذه البلاد بصفة دائمة[ وتساعد على استقرار الحكم فيه .وتتقلد غتلف الوظائف الحساسة وتشغل تلف المراكز الإستراتيجية. ( )1الجيلالي :تاريخ الجزائر العام! ج .3ص.05 -7 ( )2سعد اله :المرجع السابق .ج ا{ صر.652 ( )3رابح تركي :الشيخ عبد الحميد بن باديس رائد الإصلاح والتربية ني الجزائر .ط ،4المؤسسة الوطنية للكتابؤ الجزائر491م .ص.52 52مدخل :المشهد العام للجزائر أثناء قيام النهضة الإصلاحية فعلا نجحت هذه السياسة ،وتحكمت هذه الطبقة في كل مراكز القوة ،فامتلكت وسائل الإنتاج والأراضي الزراعية ومناصب الإدارة والحكم .في مقابل ذلك حرمت الجزائريين من كل الحقوق فطردتهم من أراضيهم واستولت عليها ،وحرمتهم من الوظيف ومن العمل ومن ظروف الحياة الكريمة ،وعملت على إذلالهم واستعبادهم. كما حرص الاستعمار على خنق أي صوت ينادي بالحقوق الجزائرية" فاصدر ط. )0الذيسنة 3621ه7481 /م قانون الأهالي )عط ينص بلى منع الجزائريين من مزاولة حرياتهم العامة؛ كتشكيل أحزاب أو جمعيات أو نقابات أو القيام بمظاهرات ،أو تنظيم اجتماعات أو المطالبة بجقوق«"‘. أما على المستوى الاجتماعي والاقتصادي فإن طبقة المعمرين المكونة من الفرنسيين والإسبان والمالطيين والسويسريين ،الذين تجمعهم اللغة الفرنسية والثقافة الأوربية شكلوا فيما بينهم مجتمعا منغلقا على نفسه حقودا متعصبا برجوازيا إقطاعيا يمتلك كل ظروف الحياة ووسائل العمل وفي المقابل يسعى لحرمان الأهالي الجزائريين من كل شيء ،فعمل على إذلاله واستعباده في الحقول والمزارع والإدارات وجعل منه ”خماسا“ خادما ضعيفا فقيرا مذلو لا. وعلى المستوى الدينى والثقافي فإن سياسة الاستعمار المقيتة أدركت أن قوة الشعب الجزائري تكمن ف دينه وقيمه وشخصيته العربية الإسلامية المتميزة وني العلاقات الاجتماعية المتماسكة المترابطة ،فعملت منذ لحظة نزولها بأرض الجزائر على كسر قوائم هذه الشخصية وطمس معالمها وتشويه صورتها وتمزيق شبكة العلاقات الاجتماعية بين أفرادها .بواسطة غلق المدارس والمعاهد العربية الإسلامية ،ومحاربة اللغة العربية" وتحويل المساجد إلى كنائس{ ومضايقة نشاطها ومنعها من القيام بواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ونصح المجتمع ( (1سعيدوني :مقال بعنوان :التوجه المعادي للعروبة وا لإسلام ف السياسة الفرنسية ف الجزائر منشور ضمن كتابه :الجزائر منطلقات وآفاق" .ص-96۔ .7 ) (2تركي :المرجع السابق" ص.33 -91 الفصل الأول :الأوضاع العامة لإباضية الجزائر خلال عصر النهضة الإصلاحية26 وتوعيته .واضطهدت العلماء وحدت من نشاطهم وضايقتهم ونفت بعضهم. وصادرت أراضي الأوقاف التي كانت تمول مشاريع التعليم وبناء المساجد والإشراف على تسييرها ونشاطها ،ومساعدة الفئات الضعيفة من المجتمع"". إلى جانب ذلك عملت هذه السياسة على تفسيخ المجتمع وتمزيق روابطه ببث المفاسد والمناكر وإشاعة الفواحش والانحرافات في وسطه .وإثارة النعرات والعصبيات بين شرائحه وتركيبته الاجتماعية .فحاربت التعليم العربي الإسلامي وفتحت مكانه التعليم الفرنسي لبث أفكارها ونشر ثقافتها وإنشاء جيل مشوه تابع لها 5كما حرمت آلاف الجزائريين من التعليم وأبقتهم أميين .فلا هي وفرت مم المدارس الكافية ،ولا هي تركتهم يتعلمون في مدارسهم التقليدية العربية8كما أغلقت المحاكم الشرعية الإسلامية واستبدلتها بالحاكم المدنية بنية القضاء على الشخصية الجزائرية المسلمة“. وصل الأمر بالفرنسيين إلى إنكار وجود شيء يسمى الجزائر وشيء يسمى الشخصية الجزائرية .خيث قالوا عن الجزائر أنه مجال فارغ ليس فيه شعب ولا دولة ولا حضارة وأنهم أتوا لملء هذا الفراغ وإحياء حضارة جديدة وبناء دولة من العدم 3وإلحاقها بالأمة الفرنسية. تمكنت السلطات الاستعمارية الفرنسية من تحقيق أهدانها بإدخال الشعب الجزائري في ليل دامس" وتخريب منظومته الاجتماعية وتحطيم شخصيته الإسلامية. ( )1عبد الكريم بوصفصاف :جمعية العلماء المسلمين الجزائريين ودورها ني تطور الحركة الوطنية الجزائرية. ا 5491 31م ط اء نشر دار البعث ،قسنطينة1041 .ه1891 /م .ص ا .54 -4تركي :الشيخ عبد الحميد ابن باديس .ص.89 -09 ( )2رابح تركي :التعليم القومي والشخصية الجزائرية6591 -[ 139 .مإ الشركة الوطنية للنشر والتوزيع. الجزائرش 1891م 5ص.79 -19 ( )3بوصفصاف :الرجع السابق ،ص.44 ( )4المرجع نفسه ،ص .82فرحات عباس :ليل الاستعمار تع :أبو بكر رحال ،مطبعة المحمديةء المغفرب ،دت‘ ص.52 -02 72المشهد العام للجزائر أثناء قيام النهضة الإصلاحية مدخل: وإهانة كرامته وإراقة ماء وجهه ،وإصابته بضربة في رأسه أفقدته توازنه ،وأعادته .عشرات السنين إلى الوراء. دفعت هذه الأوضاع المزرية المتردية إلى ظهور فعل المقاومة والتحدي لدى الشعب الجزائري؛ فما إن وطئت أرجل الاستعمار أرض الجزائر ،وما إن دنست تربته حتى قامت في وجهه المقاومات الشعبية ،الت قادتها القبائل الجزائرية دفاعا عن أراضيها وحماها بما كانت تملك من قوة السلاح والعتاد والرجال .فكان الاستعمار لا يتقدم خطوة إلى الأمام ني عمق الجزائر حتى تقابله ثورة أهلها؛ حاملين السلاح في وجهه ،فشهدت الجزائر مقاومات كثيرة أهمها مقاومة الأمير عبد القادر("“& ومقاومة الحاج احمد باي بوعمامةومقاومة [ شالشيغ“١‏ومقاومة أولاد سيديومقاومة المقرانو ة ( )1عبد القادر بن محيى الدين الجزائري0031 -2221( :ه3881 -7081 /م)ا قائد المقاومة الجزائرية ضد الاستعمار الفرنسي من سنة2381إلى سنة 7481مإ يعتبر مؤسس إلدولة الجزائرية الحديئة ،نفي إلى فرنسا ثم إلى دمشق له العديد من المؤلفات منها كتاب المواقف .خير الدين الزركلي :الأعلام" قافوس تراجم لأشهر الرجال والنساء والعرب والمستعربين والمستشرقين" دار العلم للملايين" ط 70بيروت‘ لبنان6891 .م ،ج .54 ،4مجموعة من المؤلفين :موسوعة العلماء والأدباء الجزائريين" دار الحضارة الجزائر3002 .م .ص.93 -83 ( )2الحاج احمد باي :والي قسنطينة ني عهد الداي حسين بن علي قائد المقاومة الشعبية ضد الاحتلال الفرنسي في مدينة قسنطينة من سنة7381إلى.سنة 8481م .الجيلالي :تاريخ الجزائر العام٨‏ ج4ء ص891-202م. ( )3المقراني :قاند المقاومة الشعبية ضد الاحتلال الفرنسي في منطقة برج بعريريج في سنتي 2781- 1781م. يحمى بوعزيز :ثورات الجزائر في القرنين التاسع عشر والعشرين" ط ‏ ٠1دار البصث‘ قسنطينةش الجزائر 004اه0891 /م .ص.291-202 ( )4أولاد سيدي الشيخ :يعود اصلهم إلى أسرة الخليفة آبي بكر الصديق رضي النه عنهؤ وينسبون إلى جدهم عبد القادر بن محمدا الذي يعرف بسيدي الشيخ .استوطنوا منطقة الأبيض سيدي الشيخ بالجنوب الوهراني .وقادوا المقاومة الشعبية ضد الاحتلال الفرنسي من سنة4681إلى سنة188ام .المرجع نفسها ص.331-671 ) (5بوعمامة بن العربي بن التاج :قائد المقاومة الشعبية ضد الاحتلال الفرنسي في منطقة الغرب الجزائري في سنوات3881 -1881 :م .المرجع نفسه ،ص.652 -542 الفصل الأول :الأوضاع العامة لإباضية الجزائر خلال عصر النهضة الإصلاحية28 ومقاومة لالة فاطمة نسوم ‏ } "١ومقا وم ةه ا لشريف محمد بن عبد الله( .2 لزم السلطات الاستعمارية أزيد من نصف قرن من الزمن حتى تتمكن من إحكام سيطرتها وبسط نفوذها على كامل تراب الجزائر ،وما إن تم ها ذلك مع مطلع القرن العشرين حتى انطلقت في وجهها الحركات السياسية في المطالبة بالحقوق والنضال لأجل رفع الغبن والظلم المسلطين على الشعب الجزائري. من جهة أخرى؛ فخلال النصف الثاني من القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين تعالت اصوات النهضة والإصلاح والتحرر في البلاد الإسلامية بالشرق على يد كبار العلماء والمصلحين والمفكرين والسياسيين أمشال جمال الدين الأفغاني! ومحمد عبده" ورشيد رضا وتلاميذهم .فوصلت رياحها إلى أرض الجزائر عن طريق نخبة من شبابها ممن سافر وهاجر إلى الشرق فتكون فيه ،وعايش هذا الجو وعاينه وتأثر به ،فرجع إلى أرض الوطن وهو يحمل روح النهضة .وافكارها ،فدعا وعمل على بثها في نفوس الجزائريين... كما تاثرت الجزائر بنخبة أخرى من أبناتها الشباب الذين هاجروا إلى أوربا وعاشوا فيها ورأوا وتعلموا أساليب المدنية والنضال وحرية إنشاء الأحزاب ( )1لالة فاطمة نسومر :قائدة المقاومة الشعبية ضد الاحتلال الفرنسي في منطقة القبائل من سنة!158إلى صنة 7م الجيلالي :المرجع السابق .ج .4ص.202 -891 ( )2الشريف محمد بن عبد النه :قائد القاومة الشعبية ضد الاحتلال الفرنسي في منطقة الأوراس في صنة 7م الرجع نفسه :ج .4ص.891-202 ( )3جمال الدين الأفغاني حمد بن صفدر7981 -8381( :م) .من أكبر رواد النهضة الإسلامية الحديشةة عاش متنقلا بينالعديد من الدول الإسلامية يدعو إلى إيقاظ الشعوب وتحريرها من الاستعمار والتخلف. الزركلي :الأعلام .ج .6ص-861۔ .961 ( )4محمد عبده بن حسن9481-5091( :م) من رواد المدرسة الإصلاحية ني مصر تلقى دراسته بالأزهر6 وتتلمذ على السيد جمال الدين الأفغاني .من لهم مؤلفاته :تفسير المنار .رسالة التوحيد .المرجع نفسه‘ ج .6ص.252 ( )5محمد بن علي رشيد رضا5681-5391( :م) احد أقطاب اللرسة الإصلاحية في مصر تلميذ الشيخ محمد عبد ورفيقه في الإصلاح .صاحب بلة المنار .من مؤلفاته :الوحي المحمدي .المرجع نفسه .ج ،6صر.621 92مدخل :الهد العام للجزائر أثناء قيام النهضة الإصلاحية وتاسيس الجمعيات .والمطالبة بالحقوق والعدل والمساواة .فعادوا إلى وطنهم. وهم يحملون هم أمتهم وقضية شعبهمإ فتجندوا للدفاع عنها والمطالبة بجقوقها في الحياة. تزامنت كل هذه الأحداث مع قيام الحرب العالمية الأولى الت هزت أركان الشعوب والمجتمعات في أرجاء العالم ،ودفعتها للانتباه من غفلتها ،والنظر في حالماء والتفكير في مستقبلها ،والعمل على النهوض باوضاعها. تحت هذه التأثيرات الخارجية شهدت الجزائر خلال القرن العشرين قيام الكثير من الحركات النضالية ،أهمها حركة النواب المسلمين! ،وحركة نجم شمال إفريقيا 5وحركة اتحاد المنتخبين المسلمين“‘& وحزب الشعب الجزائري“& وقد تتوعت هذه الحركات والأحزاب في مشاربها وأفكارها وتوجهاتها وبرامجها وسياساتها في المطالبة بجقوق الجزائريين{. كما شهدت الجزائر بعد قرن من الاحتلال ميلاد جمعية العلماء المسلمين الجزائريين سنة 9431ه1391 /م التى قامت بأدوار سياسية وشاركت في الحياة التضاليةء إلا آن الدور المميز ها تمثل في إحداث نهضة إصلاحية شملت الميادين ( )1حمد علي دبوز :نهضة الجزائر الحديثة وثورتها المباركة .ط ا۔ المطبعة العربية .الجزائر1931 6ه1791 /م. ج .2صر .7-42تركي :الشيخ عبد الحميد بن باديس .ص-١23‏ .531 ( )2تاسست بعد الحرب العالية الأولى بقيادة الأمير خالدا كانت تدعو إلى المساواة في جميع الحقوق والواجبات بين الفرنسيين والجزائريين ،انتهت بنفي الأمير خالد إلى الإسكندرية سنة 5291م. المرجع نقسه :صص.901 -77 (3).تاىست سنة529ام هدفها تحقيق الاستقلال التام لشعوب المغرب.العربي .وانتهت سنة 7391م .سعد الفه :الحركة الوطنية الجزائرية .ج .3ص5ا.841 -1 ( )4تاسست سنة 0391م .كانت تؤمن بسياسة الاندماج والجنس" وتؤمن بسياسة المراحل ني اكتساب حقوق الجزاتريين .من زعمائها فرحات عباس .تركي :المرجع السابقش ص.901 -77 ( )5تاسس منة739ام؛ وهو امتداد لحركة نهم شمال إفريقيا .زعيمها مصالي الحاج .وكان الحزب ينادي بالاستقلال التام للجزائر .سعد الله :المرجع السابق .ج .3ص.841 -1 [5 ( )6المرجع نفسه .:ج .3صك! ‏! 148. -١تركي :المرجع السابقش ص.401 -77 الفصل الأول :الأوضاع العامة لإباضية الجزائز خلال عصر النهضة الإصلاحية30 الدينية والاجتماعية والثقافية والتعليمية والتربوية للشعب الجزائري" وتجندت في الدفاع عن مقومات شخصيته وعملت على إعداد أجياله للمستقبل "'. إلى أن تو.جت كل هذه الجهود والأعمال باندلاع الثورة التحريرية المسلحة في الفاتح من نوفمبر سنة 4731ه4591 /مإ التى وحدت الشعب الجزائري تحت رايتها ،وجعلته يرفع السلاح للدفاع عن وطنه واسترداد حريته وكرامته ،ومجابهة المستعمر الذي أصبح لا يفهم إلا لغة الحديد والنار فكان أن حقق النه تعالى النصر والاستقلال على أيديها في الخامس من شهر جويلية سنة 2831ه /‏.٠1762 هذه هي ملامح الحياة العامة التى عاشتها الجزائر خلال العهد العثماني زأثناء الاحتلال الفرنسي ،وفي ظل هذه الأوضاع ولدت النهضة الإصلاحية عند إباضية الجزائر وعاشت مراحلها وأحداثها. ( )1سعيدوني :مقال بعنوان :مكانة جمعية العلماء المسلمين الجزائريين ني الحركة الوطنية الجزائرية ،منشور ضمن كتابه :الجزائر منطلقات وآفاق ص.622 -022تركي :الشيخ عبد الحميد بن باديس ،ص-77 . 9احمد عيساوي؛ الشيخ العربي بن بلقاسم التبسي مصلحًاء أطروحة دكتوراه ،جامعة الجزائر كلية العلوم الإسلامية ،الخروية .س ج0002-1002 :م .ص.563 -432 ( )2للاطلاع على تاريخ الثورة التحريرية يراجع مثلا كتاب :يحيى بوعزيز :ثورات الجزائر ني القرنين التاسع عشر والعشرينش ص.535 -392 13لليحث الأول :الأوضاع السياسية الميحثا لول : الأوضاع السياسية 1إباضية الجزائر أشناء العهد التثماضي: عند دخول٣لعثمانيين‏ إلى الجزائر وتوليهم مقاليد الحكم في بداية القرن العاشر المجري" السادس عشر الميلادي كان إباضية الجحزائر في وادي ميزاب مستقلين عن أي حكم أو دولة في تسيير شؤونهم الداخلية التى كان يتولاها نظام العزابة“ وهياكله الاجتماعية والدينية المنضوية تحته. يبدو أن إباضية الجزائر الميزابيين في بادئ الأمر قد فكروا مليا في العلاقة التي ينبغي أن تجمعهم بهذه الدولة المسلمة الحديثة في الجزائر؛ وكان خيارهم بين البقاء منعزلين في صحرائهم يترقبون تطور الأحداث ووصول الدولة إليهمإ أو المبادرة بالتقدم إلى اجهزة الدولة لتوضيح العلاقة بينهم وبينها. يبدو أن الرأي الذي ترجحت كفته في نهاية المطاف هو الثاني؛ حيث سجل لنا التاريخ تحرك إباضية الجزائر نحو الدولة العثمانية لربط العلاقات معها ،ترجمت في مواقف وأعمال سياسية وعسكرية واقتصادية يمكن إجمالها فيما ياتي: ( )1انظر تعريف نظام العزابة وهياكله ق البحث الثاني من هذا الفصل. للاطلاع على تاريخ إباضية الجزائر قبل العهد العثماني ينخلر ف المصادر والمراجغ الآتية:أحمد أبو العباس)(2 4191م .ابنمطبعة البعصث6٥‏ قسنطينة .الجزائرتح :إبراهيم :طلاي. اللرجيني :طبقات المشايخ بالمغرب©٥‏ الصغير :أخبار الأيمة الرستميين ،تح وتع :محمد ناصر وبجاز إبراهيم .المطبوعات الجميلةً الجزائر. 6891م ملي بحى معمر :الإباضية ف موكب التاريخ .حلك .الإباضية في الجزائر؛ ج.1ج .2المطبعة العريية .غرداية ،الجزائر!589م.إبراهيم بجاز :الدولة الرستمية ،ط !© مطبعة لافوميكڵ الجزائر 5891م .مسعود مزهردي :الإباضية ف المغرب الأوسط المطبعة العربية ،غرداية نشر جمعية التراث القرارة غرداية .الجزائر7141 6ه6991 /م. الفصل الأول :الأوضاع العامة لإباضية الجزائر خلال عصر النهضة الإصلاحبية32 1في سنة 429ه6151/م تحرك إباضية الجزائر الميزابيون لإبرام معاهدذة حماية ودفاع!" مع السلطة العثمانية بالعاصمة .وشكلوا لذلك وفدا يمثل قرى واديب ميزاب‘ وتضمنت المعاهدة بنودا عديدة يدور فحواها على ترك السلطة للميزابيينن في تسيير شؤونهم الداخلية بوادي ميزاب ،وعلى الاعتراف مذهبهم الإباضيب واحترام أعرافهم٨‏ وعلى حماية ممتلكاتهم و؟بارتهم حول أرجاء الجزائر وضمان: سلامتهم في تنقلاتهم وأسفارهم .وحماية قوافلهم التجارية التى كانت تجوب بلاد: الجزائر شرقا وغربا ،وتتعداها أحيانا إلى تونس والمغرب .مقابل ولاء الميزابين؛ للدولة العثمانية وتقديمهم خراجا أو ضريبة سنوية مقدرة باثني عشر عبدا واثني, عشرة أمة ،يتولون إيصالها بانفسهم إلى مركز السلطة بالعاصمة. يقول المؤرخ أحمد توفيق المدني :ه لما كان الميزابيون يهاجرون إلى مدن التل باستمرار قصد التجارة والكسب© فقد اعتزفذت قصورهم منذ انتصاب الأتراك بالبلاد بالتبعية للديوان .وإنما كانت التبعية اسمية فقط ولم يجدد مداها .فكان استقلالهم مطلقا في بلادهم(. يعتبر الأستاذ إبراهيم القرادي هذه المعاهدة المبكرة في عهد الحكم العثماني ) (1إبراهيم القرادي :جهاد الإباضية الميزابيين في المغرب الإسلامي .مقال منشور ضمن كتاب :إبراهيم حاج ايوب القرادي :الشيخ القرادي حياته وآثاره ،المطبعة العربية .غرداية .0991 .ص.671 -571 ( )2يوسف الحاج سعيد :تاريخ بني مزابؤ المطبعة العريية .غرداية .2991 .ص .65-75معمر :الإباضية في موكب التاريخ" حل{4ج.085-185 .2 ( )3احمد توفيق المدني( :ت0891 :م) من علماء الجزائر ومثقفيها .درس بجامع الزيتونة بتنونس ،شارك في الحياة الثقافية والسياسية التونسية ،وزير الثقافة بعد استقلال الجزائر .له العديد من الدراسات والمؤلفات في مجال التاريخ منها :كتاب الجزائر حياة كفاح .حرب الثلاثمائة سنة بين الجزائر والإسبان محمد عثمان باشا .موسوعة العلماء والأدباء الجزائريين :ص.74 ( )4احمد توفيق المدني :محمد عثمان باشا ،سيرته وحرويه نظام الدولة والحياة العامة في عهده المؤسسة الوطنية للكتابؤ الجزائرش 6891م .ص.831 ( )5إبراهيم بن يجى الحاج آيوب ،الشهير ب :القرادي (و :ا 3مارس 3291م-ت :الثلائاء ا ذي الحْجُة 4 / 9جويلية 9891م) رجل علم وفكر ودعوة من بلدة العطف بوادي ميزاب ،تلقى تعليمه في 33للبحث الأول :الأوضاع السياسية أول وثيقة رسمية تربط سكان صحراء الجزائر بشمالها تحت راية العثمانيين. ومبادرة ورضا وطواعية من أهلها قبل وصول العثمانيين إلى مدن الصحراء من بسكرة وتقرت والأغواط لإخضاعها لسيطرتها.'"١‏ لقد التزمت الدولة العثمانية عموما بعدم التدخل في شؤون الحكم بوادي ميزاب وأبقت تبعيته إليها شكلية اسمية طوال مدة حكمها للجزائر .إلا ما وقع في عهد حسن باشا سنة 2971م ،من والي قسنطينة السيد صالح باي الذي تولى إخضاع مناطق الصحراء للحكم العثماني ،فبعد أن وصل إلى الأغواط عزم على التحرك نحو وادي ميزاب لإخضاعها بالقوة العسكرية كبقية المناطق. بلغ أسماع أعيان الميزابيين ذلك الخبر فنهضوا في اتصالات حثيثة مع مركز السلطة بالعاصمة ومع حاشية داي الجزائر لمنع هذا العمل؛ لأنه تخالف لبنود المعاهدة المبرمة من قبل .وفعلا تكللت تحركاتهم وجهودهم بالنجاح وتفهم الداي حسن الموقف وأصدر أوامره بمنع تحرك صالح باي بجيشه نحو وادي ميزاب( معهد الحياة وفي تونس .تولى التعليم والوعظ والإرشاد في مدارس ومساجد العطف عضو بجمعية القيم الإسلامية بنادي الترقي في الجزائر العاصمة كان له نشاط معتبر في الثورة على مستوى ولاية غرداية. كانت له صلات مع شخصيات جزائرية بارزة منها الشيخ البشير الإبراهيمي والمفكر مالك بن نبي© شارك في جل ملتقيات الفكر الإسلامي" ترك آثارا علمية عديدة منها :مقالات واشعار مجموعة في كتاب :الشيخ القرادي ،حياته وآثاره .جمعية التراث :معجم أعلام الإباضية{ أربع مجلدات‘ من القرن الأول المجري إلى الخامس عشر الهجري ،قاسملمغربؤ نشر جمعيةالتراثؤ القرارة} غرداية .الجزائر0241 .ه9991 /م. ج .2ص.76 ( )1القرادي :المرجع السابقش ص.671 ( )2بابا حسن :داي الجزائر من سنة5021 :ه!197 /م إلى سنة2121 :ه897 /ام .الجيلالي :تاريخ الجزائر العام! ج .3ص .665المدني :محمد عثمان باشا .ص.45 -25 ( )3صالح باي :والي قسنطينة في عهد الداي بابا حسن من سنة5811 :ه 177 /ام إلى سنة` : .465 -365 1971م .الجيلالي :المرجع نفسها ج.3ص,7 ) (4حمو عيسى النوري :نبذة من حياة الميزابيين الدينية والسياسية والعلمية قديما وحديثا من سنة5051م إلى دار الكروان" باريس4891 .م ،ج ،1ص.622-4322مم 5 الفصل الآول :الأوضاع العامة لإباضية الجزائر خلال عصر النهضة الإصلاحية34 لكن من جهة أخرى فإن الدولة لم تف بالتزاماتها الأخرى التي تضمنتها المعاهدة بجفاظها على أمن الطرقات في المسافات الطويلة الوعرة التى كانت تربط الشمال بالجنوبؤ إذ تروي لنا المصادر التاريخية حقائق غريبة من حركات قطاع الطرق واستيلائهم على ممتلكات المسافرين الراجعين إلى أوطانهم في الصحاري بعد سنوات قضوها في مدن الشمال لأجل العمل والكسب .وكذا الفتن والصراعات بين القبائل المتجاورة في المدن الداخلية والقرى الصحراوية. نغبد الشيخ عبد الرحمن بكلي يلوم السلطة العثمانية على تقصيرها في واجب حفظ الأمن في المدن والطرق الداخلية قائلا « :لم تعر إلى هذا الناحية أدنى التفاتة. بل ألقت الحبل على الغارب وتركتهم عرضة للنهب والسلب والترويع" فلا يخرجون من بلادهم أو إليها إلا في قوافل مسلحين استعدادا للطظوارئ ،وتحت حماية بعض أبطال ذلك الزمن .منهم الذين يستأجرونهم لذلك مخافة أن يذهبوا هم وأموالهم واولادهم ضحية .فكم من جماعة سافرت إلى وطنها بعد أن أمضت سنين في الجمع والاكتساب تخرج عليهم جماعة مجرمة من قطاع الطرق فتجردهم من كل ما ملكت أيديهم" وتتركهم عراة صفر الأكفه"‘. إلا أنه حاول أن يبد مبررا سياسيا معقولا لهذا التقصير باشتغال الدولة بمصارعة قراصنة البحر من الإسبان وتجميع قواتها العسكرية لرد العدوان الخارجي القادم من البحر والعناية بجماية الحدود الخارجية على حساب نفوذها الداخلي. 2في سنة 429ه8151/م شارك إباضية الجزائر ى رد حملات الإسبان على السواحل الجزائرية .حيث استشهد الكثير منهم في معركة حسين داي المشهورة بمعركة ” كدية الصابون“ .ولا تزال مقبرتهم موجودة في ناحية المقرية بالقرب من حى حسين داي بالجزائر العاصمة“. حل.4التاريخ.موكبالإباضية فرسالة منشورة ضمن كتاب:علي معمر:)( 1عبد الرحمن بكلي: ج .2ص.553 بكلي :رسالة منشورة ضمن كتاب :معمر.:الإباضية ف موكب التاريخ .حل 4ج .2ص.3 06)(2 .46ص -36تاريخ بني مزابالحاج سعيد: .80_- ص 302 نيذة من حياة الميزابيين ،ح ا ‏٠ النوري:) 3 53البحث الآول :الأوضاع السياسية 3في سنة 849ه1451 /م قام المجاهدون الميزابيون بعملية فدائية عرفذنت حيث قتلالجزائر العاصمةمراكز الذخيرة الإسبانية فبنسف دار البارود؛ إحدى فيها عدد من ضباط الحملة الإسبانيةش واستشهد فيها قرابة الثلاثين فدائيا ميزابيا « . 1 وهي معروفة كذلك بوقعة "برج بوليلة“ او ”قصر مولاي حسن . تركت هذه العملية البطولية آثارا حميدة في توطيد علاقة إباضية الجزائر بالحكام العثمانيين أكثر .حيث منحت فهم الدولة على إثرها عدة امتيازات تمثلت في الإشراف على إدارة بعض المهن والحرف التابعة للدولة؛ كالإاشراف على عملية الذبح الشرعي وإدارة بعض المسالخ بالعاصمة .وكذا إهدائهم بعض الحمامات في قصبة الجزائر؛ بقيت ملكا لهم إلى يومنا هذاء كما أحدثت الدولة لهم منصب أمين الميزابيين؛ الذي يتولى تمثيلهم وله حق حضور المجالس الاستشارية التى تعقدها الدولة مع القبائل والعروش الجزائرية لتدارس مصالحهم وشؤونهم ومصالح الشعب الجزائري(" 4استجابتهم لنداء الدولة العثمانية حين استنجدت بسكان الصحراء لرد الحملات الأولى لنزول الفرنسيين بشواطئع سيدي فرج سنة 6421ه0381 /م لاحتلال الجزائر ،فبعثوا أربعة آلاف مقاتل دافعوا باستماتة عن عاصمة الجزائر ) ) 1عبد الرحمن بكلي :فتاوي البكري المطبعة العريية٨‏ غرداية 5الجزائر" ج .473 .2النوري :المرجع نفسه جا .ص .212-612 ( )2النوري :المرجع نفسه ،ج .1ص .232-332الحاج سعيد :المرجع السابق" ص. . .75 ( )3ل تتفق المصادر على ضبط عدد المقاتلين؛ إذ نجد الأستاذ أحمد توفيق الماني يذكر أن عددهم هو ألف مقاتل ويتبعه في ذلك الأستاذ محمد علي دبوز إلا أن كلا من الأستاذ أبي القاسم سعد النه وعلي يحيى معمر وحمو النوري ويوسف الحاج سعيد يثبتون رقم أربعة آلاف.وأرى أن العدد مبالغ فيه بالنظر إلى نسبة سكان وادي ميزاب الذي كان بضع العشرات من الآلاف آنذاك ،إلى جانب عدم توفر روايات تاريخية واضحة بين أيدينا صك.54عن أخبارهم ومعاركهم .انظر :أحد توفيق المدني :كتاب الجزائر ط [ .المطبعة العربية 5الجزائر دت. بداية الاحتلالأبو القاسم سعل الله :تاريخ الجزائر الحديثدبوز :نهضة الجزائر الحديثة .ج.1ص.542 مطبعة الجبلاوي القاهرة .مصر 0791 .م .ص .43معمر :الإباضية ي موكب التاريخ .حلك .ج .1 اللزجع نفسه .ص. [ 46ص.1 74النوري :المرجع نفسه ح.1ص. [ 79الحاج سعيد: الفصل الأول :الأوضاع العامة لإباضية الجزائر خلال عصر النهضة الإصلاحية36 واستشهد منهم العدد الكثير ودفنوا في منطقة سطوالي ،كما شاركوا في المعارك الموالية ضد الفرنسيين في أراضي متيجة والبليدةس وسقط الكثير منهم في ميدان الشرف ودفنوا في مقبرة موجودة إلى اليوم في الطريق إلى جبال الشريعة بالبليدة‘“. يقول الدكتور أبو القاسم سعد الله في معرض ذكر القبائل الجزائرية المشاركة في رد الاحتلال الفرنسي« :وجمع أهالي ميزاب حوالي أربعة آلاف حاربه". إن هذا العدد من المجاهدين الذي شارك بها الميزابيون في رد العدوان الفرنسى في نهاية العهد العثماني يعد عددا معتبرا مقارنة مع عددهم الإجمالي آنذاك الذي لا يتعدى بضع العشرات من الآلاف ولعله يمثل النسبة الغالبة من القوة الحية في المجتمع .لذا يتبادر إلى الأذهان التساؤل عن القناعة التى دفعت الميزابيين إلى هذا العمل ،وعدم اكتفائهم بمشاركة رمزية واحتفاظهم بهذا الجيش من أبنائهم للذود به عن حمى واديهم الصغير؛ الذي سيصل إليه المستعمر لا محالة بعد تمكنه من السيطرة على الشمال؟ أجاب الأستاذ إبراهيم القرادي عن هذا التساؤل بما ملخصه: لارتباطهم مع الأتراك بمعاهدة ولاء ودفاع ،ولم يسبق أن استنجد الأتراك بسكان الصحراء قبل ذلك فقدروا هذه الاستغاثة وأوفوا بالمعاهدة فبعشوا بأكبر عدد ممكن. فهم يجاهدون لأجلجهادهم من منطلق إسلامي جت .أنهم انطلقوا ف إعلاء كلمة الله 5لا من أجل التراب وارتباط الإنسان بعقيدته أقوى وأولى من ارتباطه بأرضه. ربما لم يتوقعوا وصول الاحتلال إلى الصحاري ،إذ ليس فيها ما يغريه آنذاك أبناءهم لذلك.فلم يدخروا [.771-ص67حياته وآثاره: الشيخ القراديالقرادي: ص.64الجزائرالمدني :كتاب ) ( 1 (( )2على قيد الحياة) مؤرخ وأستاذ جامعي. ( )3سعد النه :تاريخ الجزائر الحديث ،ص.43 73البحث الأول :الأوضاع السياسية توقعهم انهزام الفرنسيين على مشارف الجزائر وردهم خائبين" كما كان ذلك مع الإسبان سابقا"". كل هنه المسوغات محتملة ومقبولة في اندفاع الميزابيين لرد حملات الاحتلال الفرنسي© ولكن يبقى دافع الجهاد والإيمان بأن القضية مرتبطة بالدين والعقيدة أساسا هو الأقوى وراء هذا العمل؛ هذا ما تبينه مشاركات إباضية الجزائر في رد غارات الإسبان من قبل وكذا الدفاع عن مدينة قسنطينة والمشاركة في الثورات الشعبية. ؟-مشاركتهم في الدفاع عن مدينة قسنطينة سنة 3521ه7381/م في صفوف قوات أحمد باي عند وصول الجيوش الاستعمارية إليهاء حيث صمدت المدينة في وجه الفرنسيين سبع سنوات تأبى الاستسلام والخضوع وبعد ان لجا أحمد باي إلى منطقة الأوراس محتميا عند أهلها؛ واصلت بعض جيوب المقاومة القتال لعدة أيام أخرى كان الميزابيون من بينها ،واستشهد عدد معتبر منهم" وفي نهاية المطاف اشترطوا على الفرنسيين أن يوقفوا إطلاق النار دون تسليم أسلحتهم. حتى لا يتمكن الجيش من الدخول إلى قسم المدينة الذي كانوا يدافعون عنه لاستباحته وتعريضه للنهب والسلب وانتهاك حرمات أهله(. استمرت علاقة الاحترام والتقدير والتفاهم في هذا المستوى بين حكام الدولة العثمانية وأعيان إباضية الجزائر طوال فترة حكمهم" وقد كان العالم الإباضي أبو يعقوب يوسف بن محمد المصعبي« الذي عاش في ظل هذه الدولة شخصية لها ( )1القرادي :المرجع السابق ،ص.771 ( )2النوري :نبذة من حياة الميزابيين .ص ا .63-563الحاج سعيد :تاريخ بنى مزاب ،ص.66 ( )3أبو يعقوب يوسف بن محمد المصعي (و9701 :ه966 /ام -ت7811 :ه3771 /م) ولد بمدينة مليكة بوادي ميزاب ،ارتحل إلى جزيرة جربة مع والده وهناك تلقى علومه على يد الشيخ سعيد بن يحيى الجادوي وعن الشيخ عمر السدويكشي تولى رئاسة مجلس الحكم في جربة\ وتفرغ للتعليم والوعظ في مساجدها ،وكان في نظر الدولة العثمانية متل إباضية المغرب الإسلامي وزعيمهم .انظر :فرحات الجعبيري :البعد الحضاري للعقيدة عند الإباضية ،المطبعة العربية غرداية .نشر جمعية التراثؤ القرارةء الفصل الأول :الأوضاع العامة لإباضية الجزائر خلال عصر النهضة الإصلاحية38 وزنها عند العثمانيين؛ ينظرون إليه نظرة احترام وتبجيل ووقار ويعتبرونه مرجعا ومستشارا لهم في المسائل المتعلقة بالإباضية ،وقد حفظ لنا التاريخ مراسلات بين هذا العالم والحكام العثمانيينه"'. في هذا الصدد يقول الأستاذ علي يحي معمر« :على أن موقف الدولة التركية من الإباضية في الجزائر وفي غير الجزائر كان يبدو فيه الكثير من التقدير والاحترام والتفهم ومحاولة الإنصاف يدل على ذلك تلك المجالس العلمية التى كان يعقدها ولاة الدولة التركية لمناقشة بعض المسائل والمشاكل والشكاوى فيدعون إلى حضورها بعض علماء الإباضية المعروفين فيمن يدعى من علماء المذاهب."6 إذن ما يمكن أن يخلص إليه من كل هذه المعلومات التاريخية والأحداث أن الدولة العثمانية تعاملت مع إباضية الجزائر بصفتهم أقلية مسلمة تمثل مذهبا من المذاهب الإسلامية المعتمدة والمعترف خصوصيتها .ومجتمعا له أعرافه وتجربته فاحترمته وراعته دون عصبية أو عنصرية تذكر. هذه هي علاقة إباضية الجزائر مع الحكم العثماني" فكيف كان تعاملهم مع المستعمر الفرنسي بداية من سنة 6421ه0381 /م؟ غرداية ،الجزائر1991م.ج .2ص .241-341معجم اعلام الإباضية :ج .4ص.301 1 ( )1انظر نماذج من هذه المراسلات في كتاب :معمر :الإباضية في موكب التاريخ" حل ج 2.5ص.263 ( )2علي بن يحى معمر( :و7331 :ه !919 /م-ت :الثلاثاء72صفر 0)041ه_ /د! جانفي 0891م) داعية ومفكر وشاعر" من مدينة نالوت بليبيا .تلقى تعليمه في بلده ليبيا .ثم في جامع الزيتونة بتونس ثم في معهد الحياة بوادي ميزاب بالجزائر .حيث مكث فيه سبع سنين .وتولى التدريس فيه .له الكثير من المقالات المنشورة في المجلات مثل مجلة الشباب والأزهر والرسالة .أسس في بلده عدة مؤسسات تربوية وتعليمية وقام بنشاط دعوي واجتماعي كبير اشتغل في وزارة التربية والتعليم ببلده 6ترك الكثير من المؤلفات أهمها :الإباضية بين الفرق الإسلامية .الإباضية في موكب التاريخ سمر أسرة مسلمة .معجم أعلام ص .347الاباضية .ج.3 ( )3معمر :الإباضية في موكب التاريخ ،حل ‘4ج .2ص !.63 93للبحث الأول :الأوضاع السياسية 2اباضية الجزائر أثناء الاستعمار الفرنسى: سبقت الإشارة إلى أن الميزابيين استجابوا لنداء الحاكم العثماني للتعاون على رد العدوان الفرنسي في نزوله بسيدي فرج في محرم 6421ه /جويلية بإرسالهم أربعة آلاف شاب مقاتل تصدوا لقوات الاستعمار واستشهد0م منهم العدد الكثير. بعد أن وقع الداي حسين":على معاهدة الاستسلام فإن إباضية الجزائر يرضوا بذلك ونددوا بهذا الخذلان والرضوخ للعدو واعتبروا ذلك مذلة كبرى لا تغتفر ،ورأوا فى احتلال الجزائر خسارة فادحة وخطبا جسيما أصاب الأمة وحزنوا لهذا الحدث حزنا عظيما ،عبروا عنه بعدم إيقادهم النار في بيوتهم ثلاثة أيام. وحذروا من مغبة ما سيلحق بلاد الجزائر في إسلامها وقيمها واخلاقها وشخصيتها بدخول هذا المحتل الكافر إلى أراضيها. أ۔إبرام معاهدة الحمايح: استمر نظام العزابة في تسيير شؤون المجتمع بوادي ميزاب إلى أن وصلت أيادي الاستعمار إلى بوابة الصحراء وحطت قواتها في مدينة الأغواط فكان لزاما على أعيان إباضية الجزائر أن يفكروا بجدية وعمق ويتشاوروا في الموقف الذي ينبغي أن يتخذوه من الاستعمار الذي هو على مشارف واديهم وعما ستؤول إليه أمورهم بعد وصول الفرنسيين إلأىراضيهم" ومن الواجب عليهم أن يسابقوا الزمن في دراسة هذه لمستجدات التي.لا يحسدون عليها ،وأن يتحاوروا مع شرائح مجتمعهم للخلوص إلى رأي جامع يكون في صالحهم قبل فوات الأوان. لكن يبدو أن الحظ لم يسعفهم في ذلك؛ فلم يستطيعوا أن يجتمعوا على رأي واحد يوحد صفهم ومع شملهم تباه هذا الموقف الحرج والمباغت؛ إنما انقسموا إلى ) (1حسين بن علي :داي الجزاتر من سنة 3321ه!818 /م إلى سنة642ه 038 /ام الجيلالي :تاريخ .16 ص .665المدني :محمد عثمان باشا .ص-95الجزائر العام 3ج.3 الحاج سعيد :تاريخ بى مزرابث٥‏ صر . 78)(2 الفصل الأول :الأوضاع العامة لإباضية الجزائر خلال عصر النهضة الإصلاحية40 فريقين؛ فريق أول رأى إلى المقاصد ووازن بين المصالح والمفاسد فجنح إلى رأي المصالحة والسلم وفريق ثان بقي ثابتا على صرامة موقف الدين والعقيدة وصراحته في التعامل مع المحتل الأجنبي الكافر المغتصب للأرض والوطن فرأى ضرورة إعلان الجهاد والمقاومة والثورة مهما كانت الإمكانات ومهما ستؤول إليه العواقب. يبدو أن الفريقين تهاذبا أطراف المجتمع وحاولا استمالته إليهم إلا أن الأمر في الأخير رجح إلى فريق السلم ومراعاة المصلحة .فكان الأقوى والأكثر نفوذا؛ وقد تمثل في أعيان وادي ميزاب ورؤساء عشائرها .بينما مثل الفريق الثاني بعض عزابة وادي ميزاب وبعض علمائه وطلبته ،وعلى رأسهم قطب الأئمة الشيخ امحمد بن يوسف اطفيثر _". بعد الفصل في هذا الجدل والنقاش الديني السياسي تقدم فريق من أعيان وادي ميزاب شمل ممثلين من قصوره السبعة إلى السلطة الاستعمارية بالأغواط فقابلوا الكومندان دوباراي (انةتة نا) وأبرموا معه معاهدة الحماية باسم الوالي عالصة×ءا)٨‏ في تاريخ12 :العام على الجزائر الجنرال ألكسوندر راندون )مه رجب 9621ه 92 /افريل 3581م. ( )1إبراهيم طلاي :ميزاب بلد كفاح ،دار البعث" قسنطينة0931 .ه179 /ام .ص .64-74النوري :نبذة من حياة الميزابيين ،ج! ،ص .023-123الحاج سعيد :تاريخ بنى مزاب .ص.89-99بكير أعوشت: قطب الأيمة العلامة محمد بن يوسف اطفيش حياته وآثاره الفكرية وجهاده المطبعة العربية ،غرداية. 9مم .صر.59-69 إن الشيخ امحمد اطفيش أنكر على معارضيه دعاة المعاهدة والمصالحة مع فرنسا وشنع بعملهم في منابر المساجد ثم اعلن البراءة الشرعية منهم على رؤوس الملأ .وقد أقبل عليه أولئك الأعيان والوجهاء يطلبون منه الصفح ويلتمسون منه العذر ويعلنون توبتهم 6بعد أن شرحوا له موقفهم والدواعي التى الحت عليهم الإقدام على هذا العمل. إن معارضته الشديدة للمعاهدة ونصرته لخط المقاومة تركت مقولة تروى عنه سجلتها كتب التاريخ يقول فيها« :إن تشييع ثمانين جنازة في اليوم من الميزابيين احب إلي من أن يطرق سمعي ان فرنسا وضعت قدمها على حجر واحد من "تيضفت“' وهو مكان معلوم في بلدته بنى يزقن .النوري :المرجع نفسه .جا .ص.023-123 14البحث الأول :الأوضاع السياسية ' رأوا في ذلك حلا وسطا بين عدم قدرتهم-عدة وعددا -على مجابهة المستعمر وتجنيبهم وادي ميزاب من الاحتلال العسكري الأكيد الذي لا مفر منه؛ والذي سينجر عنه لا محال مفاسد جمة في الأنفس والأعراض والأموال. يقول الأستاذ حمو عيسى النوري'« : .1لما احتلت القوات الفرنسية مدينة الأغواط شعر الميزابيون بقلق شديد وساورتهم الحيرة وتوقعوا صورة الانتقام من فرنسا ،وقد كانوا يقاومونها في الشمال أينما حلته. نصت المعاهدة على أن تتعهد فرنسا لبني ميزاب بحفظ بلادهم واحترام معتقداتهم وصيانة عوائدهم .وأن لا تتدخل مطلقا في تسيير شؤونهم الداخلية مقابل ت.تبعيتهم لفرنسا ودفعهم ضريبة سنوية مقدرة بخمس وأربعين ألف فرنكث، وترك اللققرى الي تعين فيما بينها القسط الذي تتحمله كل منها من هذه الضريبة. ونصت المعاهدة على وجوب غلق أسواق الميزابيين أمام الثوار والمناوئين لفرنسا والتحذير من مساعدتهم أو إيوائهم .أما السلطة الفرنسية فإنها تقتصر على حفظ النظام العام في البلاد ورعاية شؤون المعمرين الفرنسيين. بعد ذلك مباشرة وفي سنة 3721ه7581 /م وتنفيذا لبنود المعاهدة وإشعارا لأهالي وادي ميزاب بدخولهم تحت الحماية الفرنسية أرسلت السلطات الاستعمارية قواتها وتمركزت في ساحات غرداية ،كما أرسلت الكمندون مرغريت (عنعدعتة”) بجيش من الأغواط عندما كان مارا لإخضاع منطقة ورقلة فدخل غرداية عنوة بعد كسر بابها ومر الجند بشوارعها مشهرين بنادقهم وضاربين الطبول وعازفين الموسيقى الفرنسية. ( )1حمو عيسى النوري :ولد ني بلدة بنورةبوادي ميزاب سنة [491م .تعلم في المعهد الجابري ببنى يزقن ،عضو جمعية العلماء المسلمين الجزائريين" نشر مقالات وأشعارا في الكثير من الجرائد منها :الشهابؤ البصائر النور الأمة .شارك في الثورة التحريرية .دخل سجون الاستعمار وعذبؤ اشتغل بالتعليم بعد الاستقلال 6له ككاب بعنوان :نبذة من حياة الميزابيين ،توفي سنة3991م النوري :نبذة من حياة الميزابيين" جا ،ص.5-6 ) (2المرجع نفسه :جا .ص.1!72 ) (3وثيقة المعاهدة كاملة منشورة ضمن كتاب :النوري :نبذة من حياة الميزابيين" ج ا .0ص.372-472 الفصل الأول :الأوضاع العامة لإباضية الجزائر خلال عصر النهضة الإصلاحية42 وفي الفترة نفسها خرقت فرنسا بنود المعاهدة فتدخلت في شؤون وادي ميزاب بتعيين اليهودي ”آغا يتح“ العامل في المخابرات الفرنسية في الأغواط ليتولى شؤون الحكم بوادي ميزاب .اغتاظ القوم هذا العمل المناني للمعاهدة وامتنعوا بالإجماع عن قبوله واعتبروا ذلك إهانة هم ومساسا بشرفهم وكرامتهم ،وأدى ذلك إلى اغتيالههم له في سنة 6721ه0681 /م بعد مدة قصيرة من تعيينه .وقد تسبب هذا العمل في انزعاج السلطات الفرنسية فصبت جام غضبها على الميزابيين وأمرت بتغريمهم مبلغ أربعين ألف فرنك وأرسلت من القبائل الموالية ها من نهب وسلب وخرب حقول وادي ميزاب(“. استمر إباضية الجزائر في علاقتهم مع فرنسا بناء على هذه المعاهدة التى شرعت الحماية وعدم التدخل في الشؤون الداخلية لوادي ميزاب إلى سنة 0/2881م .إذ بادرت فرنسا بنقضها ودخلت بقواتها العسكرية إلى وادي ميزاب والحقته بأراضيها الاستعمارية؛ مبررة ذلك بما كان يقوم به أهالي وادي ميزاب من مساندة للثوار الجزائريين وتمويلهم بالأسلحة والذخيرة والأمتعة والمؤن واعتبرت ذلك خرقا منهم البنود المعاهدة. ب۔تقويم موقف المعاهدة وقبول الحمايہ: رغم ما يظهر للعيان من الحنكة السياسية التي برز بها أعيان إباضية الجزائر في تعاملهم مع المستعمر ورد عدوانه ،بتمكنهم من افتكاك الحماية منه وحفظ واديهم وربوعهم من مخاطر مداهمة الاستعمار له ،رغم مقاتلتهم للفرنسيين في سواحل الجزائر العاصمة وعلى أسوار قسنطينة ومساعدتهم للمقاومات الشعبية .إلا أن قراءة المعاهدة من زاوية أخرى يكشف لنا عن خفايا المجتمع الإباضي في تلك الحقبة الزمنية التى يمكن أن يفهم منها ما يلي: .11ص-99الحاج سعيد :تاريخ بغي مزاب.7-972المرجع نفسه ج6 1ص((1 النوري :نبذة من حياة الميزابيين" ج [ .ص.803 )(2 34للبحث الأول :الأوضاع السياسية إن إباضية الجزائر قد قويت فيه سلطة الأعيان ورؤساء العشائر على حساب المجالس الدينية المتمثلة في هيئات العزابة ومجلس عمي سعيد ،كما قويت على سلطة العلماء. دلتنا المصادر على أن بعض العلماء وبعض العزابة والطلبة لم يرضوا بإبرام المعاهدة مع الفرنسيين المشركين المغتصبين للبلاد ،كما رأوا أن إعلان الجهاد والمقاومة هو الموقف الصحيح والشرعي الذي ينبغي أن يتخذ. هكذا تظهر جماعات الأعيان أقوى من الهيئات الدينية في تسيير الشؤون السياسية لوادي ميزاب فظهرت هذه الأخيرة مغلوبة على أمرها في اتخاذ المواقف الخطيرة الحرجة. في هذا الشان يصف الشيخ إبراهيم طلايه"“ حال الهيئات الدينية آنذاك قائلا: « تمر فترات يضعف فيها نفوذ السلطة الروحية التي للعزابة بسبب ماا كتمرد رئيس قبيلة أعجبته كثرة أتباعه ،أو تعوز هيئة العزابة الشخصية والحنكة .او تقع فتن بين المواطنين فيتعقد المشكل ويخرج عن نطاق العزابة ،عند ذلك ينفلت الزمام من يد العزابة ،وينتقل إلى رؤساء القبائل ومقدميها ...وكمثال لما ذكرناه ،الاتفاق الذي أمضي مع الفرنسيين بالأغواط ...فقد كانت الهيئات الدينية غائبة عنه ،تحرجا من إمضاء معاهدة مع المشركين ،وفعلا فقد أمضى هذا الاتفاق رغما عنهم وفرض عليهم من طرف الهيئات المدنية فرضا. كما أن اعتراض العالم الإباضي الشيخ امحمد اطفيش على موقف المعاهدة لم يؤبه به رغم ثقل وزنه العلمي والديني والاجتماعي في وادي ميزاب؛ يدل على مدى سيطرة جماعة الأعيان على دواليب الحكم وانفلات الآأمور من والعلمية.الهيئات الدينية (على قيد الحياة) أستاذ العلوم الشرعية بمعهد عمي سعيد بغرداية .)(1 ) (2طلاي :ميزاب بلد كفاحث ص.94 الفصل الأول :الأوضاع العامة لإباضية الجزائر خلال عصر النهضة الإصلاحية44 من جهة أخرى نستطيع أن نقرا في عدم تلاقي وجهات نظر المجالس العرفية لوادي ميزاب وتعارضها في هذه القضية الخطيرة يدل على حالة ضعف أخرى تحسب على إباضية الجزائر في تجاذب مسنائل الحكم والسياسة بين الهيئة الشرعية والهيئة السياسية .وكان من الأولى أن تكون العلاقة بينهما علاقة تشاور وإقناع وحوار ينتهي إلى موقف مشترك وعمل براي الأغلبية وإنصات )لرأي العلماء والشرع. وإن كان من جانب آخر نقرا في هذا الاختلاف الحاصل نوعا من الديمقراطية وحرية الرأي والتعددية داخل المجتمع الإباضي في هذه الفترة من الزمن ،وهي نقطة إيجابية وعلامة صحية تحسب لهم. كما تطرح هنا مسألة تداخل صلاحيات هذه الهيئات وعدم ضبط وظائفها وحدودها ،أو عدم احترامها والوقوف عندها إن كانت مضبوطة ،ومدى توافق كل ذلك مع المقاصد الكبرى للشريعة الإسلامية. كراي خاص في المسألة أرى أن إباضية الجزائر وفقوا سياسيا في إبرام معاهدة الحماية مع الفرنسيين ،بناء على فقه الموازنة بين المصالح والمفاسد. وتغليب منطق السلم على منطق الحرب التي قد تجيزه السياسة الشرعية في مثل هذه الحال؛ فحفظوا بذلك واديهم من ويلات الاحتلال وأظهروا دهاءهم السياسني ،لكنهم من جهة أخرى تساهلوا إلى حد ما في التعامل مع المستعمر بوجوب مقاومته وإخراجه من الأرض أو الاستشهاد دون ذلك؛ دفاعا عن الدين والوطن والعرض. إن هذا الرأي هو ما كان عليه الشيخ اطفيش وربما مشايخ آخرون. نخلص في الآخير أن إبرام معاهدة الحماية مع الاحتلال الفرنسي كانت صورة لنفوذ جماعات الأعيان وقوتها في تسيير دواليب الحكم بوادي ميزاب في هذه الفترة على الأقل ،على حساب الهيئات الدينية وطبقة العلماء. 54البحث الأول :الأوضاع السياسية من الغريب كذلك أن مؤرخي الإباضية في عرضهم لهذه الأحداث التاريخية وتحليلهم لها أغفلوا دراستها من الزاوية الشرعية وربطها بأصول اللإسلام وقواعد السياسة الشرعية ،فوجدناهم يشيدون بهذه الحنكة والمرارغات السياسية التى استطاع بها إباضية الجزائر إقناع فرنسا بإبرام معاهدة الحماية رغم مشاركاتهم في المقاومات ضدها. نجد مثلا الأستاذ محمد علي دبوزأ"" يكتب فصلا بعنوان :حصول الميزابيين بالدهاء على معاهدة ضمنت فم بقاء نظامهم الاجتماعي .مما جاء فيه« :فعلم الميزابيون أن الصحراء العارية الجرداء ليست كجبال الشمال يستطيعون فيها حرب العصابات ...وأيقنوا أنه سيفتك مدنهم مثل ما فعل بالأغواط وكل الأماكن التي قاتلته .وهتك الحرمات‘ وقضي على نظامهم الاجتماعي ...إن القتال لا يجدي وهو تعريض للدين والنفس للهلاك‘ فلا بد من أسلوب آخر لدافعة الفرنسيين كي لا يحتلوا ديارهم ...واتفقوا على سلوك الطرق الدبلوماسية في رد الفرنسيين عنهم... فعقدوا معه في يوم12رجب 9621ه 92 /افريل 3581م معاهدة حماية. كما نغبد الشيخ إبراهيم طلاي يشرح هذا الموقف بقوله « :وربما السنون التي عاشها التجار الميزابيون إبان الاحتلال في مدن الشمال ومشاركتهم ني الدفاع عنها مع أبنائها 5والأسلوب التخريي الذي شاهدوه ،والقتل الجماعي الذي استعمله الفرنسيون بكل ناحية تقع تحت أيديهم" كل هذه العوامل أكسبتهم مرونة سياسية. ( )1محمد بن علي دبوز( :و7331:ه9191 /م-ت 61 :حرم!3 / 2نوفمبر 1891م) تلقى تعليمه في مسقط رأسه بلدة بريان ثم في معهد الحياة بالقرارة على يد الشيخ بيوض والشيخ عدون ،واصل دراسته في جامع الزيتونة بتونس وفي جامعة القاهرة ،تخصص في التاريخ والأدب وعلم النفس" عاد سنة 8م إلى وادي ميزاب" والتحق بمعهد الحياة أستاذا .وقام بدور كبير في تطوير برامجه .اهتم بالتأليف والكتابة 5فانبز أعمالا كبيرة هي :تاريخ المغرب الكبير في ثلاثة أجزاء نهضة الجزائر الحديشة في ثلاثة اجزاء أعلام الإصلاح في الجزائر في خمسة اجزاء .وهو بذلك يعد مؤرخ الحركة الإصلاحية في وادي ميزاب .معجم أعلام الإباضية :ج ،4ص.21[8 ( )2دبوز :نهضة الجزائر الحديثة .ج .،1ص.542 الفصل الأول :الأوضاع العامة لإباضية الجزائر خلال عصر النهضة الإصلاحية46 ينتظرهم ثم ليضمنوا لأنفسهم بقية من حرية التصرفه"‘. الأستاذ حمو عيسىالتحليل نفسه نجده عند الأستاذ علي حيى معمر وكذا النوري وكذا الأستاذ بكير أعوشت““١‏ .فلم يلتفتوا إلى دراسة الموضوع من الموقف السياسي الخطيرولم يولوا عناية بتبرير هذاالعقدية.زاويته الشرعية بالعودة إلى نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة في إطار مبادئ السياسة الشرعية الإسلامية. ج۔نقض المعاهدة وإلحاق ميزاب بالحكم العسكري: في تاريخ11صفر 0031ه 12 /ديسمبر 2881م بعث الوالي العام الفرنسي للجزائر لويس تيرمان (صةص:ن 7دند)]٥‏ رسالة إلى أهالي وادي ميزاب يعلن فيها إلحاق بلادهم بالمستعمرات الفرنسية“ ،ويبرر ذلك بما كان يقوم به الميزابيون من فتح أسواقهم للثوار والمقاومين من كافة أنحاء الوطن ليتزودوا بالمؤن والأسلحة والذخيرة ،التى كانت تصل واديهم عن طريق الأسواق الحرة المتنقلة .وعن طريق التجارة السرية التى تنتقل بين الجزائر وتونس وليبيا والمغرب. ينقل الأستاذ إبراهيمالقرادي نصا من رسالة أحد الضباط الفرنسيين الذين تولوا الزحف على ميزاب يبرر فيها عمله هذا بقوله « :إن ميزاب يسمى عند سكان الصحراء خزان البارود ،لأن قوافل الميزابيين كانت تجلب ملح البارود والكبريت من الجنوب التونسي فيصنعونه بارودا يعدون به جميع جيوب المقاومة في الصحراء ،فهم قد عقدوا معنا معاهدة في 3621ه3581 /م فهم ( )1طلاي :ميزاب بلد كفاح .ص.64-74 -7 1صالمليزابيين، حياة;نبذة منالنوري: ص.285ج.2التاريخ .حلكموكبفالإباضية معمر:()2 .272أعوشت :قطب الأمة :ص-45۔ .55- الميزابيين،حياةنبذة عن النوري:ضمن كتاب:رسالة الوالي العام مترجم ةه إلى العربية منشورةنص()3 جا .ص.903 74البحث الأول :الأوضاع السياسية يمسكوننا بيدك ويمدون المقاومة بيد أخرى ولذلك قررنا الزحف على غرداية لنتمكن من مراقبتهمه"“ ويقول الكاتب الفرنسي أوقستان برنار (تةصد صناتعساع :)0ه باستيلائنا على ميزاب قضينا على عش الثورة الدائم والمستودع الذي كان يجد فيه الثوار ضدنا الأسلحة والعتاد والتموين»(“. إذن :كان هذا الإلحاق عقابا للإباضية الميزابيين الذين أخلوا بشروط المعاهدة التي تنص على غلق أبواب بلادهم وأسواقهم على الثوار المقاومين للاستعمار الفرنسى إذ انتقلت قوة عسكرية من الآغواط تجاه غرداية بقيادة الجنرال دولاتور ‏ ] 7٥ع )2ودخلت المدينة دون أي مقاومة تذكر ورفعت فيها العلم الفرنسي محيا بواحدة وعشرين طلقة مدفعية وبذلك اعلن الإلحاق الرسمي لميزاب بالأراضي ..المستعمرة الفرنسية. ينبغي الإشارة إلى أن السلطات الاستعمارية سبقت هذا الإلحاق بإصدار تقرير شديد اللهجة لأهالي وادي ميزاب وقعه الوالي العام للجزائر لويس تيرمان (مقصن 7ونده]) في شهر محرم 0031ه /نوفمبر 2881م يهددهم بالإلحاق العسكري إن لم يكفوا عن الإخلال ببنود المعاهدة بتعاونهم مع الثوار بالأسلحة والذخيرة والمؤن. لقد شكل هذا الإلحاق غير القانوني-في نظر إباضية الجزائر -موجة من الرفض والتذمر لدى الأهالي والأعيان؛ انعكس في مقاطعة تامة للتعامل مع الإدارة الاستعمارية بعدم الاشتغال في مصالحها ،وبعصدم إلحاق أبنائهم بمدارسها وبعدم الانصياع لقوانين التجنيد الإجباري .كما أدى إلى تحركات دبلوماسية وسعي لدى السلطات الفرنسية في الجزائر للتنديد به والدعوة ( )1القرادي :الشيخ القرادي حياته وآثاره١‏ ص.181 ص .11 3تاريخ بتي مزابالحاج سعيد: )(2 ( )3المرجع نفسه :ص311ب.411- الفصل الأول :الأوضاع العامة لإباضية الجزائر خلال عصر النهضة الإصلاحية48 للتراجع عن القرار الجائر ،والعودة إلى العمل بالمعاهدة واعتبار بلاد ميزاب محمية فرنسية ذات حكم داخلي مستقل .وقد اعتمد أعيان ميزاب على التحليل القانوني لنص قرار الإلحاق الصادر من السلطات الفرنسية & فرأوا أن القانون الفرنسي ودستوره يوضحان طريقة إلحاق أراض ما بالأملاك الفرنسيةف وان هذا الصيغة القانونية غير متوفرة في إلحاق ميزاب. لكن يبدو أن هذه الجهود لم تأبه بها فرنسا وباءت كلها بالفشل؛ فلم تغير من سياستها في وادي ميزاب؛ بل شرعت في تنصيب القواد الممثلين ها على مستوى كل قرية ،وأنشأت دائرة عسكرية تذتضم الجهاز الإداري والجهاز العسكري لتسيير شؤون البلد ومراقبةتحركات " د۔تقويم موقف إياضيحت الجزائر من الإلحاق: 5حقيقة الأمر إن المتتبع لمسار علاقة إباضية الجزائر بالفرنسيين منذ دخولهم الجزائر 5لإىبرام معاهدة الحماية إلى قرار الإلحاق ودخولهم وادي ميزاب يتساءل كيف:قاوموا القوات الفرنسية خارج ربوعهم ،وناصرواخط الجهاد وسقطوا شهداء في ميدان الشرف بأعداد معتبرة في الدفاع عن العاصمة وعن قسنطينة وئي المشاركة في المقاومات الشعبية التي عرفتها أرجاء الجزائر لكن تلك الروح الجهادية المقاومة اختفت عندما تعلق الأمر بواديهم وربوعهم؛ إلا ما سجل من مقاطعة سلمية سلبية للتعامل مع فرنسا وسلطتها الإدارية والعسكرية. كراي خاص في القضية فإن هذا الموقف يهب فهمه في إطاره الزمنى ،إذ سبقت الإشارة أن إباضية الجزائر خلال هذه الفترة استحكمت عليه سلطة الأعيان ورؤساء العشائر على سلطة الهيئات الدينية .فاصبحت القرارات السياسية الخطيرة بيدهم لا بيد العلماء والمشايخ ،لذا فسيؤول الآمر في الأخير إلى استعمال أساليب معمر :الاباضية ف الركب التاريخ .حل .4ج .2ص .5-385 28الحاج سعيد :تاريخ بني مزاب()1 ص.411-511 94البحث الأول :الأوضاع السياسية الدهاء والحنكة والتبصر والمراوغات السياسية ومراعاة المصلحة المفوتة للفتنة والمجابهة .التي قد تؤدي إلى خراب البلاد والعباد. إن إباضية الجزائر في موقفهم هذا من الاستعمار قد أفلحوا سياسيا في حفظ واديهم من التخريب وحفظ مذهبهم وأعرافهم من الضياع والتشتيت؛ إلا أنهم تراخوا في إبداء نوع من المقاومة المسلحة للمحتل الكافر المغتصب للأرض والوطن. ه۔ حالت الحكم قي وادي ميزاب بعد الإلحاق: أشارت بعض المصادر إلى أن السلطة الاستعمارية لم تقصد بقرار الإلحاق وإنزال قواتها في وادي ميزاب نقض كل بنود معاهدة الحماية ،بل حاولت المحافظة على روحها مع وضع العين واليد على تحركات الميزابيين المشبوهة ضدها مشاركاتهم في الثورات ومساعداتهم لها بالأسلحة والعتاد .فعلى إثر التحركات السياسية والدبلوماسية التي خاضها الميزابيون للتنديد بوثيقة الإلحاق رد عليهم الوالي العام للجزائر لويس تريمان (صةصن5 7ناه]) أن فرنسا ستذكر دائما المعاهدة المنعقدة معهم عام 9621ه3581 /ه".0 مع هذا لا بد من التأكيد على أن الحكم في وادي ميزاب تغير بعد هذا القرار؛ إذ أخضعته السلطات الفرنسية إلى حكم ما يعرف ب” :القياد" التابعين بدورهم لحاكم عسكري محلي على مستوى غرداية ثم على مستوى الأغواط حيث عينت في كل بلدة من يتولى رعاية مصالحها وتنفيذ سياستها ومراقبة حركات الأهالي وسكناتهم" وبذلك تقلصت مهام الهيئات الدينية والعرفية في تسيير شؤون المجتمع. وانتزع منها الكثير مما كان لها .في مجال الحكم والقضاء. ( )1معمر :الإباضية في موكب التاريخ .حل ‘4ج .2ص .385الحاج سعيد :تاريخ بني مزاب‘ ص.511 -411 ( )2القياد :كلمة عربية غير فصيحة مفردها قاندؤ وجمعها قواد وقادة .إلا أنها عرفت في الثقافة الشعبية وشاع استعمالها بلفظ قياد .وارتايت أن اعتمدها في البحث كما عرفت وشاعت لتكون أكثر دلالة على المعنى، وقد وضعتها بين إشالتين صغيرتين. الفصل الأول :الأوضاع العامة لإباضية الجزائر خلال عصر النهضة الإصلاحية50 يبدو أن إباضية الجزائر لم يتجاوبوا في بادئ الأمر مع هذا النظام الجديد وحاولوا معارضته بمقاطعة التعامل مع السلطة الاستعمارية -كما مر سالفا -لكن إعادة التفكير والتمحيص للموضوع والتعمق فيه جعلهم يعدلون عن رأيهم ويذعنون للأمر الواقع ويسلمون لهذا القدر المحتوم .ورأوا في سياسة احتواء حكم القياد وربط الأواصر والتعاون معهم على خير البلاد وصلاحها خير من مقاطعتهم ونبذهم فينقلبون وباء ودمارا على المجتمع والأفراد("“. خضعوا لهذا النظام فصاروا يقدمون لفرنسا ابرز شخصيات من أعيانهم تتولى هي اختيار من تراه مناسبا لها 5وأحيانا تتصب من تشاء من الموالين لها وخدامها دون العودة إل هيئات البلد عندما ترى أن مصالحها تقتضي ذلك .وقد خدم هؤلاء ”القياد“ أحيانا مصالح البلد وساروا مع الهيئات الدينية لوادي ميزاب في تفاهم وتعاون وتشاورا .كما ظهر منهم بين فترة وأخرى من سار ضد تيار الهيئات ا الدينية وضد الصالح العام في خدمة الاستعمار وإثارة الفتن ونشر الفساد والتسلط والتجبر على الأهالي .فلاقى معارضة شديدة من هيئات العزابة .ودخل معهم في صراع وصدام وصل إلى حد إعلان العزابة البراءة الاجتماعية الدينية منه ومقاطعة تعامل الناس معه .وكان رد فعل القائد هو الوشاية بالعزابة والافتراء عليهم إلى أن يتم سجن بعضهم وحلق لحاهم. كما شكلت وفود للشكوى من أفعال بعض ”القياد“ لدى السلطات المركزية الفرنسية على مستوى العاصمة بسبب أعمالهم الشنيعة المنافية للدين ولأعراف البلد ،أدى بهم الأمر في النهاية إلى عزلهم من مناصبه. ( )1الحاج سعيد :المرجع السابق" ص.811 -511 ( )2النوري :نبذة من حياة الميزابيين ،ج ،.1ص.972 ( )3هذا ما وقع مثلا في بلدة القرارة سنة 4231ه6091 /م بين عزابتها والقائد كاسي بن بهون .الذي أعلنوا البراءة الدينية والاجتماعية منه" التي تعني مقاطعة التعامل معه فانتقم لنفسه بالاستعانة بالحاكم السكري بغرداية فسجن سبعة من كبار العزابة في سجن تعضميت بالقرب من الأغواط .وعلى إثر هذا العمل ثار 15البحث الأول :الأوضاع السياسية نستطيع أن نقول إن الحكم في وادي ميزاب بعد قرار الإلحاق وإحداث نظام "القياد“ وتعيين حاكم عسكري محلي وقع حوله تحباذب وشد للحبل بين السلطة العسكرية الممثلة في الحاكم والقائد وحاشيته من جهة وبين هيئات العزابة وأعيان البلد من جهة أخرى ،حيث قلصت الكثير من صلاحياتها واصبحت بيد القائد كما أصبحت تحركاتها محسوبة ومراقبة من السلطات الاستعمارية القريبة منها. وفتحت المجال للعمل السياسى السري وعمل الكواليس كما فتحت باب الوشايات على مصراعيه ،وأثيرت الفتن التى كانت تنتهى عادة بالتعدي على الحرمات والآموال ،وبسفك الدماء أحيانا .لكن كثيرا ما كان القائد المعين ممن ترضى عليه هذه الهيئات العرفية ،فيتوافق معها ويتعاون ،وبذلك تبقى متحكمة في زمام الأمور من وراء حجابؤ يرجع إليها القول الفصل في نهاية المطاف. و۔ مشاركت إباض حي الجزاتر قي الثورات الشعبيہ: ينبغي الإشارة إلى أن ما تميز به إباضية الجزائر في مشاركاتهم في الذورات الشعبية التى شهدتها الجزائر بعد الاحتلال إنما كان بدافع الإيمان بالقضية العادلة التي ثارت من أجلها القبائل ،وبدافع الإيمان بان الحرب حرب عقدية جهادية ضد المستعمر الكافر المغتصب للأرضح بحيث أن المشاركات الفردية أو الجماعية كانت تلقائية نابعة من القناعات الذاتية .إذ لم تطلعنا المصادر على أن القيادات الروحية للإباضية الجزائر شنت حملات توعية وتحسيس للسكان بضرورة المشاركة في هذه الثورات كما لم تطلعنا عن تجميع هذه القيادات للشباب والمتطوعين بقصد سكان القرارة وتظاهروا وأغلقوا المسجد احتجاجا.فارغموا السلطات الفرنسية على إطلاق سراح المشايخ بعد ثلاثة أشهر من اعتقالمم. ما قام به القائد نفسه من مفاسد أنه أقدم على فتح دار واسعة للبغاء في بلدة القرارة أثارت بلبلة وسخطا بين الأهالي والعزابة والأعيان فشكلوا وفدا اتجه إلى الجزائر العاصمة ليقوم مساعي لدى الإدارة المركزية الفرنسية يشتكي من هذا القائد وأعماله .وقد أثمرت هذه المساعي بإصدار الإدارة المركزية قرارها بغلق .الدارؤ فسارع أعيان البلد إلى شرائها وهدمها لتكون عبرة لمن يعتبر ،وكان ذلك سنة 6231ه8091 /م. دبوز :نهضة الجزائر الحديثة .ج .2ص.591 الفصل الأول :الأوضاع العامة لإباضية الجزائر خلال عصر النهضة الإصلاحية52 إرسالهم إلى إحدى هذه الثورات .كما حدث ذلك في عهد الأتراك في الدفاع عن العاصمة وقسنطينة ،إلا ما يمكن أن يكون دعوة سرية غير علنية من أحد العلماء أو العزابة في حث الشباب على الجهاد في صفوف هذه المقاومة أو تلك ومباركتها. وهو غير مستبعد. يستثنى من ذلك ما سجله قطب الأئمة الشيخ اطفيش صراحة عند احتلال الجزائر ووصول الفرنسيين إلى مشارف وادي ميزاب .بدعوته العلنية لمقاتلة المستعمر ورفضه أي مفاوضة معه .بمنطلق إيماني-شرعي مرت الإشارة إليه سابقا -وكان يقول « :إن تشييع ثمانين جنازة يوميا أفضل من أن يصل أسماعي أن الفرنسيين وضعوا أقدامهم على شبر من وادي ميزابه׫“. في هذا الصدد يقول الشيخ إبراهيم القرادي « :فمن أمانة التاريخ أن نذكر مشاركتهم في المقاومة في محتلف نواحي الجزائر ،ولكننا لا نعني بكلمة الميزابيين كل الميزابيين أو أغلبهم ،فنحن إلى حد الآن لا نملك مصادر تثبت اتفاقهم كلهم على دعم المقاومة ،وإن كانوا في مجموعهم مندفعين من منطلقهم الديني ف معركة الكفر والإيمان ،ولذلك نجدهم شاركوا أفرادا وجماعات في أغلب المقاومات والانتفاضاتهة. .ولعل طابع المجتمع الجزائري آنذاك المعتمد أساسا في حكمه على نظام القبيلة والولاء لها ،وأن لكل منها جهاز دفاع تتولى الذود به عن حماها وأراضيها ،معتمدة على شبابها ورجالها بالدرجة الأولى .كان وراء هذا الوضع. من جهة أخرى فإن بنود معاهدة الحماية التي وقعها أعيان إباضية الجزائر مع السلطة الفرنسية ستكون رادعة لم من أي دعوة علنية لمناصرة هذه الثورات أو مساندتها بالخطاب المسجدي أو عن طريق الهيئات الدينية والعرفية الق لها كلمتها في صفوف الأهالي ،فإن كان هنالك شيء من ذلك فسيكون سريا وفرديا لكي لا ( )1النوري :نبذة من حياة الميزابيين" جا ،ص.023-123 ( )2القراد :الشيخ القرادي حياته وآثاره 6ص.1 08 35البحث الأول :الأوضاع السياسية تتحمل الهيئات مسؤوليته وتبعاته" خوفا من إغضاب السلطات الاستعمارية وبطشها وما يمكن أن ينجر عن ذلك من وبال. على ضوء هذه المعطيات التاريخية يمكن لنا أن نفهم موقف أعيان الميزابيين من مساندة ومؤازرة الثورات الشعبية ،كما نفهم موقفهم من إبرام معاهدة الحماية مع فرنسا دون اللجوء إلى المقاومة. مع كل ذلك فقد سجلت لنا المصادر مشاركات متقطعة فردية واخرى جماعية لإباضية الجزائر في غالب الثورات الشعبية يمكن إجمالها فيما يلي: مشاركتهم في ثورة ابن زعمو«" والحاج سيدى السعدي( .ف سهول متيجة وبوفاريك ونواحي البليدة وضواحي العاصمة بالحراش. ۔ مشاركتهم في ثورة الآمير عبد القادر بعناصر مؤهلة} جعل الآمير يقربهم إليه الذي كانويتخذهم من خاضته وبطانته .منهم السيد باي أحمد بن بابا 7 طبيب الأمير وكاتبه ،وقد حضر معه معاهدة التافنة .ومجموعة من التجار الأغنياء في الغرب الجزائري ووسطه -الذين أسهموا في تمويل الأمير بالمال والسلاح. ۔ مشاركتهم في ثورة المقراني وقد استشهد أفراد عديدون فيهاچ وصودرت أملاكهم في ناحية برج بعرريج وسطيف بسبب هذه المشاركة. ( )1ابن زعمون :أحد قادة المقاومة ضد الاحتلال الفرنسي في البليدة وسهول متيجة وبوفاريك والحراش في: سنوات الاحتلال الأولى .سعد النه :تاريخ الجزائر الحديث ،ص [ .48 -8يحيى بوعزيز :ثورات الجزائر ص[.1-41 ( )2الحاج علي بن السعدي :أصله من جبال زواوة ببلاد القبائل ،أحد قادة المقاومة ضد الاحتلال الفرنسي في سهول متيجة وواد الكرمة .من سنة0381إلى سنة 2381م .سعد النه :المرجع نفسه‘ ص .48 -18 يحيى بوعزيز :المرجع نفسه‘ ،ص[ [ .41 -الجيلالي :تاريخ الجزائر العام ج .4ص.72 -52 ( )3باي احمد بن بابعيسى( :حي في :الخمسينيات ق 31ه /الأربعينيات ق 91م) ،من رجالات مدينة مليكة بميزاب .اتخذه الآمير عبد القادر طبيبه الخاص وكاتبه ،وامين سره .معجم اعلام الإباضية: ج .2ص.761 ( (4بكلي :فتاوي البكري ،ج .2ص.473 الفصل الأول :الأوضاع العامة لإباضية الجزائر خلال عصر النهضة الإصلاحية54 مشاركتهم في ثورة الشيخ بوعمامة وثورة أولاد سيدي الشيخ التي اتخذت من أسواق وادي ميزاب مركزا من مراكز التمويل بالذخيرة والأسلحة والعتاد .ولقد كان للشيخ عمر بن حمو بكليه" مواقف واعمال بطولية في نصرة هذه الثورة والدعوة لها وتمويلها بماله الخاص ومما كان يجمعه من أموال الحسنين ،كما كان يعتمد على علاقاته الوطيدة مع قبائل الصحراء في دعم هذه المقاومة .وكان يجلب لها السلاح من الجنوب التونسي بواسطة علاقاته التجارية معهاء وقد انتهى به الأمر إلى انتباه السلطات الفرنسية لنشاطه وتحركاته ضدها ،فحكمت عليه بالسجن في منطقة تعضميت بالقرب من الأغواط. إن هذا الدعم الذي حظيت به ثورة أولاد سيدي الشيخ في وادي ميزاب كان من الأسباب المباشرة لغضب السلطات الفرنسية على الميزابيين ونقضها لمعاهدة الحماية معهم وإلحاقها وادي ميزاب بأراضيها المستعمرة" فقد وجه الوالي العام للجزائر لويس تيرمان (صةص¡ 7ونن]) خطابا شديد اللهجة إلى الميزابيين يجذرهم فيها من مغبة خرق بنود المعاهدة ويتوعدهم بالسيطرة العسكرية ،وكان ذلك شهرا قبل تاريخ الإلحاق اي محرم 0031ه /نوفمبر 2881م .مما جاء فيه: " وأصبحت أسواقكم مفتحة لجميع المفتنين بالقبلة ،بل مددتموهم بأصناف الأدوات الحربية .وكل ذلك منكم ونحن لم نقصر معكم في الإنذارات الأكيدة والنصائح السديدة والنصرة المعنوية المفيدة فصممتم عن الإنصات إلينا».١‏ ( )1عمر بن حو بكلي (و3521 :ه7381 /م-ت :آخر ذي الحجة 0431ه 31 /اوت 2291م) .احد أعلام وادي ميزاب وعلمائها العاملين .درس في بلدته ثم على يد الشيخ اطفيش في معهده ببني يزقن، اشتغل التعليم والوعظ والإرشاد في بلدته العطف©ؤ كما حارب الفساد والبدع وتصدى للعمل الاجتماعي 6كما كان على اتصال بمقاومة أولاد سيدى الشيخ يبعث إليها المؤن والأسلحة والذخيرة الى كان يستقدمها من جنوب تونس .حارب الاستعمار وسجن في سجن تعضميت بالقرب من الأغواط. معجم اعلام الإباضية :ج .3ص.236 ( )2معجم أعلام الإباضية :ج .3ص.236-436 ( )3النص الكامل للخطاب منشور ضمن كتاب :النوري :نبذة من حياة الميزابيين ،جا .ص.903 55البحث الأول :الأوضاع السياسية بوعمامة هذههذا الصدد:‏ ١وبعل أحداثفالمؤرخ حى بو عز ر.(.يقول الحقت السلطات الفرنسية منطقة ميزاب بسلطاتها المباشرة ،وألغت الحكم شبه الذاتي الذي كان يتمتع به الميزابيون بمقتضى اتفاقية راندون عام [ 358م .وذلك عقايا لهم على التأييد الذي أبدوه لبوعمامة ورفاقه .والعون المادي الذي قدموه هم الستينيات والسبعينيات.الثورات التحريرية خلال عقديولمن قبلهم من زعماء الشعبيةالثوراتومتقاوتة فمتفرقةللميزابيين مشاركاتكانتإذن:فقد الجزائرية اتسمت بالمبادرات الشخصية للأفراد أو لبعض الجماعات الملوجودة في الحنكة مع عناصر هذه المقاومات وقياداتها .الجزائريمدن الشمال ( ) 1يحى بوعزيز( :و9291 :م-ت7002 :م) من برج بعريريج ،تلقى تعليمه في عنابة وفي تونس بمدارسها وبجامع الزيتونة ،واصل دراسته بجامعة القاهرة بمصر حيث تخصص ف التاريخ .تحصل على شهادة الدكتوراه في التاريخ من جامعة الجزائر سنة 6791م .اشتغل بالتدريس الجامعي له الكثير من المقالات والعديد من المؤلفات في مجال تاريخ الجزائرث وشارك في الكثير من الملتقيات الوطنية والدولية .بوعزيز: ثورات الخزائرش غلاف الكتاب. ( )2المرجع نفسه:صر.652 الفصل الأول :الأوضاع العامة الإباضية الجزائر خلال عصر النهضة الإصلاحية56 الحث التا ني : الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية [۔جغراقية وادي ميزاب ومناخه: يعيش إباضية الجزائر في منطقة وادي ميزاب الواقعة في شمال صحراء الجزائر الواسعة ،وهي هضبة صخرية كلسية تتخللها أودية عديدة؛ أهمها وادي ميزاب ووادي زقرير ووادي النساء ووادي متليلي .تنبع كلها من الشمال الغربي وتنتهي في الجنوب الشرقي. تبعد عن العاصمة بمسافة ستمائة كيلو متر ناحية الجنوب توجد عاصمة 83درجة وخط الطولالولاية غرداية في تقاطع خط العرض الشمالي الجنوبي .03.54 :تمتاز بصيفها الحار الشديد الحرارةء وشتائها البارد الشديد البرودة0وبهوائها الجاف الذي لارطوبة فيه .وهى منطقة قليلة الأمطار؛ لا يتجاوز معدل الأمطار فيها76ملم سنويا هذا ما جعل من وديانها قليلة السيلان عموما ،وتشهد المنطقة هبوب رياح رملية نهاية فصل الشتاء وبداية فصل الربيع. تكون قادمة عادة من الجنوب الغربي. وقد شهدت المنطقة عبر التاريخ حالات جفاف حاد في سنوات 7681 :م 4591م كما شهدت الأودية المذكورة سالفا فيضانات جارفة سنوات:.0 4191 .0م 0691م .ويتكون وادي ميزاب من سبع قرى ،توجد خمسة منها متجاورة متقاربة هي :العطف وبنورة ومليكة وبنى يزقن وغرداية ،وتوجد اثنتان تبعدان عن المجموعة ببعض العشرات من الكيلو مترات هما بريان والقارة". ( )1دبوز :نهضة الجزائر الحديثة .ج.1ص . !05الحاج سعيد :تاريخ بني مزاب ص .9-01بكير أعوشت: وادي ميزاب في ظل الحضارة الإسلامية .دينيا ،تاريخيا ،اجتماعيا المطبعة العريية .غرداية1991م. ص.91-32 75المبحث الثاني :الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية 2عمارة وادي ميزاب وأصل تسميته: تسمى منطقة وادي ميزاب ببلاد الشبكة نسبة إلى تشابك أوديتها بين قراهاء يرجع عمران هذه المنطقة إلى العصور الحجرية الأولى" نظرا لوجود هذه الأودية الداعية لتوفر شروط الحياة فيها من الماء والكل" وهو ما كشفت عنه الأبجناث التي توصلت إلى وجود آثار العمران والحياة منذ العصر الحجري بالإضافة إلى الرسوم المنحوتة في الصخور التتىثبت وجود حضارة إنسانية قديمة-رغم أنها فنيت بعد ذلك -وهي عبارة عن رموز وجروم أمازيغية بربرية ،وأعداد وأشكال للحيوانات تدل على حضارة الجنس البربري المستوطن لهذه الربوع ،وعلى بعض مهنه وحرفه كالرعي وتربية المواشي«"'. تطلق كلمة بلاد ميزاب أو بلاد بني ميزاب على ما يسمى ببلاد الشبكة التي تضم مدن وادي ميزاب السبع وكذا القرى المجاورة لها من متليلي وضاية بن ضحوة. وقد تعددت الروايات التاريخية لأصل تسمية بني ميزاب ،ولعل الراجح منها أن التسمية كانت في بادئ الأمر بني مصعب نسبة إلى اسم القبيلة التي عمرت لمنطقة .وهي إحدى فروع قبيلة زناتة البربرية المعروفة. يقول الشيخ عبد الرحمن بكليا“ « :سكان ميزاب الأصليون من قبيلة بنى مصعب البربرية فرع زناتة العظيمة. ومع مرور الزمن تحولت التسمية من بني مصعب إلى بني ميزاب‘ وذلك أن البربر لا تجيد نطق العين محققة أو يصعب عليها ذلك‘ فتسهل نطقها همزة أو ألفا .وبتقارب مخارج الصاد والزاي وتعدد اللهجات مع تقادم المهد تحولت الكلمة من مصعب إلى مصاب ثم مزاب ثم ميزاب .يؤيد ذلك ما يوجد في ص.11-[ 0الحاج سعيد :تاريخ بي مزاب)(1 ( )2انظر ترجمته ف البحث الثاني من الفصل الثالث. ) (3بكلي :نتارى البكري ،ج ا3 .ص.36 الفصل الأول :الأوضاع العامة الإباضية الجزائر خلال عصر النهضة الإصلاحية58 اللغة الميزابية من كلمات استبدل فيها حرف الصاد زايا ،كأن يقال للصلاة: `"تزاليت“ ،وللصوم” :ازوميىד. ويرى ابن خلدون أن بني مصعب ينسبون إلى مصاب بن بادين من قبيلة زناتة انتقل إلى وادي ميزاب هو وإخوته فيقول « :وقصور مصاب سكانها لهذا العهد شعوب بني بادين من بني عبد الواد وبني توجين ومصاب وبني زردال فيمن انضاف إليهم من شعوب زناتة ،وإن كانت شهرتها مختصة بمصاب» ة. واد ي ميزاب: 3أصل سكان يقول الأستاذ محمد علي دبوز « :وأصل الميزابيين من العرب والبربر ففي عروقهم دماء العرب والبربر جميعا ،ولا صحة لما يدعيه الاستعمار ومقلدوهم من أنهم بربر خلص ...يدل على ذلك فصاحتهم في العربية وخلوهم من اللكنة الموجودة في بعض أنحاء البلاد .ويقول الشيخ محمد سعيد كعباش « :وبما أن المجتمع الإباضي لم يقم على الانتماء العرقي فإنه من الطبيعي أن ينصهر في بوتقته عناصر بشرية أخرى من مختلف الأجناس ...فهناك عناصر عربية ،أعجمية وزنجية وغيرها ،نزحت إلى المنطقة واندجت في المجتمع الميزابي من أقدم العصور .وبما أن الطابع الأغلب للمجتمع هو البربرية فقد اكتسى الكل ذلك الطابعهه‘“‘. تعددت الروايات في ضبط سكان وادي ميزاب وأصوفم البربرية والعربية والمناطق التي قدموا منها ،والفترات الزمنية التي استغرقت ذلك والأسباب السياسية والاقتصادية التى كانت وراء تلك الهجرات. ( )1محمد علي دبوز :تاريخ المغرب الكبير .ط{1دار إحياء الكتب العربية ،القاهرة .مصر2831 .ه3691 /م. ص .32الحاج سعيد :المرجع السابق ،ص.41 -31جا ( )2عبد الرحمن ابن خلدون :كتاب العبر وديوان المبتدإ والخبر في أيام العرب والعجم والبربز ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر 6دار الكتاب اللبناني للطباعة والنشر ،بيروت لبنان2041 .ه1891 /م .مج.7 ص.321-421 ( )3دبوز :نهضة الجزائر الحديثة .جا .ص.761 ( )4محمد سعيد كعباش :العطف تاجنينت ،نشر جمعية ألفية العطفؤ العطفت© غرداية 699 .ام 2ص.3 95البحث الثاني :الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية لكن ما يمكن أن يخلض إليه هو أن في بلاد ميزاب خليطا من القبائل البربرية والعربية قدمت وعمرت وادي ميزاب في فترات متلاحقة عبر التاريخ امتزجت" فيما بينها مشكلة ما يسمى بالمجتمع الميزابي ،وقد أسهم جميعها في بناء الوادي وعمارته وتشييد هذه الحضارة التى زاد عمرها عن ألف سنة. يقول الأستاذ حمو عيسى النوري « :بنو ميزاب أعراش توافدوا إلى وادي ميزاب من أقاصي البلاد فيهم البربر والعرب الأقحاح بعد انقراض الإمامة الرستمية وخراب سدراته فكونوا في الوادي وحدة قومية ووحدة مذهبية ووحدة لغوية .فاصبحوا بحكم التجاور والمصاهرة والمعتقد أمة متماسكةهه"‘. هذا الرأي يفند الرواية التى تعتبر أن الميزابيين نزحوا من تيهرت إثر سقوطها إلى سدراتة ثم إلى وارجلان ثم إلى وادي ميزاب على شكل هجرات جماعية يتركون فيها وطنهم الأول للاستقرار في الوطن الجديد ،كما يفند الرواية التى تعتبر يحصل لهم أي اختلاط باإجناسأن الميزابيين الموجودين الآن هم أمازيغ خلص أخرى خاصة العرب منهم. كما ينبغي الإشارة ان وادي ميزاب استقبل في فترات لاحقة مجموعة من القبائل العربية التي لم تمتزج بالميزابيين وبقيت مجاورة هم'إلى حد اليوم ،منها قبيلة بنى مرزوق وقبيلة المذابيح ،وقبيلة الشرفة وقبيلة الشعانبة وقبيلة . العطاطشة وقبيلة المخادمة. أغلب هذه القبائل أو ا لأعراش كانوا بدوا رحلا ينتقلون خيامهم وأمتعتهم وماشيتهم بين الهضاب العليا بالشمال وأطراف الصحراء بالجنوب سعيا وراء الماء والكل طوال فصول السنة كما كانوا يقصدون وادي ميزاب لأجل التبادل التجاري في أسواقه ،ببيع منتوجاتهم الحيوانية من لحوم ودسوم وسمن ولبن وجلود وأغنام وإبل ،والتزود بمنتوجات وادي ميزاب من المواد الغذائية الأخرى | والأفرشة والأقمشة والآلات الحديدية والخشبية ،ثم مع مرور الزمن بدأ استيطانهم ( )1النوري :نبذة من حياة الميزابيين ،جا .ص.821 الفصل الأول :الأوضاع العامة لإباضية الجزائر خلال عصر النهضة الإصلاحية60 على مشارف قرى وادي ميزاب يزداد شيئا فشيئا حتى تم استقرارهم فيه نهائيا. وتحولوا من حياة البدو والترحال إلى حياة الحضر والاستقرار(". كما أن عائلات يهودية قدمت إلى وادي ميزاب واستوطنتها كذلك؛ لكنها بقيت محافظة على شخصيتها ومميزاتها ولم تندمج فايلمجتمع الميزابي ولا في القبائل العربية إلا نادرا ،قدم هؤلاء اليهود من محتلف مناطق شمال إفريقيا عدد منهم قدم من تمنطيط بالقرب من أدرار بعد أن طردوا منها سنة 798ه2941 /م .كما استقدم الشيخ عمي سعيدة معه من جزيرة جربة سنة 458ه0541 /م ثلاث عائلات يهودية (, تفرق هؤلاء اليهود في قرى وادي ميزاب واشتغلوا بمختلف المهن من حدادة وصياغة وتبارة .وربطوا علاقات تبارة ومصا هرة مع يهود تقرت وآفلو والجلفةة وطوال وجودهم في وادي ميزاب ل يسجل عليهم نشاط عدواني أو سياسي واضح ضد السكان" بل جمعتهم معهم معاملات تجارية .كما حركوا سوق الحرف والمهن بإتقانهم لها ،إلى العهد الأخير من الاستعمار واقتراب اندلاع الثورة التحريرية؛ حيث انحازوا إلى صف الاستعمار بقوة ،وكشفوا عن مكرهم وعدوانهم للسكان وشاركوا الاستعمار أعماله التخريبية بالتجسس والوشاية وبث نار الفتن. هذا ما جعلهم-عندما أحسوا بفجر الاستقلال يقترب-يفرون من وادي ميزاب كلية تاركين وراءهم كل أموالهم وممتلكاتهم(. ( )1النوري :نبذة من حياة الميزابيين .جا .ص .221-231الحاج سعيد :تاريخ بنى مزاب ،ص.95-06 /جانفي2941م( ولد ف قرية أجيمإ) (2سعيد بن علي الجربي الشهير ب :عمي سعيد (ت :محرم 8 جزيرة جربة بتونس 6وبها نشا وأخذ العلم0استقدمه أهالي وادي ميزاب إلى موطنهم لإحياء العلم نيه جهد عظيم ف إحياء وادي ميزاب وبعثه من جدييد أسس مجلسا للفتوى ز وأخذبعدما قل أهله .فقام اسمه فيما بعد 6وهو المعروف الآن بمجلس عمي سعيد الذي يتشكل من نخبة علماء وادي ميزاب. ص.673الاباضية :ج.3معجم أعلام ( )3النوري :المرجع السابق" ج ،1ص .331-431الحاج سعيد :المرجع السابق" صس.95-06 ( (4النوري :الرجع نفسه 68ج [ .ص .331-431الحاج سعيد :المرجع نفسه ص.95-06 16البحث الثاني :الأوضاع الاجتماعية والاتتصادية 4۔ إحصاءات السكان: لعل فلسفة الإحصاء لم تكن معروفة ولا معهودة لدى القبائل البربرية والعربية المستوطنة للجزائر ،وإنما هي من ثقافة الغرب التي تسربت إلى البلاد العربية مع الملستعمر ،فهو الذي أولى العناية بهذا الجانب وأجرى عدة إحصاءات لسكان الجزائر في فترات متعاقبة .وكانت إحصاءاته عادة تبنى على أساس عرقي ومذهبي؛ حيث يقسم السكان إلى مرجعياتهم الدينية من يهود ومسلمين ثم حسب مذاهبهم إلى إباضية ومالكية .وحسب أعراقهم إلى ميزابيين بربر وعرب .طبعا فهو يستفيد من ذلك في بسط نفوذه وسيطرته على الأهالي ،وني إحداث الفتن والتفرقة بينهم عندما يرى أن مصلحته تقتضي ذلك. أول إحصاء للسكان حفظته لنا الوثائق التاريخية يعود إلى سنة واحدة بعد الإلحاق العسكري لوادي ميزاب ،أي سنة 1031ه3881 /م تفاصيله ونموذج عرضه كما يلي: الجموعيهوديمالكيإباضيالبلدة 31041224.| 6135غرداية 0581000581مليكة 6015006015بى يزقن 65210إ 06بنورة 0571000571العطف 5605681| 5814بريان 79430317920703القرارة كل وادي 73523837897|:1 . .._ميزاب الفصل الأول :الأوضاع العامة الإباضية الجزائر خلال عصر النهضة الإصلاحية62 الإحصاء الموالي ودمسنة6981 /31 4م بلغ فيه عدد السكان.45252 : والإحصاء الموالي وقع سنة ‏ 1906 /٨1324م بلغ فيه عدد السكان73813 : ‏ 1911 /٨1329م بلغ فيه عدد السكان38783 :والاحصاء الموالي وقع سنة والإحصاء الموالي وقع سنة 0431ه1291 /م بلغ فيه عدد السكان34134 : والإحصاء الموالي وقع سنة 5431ه6291 /م بلغ فيه عدد السكان77992 : والاحصاء الموالي وقع سنة 9431ه/٨‏1391م بلغ فيه عدد السكان64703 : تلت هذه الإحصاءات عدة إحصاءات في سنوات متفرقة لم تتوفر لنا تفاصيلها. وهذه نتائج إحصاءات أخرى: إحصاء سنة 4731ه4591 /م بلغ فيه عدد السكان47693 : إحصاء سنة 5731ه 5591 /م بلغ فيه عدد السكان14625 : إحصاء سنة 0831ه0691 /م بلغ فيه عدد السكان"91385 : بقراءة تأملية ووقفة متأنية مع هذه الإحصاءات يمكن استنتاج ما يلي: -أن عدد سكان ميزاب شهد تزايدا مطردا في الغالب وشهد انخفاضا لافتا مرتين على الأقل .بلا شك أن أسبابا سياسية أو اجتماعية كانت وراءه ،كالمجرات الجماعية للسكان بسبب الفتن" أو الموت الجماعي بسب الأمراض والأوبئة. .أن عدد الميزابيين كان كبيرا جدا مقارنة مع الأصناف الأخرى من السكان. وهذا ما يثئبت أسبقيتهم في القدوم إلى بلاد ميزاب وعمارتهم الأولى له. أن القبائل والأعراش العربية قدمت للاستيطان في المنطقة في فترات زمنية متاخرة ومتلاحقة ،وبأعداد قليلة ثم تزايدت مع مرور الوقت. أخرىإحصاءات 4.مع ملاحظة إمكانية وجود3 1 52‏٠ ١ ص72تاريخ بي مزاب٥‏ الحاج سعيد: ) ( 1 وتفاصيلها في مراكز الأرشيف الجزائري بفرنسا. 36البحث الثاني :الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية معبأعداد قليلة تزايدتواستوطنوها 7أن اليهود كذلك التحقوا ميزاب الوقت .كما أن إحصاء سنة 5731ه 5591 /م كشف عن تناقص كبير لعددهم بسبب بداية هجرتهم إلى فلسطين وفرارهم إلى فرنسا وإلى بلدان أخرى بعد اشتعال منهموخوفهم من عا قبة أعمالمم وا نتقا م السكان‏ ١لثورة وشعورهم بدنو الاستقلال بسبب وقوفهم في صف السلطات الاستعمارية. 5۔الحالخ المعيشيح للسكان: إن الطبيعة الصحراوية لمنطقة وادي ميزاب تبعل الحياة فيها أمرا صعبا يعيش فيها المرء في صراع مستمر مع المناخ وقساوته في شتائه وصيفه ،كما أن انعزال المنطقة عن مسار القوافل التجارية وقلة خصوبة أراضيها ضيق من موارد الكسب والارتزاق وجعل منها شحيحة لا تفي أهل البلد بضروريات العيش فكيف بكمالياته .هذا ما جعل من سكانه يعيشون حياة التقشف وشظف العيش والصبر على قساوة الحياة ويعودون أنفسهم على ذلك .كما اعتمدوا على جهدهم العضلي وعلى الوسائل البدائية البسيطة في فلاحة الأرض واستصلاحها واستخراج المياه من بطونها بجفر الآبار وتقسيم مياه الأودية. وقد أولوا عناية خاصة بغرس النخلة؛ هذه الشجرة الوفية المتحملة لقلة الماء وقساوة المناخ .واعتنوا عناية خاصة بثمارها استهلاكا وحفظا وتخزينا .كما جلبوا أعدادا كثيرة من أنواعها من بلاد المشرق والمغرب وغرسوها حتى وصل مجموع أنواعها في واحات وادي ميزاب إلى أربعمائة نوع .وفي الجانب الثاني حاول سكان وادي ميزاب العناية بتربية المواشي والرعي لتغطية حاجياتهم من اللحوم والحليب والدهون فكانت أغلب الأسر تمتلك بعض الحيوانات التي توفر لها هذه الأساسيات من التغذية أو تستعمل من يتولى تربيتها من الرعاةة"“. بكلي :فتاوي البكري۔ .8-973معمر :الإباضية ف موكب التاريخ.حل .4ج.7 .2)(1 الفصل الأول :الأوضاع العامة لإباضية الجزائر خلال عصر النهضة الإصلاحية‏64 ٠ تحت هذه الظروف القاسية وشح الموارد فكر أهالي وادي ميزاب في سبل جديدة لجلب القوت الحلال لعيالهم وعمارة واديهم بالخيرات‘ فكان الانتقال إلى مدن الشمال الجزائري وشرقها وغربها وإلى تونس والاغتراب عن الأهل والبلد لأجل العمل والارتزاق. فيما اطلعنا عليه -رغم أنه لا توجد دراسات اجتماعية أو تاريخية معمقة تكشف لنا عن بداية هذه المجرات وتطوراتها وأوضاعها وظروفها وما صاحبته من أحداث وتأثيرات على حياة الميزابيين؛ إلا أنه مما هو متعارف ومتناقل عبر الأجيال أن هذه المجرات والبحث عن العمل والارتزاق لم تكن سهلة ولا مفروشة بالورود؛ بل لاقى الميزابيون في سبيلها العنت والتعب الجم" وخاطروا بارواحهم في سبيلها. أما تاريخيا فإنه يمكن إرجاع ذلك إلى منتصف القرن الخامس عشر الميلادي أي قبيل دخول الأتراك إلى الجزائر ،ودليلنا على ذلك أن الميزابيين عند دخول الأتراك في مطلع القرن السادس عشر الميلادي قد انتظموا في جماعات واستطاعوا أن يبرموا معاهدة معهم انطلاقا من الجزائر العاصمة ،كما شاركوا في رد هجمات الإسبان .وهذا لا يتأتى إلا بعد استيطانهم وتجميع أفرادهم وأسرهم لتشكل أقلية ذات خصوصية لتفكر وتشرع في العمل النقابي والسياسي وهذا يستلزم من الزمن قدرا معتبرا. وبهجرتهم إلى مدن الشمال وتمكنهم من ممارسة التجارة وبعض المهن استطاعوا أن يفكوا الخناق الاقتصادي عن أنفسهم وعائلاتهم وأن يبلبوا الخيرات إلى واديهمإ الذي أصبح يعمر ويشيد فيه البنيان مع مرور الزمن بفضل ما كانت تدره هذه الأعمال في مدن الشمال. من جهة أخرى فإن الميزابيين لم يهملوا الصناعة كليةء بل كانت لهم بعض الحرف التي هي صناعات تقليدية} فقد عرف الرجل الميزابي صناعة الفخار والحدادة والنجارة وصناعة الأواني والأسلحة والذخيرة .وقد اعتنت المرأة في بيتها 56البحث الثاني :الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية بالغزل؛ فكانت تحول صوف الأغنام المنتوج محليا أو المجلموب إلى مختلف الألبسة الشتوية والصيفية التى يحتاجها الرجل والمرأة .وقد انتعشت الأسواق في وادي ميزاب بهذه المنتوجات المصنوعة محليا وصدرت للى المدن الجزائرية الأخرى{“. 6۔ التكافل الاجتماعي للسكان: لقد تقاسم الرجل والمرأة الأدوار في وادي ميزاب في بناء الأسرة وتشكيل خلية المجتمع .فبينما انهمك الرجل في طرق أبواب الرزق الشحيحة والصعبة المنال في هذا المحيط الصحراوي القاسي بواسطة امتهان الفلاحة أو بعض الحرف© أو الاغتراب عن الوادي في مدن الشمال للاشتغال في التجارة ،تولت المرأة رعاية البيت الزوجية والقيام بمهمتها الفطرية من تربية النشء والسهر على .تنشثتهم على قيم الأخلاق ومبادئ الدين إلى جانب ما كانت تنتجه بيديها من ختلف المصنوعات والمنسوجات ،فكانت بحق حافظة استقرار المجتمع بوادي ميزاب، وحافظة لخصائصه وميزاته من أعراف وتقاليد ،ومن قيم حضارية. كما آن بقاءها في وادي ميزاب ومنع هيئات العزابة خروجها منه وسفرها إلا للضرورة المحددة في الحج أو العلاج حجبها عن تيارات التغيير والتاثير فبقيت مصونة محفوظة تمثل حقيقة المجتمع الميزابي أكثر من الرجلس بل في كثير من الأحيان كانت وراء عودته إلى جادة الصواب كما كانت أحيانا أخرى سببا ي إطفاء فتن ‏١بين العشائر والعائلات بسبب المصاهرات والزيجات. كما عاش أفراد العائلة الواحدة في تعاون وتكافل مستمر في تحصيل لقمة العيش & فكانوا يتقاسمون المهام الاجتماعية والاقتصادية بينهم في تراض وتسامح ومحبة ،فكان منهم من يبقى في البلد مشتغلا بخدمة الأرض وتولي رعاية العائلة بكافة أفرادها .ومنهم من ينقطع للتجارة في مدن الشمال ( ) 1كعباش :العطف تاجنينت ،ص .04 -33الحاج سعيد :تاريخ بني مزاب ،ص .72-82معمر :الإباضية ف موكب التاريخ .حل .ج .2ص.54 754-8 الفصل الأول :الأوضاع العامة لإبا.ة الزائر خلال عصر النهضة الإصلاحية66 وقد يكون منهم من ينقطعبه أعماله وجهوده.الجزائري يمول العائلة بما جادت لوظيفة اجتماعية أو تربوية كخدمة شؤون المسجد أو تولي تعليم الصغار ،فإن ليتفرغ هو لهذه المهمة النبيلة فيتقاسمونبقية إخوته يكفونه عناء الاكتسا ب بينهم ما ج بوه في عدل ورضى وقناعة. من جهة آخرى فقد قام النظام الاجتماعي الهرمي الذي سنه علماء الإبانسية بالجزائر بدور حوري في حفظ كيان المجتمع ورعاية كل شرائحه .وتحديد حقوق وواجبات كل فرد من أفراده. فانشئع نظام العشائر الذي يتشكل من مجموعة أسر تربط بينها علاقة الرحم أو تعود إلى جذور تاريخية متقاربة .فتتولى هذه العشيرة حصر أبنائها ومعرفة الضعيف واليتيم والأرملة وكل ذوي الحاجات فيها فيتعاون الميسورون منها على التكفل بهم ورعايتهم من الناحية الاجتماعية التربوية ومن الناحية المادية .كما تسهم العشيرة التى يديرها مجموعة من عقلاثها في فض بين أفرادها ئ وتسهم مع بقية ا لعشائر ف فضَ النزاعات والخصومات الخصومات والنزاعات الحاصلة في المجتمع ككل. وفق هذا التنظيم عملت حلقة العزابة التابعة إلى المسجد والتي تمثل أعلى هيئة لتخدموأعراففقواز بينما ترا ه صالحا منعلى شؤونه وشرعت‏ ١لبلد ‏ ٠فاشرفتف الصالح العام. العزابة والأعيان فحلقاتوبينكما كان التنسيق ببن قرى وادي ميزاب تدارس القضايا المشتركة واستصدار قرارات واتفاقيات تضبط بها الأمور وتعالج بها الحالات الحادثة. ا.06 -3علي حى معمر :الاباضية :دراسة مركزة ف أصولمم وتاريخهم:كعباش :العطف تاجنينت 6ص) (1 المطبعة العريية غرداية 5891م .ص.35 -53 ( )2يراجع في ذلك كتاب :عيسى باعمارة :لمجالس العامة ميزاب" 5041ه8891 /م دت .كله' . 76البحث الثاني :الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية بهذا التكافل الاجتماعي والتعاون والتآزر ،وبفضل هذه الهياكل العرفية ‏ ١ستطاع أها لي وا دي ميزا ب أن يبنوا وطنهم ا لصغير ويصبروا على قساوة ا لعيش فيهؤ ويصمدوا أمام شح الموارد ،ويكتسبرا أعرافا اقتصادية واجتماعية حازمة ومتينة مكنتهم من البقاء والتصدي لكل التيارات ا.لارفةث كما مكنتهم من تعمير واديهم وتشييده لبنة لبنة". 7۔حالت‌الأمن بوادي ميزاب: بلا شك أن لاستقرار الشعوب والأمم وأمنها دورا مهما في تطورها ورخائها وازدهار حضارتها ،كما أن لحالة الفتن والحروب أثرها المباشر في بقائها متخلفة وسببا في خراب عمرانها وانهيار حضارتها وفنائها. لقد عاش وادي ميزاب الحالين؛ فشهد وتنعم بفترات من الاستقرار الاجتماعي والأمن الداخلي أعان على ذلك التكافل بين طبقاته وشرائحه ،وبساطة عيشهم وقناعتهم بما تيسر من متاع الحياة وزخرفها ،مع راحة البال وهناء الضمير ئي بيئةصحراوية تجمع بين واحاتها الخضراء ورمالها الصفراء وقصورها الشاححة فوق الجبال. كما عاش فترات عصيبة كثرت فيها الفتن الداخلية واشتدت؛ امتد بعضها لعشرات السنين ،تسببت في إعاقة وادي ميزاب عن التقدم الاتتصبإادي والاجتماعي ،فبدل العناية بالعلوم والمعرفة ورفع الوعي لدى الأهالي كانت الجهود منصبة حول الصراع والتناحر.والتكتل لأجل غلبة فريق على آخر .كما زعزعت هنه الأحداث العلاقات العشائرية والقبلية وشقت وحدة الصف والجماعة ،وتسببت في خراب عمراني وشكلت هما اجتماعيا فكك أسرا وشرد عائلات ونفى عشائر من قرى إلى أخرى. كانت وراء إيقاد نار الفتن بين الأهالي أسباب وعوامل عديدةء لعل أهمها ص.95-06ميزاب بلد كفاح.طلاي:)(1 الفصل الأول :الأوضاع العامة لإباضية الجزائر خلال عصر النهضة الإصلاحية68 -1الجهل العام الذي ساد وادي ميزاب في تلك الفترة وتدني مستوى الوعي, والثقافة بين الأهالي مما جعلهم يندفعون وراء أي فكرة ويصدقونها بأقل كلام أو إقناع. -2نصرة العصبيات القبلية والعشائرية والعائلية مهما كانت؛ أعلى صواب أم خطإء والاستجابة إلى نداء القبيلة ولو كانت على ضلال. -3الاندفاع الأعمى وراء الدفاع عن الشرف بعامة ،وشرف القبيلة بخاصة .بأدنى مس في كرامتها أو عرضها في فرد من أفرادها. -4غياب سلطة حكم عسكرية قوية تردع مثل هذه النزوات والأفعال الطائشة. -5انقسام القرى والمدن إلى صفين علوي وسفلي أو شرقي وغربي .وانتصار عدد من العشائر والقبائل إلى أحد الصفين ضد الآخر .وتشكيل كل صف لحمة قرية معادية ومقاتلة للصف الآخ ه.. استمرت هذه الفتن منذ القرن الرابع عشر الميلادي إلى التاسع عشر منه ،ومما يسجل أن الدول المتعاقبة على حكم الجزائر كانت غائبة تماما عن فض هذه النزاعات وإخماد هذه الفتن أو محاولة الإصلاح بين الأهالي ،بل تركتهم لشأنهم ياكل القوي فيهم الضعيفتؤ إلا ما كان من جهود الهيئات العرفية ويمض الشخصيات العلمية أو الاجتماعية التي لها وزنها واحترامها عند الأهالي ،فينتصت إلى رايها وإصلاحها بين الجهات المتخاصمة. بل سجل لنا التاريخ أن الفرنسيين كانوا وراء إيقاد العديد من الفتن وبث نار التفرقة والعداوة بين الأهالي ،وتحريض بعضها على بعض؛ خاصة عندما تدخلت في شؤون وادي ميزاب وعينت ”القياد“ الذين تولوا تسيير البلاد وخدمة مصالحها ،فتسلط بعضهم ومكروا وانحرفوا وعاكسوا أعيان البلدة وسلطة المسجد وهيثاته الدينية. ص! .7الحاج سعيد :تاريخ بتي مزاب ((1 96المبحث الثاني :الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية هذا على الصعيد الداخلي وعلى الصعيد الخارجي شهد وادي ميزاب فتنا أخرى جوارية أي بين الميزابيين والقبائل العربية المنساكنة معهم أو المستوطنة للمناطق الصحراوية القريبة منهم" كورقلة والأغواط وتقرت؛ حيث كان بينها صراع قبلي عصي طائفي ،لا تخرج أسبابه في الغالب الأعم عن العوامل المذكورة آنفا .وكانت تنتهي عادة وتسفر عن قتلى وجرحى ،وعن نهب وسلب للأموال وتخريب للمحاصيل الزراعية وفتك بالمواشي ،وكذا على عداوات وبغضاء مستحكمة تستمر لفترات زمنية طويلة يتوارثها الأبناء عن الآباء ،لا تزال آثارها إلى )اليوم باقية في جزائر الاستقلال.'"١‏ إضافة إلى الأسباب الماضية فإن للمخلفات التاريخية والمعتقدات الدينية الخاطئة المترسبة في أذهان الآهالي في نظرة المذاهب الإسلامية إلى بعضها البعض أثرها ودورها في استحكام العداوات وتأجيج الخلافات ،فكل فريق ينظر إلى الآخر أنه ضال عن جادة الدين وخالف لأصوله. إلى جانب اختلاف العادات والأعراف والتباين الحضاري والمادي وانغلاق كل فريق على نفسه في العيش ورفضه للآخر ،مع الصراع على موارد الرزق الشحيحة .كلها عوامل القت بظلالها على هذه الوضعية المأساوية الق مر بها وادي .ميزاب بين الحين والآخر. من الواضح أن خروج وادي ميزاب من هذا النفق المظلم كان مع تباشير النهضة الفكرية والعلمية والإصلاحية التي شهدها العالم الإسلامي مع مطلع القرن العشرين فوصل صداها إلى الجزائر وإلى وادي ميزاب فكان لها أثرها الإيجابي في إخماد هذه الفتن وإضعاف حدتها ،بالجهود الجبارة للمصلحين في سبيل رفع مستوى الوعي لدى الأهالي ونشر الأخلاق والفضيلة بينهم بالتربية والتعليم والإرشاد. مثال ذلك ما قام به المدعو بوشوشة اأحمد ف إغارته على قبائل الصحراء وتخرييه لماجر الليزابيين ق()1 نبذة منالنوري:78ا م لاإخحضاعها لسلطته بالقوة سنة[ ميزابوادثم عزمه على القدوم إلوارجلان حياة الميزابيين 6ج1ث ص.003 -392 الفصل الأول :الأوضاع العامة لإباضية الجزائر خلال عصر النهضة الإصلاحية70 لعل هذه الصورة المظلمة التي مر عليها وادي ميزاب هي ما كانت عليه العديد .من الجهات في بلاد الجزائر والعالم الإسلامي في عصر الانحطاط والانهيار الحضاري. 8۔النظامالاجتماعي عند إباضيت الجزائر: لعل أكبر مظهر اجتماعي عرفه وادي ميزاب هو نظامها العرفي الاجتماعي لمعروف بنظام العزابة} هذا النظام الذي يستمد روحه من أصول الشريعة الإسلامية ومقاصدهاء ويعد عند الإباضية بمثابة الإمامة الصغرى التي تقابلها الإمامة الكبرى التي تعني قيام دولة الإسلام وإقامة حدود النه تعالى. بلور علماء الإباضية هذا النظام بعد فترة من سقوط الدولة الرستمية بتيهعرت سنة 692ه909 /م .لأجل حفظ مجتمعهم من الضياع والتفكك وكذا استجابة لروح العصر آنذاك التي فرضت عليهم التاقلم مع الأحداث والمستجدات الأمر الذي اقتضى إيجاد بديل لنظام الدولة وإقامة الإمامة ،يتولى رعاية شؤون المجتمع السياسية والدينية والاجتماعية؛ لكن في صمت وهدوء .بعيدا عن أعين القوى المتصارعة على الحكم والسيادة والريادة في شمال إفريقيا. بدأ هذا النظام بسيطا على شكل حلقة علم متجولة بين المداشر والقرى نشاها الداعية أبو عبد الله محمد بن بكر الفرسطائى النفوسىه" في بداية القرن الخامس الهجري ،الحادي عشر الميلادي ،لاجل تعليم الناس أمور دينهم ونشر الفقه والدعوة بينهم ،ثم تطور مع مرور الزمن فاصبح هيئة اجتماعية وسياسية ودينية لها هياكل وأطر تتولى من خلالها تسيير المجتمع من كل جوانبها.. ([) أبو عبد النه حمد بن بكر( :و543 :ه 6 /م-ت 940 / 044 :ام) .من علماء الإباضية .اصله من جبل نفوسة بليبيا ،تعلم بجربة ،وتولى التدريس والدعوة فيها ،تنقل في نشر العلم والدعوة بين جبل نفوسة ووادي ميزاب ووادي ريغ ،واسس حلقة العزابةء التي كانت في عهده حلقة علم متنقلة .توفي في بلدة اعمر بالقرب من تقرت .معجم أعلام الإباضية :ج .4ص.277 ( )2محمد ناصر بوحجام :البعد الروحي لنظام حلقة العزابة .ط ©1نشر جمعية التراث ،القرارة ،غرداية ،الجزأئر6 7002م .ص . !6 -عوض خليفات :النظم الاجتماعية والتربوية عند الإباضية في شمال/8 17البحث الثاني :الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية يقول الشيخ إبراهيم طلاي « :نظام العزابة نظام اجتماعي مبني على مراعاة الدين والمحافظة عليه ،والقيام بمهمة الآمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإرشاد الجهلة والأغرار ،ولهذا النظام يرجع الفضل في بقاء رونق الإسلام وطهارته في ميزاب فترة من الزمن طويلة وفي محافظة غالب السكان على تعاليم الإسلام واتباع نهجهه؛"'. ويقول الشيخ محمد سعيد كعباش « :استطاع هذا النظام المحكم أن يستقطب. كل التنظيمات الاجتماعية ويطبعها بالطابع الديني الصحيح ويغرس في نفوس الأفراد الولاء لنه ورسوله فيما شرعه الدين الحنيف من آداب الجوار والتكافل الاجتماعي والتعاون على البر والتقوى ،ويتعهد هذا النظام يقظة الضمير الديني والحس المدني لدى الفرد والجماعة .بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واحكام الولاية والبراءة. يهمنا الآن أن نعرف مؤسساته ومهامه باختصار لنتعرف على كيفية تسيير المجتمع وتنظيمه عند إباضية الجزائر في كنف هذا النظام منذ ذلك الوقت إلى يومنا هذاك مع تسجيل تغييرات كثيرة حصلت له من فترة إلى أخرى ،وكذا انحسار مهامه وتوسعها بين حين وآخر تاثرا بالأوضاع السياسية والاجتماعية المحيطة به ،كحال أي نظام يمر بمراحل القوة والضعف. هو من يعربئ ومدلولهمن لفظ عربماخوذ‏ ١لعزا بيمصطلح عن الدنيا ومغرياتها ،ويتجه إلى الآخرة والدعوة إلى الإصلاح والتدين. بإرششاادد الناس الناس و وةتوجيههم" ." 3 إفريقيا ي مرحلة الكتمان" ط ا ،سلطنة عمان2891 ،م .ص .37محمد ناصر :منهج الدعوة عند الإباضية .ص.451 -121 ( )1طلاي :ميزاب بلد كفاح ،ص.93 ( )2كعباش :العطف تاجنينت" ،ص.42۔ ( )3صالح سماوي :العزابة ودورهم في المجتمع الإباضي بميزاب ،ط 1ؤ المطبعة العربية ،غرداية ،نشر جمعية الفصل الأول :الأوضاع العامة لإباضية الجزائر خلال عصر النهضة الإصلاحية72 أما حلقة العزابة فتتكون من مجموع اشخاص تتوفر فيهم الشروط المذكورة آنفا من الصلاح والتقوى والعلم والخبرة الاجتماعية ،وتعتبر قمة الهرم الاجتماعي على مستوى البلدة في وادي ميزاب ،يرجع إليها أمر حراسة المجتمع من الانحرافات ورعايته من الشرور والآثام؛ بواسطة مهام النصح والتوعية والإرشاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ،التي تشرف عليها ويتولاها أعضاؤها على طول أيام السنة .وتضم الحلقة هيئة للرجال وأخرى للنساء تسمى ”تيمسردين“ .تتعاونان على الإصلاح وتعملان بالتشاور في جلسات دورية منتظمة. تحت هذه الحلقة توجد حلقة خاصة بجفظة القرآن الكريم وطلبة العلم تسمى "إروان“ .تعد رديفا للعزابة ومساعدة لها في تأدية مهامها ،كما أنها مشتلة لانتقاء أفرادها وتكوينهم. وتوجد حلقة اخرى لعامة الناس الذين لهم رغبة وميل إلى العمل الاجتماعي التطوعيث تسمى "إمصوردان“ .تسند لها أعمال خدمة المسجد وتهيئة مرافقه والقيام بجملات التطوع وتوزيع الصدقات والقيام بدور تعليم الصغار في الكتاتيب. إلى جانب ذلك توجد هيكلة خاصة بالمساعدة على حفظ النظام في البلد ومراقبة التحركات المشبوهة وتطهير المجتمع من اوكار الفساد والانحراف والجريمة تسمى ”العست“ أى الحراسة. وتوجد هيكلة أخرى تسمى ”تعشيرت“ أي العشيرة خ وهي تعد الهيكل والعشيرةتتشكل من جموعة عشائرالاجتماعي القاعدي .فالبلدة ف وادي ميزاب تتكون من مجموعة أسر وعائلات تربط بينها أواصر القربى والرحمإ أو تجمع بينها علاقات وصداقات قديمة انضمت بها إلى عشيرة من العشائر مشكلة لحمة حل ‏ ١ث ص .452ناصر :منهج الدعوة عندالتراثك القرارة .غرداية الجزائر7241 5ه7 /م. .طلاي ،ميزاب بلد كفاح .ص.04الاباضية .ص . !45بوحجام :البعد الررحي ،ص!01-61 31البحث الثاني :الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية اجتماعية فيما بينها .يضطلع هذا المجلس بكل شؤون أفراد العشيرة ،فيقوم بإصلاح ذات البين وفض النزاعات والخصومات وقسمة التركات .كما يتولى رعاية الأيتام والأرامل والعجزة والضعفاء ماديا ومعنويا .ومجموع رؤساء العشائر يشكلون مجلسا للأعيان يتم فيه التنسيق مع حلقة العزابة في تسيير شؤون البلدة وتدارس أمورها الداخلية والخارجية". هذا على مستوى كل بلدة ،أما على مستوى وادي ميزاب فهنالك مجلس عمي سعيد .الذي يضم أعضاء من حلقة العزابة ممثلين لقراهمإ يتولى الإشراف على الجانب الديني والفقهي للمجتمع الإباضي وهنالك مجلس باعبد:الرحمن الكرو( .الذي يضم بدوره أعضاء من مجالس الأعيان على مستوى كل بلدة . ويتولى الإشراف على القضايا الاجتماعية لوادي ميزاب وتدارس المسائل المشتركة والقضايا المهمة الداخلية والخارجة“. ( )1بوحجام :البعد الروحي" ص .05 >54خليفات :النظم الاجتماعية .ص.431 ( )2عبد الرحمن الكرتي الشهير ب :با عبد الرحمن" من علماء وادي ميزاب في القرن2 / 6ام :كان ينشط في بلدة مليكة حمى صارت منارًا للعلم يقصدها الطلبة من جميع قرى وادي ميزاب .له مصلى لا يزال قائما في بلدته .وفيه كانت تعقد جلسات المجلس الأعلى ميزاب .معجم اعلام الإباضية :ج ،3ص.215 ( )3كتب في التعريف بنظام العزابة وييان أدواره الاجتماعية والحضارية كتاب عديدون نذكر منهم :فرحات الجعبيري :نظام العزابة عند الإباضية الوهبية في جربة المطبعة العصرية5931 .ه7891 /م .صحمد علي دبوز :نهضة الجزائر الحديثة .علي يحيى معمر :إلإباضية في موكب التاريخ" محمد ناصر :حلقة العزابة ودورها في بناء المجتمع المسجدي‘ جمعية التراث\ القرارة .الجزائر 0141ه9891 /م .صالح سماوي: العزابة ودورهم في المجتمع الإباضي بيزاب .محمد ناصر بوحجام :البعد الروحي لنظام حلقة العزابة. إبراهيم طلاي :ميزاب بلد كفاح محمد سعيد كعباش :العطف تاجنينت 6يوسف الحاج سعيد :تاريخ بني مزاب .بكير أعوشت:ميزاب يتكلم .عوض خليفات :النظم الاجتماعية والتربوية عند الإباضية في شمال إفريقيا في مرحلة الكتمان. الفصل الأول :الأوضاع العامة لإباضية الجزائر خلال عصر النهضة الإصلاحية14 الحث الثالث: الأوضاع الدينية والثقافية لا شك أن الأوضاع السياسية والاجتماعية سالفة الذكر التي عاشها إباضية الجزائر ني وادي ميزاب قد ألقت بللالها على الحياة الدينية والثقافية لديهم .وأسهمت في دفعها نحو اتحباهات محددة دون أخرى وقد رسمت صورة مجتمع تحكمه تقاليد وأعراف اجتماعية تستمد روحها من فهم الدين وفق قواعد الشريعة ومقاصدها . فكيف اتسمت الحياة الدينية والثقافية لديهم آنذاك؟ [ -حال حلقة القتزابة: سبق الحديث عن النظام الاجتماعي الديني الذي حكم وادي ميزاب وسير شؤونه ،ونظم مناحي الحياة المختلفة فيه ،بعد أن ابتدأ تربويا تعليميا على شكل حلقة علم متنقلة ،إلى أن أصبح نظاما له هياكل ومؤسسات تتحكم في دواليب المجتمع انطلاقا من المسجد إلى الشارع إلى السوق ،ومن العشيرة إلى الأسرة إلى الفرد. لقد حاولت حلقة العزابة صبغ كل تحركاته وقراراته بصبغة دينية شرعية من خلال خطابها المسجدي" ونفي إنشائها للأعراف والتقاليد وفي هيكلتها لشرائح المجتمع" وفي ردعها للعصاة والمنحرفين والمتمردين عن قراراتها ونظمهاأ"“ .فكانت تحاول دائما أن تبحث في أصول الشريعة الإسلامية لتجد المستند الشرعي لكل قرار تريد أن تصدره ولكل عرف تريد أن تشرعه أو تنقضه‘ معتمدة في ذلك ( )1تعتمد حلقة العزابة في ردع العصاة والمنحرفين على ما يعرف عند الإباضية بالبراءة الاجتماعية ومي تطبيق عملي للبراءة الشرعية ،إذ يقاطع فيه العاصي‘ فلا يكلم ولا يتعامل معه حتى يقدم إلى المسجد ويعلن براءته العلنية أمام الملا" فيتوب إلى النه ما صدر منه{ ويطلب العذر من المجتمع .ناصر :حلقة العزابةه ص.03 -92 57البحث الثالث :الأوضاع الدينية والثقافية أساسا على مراعاة المصالح المرسلة وسد الذرائع والموازنة بين المفاسد والمصالح. والنظر البعيد العميق إلى المقاصد الشرعية. إن خلقة العزابة باستنادها للنظام الاجتماعي القائم استطاعت أن تقوم بأدوار مهمة في إصلاح ذات البين ،ومحاولة القضاء على الفتن التي سادت وادي ميزاب في فترة القرن السابع عشر إلى التاسع عشر .وفي التنظيم الداخلي للمجتمع ومحاولة حفظ كيانه .يظهر ذلك من ترسانة القرارات والاتفاقات الصادرة عنها؛ سواء على مستوى البلدة الواحدة ،أو على مستوى وادي ميزاب بالتنسيق بين حلقات العزابة . في ما يتعلق بالقضايا المشتركة. تدخلت هذه الحلقات في الكثير من المرات للإصلاح بين عشائر متخاصمة. ووضع حد لفتن متلاطمة .والتوسط لدى بعض القبائل لأجل رد عائلات أو عشائر إلى ديارها وأهلها بعد خصومات حصلت بينها .والإسهام في دفع الديات ورد الحقوق المغتصبة .كما قامت بدورها في محاربة الآفات الاجتماعية المتفشية المخالفة ةلأوامر الدين ،والقضاء على البدع والخرافات التي انتشرت بين الأهالو“`. اعتمدت حلقة العزابة قي عملها أساسا على منبر المسجد الذي كان بين يديها خالصا لها دون غيرها ،فكانت توجه خطابها من خلاله وتوظفه في كل المناسبات والفرص المتاحة للإصلاح والدعوة والإرشاد ،فكانت كلمتها مسموعة لدى الأهالي وجدية في التطبيق والامتثال. يقول الدكتؤر محمد ناصر :ه ومن أهم مهام الحلقة مهمة الوعظ والإرشاد التي تناط في الأغلب الأعم لرئيس المجلسس ويليها المجلس عنايته ومتابعته وحضوره .فالمساجد في ميزاب لا ينتهى دورها عند أداء الصلوات المكتوبة وإنما يتعدى ذلك إلى ما هو أهم من ريادة المجتمعؤ وقيادة الناس في حياتهم ( )1يراجع ني ذلك كتاب :باعمارة :المجالس العامة ميزاب ،كله. ) (2ناصر :حلقة العزابة .ص.23 -3 1 الفصل الأول :الأوضاع العامة لإباضية الجزائر خلال عصر النهضة الإصلاحية76 .اليومية كلها وبذلك يكون المسجد في المجتمع هو الموجه والمربي والواعظ المجلس الديني على وظيفة الوعظوالمعلم .وتحجسيدا لمذه الريادة يحرص والإرشاد بالمواظبة المستمرة في كل وقت وفصل. لقد مهد لها الطريق وعبده جهود المشايخ والعلماء السابقين الذين وضعوا الهيكلة الاجتماعية وبنوا صرحها وجعلوا كلمتها الأخيرة في يد حلقة العزابة. لقد كان شيخ المسجد يتولى عملية الوعظ والارشاد والإفتاء وتطبيق البراءة الاجتماعية الرادعة عن مخالفة أوامر النه تعالى وأوامر المسجد والمجتمع . من ناحية أخرى توجهت جهود حلقة العزابة إلى التعليم وتحفيظ القرآن الكريم .وتلاوته الجماعية المستمرة ف المسجد من حلال مجالس الذكر ،وتشجيع الناس على تلاوته ف بيوتهم وعلى ختمه والتنافس ف ذلك‘ كما استطاعت من خلال الإشراف على الكتاتيب والمحاضر أن تنشر الحد الأدنى من علوم الدين علىالعربية .كما حرصتاللغةومبادئبتلقين الصبيان المبادئ العقدية والفقهية فتح أقسامتحفيظهم القرآن الكريم والتنافس على استظهاره ومذاكرته من حلال خاصة لحفظ القرآن الكريم. يقول الشيخ إبراهيم طلاي :ه لعل أكبر جهد قامت به حلقات العزابة .وكان لها أقوى الأثر في المجتمع هو تنشئة الناشئة على التربية الدينية وتعليمها وتلقينها القرآن الكريم فلكل مسجد في ميزاب محضرتان ،أو ثلاث محاضر تتلقى أطفال القرية ،تعلمهم مبادئ الكتابة واللغة ،وتحفظهم القرآن الكريم»“. هذه نقاط وضاءة نيرة في مسيرة حلقة العزابة في تلك الحقبة من الزمن ،لكن في مقابل ذلك عرفت هذه الهيئات بعد دخول المستعمر إلى الجزائر وإلى وادي ( )1المرجع نفسه؛ ص.!9 ( )2انظر تعريفها في المبحث الثاني مانلفصل الثاني. طلاي :ميزاب بلك كفاح .صا .8()3 77البحث الثالث :الأوضاع الدينية والثقافية : ديزاب في المنتصف الثاني من القرن التاسع عشر تغييرا معتبرا في مهامها وأدائها ،ني سيطرتها على المجتمعض إذ تقلص نفوذها وانتزعت الكثير من صلاحياتها ،فتحولت بيد الحاكم العسكري وبيد القائد المعين من طرفه والموالي له .كما أن تحركات مشايخ الحلقة أصبحت مراقبة ومحسوية على أصحابها ،بخاصة إذا كانت مخالفة لسياسة المستعمر وتوجيهاته ،كما أن الخطاب المسجدي أصبح مقيدا خاضعا لرقابة القائد وحاشيته وأعينه ،فاجبر أعضاء العزابة على السكوت والصمت عن بعض الانحرافات الخلقية وعن بعض المفاسد التى يقترفها القائد وأتباعه .أو تقتضيها .السياسة الاستعمارية. وبعد أن أصبح الآمر بيد ”القياد“ انحسر دورها أكثر وبقي في تسيير شؤون المسجد وبعض الهام والأعراف التابعة له من صرف الصدقات وإقام الصلوات وتعليم الصبيان .وبعد أن أحدثت السلطات الاستعمارية المحاكم الشرعية نزع منها القضاء كذلك‘ فوضع بايدي قضاة تتولى تعيينهم ودفع أجورهم ومراقبة أعمالهم بنفسها؛ بعد ما كانت الحلقة تسهم كثيرا في فس النزاعات والخصومات والحكم بين الأطراف". لكن في خضم هذه الأوضاع والتغيرات المتسارعة رأينا أن مشايخ العزابة لم يبقوا مكنوفي الأيدي أمام هذه الوضعية السياسية الجديدة التى حاولت حصرهم في زاوية ضيقة ،بل جابهوا الفساد وحاولوا الإصلاح وركزوا ولاء الناس لهم ،وعلى صوت المسجد في تغيير المناكر التي يرونها تتنافى مع الدين الإسلامي وشريعته. ، فكانت لهم سياسة الكر والفر مع ”القياد“ ومع السلطة الاستعمارية .فاغضبوها في كثير من المرات ،وكثيرا ما تخطوا مرحلة الصراع إلى مرحلة الصدام واللى تاليب الشارع على القائد وعلى السلطات الاستعمارية لأجل التراجع عما صدر منها أو من القائدث من قرارات أو أعمال منافية للدين والعرف. ‏ ١ا.021-تاريخ بتي مزاب6ص9( ( 1الحاج سعيد: الفصل الأول :الأوضاع العامة لإباضية الجزائر خلال عصر النهضة الإصلاحية.18 من زاوية أخرى فإنه مما تؤاخذ عليه الحلقة على الصعيد الداخلي وقوف بعض أعضائها في وجه العلماء والمصلحين والمجددين!" من العزابة أنفسهم فلم تفسح لهم المجال لنشر التوعية والمعرفة والعلم ،ولم تسمح لهم باعتلاء منبر المسجد ولم تقبل الاستفادة من خبراتهم ومعارفهم التي تحضلوا عليها بعصاميتهم" أو بتكوينهم خارج وادي ميزاب‘ 6فدخلت في صراع مع بمض العزابة العلماء وتلاميذهم الذين سعوا إلى التجديد والتغيير فلم تتقبل أعمالهم وإصلاحهم إلا بعد زمن طويل وجهود مضنية. كان ذلك حرصا من بعضهم على البقاء في مناصبهم والحفاظ على كرسي الزعامة في المجتمع مبررين ذلك بالمحافظة على التقاليد وعلى أعراف المجتمع وعلى أصول المذهب الإباضي .وقد استعملوا كل الوسائل المتاحة بين ايديهم للتشتيع بالعالم وباعماله وتاليب عامة الناس عليه ،فراوا في ذلك الإصلاح تهديدا للمجتمع ونسفا لكيانه ومحوا لخصوصياته. إن المستوى العلمي والمعرفي المنواضع لكثير من أعضاء العزابة آنذاك كان وراء هذه النظرة الضيقة القاصرة للأمور والحكم الخاطئ عليهاء إذ الوصول إلى مشيخة الحلقة يتم عادة بالأقدمية وكبر السن؛ هذا ما تسبب ۔ أحيانا في ضعف أداء الحلقة ودخولها في متاهات التعصب والجمود والجهل. هكذا تراءى لنا مشهد حلقة العزابة المشرفة على الحياة الدينية في تلك الفترة فكانت لها وجوه مشرقة في ميدان الإصلاح والثبات على الحق ،كما كانت لها سقطات وإخفاقات ومرحلة ضعف وهوان ،وهذه حال أي نظام. ( )1حصل الصراع بين اعضاء من العزابة والعلماء في عدة مرات منها :مع الشيخ الثميني خلال القرن الثامن عشر ومع الشبخ اطفيش خلال القرن التاسع عشر ومع الشيخ بيوض خلال القرن العشرين .وكل هؤلاء من زعماء النهضة والإصلاح ني وادي ميزاب .انظر البحث الثالث من الفصل الثاني مثلا} } }. . ( )2للاطلاع على فصول من هذا الصراع بين التجديد والجمود .يراجع كتاب :عبد الرحمن بكلي :مسيرة الإصلاح في جيلا كله ،نشر مكتبة البكري؛ المطبعة العريية .غرداية4002 .م. 97البحث الثالث :الأوضاع الدينية والثقافية -2حالية التتليم: أ۔ التعليم العربي الإسلامي: اتخذ التعليم في وادي ميزاب شكل نظام الكتاتيب أو ما يعرف عند إباضية الجزائر بالحاضر وكان تابعا للمسجد ومسيرا من هيئاته الدينية .يهتم أساسا بتلقين الصبيان قسطا من القرآن الكريم وتعليمهم مبادئ القراءة والكتابة ومبادئ العقيدة والفقه(". إل جانب ذلك فإن بعض المشايخ-الذين نالوا قسطا من العلوم والمعرفة بالتكوين العصامي" أو بالسفر إلى حواضر العلم الإسلامية المتمثلة في جامع الزيتونة وجامع الأزهر ،أو إلى حواضر العلم الإباضية المتمثلة في جزيرة جربة بتونس وجبل نفوسة بليبيا -يقيمون حلقات علم في المساجد لتنوير عامة الناس كما يفتحون معاهد في دور خاصة لتعليم الطلبة والشباب فنون الشريعة والعربية(. وقد اشتهرت بلدة بني يزقن خلال القرنيين الثامن عشر والتاسع عشر الميلاديين بريادة وادي ميزاب في المجال العلمي والتربوي ،وذلك للمدارس والمعاهد الت تكونت فيها ،والتي فتحها مشايخها وعلماؤها. لكن ينبغي الإشارة أن هذا التعليم م يحظ به عامة أفراد المجتمع .بل اقتصر على فثات منه فقط ،وذلك للظروف المعيشية الصعبة التي جعلت شاس تنشغل بالكسب والسعي وراء لقمة العيش العسيرة المنال على حساب اشتغالها بتحصيل العلم ،أضف إلى ذلك الجهل والتدني العام لمستوى الوعي لدى الناس؛ مما جعلهم لا يدركون قيمة العلم وأهميته ،ولم يولوا له عناية في حياتهم اليومية ،لذا فقد كانت الأمية متفشية بينهم. ) (1القرادي :الشيخ القرادي حياته وآثارهء صن .87-77ناصر :حلقة العزابة٬ه‏ ص.23 -13 ) (2دبوز :نهضة الحزائر الحديثة.اج.1ص.083--452 الفصل الأول :الأوضاع العامة لإباضية الجزائر خلال عصر النهضة الإصلاحية80 وعادة ما يكون هذا التعليم خاصا بالرجال دون النساء .فتحرم المرأة منه للمعتقدات الاجتماعية البالية .التى لا ترى ضرورة في تعلم الذكر فكيف بالأنثى، فيكتفى في تعليمها بتلقينها فرائض الدين من الطهارة والصلاة والصيام وتحفيظها قصار سور القرآن ،وعادة ما تتولى ذلك امرأة ،حظيت بقسط من العلم ومحو الأمية على أحد أقاربها من الرجال" اومن خلال ملازمتها الاستماع لدروس المساجد(. أما على مستوى المعاهد فقد كان لقطب الأئمة الشيخ اطفيش ومعهده قتصب السبق فنال صيتا واسعا وشهرة مستفيضة في وادي ميزاب وخارج ه ،فاستقبل أفواج الطلبة ،وقام بدور مهم في تنوير الوادي ورفع مستوى التعليم والتوعية فيه، بخاصة بعدما تخرجت الدفعات الأولى منه وانتشرت في قرى الوادي حاملة مشعل الإصلاح والتربية والدعوة والإرشاد .وتصدرت مجالس العلم والإفتاء والقضاء. وتولت فتح المدارس وتطوير التعليم. ب۔التعليم‌الفرنسي: في مقابل هذا التعليم العربي الإسلامي فإن السلطات الفرنسية بعد قرار إلحاق ميزاب بأراضيها المستعمرة سنة9921ه 2881 /م شرعت في فتح مدارس لما في فرى وادي ميزاب ،فابتدات بفتح مدرسة في غرداية ،وثانية في العطظفتؤ وثالثة في بي يزقن ،ثم تلتها المدارس في بقيةالقرى. في الحقيقة إن الميزابيين في بادئ الأمر يستسيغوا هذا التعليم فعارضوه وقاطعوه وامتنعوا من إرسال ابنائهم إليه ،حيث راوا أن هدفه مسخ الشخصية الإسلامية وتخريب مقوماتها .وان فرنسا لم تقصد بفتحها تثقيف الشعب وتعليمه بقدر ما قصدت عاربة الإسلام واللغة العربية ،فاتخذ الأهالى منه موقفا سلبياك فكانوا يحاولون تهريب أبنائهم إلى مدن الشمال أو إخفائهم كلما اقترب موعد الدخول المدرسي وإحصاء التلاميذ الجدد. القرادي :الرجع السابق .ص.87 - 77كعباش :العطلف تاجنينت 6ص-96۔ .07((1 18البحث الثالث :الأوضاع الدينية والثقافية تفطنت السلطة الفرنسية لذلك فلجأت إلى إجبار الأهالي على تسجيل أبنائهم في مدارسها وعدم السماح لآي تلميذ مغادرة الوادي إلا برخصة تتولى تسليمها بنفسها ،وكانت تأمر كل رئيس عشيرة أن يصطحب أبناء عشيرته إلى المدرسة حتى يتم ضبطهم وتسجيلهم والتعرف على أسمائهم"“. لم يبق موقف الميزابيين من مقاطعة هذا التعليم ثابتا على حاله ،بل تغير مغ مرور الزمن؛ عندما تفطنوا إلى أهمية التكوين الفرنسي وحاجة أبنائهم إليه ليدخلوا معترك الحياة الواسعة ويبابهوا مخططات الاستعمار في مجالات الإدارة والتجارة والاقتصاد ،وكان ذلك بفضل أسفارهم إلى مدن الشمال واحتكاكهم بالأوضاع. العامة في ميدان التجارة والأعمال ،فغيروا من سياستهم تباهه واكتشفوا ضعف تحصيل ابنائهم بضعف اداء هذه المدارس مقارنة بالشمال ،فنهضوا في المطالبة برفع مستواها وتجويد أدائها وتحسين تجهيزها واستقدام الكفاءات إليها ،لتواكب مدارس الشمال في مردوديتها وتكوينها. لكن يبدو أن السلطات الاستعمارية لم تعجبها هذه المطالبات ،بل سعت إلى إبقاء مدارسها كما هي قدر الإمكان" حتى لا تمكن الأهالي والأجيال من التكوين النوعي الجيد الذي يؤهلهم ويرفع مستواهم العلمي والمعرفي فيتاهضوا سياستها وأعمالها مستقل. ومن جانب آخر فقد أنشئتمدارس تابعة للآباء البيض لتعليم بعض الفنون والعلوم العصرية كما افتتحت مدرسة أخرى تديرها الأخوات البيض تتولى تدريب الفتيات على المهن والحرف من الخياطة والغزل والنسيج. لكن يبدو أن هذه المدارس لاقت معارضة شديدة من الأهالي والمشايخ والعلماء على رأسهم الشيخ اطفيش واعتبروها دعوة صريحة علنية للتبشير والتمسيح فاعلنوا عليها حربا إعلامية لمنع أبنائهم وبناتهم من الالتحاق بها. ص .1 32الحاج صعيد :تاريخ بي مزاب)(1 ( )2بكلي :مسيرة الإصلاح .ص.571 -371 الفصل الأول :الأوضاع العامة لإباضية الجزائر خلال عصر النهضة الإصلاحية82 لقد نجحت هذه الدعاية الإعلامية ضدها ،حيث وجدنا الآب قريزي (رعةن )6المشرف على مدرسة غرداية يشتكي من قلة التلاميذ المسجلين بمدرسته وبمغادرة من التحق بها بعد وقت قصير ("‘. هكذا تراءى لي مشهد التعليم في وادي ميزاب في المرحلة السابقةللنهضة الإصلاحية .فقد جمع بين التعليم العربي الإسلامي التقليدي" ومحاولة التجديد فيه عن طريق الجهود العلمية للشيخ اطفيش وتلاميذه وكذا التعليم الفرنسي الملستحدث؛ والذي وقع حول قبوله أخذ ورد وشد للحبل ،ثم نضال لتطويره وتحسينه .كما الحصر التعليم عند فئات محددة من الناس دون أن يعم كافة الشرائح۔ وكان مركزا على الذكور دون الإناث. - 3حالة أخلاق المجتمع: لقد كان لجهود العلماء ومشايخ العزابة أثر إيجابي واضح في صيانة المجتمع وحفظه من الانحرافات الأخلاقية والأمراض الاجتماعية ،ومحاربة الأعراف والعادات البالية التي كانت تظهر عليه من حين لآخر بجكم الجهل المتفشي والتقليد والتاثر والتشبث الأعمى بالقديم ،وعدم التجديد الذي مس الأوساط الإسلامية عموما؛ التي دخلت في هذه الفترة في سبات عميق وتخلف فظيع وضياع لكثير من القيم الحضارية للشعوب والأمم .وفساد كبير الأخلاق الأفراد وطبائعهم. بدت هذه المجتمعات مغلوبة على أمرها مستسلمة لواقعها منتظرة لسيطرة عدوها قابلة لاستعمارها ،وفعلا تمكنت منها قوى الغرب والكفر فأهانت كرامتها ومرغت عزتها واحتلت أرضها ونهبت خيراتها. في حقيقةالأمر إن المجتمع الإباضي في وادي ميزاب لم يسلم هو كذلك من هذه الأوضاع المتردية المتدهورة التى كانت القاسم المشترك بين المجتمعات الإسلامية رغم الجهود المضنية التى بذلها علمازه ومشايغه الذين حاولوا التصدي لهذا الواقع .إلا أنه : الحاج صعيد :تاريخ بي مزاب6٩‏ ص.1 42 )(1 38البحث الثالث :الأوضاع الدينية والثقافية ينبغي الإشارة أن هذا المجتمع حظي بوجود النظام العرفي الديني المتمثل في حلقة العزابة ومؤسساته ،فقام بدور فعال في تطهير المجتمع من الآفات ومما يشوبه من حين لآخر من الآدران والآأباطيل۔ إلا أن تباحه بقي نسبيا دائما 8فقد سعى لضبطه من كل نواحيه وإحكام الرقابة عليه وإخضاع تصرفات أفراده إلى متابعات مستمرةء يصعب عليه الانفلات من قبضته أو الانحراف عن جادة الطريق. سن هذا النظام ترسانة من الأعراف والقيود والضوابط-في كل مجالات الحياة -المستمدة من روح الشريعة الإسلامية ومقاصدها ومصالحها المرسلة لتنظيم شؤون المجتمع في مظاهره المختلفة؛ من الأسرة إلى العشيرة إلى المسجد ومن المسكن لى الشارع إلى السوق إلى الواحة ،ومن مظاهر الفرح كالأعراس والاحتفالات إلى مظاهر الحزن كالماتم والمصائه". يعدد الشبخ إبراهياملقرادي نماذج من هذه الضوابط والتنظيمات التابعة على حسب وظائفه.يرتا ده ويعمره لباسا خاصا وسمتا حسنا( ۔ الزموا من كونوا له صدقات توزع في أوقات معينة على طول العام ،وكميات من الماء الصيف والشتاء7 .البارد فالعذب البلدة كالجنائز وحفلاتالمساجد على جميع تجمعاتمسيري -إشراف الأعراس وجميع الولائم التي يتجمع فيها الناس... شرعوا أعرافا وقوانين اجتماعية واقتصاديةوسهروا على تطبيقها تطبيقا محكما وسليما بدون تمييز أو محاباة فيما يتعلق بالرجال والنساء. للاطلاع على نماذج من هذه الأعراف والنظم والضوابط يراجع كتاب :أبو العباس أحد بن محمد)(1 الفرسطاتي :القسمة وأصول ا لأرضين تج:بكير الشيخ بالحاج .ومحمد ناصر .ط \2المطبعة العربية، غرداية" نشر جمعية التزاثؤ القرارة 5الجزائر8141 5ه7991 /م .بالحاج قشار :عوائد ميزاب سنن لا تقاليد دت. الفصل الأول :الأوضاع العامة لإباضية الجزائر خلال عصر النهضة الإصلاحية.84 كونوا فى كل مسجد حلقة أو جماعة من الناس تحافظ على مرافق المسجد وتقوم بشؤونه... كونوا حول المسجد محاضر لتعليم القرآن الكريم ومركزا لتدريس العلوم وحلا لحراسة البلدة من طرف المتطوعين...؛ه.‘. بذلك تحكم هذا النظام في دواليب المجتمع وأخضع سلوك أفراده وأخلاقهم عموما إلى ما تدعو إليه تعاليم الإسلام كما أعطى المثل والقدوة بالالتزام الصارم لأشخاصه بهذه الأعراف والآدابؤ فنال بذلك طاعة المجتمع واحترامه. يقول الشيخ إبراهيم طلاي « :وقد حكى لنا التاريخ عن أشياء مثل مظهر السلطة في المدينة .كان الإشراف عليها للعزابة؛ فهم الذين يتولون الفصل بين الخصوم والترافع يقع في صحن المسجد بين صلاتي الظهر والعصر ،وهم الذين يتولون الحراسة ف المدينةؤ وتساعدهم في ذلك منظمة ”إروان“ ...وهم الذين يسهرون على المحافظة على المصالح العامة وتنظيمها كالأسواق ،والمسالخ. وسواقي المياه ،والسدود. وني سبيل ضبط خلق الأفراد وتقويمه لجا هذا النظام إلى إبداع ضوابط ردعية زجرية للعصاة والمنحرفين المنتهكين لحرمات النه تعالى والخارجين عن إرادة الجماعة وطاعتها والمستهترين بأعراف البلد" وهو ما يتمثل في عقاب الولاية والبراءة الشخصيةش أو ما يعرف بالميزابية مصطلح ”التبريت“ .حيث تعلن حلقة العزابة في منبر المسجد براءتها من فلان ،وتعلن عن مخالفته الشرعية أو الاجتماعية وتأمر بمقاطعة أي تعامل معه إلى أن يتوب ويريجع بإعلان توبته العلنية في المسجد أمام حلقة العزابة وعامة المصلين. ( )1القرادي :الشيخ القرادي حياته وآثاره٢‏ ص.64 ( )2طلاي :ميزاب بلد كفاح ،ص.84 ( )3ناصر :حلقة العزابةه ص.03 -92 في حقيقة الأمر ان هذا العرف مستمد من معاملة الرسول الكريم ية للثلاثة الذين خلفوا عن غزوة تبوك حين تبرأ منهم وقاطع أي معاملة معهم 6حتى نزل حكم الله تعالى فيهم بتوبته عليهم. 58البحث الثالث :الأوضاع الدينية والثقافية هكذا تربى هذا المجتمع في كنف المسجد والتزم في الغالب الأعم بتعاليم الإسلام وأخلاقه وبدا متماسكا متعاونا ،ناصرا للحق محاربا للباطل بعيدا عن نشر الرذائل والجهر بالفواحش والمناكر ،وهكذا استطاعت حلقة العزابة بجهودها المضنية المتواصلة بناء مجتمع مسجدي" يعود فيه الأمر أولا وأخيرا إلى سلطة المسجد ومشايخ البلك. إن كلامنا هذا لا يعني رفع كل نقص أو شائبة عنه ،أو رفعه إلى مستوى المجتمع النبوي .فهو كغيره انتابته أحوال الضعف والانهيار وأصيب بعيوب وعلل وزلات عديدةء يمكن إجمالها فيما يلي: ۔ الولاء الأعمى للقبيلة والعشيرة والتعصب لها ولو كانت على ضلال ،وعلى حساب الدين والمبدإ والخلق .وقد تبلى ذلك في الفتن الكثيرة التى عمت وادي ميزاب في تلك الفترة ،وكثيرا ما انتهكت فيها كل الحرمات من نهب للأموال واغتصاب للممتلكات وهتك للأعراض وسفك للدماء ،وهذا بلا شك ينم عن ضعف الوازع الديني في النفوس ،وعدم الوقوف عند حدود الله تعالى ،وعدم المبالاة بجساب النه تعالى وما ينتظر الإنسان من جزاء وعقاب. فسجل لنا التاريخ صورا مرعبة لهذه الفتن الهموجاء؛ كمقاتلة الصف الشرقي للصف الغربي ،وكنصرة عشيرة لعشيرة من بلدة أخرى ضد أعدائها من بلدتهاء وكالاستنجاد بالقبائل العربية المجاورة أو الملستقدمة من مناطق بعيدة ضد أهل البلد" .فتفشى الثار والانتقام بين الأهالي واستبيحت الدماء والأنفس بغير حق وضاعت حدود النه تعالى. ۔ ظهور بعض البدع والخرافات والأعراف الفاسدة الملصقة بالدين وبالعبادات خصوصا& حتى أضحت في نظر العامة كانها من الواجبات التي لا ينبغي التنازل عنها ولا التساهل في أدائها 5وربما أصبح الحرص عليها أكثر من الحرص على .17-77صالحاج سعيد :تاريخ بني مزاب) ( 1 الفصل الأول :الأوضاع العامة لإباضية الجزائر خلال عصر النهقة الإضلاحية86 الفرائض .كظاهرة زيارة القبور وما يصحب ذلك من التبرك بالأموات والاعتقاد والعادات الباليةوالصالحينالعلماءف نفعهم رضرهم .وتقديس فبور بمضص المرتبطة بالأفراح والأتراح. يقول الشيخ إبراهيم بيوض واصفا هذه الأوضاع « :سرت إلى المجتمع لميزابي ...بعض أمراض» كتقديس قبور بعض الأولياء؛ يعتقدون أن هم تاثيرا في الكون ،وأنهم سبب النفع والضر للأحياء ،هذه العقيدة الخرافية للدين ،ووجدنا في الأعراس عادات لا تليق من إسراف وغيره ،تضر صاحب العرس والمجتمع ووجدنا ني الماتم مثل تلك العاداته"'. وكظاهرة الزهد في طلب العلم وتحقير قيمته وتهميش أهله ،وظاهرة منع المرأة من بعض حقوقها ما احل النه لها بدعوى المحافظة على شرفها وكرامتها ،وإبقائها جاهلة أمية مغلق عليها ني دارها ،دون أن تنال نصيبها من التعليم والتوعية والتثقيفؤ ثم تزويبها بين العائلات والأسر الضيقة .هذا ما تركها ني بعض الأحيان تعيش الفراغ ومجالس اللغو واللهو ،وتعتقد بالخرافات وتتشببثالبدع. ۔ ظهور بعض الانحرافات الخلقية بسبب الجهل والجمود على القديم .مثل الوشم في الرجال والنساء ،وتناول السعوط‘ وكشف المرأة لناصيتهاچ وشرب الخمور واقتراف الزنا ،وإلقاء التحية بغير القول السلام عليكم" والغلظة في تربية الأبناء وإيذائهم جسديا ولفظيا. انحسرت جهود العلماء والمصلحين بسبب قلتهم خلال هذه الفترة وضعف حركتهم مع المعارضة الشديدة التي لاقوها من اصحاب النفوذ والمال والجمود على الأعراف والتقاليد البالية ،ومن المفسدين من العوام .وكثيرا ما كان من هذا الفريق رؤوس من الأعيان وبعض العزابة .فيدخل الفريقان في صراع وصدام محمد علي دبور :أعلام الاصلاح ف الجزائر جك .طا.دار البصث‘١‏ قسنطينة .الجزائر.()1 3م2891 /م .ص.53 ( )2دبوز :نهضة الجزائر الحديثة .ج! ،ص.333-733 78للبحث الثالث :الأوضاع الدينية والثقافية عنيفؤ ينتهي بانعزال العالم عن الحياة الاجتماعية أو طرده أو نفيه أو قتله ،فتذهب جهوده أدراج الرياح ،ويعود المجتمع إلى ما كان عليه من قبل. بعد دخول الاستعمار إلى وادي ميزاب استغل هذا الواقع أيما استغلال ووظفه في إشعال نار الفتنة بين الأهالي والتفرج من بعيد ،وفي تحريك فريق ضد فريق آخر ،واستخدام العامة الجهلة ضد بعضهم البعض وفي محاربة العلماء والمصلحين بوعده الجهال بوعود كاذبة زائفة متمثلة في المناصب والجاه وزخرف الحياة الدنيا. فكانوا المعول الأول في القضاء على أي محاولة للإصلاح أو التغيير" وقتل للأفكار النيرة في مهدها وغلق للأبواب أمامه(. هكذا بدا لنا المجتمع في أخلاقه وسلوكه ومدى ارتباطه بدينه وقيمه قبيل مرحلة النهضة الإصلاحية .وبلا شك أنه تأرجح بين الصلاح والفساد وتصارع الحق والباطل في جولات كثيرة .وكان الانتصار تارة للأول وتارة للثاني .وبلا شك أن بزوغ فجر النهضة على المجتمع كان إيذانا بتغيير المنكر وإضعافا لشوكة الفساد والجمود ،ورصا لصفوف الإصلاح والتجديد نحو بناء المجتمع الإسلامي المعاصر. يراجع ف ذلك كتاب:بكلي :مسيرة الإصلاح ف جيلك كله.دبوز :أعلام الإصلاح ف الجزائر كله.)(1 التطتلإلتا7 جذورالنهضة الإصلاحية ومراحلها الإعدادية 7 ميلاد فكرة النهضة الإصلاحية ودواعيهاالمبحث الأول: جذور النهضة العلمية ` `للبحث الثان: اللبحث الثالث :المراحل الإعدادية للنهضة الاصلاحية عهد تلاميذ القطبالمبحث الرابع: 19البحث الأول :ميلاد فكرة النهضة الإصلاحية ودواعيها الميحثا لول : ميلاد قكرة النهضة الإصلاحية ودواعيها فند: كان بزوغ شعاع النهضة والإصلاح من جديد عند إباضية الجزائر في وادي ميزاب مع مطلع القرن الثاني عشر الهجري الثامن عشر الميلادي ،ومن أعماق الحياة الاجتماعية المتردية التى يمر بها وادي ميزاب أثناء هذه الفترة ،ومن خضم الصراع بين الحق والباطل ،وبين التجديد والجمود صدحت الأصوات الآولى للإصلاح وتنادت أفكار التغيير وتحركت جهود النهضة. كانت الانطلاقة من خلال حلقات العلم ي المساجد والدور© التى كان روادها ثلة من شباب ورجال سخرهم النه لإيقاظ هذا المجتمع فوهبهم حرقة على الدين وغيرة على الوطن؛ من أن يبقى باليا 5مشوبا بالكثير من الأدران والبدع التي انتابته وتمكنت منه ،فعقدوا العزم على محاربة المنكر في تلف صوره وإحلال المعروف مكانه" مهما كان الثمن ومهما كانت التضحيات. كان أول ما قاموا به أن نفروا للتفقه في الدين والتزود من العلم النافع الذي يمكنهم من معرفة شرع النه تعالى وإدراك حدوده وحرماته ،وفقه مقاصده وأولوياته ،وفهم منهجه في التغيير والإصلاح ،ثم سعوا إلى تحقيق كل ذلك في مجتمعهم وفق الرؤية القرآنية واقتداء بسيرة المصطفى عليه الصلاة والسلام. [-بداية عهد النهضة الحديثة م يتفق علماء إباضية الجزائر على تاريخ محدد ،أو زمن معين لبداية النهضة الإصلاحية الحديثة عندهم في وادي ميزاب كما أن زاوية معالجتهم هذا للوضوع اختلفت ،فمنهم من نظر إلى النهضة على أساس أنها الحركة العلمية الفصل الثاني :جذور النهضة الإصلاحية ومراحلها الإعدادية92 والاجتماعية .ومنهم من وسعها فادخل فيهما مجالات الحياة الأخرى من الاقتصاد والسياسة والعمرانه"“. إلا أنهم يتفقون على أن وادي ميزاب دخل ف سباته العميق فترة من الزمن أثناء القرنين الثانى عشر والثالث عشر الهجريين" الثامن عشر والتاسع عشر الميلاديين" ثم استفاق من جديد استفاقة ثقيلة بطيئة[ ولم يستطع التخلص مما وجد عليه نفسه من الأدران والبرائن إلا بعد جهود جبارة وأعمال متواصلة لفترة زمنية طويلة استمرت فترة قرنين أو تزيد .أعاد مراجعة نفسه وترتيب صفوفه وترميم هياكله بالتدريج .وهذه الجهود المبذولة لأجل الاستفاقة و إعادة البناء الداخلي هي التى نعتبرها جذور النهضة ومراحلها الإعدادية الأولى. بناء على ذلك يرى هؤلاء العلماء أن بداية الاستفاقة ،وأول نداء لها كان مع الشيخ أبي زكرياء يحيى الأفضلية الذي عاش خلال القرن الثاني عشر المجري" الثامن عشر الميلادي" حيث بذل جهودا معتبرة في إيقاظ وادي ميزاب من سباته وسن الخطوات ووضع اللبنات الأولى في سبيل النهضة الإصلاحية الحديثة .ثم تلاه العلماء الملصلحون من بعده؛ مواصلين سيره ومطورين أفكاره وناصرين خطه إلى أن وصلت النهضة رشدها وبلغت نضجها واشتد عودها خلال القرن العشرين. تاكيدا وتوضيحا لهذه الفكرة ننقل كلام الشيخ عبد الرحمن بكلي « :كان القرن الثاني عشر والثالث عشر فترة ركود بل انتكاس بالنسبة للحيناة العلمية لميزاب© ضؤل شعاعه .ورق حبله حتى كاد ينبتر ،لولا أن تداركه لطف من الله فاطلع في ( )1أقصد بهؤلاء الكتاب المعاصرين لتاريخ النهضة الإصلاحية الحديثة والدارسين لها :الشيخ عبند الرحمن بكلي .الشيخ إبراهيم ابو اليقظان ،الشيخ أبو إسحاق إيراهيم اطفيش ،الشيخ محمد علي دبوزا الشيخ علي يحى معمرا الشيخ إبراهيم القرادي 6الشيخ حمو عيسى النوري .الدكتور محمد ناصر .الدكتور حمد ناصر بوحجام الأستاذ بكير أعوشت ،الأستاذ يوسف الحاج سعيد. ( )2انظر ترجمته في البحث الثالث من هذا الفصل. 39البحث الأول:ميلاد فكرة النهضة الإصلاحية ودواعيها سمائه بدرا منيرا وارسل أشعته على زواياه فانارها؛ ذلك هو الشيخ أبو زكرياء يجى بن صالح الأفضلي؛.'"١‏ كما يقول المؤرخ محمد علي دبوز عن هذه الفترة « :إن أول عالم مصلح هز وادي ميزاب ليستيقظ من نومه وأشرق فيه بعلمه وإصلاحه ،ليقشع عنه الظلام الذي يكلكل عليه ،وأخذ بيده ليجتذ به من ضلاله الغارق فيه ،هو العلامة الجليل الصلح الشيخ أبو زكرياء يجيى بن صالح الأفضلي ...إن ميزاب في أول القرن الثاني عشر الهجري يغط في نومه" ويسوده الجهل وما يتولد عنه من عصبيات فبائلية وحزبية فرقت صفوفه وأغرقته في الفتن والدماءء وجعلت القوي فيه ياكل الضعيفؤ وانعدم فيه ذلك المجتمع الذي تسوده الأخوة الإسلامية ،وانحرف في ناحية الإخاء وشدة التمسك بالدين عن الطريق الذي أقره فيها أسلافه ومنشئوه(.‘. بينما نغبد الشيخ علي يحيى معمر يذهب مذهبا آخر في تحديد عصور النهضة والإصلاح عند إباضية الجزائر ،وينظر إلى الموضوع من زاوية أخرى يخالف فيها النظرة السابقة وينتقدها. نجده يقسم تاريخ إباضية الجزائر إلى ثلاثة عهود كبيرة .كل عهد يتضمن عدة فترات‘ يبتدئها بالفتح الإسلامي للمنطقة في المنتصف الثاني مبن القرن الأول المجري إلى العصر الحاضر .فهو يقول « :فإذا أردنا أن نتحدث عن تاريخ هذا الشعب في المدى الممتد بين الفتح الإسلامي والعصر الحاضر فإننا نستطيع أن نقسمه إلى ثلاثة عهود متميزة بعضها عن بعض وأن كل عهد من تلك العهود يشتمل على عدد من الفترات التاريخية التي تربط بينها روابط من الخصائص الاقتصادية والاجتماعية والحركات العمرانية والنشاطات العلمية والثقافية ( )1عبد الرحمن بكلي :مقدمة على كتاب النيل للشيخ عبد العزيز الثميني ،ط ٌ2المطبعة العربية لدار الفكر الإسلامي .الجزائر9831 .ه_ 969 /ام‘ ص.01 ( )2دبوز :نهضة الجزائرش ج {1ص.552 -542 الفصل الثاني :جذور النهقنة الإصلاحية ومراحلها الاعدادية94 والسمات الدينية والسلوكية وإن كانت تفصل بينها أحداث سياسية أو مظاهر اجتماعية فصلا غير سميكا.“. اما ما يتعلق بالنهضة الإصلاحية فنجده يرجع بدايتها وجذورها الأولى إلى القرن التاسع الهجري ،الرابع عشر الميلادي .مع قدوم الشيخ عمي سعيد الجربي من تونس إلى وادي ميزاب لأجل تنويره ونشر العلم فيه من جديد بعد أن اندثر وانتهى منه ،ودخل في مرحلة اتسمت بالجهل والنوم العميق على حد تعبيره.} } . يقول في هذا الصدد « :العهد الثالث لبنى مصعب في التاريخ الإسلامي يمتذ نحو أربعة قرون ونصفتب© إذ يبتدئ من أول القرن ا لتاسع وينتهي في منتصف القرن الثالث عشر تقريبا ،ويمتاز هذا العهد بأنه عهد الانطلاق الكامل في جميع ميادين الحياة ،ولكن في الإطار الإسلامي الجميل. وقد اتخذ هذا الانطلاق عدة اتجاهات متوازية متساندة متعاونة: فقد انفتح باب الاجتهاد العلمي فقدم إليهم وفد من جربة والجبل يشتمل على خيرة من أفاضل العلماء والأعلام العاملين فقادوا الحركة العلمية وتزعموا حركة الإصلاح عموما. في تقسيمه هذا نجده ينظر إلى المجتمع نظرة متكاملة شاملة لكافة مجالات الحياة فتجده يراقب حركية المجتمع ويتتبع الأحداث والتغيرات فيه ،ثم يبني تصوره وفقها ،مازجا بين العوامل السياسية والاجتماعية والاقتصادية والعمرانية في تحديد المنحنى البياني لحركية المجتمع والحكم على أوضاعه. لعله بذلك استطاع أن يرسم لنا صورة أكثر وضوحا لإباضية الجزائر في مسرح التاريخ" من سابقتها التى قصرت النظرة على الجانب الاجتماعي من .الظروفالشعوب.الجوانب المؤثرة على حركيةدون غيرها منالديني. السياسية والاقتصادية. ( )1معمر :الإباضية في موكب التاريخ ج {1صر.644 ص .364الرجع نفسه :ج2)(2 59البحث الأول :ميلاد فكرة النهضة الإصلاحية ودواعيها إلا أن النظرة الأولى هي الأقرب إلى الصواب-في نظري-في تحديد البداية الفعلية للنهضة الإصلاحية الحديثة لإباضية الجزائر .لتوافر الأدلة التاريخية المستفيضة على صحتها من التراكم العلمي والمعرفي الذي شهده وادي ميزاب على مستوى المدارس والمعاهد وحلقات العلم؛ منذ تلك الفترة. ومن الشواهد التاريخية الكثيرة المبثوثة في بطون الكتب والمخطوطات والوثائق على السبات العميق الذي عاشه إباضية الجزائر خلال تلك الفترة من جهل وفتن وبدع وعصبيات مستفحلة؛ مما عرضناه في الفصل الأول ،ومما سنعرضه في فصولنا اللاحقة. ولعل الشيخ علي يحيى معمر قد افتقدها ولم تتح له الفرص ليطلع عليها ويعرفها ،لإقامته بليبيا بعيدا عن الجزائر ،رغم الفترة المهمة التى قضاها بين أظهر هذا المجتمع وعرفه في عمقه عن كثب. كما نشير أن الأستاذ يوسف الحاج سعيد"" وظف التقسيم السابق للشيخ علي يحيى معمر في كتابه :تاريخ بني مزاب( وتبناه ،مع تفريع العهد الثالث منه إلى فترات. في حقيقة الأمر كنت أتمنى لو أشار الأستاذ الحاج سعيد إلى ذلك للأمانة العلمية" كما كنت أنتظر منه أن يقوم بعملية نقد لهذا التقسيم ،وأن يضع بين أيدينا مبررا منهجيا ودليلا علميا على صحته .خاصة وأنه بنى تقسيم أبواب كتابه عليه. وقد ظهر عليها نوع من الاختلال وعدم الموازنة بينها من حيث عدد الصفحات وكم المعلومات المبثوثة في كل باب منها .رغم القيمة العلمية للكتاب من الناحية (( )1على قيد الحياة) مدير المدرسة الجابرية-بنات ببنى يزقن بغرداية. ( )2يرى الأستاذ الحاج سعيد ان التسمية الدقيقة والصحيحة لبني ميزاب هي :بني مزاب ،أي بدون مد الميم لذا سنحترم رأيه حين اعتماد كتابه .فارجو أن يتبه إلىوقد أثبت ذلك ف كتابه .نسماه تاريخ بغي مزاب .ذلك‘ ولا يعد خطأ إملانيا أو مطبعيا. .2-632 7ص6۔الحاج صعيد :تاريخ بتي مزاب((3 الفصل الثاني :جذور النهضة الإصلاحية ومراحلها الإعدادية96 التاريحية؛ بما تضمنه من معلوما ت جديدة مهمة مرتبة ترتيبا زمنيا مفيدا ،معتمدا على مصادر وغحطوطات ووثائق ناذرة غير متوفرة بين أيدي الباحثين. ولعله من باب الجمع بين النظرتين أرى أن الإصلاح الذي يعني في أوضح معانيه وبسطها؛ بذل الجهد في إقامة دين الله تعالى على مستوى حياة الأفراد والمجتمع ل ينقطع ف حقيقة الأمر ف وادي ميزاب منذ حل الإسلام فيه وبقي دائما الربوع التى تواصل فيها حبل الحضارةببن المد والجزر .فإن الوادي يعد من الاسلامية واستمر منذ تربع الإسلام والمذهب الإباضي فنيه مع مطلع القرن الخامس الهجري الحادي عشر الميلادي" إلا أن هذا الحبل كان يتراوح بين المتانة والرقة من فترة إلى أخرى دون أن يشهد انقطاعا وانفكاكا وانفصاما واضحا. صحيح إن هذه ا لربوع كغيرها شهدت عصورا علا فيها كعب الا صلاح والنهضة والتمكين لدين اله تعالى" وعصورا أخرى خمد فيها هذا الصوت وبلي فيها الدين .فكانت الظروف والعوامل الداخلية والخارجية للمجتمع.7 ونزولا وا حناء .رسم هذا أ منحنى أ لبيا ني صعوداتودي دورها ف والشواهد على ذلك كثيرة ،إذ أن تتبع المسار التاريخي لإباضية الجزائر ينبثنا:أن في كل قرن ،بل في كل جيل ،وجد عدد من المشايخ والعلماء" الذين بذلوا تنوير المجتمع وإصلاح أوضاعه والسعي لاقامته على دين الله تعالى .إلاجهدهم ف أن الظروف العامة الداخلية والخارجية كان لها دورها في رسم صورته الواقعية ومدى التزامه فيها بدين اننه تعالى. هكذا بقي إصلاح المجتمع بين المد والجزر وما انفك علماء الإباضية ومشايخهم وعزابتهم يكابدون في سبيل هذا الدرب حاملين المشعل رافعين اللواء ( )1تراجع في ذلك مصادر التاريخ عند الإباضية التي من اهمها :ابو زكرياء يجى بن أبي بكر :سير اليمة وأخبارهم! تح وتع :إسماعيل العربي ط [ .مطبعة أحمد زبانة الجزائر9931ه 9791 /م .الدرجيني: إبراهيم أبو[031ه.طبقات المشايخ بالغرب .أحد ابو العباس الشماخي :صير المشايخ .طبعة حجرية. اليتظان© ملحق سير الشماخي .خطوط .معجم أعلام الإباضية. 79البحث الأول :ميلاد فكرة النهضة الإصلاحية ودواعيها قائدين الركب© محاولين الحفاظ على سلامته وصفائه من الأدران ،فكان منهم من وانته الظروف وتهيأت له الأوضاع ووجد المعين والسند لجهوده وأفكاره فآتت أكلها وذاق ثمارها ورآها رأي العين أمامه .ومنهم من قست الظروف في عهده. فلم تمد له بيد العون والمساندة؛ فناضل وكابد وأدى ما عليه .إلا أن نتائج تلك الجهود لم تتحقق في الميدان ولم تظهر واضحة للعيان. فكان نصر النه تعالى للأول وتمكينه واضحا مجسدا مبهرا استطاعت أقلام اللؤرخين تسجيله وحفظه .بينما كان نصر انته تعالى للثاني ضعيفا شاحبا هزيلا كأنه لا شيء؛ فلم تستطع أقلام المؤرخين تفصيله ولا حفظه‘ وهذا لا يعني انقطاع جهود العلماء والمشايخ في عملية الإصلاح ومحاولتهم المستمرة للتمكين لدين النه تعالى. ولعل ما ساعد على ذلك-بكل وضوح -وحافظ على هذا الحد الأدنى من الدين في مجال سلوك الأفراد والمجتمع هو تلك الهيكلة الاجتماعية الدينية التى حظي بها وادي ميزابؤ المتمثلة في نظام حلقة العزابةى خاصة بعد أن اعتلت هرم المجتمع .وأصبحت قائدة له ومتحكمة فيه ،من خلال الهيئات العرفية التى أبدعتها ،والتى ..شملت معظم شرائح المجتمع وانشغالاته. هذا ما جعله يتقيد بضوابط ونظم وأعراف صارمة ليس بوسعه التنصل منها وكلما حاول الابتعاد عنها وتخطيها وجد نفسه أمام حواجز وموانع تحميه وتحافظ عليه .رغم مراحل الضعف والهوان التي انتابت هذا النظام ،وبالتبع هذا المجتمع في فترات زمنية عديدة. هذا ما يمكن أن يقال عن حركة الإصلاح عموما عند إباضية الجزائر في وادي ميزاب. إلا أن الكلام حينما يتعلق بالنهضة الإصلاحية الحديثة والمعاصرة ،فمن الأصح أن نعيد جذورها إلى عهد الشيخ أبي زكرياء الأفضلي خلال القرن الثامن عشر الميلادي .فنسميه باعث النهضة الإصلاحية الحديثة والمعاصرة ومؤسسها الفصل الثاني :جذور النهضة الإصلاحية ومراحلها الإعدادية98 الأول ومجددهاا"' .التي كانت انطلاقتها أساسا من حلقات التعليم" لتتوسع بعد ذلك فتشمل مجالات الحياة المختلفة. 2۔دواعي قيام النهضة لا صلاحية: لقد عرضنا في الفصل الأول من هذا البحث الأوضاع العامة التي عاشها وادي ميزاب خلال إشراقات عصر النهضة\ والتى اتسمت بصفة عامة بركود حضاري وترد أخلاقي وتفكك اجتماعي على تلف الأصعدة. ستكون هذه الأوضاع-بلا شك-هي الدافع الرئيس والعامل الأساس في تفكير أبنائه وشبابه في ضرورة التغيير والإصلاح من هذه الأحوال المزرية .وبدافع العقيدة التي تملي على الإنسان المسلم أن يقوم بواجب الأمر بللعروف والنهي عن المنكر .التزاما بالنصوص الشرعية كقول النه تعالى :ل(ولتكن كم أممة يَلغُون إلى الخير وَيامُرون بالمَغرُوف وينهون عن السكر زيك هم النحو ن. وقوله تعالى( :وَالمُومُونَ والمُومتات ;بفضهم أولياءء غض امون بالْمَغروف ينهون عن ا سكر وقيمُون الصلاة ويوئون الَكَاةً طعون اللة وَرَسُولَه أولنك سََرْحَمُهُم الله ن اللة عزيز ز حكيمه .وقول الني قلة« :لتامرن ‏ ١لنه عليكم شراركم فيدعو خياركمبالمعروف ولتنهون عن المنكر أو ليسلطن ب لهم.فلا يستجا ِ ( )1ممن اطلق على الشيخ أبي زكرياء الأفضلي تسمية باعث النهضةة أو مؤسسها أو مجددها نذكر :عبد الرحمن بكلي :محاضرات البكري في العلم والعلماء ،إعداد وتقديم :مصطفى صالح باجو .نشر مكتبة البكري" العطفؤ غرداية .الجزائر دت .ص.121 -99المؤرخ محمد علي دبوز :نهضة الجزائر" ج ‏٠1 ص .452معجم اعلام الإباضية :ج .4ص.569 ( )2سورة آل عمران/الآية.401 : ( )3سورة التوبة/الآية.17 : ( )4احرجه الإمام احد في مسنده :رقم .3222ج .7ص .292واخرجه الطبراني في المعجم الكبير: ا .ص![ .61موسوعة المكتبة الشاملة :قرص مضغوط يحوي أهم مصادر الحديث.رقم .3 79ج9 99البحث الأول :ميلاد فكرة النهضة الإصلاحية ودواعيها لقد وجد هذا الشباب خيط الإصلاح رقيقا دون أن ينقطع من خلال معايشتهم لجهد المقل الذي كان يقوم به بعض المشايخ والعزابة في سبيل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .بما أوتوا من علم متواضع وبما فهموا من تجارب في الحياة ،وبما خبروا من تعامل مع المجتمع .فبقي هذا الخيط كالنار الخافتة تحت الشيم تنتظر الظروف المواتية لتلتهب من جديد وتشع على من حوفها. ومن نعم الله تعالى على وادي ميزاب أن قيض له من حين لآخر مثل هؤلاء الرجال الصالحين رغم قلة زادهم العلمي والمادي أحيانا إلا أنهم عوضوه بإخلاص وتضحية وبذل منقطع النظير في سبيل الدعوة والإرشاد ،فوقفوا حياتهم من أجل ذلك؛ غير مبالين بمدى نباح أعمالهم وتحقق آمالهم أو عدمهما. فلم تكن الظروف المحيطة آنذاك مواتية ولا مساعدة على تجسيد مثل تلك الأفكار والطموحات في إصلاح المجتمع .ولم تكن تسمح البتة في إحداث حركية اجتماعية ونقلة نوعية على مستوى حياة الآفراد .حيث كانت القوى المعاكسة للخير متماسكة ومغروسة في قلب الجتمع؛ تقف في وجه أي فكرة للإصلاح أو التغيير ،تبذل وسعها للقضاء عليها في مهدها قبل أن تشب وتقوى. تعششت هذه القوى في الأوضاع المتردية .ووجدتها تربة خصبة ضربت جذورها في أغوارها واستقوت بهاء حتى صعب اجتثائها وتعذر اقتلاعها .والتي يمكن إجمالها فيما ياتي: -انعزال المجتمع في بيئة صحراوية شحيحة الموارد قاسية المناخ .خالية من حضارات أو ثقافات نوعية أخرى يمكن أن يتأثر بها أو يتلقح منها. ۔ انغلاق المجتمع على نفسه‘ وعدم قابليته للانفتاح على غيره من المجتمعات للاستفادة من خبراتها وتباربها. ۔الأمية المتفشية والجهل المطبق على غالبية أفراد المجتمع. .التقاليد البالية التى تحولت في أذهان عامة الناس إلى أصول وفرائض لا يجوز التنازل عنها أو استبدالها أو تعديلها. الفصل الثاني :جذور النهضة الإصلاحية ومراحلها الإعدادية100 الخلط بين الدين والعرف ،الذي سنه المجتمع لظروف معينة متغيرة ،مما صعب إلغاؤه وفتح باب البدع على مصراعيه. الآفات الاجتماعية التى تولدت عن الجهل والأمية وقلة العلم؛ من التعصب للقبيلة وللعشيرة 5والتعنت ،والصراعات ،والفتن" والاشتغال بسفاسف الأمور© والتناحر من أجلهاء والاعتقادات الباطلة في القبور والموتى. صعود بعض الرجال الجاهلين الجامدين إلى هرم المجتمع والتأثير في قيادتهإ بعامل الأقدمية وكبر السن مع نقص العلم" فتشبثوا بالقديم وجمدوا على أعراف باطلة ،فافسدوا المجتمع وعطلوا حركيته ،ومنعوا صوت الإصلاح والتغيير وكبتوه وحاربوه. تولي مهمة العزابة-في بعض الفترات -أناس ضعاف الشخصية متحالفون مع بعض العامة الفاسدين ضد صوت العلم والإصلاح .لأجل الحفاظ على كراسيهم ومناصبهم. -الصراع القبلي والطائفي والعشائري والتعصب الأعمى له ،الذي أدى أ إلى سفك الدماء ،وانتشار الحقد‘ واستفحال البغضع وانتهاك الحرمات‘ وضياع الحقوق. ۔ حلول الاستعمار بالمنطقة أضاف عبئا جديدا عليها بسبب تواطئه مع قوى الفساد وتحالفه معها وتسلطه على الناس وخنق أي صوت للإصلاحح إلى جانب سياسته في التفرقة وبث السموم الأخلاقية والاجتماعية ،وتقليده مسؤولية المجتمع ل ”قياد“ وحكام فاسدين يكرسون الوضع القائهه"'. في مقابل ذلك؛ انحسار لأهل العلم والإصلاح وضعف لحركتهم؛ التي لا تزال في مهدها ،وكونهم غير ممكنين من قوة المال والحكم" رغم المحاولات العديدة التي عادة ما تنتهي بالفشل فيؤول الأمر إلى ما كان عليه من قبل. ص .17-67يراجع ف ذلك :الحاج صعيد :تاريخ بني مزاب )(1 101البحث الأول :ميلاد فكرة النهضة الإصلاحية ودواعيها بدافع هذه العوامل والأسباب تحركت شرارة النهضة الإصلاحية في وادي ميزاب معلنة ميلاد عهد جديد اتسم بجهاد مستمر على ختلف الأصعدة .وأدخل المجتمع في ورشة شاملة لإعادة البناء والترميم والتشييد. فكيف كانت فصولها وكيف وزعت أدوارها ومن كانوا أبطالها؟ هذا ما ستكشف عنه الفصول والمباحث القادمة. :ج8٦ا‎ الفصل الثاني :جذور النهضة الإصلاحية ومراحلها الإعدادية102 الحث الثا ني : جنور النهضة العلمية فيندر: س إن الدارس للتاريخ الحديث والمعاصر لإباضية الجزائر يكتشف أن النهضة التي شهدها وادي ميزاب كانت بداياتها الأولى على أيدي العلماء والمشايخ من خلال حلقاتهم العلمية وجهودهم التربوية في مجال تكوين الأجيال وإعدادها خلقيا وعلميا .ثم من خلال دروسهم المسجدية في نصح المجتمع وتوعيته وبيان واجباته الشرعية في مجالات الحياة المختلفة. فقد ابتدأت النهضة تعليمية تربوية موجهة للناشئة والشباب والجيل الجديد في دور خاصة ،وفي حلقات علم ضيقة ،ثم توسعت إلى المسجد والسوق والشارع فكان المصلحين بادئ الأمر نظروا إلى المجتمع فوجدوا واقعه مزريا يصعب تغييره وإصلاحه‘ فالتفتوا إلى الأجيال التى ما زالت لم تسبغ بهذا الواقع ،ولم تدنس بهذه الأدران ،فوجهوا عنايتهم لها ،لتكون أمل المستقبل الذي ستقوم على كاهله النهضة. ابتدأت حلقات التعليم ضيقة حصورة؛ يرتادها ثلة من الطلبة والتلاميذ الذين سمحت لهم ظروفهم بالعناية بالعلم والحرص على تحصيل القليل منه" بينما كان عامة أفراد المجتمع منهمكين في مشاغل الحياة المختلفة وساعين وراء لقمة العيش الصعبة المنال. كأن النهضة بذلك تأذن بالدخول في حلقة جديدة من حلقات الحضارات الإسلامية[ مقتدية بمسيرة المصطفى عليه الصلاة والسلام .التي ارتفع فيها صوت اقرأ ،قبل أن يرتفع فيها صوت صل أو تعبد أو ادع. 301البحث الثاني :جذور النهضة العلمية يقول الشيخ إبراهيم القرادي واصفا لنا حال التعليم في بداياته « :كان التعليم في العطف وفي الوادي ...منحصرا في المحاضر وفي دور الطلبة ”إروان“ وني المساجد ففي المحاضر يتعلم الصغار ما يتيسر من القرآن ...وبعد ختم القرآن واستظهاره. يدخل الطلبة في حلقة ”إروان“ لتلقي دروس في العقيدة والفقه وعلوم العربية ،مع دروس أخرى يلقيها الشيخ في المسجد إما للعامة أو للطلبة[ كما كان بعض الشيوخ يفتحون دورهم لطلاب العلم إذا سمحت الظروف بذلك فلم يكن يسمح للشباب أن يشتغلوا في وضح النهار بشيء غير العمل الجدي المنتج كالفلاحة والبناء ،أو التجارة في رحلات طويلة إلى وارجلان أو إلى مدن الشمال ،وكان العلماء يعانون الأمرين من عنت الجهلاء وصدود الناس عن العلم مالا يعلمه إلا الله وقد صمد العلماء في الميدان صمود الأبطال حتى بلغهم الله ما كانوا يأملون والحمد شهه"“. نحاول الآن التعرف على طبيعة هذا التعليم" الذي مثل جذور النهضة في إشراقاتها الأولى: نستطيع أن نميز في وادي ميزاب في هذه الفترة الزمنية نمطين من التعليم} عملا معا .وكان لكل منهما دوره الحضاري: _ التعليم المسجدي. _ التعليم المشيخي. ماذا نقصد بهما ،وما هي مميزاتهما وخصائصهما؟ كان النمط الأول من التعليم تحت سلطة حلقة العزابة تشرف عليه وتتولى رعايته" فهو بذلك تابع للمسجد. أما النمط الثاني فكان تحت سلطة العلماء والمشايخ الذين حصلوا على قسط من العلم ،ففتحوا لأنفسهم دورا خاصة بهم للتعليم" أشرفوا عليها وسيروها. وأحيانا يتحد التعليمان فيصبحان تعليما واحدا في ظروف وأحوال خاصة. ) ) 1القرادي :الشيخ القرادي حياته وآثاره ص.87 -77 .الفصل الثاني :جذور النهضة الإصلاحية ومراحلها الإعدادية104 - 1التعليم المسجد ي: نقصد بالتعليم اللسجدي التعليم التابع لحلقة العزابةك الهيئة الدينية والاجتماعية الملشرفة على تسيير دواليب المجتمع ،حيث يتولى أعضاء منها تنظيمه ،ويدخل ضمن مهامها .كما توضحه المصادر والمراجع التى تعرف بالحلقة وبوظائفه.""١‏ يقول الشيخ إبراهيم طلاي « :لعل أكبر جهد قامت به حلقات العزابةش وكان لها أقوى الأثر في المجتمع هو تنشئة الناشئة على التربية الدينية .وتعليمها ،وتلقينها القرآن الكريم" فلكل مسجد في ميزاب محضرتان ،أو ثلاثة محاضر يتلقى أطفال القرية تعليمهم مبادئ الكتابة واللغة وتحفظهم القرآن الكريم ...ففقهاء العزابة هم الذين يتولون التدريس فيها مجانا. يعينون منهم من يؤدي هذه المهمة أو يكلفون من ينوبهم من أفراد.المجتمع ممن لهم المقدرة على التعليم وتتوفر فيه شروط تحمل هذه المسؤولية. يعد هذا النمط من التعليم عند إباضية الجزائر نظاما قديما يعود إلى المراحل الأولى من تاسيسهم لقرى وادي ميزاب ،ولعلهم ورثوه من حلقات العلم التي ابتكرها مؤسس الحلقة الشيخ أبو عبد النه محمد بن بكر الفرسطائي النفوسي الذي كانت حلقته ني بادئ الأمر حلقة تعليم وتربية فقط؛ تطوف بين القرى والتجمعات السكنية لتعليم الناس وتفقيههم في الدين} ثم تحولت مع مرور الزمن إلى هيئة دينية تشرف على تسيير المساجد والمجتمع. كما أنه نظام غير خاص باباضية جزائر لوحدهم؛ حيث يقابله عند عموم المسلمين ما يعرف بنظام الكتاتيب أو تعليم الكتاب الذي انتشر في الجزائر وعند ( )1يراجع في ذلك مثلا :طلاي :ميزاب بلد كفاح ،ص[ .28 -8ناصر :حلقة العزابة .ص .23الجعبيري: .5مزهودي :الإباضية ف الغرب الأوسط ص ا.832 -22نظام العزابة 5ص طلاي :ميزاب بلد كفاح .ص ا.28 -()2 [-صالح بهون وبشير حاج موسى :الجذور التاريخية للتعليم القرآني الحر ميزاب وتطوره .دت ص5()3 .6 501البحث الثاني :جذور النهضة العلمية عامة الشعوب الإسلامية .وهو يعنى بتحفيظ ما تيسر من القرآن الكريم وبتلقين مبادئ اللغة العربية وقد لعب دورا مهما في الحفاظ على مقومات الشخصية العربية الإسلامية للشعب الجزائري خلال فترة الاحتلال الفرنسي وقبلها. يقول الدكتور رابح تركي! في معرض حديثه عن التعليم في الجزائر « :كانت الكتاتيب القرآنية منتشرة انتشارا كبيرا في مرحلة الدراسة بحيث كان لا يخلو منها حي من الأحياء في المدن ،ولا قرية من القرى في الأرياف وإليها يعود فضل كبير في المحافظة على القرآن الكريم في الجزائر خلال فترة الاحتلال الطويلة (-6421 0381 /231م 2691 -م). وكانت الكتاتيب القرآنية إلى جانب قيامها بتحفيظ القرآن الكريم إلى المترددين عليها تحفيظا جيدا تلعب دورا مهما في نشر القراءة والكتابةس باللغة العربية ،مما جعل الجزائريين يحافظون على معرفتهم باللغة العربية ولو في صورة بسيطة متواضعة ،بعد أن طارد الاحتلال اللغة العربية في الإدارة ومعاهد التعليم. وعن طريق الكتاتيب القرآنية التى كان ينهض بها حملة القرآن في الجزائر كان حفظ القرآن كله أو جله منتشرا باينلجزائريين انتشارا واسعا. وقد قدر الأستاذ أحمد توفيق المدني عدد الكتاتيب في الجزائر إبان فترة والمدن.بين ا لأريافمنتشرةالاستعمار بنحو خمسة آلاف كتاب لل جانب الكتاتيب التي قامت بهذا الدور؛ فإن أبناء الجزائر تلقوا تعليمهم الابتدائي كذلك في الزوايا وفي المدارس التابعة للمساجد التى شهدت بدورها انتشارا ف ربوع الجزائر. يقول الدكتور رابح تركي في هذا الصدد« :وقد كان الأطفال ها يزاولون تعليمهم في الغالب في الكتاتيب القرآنية التى يطلق عليها في لهجة العامة الجزائرية (( )1على قيد الحياة) باحث وأستاذ جامعي. ترككي:ي التعليم القومي .ص.922)(2 .3أحد توفيق المدني :جغرافيةية القطر الجزائري ،ط .2المطبعة العربية 5الجزائر2591م .ص ()3 الفصل الثاني :جذور النهضة الإصلاحية ومراحلها الإعدادية106 ”لمسيد“ وقد كانت منتشرة بكثرة في الجزائر بجيث كانت لا يخلو منها حي من الأحياء في المدن أو قرية من القرى في الريف‘ كما كانت الزوايا تساهم بدورها في نشر التعليم الابتدائي ...لذلك فإن الأطفال في المرحلة الابتدائية يتعلمون إما في الكتاب "لمسيد“ أو في المدارس القرآنية الملحقة بالمساجد وإما في الزوايا". إلا أن هذا التعليم عند إباضية الجزائر أخذ بعدا اجتماعيا دينيا ارتبط بنظامهم وبهياكله ،وهم يقسمونه إلى مستويين` : أ المحضرة: تجمع على :محاضر .تمثل المستوى الأول من التعليم؛ حيث يحفظ فيها الصبي ما تيسر من القرآن الكريم والأحاديث النبوية الشريفةؤ ويلقن مبادئ العلوم العربية بالكتاب.وهي بالذات ما يعرفوالشرعية تبنى هذه المحاضر عادة بجوار المسجد وتضم في صفوفها تلاميذ من مختلف الأعمار؛ من السن الثالثة والرابعة إلى سن البلوغ والرشد؛ وربما أكثر" فهي بذلك لا تتقيد بمستوى معين" وتجمع في صفوفها أكثر من طبقة. ولا يخضع التلا ميذ فيها إلى أيةمنتظمةكما أنها لا تعنى بتقديم دررس امتحانات أو تقييمات لاختبار المستوى ومعرفة التفوق" كما أن عدد المحاضر قد تزيد عن واحدة وتتعدد بجسب إقبال التلاميذ عليها. وردت عند علماء الإباضية وغيرهم تعريفات عديدة لها نذكر منها ما ياتي: يعرفها الشيخ إبراهيم بيوض بقوله « :أما التعليم الابتدائي فيزاول فيما يسمى بالا ضر جمع محضرة وهي كتاتيب ملحقة بالمساجد مجاورة لها يتولى التعليم فيها - وهي عادة تكون ثلاثة ثلاثة من اعضاء حلقة العزابة الهيئة المشرفة على المساجد والمحاضر والشؤون الاجتماعية بالبلدة ۔ يكونون حافظين لكتاب النه عالمين ( )1تركي :الشيخ عبد الحميد ببناديس.ص.721 [.61-ص5الجذور التارخية موسى: وحاج بهون ) (2 701البحث الثاني :جذور النهضة العلمية بفرائلضهم الدينية يعلمون فيها الكتابة والرسم وحفظ القرآن ومبادئ الفرائض الدينية وخاصة العقيدة والوضوء والصلاة ...وهذه المحاضر لا تعلم إلا فيما بين الشمس فوالعشاء &،وإلا ما بين السحر وطلوعصلاتي الظهر والعصر والمغرب أشهر الشتاء» 2 ويعرفها الأستاذ محمد علي دبوز بقوله « :تبنى بجوار كل مسجد على حسب كبر المدينة ،فمن المدن من تبنى بجوارها ثلاث كتاتيب أو أكثر ،يرأس كلا منها أحد اعضاء العزابة 5فهو مديرها والقائم بالتربية والتعليم فيها ،ويعينه قدماء التلاميذ في عمله ...والكتاتيب لتعليم القراءة والكتابة ورسم القرآن وتحفيظ القرآن وعقيدة التوحيد وما تيسر من الأحاديث النبوية وما يتصل بالصلاة » “. ويعرفها الأستاذ أحمد توفيق المدني بقوله « :الحضرة ف عرفهم عبارة عن كتاب للإملاء وتعليم الخط وحفظ القرآن ودراسته»““. إذن التعليم ف المحضرة هو المرحلة الأولى التى يتم فيها لقاء الفتى مع التعليم ا لقرآن ا لكريم وتعلم مبادئحول حفظقراءة وكتابة ئ وآن ما يتلقا ه فيها يتمحور اللغة العربية. أدبيات حلقة أ لعزابة فتتولل تعيينه هيفكما ورد‏ ١لعريففيها أوأما المدذرس ويسمى بالميزابية” :لفقي“ ويجمع على كلمة ”الفقيان“ ،الذي أخذ من كلمة الفقيه باللغة العربية. يشترطون فيه حفظ القرآن الكريم ومعرفة مقبولة باللغة العربية وفي فرائض الدين من عقيدة وفقه .إضافة إلى الأخلاق الطيبة والسمعة الحسنة. التعليم منشور ضمن كتاب:تركي:ميزاب التعليم العربي الحر بواديتقرير حولإبراهيم بيوض:) 1 ا .024.-4القومي ،ص9 ) (2دبوز :نهضة الجزائر حج [ .ص.212 ( )3المدني :كتاب الجزائر ص.811 الفصل الثاني :جذور النهضة الإصلاحية ومراحلها الإعدادية108 أما المواد المدرسة فهي حفظ القرآن الكريم والحديث والعقيدة والفقه وأحكام الصلاة والتربية الدينية والقراءة والكتابة .مع مراعاة التبسيط في كل ذلك. لكن يبدو أن هذه المحاضر-مع تطور التعليم بوادي ميزاب-تخلت عن تدريس جل هذه العلوم 6واكتفت بتحفيظ القرآن الكريم لوحده ومدارسته. كما انحسر روادها من التلاميذ مع انتشار التعليم العربي العصري" الذي تعارض كثيرا مع أوقات تدريسها .فبقيت خاصة بالصبية ما قبل سن التمدرس» ويتوسع نشاطها وقت العطل ليشمل بقية التلاميذ الذين يقصدونها في أوقات فراغهم لمدارسة ما حفظوه من القرآن الكريم. أما أوقات تدريسها فهي بين صلاتي المغرب والعشاء ،وبين صلاتي الظهر والعصر من كل أيام الأسبوع ما عدا الخميس والجمعة. أما طريقتها ني التدريس فهي تعتمد كثيرا على أسلوب التلقين والحفظ مع استعمال اللوح الخشبي في الكتابة والحفظ ،وقبل ذلك كانت تستعمل كومات من الرمل لكتابة الأحرف الهجائية وتعليمها .كما تعتمد على التلاوة الجماعية للقرآن الكريم .وكذا القراءة الجماعية الأحرف وكلمات اللغة العربية"` . ب۔حلقت”إروان“: تمثل هذه الحلقة المستوى الثاني من التعليم المسجدي‘ ومفرد هذه الكلمة هي: "إرو“ التى تعني بالميزابية :طالب العلم ،أو حافظ القرآن الكريم. ويمكن أن نضبط تعريفها فنقول هي هيئة عرفية تابعة لحلقة العزابة تاتي في الدرجة الثانية بعدها تضم الطلبة الذين يتلقون العلم على يد شيخ العزابة ويشترط في التحاق الطالب بها أن يكون مستظهرا للقرآن الكريم. ( )1لطيفة الحا ج موسى :المدارس الحرة في بني يزقن خلال القرن العشرين ،مذكرة تخرج .المعهد الجابري" بني 1 4‏٠ ص7۔.50-4ج7يزرقن 6غرداية5 901البحث الثاني :جذور النهضة العلمية وقد تلقى تعليمه في نظا م الحضر ة فهي بذلك تعد مستوى متقدما في التحصيل العلمى«"“. كما تعد مرحلة تربص وتكوين علمي واجتما عي لمؤلاء أ لطلبة لالتحاق الأكفاء منهم بحلقة العزابةؤ لمساعدتها في تحمل المهام الدينية والاجتماعية ،في حال احتياجها لتجديد بعض أعضائها بسبب العجز أو الوفاة أو توسع أعمالها. لذا فعادة ما تسند لهؤلاء الطلبة بعض المهام الدينية والاجتماعية التي يتولاها أعضاء العزابة لتدريبهم عليها .مثل إمامة الصلاة والآأذان ،وإلقاء الدروس في اللساجد ،وإقامة صلاة الجمعة وإلقاء خطبها والتدريس في المحاضر. وللهيئة رئيس يسمى عريفا ،تتولى حلقة العزابة تعيينه. بها بجوار المسجد يتلقى فيها ‏ ١لطلبة دروسهمكما يمكن أن يكون لها مقر حا ص تسمى دار إروان ،أو دار التلاميذ أو دار العله. ضبط إباضية الجزائر لهذه الهيئة شروطا أخلاقية وعلمية لالتحاق الأعضاء بها متمثلة فيما يلي: استظهار القرآن الكريم. المحضرة.ف -تلقي الروس الاستقامة في الدين والأخلاق الحميدة. ۔ السمعة الطيبة والسيرة الحسنة مع الناس. أما الذين يتولون التدريس فيها فهم عزابة البلدة وشيخها على وجه الخصوص .الذي يكون عادة ذا مستوى علمي لا بأس به خاصة ف العلوم البعد الررحي ،ص-34۔ .7 -بكير الشيخ صالح وآخرون :منظمتا إيروان وإمسوردان 8،دت©٥‏بوحجام: )(1 ص.2-6 ص .12 3دبوز :نهضة الجزائر ج .1 )(2 الفصل الثاني :جذور النهضة الإصلاحية ومراحلها الإعدادية110 الشرعية والعربية} لى جانب تجربته الاجتماعية .كما يساعده في مهمته أعضاء من العزابة لهم باع في العلم. أما العلوم التى يتلقونها فهي العلوم الشرعية والعربية أساسا بتوسع أكثر وتعمق من عقيدة وفقه وحديث وتفسير وأصول الفقه والميراث‘ واللغة العربية بصرفها ونحوها وبلاغتها .إلى جانب الالتزام بجضور الدروس التي يلقيها شيخ العزابة على عامة الناس في المسجد. كما يخضع هؤلاء إلى مراقبة صارمة في اخلاقهم وسلوكهم من أعضاء العزابة؛ لينظروا ما مدى التزامهم بالفرائض وبالآداب العامة .حفاظا على سمعة الحلقة واستعدادا للمهام التي تنتظرهم فيها .التى يشترط في أعضائها أن يكونوا المشل والقدوة لعامة الناس في أخلاقهم ومعاملاتهم. أما أوقات التدريس فهي كل ايام الأسبوع ما عدا الخميس والجمعة بمقدار ساعتين يوميا من صلاة الفجر إلى طلوع الشمس شتاء ،وبين صلاتي الظهر والعصر صيفا (). ۔تقويم التعليم المسجدي: ينبغي الاعتراف بأن هذا النمط من التعليم في مستواه الأول والثاني شكل لإباضية الجزائر خلال العصور الماضية القاعدة الأساسية الصلبة للحقاظ على الحد الأدنى من التعليم في المجتمع .وكان القاسم المشترك بين أبنائه والذي به تحركت عجلة التوعية على مستوى الأفراد للتفقه في الدين ،ولمعرفة ما يجب أن يعلم من الدين بالضرورة .وما لا يسع الإنسان جهله. فكان على شكل مدرسة شعبية مجانية .مفتوحة أبوابها للجميع دون استثناء ولا تمييزا كما كان تعليما إسلاميا عربيا محضا وأصيلا؛ أسهم في الحفاظ على مقومات شخصية الأفراد وحماها من أي تشويه أو تفكيك ،كما أسهم في محو ( )1بوحجام :البعد الروحي 6ص .05 -54الحاج موسى :المدارس الحرة! ص!9 -01 111البحث الثاني :جذور النهضة العلمية الأمية عن طبقة من الناس" ورفع الجهل عنهم ودفعهم لمواصلة مشوارهم والدراسي.الةلتعليمي وتأهيلهمتربية الناشئة وإعداد الأفراد خلقيا واجتماعياكما أسهم ف للمجتمعحلقة العزابة والهيئات التابعة لها ،الخادمةعلى مستوىلتحمل المهام والحافظة لكيانه. إلا أنه إلى جانب هذا المميزات الإيجابية نستطيع أن نسجل عليه بعض السلبيات والنقائنص التي يمكن إجمالها فيما يلي: فبل بقي منحصراشرائح واسعة من الناس -إنه ل يستطع أن يستوعب طائفة معينة منهم. لإدارة حازمة فلم تعرف فيهإنه ل يكن منظما ولا منضبطا ولا خاضعا امتحانات أو تقييمات أو حاسبات فكان يتسم بالعشوائية. حيث بقيعلى النمط القديم وعدم التجديد -إنه ركن إل التقليد والجمود على ما هو عليه طوال قرون عديدة ،رغم تغير الحياة من حوله ،وتطور مناهج أنماط التعليمويستبدلون به غيره منالتعليم.هذا ما جعل الناس يستغنون عنه التى ظهرت من بعده ورأوها أجدى .وأفيد. إنه حصر التعليم في أوقات ضيقة قليلة .لا تفي بالغرض ولا تبي الطلب في تكوين علمي عال وعميق فاكتفى بالسطحية والبساطة\ باعتماده على الحفظ َوالتلقين لوحدهما. إنه لم يتمكن من تفريغ الطلبة لتحصيل العلم" بالنفقة عليهم من الأوقاف أو من موارد قارة} لذا بقي تكوينهم ضعيفا وفي أحسن الأحوال متوسطا إلا ما واديالسفر خارجالظروفأو الذين أتاحت همنذر من الطلبة العصاميين ميزاب لمواصلة التكوين والانكباب على التحصيل العلمى. إنه ميز بين الجنسين ،فأتاح الفرصة للذكر وأهمل الأنثى في الغالب الأعم. الفصل الثاني :جذور النهضة الإصلاحية ومراحلها الإعدادية 112 أن يؤثر كثيرا ي الأوضاع الاجتماعية من حوله؛ بالحد من الفتن لم يستطع ِوالعصبيات المتأججة و البدع المتفشية . إن له وصاية من حلقة العزابة منعته من التجديد والإبداع والخروج من الاطار الذي حددته له. هذا عن التعليم المسجدي فماذا عن التعليم الملشيخي؟ -2التعليم المشيخي: إذا كان التعليم السابق تشرف عليه حلقات العزابة التابعة لكل بلدة ،وبين محاضره وحلقاته نوع من الانسجام والتشابه بين قرى وادي ميزاب‘ فإن التعليم الشيخي يصعب ضبطه على نمط واحد ،ووضع تعريف له يشمل كل نماذجه. ويحدد كل مميزاته بوضوح. ذلك أنه خاص بالعلماء والمشايخ وتابع لهم وهو يعكس صورة لاجتهادهم وقناعاتهم ورؤيتهم إلى التعليم 6ويطبع عادة بشخصيتهم وتوجيهاتهم. انتشر هذا النمط من التعليم في وادي ميزاب وازدهرت حلقات العلماء الذين اتخذوا لأنفسهم دورا لتعليم الناس وتكوين الطلبة وتربية الأجيال في فترات متلاحقة من التاريخ الحديث لإباضية الجزائر؛ خاصة مع مطلع القرن العشرين، بعدما بدات جهود أعلام النهضة والإصلاح تؤتي أكلها في الميدان بعد مسيرة طويلة ،وأعمال متواصلة أبرزت موا هب ودفعتها للتكوين والتحصيل داخل: وخارج وادي ميزاب حتى تمكنت من العلوم والمعارف ،فاصبحت بدورها تقوم بواجبها في مسيرة التثقيف والتعليم عبر الحلقات العلمية التى فتحت هنا وهناك في أرجاء وادي ميزاب. يقول عنها الشيخ إبراهيم بيوض « :فإن العلماء ي وادي ميزاب منذ القرون الأولى لعمارته يتخذون من دورهم مدارس يؤمها الراغبون في التفقه في دينهم وتلقى بعض العلوم العربية من نحو ولغة وصرفت ولا حد في السن كذلك‘ فمن 311البحث الثاني :جذور النهضة العلمية بلوغ الحلم إلى السبعين والثمانين" كما ليس هناك حد لسنوات الدراسة ،فمن الطلبة من يمكث سنتين أو ثلاث سنوات أو أربعا .فيكتفي بما أخذه ويترك المدرسة للاشتغال بالكسب©ؤ ومنهم من يطول مكثه حتى ياخذ حظا وافرا من العلوم العالية في أصول الدين وأصول الفقه والتفسير والحديث والمنطق والبلاغة وغير ذلك. وهؤلاء هم الذين يعدون أنفسهم للتصدي للتعليم في بلدانهم وليخلفوا مشايخهم إذا عجزوا أو استأثرت بهم رحمة النه ،وكثيرا ما يتمسك المشايخ العلماء بالطلبة الذين توسموا فيهم خيرا ورأوا فيهم استعدادا لشغل كراسي التعليم ..وليخلفوهم عند عجزهم آو فقدهم لا شك أن هذه التجارب قد استفادت من بعضها البعض وقد أخذ اللاحق من السابق ،كما أن بينها تواصلا وتقاربا وقواسم مشتركة .ومن جهة أخرى بينها فوارق وتفاوت؛ تعود إلى مؤهلات كل عالم أو شيخ وإلى قناعاته وإلى الظروف الاجتماعية المحيطة به. ولكثرة هذه الحلقات العلمية يصبح من الصعب حصرها كلية ،فما بالك التعريف بها وبجهودها وآثارها. إلا أن عودتنا إلى منبع نشاتها مع إشراقات النهضة الإصلاحية يمكننا من معرفة الحلقات الآولى التي لها فضل الأسبقية ،وفضل غرس البذور التي أثمرت أشجارا يافعة آتت أكلها كل حين بإذن ربها ،وكانت لبنات أولى في مسيرة الإصلاح والنهضة. سيتركز حديثنا عن الحلقات التي تركت آثارا علمية جليلة واستمرت لفترات زمنية معتبرة .وخرجت أجيالا نوعية كثيرة؛ أسهمت في حمل مشعل العلم ،حتى غدت من دعائم حركة النهضة الإصلاحية الحديثة عند إباضية الجزائر في وادي ميزاب. ص.024 التعليم القومي، التعليم العربي© منشور ضمن كتاب :تركي:بيوض :تقرير حول)(1 10 الفصل الثاني :جذور النهضة الإصلاحية ومراحلها الإعدادية114 هذا ما ستتعرض له في المبحث القادم. لكن قبل التفصيل فى عرض هذه الحلقات وادوارها العلمية والاجتماعية لابد من الوقوف على تعريف هذا التعليم ،وذكر مميزاته. يمكن أن نضبط له تعريفا فنقول :إنه ذلك التعليم التابع لأحد العلماء أو المشايخ ،الذين تلقوا قدرا من العلم داخل وادي ميزاب أو خارجه بالسفر إلى الحواضر العلمية امجاورة؛ من تونس وليبيا ومصرأ"' ،ثم عادوا وفتحوا دورا خاصة بهم لتعليم الناس وتكوين الطلبة .وقاموا بتنظيم حلقاتهم ومعاهدهم وضبط مناهج الدراسة فيها وفق اجتهادهم وتبربتهم .وما عاينوه من أنماط التعليم© وما سطروه من أهداف واقتنعوا به من أفكار. ندع الشيخ عبد الرحمن بكلي يحدثنا عنه قائلا 1 :جرت سيرة ميزاب أن العلماء الذين يتصدون لنشر الثقافة في عموم الأمة ،تكون للبارزين منهم ديار للعلم خاصة هي مدارسهم على التحقيق ،زيادة على منابر المساجد التي يرسلون من عليائها أصواتهم الداوية ،ويقتصرون في دروس المسجد على الوعظ والإرشاد وتلقين العقيدة وفقه العبادات بما يلائم مستوى جماهير الأمة، أما الدروس العلمية التي تستدعي تعمقا في البحث من تفسير وحديث وأصول وعلوم العربية ،فيدرسونها في دور العلم للطلبة الذين يبتغون التحصيل ،ولهم استعداد لحمل الأمانة. لا يشترط في هؤلاء العلماء أو المشايخ أن يكونوا أعضاء في حلقة العزابة ،كما .لا توجد عادة وصاية عليهم أو متابعة لحم من حلقة العزابة أو من جهة أخرى. كحال النمط السابق من التعليم. ( )1يقصد بهذه الحواضر :جامع الزيتونة والأزهر الشريفؤ والمدارس الإباضية بجزيرة جربة بتونس وجبل نفوسة بليبيا .ووكالة الجاموس بالقاهرة بمصر. ) (2بكلي :محاضرات البكري ،ص.79 511البحث الثاني :جذور النهضة العلمية وكثيرا ما يكون خ صاحب حلقة العلم عضوا في حلقة العزابة؛ فيجمع بين دروسه في معهده لطلبته" وبين دروسه في حلقة إروان ودروسه في المسجد لعامة الناس. وأحيانا تسند إليه مشيخة المسجذ.‘"١‏ خاصة عندما يكثر طلبته ويزداد مريدوه ويتسع نشاطه فيضم إلى جنبه أعيان البلد ورؤساء عشائرها ،بكفاءته العلمية وتضحياته الميدانية وحاجة الناس إليه .إلى أن ينتخب شيخا لحلقة العزابة ومسجدها فيصبح المرجع الأول للبلدة" . كما أنه في أحيان أخرى يسوء التفاهم والتوافق بين العام صاحب الحلقة وبين أعيان البلدة وعزابتها ،بسبب التنافس على الزعامة ،أو الاختلاف حول طرق الإصلاح ومنهجه .في الفتوى وفي قضايا اجتماعية وسياسية ،فيتحول لعام بمعهده وطلبته إلى قطب معارض والى تيار سياسي يزعج العزابة والأعيان أو أحدهما فيدخل الطرفان في صدام وصراع إلى أن يتغلب احدهما على الآخر" بجسب ما لدى كل طرف من أنصار ومن نفوذ على مراكز القوى من مال وحكم وإعلام. فتنقطع حبال التواصل والتآزر بين الفريقين ردحا من الزمن ،ثم تتغير الظروف بوفاة يعض الأشخاص وتبدل مراكز القوى فيقع الصلح ويعود ( )1شيخ المسجد :منصب ديني اجتماعي 6ووظيفة ضمن وظائف نظام العزابة .عادة ما يسند لأكبر أعضاء حلقة العزابة سنا ،أو أكثرهم علما ،أو أقدرهم قيادة وإدارة .ناصر :حلقة العزابةك ص.23 ) (2مثال ذلك :الشيخ عبد العزيز الثميني الذي حاول الإصلاح والتغيير فاصطدم بجدار الجمود والمعارضة فاعتزل فترة من الزمن ،ثم عاد وعين شيخا لمسجد بلدته بن يزقن؛ بعد أن أثبت كفاءته العلمية بتآليفه ومعهده .انظر المبحث الثالث من هذا الفصل. ومثاله كذلك :الشيخ إبراهيم بيوض الذي استطاع بكفاءته العلمية ،وبشخصيته القوية ،وبنشاطه التعليمي والاجتماعي أن يفرض نفسه على العزابة والأعيان في بلدته القرارة حتى عين شيخا مسجدها بعد صراع وصدام استمر فترة من الزمن ،أصبح بعده الرقم الأول في بلاته ومرجعها في شؤون الدين .والدنيا .انظر المبحث الثاني من الفصل الثالث. الفصل الثاني :جذور النهضة الإصلاحية ومراحلها الإعدادية116 الفريقان إلى بعضهما البعض ويلتئم الجمع ،فيحصل التعاون والتكامل بين العالم وحلقة العزابة ،أو بين العالم وأعيان البلد". كما يمكن أن يبقى كل طرف يعمل على حدة إلى أن يتوفى العالم صاحب الحلقة دون أن يمكن من مشيخة المسجدا ودون أن يرى ثمار أعماله" فيحصل التغيير على يدي تلاميذه ومريديهه. هذا هو التعليم المشيخي الذي شهده وادي ميزاب فماذا عن تقويمه؟ ۔تقويم‌التعليمالمشيخي: إذا صح لنا أن نقول عن التعليم المسجدي بأنه كان القاعدة الصلبة في نشر الحد الأدنى من العلم بين أفراد المجتمع" فإنه يصح لنا أن نعد التعليم المشيخي التربة الخصبة التي تفتقت فيها المواهب‘ وتكونت فيها الإطارات‘ وأعدت فيها الكفاءات وأنه الزرعة التي ترعرعت فيها الحركات الإصلاحية في وادي ميزاب©، وأنه المناخ الملائم الذي تمخضت فيه أفكار النهضة ،وتولدت فيه نظريات التجديد وأنه المتنفس الصافي للابداع والنقد ،واستقبال الوافد من الأفكار والتجارب وتنقيحها وغربلتها ثم تقديمها إلى المجتمع في ثوب قشيب وقالب جديد ليتفاعل معه تدريجيا مدة من الزمن إلى أن يتقبله ويصبح جزءا منه. من جهة أخرى فإن الفضل يعود لهذا التعليم في ظهور المدارس الثانوية والمعاهد العليا المتخصصة ني الشريعة الإسلامية واللغة العربية ،بتكوينه وتخريجه ( )1مثال ذلك :الشيخ امحمد اطفيش الذي دخل ني صراع مع عزابة بلدته بني يزقن إلى أن تمكنوا من نفيه إلى البلدة المجاور بنورة .ثم عاد إليها بعد سبع سنوات وعين شيخا للمسجد وكبير عزابتها بعد أن تغيرت الأوضاع .انظر المبحث الثالث من هذا الفصل. ( )2مثال ذلك :الشيخ أبو زكرياء الأنفضلي الذي ابتدا عملية الإصلاح والدعوة في بلدته بني يزقن، وكان حزب المعارضة في عهده قويا فلم يمكنه من مشيخة المسجد رغم تفوقه العلمي وجهوده ا الملبذولةإ فتوني دون أن يتولى منصب شيخ العزابة٧‏ بينما تحقق ذلك لتلميذه الشيخ الثميني .انظر للحث الثالث من هذا الفصل. 711البحث الثاني :جذور النهضة العلمية الإطارات الت تطور التعليم على يديها .من حلقات علمية إلى تعليم عصري يحمل المواصفات البيداغوجية والتربوية والعلمية. كما أن الفضل يعود هذا التعليم في تزويد وادي ميزاب بالإطارات في مجال التربية والتعليم" فجل الأساتذة والمعلمين الذين تصدروا مجالس التدريس هم خريجو هذه الحلقات العلمية. كما أن الفضل يعود لهذا التعليم في توسيع رقعة التعليم وحصر رقعة الأمية والجهل بفتح المزيد من المدارس القرآنية التابعة للمساجد والمدارس الحرة الابتدائية على مستوى وادي ميزاب وخارجه في مدن:الشمال والشرق والغرب الجزائري. كما أن الفضل يعود فهذا التعليم في تكوين إطارات للأمة فى ختلف مجالات الحياة .فشغلوا مناصب وقاموا بأدوار في مجال القضاء والسياسة والاقتصاد و الإدارة والتعليم. كما أن الفضل يعود لهذا التعليم في تحريك عجلة التأليف في وادي ميزاب من جديد؛ بعد أن تجمدت وخمدت لعدة قرون ،كان فيها وادي ميزاب مستهلكا لما تنتجه العقول الإباضية في المشرق وفي جبل نفوسة وفي جزيرة جربةش فقاد علماء هذه الحلقات حركة التأليف وخلفوا تراثا علميا .زاخرا في مجالات العلوم الإسلامية والعربيةى وأصبحت المصادر المعتمدة الأولى عند الإباضية إلى يومنا هذا. كما أن الفضل يعود لهذا التعليم في إشاعة نور العلم على إباضية المغرب الإسلامي وعمان بفتح حلقاته لأبنائهم ،الذين تلقوا علومهم وتكوينهم ،ثم عادوا لل أوطانهم وأسهموا في حركة الإصلاح والنهضة. إذن أفضال هذا التعليم على وادي ميزاب جليلة" ولعل أجلها هي ولادة فكرة النهضة الإصلاحية بين أحضانه ،ثم رعايته لها ،إلى أن ضربت بجذورها في أعماق المجتمع .ثم شبت وبلغت أشدها فيه. إلى جانب كل هذاء فلا يخلو عمل من سلبيات ونقائص ،إذ نسجل عليه ما يلى: الفصل الثاني :جذور النهضة الإصلاحية ومراحلها الإعدادية118 عدم إدراك بعض العلماء لطرق الإصلاح والمرحلية والتدرج فيه-خاصة في فترة شبابهم فتسببوا في شق صف المجتمع وتهديد وحدة البلدة واستقرارها. بعد استشعار بعض العلماء لقوتهم؛ بكثرة طلبتهم ومريديهم دخلوا مع المجتمع في معارك إصلاحية لم يجن وقتها ،بفرض فرض آرائهم وأفكارهم؛ فتسببوا في فتن وخصومات مع قيادات العزابة والأعيان" فزحزحوا بعضهم عن مناصبهم بالقوة وطردوهم من مهامهم رغم ما بذلوه من جهود وتضحيات طوال فترات طويلة من حياتهم. استغلال المستعمر الفرنسي لهذه الأوضاع وهذا الصراع بين الجناحين لبسط نفوذه أكثر .وضرب طرف بالطرف الثاني. اشتركت مع التعليم السابق في التفرقة بين الجنسين ،وإغفاها تعليم المرأة وعدم العناية به 6فلم يعرف عن العلماء والمشايخ تخصيص حلقات خاصة بالنساء. أو تحديد أوقات خاصة بدراستهن. 911البحث الثالث :المراحل الإعدادية للنهضة الإصلاحية. الميحث الثالث: المراحل الإعدادية للنهضة الإصلاحية تناولنا في المبحث السابق التعريف بالتعليم المشيخي وقلنا إن الفضل يرجع إليه في ميلاد النهضة الإصلاحية الحديثة ،لنا الآن أن نتتبع هذه النهضة في مهدها ونستعرض مراحل نشأتها وشبابها لنصل في الفصول اللاحقة إلى مرحلة نضجها وقوتها 5إذ قلنا أن ميلادها كان خلال القرن الثاني عشر الهجري" الثامن عشر البلادي وقد نشات وشبت خلال القرن الثالث عشر الهجري ،التاسع عشر الليلادي .لتبلغ أشدها خلال القرن الرابع عشر الهجري العشرين الميلادي. ارتاينا أن نطلق على مرحلة المهد والنشأة والشباب ب :المراحل الإعدادية للنهضة .ذلك أن الجهود الإصلاحية بقيت فيها محصورة محدودة الأثر في الميدان الاجتماعي ،ومركزة على العمل القاعدي المتمثل في تكوين الأجيال وتربيتهم" هذه الجهود التى ستؤتي أكلها بقوة في المرحلة القادمة؛ ذلك أن وادي ميزاب استفاق استفاقة ثقيلة وتحرك حركة بطيئة ،وأن عجلة الإصلاح بقيت تراوح مكانها ردحا من الزمن قبل أن تنطلق في مسارها الصحيح فلم تبد الطريق معبدا ولا السبيل غخططا\ بل بالعكس وجدته مليئا بالأشواك والحواجز والمطبات. كما أن تركة الركود والتخلف التي استمرت لقرنين من الزمن كانت ثقيلة صعب التخلص منها والتجرد من تبعاتها بسهولة. اجتهدنا في تقسيم هذه المرحلة الإعدادية إلى ثلاثة عهود: -عهد الشيخ الأفضلي. -عهد الشيخ الثميني. -عهد الشيخ اطفيش. الفصل الثاني :جذور النهضة الإصلاحية ومراحلها الإعدادية120 هذا ما يستفاد من علماء الإباضية المؤرخين لهذه المرحلة .يقول مثلا الأستاذ محمد علي دبوز :ه لقد اجتازت النهضة الحديثة في وادي ميزاب منذ نشاتها ني القرن الثانى عشر المجري إلى يومنا هذا خمسة أدوار .قادها في كل دور زعيم خلص مانلعلماء والكبار .او جماعة من العلماء المخلصين .ففي دور الميلاد قادها وكفلها الشيخ ابو زكرياء يجى بن صالح" وفي دور الطفولة قادها وحماها الشيخ عبد العزيز الثميني ومعه شيخه أبو زكرياء وفي صدر شباب النهضة وهو الدور لثالث قادها ودخل بها شبابها وقوتها الشيخ الحاج امحمد اطفيشهف. سينصب عملنا هنا على التعريف بشخصية المرحلة وباهم جهودها في سبيل النهضة والإصلاح. [ -الصلاح في عهد الشيخ أبي زكرياء يحيى الأفضلي: يقم احد-فيما اطلعت عليه-بدراسة مستفيضة عن شخصية الأفضلي وعن جهوده الإصلاحية في مجال التربية والتعليم وفي مجال الدعوة والإصلاح ۔ إلا ما تضمنته بعض الكتب من إشارات خاطفة لأعماله ووقفات سريعة مع شخصيته .وملامح عامة عن عصره. وعلى الوثائق والرسائل وعلى الروايات الشفوية .التي تمكننا منوالمخطوطة معرفة الوجوه الخفية من جهاد الأفضلي في مسيرة الإصلاح والتعليم .هذا ما ينبغي أن يكون دراسة متخصصة مستقلة. مهن كتب عنه بعض الشيء تلميذه الشيخ عبد العزيز الثميني في بعض والشيخ أبو اليقظان حيث خصه بترحمة مستقلة ف عدة صفحات7 معرضوترجم له كذلك ف كتابه ملحق السير والشيخ عبد الرحمن بكلي ف دبوز :نهضة الجزائر ج ا .ص.982)(1 121البحث الثالث :المراحل الإعدادية للنهضة الإصلاحية تقديمه لكتاب النيل ،والشيخ محمد علي دبوز في كتابه نهضة الجزائر الحديثة وثورتها المباركة(". لعل آخرهم كان أكثر استيفاء وأكثر عناية بإبراز جهاده التربوي والاجتماعي. سبقت الإشارة إلى أن مؤرخي إباضية الجزائر يعتبرون الشيخ الأفضلي باعث النهضة الإصلاحية الحديثة في وادي ميزاب‘ وموقظ المجتمع من سباته ونومه العميق. يصفه تلميذه الشيخ عبد العزيز الثمينى بقوله « :شيخنا الأستاذ الناشر للعلوم في الإخوان من سائر البلاد ،قاضي القضاة ،ضياء الملة ،والدين الآتي في بلادنا بالفتح المبين ،الرافع لواء العلم في المدارس الغائنص على مكنون الجواهر في بجر المجالس فارس فيدان الأقضية والأحكام ،فخر القضاة الحكام مميز الحلال من الحرامإ مشيد قواعد الإسلام عمنا يحيى بن صالحه. إذا استعملنا لغة المفكر مالك بن نبي" ومصطلحاته يصح لنا القول إن الشيخ الأنفضلي هو من أدخل إباضية الجزائر في دورة حضارية جديدة بعد أن خرج من دورة سابقة وأصابه الإعياء والتعب والوهن فاستراح لفترة زمنية أخلد فيها لنوم عميق جدد فيه طاقته وعزيمته ،وتاهب للانطلاق من جديد(. ( )1ينظر في ذلك المصادر الآتية :بكلي :مقدمة على كتاب النيل للشيخ الثميني ،ص .01دبوز :نهضة الجزائر جا .ص .982معجم اعلام الإباضية :ج .3ص.235 ( )2رسالة من عبد العزيز الثميني إلى عمرو بن رمضان التلاتي بمصرا مخطوطة بمكتبة الشيخ بالحاج بالقرارة. نقلا عن :عمر إسماعيل آل حكيم :الإمام الثميني وكتابه المعالم ِي الفلسفة وأصول الدين .رسالة ماجستيرؤ جامعة الجزائر ،كلية العلوم الإسلامية الخروية .تخصص :أصول الدين .س ج- 7991 : 6م .ص03 ( )3مالك بن نبي3791 -5091( :م) من مواليد قسنطينةإ تلقى دراسته الأولى في تبسة وقسنطينة ،سافر إلى فرنسا مواصلا مشواره العلمي ،اهتم بتحليل الظواهر الاجتماعية للشعوب المستعمرة ،وأنتج ني هذا المجال سلسلة من الكتب منها :شروط النهضة\ ميلاد مجتمع .الظاهرة القرآنية .غازي التوبة :الفكر الإضلامي المعاصر دراسة وتقويم دار القلم ،بيروت\ لبنان7791 .م ،ص.65 -55 ( )4يراجع في ذلك :مالك بن نبي :شروط النهضة{ سلسلة مشكلات الحضارة ترجمة :عبد الصبور شاهين. دار الفكر ،بيروت لبنان6041 .ه_6891 /م .ص.78 -24 الفصل الثاني :جذور النهضة الإصلاحية ومراحلها الإعدادية122 فمن هو الأنضلي وما هي جهوده ف الإصلاح؟ أبو زكرياء يجى بن صا لح ‏ ١لأنضلي المعروف بعمي يحيى أحد روا د النهضة الثامن عشرالعلمية1وادي ميزاب 6من علماء القرن الثاني عشر المجري مسقطفسلة171 4 / 1 621م .تلقى تعليمه الأولولد بني يزقنالميلادي© راسهش وما م يبد مزيدا من العلم يروي غليله ويشفي ظماه ارتحل إلى جزيرة جربة بتونس وواصل دراسته فيهاا" على يد الشيخ أبي' يعقوب يوسف المصعبيّ ،ثم واصل رحلته إلى مصر فدرس بالمدرسة الإباضية بوكالة الجاموس وحضر دروس 5الأزهر الشريف. عاد إلى وادي ميزاب في سنة 7511ه 447 /م بعد غياب دام أزيد من اثنتي وللوعظ وا لإرشا د فخاصةعشرة سنة فتفرغ للتعليم وا لتدريس ف حلقات مجتمعه وتغيير ما هو عليه من مناكر ومفاسد .المساجد وحارل إصلاح وجه جهوده إلى ناحيتين اثنتين: أوضاع المجتمع. 7إصلاح تربية الأجيال وتعليمهم. عند عودته إلى وادي ميزاب وجده يتخبط في فتن هوجاء ،وتتحكم فيها عصبيات عمياء ،ويعاني من الجهل والأمية والابتداع} هذه هي السمات البارزة والغالبة على المجتمع آنذاك. يقول عنه الشيخ عبد الرحمن بكلي « :فلما تم تكوينه العلمي وامتلأ وطابه قفل راجعا إلى وطنه لتحقيق الهدف الذي لأجله اغترب‘ وكان التوفيق يحدو ركابه ) ) 1حمو الشيهاني :حاشية ابي يعقوب يوسف بن محمد المصعبي على رسالة أصول الدين لتبفورين ،دراسة وتحقيق 6دبلوم الدراسات العلياء جامعة محمد الخامس :كلية الآداب والعلوم الإنسانية .الرباط س ج: .5991ص-34۔ .54-4 ( )2المرجع نفسه :ص.54 -34 321البحث الثالث :المراحل الإعدادية للنهضة الإصلاحية فعلم وأرشد ووجه وسدد‘ ونهى وأمر وظل يكافح فساد مجتمعه ويقوم اعوجاجه طورا عراكاء وأحيانا مياسرة ،حتى أذعنت النفوس إلى رئاسته وكان : جديرا أن يلقب بمجدد النهضة العلمية الإصلاحية بميزاب» .3 ما كان منه إلا أن يبدأ نشاطه الدعوي في بلدته بني يزقن© ويجتهد في ربط أواصر التقارب والمحبة مع حلقة العزابة ومع شيخ مسجدها .حتى ينال ثقتهم التى ستمكنه من ولوج مجال الدعوة والإرشاد من بابه الصحيح" الذي سيسمح له من مخاطبة الناس مباشرة ،ونصحهم بالتي هي أحسن والتدرج معهم ومراعاة نفوسهم. فعلا تم له ذلك بعد وقت وجيز من حلوله بين أظهر قومه ،إذ تقرب من شيخ العزابة وتردد عليه يستشيره ويسمع لنصائحه ويستفيد من تجاربه ،حتى اطمان إليه الشيخ وعرف أخلاقه وتواضعه وخصاله وعرف رصيده من العلوم الشرعية. فاحبه وقربه إلى مجالسه ،إلى أن عينه عضوا في حلقة العزابة ،ليتحمل معهم المهام الاجتماعية والدعوية المنوطة بهمإ فقام بما كلف به ،وتدرج في المسؤولية إلى أن تسلم منبر المسجد للوعظ والإرشادا“. الأفعال ،والالتزامبذل جهودا في دروسه ووعظه لإرشاد الناس إلى صالح بشريعة النه تعالى في العبادات والمعاملات‘ وترك المنكرات ونبذ العصبيات والتحذير من الفتن ومن التزمت في الدين ،وعجدم الاشتغال بسفاسف الأمور. كما أسهم ف حل مشاكل الناس الاجتماعية من الزواج والميراث وإصلاح ذات البين ،والإجابة غن الفتاوى والأسئلة حول فقه العبادات والمعاملات. ) (1بكلي : :مةقدمة على كتاب النيل للشيخ الثمينيس ص01 ( )2دبوز :نهضة الجزائرش ج ،1ص852 ) (3ترك الشيخ الأفضلي في تراثه ما لا يقل عن عشرين نصا بين رسالة وحاشية ،تحمل أجوبة عن مسائل فقهية واجتماعية .انظر :معجم اعلام الإباضية ،ج ،4ص .769وقد ذكر الشيخ أبو اليقظان أنه وقف على رسالة تحتوي على حكم أصدره في حل مشكل بين زوجين ،يدل ما قيل فيه على غزارة العظم ونزاهة الضمير .أبو اليقظان :ملحق السير ص5ك 5.5ص.88 الفصل الثاني :جذور النهضة الإصلاحية ومراحلها الإعدادية124 بالموازاة مع هذا العمل تيقن الشيخ أن هذا الواقع لا يمكن تغييره ما لم ينتشر التعليم بين الناس؛ وما لم يرتفع الوعي لديهم؛ وما لم يقض على الجهل والأمية. فرأى ضرورة الالتفات إلى الأجيال الصاعدة وتوجيه العناية بها حتى لا تنشأ على هذه المخلفات. ففكر بجدية في فتح دار للتعليم تتصدى فهذا الواقع بواسطة تربية الأجيال الصاعدة وتعليمها وتهذيبها على الأخلاق والقيم الصحيحة وإعدادها لتحمل الأمانة ومواكبة المسيرة. كما تيقن أن هذا المسلك الوعر والطريق الطويل لا يمكن أن ينجزه هو بنفسه ني عمره القصير .بل لا بد لأجيال متوالية أن تواصل المسير ليصل البنيان تمامه ذات يوم. كما تفطن إلى أن الكثير من السلبيات الاجتماعية والمخالفات الشرعية التى يغرق فيها المجتمع لم يحن الوقت بعد لتغييرها ،بل لا بد من التمهيد لها والتدرج معها ،حتى يصل الوقت المناسب لإصلاحها. افتتح حلقته العلمية في مسكنه"" 8وقد حكي عنه أنه عندما عاد إلى بلدته قصد لمسجد ونادى في الناس :هل يوجد منكم من يعلمني؟ فلم يستجب له احد ،ثم نادى فيهم مرة ثانية :هل يوجد منكم من يريد أن يتعلم؟ يقول الشيخ أبو اليقظان في هذه الرواية :ه لما وصل وطنه جلس بجانب المحراب بعد الصلاة يخاطب الناس مرارا :من يعلمني لله ،من يعلمني ننه؟ فلم يجبه احد ثم قال من يتعلم العلم له؟ فهرع إليه الناس ،والتف حوله الشباب المتعطش إلى العلم فابندأ وعظه للعامة وتعليمه للتلاميذ. قصده أبناء بلدته وشرع في تعليمهم الدروس العربية والشرعية مراعيا مستوياتهم وقدراتهم ،متدرجا معهم في سلم التحصيل والتكوين. ) ) 1معجم اعلام الإباضية ج .4ص.769 ( )2أبو اليقظان :ملحق السير .ص.69 521البحث الثالث :المراحل الإعدادية للنهضة الإصلاحية لا تمدنا المصادر المتوفرة بين أيدينا بمعلومات وافية عن هذه الحلقة التعليمية. ولا عن برامجها وأوقاتها ونظامها؛ إلا أنها لا يمكن أن تخرج في عمومها عن تدريس المواد الشرعية والعربية .وعن نقل ما رآه الشيخ وتعلمه من فنون العلم ومن تجارب في تونس وفي مصر. وكذا ستكون صورة قريبة لما يتلقاه التلاميذ والطلبة من دروس في المحاضر وفي حلقة إروان ،لكن بتعمق وتوسع أكثر. يبدو أن حلقته شهدت نماء وازدهارا مع مرور الأيام والسنوات وتحولت إلى مدرسة أو معهد يضم أكثر الطلبة من الابتدائي إلى العالي ،حيث انتقلت إلى دار مستقلة فى أحد شوارع البلدة ،كما احتاج الشيخ إلى بعض طلبته القدامى لمساعدته في التدريس من بينهم الشيخ عبد العزيز الثميني((“. كثر رواد الحلقة وطلبتها ،وبدأ صيتها يتجاوز حدود بلدته بنى يزقن إلى أرجاء وادي ميزاب وإلى المناطق المجاورة كوارجلان ووادي أريغ .فبعث الآباء بأبنائهم من هذه المناطق ليتفرغوا بين يدي الشيخ أبي زكرياء ينهلون من علمه وأخلاقه وتجربته في الحياة خاصة وأن الفترة شهدت ندرة فى العلماء والمعلمين. استمر الشيخ في معهده ولازم بلدته وعمر مجالسها طوال حياته ولم يعلم عنه جهد آخر أو أسفار خلاف التدريس والوعظ والإرشاد إلى وفاته. تخرجت على يده أجيال عديدة متعاقبة .وكان من ثمارها رواد النهضة الإصلاحية الأولين في وادي ميزاب ورجالهاء أمثال الشيخ الثميني ،والشيخ موسى بن يحيى( .والشيخ إبراهيم ين بيحمان“۔ والشيخ أبو يعقوب ( )1آل حكيم :الإمام الثميني وكتابه المعالم .ص.04 ) (2بكلي :مقدمة على كتاب النيل للشيخ الثميني ،ص .21دبوز :نهضة الجزائر جا .ص.262 -952 معجم أعلام الإباضية :ج .4ص.769 ( )3موسى بن يحيى بن ابي الفضل( :حي في5021 :ه0971 /م) فقيه واحد أعيان بني يزقن 6له مراسلات خطوطة كان يتبادلها مع الإمام سليمان بن ناصر العماني كما له اهتمام بالكتب جمعا ونسحا .معجم أعلام الإباضية :ج .4ص.309 ( )+4ابراهيم بن بيحمان الثميني (ت 2321 :ه 7181 /م) من علماء بني يسجن البارزين .أخذ العظم عن خاله الفصل الثاني :جذور النهضة الإصلاحية ومراحلها الإعدادية126 يوسف بن عدون"' ،الذين تسلموا الراية من بعدها. وقد بارك النه تعالى في علمه وتعليمه لما عرف عليه من إخلاص وتفان، فكانت جهوده تاأسيسا لحركة إصلاحية شاملة ف وادي ميزاب كان هو واضع الحجر الأساس فيها. إن هذه الأعمال التي قام به الشيخ الأفضلي-بلا شك -لم تبد طريقا معبدا بالعراقيلمفروشا بالورود بل كانت كل خطوة فيها تحف بالأشواك وتعطل الواهية؛ من مجتمع يعيش سباته الحضاري ويغرق ف ظلام دامس من شدة الجهل والفتن والبدع والعصبيات. مثلت جهوده الخطوة الأولى في المجابهة العلنية هذا الفساد ،والهزة العنيفة لوادي ميزاب عله يستيقظ من سباته الطويل .والفرصة الأولى لوضعه على السكة .الصحيحة ؤ وا لطريق السوي نحو | لإصلاح وا لتغيير. ما أن شعر أباطرة الفساد والجمود بارتدادات هذه المزة تحت أقدامها حتى وحدوا صفوفهم واجمعوا أمرهم واقفين أمامه معارضين تعليمه ونابذين إصلاحه، ‏ ١لسيرحا رجا عنونا صبين له العداء 5فسفهوا تعليمه وبدعوا فتاواه ،وا عتبروه والتقاليد .وأعراف المجتمع وأصول المذهب. فقالوا عنه :مبتدع في الدينں حالف لسيرة الأسلاف .وحاولوا جهدهم القضاء على حركته وغلق مدرسته وتشويه سمعته. واديوالنهضة فالشيخ عبد العزيز الثميني وعن الشيخ ابي زكرياء يحيى الأنضلي .من دة الإصلاح ميزاب؛ تولى التدريس والوعظ{ وكانت له صلاة مع علماء الجزائر والمغرب وعمان كما كانت له مراسلات مع الحكام الأتراك في الجزائر ترك العديد من الكتابات والأشعار .المرجع نفسه :ج .2ص.12 ( )1يوسف بن حمو بن عدون (و8511 :ه5471 /م-ت2521 :ه!638 /م).من علماء بني يسجن ودعاة الإصلاح والنهضة ف وادي ميزاب أخذ العلم عن شيخه ابي زكرياء يحمى الأنفضلي ،وعن الشيخ اللزلجععبل العزيز الثمين .اشتغل بالتدريس والوعظ والارشاد والقضاء .كما ترك العديد من المؤلفات. نفبه:ج {4ص!.1901 الرجع نفسه:ج .4ص.659) (2 721البحث الثالث :المراحل الإعدادية للنهضة الإصلاحية يقول عنهم الأستاذ محمد علي دبوز « :أما ذوو النفوس السوداء ،الذين ملكتهم الأهواء ،واستعبدتهم الآبالسة ،وركبهم الشيطان ،فقد ثاروا في وجه الشيخ وناصبوه العداء ،وعارضوا إصلاحه وتعليمه ...فشمروا لمجابهة الشيخ وأنصاره. واستعملوا الدين في حربه ،وقالوا إنه مبتدع في الدين ،يخالف سيرة الأسلاف . الصالحين ،وبسطوا فيه ألسنة الدعاية الواسعة المسمومة"“. هكذا بدت حركة الإصلاح والنهضة في عهد الأفضلي مركزة على تعليم الأجيا ل وتربيته ومتفتحة على المجتمع محاولة توعيته وتنبيهه إلى مواطن الزلل والخطا في مجالات حياته ،فكانت لبنة أولى في الطريق القويم .وصرخة قوية في آذان الناس للاستفاقة والقيام. لقد انشغل الشيخ الأفضلي كلية بالإعداد والإصلاح .فحجبه ذلك في.أن يفكر في الكتابة والتأليف ويخصص هما وقتا معتبرا من حياته ،لذا لم نستطع أن نتعرف بوضوح على أفكاره وآرائه وهمومه وطموحاته .إلا ما تركه لنا من بعض |الرسائل والشروح والحواشي على كتب وقصائد. كما جمع في حياته مكتبة ثرية بالكتب المهمة والمخطوطات كانت من أهم ما خلفه لأبنائه وورثته ،لا تزال إلى اليوم شاهدة على كفاح الشيخ وجهوده التعليمية والعلمية. وكانت وفاته سنة2021ه8871 /م بعد حياة مليئة بالجهاد :ؤ مجال التعليم والتربية والإصلاح. -نوبه جهوده قي الإصلاح: حقيقة الآمر يصعب أن نصذر أحكاما حول جهود الشيخ أبي زكرياء أنشر أو ننقد أعماله لعدم توفر المادة العلمية الكافية حوكماء لذا ينبغي التريث والتحرز في ذلك ،وسيبقى كلامنا حوله يتسم بنوع من العموم. ( )1دبوز :نهضة الجزائرش ج1ش ص.062 الفصل الثاني :جذور النهضة الاصلاحية ومراحلها الإعدادية‏١ 2 8 إذن :يمكن لنا أن نعد عصره ضمن الإرهاصات الأولى لاستفاقة وادي ميزاب للدخول في دورة حضارية جديدة هي حلقة ضمن النهضة الإسلامية حموما التى شهدها العالم الإسلامي في التاريخ الحديث والمعاصر بعد سبات وتخلف على محتلف الأصعدة مس جل شعوبه وجل أوطانه بسبب ظروف اجتماعية وسياسية عديدة. إلا أن جهود الأنضلي ف المجال الاجتماعي بقيت محدودة جدا ومنحصرة ف بلدته بني يزقن فقط وقد ركزت على التربية والتعليم على حساب الإصلاح الاجتماعي ،الذي سيكون كما هو متوقع صعب المنال لتضافر عوامل الجمود والفساد ،التي يعسر تفكيكها من الوهلة الأولى فكان لا بد من عامل الزمن ليقوم بدوره ،ومن مرحلة الإعداد بتربية أجيال المستقبل لتواصل المسير. لقد بقي تيار الجمود والفساد متماسكا قويا شديد الجانب لم يتزعزع بجهود الأفضليء الذي يبدو كذلك أنه استعمل معه سياسة المهادنة والمراوغة بدل المواجهة والمجابهة؛ إلا في النادر القليل. فكان انتقال إصلاح الشيخ إلى قرى وادي ميزاب ووارجلان عن طريق تلاميذه الذين يرز منهم عدد؛ مثلوا أقطاب الإصلاح ني جيله الثاني. ص اللاح في عهد الشيخ عبد العزيز الثميني:_2 إن الناظر إلى عهد الشيخ الثميني مقارنة مع عهد شيخه الأفضلي لا يجد فروقا واضحة المعالمإ ولا اختلافا بينا على الصعيد الاجتماعي بخاصة؛ من استحكام لقوى الجمود والفساد على دواليب المجتمع والحكم .ومن نقص عام للعلم. كما أن المرحلة تحمل في عمومها المواصفات نفسها والحموم والانشغالات ذاتهاؤ لذا فلا يمكن لنا أن نعتبر عهد الثميني إلا مرحلة ثانية من عهد الأفضلي في مواصلة جهوده وإعطائه نفسا جديدا ،ودفعة إلى الأمام في درب الإصلاح والتغيير. 921البحث الثالث :المراحل الإعدادية للنهضة الإصلاحية بخلاف ما قلناه عن الشيخ الأفضلي؛ فقد عني بالكتابة عن الشيخ الثمينى العديد من الأساتذة والباحثين" وأفردوه بدراسات مستقلة ،مستفيضة في مجالات عديدة من شخصيته وفكره .ولعل ذلك يعود أساسا إلى جهوده المبذولة في التأليف والتحرير ،إذ خلف تراثا شرعيا نوعيا استطاع به أن يملأ فراغا كبيرا كان يشتكي منه إباضية الجزائر وبذلك جلب الأنظار إل لعل أهم من كتب عنه الشيخ امحمد اطفيش في شرحه لكتاب النيل ،والشيخ إبراهيم حفار في كتابه السلاسل الذهبية ،والشيخ أبو اليقظان في كتابه ملحق سير الشماخي والشيخ عبد الرحمن بكلي في مقدمته لتحقيق كتاب النيل والشيخ أبو إسحاق اطفيش في مقدمة شرح النيل والشيخ علي يحيى معمر في كتابه الإباضية في موكب التاريخ والمؤرخ محمد علي دبوز في كتابه نهضة الجزائر الحديثة ،والدكتور أبو القاسم سعد النه في كتابه تاريخ الجزائر الثقافي" والأستاذ عمر آل الحكيم في رسالته للماجستير حول الشيخ الثمين وكتابه المعالم 6كما عني بالكتابة عنه بعض المستشرقين منهم زيس (:رء )2في كتابه .انه ء] .عانطام7ه انه( ودافيد لويس وموتيلنسكى (رعصناراه!)ع(نا] ل¡)٧‏ في كتابه '.س نع .في موسوعته ھ '1ع ح. مؤلفاته وكتبه استطاع أن يوجه إليه اهتمام الباحثين ،للنظر في هذا التراث ودراسته وتحليله ،وبالتبع دراسة شخصيته وفكره. كما أن تآليفه شهدت انتشارا عند إباضية المغرب بالجزائر وتونس وليبيا وعند إياضية المشرق بعمان" حيث اعتمدت في التدريس وفي الفتوى وفي القضاء“"١‏ وأضحت من المصادر الأساسية للإباضية ني الفقه والعقيدة إل يوم الناس هذا“. ) (1كانت محاكم الاستتناف الفرنسية في الجزائر تعتمد على ما ترجم منكتاب النيل للشيخ الثميني فيما يرفع إليها من قضايا خاصة يالإياضية .فقد ترجم المستشرق زيس (>رع )7قسم النكاح والطلاق 57 }والأحكام من الكتاب .كما اعتمد العمل بكتابالشيخ الثميني الورد البسأم في محاكم سلطنة عمان .انظر: ب‏٠كلي :مقدمة على كتاب النيل للشيخ الثمينى .صك. ( )2معجم اعلام الإياضية ،ج .3ص.335 -235 11 الفصل الثاني :جذور النهضة الإصلاحية ومراحلها الإعدادية130 فمن هو الشيخ الثمينى وما هي جهوده ي الإصلاح ؟ هو عبد العزيز بن إبراهيم الملقب بضياء الدين ولد في بني يزقن سنة 0311ه/ نشا في أسرة محافظة ميسؤرة الحال ،تلقى تعليمه الآول ببلدته وحفظ8 القرآن الكريم .ثم سافر إلى وارجلان ،وتفرغ في بداية شبابه الإدارة تجارة والده إلى أن بلغ الثلاثين من عمره حيث عاد إلى جو العلم من جديد ملازما شيخه الأفضلي في معهده وحلقاته ببني يزقنں فاخذ عنه العلوم الشرعية والعربية ،ثم اعتمد على نفسه في الاستزادة مما بين يديه من كتب وخطوطات في المكتبات العديدة الموجودة في بلدته وفي قرى وادي ميزاب المجاورة .حتى نبغ في علوم الدين والفلسفة والمنطق والفقه والأصول. كما انصبت جهوده في مؤازرة شيخه في مسيرته الإصلاحية ،فكان عضده الأيمن© ومؤيده بالمال والرأي والفكرة. ساعده بماله الذي ورثه من والدهؤ فوقف بجواره يدعم مشاريعه العلمية ففتح له دورا يتولى التدريس فيها ،واشترى له المخطوطات والكتب التي يحتاجها في )التدريس. يقول الأستاذ عمر آل حكيم « :إن العلاقة التي كانت بين الثمينى وأستاذه علاقة تكامل۔ إذ كان الأستاذ يقدم ما استوعبه طوال سنين من علماء المشرق بكل اجتهاد وكان التلميذ يعينه على ذلك بما وهبه النه من الثروة العظيمة بدون حساب. ومن الممكن أن نبرز دوره ني قيام هذه النهضة العلمية على يد شيخه بمثالين: أولهما :فتحه دارا لشيخه قرب المسجد ليعطي فيها دروسا تعليمية وتوجيهية .ن رغب في ذلك. وثانيها :شراؤه للكتب المهمة أو استئجاره من يستنسخها حتى يستفيد منها من جهة ويجعلها ني متناول غيره من جهة أخرى»("'. ( )1آل حكيم :الإمام الميني وكتابه المعالم .ص.04 131البحث الثالث :المراحل الإعدادية للنهضة الإصلاحية كما يبدو أنه استطاع-بما منحه الله تعالى من مواهب-أن يطوي مراحل ي التكوين والتحصيل وباجتهاده ونبوغه واعتماده على نفسه في الاستزادة من العلم بالعودة إلى المكتبات المتوفرة بين يديه ،وباقتنائه للكتب التي يحتاجها من ماله الخاص. ويبدو أن شيخه الآأفضلي قد لمح فيه هذا التفوق والنبوغ .مما جعله حل الثقة والمشورة عنده ،فقدمه للتعليم في معهده مساعدا ومتدربا على تكوين الطلبة الوافدين إليه من قرى وادي ميزاب .كما فتح له الطريق للريادة العلمية وسيادتها. فشجعه وحثه على المضي قدما في مجال التأليف والتدريس والوعظ والإرشاد. م يضيق عليه أو يثبطه كما يفعل بعض المشايخ مع تلاميذهم النجباء خشية تفوقهم عليهم وسرقة الأضواء منهم وجلب الأنظار عنهم" بل دفعه وحثه على فتح معهد خاص به يتولى تسيير حلقات العلم فيه" ويسعى بدوره إلى نشر رسالة العلم والإصلاح بتكوين الأجيال وتحضيرهم للمستقبل ،كما حثه على الوعظ والإرشاذ والفتوى.‘"١‏ يقول الأستاذ محمد علي دبوز « :وقد سر أبو زكرياء بنبوغ تلميذه في العلم. وبفصاحته وبراعته في التعبير فوجهه إلى التأليف .. .وكان مثالا في الصفاء فخلا من الحسد الذي يجعل كثيرا من العلماء يضغطون على تلاميذهم لكي لا يتفوقوا عليهم ...فقدم تلميذه للتدريس والفتوى ثم ألفت إليه أنظار الخاصة والعامة ودعاهم إلى الاستزادة منهى وعرفهم فضله وعبقريته وسبقها.٫‏ كان جهاده في التعليم مواصلة لمسيرة أستاذه في التربية والتعليم حيث ابتدأ معلما مساعدا لشيخه أنشأ حلقة خاصة به تولى إدارتها والتعليم فيها وتنظيمها بعد . أن تفتقت مواهبه العلمية وبرزت كفاءاته التدريسية. ( )1دبوز :نهضة الجزائر الحديثة .ج .1ص.662-072 ( )2المرجع نفسه :ج! .ص962 -862 الفصل الثاني :جذور النهضة الإصلاحية ومراحلها الإعدادية132 استطاعت حلقته مع مرور الأيام والسنوات ،وخاصة بعد وفاة شيخه أن ترث الدور العلمي في وادي ميزاب" وأن تواصل الرسالة الحضارية في تكوين الأجيال حيث استقطبت التلاميذ من تلف قرى وادي ميزاب ومن خارجها ،وكان لها الفضل أن يتتلمذ فيها على يديه أجيال عديدة متعاقبة ،برزت من بينها أسماء لامعة كان لها دورها في مسيرة النهضة وا لإصلاح ومحاربة الفساد والجمود الفكري من بعده .يمكن لنا أن نذكر منهم :الشيخ إبراهيم بن بيحمان ،والشيخ يوسف بن عدون" والشيخ حمو والحاج .والشيخ بالحاج بن كاسيل .والشيخ سليمان بن 7والشيخ محمد أزبار”‘6والشيخ إبراهييمم اطفيشر{‘ء والشيخ محمد ‏ ١بن ‏ .٠ا دريسو ) ) 1بالحاج بن كاسي المعروف بالشيخ بالحاج (و0311 :ه8171 /م-ت3421 :ه7281 /م) من علماء القرارة .اخذ العلم عن الشيخ الثميني والشيخ يوسف بن عدون والشيخ عبد النه بن عيسى في بتي يزقن© تولى التدريس والوعظ في بلدته .كما حارب الفساد والجهل والعصبيات التي كانت متفشية بين بني جلدته، له مراسلات مع لهل عمان ،ترك مكتبة زاخرة بالملخطوطات موجودة إلى حد اليوم في بلدته القرارة عند أحفاده .معجم اعلام الإباضية :ج .2ص.061 ( )2سليمان بن عيسى آل الشيخ (حي بين0321-5621 :ه4181-8481 /م) من علماء وأبطال وادي ميزاب ،تتلمذ على يد الشيخ عبد العزيز الثمينى .تولى التدريس والوعظ وخرج الكثير من الطلبة الذين واصلوا المسيرة من بعده .كما كانت له خبرة بشؤون الدفاع .فاقام تدرييات وتمارين عسكرية ورياضية للشباب .وقد عينه أهالي ميزاب قائدا عليهم في رد بعض هجمات البدو .المرجع نفسه:ج .3ص .334 ‏ ١883م) من علماء بنى يسجن بميزاب ،تعلم في بلدته ثم( )3حمد بن عيسى ازيار (حي في1031 :ه/ ارتحل إلى عمان واستقر فيها فترة من الزمن استزاد فيها علماء ثم عاد إلى وطنه وتولى التدريس والوعظ :والقضاء .المرجع نفسه:ج .4ص.228 ( )4إبراهيم بن يوسف اطفيش (ت3031 :ه 6881 /م) من علماء بني يسجن بميزاب ،تتلمذ على الشيخ عبد العزيز الثميني ،ثم رحل إلى عُمان ،فاقام فيها مدة يتعمق في علوم الشريعة واللغة العربية على علمائها .استقر بمصر أربع سنوات يواصل الدراسة .وقصد المغرب الأقصى واشتغل مدرسا بإحدى مدارسها لسنوات ،ثم عاد إل ميزاب فاشتغل بالندريس والوعظ والإرشاد ،ومحاربة الفساد والبدع والجهل ،وخرج الكثير من التلاميذ .الرجع نفسه:ج .2ص.7١‏ ( )5محمد بن سليمان ابن ادريسو (و6421 :ه !138 /م-ت2:ا جمادى الثانية 3131ه6981 /م) من علماء بني يزقن بوادي ميزاب" اخذ العلم عن الشيخ الثميني ،وحضر حلقات الشيخ اطفيش قطب اليمة.‏٠ 331البحث الثالث :المراحل الإعدادية للنهضة الإصلاحية وإن كانت المصادر التى اطلعنا عليها لا تمدنا بمعلومات تفصيلية عن هذه الحلقة العلمية وعن برامجها وعن مستوياتها وعن جوها العلمي إلا أن ثمارها ستبقى أكبر شاهد على الدور العلمي والتربوي الذي قامت به في سبيل تنوير وادي ميزاب ودفعه قدما في مسار النهضة والإصلاح. أما الجبهة الثانية التى تصدى لها فهي إصلاح المجتمع ،فوجد أن جهود شيخه مازالت لم توت أكلها وأنها تحتاج إلى مزيد من المؤازرة والمساندة} وأن المجتمع مازال باقيا على حاله في عصبياته وصراعاته وبدعه وجموده على البالي من الأفكار والتقاليد فما كان منه إلا أن يشمر عن ساعد الجد مواجها هذا الواقع. يبدو أنه اختار من الوهلة الأولى نهج الصراحة والمجابهة والغلظة في التعامل مع التحالف المشكل لقوى الفساد والجمود .بينما عرف شيخه بالليونة معه والمهادنة والتدرج والمراوغة وتحين الفرص المناسبة. فكان شديدا في تعنيف الظلمة والفاسدين ،صريحا في الصدع بالحق ،مجاهرا بفضح الباطل ومحاربته ،جابها للظلمة دون مداراة ولا مراوغة ولا مهادنة. لذا فبمجرد ظهوره على حلبة الميدان ولموع اسمه وإذاعة صيته بين الناس؛ تصدى له رؤوس الفساد واجتمعوا ضده ،ووحدوا صفوفهم عليه. يقول الشيخ عبد الرحمن بكلي « :خاض إلى جانب شيخه غمار وسط مزقت وحدته الفقن الداخلية والمنازعات القبلية ،وساد سلطان اوى فظل الصراع فيه عنيفا بين أنصار الحق وأنصار الباطل فتجرع من ذلك الأمرين وأوذي في الله كثيرا .سيما لما ظهرت شخصيته فقد تفاقم عليه الأمر وقسا الامتحان" وطالت المعركة فلم تزده الحنة كاللإبريز إلا صفاء ولمعاناى ووقف لخصوم الحق يعترض مدارج أنفاسهم(. القساد والبدع وساند حركة القطب ف التعليم وا لإصلاح .فتح مدرسة للعلومبالعمى .حاربأصيب ص. 297الشرعية وتخرج على يده العديد من الطلبة كما ترك العديد من الكتابات .الرجع نفسه:ج.4 ) (1يكلي :مقدمة على كتاب النيل للشيخ الثميتي .ص . 31 الفصل الثاني :جذور النهضة الإصلاحية ومراحلها الإعدادية134 ييدو ان الشيخ لم يستطع الصمود كثيرا في وجههم واستشعر ضعفه أمامهم. ورأى ضرورة تغيير منهجه .وتيقن أن أسلوب المواجهة لوحده غير مجد في هذا الوقت" فتيارهم لا يزال قويا متماسكا يصعب كسر شوكته ،كما تيقن أن جهوده بهذا المنهج ستبقى مضيعة للوقت وهدرا للطاقة إذا استمر الأمر على هذه الحال. وبعد تفكير وتحمين يبدو أن الشيخ خلص في الأخير إلى قرار اعتزال المجتمع والدخول في مرحلة جديدة والتفرغ لها ،وتحويل وجهته من الإصلاح الاجتماعي إلى العمل العلمي بالتأليف والتدوين والكتابة. بلا شك أنه لم يتخذ هذا القرار إلا بعد دراسة ممحصة متعمقة لأوضاع عصره ومجتمعه ومذهبه ،فخلص في الأخير إلى قناعة مفادها أن علماء الإباضية في وادي ميزاب قد أهملوا جانبا مهما من ركائز قيام أي نهضة وأي حضارة في التاريخ .ألا وهو جانب البحث العلمي وجانب تقعيد العلوم الشرعية وإعادة صياغتها على ضوء روح العصر ومتطلباته وهمومه. ورأى أن من سبقه من العلماء والمشايخ وجه عنايته إلى التعليم وركز جهوده على الإصلاح الاجتماعي ،منهم شيخه الأنفضلي الذي لا يزال على قيد الحياة مرابطا في الميدان 5يساعده في ذلك بعض طلبته الكبار' .. فكان ذلك على حساب البحث والتليف من جديد في علوم الشريعة" وقد تفطن أن هذه النهضة الجديدة لابد ها من مصادر علمية تستقي منها أحكامها ومعارفها ،وئكوّن على اساسها الأجيال فعاد إلى ما بين يديه منكتبات بما تحويه من الكتب ومخطوطات فلم يبد ما يشفي غليله منها ووجد ما يعتمد عليه جله مما خطه علماء الإباضية بالملشرق ،أو علماء الإباضية في تونس وليبيا ووارجلان .وأن جلها يعود إلى قرون ماضية. فاقتنع أنه من الواجب عليه أن يسد ثغرة غفل عنها ولم يوجد من يعنى بها منذ زمن طويل .فاغلق أبواب منزله على نفسه قرابة الخمسة عشر سنة ،لا يخرج منه إلا لضرورة قصوى" واعتزل حياة الناس كلية .فكانت هذه الجبهة الثالثة لجهاده في مجال النهضة. 531البحث الثالث :المراحل الإعدادية للنهضة الإصلاحية في هذه المدة التى تفرغ فيها للبحث والتاليف استطاع أن يخلف لنا تراثا علميا غزيرا متعمقا متنوعا .كشف عن تبحره وتعمقه في الدراسات الإسلامية العقلية منها والنقليةء وكشف عن قوته في مجال النقد والتحليل والاختصار. تتمثل أهم مؤلفاته التى جمعت جل العلوم الشرعية من فقه وعقيدة وحديث وأصول ومنطق وكلام فيما يلي: النيل وشفاء العليل. التاج على المنهاج. تعاظم الموجين ،شرح مرج البحرين. التكميل لما أخل به كتاب النيل. الأسرار النورانية. أرجوزة في الفلك ومنازل البروج. معالم الدين. النور. الورد البسام في رياض الأحكام. مختصر حواشي ترتيب مسند الربيع بن حبيب("'. _ عشرات الفتاوى. مراسلات عديدة مع مشايخ وعلماء داخل الجزائر وخارجهاا“. ) ) 1الربيع بن حبيب بن عمرو الآزدي الفراهيدي العماني( :ت071 :ه) [مام؛ داعية‘ حدث .يعتبر الإمام الثالث للإباضية .اشتغل بالدعوة ونشر العلم وجمع الحديث ،له كتاب :الجامع الصحيح .مسند الإمام الربيع بن حبيب .جمعية التراث :معجم اعلام الإباضية قسم المشرق .قرص مضغوط .اللرجيتي :طبقات المشايخ بالغرب ،ج .2ص.372 ( )2أل حكيم :الإمام الثميني وكتابه المعالم .صس46 - 44 الفصل الثاني :جذور النهضة الإصلاحية ومراحلها الإعدادية136 لقد لاقى كتابه النيل الاهتمام الأكبر ضمن كتبه فحقق وشرح ونظم شعرا وترجمت بعض ابوابه إلى الفرنسية .ولا يزال المعتمد الآول-مع شرح الشيخ اطفيش له-في الفقه والفتوى عند الإباضية إلى اليوم. يقول في حقه حققه الشيخ عبد الرحمن بكلي :ه يعتبر كتاب النيل معتمد للذهب الإباضي في الفتوى بامغرب ،مثل كتاب الشيخ خليل في المذهب المالكي إنه مؤلف عظيم البركةء غزير المادة ،جم الفائدة .يجد فيه عشاق الفقه المقارن بغيتهم المنشودة .ونافذة يطلون منها على حديقة الفقه الإباضى الذي ظل مغموط الحق© مغمور الجانب ...كان ولا يزال من لدن حياة مؤلفه ال أيامنا موضع اهتمام وعناية من علماء الإباضية وغيرهم درسا وتدريسا وإفتاء وقضاء ،وشرحا ونظما وترجمة وأتاه الله إلى ذلك قبولا من تلف طبقات الطلاب ،فلا تكاد تجد دار علم ف ميزاب على الأخص إلا وتجد كتاب النيل على رأس قائمة كتبها المقررة» (". كما ترك في بلدته مكتبة زاخرة بالكتب والمخطوطات التي جمعها طوال حياته لا تزال للى اليوم شاهدة على مكانته العلمية .وهي تحمل اسم مكتبة الاستقامة. إن نبوغ الشنيخ الثميني العلمي خول له كذلك تولي مشيخة العزابة والمسجد في بلدته بني يزقن بعد أن خرج من عزلته وعاد إلى نشاطه الدعوي من جديد فكان يلقي دروسه من منبر المسجد ،ويقوم بمهمة الوعظ والإرشاد والفتوى. بهذا العمل الدؤوب على جبهات متعددة انتهت إليه الإمامة العلمية عند [باضية الجزائر في وادي ميزاب فاسندت إليه مشيخة مجلس عمي سعيد؛ الهيئة العليا للفتوى ني وادي ميزاب فقام بجهده من خلالها في تنسيق الجهود ومحاربة الفتن والحد منالخلافات والقضاء على البدع(. كانت وفاته سنة2221ه 8081 /م بعد ‏ ٢قضى حياته مجاهدا في سبيل نهضة مجتمعه ومحاربة الباطل فيه. ( )1بكلي :مقدمة على كتاب النيل للشيخ الثميني ،ص4 ص .335معجم اعلام الإباضية :ج.3 )(2 731البحث الثالث :المراحل الإعدادية للنهضة الإصلاحية ۔.تقويم جهوده قي الإصلاح: خلص بعد هذا العرض أن عهد الشيخ الثمينى هو مرحلة ثانية من عهد الشيخ الأنضليء وشحنة جديدة في درب جهوده في الإصلاح والتعليم بالمبادئ والأهداف والأفكار نفسها؛ تركيزا على مجال إعداد الأجيال مع بذل الجهد في التغيير من حال المجتمع وإصلاحه. كما أن الظروف العامة التى عاش فيها الثمينى لا تختلف عن ظروف الأنضلي فهما من بلدة واحدة وعاشا فترة من الزمن معا وحملا نفس الهموم والآمال وتعاونا على إنجازهاء إلا أن فترة الثميني بدأت تظهر فيها الثمار الآولى لعصر الأنفضلي. وذلك من خلال تلاميذه الذين حملوا المشعل مع الشيخ الثمينى وأعانوه في الإصلاح. تقاسموا الأدوار بينهم حتى اطمان إليهم وقرر الاعتزال والتفرغ للتاليف والكتابة ،وترك فهم مجال الدعوة والإصلاح لفترة من الزمن. لعل أبرز ما تميز به عهد الشيخ الثميني هو إضافة حلقة جديدة لم تعهد من قبل في الإعداد للنهيضة ،هي مجال البحث العلمي والتاليف والتقعيد للعلوم الشرعية في ثوب جديد معاصر؛ بتلك المصنفات القيمة التى خلفها لنا ،والتي بقيت إلى اليوم لمصادر الأساسية لإباضية الجزائر وغيرهم في مجرفة أصول المذهب في العصر الحديث كما أضحت المصادر المعتمدة في مناهج التدريس والتعليم في مدارس وادي ميزاب ومعاهدها. فهو بذلك حرك عجلة البحث والتاليف بعد ما ركدت لزمن طويل. إذن :يمكن لنا أن نعد دوره بداية قوية لعصر وضع المصادر الشرعية للنهضة الإصلاحية الحديثة. كما ينبغي تسجيل أن عجلة.ا لعلم تحركت ف عهده-ولو ببطء-وبدات ف وذاق ا لناس حلاوة ثمارهاوأعطت باكورتها الا ولىشق طريقها ‏ ١لصحيح. وتنعموا بها .عن طريق تخرج الدفعات الآولى من مدرسة الأفضلي والثميني. الفصل الثاني :جذور النهضة الإصلاحية ومراحلها الإعدادية. 08 سذا على الصعيد العلمي 6أما على الصعيد الاجتماعي فينبغي تسجيل أن لمجتدع في عمومه لم يتائر كثيرا باعمال الأفضلي ولا باعمال الثميني ومن كان: معهما رغم جهودهما المضنية في سبيل الدعوة والتوعية ،إذ بقي الإصلاح في مهده يراوح مكانه ،بينما بقيت قوى الجمود والفساد مستحكمة ،رغم المزات العنيفة التى تلقتها على يد الشيخين وتلاميذهما ،والتي ستكون البداية الفعلية للعد التنازلي ‏١لضعف هذا التيار وأفوله. مع ذلك فإن القرن الثامن عشر الميلادي يعد قرن استحكام الفتن والصراعات وقرن الجمود الفكري الذي انتاب عموم وادي ميزاب. كما ينبغي التسجيل أن حركة تلاميذ الشيخين بدأت تقوى وتنسق الجهود بينها على مستوى قرى وادي ميزاب وبدأت تنتشر في مفاصل المجتمع وتحاول التسلق إلى مراكز المسؤولية والقرار رافعة راية الدعوة والإصلاح. هذه الحركة التي تكونت في صمت‘ وعلى هامش الأحداثث لم يؤبه بها في بادئ أمرها ،إذ لم تكن مزعجة للمصالح ولا مهددة للمناصب ولم تكن رؤوس الفساد والجمود مدركة لأبعادها ،ولا متصورة مخاطرها المستقبلية عليهم وعلى كراسيهم وعلى مصالحهم المادية والمعنوية. لا أنها كانت تعد العدة وتكون الأجيال استعدادا للتغيير الشامل والنهضة الجارفة. عهدهاهذا عن عهد الشيخ الثمينى فكيف تواصلت النهضة وا لإصلاح ف الثالث؟ -3الصلاح في عهد الشيخ امحمد اطفيش: إذا قلنا عن عهد الشيخين ا لأنضلي والثميني أنهما عهدا التمهيد للنهضة في . .مجالها الاجتماعي والعلمي ،فإنه يحق لنا أن نقول عن عهد الشيخ اطفيش إنه عهد التمكين للنهضة في مجالها العلمي ،وعهد مواصلة الجهود في المجال الاجتماعي. 931البحث الثالث :المراحل الإعدادية للنهضة الإصلاحية اطلق علماء الإباضية على الشيخ اطفيش تسمية قطب الأمة" وتسمية ابي النهضة الإصلاحية الحديثة .وواضع أسسها العلمية ،ومكون أجيالا في مناحي الحياة المختلفةا ،دون الاستنقاص من جهود الشيخين السابقين ومن كان معهما من تلاميذهما. في حقيقة الأمر إن الناظر إلى جهود الشيخ اطفيش يجد نفسه في حيرة من إمكانية حصز مجالاتها ،واستيفاء حقها من التحليل والشرح ،وبيان أبعادها ونتائجها على وادي ميزاب وعلى خارجه من الجزائر والعالم الإسلامي. ذلك أن الشيخ قد عمر طويلا وقضى حياته في عمل دؤوب مستمر على جبهات عديدة متنوعة ،وخلف آثارا كبيرة على مستوى الحياة العلمية والاجتماعية لإباضية الجزائر ،لا يزالون يكتشفونها وينتفعون بها إلى حد اليوم. عبر عن هذا الإحساس الشيخ عبد الرحمن بكلي أثناء كتابة بجوث عنه قائلا« : إن من يحاول الإلمام بحياة قطب الأمة الشيخ الحاج امحمد بن يوسف اطفيش‘ الحافلة بجلائل الأعمال ويتبع جوانبها الواسعة ،ويستقرئ إنجازاتها العظيمة لخير الإسلام والمسلمينك إنما يرتقي مرتقى وعراء ويحاول عسيرا أو شططاء ويتحمل ما لا طاقة له به ،وإن بذل المجهود الكبير ،وادعى القوة والاستطاعة على ذلك. كتب عن الشيخ اطفيش كتاب كثيرون من علماء الإباضية وعلماء الجزائر ومن العالم الإسلامي ومن المستشرقين؛ حتى صعب حصرهم وحصر أبحاثهم ومقالاتهم حوله ،كما أعد الكثير من الباحثين دراسات أكاديمية مستفيضة حول ) ) 1أطلق عليه العالم الإباضي العماني نور الدين السالمي لقب :قطب الأيمة .انظر :معجم أعلام الإباضية: ج .4صر.538 ) (2جمع على ذلك كل من كتب عن الشبخ اطفيش .ينظر مثلا :بكلي :محاضرات البكري ،ص .121دبوز: نهضة الجزائر الحديثة ،جا .ص .982ناصر :حلقة العزابة؛ ص . 02كعباش :العطظفت©ؤ تاجنينتث ص.07 ( )3بكلي :محاضرات البكري .ص! 81 الفصل الثاني :جذور النهضة الإصلاحية ومراحلها الإعدادية140 جوانب من شخصيته العلمية كل حاول أن يتناوله من زاوية معينة 6ويكشف عن آرائه وفكره. في حقيقة الأمر-حسب ما ارى-إنه لم يحظ أحد من علماء الإباضية المتقدمين ولا المتأخرين بالاهتمام والدراسة لشخصيته وفكره مثل ما حظي به الشيخ اطفيش. وقد اجمع كل من كتب عنه واطلع على تراثه العلمي على تمكن الرجل وتبحره في العلوم الشرعية وعلو كعبه فيها .وعلى عمق فكره وأاصالته‘ وعلى نظرته التجديدية لمسائل الذين. نحاول أن نشير إلى أهم من كتب عنه: كتب عنه الشيخ إبراهيم حفار في كتابه السلاسل الذهبية في الشمائل الطفيشية ،والشيخ أبو اليقظان في ملحق سير الشماخي ،والمؤرخ محمد علي دبوز في كتابه نهضة الجزائر الحديثة .والأستاذ على يحيى معمر في كتابه الإباضية في موكب التاريخ .والأستاذ أحمد توفيق المدني في كتابه كتاب الجزائر ،والدكتور أبو القاسم سعد انه في موسوعته تاريخ الجزائر الثقافي، والدكتور عبد الله ركيي ني كتابه الشعر الديني الجزائري ،والأستاذ أحمد بن حمزة الرفاعي في وثيقة حول تدريس الشيخ اطفيش بالمسجد النبوي©، والأستاذ الزركلي في معجمه للأعلام .والأستاذ بكير أعوشت في كتابه قطب الأيمة حياته وآثاره الفكرية وجهاده ،والأستاذ جهلان عدون في رسالته للماجستير بعنوان الفكر السياسي عند الإباضية من خلال آراء الشيخ اطفيش ،والدكتور يجى بوتردين في رسالته للماجستير بعنوان الشيخ اطفيش ومذهبه ني التفسير مقارنة إلى تفسير أهل السنة ،والأستاذ عكي علواني في رسالته للماجستير بعنوان منهج التفسير عند الشيخ اطفيش ،والدكتور مصطفى وينتن في رسالته للماجستير بعنوان الآراء العقدية للشيخ اطفيش. ع'!( ي كتابه:والمستشرق بيار كبرلي ))! 141المبحث الثالث :المراحل الإعدادية للنهضة الإصلاحية ا! ء .والمستشرق دافيد لويس (5نناه] ل¡)2٧‏ في كتابه:س' ]‘.ح' ارتاينا التعريف بها وفقالنهضة وا لإصلاحنظرا لتشعب جهود القطب ف التقسيم ا لآتي : _ 1جهوده العلمية ف ‏ ١لتعليم والتربية. 2جهوده العلمية ف التأليف/ . 3۔ جهوده في الإصلاح ا لاجتماعي . عجابهة الاستعمار.ف - 4جهوده علاقاته العلمية والسياسية.5 فمن هو الشيخ امحمد اطفيش وما هي جهوده في النهضة والإصلاح ؟ هو امحمد بن يوسف اطفيش ولد سنة 7321ه1281 /م في بلدة غرداية لما < أخوه الأكبر إبراهيم الذي أخذ عنه نصيبا من العلم في الفقه والنحو كما حفظ القرآن الكريم وهو ابن ثماني سنوات ،ولازم حضور حلقات العلم في بلدته بني يزقن مثل :حلقة الشيخ عمر نوحا“ ،وحلقة الشيخ سليمان بن عيسى كما كان ينتقل إلى بلدة غرداية ليحضر دروس حلقة الشيخ بابا بن يونس. بعد أن أخذ هذه المبادئ شمر عن ساعد الجد للاستزادة من التحصيل والتكوين في عزيمة وإرادة لم تعرف الكلل والملل ،اعتمادا على ما وهبه الثه تعالى من ذكاء حاد وذاكرة قوية وإقبال على العلم وشغف ونهم. ) (1يراجع قي ذلك :معجم اعلام الإباضية .ج ،4صر.948- 848 ( )2عمر بن سليمان نوح( :ت2921 :خه5781 /م) من مشايخ بني يزقن بوادي ميزاب ،كان قاضيا في بلاته وفتح معهدا فيها ،تولى التدريس فيه وتخرج عليه عدد منالطلبة .كما تولى التدريس ببلدة مليكة .معجم اعلام الإباضية :ج .3ص.346 3681م) من مشايخ بلدة غرداية ،تولى( )3يابه بن يونس الغرداوي( :ت أواسط :ذي الحجة 0ھ/ التدريس والإفتاء والوعظ بالمسجد .المرجع نفسه:ج .2ص.541 الفصل الثاني :جذور النهضة الإصلاحية ومراحلها الإعدادية142 انكب على دراسة الكتب والمصادر التى بين يديه معتمدا على نفسة ومستشيرا من حوله من المشايخ فيما يمكن أن يشكل عليه أو يستعصي عليه فهمه واستيعابه. كما علم عنه حرصه على امتلاك الكتب بشرائها أو استنساخها؛ حتى تجمعت بين يديه مكتبة ثرية غنية في شتى العلوم كانت ركيزته في التكوين والتحصيل.'"١‏ | ۔جهوده العلميت في التدريس: أولى القطب عناية خاصة بمجالين حيويبن .وأعطى هما أهمية في حياته ووهبهما زهرة شبابه وعصارة عمره؛ هما التعليم والتأليف ،وعذهما من الأولويات التي لا ينبغي التنازل عنهما أو التراخي فيهما بأي حال من الأحوال وباي عارض من عوارض مهما كان ،فقضى حياته وفيا لهما مشتغلا بهما مبدعا أدرك منذ الوهلة الا ولى من شبابه أنه من الضروري مواصلة جهود مشايخه السابقين في مجال التعليم والتربية ،كما أدرك أن الوصول إلى الإصلاح الشامل للمجتمع .وتغيير أوضاعه والقضاء على المفاسد فيه لا يتأتى دفعة واحدة بل أن تربية الأجيال وتنشثتها على الخلق القويم ،وتزويدها بالعلم النافع هو أخير سبيل للوصول إلى هذا الإصلاح. لذا انبرى هذا الميدان بكل حماسه وطاقته الفياضة وهو لا يزال في ريعان شبابه ،وقبل أن يتم مراحل تكوينه ،فما إن أحس من نفسه النبوغ والمقدرة ويربيالعلم يعلم ويدرسعلى أداء هذه الأمانة حتى نزل إلى حلقات ويهذب© كما أنه لم ينقطع عن هذه المهمة إلى اخريات حياته رغم عجزه وكبر سنه بعد أن بلغ التسعين من عمره. يقول عنه الشيخ إبراهيم القرادي ني هذا الصدد :ه ما يجب أن يعرفه الناس عن هذا الإمام العظيم الذي عاش أكثر من تسعين عاما ،فقد حدثنا التاريخ أنه بدا ( )1دبوز :نهضة الجزائر الحديثة .جا ،ص.982-213 341|البحث الثالث :المراحل الإعدادية للنهضة الإصلاحية التليف وعمره ستة عشر عاماء ومات وعمره ست رتسعون عاما وقد أجاب برسائل عن أسئلة شرعية أياما قبل وفاته ...وقد كانت حياته حافلة بجلائل الأعمال ،عامرة بالجد المتواصل لا يفارق بلدته ولا مجلس تعليمه إلا لضرورة قصوى كالحج أو بعض الرحلات للدعوة إلى الثه لا تتجاوز بريان والقرارة أو وارجلان» (. أطال انثه في عمره حتى رأى بام عينيه ثمار جهاده في مجال التربية والتعليم؛ في اوللك العشرات من التلاميذ والطلبة الذين تكونوا وكبروا وصاروا مث۔ايخ وعلماء ،يرفعون معه الحمل ويعضدون جهوده بإسهامهم في تكوين الأجيال وتبليغ أفكاره وتجسيد آماله وطموحاته في تنوير المجتمع ودفعه إلى خطوات للى الأمام في مسار النهضة والإصلاح. وفقه النه تعالى ومنحه الإرادة والكفاءة العلمية ليفتح حلقة علم خاصة به طورها مع مرور الزمن وأبدع فيها حتى صارت معهدا متخصصا في الدراسات الإسلامية ،طبق فيه تصوره لمنظومة التعليم ،ووضع برامجه وضبط مستوياته والف مقرراته؛ ونظمه في صورة أشبه ما تكون بالمدارس والجامعات النظامية المعاصرة. يجدر بنا أن نقف مع هذا المعهد و نعرف به: التعريف بمعحهدة.؛ إن النبوغ المبكر للشيخ اطفيش ،وعصاميته في مواصلة تكوينه اعتمادا على رصيد الخزائن والمكتبات التي وجدها في بلدته مما تركه مشايخه ومما امتلكه من الكتب ،جعله يستانس من نفسه المقدرة على التدريس وهو .لا يزال في العشرية الثانية من عمره قبل ان يبلغ العشرين ،حين أعان أخاه في التعليم} ثم فتح في داره حلقة خاصة به ،رعاها وحاول تحسينها وتطويرها من حين لآخر حتى أضحت ( )1القرادي :قطب الأيمة ومواقفه السياسية .مقال منشور ضمن كتاب :الشيخ القرادي حياته وآثاره. ص.722 الفصل الثاني :جذور النهضة الإصلاحية ومراحلها الإعدادية144 بعد زمن قصير مجلب الانتباه في بلدته ،ثم بدات أصداؤها تصل إلى قرى وادي ميزاب" وتستهوي الطلبة للانضمام إليها والاستفادة منها. يقول الأستاذ حمد علي دبوز ...« :فاحب القطب مهنة التعليم لمزاجه الديني ايضاء لأنه رآها أكبر عبادة ...وسبب النهضة والتقدم والارتقاء ،فاقبل القطب على التربية والتعليم منذ شبابه الباكر واستمر فيهما إلى أن انتقل إلى ربه ،فكان ما أمضاه من عمره مجاهدا في ميدان التربية والتعليم إحدى وثمانين سنة .وقد تجح كل النجاح ف هذا الميدان ،فثقف جماعات كبيرة من الشباب ونبغ على يده علماء كبار 5وانتشر العلم بفضله في كل المدن الميزابيةه". وبعد بضع سنين أضحى معهده القبلة الأولى للطلبة من كافة قرى وادي ميزاب ووارجلان ،كما قصدها طلبة من تونس وليياا“. وللحفاظ على المستوى العلمي للمعهد المتخصص ف العلوم الشرعية والعربية ،كان الشيخ اطفيش يشترط على طلبته قبل انضمامهم إليه مستوى علميا معينا ومواصفات اخلاقية تتمثل فيما يلي: الاستقامة في الذين والتحلي بالخلق القويم. -استظهار القرآن الكريم. حفظ مجموعة من المتون في الفقه والعقيدة واللغة الق يعتمد عليها في .التدريسر.“١‏ كما قام القطب بتقسيم طلبته إلى ثلاثة مستويات :ابتدائي ،متوسط، عالي .بجسب الأعمار والرصيد العلمي للطالب" وبحسب مؤهلاته وجديته. فكانت طريقته في التدريس تتغير من مستوى إلى آخر كما أن المواد المدرسة تختلف بين المستويات. ( ) 1دبوز :نهضة الجزائر الحديثة ج5ص.853 ( )2معد انه :تاربخ الجزائر التقاني" ج 35ص .2 -462الحاج سعيد :تاريخ بني مزاب ،ص.531 ( )3سعد الفه :الرجع نفسه ،ج 3ص .462-272اعوشت :قطب الأيمة؛ ص.97 541البحث الثالث :المراحل الإعدادية للنهضة الإصلاحية . . وكان يحرص على حضور طلبته جميعا إلى دروسه باختلاف مستوياتهم} فكان يبتدئ بالمستوى الأدنى ثم المتوسط ثم العالي؛ ليحصل التذاكر والمراجعة وترسيخ الفهم وتتثببييتت المعلومات بهذه الملازمة والمواظبة. المستمر علىويتولى الاشرافجميع المستوياتوكان عادة يتولى بنفسه تدريس علىطلبته ومتابعة أخلا قهم وسلوكهم ۔ ومحا سبتهم على أخطائهم ْ فيحرص ترسيخ العلوم والمعارف في أذهانهم" كما يرص على تنشئتهم على الطهر والصلاح والاستقامة. وبعد أن تقدم به السن وكبر استعان ببعض طلبته القدامى لمساعدته في التدريس ومؤازرته في جهوده. من استيعاب الطالب لأفكار الدرس وعناصره ،ويعتمد في ذلك على جملة من الخطوات: شرح المتون وتحليل نصوصها وتبسيط معانيها. إعمال الفكر والتأمل في محتوى الدرس وغناصره. تكرار قراءة المتون بعد الشرح حتى ترسخ معانيها في الأذهان. إثارة الإشكالات العلمية فيها ،لاختبار قدرة الطالب على الجواب بعد الفهم. توجيه الأسئلة للطلبة لاختبار فهمهم للدرس وتتبعهم له. التعليقاتمع كتابةفهمه.وما حالدرسمنما شرحبتدوين -إلزام الطلبة عليه وشرح الغريب من الألفاظ فيه. الاستعانة في الشرح باللغة الميزابية حينما يقتضي الدرس ذلك. أما عن أوقات التدريس فهي تبدا عادة بعد طلوع الشمس للى غاية صلاة الظهر بمقدار ست ساعات ،في غضنون خمسة أيام من الأسبوع؛ من يوم السبت للى يوم ( .)1الحاج موسى :المدارض الحرة٬‏ ص43 - 82 21 الفصل الثاني :جذور النهضة الإصلاحية ومراحلها الإعدادية16 الأربعاء .بينما يوم الخميس والجمعة يعتبران عطلة للطلبة لقضاء مآربهم © والاشتغال ف بساتينهم وزيارة أهاليهم .خاصة للقادمين من قرى وادي ميزاب المجاورة. كما كان القطب يخصص دروسا لبعض طلبته النجباء أو الغرباء في المنتصف الثاني من اليوم بين صلاتي الظهر والعصر أو بعد صلاة العشاء ،كما كان يخصص أمسياته للإجابة عن فتاوى الناس وأسئلتهم .بينهما يخصص ليله للتاليف والكتابةه"“. أما عن المواد المدرسة فهي العلوم الشرعية والعربية من عقيدة وفقه واصول وتفسير وحديث وتجويد ونحو وبلاغة وعروض وأدب وأخلاق ومنطق. وكان حريصا على انتقاء الكتب التي يعتمد عليها في التدريس من أمهات المصادر لدى الإباضية ولدى عامة المذاهب الإسلامية" وفي حالة ما لم يجد ما .يطمئن إليه فإنه يتولى بنفسه تاليف الكتاب في ذلك الفن فيقره على طلبته. درس لطلبته قائمة طويلة من الكتب" تختلف بحسب مستوياتهم نذكر منها ما يلي: أصولوكتا بعقيدة | لتوحيد لعمرو بن جميع' قالعقيدة كتابفدرس الديانات لعامر الشماخىأ‘ ،وكتاب أصول الدين لتبغورين الملشوطى( وكتاب ( )1سعد النه :تاريخ الجزائر الثقانيؤ ج .3ص .272 -462عدون جهلان :الفكر السياسي عند الإباضية من خلال آراء الشيخ امحمد بن يوسف اطفيش" نشر جمعية التراثؤ القرارة .الجزائر دت .ص .801مصطفى وينتن :آراء الشيخ امحمد بن يوسف اطفيش العقديةش المطبعة العربيةؤ غرداية ،نشر جمعية الترات‘ القرارةء الجزائر7141 .ه6991 /م .ص.45-75 ( )2الحاج موسى :المدارس الحرة ص.43 - 82 ( )3عمرو بن جميع ابو حفص( :ق7 :ه[3 /م) أخذ العلم عن الشيخ أبي العباس احمد الدرجيني ،عالم متكلم اشتغل بالتدريس والتأليف .في جزيرة جربة بتونس .عرف يترجمة كتاب :عقيدة التوحيد من البربرية إلى العربية .معجم اعلام الإباضية :ج .3ص.266 ( )4عامر بن علي الشمُاخي( :ت297 :ه!983 /م) من مشايخ الإباضية في جبل نفوسة بليييا 6اشتغل التعليم في مدارس وحلقات قرى جبل نفوسة وتخرج على يده عدد كبير من الطلبة ،كان فقيهاء ترك العديد من الكتب أشهرها :كتاب الإيضاح ني أربعة أجزاء في الفقه المقارن .المرجع نفسه:ج .3ص.105 ( )5تبغورين بن عيسى الملشوطي( :النصف الأول ق6 :ه2!1 /م) عالم من ملشوطة باريغ .له تآليف 741للبحث الثالث :المراحل الإعدادية للنهضة الإصلاحية الموجز لأبي عمار عبد الكافي الوارجلاني!"'& وكتاب معالم الدين الثمين. ودرس في الفقه كتاب النيل للثميني ،وكتاب الوضع لأبي زكرياء الجناوني“ وكتاب أصول الأرضين لأبي العباس أحمده وكتاب الإيضاح لعامر الشماخي. النيل.وكتابه شرح ودرس في أصول الفقه ألفية السالمي؛“‘ .وكتاب الورقات لإمام الحرمين” . ومختصر العدل والإنصاف لأبي يعقوب الوارجلانو(“ عديدة منها كتاب اصول الدين المشهور ب :عقيدة تبغورين .الأدلة والبيان في اصول الفقه .المرجتع نفسه:ج .2صر.802 4714 1م من علماءاء الإباضية بوارجلان .ولد( )1أبو عمار عببدد الكاني بنن ابي يعقوب( :ت قبل05 :ه/ لوجز في7الكلام .الدرجين :طقات المشايخ .ج.2والتليف والفتوىا لمهؤلفات عديدة أهمها: صك .584المرجع نفسه:ج .3ص.935 ( )2أبو زكرياء يحيى بن أبي الخير الجناوني( :ق5ه /ق1 1م) من قرية ”آجاوّن “ بجبل نفوسة بليبيا من مؤلفاته :كتاب الوضع .مختصر في الأصول والفقه{ عقيدة نفوسة .المرجع نفسه :ج .4ص.759 ( )3احمد بن محمد أبو العباس الفرسطائي النفوسي (ت 01 :ذو الحجة 405ه 81 /جوان 1111م) عالم من علماء الإباضية في وارجلان ،أصله من فرسطاء بنفوسة له تآليف كثيرة منها :القسمة واصول الأرضين في ثمانية أجزاء .السيرة في الدماء والجراحات ،كتاب الديات .تبيين أفعال العباد في ثلاثة اجزاء.اللزلجع نفسه:ج .2ص.59 ( )4نور الدين السالمي4191 -9681( :م) عالم إباضي ،ولد بعمان وبها تعلمإ كفيف البصر تفرغ للتدريس والتأليف© ترك ثمانية وعشرين مؤلفا ني ختلف العلوم الشرعية ،نذكر منها :مشارق أنوار العقول في أصول الاين ،طلعة الشمس في أصول الفقه.معجم اعلام الإباضية:قسم المشرق .قرص مضغوط. ( )5عبد الملك بن عبد النه الجويني إمام الحرمين( :و874 - 914 :ه_ /ت580!1 - 8201 :م) ملقب بإمام الحرمين ،من أكبر علماء الشافعيةإ من نواحي نيسابور ،رحل إلى بغداد ثم إلى مكة المكرمة والمدينة المنورة ،ثم عاد إلى نيسابور واشتغل بالتدريس في المدرسة النظامية .له مصنفات كثيرة .منها :العقيدة النظامية في الأركان الإسلامية ،البرهان ،نهاية المطلب في دراية المنهبؤ الشامل الورقات .الزركلي :الأعلام ج ،4ص.061 4711م منأعلا م الإباضية بوارجلان۔ 6درس( )6أبو يعقوب يوسف بن إبرا هيم الوارجلاني( :ت075ه/ بها وارتحل إلى الأندلس فاقام بها مدة من الزمن{ كما قام برحلة إلى ادغال" إفريقيا ،له عدة مؤلفات الفصل الثاني :جذور النهضة الإصلاحية ومراحلها الإعدادية148 ودرس في التفسير تفسير القرآن العظيم للبيضاوي'& وتفسير الكشاف للزغخشري! وتفسيره تيسير التفسير. ودرس في الحديث كتابه وفاء الضمانة. ودرس في النحو :الفية ابن مالك" والآجرومية. ودرس في البلاغة ارجوزته. ودرس في الأخلاق :كتاب قناطر الخيرات للجيطالي{. هذه خلاصة تعريفية موجزة عن معهد القطب الذي اعتكف فيه ورابط لمدة سبعين سنة أو تزيد ،لم يتوقف عن التدريس فيه ولم ينقطع إلا ناذرا جداء في بعض الأسفار الضرورية التى كان القطب يعقدها إلى بعض قرى وادي ميزاب للدعوة أسفاره إلى أداء فريضة الحج.والإرشاد .أو ف اشهرها :العدل والإنصاف في اصول الفقه ،الدليل والبرهان في أصول الدين .الدرجيني :طبقات المشايخ. ج .2ص .194معجم اعلام الإباضية:ج .4ص.0101 ( )1عبد الله بن عمر ناصر الدين البيضاوي(:ت586 :ه_6821 /م) قاض ومفسر ولد في المدينة اللزجع السابقالبيضاء بفارس .من أشهر كتبه تفسيره:أنوار التنزيل وأسرار التاويل .الزركلي: ْص0٥0‏ .11ج.4 ( )2محمود بن عمر الخوارزمي الزغخشري جار اننه(:و835 - 764 :ه /ت4411 - 5701:م) من أئمة العلم والدين والتفسير واللغة والأدب" ولد في زخشر وسافر إلى مكة فجاور بها زمنا فلقب بجار اننه .له ص.1 87العديد من الكتب" أشهرها تفسيره :الكشاف .المرجع نفسه ج.7 ( )3محمد بن عبد اله بن مالك الطائي( :و276 - 006 :ه_ /ت 4721 - 3021 :م أحد علماء اللفة العريية .ولد في الأندلس" من اشهر كتبه الألفية في النحو .المرجع نفسه :ج ،6ص.222 ( )4ابو طاهر إسماعيل الجيطالي( :ت 057ه9431 /م) من علماء الإباضية ،نشا ني مدينة جيطال بجبل نفوسة بليييا» عرف بسعة علمه وبجرأته ف ال مر بالمعروف والنهي عن المنكر سجن بطرابلس .وبعد خروجه من السجن رحل إلى جزيرة جرية فاستقر بالجامع الكبير إلى أن توني وقير هناك‘ له مؤلفات ص. [ 32معجم اعلامعديدة منها:قواعد الإسلام .قناطر الخيرات .الجعبيري :البعد الحضاري .ح1‏٠ ‏. [ ١ ص2الإباضية :ج2 941|البحث الثالث :المراحل الإعدادية للنهضة الإصلاحية وادي ميزاب بالعلم النافععمرواهذا المعهد الذي تخرج منه أجيال متلاحقة وكانت النهضة على أيديهم قائمةش ولقد خرج علماء وأبطا لا وزعماء في عجالات الحياة المختلفة. وقد تميز طلبته بعلو الهمم وبالأخلاق النبيلة وبالوفاء لنهج شيخهم وجمل رسالته وإيصال أفكاره. يمكن أن نذكر أمثلة ممن برز منهم وكان له دور في النهضة الإصلاحية. وسنعود إلى الحديث عن بعضهم في فصولنا القادمة. الشيخ آبو إسحاق إبراهيم بن محمد اطفيشٍ والشيخ إبراهيم بن عيسى ابو اليقظان“ ،والشيخ صالح بن عمر لعلي &والشيخ صالح بن محمد بومعقل“ 6والشيخ عمر بن يحيى المليكي“'6والشيخ إبراهيم بن عيسى . الإبريكي' ،والشيخ عمر بن حمو بكلي۔ والشيخ محمد بن صالح الثميني("'& الشيخ ( )1انظر ترجمته في المبحث الثاني مانلفصل الثالث. ( )2انظر ترجمته في المبحث الثاني من الفصل الثالث. ( )3انظر ترجمته في المبحث الرابع من هذا الفصل. ( )4صالح بن حمد أبو معقل الغرداوي( :أوائل ق41 :ه02 /م) من اعيان غرداية ورجالاتها العاملين مثقف باللغتين العربية والفرنسية .من تلاميذ قطب الأمة الشيخ اطفش۔ سافر إلى باريس ودرس الحقوق حتى بلغ درجة المحاماة ،يرجع إليه الفضل في اعتراف فرنسا بإنشاء حاكم إباضية في كلمنن :الجزائر ج 4 35ص.38وقسنطينة .ومعسكر بالإضافة إلى محاكم وادي ميزاب .معجم اعلام الإباضية: ( )5انظر ترجمته في المبحث الرابع من هذا الفصل. ( )6إبراهيم بن عيسى الإبريكي ( :و3721 :ه7581 /م ت 51 :ذو القعدة 9231ه 6 /نوفمبر1191م أحد مشايخ بلدة القرارة بوادي ميزاب تلقى تعليمه في الجلفة ثم في القرارة ثم في معهد الشيخ اطفيش ببني يزقن ،فتح حلقة علم في القرارة وتخرج على يديه العديد من اعلام الحركة الإصلاحية ،كما تولى الوعظ والإرشاد في المسجد ،ومحاربة الفساد والجهل .معجم اعلام الإباضية :ج .2ص.05 ) (7حمد بن صالح الثمين( :و31 41 :ه 798 /ام-ت0931 :ه 31 /أكتوبر079آم( أحد أعلام بلدة بي يزقن بوادي ميزاب‘ تلقى علومه على يد مشايخ بلدته .وعلى يد القطب الشيخ اطفيش ،وني سنة 7191م سافر إلى تونس لاستكمال دراسته بجامع الزيتونة .اشرف على إدارة البعثة العلمية الميزابية في تونس» وكان له نشاط ضمن الحزب الحر الدستوري التونسي كما كان عضوا في النادي الأدبي التونسي، الفصل الثاني :جذور النهضة الإصلاحية ومراحلها الإعدادية150 إبراهيم بن بكير حفار" والشبخ رمضان بن يحيى اللينى الجربىُ.والبطل المجاهد سليمان الباروني باشا الليي'ة 6والشيخ سعيد بن تعاريت التونسي(‘“ ب۔جهوده العلمية قي التأليف: يمثل التاليف والكتابة للقطب الفضاء الثانى الذي كان يتنفس فيه ولا يستطيع أن يعيش بدونه .أو أن يفرط فيه ،فوجدنا القطب يشرع في التاليف يؤلف منذ بداية شبابه ولم ينقطع عنه إلى اخريات أيامه ،والف وهو مقيم ببلاته ،كما الف وهو مرتحل في أسفاره وتنقلاته حتى وهو فوق دابته تسير به إلى الوجهة التى يقصدها. كما ألف ظهر السفينة وهي تمخر به عباب البحر فكان يصطحب معه أقلامه وقراطيسه حيثما حل وارتحل يغتنم الوقت ويسابق الزمن“١‏ .بعثته الحكومة الجزائرية المؤقتة إل امريكا والغرب لخدمة القضية الوطنية .اسهم في خدمة صحافة أبي اليقظان تخطيطا وكتابة وتصحيحاً وإشرافا على طبعها في تونس .كانت له مكتبة تسمى مكتبة الاستقامة بالقرب من جامع الزيتونة ،قامت بدور فعال في الحركة الوطنية والعلمية .كما ترك كتابات عديدة .المرجع نفسه:ج .4ص.208 .(!) انظر ترجمته ني المبحث الرابع من هذا الفصل. ( )2رمضان بنيجى اللين الجربي( :و5821 :ه8681 /م-ت6631 :ه7491 /م) من علماء جزيرة جربة بتونس ،تلقى العلم ببلدته ثثم بجامع الزيتونة ،ثثم بمصرا ثم قصد معهد الشيخ اطفيش ببني يزقن فاستزاد فيه علماء ثم عاد إلى جربةواشتغل بالتدريس والوعظ في مساجد ثم قصد جبل نفوسةللتدريس ومكث فيها نحو عامين ،ثم عاد إلى جربة مواصلا رسالته الدعوية كما اهتم بطبع ونشر كتب التراث. معجم اعلام الإباضية :ج .2ص.703 ( )3سليمان بن عبد الله الباروني9531 - 7821( :ه0491 - 0781 /م) زعيم سياسي ومجاهد لبي .ولد في كباو بليبيا .وتعلم ني تونس والجزائر ومصر .قاد الثورة ضد الاستعمار الإيطالي ي غرب ليبيا ،اختارته الدولة العثمانية نائبا ني جلس المبعوثين ممثلا عن بلده .تنقل بين العديد من الدول واستقر به الأمر في عمان .المرجع نفسه :ج .3صر .624الزركلي :الأعلام؛ ج .2ص.921 ( )4سعيد بن علي الجربي ابن تعاريت( :و9821 :ه2781 /م-ت5531 :ه_639 /ام) من مشايخ جزيرة جربة بتونس تعلم ببلدته ثم التحق بالزيتونة وواصل دراسته بها .ثم ارتحل إلى الجزائر ودرس عند القطب ثم استقر بجربة متفرغا للوعظ والإرشاد والتدريس . .معجم اعلام الإباضية :ج .3ص.473 ( )5سعد النه :تاريخ الجزائر الثقاني .ج .3ص .462-272دبوز :نهضة الجزائر الحديثة ج ‏ .١ص. 803 وينتن :آراء الشيخ اطفيش العقدية .ص !6 151البحث الثالث :المراحل الإعدادية للنهضة الإصلاحية كان يخصص صباحه للتدريس والتعليم وليله إلى الساعات الأخيرة قبل الفجر للتأليف والكتابة .وكان ينطلق في ذلك من مبدا وقناعة في نفسه أن هذه النهضة الناشثة لا بد ها من مصادر علمية تنهل منها المبادئ والأصول والمنهج بروح العصر ونظرته المتجددة. ولقد نظر في تراث مشايخه السابقين فوجده شحيحا في هذا امجال ،ووجد عمدتها كتب مشرقية أو كتب لعلماء من ليبيا وتونس يعود معظمها إلى قرون ماضية. إلا ما ابتدا فيه الشيخ الثميني قبله ،ممهدا له الطريق وفاتحا له الأبواب .والذي تفطن قبله هذا الخلل وهذا الثغر فحاول أن يسده بجهد معتبر .فاقتنع القطب بوجوب مواصلة هذا الدرب وملء هذا الفراغ بجهوده وما وهبه انته من معارف وقدرات وعليه أن يتحمل هذه المسؤولية الصعبة المنال التى لا تتاتى لأي كان. كما التفت إلى مشايخ عصره فوجد أكثرهم عاجزا عن القيام بهذه المهمة ووجد الكثير منهم منهمكا في الأعمال الاجتماعية والدعوية ومنشغلا بها 5التى - بلا شك-تستغرق الأوقات وتستنزف القوى .فما كان منه إلا أن يضع هذا العمل في قائمة أولوياته ويسخر طاقاته وقدراته العلمية له. يعدد الدكتور مصطفى وينتن!"" دواعي القطب للتأليف فيما يلي: الاستجابة لرغبة الناس فكثيرا ما كان يؤلف جوابا لطلب صديق أو سائل عن علم أو راغب فيه. تحمل الشيخ واجب التعليم عن الناس حتى يشتغلوا بالعمل. الفراغ العلمي الذي عاشه .إذ رأى أن يتولى سده ليمهد الطريق لتلاميذه لاكتساب العلم والمعرفة. الجانب الإبداعي في كتاباته؛ الذي كان يشعر به الشيخ وهو يؤلف ويعيد بسط العلوم الشرعية. )( ) 1على قيد الحياة) أستاذ بجامعة الأمير عبد القادر للعلوم الإسلامية بقسنطينة. ( )2وينتن :آراء الشيخ اطفيش العقدية .ص26 الفصل الثاني :جذور النهضة الإصلاحية ومراحلها الإعدادية152 إذن :شمر عن ساعد الجد في عزيمة وإرادة جبارة لإنجاز ما آمن به وقضى الأوقات الطوال من يومه وليله في مجال التدريس والتأليف؛ وكان على حساب نومه وراحته؛ اللذين كان يكتفي فيهما بالقدر الضروري فقط ،فخلف لنا كنوزا علمية زاخرة متنوعة في جل مجالات العلوم الشرعية والعربية .أبانت هذه المؤلفات عن غزارة علم وسعة اطلاع وقدرة تحليل ومقارنة ونقد. الف في علوم الشريعة المختلفة من تفسير وحديث وعقيدة وكلام وسيرة وفقه واصول وميراث واخلاق وتبويد ،وفني علوم العربية من شعر ونثر وبلاغة ،وفي علوم إنسانية من تاريخ وديانات وفلسفة ومنطق وحساب وفلك وطب. يمكن أن نذكر أهمها فيما يلي: في التفسير :هميان الزاد إلى دار المعاد ،تيسير التفسير. في الفقه :شرح كتاب النيل ،شامل الأصل والفرع ،الذهب الخالص... في العقيدة وعلم الكلام :شرح عقيد التوحيد إزهاق الباطل بالعلم الهاطل... في الحديث :وفاء الضمانة باداء الأمانة .جامع الشمل في حديث آخر الرسل. في التجويد :تلقين التالي لآيات لمتعالي ،جامع حرف ورش. في السيرة :مسائل السيرة ،شرح نونية المديح... في أصول الفقه :فتح الله :شرح شرح غتصر العدل والإنصاف... في التاريخ :الرسالة الشافية ،إزالة الاعتراض عن محقي آل إباض... في النحو واللغة والعروض :إيضاح الدليل إلى علم الخليل ،الكافي في التصريف بيان البيان ،شرح لامية الأفعال. في البلاغة :ربيع البديع في علم البديع .تخليص العاني من ربقة جهل المعاني. ي المنطق :شرح سلم الأخضري إيضاح المنطق في بلاد المشرق. في الفلك :مطلع الملك في فن الفلك ،مسلك الفلك. 351البحث الثالث :المراحل الإعدادية للنهضة الإصلاحية في الطب :تحفة الحجب في أصل الطب. في الشعر :ديوان نظم قصائد القطب©ؤ القصيدة الحجازية... في الخط :كتاب الرسم. كما له عدد هائل من الأجوبة والفتاوى والردود لا يزال جلها خطوطا بين تراثه ،كما أن الكثير من كتبه ما تزال مخطوطة تنتظر أيدي الباحثين والدارسين لتنقيحها وتحقيقها لترى نور المطابع ويستفيد منها عامة أهل العلم. بهذه الأعمال الجليلة في مجالي التدريس والتأليف تبرز شخصية القطب العلمية" علىى شخصيته الإصلاحية والاجتماعية رغم جهوده التي بنها في هذا جال والتي يمكن أن نتعرض إلى خلاصة منها فيما يلي: ح۔جهوده قي الإصلاح الاجتماعي: تأتي في المرتبة الثانية من اهتمامات القطب بعد التأليف والتدريس مسالة إصلاح المجتمع وبذل الجهد والوقت في محاولة تغيير أوضاعه وتطهيره مما طرأ عليه من مفاسد وبدع وجمود وركود على القديم البالي من التقاليد والأفكار التى لم تعد |صالحة ولا مفيدة للمجتمع بسبب تبدل الأزمان وتغيير الأحوال. لقد عاش مجتمعه في بيئة صحراوية نائية بعيدة عن الحواضر العلمية والعواصم الإسلامية الزاهية .هذا ما جعله يعيش :نوعا من الانغلاق الداخلي ،وعدم التجديد والنظر إلى الآفاق والتأثر بما يدور حوله من أحداث في الأوساط الإسلامية والعالمية" فطغى عليه الركود والجمود على الأعراف والعادات والتي لم تساير تسارع الزمن وتغيره. لعل هذه الحال هي ما عليه جل الأقطار الإسلامية وشعوبها في هذه الفترة الزمنية} التي اتسمت بالركود الحضاري العام ،أضف إلى ذلك حلول المستعمر ( )1معجم اعلام الإباضية :ج .4ص848 - 938 الفصل الثاني :جذور النهضة الإصلاحية ومراحلها الإعدادية!54 بالديار؛ مستغلا هذه الأوضاع مكرسا لها ،محاربا كل صوت ينادي للإصلاح ويرفع شعار التجديد ويدعو إلى الاستفاقة والاستيقاظ والنهوض. بلا شك أن هذا الطريق الوعر والمسلك الصعب قد سار عليه مشايخه من قبله بداية من الأنضلي ثم الثمين وتلاميذهماء فكان لا بد عليه أن ينهج نهجهما ويواصل ما ابتدآ فيه وإلا خمدت جهودهما وذهبت أدراج الرياح وعاد المجتمع إلى ما كان من قبل ف سالف أيامه. كما أن تغيير عادات الناس وإصلاح ما فسد منها لا يتم في وقت قصير ولا في زمن يسير ،بل يحتاج إلى نفس طويل والى جهد غزير ،يستمر لعدة أجيال حتى يقضي على الموروث البالي ويستبدل به الصالح الجديد. ا فتح القطب عينيه وجد مجتمعه يئن تحت وطأة هذه الأوضاع؛ من أمراض اجتماعية أنهكت كاهله وأبطات استفاقته وعطلت تقدمه .فما كان منه إلا أن يتصدى له بدافع الغيرة على الدين وعلى الوطن اللذين يمليان عليه أن يتخندق في )الميدان مصلحا ومرشدا وموجها ومحاربا للركود والخمول. يقول الأستاذ محمد علي دبوز « :لقد دعا القطب مجتمعه إلى ترك البدع الدينية التى يتمسك بها 5ويراها من الدين ،وهي مخالفة للدين .تضره وتفتك به له ا لنوم وا لخمول والضعف ف كل جهاته.وتمنعه منوتسببف كل نواحيه البدع كثيرة .منها ما يتصل بالعقائد© 5ومنها ما يتصلوهذهوالتقدمالنهوض بالأعمال والتقاليد» "". مستعجلا ‏ ١لتغييرمندفعا للا صلاحشبا به متحمسا للدعوة:يبدو أزه كان والقضاء على البدع وما يمس الدين في عقيدته من خرافات وأباطيل ،فصدع بما رآهم ساكتين عنالقوم من مشايخ؛صدارةفأنب ولام من وجد فرآه حقا الباطل أو متساهلين معه ،فدخل معهم في مناقشات ومجادلات تحولت إلى ومصادمات.مشاجرات ( )1دبوز :نهضة الجزائر الحديثة .جا ،ص333 551البحث الثالث :المراحل الإعدادية للنهضة الإصلاحية ومع إصراره على رفع صوته بالحق شكل لنفسه جبهة قوية من المعارضة الرافضة لأفكاره والمعادية لإصلاحاته ،ممن يعشق الجمود على القديم ويرضى بالجهل ،وينتكس للظلم والفساد فشهد هو وطلبته وبعض من انتصر له من مريديه وآمن بخطه الإصلاحى معارك اجتماعية طاحنة .اصطدمت بهذا الجدار .الصلب المتين. كان من هذه البدع ما يمس العقيدة" ومنها ما يمس العبادات؛ من تقديس الأموات ،وزيارة القبور والتعلق بها 5واعتقاد ضرها ونفعها للعباد .والنظرة السلبية للحياة .بكونها دار متاع ولهو وشهوات فقط لذا لا ينبغي للمسلم السعي فيها أو عمارتها أو التنافس على خير فيها ،أو حل مشاكل أهلها ،وإنما ينبغي توجيه العناية للآخرة بالزهد السلبي عن الدنيا .وتركها للغير من المفسدين والمستعمرين .واعتقاد أن الأصل في الحياة الحزن والشقاء والأسى والحرمان والفقر ،وما على الإنسان إلا الصبر وانتظار الموت‘ دون الكد والعمل والسعى وراء الرزق الحلال لتوفير الحياة ‏١الكريمة السعيدة. هذا ما ولد لدى الناس الكسل والخمول والفهم الخاطئ للقدر وصرف أيديهم عن دنياهم وعدم الطموح إلى ما هو أحسن فيها ،وعدم التفكير والتخطيط للمستقبل والإعداد له". كما حفت بعض العبادات من صلوات وصيام باعراف وتقاليد .تحولت في نظر الناس إلى فرائض وواجبات لا يمكن التساهل في أدائها. لقد كان انتقاد القطب في شبابه للمشايخ والعزابة الذين وجدهم على هرم المجتمع وفي صدارته شديدا ونابعا من قناعته بضرورة تغيير هذا الواقع فلامهم على سكوتهم وعدم تمكنهم من الإصلاح وتماطلهم في ذلك ،فحكم عليهم بالضعف في القيادة. ( )1دبوز :نهضة الجزائر الحديثة .ج .1ص932 - 333 الفصل الثاني :جذور النهضة الإصلاحية ومراحلها الإعدادية156 هذا ما جعلهم يبادلونه العداء ويعاكسونه التوجه والأفكار .فاتخذوه عدوا واعتبروه ثائرا خارجا عن الأعراف وعن المذهبؤ فما كان منهم إلا أن ألبوا العامة الجهلة عليه ،واصفين إياه بالابتداع والخروج عن أصول المذهب وأعراف المجتمع وتقاليده العريقة وصوروه لديهم بالخطر المحدق على الدين والمذهب الذي يجب إزالته وإخماد صوته باي حال من الأحوال حتى لا تتسع مفاسده وتنتشر أفكاره وتستفحل أضراره. خاض معارك طاحنة مع هذا التيار وجنده ،دارت فصولها حول سفاسف الأمور في مجال العبادات والمعاملات ،وبجدال عقيم فارغ غير مؤسس شغل الكثير من وقته ،وأهدر الكثير من جهده ،وأعبى قواه العقلية والجسدية .وخلف آثارا شديدة في أعماق نفسه. تسببت هذه المواجهات في محاولة اغتياله ثم التمكن من نفيه خارج بلدته بني يزقن؛ منهزما محصورا حزينا على ما آل إليه وضعه وحالته" فما كان منه إلا أن يتجه إلى البلدة المجاورة بنورة طالبا اللجوء إليها والإقامة به(". يبدو أن هذه التجربة التي خاضها في مجال الإصلاح الاجتماعي في هذه السن المبكرة وما آل إليه وضعه؛ جعلته يعود لنفسه يخلو بها لتقييم مسيرته. ومراجعه منهجه ،وضبط اهدافه ،وترتيب أولوياته .ويبدو أنه استشعر من نفسه أنه قد استعجل الأمر وقد استبق الأحداث وقد أغلظ القول وأاخشن الفعل مع عزابة بلدته وأعيانها .وانه أخفق في كسب قلوبهم ونيل مودتهم ،ولم يجد لعبة شد الحبل معهم. . فما كان منه إلا أن يقرر انتهاج منهج جديد في الإصلاح؛ يولي فيه كل جهوده للتربية والتكوين للاجيال الصاعدة ،الذين سيستقبلهم من كافة قرى وادي ميزاب، ثم يغرسهم في المجتمع في كل مفاصله ليتولوا الإصلاح بدلا عنه ويتدرجوا فيه ويبثوا أفكاره وتوجيهاته وآماله ني النهضة. ( )1جهلان :الفكر السياسي" ص.501وينتن :آراء الشيخ اطفيش العقدية .ص53 - 03 751البحث الثالث :المراحل الإعدادية للنهضة الإصلاحية كما يولي عنايته بالتاليف والتقعيد للعلوم الشرعية بروح عصرية جديدة. تعتمد عليها النهضة مستقبلا وتستقي منها أفكاره وآراءه. وفي المقابل يقلل من جهوده الإصلاحية على مستوى المجتمع ويغير أسلوبه. حتى يحين الوقت الذي تنضج فيه بعض الأفكار وتزول فيه بعض العقبات. ويصفو له الجو ،وينتشر الوعي عن طريق التعليم والتثقيف ،وعن طريق تلاميذه الذين سينتشرون في أرجاء وادي ميزاب لإبلاغ أفكاره وقناعاته وتحقيق آماله في النهضة والإصلاح. لذا ففي حقيقة الأمر إنه بعد حادثة نفيه من بلدته لم تعرف له جهود واضحة في مجال الإصلاح الاجتماعي،فترك ذلك لغيره رغم عدم رضاه بكثير من الأمور التى كانت تدور حوله ،كما لم تعرف له مشاريع اجتماعية أو أعمال في هيكلة لمجتمع وتنظيمه؛ إلا ما كان في دروسه الملسجدية من دعوة وإرشاد بعد أن عاد إلى بلدته وفي زياراته المتكررة لقرى وادي ميزاب. فعلا كانت هذه الوقفة نقطة تحول مجدية له ومجتمعه ولحركة النهضة في وادي ميزاب عموما ،حيث وهب نفسه للتعليم والتاليف ،وخرج أجيالا متلاحقة تعد بالمئات" حملت لواء الإصلاح والنهضة في زمانه وبعد وفاته بلغت ما لم يتمكن هو أن يبلغه .وحققت ما طمح هو أن يحققه. بعد أن قضى سبع سنين في منفاه بالبلدة المجاورة بنورة ،تغيرت الأحوال في بلدته من موت بعض المشايخ من رؤوس معارضيه الجامدين على القديم .الذين يستسيغوا أفكاره التجديدية .ومن رؤوس الجهل والحسد والفساد فاستشعر بعض أعيان بلدته أنهم قد أخطؤوا خطا جسيما في فعلتهم بطرد الشيخ اطفيش ،وأن ينقص من عزيمته شيئا ،ولا من مكانته العلمية بين الناس بل ازدادت أكثرذلك بعد أن فتحت له الأبواب على مصراعيها في بنورة وأحسنت استقباله وإيفاده. ووفرت له الظروف المساعدة للتدريس والوعظ والدعوة. فما كان من الطلبة إلا أن غيروا وجهتهم نحو الشيخ في إقامته الجديدة متتبعين آثارهم مقتفين طريقه مستنيرين بعلمه متزاحمين على حلقاته. الفصل الثاني :جذور النهضة الإصلاحية ومراحلها الإعدادية18 واستشعر أعيان البلدة أن قبلة النهضة قد تغيرت من بلدتهم التي كانت تشع منها ايام كان القطب بينهم .وقبلها في ايام الشيخين الأفضلي والثميني إلى بلدة بنورة ،فما كان منهم إلا أن أجمعوا أمرهم وأقنعوا أنفسهم بضرورة الذهاب إلى الشيخ وتقديم الاعتذارات بين يديه وترجيه بالعودة إلى ديارهم. وفعلا تم ذلك ،واستجاب الشيخ لطلب الأعيان وعاد إلى بلدته في عزة وتمكين ،فعين رئيسا لعزابتها وشيخا لمسجدها ،وأصبحت مفاتيح البلدة بين يديه يامر وينهى بما يراه صالحا ،ويدعو إلى ما يراه نافعا من الأفكار والكراء«"‘. استأنف نشاطه الدعوي من جديد وانبرى من منبر المسجد داعيا إلى النه وناشرا للعلم بين الناس ومبينا طريق الفضيلة والصلاح والاستقامة. فعاد لبلدته بني يزقن من جديد وجهها المشرق وريادتها العلمية .فصارت كما كانت من قبل قبلة النهضة والإصلاح في وادي ميزاب‘ يقصدها الطلبة والوفود والأعيان من كامل قرى وادي ميزابؤ للاستفادة من علمها ومعاهدها وتجاربها. استمر الشيخ في جهاده العلمي والاجتماعي إلى أن وافاه أجله عن عمر يناهز السادس والتسعين عاما وذلك سنة 2331ه4191 /م . د ۔علاقاته العلميح والسياسيہ: إن المكانة العلمية المرموقة التي بلغها الشيخ اطفيش بتآليفه وتدريسه خولت له أن يتبوأ مقعدا متميزا بين أهله في وادي ميزاب ،ثم لربط علاقات مع شخصيات علمية رفيعة ،ومع حكام وسياسيين بارزين في عهده: ولعله بذلك تميز عن مشايخه وعن العلماء السابقين له ،حيث بقيت جهود معظمهم لا تبرح وادي ميزاب ،وفي أحسن الأحوال تتعداها إلى علاقات مع لمناطق المجاورة من الجزائرش ولى اتصالات مع علماء الإباضية في مناطق وجودهم من تونس وليبيا وعمان. ( )1وينتن :آراء الشيخ اطفيش العقدية6 .ص.3 951البحث الثالث :المراحل الإعدادية للنهضة الإصلاحية أما الشيخ اطفيش فكان بحق شخصية عالمية بكل ما تحمل الكلمة من معنى رغم صعوبة الاتصالات في زمانه .ورغم الموقع الصحراوي النائي في شمال إفريقيا الذي وجد فيه ولم يفارقه إلا قليلا. لعل ذلك كان نابعا أساسا من نظرته إلى الوجود ونظرته إلى أحوال الأمة لا‏ ١لأرضالاسلامية .القى اقتنع فيها أن تغيير أحوالها والتمكين لها واستخلافها ف صفوفهم وتنا سي خلا فاتهم وتوحيدا لمسلمين © ورصيتأتى ‏ ١لا تجمع شتات كلمتهم والاستفادة من خبرات بعضهم البعض . هو بنفسه أن يساير أخبار المسلمينحرصهذه النظرة وهذه القناعة جعلته ويتابع قضاياهم في أرجاء العالم ويتأثر بها ويهتز ها ويفرح لفرحها ويحزن لحزنها. في حقيقة الأمر لم يكن الوصول إلى الريادة العلمية والتزبع على عرشها في الاجتماعية الحيطة به .ولقوة المعارضة التينظرا للظروفمجتمعه بالأمر الميسور لاقاها من خصومه الذين منهم مشايخ العزابة وأعيان البلد 5لولا جهاده الدؤوب في مجال التدريس والتأليف ،الذي أحاطه بجماعة كبيرة من المريدين طلبة وأعيانا ومن مختلف طبقات المجتمع .مكنته من الثبات والسير قدما نحو القيادة والسيادة حتى عين شيخا على مسجد بلدته بنى يزقن ،وأصبح قبلة وادي ميزاب في مجال التدريس وا لاستفتاء وأخذ المشورة والرأي . العزلة عن نفسه بوجودهتزامنا مع هذه الجهود سعى الشيخ أن يفك حصار ف هذه البقعة النائية بربط علاقات علمية وسياسية مع حملة من العواصم والحواضر الإسلامية والعالمية. ارتحلواالذينفراسل العلماء ومراكز العلم 3واستخدم طلبته ف ذلك؛ خاصة فكانوا الواسطة بينه وبينهالمواصلة مشوارهم العلمي أو العملي ف هذه الحواضر ‏ ١لتعريف بكعموما أسهمت فمصر وفي ‏ ١مشرقكما آن كتبه ‏ ١لتي طبعت ف وبمرتبته العلمية(". ( )1سعد النه :تاريخ الجزائر الثقاني" ج .3ص .272 -462وينتن :آراء الشيخ اطفيش العقدية .ص 5 1 الفصل الثاني :جذور النهضة الإصلاحية ومراحلها الإعدادية160 ا راسل علماء وشخصيات من مختلف مدن الجزائر7ومن البحرين والحجاز وعمان ومصر وتونس وليبيا وفاس والقسطنطينية وبعض العواصم الأوربية. والشيخ نورفاتصل مثلا بالشيخ محمد عبده والشيخ أجد زيني دحلان 3 الدين السالمي والشيخ محمد سليمان حسب الها } والشيخ محمد حقي(' 3والشيخ رحمة الله بن خليل الرحمن الهنديه .والملستشرق الفرنسيماسكوراي .٥‏) كما ربطته علاقات مع عدد من الحكام والسياسيين مثل علاقته بسلطان الدولة العثمانية عبد الحميد الثاني ،فكان يرى في دولته أمل الأمة في احياء مجدها وإقامة وحدته وتجديد دينها رغم ما كانت تعانيه من أمراض وكونها تمر بآخر عهدها. وربطته علاقات بسلطان عمان وإمامها وسلطان زنجبار فعمل بها على توطيد الأواصر بين إباضية المغرب وإباضية الملشرق ،وتمكن من خلالها من إيصال كتبه ومؤلفاته الموسوعية إليهم وطبعها ني بلدانهم. )1( :احمد بن زيني دحلان4031 - 2321( :ه6881 - 7181 /م) نقيه مكي ومؤرخ .تولى الإنناء والتدريس .من تصانيفه :الفتوحات الإسلامية .خلاصة الكلام في أمراء البلد الحرام .الزركلي :الأعلام جا .صل.921 ( )2محمد بن سليمان حسب الله5331 - 4421( :ه7191 - 8281 /م) فقيه شافعي من أهل مكة .له كتاب :الرياض البديعة ني أصول الدين وبعض فروع الشريعة .المرجع نفسه:ج 665ص7 251_ ( )3محمد حقي بن علي النازلي( :ت1031 :ه4881 /م) متصوف من علماء آيدين .توفي بمكة ،له تآليف عديدة منها :السنوحات المكية ،اسباب القوة ،طب القرآن .المرجع نفسه :ج }6ص.801 ( )4رحمة النه بن خليل الرحمن الهندي الحنفي نزيل الحرمين :باحثؤ عالم بالدين والمناظرة .جاور بمكة وتوفي بها .له كتب منها :التنبيهات في إثبات الاحتياج إلى البعشة والحشر واليقات ،إظهار الحق. .توفي سنة 8ه .المرجع نفسه:ج.81 .3 ( )5معجم اعلام الإباضية{ ج ،4ص. 848وينتن :المرجع السابق .ص25 ) (6قاسم الشيخ بالحاج :منكرات من أعماق جزيرة زنجبار ،منشورات النبيين الجاحظية. 2هھ1002 /م؛ صر .756وينتن :آراء الشيخ اطفيش العقدية .ص.35 161البحث الثالث :المراحل الإعدادية للنهضة الإصلاحية وقد كانت له علاقات مع السلطات الاستعمارية الفرنسية جكم وجودها في بلده وسيطرتها على دواليب الحكم فيه ،فكانت مراسلاته معها-سواء على مستوى وادي ميزاب أم الجزائر -تتضمن احتجاجات ومطالبات بحقوق السكان ورفع الظلم والغبن المسلط عليهم.'١‏ ه۔ جهوده قي مجابهخ‌ الاستعمار: كان من أقدار الشيخ اطفيش أنه تزامنت حياته مع دخول المستعمر الفرنسي إلى الأراضي الجزائرية سنة 0381مإ وكان آنذاك في بداية شبابه ،فعاش وتتبع المراحل التي تمكن فيها المستعمر من بسط نفوذه على أرجاء الجزائر ،كما تتبع الخطط الاستعمارية في محاولة طمس قيم الشعب الجزائري المسلم ،وتمزيق منظومته الاجتماعية المبنية أساسا على الموروث الإسلامي العريق. وقد تالم لكل ذلك أيما ال .وتحسر أيما حسرة وكان في كثير من الأحيان يصيبه القنوط والياس من إمكانية خروج المستعمر من الوطن حينما ينظر إلى حال الجزائريين ويعاين أوضاعهم وما هم عليه من تفرق وهوان ،وأحيانا يتفاءل خيرا حينما تصله بعض الأنباء السارة عن المقاومات أو عن إعداد الأجيال فيرى أن ذلك ممكن بل هو قريب. لهذا فقد كانت له صولات وجولات كثيرة مع المستعمر حاول مجابهته بطظرق شتى وبوسائل متنوعة .أحيانا كانت مباشرة وأحيانا كانت بتاليب الرأي العام عليه ،أو عن طريق تحريض الناس في دروسه وفتاويه ،أو عن طريق طلبته ومريديه الذين يستجيبون لأوامره وينصاعون لأفكاره. لما وصل الاستعمار الفرنسي إلى الأغواط وهم باحتلال وادي ميزاب سارع أعيان الميزابيين إلى عقد معاهدة حماية معهم سنة 9621ه3581 /م -كما مر من حياته وآثاره. القرادي :قطب الأيمة ومواقفه السياسية .مقال منشور ضمن كتاب :الشيخ القراد)(1 .111 -2ص .7222-713جهلان :الفكر السياسي ص901 وينتن :اللرزجع السابق .ص .14)(2 13 الفصل الثاني :جذور :انهضة الإصلاحية ومراحلها الإعدادية162 قبل-فاغتاظ الشيخ اطفيش هذا الفعلة التي لم يرض بهاء را:كرها على فاعليها فشنع بعملهم على منابر المساجد ثم أعلن البراءة الاجتماعية م.نهم .كل ذلك لاقتناعه بضرورة مجابهة هؤلاء الأعداء وإعلان الجهاد عليهم لأنهم كفرة مشركون حتلون للرطن'". ‏ ٠وعندما احتلت فرنسا وادي ميزاب سنة 0031ه2881 /م قام بقيادة حركة مقاومة سرعان ما قمعتها قوات الاستعمار واعتقلوا الشيخ ووضعوه تحت الرقابة والإقامة الجبريةث. ل تنقطع المناوثشساتالفترة التي عاشها والملستعمر عحتلا لوادي ميزابوطوال صفهموالمصادما ت بين ا لطرفين.فكان ا لمستعمر يقف مع خصومه ومعارضيه ف يبث سمومه ويثير الفتن ويحرض العامة عليه. ويبدو أن الشيخ قد أرهق كثيرا بهذه المضايقات وهذه المناوشات هسن بني جلدته والتي كانت الأيادي الاستعمارية تحركها من وراء حجاب ،ورأى أنها قد أخذت ا لكثير من وقته وا لكثير من جهده .فاضطر إلى الانسحا ب من الحلبة بتغيير منهج المجابهة العلنية إلى منهج التخطيط والإعداد وتحريك طلبته ومريده بدلا عنة، بينما تفرغ هو للعمل العلمي والتربوي. كما أن الشيخ من جهة أخرى تعامل مع المستعمر على أنه أمر واقع لا مفر منهؤ ولا بد من التعامل معه بطريقة شد الحبل لأخذ الحقوق ورد الظلم، المفاسد.ودرء فكانت له اتصالات كثيرة مع الحكا م وا لمسؤولين ‏ ١لفرنسيبن على مستوى وادي ميزاب ،وعلى مستوى الجزائر وعلى مستوى فرنسا{ يحتج فيها على ( )1يراجع المبحث الأول من الفصل الأول من ص 04إلى ص!.15 ( )2دبوز :نهضة الجزائر الحديثة .جا .ص133 ( )3وينتن :آراء الشيخ اطفيش العقيدة؛ ص93 361.البحث الثالث :المراحل الإعدادية للنهضة الإصلاحية لترارات التعسفية ويطالب بحقوق المواطنينؤ مثل مطالبته بفتح طريق الحج. وتحريم المكس المفروض على التجار في الأسواق وتخفيض الغرامات المفروضة . على الناسسر`"“ ف مقابل ذلك كان للشيخ ‏ ١طفيش تصور متكا مل رسمه ف ذهنه وخطه ف كتبه عن الخطوات الصحيحة التي ينبغي اتباعها لإخراج المستعمر من أراضي المسلمين عموما.. العقيدة الاسلامية الصحيحة والتشبث بها وإخلاصأولها:العودة إل أصول عبادة لله تعالى؛ لأن النصر بيده يؤتيه من يشاء من عباده. وثانيها :سعي ‏ ١لمسلمين لل الاتحاد والتعاون وجمع الكلمة وا لشعور بالمسؤولية تحرير البلاد.المشتركة ف وثالثها :يقظة المسلمين والاهتمام بقضاياهم المهمة وإعراضهم عن السفاسف وعن الملذات والشهوات. ورابعها :وهي الأخيرة الأخذ بأسباب القوة العلمية والمادية لمجابهة العدو التد للند كما أمر النه تعالى في إعداد العدةة“ .‏٠ بغير هذه الخطوات فإن النصر لن يتحقق في نظر الشيخ؛ الذي حمل هم الاستقلالأ لتحرر من أ لاستعمار طوا ل حياته وشغل تفكيره به وتمنى أن يرى نور حالرجال الذينالعدة وإعدادفسعى وعمل لإعدادوأن ينعم بلحظات الانتصار النصر على أيديهم. وتقويم جهوده في الإصلاح : من خلال ما تم عرضه سابقا يتضح جليا أن النهضة في عهد الشيخج اطفيش قفزت قفزة نوعية إلى الآمامإ وأصبحت في موضع من الثبات والتمركز ما لم يكن ( )1الحاج سعيد :تاريخ بني مزاب‘ ص241 ( )2وينتن :المزحع السابق .ص04 الفصل الثاني :جذور النهضة الإصلاحية ومراحلها الإعدادية164 لها من قبلا وما لا يمكن العودة فيه إل الوراء؛ بينما كانت ف العهدين السابقين منحصرة ضعيفة .يمكن إزالتها من الوجود ،فتصبح كأن لم تكن شيئا من قبل؛ استحكام مجموعة من العوامل والظروف المشار إليها آنفا.بسبب على وا دي‏ ١لإصلاحلتعميم فكرةعصراكما يصح اعتبار عهد ‏ ١لقطب رأسهامسقطبني يزقن؛فوا لتوسيع من رقعتها ‏ ٠بعدما كانت منحصرةميزا بث وبواسطة مريديه ومنا صريه.الكثيرين.ونشأتها ‏ ١ل ولى.وذلك بواسطة تلاميذه خاصة عندما شهد له بالتمكن العلمي .وبلوغ درجة الاجتهاد في مذهبه ثم ف عموم الشريعة. كما أنه من الواضح أن الصورة البارزة التي تبلى بها الإصلاح في عهد القطب تمثل في جانبه العلمي والتعليمي" كأولوية لم يتنازل عنها الشيخ ولم يتراخ فيها طوال حياته .وهو بذلك كان مواصلا للجهود السابقة ف التالف والتدريس .فمكن للنهضة في جانبها هذا. ونستطيع القول إن تراثه العلمي مثل الزاد الكافي الذي وظفته النهضة طوال فتراتها القادمة واعتمدت عليه كثيرا؛ فما تزال كتبه في صدارة الترتيب من حيث الأهمية والعمق والتجديد في معرفة آراء الإباضية في تلف فنون الشريعة. كما أن عهد الشيخ اطفيش برز فيه التدريس من خلال معهده بصورة لم تكن مألوفة ف وادي ميزا ب من حيث ا لضبط وا لادا رة وا لتنظيم وا لبرمجة0حيث ا ستطاع الشيخ بما وهبه الثه من جدية في العمل وإيمان برسالته أن يطور معهده وأن ينظمه حتى صيره صورة لما عليها الجامعات في كبرى الحواضر الإسلامية آنذاك. كما برزت آثار القطب من خلال طلبته الذين تلقوا العلم على يديه۔ حيث استطاع أن يكونهم تكوينا معمقا ومتكاملا جمع بين بناء الشخصية الإسلامية ‏ ١لقويمة ‏ ١لقوية وا لتكوين ‏ ١لعلمي ‏ ١لرصين ‘ فتاثروا به تأثرا بليغا3وانطبعوا بشخصيته وحملوا أفكاره. 561البحث الثالث :المراحل الإعدادية للنهضة الإصلاحية فخرج معهده دفعات متلاحقة منهم ملأت مجالات حيوية وحساسة في المجتمع في التدريس والدعوة والفتوى والقضاء والجهاد والحكم والعمل السياسي والتجارة. أضحت مع الوقت قيادات وإطارات ومشايخ وعلماء .حملت لواء النهضة على كاهلها وبلغت بها مرحلة الشدة والتمكين ،وكلها وفاء لشيخها واقتفاء لنهجه. كما أن الشيخ استطاع بجهوده العلمية أن يكسر الجدار المطوق على وادي ميزاب من العزلة عن العالم الخارجي والتقوقع الداخلي ،فيربط علاقات كثيرة بعلماء بارزين ،وبشخصيات سياسية ثقيلة في أرجاء العالم الإسلامي۔ فاوصل إليهم أصداء جهوده العلمية وعرفهم مذهبه وصحح بعض الرؤى حوله. ي مقابل ذلك فإن تفرغ الشيخ اطفيش لمهمة التأليف والتدريس كان على حساب الإصلاح الاجتماعي .الذي لم يول له الأهمية المستحقة رغم ما كان عليه مجتمعه من ركود وجمود ،فلم يستطع الموازنة بين الكفتين ،ولا شك أن ذلك كان عن قناعة لديه؛ خاصة بعد ما باءت تبربته الأولى في الإصلاح بالفشل .وكان أثرها النفسي عليه شديدا إذ نفي من بلدته وطرد منها شر طرد. فلم تعرف في عهده حركية اجتماعية واضحة المعالم غيّر بها وجه المجتمع .ولم تؤثر عنه مشاريع أو أعمال بارزة في إصلاح أوضاع العامة. لذا فإن عهد الشيخ اطفيش-بكل وضوح-هو عهد التمكين العلمي للنهضة عند إباضية الجزائر ،التى ستقوم على أكتافها النهضة الإصلاحية في بقية المجالات خلال المراحل القادمة. الفصل الثاني :جذور النهضة الإصلاحية ومراحلها الإعدادية166 الحث الرا بع: عهد تلاميذ القطب .إن الجهود العظيمة التي بذلها قطب الأمة الشيخ امحمد اطفيش في مجال التعليم خريج العشرات من الدفعات والمئات من الطلبة من معهده في العلوم الشرشية والعربية ،ألقت بظلالها على كامل وادي ميزاب بعد وفاتهس ورسمت صورة جديدة له اتسمت بجملة خصائص ومميزات لعب أدوارها تلاميذ القطب .لذا ارتاينا أن نخص هذا العهد مبحث مستقلش لنتعرف أكثر على خصائص هذا الجيل" الذي سيدفع النهضة الإصلاحية خطوات جديدة إلى الأمام في مساز تطورها وبلوغ قوتها. انتشر طلبة قطب الأمة الكثيرون في كل قرى وادي ميزاب وفي أرجاء الزائر وخارجها؛ ني بعض البلدان الإسلامية وني التجمعات الإباضية في المغرب والمشرق، وكان لهؤلاء الطلبة الفضل في مواصلة مسيرة شيخهم بعد وفاته حيث حملوا لواء ذشر العلم وإشاعة الوعي وبث الإصلاح الاجتماعي والنهوض بالنضال السياسي .حيث تفرقوا في كل مجالات الحياة وملؤوها بالأعمال والنشاط والحيوية. إذ لا نكاد نحمد حركية اجتماعية في نقطة من نقاط المجتمع .ولا في ثغرة من ثغوره خلال النصف الثاني من القرن التاسع عشر إلى غاية النصف الأول من القرن العشرين إلا ونجد أحد طلبة القطب رائدا من روادها وصانعا من صناعها. يقول الشيخ عبد الرحمن بكلي في هذا الصدد :ه والحق إن الجيل المثقف ميزاب على عمومه سواء في عصره أو بعد عصره إلى أيامنا ،من تلاميذه إما مباشرة وإما بواسطة .فقد هيمنت شخصيته على الحياة العلمية هيمنة لم تتح لأحد قبله من علمائه ،وصاغه صياغة جديدة} وطبعه بطابعه الخاص ولا منازع ،فذلك ما قرره التاريخ الحق .وأقره الواقع ،واثبتته الإحصائيات". بكلي :محاضرات البكري 6ص.1 42 )(1 761.للبحث الرابع :عهد تلاميذ القطب استطاع جيل تلاميذ القطب أن يحملوا راية الإصلاح بكل قوة واقتدار ويتفاعلوا مع مستجدات عصرهم ويتصدوا للمشاكل التى تولدت فيها .ويقدموا جهودا معتبرة في سبيل إيجاد حلول لها تضمن للأمة كرامتها وتحفظ فها شخصيتها وخصائصها وتميزها. عملوا بتوجيهات شيخهم وعالمهم الذي نهلوا منه الفكر النير والروح المثابرة رعملوا على نشر تعاليمه في الآفاق" وتجسيد آماله التى كان يصبو للوصول إليها ويتمنى أن يراها مجسدة في أرض وادي ميزاب والجزائر والعالم الإسلامي. في حقيقة الأمر إن انثه تعالى أطال عمر القطب للى أن أراه رأي العين نبوغ الكثير من تلاميذه أمامه حتى صار منهم علماء ومصلحون وسياسيون وقضاة ومشايخ وعزابة وفقهاء وقادة في كل المجالات. لا شك أن إحصاء تلاميذ القطب ومعرفتهم كلهم ليس بالأمر الهين ،فالشيخ قضى حياته في ميدان التعليم! وصرف فيه أزيد من سبعين سنة من عمره ولا شك أن تلاميذه قد تفاوتوا من حيث التحصيل والنبوغ والأثر الاجتماعي والعلمي© وارتفع بعضهم فوق بعض درجات سنحاول تصنيفهم كما يلى: العلم عنده فترة قصيرةس ولم تسمح له ظروف الحياة بالمواصلة - 1صنف تلقى فانقطع إلى الأعمال والتجارة. 2صنف نال منه حظا معتبرا من العلم بأن أتم عنده المرحلة الابتدائية والثانوية ثم انقطع إلى الحياة العملية. 3۔ صنف جلس بين يديه مدة طويلة وتلقى عليه تكوينا عاليا غختصا في العلوم الشرعية والعربية" حتى أصبح من العلماء والمشايخ والفقهاء. ( )1يراجع في ذلك :بكلي :قطب الأيمة وأثره في المجتمع الميزابي ،مقال منشور ضمن كتاب :عحاضرات |البكري" ص .831 -711 ( )2في حقيقة الأمر إن واضع هذا التصنيف هو المؤرخ محمد علي دبوزض إلا أننا أدخلنا بعض التعديلات عليه. دبوز :نهضة الحزائر الحديثة .ج.1ص .733 الفصل الثاني :جذور النهضة الإصلاحية ومراحلها الإعدادية168 4صنف تلقى بين يديه نصيبا معتبرا من العلم" وحمل فكره وروحه ثم انقطع إلى مجالات الحياة المختلفة فبرز بشخصيته الاجتماعية أو السياسية وناضل وجاهد وكان له أثر ودور فعال في الجبهة التي اتجه إليها. 5۔ صنف لم يجلس بين يديه مباشرة متفرغا للتعلم ،إذ حالت ظروفه في الحياة دون ذلك ،إلا أنه أخذ معينا من فكره وعلمه من خلال جلوسه وراء حلقاته وإنصاته لدروسه المسجدية فاستفاد منها وتعلم وتتلمذ عليه بواسطة هذه الطريقة. في حقيقة الأمر إن هذه الأصناف الخمسة من تلاميذ القطب يعدون بالمحات؛ إن لم نقل بالآلاف ،وكل منهم نال حظه من علم القطب وتأثر باخلاقه وشخصيته وفكره ،وعمل بتوجيهاته وانصرف إلى حياته العملية الخاصة يدعو إلى الإصلاح ويناصر النهضة ويؤازر أعلامها ويتجند في صفوفها. بذلك نستطيع القول إن روح القطب وأفكاره وآثاره قد سرت في كل عروق وادي ميزاب .وإن بلوغ النهضة الإصلاحية أوجها خلال منتصف القرن العشرين في عهد تلاميذه وتلاميذ تلاميذه هي من أفضال القطب ،ومما يسجل في صحائفه. كانت التحديات الكبرى في عهد تلاميذ القطب وإشكالاته الحضارية مى امتداد لما كان من قبل ،لذا كان ميدان المجاهدة والمدافعة والمكابدة نفسه في خطوطه العريضة ،مع بروز بعض المحدثات‘ وتلون التحديات السابقة بألوان جديدة. وتشكلها في صور وأنماط حديثة. نستطيع ضبط هذه الجبهات التي جاهد فيها أقطاب عهد تلاميذ القطب فيما يلي: جبهة الإصلاح الديني الاجتماعي بالوعظ والإرشاد في المساجد ،وفي حلقات العزابة بمحاربة المناكر والبدع والتقاليد البالية. جبهة التعليم والتربية بفتح دور العلم وحلقاته وتعليم الناس وفتح المدارس وتفعيل المحاضر وإنشاء البعثات ،ومحاولة تطوير المناهج والبرامج والاستفادة من التجارية الإسلامية المجاورة. 91البحث الرابع :عهد تلاميذ القطب جبهة محاربة الجهل والأمية ومحاصرتهماء اللذين لا يزالان متفشيين في أوساط المجتمع وبحاجة إلى مزيد جهود ومزيد تضحيات في سبيلهما. ۔ _ جبهة مقاومة المستعمر والنضال ضد سياساته ومحططاته ا لتي نشطت ف محاربة الدين ومقومات المجتمع الجزائري والمجتمع في وادي ميزاب خاصة بعد احتلاله سنة 0031ه2881 /م وحكمه حكما عسكريا حاقدا ظالما متجبرا ،عمل ' ببن أفراده .وا لفواحش وا لانحرا فأخلاقه وإشاعة أسباب أ لفجورعلى تخريب التفرقة والنزاع والعصبيات ببن أهاليه وقبائله المتساكنة.وبث ۔ جبهة النضال ضد المستعمر في ما سنه من قوانين جائرة لتجنيد الشباب في صفوف جيوشه ودفعهم إلى جبهات القتال أثناء الحرب العالمية الأولى وما بعدها. ۔ جبهة مساندة حركات المقاومة الشعبية التى عرفتها الجزائر في كامل أرجائها بدعمها بالأموال والعتاد والأسلحة والبارود. جبهة النضال في الحياة المدنية لدى السلطات الاستعمارية الإدارية بتولي وظائف القضاء وعضوية المجالس البلدية ،وقيادة بعض البلدات. جبهة العمل الصحفي ودخول المعترك السياسي النضالي لأجل توعية الجماهير بمسؤولياتها وواجباتها وحقوقها ومحاربة المستعمر وفضح مخططاته والتشهير جرائمه ومفاسده". نزل طلبة الشيخ اطفيش إلى كل هذه الميادين الجهادية وملؤوها باعمالحم وتضحياتهم العظيمة وخاضوا فيها معارك بطولية طويلة وسجلوا فيها صفحات ) (1للاطلاع على جهود تلاميذ القطب ف كل هذه الجبهات تراجع الككب الآتية :معجم أعلام الإباضية. دبوز :نهضة الجزائر الحديثة .كله .دبوز :أعلام الإصلاح ف الجزائر ,.كله .بكلي :مسيرة الإصلاح ف جيل. كله .محمد ناصر :أبو اليقظان وجهاد الكلمة .الشركة الوطنية للنشر والتوزيع ،الجزائرش سنة 0891مإ كله. حمد ناصر :الشيخ إبراهيم اطفيش ف جهاده الاسلامي .اللؤسسة الوطنية للفنون المطبعية{ الرغاية الجزائر نشر جمعية التراثثؤ القرارة ،غرداية{ الجزائر دت{ كله. الفل الثاني :جذور النهضة الاصلاحية ومراحلها الاعدادية170 مشرقة من صور الجهاد والبذل والتضحية الغالية العزيزة ،التي تنم فعلا عن إيمان راسخ .وعن فكر نيش وعن نضج عميق" وعن كفاءات عالية‘ وعن قدرات كبيرة وعن عزائم قوية. تواكبت هذه الجهود من خلال هذه الجبهات مع تطور مسيرة النهضة الإصلاخية ،ودفعت بها لتقطع خطوات إلى الأمام؛ ورسعت من رقعتوا في أوساط الجماهير التى ابتدات تتلقى هذا الإصلاح وتتفهم أهدافه وتشارك فيه وتعمل على احتضانه. إن هذا المبحث لا يسمح بالتفصيل في إبراز جهود هؤلاء الأقطاب والأعلام في كل هذه الجبهات ،وإنما سنكتفي فيه بالتعريف بابرز تلاميذ القطب الذين أصبحوا علماء ،واصبح لديهم شان مميز في تسيير وادي ميزاب وقيادة الحياة العلمية والاجتماعية فيهؤ وإيصالها إلى مرحلة نضجها واشدها ،وسنركز على الذين كانت لهم حلقات علم ومعاهد استطاعت أن تربي وتعلم الأجيال المتعاقبة ،التى انتقل من خلالها الإصلاح والنهضة إلى عهد القوة والتمكين. اخترنا من هؤلاء الشخصيات العلمية الآتية: -الشيخ عمر بن يحيى المليكي. -الشيخ صالح بن عمر لعلي. -الشيخ إبراهيم بن بكير حفار. -الشيخ حمو بن باحمد بابا وموسى. -الشيخ يوسف بن بكير حمو وعلي. أن۔ماذج من جهود تلاميذ القطب: الشيخ الحاج عمر بن يحيى اطليكي.1 ولد في بلدة القرارة سنة4721 :ه8581 /م وتوفي سنة0431 :ه1291 /م. 171.البحث الرابع :عهد تلاميذ القطب تلقى تعليمه في محاضر مسقط راسه ثم ارتحل إلى حلقة الشيخ بابكر بن الحاج حو عامينعندهدرسحيثمسعود ‏ ٤في غرداية ئ شم ‏ ١نتقل إلى معهد ‏ ١لقطب ونصف ثم عاد إلى القرارة وفتح حلقة التعليم في حدود سنة 31 41ه 6981 /م وارتكز جهاده على الجبهات الدينية والاجتماعية والتعليمية. إثر استقراره في بلدته القرارة شرع في حمل عبء الإصلاح مع مشايخ البلدة الذين كان منهم آنذاك الشيخ القاضي محمد الشيخ بالحاج والشيخ إبراهيم الابريكي .وتركزت جهوده في تربية النشء على الأخلاق الإسلامية وإعدادهم ليكونوا شبابا صالحين مصلحين متعلمين في المستقبل. بعد وفاة مشايخ البلدة السابقين انتقلت مشيخة المسجد إليه واصبح شيخ الإصلاح فيها ،مما جعله يتحمل مسؤولية مواصلة مسيرتهم في محاربة الفساد الخلقي المستشري بسبب أيادي الاستعمار وأذنابه القيادث ومحاربة آثار العصبيات والفتن المترسبة في الأذهان من عهد الجهالة والصراعات العشائرية والجهوية التي عرفتها البلدة ومرت بها خلال القرن التاسع عشر. كما تصدى مع رفقائه من رجال الإصلاح إلى مقاومة جبروت الاستعمار وظلمه الأهالي واستعباده لهم بفرض الغرامات والضرائب الكثيرة عليهم. والتعدي على ممتلكاتهم} فكانت لهم فصول مشرفة ومشرقة في سبيل رفع هذا الغبن وإزالة هذا الظلم" مما جعل السلطات الاستعمارية بإيعاز من قياد البلدة الفاسدين يسوقونه إلى سجن تعظميت بالقرب من الأغواط. ( )1بابكر بن الحاج مسعود( :ت5231 :ه7091 /م) قاض بالمحكمة الإباضية بغرداية .تتلمذ على القطب اطفيش ببني يسجن .معجم اعلام الإباضية :ج ،2ص.731 ( )2حمد بن قاسم الشيخ بالحاج( :ت9131 :ه /جويلية 1091م) من علماء القرارة .ورجالها اللصلحين، درس عند والده وعند الشيخ اطفيش ببني يزقن ،تولى الإفتاء والوعظ والإرشاد في المسجد .وكان شيخ حلقة العزابةث كما فتح حلقة علم ف داره" كما تولى القضاء .وحارب الفساد والجهل والعصبيات إل أن اغتيل وسقط شهيدا .المرجع نفسه :ج ،4ص.328 الفصل الثاني :جذور النهضة الإصلاحية ومراحلها الإعدادية172 كما توجه الشيخ إلى الإصلاح الديني والاجتماعي من خلال منبر المسجد بعد أن تولى مشيخته ،فقام بمهمة الوعظ الإرشاد والنصح وإصلاح ذات البين ،حتى أصبح شيخ الإصلاح الأول في بلدته القرارة. كما وجه الشيخ الحاج عمر جهوده الكبيرة إلى جبهة التربية والتعليم وإعداد الأجيال واعتبرها من الأولويات ،وصرف فيها الكثير من وقته" حيث أدرك ألا قيام لأمته ولا فك لسلاسلها وأغلاها من يد الاستعمار وأذنابه لا بتعليم الأجيال وتثقيفهم وتربيتهم ليواصلوا مسيرة الإصلاح والنضال في المستقبل. شرع في التدريس في حلقة خاصة به مباشرة بعد استقراره في بلدته‘ ومع الوقت تزايد عدد تلاميذه خاصة بعد وفاة بعض شيوخ البلدة .حيث انضم إليه بقية الطلبة وسرعان ما وصلت أصداء حلقته إلى أرجاء وادى ميزاب ووارجلان، .فنقصده الطلبة من تلف قراها. عرف الشيخ بشخصيته التربوية وبطيبة قلبه ويحبه الشديد لتلاميذه وتودده إليهم وتواضعه معهم مما جعلهم يطلقون عليه تسمية نور القلب. عندما توافد عليه الطلبة من وادي ميزاب وكثر عددهم قسمهم إلى طبقات حسب اعمارهم ومستوياتهم العلمية .وعين مجموعة منطلبته الكبار النجباء معه في التدريس فقدمهم وشجعهم ووجههم كما كان يرسل طلبته لاستكمال دراستهم في معهد شيخه القطب قبل وفاتهه"". . لعل من أكبر أفضال هذه الحلقة واشرف اعمالها أنها رعت ف احضانها شباب الحركة الإصلاحية الذين أصبحوا قادتها فيما بعد؛ إبراهيم بيوضڵ أبا اليقظان إبراهيم 6عدون شريفي ،بكير العنق! وغيرهم .فحرصت على ( )1دبوز :اعلام الإصلاح .ج .3ص: .832 -222 ( )2بكير بن إبراهيم العنق( :و5821 :ه8681 /م-ت :عصر الاثنين 32رمضان 3531ه 31 /ديسمبر العلممن رجالات القرارة البارزين في ميدان الإصلاح والسياسة .اشتهر ب أسد القرارة .أخذ1 439م عن مشايخ بلدته 6هم عن القطب الشيخ اطفيش ببني يزقن 6اشتغل بعد مرحلة التعلم بالتجارة ف مدينة 371البحث الرابع :عهد تلاميذ القطب تعليمهم وتنشئتهم تنشئة إسلامية صحيحة متكاملة. كما أنه من أفضال الشيخ الحاج عمر أن تمت على يديه الرعاية الخاصة لهذا الشاب اليافع إبراهيم بيوض» واكتشاف مواهبه وقدراته وذكائه ،والتنبؤ مستقبله الواعد ثم فتح الطريق أمامه للتسلق إلى الريادة وهو لا يزال في مقتبل العمر .وكان من أفضاله أن أقنع والده بعدم قطعه عن الدراسة ليعينه في تبارته ،بعد أن عزم على ذلك ،فكان سببا في أن يتركه ليواصل تعلمه ولعل من صور أخلاقه وتواضعه وحبه لتلاميذه أن قرب إليه هذا الشاب ورعاه رعاية خاصة لما توسم فيه من الخير والنفع في المستقبل ،فقدمه ودفع به إلى الأمام وتدرب على التعليم بين يديه ،فقومه ووجهه ونصحه. فكان الخير العميم الذي أفاض على القرارة ووادي ميزاب والجزائر من وراء هذه الحلقة(. 2ا -لشيخ صالح بن عمر لعلي. امن مواليد بني يزقن سنة7821 :ه0781/م۔ وتوفي سنة7431 :ه8291 /م. يعد من أبرز الشخصيات العلمية التي انببها وادي ميزاب بعد قطب الأية الشيخ اطفيشن. كان وراء نبوغه أسباب وراثية؛ من ذكاء حاد وبيئة علمية واجتماعية متميزة؛ شب في وسطها وتلقى تكوينه فيها .حيث تنقل بين عدة مدارس ومعاهد في وادي تبسةء عين في حلقة العزابة في بلدته ثم تول رئاستها فيما بعد .يقول عنه الشيخ بيوض« :عندي أستاذان: أستاذ في العلم هو الحاج عمر بن يحيى وأستاذ في السياسة هو الحاج بكير العنق' .ترأس بمض النجمات السرية بالقرارة التي كانت تناهض فرنسا ،وتواسي من سصجتهم من الوطنيين .كما جمعته علاقات مع رجال النهضة والإصلاح خارج وادي ميزاب .أسس مع الشيخ عباس بن حمانة في تبسةآول مدرسة عريية عصرية سنة 2331ه3191 /م تحت رعاية الجمعية الصليقية ،واغلقها الاستعمار .كان ص .181الاستعمار يلاحقه دوما حيث سجنه سبع مرات .معجم اعلام الإباضية :ج.2 ) (1المرجع نفسه :ج ،3ص .456دبوز :نهضة الجزائر الحديثة .ج .2ص.702 -261 الفصل الثاني :جذور النهضة الإصلاحية ومراحلها الإعدادية174 ميزاب ثم جلس بين يدي القطب ونهل منه العلوم الشرعية والعربية العليا ،ثم أتم دراسته وصقل مواهبه باسفاره العديدة إلى الحواضر العلمية في العالم الإاسلامي؛ من جامع ا!:يتونة وجامع الأزهر وحلقات الحجازض والجلوس إلى علمائها ومحخالطتهم وحضور حلقاتهم. تركزت جهوده في جبهتين كبيرتين: جبهة التربية والتعليم. جبهة الإصلاح الديني الاجتماعي. تفرغ الشيخ صالح للعلم والتعليم 5فصرف حياته في مجالهما ،فعكف على مدارسة أمهات الكتب وتوسيع ملكاته العلمية وتعميق معارفه الشرعية كما تفرغ للتعليم فاسس مدرسة ابتدائية .ومعهدا ثانويا وعليا .وجلس للتدريس فيه طوال حياته .فتخرج على يديه أفواج كثيرة من طلبة العلم ،حلموا لواءه بعده وواصلوا مسيرة التنوير والتثقيف والتوعية في وادي ميزاب. أما على مستوى الواجهة الثانية فإن الشيخ كانت له دروس يومية ودورية في مسجد بني يزقن وفي دار تلاميذها ،عالج فيها تلف الأمراض التي كان يعاني منها المجتمع واستطاع أن يجارب الكثير من البدع والخرافات التي كان يعاني منها. عرف الشيخ بصراحته وشدته في قول الحق ،وبآرائه ومواقفه الجريئة ،وكانت دروسه مؤئرة قوية فعالة ،وقد تولى مشيخة المسجد في بلدته ،وقام بإصلاحات عديدة على مستوى وظائفها وأوقافها. كنا حارب الاستعمار وتصدى لسياساته ومكره ،وحارب :أذنابه من القياد والأغنياء الفاسدين من خلال منبر المسجد ومن خلال خطبه ورسائله .فمن أهم ما قام به في ذلك وقوفه ضد قانون التجنيد الإجباري حينما فرضته السلطات الاستعمارية على شباب الجزائر فدخل في مواجهة صريحة علنية معها. كما اعتنى بالتاليف وترك لنا العديد من البحوث والمخطوطات لعل ‏١أهمها ما يلي: 571البحث الرابع :عهد تلاميذ التطب القول .الوجيز في كلام انه العزيز. -مراقي العوام إلى معرفة مبادئ الإسلام. -رسالة الصوم والإفطار. -رسالة الوصايا الثمانية للعرابة. . -كشف القناع عن مسائل وقع فيها النزاع. -البراهين القاصفة لتمويهات مئبعي الفلاسفة. -مجموع أجوبة وفتاوى. -ثلاث قصائد في مدح الرسول ية وسيرته. -رسالة في حرمة التجنيد في الجيش الفرنسي. -حاشية على مسند الربيع بن حبيب'"“. 3الشيخ إبراهيم بن بكير حفار ولد في بلدة القرارة سنة8031:ه 0981 /م وتوفي سنة4731 :ه 4591 /م. درس في محاضر بلدته القرارة ثم التحق بحلقة الشيخ الحاج عمر بن يحيى ثم انتقل إلى معهد القطب ونال حظا من العلم بين يديه ثم سافر إلى تونس لموام۔لة دراسته في جامع الزيتونة فنبغ في العلوم الشرعية والعربية وأتقن علم التجويد. إثر عودته إلى القرارة سنة 3331ه5191 /م فتح حلقة علم خاصة به لتحفيظ القرآن الكريم وتعليم العلوم العربية والشرعية ،وقد عرف بفصاحة لسانه وبراعته. في التدريس وحزمه وصرامته في نظامه .مما جعل الطلبة يقبلون عليه من القرارة , ومن مدن ميزاب ويأخذون من علمه وخلقه وتربيته وحزمه . انتقل سنة 9331ه0291 /م إلى بلدة غرداية وتولى التدريس في إحدى مدارسها ،ثم انتقل سنة 4431ه5291 /م إلى بلدة بني يزقن فتفرغ للتدريس في ه_ منجم أعلام الإباضية :ج .2ص .574دبوز :نهضة الجزائر الحديثة ج .2ص.931)(1 الفصل الثاني :جذور النهضة الإصلاحية ومراحلها الإعدادية176 مدارسها وحلقاتها وابلى بلاء حسنا في سبيل ذلك حيث برع في تدريس علم التجويد والقراءات وعلوم اللغة العربية وتخرج على يديه العشرات من الطلبة من كل قرى وادي ميزاب .وكان له الفضل أن يكون أول مدرس بالمعهد الجابري الثانوي الذي لا يزال قائما يزاول نشاطه التربوي التعليمي إلى حد اليوم .كما كان للشيخ دروس في المساجد والمحافل الاجتماعية يربي وينصح ويعظ ويعلم. كما ربطته علاقات مع الشيخ عبد الحميد ابن باديس والشيخ الطيب ( 0 (2حيث كانت له دروس في نادي الترقي بالجزائر العاصمة ودررس أخرىالعة في جامع بكار ببسكرة. ودام في جهاده التعليمي الإصلاحي في بلدة بني يزقن إلى وفاته. )كما ترك مؤلفات عديد لعل اهمها ما يلي: -رسالة شروط المفسر. -السلاسل الذهبية بالشمائل الطقيشيية .في ترجمة شيخه قطب الأمة. -منظومة الحيض والنفاس. -منظومة الصيام. = -حاشية على كتاب الديانات. ( )1عبد الحميد بن محمد الصطفى ابن باديس9531 - 5031 :( :ه0491 - 7881 /م) راتد الاصلاح في واتمالجزائن وأحد آكر علمائها .ورئيس جمعيةالعلماء المسلمين الجزائريين .ولد ف قسنطينة وتوني 7 الجراند .وقام بتقسير القرآن دراسته ف الزيتونة بتونس . .قاوم الاستعمار وانشا المدارس واصدر العديد من الكريم .الزركلي :الأعلام .ج .2ص.982 ( )2الطيب العقي( :و:سنة0981م -ت!5/069 /12 :م) من مدينة سيدي عقبة ببسكرة} درس في المدينة المنورة .ثم عاد إلى الجزائر وقاد حركة الاصلاح مع زعمائها ،اشتغل بالدعوة والوعظ والإرشاد والتعليم ،نشط ف إدارة صحانة جمعية العلماء المسلمين الحزائريين ،كما أاصلر جريدة الاصلاح .حارب الطرقية والاستعمار. موسوعة العلماء والأدباء الجزائريين :ص.95 771البحث الرابع :عهد تلاميذ القطب -حاشية على كتاب الموجز. -حاشية على كتاب الدرر اللوامع في التجويد(". -4الشيخ حمو بن باحمد بابا وموسى. من مواليد بلدة غرادية سنة 0821ه 3681 /م .وكانت وفاته في تاريخ 92 جمادى الأولى 6731ه 20 /جانفي 7591م. تلقى تعليمه الأول في مسقط رأسها وحفظ القرآن الكريم قبل سن البلوغ ثم سافر إلى القرارة وأخذ بعض العلوم من حلقة الشيخ الحاج عمر بن يحمى المليكي۔ ثم عاد إلى غرداية والتحق بحلقة الشيخ بابكر بن الحاج مسعود ونهل منها بعض العلوم العربية والشرعيةش ثم انتقل إلى معهد قطب الأيمة الشيخ اطفيش ببني يزقن وتتلمذ على يديه حتى نجب في حلقته وكان من أبرز تلاميذه ،وأخذ قسطا وافرا من العلوم الشرعية. تفرغ للتدريس والوعظ والإرشاد طوال حياته وعين شيخا لحلقة العزابة بغرداية .وقضى في حلقات العلم حوالي خمسين عاما .وكان يلقب بعد وفاة الشيخ اطفيش بشيخ وادي ميزاب. أنشأ معهده في غرداية وتفرغ للتدريس فيه ،وتخرج على يديه العشرات من الطلبة ،الذين حملوا مشعل العلم والدعوة من بعده ،وساروا على نهجه في العمل ا لاجتماعي . كما ترك مكتبة زاخرة بالكتب والمخطوطات النفسية ،والف العديد من الكتب نذكر منها ما يلي:والرسائل ترغيب الراهب وترهيب الراغب .مخطوط. -رسالة في مشاهد الصالحين بوادي ميزاب .خطوط. ( )1معجم اعلام الإباضية :ج .2ص .21دبوز :نهضة الجزائر الحديثة .ج .2ص.741 -541 14 الفصل الثاني :جذور النهضة الإصلاحية ومراحلها الإعدادية178 سيرة العزابة .خطوط. -الزيارة ومعالمها .خطوط أجوبة علمية ورسائل إخوانية .مخطوط. مقالات صحفية في جرائد أبي اليقظان"“. -5ا لشيخ يوسف بن بكيرحمو وعلي. سنة 4031ه 7881 /م وتوفيالعلف في سنةولد ف بلدة 4891 /41م. نشا يتيما ضريرا فقيرا .حيث تولت أمه تربيته وتنشئته ،نال علومه الأولى على يد شيخه الحاج عمر بن حمو بكلي في مدرسة مسجد أبي سالم بالعطف ثم توجه إل معهد الحاج عمر بن يحيى بالقرارة وواصل فيه تعلمه ،ثم ارتحل إلى معهد قطب الأيمة الشيخ اطفيش ببني يسجن ونال حظه من التتلمذ على يديه ،ويعد من أصغر تلاميذه .ومن آخر من توفى منهم. وفني سنة 5331ه7191/م سافر إلى تونس مع أول بعثة علمية برئاسة الشيخ أبي اليقظان إبراهيم ،ليكمل دراسته العليا في جامع الزيتونة وفي المدرسة الخلدونيةء وكان من أساتذته فيهما :الشيخ محمُد بن يوسف الحنفي ،والشيخ محمد النخليء والشيخ الطاهر بن عاشور' ،والشيخ محمد الصادق النيفر والشيخ ( )1معجم اعلام الإباضية :ج 20ص.152أبو اليقظان :ملحق السيرش ج .2ص[ .52دبوز :نهضة الجزائر الحديثة .ج ،1ص.083 ( )2من مشايخ جامع الزيتونية بتونس. ( )3من مشايخ جامع الزيتونية بتونس. ( )4محمد الطاهر بن عاشور3931 - 6921( :ه3791 - 9781 /م) رئيس المفتين المالكيين بتونس وشيخ جامع الزيتونة وفروعه بتونس .له عدة مؤلفات‘ أهمها :تفسيره التحرير والتنوير" مقاصد الشريعة الإسلامية .الزركلي :الأعلام؛ ج ،6ص.471 ( )5محمد الصادق بن محمد الطاهر النيفر6531 - 9921( :ه 8391 - 2881 /م قاض تونسي واشتغل استاذا ني جامع الزيتونية .المرجع نفسه :ج 65ص.161 971للبحث الرابع :عهد تلاميذ القطب حسن حسني عبد الوهاب"'. عاد إلى مسقط راسه سنة 2431ه 3291 /م واشتغل بالتدريس والفتوى في دار حفظة القرآن ”إروان“ ،كما كلف بالوعظ والإرشاد في مسجد الشيخ أبي سالم، بعد أن التحق بحلقة العزابة سنة 0431ه1291 /م .التي تولى رئاستها فيما بعد. في سنة 4731ه4591 /م تولى التدريس بالمعهد الجابري في بني يزقن خلفا للشيخ إبراهيم بن بكير حفار بعد وفاته. في سنة 3831ه 2691 /م اختاره عزابة وادي ميزاب ليكون نائبا للشيخ إبراهيم بيوض في رئاسة مجلس عمي سعيدا إلى حين وفاته سنة 1041ه / [891م؛ حيث عين رئيسا شرفيا للمجلس. قضى حياته بين حلقات العلم في المدارس والمعاهد معلما ومربيا ومكونا 6وفي جنبات المساجد واعظا ومرشدا وداعيا ومفتيا ،وفي مجالس إصلاح ذات البين وفض النزاعات والخصومات بين الناس. كما ترك أعمالا علمية عديدة من أهمها: -تفسير القرآن الكريم ،وشرح كتاب قواعد الإسلامإ إلقاء شفويا ني المسجد. -مراسلات وفتاوى مخطوطة. -مجموعة من الأشرطة السمعية خطاباته ومواعظه. توي عن عمر يناهز المائة سنة} وترك العشرات من التلاميذ من الجزائر وتونس وليبيا .بعد أن أصبحوا ركائز في المجتمع وقواعد له خلفا لشيخهو.١‏ ( )1حسن حسني بن صالح عبد الوهاب الصمادحي8831 - 1031( :ه8691 - 4881 /م) بحاثة ومؤرخ وأديب .مولده ووفاته بتونس .تعلم في المهدية وبمدرسة فرنسية بتونس .ثم في مدرسة الصادقية .ثم ني مدرسة العلوم السياسية بباريس .اشتغل بوظائف حكومية .المرجع نفسه:ج .2ص.781 ( )2أحمد كروم :العلامة الجليل الشيخ :يوسف بن بكير حمو وعلي 7881 6م4891 -م .حياته وآثاره6 نشر جمعية الأمل للتربية والثقافة 5العطفؤ غرداية5141 .ه_5991 /م .معجم اعلام الإباضية: ج .4ص.7101 الفصل الثاني :جذور النهضة الإصلاحية ومراحلها الإعدادية180 هذه نماذج من الشخصيات العلمية والاجتماعية التي تركت آثارا معتبرة في تاريخ وادي ميزاب خلال القرن العشرين ،من خلال حلقاتها العلمية ومعاهدها وجهودها في سبيل التربية والتعليم والإصلاح. ب۔تقويم عهد تلاميذ القطب: بناء على ما استعرضناه نستطيع القول إن البذور التي غرسها قطب الأية الشيخ اطفيش في طلبته من خلال حلقاته التعليمية قد آتت أكلها في عهد تلاميذه. إذ استطاعوا أن يواصلوا مسيرته من بعده وأن يكون لهم وجود وحضور في كل مجالات الحياة الدينية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية والتربوية والتعليمية فسدوا الغفور وتحملوا المسؤوليات وادوا الأمانات إلى الجيل الذي يليهم. ارتسمت في عهدهم صورة في وادي ميزاب نستطيع وصفها بالحركية الاجتماعية المتفاعلة والمتسارعة والنشطة ،وبالحيوية العلمية التى أثمرت انتشارا معتبرا للثقافة وارتفاعا محسوسا للوعي لدى الجماهير ،وبالنضال السياسي والمطالبة بالحقوق ،وبنشاط الحركة الاقتصادية وبداية ظهور تكتلات التجار وتنظيم صفوفهم وبالنقاش العلمي والحوار والجدل حول عدة قضايا راهنة كانت مطروحة في مجال التربية والتعليم والفتوى والسياسة ،كما اتسمت بجنوح نحو التفتح على العالم الخارجي وبمحاولات التجديد والعصرنة في التفاعل مع مجالات الحياة والدين والمذهب. هذا ما جعل عهدهم يعيش الكثير من الأحداث المهمة التي لا تزال آثارها باقية في وادي ميزاب إلى حد اليوم. هذا ما ستكشف عليه الفصول اللاحقة. نستطيع تحديد النتائج الإيجابية لعهد تلاميذ القطب في النقاط الآتية: بداية توسع مساحة العلم والثقافة لدى الجماهير وتقلص مساحة الأمية. 181البحث الرابع :عهد تلاميذ القطب بداية انتشار الوعي وتقلص حجم العصبيات والبدع والخرافات. بداية استفاقة الناس ومعرفة حقوقهم وواجباتهم وتعلم طرق النضال عنها. تحرك مجال التجارة نحو منافسة اليهود والمعمرين فيه ،وظهور التكتلات وتبارة الجملة. الانخراط في التشكيلات السياسية والحركات الوطنية والمشاركة فيها والنضال في صفوفها. مجابهة المستعمر بالنضال السياسي والجابهة المباشرة والخفية لأجل مناهضة سياساته وإبطال مخططاته. المشاركة في الحياة المدنية العامة بدخول الانتخابات وتقلد المناصب في المجالس البلدية ووظائف القضاء. هذا هو الشق الإيجابي لعهد تلاميذ القطبؤ فماذا عن الشق السلبي؟ يبدو لي أن المكانة العلمية العظيمة التي بلغها القطب في حياته مما ملأ بها نفوس تلاميذه وأقنع عقولهم بها ،حتى أصبح لديهم أبا للنهضة الإصلاحية والعلمية يعودون إليه في كل قضاياهم ويرون فيه الثقة والمرجع والملاذ الآمن. ورمز وحدة الأمة في وادي ميزاب فكانت وفاته وغيابه فجأة سببا في أن يدخل وادي ميزاب في فترة فراغ قيادي ويعيش مرحلة قلق وتذبذب .يبدو أنه لم يستطع أحد من تلاميذه أن يسده رغم كثرتهم ورغم بلوغهم درجات عالية من العلم وتقلدهم مناصب سامية في القيادة والريادة والزعامة داخل المجتمع .إذ آن شيخهم قد عمر كثيرا وكبروا في حياته. إن هذا الفراغ المفاجئ ولد بينهم نوعا من التنافس على وراثة هذه المكانة واعتلاء عرشها خلفا لشيخهم وتمثيل المرجعية الدينية لوادي ميزاب‘ ،فعرف عهدهم صراعا وتنافسا وخلافا ونقاشا وجدالا وافتراقا حول الكثير من مسائل ` الدين والحياة. الفصل الثاني :جذور النهضة الإصلاحية ومراحلها الإعدادية182 ولعل أكبر خسارة شهدها وادي ميزاب في تاريخه الحديث والمعاصر وقعت في عهدهم؛ المتمثلة في انكسار وحدته وانقسامه إلى حزبين متصارعين متناطحين ،فلم يستطيعوا أن يمنعوا حدوث هذا الانقسام أو أن يقفوا ضده؛ بأن يقع بعض التنازل من كل طرف منهم محافظة على وحدة الصف لأجل المصلحة العليا لوادي ميزاب ولإباضية الجزائر ،وأن تبقى اختلافاتهم ف مستوى معين دون أن تتجاوزه لتتعدى الخطوط الحمراء. في حقيقة الأمر لقد تضرر وادي ميزاب كثيرا بهذا الانكسار والافتراق الذي تسبب فيه طلبة القطب وحصل في عهدهم ولا تزال آثاره السلبية باقية إلى حد اليوم. من السلبيات الأخرى التي تحسب على تلاميذ القطب الذين تمكنوا فعلا من وراثة عرش شيخهم وحيازتهم على المرجعية الدينية لوادي ميزاب أنهم ل يستطيعوا أن يهضموا ظهور شخصية جديدة شابة على مسرح الأحداث؛ أوتيت مواهب عالية في عبقريتها وذكائها .وبرزت بقوة شخصيتها وفصاحة خطابها وقدرة تأثرها ف الجماهير .المتمثلة ف إبراهيم بيوض. هذا الشاب الذي لم يحظ بالتلمذة على يد القطب مباشرة ،وإما كان تلميذ تلميذه فانى له أن ينافسهم في هذه المكانة 5وأنى له أن يفكر في قيادة وادي ميزاب. مما جعلهم يدخلون معه في صراع مرير شديد طويل .يعارضونه أشد المعارضة ويقفون في طريقه بكل ما أوتوا من قوة وبمختلف الوسائل المشروعة والممنوعة، ويردون أفكاره جملة وتفصيلا ويرفضون مشاريعه ومنجزاته ،ويعتبرونه أكبر عدو لوادي ميزاب ويرون فيه أكبر خطر يهدده ويهددهم .وينصبون له أصنافا من العداء والحسد والمكر ويسلقونه بالسنة حداد. استعانوا ني محاربته بالمستعمر ،وبقوى الفساد وبالعامة الدهماء ،وتواطؤوا معها عليه وا لقضاء علىللتحريضوسعوا‏ ١لحما هر. ‏ ١طريقه نحو قلوبل جل حركته الناشئة. 381البحث الرابع :عهد تلاميذ القطب يعد هذا _ بلا شك-انحرافا كبيرا وخطيرا عن جادة الحق وطريق الصواب وقع فيه بعض أقطاب تلاميذ القطب. تسببوا بذلك في عرقلة مشروع النهضة الإصلاحية وإبطاء مسيرتها ،التي هم جزء منها وحلقة فيها ضمن حلقات مشايخهم السابقين ،فكانوا فعلا حجر عثرة في سبيل النهضة والإصلاح. كما يظهر في صراعهم هذا عدم استساغتهم انفلات القيادة الروحية والمرجعية الدينية والعلمية لوادي ميزاب من بين أيديهم وتحولها إلى هذا الشاب الساطع اللامع الطالع وعدم استساغتهم انتقال ثقل العلم والإصلاح ومركزه من موطنه الآول ومنشئه وعاصمته بلدة بنى يزقن إلى بلدة القرارة الناشئة والنائية والبعيدة عن قلب وادي ميزاب؛ هذه البلدة الق كانت مسرحا للعديد من الصراعات والفتن حيث كان مشايخ وادي ميزاب يتدخلون لإطفاء نيرانها وعقد الصلح بين عشائرها واهاليه.١‏ كما أن من سلبيات عهد تلاميذ القطب عدم استطاعة بعضهم-الذين تولوا قيادة وادي ميزاب مواكبة حركية المجتمع في تفتحه وتطوره" فرفضوا الاستفادة من العالم الخارجي ومن التجارب الإنسانية والإسلامية ورضوا بالانغلاق على أنفسهم والركون إلى القديم والجمود عليه ،والانزواء عن الأحداث الوطنية والعالميةؤ إذ لم يستطيعوا إدراك حقيقة عصرهم واولوياته والأخذ بأسباب التمكين فيه. كما آن من سلبياتهم خنوع بعضهم للمستعمر وأذنابه من بعض ”القياد“ وبعض الأثرياء الفاسدين .بسبب نقص الوعي لديهم ونقص الحنكة السياسية وعدم إدراكهم ما يحيط بهم ويجاك ضدهم" مما انجر عنه توظيف المستعمر لبعضهم في خدمة سياساته ومصالحه الحلية في وادي ميزاب .حيث تحالف معهم وتحالفوا معه في معركتهم ضد الشيخ بيوض وحركة الإصلاح. . [ 43 - ص57 تاريخ بي مزاب من تاريخ بلدة القرارة يراجع:الحاج سعيد:على صفحاتللاطلاع) ( 1 :ہد 5ن,, 5881, 32- 85. الفصل الثاني :جذور النهضة الإصلاحية ومراحلها الإعدادية184 إلا أنه ينبغي أن نسجل-بكل وضوح-أن هذه السلبيات التى ظهرت عند بعض تلاميذ القطب لم تكن عند الأكثرية منهم حيث إن القسم الأكبر تفهم شخصية الشيخ بيوض واعترف بقوتها وقدراتها فسلموا له القيادة والزعامة ولم ينافسوه فيها 5بل عرفوا له مكانته .فتعاونوا معه تعاونا إيجابيا غخلصا صادقا ،كما عرف هو مكانتهم كذلك‘ فشكلوا معه طاقم قيادة الحركة الإصلاحية في ثوبها الجديد .وبنوا هيكل مدرستها مع بعض وكانوا أعضاء فاعلين فيها. كما أن من تلاميذ القطب من لازم الحياد ،ولم يبد معارضة واضحة للشيخ بيوض ولحركة الإصلاح كما لم يبد تفاعلا إيجابيا معها كذلك ربما لعدم توافقه مع الخط الذي سارت عليه ،فلازم الصمتؤ وبقي ملتزما بدوره التعليمي التربوي ودوره الاجتماعي دون أن يعمل على عرقلة مسيرتها"“. فالمدرسة الإصلاحية إذن هي نتاج تزاوج وامتزاج شخصية الشيخ بيوض القوية القيادية العبقرية بجيل تلاميذ القطب الذين ساروا مع تيار الإصلاح وتفهموا أولوياته ومتطلباته وأبعاده الجديدة العصرية. أما المدرسة الثانية المعارضة الق وصفت وعرفت بالمحافظة أو الجمودا هي نتاج تزاوج وامتزاج جيل تلاميذ القطب بطائفة من الأعيان وأصحاب المصالح والنفوذ ،ممثلين في بعض القياد وبعض الأغنياء وبعض العوام؛ هؤلاء الذين كانت تجمعهم نظرة معادية ومعاكسة لتوجهات الشيخ بيوض ورفقائه وحركته مهما كانت ،ولو كان فيها خيرهم وخير وادي ميزاب والجزائر والإسلام. ( )1يراجع في ذلك :بكلي :مسيرة الإصلاح .كله .محمد علي دبوز :اعلام الإصلاح في الجزائر ،ط{1دار البعث ،قسنطينة .الجزائر 0041ه0891 /م0ج \4كله. ( )2تسمية الجمود هو ما شاع استعماله بين الناس في نعت التيار المعارض للشيخ بيوض وحركة الإصلاح آنذاك 6ويرى الشيخ بكير الشيخ بالحاج أن المصطلح يعد نوعا من التنابز بالألقاب 6وكان من الأحسن على الحركة الإصلاحية استعمال تسمية المحافظين .مقابلة مع الشيخ بكير الشيخ بالحاج .القرارة ،الجزائر مارس 8002م. 581البحث الرابع :عهد تلاميذ القطب هكذا بدا لي عهد تلاميذ القطب© وهكذا بدا لي تقويم إيجابياته وسلبياته. نريد أن تختم هذا المبحث في الأخير بالقول :إن ما قام به الفريقان وما صدر منهم هي أعمال واجتهادات بشرية أصابت أحيانا واخطات أحيانا أخرى ،كما أنها فهم النصوصعلى اجتهادات فبناءوالمواقفختلفة للاحداثرؤىمنصادرة الشرعية ،وكيفية إنزالها على القضايا العصرية. جهودهم العظيمة المضنيةوإنمن الخطإملائكة ولا معصومينليسوافهؤلاء المتواصلة في سبيل التربية والتعليم والعمل الاجتماعي والوعظ والإرشاد لا يمكن أن تهضم أو تنسى أو يغفل عنها باي حال من الآأحوال ،ولا شك أن كلا من قل أبلى بلاء حسناتلاميذ القطب سواء المعارضين أم المؤيدين لحركة الشيخ بيوض عظيما في هذا السبيل؛ رغم كل ما يكون قد صدر منهم من أعمال أو مواقف©6 يمكن أن يحكم عليها بانها سلبية أو إيجابية. هذا ما سنرى فصولا ومشاهد منه في المباحث والفصول اللاحقة. مفهوم الإصلاح ومرجعيته الفكرية والحضارية البحث الأول:مفهوم الإصلاح بين اللغة والاصطلاح القرآن مفهوم الإصلاح عند أعلام الحركة الإصلاحيةالمبحث الناي: المبحث النالث :مفهوم الجمود في عهد الحركة الإصلاحية المبحث الرابع :المرجعية الفكرية والحضارية للإصلاح 981تمهيد ليتر: إن العودة إلى التاريخ الإسلامي في مسيرته الحضارية الطويلة يمكننا من الاطلاع على نماذج متعددة وجهود معتبرة في عملية الإصلاح والتغيير ،التي شهدتها الشعوب الإسلامية في البلدان والأوطان المختلفة ،وتحت ظل الدول والسلط المتعاقبة. كما يمكن أن نلاحظ أن عددا من هذه العمليات استطاعت أن تنجز أهدافها المتمثلة في إحداث حركة تغييرية داخل المجتمع والوصول إلى سدة الحكم لقيادته. وبعضها الآخر أخفق في مسيرته ،وانقطع في وسط الطريق ،بسبب العوائق السياسية أو الاجتماعية التى حالت دون نباحه. كما يمكن أن نلاحظ أن بعض النماذج الإصلاحية تمركزت حول شخصية محورية بارزة قادت القافلة وكانت الحور المحرك فها والصانع لأحداثها ،والبعض الآخر تحول من القيادة الفردية إلى القيادة الجماعية المؤسساتية .حيث أصبح مدرسة لها هيثاتها وأطرها وأتباعها الذين واصلوا حمل الفكرة بعد ذهاب مؤسسها والجيل الأول منها. كما يمكن لنا أن نحكم على بعض هذه التجارب بالنجاح والتوفيق لما أفادت به الأمة وتركته من آثار حميدة إيبابية على أصعدة عديدة منها .ونحكم على البعض الآخر بالفشل والإخفاق وأن ضررها كان أكثر من نفعها ،بسبب ما الحقته من آثار وخيمة سلبية على الآأمة ،وكل ذلك يعود إلى عوامل كثيرة متداخلة متعلقة بهذه الحركة وتلك الظروف التى كانت محيطة بها۔ إذن ما يمكن أن نخلص إليه أن تفكير اللإنسان-سواء كان مسلما أم غير ذلك -في إصلاح أوضاعه نحو ما يراه الأحسن والآأصوب والأصلح أمر فطري ظا هرةمغرورس فيه ثم هو وا جب شرعي با لنسبة للمسلم & وهو بعد ذلك اجتماعية تميز المجتمعات البشرية عن غيرها. الفصل الثالث :مفهوم الإصلاح ومرجعيته الفكرية والحضارية190 بلا شك إن أمة الإسلام-كسائر الأمم البشرية-تحتاج بين الفينة والأخرى إل إصلاح داخلي وتغيير اجتماعي لتجديد ما أصابها من الشوائب وا لانحرافات ونفخ الروح في مفاصلها من جديد ،لأجل انطلاقة قوية تحرك العزائم وتبعث الطاقات وتوجه الإرادات. هذا ما بينه حديث الرسول يلة حينما تكلم عن حاجة الأمة إلى مراجعة النفس وتقويم الطريق عندما ينتاب المجتمع حالة ركون وركود .حيث قال مية: «إن الله يبعث هذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها»ه"". العلماء فحملهم أ لمسؤولية.وعدهمياد هذه ا لمهمة الوقد أوكل أ لرسول المؤهلين شرعا للقيام بها؛ نظرا لثقلها وخطورتها وصعوبتها فقال« :إن العلماء ورثةةالأنبياء»“. لا شك أن أول المصلحين واقدرهم على القيام بعملية الإصلاح على أكمل وجه هم الأنبياء أنفسهم في علاقتهم بأقوامهم وسعيهم لتطبيق منهج النه فيهم. وذلك .لكونهم مؤيدين بالوحي وبتقويم النه تعالى لمسيرتهم الإصلاحية وإحاطتهم بعنايته ،والتدخل في الوقت المناسب لتوجيههم وتذليل سبل النجاح لاء حتى يكونوا المثال المقتفى والنموذج المنتدى للبشرية من بعدهم . .مصداقا لقول الله لقد كان كه في رَسُول لله إسوة حَسة لمن كان يرجو اللة واليومتعالى: لأخر وذكر اللة تد وقوله تعال ايضا :لقدكائت لَكُمُ إِسوَة ححََسسََتَةة في إنراهيم والزين قه". ( )1أخرجه أبو داود في سننه :رقم04730ج!10ص .263موسوعة المكتبة الشاملة .قرص مضغوط" يحوي أهم مصادر الحديث. ( )2اخرجه الترمذي ني سننه ،رقم.6062ج 9.5صر .692موسوعة المكتبة الشاملةإ قرص مضغوط" يحوي أهم مصادر الحديث. ( )3سورة الأحزاب/الآية.12 : ( )4سورة الممتحنة/الآية.4 : 191تمهيد لقد عبر البي الكريم شعيب اتنة :بلسان الأنبياء حينما قال مخاطبا قومه مبينا لهم رسالته إليهم ومهمته فيهم :لإن اري إلا ا لاصلاح ما استطّفت وَمَا توفيقي ل با له عله توكلت وإله أنيبهه". إن عمل كل عالم مصلح يعد-في حقيقة الأمر محاولة للاقتراب من تلك النماذج النبوية المؤيدة بالوحي ومحاولة الامتثال بهاء في إطار القناعات الفكرية للمصلح وحركته .والأهداف المرسومة للعملية الإصلاحية والظروف المتزامنة معها ،والمتطلبات التي تحتاجها .والأولويات التي تنتظرها. نحاول في هذا الفصل أن نقف مع مصطلح الإصلاح ونتتبع معانيه لغة واصطلاحاء ثم ننظر في مفهومه عند علماء النهضة الإصلاحية عند إباضية الجزائر. ( )1سورة هود/الآية.88 : الفصل الثالث :مفهوم الإصلاح ومرجعيته الفكرية والحضارية192 المحثا لأول : مفهوم الإصلاح بين اللغة والاصطلاح القرآني نتوقف في هذا المبحث مع المعاني اللغوية للإصلاح بالاعتماد على ما ورد في القواميس والمعاجم العربية ،ثم نعزج على البحث في المفهوم القرآني للإصلاح وكيف وظفه من خلال عرض اللفظة ومشتقاتها في سياق الآيات القرآنية: [ -الإصلاح لفة: ل 7ورد ف لسان العرب ف مادة :ص صلح :الصلاح ضد الفساد. صلح .يصلح .يصلح .صلاحا ،وصلوحا ،وهو صالح .وصليح . الإصلاح :نقيض الإفساد. الاستصلاح :نقيض اللاستفساد. أصلح الشيء بعل فساده :أقامه. أصلح الدابة :احسن إليها فصلحت. الصلح:السلم . متصالحون.صلوح:قوم الصلح من أسماء مكة. نفسها:.المادةالحيط فالقاموسورد ف ( )1محمد بن مكرم ابن منظور :لسان العرب المحيط إعداد وتصنيف :يوسف خياط .دار لسان العرب‘ بيروت لبنان8041 .ه8991 /م .مج .2ص.615-715 ( )2محمد بن يعقوب الفيروزبادي :القاموس محيطا المؤسسة العريية للطباعة والنشر بيروت© لبنان، .2م ..صر.802 391البحث الأول :مفهوم الإصلاح بين اللغة والاصطلاح القرآني الصلاح ضد الفساد. كمنع وكرم.صلح: أصلحه :ضد أفسده .أحسن إليه. الصلح:السلم. استصلح :نقيض استفسد. المادة نفسه(":فمن جواهر القامرستاج العروسورد ف الصلاح ضد الفساد. صلح كمنع وكرم. صلح كنصر. وصلوح .يصلح ويصلح صلاحا وصلوحا ‏ ٠الجمع صلحاء وقد أصلح الشيء بعل فساده :أقامه.أصلحه ضد أفسده أصلح إليه :أحسن. الدابة :أحسن إليها وتعهدها .أصلح إل اتقان طائفة صخصوصة على أمر مخصوص. :الإصلاح: من خلال ما زودتنا به هذه المصادر اللغوية نستطيع أن نلاحظ استفادة المصادر من بعضها البعض واتفاقها على أهم المعاني التي يمكن أن نجملها فيما يلي: الإصلاح بمعنى نقيض الإفساد, . الإصلاح بمعنى المنع. معنى الكرم.الإصلاح بمعنى السلم.الإصلاح الإصلاح بمعنى الإحسان إلى جهة. معنى التعهد والرعاية .الإصلاح الإصلاح بمعنى الاتفاق. حمد مرتضى الزبيدي:تاج العروس من جواهر القاموس .تح :عيد الستار اجمد فراح .دار الهداية)(1 ص .155 - 745بيروتك0891م .ج.6 الفصل الثالث :مفهوم الإصلاح ومرجعيته الفكرية والحضارية194 الإصلاح بمعنى النصر. هذا عن المعاني اللغوية؛ فماذا عن المعاني الاصطلاحية للإصلاح ؟ 2الصلاح اصطلاحا: إتماما لضبط المصطلح يجدر بنا أن ننتقل من معناه اللغوي إلى معناه الاصطلاحي في القرآن الكريم؛ وذلك بالنظر في مدلولاته ،وتتبع اللفظ ومشتقاته في المواضع المختلفة .ثم محاولة تحديد مراده في سياق الآية الكريمة .بالاستعانة بكتب التفسير لأجل الخلوص إلى تحديد المفاهيم القرآنية ،الت تمثل التصور الإسلامي للإصلاح. ۔الإصلاح في القرآن الكريم: استعمل القرآن الكريم مادة "ص ل ح“ بمختلف مشتقاتها071مرة. ذكر منها مائة وتسع مرات في السور المكية وأربعا وستين مرة في السور المدنية. وكانت أكثر المشتقات استعمالا هى: الملصلحون.أصلحواء إصلاح .المصلح.الصالحاتصالح .صالحون ثلائةولفظة الصلح فستة موا ضع.فأما لفظة ا لإصلاح فقد وردت مواض(". نحاول الآن فهم معاني المصطلح كما وظفها القرآن الكريم في المواضع المختلفة منه .بالعودة إلى تفسير القرآن الكريما .ونكتفي في ذلك بجملة من الآيات التى رأينا ها تبرز مفاهيم جديدة للمصطلح: ( )1محمد فؤاد عبد الباقي :المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم بحاشية الصحف الشريف،ط .2دار المعرفة. بيروت .لبنان .ا 141ه1991 /م .ص.014-214 ( )2اعتمدت في ذلك على تفسير الشيخ محمد الطاهر بن عاشور :تفسير التحرير والتنوير ،الدار التونسية للنشر4891 .م .لجمعه بين تفسير الرواية والدراية .وتعمقه في استخلاص المعاني والفوائد والأحكام .كما اعتمدت على دراسة الدكتور احمد عيساوي بعنوان :الشيخ العربي بن بلقاسم التبسي مصلحًا .اطروحة دكتوراه .جامعة الجزائر .كلية العلوم الإسلامية .الخرويةث س ج: 0-1002م .ص.522 - 222 [59البحث الأول :مفهوم الإصلاح بين اللغة والاصطلاح القرآني ويسألونك عن[ ۔ الإصلاح بمعنى الحفظ والرعاية والولاية في قول النه تعالى: ح.ري.اليتامى ذل اصلاح هم - قوله تعالى :خصوماتهم فوفض_ 2۔ا لإصلاح بمعنى فعل الخير إل الناس إلا خَيْرَ في كنير من نَجوَاهمٌ إلا مَنَ امر بعتدقة ا غروف او الناسه..2بيناصلاح _ 3الإصلاح بمعنى الدعوة إلى مكارم الأخلاق في قوله تعالى :لومئون بالله الوم الاخر ويمرون بالمعروف وينهون عن الشكر وفي قوله تعالى:من ] الصالحي »ث.لْحَيْرَّات وأونكفيويسَارغون ‏١ومللَمَنَ ءامنالله خَيلَكُه ثوابالذين أوتوا العلموقال صالحا ولا يلقاها إلا الصا برزون(. 4الإصلاح بمعنى نقيض الإفساد في قوله تعالى :طولا تفسدوا في الارزض بعد ‏ ٥م م إصنلاحهاكيث .وفي قوله تعالى :لاوالله علم المسد م ال المْمُصنلحهه“. للأمم بأمر الناسوالبناء الحضاريبمعنى التغيير الاجتماعيالإصلاح5 بالمعروف ونهيهم عن المنكر الذي هو دعوة الرسل في قوله تعالى :لإن اريد إل الاصلاح ماما اسنتطغت وَمَا توفيقي إلا بالله عَلَيه توكلت وَإِلَيه نيب. ممم ( )1سورة البقرة/الآية" .022 : ( )2مسورة النساء/الآية.411 : ( )3سورة آل عمران/الآية.411 : ( )4سورة القصص/الآية.08 : ( )5سورة الأعراف/الآية.65 : ( )0سورة البقرة/الآية.022 : ( )7سورة هود/الآية.88 : الفصل الثالث :مفهوم ‏ ١لإصلاح ومرجعيته ا لفكرية والحضارية196 6الإصلاح معنى استخلاف انته الإنسان في الأرض في قوله تعالى :لوَقَطَعْتَاهُم :الازض أما مَنْهُمُ الصالخُون وَمنهُم دون ذالكت" .وفي قوله تعالى: مكاان ربك ليهلك القرى يظلم وأهلها ملونه. .7بمعنى النصح والقضاء على الفتنة بين المسلمين في قوله تعالى :وإن طآئفتان من] المُومنينَ اقتتلوا فاصْلحُوا بينهما فن بقت اخداهمًا على وء الأخرى فقاتلوا لتي :تبغي حتى فيء الى أشر الله قان قَآءت فأصللحُوا إن ‏ ١لله ُ يحب المفسطين4؛ .بينهما بالذل وسطر قولهالله فوالخوف منالإصلاح بمعنى الاستجابة لدعوة الأنبياء بالتقوى8 ءاياتي فمن ائقى 1کُنكُمْ رةَقصُونتعالى :ليا :بني ا م إما انكم رس ولأ همم ه٠۔‏ن هخ مزئونه(.لا خواف :وأصلح 9الإصلاح بمعنى الاستقامة والطاعة:7في قوله تعالى(« :فاسُتَجَبتا له الذينوإذا جاذكووَهَبنَا له خى وآصْلختا له زَوجَفههث ..ولي قوله تعالى: ُومنون بناياتتا قل سَلاَةٍ لكم كتب بكم على ئفسه االرحثممةَةلةممقن لة عفوار رحيمه.عَمل منكم سُوءا بجَهالَة أثم تاب من بده ه وأصلح 01۔الإصلاح بمعنى الطمأنينة القلبية والراحة النفسية الحاصلة بتقوى النه تعالى في قوله تعال(« :وَا ئراسلمُرسلين إلا مترين وشذرين قَمَنَ م وأصح لا خوف عَلَنهم ولا هم تخزئونهه". ( )1سورة الأعراف/الآية.861 : ( )2سورة هود/الآية.711 : ( )3سورة الحجرات/الآية.9 : ( )4سورة الأعراف/الآية.53 : الآية.09 :الأنبياء / صورة ((5 سورة الأنعام/الآية.4 :)(6 .83سورة الأنعام/الآية:)(7 791البحث ‏ ١لأول:مفهوم ‏ ١لإصلاح بين اللغة وا لاصطلاح القرآني الإصلاح بمعنى الصفح والعفو والمساحة في قوله تعالى :طوَجزآءء سيسئةة سبتة1 فمن عفا وأصلح فاجرة عَلى الله إله لأ يحب مع2 [الإصلاح بمعنى حل الخلافات الزوجية وتوثيق العلاقات الأسرية والاجتماعية في قوله تعالى :لوين خشمم شقاق يينهمَا انوا حَكُمًا مَنَ أهله رَحَكَمًا هُنَ املها إن يريدآ إصلاحا وفق الله هما إن الله كان عليا زه وفي قوله تعالى( :ونغُولتهن ح برهن في ذألك إن أرادوا إصلاحا ولهن مثل الذي عليهن بالْمَغروف وللرجال عَلَِهنَ دَرَجَة واللة غريزحكيمه. - 3الإصلاح بمعنى كونه طريق ا لفلاح في ا لاخرة برضوان النه تعالى وثوابه ف قوله تعالى 2 :عَمل صَالحًا من ذكر آو أنتى وَهُوَ مُومن فلنْخْينُّ حَياة ِطة7 طبة وَلتجْزيتَهُمُ أجْرَهُم بأخسَن ما كائوا يعْمَنُونمه' .وفي قوله تعالى: (و حلنة في رَحْمَتتا إئه من الصالحين" .وفي قوله تعالى :ان الذين عانوا وَعَملوأ الصالحات وقَامُوا الصلاة وءاتوا الزكاة لَهُمٌ أَجْرَهُم عند زتهم ولا ؤفت علهم ول هم يحزئون»؛“. بناء على هذا العرض لما تفيده لفظة "صلح “ ومشتقاتها من معان ،نلاحظ أن القرآن الكريم وظف جل المعاني اللغوية للإصلاح ،ثم توسع إلى توظيف معان جديدة لم تشر إليها المصادر اللغوية .وهي معان مركبة مبنية على ما ورد في اللغة؛ ( )1سورة الشورى/الآية.04 : ( )2سورة النساء/الآية.41 : ( )3شور البقرة/الآية" .822 : ( )4سورة النحل/الآية.79 : ( )5سورة الأنبياء/الآية.57 : ( )6سورة البقرة/الآية.772 : الفصل الثالث :مفهوم الإصلاح ومرجعيته الفكرية والحضارية198 هذا ما يفيد أن لفظة "صلح“ أخذت أبعادا اضطلاحية جديدة .وأنها كلمة معقدة المحتوى ،وعميقة المدلول عمق العملية الإصلاحية. نحاول الآن أن نخضع مفهوم هذه الآيات إلى منهج التفسير الملورضوعي' ‏٤ لاستنتاج جملة من الخصائص التي تقوم عليها العملية الإصلاحية في مفهومها القرآني الإسلامي} : إنها التطبيق الفعلي والعملي للمبادئ والأفكار والقيم التى جاءت بها الديانات ،وتوافقت حولها من التوحيد ومكارم الأخلاق. _ إنها دعوة لعمارة الأرض بالخير في مجال السياسة والاجتماع والعمران والاقتصاد. ۔ إنها عملية معاكسة للفساد ومحاربة له في كل صوره وأشكاله. إنها عملية شاملة لنشر الخير والدعوة إليه وإشاعته بين الناس. إنها دعوة شاملة للالتزام بالقيم والمبادئ الأخلاقية التي دعت إليها سائر الديانات. إنها مسايرة للفطرة الإنسانية وكل ما جبل انته عليه الإنسان على مستوى المعتقدات والسلوك. إنها دعوة لتوحيد النه تعالى وتنزيهه وإفراده بالعبودية دون سواه. إنها عملية مستمرة ودائمة ومتجددة لنقل الإنسان من حالة الانحراف عن منهج النه تعالى إلى حالة الالتزام بمنهج النه تعالى عقيدة وسلوكا. ( )1يعتمد التفسير الموضوعي للقرآن الكريم على عدد من الخطوات العامة للتفسير .كالدراسة اللغوية والدراسة التحليليةإ ثم يضيف إلى ذلك تجميع الأفكار المستخلصة من كل آية على حدة حول الموضوع الدروس؛ لاستتاج تصور قرآني أو نظرية إسلامية تضبط معالجة القرآن لذلك الموضوع أو المصطلح. يراجع ني ذلك :محمد حسين الذهبي :التفسير والفسرونك ط \2دار الكتب الحديثة .القاهرة .مصر. 679ام .صلاح عبد الفتاح الخالدي :التفسير الموضوعي بين النظرية والتطبيق" دار القلمء/6 بيروت لبنان !799 .م احد رحماني :القير الموضوعي نظرية وتطبيقا ،الجزائر باتنة .منشورات جامعة باتنة .ط ا ‏ ٨دت. 991البحث الأول :مفهوم الإصلاح بين اللغة والاصطلاح القرآني إنها دعوة لتوطيد العلاقات داخل المجتمع انطلاقا من الفرد إلى الأسرة إلى المجتمع بين أحزابه وطوائفه ومذاهبه ،وسعي دائم لإعادتها إلى حالتها الصحيحة بعد اختلالها. إنها عملية ربط مستمر للفرد المسلم بمصيره الأخروي وتذكيره به .بوضع قلبه بين حالتى الخوف والرجاء ودفعه لنيل رضا النه وثوابه وتحذيره من غضب اته وعقابه. . إنها عملية معقدة شاقة متعددة الجوانب تقتضي الإعداد المتمثل ني المصلح والمصلح والمنهج والوسائل وزمن الإصلاحه"'. على ضوء هذه المقومات والخصائص المستمدة من عمق المفهوم القرآني لمعنى الإصلاح نحاول أن نضبط له التعريف الاصطلاحي الآتي: الإصلاح هو عملية اجتماعية معقدة ،مرجعيتها الدين الإسلامي عقيدة وشريعة .هدفها إحداث تغيير إبابي ونقل نوعي للمجتمع على مستوى حياة الأفراد الروحية والعقلية والسلوكية .وعلى مستوى المنظومة الاجتماعية هم في كل أبعادها حتى تستقيم هذه الحياة على طاعة النه تعالى ،وإخلاص العبودية له وتحقيق الاستخلاف في الأرض والتمكين لدين النه تعالى .وهذا يقتضي تحديد: هدف واضح المعالم .ومنهج واضح الخطوات بما يتناسب مع الظروف الزمنية والمكانية التى تحدث فيها عملية التغيير. إن هذا التحديد للمفهوم القرآني لمصطلح الإصلاح يمكننا من اتخاذه معلما ومرجعا ،يسمح لنا عرض آراء أعلام الحركة الإصلاحية عليه في كل مجالاتها .ومعرفة ما مدى قربها أو بعدها في جانبها النظري والعملي من التصور القرآني. ) (1قام الدكتور أحد عيساوي بدراسة هنا الوضوع ف أطروحته للدكتوراه واستخلص خصائص مهمة للعملية الإصلاحية في مفهومها القرآني .انظر :عيساوي :الشيخ العربي التبسي مصلحًا .ص.522 -222 الفصل الثالث :مفهوم الإصلاح ومرجعيته الفكرية والحضارية200 -3مرادفات الإصلاح: تبدر الإشارة إلى أن الفكر الإسلامي عرف العديد من المصطلحات وتداولها للدلالة على المعنى الاصطلاحي للإصلاح أو ما اقترب منه مثل: النهضةة التغيير ،التجديد النهوض الدعوة التحضر البعث ،الاحياء. إن الناظر ي هذه الألفاظ وفيما كتب حولها يبد أنها جميعا تشترك في دراسة إشكالية واحدة وتدور حولها ،التى تمثلت أساسا في كيفية تغيير أوضاع المجتمع الإسلامي والإصلاح من أحواله لأجل أن تحقق العبودية والاستخلاف والتمكين في الأرض وفق منهج الرسول الكريم محمد يلة. لذا فهي تشترك في المعنى العام 5وتوجد بينها نقاط تلاق وتقاطع جوهرية ،مع تسجيل فوارق واختلافات في جوانب فرعية جزئية. ولقد وقع اختياري على مصطلح الإصلاح دون غيره ،وانصب التحليل والبحث عليه لسببين رئيسين اثنين هما: 1إنه المصطلح الأكثر تداولا في القرآن الكريم للدلالة على حركة التغيير الاجتماعي. -2إن زعماء النهضة الإصلاحية الحديثة والمعاصرة اختاروه ووظفوه في خطاباتهم وكتاباتهم أكثر من غيره من المصلحات الماضيةه" 5واعتبروا أنفسهم مصلحين“ وسموا نشاطهم وجهودهم حركة إصلاحية أو نهضة إصلاحية. فما مفهوم الإصلاح عند أعلام الحركة الإصلاحية وما هي خصائصه وميزاته؟ ([) على سبيل المثال :سمى أعلام جمعية العلماء المسلمين الجزائريين أنفسهم مصلحين{ وسمى الشيخ بيوض حركته بالإصلاح وسمى الشيخ عبد الرحمن بكلي كتابه :مسيرة الإصلاح في جيل وسمى الدكتور رابح تركي اطروحته للدكتوراه :الشيخ عبد الحميد بن باديس رائد الإصلاح والتربية في الجزائر .وسمى الأستاذ محمد علي دبوز موسوعته :اعلام الإصلاح في الجزائر .وسمى الأستاذ أحمد الخطيب كتابه :جمعية العلماء المملمين الجزاتريين وأثرها الاصلاحي في الجزائر. 102البحث الثاني :مفهوم الإصلاح عند أعلام الحركة ‏ ١لاإصلاحية الميحتث التا ني : مفهوم الإصلاح عند أعلام الحركة الإصلاحية أ-مدخل منهجي: 1۔تحول الإصلاح من الفكرة إلى الحركخ: سبقت الإشارة في الفصل السابق إلى أن الفكرة الإصلاحية شهدت مراحل إعدادية .ولدت فيها ونشأت نشاتها الأولى ،وكانت السمة البارزة لتلك الفترة همي كون الإصلاح أفكارا يعتقد بها اشخاص سواء كانوا علماء أم أعيانا أم عامة؛ دون أن تتحول إلى حركة اجتماعية واضحة المعالم. إذ أن المجتمع ما زال لم يستطع أن يحتضن الفكرة الإصلاحية حق الاحتضان لتصبح جزءا منه يتنفس بها ولا يستطيع العيش من دونها ،لذا لم تستطع الفكرة أن تتحول إلى مشاريع ميدانية ومؤسسات قاعدية في مفاصل المجتمع .ولم تستطع أن تخترق الهيئات العرفية الدينية المسيرة للمجتمع اختراقا حقيقيا حتى تعطي له النفس والدفع اللازمين اللذين يمكنانها من الثبات والتمركز ثم الانطلاق القؤي. لقد كان لتراكم الجهود السابقة في مسيرة الإصلاح ،ولتسارع الأحداث التي شهدها المجتمع الجزائري بصفة عامة ووادي ميزاب بصفة خاصة مع مطلع القرن العشرين؛ وبالذات بعد الحرب العالمية الأولى ":أثره الفعال في إعادة بلورة الفكرة ( )1يرى الشيخ أبو اليقظان أن احداث الحرب العالمية الأولى هزت المجتمع الجزائري والمجتمع الميزابي وأيقظته من سباته العميق وحركت فيه إرادة الإصلاح وعزمته .انظر :إبراهيم أبو اليقظان :عغتارات من صحف ابي اليقظان جريدة وادي ميزاب 9291 - 6291 .م .إعداد وتقديم :عخمد صالح ناصر .نشر مكتبة الريام 4241ه3002 /م .مقال بعنوان :شعور الأمة نائم فماذا ينبهه؟‘ ص .06 -75 وكذلك يرى الشيخ عبد الرحمن بكلي ان ما هز وادي ميزاب وايقظه إضافة إلى الحرب العامية الأولى. مسألة التجنيد الإجباري التي زلزلت أركانه ودفعته إلى توحيد جهوده ولملمة صفوفه حيث يقول :ه تنبه الفصل الثالث :مفهوم ‏ ١لإصلاح ومرجعيته الفكرية والحضارية202 الإصلاحية من جديد ونقلها من طور احتضان الأفراد لها إلى طور احتضان الجماعات والمؤسسات ،ومن طور العمل الفردي إلى طور العمل الجماعي؛ الذي يتطلب تنسيق الجهود ،وتوحيد ألرؤى" وترتيب الصفوف©ؤ وتوزيع الأدوار. مع هذا التطور السياسي والاجتماعي المتسارع أضحى على الفكرة الإصلاحية وجوبا أن تجد فها كفاءات علمية واجتماعية تتولى قيادتها وتتدبر ونها وتفكر في أوضاعها وتخطط لمستقبلها 5وتسير بها في اتجاه الأهداف التي رسمتها وسلكت في سبيل إنبازها أشواطا. وفقا لهذه الحيثيات اكتمل نضج الفكرة الإصلاحية في الأذهان وتوفرت لها الدواعي والأسباب لنقلها من مرحلة الفكرة إلى مرحلة الحركة الاجتماعية ذات الخط الفكري والمنهج العملي والمؤسسات الميدانية. يبدو لي أنه كان لزاما عليها أن يحصل فها هذا التحول والانتقال النوعي ،ولم تكن مختارة في ذلك؛ فقد كان بين يديها خياران لا ثالث لهما؛ إما اللبات والتجدر والانطلاق القوي بواسطة حركة اجتماعية متكاملة يجتضنها المجتمع او الموت والفناء والخروج من حلبة التاريخ نهائيا. وذلك نظرا للظروف السياسية والاجتماعية الى.تحيط بها وتوجد بداخلهاء من وطأة للقوى الاستعمارية ذات النفوذ والشدة ،ومحاربتها لأي صوت مناد شعور ميزاب كغيره من الأقطار على زعقات الحرب العالمية الأولى ،فاخذت تستيقظ شيئا فشيئا على حتى قرعتهاف تشنج.وشعوراتوالي ‏ ١لأيام وتتابع السنين تبعا لتطور الحياة .وإن كانت يقظة ف فتور قارعة التجنيد الإجباري من جديد سنة!919م .فزلزلت منها كل ركن" فبئثت في أعصابها حيوية جديدة وحفزتها إل تكتبل قواها 3وتوحيد اتحهاهاتها!.بكلي :مسيرة الاصلاح .ص. 09 وكذلك يعتقد الدكتور محمد ناصر ان التشكل الحقيقي للحركة الإصلاحية كان بعد الحرب العالية الأول ف حدرد سنة5291م .مقابلة مع الاكتور محمد ناصر الجزائر جويلية.5002والرأي نفسه يعبر عنه ف كتابه :حلقة العزابة 5ص .02حن يقول « :ولكن التطور الحقيقي إنما ظهر على يد الشيخ بيوض مع بداية النهضة الإصلاحية بعد الحرب العالمية الأولى'. 302البحث الثاني :مفهوم الإصلاح عند اعلام الحركة الإصلاحية بالتغيير والإصلاح ومن ترد اجتماعي على مختلف الأصعدة من فاقة وجهل وتفرق وهوان .فاختارت مدفوعة بالأحداث التحول إلى حركة اجتماعيةش ولم ترض بالبقاء في مكانها إلى أن يقضي عليها الزمان ويعود بها إلى نقطة الصفر. كما يبدو لي أن قيادات الحركة الإصلاحية وجدت نفسها بادئ الأمر أمام ` أمر الواقع :،اختارهم القدر ووضعهم في صدارة المجتمع ولم يمهلهم من الوقت ما يتدبرون فيه أمرهم ويفكرون في حالهم وما يستقبلهم من عظم المهام وجلل الأمور إذ لم يكن في حسبانهم أن الفكرة الإصلاحية ستتحول بين أيديهم إلى حركة يحتضنها المجتمع ثم تكبر وتتطور لتصبح مدرسة ومشروعا حضاريا متكاملا ،ثم تقوم بعملية تغيير اجتماعي شامل ،وتقود حروبا فكرية وسياسية على أصعدة عديدة«"'. لقد تزامنت هذه المرحلة الخطيرة والحرجة في عمر الفكرة الإصلاحية مع وجود عدد من الشخصيات الاجتماعية والعلمية في وادي ميزاب؛ معظمهم من تلاميذ قطب الأيمة حمد بن يوسف اطفيش إلا أنه لم تظهر من بينهم شخصية جامعة تلتف حولها الجماهير .إذ كانت الحركة في أمس الحاجة إلى هذه الشخصية القيادية القوية علميا واجتماعيا .حتى تجمع الكلمة منن حولها وتوحد الصف وتقود القافلة .فكأن الحركة كانت تبحث لنفسها عن هذه الشخصية ولما تجدها. ( )1هذا ما يستشف من خطاب الشيخ بيوض وموقفه-وهو لا يزال شابا ني متصف العشرينيات-لحظات توليه قيادة المجتمع خلفا لشيخه المتوفى الحاج عمر بن يحيىس فلم يجمل خطابه ما يوحي أنه قادم على قيادة حركة تغييرية تعم وادي ميزاب في كل مناحي الحياة. والراي نفسه يفهم من الأحداث التي تزامنت مع وفاة شيخه الحاج عمر بن يحيىؤ والتي تلتها بقليل. المتمثلة في انقسام طلبته إلى صفين .صف بقيادة الشيخ عمر بن الحاج مسعود وصف بقيادة الشيخ بيوض واختلافهم حول الإصلاحات اللازمة في الجانب التعليمي التربوي لمعهد شيخهم المنوفى 6وكذا اختلافهم في موقفهم من بعثة الطلبة إلى تونس .دون أن يتعدى ذلك إلى وجود حركة اجتماعية شاملة. يراجع في ذلك :سيد شريفي 6معهد الحياة نشاته وتطوره .ط [ ،المطبعة العربية ،غرداية[ 989م. ص .65 -52محمد علي دبوز :اعلام الإصلاح في الجزائرؤ ج .2ط ا 6مطبعة البعث‘ قسنطينة ،الجزائر. 6791 /م‘ ج .ص.191 -0916 الفصل الثالث :مفهوم ا لإصلاح ومرجعيته الفكرية والحضارية204 حتى ظهر على واجهة الأحداث شاب طموح يدعى إبراهيم بيوض برز بشخصيته القوية إثر وفاة شيخه الحاج عمر بن يحيى-احد تلاميذ القطب-في بلدته القرارة ،فما كان منه إلا أن يتلقف الراية منه ويواصل الطريق من بعده مؤسسا لعهد جديد في مسيرة الإصلاح .وناقلا لها من طور الإعداد إلى طور النضج" ومن طور العمل الفردي إلى طور العمل الجماعي ،مؤسسا حركة اصلاحية معاصرة عند إباضية الجزائر .تحولت مع مرور الزمن إلى مدرسة ذات فكر ومنهج ومؤسسات واتباع. 2۔ الإصلاح مدرستفقفكريہ: إن تحول الإصلاح من الفكرة إلى الحركة يقتضي النظر إليها والكشف عن فكرها وآرائها على أساس أنها تشكل مدرسة واحدة تمثل كتلة فكرية تشترك في التوجهات العريضة والأهداف المحددة وخطة العمل المتبعة في القضايا والمسائل المطروحة والمدروسة. إذ يفترض أن يكون بين أقطابها واعلامها تفاهم وتوافق وتكامل وتقاسم للادوار في العملية الإصلاحية ،وأن فكرة أحدهم أو موقفه هي فكرة المدرسة وموقفها وقناعتها ،وأنها تعبير عن رايها ووجهة نظرها ،مع إمكانية الاختلاف في بعض المسائل الفرعية وتعدد وجهات النظر حوفا ،والتى تكشف عن هامش الحرية والاجتهاد والحوار الموجود داخل أي مدرسة بل هو ثمرة من ثمارها. بناء على هذا المفهوم فإن صحافة الشيخ إبراهيم أبي اليقظان تعد لسان حال المدرسة الإصلاحية وأحد منابرها الفكرية المعبرة عن قناعاتها وتطلعاتها وتوجهاتها. يقول الدكتور محمد ناصر « :وهكذا أصبحت جريدة ”وادي ميزاب“ اللسان الناطق باسم الحركة الإصلاحية بعامة وفي وادي ميزاب يخاصةة وأصبحت بالتالي كل الصحف التي أنشاها آبو اليقظان المنبر الحر الذي ارتضاه 502البحث الثاني :مفهوم الإصلاح عند أعلام الحركة الإصلاحية رجال الإصلاح لهم ،وتصبح مرآة ينعكس عليها تاريخ هذه الحركة فكرا واعمالا زعامة وتوجيها؛"‘. كما كانت هذه الصحافة ميدانا فسيحا للمصارعة والمناطحة الفكرية بين الإصلاح والتيارات الأخرى المعارضة له والمناوئة داخل وادي ميزاب أو خارجه في الجزائر والعالم الإسلامي. يقول الدكتور محمد ناصر أيضا « :من هنا تكون المقالات التى كتبت في هذا الاتحباه ذات دلالة عريقة لأنها تمثل نوعا من الصراع الفكري الذي كان محتدا بين اتجاهين متعارضين كلاهما يريد السيطرة على أفكار العامة ويقاوم في سبيل بقائه وانتشاره»ف. كما أن خطابات الشيخ إبراهيم بيوض ودروسه في التفسير والدعوة والوعظ تعد الصورة نفسها السالفة الذكر في التعبير عن فكر المدرسة الإصلاحية وعن توجهاتها ومنهجها وآرائها في قالب خطابي شفوي. هذا ما يقرره مؤرخ الحركة الإصلاحية الأستاذ محمد علي دبوز في كتابيه: أعلام الإصلاح في الجزائر ،ونهضة الجزائر الحديثة وثورتها المباركةى حيث أفاض في الكلام عن الحركة الإصلاحية وجهود أعلامها الميدانية في الجبهات الإصلاحية المختلفة! وعلى رأسهم زعيمها الشيخ بيوض. فهو يرى أن الفضل الأكبر يعود إلى الشيخ بيوض في بناء هذا المجتمع اللسجدي ووضع قواعده وأسسه وذلك بجهاده الدعوي الذي استمر أزيد من نصف قرن من الزمن© ويدروسه العظيمة القيمة التي كانت تدوي أرجاء المساجد ) ) 1ناصر :أبو اليقظان وجهاد الكلمةء ص.48 ) (2الرجغ نفسه :ص.48 ( )3اطلقت على الأستاذ محمد علي دبوز تسمية مؤرخ الحركة الإصلاحية .لأني أراه أكبر من اهتم بالتاريخ للحركة الإصلاحية وتتبع مراحلها واعمالا 6وذلك في كتابيه الملوسوعيين :أعلام الإصلاح في الجزائر ف خحسة أجزاء.ونهضة الخزائر الحديثة .ف ثلائة أجزاء . الفصل الثالث :مفهوم الإصلاح ومرجعيته الفكرية والحضارية206 وامحافل ،وبنزوله إلى الميدان بخطة عملية متكاملة فاستطاع أن يزرع في قلوب الناس ووعيهم أخلاقا واستقامة على نهج القرآن الكريم 6وحبا وتاييدا لحركة الإصلاح و'ستعدادا قويا للاستجابة السريعة إل كل ما يمليه المسجد أو يدعو إليه فعلا أو تركا". يقول الأستاذ نور الدين سكحالأً في حديثه عن الدور الإصلاحي للشيخ بيوض « :إن الشيخ جمع في عمله الإصلاحي بين الفكر والعمل .فقد كان عالما با لدين عقيدة وشريعة .ملتزما مقتضيات هذاا لعلم في فكره وسلوكه.لكنه يكتف بذلك ،بل سعى ليجعل من هذا العلم واقعا في حياة مجتمعهه؛“'. ويقول عنه الدكتور عيسى قرقب' « :إن إبراهيم بيوض الزعيم الروحي والسياسي لمنطقة ميزاب قد سجل أعمالا وطنية وفكرية جليلة في تاريخ الجزائر المعاصر فقد أنشيأ الكتاتيب القرآنية والمدارس الحرة والمساجد والمغاهد على غرار ما قام به أقرانه العلماء بزعامة ابن باديس ...ووجه المجتمع الإباضي توجيها سليما يجمع بين الأصالة والمعاصرة للحفاظ على حصانة الشعب وتفتحه على ثمار الحضارة الحديثة .فجعل منه شعبا متماسكا متضامنا“. المنفى واولكنلشاطم نفسه يقال:عن الشيخ أبي إسحاق إبراهيم اطفيش الذي عاش في ضمن الفكر الإسلامي الواسع مع أقطاب الدعوة والنهضة في أرض ( )1دبوز :نهضة الجزائر ج! ،ص.802 - 791 (( )2على قيد الحياة) أستاذ بجامعة الأمير عبد القادر للعلوم الإسلامية بقسنطينة. م .رسالة ماجستير. 9981م0891 /ومنهجه ف الإصلاح.براهيم بيوضالشيخنور الدين سكحال:) (3 جامعة الأمير عبد القادر للعلوم الإسلاميةؤ قسنطينة .معهد أصول الدين ،قسم الدعوة والإعلام ،س ج: .5991 - 4ص.091 (( )4على قيد الحياة) أستاذ بجامعة ادرار للعلوم الإسلامية. ( )5عيسى قرقب :الإمام إيراهيم بيوض رائد الحركة الإصلاحية ق الججوب الجزانريث -91 قسمجامعة قسنطينة.التاريخ الحديث والمعاصر.دولة ف 98 ١ - ١ 920ا6اطروحة دكتوراه‏/ ١ 40 ١ .102التاريخ .س ج 6991 -5991 :ص 702البحث الثاني :مفهوم الإصلاح عند اعلام الحركة الإصلاحية الكنانة مصر-قلب الإصلاح في العالم الإسلامي -فرأى في ذلك قياما له بدور ضروري للحركة الإصلاحية على الساحة الإسلامية؛ ريما لا يتسنى لغيره في مجال التعريف بفكرها ومشروعها الحضاري .وذلك من خلال جهوده في ميدان الصحافة والدعوة ونشر التراث ومن خلال متابعته الدقيقة لأعمال الحركة الإصلاحية في الجزائر بمراسلاتهأ"" المستمرة مع قادتها وزعمائها؛ خاصة منهم )الشيخ أبو اليقظان الذي كان رفيق دربه وحامل همومه. يقول الشيخ محب الدين الخطيب( « :هبط صديقنا الأستاذ العلامة الشيخ إبراهيم اطفيش وادي النيل مهاجرا إليه من وطنه الجزائر من قبل أن يولد ”الفتح“ واكتسبنا صداقته من السنة الأولى التى اتخذ فيها الوطن :المصري وطنا ثانيا له ،فكنا نحن وجميع أفاضل المصريين نعجب بصدقه وصلابة .دينه واستعداده للمشاركة في كل خير .فما قامت لخير الإسلام جماعة من ذلك الحين ولا أرسل المنادون إلى الفلاح صوتهم في أمر .إلا كان أبو إسحاق اطفرش في مقدمة المعينين على ذلك‘ ومقالاته المتعددة في هذه صحيفة الفتح وفي أختها الزهراء شاهد على فضله ودليل على حسن بلائه في سبيل وحدة المسلمين جزاه الله خيرا. والكلام نفسه يقال عن الشيخ عبد الرحمن بكلي بكونه أحد قادة الحركة الاإاصلاحية في وادي ميزاب من خلال نشاطه الدعوي الاجتماعي والتعليمي والتربوي. ( )1يراجع في ذلك :إبراهيم أبو إسحاق اطفيش :مجموعة رسائل الشيخ ابي إسحاق للى الشيخ أبي اليقظانض جمع الدكتور محمد ناصر .دت. ( )2ناصر :الشيخ إبراهيم اطفيش ،ص.95-791 )3( .حب الدين الخطيب - 3031( :‏ 1969 - 1886 /٨1389م) من كبار كتاب ودعاة الفكر الاسلامي اللعاصر ،ولد في دمشق وتعلم بها وفي الآستانة .استقر في القاهرة وعمل محررا في جريدة الأهرام ،واصدر مجلتين هما :الزهراء والفتح .كما كان من اواتل مؤسسي جمعية الشبان المسلمين .كما تولى تحرير مجلة الأزهر صت سنوات .نشا المطبعة السلفية ومكتبتها 6فاشرف على نشر الكثير من كتب التراث ۔ من مؤلفاته :اتجاه اللوجات البشرية في جزيرة العربؤ تاريخ مدينة الزهراء بالأندلس .الزركلي :الأعلام؛ جك .ص.282 ( )4النص منشور ضمن كتاب :ناصر :الشيخ إبراهيم اطفيش© ،ص.15 الفصل الثالث :مفهوم ‏ ١لإصلاح ومرجعيته الفكرية والحضارية208 يقول الدكتور محمد ناصر بوحجام في معرض الحديث عن دوره الإصلاحي: «وهو مصلح دبني واجتماعي اسهم مع زملائه في إصلاح المجتمع ومحاربة البدع والخرافات وبث الوعي الدينى والوعظ والإرشاد في المساجد والمناسبات والتعليم في المدارس والكتابة ني الصحف والتأليف والتحقيق» ". ويقول الدكتور مصطلفى باجو « :الشيخ عبد الرحمن الذي كان واحدا من صناع حركة أ لا صلاح .وأحد حداتها ومرا بطا على ثغر من ثغورها } يرجي ‏ ١لمسير ويرقب القافلة .يدفع عنها العوادي؛ وينافح عنها ف كل ناد وينزل بركانا على كل من رام كيدا ما أو وقفا ف مسيرتها! 2 والكلام نفسه يقال عن الشيخ عدون شريفي الذي كان العضد الأيمن للشيخ بيوض؛ مرابطا في ميدان التعليم في وادي ميزاب وخارجه فكان شاهدا على العصر في تطور الحركة الإصلاحية وتقييد أعمالا عن طريق التقارير التربوية ومحاضر الاجتماعات والمراسلات الكثيرة مع أقطاب الحركة الإصلاحية وهيئاتها. يقول الدكتور محمد ناصر :ه يعتبر الشيخ عدون أحد الركائز الأساسية للإصلاح بوادي ميزاب‘ شارك في إعلاء بنيانه بجهده وفكره وكتاباته ،ومرابطته الطويلة المستمرةفي واجهة ة التعليم والثقافةؤ وإنا لا نعد مبالغين إن زعمنا أن التعليم ۔ ولا سيما في القرارة .وكثير من مذن التل ۔ ما كان ليبلغ ما بلغ لولا `جهود الشيخ عدون الشخصية... وأحسب الشيخ عدون شاهد عصره والدليل عليه لأنه ممن أطال الثه عمره في الجهاد وبارك فيه ،وقد تبين لنا من خلال رسائله في الثلائينينات تحمسه ( )1محمد ناصر وحجام :مقال بعنوان :الشيخ عبد الرحمن بكلي شاعر الإصلاح .مجلة الحياة ،الصادرة عن معهد الحياة بالقرارة -الجزائر ع.9ص.902 ) (2مصطفى باجو :مقدمة في كتاب :مسيرة ا لإصلاح ني جيل للشيخ عبد الرحمن بكلي .ص.41 ( )3شريفي :معهد المحياة ،كله. 902البحث الثاني :مفهوم الإصلاح عند أعلام الحركة الإصلاحية ونصرته الدائمة لزعيمه وشيخهوموقفه الحازم من قضاياهالشديد للإصلاح. الشيخ بيوضه". إذن فالروح الموجودة التى تسري في عروق كل هؤلاء الأعلام وفي دمائهم واذهانهم هي نفسها في خصائصها وأهدافها ومنهجها ،رغم اختلاف الأدوار التى كان يقوم بها كل واحد منهم الناتج عن تقاسم المهام فيما بينهم. كما أن هذه الروح موجودة في طبقة عريضة من الأعيان والمشايخ وعموم الناس؛ ممن ساند الحركة الإصلاحية وآزرها ،وقامت منجزاتها على أكتافه. هذا ما سيحملنا للحديث عن فكر الحركة الإصلاحية في أوجهها المختلفة ومن خلال أعلامها العديدين على أساس أنها نتاج مدرسة لا نتاج أفراد. بعد ذلك ينبغي التساؤل عن الممثلين الشرعيين لهذه الحركة الذين يحق لهم الحديث باسمها والتعبير عن مواقفها وآرائها؟ 3۔ لسان الحركخح الإصلاحيہ: إن دراسة الحركة الإصلاحية يقتضى ضبط منابعها الفكرية بدقة ،وتحديد اصحاب الشرعية فيها ،ومعرفة لسانها الناطق باسمها .هذه المنابع المتمثلة في أقطابها الذين سيعول عليهم في فهم الفكر الإصلاحي والتعبير عنه .ذلك أن الحركة شهدت معارضة داخلية شديدة شقت المجتمع الميزابي إلى تيارين متصارعين؛ تيار الإصلاح والتجديد من جهة وتيار المحافظة والجمود من جهة أخرى .وكان لكل فريق عدد من العلماء والمشايخ والأعيان وجماهير من العوام. ومن الضروري التمييز بين التيارين لكونهما عاشا في الزمان والمكان نفسه؛ للتمكن من فهم كل فكر على حدة ثم فهم أسباب الاختلاف والصراع الفكري الدائر بينهما حول الكثير من القضايا والمواضيع .وإمكانية تقويمه ونقده. ( )1محمد ناصر :مقال بعنوان :من رسائل الشيخ عدون للى الشيخ ابي اليقظان مجلة الحياة .الصادرة عن معهد .141711الحياة بالقرارة-الجزائر .ع 95ص 16 الفصل الثالث :مفهوم الإصلاح ومرجعيته الفكرية والحضارية210 يؤسس الشيخ عبد الرحمن بكلي لفهم حقيقة هذا الصراع في حديثه عن فلسفة الاصلاح وعلاقتها بفهم الإسلام فيقول « :إنما اختلاف المدارك في فهم تلك التعاليم على حقيقتهاى جعل الناس أزاءها قسمين ،مصلح مجاهد .ومقلد جامد فمن رآها مبعث سعادة وسيادة ،وأساس مدنية وعمران ...فذلك المصلح المجاهد. ومن رآها باعث انزواء وانكماش وداعية عزوف عن الدنيا وزهراتها ،وانقطاع عن الحياة المادية إلى الحياة الروحية امحضة\ وابتعاد عن اقتحام لجي الاجتماع.. فذلك المقلد الجامد! ه". يصف الأستاذ محمد علي دبوز طبيعة هذا الصراع الذي كان طرفا شاهدا فيه فيقول « :لقد اشتدت تلك المعارك في وسط الثلائينيات بين الشيخ بيوض زعيم الإصلاح في ميزاب وأعداء الإصلاح الألداء ...ولما جاء العلماء الملصلحون ...دعوا للى النهضة في كل النواحي واتباع الطرق الحسنة القريبة في كل الميادين ...وأنكر اللصلحون الانكماش والجمود والخمول والجهل والفقر والرضا بالدون ...فسول لهم الحسد والأنانية وحقد الضعيف على القوي الثورة على الإصلاح فوقفوا تحت راية رؤوس المعارضة للإصلاح يؤيدونهم في حربهم للمصلحين“. إذن :فاصحاب الحركة الإصلاحية عند إباضية الجزائر هم علماء الجيل الأول منها؛ الذين تلقفوا الفكرة الإصلاحية من مشايخهم الذين سبقوهم في الإعداد لها كما بينا ذلك في الفصل السابق -وهم الذين قادواوقطعوا الأشواط الأولى فيه صفوفها ونظروا أفكارها وبذوروا مدرستها وصنعوا أحداثها وينوا مؤسساتها بتقاسم للأدوار وتكامل فيما بينهم بانسجام وتفاهم وتعاون وتشاور. ستكون العمدة على إنتاجهم الفكري كتابة وخطابة ،كما ستكون أعمالهم معا ل ‏ ١لفكروموا قفهم مسرحا للتحليل وا لنقد وا لتمحيص ل جل استخلا ص ( )1بكلي :مسيرة الإصلاح ،ص.22 ) (2دبوز :أعلام الإصلاح .ج .4ص-82۔ .9 112البحث الثاني:مفهوم ‏ ١لإصلاح عند أعلام الحركة الإصلاحية سنحتاج أحيانا في إبراز إحدى أفكارهم العودة إلى أحدهم مكتفين به؛ إيمانا منا من أنه موقف أو رأي للحركة كما سنحتاج أحيانا أخرى لعرض أكثر من رأي لهم حول المسألة الواحدة عندما تتباين مواقفهم حوفاء أو تتعدد طريقة معالجتهم ها. هؤلاء هم: الشيخ إبراهيم بن عمر بيوض. الشيخ إبراهيم بن عيسى أبو اليقظان. الشيخ عبد الرحمن بن عمر بكلي. الشيخ أبو اسحاق إبراهيم بن محمد اطفيش. .الشيخ سعيد بن بالحاج شريفي (الشيخ عدون). يحسن بنا أن نقف على ترجمة هذه الشخصيات قبل أن نرى فصولا من جهادهم وأعمالهم في ثنايا البحث: = الشيخ إبراهيم بن عمر بيوض: 12أفريل 1 998م-ت :الاربعاء8ربيع(و 11 :ذي الحجة 3131ه/ الأول41 /1041جانفي 1891م) أحد علماء الجزائر العاملين ورائد النهضة الإصلاحية المعاصرة في وادي ميزاب .دخل المدرسة القرآنية في مسقط رأسه القرارة ،واستظهر القرآن الكريم قبل سن البلوغ} وأخذ مبادئ الفقه والعربية عن مشايخه الحاج إبراهيم الإبريكي ،وأبي العلا عبد النك والحاج عمر بن يحيى .نبغ منذ صباه فعرف بذكائه وحافظته القوية وفصاحة لسانه .في سنة 0431ه1291 /م خلف شيخه المتوفى الحاج عمر بن يحيى في قيادة الحركة العلمية قي بلدته .والوعظ والإرشاد في المسجد .ودخل معترك العمل الاجتماعي والدعوي والتربوي" وعين سنة 9531ه0491 /م شيخا لحلقة العزابة في بلدته. اسس في تاريخ 81 :شوال 3431ه 12 /ماي 5291م معهد الحياة للتعليم الثانوي ،وفي سنة 0531ه1391 /م افتتح درس الحديث الشريف من كتاب فتح الفصل الثالث :مفهوم الإصلاح ومرجعيته الفكرية والحضارية212 الباري شرح صحيح البخاري!" لابن حجر العسقلاني واختتمه بحفل علمي بهيج سنة2631ه5491 /م .كما شرح العديد من الكتب في المسجد لعموم الناس .وفي محرم سنة3531ه /ماي 3591م-بعد أن أ تفسير جزء عم - اننتح درس تفسير القرآن الكريم من فاتحته ،واختتمه يوم52زبيع الثاني وأقيم له مهرجان كبير بهذه المناسبة ،حضره حشد 21 /فيفري 08910 كبير منالأيمة والعلماء والمسؤولين منكافة امحاء القطر الجزائري. .في سنة 0531ه1391/م شارك في تاسيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين" وأسهم في صياغة قانونها الأساسي .وانتخب عضوا في إدارتها الأولى. فاسندت إليه نيابة أمين مالها .وني سنة 6531ه7391 /م أسس جمعية الحياة بالقرارة المشرفة على نشاطها العلمى والاجتماعى .كما كانت له مشاركة فعالة بمقالات في صحافة الشبخ أبي اليقظان .وفي سنة 9531ه0491 /م حكم عليه الاستعمار الفرنسي بالإقامة الجبرية داخل القرارة لا يغادرها لمدة أربع سنوات، تفرغ خلالها لتكوين أفواج من الطلبة .وفي سنة 8631ه 8491 /م كان من بين الأربعة الذين أمضوا على برقيات ورسائل التاييد باسم اللجنة الجزائرية الفلسطينية لقضية فلسطين في الجامعة العربية .وكان عضوا في لجنة إغاثة فلسطين. دخل معترك الحياة السياسية بعد خروجه من الإقامة الجبرية .وبعد نهاية الحرب العالمية الثانية ،فطالب بإلحاق الصحراء بالجزائر مناهضا مشروع الدستور ) (1محمد بن إسماعيل البخاري - 491( :‏ 810 /٨256۔ 078م( حر الإسلام والحافظ لحديث رسول النه صلى انه عليه وسلم .صاحب الجامع الصحيح .واهم كتبه :التاريخ .الضعفاء ف رجال الحديث‘ فزارطلب الحديث.مارى .ونشا يتيما وقام برحلة طويلة ف حلق أفعال العباد الأدب المفرد .ولد ف خراصأان والعراق ومصر والشام .الزركلي :الأعلام .ج .6ص.43 ( )2احد بن علي العسقلاني ابن حجر258 - 377( :ه9441 - 2731 /م) من أئمة العلم والتاريخ .أصله من عسقلان بفلسطين" ومولده ووفاته بالقاهرة .رحل إلى اليمن والحجاز وغيرهما من البلدان لسماع شيوخ الحديث ،وعلت له شهرة فقصده الناس للأخذ عنه واصبح حافظ الإسلام ف عصره كان فصيح اللسان" راوية للشعر .حافظا للتاريخ .ولي القضاء ف مصرا له مؤلفات كثيرة منها:شرح صحيح البخاري .الرجع نفسه :ج اء ص.871 312البحث الثاني :مفهوم الإصلاح عند أعلام الحركة الإصلاحية الذي وضعته السلطات الفرنسية للجزائر سنة 7631ه7491 /م .كما انتخب بالأغلبية يوم11جمادى الثانية 7631ه 02 /أفريل 8491م لنيابة وادي ميزاب في المجلس الجزائري وأعيد انتخابه في سنة 1731ه1591 /م .كما كان منذ اندلاع الؤرة في سنة 4731ه4591 /م إلى سنة 1831ه2691 /م محور النشاط الشوري ميزاب بعامة والقرارة بخاصة .وكان خلال الثورة على اتصال وثيق بالمراسلات السرية مع قيادة جبهة التحرير الوطني ،والحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية في المهجر .وكان يؤمن بأن الكفاح لا يقتصر على رفع السلاح وحدا وإنما يتكامل ببناء النفوس وإعدادها لتحمل المسؤولية والرسالة في المستقبل .ولعل أكبر موقف عرف به هو معارضته لمؤامرة فصل الصحراء عن الشمال .وفي تاريخ3شوال 91 /1831مارس2691؟ بعد إيقاف القتال نتيجة مفاوضات إيفيان ،عين عضوا في اللجنة التنفيذية المؤقتة" تقديرا لكفاءته ووظيفته ،وأسندت إليه مهمّة الشؤون الثقافية إلى يوم تسليم السلطة لأول حكومة جزائرية في شهر ربيع الثاني 2ه /سبتمبر 2691م. في سنة 3831ه3691 /م أحبى نشاط مجلس عمي سعيد وانتخب رئيسا له إلى يوم وفاته .وفي السبعينيات اعتمدته وزارة الشؤون الدينية في إصدار الفتوى بالجمع بين الرؤية والحساب الفلكي في إثبات المواسم الدينية ،وفتواه في اعتبار جدة ميقاتا للحجاج القادمين من المغرب بالطائرة. من تراثه الفكري والأدبي: -تفسير مسجل في حوالي0051ساعة محررة في79421صفحة بعنوان: في رحاب القرآن تحرير الأستاذ عيسى الشيخ بالحاج .وقد طبعت عدة أجزاء منه. -مئات الأشرطة لدروس ثرية ومتنوعة .في المناسبات الدينية والاجتماعية والسياسية .وقد طبعت منها بعض الدروس بعد تحريرها وتحقيقها. -مقالات في مختلف الجرائد والمجلات خاصة منها مجلة الشباب الصادرة عن معهد الحياة ،وجرائد الشيخ أبي اليقظان. الفصل الثالث :مفهوم الإصلاح ومرجعيته الفكرية والحضارية214 -مذكراته الخاصة؛ فقد كان الشيخ حريصا على تدوينها. ومن ثمار جهاده الإصلاحي أجيال من الرجال ،فقد كان يقول دوما: «شُنيلت عن تاليف الكتب بتاليف لرجال». وفي عمر يناهز38سنة ،ختمت أنفاسه الطية وحياته الحافلة بالجهاد . .وشيع جثمانه ف موكب حاشد خاششع .حضره نخبة من مسؤولي ا لدولة .كما أين بجفل عظيم يوم الجمعة12جمادى الأولى 1041ه 72 /مارس ..1891 -الشيخ إبراهيم بن عيسى حمدي أبو اليقظان: (و 92 :صفر 6031ه/اوائل نوفمبر 8881م ت 62 :صفر 3931ه03 / مارس 3791م) ،من علماء الجزائر ووادي ميزاب العاملين" ومن رواد النهضة الإصلاحية المعاصرة .تتلمذ في مسقط رأسه القرارة .ثم انتقل إلى معهد القطب الشيخ اطفيش ببني يزقن فواصل دراسته فيه ،ثم انتقل إلى جامع الزيتونة ودرس على يد علمائها منهم الشيخ الطاهر بن عاشور. تراس أول بعثةعلمية جزائرية ميزابية بتونس عام 2331ه4191 /م؛ ثم عاد إلى الجزائر في بداية الحرب العالمية الآأولى؛ وبعدها تراس البعثة مرة أخرى من سنة 5/719ا!م إلى غاية سنة 5431ه5291 /م. يعتبر شيخ الصحافة الجزائرية المجاهدة؛ حيث أصدر ثماني جرائد وطنية إسلامية باللغة العربية ،فيما بين5-753ا6291-839!1 /م.أوقفها الاستعمار الفرنسي واحدة تلو الأخرى ،وهي على التوالي :وادي ميزاب ،ميزاب© المغربؤ النور البستان" النبراس الأمة ،الفرقان .وهو عضو في جمعية العلماء المسلمين الجزائريين" مكلف بنيابة أمين مالا. ترك اعمالا علمية كثير وثزية تقترب من ستين عنوانا ،منها: ص.63معجم اعلام الإباضية :ج2)(1 :5البحث الثاني :مفهوم الإصلاح عند اعلام الحركة الإصلاحية -سلم الاستقامة. -سليمان باشا الباروني. -ديوان أبي اليقظان. -تاريخ صحف الجزائر العربية. -ملحق سير الشماخي. -فتح نوافذ القرآن. أصيب بالشلل النصفي سنة 5331ه7591 /م ولكن اعماله ونشاطه الثقافي والاجتماعي ظل متواصلا إلى وفاته". -الشيخ عبد الرحمن بن عمر بكلي» الشهيرب.اليكري. (و9131 :ه /الخميس3أكتوبر- . 1091ت :مساء الإثنين3جمادى الأولى 6041ه31 /جانفي 6891م) أحد علماء الجزائر ووادي ميزاب العاملين ،ومن رواد النهضة الإصلاحية المعاصرة .ولد ببلدة العطف‘“ وعرف بالبكري نسبة إلى أبي بكر الصديق الذي ينهي نسبه إليه .اخذ دروسه الأولى ني بلدته بالمدرسة القرآنية والمدرسة الفرنسية .حقظ القرآن الكريم واستظهره في مقتبل العمر .درس علوم اللغة والشريعة على عمه الشيخ الحاج عمر بن حمو بكي بمعهده؛ وعلى يد الشيخ يوسف بن بكير حمو وعلي في دار إروان بالعطف؛ ثامنتقل إلى عاصمة الجزائر للاستزادة من اللغة الفرنسية؛ ودرس عند الشيخ المولود الزريي الأزهري. انتقل إلى تونس سنة 1431ه2291 /م ،والتحق بالبعثة العلمية الميزابية التي كان يشرف عليها الشيخ أبو اليقظان ،ودرس في جامع الزيتونة على يد الشيخ محمد الطاهر بن عاشور وغيره ،ودرس في المدرسة الخلدونية العلوم العصرية .وخلال وجوده في تونس ساعد الشيخ أبا اليقظان في إدارة البعثة ( )1معجم اعلام الإباضية :ج .2ص .25 الفضل الثالث :مفهوم الإصلاح ومرجعيته الفكرية والحضارية216 وكان محتكا بالنشاط العام الدائر في تونس وهنالك تكونت آراؤه السياسية |والوطنية والإصلاحية. عند تاسيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين سنة 0531ه1391 /م حضر الشيخ الجلسة التاسيسية ،وعين عضوا في لجنة صياغة قانونها الأساسي .وفي سنة 4391 /3م عين عضوا في حلقة العؤابة بلدته .وكان وثيق الصلة بالنشاط الصحفي للشيخ أبي اليقظان ويسهم في نشر مقالات في جرائده ،ويساعد في أعماله .وفي سنة 8531ه9391 /م انتقل إلى بلدة بريان ليتفرغ للتعليم ،فاشرف .على مدرستها ،وعين واعظا ومرشدا في مسجدها ثم عضوا في حلقة العؤابة ثم رئيسا لها. ا في سنة 2631ه5491 /م شارك حركة الإصلاح بالعطف في تاسيس جمعية النهضة وعين رئيسا شرفيا لها .ثم اسُس مع إخوانه في بريان جمعية الفتح للإشراف على الحركة العلمية بها .كما كان له نشاط في الثورة تمثل في العمل 6691 /م عين عضوا بالمجلس الإسلاميالسياسي والتنظيمي .وني سنة 6 الأعلىؤ وعضوا في لجنة الإفتاء التابعة لهذا المجلس .كما تولى رئاسة مجلس عمي سعيد بعد مرض الشيخ بيوض ثم بعد وفاته .في السبعينيات نظم ندوة اسبوعية كل يوم أربعاء في منزل يحضرها نخبة من الأساتذة والمرشدين 5استمرت إلى آخر يوم في حياته ،ولا تزال تعقد هذه الندوات إلى يومنا هذا ،وذلك بمسجد بريان، وتعرف ب :ندوة الإربعاء ،أو ندوة الشيخ عبد الرحمن .كما ترك الكثير من الأعمال العلمية منها: -تحقيق كتاب النيل للشيخ الثمينى. -تحقيق كتاب قواعد الإسلام للشيخ إسماعيل الجيطالي. -فتاوى البكري. -جمهرة رسائل البكري. -جمهرة خطب البكري. -مسيرة الإصلاح في جيل. 712البحث الثاني :مفهوم ‏ ١لإصلاح عند اعلام الحركة الإصلاحية تخرج على ێده عدد كبي ر من الطلبة هم الآن خجلفاؤه في ‏ ١لعمل ‏ ١لدعوي وا لإصلاحي وا لتربوي.كم موجودة فا ترك مكتبة ثرية بالكتب وا لخط,طات بلدته المطفه_"". -الشيخ إبراهيم بن محمد اطفيش أبو إسحاق. 6881 /م ت 02 :شعبان62 / 5831ديسمبر 5691م)(و1 503 : أحد علماء الجزائر ووادي ميزاب العاملين ،ومن رواد النهضة الإصلاحية المعاصرة .اخذ مبادئ العلم بمسقط راسه بني يزقن عن عمه قطب الأيمة ،ثم توجه إلى الجزائر العاصمة ،وتتلمذ على يد الشيخ عبد القادر امجاوي" ثم سافر إلى تونس ليستزيد من العلوم العقلية فاخذ عن الشيخ محمد بن يوسف الحنفي والعلامة ' الشيخ الطاهر بن عاشور .نشط في الحزب الحر الدستوري التونسي بزعامة الشيخ 0291م .واصدرت-9عبد العزيز التعالي في سنتي: : فرنسا ضده حكم الإبعاد عن تونس في فيفري 2431ه 3291 /م فاختار التوجه إلى القاهرة واستقر بها واشتغل بالتأليف والتحقيق والطبع والفتوى .ترك رصيدا مهما من الأعمال العلمية أهمها: إصداره في مصر محلة المنهاج بين سنة 4431ه5291 /مإ وسنة 0391 /9م. قيامه بتحقيق العديد من أمهات الكتب وطبعها ،نذكر منها: -تحفة الأعيان بسيرة أهل عمان للسالمي۔ في جزأين. -ثلاثة أجزاء من كتاب شرح النيل. -شامل الأصل والفرع للقطب اطفيش. -مسند الربيع بن حبيب ف الحديث. معجم اعلام الإباضية ج .3ص .125) (1 الفصل الثالث :مفهوم الإصلاح ومرجعيته الفكرية والحضارية `.8 ني عام 9531ه0491 /م أسندت إليه وزارة الداخلية المصرية مهمة الإشراف على قسم التصحيح بدار الكتب المصرية ،وكان من أعماله تصحيح وتحقيق أجزاء من تفسير الجامع لأحكام القرآن للقرطي ،وكذا تصحيح كتاب محمد فؤاد عبد الباقي المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم. تأليفه العديد من الكتب منها: -الدعاية إلى سبيل المؤمنين. -موجز تاريخ الإباضية. -المحكم والمتشابه. -رسالة عصمة الأنبياء. كانت له صلات بالحركات الإسلامية .كما عمل في صفوف بعضها فؤسّسا او مؤازرأ او مشاركً} نذكر منهاا مشاركته في: -تاسيس جمعية الهداية الإسلامية. -نشاطه في جمعية الشبان المسلمين" إذ كان بينه وبين الشهيد حسن البنا علاقات وطيدة. -كما كان عضوا فعالا بجمعية تعاون جاليات شمال إفريقية. كما أسندت إليه وزارة الأوقاف المصرية مهمة الإشراف على الأوقاف الإباضية بمصر. كما كانت تربطه علاقات وطيدة مع الداعية محب الدين الخطيب وكذا الشهيد سيد قطب© والعلامة محمد رشيد رضاء والشهيد حسن البناء وغيرهم من أقطاب الفكر الإسلامي المعاصر. كما كان له إسهام فعال في الثورة العمانية ،فقد كان عضوا نشطا في مكتب إمامة عمان بالقاهرة .وعمل ممثلا لقضية عمان في هيئة الأمم المتحدة .وسافر لأجل ذلك إلى أمريكا لحضور اجتماعات مجلس الأمن .والدفاع عن القضية العمانية. 912.البحث الثاني:مفهوم ا لإصلاح عند أعلام الحركة ‏ ١لاإصلاحية وكانت له رحلات كثيرة ومفيدة 5منها :رحلته إلى زنجبارث واخرى إلى جبل نفوسة .بليبيا؛ وأخرى إلى القدس؛ وأخرى إلى مسقط رأسه ميزا 7 بالحاج شريفي:بن _-الشيخ حدون (و :سنة2091 / 9131م ت :في تاريخ :الثلائاء91رمضان 5241ه / أحد علماء الجزائر العاملين ،ومن رواد النهضة الإصلاحية المعاصرة في وادي ميزاب .ولد في بلدة القرارة ،وتلقى تعليمه الأول في مدارسها القرآنية على يد مشايخه الذين منهم الشيخ محمد الطرابلسيا .سافر إلى مدينة سريانة بالقرب من باتنة للعمل في التجارة تحت طائلة العوز والحاجة .عاد إلى حلقات العلم سنة 0291 /933م وانضم إلى معهد الشيخ الحاج عمر بن يحيى حيث تلقى نصيبا من العلم على يديه .تعرف هنالك على الشيخ إبراهيم بيوض ولازمه في حركته العلمية والإصلاحية منذ بدايتها وكان عضده الأيمن في كل نشاطاته .وبعد وفاة الشيخ بيوض أصبح قائد الحركة الإصلاحية في بلدته القرارة والمشرف على كل . ‏ 1948 /٨1368م.مشاريعها .وتولى مهمة إدارة معهد الحياة منذ سنة كما خلفه ف إدارة جرائدهجرائد الشيخ أبي اليقظانشارك بنشر مقالات ف 6391 /5531م -الجزائر العاصمة بين ستتيأشهر فلملدةسة (0معجم أعلام الإباضية :ج .2ص.44 ( )2محمد بن إيراهيم الطرابلسي قرقر( :و3031 :ه5881 /م -ت :صفر 8631ه 52 /ديسمبر 8491م) أصله من بلدة بريان بميزاب ،ولد بطرابلس الغرب من أم نفوسية .اشتهر بحفظه الجيد لكتاب اله قراءة وتجويدا .وهو شاعر وفقيه .درس في جبل نفوسة وفي جامع الزيتونة .بمدها حضر دروسا في معهد القطب الشيخ اطفيش ،وعند الشيخ عمر بن حمو بكلڵي 6وعند الشيخ عبد القادر الجاوي بالجزائر العاصمة .استقر في بلدة القرارة وفتح مدرسة لتعليم تحبويد القرآن والخط العربي واللغة العريية ،وخرج عددا معتبرا من التلاميذ الذين قادوا حركة الإصلاح .انتقل إلى بسكرة وقسنطينة للتعليم فيهما .نشر قصائد ومقالات في جرائد الشيخ ابن باديس والشيخ ابي اليقظان؛ وهو من مؤسسي جمعية العلماء المسلمين الجزائريين .الرجع نفسه :ج .4ص.557 الفصل الثالث :مفهوم الإصلاح ومرجعيته الفكرية والحضارية220 7391م .تولى مهمة تفتيش المدارس القرآنية التي أنشاتها الحركة/6 الإصلاحية ف وادي ميزاب وأرجاء القطر الجزائري منذ سنة 8631ه 8491 /م لى بداية التسعينيات حيث أقعده المرض .تولى رئاسة مجلس عمي سعيد بعد وفاة الشيخ عبد الرحمن بكلي سنة604ا6891 /م .في تاريخ الخميس22ربيع الثاني 5241ه 01/جوان 4002م كرمته جمعية العلماء المسلمين الجزائريين إليه رئاستها الشرفية .وأسندت تخرج على يده آلاف من الطلبة والشباب الذي نهلوا منه العلم والتربية والإخلاص والعمل في سبيل الإسلام والوطن .ترك تراثا مهما من الرسائل التي تعد وثائق تاريغية عن الحياة العلمية والاجتماعية والإصلاحية لوادي ميزاب والجزائر خلال القرن العشرين .كما ترك مؤلفا بعنوان :معهد الحياة نشأته وتطوره. توني عن عمر يناهز601سنةإ وشيعت جنازته في موكب مهيب©& بحضور مسؤولين وإطارات من غتلف أنحاء القطر الجزائريه". بعد هؤلاء الأعلام سيكون الاعتماد على أقطاب الجيل الثانى للحركة الإصلاحية في شرح أفكار مشايخهم وآرائهم وبيانهاء نظرا لملازمتهم هم ومشاركتهم في صناعة أحداث الإصلاح وقربهم منها وفهمهم العميق ها. هؤلاء هم التلاميذ الملازمون لعلماء الجيل الأول والمواصلون لمسيرة الإصلاح من بعدهم الذين من أبرزهم: -الشيخ محمد علي دبوز. الشيخ حو بن عمر فخار.7 ) (1شريفي :معهد الحياة؛ ص .27 -07عيسى الشيخ بالحاج :نبذة عن حياة الشيخ عدون .مصطقى باجو: من هو الشيخ عدون .قاسم الشيخ بالحاج :مقال بعنوان :معهد الحياة منارة إشعاع حضاري .محلة العصر. ‏ 01 /١41ماالصادرة عن وزارة الشؤون الدينية وا لأرقاف .عد7ا .تاريخ :الجمعة40محرم8 .8ص.02-12 ( )2حو بن عمر فخار :احد اعلام الجيل الثاني من الحركة الإصلاحية{ تكون على يد الشيخ بيوض ني معهد 122البحث الثاني :مفهوم الإصلاح عند اعلام الحركة الإصلاحية -الشيخ إبراهيم بن يحيى القرادي. 1. . ( -الشيخ علي حى معمر( -الشيخ حمد سعيد كعباشر . 3 -الشيخ الناصر بن محمد مرموري" -الشيخ محمد بن بابا الشيخ بالحاج(. الحياة وقاد حركة الإصلاح في بلدته غرداية .واشرف على تاسيس العديد من المدارس والجمد..:ات، أديب وداعية وصاحب نشاط اجتماعي ترك مقالات وخطبا كثيرة .توفي سنة 5002م .مطبوعة حول ترجمة الشيخ حمو فخار. ( )1علي يحى معمر ليي البلد إلا ن تكوينه على يد الشيخ بيوض وملازمته له سبع سنين ،جعله يرتوي الفكر الإصلاحي ويشارك في أعمال الحركة الإصلاحية ،ويسهم بقلمه في التعريف بها والتعبير عن أفكارها وتوجهاتها ،وهذا ما جعلنا نعتبره احد رموزالجيل الثاني منها. (( )2على قيد الحياة) فقيه وداعية ببلدة العطف بغرداية. ( )3الشيخ الناصر بن حمد المرموري :ولد بالقرارة يوم30رجب 5431ه 70 /يناير 7291م .التحق بمعهد الحياة سنة 953اه0491 /م .اخذ عن الشيخ بيوض والشيخ عدون ...وغيرهم. .استظهر القرآن سنة 1631ه2491 /م واكمل فيه دراسته سنة 6631ه7491 /م ليعين في نفس السنة مدرسا لمواد الشريعة واللغة العريية والتاريخ ويقي مواظبا على مهمته إلى آخر أيامه .عينه الشبخ بيوض مشرفا على البعشة واللدرسة الخاصة العمانية بالقاهرة سنة 2831ه2691 /مإ واستمر لمئة ثلاث سنوات\ ليعود بعدها إلى جويلية1791م عين عضوا في حلقة العزابةث وكان خليفة للشيخمعهد الحياة .وقي جمادى الأول 0اھ/ بيوض في منبر الوعظ والإرشاد .وبعد موته عين مفتيا .وكان عضوا بارزا في مجلس عمي سعيد (الهيئة العليا لعزابة قصور وادي ميزاب ووارجلان) ،و .بعد وفاة الشيخ البكري سنة6041ه 6891 /م صار هو الرجع في ندوته للفتوى ،بريان .وبعد وفاة الشيخ عدون سنة 5241ه4002 /م عُيّن شيما لحلقة عزابة القرارة. له :اختصار وترتيب تفسير في رحاب القرآن للشيخ بيوض (عدة آجزاء .مطبوع) .و«في رخاب السُئة النبوية":شرح الجامع الصحيح للربيع بن حبيب (طبع منه الجزء الأول) .مشات الدروس والمحاضرات والكلمات التوجيهية ...تتلمذ على يديه آلاف منالطلبة .ترك مكتبة ثرية بالكتب في غتلف فنون الشريعة والأدب والتاريخ ...توفي بغرداية إثر سكتة قلبية عصر الأحد!2جمادى الثانية 2341ه 51 /ماي 1 1م .ينظر :جمعيةالتراث «:وفاة ابي الدعاة فضيلة الشيخ الناصر بن محمد المرموري'( .موقع: .ںما«٧٨٧.‏ بتاريخ /50 /61 :ا.)102ومقدمة كتاب :في رحاب السُئة .ص.7 (( )4على قيد الحياة) فقيه وداعية وعضو المجلس الإسلامي الأعلى وأستاذ بمعهد الحياة بالقرارة. الفصل الثالث :مفهوم ‏ ١لإصلاح ومرجعيته الفكرية والحضارية222 -الشيخ بالحاج بن سعيد شريفي ,30 -الدكتور محمد بن صالح نا صر. -الدكتور محمد بن قاسم ناصرر بوحجام يقول الشيخ عدون مبرزا هذا التواصل بين الأجيال داخل الحركة الإصلاحية: ه نجتمع اليوم في هذا اجلس الحافل أمام أستاذنا ...كجنود مدربين مزودين بالقوة الكافية للنزول إلى ميادين الكفاح أمام قائدهم الأعلى ،يشرف على أعمالهم عن كثب ،ويستعرض برامجهم في الكفاح وخططهم في الجهاد ...وبث تعاليم الأستاذ في نفوسهم .وفي الأوساط التي يتصلون بهاء وخدمة المشاريع العلمية بجميع الوسائلں والمشاركة في الإصلاح العام بقدر الاستطاعة والنزول إلى ميدان الكفاح بصورة منتظمة وخطط مرسومة .تحقق الغاية المطلوبةه.“٠‏ بعد هذا كله ...فما مفهوم الفكرة الإصلاحية عندهم وما هو تصورهم للإصلاح ؟ ب-مفهوم الصلاح: إن مدخل الحديث عن مفهوم الإصلاح عند علماء الحركة الإصلاحية سيكون من خلال محاولة فهمهم لواقعالمجتمع الجزائري وتشريح أوضاعه ،والذي يعد صورة مصغرة للواقع العام للعالم الإاسلامي ،وصورة مكبرة لواقعالمجتمع الإباضي ف وادي ميزاب مع وجود فوارق وخصائص في جوانب عديدة من الحياة العامة. فكيف كانت نظرتهم إلى هذا الواقع وتقويمهم له؟ (على قيد الحياة) أستاذ جامعي بكلية العلوم الاسلامية بالخروبة.)(1 (ملى قيدهلحياة) أدبب وشاعر وباحث وأستاذ جامعي سابقا ف قسم اللذة .العربية وآدابها بالجامعة(2 الركزية بالجزائر. (( )3على قيد الحياة) أديب وباحث واستاذ بقسم اللغة العربية وآدابها بجامعة بلتة. ( )4هذا النض فقرة منخطاب ألقاه الشيخ عدون ف اللقاء التالسيسي لجمعية قدماء تلاميذ معهد الحياة. .77انعقد بالقرارة سنة. .8491شريفي : :معهد الحياة ص67 322البحث الثاني :مفهوم الإصلاح عند أعلام الحركة الإصلاحية ا ۔واقع المجتمع الجزائري يرى علماء الحركة الإصلاحية أن المرحلة الزمنية التى يمر بها المجتمع الجزائري في تاريخه المعاصر تعد من أصعب المراحل ومن أحلك الفترات ومن أكثرها حرجا ومعاناة على تلف الأصعدة وذلك لتنوع وتعقد الأمراض الاجتماعية التى تفتك به هذه الأمراض التي يمكن تصنيفها إلى نوعين: أمراض داخلية مستحكمة ،قيدت المجتمع وكبلت طاقاته ومنعته من أي تحرك أو تغيير نحو الأحسن ورفضت أي صوت للتجديد أو الإصلاح ،وعطلت أي جهد أو بذل في الطريق السوي والمسار الصحيح فجعلته يعيش في براثن الضلال وفي ذيل الأسم والشعوب ومؤخرتها لايسمع له صوت في الوجود إلا صوت الشخير أو صوت الآأنات. وامراض خارجية دخيلة استقوت عليه وفرضت بالقوة فزادت الوضع ترديا وتدهورا ونكوصا وتخلفا؛ وذلك متمثل في الاستعمار وما أضاف للمجتمع من رذائل ومحاذل ،وما كرسه من أمر واقع" حتى كاد الأمل يتلاشى في إمكانية تحرر الأمة منن هذه الأغلال والقيود الملتوية على عنقها والمكبلة لأيديها وأرجلها على السواء وفي إمكانية إصلاح حالها وتغيير اوضاعها". يرى الشيخ بيوض في تقويمه لهذه الحال أن الفساد قد مس كل مناحي الحياة عقيدة وأخلاقا واجتماعا واقتصادا ،حيث يقول « :وجدنا الدين مهملا ،والأخلاق فاسدة والعقائد متزلزلة ،والأعمال فاسدة ،ليس على طريقة وسنة الرسول وصحابته والجهل عم الدنيا في تبارة وصناعة وفلاحة» . ( )1ابو اليقظان :مقال بعنوان :الاصلاح .منشور ضمن كتاب :أبو اليقظان :مختارات من صحف أبي اليقظان؛ ص!.1 ( )2دبوز :أعلام الإصلاح .ج .4ص.1 54 الفصل الثالث :مفهوم الإصلاح ومرجعيته الفكرية والحضارية224 ويعبر في موضع آخر عن المجتمع بأنه يكاد يدعو إلى الياس من إصلاحه بسبب ما تفشى فيه من أمراض اجتماعية وغزو للمدنية الغربية وتخلف مريع على كافة الأصعدة". يصف الشيخ أبو اليقظان هذه الحالة بكونها مأساوية على مختلف الأصعدة. من وطأة الاستعمار الغربي عليها ،ومن الجهل والفقر والتخلف والأمية والنعرات العرقية والطائفية ،وانتشار الإسلام البالي الجامد على ما هو قديم غير صالح للامة في هذا العصر ،وأن عموم حياة الأفراد هي على هامش الأحداث وانتضايا الحامة لأمتهم؛ مع عدم إدراكهم ووعيهم بمسؤولياتهم ورسالتهم في الوجوداف. يقول محللا واقع المسلمين في جريدته وادي ميزاب في مقال بعنوان :الإسلام يجتضر والمسلمون يهزلون « :ولكن إذا نظرنا من جهة أخرى إلى حالتهم العمومية وجدناهم في غفلة وجهالة ،في جمود وخمول ،في خنوع وتواكلں في هلع وجبن" في ذل وصغار وامتهان ،في فقر وبؤسس في تعاسة وشقاء. ولعل أهم مظاهر هذا الواقع المتردي المزري في نظر علماء الإصلاح متمثل في: ۔ تفشي الآفات الاجتماعية والانحراف الخلقي في مختلف صوره. انتشار المعتقدات الفاسدة والخرافات والأوهام في أذهان الناس. كثرة الأحقاد والضغائن والتعصب العرقي والطائفي بين القبائل والأنانية )بين الأفراد والجماعات. ( )1سكحال :الشيخ بيوض ومنهجه في الإصلاح؛ ص.24 ( )2محمد زغينة :ابو اليقظان ونثره .اطروحة دكتورا دولة في الأدب الحديث ،جامعة باتنة .معهد اللغة العربية وآدابها .س ج .8991 -7991 :في هذه الأطروحة اجاد صاحبها في تجميع انكار الشيخ ابي اليقظان حول الواقع الاجتماعي للجزائر وسبل النهوض به ،وتحليلها ني فنصل خاص بعنوان :المقال في الاتجاه الاجتماعي الإصلاحي .تراجع الأطروحة .ص.351 - 201 ( )3أبو اليقظان :مقال بعنوان :الإسلام يحتضر والمسلمون يهزلون ،منشور ضمن كتاب :أبو اليقظان :ختارات من صحف أبي اليقظان؛ ص. 71 522البحث الثاني :مفهوم الإصلاح عنل أعلام الحركة الاصلاحية تفشي الفقر والاحتياج والبطالة وقلة ذات اليد؛ بعدم وجود فرص الشغل وبضعف الموارد الاقتصادية واحتكار المستعمر ها. تفشي الجهل والأمية بين أفراد المجتمع ،وعدم وجود مؤسسات تعليمينة كافية لاستقبال الناشئة ،مع التردي العام لطرق التعليم وأنماطه البدائية الجامدة على القديم. الصراع الدائم بين الأحزاب والجمعيات والقبائل ،والافتراق والتشتت ف الصفوف والجبهات على مختلف المستويات والجهات. انتشار التدين البالي الجامد على القديم" الذي له نظرة قاصرة لدور .الدين في الحياة. قلة الدعاة والقيادات الراشدة .والواعية بالأخطار المحدقة بالأمة والمرابطة في سبيل تنوير المجتمع وتوعيته بواجباته الدينية والدنيوية. وطأة استعمار صليى حقود يعمل كل ما بوسعه لإبقاء الشعب الجزائري على هذه الحال المزرية ،بل يعمل على توظيف نقاط الضعف والخلل فيه لتكريس تخلفه وتبعيته ،ليبقي على استعباده وركوب ظهره إلى الأبد. عبر الشيخ أبو اليقظان عن هذا الواقع المتردي بالثالوث الذي يمد أياديه كالأخطبوط إللى جسد الأمة ليمتص منها الحياة ويتركها جثة خامدة لا حركة فيها ولا حياة؛ إنه الجهل والفقر والافتراق .ه فالجهل أفقدها الشعور بوجودها ،وكيف تذب عليه ،والفقر أقعدها عن العمل ،وأشل أعضاءها عن الحركة .والافتراق أذاب قوتها وذهب بريجها فبقيت والحالة هذه عرضة للتلف والهلاك والاضمحلال“. ( )1هذه الأوضاع في عمومها لا تختلف كثيرا عما هو عليه وادي ميزاب خلال هذه الفترة الزمنية ،وهذا ما عرضناه في الفصل الآول من هذا البحث مع وجود فوارق تتمثل أساسا في وجود هيئة العزابة التي تبذل جهودا معتبرة للحفاظ على كيان المجتمع والإصلاح من أوضاعه. ( )2ابو اليقظان :مقال بعنوان :الإصلاح ،منشور ضمن كتاب :أبو اليقظان :مختارات من صحف ابي 7.ً ١ليقظا ن‎ ص‎7 الفصل الثالث :مفهوم ‏ ١لإصلاح ومرجعيته الفكرية والحضارية226 يرى الشيخ بيوض أن هذه الحال المزرية التى وصل إليها المجتمع الجزائري سببها ثلاث جهات رئيسة ،تعاونت مع بعضها البعض لإبقاء الجزائر على هذه الصورة وحاولت إخماد أي صوت للتجديد أو الإصلاح فيه :الاستعمار الفرنسي والعلماء الجامدون وأذناب الاستعمار من القياد والمسؤولين الموالين والخاضعين لأوامر المستعمر«"“. إن معايشة رجال الحركة الإصلاحية لهذا الواقع الذي يتخبط فيه مجتمعهم وذووهم وأهلهم المغلوبون على أمرهم والمغلولون باغلال الاستعمار؛ حرك فيهم إرادة التغيير والإصلاح ودفعهم إلى قيادته .وإلى التفكير مليا في السبل والمناهج والوسائل التي ينبغي الأخذ بها لإخراج أقوامهم مما هم فيه. كما رأوا أنه من أوكد الواجبات الشرعية عليهم في زمانهم أن يحتلوا صدارة مجتمعهم وأن ينتزعوها انتزاعا ممن يقودها وهو ليس أهلا هاء وأن يكونوا بمثابة الرائد الذي لا يكذب أهله في الأخذ بيده بقوة وأمانة إلى طريق الخلاص والى ساحل النجاة ،وتخليصه من الأمواج متلاطمة التى كادت تغرق سفينته وتقضي عليه إلى الأبد. وذلك بالقيادة الرشيدة وتوجيه العزائم وتحريك الهمم وإخلاص العمل وصدق النيات‘ مع الصبر على المصائب والمطبات الكثيرة ،والثبات على المبد| |والنهج السوي. فما هي نظرتهم إلى سبل الخروج من هذا الواقع وتغييره نحو حضارة إسلامية معاصرة تبنى على إصلاح شامل لمناحي الحياة. 2۔ سبل التغيير والإصلاح: إن التشريح الدقيق لأقطاب الحركة الإصلاحية لواقع مجتمعهم وفهمهم العميق لمكامن الداء فيه جعل إرادتهم تتوقد وعزيمتهم تلتهب في إيجاد الطرق والسبل المثلى للنهوض بأقوامهم. ( )1سكحال :الشيخ بيوض ومنهجه في الإصلاح .ص.44 ص .34( )2ناصر :ابو اليقظان وجهاد الكلمة. ,722البحث الثاني :مفهوم الإصلاح عند أعلام الحركة الاصلاحية هذا ما جعلهم يهتدون ويقتنعون بل يعتقدون أن عملية ا لإصلاح وا لتغيير بعد ذلك تباه‏ ١لأفراد .ثم لتتحركعلى مستوىيجب أن تبدأ أولا من النفوس دواليب المجتمع بحركة قاعدية بنائية مرحلية مدروسة شاملة لكل مناحي الحياة آخذة بعين الاعتبار المتطلبات الداخلية والتحديات الخارجية المحيطة بها ،ومتفاعلة واعتدالتوازنحركة التغيير فمعها تفاعلا إيجابياك ما يسمح لها بإحداث ومستفيدة من كل ما أبدعه الفكر الإنساني من علوم ومناهج وطرائق ووسائل في كافة مجالات الحياة؛ مما لا يتعارض مع الشريعة الإسلامية ومقاصدها. وذلك انطلاقا من فهمهم للنظرة القرآنية للعملية التغييرية الإصلاحية وإيمانهم بها ومحاولة تجسيدهم لها ،التى عرضناها سابقا .والتي لخصتها الآيتان الكريمتان: -ل! ن اريذ إلأ الا صلاح مما استتطغت وما توفيقي إلا بالله عَلَيه توكلت وإله أنيب“ه."١‏ « -إن اللة ل يسر ما بقم حئى يغيروا ما بأنفسهم»؛. من ‏ ١لأوكد أن ندلل على هذا المفهوم للإصلاح عند أعلام الحركةنرى الإصلاحية بعرض جملة من أقوالهم وأقوال من كتب عنهم: يقول الشيخ عبد الرحمن بكلي « :ليس مبدأ الإصلاح غير تعاليم الإسلام هذهوتطبيقها تطبيقا يلائم سماحته ويساير سنة النشوء وا لارتقاء فالصحيحة الحياة ويتفق والغاية التى من أجلها كان الإسلام دستور البشرية الخالد ...فنمن رآها مبعث سعادة وسيادة} وأساس مدنية وعمران" ومادة علم وعرفان" ومظهر رحمة شاملة وسياسة فاضلةؤ وطبق نصوصها على هذه الروح السامية وعمل بها ودعا إليها .وجاهد في سبيلها ،فذلك المصلح المجاهد. .88 سورة هود/الآية:)(1 سورة الرعد/الآية.11 :)(2 )3(.بكلي :مسيرة الإصلاح .ص.22 الفصل الثالث :مفهوم ‏ ١لإصلاح ومرجعيته ‏ ١لفكرية والحضارية228 يقول الشيخ أبو إسحاق إبراهيم اطفيش :ه إن الأمة لن تنهض من كبوتها ولن تتغلب على عناصر التخلف فيها إلا إذا فهمت دينها بهذا الفهم الصحيح الذي يدعوها إلى الوسطية بين الأخذ من الدين والدنيا معا وقرآنها الكريم يدعوها إلى أن من واجبها رفع الإصر عنها والأغلال التي عليها والأخذ بالأسباب المسعدة لذا فإن من واجباتها أن تستفيد مما تراه حولها من تفوق الغربيين في الفنون والصنائع وانفرادهم بالقوتين السياسية والاقتصادية} وبروزهم في العلومه"“. يقول الشيخ أبو اليقظان :ه إن إصلاح تلك الحالة يستدعي علماء يستدعي مالا ،يستدعي نفوسا عظيمة ،ورؤوسا كبيرة ،وأدمغة مفكرة ،وصدورا واسعة. واين نجد هذه؟ ومتى نجدها؟ نعم نجدها في المدارس عندما نعتقد جميعا أن العلم ضروري للحياة. يقول الدكتور محمد ناصر « :من المعلوم لدى متتبعي تاريخ الحركة الإصلاحية في الجزائر بان هذه الحركة كانت تهدف إلى الإصلاح الداخلي أولا وقبل كل شيء...فقد أدرك رجالات الإصلاح تمام الإدراك بان التحرر من الاستعمار ولا سيما الاستعمار الفرنسيس إنما يجب أن يبدا من تخرر النفوس من ذل التبعية والتقليد ،وان الشعور بالمميزات الشخصية هي التي تحفظ للشعب ذاتيته» “. يقول ‏ ١لدكتور محمد نا صر بوحجا م« :كان ا لشيخ بيوض كغيره من ‏ ١لمصلحين يؤمن بان ا لإصلاح يجب أن يكون شاملا والعمل ينبغي أن يكون عاما والتحرك يجب أن يكون ماسا لكل الميادين ،لأن السياسة هي الدين والدنيا معاا _‘“. ( )1إبراهيم اطفيش :مجلة المنهاج ،نقلا عن :ناصر :الشيخ إبراهيم اطفيش ،ص. 001 ( )2ابو اليقظان :مقال بعنوان :الإصلاح ،منشور ضمن كتاب :ابو اليقظان :غختارات من صحف ابي اليقظانث ص! !. ( )3ناصر :أبو اليقظان وجهاد الكلمة .ص.93 ( )4محمد ناصر بوحجام :الشيخ إبراهيم بيوض والعمل السياسي .ط{1المطبعة العربية ،غرداية !199 ,2م .ص.!5 922البحث الثاني :مفهوم الإصلاح عند أعلام الحركة ‏ ١لاإصلاحية يقول الأستاذ نور الدين سكحال :ه لم يكن عمل الشيخ بيوض منحصرا في ميدان التعليم" بل شمل مجالات عدة ،وذلك لاقتناعه أن الأزمة التي يعانيها المجتمع الجزائري وإن كانت في أصلها أزمة فكرية ،فإن لها أعراضا سياسية واقتصادية واجتماعية ...ويعتبر الشيخ بيوض ,الشعار الذي رفعته الحركة الاصلاحية والمثل في الآية القرآنية :لإن الله لاًيير ما بقوم حتى يُقيُرُوا ما أنفسهم»؛"» هو القاعدة التى وضعها كتابنا العزيز للفرج مما تشكو منه الأمة من ويلات؛“. كما رأوا أن تجسيد هذه العملية الإصلاحية لأجل إخراج المجتمع الجزائري ا هو عليه لا يتأتى إلا بعمل دؤوب متواصل على جبهات عديدة كبرى متمثلة فيما يلي: مقاومة أخطبوط الجهل والقضاء عليه بالدعوة الجادة والعمل الدؤوب لنشر التعليم وبث الوعي في كافة شرائح المجتمع رجالا ونساء ،كبارا وصغارا. مقاومة أخطبوط الفقر والبطالة والاحتياج بالدعوة الجادة والتحريض الدائم على العمل المنتج في جميع مجالات الاقتصاد الحيوية والمحاربة المستمرة لمظاهر الكسل والتواكل واللامبالاة والفراغ. مقاومة أخطبوط التفرق والتمزق والعصبيات بالدعوة الجادة والإلحاح المستمر على التضامن والاتحاد بين أفراد الشعب الجزائري والتمرد على الخلافات العنصرية والصراعات الطائفية والإحن المذهبية. ۔ مقاومة أخطبوط الجمود الفكري والتحجر المذهبي والتمسك بالقديم البالي من الأعراف والتقاليد دون تمحيصها ،والنظرة القاصرة للدين والحياة بتكوين الأيمة والدعاة الأكفاء وبتفعيل دور المساجد ،وتأسيس المنابر العلمية والثقافية لتوعية الناس وتوجيههم نحو واجباتهم ومسؤولياتهم الدينية والدنيوية. ( )1سورة الرعد/الآية.11 : ( )2سكحال :الشيخ بيوض ومنهجه في الإصلاح .ص.821 الفصل الثالث :مفهوم الإصلاح ومرجعيته الفكرية والحضارية230 ۔ مقاومة أخطبوط الاستعمار بالعمل الإعدادي القاعدي بتكوين الأجيال. وتربية المجتمع وتنمية الوعي فيهؤ لتكون له الحصانة اللازمة ضد المستعمر ورفض الاستكانة له٨‏ والعمل على تحرير نفسه من بوثقة العبودية والاحتلال(". عدد الشيخ أبو اليقظان مهمات كل شريحة في المجتمع في العملية الإصلاحية في مقالا له بعنوان :الإصلاح نشره في جريدته وادي ميزاب ورد فيه: « إن لإصلاح تلك الحالة فروعا ولكل فرع منها طبقة من الرجال تقوم به بما ها من الاستعداد الفطري' .ورأى أن هذه الفروع متمثلة في: العلماءء رجال الشرع الرسميون الدعاة الملزشدون والملصلحون المفنكرون، الكتاب والأدباء ،رجال القضاء .الموظفون الإداريون" نواب المجالس البلدية" رؤساء الأغنياء التجار والصناع والفلاحونه‘“.القبائل والعائلات كما ضبط الشيخ عبد الرحمن بكلي جملة من المبادئ للإصلاح والمصلح يمكن عدها لائحة أو قانونا داخليا للحركة الإصلاحية .يمكن اختصار أفكارها فيما يلي: ( )1ابو اليقظان :مقال بعنوان :الإسلام يحتضر والمسلمون يهزلون 6منشور ضمن كتاب :أبو اليقظان :ختارات من صحف ابي اليقظان .ص . !5بكلي :مسيرة الاصلاح .ص .42 -22دبوز :أعلام الإصلاح .ج.4 ص60ا .ناصر :الشيخ إبراهيم اطفيش ،ص .401 -58ناصر :أبو اليقظان وجهاد الكلمة .ص.93 سكحال :الشيخ بيوض ومنهجه في الإصلاح .ص.821 ( )2لقد كان مدار عدد هائل من مقالات الشيخ أبي اليقظان حول بيان سبيل النهوض بالأمة وما مي الواجبات والمسؤوليات التي تتظرها للخروج من ورطتها وحالتها وكبوتها مثل :الإصلاح .شعور الأمة نائم فماذا ينبهه ،العلم والعمل .الإسلام يحتضر والمسلمون يهزلون ،الاعتماد على النفس الثبات الثقة بالنفس .وياء الفجورك الصراحة خير علاج للأمة .الأمية في الأمم شلل .وظيفة العقل في الإنسان ،أمات الرجال ام رفع القرآن" علي ان اعمل وليس علي أن أنبح۔ الإسلام بين شقي المقراض .ينظر في ذلك: فهارس مقالات الشيخ أبي اليقظان ني كتاب :ناصر :ابو اليقظان وجهاد الكلمة .ص .464 -103وينظر في كتاب :أبو اليقظان :مختارات من صحف ابي اليقظان" كله. ( )3أبو اليقظان :مقال بعنوان :الإصلاح ،منشور ضمن كتاب :أبو اليقظان :غتارات من صحف ابي اليقظان© ص!!.41 - ( )4المرجع نفسه. | 32البحث الثاني :مفهوم الإصلاح عند اعلام الحركة الإصلاحية إن الدنيا دار ابتلاء واختبار وكفاح وجهاد مستمر .وأن الآخرة هي دار القرار والجزاء. إن المسلمين كلهم إخوة وأن أخوة الدين أقوى رابطة تجمعهم" قبل رابطة الجنس واللغة والمذهب. التعاون مع جميع الناس ومعاشرتهم والتعايش معهم ضرورة لا بد منها. _ للمساجد دور محوري عن طريق الوعظ والإرشاد في إيقاظ الضمائر وإصلاح النفوس ورفع الهمم وقيادة الأمة. حقيقة الزهد عن الحياة في اجتناب المنهيات والوقوف في المحرمات أما خوض غمار الدنيا عملا ونشاطا وكسبا بالطرق الحلال ،بنية النفع والإصلاح وعمارة الأرض فهو من الواجبات الشرعية. استصلاح الدين باستصلاح الدنيا ،الذي لا يقوم إلا بقوة العلم والمال معا. ضرورة الأخذ بأسباب التمكين والقوة في كامل مجالات الحياةء ومواكبة العصر لأجل السيادة والاستقلال وعدم الجمود على القديم .أو الانغلاق على النفس والاكتفاء برصيد الماضي ،لأن ذلك مناف لسنة الحياة المتجددة لكن بشرط عدم تجاوز حدود الدين الحنيف. -عدم الرضا بالظلم والهوان والاستعباد 5ولا بد من محاربته ومكافحة الطغيان ورفع المذلة وإحلال العدل والعزة. ۔ العناية بتعليم الناشئة وتربيتها وتوجيه الجهود اللازمة لذلك ،لكونهم الجيل المواصل لحمل الرسالة والمبلغ لها ،بفتح المدارس ومراكز التكوين ومحاربة الجهل والبطالة ،ونشر العلم.والثقافة. إعداد الأجيال على تحمل المسؤوليات وتولى الوظائف الحكومية والإدارية والمشاركة في تسيير شؤون الوطن ولو كان ذلك تحت حكم استعمارني مستبد. ارتكابا أخف الضررين ،واستصلاحا لأحوالنا بأيدينا ما أمكن إلى ذلك سبيلا. الفصل الثالث :مفهوم ‏ ١لإصلاح ومرجعيته ا لفكرية والحضارية232 العناية بنشر تاريخ الأمة والتعريف به للأجيال ،حتى لا تجهل شخصيتها وتقطع الصلة بماضيها المجيد فإن ذلك باعث على نفخ الاعتزاز ودافع للاقتداء. والمصلح-في نظره-يبب أن يكون عزيز النفس محبا للخير والإصلاح مستقيما على نهج الله تعالى ،خلصا لمبدئه ،ثابتا عليه ،ومضحيا من أجله ،ومقدما للمصلحة العامة على مصلحته الخاصة ،وصاحب عمل وحرفة لا يحقر من العمل شيئا ،ولا يرضى بالبطالة والفراغ مرحبا بكل مشروع خيري إصلاحي فيه نفع الأمة والمجتمه«"‘. إذن :لقد دارت دعوات الحركة الإصلاحية وتركزت جهودها وأنجزت مشاريعها حول هذه الجبهات الكرى التى كانت حور جهادهم المتواصل كما انطوت كل جبهة على عدد من القضايا والمسائل المنبثقة منها والتي أملاها الواقع والعصرك وكانت هم المصلحين وانشغالهم .والتي مثلت عملية الإصلاح والتغيير والتجديد بمعناه الواسع لديهم. إن هذه الفكرة المحورية لمفهوم الإصلاح التي حملها أقطاب النهضة الإصلاحية عند إباضية الجزائر في أذهانهم واقتنعوا بها وآمنوا بها إيمانا عميقا ،قد ترجموها عمليا ني منجزات ومشاريع ميدانية كثيرة على تلف مناحي الحياة الدينية والاجتماعية والتربوية والتعليمية والاقتصادية والسياسية ،فكانت هذه الفلسفة الإصلاحية تسرى في عروقها جميعا. فاستطاعت هذه الفكرة الحورية أن تولد آراء ومفاهيم خاصة لكل ميدان على حدة؛ مما عالجه وتطرق إليه أعلام الإصلاح. هذا ما سياتي توضيحه في الفصول والمباحث القادمة. هذه هي نظرة العلماء إلى سبيل النهوض بالأمة التي عبروا عنها بالاصلاح. فما مفهوم مصطلح الجمود ،الذي اعترض مسيرة النهضة الإصلاحيةث وكان من مبررات وجودها؟ ( )1بكلي :مسيرة الإصلاح .ص.42 - 22 332البحث الثالث :مفهوم الجمود في عهد الحركة الإصلاحية الممحت التالث: الحمو د2عهد الحركة ا لا صلاحيةمفهوم اد مبرر الحديث عن الجمود: تكلمنا في المبحث السابق عن مصطلح الإصلاح وضبطنا تعريفه وتصوره لدى الحركة الإصلاحية،ونرى أنه لمزيد بيان مفهومه نحتاج إلى ضبط مصطلح الجمود ،الذي يمكن أن نعده مقابلا له في المفهوم ،ومضادا له في المعنى ،وأحد ‏١مبررات قيام حركة الإصلاح. ذلك أن وادي ميزاب شهد فكر الجمود لفترة طويلة ،فكان من أسباب ظهور الإصلاح الذي أتى محاربته على مستوى الأذهان والتصورات ،ومحاربة أشكاله وانماطه الواقعية التي تجسد فيها. سبق أن استعملنا هذا المصطلح في البحث في أكثر من موضع كما سنحتاج إلى توظيفه في الفصول والمباحث القادمة؛ مما يستلزم منا ضبط مفهومه ومعرفة حقيقته في وادي ميزاب‘ ومعرفة أصناف الناس الذين مثلوه وتبنوه في المجتمع. وكيف شكل جبهة المعارضة للإصلاح وكان حجر عثرة في طريقه" مما برر محاربته والعمل على إزاحته من على منستوى النفوس والعقول. نريد أن نشير أن اللإيراد المتكرر لمصطلح الجمود في البحث ليس من باب الترف الفكري؛ وإنما تقتضيه الموضوعية العلمية والحتمية المنهجية والحاجة التاريخية ،بحيث أن وادي ميزاب شهد هذا الفكر فعلا وعاش فيه فترة طويلة. ودخل في صراع مرير مع فكر الإصلاح وكانت له معه صولات وجولات كثيرة في ربوعه على أصعدة عديدةء كما أن الفترة نفسها شهدت تداولا كبيرا لهذه الكلمة مقابل كلمة الإصلاح .وقد تجلى ذلك في الخطاب الدعوي وفي الوثائق والرسائل والمقالات الصحفية. الفصل الثالث :مفهوم ‏ ١لإصلاح ومرجعيته الفكرية والحضارية234 مما يفرض علينا ونحن نحاول تحليل تاريخ هذه الفترة والامساك بخيوطها الرقيقة وفهم تداعياتها وتأثيراتها المختلفة أن نقف على مفهوم هذا المصطلح ونعنى هذا التيار أو التعرض للالنيل من أصحاببه دون أن يكون لنا قصد اشخاصهم. سنتساءل في هذا المبحث عن حقيقة مصطلح الجمود ،وعن أصناف الفريق الذي حمل فكره ولواءه ومثل تياره ،كما نوضح المنهج الذي سنسلكه في تناول أحداثه. -2۔ -تعريف الجمود: من خلال تتبعنا لمسيرة النهضة الإصلاحية التى شهدها وادي ميزاب“ ومن خلال وقوفنا على خطابها الدعوي" وعلى وثائقها ومصادرها الق تضمنت وصف الجمود وذكرت صوره وانماطه ومظاهره ،نستطيع وضع هذا التعريف له: الجمود هو فلسفة وتصور تحكم مسائل الدين وتشمل مجالات الحياة المختلفة تتميز بالتصلب والتشدد في إحكام السيطرة على المجتمع بواسطة الدين ،ورفض التجديد في فهم نصوصه والتقيد بالنظرة السطحية الحرفية لها ،وإغفال المقاصد الشرعية في فهمها وعدم مراعاة الأولويات والضرورات والمستجدات وحاجات الأمة وتحدياتها .وبالخلط بين الثوابت والمتغيرات ،وبالانغلاق الداخلي على مجتمع .وبالتعصب المذهبي؛ دون مراعاة المصلحة العليا لأمة الإسلام ،وبضعف الوعي السياسي .وبالتشبث بالعوائد والأعراف والتقاليد؛ دون إخضاعها للنظرة العقلية المنطقية الواقعية ،ورد أي تغيير أو تبديل فيها ،وبمعاداة من يدعو إلى ذلك أو يعمل في سبيله ،ومحاربته باستعمال الوسائل المتاحة من منابر المساجد وسلطة الهيئات العرفية والمحافل الاجتماعية ،وبقوى الاستعمار وأذنابه. ولد هذا الفكر سلبيات اجتماعية كثيرة واتخذ مظاهر واقعية مخزية ،نذكر منها ما يلي: 532البحث الثالث :مفهوم الجمود في عهد الحركة الإصلاحية إطار نصوصهفي مسائله ففهم الدين والاجتهادالتجديد ف 7رفض وضوابطه. -رفض تطور المجتمع لمواكب العصر في المجال التربوي التعليمي والمجال الاجتماعي . رفض ربط العلاقات والتعاون مع علماء الجزائر وعلماء العالم الاسلامي. الخنوع للاستعمار والركون له ،والاستقواء به لأجل ضرب المشروع الإصلاحي. الأغنياء ف۔ التواطؤ مع قوى الفساد والمصالح من بعض "القياد“ وبعض المعركة ضد الإصلاح. -السقوط في أمراض القلوب من الحسد والكبر والعناد ورد الحق. -الوقوع في القذف وإلقاء التهم الباطلة وبث الإشاعات الكاذبة ضد تيار الإصلاح ورموزه. هذا ما سنرى صورا منه في الفصول والمباحث اللاحقة ( -أصناف فريق الجمود: نريد أن نؤكد أن الخلاف الفكري في المجتمعات البشرية ليس عيبا في حد ذاته بل يمكن أن يعد سمة إيبابية وقيمة حضبارية .ومظهرا من مظاهر حيوية المجتمع ونشاطه وحركيته ،مما يجعل التمايز والتنافس بين أجنحتهف والله تعالى هو الذي فطر هذا الإنسان على سنةالاختلاف والتنوع .حيث قال :فيا أيها الناس إإما ذكر وأنتى وَجَعَلنَا كم شعُوبا وقبآ ئل لتعارفوا ن أكَرَمَكَمْ عنة اللهخلقناكم م فكم إإن اللة عليم خبيرهه"' .وقال تعالى ايضا :الوو شآء ربك َجَعَلَ الاس أمة واحدة ولا يَزَالون مُختَلفينَ إل من رَحمَ ربك ولذالك خلقهم. ) (1سورة الحجرات/الآية.31 : ( )2سورة هود/الآية.911 -811 : الفصل الثالث :مفهوم ‏ ١لإصلاح ومرجعيته الفكرية والحضارية236 ذلك إذا سار هذا الاختلاف في الطريق الصحيح السوي ولم يتعده إلى مس الخطوط الحمراء ،وبلوغ مستويات عالية من الصراع والخلاف مما يؤدي إلى الفتن أو إلى الفرقة والتناطح والتقاتل ،أو يعيق فعلا حركية المجتمع فيجعلها تراوح مكانها أو تتاخر أشواطا إلى الوراء .خاصة عندما يكون أحد الأطراف يحمل فكرا هداما فاسدا يبث السموم وللمناكر في جسد الأمة. أما إذا بقي في الإطار المعقول والمقبول ،وكان الاختلاف على تنوع برامج ومخططات إصلاح .فلا شك أن ذلك سيعمل على التنافس والتسابق والنقد والتقويم والمراقبة ،فيكون كل طرف مرآة للطرف الآخر ،ولعل هذا ما نجحت به الحضارة الغربية وتفوقت في العديد من مجالات الحياة ،بتبنيها للديمقراطية نظاما وفلسفة في الوجود. نستطيع أن نقول-بكل أسف-إن ما شهده وادي ميزاب هو نوع من الجمود الفكري الذي شكل معارضة سلبية معرقلة لمسار النهضة والإصلاح ،ومعطلة فعلا سبيل تطوير المجتمع .ولم تكن طيفا من الإصلاح أو شكلا أو نمطا فيه. عرف وادي ميزاب فكر الجمود خلال كل المراحل الإعدادية للنهضة الإصلاحية ،وعانى منه المشايخ والعلماء كما سبق أن بينا في مباحث ماضية وكان ذلك نتاج الوضعية المتردية التي مر بها المجتمع على محتلف الأصعدة ،وقد تواصل إلى عهد القوة والنضج الذي بلغته النهضة الإصلاحية خلال القرن العشرين ليعيش مرحلة ضعفه وتفكك قواه وتشتت أواصره. حين التامل في تركيبة فريق الجمود نستطيع أن نميز فيه أربعة أصناف من الناس{" كما يلى: صنف العوام. -صنف شيوخ العزابة. ( )1هذا التصنيف هو من وضع المؤرخ محمد علي دبوز مع [دخال بعض التعديل عليه .انظر :دبوز :أعلام الإصلاح .ج .4كله .جك .ص .07 -96 732.البحث الثالث :مفهوم الجمود في عهد الحركة الإصلاحية العلماء.۔ صنف :۔ صنف أصحاب النفوذ والمصالح. ‏ ١۔.صنف العوام: يشكل هذا الصنف عوام الناس الذين حرمتهم الظروف من التعلم ،ومن إدراك نعمة الإصلاح فلم يعرفوا حقيقته ،ولم يحصل لهم الاستماع إلى أفكاره ومخالطة مشايخه في المرحلة الأولى من ظهوره ،فكان مصدر حكمهم عليه هو منبر اللسجد وبعض لمشايخ والعزابةؤ فهم منقادون مطيعون لصوت المسجد يضعون ثقتهم في مشايخه ويرون فيهم مصدر العلم والقدوة. وقد عمل بعض هؤلاء المشايخ والعزابة المعادين للإصلاح على تسويد صورة فريقه في عيونهم ومثلوه لهم بالغول الذي يهدد كيان مجتمعهم وكيان الإسلام ووادي ميزاب وقد تبرؤوا من زعيم الإصلاح الشيخ بيوض من على منابر مساجدهم ،وصوروه فهم في أبشع صورةس مما جعلهم يعادون الإصلاح ويعادون زعيمه وأتباعه عن جهل وتسليم لسلطة المسجد. بسبب ا لجهل ّأوسع شريحة معا رضة ومعا دية للإصلاحمثل هذا الصنف وبسبب هذا الخطاب المسجدي. إلا أنه ي حدود منتصف القرن العشرين مع نزول تلاميذ الشيخ بيوض إلى الميدان الاجتماعي في قرى وادي ميزابز وعمارتها بالنشاط والأعمال استطاعوا تصحيح هذه النظرة المسيطرة على أذهان هؤلاء العوام 6فاكتشفوا حقيقة الإصلاح وعرفوا أن ما كان يقدم لهم لم يكن هو الواقع ،فتخلى الكثير منهم عن معاداته. وا لتحقوا بصفوفه . شيوخ العزایہ:ب۔صنف هذا الصنف يمثله بعض شيوخ العزابة الذين تلقوا حظا متواضعا من العلم الشرعي وحفظوا القرآن الكريم وبعض المتون دون التعمق في فهم الشريعة الفصل الثالث :مفهوم ا لإصلاح ومرجعيته الفكرية والحضارية238 معإلا أنهم أصبحوامؤهلاتهم تسمح لهم بذلكولم تكنوعلومها ومقاصدهاء الوقت من أعضاء حلقات العزابة واصبحت لهم مكانة اجتماعية معتبرة. فعارضوا الإصلاح وسدوا طريقه ووقفوا في وجه النهضةة بقتصورهم على نفوسهم التى خافتفهم حقيقة الإصلاح وإدراك أبعاده ومقاصده .وبوساوس التى خافت أن تضيع منها منازلها الاجتماعية واحترام الناس فها وتقديمها ي عجالسهاك كما حاربوه بمنطق العناد بمنع اتصال العامة ب .وبغفلق منافذه إليهم. وبتشويه صورته ني مساجدهم ومجالسهم. ۔.صنف العلماء:ح هم بعض العلماء الذين تلقوا العلوم الشرعية والعربية ونالوا حظا وافرا منه على ايدي مشائخهم خاصة منهم قطب الأيمة الشيخ أطفيش وبلغوا فيه درجات عالية ،واصبحوا مراجع دينية لوادي ميزاب‘ ونالوا ثقته ،وشعروا أنهم يمثلون الورثة الشرعيين للشيخ اطفيش. إلا أن ظهور الشيخ بيوض على مسرح الأحداث دفعة واحدة بعبقريته وفصاحته وقوة شخصيته وقدرته على التأثير في الجماهير ،جعلهم يعادونه ويعارضونه ويقفون في طريق مشروعه؛ حسدا من عند أنفسهم وعنادا وهم يعلمون أنه على الحق .خوفا من أن يسلب منهم هذه المكانة الدينية وهذه المرجعية العلمية .وهذا الاحترام والتقدير من الناس الذي يحظون به. كما عارضوه احيانا لاختلاف وجهات نظرهم في تقدير المصالح والمفاسد في الأمور الحادثة في عصرهم" كما عارضوه لأنهم ل يستطيعوا إدراك أبعاد مواقفه وفهم أفكاره وتوجهاته الكبرى ،كما لم يستطيعوا أحيانا أخرى أن يأتوا بما أتى به في المجال الديني والاجتماعي والتربوي" وأن يبلغوا مستواه وأعماله فناصبوه العداء وسفهوا مشاريعه وضللوا إعماله ،وسلقوه بالسنة حداد. 932البحث الثالث :مفهوم الجمود في عهد الحركة الإصلاحية د۔ صنف أصحاب التنقوذ والمصالح: يشكل هذا الصنف بعض الأغنياء المنحرفين والقياد .الفاسدين من أذناب الاستعمار وعيونه وأياديه ،الذين رأوا أن وجود مشروع ‏ ١لإصلاح وبروزه يهدد مصالحهم ويقضي على نفوذهم ويشكل خطرا عليهم" وسيصل اليوم الذي يطيح بهم من عليائهم وينسف بؤر الفساد التي يعششون فيها ويتنفسون بهوائها. تحالف هؤلاء بما لديهم من قوة المال والحكم والنفوذ مع الأصناف الأخرى ووقفوا صفا واحدا ضد الحركة الإصلاحية ،وعلى رأسها زعيمها الشيخ بيوض، وسخروا في سبيل ذلك ما يملكون من ثروات وعلاقات مع المستعمر ووظفوها ني محاصرة الشيخ بيوض ومحاولة القضاء عليه وعلى حركته ،وأجازوا في حربهم هذه استعمال كل الطرق والوسائل الممكنة يما فى ذلك تدبير خطط اغتياله وتنفيذها عدة مرات. نسجل-بكل أسف-أن هذه القوى من الفساد والاستعماز تحالفت فعلا مع بعض علماء وادي ميزاب ومع بعض عزابتها ۔ عن علم أو عن غير علم ۔ وعامتها الدهماء لأجل القضاء على حركة الإصلاح وزعيمها. لقد أطلق تيار الإصلاح تسمية الجمود على هذه المعارضة .كما أطلق عليها فيما بعد تسمية تيار المحافظين. 4منهج تناول فكر الجمود في البحث: نريد أن نوضح هنا أن منهجنا في الحديث عن فكر الجمود وتياره في بحثنا هذا سيحاول أن ينضبط بجملة من أخلاقيات الإسلام ويتقيد بجملة من الضوابط العلمية ،ولا يترك العنان لأي كلام يرسل على عواهنه. ( )1انظر :أبو اليقظان :إرشاد الحائرين كله .اطفيش :الدعاية إلى سبيل المؤمنين ،كله .بكلي :مسيرة .07الحاج سعيد :تاريخ بني-9الإصلاح .كله .دبوز :أعلام الإصلاح .ج .4كله .جك .ص مزاب ص.202 -151 الفصل الثالث :مفهوم الإصلاح ومرجعيته الفكرية والحضارية240 كما سيحاول أن يلتزم بالملوضوعية[ ويبتعد عن العاطفة وعن الذاتية قدر الإمكان بغرض الوصول إلى الحقيقة العلمية وتشخيصها كما حدثت في مسرح التاريخ وتقويمها بميزان العقل والمنطق. من هذه الآداب أننا سنتجنب-قدر الإمكان-ذكر الأسماء والألقابث أو تشخيص الجهات إلا ما اضطررنا إليه ،أو فهم من ثنايا البحث وسياقه‘ وسنتوجه إلى نقد فكر الجمود بغض النظر عن الشخص الذي يقف وراءه .التزاما بجديث نبينا الكريم محمد يلة في قوله« :اذكروا محاسن موتاكم" وعملا بقول الثه تعالى في الآية الكرمة :لتلك أمة قذ خلت ها ما كستتت ولكم ما كَسَيم ولا سألون عما كالوأ يعْمَلونَه"ء وتطبيقا لمقولة الخليفة عمر بن عبد العزيز حينما سثل عن فتنة الصحابة فاجاب« :تلك دماء طهر النه منها سيوفنا فلنطهر منها السنتنا ،وكذا عملا بمنهج القرآن الكريم عموما في حديثه عن كفار ومشركي قريش فهو لم يشهر باسحائهم ولم يذكرها إلا ناذرا إكراما لهم .لأن الكثير منه سيلتحق بالإسلام فيما بعد ،وإكراما لأعقابهم وذرياتهم الذين سنينشؤون على الإسلام .فلا يكون سبة هم عبر التاريخ. ذلك لأجل أن يعمل تاريخنا في اتجاه دعم قوتنا ورص صفوفنا وتماسك مجتمعنا ،ولا يعمل على تفرقتنا .أو بث الشقاقات والنزاعات بيننا. من الآداب كذلك أننا نحاول إيجاد الأعذار لبعض الأعمآل أو المواقف التى صدرت من جبهة الجمود ،ما يمكن أن نحسبه أمرا سلبياء مخالفا لأحكام الدين والاستقامة .كما نضع في حسباننا أن بعض هؤلاء قد تراجعوا فيما بعد عما صدر منهمإ وعادوا إلى جادة الصواب واستغفروا وتابوا وأنابوا 6هذا ما يشفع لهم لنتادب معهم دارسين لتاريخهم .فهم بشر ليسوا ملائكة معصومين فهم يصيبون ( )1اخرجه الترمذي في سننه :رقم ‏ ٠940‏!٠ج ص .051وابو داوود في سننه :رقم.4524ج .31ص!.5 موسوعة المكتبة الشاملة ،قرص مضغوط" يحوي أهم مصادر الحديث. ( )2سورة البقرة/الآية.431 : 142البحث الثالث :مفهوم الجمود في عهد الحركة الإصلاحية ويخطئون .وإن من اجتهاداتهم ما كان خالص النية .صادق المقصد .ولو أنه جانب الصواب والحق. إن معتقدنا أن كل هؤلاء المشايخ والعلماء والعزابة الذين قادوا مرحلة النهضة في وادي ميزاب بشقيه المعارض والمصلح قد قاموا باعمال جليلة وتضحيات عظيمة في المجال الديني والاجتماعي والتربؤي ،رغم ما صدر منهم من أخطاء فنحن إذا أعدنا ذكرها أو تمحيصها فمن باب حفظ التاريخ وأخذ العبر منه ،وبناء المستقبل عليه. نجد ونحن نطلع على تراجم زعماء المعارضة والجمود وهم في عنفوان محاربتهم للحركة الإصلاحية ولزعيمها الشيخ بيوضع يتشبثون بالدين وبالمذهب وبالأعراف حسب ما فهموها وأدركوها ،ويجاهدون في الآمر بالمعروف والنهي عن المنكر ،ويفرغون حياتهم في التربية والتعليم والوعظ والإرشاد والنصح مذا المجتمع ،فلكل واحد منهم سجل حافل بعظيم الأعمال وجليل الفعال مما يمنع التطاول على قاماتهم والاستنقاص من أشخاصهم وتسفيه أعمالهم واحتقار تضحياتهم 6وهم قد أفضوا إلى ربهم ونحسب أن النه تعالى قد غفر لهم اخطاءهم وزلاتهم وتقبلهم عنده في الصالحين. إلا أنه في مقابل كل هذه الاعتبارات فإن مسؤولية كتابة التاريخ وحفظه للأجيال كما حدث دون تزييفه ،وبرسم أقرب صورة له ،ثم تحليله وفهمه ونقده لأجل استخراج الحقيقة العلمية التاريخية منه ،وتحديد الصواپ من الخطاء والحق من الباطل ،والنفع من الضر فيه يقتضي التحري والدقة .ووضع )النقاط على الحروف. إذن :سنحاول أن نسير في بحثنا على هذا الخيط الرقيق ،بين هذين الاعتبارين© وتحرص أن لا نحيد عنهما-قدر الإمكان والمستطاع-خاصة وأن جزءا من هذا التاريخ لا تزال تداعياته وتأثيراته غلى وادي ميزاب باقية ‏٠ واضحة جلية إلى حد اليوم. 18 الفضل الثالث :مفهوم ‏ ١لإصلاح ومرجعيته الفكرية والحضارية242 لا أعرف هل سيعذرني المؤرخون واهل التاريخ على انتهاج هذا الخط أم لا" 3واستسمحهم إن كانت مناهجهم وعلومهم لا تقبل بذلك. في حقيقة الأمر ينبغي الاعتراف بصعوبة الجمع بين هذه الأخلاقيات وتحري الموضوعية العلمية والدقة التاريخية .ولا أعرف هل يسمح لنا بصفتنا مسلمين أن يكون لنا منهجنا الخاص في كتابة التاريخ .فنقول باسلمة علم التاريخ .أو بوجود منهج إسلامي لكتابة التاريخ" أو تسميته أخلاقيات كتابة التاريخ. فلست مع فكرة التقديس المطلق للموضوعية والمنهجية والحقيقة العلمية بدون ضوابط ،ولو على حساب مصالح الناس" وجلب الضرر والشرور فهم بدعوى العلمية والموضوعية والمنهجيةا“. سنحاول الالتزام بهذا المنهج في استعراضنا الأحداث سواء ما تعلق منها بتيار الجمود أم بتيار الإصلاح. د-مسار فكر الجمود وتطوره: إذا حاولنا تتبع مسيرة فكر الجمود في وادي ميزاب وأهم المحطات التي مر بها بين القوة والضعف فإننا نقول إنه شهد فترة قوته ومناعته خلال المراحل الإعدادية للنهضة الإصلاحية وقد تعشش في مفاصل المجتمع حينما افتقد العلم والوعي وسيطرت عليه أسباب التخلف والتردي ،وكان أنصاره يتشكلون أساسا من طائفة ( )1يرى المؤرخ العراقي الدكتور عمر فاروق فوزي أن مهمة كاتب التاريخ لا تتوقف ولا تنحصر في رواية الأحداث والوقائع 6وإنما تتعداها إلى التحليل والنقد واستخلاص العبر والدروس منها ،وتقديمها للمجتمع وللأجيال في قالب يخدم وحدتها وتماسكها ويراعي حاضرها ومستقبلها .مقابلة مع الدكتور عمر فاروق فوزي :عمان الآأردن 42 6مارس 8م. ( )2يرى الشيخ أحد الخليلي مفتي سلطنة عمان والمرجع الأول للإباضية أن تاريخ وادي ميزاب في عهد النهضة الإصلاحية وما تزامن معه من أحداث وقلاقل داخلية لا بد أن يكتب ويقدم للاجيال بما يراعي وحدة المجتمع ومصالحه .وتناسي الخلافات وتباوز الأخطاء من كلا الطرفين .مقابلة مع الشيخ احمد الخليلي :امفرق 6الأردن 52 6مارس 8002م. 342البحث الثالث :مفهوم الجمود في عهد الحركة الإصلاحية الفاسدين والجهلة بالتواطؤ مع قوى الاستعمار التى رأت فيه آلة لإحكام سيطرتها على المجتمع وإذلاله واستعباده أكثر. مع بداية انقشاع سحاب الجهل عن المجتمع أثناء عهد القطب وعهد تلاميذه .حمي الوطيس واشتد الصراع بين تيار الجمود وتيار الإصلاح ،وكانت لهما صولات وجولات أحيانا يكون النصر للفريق الأول وأحيانا للثاني. إلا آنه يسجل _ للأسف-في هذه الفترة انضمام فريق من العلماء إلى هذا التيار ومناصرته والتخندق في صفه ضد تيار الإصلاح في حين كان ينتظر منهم عكس ذلك وفاء لمشايخهم الذين تعلموا على أيديهم ،وتلقوا منهم أمانة الإصلاح. فاستقوى بهم وأصبحت له قلاع حصينة وأسوار منيعة داخل وادي ميزاب. مثلث هذه الفترة من منتصف القرن التاسع عشر إلى منتصف القرن العشرين عز تيار الجمود وقوته وتمكنه" وشهد وادي ميزاب معارك طاحنة بين التيارين على مستوى جبهات كغيرة في المجال الديني والاجتماعي والتعليمي والسياسي. استعملت فيه مختلف الأساليب المتاحة؛ المشروعة منها وغير المشروعة .وقد عطل تيار الجمود والمعارضة مسيرة الإصلاح فعلا ،ووقف حاجزا منيعا أمام تطور المجتمع واخذه بأسباب التمكين وكان حجر عثرة في سبيل النهضة الإصلاحية لإباضية الجزائر في وادي ميزاب. يقول الدكتور عيسى قرقب :‏ ١لقد رفضت فئة الجمود في منطقة الوادي الاصلاحات التي أدخلها الإمام بيوض على المجتمع الإباضي واعتبرتها خروجا عن المذهب ومروقا من الدين؛؛"'. خلال الخمسينيات من القرن العشرين وما بعدها بدأت قزى الجمود تضعف وتتفكك ،وقلاعه تنهار .وحصونه تسقط واحدة تلوى الأخرى بسبب انتشار الفكر الإصلاحي بازدياد أنصاره وبنزولهم إلى ميادين الإصلاح الملختلفة ،وبسبب وفاة ( )1عيسى قرقب :الإمام إبراهيم بيوض رائد الحركة الإصلاحية في الجنوب الجزائريث ص.742 الفصل الثالث:مفهوم ا لإصلاح ومرجعيته الفكرية والحضارية244 بعض رؤوس الجمود ورموزها والتحاق بعضهم بتيار الإصلاح بعد أن تفهموه وعاينوا فوائده وشاهدوا منافعه وبسبب كف بعضهم عن المجاهرة بمعاداة الإصلاح. والمعاهد الاإاصلاحيةالمدارسمنالأجيالوبسبب تخرجوالتزام الحياد والصمت. وانتشار الوعي والثقافة بينها وتمييزها بين النافع والضار في جركة المجتمع. مع بزوغ فجر استقلال الجزائر لم يبق لتيار الجمود مفعول واضح مؤثر في لإصلاح 6طريقومراكز قوا ‏ ٥وضعفت أضرا ره فالمجتمع ز حيث فقل أنصاره أرجاءوانتشار أفكاره فمقابل تزايد قوة الإصلاحوخفت معارضته العلنية له؛ ف )وادي ميزاب. من التوافق والتقارب بين التيارين6بعل الاستقلال حالة جديدةحيث تولدت فعليهم خطوا ت ا لا صلاحبعل أن تتبع بقايا تيار ا لجمود6ومن كا ن حسب فيه ‏ ١لإصلاحيعارضوتراجع عن الكثير مما كانمشاريعه التعليمية والاجتماعية :ويعانده ويعاكسه. ويتعاونانحتى أصبح التياران يتنافسان على جوانب الخبر والفلاح والصلاح ذاكيسبقوتارةيسبق هذاتارةفكانبعضهما البعضمن تجاربويستفيدان وزالت مع الوقت الكثير من الضغائن والأحقاد التى حملها كل طرف تباه الآخر خاصة بعد رحيل الجيل الأول ،وطلوع جيل جديد لم يعش تلك المعارك ولم يشهد هكذا أضحى وادي ميزاب مع فجر الاستقلال يتشكل من فريقينؤ بل من مدرستين إصلاحيتين؛ الإصلاح والمحافظة .يمكن اعتبارهما وجهين لعملة واحدة هي إباضية الجزائر. - 6تقويم مسيرة الجمود: إذا أتينا في آخر هذا المبحث لتقويم ما حدث في وادي ميزاب من صراع بين الحق والباطل وتقويم للصواب والخطل فإننا نتأسف أن يصدر من بعض العلماء 542البحث الثالث :مفهوم الجمود في عهد الحركة الإصلاحية والعزابة والأعيان مثل هذه الأمور الدنيئة المخزية ،التى وظفوا فيها المساجد وحلقات العزابة والهيئات العرفية .وانحرفوا بها عن دورها الدينى الحضاري ني تلك اللحظات من الزمن لأجل خدمة مصالح باطلة ولأجل ضرب حركة الإصلاح ومحاربة زعيمه الشيخ بيوض. إذ تحدثنا الوثائق أن اجتماعات عقدت لبعض هؤلاء باسم حلقات العزابة لأجل إدانة الشيخ بيوض ورفقائه ،ولأجل تدبير المكايد لاعتراض طريقه{ ثم تهربوا منه حينما طلب ملاقاتهم ،وطلب مناظرتهم لأجل استبيان الحق في فتاويه واجتهاداته ومواقفه وأعماله التى أدين من أجلها. كما تحدثنا الوثائق عن تورط بعض هؤلاء في ربط علاقات مع المستعمر وتقديم تقارير كاذبة ورسائل مغرضة حول الشيخ بيوض وحركته لأجل إدانته. وكانت تحمل إمضاءاتهم ،كما سلطوا منابر المساجد على شخصه فقذفوه باقل الأوصاف ورموه بأعظم التهم .فقالوا عنه :فاسقس كافر ملحد{ وأعلنوا براءتهم وبراءة المجتمع منه.'. من جهة أخرى لنا أن ننظر إلى كل هذا الذي حدث بالمنظار البشري ويمنظار التدافع الحضاري والصراع الفكري الذي تعيشه كل المجتمعات ،فنقول إن هؤلاء أناس عملوا واجتهدوا فاصابوا وأخطؤوا .واختلفت وجهات نظرهم في تقويم قضايا عصرهم" وفي سبل تحقيق المصالح مجتمعهم ورد المفاسد عنه؛ فأدى بهم الحال إلى ما ادى من خلاف ونزاع وشقاق. فكان هذا الصراع وهذا التدافع الأثر الإيجابي الكبير على وادي ميزاب. بجانب هذه السلبيات الجسيمة ،من تفعيل جوانب الحياة العامة وكسر ركودها. ومن بروز قادة الإصلاح وتنظيم صفوفهم وتعاونهم وتكاتفهم وتجندهم وراء ( )1تراجع في ذلك الكتب الآتية :بكلي :مسيرة الإصلاح كله .دبوز :اعلام الإصلاح .ج .4كله .جك .ص تاريخ الحاج سعيل: الدعاية إل سبيل المؤمنين كله. اطفيش: .07أبو اليقظان :إرشاد الحائرين .كله. 9 ببي مزاب ص ا.202 -51 الفصل الثالث :مفهوم الإصلاح ومرجعيته الفكرية والحضارية246 والتحرك فزعيمهم 6واكتسابهم الحكمة والحنكة ف التعامل مع هذا الوضع وتعلمهم أساليب السياسة والمرا وغة ف مجابهة مكايد المستعمر ورد عدوانه.وسطه قيامإباضية الجزائر خلالوحالوادي ميزابعلى كل؛ هذه هي صورة بداخلهموهذه صورة من التدافع الحضاري الذي عايشوهنهضتهم الإصلاحية بين الحق والباطل. هذا ما سنشهد فصولا منه فى مباحثنا القادمة. ))لن 742|البحث الرابع:المرجعية الفكرية والحضارية للإصلاح الحث اثرا بع: المرجعية الفكرية والحضارية للإصلاح نتناول في هذا المبحث المرتكزات الفكرية والمرجعيات الحضارية التى بنت ننكشفالتغيير والإصلاح.ميزاب حركتها فواديعليها النهضة الاصلاحية ف عن الأوساط التى استفادت من أفكارها وتأثرت بتجاربها وخبراتها. من خلال تتبعنا للمسار التكويني لأعلام الحركة الإصلاحية ،ومن خلال تحليلنا لخطها الدعوي وخطابها الملسجدي نستطيع أن نحدد جهات عديدة كان لها الفضل في صناعة النهضة الإصلاحية عند إباضية الجزائر. يمكن لنا أن نقسمها إلى قسمين ونصطلح على تسميتها بما يلي: -مرجعية قاعدية. -مرجعيات تطعيمية . [ -المرجعية القاعدية :مسيرة النهضة الصلاحية بوادى ميزاب: بينا في الفصل السابق أن الإصلاح في وادي ميزاب مر بمراحل إعدادية مهدت له السبل ،ويسرت له الطرق ،وهيأت له النفوس ،وخحصبت له العقول ،فقامت بأدوار مهمة في محاولة تغيير الأوضاع العامة على مختلف الأصعدة. وقد احتلت حلقة العزابة وعلماؤها في هذه العملية الإصلاحية دور الريادة الدينية والاجتماعية فسجلت حضورها القوي وتاثيرها الإيجابي على المجتمع محافظة على كيانه ودفعا للمفاسد عنه. لذا يحق لنا أن نعتبر-بناء على ما خلصنا إليه في الفصل السابق-أن المرجعية الأساسية للإصلاح والركيزة الصلبة للنهضة الحديثة تتمثل في العوامل الداخلية التي بني عليها المجتمع الإباضي في وادي ميزاب والتي يمكن أن نجملها ني العنصرين الآتيين: الفصل الثالث :مفهوم الإصلاح ومرجعيته الفكرية والحضارية248 الإيمان الراسخ بالفكرة الإصلاحية السابقة والاقتناع العميق بهاء والسعي لاحتضان المجتمع لهاؤ والشعور بمسؤولية تحملها ومواصلة طريقها ،وإعلاء صرح بنيانها وتنفيذ مشاريعها وتحقيق أهدافها على أرض الواقع. امتلاك المجتمع لنظام حلقة العزابة الذي شكل الشرايين الناقلة للدم لجسد الإنسان .وشكل كذلك نظام المناعة فيه الحافظ لكيانه من الأمراض والمدافع عن الأجسام الغريبة التى تتطفل عليه. بناء على ذلك فإن ما ينبغي تسجيله بكل دقة ووضوح-حسب رايي-أن النهضة الإصلاحية ضمنت شطر نباحها وتفوقها وتمكنها من المجتمع بفضل هذين السندين المتينين اللذين أسهما معا في تهيئة تربة خصبة لنضج بذور أفكار الإصلاح وضرب جذورها في الأعماق" إذ أضحى المجتمع يحمل قابلية احتضان حركة الإصلاح وقابلية تبنى مشاريعها والدفاع عن أفكارها التجديدية قبل أن تظهر هذه الحركة إلى الوجود إطلاقا. والفضل في ذلك يعود إلى أولئك العلماء والعزابة والأعيان السابقين بما بذلوه من جهود مضنية جبارة في محتلف مناحي الحياة للحفاظ على كيان المجتمع ،فسهل العمل للمصلحين ومكنهم من تمرير أفكارهم وبث مشاريعهم عن طريق تلك القنوات المهيكلة للمجتمع والملوصلة للخطاب فيه. يقول الأستاذ محمد علي دبوز « :إن الفضل الأكبر لشباب نهضتنا يرجع إلى أولئك العلماء المصلحين" فهم الذين ثقفوا الأمة ،وأصلحوا نفوسها ،وثقافة العقول فتحسن الإدراك ،وإصلاح النفوس فتحسن العمل؛.‘"٨‏ إن هذا الكلام لا ينفي ما لاقاه الملصلحون من معارضة شديدة على مستوى الجبهة الداخلية سواء من رجال العزابة أم الأعيان أم العامة" فإن ذلك يعد شيئا ۔1791م.محمد علي دبوز :نهضة الجزائر الحديثة وثورتها المباركةش ط [.المطبعة العربية 5الجزائر ا/931()1 ِج .2ص.2 942البحث الرابع :المرجعية الفكرية والحضارية للإصلاح طبيعيا في كل مجتمع آيل إلى حركة تجديد وتغيير مع حرصه على الإبقاء على كيانه" وخوفه من الدخيل والغريب. إذن :فالحركة الإصلاحية في وادي ميزاب مدينة بقوة لجهود العلماء والعزابة السابقين الممهدين للإصلاح ويكفيهم فخرا أن كل قادتها هم خريجو مدارس هؤلاء العلماء والمشايخ ومعاهدهم ،وأنهم من صنع أيديهم وبنات أفكارهم. حسب رايي؛ إنه لولا هذان العاملان لما استطاعت الحركة الإصلاحية التمكن من النفوس والتحكم في المجتمع والبروز إلى واجهة الأحداث ،ولما استطاعت أن تصل إلى ما وصلت إليه ميدانيا في تلك الفترة الزمنية القصيرة في حياة الأمم والشعوبؤ إذ لو ابتدأت من نقطة الصفر وانطلقت من فراغ للزمها أضعاف الجهود المبذولة وأضعاف الأوقات المصروفة لأجل أن تبني مجتمعا وتسير به نحو نهضة إصلاحية وتجنى ثمارها الحضارية. في المقابل فإن ما ينبغي ذكره والإشارة إليه بوضوح كذلك أن أعلام الحركة الإصلاحية كانوا أوفياء حق الوفاء لأسلافهم ومجتمعهم ولهيئاتهم العرفية ،فلم يعرف عنهم يوما التنكر لتلك الأفضال ،بل كانوا يوكدون عليها في كل مناسبة ويبينون للناس أن نجاحهم كان على أكتاف الرجال السابقين وما قدموه من تضحيات وجهود ،وما فتئوا يؤكدون أن حركتهم الإصلاحية هي تتمة لما شرع في بنائه منذ أزيد من قرنين من الزمن وأنها امتداد لذلك القبس من النور الذي أاضيء ذات يوم من قبل. إذن :تخلص بعد هذا أن النهضة الإصلاحية في وادي ميزاب ذات جذور أصيلة وعميقة تحمل ثلاثة أبعاد متكاملة ومتداخلة فهي إسلامية في دينها وعقيدتهاء وإباضية في فقهها وفكرها\ وميزابية في أعرافها وعمرانها ،كما امتزجت فيها المرجعية العلمية المتمثلة في جهود العلماء بالمرجعية الاجتماعية المتمثلة في جهود العزابة والأعيان؛ مكونة هذا المنتوج الجديد الذي عرف بالحركة الإصلاحية ،أو المدرسة الإصلاحية. الفصل الثالث :مفهوم الإصلاح ومرجعيته الفكرية والحضارية250 كما تحكمت هاتان المرجعيتان في رسم الخطوط العريضة للعملية الإصلاحية واختيار منهجها وتحديد وسائل تحركها وميدان نشاطها وضبط أهدافها وغاياتها المرجوة. هذا ما ستكشف عليه الفصول والمباحث القادمة. بعد هذا ينبغي الإشارة إلى أن هذه المرجعية القاعدية الصلبة يلاحظ عليها نوع من الانغلاق الداخلي ويسجل عليها نوع من التقوقع المحلي؛ لظروف وأسباب عديدة-مضى الحديث عنها سابقا-لذا أضحت في حاجة أكيدة وماسة ليبحث لها عن مرجعيات جديدة تتولى تلقيحها وإنعاشها وتفعيل الحركة والتغيير فيها فوجد لها ذلك في الأوساط الإسلامية المجاورة القريبة منها والبعيدة .لأجل إحداث نقلة نوعية فيما استجد في العصر في كامل مجالاته الحيوية. هذا ما يبرر تطلعها للاستفادة من مرجعيات جديدة قامت بدور التطعيم لم تعهد من قبل في وادي ميزاب ،وهذا ما يمكن أن يصطلح عليه بالملرجعيات التطعيمية. ففيم تتمثل وكيف تم ذلك؟ -2المرجعيات التطعيمية: ا۔النهضة العلمية والحركة السياسية التونسي: إن المتتبع للحركة الإصلاحية في مرحلة نشأتها ثم في مراحل قوتها وتمكنها يلاحظ بوضوح ذلك الخط الموصول والحبل المتين الذي كان يربطها بالنهضة العلمية والسياسية التي كانت تشهدها تونس خلال العقود الأولى من القرن العشرين .مما يقتضي التوقف مليا مع هذه العلاقة ومحاولة تاملها وتفكيك رموزها وفهم دوافعها واستخلاص ابعادها وتحديد معالهاا"“. ( )1يرى الدكتور حمد ناصر أن الإصلاح في ثوبه المعاصر قدم أساسا من تونس عن طريق الشيخ أبي اليقظان -الذي نال حظا من التكوين في تونس-فتلقفه الشيخ بيوض وتبناه ،وطعم به حركته الإصلاحية. 152البحث الرابع :المرجعية الفكرية والحضارية للإصلاح يمكن لنا أن تميز نوعين وا ضحين من ا لتأثر وا لتزود : التاثر بالنهضة العلمية. ۔ التأثر بالحركة السياسية والصحافية. - 1التاثر بالنهضة العلمية. لتي سبق الحديث عنها ف ‏ ١لفصلا لتعليمية -وادي ميزا بإن أوضاع الاضي۔ جعلت الكثير من أبنائه لا يكتفون ولا يقتنعون بما يتزودون به من علومإ بل يتوقون إلى الاستزادة في التحصيل بالتفكير في السفر إلى البلدان المجاورة ذات الحواضر العلمية الزاهية لأجل الاستفادة من علومها والاغتراف من معينها والجلوس إلى حلق علمائها .وتمثل ذلك خاصة في جامع الزيتونة بتونس والمدارس المحيطة بها. طبعا لقد كان تفكير شباب وادي ميزاب في ذلك بعد حصولهم على القسط الضروري الأول من قواعد العلوم ومفاتيحه على أيدي مشايخهم ،وبعد تشربهم بخصائص الحياة الدينية والاجتماعية لوادي ميزاب وتشبعهم بالقيم الاجتماعية والعرفية له ،مما يمكنهم من الحفاظ على شخصيتهم المسلمة الإباضية الميزابية ،ومما يحميهم من الذوبان في المجتمعات الأخرى أو الانغماس في شوائبها. في حقيقة الأمر إن الحواضر العلمية الزاخرة في البلاد العربية-خاصة منها تونس ومصر قد ألقت بظلالها على الجزائر عامة وعلى شعبه وعلى طموحات الأجيال الناشئة فيه؛ نظرا للأوضاع الاجتماعية والتعليمية المتردية الى كانت عليها الجزائر خلال هذه الفترة ،فاصبح حلم الشباب المنشود هو الانفلات من هذه مقابلة مع الدكتور محمد ناصر الجزائر 6جويلية .5002 نستطيع أن نقول إن الشيخ بيوض مثل القاعدة والأساس في الحركة الإصلاحية في وادي ميزاب‘ بينما مثل الشيخ ابو اليقظان وغيره من قادة الإصلاح الذين تلقوا تكوينا في تونس عامل التطعيم والتلقيح المدرسة ‏ ١لاصلاحية وفكرها ومنهجها وخصائصها .‏ ٠فامتزج اللقاح بالقاعدة متجا صورة للإصلاح الفضل الثالث :مفهوم ‏ ١لإصلاح ومرجعيته ا لفكرية والحضارية252 الأوضاع والالتحاق بإحدى هذه الحواضر لمزاولة الدراسة بها وإكمال المشوار العلمي الذي ابتدؤوه في أوطانهم .إذ كانت تصلهم تباعا أصداء نشاطها العلمي وتمكن علمائها وتطور مناهج التربية والتعليم فيها عن طريق حركة التجارة ونقل البضائع بين الجزائر وتونس التي امتهنها عدد لا باس به من الجحزائريين ،وعن طريق رحلات الحج والعمرة التى كانت تمر بالبلاد التونسية وتشهد كل ذلك الجو المفعم بالحركة العلمية والاقتصادية. لذا فقد كانت الكثير من الأسر الجزائرية الميسورة الحال تبادر إلى إرسال أبنائها إلى هذه المدارس والمعاهد للتكوين فيها والنبوغ في علومها ،والتخرج بشهاداتها وإجازاتها العلمية المعتبرة. يقول الدكتور محمد صالح الجابري « :ولعل قرب مدينة تونس من الحواضر الجزائرية الشرقية ...هو الذي اختصر كلفة الرحلة إليها 5فتعدد المقبلون على جامع الزيتونة وعلى المدارس الأخرى التي تكاثر عددها خلال هذه الفترة. وقد نبغ في رحاب هذا الجامع الأعظم مئات العلماء الجزائريين وأسهموا في حركته العلمية إسهاما مرموقا 5فكانوا من تلاميذه النبغاء ثم أصبحوا من علمائه ومدرسيه وفقهائه وخطباء منابرها "'. ويقول الدكتور أبو القاسم سعد الله :اكانت تونس مقصد المهاجرين الجزائريين ،مستوطنين وعابرين ،وهي بوابة الشرق لهم ...ووجد الجزائريون في جامع الزيتونة موردا عنبا في الوقت الذي ضاقت فيه بلادهم من معلم حضاري مثله(. لم يشذ شباب وادي ميزاب عن هذه القاعدة ،بل كانوا يفكرون جديا في شد الرحال إلى هذه الأوساط رغم صعوبة التنقل آنذاك وظروف المعيشة القاسية التى ) (1الجابري :النشاط العلمي ،ص.52 [ .94( )2سعد النه :تاريخ الجزائر الثقاني .جك .ص-094۔ 352البحث الرابع:المرجعية الفكرية والحضارية للإصلاح كانت تحول بينهم وبين مواصلة مشوارهم العلمي مما يجعل الكثير منهم ينقطع في لينتقل الى الحياة العملية تجارة أوالأحوالبداية الطريق أو في وسطه ف أحسن فلاحة أو مهنا تحت ضغط الفاقة والمسؤوليات الأسرية والعائلية. انطلقت هذه الحركة-بادئ الأمر -بصفة فردية؛ أتيحت لبعض الطلبة الذين قوي .تحدوا به كل الصعابمساعدة .أو كان لهم طموحتوفرت لهم ظروف للوصول إلى الهدف المنشود ،ثم تحولت هذه الحركة مع مرور الزمن إلى حركة مؤطرة ومنظمة ،ثم إلى انشغال حملته المدرسة الإصلاحية واعتبرته أحد الجبهات التى ينبغي التصدي ها والعناية بها معنويا وماديا. حيث تحملت على عاتقها مسؤولية هذه البعثات العلمية؛ بالنفقة عليها وتعيين مديريها والإشراف على إدارتها وضبط النظام فيها ،وبإرسال الدفعات المتتالية من الطلبة في كل سنة لمواصلة التكوين والدراسة في مدارس تونس ومعاهده(“. وذلك إيمانا منها بأهمية هذا الرافد الحضاري وحاجتها إليه في تطعيم وادي ميزاب بكوادر وإطارات تحمل روحا ونفسا جديدا تدفع حركة الإصلاح إلى الأمام في مسيرة نهضتها وتحبديدها لدواليب المجتمع في كافة مناحي الحياة. يقول الشيخ عبد الرحمن بكلي في معرض حديثه عن دوافع فكرة البعثات الكفاح .وهو التزودإذ ذاك بشدة حاجتها إلى عدةالطلابية ...( :فشعرت حدودصبغته الحديثة والتمرس بالعناصر الحية خارجبالعلم الصحيح ف الوطن ،لتأليف جينش مثقف يحمل راية الكفاح عن جدارة واستحقاق ،وبابه الحياة عن دراية وخبرة ،ويستغلب على مشاكلها بسلاح العلم وقوة العقيدة. فارسلت البعثات إلى تونس». ( )1يراجع في ذلك :الجابري :المرجع السابقث ص . 89دبوز :اعلام الإصلاح ج .3قاسم الشيخ بالحاج: مقال بعنوان :أقلام الميزابيين في الصحافة الوطنية التونسية .مجلة الحياة[ الصادرة من معهد الحياة بالقرارة - الجزائر ع5002 9.5م .ص.352 - 632 ( )2بكلي :مسيرة الإصلاح ،ص.09 الفصل الثالث :مفهوم الإصلاح ومرجعيته الفكرية والحضارية254 ويضيف الشيخ أبو اليقظان في الصدد نفسه « :ونحن إنما أسسنا البعثة تحت تأثير ودوافع الحاجة الملحة إلى ذلك لما توجسنا من تطورات الحياة وشيكا بما تدفع إلى ميادينها الزاخرة أبناء المدارس والكليات والجامعات وخشينا نحن من الذوبان وتلاشي كياننا بصفتنا أمة لها كيانها وطابعها الخاص في الميدان الاقتصادي والاجتماعى بالقطر الجزائري شمالا وجنوبا نحن نعد أنفسنا قد تاخرنا بيقظتنا عن الوقت اللازم. لسنا هنا بصدد التاريخ لهذه البعثات العلمية-التي سياتي الحديث عنها 2 والنهل منه بنهم وبلا حدود. لقد كان أول المستفيدين من هذا الينبوع العذب المستلذ لدى الحركة الإصلاحية قادتها واقطابها 5ويبدو أن إعجابهم بهذه الأوساط العلمية والسياسية وتاثرهم بها كان كبيرا جدا مما انعكس بقوة على شخصيتهم وعلى افكارهم وعلى توجيههم للحركة الإصلاحية عموما. فلقد هاجر كل من الشيخ آبي اليقظان والشيخ أبي إسحاق إبراهيم اطفيش والشيخ عبد الرحمن بكلي وغيرهم إلى هذه الربوع ومكثوا فيها مدة طويلة دامت عدة سنوات خالطوا فيها هذه الحياة بكل أبعادها ،والتحقوا بمعاهدها -خاصة جامع الزيتونة-وانكبوا على التحصيل فيها ،وواصلوا مشوارهم العلمي ،فجلسوا إلى علمائها ومشايخها وحضروا مجالسهم وحلق علمهم واستفادوا من المناهج العلمية والتربوية وما توصلت إليه تونس من إبداعات جديدة في هذا المجال. لقد ابتدأت هذه البعثات في وقت مبكر جدا عند الميزابيين ،ولعل أول بعثة جزائرية إلى تونس كانت بعثة ميزابية في سنة 2231ه4191/مإ على إثر غلق ( )1أبو اليقظان :تاريخ صحف أبي اليقظان ،دار هومة ،تق وتع :د .حمد ناصر3002 .م.ص. 41 سنةالمجلة الزيتونية ،من سنة1 39 6م إل العلمي لجامع الزيتونة تراجع: العطاء على نماذج من للاطلاع) (2 5591م .تسعة اجزاء دار الغرب الاسلامي .دت. 552البحث الرابع :المرجعية الفكرية والحضارية للإصلاح السلطات الاستعمارية للمدرسة الصديقية القرآنية الغربية بمدينة تبسة التى كان يديرها الشيخ عباس بن حمانةاً ،فكان من الأولياء الميزابيين الذين لحم أبناء يدرسون فيها أن يفكروا في نقلهم إلى تونس لأجل متابعة دراستهم العربية التى حرمتهم منالاستعماريةفعل على قرار السلطاتالاسلامية في مدارسها كرد هذا الحق في وطنهم(. ثم توسعت هذه البعثات بعد الحرب العالمية الأولى لتضم أعدادا كبيرة من وتطوروالمعاهد التونسيةبالمدارسوتلجقهمميزابمن واديالتلاميذ الوافدين نظام تسييرها وإدارتها .وشهدت نشاطا علميا وثقافيا متميزا استطاعت أن تشرف بعلميزابإل واديعادواالحركة الإصلاحيةفالروادمنأجيالعلى تكوين أن أنهوا تكوينهم.فكا نوا رافدا قويا ا ف جال ا لتربية وا لتعليم وا لدعوة وإصلاح المجتمع( .ولعل جل إطارات حركة الإصلاح ف جيلها الثاني هم من خريجي معاهد تونس ومدارسها ،وبذلك قاموا بعملية التطعيم على أكمل وجه. للبعثات :يقول الشيخ عبد الرحمن بكلي موضحا هذا الدور الحضاري اراصلت البعثات سيرها فتخرج منها أساتذة نبهاء سدوا ثغور المساجد والمدارس وكتاب نحارير أنشؤوا صحافة هنا وفي مصر؛ تردد صدى ما يعتلج في صدور دعاة الإصلاح ،ويرمون إليه ويرومونه من تطور تساير به أمتنا في حدود دينها وذاتيتها قافلة الحياة وتحافظ ره على كيانها رغم الأنواء والأعاصير. ( )1انظر تفاصيل عن الجمعية الصديقية ومدرستها ي كتاب :دبوز :اعلام الإصلاح ،ج 3.5ص.051 - 341 ) (2عباس بن حمانة( :ت2331 :ه4191 /م) من رواد الحركة الوطنية في الجزائر ،رافق الوفد الجزائري إلى باريس سنة 2191م ليطالب بإلغاء التجتّد الإجباري على الجزائريين ،أنشا في مدينة تبسة الجمعية الصديقية الخيرية للتريية الإسلامية والتعليم العربي والإصلاح الاجتماعي ،انشا مدرسة قرآنية واغلقتها سلطات الاستعمار توفي مقتولا .نويهض :معجم أعلام الجزائر ص.321 ( )3سعد النه :تاريخ الجزآئر الثقاني ،ج .3ص .572 -372دبوز :اعلام الإصلاح ،ج .3ص!.381 - [5 ) (4صالح الخرني :من اعماق الصحراء۔ دار الغرب الإسلامي ،بيروتث لبنان1991 .م ،ص.06 -34 ( )5بكلي :مسيرة الإصلاح ،ص.001 الفصل الثالث :مفهوم الاصلاح ومرجعيته الفكرية والحضارية256 ويقول الشيخ أبو اليقظان في الصدد نفسه « :أخذ يظهر بعد ذلك في التلاميذ نبوغ وذكاء وتربية وتهذيب وآداب ونضوج فكرة وتثقف عقل واتساع مدارك وتفنن في العلوم فبدات تتكون في ذلك طبقة مستنبرة أخذت تظهر بها لشعبنا النبيل حياة جديدة وحركة فكرية وروح ملية لم يكن ليحلم بها من قبل».“. بلا شك أن معايشة أقطاب اللإصلاج للنهضة العلمية في تونس ومعاينتهم لها كاز؛له الأثر العميق في نفوسهم وفي شحذ هممهم وتحريك عزائمهم لنقل كل ذلك إلى وادي ميزاب وإفادة النهضة الإصلاحية به .فظهر ذلك التاثر والتطعيم على أشكال كثيرة وفي ميادين عديدة ،لعل أوضح وجوهه تمثلت فيما يلي: فتح مدارس التعليم العربي العصري على نمط المدارس التونسية. إنشاء النوادي الأدبية على شاكلة ما عايشوه في تونس. متابعة الصحافة التونسية مطالعة ومدارسة لنقل تلك الأجواء والاهتمامات الى وادي ميزاب. نقل أنماط الدراسة والإدارة في الزيتونة وجوها العلمي إلى معهد الحياة. نقل خبرة إدارة البعثات ونظامها إلى بعثة معهد الحياة. إلا أن التاثير الأكبر والاستفادة العظيمة من النهضة العلميبة التونسية يبقى متمثلا في تلك الأجيال المتعاقبة من الطلبة؛ الق أصبحت تعود إلى وادي ميزاب في كل سنة وتلتحق مناصبها في التعليم والتربية والدعوة والإرشاد .فملأت الحياة الاجتماعية نشاطا وحيوية وتحبديدا وأصبحت جزءا من قيادة الحركة الإصلاحية وطرفا في صناعة قراراتها وإنجاز مشاريعها. بذلك نصل إلى القول إن حركة النهضة الإصلاحية في وادي ميزاب قد نالت تطعيما نوعيا مهما جدا بواسطة النهضة العلمية التونسية فصبغتها بصبغة جديدة ميزتها عما كان سائدا في وادي ميزاب آنذاك وأعطتها طابعها الخاص. صر. 7 أبو اليقظان :إرشاد الحائرين، ( 7 752البحث الرابع :المرجعية الفكرية والحضارية للإصلاح بعد ذلك لا بد من الإشارة إلى أن هذا الرافد الخارجي للإصلاح وهذه النافذة التي أطل منها ليتنفس هواء يحمل أفكارا جديدة ونظرة مغايرة للحياة لم يستسغ بسهولة ولم يتقبل من الوهلة الأولى عند الكثير ممن كان يشل الزعامة الروحية والعلمية والاجتماعية في وادي ميزاب من عزابة وفقهاء وأعيان ،ومن تبعهم من العامة وانقاد هم. لقد تسبب هذا التفتح على العالم الخارجي في نشوب أولى حروب حركة الإصلاح ومعاركها على مستوى الجبهة الداخلية مع بعض قادة المجتمع ،والدخول معهم في صراع فكري ومناطحات كلامية وكتابية. إن الحركة الإصلاحية التى كانت تمر بمرحلتها التاسيسية في هذه الفترة الزمنية مع بداية العقد الثاني من القرن العشرين نالها الكثير من التشويه والتعنيف ووصف أقطابها بمختلف أوصاف الضلال والزيغ والجحود بسبب مسألة توجيه الطلبة إلى تونس لمواصلة تكوينهم وبسبب تاطيرهم للبعثات؛ التي كانت وراء تحفيز الأولياء لإرسال أبنائهم إليها والاندفاع وراء الفكرة والحماس فها. يقول الشيخ عبد الرحمن بكلي في هذا الصدد « :فإذا بهؤلاء الجامدين حماة المذهب الشريف“ وحراس الطابع القديم ...يشنونها غارة شعواء على الإصلاح؛ فمن تحرير الرسائل ضدهم ...إلى تقبيح خطتهم وانتقاد أسلوب تعليمهم بالباطل في مجالسهم الخاصة والعامة .إلى التشهير بهم في دروسهم والبراءة منهم من أعلى منابر المساجد إلى تصويرهم في صورة طاعون جارف ...إلى استفزاز العامة الساذجة باسم الدين© وإقناعهم أن من أفضل الجهاد معاداة هؤلاء العصريبن الملاحدة وقطع الطريق عنهمه.'"٦‏ لقد كانت حجة المعارضين للفكرة أن بيئة تونس والعلوم التي يتلقونها .والأفكار التي تروج فيها تفسد أخلاق التلاميذ وطباعهم وتشوش على أذهانهم. )[( .بكلي :مسيرة الإصلاح .ص.19-29 91 الفصل الثالث :مفهوم الإصلاح ومرجعيته الفكرية والحضارية258 فهم غير ناضجين ولا مكتملين لتربيتهم فلا يزالون في عمر المراهقة وان في ذلك خطرا على شخصيتهم وعلى مذهبهم من الانحراف أو الذوبان في الوسط العام. مع اتهام القائمين على هذه البعثات بالانشغال بالسياسة والتجارة على حساب مراقبة التلاميذ ورعاية شؤونهمه"'. وكانت حجة المؤيدين أن التلاميذ محصنين مراقبين مؤطرين في أخلاقهم وتعليمهم وأن تزودهم بالعلوم العصرية وإكمال تكوينهم أمر ضروري وواجب لإفادة وادي ميزاب وتنويره بما استجد في العصر. يحدد الشيخ أبو اليقظان-في رده على خصومه-وظيفة رؤساء هذه البعثات والأدوار التي كانوا يقومون بها فيما يلي: ه إلقاء الدروس عليهم في العقائد وفي الفقه الإباضي يوميا... تفقد كراريسهم ودروسهم المدرسية. مراقبة أحوالهم الدينية العملية. ۔ ضبط سيرتهم وتقويم اخلاقهم... المحافظة على حالتهم الصحية والاقتصادية. إدارة شؤونهم المنزلية. استمر هذا الصراع على أشده سنتين كاملتين؛ من سنة 0291م إلى سنة 2مم) استعملت في هذه المعارك الفكرية منابر المساجد وأعمدة الصحف وصفحات الكتب .وانقسم المجتمع تجاهه إلى فريقين؛ مؤيد ومعارض لفكرة البعثات الطلابية .وأسهم هذا الخلاف في تشكل الحركة الإصلاحية وتبلور أفكارها الأولى. وبروز أقطابها ،وتنسيق الجهود بينهمإ وبداية تميز قناعاتها عما هو سائد في المجتمع من .4صالح لعلي :إماطة اللثام عن بعض اللثام .ص53۔)(1 ص.7- 6ابو اليقظان:إرشاد الحائرين.)(2 952البحث الرابع :المرجعية الفكرية والحضارية للإصلاح آراء ومن خطاب ديني يمكن أن يوسم بعض منظريه بالجمود على القديم والانغلاق عليه ،وبالتزمت في النظر إلى الآخرين وبالتعصب المذهبي. ويبدو أن حركة الإصلاح قد استفادت من هذا الصراع وربت نقاطا إضافية إل صفوفها ووطدت من أركانها بسبب تحريك العقول والأقلام والأفواه للكتابة والخطابة والرد والتوضيح والكشف عن خطها الفكري , ،ونهجها الإصلاحي. يقول الشيخ عبد الرحمن بكلي في هذا المعنى :د على أن هؤلاء أحسنوا إلى الإصلاح من حيث أساؤوا ،إحسانا لا يقدر مداه .فقد حركوا بإثارتهم نار الفتنة بين الأمة-أقلام كتاب الإصلاح فارعفوها ...شرحوا فيها المبادئ الدينية الصحيحة التي ارتكزت عليها حركة الإصلاح ،وفندوا مزاعم أولئك المشاغبين التي الصقوها بالإصلاح زورا ...فكان لهذه الحركة دوي فعال في الأوساط العلمية. ولهذا الصراع العنيف أثره البليغ في إثارة الفكر العام ،وتركيز الإصلاح وانتشاره في ختلف طبقات الأمة". لقد كشفت هذه الأحداث عن مدى محافظة هذا المجتمع وانغلاقه الداخلي على نفسه ورفضه لكل ما هو غريب خارجي مخالف للمذهب والأعراف والتقاليد والتهيب منه ولو كانت فيه مصلحة وخير ،كما كشف هذا الصراع عن ذلك الحراك الاجتماعي الذي كان يعيشه وادي ميزاب بين التجديد والثبات على القديم .وكذا عن هذه المرحلة الانتقالية التي يمر بها من عهد الجمود إلى عهد التنوير .ومن عهد سيطرة أفكار الأشخاص إلى عهد سيطرة أفكار المدارس والمؤسسات. إذن :يحق لنا أن نقول إن أفضال تونس على الجزائر عموما وعلى وادي ميزاب خصوصا أفضال عظيمة ،لقد كانت مثال الينبوع المتدفق الذي تشرب من خلاله أقطاب الحركة الإصلاحية وكوادرها الفكر الإصلاحي في جانبه العلمي .39) (1بكلي :مسيرة الإصلاح .ص-29۔ الفضل الثالث :‏ ٠فهرم الإصلاح ومرجعيته الفكرية والحضارية260 والثقائي والسياسي ،ثم عادوا إلى أوطانهم فجسدوا كل ما فقهوه ف مجتمعاتهم بعل أن مرجوه وطوعوه مع أصوله وخصائصه وقواعده ‏ ١لاجتماعية . هذا عن التاثر بالجانب العلمي فماذا عن التاثر بالجانب السياسي؟ - 2التاثر بالحركة السياسية. الشق الثاني المهم الذي تأثر به أقطاب الحركة الإصلاحية واعتبر مرجعا فكريا قبلمنيعهدوالذيبه إصلاحهم لوادي ميزابلهم؛ استفادوا منه وطعموا كذلك‘ ويمكن أن يعد سابقة جديدة في فكر إباضية الجزائر وطرق نضالهم وجهادهم .هو التكوين السياسي والنضال الحزبي والعمل الصحفي لمناهضة الاستعمار الفرنسي ونيل الحقوق المدنية منه. إن وجود أقطاب الحركة الإصلاحية في تونس في مرحلة شبابهم مكنهم من هذا التكوين الخاص الذي ل يوجد بعد ف وادي ميزاب ووفر لحم فرصة ساتحة ل تتح للكثير من أقرانهم .فاحتكوا بالطبقة السياسية الوطنية التونسية وتاثروا بها؛ وبالذات الحزب الحر الدستوريه" بقيادة الشيخ عبد العزيز الثعالي!“ ،الذي أسس حزبه مع مطلع العشرينيات وا نضم إليه ا لكثير من الجزائريين المقيمين ف تونس 3۔. ... . طلبة ومثقفين وتبارا'". ( )1الحزب الحر الدستوري :أسسه جماعة من التونسيين المناضلين بعد الحرب العالية الأولى سنة0291۔ وانتخب الزعيم عبد العزيز الثعالبي رئيسا للحزب© كان الحزب يطالب بحكم ذاتي واستقلال8 داخلي لتونس .ص .678 - 578محمد بوذينة :تونسيون في تاريخ الحضارات ط ا ،الشركة الوطنية للنشر والتوزيع" تونس ،أكتوبر 8991م ،ص .288 -568عبد المنعم الهاشمي :موسوعة تاريخ العرب©، العصر الحديث\ دار ومكتبة الهلال .بيروت60025ج .6صك.013 -503 ( )2الشيخ عبد العزيز الثعالبي :ولد سنة 4781م بتونس وتوفي بها سنة 4491م ،زعيم تونىسي ،من خريجي الزيتونة .مؤسس الحزب الحر الدستوري" ناضل من أجل استقلال تونس ،دخل السجون الاستعمارية الفرنسية .قام برحلات إلى المشرق وفرنسا ،ترك عدة مؤلفات من بينها :تونس الشهيدة .تاريخ شمال إفريقيا .روح القرآن ،معجزة حمد .حمد بوذينة :تونسيون في تاريخ الحضارات .ص.288 -568 الهاشمي :موسوعة تاريخ العرب٥‏ ص.013 -503 ( )3احمد توفيق المدني :حياة كفاح ،الشركة الوطنية للنشر والتوزيع الجزائر679.ام .جا .ص.751 162البحث الرابع :المرجعية الفكرية والحضارية للإصلاح التوجه العربي الإسلامي-ورفاقهعاشروا هذا الزعيم الوطني-صاحب ولازموا مجالسهم وتتلمذوا على أيديهم معنى النضال الحزبي .وفقهوا قوا عد ا للعبة با لرأينشاطاتهم ونا صروهموشاركوهم فالتعا مل مع المستعمرالسياسية ف منوتخرجواوا معونة المادية وا معنوية ر & 1فنا لوا منهم تجربة وتكوينا وخبرة مدرستهم السياسية الوطنيةا“. تعلموا طرق التعا مل مع المستعمر وطرق حاورته ومرا وغته ولعبة شد الحبل معه .لأجل المطالبة بالحقوق المدنية والسياسية عن طريق الأحزاب والجمعيات والصحف ولأجل الدفاع عن مقومات الأمة وثوابتها ،ومن أجل دفع الحركة الوطنية إلى الأمام. يقول الشيخ أبو اليقظان عن هذا التكوين الذي حظي به وعن أئر الشيخ الثعا لبي وحزبه في شخصيته« :لقد وسع ‏ ١لشيخ الثعا لبي فكري0وغير نظرتي ف الحياة .وصيرني نارا على الاستعمار والجمود« .ويقول أيضا :ه لما انخمست في الوسط التونسي في سنة4191م .. .وقد انطلقت الصحافة التونسية إذ ذاك من حركةعقالها فكانت تبرز بألوانها ‏ ١لزا هية وفصوفها الممتعة .وزاد ا للهب شعوري الدستور بها وبلوغها عنفوانها وأعلى ذروتها منذ 7191م إلى ‏.١ »٨1920 الجابري :النشاط العلمي والفكري 6ص. ] 78محمد بوذينة :تونسيون ف تاريخ الحضارات ص- 568 .06ص-34۔ .28ابو اليقظان :تاريخ صحف ابي اليقظان .صالح الخرفي :من أعماق الصحراء. ) (1دعم الميزابيون الحزب الحر الدستوري وزعيمه الشيخ عبد العزيز التعالي معنويا بالدعاية له ولأفكاره ف تونس وفي الجزائر ،وماديا بجمع التبرعات من تبارهم ني تونس وفي الجزائر وصبها ني صندوق الحزب. .ديوز :أعلام الإصلاح .ج.3ينظر ف ذلك :أحمد توفيق المدني :حياة كفاح .ح.1ص5-851 7 ص-522۔.382صالح الخرفي :من أعماق الصحراء ص .06 -34قاسم الشيخ بالحاج :مقال بعنوان: أقلام الميزابيين ف الصحافة الوطنية التونسية .مجلة الحياة .الصادرة من معهد الحياة بالقرارة-الجزائر ع9{5 .5ص.352 -632 ( )2صالح الخرفي :من أعماق الصحراء‘ ص.06 -34 ص.3 8دبوز :أعلام الإصلاح .ج.3)(3 [.ص2أبو اليقظان :تاريخ صحف ابي اليقظان)(4 الفصل الثالث :مفهوم الإصلاح ومرجعيته الفكرية والحضارية262 ويقول الدكتور محمد ناصر عن تأثر الشيخ أبي اليقظان بالجو السياسي التونسي :ه فقد حركت تونس في نفسه أحاسيسه الوطنية ،والهبت نزعته تلك ما كان يراه على أعمدة صحافتها من نضال قومي ،وشعور وطني ...وينغمس فيما بين سنة7191-0291في حركة الثعالبي السياسية"'. إن هذا التكوين على يد الزعيم الوطني لتونس ورفقائه في هذه الفترة سمح لأقطاب الحركة الإصلاحية الذين كانوا رؤساء للبعثات الطلابية من نقل هذا لحس الوطني السياسي إلى طلبتهم .فربوهم على حب الوطن والاستعداد للتضحية في سبيله ،والدفاع عن أرضه وحماه والنضال من أجل دينهم وقيمهم. كما انشؤوهم على كره الاستعمار ،وعلى مناهضته بشتى الوسائل المتاحة ،وعلى الاستعداد لجابهته العلنية بالقوة والسلاح مستقبلا. وبعد انتقال هؤلاء الأقطاب وطلبتهم إلى أوطانهم أذكوا وادي ميزاب بهذا الحس والشعور الوطني الذي بدأ ينتشر بين الناس بجهود المصلحين السابقين وبوصول أصداء الحركة الوطنية الجزائرية إلى الجنوب .فدفعوا بهذا التوجه إلى الأمام وأولوا له العناية والاهتمام .ونقلوه إلى شرائح المجتمع بعد ما كان منتحصرا عند طائفة من الناس فقط. بذلك أصبح يشكل ميزة نوعية أخرى في حركة التغيير والإصلاح ،وجبهة من الجبهات التي تصدت فها الحركة الإصلاحية المتمثلة في إنماء روح الوطنية في الشعب©ؤ والعمل على مناهضة الاستعمار باستعمال لعبة السياسة بمعناها الواسع والعام. ومن جهة أخرى أسهم هذا التكوين في رفع سقف الاهتمامات والانشغالات في وادي ميزاب عند نخبتها وقادتها؛ من القضايا المحلية إلى القضايا الجزائرية ( )1ناصر :أبو اليقظان وجهاد الكلمة .ص.51 ا . 1 8 -أبوالدعاية إل سبيل المؤمنين .ص7 .382اطفيش:ص332۔دبوز :الرجع السابق .ج.3)(2 اليقظان :إرشاد الحائرين .ص .7 - 6صالح الخرني :من أعماق الصحراء ،ص.06 -34 362البحث الرابع :المرجعية الفكرية والحضارية للإصلاح الوطنية .ومن المسائل المذهبية إلى المسائل الإسلامية .فتوسع التفكير والعمل من المستوى المحلي الميزابي إلى المستوى الوطني والمغاربي والإسلامي. اصبح قادة الإصلاح يطرحون القضايا الجزائرية والقضايا الإسلامية ني نقاشاتهم أكثر ويتحدثون عنها في منابر مساجدهم ويشتغلون بها في مجالسهم ومنتدياتهم ،ويعتبرونها جزءا من جهادهم ودعوتهم؛ مثل قضية فلسطين© وقضية وحدة المسلمين ،وقضية تحرير البلاد العربية والإسلامية ،والدفاع عن مقومات الشعب الجزائري" والمشاركة في نهضته وتحريره من المستعمر ،وربط العلاقات مع المحافل الوطنية والمغاربية والإسلامية؛"“. كما أسهم هذا الجانب من التكوين-بعد أن تحول إلى عمل ميداني وإلى جبهة من جبهات النضال والجهاد-في تمييز الحركة الإصلاحية داخل المجتمع عن غيرها ووضوح معالمها نهائيا .لأن التيار المحافظ لم يكن يولي الأهمية هذا الجانب كثيراء إذ كان عمدة اهتمامه هي القضايا المحلية والمسائل المذهبية فقط؛ رغم وجود بوادر الاهتمام بهذا الجانب من قبل؛ إلا أنها بقيت في الغالب الأعم قناعات فرديةش أو خطابات دينية أو شعارات مناسباتية ،لم تشهد التحول إلى أعمال ميدانية أو جبهات نضالية واضحة المعالم إلا ناذرا. بل لعب تيار المحافظة والجمود في بعض الأحيان أدوارا معاكسة فهذا التوجه ومحاربة له ،فتخندق مع المستعمر ضد بعض القضايا الوطنية-سواء عن إدراك أم عن جهل-۔ كما استعمله المستعمر ضد حركة الإصلاح في نضالها ومجابهتها له ولأعوانه من بعض ”القياد“ والأعيان" وفي مشاركتها وتاييدها لأعمال جمعية العلماء المسلمين الجزائرين` .. . ) (1ينظر في ذلك :صحافة الشيخ أبي اليقظان والمواضيع التي كانت تطرقها وتعالجها .إبراهيم بيوض :اعمالي في الثورة ،الزيتونة للإعلام والنشر نشر جمعية التراث‘ القرارة ،غرداية ،الجزائرش 0991م .بكلي :مسيرة الإصلاح .دبوز :نهضة الحزاتز .ناصر :الشيخ إبراهيم اطفيش في جهاده الإسلامي .ناصر :الشيخ ابو اليقظان وجهاد الكلمة. ( )2بكلي :مسيرة الإصلاح .ص .59 _ 29 الفصل الثالث :مفهوم ‏ ١لإصلاح ومرجعيته الفكرية والحضارية264 يقول الشيخ عبد الرحمن بكلي« :فإذا قلنا الجمود فقد قلنا طليعة الاستعمار الغاشم؛ لأن الاستعمار درس نفسية هذا العنصر الأبله ،الحادم لكيانه جهلا وغباوة .فاتخذه أداة لتنفيذ أغراضها ونسف ما شيده أبناء هذا الوطن من معالم عجده .فهو غل الاستعمار الذي يشل به الأيادي العاملة وقيده الذي يكبل الأرجل السائرة‘ وجيشه الذي يفرق به الجموع المحتشدة المتحدةه"". إذن :لقد أصبح خط الحركة الإصلاحية واضحا عندما اختارت هذه الجبهة للعمل والجهاد.وخاصة عندما نزلت إلى الميدا ن بمواقف وأعما ل ومشاريع وحركت الشارع ولعبت اللعبة السياسية مع المستعمر وأجادتها ،فانتصرت عليه احيانا وفوتت عليه الأمور والفرص أحيانا أخرى. بذلك فتحت لنفسها بابا جديدا آخر للصراع على مستوى الجبهة الخارجية المتمثلة في المستعمر وعلى مستوى الجبهة الداخلية المتمثلة في أذنابه من بعض "القياد“ والأعيان" بالتواطؤ مع بعض الشيوخ والعامة الدهماء ،كما وضعت نفسها تحت الحك الحقيقي" وتحت أعين السلطات الاستعمارية .فوجهت انظارها إليهاء وسلطت أضواءها عليها 6فاصبحت محل مراقبات مستمرة ،وحل شبهات وتساؤلات عن كل ما يصدر عنها من أعمال وتحركات كما أصبحت تتعرض لمختلف المضايقات والمساءلات والمتابعات والعقوبات(. تسبب ذلك في التمايز البين بين التيارين الموجودين في وادي ميزاب-تيار المحافظة وتيار الإصلاح -وفي اتساع الفجوة بينهما وتصدع جدار الوحدة في المجتمع ،وإعلان الدخول في عهد جديد لوادي ميزاب هو عهد الصراع الداخلي والتناطح الفكري والتندافع الحضاري لمحاولة إثبات كل فريق أحقيته بوادي ميزابؤ وقوته في تأطير الجماهير وضمهم إلى صفوفه وتبنى خطه الفكري. !.9 صالرجع نفسه:) (1 .31 بكلي :مسيرة الإصلاح .ص09۔)(2 562البحث الرابع :المرجعية الفكرية والحضارية للإصلاح أصبح كل منهما يجمل أفكارا مناقضة للآخر ومعاكسة له في الكثير من مجالات الحياة .واصبح كل فريق يسعى ليفرض هيمنته على المجتمع وهياكله۔ ويسعى ليكسب المؤيدين إلى صفه ،ويستعمل ضد الفريق الثاني مختلف الآليات ‏١والوسائل المتاحة له لينتصر في مسعاه. إذن يمكن لنا أن نحصر أهم وجوه التاثر والتطعيم الذي شهده وادي ميزاب من الحركة السياسية التونسية فيما يلي: نقل الحس الوطني والشعور القومي وتنميته في شرائح واسعة من المجتمع` . -غرس قيم الوطنية والجهاد والإعداد للثورة في الناشئة والأجيال الصاعدة. تفعيل النضال السياسني ومجابهة المستعمر وعدم الركون له .بالمطالبة بالحقوق المدنية والسياسية ،ومعارضة أفكاره وقوانينه الجائرة. ۔ دخول معترك الصحافة لأول مرة واستعمالها سلاحا لمجابهة المستعمر ،ونشر الفكر الإصلاحي. التحرر من الانشغال بالقضايا المحلية والمسائل المذهبية فقط ،والانفتاح على القضايا العامة الجزائرية والمغاربية والإسلامية والانسانية. تفتح علماء الإباضية وأقطابها على العالم العربي والإسلامي ،وربط أواصر التعاون والتشاور مع علماء الجزائر والعالم الإسلامي. هذه هي الآثار الحضارية العميقة الي تركتها الحركة العلمية والسياسية التونسية في إباضية الجزائر بوادي ميزابؤ والتي قامت بدور التطعيم الإمبابي لمسيرة الإصلاح والتغيير. فما هي المرجعيات التطعيمية الأخرى التي استفاد منها إباضية الجزائر؟ ب۔التأثربالنهيضت الإصلاحيح والأدبية المصرية: إن الرافد الثاني-من حيث الأهمية-الذي طعم الحركة الإصلاحية في وادي ميزاب بعد رافد تونس تمثل فيما كان يصل الجزائر ووادي ميزاب من أنباء الفصل الثالث :مفهوم ‏ ١لإصلاح ومرجعيته الفكرية والحضارية266 ومؤلفات وجرائد حول النهضة الإصلاحية المشرقية؛ والمصرية بوجه أخص ، المتمثلة في دعاتها ومفكريها وأدبائها وصحفبيها. إلا أن ما ينبغي تسجيله أن التأثر بهذا الرافد كان أقل درجة من سابقه. واضيق مجالا منه ،نظرا لبعد المسافة بين البلدين ،وصعوبة التنقلات بينهما في تلك الظروف وعدم توفر فرص الاحتكاك المباشر بهذه النهضة والعيش في وسطها العلمي والسياسي-كما كان الحال مع النهضة التونسية -فانحصر ذلك بين العدد القليل من أقطاب الحركة الإصلاحية ،ومن طلبتها الذين سخرت هم الأقدار زيارة مصر أو:الدراسة أو المكوث فيها فترة من الزمب.“. هذا ما ضيق من تأثيرها في النفوس والعقول-فليس من رأى كمن سمع۔ واصبح الطريق الوحيد لنقل هذا التطعيم والاستفادة من هذه التجربة الثرية والمهمة هو تلك المنشورات والمؤلفات والأنباء التى تصل تباعا إلى الجزائر ووادي ميزاب ويصل صداها إلى الأسماع من خلال وسائل النقل والإعلام المتاحة آنذاك. لقد كان المستفيدون من هذا الرافد متمثلين أساسا في النخبة من المثقفين والطلبة ،والمتتبعين لأوضاع السياسة والصحافة والنهضة في العالم الإسلامي .ثم من خلالهم انتقل هذا الفكر الإصلاحي المصري والمشرقي عموما إلى المجتمع بوادي ميزاب بعد أن تشربت نخبته معالمه ووعت أبعاده ومقاصده من خلال مطالعاتها ومتابعاتها ورحلاتها. إذن :على ضوء هذه الظروف نستطيع فهم وتحديد علاقة التأثير والتطعيم التي حصلت للحركة الإصلاحية في وادي ميزاب من النهضة التي شهدتها مصر في هذه الفترة من الزمن .ونستطيع ان نميز في هذا الرافد نوعين من التأثر: ( )1من أقطاب الحركة الإصلاحية الذين مكتتهم الظروف من الاستقرار في مصر والاستفادة من جوها العلمي والإصلاحي الشيخ ابو إسحاق إبراهيم اطفيش .ومن طلبة معهد الحياة الذين التحقوا مصر للدراسة الأستاذ محمد علي دبوز والدكتور صالح الخرفني والدكتور إبراهيم فخار والدكتور محمد شريفي والدكتور محمد ناصر والأستاذ صالح خباشة. 762البحث الرابع :المرجعية الفكرية والحضارية للإصلاح التاثر بالنهضة الإصلاحية. التأثر بالحركة الأدبية. إنا الناظر والمتأامل في الحياة المصرية خلال التصف الثاني من القرن التاسع عشر وخلال النصف الأول من القرن العشرين يجدها تعيش موجة من الغليان الفكري والسياسي والاجتماعي على تلف الأصعدةء فقد تعالت اصوات الإصلاح والنهضة منادية بتغيير الأوضاع .نتيجة لحالة التردي والنكوص العامة التى يعيشها العالم الإسلامي؛ بخاصة بعد ضعف الخلافة الإسلامية العثمانية ثم سقوطها وما تولد عن ذلك من هيمنة القوى الاستعمارية الغربية على البلاد والعباد. لعل برز حركة إصلاحية عاشها العالم الإسلامي في هذه الفترة-هزت أركانه وايقظته من نومه العميق-هي حركة الشيخ جمال الدين الأفغاني" ثم حركة تلميذه الشيخ محمد عبده مع تلميذه الشيخ محمد رشيد رضا المعروفة بمدرسة المنار. التي كان مسرحها البلاد المصرية .حيث تركت آثارا عميقة على المجتمع واوصلت مع الزمن المشلصداها إلى الكثير من البلاد الإسلامية مشرقا ومغربا ،فاضحت والقدوة في إحداث التغيير ،كما حاول رجال النهضة والإصلاح الاستفادة منها ونهج طريقها.""١‏ لا شك أن عوامل كثيرة ساعدت مصر على احتلال هذه المكانة في العالم العربي واللإسلامي ،من الموقع الاستراتيجي ،ومن القوة البشرية والطاقات العلمية. والإرث الحضاري التاريخي فكانت قلب العالم الإسلامي وقبلته ،وقائدته في الكثير من الأعمال والمنجزاتث والمرآة العاكسة لأوضاعه. ([) تراجع في ذلك الكتب الآتية :أحمد امين :زعماء الإصلاح في العصر الحديث ،ص .15-78غازي التوبة :الفكر الإسلامي المعاصر دراسة وتقويم .ص ا .6-321منير شفيق :الفكر الإسلامي .44شافية صديق :إشكالية النهوض في الفكر الإسلامي المعاصر.المعاصر والتحديات .ص-72 ص.672 -232 الفصل الثالث :مفهوم ‏ ١لإصلاح ومرجعيته الفكرية والحضارية268 لقد كانت بلاد الجزائر من الدول التى تاثرت بالنهضة الإصلاحية المصرية. وحاولت نقل تباربها إلى الشعب الجزائري ،وذلك عن طريق قادة الإصلاح الممثلين في رجال جمعية العلماء المسلمين الجزائريين وغيرهم الذين استناروا بهذا الفكر ،ورأوا أن إصلاحهم هو امتداد لنهج الأفغاني ومحمد عبده ومحمد رشيد رضاء ومواصلة مسيرتهم .واقتناعا بافكارهم وتطبيقا لها في أرض الواقع". لم يشذ وادي ميزاب عن هذا المنهج .فقد رأى زعماء الحركة الإصلاحية أن عملهم يندرج تحت هذا الإطار العام من إصلاح أحوال العالم الإسلامي ،الذي يعد وادي ميزاب جزءا منه ،كما رأوا أن هنالك قواسم مشتركة كثيرة بين الشعوب الإسلامية فيما تعاني منه من أمراض وأزمات اجتماعية .وفيما يلزم ها من علاج. لذا يجب تضافر الجهود في إصلاح هذه الأوضاع .والاستفادة من التجارب الميدانية الناجحة في أي بلد ونقلها إلى البلدان الأخرى وكذا استفادة اللاحق من السابق في عملية الإصلاح .ومواصلة طريقه ،والانطلاق من حيث توقف وانتهى به المطاف. كما أن مصطلح الحركة الإصلاحية الذي أطلقه أقطاب الإصلاح في الجزائر ووادي ميزاب على أنفسهم وعلى أعمالهم وتجذر في أدبياتهم وخطاباتهم كان تاسيا بالحركة الإصلاحية المصرية ،وشعورا منهم بمواصلة دربها وتبنى فكرها. وتحمل أمانتها. أما مظاهر تاثر الحركة الإصلاحية في وادي ميزاب بالنهضة الإصلاحية في مصر فهي تتمثل أساسا في تشرب قادتها للفكر الإصلاحي ومنهجه ثم نقل ذلك إل شرائح المجتمع ومفاصله'. لقد صرح زعيم الحركة الإصلاحية الشيخ بيوض في مواضع كثيرة من دروسه وخطاباته من أنه تأئر كثيرا بالشخصيات الإصلاحية في المشرق" خاصة في مصر؛ فنهل من أفكارهمإ واستفاد من تجاربهم الميدانية في مجال الإصلاح التربوي ( )1عبد الكريم بوصفصاف :جمعية العلماء المسلمين الجزاتريين؛ ص .48 -15 ( )2قرقب :الشيخ إبراهيم بيوض رائد الإصلاح .ص.26 -45 962البحث الرابع :المرجعية الفكرية والحضارية للإصلاح التعليمي وني مجال الإصلاح الاجتماعي.'١‏ وحاول تقمص شخصيتهم الحلمية. واقتنما آثارهم والسير على دربهم .واتباع منهجهم في العملية الإصلاحية. يقول الدكتور محمد ناصر :ه وكان الشيخ بيوض العالم اليقظ\ المتفتح على العالم الإسلامي من حوله يتابع بجرص دعوات الإصلاح التي أخذت ترتفع من هنا وهناك من أطراف العالم العربي ولاسيما حركة العلماء الملصلحين في الشرق من امثال الشيخ محمد عبدها وجمال الدين الأفغاني" ورشيد رضاء والكواكي(. وشكيب ارسلان" & وغيرهم ممن أعجب الشيخ بيوض بمنهجهم" وتشرب أفكارهم من خلال آثارهم وكتبهم(““. لقد كانت نافذة.الشيخ بيوض على الفكر الإصلاحي العبدوي وعلى النهضة المصرية هي تلك الكتب والجرائد التى احتوت هذا الفكر وعبرت عن قناعاته وتوجهاته ،وكانت تصل وادي ميزاب عن طريق تونس .فقد كان يقول عن كتاب تاريخ الإمام الشيخ محمد عبده الذي الفه الشيخ رشيد رضا من خلال معاشرته لأستاذه ومعرفته له « :من الكتب الأولى التى قرأناها في هذه المجالس وأعدت أنا (!) سكحال :الشيخ بيوض ومنهجه في الإصلاح ،ص.31 ( )2عبد الرحمن بن أحمد الكواكي0231- 5621( :ه2091- 9481 /م) رحالة وأديب وأحد رجال النهضة الإصلاحية الإسلامية المعاصرة .ولد وتعلم ف حلب وانشأ فيها جريدة الشهباء وجريدة الاعتدال ،وأسندت إليه مناصب عديدة .له من الكتب أم القرى ،طبائع الاستبداد .الزركلي :الأعلام ج .3ص.893 منومؤرخ.عالم بالأدب والسياسة( 6491 - 6631 -د91 /(6821بن حمود أرسلان:شكيب) (3 وأقام مدةأكابر الكتاب .ينعت بامير البيان . .من .:أعضاء المجمع العلمي العربي .ولد بلبنان وتعلم نيها العامةالحربخلالفوسكن دمشقمجلس (المبعوثان) العثماني، فحوراننائبا عن وانتخببمصر6. الأولى: .ثامنتقل إلى المانيا ،ثم سويسرا۔ واقام بها نحو52عاما ،وعاد إلى لبنان وتوفي ودفن بها .المرجع آ.ص37نفسه :ج.2 شكيب أرسلان ف موسم الحج سنة9291م وجمعته به حادثة ومناقشة .مقابلة معالتقى الشيخ بيوض :الشيخ بالحاج شريفي .القرارة 52 ،ديسمبر .7 صر .1 7محمد ناصر :الشيخ إبراهيم بن عمر بيوض مصلحا وزعيما مكتبة الريام ‏ ٠للجزائر دت“٥‏()4 الفصل الثالث :مفهوم ‏ ١لإصلاح ومرجعيته الفكرية والحضارية.270 قراءتها ودرستها دراسة عميقةؤ ووعيت ما فيها ،وتركت في نفسي أثرا عميقا راسخا :تاريخ الأستاذ الإمام الشيخ محمد عبده للشيخ رشيد رضا ...وقد تائرت بهذا الكتاب تأثرا كبيرا .وعرفت من شخصية الشيخ محمد عبده وإصلاحه الديني وجهاده .فكان من مثلي العلياهه"' .كما قال عن كتاب العروة الوثقى الذي هو مجموعة مقالات الشيخين الأفغاني وعبده التي نشراها في جريدتهما العروة الوثقى التى كانت تصدر في باريس « :درسته حرفا حرفا وترك في نفسي أثرا عميقا بمواضيعه الإصلاحية والسياسية المهمة .وببلاغته وفصاحته“. كما تاثر الشيخ بيوض بكتب عديدة أخرى لرواد الفكر في المشرق عموما“ مثل الشيخ عبد الرحمن الكواكبي ،والشيخ مصطفى كامل! وشكيب ارسلان .فهو يقول مثلا عن كتابات الكواكبي« :ومن الكتب التي قرأناها في هذا العهد في ندوة المطالعة وأثرت في وكونتني في السياسةا وزادتني غيرة وحماسا للدين وأمتي الإسلامية كتب الشيخ عبد الرحمن الكواكجي؛ كتاب طبائع الاستبداد وكتاب أم القرى قراتهما مرات‘ ودرستهما أتفهمهما حرفا حرفاء وكنت أحفظ الكثير مما كتبه الكواكبي في كتابه طبائع الاستبداد ،من كثرة قراءتي له وإمعان النظر فيه». كما كان الشيخ بيوض كثير الاستشهاد في خطبه ودروسه بأقوال المدرسة الإصلاحية المصرية وآرائها؛ مشيدا بجهودها وأعمالما .خاصة عندما يتعلق الأمر م .ج.2( )1دبوز :أعلام الإصلاح 7 ص.951 ) (2المرجع نفسه :ص .2ص.951 ( )3ناصر :الشيخ بيوض مصلحا وزعيما٬‏ ص.71 ( )4مصطفى كامل بن علي محمد6231 - 1921( :ه8091 - 4781 /م) نابغة مصر في عصره ،واحد مؤسسي نهضتها الوطنية .مولده ووفاته في القاهرة .درس الحقوق في فرنسا .كان فصيحاء ساحر البيان انصرف إلى مقاومة الاحتلال الانيليزي بخطبه ومقالاته وكتبه .انشا جريدة اللواء التي هاجم من خلالما الأنحبليز ودنا إلى استقلال مصر .أنشا الحزب الوطني وانتخب رئيسا له .الزركلي: الأعلام ج .7ص.832 ( )5دبوز :الرجع السابق ص .2ص.061 -951 172البحث الرابع:المرجعية الفكرية والحضارية للإصلاح بقضية إصلاحية في مجال المجتمع أو التربية والتعليم ،وقد ترجم هذا الإعجاب في اعتماده تدريس بعض كتب هذه المدرسة لطلبته في معهد الحياة ،كما كان ينصحهم بدراسة كتب هذا الفكر الإصلاحي وجرائده ،فقد اعتمد كتاب رسالة التوحيد للشيخ محمد عبده في التدريس كما درس سيرة الشيخ محمد عبده من كتاب تاريخ الإمام الشيخ محمد عبده للشيخ رشيد رضا". وبذلك لقح فكر طلبته بالنهضة الإصلاحية المصرية ،ونقل إليهم هذه الروح التجديدية ،وهذه الروح الوطنية والدعوية والأدبية الوقادة التى كانت تميز مصر عن سائر البلدان العربية آنذاك. يقول الأستاذ حمد علي دبوز في هذا الصدد « :وكان الشيخ بيوض يقصد بهذه المقالات مع التربية الاجتماعية والسياسية أن يعرفنا بكتابها لنقرأ لهم. وبكتبهم المهمة لنقبل عليها .وقد نبح في ذلك نجهاحا عظيماء فاقبلنا على مصر وكتابها العباقرة .وكانت صلتنا وصلة المعهد بمصر وثيقة ،وانتفاع المعهد وتقدمه بها عظيما. من ناحية أخرى فقد كان من أهم مصادر الشيخ بيوض في الإعداد والتحضير لدرونه في التفسير التى كان يلقيها على العامة من منبر الممسجد تفسير المنار للشيخين عبده ورشيد رضا .يعود إليه لينظر في ما ذهبا إليه .وكيف عالجا موضوع الآيات .وكيف أسقطاها على الأوضاع المعاصرة للمجتمع الإسلامي" فيستقي منهما الفكرة والرأي ،ثم يعلق أو يحلل أو يزيد أو ينقد بجسب ما يمليه الموفسوع۔ وبحسب ما يميز المجتمع الجزائري والمجتمع في وادي ميزاب‘. لذا نحبد الشيخ بيوض يحدد أهدافه من دروسه في التفسير بكونها أهداف الشيخ محمد عبده نفسها من تفسيره ،من قصد تكوين أجيال تتذوق لغة القرآن. ( )1سكحال :الشيخ بيوض ومنهجه في الإصلاح ،ص.31 ) (2دبوز :نهضة الجزائر الحديثة وثورتها المباركةإ ط ا\ المطبعة العريية9831 .ه9691 /م ،ج .3ض.18 '( )3المرجع نفسه :ج 3.5ص.67-77 الفصل الثالث :مفهوم ‏ ١لإصلاح ومرجعيته الفكرية والحضارية272 وتعيش طهر القرآن ،لتصبح جند القرآن تتولى إصلاح الواقع ،فيقول « :إن مقصدي من هذه الدروس وغيرها هو مقصد الشيخ محمد عبده؛ أن أخلق عقولا تتذوق بلاغة القرآن" ونفوسا فيها طهر القرآن" وتلاميذ مصلحين يكونون جند القرآن؛؛" .ويقول محرر تفسير الشيخ بيوض الأستاذ عيسى الشيخ بالحاج :ه وإنما الذي أستخلصه من تفسير الشيخ ...أنه كان يريد من تفسيره إنشاء مجتمع قرآني في جميع شؤون حياته المختلفة. من ناحية أخرى فقد كانت عناية أقطاب الحركة الإصلاحية وعلى رأسهم الشيخ بيوض بالجرائد والمجلات السياسية والأدبية المصرية-التى كانت تصل وادي ميزاب ومعهد الحياة-عناية خاصة بحيث تعقد ها الجلسات لمطالعتها والاستفادة من فكرها وروحها ،ومعرفة مستجدات الأخبار على مستوى العالم الإسلامي ،وكذا متابعة القضايا المعاصرة التى كان يطرحها الزعماء السياسيون `والعلماء والدعاة والأدباء في المشرق. . لقد اعتنى أقطاب النهضة الإصلاحية بجلب هذا المنتوج الفكري إلى وادي ميزاب ،فوقع التنسيق بينهم وبين رفقائهم١‏ المقيمين في تونس للتجارة أو الدراسة لموافاتهم بكل جديد في هذا امجال ،فكان لمعهد الحياة بريد خاص يصله أسبوعيا من تونس يحوي هذه الجرائد والمجلات وكان قادة الإصلاح وطلبة المعهد ينتظرونه بشغف وحب واشتياق لينهلوا منه الجديد ،ويتزودوا بتلك الروح الوطنيةث ويذلك ( )1دبوز :أعلام الإصلاح .ج .2ص.342 التقسير عنوزناجي بعنوان. :منهجحنادية ا لأستاذة حثالشيخ بالحاج :رسالة منشورة ضمنعيسى)(2 رسالة ماجستير ف العلوم ‏ ١لاسلامية .تخصص : :تقسير.الشيخين عبل الحميد بن باديس وإبراهيم بيوض المعهد الوطني للتعليم العالي للعلوم الإسلامية .باتنة .س ج=899:1 :۔999اب صر.7!17 )(3لمل ابرز من كان يتولى مهم ةه جلب هذه المجلات والكتب إل معهد الحياة بالقرارة هو الشيخ حمد الثميني. والشيخ ابو اليقظان ‘ والسيد قاسم بن الحاج عيسى بن الشيخ جكم وجودهم ف تونس .دبوز :نهضة الجزائر ج .3ص.28 ) (4شريفي: :معهد الحياة 9ص .06دبوز :نهضة الجزائر ج .3ص.28 372البحث :الرابع:المرجعية الفكرية والحضارية للإصلاح المستوى العلمي والأدبي الراقي ،وليطلعوا على أوضاع العالم العربي والإسلامي وأوضاع العالم عامة. وقد قامت هذه الجرائد والمجلات والكتب بأدوار مهمة في تحريك الحياة الأدبية والعلمية في معهد الحياة ودفعها قدما إلى الأمام 6وفي تفتيق مواهب الطلبة .وشحذ هممهم .وحثهم على التكوين والمثابرة في تحصيل العلما لما كانت تبثه في نفوسهم من حيوية وحماس ووطنية{ وبما كانت تذكي به أرواحهم من حب المنافسة والمسابقة في التدريب على فنون الخطابة وفنون الأدب من قصة ورواية ومقال وشعر؛ علهم يصلون ذات يوم إلى تلك المراتب العلا للدعاة والمفكرين والأدباء المصرين الذين عرفوهم من خلال مقالاتهم في جرائدهم. يقول الشيخ عدون شريفي في حديثه عن البرامج الدراسية لمعهد الحياة « :فقد احدث فيه الشيخ بيوض دروسا اجتماعية ووطنية وسياسية ودروسا في بعض المجلات والجرائد الشرقية ،وأكثرها مصريةش كالفتح والرسالة والصرخة وغيرها. ألهبت في الطلبة الحماس الوطني وكان لها الأثر البليغ في ثقافتهم العامة ،وتطورهم نفسيا ،وتربيتهم اجتماعيا وسياسيا ،صير منهم رجالا أكفاء برزوا في ميادين الإصلاح العام .فابلوا فيها البلاء الحسن؛ه.“. ويعدد الأستاذ محمد علي دبوز أهم هذه المجلات بقوله « :أما المجلات التى تصلنا من مصر فكثيرة أهمها :مجلة المنار لرشيد رضا .إن هذه المجلة كانت خيرا لنهضة الجزائري وغذاء قويا لمعهد الحياة وأياديها على الجزائر والمعهد لا تحخصى؛ ومجلة الرسالة للزيات{ث 3ومجلة الرواية له أيضاء ومجلة الثقافة لأحمد أمين. ‏١( )1شريفي :المرجع نفسه ،ص.06 ) (2احمد بن حسن الزيات8831 - 2031( :ه!869 - 5881 /م) اديب وكاتب مصري .اصدر مجلة الرسالة ومجلة الرواية .عضو مجمع اللغة العربية بالقاهرة .وعضو المجلس الأعلى للآداب والفنون .من تآليفه :تاريخ الأدب العربي ،وحي الرسالة .في:أصول الأدب .الزركلي :الأعلام ،ج ،1ص.1 31 ( )3احمد أمين بن الشيخ براهيم الطباخ3731 - 5921( :ه4591 - 8781 /م) اديب‘ غزير الاطلاع على 20 الفصل الثالث :مفهوم الإصلاح ومرجعيته الفكرية والحضارية274 ومجلة الهلال ومجلة المقتطفؤ ومجلة الإسلام ونور الإسلام والهداية الإسلامية. والرابطة العربية ،والزهراء ،والفتح ،ومجلة الصرخة لجمعية مصر الفتاةء وجريدة الشورى وغيرها". إذا كان هذا الحديث قد تركز في هذه النقطة على زعيم الحركة الشيخ بيوض وطلبته في معهد الحياة .فالكلام نفسه يقال عن بقيةة رفقائه الذين قادوا معه العملية الإصلاحية .وتشربوا من ينبوع واحد ،واحتكوا ببعضهم البعض وتكاملوا فيما بينهم 6وتبادلوا الرأي والفكرة والخبرة والمشورة" وتص4هى كل منهم لجبهة من الجبهات" وحمل لواء الإصلاح فيها بالتنسيق والتكامل مع:إخوانه ورفقائه الذين يحملون الفكر نفسه والمشروع ،ويسعون متعاونين على تحقيقه جميعا. إذن :مخلص بعد هذا أن انتقال الفكر الإصلاحي الشرقي إلى الحركة الإصلاحية في وادي ميزاب كان من خلال قادتها وعلى راسهم زعيم الحركة الشيخ بيوض فقد تشربوا هذا الفكر من خلال مطالعاتهم ودراساتهم واحتكاكهم العلمي ببعضهم البعض ورأوا فيه المثل والنموذج المعاصر الذي ينبغي أن يقتفى في العملية الإصلاحية .ثم نقلوه إلى طلبتهم ف معهد الحياة .ومن خلالهم تسرب روحه إلى شرائح المجتمع. بلا شك إن هذا التأثر الظاهر للعيان سيسمح لنا آن زةنفهم الكثير من المواقف والآراء التى حملها هؤلاء الأقطاب .والمشاريع التي سعوا لتجسيدها على أرض الواقع 4 التاريخ" من كبار الكتاب .مولده ووفاته بالقاهرة .تولى القضاء ببعض المحاكم الشرعية .وتولى التدريس بكلية الآداب بالجامعة المصرية .وانتخب عميدا لها .وعين مديرا للإدارة الثقافية ني جامعة الدول العربية. كان منأعضاء المجمع العلمي العربي بدمشق وجمع اللغة بالقاهرة والمجمع العلمي العراقي ببغداد .له الكثير من التآليف منها :فجر الإسلام؛ ضحى الإسلام ،زعماء الإصلاح في العصر الحديث .المرجع نفسه:ج ! .صا.!0 ( )1دبوز :المرجع السابق ،ج .3ص.38 572البحث الرابع :الرجعية الفكرية والحضارية للإصلاح هكذا نفهم ني الأخير أن فكر الحركة الإصلاحية عند إباضية الجزائر قد استفاد ونهل من مناهل عديدة متنوعة وثرية ،فهو ضارب جذوره في أعماق الحضارة الإسلامية الإباضية في الجزائر ووادي ميزاب" يستمد من أعلام إصلاحها السابقين الروح والشرعية والثبات ومواصلة الطريق ،ويستمد مما جاوره من نهضات وإصلاحات وبيئات علمية التطعيم والإذكاء والتجديد والمعاصرة .ليمزجها مع تلك الأصول فينطلق في حركته الإصلاحية المعاصرة بفكر نير وقلب حي وحماس متوقد ومنهج واضح نحو تحقيق المجتمع الإسلامي المنشود. 9 المتلتالرانر عوامل قيام الإصلاح وأهدافه وركانزه الفكرية . ___ البحث الأول :عوامل قيام الإصلاح أهداف الإصلاحالمبحث الثا: الركائز الفكرية للإصلاحالبحث الثالث: 972|البحث الأول :عوامل قيام الإصلاح الميحثا لأول : عوامل قيام الإصلاح لكل حركة اجتماعية تشهدها البشرية مجموعة من العوامل التي تتسبب في ظهورها وتدفع بها إلى مجترك الحياة وتعمل على نشاتها وتبلور أفكارها وظهور أعمالها وتسجيل حركيتها في التاريخ. فما هي العوامل الت كانت وراء ظهور حركة الإصلاح في بعدها الاجتماعي عند إباضية الجزائر بوادي ميزاب؟ من خلال تتبعنا مسيرة الحركة الإصلاحية نستطيع أن نحدد نوعين من .العوامل... -عوامل داخلية. -عوامل خارجية. أ=القوامل الداخلية: [ ۔شرارة الإصلاح السابقہ: عزضنا في الفصل الثاني جذور النهضة التي انطلقت في وادي ميزاب منذ أزيد من قرنين من الزمن ومست الكثير من جوانب الحياة فيه؛ حيث عرفت ميلادها مع االلعشليمخي املعأفضاللشييخثم اطتفوياشص،لت ثم معتواسلشعيتخ الثمبني ثم شهدت نقلة نوعية في المجال مع طبقة تلاميذه وتلاميذ تلاميذه الذين انتشروا في كامل قرى وادي ميزاب وشكلوا النهضة الإصلاحية في عصر قوتها ونضجها بقيادة الإمام الشيخ إبراهيم بيوض. كانت لهذه المسيرة المباركة آثار حميدة على المجتمع على الصعيد العلمي والاجتماعي .إلا أن هذه الجهود لا تزال في بدايتها وتحتاج إلى نفس طويل وإلى م. الفصل الرابع:عوامل قيام الإصلاح وأهدافه وركائزه الفكرية280 مواصلة للطريق وتراكم للأعمال والجهودات حتى تظهر آثارها واضحة خاصة ما تعلق منها بالجانب الاجتماعي. طوال هذه المسيرة كان كل شيخ فيها قد اقتنع برسالة الإصلاح وحمل رايتها اسيرةوآمن بحاجة المجتمع إليها يحمل تلاميذه في أخريات أيامه مسؤولية موا 7 من بعده ويوصيهم بالصبر والثبات على الطريق" ويجحذرهم من مغبة الفشل أو مهما كانت اللميطاتأو الركون إل الجمود أو العودة إل الوراء‏ ١لاستسلام والعراقيل ،ومهما كلف الآمر من هزات اجتماعية أو سياسية محتملة. تغييرتزايد وكانت أصواتهم ترتفع بضرورةفلذا كان أنصار ‏ ١لإصلاح الأوضاع الاجتماعية والقضاء على المفاسد وتغيير المفاهيم ،وإخراج المجتمع مما هو عليه من براثن الضلال والتخلف والسفاسف والآفات الاجتماعية. ما وصل دور جيل الحركة الإصلاحية مع مطلع القرن العشرين وبدأ قادته يظهرون وأقطابه يتميزون وأنصاره يتجمعون ويتحملون المسؤوليات الاجتماعية ويصلون إلى مراكز قيادة المجتمع كانت الضرورة تلح وتملي عليهم أن يواصلوا طريق مشاليخهم وفاء لهم وعملا بتوجيهاتهم وتوصياتهم ،واقتناعا منهم أن مسيرة الإصلاح تحتاج إلى قيادة كفاة جديدة تدفع بالركب إلى الأمام وتقوده بخطوات ثابتة متجددة معاصرة .فحرصت على ترتيب بيتها وتنظيم صفوفها وانتقاء تخبها۔ وكان الشيخ إبراهيم بيوض هو الشخصية الفذة المؤهلة التى دفعت بها الأحداث لوراثة قيادة هذه الحركة وجمع شملها بعد وفاة عدد من رموزها السابقين«"". يقول الأستاذ محمد علي دبوز « :لشباب نهضتنا الحديثة أسباب كثيرة ...أهمها نضوج آثار العلماء العاملين الأولين فيها ،أولئك الذين أنهضوها ،وأرهفوا حسها. وفتحوا عينها»“. ( )1شريفي :معهد الحياة؛ ص.25- 62 ا|.2-) (2دبوز :نهضة الجزائر ج .2ص 182البحث الأول :عوامل قيام الإصلاح هكذا كانت الجهود السابقة في الإصلاح ومسيرة العلماء والمشايخ وتوصياتهم من أهم الدواعي التى جعلت أعلام النهضة الإصلاحية يندفعون وراء عملية الإصلاح ويقطعون بها أشواطا جديدة ويرفعون التحدي في تحقيق ما عجز عنه مشايخمهم السابقون ،نظرا للظروف الصعبة المحيطة بهم آنذاك. نستطيع أن نقول :إن أقطاب الحركة الإصلاحية أوصلوا عملية الإصلاح مرحلة النضج في عهدهم وجنى المجتمع على أيديهم الخير الكثير بما حققوه من أعمال ومنجزات وبما استثمروا من جهود مشايخهم السابقين. 2۔الواقع الاجتماعي المتردي: إن إدراك أعلام الحركة الإصلاحية حقيقة الوضع الداخلي من خلال تشريحهم الدقيق ومعايشتهم له وخبرتهم باحواله 6التي سيطرت عليها عناصر التخلف والتردي والجمود على حساب عناصر التمكين والنهوض والقوة رغم كل الجهود المبذولة ومحاولات التغيير السابقة.كان ذلك من الدواعي الأساسية لإحداث هزة إصلاحية اجتماعية قوية شاملة. إن أعلام الإصلاح لم يستطيعوا أن يسكتوا عن هذا الوضع أو يتوانوا في تغييره ،فاعلنوها حربا شاملة على الأوضاع .ودخلوا معترك المجتمع بكل أبعاده واجتهدوا في استعمال مختلف الأساليب والطرق والوسائل للنهوض والإصلاح. كان لا بد من جهود جبارة ودفعة قوية للمجتمع ونفخة مدوية في آذانه حتى يستفيق من سباته وينصت للخطاب الإصلاحي الموجه له ،ويقتنع به ويعقد العزم على نفض ما به من أدران .والأخذ بيده إلى ساحل النجاة فالمفاسد الأخلاقية محيطة به ،والفتن والتفرقة متفشية فيه ،والمعتقدات البالية متمكنة منه ،والجمود على القديم مكرس فيه ،أضف للى ذلك ما عليه من تواكل وتكاسل في الأخذ بالأسباب وتدن في الوعي واهتمام بسفاسف الأمور وخوض معارك وهمية. ومحاربة للعلم ف ثوبه الجديده". () أبو اليقظان :مقال بعنوان :الإصلاح منشور ضمن كتاب :أبو اليقظان :ختارات من صحف ابي اليقظان، الفصل الرابع :عوامل قيام الإصلاح وأهدافه وركائزه الفكرية282 هكذا دفعت هذه الأوضاع المتردية أعلام الإصلاح لانتزاع صدارة الأمة والنزول إلى الميدان ومنازلة مظاهر التردي المختلفة على مستوى المسجد والأسرة والشارع والمدرسة لأجل إحداث التغيير الاجتماعي المنشود. 3۔ الحكم الاستعماري: إن فظاعة أعمال الحكم الفرنسي الاستعماري العسكري الذي حكم به وادي ميزاب من ظلم ومكر وقسوة وتخريب للشخصية وإفساد للقيم ،بما كان يبثه من سموم ومفاسد اجتماعية[ وتفرقة بين صفوف الآأهالي ،وضرب بعضهم ببعض‘ؤ وتولية رقاب الناس بعض حكام وقياد فاسدين مفسدين متجبرين ظالمين ،وئي مقابل ذلك محاربة أي صوت للإصلاح واي جهد للتغيير ،وأي عمل في سبيل رفع هذا الغبن والظلم ،وكذا محاربة قيم الأمة في دينها ولغتها ،والتشديد على التعليم العربي الإسلامي وعرقلته ،وتخريب أخلاق المجتمع من خلال فتح المواخير ودور الفساد والقمار .فكانت هذه الأعمال وراء قيام حركة إصلاحية مضادة ومتصدية لهذه المفاسد. يقول الأستاذ محمد علي دبوز مبينا عمل الاستعمار في تكريس المفاسد في المجتمع« :ومما زاد لبعض العقائد الفاسدة والتقاليد المضرة التى عالجها الشيخ بيوض وعلماء الإصلاحح ليزيلوها ،ومما زادها تاصلا ورسوخا ،حرص الاستعمار الصليي على بقائها .وعلى بقاء كل الأمراض الاجتماعية في الأمة الجزائرية. لتكون دائما عليلة واهنة ،لا تكسر قيوده ولا تغادر أقفاصه‘ وكان يذكى أذنابه الكثيرين الجامدين والمفسدينس فيزدادون تمسكا بالتقاليد والعقائد الفاسدة الق يهاجمها العلماء الملصلحون ،ويدعون العامة الجاهلة إلى التمسك بهاء ويصورونها على أنها من الدين المقدس الذي يهدمه المصلحون". ص .44الإصلاح.ومنهجه ف. 1سكحال:الشيخ بيوضص7 ص .75-85جك.( . (1دبوز :أعلام الإصلاح. 382البحث الأول :عوامل قيام الإصلاح لقد كانت هذه السياسة الاستعمارية الماكرة المفسدة من أهم العوامل الداعية لقيام إصلاح اجتماعي من خلال التصدي لها ومقاومتها بجهد واع معاصر رصين، قادر على فهم أسرار اللعبة السياسية وخيوطهاا وقادر على التحدي والمراوغة الموقف والكر والفر مع المستعمر.والمجابهة واتخاذ لا تشعر على إيقاظ الضمائرحيثالاستعمارية منالسياسيةهذهعملت وتوجيهها نحو التغيير وا لإصلاحالحمم وشحذ النفوسوتنبيه العقول وتحريك والحذر من مكايدها ومناكرها. تصدى المصلحون للحكام العسكريين ولأذنابهم من ”القياد“ الفاسدين ودخلوا معهم في معارك حامية الوطيس ،وخاضوا معهم جولات وصولات‘ وتعرضوا للسجن والتغريم والقتل والنفي والإبعاد بسبب مواقفهم وجهادهم{". . هكذا أضحى الحكم الفرنسي الاستعماري عاملا قويا في قيام النهضة الإصلاحية الاجتماعية في وادي ميزاب. يقول الأستاذ محمد علي دبوز حول دور الاستعمار في تحريك همم المصلحين للنهضة« :من حسن حظ الجزائر والمغرب أن ابتلي بالاستعمار اللاتيني الصليبي الغاشم الأبله .سيما الاستعمار الفرنسي ولم يتسلط عليه الدهاه ،إنه عداوة سافرة. وصليبية عارية ،يعمدون إلى مكامن اليقظة وهي الدين فينهالون عليها بالمطارق التى تنبه الأمة وبردون مداهم على اللحم الحي في جسد الأمة الجزائرية فيعملونها فيه وهو الإسلام الذي هو حبةقلبها ،فتثور وتشعر بخطر الأعداء فتجالدهم»“. لعل الراي نفسه يذهب إليه المفكر الإسلامي الجزائري مالك بن نبي حين تحليله الظاهرة الاستعمارية التى مست معظم الشعوب الإسلامية" حيث يرى أن ما ( )1انظر نماذج من الصراع بين العزابة المصلحين و”القياد“ حول محاربة الفساد في كتاب :الحاج سعيد :تاريخ ني مزاب .ص.861 -561 ص-3۔ .4 -دبوز :هنهضة الجزائر ج.2)(2 الفصل الرابع :عوامل قيام الإصلاح وأهدافه وركائزه الفكرية284 مني به العالم الإسلامي من الاستعمار بسبب تخلفه وقابليته للاستعمار ،وما حرص عليه المستعمر من حرمان الشعوب من مختلف حقوقها وإذلالها وإذكاء الفتن في أوساطها وإبقائها على جهلها ،فكانت هذه السياسة الحاقدة الماكرة عاملا قويا على أن تولد المقاومة في النفوسس وتولد الإرادة على التحدي والمجابهة ،وتولد العزيمة على التغيير والإصلاح والنهضة .وتولد الثورة على انتزاع الحقوق بالقوة ،ثم الثورة على استرداد الوطن وطرد المستعمر نهائي(". يقول الأستاذ مالك بن نبي مشيرا إلى هذا الدور الإيجابي للاستعمار من حيث لا يدري ولا يشاء...« :ولكن ذلك يدفعنا إلى أن نحسبه شرا كله} بل إن خيرا قد حققه الله على يديه من حيث لا يدري" فإن كان بطشه انتقاما ففي طياته رحمة... ولنتامل :ما الذي بعث العالم الإسلامي من نومه؟ ...إنه الاستعمار .إنه قد خلع عنا بابنا وزعزع دارنا واخذ منا أشياء ثمينة»“. 4۔الققتهاء والمشايخ الجامدون: لقد ابتليت الأمة في وادي ميزاب وفي سائر العالم الإسلامي في مرحلة ركودها بمرض الجمود على القديم والتشبث به ،ورد كل ما هو جديد بدعوى معارضته للدين والأعراف والتقاليد. حيث جثم على صدرها في كل قرى وادي ميزاب بعض من الشيوخ والفقهاء والأعيان الذين وصلوا إلى سدة المجتمع ومراكز القرار وفق ظروف وأوضاع خاصة امتزج فيها راي العشيرة والقبيلة برأي الدين والسلطة. نال بعض هؤلاء الشيوخ أقساطا متواضعة من علوم الدين واللغة ،فتحولوا إلى فقهاء ثم إلى مشايخ بيدهم الحل والعقد ،ونظرا لحاجة المجتمع إليهم ولنقص العلم وجملة من الظروف الاجتماعية ومراعاة التوازنات الداخلية بين العشائر ) (1بن نبي :شروط النهضة .ص.941-951 ( )2بن نبي :شروط النهضة .ص.351 582البحث الأول :عوامل قيام الإصلاح والقبائل وجدوا أنفسهم في صدارة المجتمع يمسكون بناصيته ويشرعون له ويتكلمون باسمه في أمور الدين والدنياء ويجددون سياسته ونظرته وفلسفته في شؤون الحياة. تعلم بعض هؤلاء الشيوخ الفقه دون ربطه بالوعي ،وتعلموا الشريعة دون ربطها بالمقاصدا وتعلموا الدين دون إدراك أبعاده الواقعية ،كما ورثوا الوصاية على المذهب الإباضي وسير الأجداد بصورة اعتقدوا أن الحفاظ عليها يقتضي الانغلاق الداخلي وإيصاد الأبواب أمام أي جديد من علوم العصر ومبتكراته. قاد بعض هؤلاء الشيوخ المجتمع بسياسة النعامة في إدخال راسها في التراب بدل مواجهة المخاطر والنوازل والتفاعل الإيجابي المسؤول معهاء ،فعطلوا بذلك عجلة التنمية والتطور والتجدد في المجتمع .وأخضعوه لأمر الواقع واستسلموا للمستعمر ،وجمدوا على الفهم البالي للدين وعلى النظرة الساذجة السطحية للأمور ،ومنعوا الاجتهاد ومواكبة العصر. شكلوا بهذا التوجه جدارا مانعا أمام تقدم المجتمع وتطوره وكانوا فعلا حجر عثرة أمام الحركة الإصلاحية منذ ميلادها وطوال مسيرتها. أفهموا العامة من خلال الخطاب المسجدي أن هذه العلوم المعاصرة والمخترعات كفر أو من صنع الكفرة والمشركين ،وأن التجديد في الدين هو تفتح على المذاهب الأخرى .وتخل عن المذهب الإباضي الموروث‘ وترك لسير الأجداد والمشايخ". .هذا ما جعل جمهور المجتمع ينقاد هم وينصت لكلامهم ويتبع طريقهم ويعارض طريق المصلحين الناهضين بالأمة. منابرطريقرقاب الناس عنفالمتحكمةالفقهاءالنوعية منهذهكانت المساجد والهيئات العرفية عاملا ودافعا قويا لأن يثور عليها ثلة من الشباب المصلح سبيل المؤمين 6كله.الدعاية إل اطفيش: ميزاب :ينظر كتاب:واديبين القديم والحديد فالصراعحول) ] ( . كله.الحائرين. إرشادآبو اليقظان: وأهدافه وركائزه الفكريةالفصل الرابع :عوامل قيام الإصلاح286 الواعي والمتعلم والمشاهد لأحوا ل ا لأمم ونهضتها لفك المجتمع من قيوده وتحريره من هذا النوع من الاستعمار الداخلي للأفكار واستلاب للجهود والطاقات. كما كان ذلك إيذانا بدخول أعلام الإصلاح في معارك اجتماعية حامية الوطيس مع بعض هؤلاء الشيوخ ومن لف لفيفهم من الأعيان والعوام .لأجل زحزحتهم من منابر المساجد وصدارة المجتمع والتاثير فيه ،ولأجل الإمساك بزمام الأمور بغرض إصلاح الأوضاع والقيادة الرشيدة للمجتمع. يقول الشيخ عبد الرحمن بكلي عن دور الشيخ بيوض في محاربة الجمود الفكري الذي هيمن على المجتمع وكان العدو اللدود للإصلاح« :مافتع جيش الغاياتوذويالاستعماروخادمي ركابالمؤلف من أنصار التقليدخصومه الشخصية يتالب عليه بغيا وحسدا{ مستعينا بالعامة الساذجة الذين أفسدوا قلوبهم عليه وعلى أنصاره بدعاياتهم الفاجرةء وانساقوا وراءهم .فكانوا ضغثا على إبالة. فاننرى يقاوم الكل وكانت له معهم معارك حامية .عدته في كفاحه الحجة البالغة المقنع؛؛"". والأسلوب ويقول عن دور تيار الجمود في تحريك همم الإصلاح« :فكان لهذه الحركة دوي فعال في الأوساط العلمية ،ولهذا الصراع العنيف أثره البليغ في إنارة الفكر .العام 3وتركيز الإصلاح وانتشاره ف مختلف طبقات الأمة. هكذا حرك الجمود الفكري في وادي ميزاب نزعة الإصلاح وكان دافعا له لإحداث النهضة الإصلاحية والتغيير الاجتماعي وحرك فيه الخمل والسعي لافتكاك قيادة المجتمع من بين مخالبه ،وحرك فيه العمل والدعوة لأجل كسب الأتباع وتأييد الجماهير لأفكاره ومشاريعه. ( )1بكلي :محاضرات البكري" ص.061 ( )2بكلي :مسيرة الإصلاح .ص.39 782البحث الأول :عوامل قيام الإصلاح . . ؟۔اجتماعكوكبت من التخبہ: مع بداية القرن العشرين بدأت تتجمع في وادي ميزاب طبقة من الشباب لملقف الواعي لما يحتاج إليه مجتمعه في هذا العصر وما ينتظر منه في القيام بواجبه وحمل مسؤوليته. تتشكل هذه الكوكبة ممن تلقى تعليمه وتكوينه في وادي ميزاب على ايدي المشايخ السابقين؛ خاصة الشيخ اطفيش-وهم يمثلون الأكثرية-وممن أتاحت لهم الظروف والأوضاع أو تحدوها وعقدوا العزم على مغادرة وادي ميزإب والهجرة للبحث عن مناهل أخرى إضافية للعلم والمعرفة في أرجاء الجزائر وخارجه. كانت الوجهة أساسا إلى البلاد التونسية مع زيارات للبلاد الإسلامية المشرقية والوقوف على نهضتها وأوضاعها وجهود الإصلاح والمصلحين فيها. خاصة مصر والحجاز. شاهد هؤلاء الشباب وعاينوا الذعوات إلى النهوض بالعالم الاسلامي ومناهضة الاستعمار ومحاربة التخلف والجهل. بعد سنوات من الطواف في أرجاء العالم الإسلامي والارتواء بالتجربة والخبرة والعلم عادوا إلى وادي ميزاب واجتمعوا مع أقرانهم من الشباب المتخرج من حلقات المشايخ ومعاهدهم واختلطوا بهم وجمعهم الهدف الواحد المتمثل في الغيرة على المجتمع والحماسة للإصلاح والتغيير ومواصلة الدرب الوعر الذي سلكه مشاخهم من قبلهم جيلا بعد جيل وحملوهم مسؤوليته. يقول الأستاذ محمد علي دبوز« :تكونت في أول القرن العشرين في الجزائر .طائفة كبيرة من العلماء العاملين هم باكورة النهضةة وثمرة الإصلاح المباركة .وقد أعدت إعدادا صالحا لتكون أوتاد النهضة وشنبابها .وروح الأمة ودرعها ،فكانت كما يريد مشايخهم واهلهم؛ "". `ص.5الجزائز ج.2 دبوز :زنهضة ) ( 1 الفصل الرابع :عوامل قيام الإصلاح وأهدافه وركائزه الفكرية288 التقت هذه النخبة الى تتشكل من كفاءات علمية وشخصيات دعوية وقيادات اجتماعية على صعيد واحد وجمعها الهدف والعزيمة فوضعت اليد ف اليد وكانت قوة دافعة لإحداث النهضة الإصلاحية الاجتماعية الدينية الشاملة ميزاب""".واديف ب =القوامل الخارجية: بالاضافة لى هذه العوامل الى اعتبرناها داخلية فقد وجدت جملة عوامل أخرى يمكن اعتبارها خارجية حركت مسيرة الإصلاح في بعده الديني الاجتماعي ودفعت عجلة النهضة إلى الأمام عند إباضية الجزائر في وادي ميزاب ،وهي تتمثل فيما يلي: ا ۔الحرب العالميت‌ الأولى: لقد كان للحرب العالمية الأولى التى شهدت تيامتها سنة 2331ه4191 /م أثر عظيم على الإنسانية جمعاء ،وقد أثرت في معظم شعوب العالم وهزت أركانها على مختلف الأصعدة وغيرت من وقع الحياة لديها. كانت الشعوب الإسلامية ومن بينها الجزائر ووادي ميزاب ممن اهتز فهذا الحدث وتاثر به أيما تاثر .وعلى الرغم من الآثار السلبية العميقة التى جرتها هذه الحرب على معظم البلدان العربية إلا أنها كانت من عوامل تحريك عجلة النهضة : والإصلاح فيها. ذلك أن الحرب العالمية الآولى مكنت هذه الشعوب المستعمرة ونخبها من استيعاب الدروس والاستفادة من تلك المعارك ومن ذلك النضالء والتدافع ( )1يطول ذكر الشخصيات الاجتماعية والعلمية والسياسية التى شكلت طبقة النخبة في وادي ميزاب مع مطلع القرن العشرين ،وقادت حركة الإصلاح والنهضة فيه ،فنجد الشيخ عبد الرحمن بكلي يعدد لنا قائمة طويلة من تلاميذ قطب الأمة الشيخ اطفيش الذين قام على أكتافهم عبء النهضة والإصلاح .كما نجد الأستاذ محمد علي دبوز يسرد لنا قائمة من هؤلاء .بكلي :محاضرات البكري .ص .421-531دبوز: نهضة الجزائرش ج 25ص.6 982ِالبحث الأول :عوامل قيام الإصلاح الحضاري والصراع العسكري بين القوى الكبرى في العام .حيث كانت تدافع عن أاوطانها وتنافح عن كرامتها وتبذل من أجل حريتها كل غال وعزيز .كما كانت تدفع بشبابها إلى ميادين الحروب والقتال وتحبس اقتصادها لأجل تمويل جيوشها ومعسكراتها ،وتنفق من خزائنها الأموال الطائلة لأجل التسلح والإعداد والتدريب دفاعا عن الوطن والحرية والشرف والكرامة. عاينت الشعوب المستعمرة كل هذه الأحداث وتعلمت كل هذه الدروس. وعلمت أن استرداد الوطن أمر عظيم جلل يهون أمامه كل شيء وعلمت أن ذلك لا يتأتى إلا بعزائم عظيمة وإرادة صلبة وجهود جبارة على مختلف الأصعدة. وبتعبئة عامة لشرائح المجتمع حتى يقوم بهذا الواجب العظيم. هذا ما يستلزم قيام حركة إصلاحية نهضوية شاملة لكل مناحي الحياة ليستفيق' هذا المجتمع من سباته ويجمع شتاته ويدخل في دورة الحضارة من جديد .حتى يتسنى له أن يعرف قيمة الوطن ومعنى الحرية ،وليكون في مستوى تلك التضحيات التي تبذلها هذه الشعوب الغربية من أجل أوطانها. كانت هذه الحرب العالمية سببا في أن يقدم الاستعمار الفرنسي على تجنيد آلاف الجزائريين للقتال في صفوفه ويدفع بهم إلى ساحات المعارك ،وهم يعتقدون أنهم يشاركون في حرب لا تعنيهم ويدافعون عن وطن ليس بوطنهم" هذا ما نمى فيهم الوعي ومكنهم من تبربة قاسية مريرة عايشوها ونقلوا ذكرياتهما معهم إلى الجزائر ونقلوا ما شاهدوا من حضارة أوربا وتقديسها للحرية والعلم والعمل. وعلموا أن سر تطورها يكمن في تلك العوامل. تيقنوا أن نهضة شعوبهم وتطورها لا بد أن تمر عبر هذا الطريق لا غير ،فلا بد من الأخذ باسباب التمكين من العلم والعمل والوحدة ونبذ الجهل والكسل والتفرق ،حتى تتقوى الشعوب وترفع راية النضال والجهاد في وجه هذا المستعمر للتحرر من بوتقة الاستعباد والمهانة .كما رفع راية الحرب في وجه الألمان الخطر المحدق والمهدد له وللحلفاء. 21: الفصل الرابع :عو:مل قيام الإصلاح وأهدافه وركائزه الفكرية` 0 .يقول الأستاذ محمد دبوز« :شاهد الجند الجزائري في أوربا كيف يغرم الأوربيون بالموت في سبيل الحرية والعزة والكرامة ورأوا تسابقهم في العلم والخلق وأسباب القوة ،وتمسك الفرد في أوربا بالديمقراطية والحرية فازداد أبناء الجزائر إدراكا لسبب تخلفهم 6وتسلط الاستعمار عليهم" فاغرموا بالعلم والاتحاد وا لإصلاح٢‏ & استفاقت الشعوب ومنها الجزائر ووادي ميزاب على وقع أحداث الحرب العالمية الأولى" ونظرت في أوضاعها فوجدت نفسها تئن في أحوال مزرية ،فكانت الحرب فرصة لتنهل منها دروسا عظيمة ،وكانت بذلك من .العوامل الخارجية لإعلان نهضة اجتماعية شاملة تعم كل مجالات الحياة وتبدأ بتغيير ما بأنفس الأفراد ليتغير وجه المجتمع عامة. 2التجنيد الإجباري: تبعا للعامل الخارجي السابق يندرج موضوع التجنيد الإجباري باعتباره عاملا خارجيا لوادي ميزاب في تحريك همم أبنائه وعزائمهم للنضال والنهضة والمطالبة بحقوقهم. لقد خاض الميزابيون حربا إداريةونضالية شرسة وطويلة ا لنفس وشاقةة الطريق ضد السلطات الاستعمارية الفرنسية" وسجلوا في صفحات تاريخهم مواقف بطولية وفصولا ذهبية في سبيل منعها من تجنيد أبنائهم في صفوف جيشها وإرسالهم إلى ساحات المعارك في أوربا وفني المشرق الإسلامي{. ( ) 1دبوز :ننههضضةة الجزائر ج .2ص.7 ( )2ينظر في فصول من هذا النضال في كتاب :عمر الحاج امحمد :مذكرات ووثائق رسمية عن وادي ميزاب من الناحية الديينة والسياسية والاجتماعية .من سنة-3581إلى سنة& 1591مطبعة النهضةة تونس. 1591م . .باللخاج ناصر :موقف سكان وادي ميزاب من قانون التجنيد الإجباري 6 5291 --21 :مذكرة الحاج صعيد:ليسانس ،جامعة الجزائر ،كلية العلوم الانسانية .قسم التاريخ .س ج-1002 : :۔ .2 تاريخ بي مزابهه ص!.161-561 192 .البحث الأول :عوامل قيام الإصلاح يصف السيد عمر الحاج امحمد-المكلف من الهيئات العرفية للدفاع عن هذه القضية-حال وادي ميزاب بعد ابتلائها بهذه المصيبة في رسالة موجهة إلى الوالي العام الفرنسي على الجزائر« :سيدي الوالي العام على القطر الجزائري إن الوفد لميزابي الذي يمثل بين أيديكم الآن ...يستلفت بغاية الاحترام أنظاركم السامية للحالة الفكرية البالغة الاضطراب التى عليها بلاد ميزاب يومنا هذاء وإلى القلق العظيم الذي ساور الأنفس هنالك فصبر تلك السماء مكفهرة بعد أن كانت زاهية اللون صافية الأديم". لقد مكنهم هذا الأمر الجلل الذي حل عليهم مع مطلع الحرب العالمية الأولى من محاولة تحبميع كلمتهم وتوحيد صفوفهم ونسيان ضغائنهم وتجاوز خلافاتهم والتغاضي عن أخطاء بعضهم البعض حينما يتعلق الأمر بهذا الموضوع .وقد كان منطلقهم ني النظرة إليه منطلقا عقديا دينيا في الأساس؛ يتمثل في حرمة مقاتلة المسلم في صفوف المشركين الكافرين ،وأكثر من ذلك في حرمة مقاتلة المسلم لإخوانهم المسلمين في البلاد الإسلامية التى كانت فرنسا تخوض فيها معاركها كتركيا وبلاد الشام والجزيرة العربية. كما قام نضالهم في رفض التجنيد الإجباري على خلفية قانونية متعلقة بمعاهدة الحماية لسنة 9621ه3581 /م التي تربط الميزابيين بالسلطات الاستعمارية ،وكذا قام نضالهم على جانب اقتصادي معيشي متعلق بالوضعية الصحراوية الصعبة لوادي ميزاب وعمل أبنائه في الشمال لأجل جلب القوت هذا الوطن القاحل“` . . ابتدا نضالهم السياسي منذ صدور قوانين التجنيد الإجباري سنة 2191 /0331م واستمر إلى سنة 9631ه 9491 /م عندما صدرت قوانين رفع هذا التجنيد عن الجزائريين وقد بذل الميزابيون في هذا الصدد جهودا جبارة على ( )1الحاج امحمد :مذكرات ووثائق .ص .75 ( )2المرجع نفسه :ص .35-87النوري :نبذة من حياة لليزاييينؤ ج ،1ص .013-613بالحاج :موقف وادي ميزاب من التجنيد الإجباري ،ص.45 -82 الفصل الرابع :عوامل قيام الإصلاح واهدافه وركائزه الفكرية292 تلف الأصعدة .بداية بالسلطات الاستعمارية في وادي ميزاب صعودا إلى السلطات المركزية بالجزائر العاصمة .وصولا إلى السلطات الفرنسية في باريس"{"". مكن هذا الحدث من إحداث هزة عنيفة على أركان المجتمع بوادي ميزاب، واصبح حدبث العام والخاص .والشغل الشاغل لأعيان البلد ومشايخها وعزابتها. وقد دفع بهم ليخوضوا غمار السياسة .ويتعلموا أسا ليب النضال" ويتحركوا للمطالبة بحقوقهم .ويعملوا على ربط علاقات سياسية واجتماعية مع شخصيات إدارية وقانونية وسياسية رفيعة. كما جعلهم يدركون أكثر قيمة الوحدة ورص الصفوفؤ وفي المقابل يدركون خطر الفرقة والنزاع الملشتت للجهود المذهب للقوة. تعلموا دروسا كثيرة من هذه الأزمة الاجتماعية والسياسية التى حلت بهم في عقر دارهم فاحدثت فيهم هزة اجتماعية حركت طاقات المجتمع ومراكز القوة فيه فتحركت معها عجلة النهضة والإصلاح خاصة في شقها السياسي والاجتماعي. آ3الإصلاح في العالم الإسلامي: .مر الحديث في الفصل السابق عن أثر حركات الإصلاح والنهضة في العام الإسلامي على وادي ميزاب‘ وكيف استفاد منها في تطعيم فكره ومنهجه ومفهومه للإصلاح .وكيف تكامل لخدمة أهداف وغاياته الكرى. لذا فإنه من العوامل الخارجية المهمة التي حركت الإصلاح والنهضة في الجزائر ووادي ميزاب وآزرته ونفخت فيه الروح وأعطته التجربة الواقعية العملية واستمد منها الثقة بالنفس والقوة على العمل والمضي إلى الأمام هي تلك الدعوات الإصلاحية المتعالية في أرجاء العالم الإسلامي وبوجه الخصوص ما كان يحدث في مصر من دعوة للنهضة بقيادة الشيخ محمد عبده وتلاميذه" وما كان يحدث في تونس ‏١من حركة نضالية سياسية صحفية وحركة علمية تربوية تعليمية. ) (1بالحاج :المرجع نفسه:ص65-08 392البحث الأول :عوامل قيام الإصلاح لقد كان هنالك حبل متين مباشر موصول بين مصر وتونس والجزائر ووادي ميزاب وتتبع للأخبار والمستجدات حدثا بجدث وتفاعل إيجابي معها ونصرة وتعزيز وتمكين ها. ذلك من خلال الكتب والجرائد والمجلات التى كانت تصل وادي ميزاب تباعا ويعقد لها أعلام الإصلاح المنتديات والجلسات والمواعيد للاطلاع عليها ومعرفة الجديد فيها وفهم أفكارها ورصد أهدافها .فحركت فيهم شحنة التغيير واقتفاء الأثر والمنهج .كما نقلت إليهم حرارة الغيرة على الدين والوطن والأمة ،وملأتهم حماسا وحيوية لمحاربة الباطل والوقوف في وجه الفساد والتصدي للجمود والجهل(". كما زودتهم بالوعي والفهم للصراع العالمي الدائر بين الغرب والشرق وبين الإسلام والصليبية والصهيونيةث وعرفتهم بمكايد الاستعمار ومخاطره ودربتهم على طرق رفع التحدي في وجهه وطرق مقاومته ومراوغته ومداراته لأجل رد مظالمه ومقاسده. يقول المؤرخ محمد علي دبوز« :كان للشيخ محمد عبده والشيخ رشيد رضا من الأثر العميق في نفوس أهل الجزائر ما لم يكن لغيرهما من علماء الدين المصلحين في المشرق ...وقد سلك علماء الجزائر الذين قادوا نهضتها طريق الشيخ محمد عبده ف الإصلاح الديني. بذلك شكل الإصلاح في العالم الإسلامي عاملا خارجيا في قيام النهضة الإصلاحية الاجتماعية الشاملة في وادي ميزاب. 4۔ الثورات قي المقرب الإسلامي: مان.لعوامل الخارجية التي حركت النهضة والإصلاح في الجزائر ووادي ميزاب ما قام ف بلاد المغرب الإسلامي من ثورات وطنية إسلامية أصيلة مع مطلع ( ) ناصر :الشيخ بيوض مصلحا وزعيما۔ ص7ا. ) (2دبوز :نهضة الجزائر ج .2ص 13 الفصل الرابع :عوامل قيام الإصلاح وأهدافه وركائزه الفكرية294 القرن العشرين ،والتى استطاعت أن تحرز انتصارات باهرة على أعدائها المستعمرين في جبهات القتال ،رغم عدم تكافؤ القوى والعتادؤ فكانت للعزيمة وللاإرادة وللعقيدة مكانة قوية وشديدة في حلبة هذه الملحمات البطولية. عملت هذه الانتصارات والبطولات على استرجاع الثقة لدى نفوس الجزائريين بعد الركود والانهزامية والخمول الطويل الذي عايشوه ،وعرفوا أنه باستطاعتهم مجابهة المستعمر والنضال في وجهه بالطرق السلمية والعسكرية إن عقدوا العزم على العمل والتضحية والبذل والعطاء". كانت أصداء الثورة الليببيةة ضد الإيطاليين بقيادة البطل المجاهد عمر المختار" والبطل المجاهد سليمان الباروني يصل أنباؤها تباعا إلى الجزائر ووادي ميزاب ويتاثر بها الناس ويتفاعلون ويشتعلون حماسا للنصرة والمعونة ،ويهتزون للانتصارات التي تحقق في الميدان. يقول المؤرخ محمد علي دبوز" :اكان وادي ميزاب يهتم كل الاهتمام بجروب طرابلس ،إنه أقرب ناحية من النواحي الجزائرية الناهضة إلى طرابلس. وكان يبعث إلى المجاهدين في طرابلس ما يجده من سلاح وما يستطيعه من مال وكان يعد حرب ليبيا واقعة في عقر داره ،وكان يتنتصت أخبارها ويؤيد الإخوان في محنتهم وجهادهما. كما كانت أصداء الثورة المغربية" ضد الفرنسيين بقيادة البطل المجاهد عبد (! ) ناصر الدين سعيدوني :مقال بعنوان :صدى كفاح عمر المختار في الجزائر منشور ضمن كنابه :الجزائر منطلقات وآفناق4 ،ص.3393-990 ( )2للاطلاع على تفاصيل المقاومة اللييية بقيادة عمر المختار :يراجع كتاب :يوسف سالم البرغثي :حركة اللقاومة الوطنية بالجبل الأخضر7 .م إلى 2391م .مركز جهاد الليبيين للدراسات التاريخية0002 .م. ( )3عمر المختار :قاند المقاومة اللييية في الجبل الأخضر ضد الاستعمار الايطالي .من سنة !729ام إلى !2ام المرجع نفسه :ص.461 -54 ( )4دبوز :المرجع السابق .ج .2ص.82 ( )5للاطلاع على مقاومة عبد الكريم الخطابي يراجع مثلا كتاب :عبد المنعم الماشمي :موسوعة تاريخ العرب" العصر الحديث" ج ،6ص.633 -533 592البحث الأول :عوامل قيام الإصلاح الكريم الخطابي!" تصل تباعا إلى الجزائر ووادي ميزاب ويتاثر بها زعماء الإصلاح ويسناندونها ونضربون الأمثلة بها .ومدهم بالعزيمة والثقة والإرادة على العمل والمزيد من التضحيات في سبيل نهضة الأمة وإصلاحها. يقول عمد دبوز :لقد طريت الجزائر لشورة الأسير عبد الكنريم؛ وانتشت بانتصاراته .ورأوا فرنسا المتنمرة يركبها الأسد الإسلامي ،ورأوا قوة المغرب إذا صال ،وبطولة المسلمين إذا ثاروا۔ فازدادوا ثقة بالنفس وجرأة على الاستعمار فقاموا يعاركون فرنسا ويباهدونها في الميادين الوطنية ويصلحون نفوس الجزائر ريعدونها للثورة الكبرى. استوعبت النخب الجزائرية الدرس وعلمت أن الانطلاقة لابد أن تبدأ من إصلاح الأوضاع الداخلية وترميم البيت وترتيبه ،والإعداد للثورة والجهاد الذي سيتبناه المجتمع ويحتضنه بعد استيقاظه وتربيته وتعليمه وتوعيته وإخراجه مما يئن فيه من برائين الضلال. هذه هي جملة العوامل الداخلية والخارجية التى كانت من دواعي قيام نهضة إصلاحية دينية اجتماعية شاملة في وادي ميزاب جعلته يخوض معترك الحياة بكل أبعاده وتحدياته وتطلعاته. فما هي الأهداف التى خططت الحركة الإصلاحية لتحقيقها وبلوغها بهذه العملية الاصلاحية؟ ( )1محمد بن عبد الكريم الريفي الخطابي2831 - 9921( :ه3691 - 2881 /م) زعيم الثورة الريفية المعروفة باسمه في شمالي المغرب ضد الإسبان والفرنسيين .الزركلي :الأعلام ج .6ص.612 ) (2دبوز :نهضة الجزائر ج .2ص.63 الفضل الرابع :عوامل قيام الإصلاح وأهدافه وركائزه الفكرية296 الميحث التا ني : أهداف الإصلاح كما أن للعمل الإنساني دوافع فإن له أهدافا يصبو لتحقيقها وبلوغها من خلال حركيته في هذا الوجود .نحاول في هذا المبحث أن نمعن النظر في مسيرة النهضة الإصلاحية بوادي ميزاب لنقف على أهدافها التي سطرتها في بداية طريقها أو أثناءه٨‏ واجتهدت في إيجاد الأطر والآليات المناسبة للوصول إليها. من خلال تمحيصنا لأفكار أعلام النهضة الإصلاحية وتحليل خطابهم واستنطاق مواقفهم" نستطيع أن نخلص إلى أن هذه الحركة سعت للوصول إلى الأهداف الآتية. إقامة المجتمع الإسلامي الأصيل والمعاصر. محاربة الجمود الفكري. مناهضة الاستعمار والتصدي لمفاسده. تغيير المفاهيم وإصلاح التصورات. ۔ محاربة أسباب التخلف. تجنيد المجتمع للإسهام في العملية الإصلاحية. العناية بتكوين شخصية الفرد. تكوين القيادات والكفاءات. الإسهام في النهضة الإصلاحية الجزائرية والإسلامية. وبما أن مسألة الإصلاح هي بناء وهدم وترقيع ،فإن هذه الأهداف تجمع بين جانب التخلي وجانب التحلي المطلوب في أي عملية نهضوية. فكيف تبلت هذه الأهداف في مسيرة النهضة الإصلاحية؟ 792البحث الثاني :أهداف الإصلاح ا =إقامة المجتمع الاسلامي الأصيل والناصر: لعل أهم هدف تصبو إليه أي حركة إصلاحية إسلامية تريد إحياء نهج البي محمد ييل واتباع هديه هو إقامة المجتمع الإسلامي في أخلاقه ونظمه وحياته ،كما كان عليه في العهد النبوي وتربى بين يدي المصطفى يي وتخرج من مدرسته‘ حتى . استحق المدح الإلهي الذي تضمنه القرآن الكريم وبقي خالدا إلى الأبد وشاهدا على هذا المجتمع النموذجي القدوة في قول الله تعال :لإكنم خ أمة أاخرجَت للناس تمرون بالْمَغروف وتنهؤن عن الشكر وثومنون باللهم_". لقد رفعت الكثير من الحركات الإسلامية المعاصرة التي ظهرت في العالم الإسلامي شعار العودة إلى عهد سلف الآأمةا والتنشبث بنهجهم وطريقهم. وبفهمهم للقرآن الكريم وللسنة النبوية الشريفة واقتفاء آثارهم عملا بجديث البي .يي« :خير أمتى القرن الذي بعثت فيهم ثم الذين بلوني ,2 له" :لن يصلح آخر هذهولقد عبر الإمام مالك في زمانه عن هذا لمعنى الأمة إلا بما صلح به أولاا. نستطيع أن نقول إن هذا الهدف الكبر هو القاسم المشترك بين جميع الحركات الإصلاحية والدعوات النهضوية في العالم الإسلامي وقد عبرت عنه من خلال خطبها ووعظها وكتاباتها .كما سعت لتجسيده من خلال مختلف أعمالها في إحياء سنن البي ية ومحاربة البدع والتخلي عن الآفات والانحراف الخلقي ،والدعوة إلى التحلي بالقيم والأخلاق والالتزام بالواجبات الشرعية. ( )1سورة آل عمران/الآية.011 : ( )2أخرجه مسلم في صحيحه :رقم20641ج 2ا .صل .952موسوعة المكتبة الشاملة :قرص مضغوط يحوي أهم مصادر الحديث..... ( )3مالك بن آنس بن مالك الأصبحي الحميري" ابو عبد النه971 - 39( :ه597 - 217/م) إمام دار المجرة .واحد الأيمة الأربعة عند أهل السنة .وإليه ينسب المذهب المالكي ،مولده ووفاته في المدينة النورة. أشهر كتبه :الموطا .الزركلي :الأعلام؛ جك 55ص.752 الفصل الرابع:عوامل قيام الإصلاح وأهدافه وركائزه الفكرية298 لقد رفع أتطاب النهضة الإصلاحية في وادي ميزاب على كواهلهم هم إصلاح المجتمع والسير به نحو منهج البي يلة في إقامة شرع الثه تعالى في ختلف مجالات الحياة التى كان بإمكانهم التحرك فيها والتاثير عليها ،لأجل إقامة المجتمع الإسلامي الأصيل والمعاصر. بذلوا في سبيل تحقيق هذا الهدف العالي المنال الجهود العظيمة والأوقات الطويلة وافنوا أعمارهم في سبيل تطهير المجتمع من أدرانه وتصفيته من مفاسده وإخراجه مما يعاني منه من آثام وانحرافات وحاولوا العودة به إلى الطهر والصلاح وتنقيته من الشوائب. يوضح الدكتور محمد ناصر بوحجام هذا الدور الإصلاحي بقوله« :حرص الشيخ بيوض إبراهيم في جهاده الإصلاحي على التربية والتكوين تربية النشء تربية إسلامية حقيقية .وتكوين الرجال تكوينا سليما فكان مهتما ببناء النفوس التي تقوى على المجاهدة والمجابهة والتضحية والفداء ،وتحمل الرسالة وتكوين الرجال الذين يقدرون على المرابطة في الثغورهه"". قام الشيخ بيوض ورفقاؤه في الإصلاح من خلال الرسالة الدعوية المسجدية بعرض المجتمع على القرآن الكريم والسنة النبوية .وبجعل الدين مرآة للمجتمع؛ ينظر فيها باستمرار ليقوم أحواله ويصحح أخطاءه ويعرف واجباته. اختار الشيخ بيوض لتجسيد هذا العمل منبر المسجد لشرح صحيح البخاري ومسند الربيع بن حبيب ؤ ثم انتقل إلى تفسير القرآن الكريم متتبعا المنهج الاجتماعي التربوي الذي يركز فيه على معالجة الفرد والمجتمع ني مصحة القرآن الكريم؛ بعرض أمراضه ومشكلاته المعاصرة والبحث عن علاجها في كتاب النه تعالى. يقول الدكتور محمد ناصر :ه إن هذا الانقلاب العظيم الذي تزعمه الشيخ بيوض يعود إلى نهجه التربوي الرشيد الذي يتبعه في دروس تفسير القرآن الجيل الوراعك.الملح الزبي.ط آ.مكتبةإبراهيم .بيوضالشيخبوحجام:حمد ناصر) ( 1 4002 /51م؛ص:[9 992البحث الثاني :أهداف الإصلاح الكريم ...ويتبع أسلوب عرض المجتمع على القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة عارضا مشاكله الاجتماعية اليومية" منطلقا من واقعه المعاشسهه"". ظل صوت المسجد مدويا في أرجاء وادي ميزاب لأجل تحقيق هذا الدف كما كان الخطاب موحدا بين المسجد والشارع والسوق والعشيرة والعمرس والمأتم على ضرورة إصلاح المجتمع" فحيثما كان يحل الفرد أو يرتحل لا يجد ولا يسمع إلى خطابا واحدا موحدا مجتمعا عليه يبقى يرن في أسماعه دون انقطاع هو خطاب الإصلاح والالتزام والاستقامة ،والتحذير من المفاسد والمناكر والانحراف© ومحاربة الفساد من الجميع حيثما كان وممن صدر. إن مفهوم المجتمع الأصيل عند الحركة الإصلاحية هو ذاك المجتمع الذي يتخذ من المنهج النبوي طريقا ومسلكا في كامل مجالات الحياة الفردية والأسرية والعائلية والاجتماعية والاقتصادية .وأن يتجسد المنهج في المسجد كما يتجسد في الشارع وفي العمل وفي السوق. لقد كان منبر المسجد يصدع بهذا الخطاب‘ ويعرض أمام الناس دون ملل ولا كلل هذه الصور الاجتماعية الإصلاحية المطلوب الالتزام بهاء كما كان ينعت الفساد والانحراف في مختلف صوره ويعلن الحرب والهجوم عليه ،وتعويضه بالصور الإصلاحية الجديدة على مستوى الأخلاق والسلوك والمعتقدات والمظاهر الاجتماعية من العادات والتقاليد وفي الأعراس والاتم. استعمل في هذا الخطاب الدعوي أسلوب الترغيب والترهيب والوعظ والتربية والتوعية ،والتمثيل بجياة مجتمع الصحابة الكرام والمجتمع النبوي وإعطائه صورة للمجتمع النموذجي الذي ينبغي أن يقتدى به ويقتفو . ( )1ناصر :حلقة العزابة .ص.02-12 ) (2إبراهيم بيوض :حديث الشيخ الإمام ردا على بعض الشبهات والأوهام .إعداد وتنسيق :حمد إبراهيم الجزائر2991م .ص . 34-25دبيوز :أعلامحل.1جعية النهضة .غردايةصعيد كعباش. الإصلاح.ج .4ص .91-92سكحال :الشيخ بيوض ومنهجه في الإصلاح .ص . 531-831ناصر: حلقة العزابة .ص 7ا.03- الفصل الرابع :عوامل قيام الإصلاح وأهدافه وركائزه الفكرية300 يقول الشيخ بيوض :ه لا تزال دروسنا متواصلة في الكلام عن المجتمع الإسلامي ،المجتمع الذي أمرنا النه تبارك وتعالى بتكوينه ،كل جماعة كتب الثه لها العيش في مدينة أو قرية صغيرة أو كبيرة أو الوطن كله إلا وجب عليهم أن يكونوا مجتمعا إسلاميا ،ويعيشوا معيشة مسلمين في معاملاتهم وحركاتهم وسكناتهم»". لقد صب هذا المفهوم والتصور للأصالة في قالب من فهم الإسلام وفق المذهب الإباضي وامتزج بالخبرة الميزابية البربرية الجزائرية في أعرافها وعاداتها ،في طبيعتها الصحراوية القبلية" فتشكل من كل ذلك هذا المجتمع في صورته الإصلاحية. أما مفهوم المعاصر في الفكر الإصلاحي فهو ذاك المجتمع الذي لم تمنعه أصالته -التي يجب أن يتحلى بها ويعيش في كنفها ،يتشبث بضوابطها-من التفاعل الإيجابي مع قضايا العصر ومستجداته" ومن الاستفادة مما توصل إليه الإنسان بعلمه من اكتشافات وتطورات في مجالات الحياة المختلفة؛ الاجتماعية والإدارية والتربوية والتعليمية والاقتصادية والسياسية والثقافية. .يقول الشيخ عبد الرحمن بكلي « :ليس مبدا الإصلاح غير تعاليم الإسلام الصحيحة وتطبيقها تطبيقا يلائم سماحته ويساير سنة النشوء والارتقاء في هذه الحياة ،ويتفق والغاية التي من أجلها كان الإسلام دستور البشرية الخالد. حمل فكر الحركة الإصلاحية مفهوم المعاصرة والتطور من خلال أخذه بشروط التمكين ،ومن خلال قابليته للتجدد والتفاعل الإجبابي مع العصر باستفادته لما آفرزه على تلف مجالات الحياة[ بشرط عدم تصادم ذلك مع الشريعة الإسلامية في أصوفها ،أو تعارضها مع مبدا من المبادئ الأخلاقية ،أو أصل من الأصول العرفية. ‏-20. ١ص9‏)( ١دبوز :الرجع نقسه .ج.4 ) (2بكلي :مسيرة الإصلاح ،ص.22 / 03.|البحث الثاني :أهداف الإصلاح كما أن قناعتهم بضرورة المعاصره كانت نابعة من فهمهم لروح الدين ومقاصد الشريعة الإسلامية؛ الى تدعو إلى عمارة الحياة بالخير ،والسعي لتحصيل امجد والعمل والعلم بمراعاة حدود' الله تعالى والسير في نهج نبيه المصطفى عليه الصلاة والسلام . يقول الشيخ أبو إسحاق :ه إن الأمة لن تنهض من كبوتها ولن تتغلب على عناصر التخلف فيها إلا إذا فهمت دينها بهذا الفهم الصحيح الذي يدعوها إلى الوسطية بين الأخذ من الدين والدنيا معا ...لذا فإن من واجباتها أن تستفيد مما تراه حوا من تفوق الغربيين في الفنون والصنائع وانفرادهم بالقوتين السياسية والاقتصادية وبروزهم في العلو م؛ه". كما أنه بهذا الفهم ردوا الفكر الجامد المتقوقع الذي كان سائدا في وادي ميزاب والذي حاول أن يبقي المجتمع على حالته الراكدة ويمسك أبناءه بأغلال : ايديهم وأرجلهم حتى لا ينهضوا ويحسنوا من حال مجتمعهم. 2۔محاربة الجمود الفكري: لعل من أبرز الأهداف التي سطرها أقطاب النهضة الإصلاحية بعد الدف الأكبر المتمثل في إقامة المجتمع الإسلاميس وسعوا لتحقيقه في ارض الواقع بجهود مضنية متواصلة هو مقاومة ما كان معشعشا في الأذهان والعقول على مستوى وادي ميزاب من جمود فكري متجذر ونظرة سطحية إلى الكثير من أمور الدين وشؤون .الحياة .والتحجر على الاستمساك بذلك والتشدد في التشبث به ،والوقوف حجر عثرة أمام أي جهد مخالف أو محاولة للتغيير والإصلاح .أو تقديم شيء جديد لم يعهد من قبل. إن هذه الحال هو ما كانت عليه عموم البلاد الإسلامية .وكان ذلك من أسباب وبالها واستعمازها وإذلالما. ( ) 1اطفيش :المنهاج .نقلا عن كتاب :ناصرةالشيخ اطفيش إبراهيم .في جهاده الإسلامي .ص.001 الفصل الرابع :عوامل قيام الإصلاح وأهدافه وركائزه الفكرية302 يقول الشيخ عبد الرحمن بكلي محددا معنى التجديد في الفكر الإصلاحي ونافيا الجمود والتقليد« :التطور حسبما تسمح به الظروف مسايرة لقافلة الحياة وعدم الجمود على أسلوب واحد فيها ضروري والبقاء على حالة واحدة يناني سنة الحياة ،لكن بشرط أن لا يخرج ذلك من دائرة الدين الحنيف×"". تيقنت قيادات النهذمة الإصلاحية من الوهلة الأولى بضرورة تغيير هذا الأمر ومن ضرورة زحزحة هذا النوع من الفكر الفاسد من على طريق نهضتها وإصلاحها مهما كانت التكاليف؛ ولو أدى ذلك إلى نوع من القلاقل !لاجتماعية التي قد لا تحمد عقباها ،وتيقنت أن جهودها نحو الإصلاح الشامل لن تؤتي ثمارها ما.لم تزل هذه العقبة من الطريق وما لم يزحزح هذا الفكر من على منابر المساجد وصدارة العشائر ورأس الهيئات الدينية في وادي ميزاب. يعبر الشيخ عبد الرحمن بكلي عن عرقلة هذا التيار لجهود الإصلاح بقوله« : مما يدل أيضا على أن الجمود كان ولا يزال حجرة عثرة في سبيل نهضة البلاد وتقدمها ،وأنه الخادم لركاب الاستعمار والمنفذ لأغراضه ،سواء شعر بذلك أم ل يشعر ،موقف رؤسائه إزاء كل حركة إنشائية في الأمة ،وإن استيقنت نفوسهم صلاحهاء ومناهضتهم لدعاة الحياة فيها ،وإن باركوا أعمالهم ومدحوا سيرتهم .لا فرق في ذلك بين الرؤساء المتقدمين والمتاخرين»“. في حقيقة الأمر لم يكن هذا التغيير بالأمر السهل على رجال النهضة الإصلاحيةش بل عانوا في ذلك الكثير كما أنهم انتظروا وصبروا وصابروا لأجل أن يتولى الزمان زحزحة بعض الوجوه البارزة المؤثرة في هذا التيارؤ كما نالهم الكثير من الابتلاء في أعراضهم وأجسادهم بسبب مجابهتهم لهذا التيار ودخولهم معه في معارك ومنازلات طاحنة استغرقت مدة زمنية طويلةى خاصة .عندما كانت النهضة في بداية مسارها خلال العشرينيات ،واستمرت معها طوال غهدهاة“. ) (1بكلي :مسيرة الإصلاح .ص.5262 ( )2بكلي :مسيرة الإصلاح ص.79 ( )3للاطلاع على نماذج من الصراع بين الإصلاح وخصومه من تيار الجمود ينظر :دبوز :أعلام الاصلاح. 303البحث الثاني :أهداف الإصلاح لقد مثل هذا الجمود جدارا حديديا ،وخندقا عميقا أمام قيام النهضة الإصلاحية الشاملة في وادي ميزاب‘ كما كان سبب تاخرها في تحقيق العديد من مشاريعها وبطء حركيتها وتشتيت جهودهاء بل كاد أن يتسبب في إعدام مسيرتها نهائيا وإخراجها من حلبة التاريخ" لولا تشبث زعماء الإصلاح السابقين بالفكرة الإصلاحية وثباتهم على نهجها وإخلاصهم في أعمالا وإصرارهم على نباحها. لقد كان وراء تصلب تينار الجمود وتغلغله في مفاصل المجتمع أسنباب عديدة ،وعوامل كثيرة تتمثل أساسا في قلة العلم وتفشي الأمية والجهل وفي الصراعات والفتن الداخلية ،وفي الحياة الصحراوية المنعزلة ،وفي البعد عن مناطق التاثير والتاثرش هذا ما جعل من المجتمع يدخل في مرحلة من الاجترار الداخلي والانشغال بالقضايا الميتة ،وبالنظرة العدائية إلى كل مإ هو خارجي دخيل ولو كان فيه الخير والصلاح له .يضاف إلى ذلك ما حل على وادي ميزاب من استعمار بغيض أدرك قواعد اللعبة جيدا وعمل على تكريسها وتوطيدها ،وإبقاء الأوضاع على ما هي عليه ،بل لعب بهذه الأوراق ليتحكم في المجتمع ويزيده وبالا إلى وباله. لقد كان لبعض الفقهاء والأعيان الذين لهم نفوذ في المجتمع نظرة قاصرة خاطنة للدين وللمذهب الإباضي وللأعراف ؤسير الأجداد الأولين فتقوقعوا وانغلقوا وانزووا 5وحملوا نظرة عدائية متزمتة لكل ما هو جديد .ولكل ما ليس من المذهب الإباضي ولكل ما يمس الأعراف وسير الأجداد. حمل هذا الفكر الكثير من المتناقضات والمتضادات في تعامله مع مسائل الدين والحياةش فتراه يبيح هنا ما يحرمه هناك ،ويتساهل هنا ويشدد هناك ويحكم هنا ج.4ص .522-842شريفي :معهد الحياة .صر .72-83بكلي :الرجع نقه .ص .09-99الحاج سعيد :تاريخ بني مزاب ،ص.661-861 الفصل الرابع:عوامل قيام ا لإصلاح وأهدافه وركائزه الفكرية304 ويجيز لقوم ما يمنع على آخرين ويتعامل مع السادة والحكام .بخلاف ما يحكم هناك ويكيل ‏ ١ل مور بمكيا لين & ويرد‏ ١لناسما يتعامل به مع عموموا لمستعمرين خلاف الأشياء بجهل وحماقة لعدم إدراك كنهها وحقيقتها". لكل هذا رأت الحركة الإصلاحية أنه يتحتم عليها أن تجعل من أهدافها الأولى الأساسية القضاء على هذا الفكر والتصدي لرموزه واستثصال جذوره واقتلاعها وتطهير المجتمع منه ،حتى تستطيع أن تخطو خطوات ثابتة مركزة في سبيل النهضة دون معوقات ومثبطات. وظفت الحركة الإصلاحية لتحقيق هدفها مختلف الوسائل السلمية المتاحة لها آنذاك من الكتابة والخطابة ،والعمل السياسي ،ومن استعمال منابر المساجد ،وأقلام الصحافة .وتشكيل الكتل والأقطاب داخل الجماعات والعشائر وحلقات العزابة. كما دفعت واجبرت احيانا لاستعمال وسائل العنف والقوة والتشنج؛ من الانقلاب على الأعضاء الجامدين وإزاحتهم من حلقات العزابة بالقوة وطردهم من قيادة المجتمع والتاثير على أفراده. ا لحركة ا لاإاصلاحيةصقوفأدى تصلب تيار الجمود وشدة مقاومته إل رص العدوضدأكثر وبروز قادتها ا لدعويين وتشكل أعيانها ا لاجتماعيين.وتوحدهم المشترك المتمثل في الجمود الفكري. هكذا خاضت الحركة الإصلاحية صراعا مريرا طويلا لأجل زعزعة عرش واجتثائه مندوائر السلطة والحكم ف وادي ميزابالجمود وتقليص نفوذه ف هيئات العزابة ومجالس الأعيان ،ثم محاربته على مستوى الأذهان والعقول لدى عامة الناسك بنشر التعليم والتوعية والتربية عن طريق الخطاب المسجدي الواعي المستنير. ( )1انظر نماذج من هذه الأفعال في كتاب :بكلي :مسيرة الإصلاح .ص.39-99, ( )2من ذلك التغيير الذي قاده الشيخ بيوض على رموز فكر الجمود من العزلية في بلدته القرارة وعزلمم من المجلس نهائيا .انظر :دبوز :أعلام الإصلاح ،ج.4ص .522-842شريفي :معهد الحياة .ص.72-83 503البحث الثاني :أهداف الإصلاح (=مناهضة الاستعمار والتصد ى لمفاسده: "علمت الحركة الإصلاحية أن مسيرتها النهضوية لا يمكن أن تتحقق ولا ترى النور ما دام الاستعمار بين أظهر الأمة جاثما على جسدها محاربا لكل مظاهر همي عليه منلتبقى على ما‏ ١لمصلحين ۔ وعحدرا لعامة النا سا لإصلاح وجهود ومستغلا لبعض الفقهاء الجامدين و”القياداالجهل والسذاجة والفاقة والتبعية لفاسدين،ومعينا لحم ومسهلا سبل تمكينهم من دوا ليب المجتمع.فما فتئ يبث ذلك سبيلا .سمومه ومقا سده كلما ا ستطاع 1 يقول المؤرخ محمد علي دبوز عن دور الاستعمار ف إفساد المجتمع" :ومما زاد وعلماءلبعض العقائد الفاسدة والتقاليد المضرة التي عالجها الشيخ بيوض لاستعمار ا لصليي علىحرصليزيلوها [ ومما زادها تأاصلا ورسوخاا‏ ١لإصلاح. بقائها .وعلى بقاء كل الأمراض الاجتماعية في الأمة الجزائرية ،لتكون دائما عليلة الجامدينيذكي أذنابه الكثيرينوكانلا تكسر قيوده ولا تغادر أتفاصه.واهنة8 والمفسدين .فيزدادون تمسكا بالتقاليد والعقائد الفاسدة التي يهاجمها العلماء الملصلحون ،ويدعون العامة الجاهلة إلى التمسك بها ،ويصورونها على أنها م من الدين المقدس الذي يهدمه الملصلحونه". لذا رأت الحركة الإصلاحية واقتنعت من بداية مسيرها أن أحد أهدافها حوله وتأخذ كل الحذر منه وتحتاط هو هذاالذي عجب أن تركز جهودها عينيها مناهضته والتصدي لمفاسده ومكايدهفجعلت نصبالمستعمر الغاشم بمختلف الوسائل. لا شك أن هذا العمل ليس بالأمر الهين لاختلال موازين القوى© وعدم توافق محاربتهالحركة الإصلاحية فخطةلذا كانتالعملوأدواتالإمكانات والنفوذ الجواريةالاجتماعية والعلاقاتوالخبرةعلى الحنكة السياسيةتعتمل أساسا ( )1دبوز :أعلام الإصلاح .جك .ص.75-85 22 الفصل الرابع :عوامل قيام الإصلاح واهدافه وركائزه الفكرية306 فكانت أحيانا تبابه المستعمر علنا وأحيانا تفضل مراوغته وأحيانا تختار طريق مهادنته .وأحيانا تظهر له خلاف ما تبطن فتعلمت من كل ذلك مع مرور الزمن الكثير من الأساليب السياسية وتزودت بالكثير من الحنكة والفطنة والكياسة ،التي جعلتها تتميز عن قيادة التيار الجمودي الذي عرف بعض عناصر لدى المستعمر بالغباوة والسذاجة والطاعة لأوامره والانقياد لها .وبعدم التفطن لمكايده ،وبمقدرته اللعب والضحك على عقول بعض قادته وسادته. يقول الدكتور محمد ناصر بوحجام عن هاذهلسياسة التي انتهجها قادة الحركة الإصلاحية في التعامل مع المستعمر« :من بين القواعد التي طبقها الشيخ بيوض في نضاله الوطني المرونة في التحرك السياسي وأسلوب المراوغة مع المستعمر ،لقضاء بعض المآرب وبلوغ بعض الأهداف الوطنية ،ولأن الظروف لم تكن أبدا لصالح الوطنيين من جميع الجوانب وكانت العواصف السياسية تعصف بالمجتمع الجزائري من كل النواحي ،والحواجز كانت كثيرة في طريق العلماء المصلحينه"". إن اختيار زعماء الحركة الإصلاحية لسلوك هذا الطريق ونصرة هذا الهدف رسم صورة للصراع المرير بين المصلحين وبين الاستعمار وأذنابه .فشهدت الحركة الإصلاحية معارك حامية الوطيس لأجل محاربة المفاسد المجاهر بها كالخمور والدعارة وسلب الأموال وإشاعة الفتن وبث العصبيات بين الناس كما شهدت فصولا مريرة من الصراع لأجل محاربة أذناب الاستعمار من ”القياد“ المفسدين والأعيان المتجبرين المتواطئين مع بعضهم البعض. كانت نتيجة ذلك ابتلاءات متلاحقة لأعلام الإصلاح وقادته من الشيوخ والبعزابة والأعيان المناصرين له؛ أدت بهم إلى الحبس والتعذيب والتغريم والطرد والتقتيل « . ( )1محمد ناصر بوحجام:الشيخ إبراهيم بيوض والعمل السياسي ط [ .المطبعة العربية ،غرداية. 2ه199 /ام .ص.62 ( )2للاطلاع على أمثلة من الابتلاءات والامتحانات التي أصابت قادة الإصلاح ينظر :دبوز :اعلام 703البحث الثاني :أهداف الإصلاح كما اقتضت محاربة بعض هذه المفاسد تحرك قادة الحركة الإصلاحية على مستوى فضاءات أوسع وسلطات أعلى خارج وادي ميزاب على المستوى المركزي بالجزائر العاصمة عندما تستنفد طرق الإصلاح ووسائله المحلية أو الجوارية كما اتتنضت الضرورة أيضا التعامل الإمبابي وربط العلاقات مع بعض رموز الفساد من أذناب الاستعمار المتمثلين في ”القياد“ لأجل درء مفاسدهم ،وجلب المصالح منهم للبلد ولعموم الناس ولو لفترة مؤقتة. إلا أن موقف الحركة الإصلاحية بقى ثابتا في معاداته الممنتعمر وإذنابه ومناهضة سياستهم ،بسياسة مماثلة تتسم بالحنكة والدهاء والقدرة على تسيير شؤون البلد نحو الصلاح داخل تلك الظروف ودون إلحاق كبير الأذى بالناس ومع الحفاظ على الموروث الحضاري للمجتمع. ..ات:رحيحووتصصهيمتمنالر الاغيي4۔ت أدركت الحركة الإصلاحية أن الإصلاح هو فكر وقناعة ونظرة عامة للوجود قبل أن يكون أعمالا ومشاريع منجزة مشاهدة على أرض الواقع .ولأجل أن تصل إلى ذلك لابد أن تولد أولا على مستوى الأفكار ،وتنشا وتتضح كمفاهيم وقناعات يدركها العقل ويستوعبها الذهن. لذا رأت من أهدافها تغيير هذه العقول والذهنيات وإدخال فكرة الإصلاح والنهضة فيها وإقناعها بجدوى العملية الإصبلاحية ،فعملت على تنوير العقول وتصحيح المفاهيم ومحاربة الجهل والجمود .وعملت على توضيح الأمور على حقيقتها للناس في كل مجالات الحياة ،بعد ما كان الغموض يشوش عليها ،والفهم الخاطع والسذاجة والخرافة يسودها ويسيطر عليها. تاريخ بني مزاب الحاج سعيد: ص82۔ .98-مسيرة ة الإصلاح. بكلي:الإصلاح .ج.4ص.842- -522 ص.661-861 الفصل الرابع :عوامل قيام الإصلاح وأهدافه وركائزه الفكرية308 وظفت الحركة الإصلاحية منبر المسجد وخطابه الدعوي لتحقيق هذا الهدف فكان للمسجد كلمته في الصدح بالحق وبدروس الوعظ والإرشاد والتربية والتوعية والتنوير طوال أيام السنة وطوال أوقات اليوم بكرة وأمسية وليلا لا يعرف فتورا ولا يشهد توقفا. كما انتقل هذا الخطاب الإصلاحي التنويري من المسجد إلى الشارع ليعم كل التجمعات وكل المظاهر الاجتماعية وكل المناسبات فتراه يدوي بالأفكار نفسها ويحارب أفكارا أخرى ويصحح المفاهيم ويبث التصورات‘ من توعية الناس بواجباتهم ودفعهم إلى عمارة الحياة بالإيمان والاستقامة والقوة والعمل والعزيمة ومن محاربة الانحراف والتسيب الأخلاقي والأفكار الخاطئة حول الحياة من الكسل والتواكل والتعصب والعداء والانتقام والجهل والهوان. يقول الدكتور محمد ناصر بوحجام عن الدور الإصلاحي للشيخ بيوض: ه كان الشيخ بيوض -كغيره من المصلحين -يؤمن أن الإصلاح يبب أن يكون شاملا ،والعمل ينبغى أن يكون عاما ،والتحرك يجب أن يكون ماسا َلكل الميادين'ف. استطاع عموم الناس مع مرور الزمن أن يدركوا مقاصد هذه النهضة ويستوعبوا فوائد هذه الحركة ثم يقتنعوا بأفكارها ،ثم ينتقلوا إلى احتضان مشاريعها وأعمالما .ويسخروا كل قواهم وجهودهم وأموالهم وأوقاتهم لنصرتها والتمكين لا وتحقيقها على أرض الواقع ويعتبروا أنفسهم جزءا منها ويضعوا أنفسهم وأموالهم ِرهن إشارة قادتها وزعمائها. إن هذا التغيير الذي حصل في الأمة لم يتات بجهد يسير ولم يتحقق في وقت قصب وإتما كانت وراءه تضحيات جسام وعمل متواصل دؤوب استمر وتواصل لعدة عقود زمنية استغرق من الوقت واستنزف الكثير من الجهد والمال. ( )1بوحجام :الشيخ إيراهيم بيوض المصلح المربي" ص85 903البحث الثاني :أهداف الإصلاح أدرك الناس من خلال هذا التغيير على مستوى المفاهيم حقيقة الدين والعقيدة والمذهب والاستقامة والعلم والعمل والعصر والسيادة والعزة والتمكين" وغيرها من القيم الحضارية التي سعى أقطاب الحركة الإصلاحية إلى ترسيخها في العقول ومحاربة مضاداتها من القيم الفاسدة .عندما أدركوا أن طريق نهضتهم والتمكين للإسلام ومجتمعهم لا بد أن يمر من خلالها. - 5مارية أسباب التخلف: تيقنت الحركة الإصلاحية أن لا قيام لنهضة اجتماعية شاملة قوية دون العمل الدؤوب على تحقيق هدف صعب المنال وهو محاربة جذور التخلف في المجتمع وعندما بجثوا في تشخيصها وجدوها متمثلة أساسا في الفاقة والتفرق والجهل والتحجر. عرفوا أن القضاء على هذه ا لأسباب لا يمكن أن يتأتى حملة واحدة بين عشية وضحاها ،وإنما هو عمل متواصل وجهود متراكمة ومسيرة شاملة حتى يحصل التغير التدريجي نحو الأحسن شيئا فشيئا. سخرت الحركة الإصلاحية كل جهودها من خطاب مسجدي وتوعية وتعليم وتربية لدفع مسيرة المجتمع إلى الآمام لتجاوز واقعه الذي اتصف بهذه المعوقاتث وتحكمت فيه هذه الأخطبوط ،وتعثر بسبب هذه المثبطات\ التي يصفها الشيخ أبو اليقظان بقوله « :إذا نظرنا من جهة أخرى إلى حالتهم العمومية وجدناهم في غفلة وجهالة ،في جمود وخمولك في خنوع وتواكل ،في هلع وجبن" في ذل وصغار وامتهان ،وفي فقر وبؤس۔ في تعاسة وشقاءه"". حاربوا التواكل والفاقة بتوجيه الناس إلى الأعمال؛ من حرف وتجارة وفلاحةة وحاريوا البطالة والفراغ ،ودفعوا الناس إلى التخاون والتكافل في أعمالهم ووظائفهم .وربوهم على الاقتصاد في العيش والادخار للمستقبل. ) (1آبو اليقظان :مقال بعنوان :الإسلام يحتضر والمسلمون يهزلون ،منشور ضمن كتاب :أبو اليقظان :غختارات ابي اليقظان‘ ص.71من صحف الفصل الرابع:عوامل قيام الإصلاح وأهدافه وركائزه الفكرية310 ا بقول المؤرخ حمد علي دبوز :ه كان الشيخ بيوض يقوم بجولات في مدن ميزاب ومدن الشمال يدعو فيها إلى النهضة في التجارة والفلاحة .ومقارعة اليهود والمعمرين الأوربيين فيها بأساليبهم العصرية النافعة". ويقول الشيخ عبد الرحمن بكلي واصفا الفرد المصلح« :أن لا يبقى بطالا لا يعمل أدبيا ولا ماديا .عاملا بقول الشاعر: تمر بلا نفع وتحسب من عمريأليس من الخسران أن ليالينا لكن الواجب عليه أن يكون عاملا وداعية إلى العلم بمقاله وفعالهه“. كما حاربوا الفتن التي كانت متفشية في وادي ميزاب بسبب العصبيات والعشائريات والجهويات والمذهبيات بالسعي في الإصلاح بين الناس وبين العشائر وبين الطوائف المتخاصمة المتناحرة ،والعمل على توحيد الأمة والقضاء على الأسباب المؤدية إلى الفتن عن طريق التزاوج والتزاور والتشارك والتجاور في التجارات والأعمال والعيش. كما حاربوا الجهل والجمود بتعليم الناس وتوعيتهم عن طريق منابر المساجد وعن طريق لقاءات العشائر والعائلات ،عن طريق تربية وتعليم الأجيال الصاعدة من خلال فتح المدارس العربية والمحاضر القرآنية لتنشئة جيل طاهر من كل هذه الأدران وبراثن الضلال والتخلف التي سادت من قبل. -6تجنيد المجتمع للمشاركة في النهضة الصالاحية: تفطنت قيادات الحركة الإصلاحية إلى نقطة جوهرية في إنجاح نهضتها الشاملة التي تصبو إليها تتمثل في إلقاء هذه النهضة إلى الشعب ليحتضنها ،ويصبح طرفا فيها وجزءا منها ،فادركت أن العملية الإصلاحية لا بد لها من جهود كافة أبنائها المؤمنين بها حقا لتجسيدها واقعا ،وأنها ليسنت عملا تخبويا أو انشغالا طبقيا خاصا ص . [ 37دبوز :أعلام الإصلاح .ج.3)(1 ص.62بكلي :مسيرة الإصلاح.()2 113لبحث الثاني :اهداف الإصلاح بفئة قليلة دون بقية امجتمع ،كما أنه ليس عملا مناسباتيا ييتدئ وينتهي مع تلك المناسبة .كما أنه ليس شعارات جوفاء ترفع وينادى بها .دون أن يكون لها بعدها العملي الميداني الإصلاحيء كما أنها ليست أفكارا نظرية فلسفية محضرة خالية من الروح ،تولدت بترف فكري أو مناقشة عقيمة ،دون أن تربط بالواقع الحياتي المعيشي اليومي. يقول الأستاذ نور الدين سكحال« :يرى الشيخ بيوض أنه لا يمكن للحركة الإصلاحية أن تنجح في عملها التربوي إلا إذا استطاعت أن تعبئ المجتمع بجميع مؤسساته ودوائره ليعينها على النجاح في هذا العمل وإلا حدث التناقض بين توجيهات المؤسسة التعليمية وبين ممارسات المجتمع ،وعند ذلك تبوء جهود الحركة بالفشل". يعبر الشيخ بيوض عن علاقة المجتمع بالإصلاح بقوله :‏ ٠صلاح أطفالنا وشبابنا من صلاح الأبوين© وصلاح المجتمع كله إن صلاح المجتمع هو القاعدة الأولى لصرح التربية والتعليم الذي نبنيه في مدارسنا ومعاهدنا ،إنه مع فساد المجتمع الذي تعيش فيه ناشئتنا لا توجد المدرسة الناجحة في التربية بالخصوص فما نبنيه في الصباح يهدمه البيت الفاسد في المساء“. كما تأكدوا أن تحقيق هذا الهدف يتأتى بإعطاء القدوة في كل شىء وأن يكونوا يمة الدين والحياة في الاستقامة والعلم والعمل والجد ،وان يكونوا أكثر المؤمنين بهذه النهضة ،وأول وأكثر المضحين في سبيلها ،واول واكثر الباذلين من اجلها .بأموالهم واوقاتهم وجهودهم. إن هذه النظرة التي اتضحت لدى قادة الإصلاح واصبحت قناعة راسخة لديهم مكنتهم من نقل شعلة التغيير والإصلاح وحماسته إلى عموم الناس في محتلف شرائحه وطبقاته. ( )1سكحال :الشيخ بيوض ومنهجه ف الإصلاح .ص .131 دبوز :أعلام الإصلاح .ج .4ص.741-[ 64)(2 الفصل الرابع :عوامل قيام الإصلاح وأهدافه وركائزه الفكرية312 فاصبح المجتمع في حد ذاته هو الإصلاح وهو المحتضن له وهو منجز العملية الإصلاحية وهو الراعي لهما والمدافع عنها والرافض للتنازل عن أفكارها أر العودة إلى الوراء في تجسيد مشاريعها ،فتحول الأقطاب إلى قادة موجهين مسيرين وكافة المجتمع إلى جنود عاملين منفذين حارسين لصرح النهضة الإصلاحية(". في نصرة هذا الهدف يكمن سر نجاح الحركة الإصلاحية وتمكينها في وادي ميزاب ،ودفع مسيرتها بخطى ثابتة إلى الأمام بعد ما بقيت تراوح مكانها لفترة طويلة من الزمن ،ولعل هذا الهدف هو الذي لم تستطع بلوغه المراحل الإصلاحية السابقة وعجزت عن تحقيقه بحكم الظروف المحيطة بها ،رغم جهودها المضنية في ذلك. -7العناية بتكوين شخصية الفرد: فهمت الحركة الإصلاحية أن عملية الإصلاح تقوم في أساسها على صلاح الفرد في عقيدته وفكره ،وفي سلوكه وأخلاقه ،وفي علاقاته واعماله ،فاولت له عناية خاصة في تكوين شخصيته من كل جوانبها حتى يكون صالحا وقادرا على تحمل الفكرة الإصلاحية والدفاع عنها وتجسيدها ،ثم تبليغها للأجيال. كما لا ينبغي أن يبقى العمل على المستوى النظري الشمولي الجماهيري فقط، بل لا بد أن تمس شخصية كل فرد في عمقها وتراقب وتربى وتقوم من ناحية السلوك والأخلاق وتنور وتثبت وتقوى من ناحية العقيدة والفكر والتاريخ. فكان لا بد من العمل الجاد على تحقيق هذا الهدف بتوجيه الخطاب المسجدي والسياسة التربوية التعليمية نحو العناية بتربية الفرد وتقويم سلوكه ومراقبة أخلاقه وإيقاظ ضميره ودفعه إلى ميدان العلم والعمل وتصحيح أفكاره وتصويب تصوراته حول الدين والحياة .وإخراجه من دائرة الانحراف والجهل والجمود والسفاهة ،إلى دائرة العلم والتنوير والاستقامة والجد والعمل والكياسة؛ حتى تجعل ( )1المرجع نفسه :ج ،4ص.541-351 313البحث الثاني :أهداف الإصلاح جديدة تتسم بالأصالة والمعاصرةدوره ة حضاريةمنه فردا قادرا على الدخول ف وبالتفاعل الإيجابي مع قضايا الحياة ف كافة أبعادها. يحدد الشيخ عبد الرحمن بكلي خصائص الفرد المصلح بقوله [ :عزيزز النفس بعيد الهمة يعمل الخير والصلاح بدافع الغيرة على الفضيلة والشفقة على خلق الله متدينا مستقيم السمت لأن المتهتك يسيء إلى نفسه ،ويكفر نعمة ربه& ومن كان كذلك لا يرجى خيره ،ولا يؤمن شره .إلا أن يتوب". 8تكوين التيبادات والكفاءات: أدركت الحركة الإصلاحية دوز النخبة والكوادر في إحداث النهضة والحركية الاجتماعية والتحكم في تسييرها وتوسيع رقعتها وتسريع حركيتها ،كما علمت أن من اسباب تاخر قيام النهضة في وادي ميزاب وتعطلها ضعف طبقة النخبة وقلة الكفاءات والقيادات الحادة فيه. فجعلت من استراتيجيتها تكوين الكفاءات العلمية والخلقية ،الق تساعدها على قيادة هذه النهضة ورفع أعبائهاچ وتضمن لها الاستمرارية والتجدد في المستقبل. وكان مفهوم الكفاءة والنخبة لدى الحركة الإصلاحية يتمشل في ذلك الفرد الملتزم بواجباته الدينية المتخلق بالسلوك الإسلامي المتشبث بأصالته الجزائرية الميزابية الإباضية ،والمتمكن من العلوم والمعارف الشرعية والعربية والعصرية. المقتدر على تحمل المهام والمسؤوليات التربوية والاجتماعية.1 يقول الشيخ بيوض مخاطبا ثلة من أبنائه الشباب المثقف الذي يعدهم لتحمل المسؤوليات المختلفة« :فهل أدركت الآن ما بنا من حاجة شديدة إلى قادة أكفاء ذوي عقول راجحة{ وأفكار واقعيةلا خيالية ،لهم بصر بالعواقبڵ ونفاذ إلى أسرار ( )1بكلي :مسيرة الإصلاح ،ص.62 ) (2بوحجام :الشيخ بيوض المصلح المربي ،ص .72سكحال :الشيخ بيوض ومنهجه ف الاصلاح .ص-76۔ ‏. 1 -49 ١ ص74َ. .86دبوز :أعلام الإصلاح .ج.4 الفصل الرابع:عوامل قيام ‏ ١لإصلاح وأهدافه وركائزه الفكرية314 الحوادث ،ينقدون الأمة فيمحنتهاؤ ويهدونها السبيل ،ويوجهونها الوجهة الصالحة. فإنها اليوم في مفترق الطرقه"". تحمل هذه المهمة الصعبة والاستراتيجية أقطاب الحركة أنفسهم من خلال ملازمتهم للمعاهد والمدارس التي أنشاوها ،فرعوا الشباب وتعهدوا بتكوينهم الشرعي والعلمي والخلقي والفكري وعملوا على إنضاج عقولهم وتفتيق قدراتهم" وتدريبهم ميدانيا على تحمل المسؤوليات الصغيرة اجتماعيا وتربوياء وأنموا فيهم روح الإبداع والمبادرة والحيوية والقيادة .وعملوا على إرسالهم في بعثات علمية إلى الخارج للحصول على المزيد من العلم والتجربة والتفتح والتنورث كما عملوا على دفعهم لتقلد المسؤوليات الاجتماعية والدينية المختلفة في مجال التعليم والوعظ والإرشاد والدعوةء وفي مجال تسيير الجماعات والهيئات والعشائر ،وفي مجال الأعمال من تبارة وصناعة وحرف. مع مراقبتهم وإسداء النصح والتوجيه لهم وتثمين جهودهم ومباركة نحباحاتهم ووضع الثقة فيهم. استطاعوا بهذه النظرة الثاقبة وهذا التكوين الرصين أن ينجحوا في تخريج كوادر وإطارات كفاة قوية أمينة .تشربت الفكر الإصلاحي وفلسفته .وتلقته من مشايخهم وحملته بامانة .وعملت على توطينه في النفوس وإيصال إلى الآفاق فذهبت به بعيدا في سبيل تحقيق المشروع الإصلاحي الشامل. يقول الشيخ حمو فخار احد الكوادر الأولى المتخرجة من مدرسة الإصلاح عن علاقته بأستاذه الشيخ بيوض ودوره في تكوين شخصيته« :لعل أصدق وصف يمتاز به المحتفل به الشيخ بيوض أنه صانع الرجال ومربي الأجيال ...فما تخطيت عتبة التلمذة منذ عرفته ،ولم أذكر أني استغنيت يوما عن الاغتراف من معارفه وسجاياه رغم طول عشرتي له ،وكثرة اتصالي به في الحضر والسفر وفي دبوز :الرجع نفسه ج .3ص.402-502)(1 513البحث الثاني :أهداف الإصلاح حال الرضا والغضب والحزن والطربڵ فانا دوما أتعلم وهو أبدا يعلم وهو الصائغ وأنا المصوغه"". ويقول الدكتور محمد ناصر بوحجام عن الدور التربوي لأستاذه الشيخ بيوض في إعداد الكفاءات« :كان رحمه النه يوصينا بالثبات على المبادئ مهما تكن الظروف© والاعتزاز بالشخصية مهما تكن الأحوال والاعتداد باللغة العربية وتمثل الإسلام في كل سلوكنا وأعمالنا .كما كان يوصينا بالصبر في عبادة الله والصبر في الشدائد والمصائبؤ والصبر على الأعداء والجهلة“. ا=الإسهام في النبضة الجزائرية والإسلامية الشاملة: كانت الحركة الإصلاحية تعتقد وهي تسعى للقيام بإصلاح شامل لوادي ميزاب نحو الأخير والأفلح بانها تقوم بوضع لبنبة في الإصلاح الجزائري. وبوضع لبنة في الإصلاح الإسلامي وأنه تقوم بدفع مسيرة النهضة الإسلامية المعاصرة إلى الأمام. هذا ما نستخلصه من تلك العلاقات الوطيدة وذلك التنسيق المتواصل الذي جمع بين أعلام الحركة الإصلاحية الجزائرية شمالا وجنوبا شرقا وغرباء حيث كانت الفكرة الإصلاحية هما مشتركا ،وانشغالا جامعا ،وكانت الأهداف المنشودة موحدةس كما كانت الجزائر تواكب قلب النهضة الإصلاحية في مصرا وترى أنها جزء منها وطرف فيها؛ تنشغل بانشغالاتها وتهتم باهتماماتهاچ وكانت تستمد الروح والفكرة والمنهج من خطواتها. وكانيقول الدكتور محمد ناصر عن علاقات الشيخ بيوض برجال الإصلاح: قد أحكم الصلات بينه وبين العلماء المصلحين الآخرين في محيط القطر الجزائري ) (1حمو فخار :كان حديثا حسنا ،مناقب القائد المربي الشيخ بيوض إبراهيم 6تق :د .محمد ناصرا نشر جمعية التراث٥‏ القرارة ،غرداية .الجزائر0241 .ه0002 /م 5ص.46 المصلح المربي ،ص.72بوحجام :الشيخ بيوض)(2 الفضل الرابع:عوامل قيام الإصلاح وأهدافه وركائزه الفكرية316 من أمثال الشيخ عبد الحميد بن باديس والشيخ البشير الإبراهيمي والطيب العقي وغيرهم ...وكانت خطته في هذا السبيل واضحة وهي التعاون الجاد لإحياء اللغة العربية لغة القرآن" وتربية الناشئة الجزائرية تربية إسلامية صحيحة والوقوف صفا واحدا أمام مخططات الاستعمار الفرنسي الرامية إلى تفريق الشعب الجزائري على أساس المذهبية أو الطائفية أو الجهوية". اقتنعت الحركة الإصلاحية في وادي ميزاب أن جهودها تصب في النهضة الإسلامية الشاملة .كما اقتنعت أن نجاحها في إقامة المجتمع الإسلامي الأصيل والمعاصر في هذه البقعة النائية من الجزائر هو بناء لبنة في صرح العالم الإسلامي. ورسم صورة للاقتفاء والاقتداءء ووضع ثقة في نفوس المسلمين بكونهم قادرين على تحدي الأوضاع المحيطة بهمإ وإقامة المجتمع الإسلامي المنشود على أسس العلم والخلق والوعي. هذه هي الأهداف التى خططت لها قيادة الحركة الإصلاحية لبلوغها وتحقيقها في الميدان عن طريق الأطر والآليات والمشاريع الي اختارتها لتجسيد العملية الإصلاحية. ففيم تتمثل الركائز الفكرية التي اعتمدت عليها لتحقيق هذه الأهداف؟ ناصر :الشيخ بيوض مصلحا وزعيماك ص. [ 9)(1 713البحث الثالث :الركائز الفكرية للإصلاح الميحث التالث: الركائز الفكرية للإصلاح إن مشيئة انثه تعالى اقتضت أن تفطر هذا اللإنسان على العيش مع بنى جلدته كما أنه ليس بوسعه أن يترك آثارا تذكر ،أو أعمالا تشكر بعيدا عنهم أو بمنأى منهم؛ هذا ما عبر عنه عالم الاجتماع ابن خلدونة"" بقوله« :الإنسان اجتماعي بطبعها كما عبر عنه المفكر الجزائري مالك بن نى بأن الإنسان في حاجة إلى أن يؤسس شبكة من العلاقات الاجتماعية ينسجها مع بني جلدته ،ويتفاعل معهم إيجابا وسلبا ،بذلك يستطيع أن ينشئ مجتمعا وحضارة ويكون أعرافا وقيما ،ويرسم أهدافا يعيش لتحقيقها ويعمل على تجسيدها“. لا شك أن وراء قيام الحضارات الإنسانية وحياة الأمم أفكارا ومعتقدات وأسسا فكرية .تتحول إلى مشاريع وأعمال بتفاعلها مع الحياة. نحاول في هذا المبحث أن نكشف عن الركائز الفكرية التى قامت عليها النهضة الإصلاحية المعاصرة عند باضية الجزائر في وادي ميزاب` ` . من خلال تأملنا في مسيرة الحركة الإصلاحية ،والوقوف على فكرها وتحليل خطابها الدعوي ،نستطيع أن نخلص أنها اعتمدت للإحنداث نهضتها أربع ركائز فكرية متمثلة فيما يلي: -ركيزة التربية. ( )1عبد الرحمن بن محمد ابن خلدون 808 - 237( :ه =6041 - 2331م) فيلسوف ومؤرخ وعالم اجتماع ورحالة .أصله من إشبيلية .ومولده ومنشؤه بتونس .رحل إلى فاس وغرناطة وتلمسان والأندلس والقاهرة .اشتهر بكتابه :العبر وديوان المبتدأ والخبر ني تاريخ العرب والعجم والبربر ،في سبع مجلداته أولها المقدمة ومي تعد من أصول علم الاجتماع .الزركلي :الأعلام .ج .3ص.033 ( )2مالك بن نبي :ميلاد مجتمع .ط .3دار الفكر الجزائر 6891 .م .ص.02-92 وأهدافه وركائزه الفكرية الفصل الرابع:عوامل قيام ‏ ١لإصلاح318 -ركيزة التعليم. -ركيزة الوعظ. -ركيزة التوعية. فما مفهوم كل منها ،وما دورها في إحداث النهضة ،وكيف تم تجسيدها في مجتمع ؟ ركيزة التربيه :1 تعنى ركيزة التربية في فلسفة المدرسة الإصلاحية ذلك الجهد الذي يبذله العلماء والذعاة والملصلحون في سبيل ضبط سلوك الأفراد وفق الشريعة الإسلامية في عقيدتها واخلاقها ونظمها وأحكامها ،ثم توجيه هذا السلوك لخدمة الصالح العام 9والتفاعل الإيجابي مع قضايا المجتمع بجمل همومه وانشغالاته والإسهام في خدمته وإصلاحه". يقول الدكتور محمد ناصر عن فكر الشيخ ابي اليقظان التربوي الذي جسده في نظام البعثة التونسية للطلبة التي كان يشرف عليها« :كان الشيخ أبو اليقظان يؤمن أن التربية الإسلامية العظيمة هي التربية الكاملة الرشيدة التى تعنى بكل نواحي الإنسانش مراعية فيه جوانب النمو عنده ،عقله وجسمه وروحا حياته المادية والمعنوية .وكان المنهج الذي سار على هديه في هذا المجال يعتمد النظرية والتطبيق معاء فإلى جانب ما كان يغرس في نفوس التلاميذ من ترسيخ العقيدة الإسلامية. والتمسك بتعاليم الإسلام سلوكا وعبادات كان برنامجهم يحتوي على وسائل عملية لذلك مثل :الصلاة جماعة مذاكرة القرآن أفرادا وجماعات والاعتماد على النفس في القيام بشؤون البيت طبخا وتنظيفا وغير ذلك»“. ( )1زغينة :الشيخ ابو اليقظان ونثر ص .751-061دبوز :نهضة الجزائر 6ج .3ص.911-771 معهدمحمد ناصر :مقال بعنوان :القيم الاسلامية ف نظام التعليم بوادي ميزاب©٥‏ محللةة الحياة .الصادرة عن()2 الحياة بالقرارة-الجزائر 6ع .8991 ،1ص.47-57 913البحث الثالث :الركائز الفكرية للإصلاح ويقول الشيخ محمد سعيد كعباش عن فكر الشيخ بيوض التربوي" :فهو لا يرى لنجاح المنظومة التربوية إلا أن تعتمد على التربية الدينية المنبنية على أخلاق القرآن هديا وسلوكا ،والمرتكزة على القدوة الصالحة في شخصية المربي والمعلمهه"". ينبغي أن تشمل هذه التربية كل شرائح المجتمع رجالا ونساءء صغارا وكبارا. نخبة وعامة. فقه أعلام الإصلاح أن الإنسان ما دام حيا يرزق فهو بحاجة إلى تربية وتوجيه .وتقويم للسلوك والأفعال" فهي تبتدئ مع الإنسان منذ الميلاد وتبقى ملازمة له إلى الوفاة .وهي تسعى للعناية بالفرد وإقامة سلوكه على نهج النه تعالى .بالاقتفاء بنهج لمصطفى عليه الصلاة والسلام .وعملا بقول الله تعالى :هلق كان لَكَمْ في رَسُول الله سلوة حَسنّة لمن كان يرجو اللة والَْوة الأخره( .وقوله تعالى أيضا :لفل اان:1تحبون اللة فائبعُوني يُحينكُمُ الله وغفر! لكم ذئونكمه(_ . كما تعمل هذه التربية على تقويم سلوك الفرد في مجالات حياته المختلفة ،بداية بجياته الخاصة إلى حياته الأسرية ،إلى حياته الاجتماعية والمهنية. يقول الدكتور محمد ناصر عن منهج التربية بالقدوة الذي تعول عليه المدارس الحرة في وادي ميزاب« :القائمون على التعليم.. .يختارون بعناية فائقة أساسها السلوك الحسن والتمسك القوي بالدين الإسلامي عقيدة وقولا وعملا وبذلك تضع المؤسسة أمام التلاميذ النموذج الذي ينبغي الاحتذاء حذوه والمشل الذي يقتدى به ،ومن المعلوم أن من قواعد التربية الإسلامية ما يطلق عليه التربية بالقدوةء كما علمنا القرآن الكريم ‏.4٨ ) (1بيوض :حديث الشيخ الإمام؛ حل8 ،1ص.3 ( )2سورة الأحزاب/الآية.12 : ( )3سورة آل عمران/الآية.3 1 : ) (4ناصر :مقال بعنوان :القيم الإسلامية في نظام التعليم بوادي ميزاب ،مجلة الحياة ع .8991 {1ص.58 الفصل الرابع :عوامل قيام الإصلاح وأهدافه وركائزه الفكرية320 أما عن تجسيد هذه الفلسفة التربوية فيجب أن تتعاون عليها عدة مؤسسات اجتماعية[ لابد أن تحمل الهم نفسه ،ولا بد أن يكمل بعضها دور بعض ولا بد أن يتوحد الهدف ويتضح عندها. تتمثل هذه المؤسسات في الأسرة والمسجد والمدرسة. تنطلق التربية من الأسرة بواسطة الوالدين اللذين يعملان ما بوسعهما لينشغا أبناءهما على السلوك القويم والاستقامة ،ويتعاون معهما أفراد العائلة الواسعة من الجدود والأعمام والأخوال والإخوة والأخوات ،خاصة في حال غياب أحد الوالدين بموت أو سفر. فكثيرا ما شهدت الأسرة في وادي ميزاب غياب الوالد بسبب الاغتراب : للعمل لمدة طويلة تقدر بعدة شهور متتاليةأ" 8فنجد المجتمع يرص على تعويض دوره بدور أحد أفراد العائلة من الأعمام أو الأخوال ،فينشا الأبناء وقد نالوا قسطهم من التربية والمراقبة والتوجيه من هذا الولي. تاتي بعد ذلك المؤسسة الاجتماعية الثانية المكملة للدور التربوي للأسرة المتمثلة في المدرسة القرآنية العربية ،التى سعى أعلام الحركة الإصلاحية لفتح فروع لها في كل أرجاء وادي ميزاب ،وعملوا على التحاق كل أبنائهم بها .حتى تنال الأجيال نصيبها مانلتكوين والتربية والتعليم العربي الإسلامي. عمدة هذه المدارس معلمون حازمون صارمون في مجال التربية وتقويم الأخلاق واستقامة السلوك ،لا يتساهلون مع ذلك وتضع الأسرة والمجتمع كل ثقتهم في المعلم" وتعتبر ابنها بين يديه أمانة ليقوم بدور المربي الناصح الآمين .فتجد هذا المعلم يتعامل مع تلاميذه معاملة الأب مع أبنائه في المراقبة المستمرة لأخلاقهم وتصرفاتهم .كما تجده في اتصال وثيق مستمر مع أسز تلاميذه وأوليائهم. يقول الدكتور محمد ناصر بوحجام عن دور المعلم في التربية« :إن شخصية فهي تؤثر تاثيرا قويا فيالمعلم تقوم بدور أساسي في عملية التوصيل والتعليم، ( )) 1طلاي :ميزاب بلد كفاح .ص.26 123البحث الثالث :الركائز الفكرية للإصلاح نفسية المتعلم إيجابا وسلبا .ونعني بالشخصية هذه المميزات التي يتمتع بها المدرس فايلناحية الخلقية والتكوينالعلمي والكفاية التربوية" فنجاح-يتحقق له بقدر ما يتوفر له من هذه الجوانب الثلاثة"". تأتي بعد ذلك المؤسسة الاجتماعية الثالثة المتمثلة في المسجدك التي يتمثل دورها التزبوي في ذلك الخطاب الدعوي المتواصل على مدار أيام السنة حول مواضيع التربية والتوجيه والاستقامة .وعرض سيرة النبي عليه الصلاة والسلام" وسيرة صحابته الكرام ،وسيرة الصالحين ،وإسقاطها على الواقع ،ودعوة الناس للاقتداء والاقتفاءث وتحمل مسؤولياتهم التربوية. ما فتع المسجد في وادي ميزاب يصدح بدروس الأخلاق ويدعو إلى الالتزام بقيم الإسلام 6ويحارب مظاهر الانحراف ،ويشنع على الفساد ويلاحٹ المفسدين. ويجبب للناس الفضائل والمكارمغ. دفع هذا الخطاب الدعوي المتواصل إلى أن يخرج من جنبات المساجد وينتقل إلى الشارع ويخرج من قناعات المشايخ ليصل إلى قناعات الناس فيتولد فيالمجتمع عموما ما يعرف بالرقيب الاجتماعي. فتى كل فرد يشعر بمسؤولية الحفاظ على طهر المجتمع واستقامة أفراده. وسلامته من المفاسد والانحرافات الخلقية" ويشعر في مقابل ذلك براقبة ة المجتمع لتصرفاته وسلوكاته .وباستطاعة المجتمع مساءلته ومحاسبته في أي لحظة ومن أي كان .وبالإمكان معاقبته اجتماعيا إذا استلزم الآمر ذلك. هكذا أصبح الأفراد منصاعين ملتزمين بالأخلاق العامة ،مرتدعين من المجاهرة بالمعاصي وبالأفعال المخالفة للأعراف والآداب والأصول التربوية .كما ( )1حمد ناصر بوحجام :مقال بعنوان :المعلم الكفء يحل كثيرا من مشاكل لتعليم .مجلة الحياة ،الصادرة عن معهد الحياة بالقرارة-الجزائر ع .8991 .1ص.388 ( )2إبراهيم بيوض :المجتمع المسجدي ،جمع وإعداد :محمد ناصر بوحجام" دت ،ص .72-28محمد ناصر: حلقة العزابة .ص.71-32 23 الفصل الرابع :عوامل قيام الإصلاح وأهدافه وركائزه:الفكرية322 أن هذا الخطاب الدعوي الصارم ولد لدى الأفراد الرقيب الداخلي ،والضمير الحى الذي يناى على الإنسان أن يقترف ما يغضب اله تعالى أو يخالف أصول |المجتمع وأعرافه. إذن وفق هذا المنهج تجسدت الفلسفة التربوية لدى الحركة الإصلاحية ،حيث تضافرت مؤسسة الأسرة والمدرسة والمسجد والشارع .مشكلة فيما بينها شبكة وطيدة مترابطة من العلاقات الاجتماعية .للقيام بالدور التربوي وتحقيق هدفه المتمثل في استقامة الفرد على الأخلاق والقيم الإسلامية ،وإخضاعه للنهضة الإصلاحية وتعاونه معها لبناء المجتمع ونهضته. -2ركيزة التعليم: تعني ركيزة التعليم في فلسفة المدرسة الإصلاحية تثقيف المجتمع وإشاعة العلم والمعرفة في شرائحه بما يمكن أفراده من إدراك واجباتهم الشرعية ،ومسؤولياتهم الدنيويةء حتى يسهموا في بناء المجتمع القوي الصالح بدينه وعلمه وعمله". يقول الشيخ عدون شريفي عن الغاية من التعليم...« :تكوين الملكات العلمية في تلف الفنون وتثقيف العقل ،وتنوير الذهن وتربية النفس تربية صحيحة وإعدادها لتحمل قسط من عبء الإصلاح الديني والملي والوطني فإن الدين والملة والوطن تطلب منا رجالا أكفاء للعزابة والقضاء والعدالة والوكالة والنيابة والإفتاء والتدريس والكتابة والخطابة والشعر ونحو ذلك من الأعمال الجليلة والمشاريع العظيمة والإصلاحات العامة. لقد كانت رسالة النهضة الإصلاحية منذ الوهلة الأولى في مهدها وخلال مسيرتها مع كل مشايخها السابقين رسالة تربوية تعليمية بالدرجة الأولى" رغم كل شريفي :معهد الحياة ص . 25-78بوحجام :الشيخ بيوض الصلح اللزربي ،ص.1363دبوز :نهضة((1 الجزائر .3 .ص .911-771ناصر :حلقة العزابةه ص.13-63 شريفي :المرجع نقسها ©6ص.75-85)(2 323البحث الثالث :الركائز الفكرية للإصلاح الروف التي أحاطت بالفكرة الإصلاحية ،وكل تقلبات العصور التى مرت بها في وادي ميزاب؛ من فتن وفاقة وجدب واستعمار وانعزال. رغم كل ذلك فإن التعليم في أبسط صور لم يشهد انقطاعا أو توقفا مطلقا ،ولم يدخر المشايخ والعلماء جهدا ولا وقتا في الحفاظ على قبس العلم ونوره والعمل على إشاعته بين الناس ولقد بقي العلم في وادي ميزاب شيئا مقدسا محترما عزيزا. ينظر إليه بكثير من التقدير والوقارؤ رغم ما أصاب أهله بين الحين والآخر من تهميش أو تضييق أو إبعاد. تلقى رجال الإصلاح أمانة التعليم في وادي ميزاب من مشايخنهم ووجدوها تركة ثقيلة صعبة فرغم كل الجهود المبذولة فلا يزال شطر كبير من المجتمع أميا۔ ولا تزال المرأة امية في الغالب ومحرومة من حقها في التعليم .ولا يزال حال التعليم تقليديا متعلقا أساسا بعلوم الدين من عقيدة وفقه وتفسير ،وعلوم اللغة من نحو وصرف وبلاغة في أحسن الآأحوال ،خاليا من أي تطوير أو تجديد أو مواكبة للعصر ي مناهجه وفي علومه الحياتية. حمل رجا لا لإصلاح لواء ا لتعليم من جديد وافرغوا جهودهم وأموالهم وأوقاتهم في سبيل تطويره وتوسيع رقعته ورفع شأنه لدى الناس وكان هدفهم يتمثل في الوصول إلى محو الأمية نهائيا من المجتمع ،وفي تلقي كل أفراد المجتمع نصيبهم من العلوم الشرعية بما يسمح لهم بمعرفة ما لا يعج جهله من الدين؛ من الفرائض والواجبات والحقوق وحدود الثه تعالى والأوامر والنواهي .ومحاربة الجهل في الدين نهائيا. أما النصيب الثاني فيتمثل في إشاعة الثقافة ونشر لمعرفة المتعلقة بعلوم الحياة المختلفة ،التي تمكن الأفراد من الأعمال والمسؤوليات والوظائف والحرف على ضوء ماتوصلت إليه العلوم العصرية". ( )1زكية منزل غرابة :الفكر الاصلاحي عند الشيخ أبي اليقظان .رسالة ماجستير ،قسم التاريخ ،جامعة الفصل الرابع :عوامل قيام الاصلاح وأهدافه وركائزه الفكرية324 لقد كان هذا الجانب الثاني منقطعا في وادي ميزاب بصورة شبه كلية لأسباب اجتماعية وفكرية عديدة .فنشطت الحركة الإصلاحية في توفيره للناس وللأجيال الصاعدة خصوصا .لأنها أدركت أن مسايرة العصر وعيش قضاياه وتحمل مسؤولياته لا يتأتى إلا بتزويد الأجيال بهذه المعارف الضرورية ،كما أدركت أن التمكين لنهضة الأمة لا بد له من الجمع بين العلوم الشرعية والعلوم الدنيوية. يقول الشيخ أبو إسحاق مبينا ضرورة عناية الأمة بعلوم العصر والحياة ومغبة التقاعس في ذلك :ه لا أخال مسلما على وجه البسيطة يستخف بفن من الفنون سواء أكان من الفنون الدينية أم الحيوية ...هلكت الأمة الإسلامية بترك سنة النه في الكون وإهمال البحث عن واجب الحياة وموجب الفلاح". كما شكلت هذه الفلسفة التعليمية وهذه النظرة إلى دور علوم العصر في النهضة والعمل على تزويد الأمة بها منعطفا جديدا في وادي ميزاب وخاصية مميزة للحركة الإصلاحية عن الفكر السائد من قبل ،الذي كان يرى خلاف ذلك© بنظرته إلى هذه العلوم بعين الازدراء ،وتحاملهم على من يتعلمها ،وإنكارهم على من يدعو إلى إدخالها في المدارس أو المعاهد ،بكونها من علوم الكفار والمشركين التي تهدد الدين والمذهب والسير ،وشخصية المسل. كلاميهذا ما جعل من قادة ا لإصلاح يدخلون ف صراع فكري وسجال هذها لعلوم وأهميتها للمجتمع.جدوىوتراشق صحفي مع قادة هذا ا لتيار حول وحكمها الشرعي" وائرها الإيجابي أو السلبي على ا لأفراد في عقيدتهم وسلوكهم. قسنطينة .ص 36-42ا. ( )1اطفيش :الدعاية إل سبيل المؤمنين" صر.63-73 ( )2للاطلاع على فصول من هذا الكلام وألوان من هذه الأحكام يراجع كتاب :عمر لعلي :البراهين القاصفة لمتبعي الفلاسفة .المؤلف نفسه :إماطة اللثام عن بعض اللثام. 523البحث الثالث :الركائز الفكرية للإصلاح يقول الشيخ أبو اليقظان مخاطبا أحد رموز هذا التبار مبينا أهمية هذه العلوم وخطر افتقادها على الأمة « :بتلك العلوم الدنيوية استولت أوربا عليك وعلى بلادك استيلاء سياسيا واقتصاديا واجتماعيا .وصيرتك عبدا ماسورا مسلوب الحرية ،هذه الحرية التى هى أنفس شىء خلقه ائنه لك ،وقيدت أرجلك عن السير، ويديك عن العمل ولسانك عن النطق" .بل دخلت في دماغك فحجرت عليك التفكيرؤ وفي قلبك فنزعت منه الصدق والإخلاص والغيرة ،وفي نفسك فازاحت منها العزة والنخوة حتى صيرتك ...كأنك تتكلم عن لسانها وتعرب عن رغائبها ضد نفسك وأمتك ودينك ووطنك وأنت مع هذا تحسب أنك تحسن صنعاء". كان عمدة الحركة الإصلاحية لتجسيد هذه الفلسفة التعليمية هو تاسيس وفتح الدارس والمحاضر والمعاهد والنوادي وحلقات العلم 6لتكوين أجيال المجتمع والتدرج معها في مراتب التحصيل العلمي ،وتوسيع معارفها بإرسال بعثات علمية إلى البلدان الإسلامية المجاورة ،وبرعاية الكفاءات العلمية بعد إكمال تكوينها بفتح فرص التعليم والدعوة والخطابة أمامها“. كما تجسدت هذه الفلسفة بتحويل منبر المسجد إلى أداة لنشر العلم وتثقيف شرائح المجتمع ممن فاتته فرصة التعليم أو لم تسمح ظروفه للجلوس في مقاعد الدراسة بتناول منبر المسجد تلف المواضيع والقضايا وهموم الناس ،وشرح أمهات الكتب في محتلف فنون العلم الشرعي من حديث وفقه وتفسير .وكذا بفتح حلقات العلم في المسجد لكل من يريد أن يتزود أو يستفيد من عموم الناس في أطراف اليوم بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء. بذلك أصبحت المساجد في وادي ميزاب في عهد الحركة الإصلاحية جامعات شعبية مفتوحة أبوابها للتكوين والتحصيل وإشاعة الثقافة والمعرفة بين الناسر“. ( )1ابو اليقظان :إرشاد الحائرين ص.41-51 ( )2دبوز :نهضة الجزائر ج .3صن.911-771 ( )3سكحال :الشيخ بيوض ومنهجه في الإصلاح .ص.531-831 الفصل الرابع :عوامل قيام الإصلاح وأهدافه وركائزه الفكرية326 وفي جانب تعليم المرأة شهدت الحركة الإصلاحية التفاتة هذا الموضوع ولو كانت محتشمة وبطيئة وتدريجية .حيث فتحت أقساما خاصة هاء لمحو الأمية عنها ثم ' تدرجت في تزويدها بجملة من العلوم الشرعية والعربية التي تمكنها من إدراك مسؤولياتها وإعدادها لتخمل مهامها الفطرية زوجة وأما وربة بيت. إلا أننا نسجل على المدرسة الإصلاحية تاخرها في دفع مسيرة التعليم الأنثوي ب مقارنة جهودها حركيتها وحماسها ني دفع وتطوير التعليم الذكوري" كما نعتبر أن ذلك مما أخفقت فيه المدرسة الإصلاحية لاعتبارات فكرية واجتماعية عديدة} رغم أن الجيل الثاني والثالث منها حاول استدراك ذلك فيما بعد ،وسناتي لعرض هذا الموضوع وتفصيله في مباحث قادمة. هكذا يتضح ويتجلى كيف أن فلسفة المدرسة الإصلاحية رأت في التعليم ركيزة متينة ومحركا قويا لدفع مسيرة الإصلاح خطوات إلى الآمام ،وإحداث النهضة الشاملة. -3ركيزة الوعظ: ركيزة الوعظ في فلسفة المدرسة الإصلاحية لا تختلف عن المعنى الاصطلاحي العام للكلمة ،وإنما تتميز بكيفية تجسيدها ني المجتمع ،فهي تعني عندها التذكير المستمر غير المنقطع للناس بواجباتهم الدينية ،وترغيبهم في فعل الخيرات والاستقامة لنيل الواب والزضوان والجنات ،وتحذيرهم من فعل المنكرات والانحراف عن الصراط .مخافة الهلاك الأخروي والمذاب والنيران وغضب وذكر قن ‏ ١لذكرى تنقعالرحمن .عملا بالآية الكريمة في قول الله تعالى: المومنينهه"" .وتجسيدا لتهج البي محمد يلة الذي ربى صحابته واقامهم على الحق باسلوب الترغيب والترهيب©ؤ والخوف والرجاء. ( )1سورة الذاريات/الآية.55 : 723البحث الثالث :الركائز الفكرية للإصلاح كما يعني الوعظ كذلك التذكير المستمر للأفراد بالعلاقة الوطيدة والربط المحكم بين جانب العقيدة القلبية الإيمانية والقرآن الكريم والسنة النبوية كنصوص تحفظ وتتلى ،وجانب العمل والالتزام بالأخلاق والفرائض والتشريعات والنظم والآداب المستمدة من الشريعة الإسلامية"". يقول الدكتور محمد ناصر عن أثر دروس الوعظ ا لت كان يلقيها ا لشيخ بيوض في النفوس والعقول« :كانت تفعل فيهم فعل السحر إليها يرجع الفضل في توحيد صفوف الأمة وتحسيسها بقيمة دينها الإسلامي ولغتها العربية لغة القرآن الكريم. وإليها يرجع الفضل في القضاء على البدع والخرافات التي ترسبت في أذهان الناس من عهود الانحطاط الفكري والمقاومة لكل مظاهر الانحراف والانحلال الحلقي التي تفشت مع طغيان المدنية الغربية. ويقول الأستاذ محمد علي دبوز...« :دروس المسجد يجب أن تتعرض فتبينوتشرحهاالأخلاق .فتشدد عليها النكرلأمراض المجتمع مسارئع أضرارها للفرد والجماعة .إن الدروس من هذا النوع تصغي إليه العامة خاشعة متائرة ،منتشية بتحليل الشيخ الفلسفي للأخلاق© ،وتشريحه لأمراض المجتمع. وبيان الدواء. جيثيوضع الانسان وفق هذا الخطاب في موضع الفعالية الحضارية الإيجابية تتحرك هممه وجوارحه تحو فعل الخبرا ت والميرا ت وترك المنكرات والمفسدات. إن هذا المفهوم هو الذي يذهب إليه المفكر مالك بن نبي في عرضه إشكالية آن القرآن الكريم والخطاب الدعوي المفهوم منهالنهضة:الفكر الإسلامي فرى ( )1محمد الشيخ بالحاج :مميزات الإباضية نشاة وتاصيلا ،تفريعا وسلوكا ،مطبعة البعمث‘ قسنطينة .الجزائر. 11م .ص .79 -08دبوز :نهضة الجزائر الحديشة .ج {1ص .791-202سكحال :الشيخ بيوض ومنهجه ف الإصلاح .ص531-831 ( )2ناصر :حلقة العزابةه ص.22 ( )3دبوز :المرجع السابق ج 15ص.891 الفصل الرابع :عوامل قيام الإصلاح وأهدافه وركائزه الفكرية328 قد وضع قلب المسلم وعقله بين حدين من أحوال النفس هما الوعد والوعيد. وبينهما يتم تحرك الفعل الإنساني الإيجابي نحو صناعة الحضارة".٧‏ كما يعني الوعظ في تطبيقه العملي بيان العلاقة المباشرة بين أعمال الفرد الخيرية في شتى مجالات الإصلاح والتعمير من فلاحة وحرف وتبارة وصناعة وأشغال؛ وبين المآل الذي ينتظر الإنسان من عرض الصحائف والمجازاة بالثواب والنعيم .وفي مقابل ذلك بيان العلاقة الوطيدة في حال التقصير والتضييع وعدم القيام بالواجبات في المجال الأسري والعائلي والاجتماعي وتضييع الحقوق الإلهية والبشرية بنيل العقاب والعذاب والجحيم. هذا ما نمى لدى الفرد-مع مرور الوقت ومع الإنصات المتواصل فهذا الخطاب الوعظي الدعوي ذلك الدافع العقدي وذلك الرقيب الإيماني الداخلي الذي يحاسبه على كل ما يصدر منه من أقوال وأفعال ويدفع به للقيام بواجباته أحسن قيام ،ويجد في نفسه الاستعداد والقدرة على البذل والتضحية لأجل نصرة خط الإصلاح وإنباز مشاريعه وحمل أعبائه مع مشايخه وعلمائه. لقد اصبح المسجد في عهد النهضة الإصلاحية يدوي بفلسفة الإصلاح وأفكارها ويدعو إلى الاستقامة والعلم والعمل في سائر أيام السنة وفي ساعات عديدة من اليوم .وفي أوقات متعددة منه .من بعد صلاة الفجر وحين الظهيرة ،وبين المغرب والعشاء،ومن بعد صلاة العشاء .كما أن هذه الدروس التي تحمل في طياتها اسلوب الترغيب والترهيب تستمر أحيانا لعدة ساعات© والناس كلهم منصتون مصغون متاثرون بمضامينهاچ ثم ينطلقون بعدها إلى التطبيق والتنفيذ. فاسم الشيخ بالحاج :نظرية الحضارة عند المفكر مالك بين ني.مالك بن ني :ميلاد مجتمع .ص.72() منشروات التبيين ،الجاحظية{ 8991م .ص.3 42-1 ( )2حمد الشيخ بالحاج :مميزات الإباضية نشأة وتاصيلا .تفريعا وسلوكا .ص.79 - 08 ( )3بيوض :المجتمع اللسجدي ،ص .72-28سكحالك الشيخ بيوض ومنهجه في الإصلاح .ص.531-831 923البحث الثالث :الركائز الفكرية للإضلاح . اصبحت هذه الدروس الوعظية بفعل فلسفة الإصلاح تتمدى قبة المسجد لننزل للى المجتمع في مؤسساته .فيتردد صداها في الأسرة عن طريق الآب الذي يعيد على مسامع زوجته وأبنائه ما فقهه من مواعظ وإرشادات ،ويقوم أخلاقهم وأفعالحم على ما سمع وأدرك .وليتردد صداها في الشارع في تجمعات الناس ومحادثاتهم في نواديهم ،فتتحول إلى عقد اجتماعي عام يمكم تصرفات الناس في الطرقات والمنتديات والساحات" ويحارب المجاهرة بالمفاسد والمنكرات ،ويعمل على ` إشاعة الخيرات والمبرات. بواسطة هذا المنهج الوعظي والخطاب الدعوي استطاعت فلسفة الحركة الإصلاحية أن تجعل الفرد بوادي ميزاب في وضعية اجتماعية وحالة نفسانية يكون فيها مدفوعا إلى الاستقامة والالتزام بالنظام الإسلامي العملي المعاصر ومستجيبا مشروع الإصلاح ومتفاعلا معه في أفكاره وأعماله ،ومبتعدا عن السلبية والأنانيةء ومتخليا عن الانحراف والضلال في الغالب العام. هكذا نرى كيف أن الفلسفة الإصلاحية قامت على ركيزة ثالثة همي الوعظ لتحقيق أهدافها في النهضة والإصلاح والتغيير نحو المجتمع الإسلامي: الأصيل المعاصر. 4۔.ركيزة التو عي : تعني ركيزة التوعية في فلسفة المدرسة الإصلاحية إنارة الطريق الذي ينبضي أن يسلكه الفرد في حياته بتوضيح رسالته في الوجود كما أرادها النه تعالى" وواجبه في عمارة الأرض باستقامته بصالح أفعاله .وبيان دؤره الاجتماعي تهاه أسرته ومجتمعه ووطنه وا لإسلام عموما .كما تعني التوعية بالنسبة للمجتمع القيادة الرشيدة له بتوجيه جهوده نحو البناء والعمارة وتكوين الفرد وإنشاء المجتمع الصالح المعاصر.""١‏ ( )1بيوض :حديث الشيخ الإمام .حلقة ا .6ص .74بكلي .مسيرة الاصلاح .ص .22-72سكحال .الشيخ بيوض ومنهجه في الإصلاح .ص١531-831‏.دبوز :نهضة الجزائر الحديثة .جا .ص.791-202 الفصل الرابع :عوامل قيام الإصلاح وأهدافه وركائزه الفكرية330 يوضح الأستاذ نور الدين سكحال رؤية الشيخ بيوض لدور المسجد ومنبره في نشر التوعية بقوله« :لقد حاول الشيخ بيوض من خلال دروسه المسجدية أن يستغل هذا الإطار أحسن استغلال ...نجد أغلب هذه الدزوس عبارة عن توجيهات؛ الهدف منها الانتقال بالإنسان من حالة الفرد الذي لا يعيش إلا لذاته وحالة الشخص الذي يدرك أن له وسطا اجتماعيا ينبغي أن ‏ ٦ف كل سلوكاته. لقد اهتم الشيخ بيوض في دروسه بالأسرة لأنها الركيزة الأولى في البناء الاجتماعي ،بصلاحها وتماسكها يصلح المجتمع وتقوى شبكة علاقاته الاجتماعية ...وفي دائرة أوسع من الأسرة تحدث عن دوز الأفراد في المحافظة على المجتمع© موضحا التاثير المتبادل بين الفرد وامجتمعهه"'. لقد كان نصيب هذه الركيزة من أعمال وجهود أعلام الحركة الإصلاحية وافرا وواسعا للظروف العامة التي مر بها المجتمع في وادي ميزاب ولا يزال، وبوجوده في هذه البقعة الصحراوية الجدباء المنعزلة .فكان بحاجة إلى أن يستفيق جيدا ويدرك رسالته في الوجود ،ويدخل في معترك الحياة ،ويؤدي واجباته الدينية. والدنيوية ،ويندفع نحو العمل والعلم والنشاط ويتخلى عما به من قصور في الفكر والإدراك وعما به من نقص في العلم والمعرفة ،وما به من غفلة وسذاجةا وعما به من ركون وركود ،وعما به من انعزال وانزواء. لقد اقتنع رجال الحركة الإصلاحية أن المجتمع بجاجة إلى توعية وتوجيه كما هو جاجة إلى وعظ وإرشاد وتعليم وتربية ،كما اقتنعوا أن عملية الإصلاح لا يمكن أن تسير بخطى ثابتة ما لم يوع المجتمع ويوجه ويفهم ما له وما عليه في هذه الحياة ،وما إ يتشرب الفكر الإصلاحي ويقتنع بفلسفته في مجالات الحياة المختلفة ،كما رات كذلك أن تجنيد لمجتمع ليشارك قايلعملية الإصلاحية ويتبناها ويدافع عنها يستلزم انتهاج خطاب توعوي تنويري معاصر. . ( )1سكحال؛ المرجع نفسه؛ ص!53 133البحث الثالث :الركائز الفكرية للإصلاح كان لابد للحركة الإصلاحية أن تحارب فكر الجمود والتقليد والنظرة الضيقة الساذجة إلى شؤون الحياة وأن تبابهه بفكر متفتح في قالب خطابي معاصر ينظر إلى الأمور بنظرة فاحصة عميقة نابعة من المقاصد الشرعية والمصالح المرسلة للأفراد والمجتمع .وأن تصب ذلك وتبلغه للمجتمع في دروس التوعية المتكررة والمستمرة حتى يفهم ويقتنع ويتحول من الفكر القديم إلى الفكر الجديد. لتجسيد هذه الركيزة الفكرية الرابعة عمل رجال الإصلاح على توظيف محتلف قنوات المجتمع لرفع الجمود والانزواء والأفكار الخاطئة وتوجيهه وتوعيته وتصحيح مفاهيمه حول الدين والحياة. كانت منابر المساجد تصدح بالدروس التى توجه الناس وتعلمهم وتفهمهم واجباتهم ومسؤولياتهم وترفع عنهم غشاوة الجهل والانغلاق ،وتصحح مفاهيمهم وتحارب الأباطيل والخرافات والتفاهات وتفتح عقولهم على حقيقة الدنيا ورسالة المسلم فيها ،وتدفع بهم إلى صالح الأعمال ونافع الفعال. يقول الشيخ عبد الرحمن بكلي عن دور المسجد في القيام بواجب التوعية والتوجيه« :ترقية الوعظ والإرشاد في المساجد ،وإيقاظ الوازع الديني في النفوس ضرورة لإصلاح المجتمع لأن المساجد قلب الأمة الذي يوزع عليها دماء الحياة. ويشيع في جسمها حرارة الغيرة والوطنية ..وتربط صلة العبد بربه ،حسن سمت المرء أساس سعادته". كما نزل رجال الإصلاح إلى ساحة المجتمع في السوق والشارع والحقل والعروس والماتم ليكلموا الناس عن دورهم وواجباتهم في الحياة ،ويوجهوهم ويوعوهم وينيروا عقولهم بالأفكار الحية الفاعلة ،ويحاربوا فيهم الأفكار الميتة البالية. يرسم الشيخ عبد الرحمن بكلي فلسفة الإصلاح للعيش في الحياة بقوله: «الزهد في الدنيا إنما هو في اجتناب المنهيات وتجاني الحرمات‘ أما خوض غمار ) (1بكلي .مسيرة الإصلاح .ص32 الفصل الرابع :عوامل قيام الاصلاح وأهدافه وركائزه الفكرية332 الحياة ف دائرة الشرع .والاكتساب من الطرق الشرعية وتائل المال لل ما لا حد له فلا حرج فيه ما تمنع حقوقه ،سيما إذا كان حسن النية في طلبه. التوعية فيهمالإصلاح جهودهم نحو الناشئة والأجيال فنشرواكما ولى رجال من خلال تطوير البرامج والمقررات الدراسية والمناهج التربوية والأنشطة الثقافية. التي تتعاون جميعا حلى بناء شخصية الفرد المسلم وتكوين عقله بما يمكنهم في فهم رسالته في الوجود والقيام بها كما ينبغي ويلزم. يشرح الشيخ عبد الرحمن بكلي فلسفة الإصلاح في قيامها بهذا الدور بقوله« : تثقيف النشء وتنشثته على العلم والفضيلة واجب© لأنهم خلفاؤنا بعدنا ،يتممصون ما شرعنا ،ويعلون ما أسسناء بل هم ودائع بأيدينا وأمانات ولا إيمان لمن لا أمانة له. بإتباع هذا المنهج استطاع قادة الإصلاح أن يقنعوا العقول والنفوس بأفكارهم. وأن يجرجوها مما كانت فيه من جهالة واسنتكانة وانعزال ،وأن يصححوا مفاهيمها ويرتبوا أولوياتهم ويوضحوا رؤيتها ويرفعوا الغشاوة عن أذهانها ،فغدت العقول تسمع وتفهم وتقتنع ،لتتجند للعمل تحت قيادة الإصلاح ترفع رايتها وتدافع وتنافح عن أفكار قادتها ،وتنصر خطهم .وتحارب من يقف في طريقهمإ وتبذل بسخاء لتحقيق أهدافهم وإنباز مشاريعهم. إن هذه الركائز الأربع المتمثلة في التعليم والتربية والوعظ والتوعية يمكن لنا أن نعتبرها الأرجل التي قامت عليها النهضة الإصلاحية عند إباضية الجزائر في وادي ميزاب ،وأن عمق الفلسفة الإصلاحية تكمن في خدمة ونصرة هذه الركائز والعمل بكل إخلاص وتفان دون ملل او كلل لأجل تكريسها في المجتمع وإقناع العقول والقلوب بها. ( (1الرجع نفسه :ص 32 ) (2الرجع نفسه :ص52 333للبحث الثالث :الركائز الفكرية لإصلاح لذا فقد استمرت خدمة هذه الركائز بغرسها وتمكينها من الأذهان والنفوس طوال مسنيرة النهضة الإصلاحية .فلم تخل فترة دون أن يشهد المجتمع ويسمع حديثا عن التربية والتعليم والوعظ والتوعية. نستطيع أن نقول في الأخير إن الحركة الإصلاحية في مسيرتها الطويلة استطاعت أن تنجح وتصل إلى تحقيق أهدافها وإنجاز مشاريعها وتجنيد الجماهير تحت لوائها .واستطاعت أن تحارب أعداءها من المفسدين والجامدين والمستعمرين من خلال وفائه لمبادتها وإخلاصها لنصرة هذه الركائز الفكرية الفلسفية .حتى غدا المجتمع ورشة إصلاحية شاملة لا يسمع فيها إلا لصوت الدعوة إلى التعليم والتربية والوعظ والتوعية. هذا عن الجانب الفكري الفلسفي للإصلاح ،فما هي الأطر والآليات التي وظفت لتجسيد هذه الفلسفة الإصلاحية وتحويلها إلى منجزات على آرض الواقع؟ س متنر‏ ٨اومالل سمسرىخاصرنئ أطلر الإصلاح ومؤسساته ر مؤسسة المسجدللبحث الأول: مؤسسات التربية والتعليمالبحث الثا: الهيئات العرفيةالمبحث الثالث: الأطر والمؤسسات الحديثةالمبحث الرابع: المبحث الخامس :المحافل الاجتماعية المليحث السادس :القاعدة الاقتصادية )الصحافةللبحث السابع: الجهود والعلاقات الخارجية للإصلاحالمبحث الثامن: 733تمهيد :تي7تند: ههن إن الفلسفة الإصلاحية في المجال الديني الاجتماعي التي تشربها أعلام الإصلاح من خلال ما تعلموه من علمائهم ومشايخهم ،ومن خلال ما عاينوه في الأوساط الإسلامية مشرقا ومغربا 5ثم إن الدواعي التي الحت عليهم الإسراع في إحداث حركية اجتماعية شاملة ،والأهداف الة ,رسموها في أذهانهم 6وبدت أمامهم بكل جلاء ووضوح وعقدوا الأمل والعزم على تحقيقها ،كانت هذه الأمور من شأنها أن تدفعهم بقوة للانتقال من المرحلة الأولى النظرية الفكرية الفلسفية إلى المرحلة الثانية التطبيقية العملية الميدانية .لتجسيد تلك الأفكار واختبار تلك الآراء وبلوغ تلك الأهداف بمشاريع وأعمال ومنجزات يتحول من خلالها الفكر الإصلاحي إلى واقع محسوس ملموس يصنع النهضة ويغير وجه الحياة العامة. فما هي هذه الأطر العملية التى اعتمدت عليها الحركة الإصلاحية لتحقيق مشاريعها وآمالها النظرية ؟ من خلال تمعننا في هذه النهضة الإصلاحية نستطيع أن تحدد فها أطرا على شكل مؤسسات أو هيئات وتحدد فها وسائل على شكل آليات أو أساليب للإصلاح والتغيير .كما نستطيع أن نميز بين نوعين من هذه الأطر والوسائل: أطر ووسائل كانت موجودة من قبل فعملت الحركة الإصلاحية على تفعيلها وتوظيفها وتطويرها لتمرير الفكر الإصلاحي وصناعة النهضة من خلاها. أطر ووسائل أحدثتها الحركة الإصلاحية من العدم حيث لم تكن موجودة من قبل فهي من محدثات الزمن ومن مستجدات العصر وظفتها لخدمة النهضة الإصلاحية. كما نستطيع أن نسجل التفاوت من حيث الآهمية ومن حيث التوظيف بين كل هذه الأطر والوسائل. ` 42 الفصل الخامس :أطر الإصلاح ومؤسساته338 ففيم يتمثل كل ذلك ؟ -مؤسسة المسجد. -مؤسسات التربية والتعليم. -الهيئات العرفية. -الأطر والمؤسسات الحديثة. -المحافل الاجتماعية. -القاعدة الاقتصادية. -الصحافة. -الجهود والعلاقات الخارجية. 933البحث الأول :مؤسسة المسجد الحث ا لأول : مؤسسه ‏ ١لمسحد يحتل المسجد ف ‏ ١لإسلام مكانة مرموقة ومقدسة{ فهو محل إقامة أحد أعظم أركان الإسلام الخمس ألا وهو الصلاة ،وهو لأجل ذلك بيت انه تعالى في للتقرب إل ربهم وا لاستغفار لذنوبهم والتزود بالمانالمسلمونالأرض .يقصده وتذكر فيهازقوالتقوى وا لأجر .يقول الله تعالى :وفي ;بيوت اذن ‏ ١لله ن لفهيها بالغذو والاصَال رجال ل ليهم تجارة ولا بيع عَن ذكراسمه س هوم للهوإقام الصلة وإيتاء الوكاة يَحَُونَ زماتتقلب كيه القلوب والأنصاز»"". كما أن للمسجد في ا لإسلام أدوارا مهمة أخرى جسدها البي المصطفى تلة ي حياته العطرة ،فقد ربى وعلم ونصح وحكم وأفتى وأصلح وعقد الاجتماعات وأبرم المعاهدات وأرسل الجيوش وأعلن الجهاد من المسجد. أدرك علماء الإسلام من خلال هذه الأفعال النبوية قيمة المسجد كمؤسسة اجتماعية ومكانتها ودورها الريادي في قيادة المجتمع في كل عجالات الحياة .وآن وظيفتها تتعدى مجال العبادة إلى مهام حيوية كثيرة أخرى. تبنى علماء النهضة الإصلاحية في وادي ميزاب هذه الفلسفة الإسلامية المسجدية ،وحاولوا الامتثال لها وتجسيدها في الميدان ،فسعوا إلى استرداد مكانة المسجد وهيبته في النفوس والعقول ،وعملوا على أن يكون المسجد محور العملية الإصلاحية بأن تنطلق شوارة العملية الإصلاحية من المسجد صوب كل الاتجاهات في المجتمع ،ثم تعود إليه مرة أخرى في نهاية المطاف ،كما عملوا على أن يكون المسجد رائدا في تسيير المجتمع وتوجيهه والتحكم فيه ،وسعوا إلى ( )1سورة النور/الآية.73 -63 : الفصل الخامس :اطر الإصلاح ومؤسساته340 أن تكون كل الهيئات والمؤسسات الاجتماعية مرتبطة ارتباطا وثيقا ومباشرا بالمسجد مستمدة منه الفكرة والروح والمنهج ووسيلة العمل ،وعملوا على أن يكون المسجد هو المؤسسة الاجتماعية الأولى من حيث الأهمية والتأثير والتحكم في كل شاردة وواردة. بذلك أضحى المسجد يمثل القلب النابض للمجتمع .يدفع في شرايينه دم الحياة الذي يتحول إلى أعمال وبناء وإصلاح ونهضة. في حقيقة الأمر إن هذه الفلسفة المسجدية ،التي جعلت المسجد يتربع على سدة المجتمع لم تكن وليدة الحركة الإصلاحية ،بل كانت موجودة لدى إباضية الجزائر منذ فترة زمنية طويلة .ولعلها تعود إلى تاريخ سقوط الدولة الرستمية" بتيهرت سنة 692ه وما بعدها وإنشاء نظام العزابة خلال القرن الخامس الهجري، الحادي عشر الميلادي .حيث أصبح المجتمع يحتكم إلى الهيئات العرفية ،وعلى رأسها حلقة العزابة ،التي ترتبط ارتباطا وثيقا بالمسجد في كل مهامها وصلاحياتها؛ حتى سمي هذا المجتمع بالمجتمع المسجدي. إلا أن ما فعلته الحركة الإصلاحية هو دعم هذا التوجه ،وإعادة بعثه من: جديد؛ بتفعيل دور المسجد .واسترداد قوة تأئيره ،وإسماع صوت منبره .الذي نستطيع أن نقول عنه إنه قد ضعف وانكمش وانحسر بسبب تقلبات الأوضاع العامة الداخلية والخارجية التى مر بها إباضية الجزائر في وادي ميزاب خلال هذه الفترة الزمنية والتي قبلها ،كما بينا ذلك سابقا. يوضح الشيخ عبد الرحمن بكلي دور المسجد في فلسفة الحركة الإصلاحية بقوله« :الملساجد قلب الأمة الذي يوزع عليها دماء الحياة ،ويشيع في جسمها حرارة الغيرة والوطنيةؤ وتربط صلة العبد بربهه“. ( )1يراجع في تاريخ الدولة الرستمية :ابن الصغير :اخبار الأمة الرستميين .كله .إيراهيم بجاز :الدولة الرستمية .كله. بكلي :مسيرة الإصلاح .ص.32)(2 143البحث الأول :مؤسسة المسجد ويرى الشيخ بيوض أن المسجد كمؤسسة اجتماعية لا تضاهيها في الأهمية مؤسسة أخرى لما اجتمعت فيها من خصائص ومميزات\ فالملسجد مكان تغشاه كل الشرائح الاجتماعية .رجالا ونساء ،شيبا وشبانا وكهولا .كما أن للمسجد جوا خاصا لا يوجد في غيره ،حيث يشيع فيه طهر وروحانية ،يضفيان على الكلام روعة وجلالا ،فيكون له من الأثر في النفوس بجيث لا يحصل ذلك الأثر إذا كان الشخص نفسه يلقي الحديث في موضع آخر وهذا الجو اكتسبه المسجد من جلال لله تعالى وعظمته ،فقد أذن أن ترفع ويذكر فيها اسمه. لكل هذه المميزات أضحى المسجد في فكر الشيخ بيوض هو أنسب وأفضل مكان لتبليغ الخطاب الدعوي" والقيام بواجب النصح والتربية والتوجيه للمجتمع. ومن الفلسفة المسجدية لدى الحركة الإصلاحية أن الأداء الأفضل لرسالة اللسجد يقوم بالعمل على ربط بقية مؤسسات المجتمع به ،وبناء جسور التواصل معها 5بل وتقريب مواقع وجودها من المسجد(. أول هذه المؤسسات هي مؤسسات التربية والتعليم؛ من كتاب ومحضرة ومدرسة ومعهد لأجل أن تشهد الأجيال الناشئة هذا الجو المسجدي الطاهر. والدعوة إلى الاستقامة على الأخلاق والفضائل والابتعاد عن المذاكر والمحرمات وان تعاين تلك الحشود من المصلين في ذهابهم وإيابهم إلى المسجد فتتائر بهم. وتتربى على الاقتداء بهم. يقول الشيخ بيوض في بيان هذا المعنى :ه سبقت لنا بجمد اله دعوات في هذا المجال منذ سنين .وهو ما طبقناه عمليا بعد مجهودات جبارة .فقامت هذه المؤسسة العتيدة لمعهد الحياة إلى جانب المسجد صرخا شاخا للتربية المحمدية ومنارا للإسلام. وتلك هي قناعتنا منذ أن خطونا الخطوات الأولى في الإصلاح الديني ( )1بيوض :المجتمع المسجدي ،ص .55-28بيوض :حديث الشيخ الإمام؛ حا .ص.54 ( )2سكحال :الشيخ بيوض ومنهجه في الإصلاح :ص.18-68 الفصل الخامس :أطر الإصلاح ومؤسساته342 الاجتماعي ...وذلك لما يكون بين المؤسستين من تلازم وتكامل في تحقيق الدف المنشود من العملية التربوية ،وهو تكوين الفرد الصالح الذي يحمل بين جنبيه ضميرا حيا وقلبا سليماه"'. ثم يوضح الشيخ الفائدة التربوية من وصل المدارس بالمساجد وأثر ذلك في الأجيال بقوله« :ولولا ضيق المجال الحيوي حول المساجد واتساع دائرة العمران لآثرنا أن تكون المدارس الابتدائية هى الأخرى قريبة من المسجد .وهل أخطأ أسلافنا عندما أنشؤوا الكتاتيب القرآنية بجوار المساجد قديما؟ .كلا إنهم يدركون بجسهم الفطري مدى تاثير القدوة في الولد الصغير وهو يشاهد جموع المصلين يتطهرون ،وكيف يؤدون صلاتهم جماعة ،وكيف يستجيبون للنداء وهم يهرعون إلى بيوت النه زرافات ووحدانا. كما ينبغي كذلك أن ترتبط العشيرة والعائلة والأسرة بالمسجد لتستلهم منه المنهج في التربية والروح في الدعوة والأسلوب في الإصلاح بين أفرادها وفي القيام بواجب التوجيه والنصح لهم. يصف الدكتور محمد ناضر بوحجام عمل الشيخ بيوض في تجسيد هذه الفكرة بقوله« :كان يهتم كثيرا بربط كل المؤسسات التربوية والاجتماعية والثقافية ،الي تسهم في تكوين النشء وترقية المجتمع ،كان يهتم بربط كل ذلك بالمسجد ويركز على تمتين الصلة بينها والمسجد في التخطيط والعمل»×“. ثم تتوسع بعد ذلك العلاقة بين المسجد والمجتمع لتشمل المجال الحيوي للناس في حياتهم المهنية والاقتصادية .من خلال الإشراف على تنظيم الأسواق وبيان الأحكام الشرعية للمعاملات المالية والتجارية .ومن خلال توعية جماهير الناس بالعلاقة بين الدين والدنيا» وكيف أن صلاح الدنيا بصلاح الدين ،وكيف أن الدنيا ( )1بيوض :حديث الشيخ الإمام حلا ،ص.52 ) (2الرجع نفسه :حل! ‘ ص.62 ص .97 بوحجام :الشيخ بيرض الصلح المربي،()3 343البحث الأول :مؤسسة المسجد مطية الآخرة ،فلا بد من عمارتها بأفعال الخير ،ولا بد من السعي لطرق أبواب الرزق" وعدم التواكل أو التكاسل أو التثاقل في القيام بالأعمال كل فيما يسر له؛ بدعوى أن الله متكفل برزق العباد ،ثم من خلال توعية الناس بمفهوم هذا المال الذي رزقوا به فهو مال انته تعالى قبل أن يكون مالهم ،لذا فعليهم أن يشكروه على ما رزقهم ويصرفوه في مسالكه الحلال ،بعدما جمعوه من طرقه الحلال ،فيحثهم الخطاب المسجدي على الإسهام في التبرعات والصدقات وتمويل المشاريع الخيرية من مدارس ومساجد ومعاهد ومن يتولى تسييرها وعمارتها من إداريين وعمال وأساتذة وتلاميذ وطلبة”". لقد جسد إباضية الجزائر هذه الفلسفة المسجدية في عمرانهم كذلك وعبروا عنها من خلال تصميم مدنهم وهندسة قراهم} حيث بنوا المسجد في قمة الجبل وفي اعلى نقطة فيه ليتوسط البلدة ،ويعلو جميع مبانيها ،ثم بنوا بجواره المحاضر والمدارس والمعاهد .وبنوا بالقريب منها سوق البلدة ،ثم بنوا مساكنهم وشقوا الشوارع والطرق التي تؤدي كلها للى المسجد الذي يشكل عور البلدة وقلبها النابض(. يقول الشيخ إبراهيم القرادي عن مكانة المسجد في عمران وادي ميزاب: "اختاروا مكانه في أعلى نقطة وأرفع مكان من القرية وهو تعبير صادق ومحسوس عن المكانة المعنوية التي يضعون فيه المسجد من البنية الاجتماعية التي تنظم الحياة في البلدة. ( )1القرادي :دور المسجد في توجيه امجتمع ،مقال منشور ضمن كتاب :القرادي :الشيخ القرادي حياته وآثاره٥‏ ص.83-25 ( )2للاطلاع على الهندسة المعمارية في وادي ميزاب تراجع الكتب الآتية :احمد أبو العباس الفرسطاني النفوسي :القسمة واصول الأرضين ،العمارة والعمران في وادي ميزاب ،كله .كتاب ملتقى الأيام الدينية الخامسة المنعقدة في مصلى العالية .الجزائر .في تاريخ 6 .5 :ذي الحجة 0141ه 92 .82 /جوان 099!1م. مطبعة تقنية الآلوان ،الجزائر دت‘ كله. س:ع`ٹ حآ ,! ,, . 54 - 561.حاح صك.54القرادي :الرجع السابق.((3 الفصل الخامس :أطر الإصلاح ومؤسساته344 لاشك أن المغزى من محورية المسجد للبلد هو مساعدة الناس ودفعهم لاتباع المنهج الرباني والاقتداء بالطريق المحمدي في كافة مجالات حياتهم وتوفير الجو الملائم لصلاحهم وحفظهم من الانزلاقات. يوضح الشيخ بيوض هذه الفكرة بقوله« :ليس من واجبنا أن نقود الناس بالسلاسل إلى بيوت الله ،ولكن يجب أن نوفر لهم أسباب التعلق بها ،فهذا معهد يحتضن طلبة العلم 3وتلك كتاتيب يتردد عليها الصغار والعوام صباح مساء وهناك إلى جانب المصلى صحن فسيح يساعد المصلين على ربط علاقاتهم الاجتماعية. وتنسيق مصالحهم الدنيوية ،وفوق ذلك رحاب المسجد العامرة بالذكر والعبادة ،مما يكون له الأثر الفعال في طهارة وسلامة القلب. ومن الفلسفة المسجدية للحركة الإصلاحية الحرص على إبقاء المساجد بعيدة عن التأثيرات الخارجية من الجهات الحاكمة او صاحبة النفوذ السياسي أو المادي" وضرورة المحافظة على استقلالية خطابها الدعوي ،واستقلالية مواقفها وقراراتها مما يقع من أحداث‘ ،ومسؤوليتها في مراقبة المجتمع وتوجيه النصح والموعظة له. وتعزير من يخالف أوامر الله تعالى وإجماع المسلمين ومصالحهم العامة التى ارتضوها واتفقوا عليها؛ حتى تصبح المساجد فعلا المرآة العاكسة للمجتمع .المقومة لمساره والمصححة لأخطائه‘ وحتى يكون باستطاعتها الصدح بكلمة الحق في الوقت المناسب وعدم السكوت عن الباطل أو الركون إلى الحياد. لقد أجهد علماء الإصلاح أنفسهم كثيرا في سبيل الحفاظ على استقلالية مساجدهم ودفع الضغوطات والولاءات المختلفة عنها ،ولم يكن ذلك بالأمر الهين ولا السهل عليهم حيث كانت الكثير من العوائق في الطريق تنأى عن بقاء هذه المساجد مستقلة ،ولعل أهمها طبيعة المجتمع المشكل من العشائر والقبائل© وكذا أجهزة الحكم الاستعماري ورجال نظامها من ”القياد“ والحكام العسكريين الذين ( )1بيوض :حديث الشيخ الإمام؛ حل ! ،صر.72 ( )2بيوض :المجتمع الملسجدي" ص.55-28 543البحث الأول :مؤسسة المسجد سعوا كثيرا لخنق صوت المسجد ومحاصرة دوره ورفع يده عن المجتمع .بمتابعة المشايخ والعزابة وملاحقتهم" وإذكاء نار الفتنة بين الأهالي. مع ذلك ورغم الخروقات العديدة المتكررة لهذه الاستقلالية ،إلا أن المسجد في الغالب الأعم حافظ على توازنه وعلى دوره المحوري في المجتمع. في الحقيقة يعد هذا الأمر مكسبا ثمينا الإباضية الجزائر طوال فترة الاستعمار الفرنسي ،حيث كان ذلك ضمن شروط معاهدة الحماية التى أبرمت مع السلطات الاستعمارية سنة 9621ه3581 /مإ فمما نصت عليه عدم التدخل في الشؤون الداخلية للمجتمع الميزابي .التي من بينها تسيير المساجد بإشراف حلقات العزابة التى كانت تتولى تعيين القائمين عليها من مشايخ ووكلاء وأيمة ومؤذنين وغيرها من الوظائفه"". لعل هذا الأمر يعد استثناء خاصا للميزابيين على مستوى الجزائر ،إذ من للعلوم أن السلطات الاستعمارية اصدرت العديد من القوانين التى صادرت من خلالها الأراضي الوقفية والأملاك التابعة للمساجد والزوايا" كما أصدرت قوانين سمحت لنفسها بموجبها تعيين القائمين على المساجد. استمرت هذه الحال طوال الفترة الاستعمارية .إلا أنه بعد استقلال الجزائر طرات ظروف جديدة تمثلت في تنظيم الدولة لقطاع الشؤون الدينية كغيره من القطاعات في إطار إرساء قواعد الدولة وفكرة المواطنة ،فكان التفكير في إلحاق هذه المساجد بالوزارة الوصية وجعل موظفيها تابعين لقطاع الوظيف العمومي معينين من السلطات الرسمية. انشغلت قيادات الحركة الإصلاحية بهذا الأمر وتحركت على كل الاتجاهات وبذلت جهودا مضنية لأجل رد هذه المحاولات وإيقاف هذا المنحى السياسي لبعض الأشخاص والجهات في الدولة وفي حزب جبهة التحرير الوطني. ( )1يراجع المبحث الآول من الفصل الأول حول الأوضاع السياسية لإباضية الجزائر ص.1[3-55 ( )2احمد الخطيب :جمعية العلماء المسلمين الجزائريين وأثرها الإصلاحي في الجزائر؛ ص.15 الفصل الخامس :اطر الإصلاح ومؤسساته). 56 يقول الشيخ بيوض مبينا موقفه وزأيه من هذه القضية بما يلي« :رالعجب كل العجب من هؤلاء القوم ...حين يريدون من هذه المهام الدينية التي يتقرب بها إلى انثه أن تصبح وظائف إدارية يتقاضى عليها أصحابها أجرا قل أو كثر؟ ...ولذلك اتفقنا في مجلس عمي سعيد أن نرفض الرفض البات القطعي كل محاولة لإدماج مهام المسجد في الوظيف العمومي ،واستغنينا عن كل مساعدة تقدم إلينا من مصلحة ما حفظا لقداسة بيوت النه أن يعبث بها العابثقون ،أر تكون غرضا لخدمة مصالح أو اشخاص أو جهات معينة"'. كلل الله تعالى جهود علماء الإصلاح واعيانهم بالنجاح في إقناع السلطات الجزائرية العليا باستثناء مساجد إباضية الجزائر من القوانين التي تحكم تسيير المساجد والقائمين عليها ،وإبقائها على استقلاليتها وتبعيتها لحلقات العزابة ومجلس عمي سعيد ،وعدم إدراج موظفيها ي سلك الوظيف العمومي؛ مراعية في ذلك خصوصيات المجتمع الإباضي في وادي ميزاب ومقدرة الأعراف التي تحكمه ومعبرة عن ثقتها في الهيئات الت تسيرهة“. كما يذهب الشيخ بيوض في قناعته-بضرورة استقلالية المساجد وإبقائها بين أيدي العلماء العاملين والدعاة المخلصين وعدم خضوعها لأي جهة كانت-إلى نصح غيره من علماء الإسلام ليقتدوا بما هو عليه إباضية الجزائر في وادي ميزاب وتعميم هذه الحالة .ويعلل ذلك بقوله« :ندرك بتجربتنا الميدانية أن هذه المناصب المالية تندرج في الميزانية العامة للدولة .فهي وحدها تملك حق التعيين للشخص الذي يتمتع بالمنصب فتثبته أو تنقله لل حيث شاءت‘ وحينئذ لا نملك حق الاختيار لأمتنا معن تتوفر فيهم شروط الكفاءة والنزاهة ،ويتمتعون بجب الجماهير المؤمنة وبثقتها ...فحبذا لو أن السادة العلماء أدركوا هذا البعد لما محن عليه في القيام بمثل هذه المهام الدينية جانا ،فيجتهدون في تعميم هذه السنة في كل بيوت الله(. ) (1بيوض :حديث الشيخ الإمام حلا ،ص.84 .94ص 84 الرجع نقسه :حل .1 ()2 الرجع نفسه :حل.1ص.94)(3 743البحث الأول :مؤسسة المسجد من الفلسفة المسجدية كذلك لدى الحركة الإصلاحية توحيد الخطاب اللسجدي في البلدة الواحدة والتحكم التام في المنبر بإدراك أهميته في توحيد الأمة ورص صفوفها وإدراك خطورته عليها في حال التسيب فيه أو الاستهزاء به. عرف في وادي ميزاب ما يسمى بالمسجد الجامع أو المسجد العتيق أو المسجد الكبير ويعد-عادة -أقدم مسجد في البلدة؛ المتزبع على وسطها وعلى أعلى قمة فيها؛ حيث يتميز هذا المسجد عن غيره من مساجد البلد ومصلياته بكونه المسجد الوحيد الذي يشهد دروس الوعظ والإرشاد ،والمسجد الوحيد الذي تصدر من خلاله القرارات والتوصيات والإعلانات التي تقررها حلقة العزابة وتبلغها لجماهير الناس. مع توسع العمران أنشئت عدة مساجد ومصليات في أطراف قرى وادي ميزاب إلا أن دورها بقي منحسرا أساسا في إقام الصلوات الخمس وبعض الوظائف الاجتماعية ،والتزمت بالحفاظ على وحدة الخطاب المجسجدي الذي بقي يصدر من المسجد العتيق فقط. هذا كله لأجل تكريس معاني الوحدة في نفوس الجماهير ،وتوثيق صلتهم بالمسجد ومنبره ،الذي يعد رمز وحدة الأمة ،ويعبر عن تماسكها وجمع كلمتها وسيرها خلف مشايخها وعلمائها في قيادة واحدة. يقول المؤرخ محمد علي دبوز« :المسجد الذي تقام فيه الجماعة ودروس الوعظ في كل مدينة للإباضية واحد ،يقصده الجمهور من أنحاء المدينة كلها"‘. ويقول الشيخ إبراهيم القرادي« :قرروا أن لا يكون في كل قرية إلا مسجد واحد توحيدا للقيادة والتوجيه. ديوز :أعلام الاصلاح .ج .3ص.321)(1 ) (2القرادي :دور المسجد في توجيه المجتمع .مقال منشور ضمن كتاب :القرادي :الشيخ القرادي حياته وآثاره٠‏ ص.54 الفصل الخامس :أطر الإصلاح ومؤسساته348 من الفلسفة المسجدية كذلك تفعيل دور المسجد من خلال تفعيل نشاط منبره فالملسجد في مهامه يتعدى كثيرا الملهمة الأولى له المتمثلة في أداء الصلوات وجمع الأمة خمس مرات في اليوم ،يتعدى ذلك ليقوم بالدور الإصلاحي الشامل في المجالات الدعوية والتربوية والتعليمية والتوعوية والاجتماعية. لقد قام المسجد في عهد الحركة الإصلاحية بنشاط واسع مستمر من خلال الرو المسجدية طوال أيام السنة تمكن من خلاله من نشر الفكر الإصلاحي التنويري بين جماهير الناس ،وقام بمحاربة الكثير من البدع والمعتقدات الفاسدة. ومحاصرة الكثير من الانحرافات والتقاليد البالية .والقضاء على الكثير من أوكار الفساد .ومظاهر الانحراف والرذيلة. كما قام بتنوير عقول المجتمع وتحبيب العلم إليهم" وزرع الأمل في نفوسهم. ودفع الناس إلى العمل والنشاط والأخذ بالأسباب في عمارة الدنيا .ودفعهم إلى التنافس على أفعال المبرات والخيرات والإسهام في التبرعات والصدقات وتمويل المشاريع الخيرية. استطاع أن يقوم المجتمع على نهج الحق والاستقامة والصلاح والفلاح ويحارب فيه التكاسل والتثاقل والفتن والتفرق والتباغض والتحاسد والمفاهيم الخاطئة حول الدين والحياة. يقول الدكتور محمد ناصر عن أثر الدروس المسجدية في المجتمع« :تترك هذه الدروس التي يلقيها المشايخ في المساجد أثرا بعيدا في سلوك الناس وتعاملهم مع بعضهم البعض‘ وتوجه دقة حياتهم اليومية للصالح العام وتعمق نظرتهم إلى الحياة في جيع مناحيها ...إن منبر الوعظ والإرشاد الذي هو من أهم مهام المجلس الديني قد أدى دورا عظيما في تطوير المجتمع الميزابي. وإخراجه من الظلمات إلى النور"". ) (1ناصر :حلقة العزابة 5ص 9ا.02- 943البحث الأول :مؤسسة المسجد بذلك حول أعلام الحركة الإصلاحية المسجد في عهدهم إلى مركز إشعاع علمي وثقافي وحضاري وجامعة شعبية مفتوحة لجميع أفراد المجتمع وغختلف طبقاته وشرائحه يؤمه كل الناس ويتعلمون منه دروس الحياة والدين© هكذا أضحى المسجد فعلا في عهد الحركة الإصلاحية حرك النهضة وقائد المجتمع حو التغيير ومؤسست الآ ولى في زرع أي فكرة صالحة ومحاربة أي فكرة فاسدة والقضاء عليها واجتثائها نهائيا من جسده فبواسطته بني المشروع الإصلاحي وعلا صرحه وأقيم المجتمع الإسلامي الأصيل المتفتح على عصره. بواسطة هذا المنهج وهذه الفلسفة المسجدية تمكن اعلام الإصلاح من تحويل المجتمع برمته إلى قبلة المسجد وتحويل المدينة برمتها لتكتسي جوا مسجديا باهرا ورائعا يكاد يكون في بعض المناسبات اعتكافا جماعيا حتى تكاد تفرغ أزقة المدينة من المارة} إلا من أصحاب الحاجات والمصالح الضرورية. يصف المؤرخ محمد علي دبوز حال بلدة القرارة معقل الإصلاح الأول في عنفوان عهد الشيخ بيوض وعنفوان نشاطه الدعوي الإصلاحي؛ خاصة في شهر رمضان بقوله« :إن المدينة كلها في رمضان-سيما في القرارة-رجالها ونساؤها يسارعون بعد الفطور إلى المسجد ليظفروا بالأماكن قبل اكتظاظه على سعة المسجد وكبره .إن رئيس كل أسرة والرئيسة في كل دار حريصون على حضور كل أبنائهم وبناتهم لدروس الشيخ بيوض ...وترى الدرس يستمر في بعض المواسم والأعياد ثلاث ساعات وأكثر والناس خاشعون أمامه يصغون ل الدرس بقلوبهم وعقولهم. لقد تعاون علماء الحركة الإصلاحية ومشايخها وأعيانها جميعا على تجسيد هذه الفلسفة الممجدية عمليا بتحملهم المهام الدينية والاجتماعية في بلداتهم على مستوى حلقات العزابة ومجالس العشائر والأعيان ،وإمامة الناس في الدين" كل ) (1دبوز :نهضة الجزائر ج 1۔ .991-202 الفصل الخامس :أطر الإصلاح ومؤسساته350 حسب قدراته وكفاءاته وخبراته .وتقاسموا المسؤوليات ووزعوا الآأدوار ،وأبلوا بلاء منقطع النظير ،في سبيل خدمة دينهم ونصح مجتمعهم .فلم يقتصر العمل على أفراد معينين ،أو على نخبة منهم دون البقيةث بل إن الحركة الإصلاحية استطاعت أن تحقق مشروعها رتصل إلى أهدافها وتجسد أفكارها في أرض الواقع بتضافر جهود الجميع وبقدرتها على إلقاء فكرتها إلى الجماهيرؤ وقدرتها على إقناعه باحتضانها والعمل على إنجازها في الميدان. بل إن الرجال الأفذاذ من الأعيان وأصحاب الرأي والمشورة ورجال المال والأعمال والرجال البسطاء والنساء عموما قد قامت على سواعدهم وكواشلهم جيعا هذه الحركة الإصلاحية .وبفضلهم تحولت إلى إغبازات وأفعال ولم تبق محصورة ني النطاق الفكري النظري. إلا أنه مع ذلك ينبغي الاعتراف بتفاوت الأدوار وتباين الجهود في تحمل المسؤوليات العظيمة والخطيرة في هذا المشروع الإصلاحي الشامل الذي شهده وادي ميزابؤ إذ ينبغي الاعتراف بالدور القيادي العظيم الذي قام به زعيم هذه الحركة الشيخ بيوض إبراهيم ،الذي كان بالفعل محور كل هذه النهضة ومحركها وسندها ومرجعها الفكري والشرعي والاجتماعي .ومحرك كل فعالا وأنشطتها. والناطق الرئيس باسمها والمعبر عن آرائها والمتخذ لمواقفها والممثل الشرعي لماء والصدر الأمامي الأول المتلقي لكل السهام الموجهة إلى حركته من الجهات المعادية ها؛ من الاستعمار الفرنسي وأذنابه ومن حزب الجمود وأنصاره. إن هذه الشخصية العظيمة التي ظهرت عند الشيخ بيوض وهذه المواصفات القيادية النوعية العالية التى اجتمعت في شخصه جعلت الجماهير الإصلاحية في وادي ميزاب ترتبط به أيما ارتباط وتتمسك به أيما تمسك ،وترى فيه القائد القدوة الفذ للأمة الموحد لصفها والموجه لمسارها والحامي لنهضتها والإمام لدينها. يمكن تحديد أهم هذه المواصفات في قوة الشخصيةء والفصاحة والبيان. وحدة الذكاء ،وسعة المعرفة ،والوعي بالتغيرات والمستجدات ومواكبة 153البحث الأول :مؤسسة المسجد التطورات المحلية والوطنية والدوليةؤ والتمسك الأصيل بالمقومات الإسلامية. والتفتح على العصر<"“. لأجل هذا نقرر هنا أن الفضل الأكبر يعود إليه في غرس قيم الفكر الإصلاحي في نفوس الجماهير بوادي ميزاب ،والفضل الأكبر يعود إليه في بمث النهضة الإصلاحية الحديثة في وادي ميزاب ،من خلال جهوده المضنية المتواصلة في مسيرة تزيد عن نصف قرن في رحاب المسجد وفي حلقة العزابة وفي أروقة المعهد ولي جلسات العشيرة وفي منتديات المجتمع المدني .حتى استطاع أن يشيد هذا الصرح الحضاري المتمثل في هذا المجتمع المسجدي. إنصافا لدور الإمام الشيخ بيوض واعماله الجليلة في سبيل النهضة الإصلاحية بوادي ميزاب نعرض أهم جهوده المسجدية لنتعرف كيف غرس الفكر الإصلاحي في النفوس وربى المجتمع عليه. يعبر الدكتور محمد ناصر عن هذا الدور بقوله« :إلى الشيخ بيوض يعود الفضل الأكبر في بناء هذا المجتمع المسجدي لا بدروسه العظيمة القيمة فحسب بل بنزوله إلى الميدان بخطة عملية متكاملة فقد استطاع أن يزرع في قلوب الناس ووعيهم هيبة جليلة للمسجد .وحبا وتاييدا لنظمه ،واستعدادا قويا للاستجابة السريعة إلى كل ما يمليه المسجد أو يدعو إليه فعلا وتركاء وإيرادا وإصداراד. -جهود الشيخ بيوض السجدية: التحق الشيخ بيوض بحلقة العزابة في بلدته القرارة في سن مبكرة جدا حيث كان عمره22سنة وذلك بعد وفاة شيخه وأستاذه الحاج عمر بن يحيى المليكي۔ الذي كان عمدة البلدة في العلم والوعظ واللإرشادث إثر وباء خبيث أصاب البلدة فذهب بالكثير من أعيانها ووجهاء القوم فيها. ( )1ناصر :الشيخ بيوض مصلحا وزعيماء ص.33-05ناصر :حلقة العزابة .ص .22-32بوحجام :مقدمة على كتاب المجتمع المىجدي للشيخ بيورض؛ 6ص 1-62 ص 32) (2ناصر :الرجع نفسه الفصل الخامس :اطر الإصلاح ومؤسساته..2 وجد الشاب [براهيم نفسه دفعة واحدة في صدارة المجتمع .مع ثلة من رفقائه الطلبة وبعض المشايخ السابقين" فاسندت إليه مهمة التعليم في معهد شيخه المتوفى خلفا لهؤ ومهمة الوعظ والإرشاد في المسجد .ووجد نفسه ملزما بان يتحمل أمانة الدين .ويتحمل أمانة مواصلة درب شيخه في الإصلاح الديني الاجتماعي. خلال هذه الفترة كان الشيخ الذي يتولى الوعظ والإرشاد في المسجد صاحب شخصية متواضعة علميا ودعويا ،فلم تكن تفي بالغرض وتستجيب لتطلمات المجتمع فتدرج الشاب إبراهيم في مهمة الوعظ مع هذا الشيخ وخلفا له إلى أن خلص له المنبرؤ وبدأ يكسب قلوب الناس ويشد انتباههم بخطابه الدعوي المتميز. مع مرور الزمن تفجرت طاقاته الخطابية وبرزت قدراته الدعوية،واكتسب الخبرة والتجربة في هذا الميدان إلى أن عين سلة 9531ه0491 /م شيخا لحلقة العزابة ببلدته القرارة وتربع على عرش المسجد ومنبره إلى حين وفاته. خلال الفترة الماضية وما بعدها نشط الشيخ كثيرا في مجال الدعوة والتوعية والوعظ وسط نجمه في سماء القرارة .ووصلت أصداؤه إلى قرى وادي ميزاب وخارجها. كانت له دروس أسبوعية منتظمة على مدار أيام السنةء لا تنقطع إلا ناذرا بسبب انشغال أو سفر ،وعادة ما يكون له درسان في اليوم الواحد درس بعد الفجرك أو بين الظهر والعصر ودرس بعد صلاة العشاءه"“. حين النظر في طبيعة هذه الدروس نستطيع أن نصنفها إلى ثلاثة أنواع: [ دروس تعليمية هدفها تزويد جماهير الناس بثقافة إسلامية متنوعةء تمكنهم من رفع مستوا هم معرفي ومن إدراك أمور دينهم" ومن حصوفم على زاد ثقالي ‘ ومن توعية أفكارهم وتنويرها ،وغرس قيم الشخصية الإسلامية العربية فيهم. وتحارب فيهم الجهل وبعض النظرات الخاطئة حول الدين والحياة. دبوز :أعلام الإصلاح .ج .3ص1 32 )(1 353البحث الأول :مؤسسة المسجد اعتمد في هذا النوع الأول على تدريس مجموعة من الكتب والمؤلفات في علوم الشريعة والأدب والتاريخ والمنطق والأخلاق. دروس عامة في الوعظ والإرشاد تمليها الأحداث والمناسبات والوقائع2 الت تمر بها البلدة أو وادي ميزاب أو الجزائر أو العالم الإسلامي أو العالم. - 3دروس تفسير القرآن الكريم" التي افتتحها من سورة الفاتحة واختتمها بسورة الناس ،وكان من خلالها يعرض الجتمع على مادبة القرآن الكريم ويعالج أمراضه وأسقامه من خلال فهم آياتة ومعانيه وإسقاطها على الواقع المعيش. أما عن النوع الأول من الدروس والتي افتتح بها مشواره الطويل في حقل الدعوة والإرشاد ،فإن أول كتاب اختاره للتدريس كان في علم الأخلاق وتزكية الأنفس وهو كتاب قناطر الخيرات في ثلاثة أجزاء للشيخ إسماعيل الجيطالي. والكتاب يشبه كثيرا في فصوله كتاب إحياء علوم الدين للشيخ أبني حامد الغزالي"' ،بل فيه الكثير من التأثر به والنقل عنه أحيانا. شرع الشيخ بيوض في تدريس هذا الكتاب ف صيفا سنة3431.ه1 329 / واختتمه في ربيع سنة7531ه \8391 /واستمر معه مدة أربع عشرة سنة. تحدث الشيخ بنفسه عن أثر دروسه هذه في نفوس الجماهير وما غرست فيهم من آداب وأخلاق وصححت فيهم من تصورات ورسخت فيهم من .الفكر الإصلاحي البيوضي بقوله« :أعتقد أن أكبر سبب لتركيز فكرة الإصلاح فيجمااهليقرراراةل،قرااروة كمواكانيعبرله عبنعهد الذيلومك اأثلرضمكيبريرالدفييني،مناهصذارة الضامليإرصلاالحذي وفيتكوانلبذ فلي )1( .محمد بن محمد الطوسي آبو حامد الغزالي‘505 - 054( :ه_1111 - 8501 /م) يلقب بحجة الإسلام ‏ ٦فيلسوف متصوفؤ له نحو مئتي مصنف .رحل إلى نيسابور ثم إللى بغداد فالخجاز فبلاد الشام فمصر من كتبه :إحياء علوم الدين© تهافذنت الفلاسفة الاقتصاد ف الاعتقاد اللستصفى. الزركلي :الأعلام ج .7ص.22 .52 الفصل الخامس :اطر الإصلاح ومؤسساته354 المسجد ف‏ ٢سبيل ‏ ١لإصلاح.وا لفضل يرجع ف هذا إلى درسوا لتضحية كتاب قناطر الخيرات؛ه". بالتوازي مع هذا العمل قام الشيخ بيوض بتدريس منظومتين شعريتين في الأخلاق وشرحهما للشيخ أبي نصر فتح بن نوح المالوشائي؛ الأولى معروفة بمخمسة أبي نصر والثانية معروفة بالبائية. «أقرآ البيت فألم بشرحهاقال الشيخ عن المنهج الذي اتبعه ف هذه الدروس: ثم لشرح البيت باسلوبي التحليلي الخاص»،كما وصقهما بكونهما من أحسن ما يعتمد عليه الواعظ في شرح الأخلاق الإسلامية. بعد الفراغ من تدريسهما انتقل إلى تدريس كتاب :جوهر النظام للشيخ نور الدين السالمي ،واختار الجزء الرابع منه ،الذي كان في موضوع الحقوق المتبادلة بين المسلمين وفي الأخلاق التي ينبغي أن يتحلوا بها في معاملاتهم الاجتماعية. . . انتقل بعد ذلك إلى تدريس كتاب :سير مشايخ المغرب للشيخ احمد الشماخر(“ وهو كتاب في التاريخ ،تعرض فيه مؤلفه لسرد سيرة الني يلة وحياة صحابته والتابعين ،ثم فصل الحديث عن سيرة ومناقب علماء ومشايخ الإباضية بالمغرب في القرون المجرية الثمانية الأولى. ( )1دبوز :اعلام الإصلاح .ج .3ص.[ 41 ( )2فتح بن نوح الملوشائي( :النصف الأول ق7 :ه 31 /م) عالم وشاعر ومتكلم من اعلام قرية تملوشايت© بجبل نفوسة بليبيا ،له عدة مؤلفات وقصائد منها :النونية في أصول الدين ،ها عدة شروح الرائية في الصلاة .الدالية في الوعظ والإرشاد .البائية في الأخلاق ،ديوان شعر في الأخلاق والعقيدة ،معجم أعلام الإباضية .ج .3ص.487 دبوز :اللزجع السابق 6ج .3ص.11 5()3 ( )4احمد بن سعيد أبو العباس الشماخي (و :في الأربعينيات من ق 9ه /الثلاثينيات من ق 51م-ت829 :ه 2251 /م) عالم من بلدة يقرن بجبل نفوسة بليييا 6تلقى العلم في بلده وفي تونس .له عدة مؤلفات منها :سير المشايخ :من أهم مصادر الإباضية ني معرفة تاريخهم وتراجم اعلامهم .إعراب القرآن الكريم" شرح عقيدة التوحيد 6شرح على متن الديانات تصر العدل والإنصاف .معجم أعلام الإباضية ج .2صر.89 553البحث الأول :مؤسسة المسجد وكان الشيخ بعمله هذا يريد آن يقرن في عقول الناس بين الأخلاق الإسلامية التي كان يربيهم عليها وبين أمثلة واقعية ونماذج ميدانية التزمت بتلك التعاليم وجسدتها في حياتها باروع صور وضربت بذلك أحسن أمثلة .حتى يربطهم بالسيرة العطرة لنبيهم القدوة .وصحابته الأجلاء ،وبأمجاد تاريخ الإسلام" وتاريخ علمائهم الإباضية الذين عاشوا من قبلهم ني بلاد الغذرب© وجسدوا هذا الدين عمليا والتزموا بأخلاقه وفرائضه ،وعاشوا حياة إسلامية صحيحة مستقيمة على ‏١نهج الله تعالى. استغرقت دروس الشيخ في هذا الكتاب مدة أربع سنوات .يصف المؤرخ محمد علي دبوز هذه الدروس بقوله« :هذا ما أراده الشيخ بيوض أن تعرف العامة ما يجب عليها من تاريخ الرسول يلة والصحابة وما هو لازم من تاريخ صلحاء لمغربؤ فإنهم الأسوة الحسنة فلا بد من معرفتهم ...فكان الشيخ بيوض يشرح تلك الأحداث التاريخية ويستخلص العبرة منها ،ويحلل شخصيات المشايخ ويلفت النظر إلى صلاحهم وأسبابه ...إن غرض الشيخ بيوض هو تربية العامة وتهتيبها وتثقيفها بتاريخ الصالحنه". بالموازاة مع عنايته بتدريس الأخلاق لجماهير الناس وتربيتهم على السلوك الإسلامي الحميد ،واستقاء الأمثلة على ذلك من التاريخ الإسلامي الحافل بالنماذج الطيبة والقدوة الحسنة بالموازاة مع كل ذلك أولى الشيخ عناية خاصة بتفقيه الناس في أمور دينهم وبيان حدود ربهم وحرماته التي يجب أن تراعى ولا تنتهك ،ورفع الجهل عنهم في الأحكام الشرعية التعبدية والمعاملاتيةى حيث قام بتدريس عدة كتب من الفقه الإباضي هي: كتاب جامع الوضع والحاشية وكتاب الذهب الخالص للشيخ امحمد اطفيش. وكتاب جوهر النظام في أجزائه الثلاثة للشيخ نور الدين السالمي ،وكتاب النيل ‏١للشيخ عبد العزيز الثمين. . ( )1دبوز :أعلام الإصلاح .ج .3ص.11 6 الفصل الخامس :أطر الإصلاح ومؤسساته356 استفادت جماهير الناس استفادة كبيرة بهذه الدروس الفقهية المتواصلة والمبسطة التى رفعت عنهم غطاء الجهل في الدين ،وأنارت حياتهم في معرفة شرع النه تعالى. يصف المؤرخ محمد علي دبوز ثمرة هذه الدروس المسجدية بقوله« :تثقفت القرارة ثقافة دينية قوية ،وعرف رجالها ونساؤها كلهم دينهم .لا تجد في عامتها من يجهل دينه ،فالكل يعرفون من الدين ما فرض الله معرفته على كل مسلمإ بفضل دروس المسجد.الدائمة في الوعظ والإرشاد .وني الفقه الإسلامية"". ولأهمية الجانب الإيماني العقدي في نفوس الناس ،وفي التزامهم بما فهموه وفقهوه من فرائضهم تباه ربهم وتباه العباد ،فإن الشيخ بيوض كان يعتني بهذا الجانب في كل دروسه وخاصة في مستهلها فيتعرض إلى بيان معنى التوحيد ،وإفراد النه بالعبودية والإخلاص إليه ،ويركز على معاني التوكل على الله والتفويض والاحتساب والرضا بقضائه وقدره ،ويذكر بالموت والاستعداد للرحيل إلى الآخرة والتزود بالتقوى والعمل الصالح .ؤالتفكر في المآلؤ وفيما ينتظر المرء من حشر وحساب ومن ثواب وعقاب‘ ومن جنة ونار .حتى يدفع بهم إلى فعل الخيرات والتنافس عليها ،والكف عن المنكرات والمنهيات والابتعاد عنها. كما أفرد هذا الموضوع في المسجد بتدريس كتاب مستقل فيه همونظومة أنوار العقول للشيخ نور الدين الزالمي ،وهي منظومة جميلة الأسلوب© حاوية لأصول العقيدة الإسلامية الصحيحة المتفق عليها بين المسلمين. كانتتمكن الشيخ ببوض من إزالة بعض لخراقات والأباطيل الاعتقادية ل عالقة ف أذهان بعض الناس والمترسبة فيها من عهود التخلف والترديى“. بعل دذلك وبعد أن ختم ا لشيخ تدريس هذه ‏ ١لكتب.رأى ضرورة ة ا لارتقاء بمستوى العامة وجماهير الناس بتجديد طريقته في التدريس والوعظ المسجدي من .11دبور :اعلام الإصلاح .ج .3ض) 1 ( )2المرجع نفه:ج .3ص.911 753البحث الأول :مؤسسة المسجد خلال الاعتماد على مصادر التشريع الأساسية القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة مباشرة ،واختيار نصوص منها لتكون .نواة درسه ووعظه‘ إضافة إلى مقطوعات شعرية ونصوص ادبية كان ينتقيها ويستشهد بها مما يوافق الموضوع القرآني أو النبوي الذي هو بصدد الحديث عنه حتى تعطي نكهة وحيوية للدرس ثم يربط كل ذلك ويسقطه على واقع مجتمعه ويعالج به ما يشغل بال الناس ويجلب اهتمامهم وانشغالهم.'"١‏ يعرض الشيخ بيوض هذا الانتقال النوعي في دروسه المسجدية بقوله :لما ختمت هذه الكتب المذكورة للعامة في المسجد سلكت طريقة أخرى في الوعظ وهي أنني أختار آيا ت قرآنية وأحاديث نبوية ،وأختار مقطوعات أدبية أخلاقية فاجعلها نواة الدرس فاشرحها ...وأتطرق من تلك النواة إلى الموضوع الاجتماعي الذي يشغل بال الناس؛“. عالج الشيخ بيوض في دروسه هذه مختلف المواضيع الاجتماعية التى كانت الحاجة لطرحها ومناقشتها وتوضيح المفاهيم حولها وتصحيح أخطائها والقضاء على انحرافاتها ،فاستبدل بها الصلاح والرشاد والوعي والتنوير. يقول المؤرخ محمد علي دبوز عن مواضيع هذه الدروس« :تحدث الشيخ بيوض في دروس وعظه عن آفات المجتمع كلها ...وهاجم العصبية القبلية والجهوية والمذهبية .. .وهاجم في دررس وعظه البدع التي أقحمت في الدين فاضرت باللسلمين ،فبين بطلانها وأضرارها ...وتحدث عن النظام الاجتماعي العظيم في وادي ميزاب؛ سيما نظام العزابة؛ بهدف تمسك المجتمع به. كما كان الشيخ يولي اهتماما خاصا للمناسبات الدينية والمواسم الإسلامية ويستعد لها ويحضر لها موضوعات مهمة ،ويركز في خطابه الدعوي حتى يصل إلى ( )1المرجع نفسه :ج .3ص.911 .11ص9ج.3دبور :أعلام الإصلاح )(2 [ .19-59تالمرجع نقسه :ج .3ص((3 الفصل الخامس :أطر الإصلاح ومؤسساته358 أهدافه في غرس أفكاره وقناعاته في نفوس الجماهير التي كانت تهتم بهذه المناسبات؛ حيث تعود إلى البلدة من أسفارها في أنحاء الجزائر ،وتعمر المسجد أكثر وتصغي وتذعن لما يقال لا. هذه المناسبات والمواسم هي عيد الفطر وعيد الأضحى المباركين وليلة المولد النبوي الشريفؤ وليلة عاشوراء وليلة النصف من شعبان© وليالي شهر رمضان المبارك كلها. يصف الشيخ بيوض هذه الأجواء المسجدية وكيف يستغلها في غرس أفكاره وإيصال خطابه بقوله« :في هذه المواسم التي يمتلئ فيها المسجد أكثر وشعور السامعين في أعيادهم وفي شهر صومهم يكون أقوى أغتنم الفرصة فاجعل فيها دروسا خاصة؛ تقوم على آية قرآنية ،أو حديث نبوي اختارها وقد تكون نواة الدرس مقامة من المقامات التي الفت في الوعظ ...ثم أخرج منها إلى مواضيع الساعة المهمةهه"“. ويضيف الشيخ عن دروسه المسجدية بمناسبة ليالي شهر رمضان فيقول: «أطرق في كل ليلة من ليالي رمضان الباقية موضوعا أخلاقيا مهما يتصل بالمجتمع العام ...وفي دروس رمضان اعتني بالأسرة ومشاكلها ،وأسباب صلاحها وهنائهاء فاتحدث عن حقوق الوالدين ،وحقوق الأبناء .وحقوق الأزواج ،وعلاقة الأصهار بأاصهارهم ومحاولتهم إفساد الزوجة على زوجها والعكس ...واعتنى في دروس رمضان كل الاعتناء بالفواحش :الخمر والزنا والسرقة والقمار وأكل الربا وغير ذلك أشرحها شرحا فلسفيا أبين مضارها الكثيرة لمرتكبيها وللمجتمع“. إلى جانب كل هذا النشاط الدعوي الطويل النفس في شتى المواضيع ،وطرق لمختلف انشغالات المجتمع وهمومه فقد أولى الشيخ بيوض عناية خاصة لمصدري ( )1المرجع نفسه :ج 35ص.021 [. [ 1-22 ص02دبور :أعلام الإصلاح .ج.3()2 953البحث الأول :مؤسسة المسجد التشريع الإسلامي القرآن والسنة .فاشتغل بهما وأعطاهما قسطا هاما من أوقاته وقضى معهما فترة طويلة من عمره شارحا لهما ،ومفسرا لمعانيهما ومستنبطا لأحكامهما ومربيا المجتمع على اخلاقهما وتوجيهاتهما. بالتوازي مع هذه الدروس المسجدية العامة قام الشيخ بيوض من سنة [ 629م إلى سنة 0531ه1391 /م بتدريس شرح مسند الربيع بن/6 حبيب للشيخ نور الدين السالمي؛ معتمد الإباضية الأول في الحديث ،وبعد الفراغ منه افتتح تدريس كتاب فتح الباري شرح صحيح البخاري للإمام الحافظ ابن حجر العسقلاني وأمضى معه مدة أربع عشرة سنة كانت بدايتها سنة 391 [ /0531م واختتامها سنة 2631ه5491 /م. يقول الشيخ عدون شريفي أحد شهود عيان هذه الدروس عن أثرها في طلبة معهد الحياة التى كانت موجهة لهم بصفة أخص وكانوا ملزمين بجضورها يوميا مقدار ساعة من الوقت« :بهذه الروح العالية في هذه الدروس الغالية علمهم كيف يقدسون كلام من لا ينطق عن الهوى ،وكيف يقدمونه على كل كلام سواه وعلمهم كيف يبحثون مع الباحثين ،ويخوضون مع الخائضين© ويستخرجون الجواهر من بحر السنة ...علمهم كيف يسايرون علوم الدين العليا ويشاركون فطاحل علماء الإسلام في آرائهم ومباحثهم"'. لا شك أن تدريس الشيخ بيوض للحديث النبوي وللسنة المطهرة بالاعتماد على مصادرها وعلى شروح رجال الحديث وعمالقتها كابن حجر له أكثر من بعد في نفوس طلبته في معهد الحياة وفي حلقاته المسجدية لعموم الناس ،من معرفة مكانة السنة من القرآن ومن التشريع الإسلامي ،وبيان كيفية استنباط الأحكام والقدرة على مناقشة أقوال العلماء ،والاستفادة منها والتعليق عليها ،ولا شك أن الشيخ قد خاض مع طلبته في النقاشات العلمية المحتملة في ( )1شريفي :نص من خطبة ألقاها في حفل تكريمي للشيخ بيوض مناسبة ختمه للشرح .منشورة ضمن كتاب: .1 بوحجام :الشيخ بيوض المصلح المربي ،ص40 الفصل الخامس :اطر الإصلاح ومؤسساته360 هذه الأحاديث وهو يدربهم على فهم كلام النبي عليه الصلاة والسلام واستخلاص الأحكام والفوائد منها. بعد هذه المسيرة الحافلة .وفي عنفوان هذا العطاء العلمي وهذه الجهود الدعوية من على منبر المسجد وكرسي معهد الحياة وبعد هذه الخبرة التي بلغت خمس عشرة سنة في التحصيل العلمي العصامي ،وفي العطاء الدعوي الإرشادي" وفي الإصلاح بين الناس باختيار المحك الاجتماعي الميداني ،وفي تحمل أعباء المجتمع والإمامة في الدين استانس الشيخ بيوض من نفسه القوة والمقدرة والتمكن من العلوم الشرعية والقرآنية والعربية التي تؤهله لولوج غمار تفسير كتاب الله تعالى. فتوج مسيرته الدعوية بافتتاح درس التفسير في سنة 4531ه5391 /م واستمر معه إلى سنة 0041ه0891 /م لمدة خمس واربعين سنة. وكان قد مهد لهذا العمل في بداية الثلاثينيات بتجربة قصيرة شرح فيها سور جزء عم اعتمادا على تفسير الشيخ محمد عبده لهذا الجزء لأن هذه السور مما يحفظه جمهور الناس وهي عمدة صلواتهم ،فلا بد أن يعرفوا معانيها لتعينهم على الخشوع في الصلاة وتدبر القرآن الكريم.. عند فراغه منها تهاطلت عليها الدعوات من طلبته ومن المشايخ في وادي ميزاب لأجل الشروع في تفسير القرآن الكريم كاملا بداية من أوله ،فشرح الله صدره هذا العمل الكبير وهذا الجهد العظيم. بين الشيخ بيوض هدفه من تفسير القرآن بقوله« :إن غرضي من تفسير القرآن هو تربيةالناس بالقرآن وتثقيفهم .ووعظهم ومعالجة أمراض ا لنفوس كلها بالقرآن ،فإنه شفاؤها كلها. دبوز :اعلام الإصلاح .ج .3ص 03ا.131-)(1 المرجع نفسه :ج.3ص.131- !03)(2 صا [ . المرجع نفسه :ج.4()3 163البحث الأول :مؤسسة المسجد إن الهدف التربوي الاجتماعي هو المقصود من إقدام الشيخ بيوض على التفسير ،فهو يعتقد أن القرآن الكريم نزل ليكون شفاء للمسلمين من أسقامهم مما يعانون به من أمراض اجتماعية مختلفة .وأن جهد العالم المجتهد الناصح لأمته هو الذي يتولى تشخيص الداء والبحث عن الدواء في صيدلية القرآن الكريم بعبد عرض الجتمع عليهاا"} . يؤكد الشيخ بيوض على أن القرآن الكريم احتوى فعلا على علاج لكل أمراض الآمةء التى قد تصيبها في أخلاقها أو عقيدتها أو سلوكها؛ يقول في هذا« :ما من مرض من أمراض العقائد والأخلاق أو الأعمال إلا وفي القرآن دواؤه وشفاؤه ،دواء رخيص لا ينفد ولا ينضب ولا يكلفنا مالا ولا نقلا إلا أن نقرأه ونتمعن فيه .ونسأل أهل الذكر إن كنا لا نعلم. إن الهدف التربوي الذي اختاره الشيخ بيوض ووضعه نصب عينيه من دروسه التفسيرية الملسجدية جعلت منهجه يتضح ويتحدد من الوهلة الأولى، فهو لم يرد من تفسيره أن يكون طرحا علميا عميقا ودقيقا موغلا في قضايا اللغة والبلاغة ،أو مسائل الفلسفة والكلام" أو مباحث الأصول والحديث وإنما كان يركز على العبر وعلى الدروس الإيمانية التربوية الأخلاقية في القرآن الكريم ،وعلى ربط هذه الآيات بأبعادها الاجتماعية المعاصرة ،وإسقاطها على واقع الأمة وأوضاعها الراهنة. يقول في هذا الشان موضحا منهجه" :أركز الحديث على معاني القرآن والقصص الواردة فيه ،لا أتعرض للنحو والإعراب كما يفعل القدماء إلا ( )1قرقب :الإمام إبراهيم بيوض رائد الحركة الإصلاحية في الجنوب الجزائري .631 -811 ،سكحال: .09- ص88الإصلاح.فومنهجه الشيخ بيوض ) (2براهيم بيوض :في رحاب القرآن تفسير سورة الإسراء ،تحرير الأستاذ عيسى الشيخ بالحاج .مراجعة: الدكتور حمد ناصر طا.دار النهضة للنشر والتوزيع ،سلطنة عمان 2991 .م ص.3 5 الفصل الخامس :اطر الإصلاح ومؤسساته362 قليلا 5إذا أردت أن ابين الوجه البلاغي في حرف من الحروفؤ أو تركيب من التراكيب© هذا مما يفيد الطلبة ويجديهيم في صناعة الإنشاء بالخصوصه. ويقول الشيخ عن ربط التفسير بجياة الناس وتربيتهم به ومعالجة أمراضهم: افي درس التفسير اخرج باسلؤب حكيم إلى هذه المواضيع الاجتماعية فاوفيها حقها ،هذا ما يقع دائما ...كنت أطرق الحوادث الاجتماعية التي تشغل بال الجمهور. أما عن الخطوات التي كان يتبعها في عملية التفسير والتى تخدم منهجه التربوي الاجتماعي فيحددها الأستاذ عيسى الشيخ بالحاج المحرر لتفسيره بقوله: ه يذكر سبب نزول الآية في عصر النبوة ،ومطابقتها لمختلف العصور. -يربط الآية بالتي قبلها ،وكذا السورة بالتي قبلها ،مبينا لطائف وأسرار هذا الربط" وأوجه المناسبة. يشرح المفردات اللغوية ويتوقف عند النكت البلاغية. -يستحضر ما ورد في نفس الموضوع من آيات في القرآن. يقارن بين الآيات المختلفة لتكتمل الصورة. يذكر ما ورد في تفسير الآية عن رسول النه صلى النه عليه وسلم. -يعرض آراء بعض المفسرين الواردة في الموضوع موافقا أو مفندا أو مجددا. يعرض على الآية القضايا المعاصرة للمجتمع؛ السياسية والاجتماعية والاقتصادية .حسب موضوع الآية. يتوجه إلى النفس البشرية بالعبرة والذكرى والموعظة الحسنة. ص.[ 92دبور :اعلام الإصلاح .ج.3)(1 المرجع نفسه :ج .3ص. !1!2)(2 ط أ .دارالقرآن للشيخ بيوضلاسراء & من تفسير ف رحابعيسى الشيخ بالحاج:مقدمة تفسير صورة()3 النهضة للنشر والتوزيع ،سلطنة عمان 2991 .م ص .13-23 363البحث الأول :مؤسسة المسجد هذه هي خطته العملية في إلقاء دروسه التفسيرية الشفوية في المسجد أمام مسمع ومرأى طلبته في معهد الحياة وجماهير الناس الذين يقدمون من كل اطراف المدينة لينصتوا لما يقوله الشيخ وينهلوا منه الإيمان والعلم والخلق والتربية والموعظة والتوعية. لقد استفاد الشيخ بيوض في تحضير دروسه هذه من تفاسير لعلماء سابقين تأثر بفكرهم ومنهجهم في ا لإصلاح والدعوة وهم علماء مدرسة المنار۔ على رأسهم الشيخ محمد عبده والشيخ محمد رشيد رضاء حيث يؤكد الشيخ أنه من سورة الفاتحة إلى سورة يوسف كان يعود إلى تفسير المنار ليعرف شرح الآيات والأفكار والمعاني والأحكام الموجودة فيه. منتفسير المنا ر؛ ؛ فإ نه كان يرا جع عدداوبعد سورة يوسف حيث توقف التفاسير؛ هي روح المعاني للآلوسيهة والتفسير الكبير للرازي وتيسير التفسير للشيخ اطفيش وتفسير الجامع لأحكام القرآن للقرطي'3وتفسير في ظلال القرآن لمسذ)‘١‏ قطب. ) (1محمود بن عبد النه الحسيني شهاب الدين الآلوسي 0721- 7121( :ه4581 - 2081 /م) مفسر محدث\ أديب مولده ووفاته ف بغداد 8من أشهر كتبه تفسيره روح المعاني .الزركلي: [ .ص67الأعلام .ج.7 ( )2محمد بن عمر فخر الدين الرازي 606 - 445( :ه0121 - 0511 /م) الإمام المفسر" متضلع في .علم الكلام والفلسفة ،من أشهر كتبه تفسيره :مفاتيح الغيب .المرجع نفسه :ج 65ص.3 31 ( )3محمد بن أحمد الأندلسي القرطبي :توفي سنة 176 :ه 3721 /م .من كبار المفسرين ،من أشهر كتبه تفسيره :الجامع لأحكام القرآن .المرجع نفسه :ج 55ص.223 ( )4سيد بن إبراهيم قطب 7831 - 4231( :ه6691 - 6091 /م) مفكر إسلامي مصري تخرج من كلية دار العلوم بالقاهرة وعمل في جريدة الأهرام .ثم في ديوان وزارة المعارف ،انضم إلى حركة الإخوان المسلمين ،ودخل السجن والف الكثير من الكتب ،أشهرها تفسيره :في ظلال القرآن، التصوير الفني في القرآن ،مشاهد القيامة في القرآن" معالم في الطريق ،اعدمه النظام المصري .المرجع نفسه :ج .3ص.841 -741 ( )5قرقب :الإمام إبراهيم بيوض رائد الحركة الإصلاحية ني الجنوب الجزائري" ص.631 -811 ومؤسساتهالفصل الخامس :أطر الإصلاح364 من خلال هذه المصادر التفسيرية المتنوعة من حيث مدارسها ومناهجها ومن حيث الفترات الزمنية التى ألفت فيهاء ومن حيث التوجهات الفكرية والمذهبية لأصحابها تظهر رحابة صدر الشيخ وتفتحه على تلف المدارس الإسلامية والتيارات الفكرية واستفادته منها جميعا دون إقصاء. إلا أن ما ينبغي تسجيله بكل وضوح أن شخصية الشيخ التفسيرية كانت قوية جدا وكانت متميزة خاصة في انتهاجها البعد الإصلاحي التربوي الاجتماعي إذ ل يكن الشيخ مكتفيا بترديد ما طالعه عند المفسرين ،أو منحضصرا في نقل ما وجده عندهم من معان وأحكام بل إن جلوسه أمام طلبته وجماهير الناس مخاطبا إياهم مراعيا فيهم تفاوت مستوياتهم واختلاف شرائحهم ،ومستحضرا أوضاعهم وما يشغل بالهم يجعله وهو يفسر القرآن يعرض معاني آياته بطبعة جديدة تحمل بصمات شخصيته العلمية الإصلاحية. يقول الشيخ بيوض في توضيح حاله أثناء درس التفسير« :مع مطالعاتي لهذه التفاسير فإن انله سبحانه يفتح علي من التفسير بأشياء كثيرة يلهمني إياها ،وأغلبها وقت الدرسس وأحس أنني في وقت الدرس على احوال لم أكن عليها من قبل. وأحس بقوة فكرية وانفعال لا أكون عليهما في الأحوال العادية". إن ثمار هذه الدروس التفسيرية على جماهير الناس وعلى المجتمع كانت عظيمة جدا لا يقدر حقيقتها إلا من كان يحضر هذا الجو العلمي الإيماني القرآني العظيم ،فقد استطاع الشيخ أن يحول مسجد القرارة إلى قبلة علمية تقصد من كل أنحاء وادي ميزاب وأنحاء القطر الجزائري ،وحول المسجد فعلا إلى إشعاع علمي يستنير منه كل قاصد له ،كما استطاع أن يوطد أركان حركته الإصلاحية ونهضة العلمية من خلال هذه الدروس. يتحدث الشيخ بيوض قائلا عن آثار دروسه التفسيرية« :إنني أحمد انته تبارك وتعالى على النتيجة الق شاهدتها من اثر القرآن في نفوس العامة ...إن البلدة كلها دبوز :أعلام الإصلاح .ج .3ص.[ 52)(1 563البحث الأول :مؤسسة المسجد مجندة للعمل في كل ميدان ما دعي أحد إلى عمل إلا وأجاب ث إذا دعي إلى مال أعطى ،وإذا دعي إلى وقت أعطى من وقته وجهدهه"“. ويوضح الدكتور محمد ناصر آثار هذه الدروس بقوله« :إن هذا الانقلاب العظيم الذي تزعمه .الشيخ بيوض يعود إلى نهجه التربوي الرشيد الذي يتبعه في دروس تفسير القرآن الكريم .فقد كان ينتهج نهج العبدوية ،ويتبع عرض المجتمع على القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة عارضا مشاكله الاجتماعية اليومية، منطلقا من واقعه المعاش بجحصافة وبعد نظر بعيدين عميقين© وقد انطلق هذا الإشعاع من مسجد القرارة ليعم سائر مدن ميزاب؛“. ويبين الدكتور عيسى قرقب أهمية هذا التفسير بقوله « :إن القارئ لتفسير الشيخ بيوض أو المستمع لأشرطته يستمتع حقا بالعلم الغزير والأسلوب الرائع الجميل ،وبطرافة الحديث وطلاوة الكلمةش إنه لعالم مؤثر حقا على القارئ والمستمع َعلى حد سواء. هذه وقفة وخلاصة نرجو أن تكون وافية غير خلة لمسيرة هذا الرجل الإمام العالم العامل في مجال الدعوة والإصلاح ونشر العلم والفضيلة في المجتمع لأزيد من نصف قرن من الزمن. .كما أريد أن أختم هذه النقطة بالتوضيح والتاكيد على أن لرفقاء الشيخ ا .وتلاميذه من العلماء والمشايخ في الحركة الإصلاحية جهودا معتبرة ومسيرة نيرة واعمالا جليلة في سبيل قيام هذه النهضة الإصلاحية؛ التي تعاون الجميع على صناعتها وضمان تواصلها. ) ) 1نص حديث الشيخ إبراهيم بيوض في ندوة للإذاعة والتلفزيون الجزائري سنة 0891م ،منشور ضمن كتاب :في رحاب القرآن ،محاضرات مهرجان ختم تفسير الشيخ بيوض للقرآن الكريم" نشز جمعية التراث، القرارة ،غرداية .الجزائرش 0891م ،ص.08 ( )2ناصر :حلقة العزابة .ص.02-12 ( )3قرقب :الإمام إبراهيم بيوض رائد الحركة الإصلاحية في الجنوب الجزائري ص.202 الفصل الخامس :أطر الإصلاح ومؤسساته366 الممحث انتا ني : مؤسسات التربية وا لتعليم سبق الحديث في الفصل السابق على أن أعلام النهضة الإصلاحية في وادي ميزاب اقتنعوا في فلسفتهم الإصلاحية أن التربية والتعليم من الركائز التى يعول عليها لقيام نهضتهم وإحداث التغيير الاجتماعي الشامل ،ولأجل تحويل هاتين القيمتين الحضاريتين إلى واقع معيش واثر ملموس تحملهما الأجيال وتتشبع بهما. فقد سعت الحركة الإصلاحية إلى إنحباز الكثير من المؤسسات التربوية التعليمية. كما أدرك اعلام الإصلاح أن عمق الأزمة في المجتمع هي أزمة على مستوى الأفكار والتصورات ،وانه لا بد من جهود جبارة متواصلة عبر الأجيال من خلال تربيتهم وتعليمهم لأجل تصحيح المفاهيم وتقويم الرؤى حول الدين والحياة وفق مقتضيات العصر ومستجداته. في المقابل علموا أن محاربة أسباب التخلف© ،وطرد الاستعمار من البلاد يستلزم منهم أولا إعداد العدة العلمية التربوية .بنفي الجهل والركون عن الجيل الصاعد ليستطيع المقاومة ورفع التحدي ،فوضعوا في قائمة أولويات مشروعهم النتهضوي إنشاء المؤسسات التربوية التعليمية والعمل على إعادة النظر في برامجها ومناهجها وسبل تسييرها. كان لا بد لتجسيد هذه الأفكار الدخول إلى صرح المجتمع بخطة محكمة مدروسة ،وبجحملة إعلامية دعائية قوية تهدف إلى تصحيح جملة مفاهيم خاطئة كانت معشعشة في أذهان الجماهير حول تربية الأجيال وتعليمهم" من بينها زهد الناس في إلحاق أبنائهم بدور التعليم ،واكتفائهم بالنزر اليسير منه ومنع أبنائهم عن مواصلة دراستهم ،وإيقافهم في أول الطريق أو في متتصفه ،بدعوى الفاقة والفقر والاحتياج ،وإرسال أبنائهم إلى أماكن العمل في الحقول ،أو في المحلات التجارية في 763البحث الثاني :مؤسسات التربية والتعليم مدن الشمال الجزائري وهم لا يزالون في نعومة أظافرهم ل يستوفوا نصيبهم من التربية والتعليم(. يقول المؤرخ محمد علي دبوز واصفا هذا الوضع« :كان الكثير من آباء التلاميذ الميزابيين في ذلك العهد من العشرينيات إلى الخمسينيات يقطعون أبناءهم عن المدرسة قبل انتهاء دراستهم الابتدائية أو الثانوية ،فيجعلونهم في التجارة أو في الفلاحة ،يعتقدون أن قليلا من العلم يكفي والابن إذا قارب البلوغ أو بلغ يجب أن يدخل الميدان العملي فيعاضد اباه في حرفته‘ ويرفع معه أثقال الأسرة.. .كانت جرائم قطع الآباء أبناءهم عن العلم زهدا فيه ،واعتقادا منهم أن القليل منه يكفي؛. ويرد الشيخ أبو اليقظان أسباب زهد الناس في العلم وبقائهم على الجهل إلى طغيان النظرة المادية عليهم .وتاثرهم بالأوضاع الاتتصادية الصعبة التي يعانيها الشعب الجزائري عموماء مما جعلهم يرون أن السعادة والحياة الحقة لا تتوقف على العلم والتعليم .وإنما تتوقف على كسب المال والسعي وراء الرزق ،بل لا دخل للعلم في مسألة العزة والكرامة" بل ربما رآه البعض عائقا في سبيل تحصيل المال الذي به تتاتى السعادة والمكانة الاجتماعية في منظوره“. محاربة هذا الوضع وظف رجال الإصلاح منابر المساجد واللقاءات في تلف المناسبات والاجتماعات توظيفا قويا الأجل نشر دعايتهم حول التعليم وإقناع الناس باهميته وبجدواه في مستقبل أبنائهنم} وتوعيتهم بضرورة إلحاقهم بهذه الملؤسسات ،وتركهم ينالون قسطهم الكاني منه ،وعدم فصلهم منه قبل إكمال اطواره وبلوغ أعلى مراتبه. ( )1دبوز :أعلام الإصلاح .جك .صر62-33 دبور :أعلام الإصلاح .جك .ص.8:2-92)(2 ( )3ابو اليقظان :مقال بعنوان :الأمية ني الأمم شلل منشور ضمن كتاب :ابو اليقظان :غتارات من صحف ابي اليقظان ص.961 الفصل الخامس :أطر الإصلاح ومؤسساته368 قام رجال الإصلاح خلال العشرينيات والثلاثينيات بجولات عديدة وزيارات. كثيرة طافوا فيها قرى وادي ميزاب ومدن الشمال حيث توجد تجمعات الميزابيين التجار .والقى الشيخ بيوض فيها خطبا قوية حول التعليم وأهميته ودعا الناس إلى العناية بتعليم أبنائهم وإلحاقهم بالمدارس العربية الموجودة وحذرهم من قطعهم عن الدراسة قبل استكمال مشوارهمه.'. يقول الأستاذ محمد علي دبوز عن هذه الجهود« :اكانت معظم دروسه ۔ أي الشيخ بيوض-في العشرينيات والثلاثينيات سيما خارج القرارة في الدعوة إلى التربية والتعليم وفي الدفاع عن المدارس العربية الأصيلة التى ثار عليها الجامدون والفاسدون وأذناب الاستعمار. من جهة اخرى سعى علماء الإصلاح في حملتهم الدعائية إلى توعية الجماهير بضرورة الإسهام الفعال في تمويل مشاريع التربية والتعليم" والنفقة بسخاء على بنائها وتجهيزها وإدارتها وتسييرها.“١‏ لقد كانت إحدى الواجهات المهمة لجهود الحركة الإصلاحية هي التربية والتعليم المخصصة للناشئة والموجهة للأجيال الصاعدة .التي كانوا يعلقون عليهم آمال مواصلة مسيرة النهضة وتوسعها ،وآمال مساعدة الجيل الأول في تحمل اعبائها وتلقيها منهم باقتدار وكفاءة. كما بذلوا جهودا مضنية في سبيل تطوير التعليم العربي الإسلامي وعصرنة متاهجه وبرامجه وطرق إدارته ،وكونوا له الإطار الكفء الذي يتحمل هذه المسؤولية في شقها التربوي وشقها العلمي .بعد ما ورثوا تركة ثقيلة من الجيل السابق ،الذي بقي لديه التعليم تقليديا يراوح مكانه في عمومه ،رغم الجهود التى كانت مبذولة والمحاولات التى شهدت نوعا من التطوير .إلا أنها بقيت محصورة ( )1بوحجام :الشيخ بيوض المصلح المربي" ص.13-63 ( )2دبوز :المرجع السابقؤ جك ص:.42 ( )3المرجع نفسه :ج .ص.601-701 963البحث الثاني :مؤسسات التربية والتعليم محدودة لم تشهد الانتشار بين الجماهير ورغم التجربة الرائدة التى شهدها معهد القطب الشيخ امحمد اطفيش إلا أن شعلتها خفقتت بعد وفاته ،ولم تشهد الاستمرارية والمواصلة على المستوى نفسه من بعده. اعتنوا بالتعليم العربي القرآني بتوسيع نطاقه ليشمل كافة أبناء المجتمع" ففتحوا مدارسه في كل أرجاء وادي ميزاب وفي مدن الجزائر التى يوجد فيها أعداد معتبرة من العائلات الميزابية المستقرة فيهاا. كما أنشؤوا في بلدة القرارة-معقل الإصلاح الأول-معهد الحياة الثانوي، الذي هو مؤسسة تربوية تعليمية متخصصة في العلوم العربية والشرعية وهي في ذات الوقت تعنى بتخريج الإطارات والكفاءات والقيادات للحركة الإصلاحية فهي نجمع في تكوين شخصية طلبتها بين الجانب التربوي والعلمي والاجتماعي. فكانت بحق مؤسسة لإعداد الرجال حسب الخطة التى ارتضتها قيادة الحركة الإصلاحية ،وحسب الفلسفة التى رسمتها لمفهوم النخبة ومفهوم الفرد الصالح. يصف الدكتور محمد ناصر البعد التربوي العلمي لهذه المؤسسة بقوله" :إنها تتميز بهذا التكامل الذي يبني الفرد المسلم ويربيه تربية تراعي فيه قواه العقلية والنفسية والجسدية ،وتهدف قبل كل شيع إلى إعداده إعدادا إسلاميا وطنيا صحيحا{ يعتز معه بلغته ودينه ويتطلع دوما لأن يكون عمله يرضي النه سبحانه قبل أي اعتبار آخر ».2 لقد كان الطلبة المتخرجون الذين أنهوا دراستهم في مؤسسة معهد الحياة يوجهون مباشرة لتولي مهمة التعليم ومهمة الإدارة في المدارس العربية الابتدائية الحرة التى دأبت الحركة الإصلاحية على بثها ونشرها في جسد المجتمع فكان هؤلاء الطلبة يجمعون في مهمتهم بين تربية الأجيال وتعليمهم في المدارس والقيام بإمامة الدين في المساجد وواجب التوعية والنصح والوعظ للمجتمع. ( )1تركي :التعليم القومي ،ص.593-693 .1 998م .ص48 عجلة الحياة ع1‏٠ ميزابنظام التعليم بواد القيم الاسلامية فمقال بعنوان: ناصر: )(2 26 الفصل الخامس :اطر الإصلاح ومؤسساته370 ينبغي التاكيد على أن أعلام الإصلاح أولوا مؤسسة معهد الحياة عناية خاصة .وحفوها باهتمام متميز .وعلقوا عليها آمالا كبيرة؛ مثلت عصارة تفكيرهم التربوي التعليمي ،لتخريج الأجيال والنخب التي حملت الفكر الإصلاحي معهم ومن بعدهم. رعوا هذا المعهد ووفروا له الإمكانات المادية والعلمية والمعنوية الممكنة هم والمتاحة لديهم ووضعوا البرامج وضبطوا المواد الشرعية والعربية والعصرية ،وانتقوا المقررات والكتب المعتمدة .واختاروا المشايخ والأساتذة والمربين الذين يشرفون على التدريس والتسيير كما أوجدوا في رحابه جوا علميا واجتماعيا خصبا وملائما لتكوين شخصية الطالب في أبعادها التربوية والعلمية والاجتماعيةه.“. كما تعهد أعلام الإصلاح بانفسهم هذا المعهد ورابطوا في حلقاته ،وعاينوا أنشطته وراقبوا تطوراته وعالجوا أحداثه .وحرصوا أن يكون فعلا في مستوى تطلعات الحركة الإصلاحية .وأن يكون فعلا مشتلة للأمة ،فكان يمثل مبعث فخرها ومصدر عزتها ومكمن قوتها وضامن استمرارها في المستقبل. اختاروا هذا المعهد أن يكون بجوار المسجد وأن يكون لصيقا به ،لترتبط رسالة المسجد برسالة المعهد ،ولتتكامل رسالة الوعظ مع رسالة التعليم وليستلهم الطلبة روح العلم مع روح الدين. يقول الشيخ بيوض عن هذا الارتباط الوثيق ...« :فقامت هنه المؤسسة العتيدة لمعهد الحياة إلى جانب المسجد صرحا شانغخا للتربية المحمدية ومنارا للإسلام. وتلك هي قناعتنا منذ أن خطونا الخطوات الأولى ني الإصلاح الدين الاجتماعي ...وذلك لما يكون بين المؤسستين من تلازم وتكامل في تحقيق الدف المنشود من العملية التربوية ،وهو تكوين الفرد الصالح الذي يحمل بين جنبي ضميرا حيا وقلبا سليما. شريفي :معهد الحياة ص.65-78((1 ( )2بيوض :حديث الشيخ الإمام .ص.52 173البحث الثاني :مؤسسات التربية والتعليم علىمن هذا الربط هو تنشئة الطالبالدكتور محمل ناصر أن الغرضويرى السلوك الدينى المستقيم ف حياته 5بالصلاة مع الجماعة ف كل أوقاتها وبمحاسبة الإدارة له في ذلك‘ واعتباره في معدل الدراسةه. مع بداية الثلاثينيات سطع نجم الشيخ بيوض في وادي ميزاب من خلال جهوده الإصلاحية على مستوى المسجد والمعهد والمجتمع" فاصبحت بلدته القرارة قبلة الطلبة ،وأصبحوا يتوافدون عليها للالتحاق بمعهده من كل قرى وادي ميزاب، ومن أنحاء القطر الجزائري" ومن خارجه حيث يوجد الإباضية في جزيرة جربة بتونس وجبل نفوسة بليبيا .هذا ما جعل من أعيان الحركة الإصلاحية يفكرون في إنشاء داخلية تضم كل هؤلاء الطلبة الوافدين وتسهر على رعايتهم ومراقبة أخلاقهم ومتابعة دراستهم. تم إنجاز هذا المشروع وأصبح معلما تربويا وحضاريا جديدا لدى الحركة الإصلاحية ،تكلف خبرة أبنائها وإطاراتها لإدارته‘ ووضعت له نظاما صارما حازماچ يرص على مساعدة الطلبة للتحصيل العلمي ،وتكوين شخصيتهم "الاجتماعية3وإعدادهم لتحمل المهام والمسؤوليات في مجتمغهم. يقول عنها الشيخ عدون شريفي« :لها نظام كأارقى ما يكون نظام الداخليات معنويا وماديا من حيث التربية الصحيحة والعشرة الطيبة والسلوك الحسن والمراقبة الصارمة ،ومن حيث المأكل والمشرب والمرقد ،ولها لقاءات وجمعيات أدبية وفرق فنية. ولأجل تطعيم الطلبة المتخرجين من معهد الحياة بفكر جديد 5ولأجل الإعداد الأمثل لهم ولأجل فتح الآفاق الواسعة أمامهم .وتفتيق مواهبهم أكثر وتزويدهم بمزيد من العلوم والتجارب‘ فإن أعلام الحركة الإصلاحية حرصوا على بعصث ( )1ناصر :مقال بعنوان :القيم الإسلامية في نظام التعليم بوادي ميزاب ،مجلة الحياة .ع8991 10م .ص.28 ص.57شريفي :معهد الحياة)(2 ومؤسساتهالفصل الخامس:أطر الإصلاح32 طلبتهم إلى حواضر العلم الإسلامية الزاهية" فوجهوا طلبتها لاستكمال دراستهم في المعاهد والمدارس التونسية،وبالذات جامع الزيتونة ومدارس الخلدونية والصادقية. بدأت أفواج الطلبة تلتحق بهذه المدارس وتنسب إليها وتواصل مسيرتها العلمية ،وتحتك بهذا الوسيط العلمي الزاهر وتطعم أفكارها وتزيد من رصيدها المعرفي ،ومع تزايد أعدادهم فكرت قيادة الإصلاح وعزمت على تاطيرهم في دار واحدة. أنجزت فكرتها وتم شراء منزل فسيح في قلب العاصمة تونس بالقرب من جامع الزيتونة ،فتاسست بذلك البعثة البيوضية لطلبة معهد الحياة .فقامت بتنظيمها وضبط إدارتها .واستطاعت أن تجعل منها مشروعا حضاريا جديدا لتكوين الأجيال وصناعة النخب(". وعلى صعيد آخر أدركت الحركة الإصلاحية أهمية الحرف والصنائع الجديدة. وفهمت أن المجتمع بحاجة إليها لمواكبة العصر فارسلت أبناءها للتكوين في لمراكز التي فتحتها السلطات الفرنسية لهذا الغرض ثم قامت بمساعدة الطلبة متخرجين منها لفتح ورشاتهم والشروع في أعماله. ولأجل رعاية العملية التربوية التعليمية بكل متطلباتها عملت الحركة الإصلاحية على تأسيس جمعيات خيرية على مستوى كل قرى وادي ميزاب؛ تتولى الإشراف المادي والمعنوي على المدارس والمعاهد ،وتعمل على حل مشاكلها الإدارية ومتابعة شؤون التعليم فيها. هكذا كانت مؤسسات التربية والتعليم هي الواجهة الثانية للحركة الإصلاحية لتجسيد مشروعها وإقامة نهضتها وغرس أفكارها في شرائح المجتمع عموما؛ وفني ( )1الجابري :النشاط العلمي ،ص .001دبوز :اعلام الإصلاح ،ج.541 .4 ص . [ 32سكحال :الشيخ بيوض ومنهج ف الإصلاح.()2 ( )3شريفي :المرجع السابق .ص .57-28سكحال :المرجع السابق .صس.851-661 373البحث الثاني :مؤسسات التربية والتعليم . . الناشئة الصاعدة خصوصا حيث اقتنعت أن مصير هذه الأجيال مرهون بمدى تعلمها وتربيتها على القيم والأخلاق الإسلامية النبيلة ،وتشربها ينابيع الثقافة الاسلامية الآ صيلة ،التي تستمد منهما الخط والمنهج لمواصلة مسيرة النهضة الإصلاحية المباركة. ماتحتاج إل مريد بسط وتحليل ؛ هذاأ لمنجزا ت وهذه الجهودأن هذهلا شك سيجعلنا نفرد فصلا مستقلا للإصلاح التربوي التعليمي. كنق جمب56هد الفصل الخامس :أطر الإصلاح ومؤسساته34 الحث التالث: الهيئات العرفية نعتبر الهيئات العرفية التى ينطوي عليها المجتمع الإباضي في وادي ميزاب أطرا لتجسيد الفكر الإصلاحي" ومؤسسات لتوطيد أركان النهضة الإصلاحية في جوانب الحياة الاجتماعية المختلفة .ذلك لما تحظى به هذه الهيئات من مكانة موقرة لدى جماهير الناس ،ومن وقع على نفوسهم" ومن أثر في سلوكهم ،ومن انقياد في عقولهم. ورثت هذه المكانة المعتبرة داخل المجتمع الإباضي بتراكم جهودها وإخلاص نصحها في مسيرة ألف عام من الزمن. سبق لنا في مباحث سابقة التعريف بهذه الهيئات ،ودراسة أوضاعها ،وعرض جهودها في سبيل خدمة المجتمع والمحافظة عليه كما سبق أن بينا أن الفضل الأكبر يعود إليها في بقاء هذا المجتمع يحمل في عمومه طابع الصلاح ،وبصمات الحضارة الإسلامية الأصيلة التي لم تشهد انقطاعا أو انفصاما بينا .رغم كل ما سجلنا عليها من ضعف وهوان بين الفينة والأخرى© ومن سلبيات اعترتها في مسيرتها التاريخية الطويلة ،لذا يصح لنا أن نعتبر هذا النظام العرفي هو العمود الفقري الذي قام عليه المجتمع الإباضي في وادي ميزاب. نستطيع أن نضيف فنقول إن فهم حقيقة إباضية الجزائر ،ورسم صورتهم الاجتماعية وإدراك حركيتهم التاريخية ،وتحديد مسارهم الحضاري؛ لا يمكن أن يتم خارج هذه الهيئات ،أو بعيدا عن هذه النظم" ذلك لتغلغلها فعلا في أعماق المجتمع. وضرب جذورها في أطنابه خلال كل هذه الفترة الزمنية الطويلة ،التى كانت فيها هذه للؤسسات تسير شؤون المجتمع وتتولى الحكم فيه؛ ما أضحى من غير الموضوعي. ومن غير العلمي فصل هذا عن ذاك في عملية الدراسة والتقويم. 53البحث الثالث :الهيئات العرفية لقد أثبتت هذه الهيئات جدارتها في الميدان ،وتمكنت من كسب الثقة العمياء لجماهير الناس فيها۔ لما قدمته لهم من خدمات ومنافع .ولما مثلت هم من قيادة اجتماعية ودينية راشدة على أساس القدوة والنموذج العملي لاستقامة السلوك وللالتزام بالأوامر والنواهي والعمل بالأعراف المشرعة وبالتقدم والإمامة في الدين والحياة. يقول الشيخ صالح سماوي مبينا هذه القيمة ومشيرا إلى هذه المكانة في نفوس الناس« :قيمة المشايخ والعزابة لدى العامة مرموقة تظهر فيها البراءة والصدق، ونظرة إكبار وإعجابؤ فكان التعامل معهم باحترام ووفاء وإخلاص مما أدى إلى الاستسلام لرايهم أو نظريتهم أو الحكم والفصل فيما يشكل عليهم أو يستفسرونه؛ .1 إن الجهود المتواصلة لهذه الهيئات العرفية طوال هذه المدة على مختلف الأصعدة الاجتماعية أصبحت بموجبها تمثل موروثا حضاريا ثقيلا ،وعاملا اجتماعيا معقدا. ورابطا نفسانيا مركبا ،له أثره وفعاليته ي أي حدث اجتماعي .وله حسابه في أي معادلة تحصل في وادي ميزاب. تتمثل هذه الهيئات أساسا في نظام العزابة الهرمي" بما ينطوي تحته من مؤسسات عرفية مساعدة على تسيير المجتمع وتوجيهه؛ من مجالس العشائر والأعيان والشباب والنساء. بواسطة هذه الهيئات العرفية كانت لعبة السياسة والحكم تدار في وادي ميزاب وتحرك خيوطها وبواسطتها كانت الأحداث تصعع والقرارات تتخذ والأعراف تشرع والخطط تنفذ. رغم تعاقب السلط السياسية على الجزائر وعلى وادي ميزاب طوال هذه الحقبة الزمنيةث من سلطة الأتراك إلى سلطة الاستعمار الفرنسي إلى عهد الاستقلال ص .1 720العزابة حل3سماوي:)(1 ومؤسساتهالفصل الخامس :أطر الإصلاح376 ومؤسسات الدولة الجزائرية ،إلا أن ما ينبغي تقريره بكل وضوح أن هذه الهيئات العرفية استطاعت أن تبقي في يدها التأثير في صناعة القرار وإحداث الحركية الاجتماعية وأخذ زمام المبادرة في المنطقة ،رغم كل ما يمكن أن يقال عن مراحل الضعف والاسترخاء التى عرفتها هذه الهيئات بين حين وآخر. كثيرا ما تجاذبت هذه السلط مع نظام العزابة أطراف اللعبة السياسية وعملية التأثير على المجتمع؛ خاصة في عهد الاستعمار بمحاولة الحد من الصلاحيات والتقليص من النفوذ ،وبسياسة التفريق والتشتيت ،وكثيرا ما غجح الاستعمار ني بلوغ مآربه .إلا أن هذا النظام لم يكن يتوانى في استعادة أنفاسه من جديد ،ولم يكن يلبث ف لملمة صفوفه واسترداد ما ضاع منه بطريقة أو بأخرى بعد تغير ا لأوضاع وزوال الزوابع ،فيعود إلى التموقع والتجدد والتمكن من ناصية المجتمع“` . شهد بذلك أحد الباحثين المستشرقين المختصين في دراسة المذهب الإباضي هو البولوني لفتسكي (نكا¡٢ز])‏ إذ يقول« :بعد احتلال الفرنسيين لميزاب سنة 2881 / 0م استمر شيوخ العزابة في التمتع الدائم بالسلطة الروحية الكبيرة على المدن الميزابية ،ولكن لم تبق لهم أية سلطة سياسية ،واقتصرت سلطتهم على السهر لتطبيق تعاليم المذهب الإباضي ...وفي هذا المجال فإن سلطة العزابة وشيخ الحلقة لا تزال دائما جد كبيرة ،يملكون الوصاية على كل المواطنين الإباضيين ميزاب" وتبقى الحلقة دائما هي الهيئة الدينية والروحية العليا للميزابيين»“. كما وقع ذلك بعد استقلال الجزائر بمحاولة جهات نافذة في حزب جبهة التحرير الوطني على مستوى ولاية غرداية لأغراض منحرفة زعزعة الاستقرار الداخلي لهذاالمجتمع بالمساس بهذه الهيئات والنيل من مشايخها وعزابتهاء ومحاولة تشكيك الأجيال في جدواها وقدرتها على مسايرة التطورات الحاصلة في الجزائر والعالم 6وكذا بإلصاق التهم الباطلة بهذا النظام لأجل تأليب السلطات العليا ني ( ) 1ناصر :حلقة العزابة ،ص.73-54 ( )2دائرة المعارف الإسلامية .مج .3ص 1ر . 79-10نقلا عن كتاب :محمد ناصر :حلقة العزابة .ص.73-83 773البحث الثالث :الهيئات العرفية الدولة عليه للقضاء عليه وإلحاق الضرر بالقائمين عليه من شيوخ العزابة ورجال العشائر وأعيان البلر.""١‏ إلا أن هذه الجهود الباطلة والنوايا الفاسدة كانت كل مرة تبوء بالفشل ولا تكلل بالنجاح" لتشبت المجتمع بهيئاته وبعلمائه وبعزابته .ولتفهم السلطات العليا في الدولة الجزائرية لحقيقة هذا المجتمع والدور الحضاري الإيبابي لنظمه ولأعرافه التى تصب ني خدمة المصالح الكبرى للجزائر وتوطيد أركان الاستقرار الاجتماعي فيه. يقول الشيخ بيوض معترفا بتقدير السلطات العليا الجزائريةلدور هذه الهيات رغم كل ما يصلها عنها من وشايات باطلة« :وهل يمكن لحكومة رشيدة أن تتنكر لذلك التراث الخالد وذلك الرصيد الحضاري الذي حافظ عليه &،بل زكاه ونماه التعليم الحر في شمال البلاد وجنوبها مما قامت به الحركات الإصلاحية هنا وهناك ف المجال الديني والاجتماعي والثقافيه. إن المتتبع لهذا التاريخ الطويلك والمستنطق لأحداثه وتقلباته ليصل إلى النتيجة الواضحة المتمثلة في تعلق هذا المجتمع بهيثاته ونظمه ،وتغلغلها في نفوس أفراده. وعظم دورها في صناعة حضارة هذه المنطقة. أدرك أقطاب الحركة الإصلاحية هذه العلاقة الوطيدة التى تحكم المجهتمع بهيثاته إدراكا قويا ،وفهموها فهما عميقا ،واستوعبوها استيعابا سديدا ،وأيقنوا أن أقوى طريق للإصلاح في وادي ميزاب هو طريق هذه المؤسسات العرفية التي يجب أن تؤتى من الداخل ،وأن يتدرج في صعود سلمها بغيةالوصول إلى القمة ،وأنه لا نجاح لأي عمل إصلاحي أو جهد تغييري إذا حاول تجاوزها أو عمل على تبنبها أو سعى إلى كسرها واستبدال غيرها بها. [ا .611سكحال:صالشيخ الإمام .حل [ .ص .03 -72سماوي :العزابة حل3) ) 1بيوض :حديث ص. [ 64 - 1 44الإصلاحومنهجه فالشيخ بيوض .1 16 صالمرجع نفسهسماوي:)(2 ( )3بيوض :المرجع السابق ،حل ،1ص.82 الفصل الخامس :أطر الإصلاح ومؤسساته5ك378 فكان عملهم فيها متمثلا في الجبهات الآتية: [ _ الالتحاق بهذه الهيئات العرفية ليصبحوا أعضاء نشطين فاعلين فيهاء يرتدون لباس الشرعية الدينية والاجتماعية للإصلاح في هذا المجتمع. العمل على تفعيل دورها وتقويم مسارها لتسهم بقوة في خدمة2 النهضة الإصلاحية. العمل على تطوير أركانها وتوسيع صلاحياتها واستعادة هيبتها وفرض3 سيطرتها على المجتمع على أوسع نطاق ممكن. 4الدفاع عنها وتصحيح المفاهيم الخاطئة حولها ،ورد الشبه المارة عنهاء وضبط علاقتها مع السلط الحاكمة للجزائر ووادي ميزاب من الاستعمار والقياد ثم الدولة الجزائرية. العمل على تحويلها إلى الشرايين الناقلة والضاخة للفكر الإصلاحي؟ والآلة المجسدة للنهضة الإصلاحية والأداة المحصنة والحامية للمجتمع الإصلاحي. لم تحدثنا الوثائق والأحداث طوال عهد النهضة الإصلاحية أن أعلام الإصلاح شككوا يوما في صلاحية هذه الهيئات ،ومقدرتها على تسيير شؤون المجتمع ،أو حاولوا تجاوزها والعمل خارجها؛ رغم كل ما لاقوه من عنت وتعب‘6 ومن معارضة وعقبات في طريقهم الإصلاحي من بعض القائمين على هذه اللؤسسات من شيوخ العزابة ورجال الأعيان وزعماء العشائر من حين إلى آخر .بل سجل لنا التاريخ صفحات مشرقة وأوراقا مضيئة من ثباتهم على الطريق وتحملهم للابتلاء وصبرهم على.الأذى؛ الذي ايقنوا أنه لا بد منه في أي مسيرة إصلاحية ودعوة تبديدية ،وأن طريق اختراق هذه الهيئات لابد أن يمر عبر هذا السبيل ويمكن أن تعترضه بعض الأشواله("“. ( )1القرادي :الشيخ القرادي حياته وآثارهء ص .421 -221بكلي :محاضرات البكري ص.651-461 الشيخ بيوض ومنهجه ف الإصلاح .ص 34ا .641-سكحال: 973البحث الثالث :الهيئات العرفية يقول الشيخ بيوض موجها طلبته وناصحا إياهم بعد تخرجهم من معهد الحياة والتحاقهم للمرابطة في الميادين الاجتماعية والتربوية والاقتصادية« :أريد أن تكونوا ذوي كرم وأريحية وشمم وإباء وهمة عالية ،أحسنوا لمن أساء إليكم" وأرفقوا بالجهلة والأغبياء وضعفاء النفوس وألينوا القول ههم ......إنكم إذا فعلتم امتلكتم القلوب ،وتحكمتم في النفوس ،فسلس لكم قيادها“. كما تروي لنا الأحداث أن أعلام الإصلاح ناضلوا ودافعوا عن هذه الهيئات، ودعوا إلى المحافظة عليها وإلى تطويرها لتواكب العصر ومستجداته ،وبينوا للناس أهميتها وجدواها وأقنعوهم بارتباط صلاحهم وتماسكهم بهاء وردوا الكثير من محاولات تشويهها والمساس بها أثناء حكم الاستعمار وبعد الاستقلال. يقول الشيخ بيوض معترفا بافضال هذه الهيئات بقوله« :وما هذا المظهر الاجتماعي الذي نتمتع به .وما هذه التربية الفضلى لأجيالنا ...إلا ثمرة هذا النظام ،وفيض من بركاته؛«“. كما سجل لنا التاريخ اعتراف رجال الإصلاح بأفضال معارضيهم من العزابة ,والأعيان المحافظين ،وبنواياهم الحسنةا وبتفانيهم في خدمة هذه المؤسسات والحفاظ عليها .رغم الاختلافات البينة التى .كانت بين التيارين كمنا اعترفوا في الكثير من المناسبات أن هذه التنظيمات هي التى مهدت لحم طريق النهضة والإصلاح .وهي التى حفظت لحم سلامة المجتمع في عمومها وبقائه متماسكا .كما اعترفوا كذلك أن أفكارهم التقدمية التجديدية ،التي لم يعهدها المجتمع من قبل ما كانت لتنساب بسهولة وأريحية إلى أفراده لولا فضل جهود العلماء والمشايخ السابقين العاملين ولولا وجود هذه الهيكلة الاجتماعية الهرمية . المساعدة على العمل والنجاح. ( )1دبوز :نهضة الجزائر الحديثة .ج .3ص702 بيوض :المجتمع المسجدي .ص.55-28)(2 ) (3بيوض حديث الشيخ الإمام .حلا 85صك. الفصل الخامس :أطر الإصلاح ومؤسساته. 0 يقول الأستاذ محمد علي دبوز« :إن الفضل الأكبر لشباب نهضتنا يرجع إلى أولئك العلماء المصلحين،فهم الذين ثقفوا الأمة ،واصلحوا نفوسهاء وثقافة العقول فتحسن الإدراك ،وإصلاح النفوس فتحسن العمل"‘. أيقنوا أن نجاح الحركة الإصلاحية مرهون أساسا بمدى قدرتهم على تفعيل دور هذه المؤسسات وبمدى قدرتهم على توظيف هذه الهيكلة الاجتماعية الهرمية واستغلالها في بث الفكر الإصلاحي وبمدى قدرتهم على استعادة هيبة العزابة والعشيرة في نفوس الجماهير ،وبمدى تكوين جماعة قوية كفأة في هرم هذه المرجعيات تجمع بين العلم والخلق والعمل والخبرة .تكون محل قيادة وقدوة فعلية للجماهير؛ تلتف جوفها وتضع فيها ثقتها وترضى بقيادتها وتنصاع لأوامرها وتعمل بنصحها وتستجيب لدعوتها في سبيل تحقيق المشروع الإصلاحي النهضوي الشامل. ارتبط علماء الحركة الإصلاحية وشبابها بهذه الهيئات فكانوا جنودا مرابطين في حلقات العزابة وجنودا في مجالس العشائر وجنودا في مجالس الأعيان ومجالس الشباب ،وأثبتوا جدارتهم بالعمل والاستقامة والكفاءة ،فاستطاعوا مع الوقت أن يتحكموا في تسيير شؤون البلد ،وفي توجيه أفكاره وإرشاد خطابه وتحويل منهجه ‏١نحو فكر الحركة الإصلاحية... كما استطاعوا من خلال هذه المؤسسات أن يعايشوا جماهير الناس ف عمق قضاياهم اليومية ،وانشغالاتهم" وأن يخدموا حوائجهم ويقضوا مآربهم ويصلحوا ذات بينهمإ فاقتربوا منهم وأثروا فيهم ،وكسبوا ثقتهم وأاصلحوا من أحوالهم. فكانوا ميدانيين فعلا. يخاطب الشيخ بيوض طلبته داعيا إياهم للصبر وللمرابطة ني الميادين الإصلاحية « :أريد من كل واحد منكم أن يكون له أثر في المركز الذي يوجد فيه ...المشاكل في ميدان الحياة كثيرة} والخلافات بين الآفراد والجماعات تحدث كل دبوز :نهضة الجزائر الحديثة .ج .2ص.2 )(1 183البحث الثالث :الهيئات العرفية يوم في كل قرية وفي كل مدينة ،فاقتحموا ميادين الإصلاحح فضوا المشاكل بالحلول اللرضية ،وسووا الخلافات بالعدل والحكمة\ فإنكم بذلك تفرضون وجودكم. وتعرفون بأنفسكم وتحملون الناس على احترامكم»“. من جهة أخرى؛ فإن هذه الأهمية الدينية والاجتماعية الق تحظى بها حلقات العزابة عند إياضية الجزائر في وادي ميزاب بكونها أعلى هيئة في امجتصع؛ يعود إليها القول الفصل في شؤون البلد في الدين والحياة من خلال إشرافها على مؤسسة المسجد وتسيير وظائفها وتوجيه الخطاب الدعوي من خلال منبره الذي يؤثر مباشرة ني عموم الناس-كما سلف أن بينا-جعل منها محل تنافس وتدافع بين التيارين المتخاصمين في وادي ميزاب والحريصين على الاستحواذ على الأفراد والمؤسسات. يحدثنا التاريخ أن وادي ميزاب أثناء قيام النهضة الإصلاحية شهد صراعات داخلية عديدة وسط هذه الحلقات بين التيارين المتناطحين :تيار الإصلاح والتجديد الناشئعس وتيار المحافظة والجمود السائد؛ لأجل الإمساك بزمام هذه الحلقات ،التي من خلالها يتم التحكم في بقية مؤسسات المجتمع. شهدت قرى وادي ميزاب عموما هذه المناطحات بين العزابة الموالين للحركة الإصلاحية الحاملين لفكر الشيخ بيوض من تلاميذه ورفقائه ومناصرين" وبين المتشبثين بفكر المحافظين ،والمعادين للشيخ بيوض واتباعه وتوجهاته. أسفرت هذه المعارك-الخفية أحيانا والمعلنة أحيانا أخرى الباردة أحيانا والساخنة أحيانا أخرى-على وقوع انقلابات داخل حلقات العزابة على مستوى بعض القرى؛ تمكن من خلالها المصلحون من السيطرة على هده الحلقات كلية. وعزل العزابة المحافظين،أو دفعهم للاستقالة من مناصبهم" أو إرغامهم للركون إلى الصمت والحياد ،أو الانعزال عن المجتمع نهائيا أو المجرة إلى مواطن المحافظين. ) (1دبوز :نهضة الجزائر الحديثة .ج .3ص.602 .192- 1 دبوز :أعلام الإصلاح .ج .4ص)(2 الفصل الخامس :أطر الإصلاح ومؤسساته382 هذا ما وقع فعلا في معاقل الإصلاح أين قويت شوكته وانتشرت أفكاره وكثر أنصاره‘ وضعف خصومه .وهو ما حدث في بلدة القرارة وبلدة بريان .أما القرى التى بقي فيها تيار المحافظة متماسكا فإن الصراعات بين التيارين أسفرت على تفجير حلقات العزابة .وشقها إلى صفين؛ صف محافظ وصف مصلح حيث اضطر عزابة الإصلاح وأنصاره أن يتخذوا لأنفسهم حلقة خاصة بهم .تحمل الفكر البيوضي والمشروع الإصلاحي مع بقاء حلقات العزابة المحافظين. ترتب عن هذا الصراع وعن هذا التصدع في قمة الحرم انقسام المجتمع باكمله إلى صفين كذلك صف موال للمصلحين حامل لأفكاره وتوجهاته وصف موال للمحافظين باق على ما هم عليه .هذا ما شهدته كل من بلدة غرداية وبنورة والعطف". مع مرور الوقت اتخذت حلقات العزابة الموالية للحركة الإصلاحية مؤسساتها الدينية والتعليمية وجمعياتها الخيرية ،فاستقلت بمساجدها ومدارسها وصبغت كل أنشطتها بالفكرة الإصلاحية البيوضية ،خاصة بعدما تعسر الجمع بين الفريقين وفشلت المساعي المبذولة لرأب الصدع .لما كان يكنه أقطاب حزب المحافظين من عداء ومقت للشيخ بيوض وأفكاره وتلاميذه ،وللاختلاف البين في وجهات النظر حول العديد من القضايا الاجتماعية والفقهية بين التيارين. كما نقل هذا الصراع إلى مستوى مؤسسات العشائر بغية السيطرة عليها والتأثير من خلالها على الجماهير لما ها من أهمية في هيكلة المجتمع وتوجيهه ،كما انتقل الصراع إلى مظاهر الحياة الاجتماعية العامة ،فكان التجاذب في استمالة قلوب الناس وكسبهم أنصارا لأحد الصفين بما كان يقدم كل تيار من خطاب مسجدي ومن أعمال ومن اجتهادات ومن مشاريع تربوية واجتماعية. كما نسجل أن بلدة بني يزقن بقيت الوحيدة التي لم يتمكن التيار الإصلاحي من اختراق هيئاتها وكسر وحدتها ،رغم المحاولات المتكررة" ورغم وجود أنصار ص.861- [ 66صر-72۔.15الحجاج سعيد :تاريخ بغي مزابدبوز :أعلام الإصلاح .ج.4)(1 383البحث الثالث :الهيئات العرفية للشيخ بيوض بين أعيانها وأبنائها ،إلا أنها استطاعت الثبات والمقاومة والحفاظ على وحدتها الداخلية وتماسك مجتمعها". لعل ذلك يعود أساسا إلى وجود عدد من الفقهاء والمشايخ والعزابة من تلاميذ قطب الأمة الشيخ اطفيش ممن خالفوا الشيخ بيوض في الفكر والمنهج فكانوا بالمرصاد لتيار الإصلاح الجارف. في حقيقة الأمر إن هذه التقلبات الخطيرة والأحداث المتسارعة الى وقعت في وادي ميزاب وهذه التصدعات العمودية الشديدة التي أصابت المجتمع في عمق هيكلته ونظامه ومؤسساته العرفية العريقة من قمة الهرم إلى أسفله ،لتحتاج إلى تامل ونظر ،وإلى تحديد المسؤوليات التاريخية فيها للفريقين المتصارعين المتناطحين حول القيادة والحكمإ كما تحتاج إلى التساؤل الجدي والتحليل العميق والجواب الجريء عن إمكانية قبول ما آلت إليه الأمور ،واستساغة مثل هذه الخروق الخطيرة مقابل إحداث الإصلاح والتغيير المنشود.. حسب رايي؛ إن الإصلاحيين في وادي ميزاب وعلى رأسهم الشيخ بيوض؛ يتحملون شطرا من:المسؤولية التاريخية في عدم تمكنهم من تمرير نهضتهم الإصلاحية دون إحداث هذا الشرخ الاجتماعي ،وشق وادي ميزاب إلى صفين وفي التسبب في أزمات اجتماعية .وفي تشتيت للقوى وإهدار للطاقات والأوقات والأموال وضعف وهوان لا يزال وادي ميزاب يعيش آثاره وتداعياته السلبية إلى حد اليوم على أصعدة عديدة. نقول هذا الكلام رغم كل الإيجابيات التى حصلت عليها الحركة الإصلاحية في معاركها ومنازلاتها .ورغم كل الانتصارات التي حصدتها في الميادين التي خاضتهاء والتي جنى من ورائها وادي ميزاب إلى اليوم الخير العميم ،وحصل له من الإصلاح والتطور والتقدم الفضل العظيم" ورد عن نفسه وأهله الشر الكثير. 1ا.861-ص66دبوز :المرجع نفسه ج .4ص -72ا.5الحاج سعيد :المرجع نفسه)(1 الفصل الخامس :اطر الإصلاح ومؤسساته384 من جهة أخرى فإن طرف المسؤولية وشطره الآخر والأكبر في حدوث هذا الشرخ الذي زلزل أركان وادي ميزاب يتحمله هؤلاء الفقهاء والشيوخ والأعيان المحافظون الجامدون على الفهم التقليدي للدين والمتشبثون بالنظرة السطحية للشريعة وللمذهب المانعون للتجديد والتطوير فيهما ،الواقفون أمام عجلة التغيير والعصرنة التى هي من سنن الكون الخالدة .المتصلبون في آرائهم ومواقفهم. العاجزون أمام التفاعل الإيجابي مع المستجدات المتذرعون بجماية المذهب والأعراف وسير الأجداد ،المتمسكون بمراكزهم الدينية والاجتماعية .ثم ما تزامن مع كل ذلك من ظروف اجتماعية وسياسية داخلية حرجة متردية ،تتحكم فيها آلة الاستعمار ،وتستعمل بعض هؤلاء الشيوخ والأعيان كيفما شاءت وتضحك على أذقانهم 6وتعمل على تخدير المجتمع من .خلالهم وإبقائه على أوضاعه المختلة. أضف إلى ذلك ما كان يعاني منه المجتمع بسبب الجهل والفاقة والصراعات. هكذا كانت الأقدار تدفع نحو صدام الفكرين النقيضين المتصلبين ،وكسر أحدهما للآخر بدل التقارب أو التنازل من الطريفين لأجل حصول الحل الوسط‘ والالتقاء في دائرة التوافق والتفاهم ،والتسامح في دوائر الاختلاف والتباين. كما أسجل أنه من الصعب جدا تقدير أحقية كل طرف في ما ذهب إليه أو تشبث به 5،لأن ذلك مرهون أساسا بمعطيات تاريخية ظرفية كان يعيشها الفريقان. ويقوم بها نظرته إلى أحكام الدين ومسائل الحياة من حوله. إلا أنه من الضروري التاكيد أن الحركة الإصلاحية وجدت نفسها مدفوعة إلى سلك هذا الطريق ولم يكن أمامها البديل من الخيارات لتحقيق مشروعها الإصلاحي دون دك معاقل الجمود وإزاحتها من الطريق نهائيا وإسقاطها من على سدة الحكم في وادي ميزاب ،لأنها طالما وقفت سدا مانعا في طريق نهضتها فوازنت نين المصالح والمفاسد وقضت أمرها فيهم. ونحن كدارسين لتاريخ هذه المرحلة نستطيع التقويم فنقول إن مصالح ومنافع الحركة الإصلاحية غلبت بالكثير على مفاسدها؛ التى نعتبر بعضها جسيمة وآثارها السلبية على وادي ميزاب باقية إلى حد اليوم. 385 ٠المبحث الثالث :الهيئات العرفية‎ في نقطة أخرى حاولت فهم أسباب المعارضة الشديدة الشرسة التي لاقاها الشيخ بيوض ولاقتها حركته من شيوخ وفقهاء تيار المحافظة والجمود؛ والذي لم يحصل بالضراوة نفسها مع المصلحين السابقين ،فرددتها إلى ما يلي: يستسيغوا انفلات القيادة العلمية والإصلاحية لواديإن هؤلاء الفقهاء ميزاب من بين أيديهم وانتقالها إلى الشيخ بيو ضئ وهم الذين ورثوها من مشانخهم في بلدة بني يزقن طوال قرنين من الزمن؛ بداية من عهد الشيخ أبي زكرياء الأفضلي وصولا إلى عهد الشيخ اطفيش ،كما لم يستسيغوا أن تولي وجهها شطر بلدة القرارة التى كانت تعد لديهم ولدى وادي ميزاب عموما-إلى العهد القريب- تابعة في كل شيع لبقية القرى؛ خاصة منها بلدة بنى يزقن وارثة معهد قطب الأية الشيخ اطفيش. كما كان ينظر إلى أهلها بكونهم قريبين إلى البدائية وإلى البدوية في حياتهم وفي معاملاتهم .كما أن الجهل والأمية طاغ عليهم متفش فيهمإ وهم لا يزالون بعيدين عن الاتصاف بالإصلاح والعلم والتحضر الذي بدات تظهر ملامحه ومعالمه في قرى وادي ميزاب ،وهم في مؤخرة القافلة بعيدين عن الالتحاق بالركب؛ فكيف بقيادته وبتوجيه قبلة العلم والإصلاح إليهم. لعل هذا ما يحدثنا به تاريخ بلدة القرارةش التي شهدت في بعض فتراتها فتنا وإحنا بين عشائرها وقبائلهإ كقطع الليل المظلم" واستحوذت عليهم العصبيات وتفشى فيهم الجهل ،حتى ضيقوا على أصوات الإصلاح والعلم لديهم"'. يضاف إلى ذلك أن المتزعم لهذا التيار التجديدي والمنادي بأفكاره لا يزال شابا يافعا ،فأنى له التجرية والعلم اللذان يؤهلانه لهذه المهمة العظيمة ،ويرفغانه إلى هذه المكانة الرائدة ،ويجلسانه على هذا المقام الزكي؟ ) (1الحاج سعيد :تاريخ بتي مزاب .صر.781 :مد 5س,, 5881, 32- 85. - الفصل الخامس :اطر الإصلاح ومزسات386 كما يرى هؤلاء الفقهاء أن ظهور هذا الشاب كان دفعة وانحدة ل يتسلق فيها مدارج السالكين للوصول إلى سدة الحكم في حلقة العزابة ببلدته ،بل كان ذلك بزحزحة المعارضين له في طريقه .ثم الانقلاب عليهم دفعة واحدة واغتصاب السلطة والقيادة من بين أيديهم عنوة. التقيد بالمذهبف شخصيته العناد وا لتحرر وعدمكما يرون كذلك وبسير الأجداد فقد بدل وغير وأنتى ما ل يعهده مجتمع وادي ميزابوبالأعراف وبما يخالف الشائع من فقه المذهب الإباضي ،كما أن أفكاره حول القضايا الراهنة في الحياة مخالفة للتوجه العام للمجتمع ولهيئاته العرفية. لكل هذا فإنه من باب الحكمة والصواب-لدى:هؤلاء الفقهاء والشيوخ وإيقافحن أفكارهالمتهور وصد الناسالشابقطع الطريق أمام هذاوالعزابة - والفناء. الملاك ميزاب إلبواديوإلا أودىوختلف الوسائل؛الطرقبشتىزحفه. على كل؛ هذه هي حال الدنيا فإن الأيام فيها دول'. لقد سعى عزابة الإصلاح بغد تمكنهم من جلقات العزابة إلى توجيه نشاطهم وجهودهم إلى جبهات عديدة ،حيث قاموا بإبعاد بعض العناصر الجامدة المتحجرة على الأفكار القديمة الميتة من مراكز القيادة .هذه العناصر التي كانت حجر عثرة أمام تقدم حركة الإصلاح كما وضعوا حدا لاستغلال السلطات الاستعمارية بعض الأعيان والشيوخ بسبب ضعف شخصيتهم وقلة زادهم في معرفة مجريات الأمور من حولهم ۔ لأجل تمرير سياساتها الفاسدة والمهدمة لقيم المجتمع والمزعزعة وتماسكه.لاستقراره يصف الشيخ عبد الرحمن بكلي كيف وظف الاستعمار بعض هؤلاء فهو يمتطيهم كالحمر المؤلفة إللى غاياته وأغراضهلخدمة أغراضه الدنيئة بقوله: وما غاياته إلا.إذلال السراة الأصلاء ،وإعزاز المحابيس والدخلاء .وما أغراضه إلا إزاحة الأشواك عن طريق الاستعمار ،ليسير هادئا مطمئنا .وليست تلك 783َالبحث الثالث :الهيئات العرفية الأشواك سوى العنصر الحي في الأمة الذي يسوؤه أن يرى قوما يسام خسفاء ويرهق ذلة ،عبيدا في ديارهم". كما سعى عزابة الإصلاح لتفعيل دور المساجد وتبديد الخطاب الدعوي فيه وتوجيهه إلى إصلاح النفوس وتقويم الأخلاق وتثقيف العقول ومحاربة الآفات، وملاحقة المفاسد ونشر والوعي والفكر النير على ختلف محافل المجتمع ومظاهره ومن خلال مختلف مؤسساته؛ من مجالس العشائر وتنظيمات الشباب والنساء ومؤسسات التربية والتعليم. فمن أمثلة ذلك مقاومة العزابة والأعيان للفساد وأهله ومداهمة أوكاره وأعشاشه ومحاربة الاستعمار وأذنابه من القياد الفاسدين الظالمين" والدخول معهم في معارك حامية الوطيس سجلوا فيها انتصارات باهرة ،وقفوا فيها وجها لوجه أمام القائد وحاشيته وأمام الحاكم العسكري وسلطاته ،وتمكنوا من إحراز النصر وإحقاق الحق. ومن أمثلة ذلك ما حاربوه من التقاليد البالية والمعتقدات الفاسدة التي كانت تعشعش في أذهان شرائح من المجتمع حول زيارة القبور والاعتقاد في الأولياء من نفع وضر واثر في الأحياءء مما كان متفشيا في المجتمع الجزائري عموما. ومن أمثلة ذلك ما قام به اللصلحون على مستوى مؤسسات العشائر من مراجعة الكثير من الأعراف والتقاليد التى كانت تحكم سير محافل المجتمع ،خاصة منها مظاهر إقامة الأعراس والآتم ،فعدلوا ما يحتاج إلى تعديل ،وألغوا ما يستلزم الإلغاءء وسذنوا وشرعوا ما يحتاج إلى تشريع من جديد. كما اعتنوا على مستوى مؤسسات العشائر برعاية الفئات الضعيفة من الأرامل والأيتام والعجزة والفقراء ورعوا أوضاعهم وساعدوهم على القيام ( )1بكلي :مسيرة الإصلاح .ص.05 ) (2الرجع نفسه :ص.43-98 ا لفصل الخامس :أطر ‏ ١لإصلاح ومؤسساته.3838 بشؤونهم وتوفير ضروريات الحياة لديهم ،ورعوا أبناءهم" وحرصوا على تربيتهم وتعليمهم ،وساعدوهم على الحصول على الأعمال في الحقول أو في المتاجر. كما كانت جهود العشائر في التكفل بأبنائها جميعا لإلحاقهم بدور التربية والتعليمإ ومحاربة ظاهرة انقطاع الأولاد عن مقاعد الدراسة قبل الأوان وقبل نيل القسط الكافي من التربية والتعليم .فكانت العشيرة تتولى توعية الأولياء باهمية تعليم أبنائهم" وتتكفل بالأولاد الفقراء وتنفق عليهم وتحرص على |‏١متابعة سنلوكهم ودراستهم. ومن الجبهات الأخرى التي أولوا لها عناية خاصة ووظفوا فيها الميئات العرفية لإصلاحها هو المجتمع النسوي فحاولوا رعايته أكثر وحرصوا على توعيته من خلال دروس المساجد .وحرصوا أيضا على تكوينه وتعليمه ولو بصفة تدريجية. وحاربوا بعض الأفكار الفاسدة والخاطئة حول تعليم الأنثى التي كانت شائعة في وادي ميزاب ،مما ترك من ركب تثقيف المرأة وتعليمها يبقى متواضعا يراوح مكانه ويعيش تاخرا وتذبذبا كبيرين. .فكانت جهود الإصلاح في وضع اللبنات الأولى لتعليم الفتاة وتثقيفها وفتح المدارس الحرة الخاصة بها ،وإعداد البرامج الملائمة مع طبيعتها وفطرتها وتكوينها في فقهها وفي مسؤولياتها المستقبلية زوجة وربة بيت وأما .فكانت الجهود في إخراجها من بوثقة الأمية التي كانت تعاني منها إلى نور العلم والمعرفة` . كما نشطت هذه الهيئات العرفية في مجال التنسيق بين قرى وادي ميزاب حيث يتمركز الإصلاح فكانت تعقد الاجتماعات فيما بينها للتشاور والتآزر ،وتتبادل التجارب الناجحة .وتعمم الأفكار النيرة للحركة الإصلاحية التي كان الشيخ بيوض ينادي إليها في خطبه وفي دروسه المسجدية(“. ( )1سكحال :الشيخ بيوض ومنهجه في الإصلاح .ص!.681 -81 ( )2دبوز :اعلام الإصلاح ،ج.913-523 .4 983البحث الثالث :الهيئات العرفية بذلك تشكل للحركة الإصلاحية هيثة عرفية للشورى والتفكير في حاضرها ومستقبلها .ودراسة القضايا المستجدة واتخاذ المواقف المناسبة حولها ،والمداومة على متابعة أحداث الجبهة الداخلية؛ على مستوى كل قرية وعلى مستوى وادي ميزاب وعلى مستوى الجزائر والعالم الإسلامي. هكذا نفذ أعلام النهضة الإصلاحية الممثلين في العزابة والأعيان وشيوخ العشائر مشروعهم الإصلاحي في كل جوانبه من خلال تفعيل الهيئات العرفية المرمية التي ينطوي عليها هذا المجتمع ،حيث أضحت كل وحدة فيها تقوم بدورها الإيجابي المنوط بهاء وتتعاون فيما بينها ،وتتقاسم الأدوار© وتتبادل الآراء ،فشهد المجتمع بفضل ذلك حركية متسارعة أنتجت نهضة نوعية .حولت الأفكار إلى واقع والأهداف إلى مشاريع عملية علت صرح الإصلاح في وادي ميزاب. الفصل الخامس :أطر الإصلاح ومؤسساته.0 الحث الرا بع: الأطر والمؤسسات الحديتة نقصد بالأطر الحديثة تلك المؤسسات والتنظيمات والوظائف الإدارية الى أحدثت في الجحزائر ووادي ميزاب من خلال أجهزة السلطة والحكم خلال العهد الاستعماري. اعتبرنا هذه الأطر والمؤسسات آليات ووسائل لتجسيد مشروع النهضة الإصلاحية ،وزرع أفكارها لدى الجماهير وإحداث حركية اجتماعية فيهم لما قامت به من دور فعال ،وتركت من اثر عميق في نفوس أفراد المجتمع وفي عقولهم خلال هذه الحقبة الزمنية من تاريخ الجزائر ووادي ميزاب. كما يتضح ذلك من خلال ما أولته الحركة الإصلاحية من أهمية في توظيف هذه الأطر لأجل التمكين للنهضة الشاملة .فبالعودة إلى أدبياتها وأرشيفها ووثائقها يلاحظ جليا هذه المكانة المعتبرة وهذا الدور الإيجابى المؤثر في النهضة بكونها إحدى ركائز الحصانة والحماية والدعامة للمشروع الإصلاحي وتجسيد أفكاره وتحقيق أهدافهه"". يصف الشيخ بيوض هذه الجمعيات بقوله « :إن تلك الجمعيات الخيرية الإصلاحية ،ومدارسها ونواديها هي مفاخرنا التي نعتز بها ،فهاهي تشرق بأنوارهاء وتحيي الأمة. لا شك ان التفاعل الإيجابي للحركة الإصلاحية مع مستجدات العصر ومعطيات الزمن وتفتحها على ما جاد به العقل الإنساني من تطور :وإبداع واختراع ( )1يراجع في ذلك :إبراهيم بيوض :رسالة مطولة حول دواعي دخوله المجلس الجزاتري بعث بها إلى الشيخ ابي إسحاق إبراهيم اطفيش في القاهرة .دبوز :نهضة الجزائر ج .2ص .922-852شريفي :معهد الحياة. :.28ص57۔ دبوز :اعلام الإصلاح .ج .4ص.1 40)(2 193.البحث الرابع :الأطر والمؤسسات الحديثة في مجالات الحياة المختلفة من تسيير وتجهيز وتشريع وتنفيذ كان وراء هذه الأهمية التي نظرت بها الحركة الإصلاحية لهذه الأطر الجديدة ،رغم كل المخزون الحضاري العريق والثري الذي يحظى به هذا المجتمع في جانب التاطير والتسيير والتنظيم. ورغم كل التشبث والتقدير لهذه النظم كما سبق أن بينا ذلك. لاشك أن هذا المنحى والتوجه ليكشف لنا عن مستوى النضج والتجربة والخبرة التى ولدت هذا التفتح وسعة الأفق والاستفادة من الآخر والتفاعل الإيجابي مع متطلبات الحياة؛ التى أضحت سمة بارزة ومعلما واضحا لدى الحركة الإصلاحية تتمتع به وتتحلى به كخصلة مميزة في جوانب كثيرة من مشروعها الحضاري. في حقيقة الأمر إن تاكيدنا على هذا التوجه لدى الحركة الإصلاحية لكونه جديدا على وادي ميزاب بهذه الصورةس ولكون التيار السائد فيه لا يزال إلى الآونة الأخيرة يخالف هذا المنحى ويعارضها ويرى التعامل مع مؤسسات الدولة الاستعمارية وسلطاتها يناني مبادئ الدين وقيم الإسلام ويعني إعانتها على الظلم كوالطغيان ونشر الباطل والكفر.“"١‏ إن مبدأ الحركة الإصلاحية في تبني فكرة العمل داخل هذه الأطر نابع من قناعتها بكونها آليات ووسائل يتم من خلالها خدمة مصالح المسلمين وصيانتها والحفاظ عليها ،وبكونها آليات ووسائل لتسيير شؤون البلاد والعبادء وجلب الصلاح لهم ودرء الفساد عنهم" ومن خلالها تضفي على نشاطها الاجتماعي والتربوي والتعليمي الصبغة القانونية وتستمد الشرعية والاعتماد لدى السلطات الاستعمارية مما يسمح لها بمزاولة نشاطها بحرية وبصفة علنية قانونية ،تحجب عنها المساءلات والمضايقات والملاحقات والمتابعات. بذلك فإن الحركة الإصلاحية اعتبرتها من الواجبات التي لا يتم الواجب إلا بها .ومن الضروريات التي يمكن أن تبيح بعض المحظورات .لكون السلطات ( )1بكلي :مسيرة الإصلاح .ص .19-99دبوز :اعلام الإصلاح .جك{ ص.45 -74 الفصل الخامس :أطر الإصلاح ومؤسساته392 خيري غير معلن به أو مصرح .ولا يحمل‏ ١استعمارية بالمرصاد لأي عمل ونشاط موافقة المصالح الإدارية المعنية به. من جهة أخرى فإن هذه المناصب والوظائف الإدارية اكتست أهمية كبيرة مع الوقت ،وأصبحت ذات حساسية وخطورة على الأمة في حفظ استقرارها وأمنها وصلاحها إن لم تسند إلى رجال أكفاء يعون جيدا كيف يسيرون شؤون مجتمعاتهم ويتحملون مسؤولياتهم بكل أمانة وثقة واقتدار .وفي المقابل فقد أضحت معول هدم وتخريب وإفساد عندما تركت بين أيدي العابثين والمستهترين والفاسدين من الرجال الضعفاء ومن أذناب الاستعمار. يبين الشيخ بيوض أهمية تولي أكفاء الأمة لهذه المناصب وهدفه بقوله :‏١ إن تولي الصالحين للوظائف؛ سيما القضاء والعضوية في المجالس البلدية يضمن حقوق الأمة .يدافعون عنها ،فتنالها كلها أو الكثير منها" ويدفعون عنها الظلم. فيزول كله أو أكثر ،فإذا فرضت الحكومة من الغرائم على الأمة مالا تطيقه دافعوا عنها ،وطالبوا الحكومة بإنقاص غرائمها ،وكذلك في جلب المنافع" ودفع المضار الأخرىهه". من جهة أخرى فإن وعي الحركة الإصلاحية ونضجها جعلها تنظر إلى ما بين أيديها من اطر وآليات متمثلة في هيئات عرفية عريقة أصيلة على رأسها المسجد والمدرسة ونظام العزابة والعشيرةء فرأت فيها القاعدة الصلبة لبناء هذا المجتمع والحفاظ على حصانته وتماسكه ،وسبيل إحداث نهضته وإصلاحه .إلا أن هذه الهيئات تحتاج إلى تعزيز وإلى مزيد دعم وتوطيد لأجل تثمين جهودها ودعم نشاطها ودفعه قدما إلى الأمام؛ فرأت أن تزاوج بينها وبين هذه الأطر والآليات الحديثة وما أتت به من مستجدات ونظم في إطار العمل الجمعوي والإداري والتشريعي والتنفيذي. ص.35-45دبوز :الرجع نفسه :جك.)(1 393البحث الرابع :الأطر والمؤسسات الحديثة فلم تر مانعا من أن تجمع بين القديم والحديث وبين الأصيل والمعاصر ،لأجل أن يكمل أحدهما الآخر .وينتفع الأول بالثاني ويتعاونا معا في سبيل تشييد مسيرة النهضة الإصلاحية الشاملة ،مادامت المبادئ والأسس والمنطلقات ثانتة والأفكار والأهداف نفسها لن تتبدل ولن تتغير؛ إذن فلا حرج في تعدد الوسائل والأطر في سبيل خدمة المبادئ وتجسيد الأفكار وتحقيق الأهداف. تعبيرا عن هذه القناعة يرى الشيخ بيوض أن الحركة الإصلاحية كلما تمكنت من تعدد آلياتها في الإصلاح وتنويع أطرها في التغيير ،وتكثير مواقعها ف المجتمع كان نفوذها على الجماهير أقوى وأكثر وكان مردودها في الواقع أنفع واسرع(". وبنظرة العالم المتفتح والمتفهم لقضايا عصره والمتفاعل إيجابيا مع مستجداته يقول الشيخ بيوض :ه لا ندعي الكمال في ما محن عليه ،ولم تحاول أن نجعل هذه النظم حكرا علينا .أو نجد غضاضة في استفادة غيرنا بها إذا اقتنع بذلك ولا نستنكف من الاستفادة والاقتباس من تبارب الآخرين في التنظيم الاجتماعي. بهذه الفلسفة المقاصدية الاستراتيجية المستقبلية تعاملت الحركة الإصلاحية مع الأطر الحديثة واستخدمتها لدرء المفاسد والمضار عن الأمة ،وتحقيق والمنافع والمصالح العامة. .إذن توجهت الحركة الإصلاحية نحو تجسيد هذه الأفكارں ونحو الأخذ بأسباب التمكين والقوة والعزة وولجت معترك المغالبة والمدافعة مع السلطات الاستعمارية بتبنيها العمل ضمن إطارين حديثين هما: )الجمعيات الخيرية. ۔ مؤسسات السلطة الاستعمارية. دبور :اعلام الإصلاح .ج .4ص. [ 40) 1 ) (2بيوض :حديث الشيخ الإمام .حل. 1ص .36 الفصل الخامس :اطر الإصلاح ومزمساته394 [ -الجمعيات الخيرية. : .في حقيقة الأمر إن فكرة العمل الخيري الجمعوي والتاطير الاجتماعي للفئات والشرائح لم يكن وليد القوانين التى سنتها السلطات الاستعمارية لتنظيم المجتمع المدني في الجزائر ،بل يعد ذلك موروثا حضاريا عريقا لدى الأهالي في الجزائر ووادي ميزاب كما سبق أن بينا ذلك؛ حيث إن المجتمع يعيش على التكافل والتعاون والتآزر وخدمة الصالح العام من خلال هيثاته العرفية من مجالس العزابة والعشائر والأعيان والنساء والشباب. ¡ لذا فإن فكرة إنشاء الجمعيات في وادي ميزاب تعد تحصيل حاصل المقصد منه إضفاء الشرعية القانونية والرسمية لعمل راسخ قديم عريق في المجتمع. هذا ما يشير إليه الشيخ بيوض ويقرر أن الجمعيات التي أسست في وادي ميزاب في حقيقة أمرها كانت موجودة من قبل ،وكانت تعمل في السر وكانت ها هيكلتها وتنظيمها العرفي ،ثم ظهرت للعلن عندما اقتضت الضرورة والحت الحاجة إلى ذلك١‏ تحت ضغوط السلطات الاستعمارية ومضايقاتها للأعمال الخيرية والنشاط الجماهيري والمؤسسات الأهلية غير المعترف بها وغير المعتمدة لديها. سطرت الحركة الإصلاحية سياستها وقامت بدعوتها لإنشاء جمعيات تابعة لها على مستوى كل قرية من قرى وادي ميزاب‘ على أن تكون ذات طابع اجتماعي ثقاني خيري. إلا أن عملها في حقيقة الأمر قد مس كل جوانب الجتمع ،وكانت تشرف على تسيير شؤون الحركة الإصلاحية على مستوى البلدة وتعطي الصبغة القانونية ( )1أصدرت السلطات الفرنسية ف جويلية1091م قانون إنشاء الجمعيات وتنظيمها بحيث يكون لما قانون اساسي ومجلس إدارة ومكتب متخب واهداف واضحة وتقدم ملفها للسلطات لطلب اعتمادها رسميا. ص .324تركي :التعليم القومي، .4بيوض :تقرير من التعليم العربي .منشور ضمن كتاب :تركي :التعليم القومي .ص324۔)(2 395‏٠البحث الرابع :الأطر والمؤسسات الحديثة الرسمية لنشاطاتها ومشاريعها المتعددة ،حيث اعتنت بتأطير التعليم وتشييد الدارس ورعاية الطلبة ،وبتنظيم التجارة والفلاحة والحرف© وتوجيه الشباب إلى العمل ،وبالمشاركة ني الحياة السياسية المحلية ،والعمل على توعية المجتمع ورفع الحس الوطني لديه.". يوضح الأستاذ محمد علي دبوز أدوار هذه الجمعيات وأهدافها بقوله « :اعتنت هذه الجمعيات بكل ما قام به سلفهم المصلحون؛ فانشات المدارس العربية العصرية الواسعة الجميلة ...والنوادي الأدبية الاجتماعية ،والمكاتب العامة الحافلة ،والمعاهد الثانوية للعلوم العربية والدين وأرسلت البعثات العلمية الكثيرة إلى تونس... وقامت هذه الجمعيات المباركة بالإصلاح الاجتماعي فحاربت التعصب وكل أنواع الفساد الخلقي ...وكانت هذه الجمعيات أقوى عضد للعزابة في كل أعمالهما. . تمثلت الجمعيات الإصلاحية الى ظهرت بوادي ميزاب في ما يلي: 23رجب 7431ه42 /جمعية الإصلاح :تاسست في بلدة غرداية في تاريخ: ديسمبر1 829م جمعية الحياة :تاسست في بلدة القرارة في تاريخ 61 :جمادى الأولى 42 /[ 653جويلية 1 739م. جمعية النور :تاسست في بلدة بنورة في سنة 5631ه5491 /م. جمعية النهضة :تاسست في بلدة العطف في سنة5631 :ه5491 /م. -جعية الفتح :تاسست في بلدة بريان في سنة6631 :ه6491 /م. _ جمعية الاستقامة :تاسست في بلدة بي يزقن في سنة8631 :ه1 849 /م. -جمعية النصر :تاسست في بلدة مليكة في سنة0831 :ه.0691 / ( )1دبوز :نهضة الجزائر .ج .2ص.922-232 نفسه :ج .2صن.132 -032( (2ا ( )3عجهول :الجمعيات الخيرية في وادي ميزاب .دبوز :نهضة ة الجزائر ج .2ص.062 -922 الفصل الخامس :أطر الإصلاح ومؤسساته396 إن الأدوار المهمة التي أنيطت بهذه الجمعيات الخيرية وما حققته على أرض الواقع من أعمال عظيمة في خدمة الحركة الإصلاحية ونصرة أفكارها وتجسيد مشاريعها جعل من السلطات الاستعمارية على مستوى وادي ميزاب تتخذ منها موقفا معاديا .وتعلن غضبها وسخطها عليها ،وتقف في طريقها معترضة على أنشطتها وأعمالها مضيقة عليها؛ رغم حصوفها على الاعتماد بعد جهود جبارة من قبل المصلحين على مستوى السلطات الحلية ،وبعد محاولات ووساطات كثيرة على مستوى الإدارة المركزية بالجزائر العاصمة ،وعلى مستوى الإدارة المركزية بباريسر(“. بعد.هذا ينبغي الوقوف مع جمعية أخرى تركت آثارها في الساحة الإصلاحية بوادي ميزاب: ۔جمعيت‌ قدماء تلاميذ معهد الحياة: بعد إتمام تاسيس جل الجمعيات الإصلاحية في قرى وادي ميزاب ورسوخ قدمها ،وإثبات جدارتها وبروز ادوارها واتضاح منافعها في رعاية مصالح الحركة الإصلاحية ومؤازرة نهضتها ،وتشييد مشاريعهاێ وحصانة مؤسساتها. وتحولها إلى العقل المفكر والمدبرلحاضر الحركة ومستقبلها على مستوى كل قرية تولدت الحاجة إلى التفكير في إيجاد إطار جديد يعمل على تنسيق جهود الإصلاحيين وتجميعها على مستوى وادي ميزاب‘ زيعمل على تقريب وجهات النظر في مشاريع التربية والتعليم والإصلاح الاجتماعي ،ويعمل على فكانت فكرة الشيختبادل الجيرات وتناقحها والاستفادة من التجارب عدون! وقدماء تلاميذ معهد الحياة ودعوتهم إلى إنشاء إطار يضم كل هذه الجمعيات ويلي هذه المقاصد ويخدم هذه الأهداف. ) ) 1بيوض :تقرير عن التعليم العريي ،منشور ضمن كتاب :تركي :التعليم القوميث ص .424 -324دبوز: مجهول :الجمعيات الخيرية ف وادي ميزاب. المرجع نفسه؛ ج .2ص.922-852 ( )2عمر إسماعيل آل حكيم :مقابلة مع شاهد القرن" ط 7241 .1ه6002 /م .ص.91 793البحث الرابع :الأطر والمؤسسات الحديثة اقتنع الشيخ بيوض بفكرة رفيق دربه الشيخ عدون وتبناها وعمل على إشاعتها من خلال دروسه المسجدية في بلدته القرارة وتنقلاته بين قرى وادي ميزاب في مناسبات عديدة وزياراته المتكررة إليها واجتماعه بأعيانها لشرحها وبسط مقاصدها وبيان أهدافها حتى استطاع أن يقنع رفقاءه وتلاميذه وأتباعه بذلك. فتاسست في بلدة القرارة في 03 :رمضان 7631ه 5 /أوت 8491م جمعية قدماء تلاميذ معهد الحيا. كان الهدف الأسمى لتاسيس هذه الجمعية هو جمع شتات طلبة خريجي معهد الحياة الموجودين في أرجاء قرى وادي ميزاب ومدن الجزائر في الوظائف والمهن والتجارة لأجل مساندة حركة التعليم العربي الإسلامي الحر ومؤازرة مشليخهم اعلام الحركة الإصلاحية في حمل هذا الغبء خاصة في جانبه المادي" بعد أن توسعت مؤسساته وتشعبت فروعه في كامل قرى وادي ميزاب وفي مدن الجزائر بالشمال ،وكثرت نفقاته وتكاليفه ،مما احتاج إلى تضافر الجهود للقيام بهذه المسؤولية العظيمة الثقيلة .ثم توسعت مهام الجمعية إلى العمل على توحيد البرامج والمقررات المعتمدة في التعليم وضبظ الخطط التربوية لكل المدارس التابعة للحركة الإصلاحية ،ثم توسع نشاط الجمعية ليشمل جانب الإصلاح الاجتماعي .ثم توسع ليقوم بتنظيم وتمويل خلايا الثورة في وادي ميزاب وخارجه. يبين الشيخ عدون الهدف من إنشائها في خطبة ألقاها في المؤتمر التاسيسي لها بقوله « :نجتمع اليوم في هذا المجلس الحافل أمام أستاذنا الشيخ بيوض لا كتلاميذ يتلقون عنه دروس التهذيب والتثقيف كما كنا معه في .سالف العهود ،وإنما نجتمع كجنود مدربين مزودين بالقوة الكلية للنزول إلى ميادين الكفاح أمام قائدهم الأعلى .:نجتمع اليوم كمؤتمر عام لهذه الجمعية لتنفيذ أغراضها الأساسية من جمع ( )1دبوز :اعلام الإضلاح ،ج .4ص.771-191 ( )2آل حكيم :المرجع السابق .ص .91دبوز :الرجع نفسه ج .3ص .681-612شريفي :معهد الحياة. ص.67-77 الفصل الخامس :أطر الإصلاح ومزسساته١‏} 398 شتات الأعضاء والمحافظة على الروابط التينة التى عقدها المعهد زمن الدراسة ،وبث تعاليم الأستاذ في نفوسهم وفي الأوساط التى يتصلون بهاء وخدمة المشاريع والنزول إلىالعام بقدر الاستطاعةالإصلاحوالمشاركة فالعلمية بجميع الوسائل. ميادين الكفاح بصورة منتظمة وخطط مرسومة تحقق الغايةالمطلوبةه“. اتخذت الجمعية لنفسها فروعا في كل قرى وادي ميزاب“ وفروعا أخرى في مدن الجزائر في الشمال وكانت تعقد مؤتمرات سنوية يحضرها ممثلو كل الفروع واعداد هائلة من الطلبة القدماء لمعهد الحياة تناقش فيها قضايا التعليم والتربية وتعرض فيها التقارير عن سير الأعمال وعن تطور حركة التعليم ،وعن العقبات والمشاكل التي تعترض سبيله ،فيشترك الجميع ني إيجاد الحلول فها والتعاون على تخطي هذه العقبات( .كما كان الشيخ بيوض يستغل هذه الفرصة السنوية التاريخية التي تحولت إلى مؤتمر للحركة الإصلاحية يجتمع فيها مع رفقاء دربه وتلاميذ من قادة الحركة الإصلاحية ،فيلقي بالمناسبة خطابا مطولا وعميقا يتضمن تقييم المرحلة الراهنة ورسم الخطط المستقبلية وطرح الإشكالات وتقديم التوجيهات والنصائح ونحديد الخطوات القادمة. واصلت هذه الجمعية الحورية الموحدة عملها حتى عهد الاستقلال" وفي مؤتمرها سنة 3831ه3691 /م ببلدة القرارة داهمتها السلطات الأمنية وفرقت المجتمعين بالقوة وحظرت أي اجتماع لها في المستقبل ،وكان وراء هذا العمل بعض أعداء الحركة الإصلاحية الذين أصبح لهم نفوذ باحتلالهم مناصب في حزب جبهة التحرير الوطني على المستوى المحلي .فتوقفت الجمعية عن عقد مؤتمراتها ) (1شريفي : :الرجع نفسه ص.67-77 .مجهول :الجمعيات الخرية ل ) (2محضر جلسات مؤتمر جمعيةقدماء التلاميذ, ،بلدة بريان 6جويلية3691 . وادي ميزاب. ( )3دبوز :نهضة الجزائر ج .3ص.802 ( )4شريفي :معهد الحياة .ص.08-18 993|البحث الرابع :الأطر والمؤسسات الحديثة وملتقياتها الجامعة[ وتحولت إلى جمعية حلية دائرة نشاطها بلدة القرارة .إلا أنها من الناحية العملية بقيت على حالها تمثل وحدة الحركة الإصلاحية وعقلها المدبر. نريد أن نشير في الآخير إلى الدور المحوري لزعيم الحركة الإصلاحية الشيخ بيوض في إنشاء هذه الجمعيات والعمل على تفعيلها بالنشاط الميداني" وذلك من خلال تلاميذه الذين قادوا هذه الجمعيات الذين تربوا على يديه بعل أن بث فيهم روح العمل الجمعوي والحركية الاجتماعية والتضحية في سبيل الدين والوطن، وغرس فيهم الإقدام والمبادرة ونصرة الفكرة والمبدإ والثبات عليهما ،وتحمل الصعاب والمشاق والصبر على الشدائد. -2مؤسسات السفتنة الاستدمارية: سبق أن بينا أن إباضية الجزائر في وادي ميزاب عاشوا حالة من الظلم والوان وضياع المصا لح والحقوق وإذكاء نار الفتن والفرقة ونشر الرذيلة والفساد بينهم بأسبا ب أيادي الحكم العسكري المتسلط واذنابه من بعض الحكام المحلين المتمثلين في شيوخ القرى المعروفين ب” :القياد“. حرص هؤلاء على تنفيذ السياسة الاستعمارية الداعية إل إبقاء وادي ميزاب , مزرية )وعد م ‏ ١لسماح با ستقافتهعلى تخلفه ونومه وما هو عليه من أوضاع للإصلاح وا لتغيير فيه .وتصحيح أحوا له جخنق أي صوت ما اسهم في تكريس هذه الحالة المتردية :تهرب رجال البلد الأخيار والأكفاء والمجالس.مناصب القضاءتمثيل السلطات الاستعمارية فمن تحمل مسؤوليات البلدية؛ التي شرعتها لتسيير شؤون المدن والقرى ،وامتناعهم تولى هذه الوظائف© وتركها بين أيدي العابثين والفاسدين وأصحاب الأطماع الشخصية من النفوس الضعيفة المريضة الموالية للسلطات الاستعمارية والخادمة لأغراضهاء فكانت ( )1المرجع نفسه :ص.08-18 الفصل الخامس :أطر الإصلاح ومؤسساته.400 ,تكافئهم بهذه المناصب مقابل ما يقدمونه لها من ولاء ومن خدمات وتنازلات. واستجابات لسياستها المقيتة وأفكارها المنحرفة. كان وراء هذا التهرب والعزوف عن هذه الوظائف المهمة والخطيرة تلك. النظرة الدينية الاجتماعية المسيطرة السائدة آنذاك المتمثلة في تحريم شيوخ المساجد. والفقهاء لأي تعامل مع سلطات الحكم العسكري بتولي أحد مناصبها والعمل, تحت أجهزتها وتنفيذ أوامرها وسياستها .حيث اطلقوا فتوى حرمة تولي المسلم, للوظائف في أجهزة الدولة مهما كان نوعها ك .لكونها سلطة كافرة مشركة .محتجين. في ذلك بحديث الني تة الذي قال فيه« :لعن الله الظلمة وأعوانهم وأعوان ٭ أعوانهم؛' 2 المستعمر لل.دامت هذه الحال من العزوف نحو ستين سنة؛ من تاريخ دخول وادي هيزاب سنة 9621ه3581 /م إلى نهاية الربع الأول من القرن العشرين؛ هذا ما جعل أعلام الحركة ‏ ١لاصلاحية يتعرضون لهذه القضية ونحارلون علاج هذا ‏ ١لوضع وتغيير هذه النظرة ‏ ١لتي رأوها خاطئة لا تتماشى مع روح أ لدين ومقاصده الكبرى وقواعده الكلية. فكان موقفها صريحا في معارضة هذا التوجه ومحاربته في أذهان الناس: وكانت جهودها في إقناع خيار البلد من الأعيان والرجال الأقوياء الأمناء للتزشح وبيانالفتوىهذهإبطالكما كانت جهودها فالمناصبثلتول هذهوالتقدم لروح الدين ومقاصد الشريعة الاسلامية .وتفنيد الحجج التىفسادها ومعارضتها كان يقدمها التيار الحافظ على وجهة نظره. يقول الشيخ بيوض« :وقعت ضجة كبيرة من أولئك العلماء المعارضين للإصلاح في ميزاب في مسألة تولي بعض الوظائف المدنية تحت السلطة الفرنسية ف ( )1دبوز :أعلام الإصلاح .جك .ص .45 -74سكحال :الشيخ بيوض ومنهجه في الاصلاح .ص661۔ . .7 )2( .لم اجده في الكتب التسعة. 104" البحث الرابع :الأطر والمؤسسات الحديثة المدن الجزائريةك وكذلك في مسألة القضاء .ووقع فيها صراع كبير بيننا وبين حزب المعارضة ،فهم يحرمون تولي القضاء الشرعي الإسلامي الذي يطبق أحكام الدين في القضايا تحت السلطة الفرنسية ونحن نوجبه ،وقد تغلبنا على المعارضين في مسالة القضاء بالحجج الدينية ،وأسكتناهم بقوة البرهانه"“. دخلت الحركة الإصلاحية بقياذة الشيخ بيوض في دعاية واسعة وفي دعوة قوية المجتمع المتاحة لديها لتبين فيها7 للناس أهمية هذه المناصب وخطورتها على البلاد والعباد ،فهي مكمن التاثير على الجماهير إيمبابا أو سلبا ،ومن خلالها يتم جلب كل خير للأمة ورفع كل شر عنها أو على الأقل مغالبة السلطات الاستعمارية في إحقاق الحق وإبطال الباطل. يقول الشيخ بيوض :ه إذا كان القائد صالحا فإنه يدفع نصف البلاء عن بلده. وإذا كان فاسدا يضاعف بلاء الاستعمار على بلده ،بل يكون نارا في يد الاستعمار يشوينا بها ،وترى القياد الفاسدين في ميزاب يؤلبون الاستعمار علينا .وهم أنكى واشد أضرارا بنا من الحكام العسكريين. أثار هذا الموقف الإصلاحي الصريح والقناعة الفكرية الواضحة والتوجه الجديد المخالف لما هو سائد حافظة تيار الجمود والمحافظين" ودخلوا في نقاش وجدل فقهي وشرعي مع تيار الإصلاح .وحاول كل فريق أن يحشد أدلته وآراءه على صحة ما ذهب إليه ،يعرض بضاعته على اجتمع وعلى أتباعه من خلال منابر المساجد والمحافل الاجتماعية. وصل الأمر بتيار المحافظين إلى أن أصدر فتوى تكفير الشيخ بيوض ومروقه من الدين هو وأتباعه بسبب رأيهم وتوجههم هذا الذي اعتبروه تواطؤا وتعاملا مع .الكفرة والمشركين(. ) (1دبوز :الرجع السابق .جك .ص.05 ص .35دبوز :أعلام الإصلاح .جك.)(2 ( )3بكلي :مسيرة الإصلاح ص.99 -19 28 الفصل الخامس :اطر الإصلاح ومؤسساته402 كما تصدى الشيخ بيوض وأصحابه إلى الرد عن هذه التهم والافتراءات واوضحوا للأمة سفاهة موقف التيار المحافظ ،وبينوا لهم المصالح الضائعة والمضار ‏.٠للاحقة بالمجتمع من جرائثه. تمكنوا في الأخير من إقناع رجال الأمة وأعيانهم بضرورة السعي للتمكن من هذه المناصب والدخول في معترك الانتخابات البلدية لانتزاعها بشرعية القانون من أيادي العابثين والفاسدين والموالين للاستعمار وحزبه .خاصة بعد ما أصبحت هذه المناصب ينتخب عليها انتخابا بعدما كانت السلطات الاستعمارية تفرض من تشاء من الناس فيها.". لا شك أن الحركة الإصلاحية في معركتها الفكرية الحضارية هذه ،كشفت عن مستوى نضجها وعن استقلالية تفكيرها وعن تميزها بالنظرة المقاصدية الثاقبة للأمور وعن استيعابها لمجريات الحياة ومستجداتها۔ كما كشفت عن استعدادها لخوض معرفة المغالبة والمجابهة السلمية في سبيل خدمة الوطن وعمارته بالخير ورد الشرور عنهؤ وهذا معلم واضح في الفكر الإصلاحي بزعامة قائده الأول الشيخ بيوض. ترجمت هذه القناعة في دخول الحركة الإصلاحية المعترك السياسي من بابه الواسع في قضية الانتخابات الحلية البلدية والوطنية التشريعية .حيث قامت بانتقاء الكفاءات من رجالها وأعيانها وطلبتها المتخرجين من مدارسها ومعاهدها وبعثاتها خارج الوطن لتحميلهم هذه المسؤولية. كما قامت الحركة بتنشيط حملات انتخابية كثيرة على مستوى قرى وادي ميزاب تؤيد مرشحيها وتتولى الدعاية هم وأقامت الكثير مانلمهرجانات الشعبية التي شرحت فيها أفكارها وبرامجها وسياساتها ،فساهم هذا العمل في نشر الوعي الوطني والسياسي بين الجماهير كما كان سببا في قياس شعبية الحركة الإصلاحية الشيخ بيوضسكحال:.4جك .ص74۔. .1022-6602دبوز :اللزجع السابق.الرجع نفسه : :ص) 1 ص.[ 76 - 1 66ومنهجه ف الإصلاح. 304البحث الرابع :الأطر والمؤسسات الحديثة في وادي ميزاب وسببا في تفعيل حركيتها الاجتماعية وضم الجماهير إلى صفوفها. فشهد المجتمع فعلا غليانا اجتماعيا واستفاقة عامة مست كل الشرائح وجعلتهم يشاركون في العملية الإصلاحية النهضوية الشاملة. كانت نتائج هذه الانتخابات كافية لتعلن غلبة تيار الإصلاح على تيار المحافظين وتمكنه من السيطرة والتحكم في زمام أمور السياسة والحكم ني وادي ميزاب ،وكذا قدرته على زعزعة أركان التيار الخصم" وزحزحته عن كثير من مواقعه وقلاعه التى كانت تحسب له .وحصره في دوائر ضيقة .وإضعاف صوته وإخماد ناره التي كانت ملتهبة في وادي ميزاب على الإصلاح وأتباعه. كما مكنت هذه الانتخابات من قياس شعبية التيار الإصلاحي ومعرفة أنصاره ومدى التفاف الجماهير حوله ،وهل تمكن من انتزاع الشرعية التمثيلية لوادي ميزاب والنطق باسمه والتعبير عن آلامه وأماله لدى السلطات الاستعمارية. لا شك أن هذه الفرصة كانت كذلك منعطفا تاريخيا مهما جدا حيث تعلمت منها الحركة الإصلاحية الكثير فيما يتعلق بالعمل السياسي والنضال الوطني السلمي© ومقارعة الاستعمار باستعمال الأساليب المعاصرة من تنظيم الانتخابات وحشد الجماهير وشرح السياسات وتسطير البرامج وبسط الأفكار. في مقابل ذلك فإن تيار المحافظين المنافس والمنازع لها خسر الكثير من أتباعه وفقد الكثير من قلاعه جراء بعض مواقفه الساذجة وبعض آرائه المتخلفة وغير المستجيبة متطلبات العصر ولتحديات المجتمع ..بانعزاله عن المجابهة والمواجهة والمغالبةش واكتفائه بالتنديد والاستنكار وانكماشه على نفسه وانغلاقه على أوضاعه ،واختياره المسالمة والمهادنة مع السلطات الاستعمارية المتعسفة والمتعفنة. بهذا النوع من النشاط السياسي الجمعوي عملت الحركة الإصلاحية على تعرية التيار المحافظ وكشفه للجماهير على حقيقته في علاقته المضطربة والمتناقضة مع السلطات الاستعمارية؛ فهو من جهة يفتي بحرمة تولي مناصبه الإدارية ومن بكلي :مسيرة الإصلاح .ص -102۔ .943)(1 الفصل الخامس :أطر الإصلاح ومؤسساته404 جهة أخرى يستكين لسياسته ويخضع لها ويجامل مسؤوليها ويتودد إليهم ويتزلف6 فاستطاع الناس أن يميزوا بين الموقفين والتوجهين ويعلموا أيهما يخدم مصالح الأمة ويحفظ كيانها ،وأيهما يضرها ،وعرفوا كذلك أيهما يقارع الباطل وينصر الحقض وأيهما يهادنه ويتغاضى عنه. كما اتضح للناس كذلك أن السلطات الاستعمارية كانت تستخدم بعض رموز هذا التيار من الفقهاء والشيوخ والأعيان والقياد -من حيث يعلمون أو لا يعلمون-في خدمة مصالحها وتكريس سياستها العدوانية تجاه وادي ميزاب .هذا ما يبرر وقوفها-غالبا-في صف المحافظين والقياد وتاييدها لأفكارهم ولمواقفهم ضد تياز المصلحين ورموزه خاصة الشيخ بيوض .فكانت تشد أزرهم وتجيب طلباتهم وتعمل بوشاياتهم ،وفي المقابل كانت دائمة الاتهام والمضايقة والمساءلة والملاحقة لتيار المصلحين وإلحاق الأذى برموزه وأقطابه وأعيانه ومشددة الخناق عليهم" وكانت-في كثير من الأحيان مواقف تيار المحافظين ووشايات ”القياد“ وراء كل ذلك". استمرت الحركة الإصلاحية في توجهها هذا ونصرته إلى النهاية. فاستطاعت أن تظفر بكثير من المقاعد في الجالس البلدية .كما استطاعت كذلك أن تتولى الكثير من مناصب القضاء ،واستطاعت أكثر من ذلك أن تظفر ببعض مناصب شيخ البلدية الذي هو منصب القائد سابقاێ وبذلك استطاعت أن تخدم الأمة من خلال هذه الأطر ،واستطاعت أن تصحح الكثير من الأوضاع وتحارب الكثير من المناكر وترد المضار وتجلب المنافع ،فمكنت بذلك لمشروع النهضة الإصلاحية الشاملة. هذا على المستوى الحلي أما على المستوى الوطني العام فإن مؤسسة الدولة الثانية المهمة التى عملت الحركة الإصلاحية على بلوغها وخططت للظفر بمقعد فيها. .5بكلي :مسيرة الإصلاح .ص43۔)(1 504البحث الرابع :الأطر والمؤسسات الحديثة واستخدامها وسيلة لخدمة مشروعها الإصلاحي وخدمة مصالح الأمة من خلالهما ومقارعة السلطات الاستعمارية من الداخل هي مؤسسة المجلس الجزائري. تاسس هذا المجلس إثر صدور القانون الأساسي للجزائر في تاريخ60ذي القعدة 6631ه 02 /سبتمبر 7491م ،الذي نص في مادته الخمسين على إزالة الحكم العسكري على أراضي الجنوب وإلحاقها بالحكم المدني لأراضي الشمال. كان صدور هذا القانون-الذي أصبح وادي ميزاب بموجبه معنيا باللشاركة في الانتخابات هذا امجلس -إيذانا بنشوب حرب سياسية جديدة شديدة على مستوى وادي ميزاب هب إليها المجتمع جميعا بكامل شرائحه ،وانقسم تجاهه إلى فريقين :فريق الإصلاح المؤيد للمشاركة والداعي إليها وفريق المحافظين الرافض للمشاركة والداعي للمقاطعة. كان لكل فريق وجهة نظر ورؤية خاصة في مسالة تمثيل الميزابيين في هذا جلس من عدمه؛ أما فريق الإصلاح فذهب إلى غسرورة وجود مشل له في هذا المجلس الذي رأى فيه وسيلة لجلب المنافع للأمة والتعريف بقضاياها وانشغالاتها وإسماع صوتها للسلطات الاستعمارية العليا على مستوى القيادة المركزية بالجزائر وعلى مستوى السلطات العليا في باريس .كما رأى فيه فرصة لتكوين شبكة من العلاقات والمعارف مع إطارات عليا وشخصيات رفيعة تسمح لها بخدمة مشروعها الإصلاحي والتمكين له وحمايته من المخاطر المحدقة به"". أما فريق المحافظين فهو يرى أن ضم وادي ميزاب إلى أراضي الشمال. وتمثيله في المجلس الجزائري يعنى القضاء على الشخصية الميزابية المتميزة وذوبانها في بقية الشعب الجزائري ويعنى كذلك إلغاء العمل بمعاهدة سنة 3581 /9م التي تعتبر وادي ميزاب محمية فرنسية وليست مستعمرة. -1صرسالة مطولة حول دواعي دخوله المجلس الجزائري.بكلي :مسيرة الاصلاح.)( 1إبراهيم بيوض: .9دبوز :نهضة الجزائر 6ج .402 -302 .2بوحجام :الشيخ بيوض والعمل السياسي ،ص.16 -75 الفصل الخامس :أطر ا لإصلاح ومؤسساته406 وبذلك تضيع الكثير من حقوق الميزابيين التي نصت عليها هذه المعاهدة؛ التي من أهمها عدم التدخل في الشؤون الداخلية للمجتمع الميزابي ،واحترام هيئاته العرفية وتقاليده ومذهبه الإباضي. يعبر عن هذا الاتجاه أحد أقطابه السيد عمر الحاج امحمد المعروف بوكيل الميزابيين في رسالة احتجاجية للسلطات الاستعمارية« :فإننا لا نقبل هذا الإدماج ابدا لأن ذلك يضر بعوائدنا وديانتنا الق تعهدت لنا الدولة الفرنساوية باحترامهاء وعدم التدخل فيها .لأننا مة هادئة .تحب العافية} ولا تريد التدخل في أي انتخاب مهما كانت صفته ،ولا المشاركة في أي مجلس كان ،ولا الدخول في أي حزب من الأحزاب مهما كانت صيغته. ويعبر الشيخ بيوض عن مذهب تيار الإصلاح بقوله" :إننا وطنيون جزائريون، لا أجانب كما يدعي بعض المتهوسين ،فلا يمكننا أن ننفصل عن إخواننا في النظم العامة المشتركة ،ولا أن نتحلل ونذوب ونتنازل عن الخصائص والمميزات على أن للوطن حقوقا مشتركة يتساوى فيها أبناؤه 5وإن اختلفت مذاهبهم. في حقيقة الأمر لا أريد أن أذهب بعيدا في تناول تفاصيل هذا الموضوع وطرح الشق السياسي فيه ،ومناقشة وجهات النظر المختلفة وتتبع المواقف المتخذة لأن مجال الحديث فيه يطول ،كما سيكون خارجا عن صلب الموضوع الذي يتناول الجانب الإصلاحي. لكن ينبغي التسجيل بكل وضوح أن هذا الأمر أحدث هزة داخلية عنيفة لصفوف المجتمع وقياداته ،وتبعتها هزات ارتدادية كثيرة لكلا الطرفين استمرت لسنوات طويلة ،وأن وقعه على وادي ميزاب كان عظيماء وأن أثره الاجتماعى وبعده الإصلاحي كان كبيرا نظرا للتعبئة السياسية والاجتماعية الشاملة الى دخل ( )1الحاج امحمد :مذكرات ووثائق رسمية ،صصر . 48 -65بكلي :المرجع نفسه.943 -102 ، ( )2الحاج امحمد :المرجع نفسه ،ص.75 دبوز :الرجع السابق .ج .3ص.402()3 704البحث الرابع :الأطر والمؤسسات الحديثة فيها وادي ميزاب إثر إعلان تاريخ الانتخابات التي كانت في 42 :جمادى الأولى 4 / 7أفريل 8491م. يصف الشيخ بيوض أجواء وادي ميزاب عشية هذه الانتخابات بقوله« :والله ما أبهت الأمة الميزابية لحدث في هذا العهد الأخير وما احتفلت مثل ما أبهمت واحتفلت لهذا الحدث الجلل وكان من لطف انثه بها أن هيأها لتلقيه بما يناسب خطره من يقظة وانتبه ...نبه الوعي القومي وحرك الخواطر وأيقظ المشاعر وأثار الحمية والحماس وهيج نيران الوطنية المتطرفة وشغل أسلاك البرق ومكاتب البريد والإدارة زمنا وعمر النوادي وأسال أسيلات الألسنة والأقلام وقتا طويلا". كما أرى أن هذا الحدث يعد اللحظة التاريخية النهائية الفاصلة بين التيارين المتنازعين المتصارعين في بلوغهما الذروة في الخلاف© ونقطة اللاعودة إلى الوراء في إمكانية الصلح واللقاء على طاولة الحوار والتفاهم والتقارب آنذاك بحيث وسعت الهوة الموجودة بينهما بما عسر التفكير في إمكانية الجمع بينهما من جديد .كما تركت آثارا سلبية عميقة في المجتمع بجيث رسمت خطا احمر فاصلا بين التيارين© وحفرت بينهما خندقا عميقا؛ لا تزال آثاره إلى حد اليوم ،رغم كل الجهود المبذولة للملمة الوضع. كما أن مجريات هذه الانتخابات وما لفها من أحداث سابقة ولاحقة نقشت في أذهان الجيل الذي عايشها وبقي يروي تفاصيلها ويتأثر بها .لذا فأتصور أن هذا الحدث هو الذي أتم الكسر النهائي لصخرة وادي ميزاب وتقسيمها إلى شقين ،واتم . التشكل الكامل للشرخ البين فيه آنذاك وبناء الجدار البرليني بين طرفيه. على كل؛ هكذا تفعل سنن التدافع والتغالب والتشاكس في حياة البشرية. مضى كل فريق في نصرة توجهه إلى النهاية؛ فعارض التيار المحافظ وقاطع الانتخابات ،وقدم العديد من العرائض والاحتجاجات للسلطات الفرنسية للإلغاء ( )1إبراهيم بيوض :رسالة مطولة حول دواعي دخوله المجلس الجزائري. الفصل الخامس :أطر الإصلاح ومؤسساته408 تمثيل الميزابيين في المجلس الجزائري"! بينما دخل تيار الإصلاح في اجتماعات ومشاورات طويلة لأجل دراسة القضية من كل أبعادها ولأجل اختيار الرجل الكفء الذي يرشح لخوض غمار هذه التجربة الجديدة على وادي ميزاب .ولأجل تعبئة الجماهير للمشاركة في التصويت على مرشحها. كان من أهم هذه الاجتماعات انعقاد مؤتمر بالجزائر العاصمة في الفاتح من شهر ربيع الأول 7631ه /مارس 8491م ضم أعيان الحركة الإصلاحية وقادتها من كل أرجاء وادي ميزاب ومدن الشمال لأجل الفصل في مرشح الحركة وتعبينه وبعد المداولات ودراسة الموضوع والخوض فيه ،اهتدى الحاضرون إلى طريقة. الاقتراع السري" فكانت النتيجة أن صوتت الأغلبية الساحقة على اختيار الشيخ, بيوض زعيما وممثلا للحركة الإصلاحية. فعلا جرت الانتخابات في موعدها وحسمت النتائج لصالح الحركة: الإصلاحية وأصبح الشيخ بيوض بموجبها نائبا عن منطقة وادي ميزاب في, المجلس الجزائري. يبدو من الوثائق التي بين أيدينا أن الشيخ بيوض لم ينو الترشح لهذا المنصبث»6 ولم يرد أن ينغمس أكثر مما هو فيه من العمل السياسي بإدارته الصراع مع السلطات٠‏ الاستعمارية على المستوى المحلي ،لأن ذلك سيكون على حساب قيادته ورعايته. مشروعه الإصلاحي الشامل .الذي يحتاج منه المزيد من التضحية والمزيد من التفرغ والمزيد من الجهود؛ خاصة بعدما كبرت وتشعبت مؤسساته وأعماله .إلا أن أعيانن الحركة الإصلاحية رأوا فيه الشخصية القوية الكفأة التى تستطيع أن تتحمل اعباءء هذه المسؤولية وتقوم بها كما ينبغي ،فالحوا عليه وفرضوا عليه الأمر دون أن يعطرهه فرصة للتفكير أو يسمحوا له بالتداول حول الموضوع: .112 ص)( 1الحاج سعيد :تاريخ بني مزاب إبراهيم بيوض :رسالة مطولة حول دواعي دخوله المجلس الجزائري .((2 904.البحث الرابع :الأطر والمؤسسات الحديثة يستعرض الشيخ بيوض تفاصيل أحداث ترشحه في رده على الشيخ أبي إسحاق إبراهيم اطفيش المقيم في القاهرة حيث وصفه بالأنانية وخدمة المصالح الشخصية واللهث وراء المناصب وحب الزعامة فيقول« :وائنه ما خطر ببالي قط قضية الما ركة وأنا أحمل راية أ لدعوة إليها بعد اقتنا عي بوجوبها أنوأنا أدرس يجري اسمي على لسان أحد عند عرض المرشحينه". ويقول على لسان أحد الأعيان في مسألة اختياره« :إن هذه فكرة الأغلبية من علية القوم وإننا وانله غير عادلين عنها. منفيجيبه ‏ ١لشيخ بيوض» :حرا م عليكم أن تشغلونني عما أنا ذه مما خلقت أجله ،وأن تلقوا علي أثقالا مع أثقالي التي أنوء بجملها وان تزجوا بي في هذا الأتون وإني غير قابل أبداه. ثم يقول عن نتيجة المؤتمر« :عقد المؤتمر وقرر أن يكون الترشيح سريا فلما تليت البطاقات ظهر ترشيح بيوض باغلبية ساحقةش ثم أجمع المؤتمر على الأمر ولم يقبل مني صرفا ولا عدلا .فقبلت الآمر وحملت الأمانة .وما كان يسوغ لي في مشل ذلك الموقف اللتحرج من كل جهة أن أخذل امىه“. يتضح مما سبق أن ثقل وزن شخصية الشيخ بيوض وقوتها كانا مهيمنين على الحركة الإصلاحية“‘ ،بشكل لم تستطع فيه أن تجد بديلا له في تحمل هذه المسؤولية رغم نوعية الأعيان والشخصيات والكفاءات التي تتمتع بها ،كما أن حساسية ( )1المرجع نفسه. ( )2المرجع نفسه. ( )3المرجع نفسه. ( (4إبراهيم بيوض :رسالة مطولة حول دواعي دخوله المجلس الجزائري. ( )5يرى نبل الشيخ بيوض الأستاذ علي بيوض أن قوة شخصية والده والثقة العمياء التي وضعها رجال الحركة الإصلاحية في زعيمها كانت وراء تقديمه للنيابة في اجلس الجزائري وإسناد المهام الكبرى إليه وان ذلك ليس احتكارا للقيادة أو هيمنة عليها من الشيخ بيوض .مقابلة مع الأستاذ علي بن إبراهيم بيوض :القرارة ،الجزائرش مارس 8002م. الفصل الخامس :اطر الإصلاح ومؤساته _410 الظرف الذي يمر به وادي ميزاب والجزائر كانت وراء اتفاق واستقرار أعيان الإصلاح على تقديم زعيمهم لهذا المنصب دون سواه. يقول الأستاذ بسام العسلي عن هذا الاختيار« :رأى رجال النهضة وحزب الإصلاح أن المعارك بينهم وبين الاستعمار في المستقبل ستكون معارك دبلوماسية خطيرة ...فلا بد من نائب لهم في المجلس الجزائري تتوافر له الكفاءة والقدرة من أجل إحباط المخططات الاستعمارية} ووقع الاختيار على الشيخ بيوض غير أن الشيخ رفض العرض واظهر تمسكه بميدان العلم ...غير أن أهل ميزاب ورجال نهضتها ما زالوا به حتى أقنعوه بقبول المنخصب© حتى لا تترك ثغرة ينفذ منها الاستعمار وأذنابه. في نظري إن الحركة الإصلاحية قد بالغت في تقديرها أهمية هذا المنصب السياسي© وقد ضخمت من الدور المنوط والمنتظر من هذا الجلس؛ مما جعلها تقدم له أثقل شخصية لديها ،ولو كان ذلك على حساب مشروعها الإصلاحي نفسه. حيث من المعلوم عن المسار التاريخي للشيخ بيوض أنه قد وقع فيه تحول كبير بعد التحاقه بهذا المجلس من سنة 7631ه8491 /م إلى بعيد الاستقلال سنة 3691 ,3م حيث انغمس الشيخ في العمل السياسي الوطني عن حساب العمل الاجتماعي التربوي الإصلاحي كما أن تقلده هذا المخصب فرض عليه مغادرة وادي ميزاب والإقامة في الجزائر العاصمة لفترات زمنية طويلة الأجل متابعة أشغال دورات المجلس ومتابعة ملفاته ،فاصبح يغيب كثيرا عن معاينة قضايا الحركة الإصلاحية في مجال التعليم والدعوة ،وأسندها إلى غيره من قادة الإصلاح ومن تلاميذه" كما تخلى عن دروسه المسجدية في مجال الوعظ والإرشاد والتفسير وتوقف عن التدريس بعهد الحياة نهائيا ،في حين أن قاعدة بناء النهضة الإصلاحية وإرساء دعائمها تقتضي منه المرابطة في هذه الميادين على مستوى وادي ميزاب. بيروت لبناندار النفائس. الثورة الجزائرية .ط.2 بسام المسلي :عبل الحميد بن باديس ويناء قاعدة)(1 .12 6891 /6001م .ص 114البحث الرابع :الأطر والمؤسسات الحديثة فكان من الأولى على الحركة الإصلاحية أن تقدم أحد كفاءاتها المتدربين على العمل السياسي والدور النيابي وهم كثر في صفوفها ،ويبقى التنسيق بينه وبين الشيخ بيوض وغيره من القيادات‘ ويغنيها ذلك عن تكليف زعيمها بذلك ،وشغله عن رسالته الأساسية ،وعن تمحوره في القلب النابض للنهضة الإصلاحية ربوع وادي ميزاب. عبر العالم الجزائري الشيخ البشير الإبراهيمي على هذا الراي خاطبا أحد اعلام الجركة الإصلاحية بقوله« :لقد سددتم ثغرة بجبل. بعد هذا فإن السؤال الذي ينبغي أن يطرح هو: ما الذي استفادت الحركة الإصلاحية من المجلس الجزائري؟ وما هي الأعمال التي قدمها الشيخ بيوض لوادي ميزاب وللجزائر بشغله عهدتين متتاليتين .في المجلس الجزائري؟ لا شك أن مقام البحث لا يسمح بتتبع نشاط الشيخ بيوض السياسي في هذا المجلس وخارجه في الأدوار السياسية الوطنية التى قام بهاء وفي جهوده في الثورة التحريرية ،وأعتقد أن هذا الموضوع يصلح أن يكون أطروحة مستقلة تعنى بالفكر السياسي للشيخ بيوض وتتناول جهاده وآراءه ومواقفه في هذا المجال ،فهي بلا شك ( )1محمد بن بشير الإبراهيمي5831 - 6031( :ه5691 - 9881 /م) من أكبر علماء الجزائر 6انتخب رئيسا لجمعية العلماء المسلمين الجزائريين" بعد وفاة الشيخ ابن باديس .ولد في مدينة سطيف" ورحل إلى المشرق لطلب العلم" قاد حركة الإصلاح الجزائرية برفقة الشيخ ابن باديس في مجال التعليم والإرشاد وكان أديباء نشر الكثير من المقالات قاوم الاستعمار الفرنسي ،استقر بالقاهرة وقت الثورة الجزائرية وقام بنشاط سياسي وثقافي لصالحها ،عاد إلى الجزائر بعد الاستقلال .الزركلي :الأعلام؛ جك ،6ص.45 ( )2مقابلة مع الدكتور حمد ناصر الجزائر فيفري 6002م. ( )3أعيدت الانتخابات الجزئية للمجلس الجزائري في يومي.4 :و [1فيفري1591وترشح عن منطقة وادي ميزاب الشيخ بيوض مثلا لتيار الإصلاح والقائد بالولو ممثلا للتيار الحافظ الذي غير من قناعاته ني مسألة المشاركة في هذه الانتخابات .وكان الفوز حليف الشيخ بيوض .الحاح ‏ ٠ميد: تاريخ بتي مزاب 5،ص.12 1 الفصل الخامس :أطر الإصلاح ومزمساتنه412 غنية وتحتاج إلى الكثير من الوقفات التانية لتتبعها وتحليلها وفهم أبعادها ومقاصدهاا وخلفياتهاچ فهي محل جدل كبير إلى حد الساعة. إلا أننا نقول :إن الشيخ بيوض في عضويته بالمجلس الجزائري استطاع أنه يحقق ما يلي: -ان ينقل شخصيته بقوة من المحلية إلى الوطنية والدولية. أن يربط نفسه بشبكة علاقات وطنية ودولية رفيعة المستوى. أن يبرز شخصيته القيادية العالية الطراز. -أن يسمع صوت وادي ميزاب في المحافل الوطنية. أن ينقل انشغالات وادي ميزاب ومطالبها إلى السلطات الاستعمارية المركزية ،ويحقق بعضا منها. أن يحارب السلطات الاستعمارية المحلية بنشاطه وعلاقاته على المستوى. المركزي. أن يدافع عن مشروعه الإصلاحي ويدعم مؤسساته الدينية والتربوية والاجتماعية. أن يجمل راية الدفاع عن وحدة التراب الجزائري ،ويحارب قضية فصل الصحراء عن الشمال«"“. ( )1استخلصنا ذلك بالعودة إلى المصادر الآتية :إبراهيم بيوض :رسالة مطولة حول دواعي دخوله المجلس الجزائري .بكلي :مسيرة الإصلاح .ص .943 -102بيوض :اعمالي في الثورة .ص .79-89دبوز: نهضة الجزائرش ج .4 -302 .2الحاج امحمد :مذكرات ووثائق رسميةث ص7ك .5تقرير نخبة من مجاهدي القرارة حول العمل الثوري للشيخ بيوض منشور ضمن كتاب :اعمالي في الثورة للشيخ بيوض؛ ص .98-311بوحجام :الشيخ بيوض والعمل السياسي" كله .بوحجام :الشيخ بيوض وقضية فصل الصحراء ،كله .الحاج سعيد :تاريخ بني مزاب“ ص .822 -722حمد ناصر :الشيخ بيوض مصلحا وزعيما٬‏ ص.443 -041 314البحث الرابع :الأطر والمؤسسات الحديثة هذا عن المجلس الجزائري .وأما بعد استقلال .الجزائر فكان الاستمرار على التوجه نفسه؛ وعلى القناعة نفسها حيث دفعت الحركة الإصلاحية أبناءها من خريجي المدارس والمعاهد والجامعات داخل الوطن وخارجه إلى الالتحاق بالوظائف والمناصب المختلفة في الإدارة والتربية والتعليم للمشاركة في مسيرة بناء الدولة الجزائرية وتعميرها. هكذا رأينا كيف حددت الحركة الإصلاحية معلمها بوضوح في مسألة توظيف الأطر والآليات والمؤسسات الحديثة لأجل بناء نهضة إصلاحية شاملة ونشر الوعي بين الجماهير ،وتاطير وحماية مشاريعها ومؤسساتها العرفية والتربوية والاجتماعية ورات فيها وسيلة لجلب المنافع والمصالح للناس ودرء المظالم والمفاسد والشرور عنهم ،وقد استطاعت أن تزاوج بين موروثها الحضاري العريق وبين محدثات العصر وان تتفتح وتستفيد وتطعم ما لديها من خبرات بما أبدعه العصر وأتى به من مستجدات. نستطيع أن نقول إن الحركة الإصلاحية نجحت في تبنيها هذا المعلم واختيارها هذا التوجه حيث تمكنت من أن توطد أركان النهضة الإصلاحية وأن تقوي صفوفها وأن تعزز إمكاناتها المادية والبشرية. 00 الفصل الخامس :أطر الإصلاح ومزمساته.414 الممحث الخامس: المحافل الاجتماعية نقصد بالمحافل الاجتماعية تلك المناسبات الدينية واللقاءات العرفية التي ينطوي عليها هذا المجتمع كسائر المجتمعات" بحيث تجمع الناس وتجعلهم يعيشون جوا واحدا ومشاعر مشتركة ،وتكون فرصة لتوجيه الخطاب إليهم ،وفرصة لتقبلهم له. اعتبرنا هذه المحافل فضاء للإصلاح وقناة لصناعة النهضة ووسيلة لتبليغ الأفكار؛ ذلك لما قامت به هذه المحافل من دور فعال في نشر الوعي بين الجماهير. ومن توعيتهم بواجباتهم 6ومن تقويم لسلوكهم ،ومن تصحيح لمعتقداتهم حول أمور الدين ؤشؤون الحياة. كانت هذه المحافل حقلا حيويا زاهيا لإقناع الناس بالمشروع الإصلاحي في أفكاره وأهدافه وبرامجه" وعملت على تعبئة الجماهير للمشاركة في صناعة هىذه النهضةش وحمل طرف المسؤولية فيها؛ بدعمها ماديا ومعنويا ،والعمل على إصلاح النفوس وبذل الجهد في إصلاح الغير ممن تحت مسؤوليات الفرد من زوجة وأبناء وأقارب وجيران وأصدقاء. قامت هذه القناة على إشاعة الفكرة الإصلاحية ويثها في النفوس على المستوى الأفقي للمجتمع بإيصالها إلى أقصى مداها ،وكذا على المستوى العمودي بإيصالها إلى كل الشرائح مهما علت أو سفلت؛ من خلال اللقاء بها في هذه المناسبات ،التى تعني الاتصال بمختلف الجماهير في لقاءات وجولات متنوعة ومتعددة. تقدم الحديث فيما مضى عن طبيعة المجتمع الإباضي في وادي ميزاب بكونه نتاج خبرة اجتماعية عريقة بلغت ألف عام ،وبكونه مزيج قبائل وأعراف وتقاليد. فهذا المجتمع الذي يحمل في عروقه دماء قبائل أمازيغية وأخرى عربية قدمت إلى وادي ميزاب من جهات عديدة داخل الجزائر وخارجه فاستوطنته وانصهرت 514البحث الخامس :المحافل الاجتماعية في بعضها البعض .كما امتزجت بفلسفة المدرسة الإباضية في بعدها الفقهي والاجتماعي .التي تمتاز بنوع من الصلابة والتشدد والعمل بالأحوط وبالصزامة في التربية .وبالخشونة في العيش ،التي آملتها البيئة الصحراوية قاسية المناخ" شحيحة الموارد .ومن جهة أخرى امتازت بالتوسع في الأخذ بالمصالح المرسلة ،وفني العمل بالبدع الحسنة وفي البناء على المقاصد الشرعية. ولدت هذه المعطيات والخصائص الاجتماعية والدينية والطبيعية مجتمعا يعيش حياة دينية محافظة منغلقة داخليا على نفسها ،تحتكم إلى نظام عرفي هرمي ،تحول مع الوقت إلى سلطة حاكمة حازمة ،ضبطت حركة الأفراد بترسانة من الأعراف والتقاليد .وحاولت أن تستمد روحها من أصول الإسلام ،وتبحث عن تاصيلها في المصادر الشرعية الإسلامية. كان ذلك لأجل الحفاظ على صفاء هذا المجتمع والحفاظ على خصائصه في مذهبه وفي عوائده وفي تقاليده كما يراها القائمون عليه من علماء ومشايخ وعزابة وأعيان. يقول الشيخ بالحاج قشار“ في بيان هذا المعنى« :ما يختص به أهل ميزاب من عادات حسنة كلها مبنية أو مستقاة من كتاب النه أو سنة رسول النه ية صراحة أو ضمنا وقد اعتادوها وأخذها الخلف عن السلف لا فيها من تربية النفس على ما يقوي فيها الوازع الديني والأخلاقي ويوثق عرى المحبة وصلة الرحم والتضامن ( )1مصطفى إتبيرن :المصلحة المرسلة عند الإباضية ،رسالة ماجستير" جامعة الأمير عبد القادر للعلوم الإسلامية .قسنطينة .س ج5002 -4002 :م 5.ص .342 -78قشار :عوائد ميزاب سنن لا تقاليد. ص .31-08طلاي :ميزاب بلد كفاح ،ص .08 -72معمر :الإباضية دراسة مركزة .ص.52-04 ( )2كعباش :العطف تاجنينت ،ص 53 -33سماوي :العزابة .حل.3ص.7901 -7401 ( )3بالحاج بن عدون قشار( :و5431 :ه4291 /م-ت :الاثنين42جمادى الأولى 7141ه 7 /أكتوبر 6مم) تلقى تعليمه في معاهد وادي ميزاب ،تولى الدعوة والوعظ والإرشاد والتدريس في مساجد بلدته بنورة .له العديد من المؤلفات منها :الفقه والدليل ،العقيدة الصحيحة للمسلم" عوائد ميزاب سنن لا تقاليدؤ بجوث ومحاضرات في الدين والحياة ،كما تولى تفسير القرآن الكريم في المسجد من سنة 6591م إلى 6991م .معجم اعلام الإباضية ،ج .2ص.751 الفصل الخامس :أطر الإصلاح ومؤسساته416 الاجتماعي .والوقاية من الانحرافات الضارة بالمجتمع ،لضمان استمرار مجتمع صالح مترابط نظيفه". شحنوه بمحافل اجتماعية كثيرة؛ كان المقصد منها إتاحة الفرصة لأولي الأمر فيه لتوجيه أفراده ومراقبة سلوكاتهم وصيانتهم من ا لانحرافات والانفلاتات الدينية والاجتماعية .فتعود الناس على الحضور المتكرر إل هذه المحافل والمناسبات وعلى والصبر على المكوثوعلى :تحمل المداومة عليهاالإنصات إل ما يقال لهم فيها فيها لساعات طوال ،والتعود على الاستماع للخطاب الدعوي الذي يلقى فيها ثم الإذعان إلى الأوامر والتوجيهات والالتزامات التي تطلب منهم. في حقيقة الأمر يحار عقل الإنسان-أحيانا-كيف استطاع الفرد في هذا المجتمع أن يتعود على تحمل كل هذا الخطاب الدعوي الاجتماعي ،وتحمل كل هذا الصبر لحضور هذه المجالس واللقاءات الطويلة المتكررة ،دون أن يصاب بالملل و السام و اللإعياء؛ بجكم أنها ليست من الواجبات الدينية ،وإنما تدخل في باب المستحبات والمندوبات والأعراف. لعلنا في تحديدنا لهذه المحافل نستطيع أن نميز بين نوعين فيها؛ مع تسجيل. التداخل بينهما: ۔ محافل اجتماعية دينية. محافل اجتماعية عرفية. [-المحافل الاجتماعية الدينية: تتمثل فيما يلي: -جالس تلاوة القرآن الكريم. إحياء ليالي الجمعة بالدروس والمواعظ. ص.28المرجع السابق قشار:) ( 1 714البحث الخامس :المحافل الاجتماعية إحياء ليالي رمضان بالدروس والمواعظ. ختمات للقرآن الكريم أسبوعيا وشهريا ،وخلال شهر رمضان يوميا. توزيع القرآن الكريم على الأفراد لتلاوته أسبوعيا. دروس ومواعظ يومية بعد صلاة المغرب أو العشاء في غالب أيام السنة. احيانا درسان في اليوم الواحد. -درس قبل صلاة الجمعة. إحياء ليالي فضلى :ليلة51شعبان ،ليلة الفاتح من محرم ليلة المولد النبوي الشريف. -2المهانل الاجتماعية العرفية: تتمثل فيما يلي: تفريق صدقات وقف ”"تينوباوين ()1 إحياء عيد الزهور أو زيارة المعالم التاريخية للبلدة. زيارات المقابر في مناسبات معينة وتوزيع الصدقات فيها. لقاءات العشائر مع أبنائها في مناسبات عديدة. لقاءات أسرية وعائلية في مناسبات عديدة. إقامة الأعراس الفردية والجماعية لأيام عديدة. إقامة عشاءات المآتم لليال عديدة. إحياء أربعينية الميت وسنته. ( )1وقف "تينوباوي : “.,يقصد به مقدار من الطعام واللحم والخبزؤ يوقفه الشخص على إحدى ممتلكاته. ‏٠صواء كان منزلا أم بستانا أم غيرهما ،يحرجه كل سنة ف يوم معلوم .صدقة ف سبيل اه تعالى .ينظر: .7ص947۔حلقة العزابة 3حل.2سماوي: ك ومزسساته | الفصل الخامس :أطر ‏ ١لإصلاح418 إقامة أفراح للولادة والختان. إقامة أفراح توديع الحجيج واستقبالهم. إقامة أفراح استقبال سيلان الوديان. ۔ إقامة أفراح جني الثمار. إقامة أفراح استقبال العائدين من السفر. تبادل الرحلات والزيارات بين المشايخ والعزابة والأعيان. نريد أن نسجل أن جل هذه المحافل كانت موجودة قبل مجيء الحركة. الإصلاحية .وقد عملت كثيرا على تماسك المجتمع" وعلى توطيد شبكة العلاقات. الاجتماعية بين أفراده ،مما أسهم في تذويب الفوارق بين طبقات الناس ،وجعلهم, يتعارفون ويتآلفون ويتآزرون ويتناصحون. يبين الشيخ بالحاج قشار ثمرة هذه المحافل بقوله« :أما من تمسك بدينه وعوائدهه وسير مجتمعه فالنتيجة واضحة عفاف عن الحرام استقامة في السلوكك دماثة في» الأخلاق ،نباح في الاقتصاد انسجام في الأسرةء اطمئنان في المعاملات ترابط فيں المجتمع .ثبات في المبادئ»“. إن جهد الحركة الإصلاحية تمثل أساسا في التوظيف الحسن لنه المحافل والاستغلال الأمثل لهذه المناسبات ،واعتبارها فعلا قناة لتمرير الفكر الإصلاحي, إلى الجماهير بطريقة عمودية وأفقية ،بجيث أوصلت الخطاب للى كل الشرائح: وبسطت الأفكار وغيرت المفاهيمإ ولم تبق الفكرة الإصلاحية حبيس نخبةا أرو شريحة دون أخرى؛ ممن اعتاد على ارتياد المساجد مثلا دون غيرهم. ) (1لمزيد اطلاع على هذه العوائد والمحافل والتعرف عليها يراجع :سماوي :حلقة العزبة .حل .2ص(--947 .7قشار :عوائد ميزاب سنن لا تقاليد ص . 31-08كعباش :العطف تاجنينت ،ص53 -33 طلاي :ميزاب بلد كفاح .صر .72-08الحاج صعيد :تاريخ بتي مزاب ،ص.84-85 ( )2قشار :المرجع نفسه‘ ص.38 -28 914البحث الخامس :المحافل الاجتماعية كان نزول رجال الإصلاح من عزابة وأعيان وطلبة إلى هذه الميادين من خلال. 5مداومتهم على حضورها وحرصهم على تصدر مجالسها؛ لأجل إبلاغ خطابهم وتوجيه نصحهمإ وتنظيم برامج وكلمات تحمل روح الفكر الإصلاحي. وخالطتهم الناس في أفراحهم وأتراحهم وفي الاستماع إلى انشغالاتهم وإلى التخندق معهم في إيحباد الحلول لها ،حتى اكتسبوا ثقتهم وسلموا لهم أمر قيادتهم والأخذ بيدهم لما فيه صلاح دينهم ودنياهم.'"١‏ كانت النتيجة أن الكثير من الأفكار النيرة غرست في العقول ،والكثير من الأفكار البالية صرفت من الأذهان والكثير من الانحرافات الأخلاقية حوربت في السلوك والكثير من القيم الطيبة غرست في النفوس. كما أن طلبة الشيخ بيوض في معهد الحياة وخارجه ممن التحق منهم بميادين العمل والإصلاح قد نشطوا كثيرا في استغلال هذه المحافل ،فكانت فرصة لهم للتكوين والتدريب على الخطابة والتمثيل وتصدر الجماهير ،وكانت فرصة لبلورة أفكار مشايخهم في الحركة الإصلاحية ،ونقل تعاليمهم إلى عموم الناس في قوالب من الأناشيد والخطب والقصائد والمسرحيات التاريخية والفكاهية في المناسبات الاجتماعية المختلفة .فكان ذلك النشاط سببا في توعية الناس ورفع هممهم. وتوجيهم إلى القيام مسؤولياتهم ومناصرتهم للحركة الإصلاحية. يبين الدكتور محمد ناصر هذا الدور الطلابي بقوله« :ربط الطالب بالحياة الاجتماعية والدينية .فهو العمدة في إحياء حفلات الأعراس بالأناشيد والمدائح الدينية والوطنية وإلقاء الخطب والمواعظ في المناسبات والآعياد الدينية حتى أن طلبة المعهد يقومون بإقامة حفل بمناسبة المولد النبوي" يتخذونه مجالا للتباري ( )1القرادي :مقال بعنوان :العشيرة ودورها في تكوين البنية الاجتماعية في ميزاب ،منشور ضمن كتاب: الشيخ القرادي حياته وآثاره١‏ ص .35-16دبوز :نهضة الجزائر جا .ص .491سكحال :الشيخ بيوض ومنهجه في الإصلاح .صر.851 -831 الفصل الخامس :اطر الإصلاح ومؤسساته420 المناسبة فالناس انتظار هذهوقد تعودوأناشيدما يبدعونه من قصائدوالتنافس كل سنة بشوق شديده. : من جهة أخرى فقد أبدع أعلام الحركة الإصلاحية وعلى رأسهم الشبخ بيوض في تفعيل محفل اجتماعي وتوظيفه توظيفا جيدا ،مما كان له وقع كبير على النفوس والعقول ،وأثر عميق في انتشار أفكار الإصلاح .ومحاربة خصومه ،وتفنيد التهم والأكاذيب التي كانت تروج عليه وعلى مشروعه. تمثل ذلك في عشرات الرحلات التي كان الشيخ بيوض يعقدها مع أعيان الإصلاح والشخصيات البارزة إلى قرى وادي ميزاب© وإلى مدن الشمال حيث يوجد التجار الميزابيون ،فكانت هذه الزيارات تستغل أيما استغلال في الالتقاء المباشر بالجماهير ،وتنظيم تجمعات ومهرجانات معهم واحتفاء أنصار الإصلاح بقدوم قائدهم ووفده المرافق لهؤ وتنظيم سهرات حافلة تضم كلمات وأناشيد ومسرحيات وتتوج بخطبة للشيخ بيوض يعرض فيها الفكر. الإصلاحي ويشرح فيها خططه وأهدافه ومشاريعه ويرد فيها على التهم. الملصقة به ،ويصحح فيها المفاهيم" ثم يشحذ الحمم للنهوض بالأمة وإصلاح, أوضاعها ومحاربة المفاسد فيهاا. يقول الشيخ عبد الرحمن بكلي عن ثمار إحدى رحلات الشيخ بيوض للى. بلدة بريان في شهر أكتوبر سنة 4491مإ والتي دامت أسنبوعا كاملا« :إن خمسين, درسا أو تزيد من دروس الأستاذ الجليل في ربوعنا في هذا الأسبوع البهيج لكفيلة: بإيقاظ المشاعر ،وتنبيه العقول ،وإفاقة النائم} وإشعار النفوس بذاتيتها ،وتوجيههاا إلى حيث الجد والعزة والفخار»“. ) ) 1ناصر :مقال بعنوان :القيم الإسلامية في نظام التعليم بوادي ميزاب ،مجلة الحياة ،الصادرة عن معهد الحياة بالقرارة -الجزائر ع ا ،سنة8991م .ص. 28 ( )2دبوز :أعلام الإصلاح .ج .4ص.591 -471 ( )3الرجع نفسه :ج .4ص.981 124البحث الخامس :المحافل الاجتماعية ثم يوجه خطابه للشيخ بيوض واصفا جهوده في الرحلة شاكرا له قائلا: «عزيزي الشيخ بيوض إن بريان الحبيب ليكرر شكره لكم لا على زيارتكم له وحده ،بل على رحلتكم الميمؤنة في أرجاء ميزاب“ وإرشادكم وعنايتكم يبنى الإسلام عموما في ربوع ميزاب‘ وتزويدكنم سائر طبقات الأمة بالوعي الصحيح. والحماس المتاجج في الميادين العملية البناءة ،فلسوف تبدو ثمرات سعيكم المشكور قريبا .ولسوف تفتخر الأجيال بعدنا بهذه الحركة الإصلاحية المباركة التي تقودونهاء ولسوف يخلد التاريخ اسمكم في جملة عظمائه"': يوضح المؤرخ محمد علي دبوز آئار هذه الرحلات بقوله« :كانت زيارة الشيخ بيوض خيرا وبركة للإصلاح والمصلحين ،زادت للإصلاح تاكيدا في النفوس‘ وزادت للعامة الدهماء تبضرا ،ومعرفة لحقيقة الإصلاح بدروس الشيخ بيوض واعماله" وما رات من سيرته وبشاشته ،وعذوبة روحه ،وخلقه العظيم فازدادوا معرفة به وتعلقا به وبالإاصلاح الذي يتزعمه 6وزادت المصلحين حماسة وإقداما ،فداموا على سيرهم الحثيث في بناء النهضة الإسلامية العربية الحديثة؛ فاتت أكلها العظيمه. . هكذا رأينا كيف وظفت الحركة الإصلاحية المحافل الاجتماعية الزاخرة في وادي ميزاب لبناء صرح نهضتها ورأت فيها قناة لتمرير الفكر وتوضيح المنهج وشرح الهدف ،ورسم الخطة ،كما رأت فيها فرصة متاحة سانحة لبناء العقول وتزكية الأنفس وشحذ الهمم لمشاركة الجميع في العملية الإصلاحية الشاملة .وقد نججت في ذلك إلى حد بعيد. ( )1المرجع نفسه :ج .4ص.981 صر .[ 77الرجع نقسه :ج.4)(2 الفصل الخامس :أطر الإصلاح ومزسساته422 ‏ ١لميحث السا دس: القاعدة الاقتصادية لا شك أن استعراض مسيرة حركة اتخذت من المجتمع ميدانا للعمل والإصلاح والتفاعل يستلزم طرح السؤال الذي يتبادر إلى أي ذهن عن الموارد المالية والمصادر التمويلية التى استندت عليها هذه الحركة لأجل تحويل مشروعها من عالم الأفكار إلى غالم الأشخاص والأشياء"'. إن عملية تحويل الأفكار إلى الواقع لتحتاج بالضرورة إلى جهة تتبناها وتؤمن بها وتخطط لتجسيدها ،كما تحتاج إلى جهة تنفق عليها وتمولهاء وإلا بقيت آمالا واحلاما وطموحات عالقة في الأذهان دون أن ترى طريقها إلى نور الوجود. أحست الحركة الإصلاحية منذ الوهلة الأولى من ظهورها بجاجتها إلى بناء. قاعدة اقتصادية قوية تكون لها السند والدعم في تشييد مشروعها الإصلاحي, الطموح.وإعلاء صرحه وتعميم نفعه وتوسيع أفقه ،وبسط ظلاله. كما أدرك أعلام الإصلاح منذ الوهلة الأولى أن نهضتهم لن تستطيع أن تذهب6 بعيدا دون توفر هذا الجانب الاستراتيجي والتمكن منه والتحكم في مصادره وإلا" ظلت رهينة الفاقة والحاجة ،ولتعطلت مشاريعها في كل مرة وتعثر سيرها وتأخر, [نبازهاك بسبب افتقارها إلى مصدر التمويلك ولبقي الكثير منها حبرا على ورق" وشطحات في الرؤوس وأحلاما في العقول ،دون أن تعرف طريقها إلى الواقع .أرر وجدت نفسها رهينة ثلة من أهل المال والنفوذ-ممن لم يرتو الفكرة والدف - مدفوعة للوقوع في شباكهم لحاجتها إليهم وعدم مقدرتها الاستغناء عليهم" فيملون ( )1هذه جزء من نظرية المفكر مالك بن نبي في تفسيره سيرورة الحركة التاريخية الإنسانية؛ بكونها تبدا بالتولند في عالم الأفكار ثم تجسد بوسائل في عالم الأشياء .نحو غاية يمددها عالم الأشخاص .ينظر في ذلك :بن نهب: ص.38:2قاسم :نظرية الحضارة عند المفكر مالك بن ني.ميلاد مجتمع .ص.72 324البحث السادس :القاعدة الاقتصادية عليها طلباتهم ويفرضون عليها رؤاهم ويؤثرون في قراراتها .ويعملون على توجيه مسارها حيث ما مالت إليه أهواؤهم ومصالحهم بحكم امتلاكهم مصادر التمويل والإنفاق 6كما هو حال بعض الجماعات والحركات. في حقيقة الأمر حين الوقوف على الحالة المعيشية لوادي ميزاب والنظر إلى وضعيتها الاقتصادية فإننا نسجل عليها ضعفا كبيرا ف الموارد .وشحا واضحا ف وفاقة ف الناس واحتياجا معتبرا؛ نظرا للبيئة الصحراوية القاحلةالمصادر المعيشية الجافة التي يتربع عليها وطنهم .ونظرا لوجوده في منطقة معزولة عن معابر القوافل التجارية الكبيرة.مما لا يشجع أبدا على قيام نهضة اجتماعية شاملة تستلزم أموا لا ونفقات كبيرة. إضافة إلى هذا الضعف العام ،فقد سيطر على المجتمع طبقة من الحكام وتواطؤوا مع شرذمة من م ”القياد“ المتجبرين؛ الذينالعسكريين الاستعماريين أثقلوا كاهل أفراد هذا الشعب المسكين بوابل مانلضرائب والغرامات ،فزادوهم فقرا إل فقرهم وضعفا إلى ضعفهم" كما سيطروا على الموارد الحيوية القليلة من واحتكروا استغلالهامياه جوفية وبعض المشاريع الفلاحية التى تدر بعض الأموال وجعلوها دولة بيسنهم؛ وسين بعض المعمرين الفرنسيين والإسبان واليهود. واستخدموا ا لأهالي باججس الأثمان عمالا واجراء و”خماسين“ .واذلوهم وأهانوا كرامتهم .كما هو الحال في باقي أرجاء الجزائر. رأيي إن هذه الوضعية الاقتصادية المتردية والحالة المعيشية الصعبةحسب قد أثرت سلبا على سيرورة المراحل الإعدادية للنهضة الإصلاحية في وادي والانقطاعالسبر فوالتذبذبالتحركبطيئة .متسمة بالثقل ففبدتميزاب منأنها ل تستطع أن تنتقل بوضوحمرة.كماأكثر من‏ ١لوراءوا لعودة0لل ال فراد إلى مرحلة المؤسساتت بضعفها وعجزها عن تشييد وإدارةمرحلة رؤوستحتاج للالتيالأخيرةهذهوديني ةه كبيرةتربويهة وتعليميةمؤسسات أنوال معتبره ة ونققات باهظة ل تكن متوفرة بين يدي العلماء والمشايخ والعزابة الفصل الخامس :أطر الإصلاح ومزمساته424 آنذاك .هذا ما جعلها تبقى حبيسة مساجد قليلة متواضعة ،ودور علم بسيطة على النمط التقليدي القديم من محاضر وكتاتيب(“. ا لقد دفعت هذه الأوضاع الاقتصادية المزرية سكان وادي ميزاب للتفكير جديا في إيحباد بدائل اقتصادية هم خارج وطنهم الصغير لأجل كسر هذا الخناق المالي والحصار الاقتصادي المضروب على أعناقهم فقرروا السفر والهجرة بجثا عن مصادر جديدة للرزق في أرجاء الجزائر شمالا وشرقا غربا وجنوبا .ثم العودة بعد فترة زمنية بال موال المجموعة للنفقة على عائلاتهم وأهاليهم وعمارة وادي ميزاب باستثمار تلك الآموال في بناء مساكن عائلية .وشراء أراض فلاحية في أطراف البلد وتنشئة النخيل والأشجار فيها. هكذا كانت عقلية الفرد الميزابي في بعدها الاقتصادي خلال القرون الماضية إلى القرن العشرين. إن إدراك الحركة الإصلاحية لهذه الوضعية الاقتصادية الصعبة الضعيفة ووعيها باهمية هذا الجانب واستراتيجيته جعلها تفكر بقوة في الخروج من هذه الورطة التاريخية التى وجدت فيها نفسها ومجتمعها ،بإيجاد البدائل الاقتصادية لتقوية الأمة ومحاربة الفقر فيها وحثها على العمل والكسب وتحدي الطبيعة والصبر على مشاقها. نحبد الشيخ بيوض في دروسه الآولى عندما اعتلى منبر المسجد وهو في ريعان. شبابه سنة 4291م وما بعدها يوجه الأمة إلى أخذ المبادرة والتفكير في البدائل, الاقتصادية .ومضاعفة الجهد والعمل لتحسين الأوضاع المعيشية ،ومحاربة الكسل, والبطالة ودعوة الناس إلى السعي وراء الرزق بالطرق الحلال من خلال الأعمال؛ والحرف المختلفة كما دعا إلى التكتل لإنشاء شركات إسلامية لتعمير الوطن ودعاا ص 9ا.561 -1يراجع ف ذلك :البعث الثالث من الفصل الثاني)(1 ( )2يراجع في ذلك :المبحث الثاني من الفصل الأول .ص.37 -65 524البحث السادس :القاعدة الاقتصادية إل إنشاء شركات النقل لفك الخناق الاقتصادي عن وادي ميزاب وتسهيل حركة تنقل الأشخاص والبضائع لتفعيل التجارة والحرف والمهر(‘“. كما قام الشيخ بيوض في رحلاته الكثيرة إل مدن الشمال خلال الثلاثينيات والأربعينيات حيث يوجد التجار الميزابيون بدعوتهم في دروسه واجتماعاته معهم إلى تطوير تجارة التجزئة التي يمتهنها اغلبهم" وإلى تحسين أساليب التعامل مع الزبائن" وإلى التكتل والتعاون في شركات التجارة بالجملة لمنافسة اليهود والمعمرين وكسر احتكارهم للأسواق ،واحتكارهم منابع شراء السلع وتسويقها وتوزيعها. يقول المؤرخ محمد علي دبوز عن هذه الدروس للشيخ بيوض« :كان الشيخ بيوض رحمه النه في كل مناسبة في دروس وعظه في المسجد يدعو إلى النهوض بالتجارة .وتحسين أساليبهاچ ومزاحمة اليهود في تجارة الجملة التي استاثروا بها في الجزائر ...كما يدعو في دروس وعظه إلى اقتباس الأساليب العصرية الحديثة الراقية في التجارة .لتكون متاجر المسلمين كمتاجر الأوربيين أو أحسن في النظام والنظافة والسعة والعمارة وحسن المعاملة وفي الأمانة والنشاط وشدة الحب للعمل وإتقانه“. ويقول عن دروسه في رحلاته« :وإذا سافر الشيخ بيوض للى بلاد الشمال حيث التجار الميزابيون الكثيرون ،فإن أغلب دروس وعغظه في المساجد ،وفي مجالسه. في الولائم الحاشدة بالتجار في هذا الموضوع :إنشاء الشركات الإسلامية لتجارة )الجملة .وتحسين تجارة التفصيل والنهوض بها»“. مع تبلور الفكرة الإصلاحية خلال العشرينيات والثلاثينيات واتضاح معالمها كحركة اجتماعية ذات مؤسسات ومشاريع ازدادت حاجتها إلى إيجاد المصادر التمويلية القارة ،وبناء القاعة الاقتصادية القوية التي تحفظ السير المنتظم ص85۔ .0دبوز :أعلام الإصلاح .جك.)(1 ( )2المرجع نفسه :جك .ص.85 ) (3المرجع نفسه :جك .ص.85 الفصل الخامس :أطر الإصلاح ومؤسساته426 ‏ ٠والحسن لمؤسساتها الدينية والتربوية التعليمية ،وعدم التعثر أو التوقف بسبب الملشكل المادي. فحيقيقة الأمر كانت المؤسسات الدينية التقليدية في المجتمع من مساجد ومحاضر تمول من قبل الأوقاف التابعة ها منذ القديم المتمثلة في محاصيل بعض البساتين والنخيل ،والصدقات الجارية .وتبرعات بعض الحسنين..١‏ أما الوظائف المنوطة بها فكانت تفرق بين أعضاء العزابة والطلبة وعامة الناس بصفة تطوعية تلقائية دون مقابل .أما دور العلم التابعة للمشايخ والعلماء فعادة ما تكون من تبرعات أحد المحسنين ،أو تكون دارا للشيخ نفسه يوقفها للعلم ولطلبته. مع توسع الحركة العلمية الإصلاحية وطموحاتها الكبيرة فإنه لم تعد تسعها تلك البنايات التقليدية المتواضعة وجعلها تحتاج إلى توفيز مزيد من الهياكل والمؤسسات والمساجد والمدارس والداخليات ،وتحتاج إلى توظيف إطارات متفرغة لشغل مناصب التعليم والإدارة والتسيير. | فمثلا على مستوى بلدة القرارة معقل الإصلاح الأول حيث يرابط زعيمه الشيخ بيوض في التربية والتعليم وبناء الأنفس والعقول ،فإن معهده الذي كان في بادئ الأمر في منزله الخاص احتاج لنقله إلى جوار المسجد سنة 1491 /163م بعد تزايد عدد الطلبة عليه بتوافدهم من كل قرى وادي ميزاب ،ومن خارجه ،كما احتاج إلى توفير داخلية تؤويهم بعد ما كانوا مفرقين :منازل بعض محسني رجال ا لإصلاح ۔ كما احتاج إلى توفير مصاريف ماكلهم ومشربهم وإقامتهم .ثم توفير طاقم .من الأساتذة ممن يتولى معه مهمة التعليم |والتكوين والإدارة بمعهد الحياة. ثم احتاجت الحركة الإصلاحية إلى التكفل بالطلبة الذين انتقلوا إلى تونس لمواصلة دراستهم في جامعة الزيتونة والمدارس التابعة لها والمحيطة بهاء فانفقوا عليهم ( )1سماوي :العزابة .ص .576 -856الحاج سعيد :تاريخ بني مزابث ص.721 -421 شريفي :معهد الحياة ص .16-28)(2 724البحث السادس :القاعدة الاقتصادية فرادى بتبرعات المحسنين من رجال الإصلاح ،ثم ضموهم إلى بعضهم البعض وجمعوهم ف إقامات متعددة ثم اشتروا لهم دارا فسيحة جعلوا منها داخلية للبعثات البيوضية .ووفروا لهم كل الحاجيات اللازمة". بالتوازي مع هذه التكاليف الجديدة المتزايدة كان المشروع الإصلاحي يخط طريقه نحو تشييد المدارس العربية الإسلامية وفتحها في كل قرى وادي ميزاب وفي مدن الشمال والشرق والغرب الجزائري حيث يتجمع التجار الميزابيون وأسرهم. واستلزم ذلك توظيف مئات الأساتذة والمعلمين من خريجي معهد الحياة للقيام مهمة التدريس. وبالتوازي مع ذلك كانت الحركة الإصلاحية في هذه الفترة تخط طريقها تحو توسعة المساجد الموجودة وبناء أخرى جديدة ،وتجهيزها وعصرنتهاچ كما كانت تخط طريقها نحو تفعيل دور العشائر والقيام بواجباتها المنوطة بها؛ التي تستدعي نفقات كثيرة جديدة تتمثل في التكفل بالطبقات الضعيفة من اليتامى والأرامل والمعوزين برعاية شؤونهم وتدبير أمورهم وإعالة أبنائهم والتكفل بتعليمهم وتزويجهم وتشغيلهم. إذن :كانت هذه الانطلاقة القوية للمشروع الإصلاحي خلال الثلاثينيات والأربعينيات بدخوله غمار العملية الإصلاحية الشاملة والبناء والتكوين والرعاية الاجتماعية ،إيذانا بمضاعفة نفقاتها وضخامة رؤوس الأموال التي تحتاج إلى توفيرها لمواكبة منجزاتها الحضارية ،فكان ذلك إيذانا باتخاذها خطوات عملية متعددة لمحاولة تغطية مصاريفهاء وتوفير السيولة المالية اللازمة لتمويل مشاريعها. نريد أن نشير هنا أن هذه الحركة المتسارعة في المجال الاجتماعي وني مجال التربية والتعليم قد تزامنت مع تخرج دفعات متتالية من طلبة معهد الحياة الموالين ( )1أبو اليقظان :إرشاد الحائرينش ص.01 -6دبوز :اعلام الإصلاح .ج .3ص .862 -462قاسم الشيخ م.60بالحاج :أقلام الميزابيين ف الصحافة التونسية نشر جمعية التراث ،القرارة غرداية الجزائر. ص.21-72 الفصل الخامس :أطر الإصلاح ومؤسساته428 للإصلاح والمتشبعين بأفكاره والمتحمسين لأعماله ،والتحاقهم بمياذين العمل والتجارة في أرجاء وادي ميزاب ،وشمال الجزائر ،كما تزامن ذلك مع ازدياد أنصار الحركة الإصلاحية وتوسع قاعدتها الشعبية ،التى منها طبقة من رجال الأعمال والتجار الأغنياء الذين اقتنعوا مشروعها فتعاون كل هؤلاء وكانوا اليد السخية `للمشروع الإصلاحي والمدد والعون المتدفق على مشاريعه الحضارية... فشكل هؤلاء مع بعضهم جميعا القاعدة الاقتصادية القوية للحركة الإصلاحية. ومورد تمويلها ومصدر إنفاقها. في ذات الوقت اتجه الخطاب الدعوي للإصلاح خلال هذه الفترة بقوة إللى الربط بين العناية بالتربية والتعليم ،والعمل على تمويله والإنفاق عليه بسخاء. واعتباره من أوكد الواجبات ومن أولى الأولويات .حيث كانت دروس الشيخ بيوض في مساجد وادي ميزاب" وفي رحلاته واجتماعاته مع الجماهير ،وفي جولاته إلى مدن الشمال تركز على توعية الناس بضرورة الإنفاق على مشاريع الخير من بناء المدارس والمساجد ودور الطلبة ،ودفع أجور المعلمين والقائمين عليها ،وتبين لهم أفضال ذلك عند النه تعالى" وتحثهم وترغبهم في المنافسة والمسارعة إلى ذلك. يقول الشيخ بيوض في خطبة له بإحدى جولاته إلى بلدة غرداية سنة 4491 /4م أمام جماهير غفيرة حاثا إياهم على البذل والإنفاق والتبرع في سبيل هذه المشاريع« :إخواني الأعزاء لرقأديتم نتائجالعلم الحميدة ،فهل أنتم مستعدون لخدمته بصدق وإخلاص هل أنتم مؤيدون مشاريعه بالإنفاق في سبيلها؟ ما للبعض يبخلون وتنقبض أيديهم على الإنفاق؟ لو أنفقنا عشر ما ننفقه على الشاي والقهوة ...لوفرنا للعلم ومشاريعه ملايين كل سنة ولبلغنا غايتنا منذ زمن بعيد .على المعلمين أن يعلموا وعلى الآباء أن ينفقوا بسخاء .ل تقم هذه المدارس وابنيتها الشاة بلا شيء .ولا أدواتها اللازمة لها وجهازها تنفقوا علىالضروري الغالي ،أنفقوا على هذه المدارس والمعاهد قبل أن هتموا باأجسامهم...إن .ضروريات المعاش ،اهتموا بأرواح أبنائكم قبل أن 924البحث السادس :القاعدة الاقتصادية الإنفاق في التعليم رأس الصدقة وعبادة كبرى وهو سبب الزيادة والبركة في المال وفي كل نعم الله للمنفق“. أثمرت هذه المساعي الحثيثة والدعوات الحارة لمشايخ الحركة الإصلاحية في جال الوعظ والارشاد والتوعية وإصلاح ذات البين اكتساب ثقة الجماهير وحبها لهم 5خاصة بعد تخرج أولى باكوراتهم من طلبة معهد الحياة ونزولهم أشبالا إلى ميادين التعليم وخدمة الصالح العام؛ فرأت الناس بام أعينها ثمار التربية الحسنة والتعليم العصري فابهر الناس بنشاط هؤلاء الفتية ونوع تكوينهم وحسن سلوكهم مما جعلهم يتسارعون إلى احتضان هذه المشاريع الحضارية أكثر وينفقون عليها بسخاء دون تردد. كما استطاع مشايخ الحركة الإضلاحية باعمالهم وإخلاصهم أن يقنعوا الناس بأولوية النفقة على مشاريع التربية والتعليم وبناء المساجد ،وأن يعودوهم على البذل ولو كان بهم خصاصة .فاستطاعوا أن يغيروا نظرتهم للحياة وترتيب أولوياتهم فيها. وصل الأمر بالحركة الإصلاحية بناء على هذه الثقة أن أصبحت تبرمج لنفسها جولات منتظمة خلال السنة لجمع الاشتراكات والتبرعات من كل التجار الموالين للإصلاح على مستوى وادي ميزاب ومدن شمال الجزائر .كما أصبحت تعول على بعضن الرجال الأثرياء بعينهم تقصدهم لتمويلها بدفعات كبيرة من المال أو قرضها منهم حينما تقتضي الضرورة ذلك. إن هذه الخطة المتبعة وهذا المستوى من النضج الذي أوصلت فيه الحركة الإصلاحية أتباعها جعلها تحقق النجاح في تباوز العقبة المالية الكاداءء وكسر الخناق المادي المضروب عليها ،وبذلك نجحت في تحقيق ما عجزت غنه التجارب الإصلاحية السابقة. ) (1دبوز :أعلام الإصلاح .ج .4ص 60ا.701- الفصل الخامس :أطر الإصلاح ومؤسساته430 على صعيد آخر قام أعيان الإصلاح على مستوى وادي ميزاب ومدن الشمال بخطوة عملية استجابة لدعوة مشايخهم تمثلت في تجميع أموالهم والتكتل وإنشاء شركات تجارية قوية للبيع بالجملة في المواد الغذائية والأقمشة والعقاقير وأدوات البناء والأدوات المنزلية ،وإنشاء شركات لاستيراد السلعء وإنشاء )مصانع لمنتوجات عديدة.": كما عملوا على دعم تبارة التجزئة التي تعد الأكثر امتهانا للميزابيين ،بتوعية أصحاب هذه المحلات التجارية وعمالها تواعد التجارة وأعرافها العريقة المبنية ‏ ٠على الثقة والأمانة والصرامة والحزم والتقشف والتحلي بالأخلاق الإسلامية وتحري الرزق الحلال والمعاملة الحسنة للزبائ.“. وني خطوة أخرى أنشأ رجال ا لإصلاح الجمعيات الخيرية على مستوى كل بلدة في وادي ميزاب لأجل تقسيم المهام وتخفيف العبء على مشايخهم ليتفرغوا للعمل الاجتماعي والتربوي ،ويتولوا هم جانب جمع التبرعات والاشتراكات وتنظيم الجولات إلى التجار لتوفير السيولة المادية لتمويل المشاريع وبناء الهياكل من مساجد ومدارس وعشائر وتجهيزها وتسيير ميزانيتها المالية. وقي خطوة أخرى دعا الشيخ بيوض المجتمع إلى التفكير في الاستثمار في النقل. لأجل كسر الخناق الاقتصادي والتجاري الذي يعانى منه وادي ميزاب؛ بوجوده في منطقة نائية مقطوعة في الصحراء؛ مما يعطل مصالح الناس ويصعب تنتلاتهم ويعسر معيشتهم. وكان يشيد كثيرا بشركة السيد بليدي بوكامل{ للنقل البري للبضائع .) (1الرجع نفسه :جک .ص.95 ( )2زكرياء الشيخ بالحاج وآخرون :ضوابط علاقات العمل المطبعة العريية .غرداية4241 .ه3002 /م ص.55 -94 ( )3يراجع المبحث الماضي حول الأطر والمؤسسات الحديثة .ص.093-314 ( )4عبد النه بن صالح البليدي بوكامل( :و0681 / 7721 :م-ت6731 :ه 52 /نوفمبر 6591م) ولا 134البحث السادس :القاعدة الاقتصادية والأشخاص التي أنشاها بتوجيه من رجال الإصلاح والتي كانت تربط وادي ميزاب بالأغواط والحلف .فكان يتحدث عن منافعها في دروسه المسجدية ،ويقدم صاحبها مثالا للاقتداء والاقتفاء للشباب والرجال الذين يريدون خدمة وطنهم ونفع عياله ومساعدة أهله"‘. .وخلال ال ربعينيا ت ترجم ‏ ١لشيخ بيوض وصفوة من رجا ل ا لإصلاح هذه جماعية للنقل البري للأشخاصالفكرة وهذه القناعة إل الواقع بإنشائهم شركة والبضائع تربط وادي ميزاب بمدينة تقرت وبسكرة ،وأسهموا بذلك في فك الخناق الاقتصادي وتسهيل تنقل الأشخاص من الناحية الشرقية لوادي ميزاب. لقد عارض رموز التيار المحافظ هذا التوجه لدى الشيخ بيوض واتباعه في دعوتهم للإنشاء خطوط نقل من وادي ميزاب وإليها ،واعتبروا ذلك دعوة لتمييع وادي ميزاب بالأجانب ،وجلب المفاسد إليهء حيث كانوا يفتون بجرمة إنشاء هذا النوع من الشركات بحجة جلبها للمحرمات والموبقات وللفاسدين والمنحرفين؛ من خمور وفسق ومن يهود ونصارى وعاهرات .وقد قامت قيامتهم وثارت ثورتهم عندما ألقى الشيخ بيوض دروسا في مسجد القرارة يشيد بهذا العمل ويعتبره خدمة للدين والوطن؛ فأاشاعوا بين الناس من خلال منابر مساجدهم أن بيوض متبرأ الدي.“..منمنه .مارق ببني يسجن واستقر للتجارة في الجزائر الماصمةة وهو من الأثرياء الكبار 6كانت له معارف لدى السلطات الفرنسية يقضي بها شؤون الأمة .قام بأعمال كثيرة منها :مساعيه لدى السلطات الفرنسية لأجل إغلاق دار البغاء في القرارة[ إنشاء جمعية خيرية في الأغواط ،إنشاء معهد علمي في بلدته بني يزقن ،إنشاء مؤسسة كبيرة للنقل البري بين الجلفة والأغواط وغرداية .المشاركة في تمويل الثورة بالمؤونة والعتاد والأسلحة .معجم أعلام الإباضية .ج .3ص.265 ))1دبوز :اعلام الإصلاح .جك .ص [.26 -6 ( )2المرجع نفسه :جك .ص.06 ( )3دبوز :أعلام الإصلاح .جك .ص .07 -96 الفصل الخامس :أطر الإصلاح ومزسساته432 كما التفتت الحركة الإصلاحية وعلى رأسها الشيخ بيوض إلى المجال الفلاحي بحكم رسوخ قدم الميزابيين في هذا النوع من العمل واكتسابهم خبرة عريقة فيه وبحكم احتواء موطنهم على واحات مهمة محيطة به فدعا إلى مزيد العناية بخدمة الواحات وتنشئة الغابات وغرس المزيد من النخيل وتطوير خدمة الأرض واستصلاخها رغم صعوبة الفلاحة الصحراوية وقسوة مناخها. كما ترجم ذلك عمليا من خلال البرامج الدراسية لمعهد الحياة وداخلية الحياة حيث حدد للطلبة أوقاتا وحصصا معلومة ينزلون فيها إلى واحات البلدة ،يسهمون في خدمتها ونظافتها ،ويتدربون على تسلق النخيل وتابيرها وجني ثمارها ،لأجل تحبيب العمل الفلاحي إليهم وغرسه في نفوسهم .ولأجل تنمية الذوق الجمالي لديهم الذي يجدونه في هذه الحقول والأجنة والواحات(". خدمة لهذا المجال دائما كون رجال الإصلاح خلال الأربعينيات نقابات مهنة. وأنشؤوا شركة لحفر الآبار الأرتوازية واستخراج المياه الجوفية لأجل منافسة الشركة الفرنسية لاستغلال المياه الجوفية ،التى أرادت أن تحتكر هذا الميدان وتفرض اسعارها على المواطنين وتشدد الخناق عليهم في توزيع المياه واستغلالها. وخلال وجود الشيخ بيوض في المجلس الجزائري نائبا عن وادي ميزاب طالب السلطات الفرنسية بإعطاء حق توزيع المياه لنقابات أبناء وادي ميزاب التي أنشأها اللصلحون" ونزعها من الشركة الفرنسية التى تحتكرها وتتعسف في فرض أسعارها. وطرق توزيعها على المواطنين{ ،وقد نظمت الحركة الإصلاحية تظاهرات شعبة وقادت مسيرات جماهيرية لأجل بلوغ مرادها وتحقيق بغيتها؛ وفعلا تمكنت من ذلك فآيخر المطاف ونزعت حق استغلال المياه من هذه الشركة الاستعمارية(“. شريفي :معهد الحياة ص28۔ .48)(1 ( )2دبوز :أعلام الإصلاح .ج5؛ ص ! .6سكحال :الشيخ بيوض ومنهجه في الإصلاح .ص.771 -671 ) (3الحاج امحمد :مذكرات ووثائق رسمية{.73سكحال :المرجع السابق" ص.771 -671 ( )4بكلي :مسيرة الإصلاح‘ ص.98 -87 334للبحث السادس :القاعدة الاقتصادية وفي نطاق آخر دعت الحركة الإصلاحية إلى العناية بجانب التكوين في المجال الاقتصادي والحرفي والإداري حيث كان الشيخ بيوض يوجه الناس ويعمل على توعيتهم في دروسه بضرورة تسجيل أبنائهم في المدارس التي تفتحها السلطات الفرنسية للتكوين المهني وتعلم الحرف والصنائع وتعلم إدارة الشركات وتسيير المؤسسات الاقتصادية .وقام الشيخ بيوض بخطوة عملية تمثلت في إرسال دفعة من الطلبة والتكفل بهم لأجل التكوين في الحرف الضرورة للبلد في المدرسة الفرنسية بغرداية ،ثم تولى مساعدتها بعد تخرجها ومكنها من انطلاق ورشاتهم وبداية أشغاله" .‏٠ يقول الشيخ بيوض في أحد خطاباته بهذا الصدد« :أما في الميدان الثقاني فقد فتحت مدرسة غرداية للصناعات ،وستفتح في شهر أكتوبر الآتي سنة 8491 /م مدرسة تجارية ستتلوها بعد قليل مدرسة فلاحية ،فهل من:7 سداد الرأي أن يتركها أبناء الوطن ليحتلها غيرهم؟ وهل يتولى إدارات الأعمال بعد اليوم غير المثقفين؟ وهل يكون الإنتاج بغير علم؟ ثم إن طبيعة العمران تقتضي أخصائيين في شتى فنون العلم" فمن يكون هؤلاء في ميزاب في الغد القريب؟. كما نشطت الحركة الإصلاحية في تشجيع عمل المراة في بيتها في كل ما: يتعلق بحرف النسيج والخياطة والغزل وخدمة الصوفتؤ لأجل صناعة الزرابي والأفرشة والألبسة الصيفية والشتوية .فعملت الحركة الإصلاحية على إنشاء تعاونيات لترويج منتوج المرأة بتوفير مواده الأساسية ثم المصنوعات والمنسوجات في أسواقها المحلية ونقل الفائض منه لتسويقه في الأسواق أرجاء الجزائر وخارجها.الخارجية ف ( )1سكحال :الشيخ بيوض ومنهجه ف الإصلاح .ص .1 77 ) (2دبوز :نهضة الجزائر ج .3ص .102 .77 -57 ( )3بيوض :حديث الشيخ الإمام .حل [ .ص الفصل الخامس :أطر الإصلاح ومؤسساته434 يقول الباحث نور الدين سكحال« :خطا المصلحون خطوة أخرى لجعل هذا النشاط الاقتصادي للمرأة الميزابية يتعدى نفعه الأسرة إلى المجتمع ،فاطروه وأنشؤوا له تعاونيات خاصة تختص بتابعته ،وتنسيق العمل فيه ،بتوفير المواد الأولية اللازمة له .ووضع خطط وبرامج للتسويق والإشهارؤ من خلال إقامة المعارض والأسواق لهذه المنتوجات؛ : ومن الخطوات العملية الجريئة التى اتخذها الشيخ بيوض باسم حركة الإصلاح وتحسب له ولهم لما جلبته من منافع للأمة ،ولما رفعت عنهم من غبن ومذلةا فتواه فيما يعرف بمكس الأسواق ،إذ كانت السلطات الاستعمارية تفرض على كل أسواق وادي ميزاب ضرائب محددة تعرف باملكس؛ تعرضها للبيع في المزاد العلنى خلال كل فترة ،فكان اليهود هم الذين يسارعون إلى شرائها في كل مرة ليتحكموا بموجبها في حركة البيع والشراء في الأسواق ويقبضوا الأموال عن كل بائع بضاعته وعن كل دلال بأضعاف ما يسوغه لهم القانون ،فجمعوا بذلك أموالا كبيرة. وكانت الأمة تهان بتصرفات اليهود وغطرستهم وإذلالهم للناس وامتصاصهم لدماء الضعفاء من التجار والباعة ،وكانوا سببا في ارتفاع أسعار بعض المنتوجات، فلم تستطع الأمة لوقت طويل فعل شيء أمام هذه الوضعية المهينة بدعوى حرمة شراء ضريبة أو مكس السوق لكونه تقوية للاستعمار من جهة ،وأكل لأموال الناس بالباطل من جهة أخرى بعد ذلك. تبرأ الشيخ بيوض وأفتى بجواز شراء هذا المكس وعرض المسألة على رفقائه من أعيان الإصلاح وطلب منهم التكفل بشرائها وحمسهم لذلك ،بقصد رفع هذا الغبن عن الأمة وكشف مذلة اليهود عنها وبين لهم الوجهة الشرعية لفتواه المبنية على مراعاة المقاصد ورعاية المصلحة وجلب المنفعة .فوافقوه على ذلك واستجابوا لأمره وخلال سنة 9431ه9291 /م حينما أعادت السلطات الاستعمارية بيع ( )1سكحال :المرجع السابق ص .381 .3ص27۔ .32دبور :أعلام الجزائر ج.5ا 2 مسيرة الإصلاح .ص بكلي:)(2 534البحث السادس :القاعدة الاقتصادية مكس بلدة القرارة في مصالخها الإدارية بغرداية تقدم وفد من رجال الإصلاح ودخلوا في هذه المزايدة مع اليهود وغلبوهم واشتروا المكس وانتزعوا من اليهود حق التصرف والتحكم في أسواقهم .واستمروا في شرائه كل ثلاث سنوات لمدة تسع سنين حتى طاطا اليهود رؤوسهم .وتخلوا عن غطرستهم ،وعلموا أن للامة حماة ورجالا أشذاء يستطيعون صون عزتها وحفظ كرامة وجههه"“. ثم حذت بعض قرى ميزاب التي انتشر فيها الإصلاح مثل بريان والعطف حذو بلدة القرارة في اتباعها فتوى الشيخ بيوض واشترت مكس أسواقها وتبرعت به للمجتمع. يبين الشيخ بيوض وجهة نظره في فتواه بقوله« :كان إفتائي بجواز شراء اللكس لفائدة المسلمين ورفع الظلم والذل عنهم ،وشراؤنا مكس القرارة ،وتطهير سوقها من اليهود الأعداء وأعوانهم الأخساء عملا خيريا ومبرة كبرى© وشيئا يجيزه الدين. ويملأ بالسرور والرضا كل غيور من المسلمين. ويضيف في موضع آخر :الما وصل ظلم اليهود وغطرستهم هذا الحد قلت للمصلحين في القرارة :إلى متى ونحن صابرون على الظلم؟ إن المكس ضريبة واجبة في الأسواق فيجب أن نتولاها لنرفع الظلم وغطرسة اليهود على المسلمين»“. ثم يبين ثمار شراء هذا المكس ونتائجه الحسنة بقوله « :أعفينا من ضريبة المكس المنتوجات الفلاحية من القرارة ،إعانة للفلاح المسكين الذي يعاني من الجدب وصعوبة الفلاحة ،واعفينا من ضريبة المكس المنتوجات الصوفية التي تصنع في القرارة .حثا للمرأة على العمل والإنتاج؛“. ( )1بكلي :المرجع نفسه ث ص .32 -12دبوز :المرجع نفسه .جك .ص.37 -27 ( )2بكلي :المرجع نفته ص .221 ( )3دبوز :المرجع السابق .جك 55ص.47 ( )4المرجع نفسه :جك .ص.37 ( )5المرجع نفسه :جک 5.ص.47 -37 الفصل الخامس :أطر الإصلاح ومؤسساته.436 مرة أخرى تثور ثائرة رموز تيار المحافظة والجمود وتهيج عاصفتهم على هذه. الفعلة البيوضية النكراء فلا يدركون أبعادها ومقاصدها{ فيثورون ضد هذا الاجتهاد الخارق للمعهود في المذهب ،ويعارضونه بشدة ،ويرون فيه إهانة فهم ووثبة عليهم 6وتحديا للهيئات العرفية من حلقات العزابة وأعرافها وسيرها. وتطاولا على علماء ومشايخ وادي ميزاب الحاضرين والسابقين .فرموه بمختلف النعوت واعتبروه خارجا عن الدين وعن المذهب© وعاصيا للمجتمع ومتنكرا لسير الأجداد والآباء". يصف الشيخ بيوض الآثار السلبية لفتواه بقوله« :كان لنا في العشرينيات بعض اتصالات بالعلماء المعارضين البارزين ،ولما جاءت مسألة المكس هذه طفح بها كيل عداوتهم لي وللإصلاح .فانغلقت الأبواب بيننا .واستمروا في محاربتنا ومعارضتنا ف أعمالنا. يقرأ في هذه الفتوى للشيخ بيوض قوة شخصيته واستقلاليتها ،واتصانها بالمبادرة والتحدي" كما يقرأ فيها نضج فكره المبكر وتحرره من القيود المذهبية والعرفية ،ولو أدى ذلك إل إغضاب معاقل العلم والفتوى في وادي ميزاب .ودون أي مبالاة أو خشية من ردود فعلها مهما كانت. حسب رأيي فإن هذه الفتوى تعد نوعا من التحدي الصارخ واستعراض العضلات وحماسة الشباب واندفاعه-فالشيخ لا يزال في العشرينيات من عمره۔ رغم معقولية وجهة نظره إلى حد بعيد .إلا أن الطريقة الاستعراضية التى قدم بها فتواه للمجتمع .وعدم التمهيد لها بمناقشة الموضوع مع المراجع الفقهية في وادي ميزاب أو استشارتهم فيها هي التي تعد خاطئة ويلام عليها الشيخ بيوض 6،وهي التي تسببت في قلب الطاولة عليه وكان بإمكانه أن يسلك طريقا آخر وأن يسير بالتدرج والرفق فيه . ( )1بلي :مسيرة الإصلاح .ص .321دبوز :اعلام الجزائر .كش ص.57 -47 جك .ص.57دبوز :المرجع نفسه)(2 734البحث السادس :القاعدة الاقتصادية كما يتضح فيها اعتزاز الرجل بشخصيته الاجتماعية والعلمية واقتناعه بها إلى أبعد الحدود واستغنائه عن غيره من الفقهاء المتقدمين عليه والسابقين له في حقل العلم والفتوى والموعظة .وأحيانا احتقاره لبعضهم واستهانته بآرائهم وتسفيهه لعقولهم؛ كما يفهم من بعض خطاباته ودروسه وأقواله عنهم المبثوثة ي الكتب والوثائو("". على كل؛ هذه بعض مخلفات ومطبات القيادة والريادة والزعامة والشهامة. في آخر المطاف نقول :إن الحركة الإصلاحية بفضل إخلاص مشاميخها وجهودهم الدعوية والتربوية المتواصلة نجحت إلى حد بعيد في توفير القاعدة الاقتصادية لتمويل منجزاتها الحضارية ،كما نجحت في المزاوجة الصحيحة بين المال والعلم 3وفى جعل أحدهما يخدم الآخر كما نجحت في أخلقة المال ووضعه في موضعه الصحيح من العملية الإصلاحية وفي مسار بناء الحضارة ،فلم يهيمن عليها ،ولم يؤثر على اختيار نهجها ،ولم يتدخل في اتخاذ قراراتهاچ كما لم يعمل على فرض نفسه بالقوة في مراكز القيادة آو التسيير. حيث قيض اللثه تعالى لمشايخ الإصلاح ثلة من رجال الأعمال والتجار الأثرياء ،ممن نهلوا فعلا الفكر الإصلاحي وتربوا فعلا بأخلاقه والتزموا فعلا بنهجه وأحبوا فعلا مشايخه ،فخدموهم وخدموا النهضة الإصلاحية بكل إخلاص وتضحية وبذل ،وكانوا رهن إشارات مشائخهم" وطوع أوامرهم وتوجيهاتهم. وفي حقيقة الآمر كان ذلك ثمرة تلك الجهود الدعوية المضنية للشيخ بيوض ورفقائه وغيره من المشايخ على منابر المساجد لنصف قرن من الزمن ويزيد وكذا ثمرة معاهدهم ومدارسهم التى خرجت صنعة أيديهم؛ في دفعات متتالية لأجيال من الشباب الذي عمر ميادين العمل والتجارة؛ متشبعا بالفكر البيوضي ومقتنعا بالنهج والمسيرة المتبعة ،وواضعا الثقة التامة فى قيادته ،ومنفقا بسخاء على منجزاته الحضارية. .57جك .ص-07۔ . 321 - 1دبوز :المرجع نفسه.ص02يراجع ف ذلك مثلا :بكلي :مسيرة الإصلاح.)(1 الفصل الخامس :أطر الإصلاح ومؤساته438 كما نعلق فنقول :إن اعتماد الحركة الإصلاحية في تمويل مشاريعها الحيوية على تبرعات التجار ونفقات المحسنين فقط" دون إيجاد بدائل اقتصادية قرية استثمارية وتنافسية-رغم محاولاتها المتكررة في ذلك -يعد منقصة في مشروعها الإصلاحي" كان عليها أن تتداركه مع الوقتؤ إلا أنها لم تتمكن من ذلك ولا يزال عبء تمويل مشاريع النهضة الإصلاحية هاجسا قائما في نفوس أصحابه إلى حد اليوم في وادي ميزاب. 934البحث السابع :الصحافة الحث انسا بع: الصحاقة نتناول دراسة الصحافة التي عرفتها النهضة الإصلاحية في هذا المبحث من زاوية تحديد موقعها في المشروع الإصلاحي" ودورها في إحداث النهضة .واثرها ني توجيه المجتمع وتوعيته ،لتحقيق الأهداف التي سطرها تيار الإصلاح. ينبغي أن نشير إلى أن الصحافة عند إباضية الجزائر قد حظيت بدراسات علمية عديدة مستفيضة ف كثير من جوانبها .كما حظيت بدراسات أكاديمية معمقة من عدة باحثين جادين" وكان تركيزهم في ذلك على التراث الصحفي لعميد الصحافيين الجزائريين الشيخ أبي اليقظان إبراهيم بن عيسى» الذي تعد صحفه بحق لسان حال الحركة الإصلاحية ،وعقلها المنظر. لذا فإننا لا نريد هنا تكرار ما قاله الدارسون أو اجترار ما توصلوا إليه من نتائج وخلصوا من توصيات إنما نريد أن حصر الحديث والبحث في زاوية إبراز الدور الإصلاحي هذه النهضة وموقعها ضمن العملية الإصلاحية ،وندافع عن أطروحة كون الصحافة وسيلة أو آلة لتجسيد المشروع الإصلاحي والدفاع عنه. نستطيع أن نحدد أهم الدراسات العلمية التي تناولت الصحافة اليقظانية فيما يلى: الشيخ أبو اليقظان وجهاد الكلمة. -محمد ناصر المقالة الصحفية الجزائرية. الصحف العربية الجزائرية. الشيخ أبو اليقظان ونثره. -محمد زغينة -الزبير سيف الإسلام | تاريخ الصحف في الجزائر. تاريخ الصحف العربية في الجزائر. -مفدي زكرياء الفكر الإصلاحي عند الشيخ أبي اليقظان. -زكية منزل غرابة الفصل الخامس :أطر الإصلاح ومؤسساته440 ف الجزائر مجلةأبو ‏ ١ليقظا ن أحد رواد ا لإصلاح -عبد الرزاق قسوم الا صالة ا لحجز ا ثر. السخرية في الأدب الجزائري. -حمد ناصر بوحجام أبو اليقظان في الدوريات العربية. جريدة وادي ميزاب وموقفها من القضايا الوطنيةبالحاج فخار وقضية فلسطين. الحركة الوطنية الجزائرية. -أبو القاسم سعل الله تاريخ الجزائر الثقافي ج.5 كتاب الجزائر. -أحمد توفيق الماني نهضة الجزائر الحديثة وثورتها المباركة. -محمد علي دبوز الجزائر.أعلام الإصلاح ف صفحات من الجزائر. -صالح الخرفي الفكر والثقافة المعاصر في شمال إفريقيا. -أنور الجندي 3مسيرة الإصلاح في جيل. -عبد الرحمن بكلي -المعهد الوطني العالي نجلة الموافقات .ملف العدد حول الشيخ أبي اليقظانض لأصول الدين بالجزائر عدد كا جوان 6991م. لا شك أن لعبة الصحافة والإعلام تعد من الإبداعات الإنسانية الحديثة التى دخلت معترك الحياة من بابه الواسع ،واحتلت موقعها فيه بقوة؛ لتعمل على قضاء المآرب وتحقيق الغايات وبلوغ الأهداف© ولعب الكثير من الأدوار السياسية والاجتماعية ،بجيث لم يكن شيء من ذلك معهودا لدى البشرية بهذا الشكل وعلى هذا النمط من قبل. أصبحت الصحافة في عالم البشرية منذ أزيد من قرن قوة لصناعة الرأي العام, السياسة .عجرياتفوجهة مؤثرةاقتصادياوسلاحا دعائيا ،ومصدراوتوجيهه. `والحكم ،حتى اطلق عليها السلطة الرابعة ،أو الطابور الخامس.. كما تلقفت الإنسانية بمختلف دولها وشعوبها ودياناتها وتوجهاتها هذا الابتكار الجديد ،وتسارعت إلى توظيفه في خدمة مصالحها ،ونصرة طروحاتها السياسية والاجتماعية .فنما وانتشر بسرعة مذهلة ،وتطور وتحسن في أوقات قياسية محدودة. فتحول الإعلام والصحافة إلى سلاح دخل معترك الحروب والصراعات التى شهدتها البشرية خلال القرن العشرين ،كما تحول إلى وسيلة للتوجيه والتثقيف؛ سخرته حكومات الشعوب لتكوين أفرادها وغرس قيم المواطنة فيها ،وبناء مجتمع الدولة والمؤسسات. كانت الجزائر-وهى الدولة المستعمرة والشعب المقهور خلال القرن العشرين -ممن استعمل ضده هذا السلاح ،كما عرفت الجزائر الصحافة الاستعمارية منذ وقت مبكر؛ خلال النصف الثاني من القرن التاسع عشر .هذه الأخيرة التى سعت لطمس الشخصية الجزائرية .ومحاربة القيم والانتماء الإسلامي العربي فيها ،كما أذكت نار الفتنة والتفرقة بين أفرادها من خلاه. ظهرت في مقابل ذلك الصحف الوطنية الرافعة لقضايا الأمة والمتشبثة مقوماتها ،والمناضلة لأجل اكتساب الحقوق ورفع الغبن واسترداد الوطن ،فانشات جل الحركات النضالية والتيارات الفكرية التي عرفتها الجزائر جرائد تعبر من 5 منابرها عن توجهاتها وأفكارها وقناعاتها“. كانت الحركة الإصلاحية الجزائرية بقيادة العلماء والشيوخ من دخل معترك العمل الإعلامي الصحفي واقتنع بضرورة توظيفه سلاحا ووسيلة في سبيل تحقيق بعل أن تأكد أن المدرسة والمسجد وا لنادي والجمعيةوا لتغيرلإصلاحمشروعه ف ( )1الزبيف سيف الإسلام :تاريخ الصحافة في الجزائر؛ ص.521 ( )2يراجع في ذلك :المرجع نفسه :ص[ .061 -51مفدي زكرياء :تاريخ الصحافة العربية في الجزائر جمع وتحقيق :أحمد حمدي نشر مؤسسة مفدي زكرياء ،دار هومة{ الجزائر".3002ص.751 -84 محمد ناصر :الصحف العربية الجزائرية .9391 _ 7481 .الشركة الوطنية للنشر والتوزيع" .0891 ص.671 -23 الفصل الخامس :أطر الإصلاح ومزسساته442 لم تعد كافية لوحدها لإحداث النهضة الشاملة المنشودة؛ بل لابد من معاضدة ومؤازرة هذه الأطر بآلة الصحافة وغيرها من الوسائل المحدثة المعاصرة قصد إشاعة الفكرة الإصلاحية في الجماهير غلى أوسع نطاق ،والتصدي لحل مشاكلها ومخالفة المخاطر المحدقة بها داخليا وخارجيا"‘. اقتحمت هذا الميدان واعتلت منبره وبلغت أفكارها من خلاله‘ وسربت مشروعها النهضوي بواسطة قنواته .وعبرت عن قناعاتها على صفحاته" ونقلت آمال شعبها وآلامه إلى السلطات الاستعمارية بواسطته ،كما اتصلت بارجاء العالم الإسلامي وعرفت قضيتها للمحافل العالمية. أصدرت الحركة الإصلاحية الجزائرية-التى تمثلت في جمعية العلماء المسلمين الجزائريين-خلال مسيرتها النضالية العديد من الجرائد والمجلات القيمة والمتنوعة وهي جريدة المنتقد والشهاب والسنة النبوية والشريعة المحمدية والصراط السوي )والبصائر. فكانت صحافتها فعلا صحافة رأي ومبدإ وموقف وكلمة. كما كانت ميدانا فسيحا للنضال السياسى والفكري والتربوي© وميدانا فنسيحا محاربة الانحرافات والبدع .ومجابهة التوجهات الخاطئة ف المجتمع(. أما عن الحركة الإصلاحية في وادي ميزاب“ فإن معرفتها للصحافة كان ئي وقت مبكر من ظهورها مع مطلع القرن العشرين ،وقد تزامن ذلك مع لحظات ميلادها ،وفترة نشاتها ،وحقبة تشكلها ،وساعة تبلور أفكارهاء حيث اقتنع بعض أعلامها بجدواها وبضرورة توظيفها في العملية الإصلاحية منذ الوهلة الأولى؛ رغم عدم إجماعهم على ذلك. ( )1بوصفصاف :جمعية العلماءء ص.541 -931 اللزلجع السابق. ناصر:.231صر77۔- مفدي :المرجع السابق.ص.85سيف الإسلام :المرجع السابق.()2 [.541 -ص93المرجع نفسه8بوصفصاف:صر.73 344البحث السابع :الصحافة الشيخ أبو اليقظان ،الذى جاء فيكان على رأس الدعاة لتبنى العمل الصحن وصفه لدور الصحافة ما يلي: « فهي الأم المثقفة لأولادها ،والمدرسة السيارة المهذبة لأبنائها والمعلم النصوح لتلاميذه ،والمرشد الحكيم لمريده ،والطبيب الحاذق لمرضاءا والمصلح الكبير لشعبه". كما وصفها في موضع آخر ب « :المستشفى المتنقل المحتوي على أطبائه وأدواته وأدويته; .ووصفها كذلك ب :ه المدرسة السيارة في البر والبحر والهواء. كما قال في دورها وأهميتها قصيدة شعرية؛ مما جاء فيها ما يلي: والشعب من غير اللسان مواتحياةإن الصحافة للشعوب ببيانه نتدارك الغاياتفهي اللسان المفصح الذلق الذي والى الفضائل والعلا مرقاةوالهنافهي الوسيلة للسعادة الرغبات منه وتبلغ الغاياتفبها إلى الأمم الضعيفة ترفع رعاة“.لحياته ما لا تراهالشعب طفل وهي والده يرى مما هو واضح كما سبق أن بينا في مبحث سابق أن الفضل يعود إلى المحافل السياسية والعلمية التونسية التي تاثر بها اعلام الإصلاح في شبابهم" واحتكوا بأقطابها وشاركوا في حركاتهم الوطنية ،ونهلوا منهم تكوينهم السياسي والهبوا منهم روحهم النضالية ،ثم عادوا إلى أرض الوطن بقوة مندفعة ،وبجماس متاجج لإحداث التغيير والإصلاح والنضال على ختلف الجبهات. ) (1أبو اليقظان :مقال بعنوان :أي هكذا 6جريدة البستانؤ ع .7جوان3391م. ( )2أبو اليقظان :افتتاحية جريدة النبراس" ع ،1الصادر بتاريخ 12 :جويلية 3391م. ( (3أبو اليقظان :مقال بعنوان :بين الجريدة والجواق ،جريدة البستان ،ع ا .الصادر بتاريخ 72 :أفريل3391م. ( )4إبراهيم ابو اليقظان :ديوان أبي اليقظان ،دراسة :الدكتور محمد ناصرا نشر جمعيةالتراث ،ج.1ص.09 ( )5يراجع فذلك المبحث الرابع من الفصل الثالث حول :المرجعية الفكرية للإصلاح .ص.572 -742 سعد الله :تاريخ الجزائر الثقاني ،جك ص .492 -092قاسم :أقلام الميزابيين في الصحافة التونسية. ص.72 - الفصل الخامس :أطر الإصلاح ومؤسساته444 يقول الشيخ أبو اليقظان عن تأثره بالأجواء الصحفية التونسية :ه لما انفمست في الوسط التونسي في سنة 4191م ...وقد انطلقت الصحافة التونسية إذ ذاك من عقالها 5فكانت تبرز بألوانها الزاهية وفصوفها الممتعة ،وزاد اللهب شعوري حركة الدستور بها وبلوغها عنفوانها وأعلى ذروتها منذ 7191م إلى 0291مه‘“. إن مما يذكره بعض الإصلاحيين أن اجتماعا حاسما مهما ضم قادة الإصلاح ونخبهم من شباب وكهول في معقل الإصلاح بلدة القرارة سنة 5431ه5291 /م في لحظات التحضير لميلاد المشروع الإصلاحي وتحديد منهجه ورسم خططه. ‏ ٠وضبط أولوياته" وتوزيع أدواره وتقسيم مسؤولياته .فكان من القضايا المهمة للطروحة في هذا الاجتماع-الذي حضره كل من الشيخ بيوض والشيخ ابي اليقظان والشيخ عدون والسيد الحاج بكير العنق؛ أحد وجوه الأعيان اقتراح السبل العملية لتجسيد المشروع الإصلاحي فخلص المجتمعون إلى عدة اقتراحات أهمها: تبنى خط الإصلاح الدينى الاجتماعي. تبني خط الإصلاح التربوي التعليمي. تبني خط الإصلاح الإعلامي الصحفي. فكانت النتيجة هي الاتفاق على توزيع هذه المهام والأدوار بين قادة الحركة الإصلاحية ومشانخها وأعيانها؛ كل ميسر لما خلق له ،مع ضرورة التعاون والتوافق والتنسيق والتشاور والتكامل “. عند كلامنا في المباحث الماضية عن الإصلاح في شقه الديني الاجتماعي أكدنا على محورية شخصية الشيخ بيوض وزعامتها وريادتها ،وأثرها الفعال في كل ( )1أبو اليقظان :تاريخ صحف ابي اليقظان‘ ص. 21 ( )2مصطفى باجو :مقال بعنوان :الشيخ إبراهيم بيوض مربيا ،منشور ضمن اعمال الملتقى الأول لفكر الإمام الشيخ إبراهيم بيورضز 6كتاب الملتقى 6صر .3 7 544ِالبحث السابع :الصحافة المنجزات والمواقف التى شهدتها الحركة الإصلاحية ،أما هنا ونحن بصدد عرض منجزات الحركة الإصلاحية في بعدها الإعلامى الصحفى فإن الشخصية المحورية القيادية التى صنعت أحداث هذا الميدان من الجهاد والنضال هي الشيخ أبو اليقظان إبراهيم .الذي نستطيع وصفه بفيلسوف الحركة الإصلاحية ومفكرها ومنظرها الثاني ،والرجل التقدمي في صفوفهاء المتفتح على عصره .الآخذ بأسباب التمكين والعزة فيه ،والرجل الجسد لشخصية الميزابي الإباضي المتشبث بيزابيته وإباضيته. وفي ذات الوقت المؤمن بتلاقى المذاهب الإسلامية وتعاونها ،والداعي إلى وحدة الأمة الإسلامية .والمكافح فسيبيل نصرة وطنه الجزائر ،وخدمة قضايا شعبه؛ كل ذلك في وسطية واعتدال" وفي قوة شخصية وصلابة مبدل ودماثة أخلاق ورسوخ عقيدة ،وصبر واحتساب وشاعرية ،بلا تعصب ولا تقوقع ولا تفسخح وفي انسجام وتوافق غريب عجيب؛ يعز اجتماعه في شخص رجل واحد من بني عشيرته ومن ببي وطنه. يقول عانهلشيخ عبد الحميد ابن باديس :ه وأبو اليقظان إلى جانب ميزابيته التي يفاخر بها وله الحق عربي يباهد ويبالد في سبيل العروبة ووطني يناضل ويقارع في سبيل الوطنية .ومسلم مخلص له دينه ،يجعل الإسلام في الصف الأول من اعماله. أما إذا قال أبو اليقظان متالما لحوادث القطر الجزائري فإنه يسيل العبارات دما ويجرح القلب تأثرا .ويبعث في النفس شعورا حيا وإحساسا سامياه"“. ويقول عنه الشاعر مفدي زكرياء :ه إذا كان لقب شيخ الصحافة جديرا بأحد : من أرباب الصحافة بالجزائر ،فالشيخ أبو اليقظان يمتاز بهذا اللقب بجدارة واستحقاق ،فلقد قطع عشر سنوات كاملة من الكفاح الصحفي المجيد يتحدى إدارة الاستعمار في الجزائر ،بصبر وأناة وعزم ،لا يعرف التراجع ،وذلك في فترة تعد من أصعب الفترات واقبياها في مراحل الكفاح القلمي بالجزائر. .806 عبل الحميد بن باديس :جريدة الشهاب ج .1 0ص-606۔)(1 ( )2مفدي:تاريخ الصحافة العريية .ص.56 ومؤسساته الفصل الخامس :أطر الإصلاح446 ويقول عنه المؤرخ أبو القاسم سعد النه « :أما دوره الصحفي وعدد صحفه وصراعه مع الإدارة فقد تناوله أكثر من واحد وهو الظاهرة الفريدة التي تميز بها أبو اليقظان ،سيما الفترة الممتدة من 6431ه6291 /م إلى 8531ه8391 /مإ فقد كان يصدر صحيفته تحت عنوان جديد كلما منعته الإدارة من إصدار الجريدة. )فكانت الأحداث تكيفه ولكنها لا تكسرههة"". احتل الشيخ بهذه المواصفات الرفيعة مركز القيادة والريادة في الحركة الإصلاحية .وكان لصاحبه زعيم الحركة الشيخ بيوض بمنزلة هارون من موسى عليهما السلام" فكان العضد الأيمن والرفيق المخلص والناصح الأمين ومصدر ١لمشورة وا لرأي والحنكة. ‎ فما علاقة هذا العملاق بالصحافة .وكيف وظف منبرها لخدمة المشروع‎ الإصلاحي الشامل؟‎ حين عاد أبو اليقظان من تونس إلى الجزائر ليستقر بها سنة 5431ه5291 /م بعد رحلة علمية طويلة زادت على عشر سنين قضاها في تكوين متكامل بنى فيه شخصيته العلمية والاجتماعية والسياسية ،ونال بها خبرة نوعية ،عقد العزم على خوض تبربة صحفية في وطنه الجزائر ،وولوج هذا البحر المتلاطم الأمواج؛ رغم إدراكه منذ الوهلة الأولى الصعوبات التى ستواجهه .والمخاطر التى سيعرض لهما نفسه 6إلا أن شخصيته المتحدية للمصاعب©ؤ وقوة إيمانه بقضية وطنها ومقته للمستعمر وإيمانه برسالة الصحافة واقتناعه بضرورة امتلاك أمته الميزابية وأمته الجزائرية لمنبر تعبر منه عن أفكارها وتدافع عن حقوقها ،فقرر مع نفسه أن لا بد من تاسيس هذا الصرح الذي بقي غائبا عنها ،وثغرة في بنيانها ،ثم مضى لتجسيده .في أرض الواقعة. ( )1سعد النه :تاريخ الجزائر الثقاني ،جك 5ص.392 .4محمد ناصر بوحجام :حياة الشيخ ابي اليقتظان إبراهيم ،دت٥‏ ص5۔()2 744البحث السابع :الصحافة يحدد الشيخ أبو اليقظان الدوافع التي كانت وراء دخوله المعترك الإعلامي الصحفى في النقاط الآتية: ه ا لميل أ لفطري للصحافة منذ صغره وا لذي ما فيه أثناء وجوده ف تونس. ه تائره بالأحداث العامة التى يعيشها وطنه الجزائر والعالم الإسلامي. ‏ ٥المعارضة الشديدة التى لاقتها بعثته العلمية في تونس من رموز تيار الجمود. وإلصاق مختلف التهم الباطلة به وبطلبته ،مما غير نظر المجتمع إليه وهون من العلم لدى الطلبة. ‏ ٥إصدار السلطات الاستعمارية قانون التجنيد الإجباري على أهالي الجنوب، الذي يرى فيه الشيخ أبو اليقظان حكما بالإعدام على الأمة جمعاء)".(1 إن هذه الدوافع لتكشف بوضوح مدى ارتباط الرجل بقضية أمته وشعبه. وامانه بضرورة التضحية في سبيل نصرة الحق فيهاء ومحاربة الأفكار الرجعية الجامدة ،ومجابهة المشاريع الاستعمارية الحاقدة. كما أن هذه الدوافع التى ولدت الصحافة اليقظانية لتكشف عن مدى ارتباطها وتخندقها ضمن المشروع الإصلاحي وتبني أفكاره والدفاع عن طروحاته ،والعمل على التمكين للنهضة الإصلاحية. يقول الدكتور محمد ناصر في هذا الصدد « :وهكذا أصبحت جريدة وادي ميزاب اللسان الناطق باسم الحركة الإصلاحية بعامة ،وباسم وادي ميزاب بخاصة وأصبحت بالتالي كل الصحف التى أنشاها أبو اليقظان المنبر الحر الذي ارتضاه رجال الإصلاح همش وتصبح مرآة ينعكس عليها تاريخ هذه الحركة فكرا واعمالا زعامة وتوجيها. ص-١01‏. 21زكية منزل :الفكر الإصلاحي عند الشيخ ابيآاليقظان،( ) 1أبو اليقظان :تاريخ صحف [ . ص4 .09بوحجام :المرجع نفسهص-98 الفصل الخامس :اطر الإصلاح ومؤسساته448 من هنا تكون المقالات التى كتبت في هذا الاتباه ذات دلالة عريقة لأنها تمثل نوعا من الصراع الفكري الذى كان محتدما بين اتجاهين متعارضين كلاهما يريد السيطرة على أفكار العامة} ويقاوم في سبيل بقائه وانتشاره؛"‘. كيف لا وعمدة هذه الصحافة الشيخ أبو اليقظان أحد الرواد الوارثين لأمانة الإصلاح من أبي الحركة الإصلاحية في مهدها قطب الأيمة الشيخ امحمد اطفيش باعتباره تلميذا له ،ثم إن أسفاره ورحلاته وتكوينه الخارجي جعلت منه أحد الملصلحين التقدميين المتفتحين على الفضاءات الخارجية والصانعين لأمجاده .ومنجزاته" كما جعلت منه أحد السابقين لعصرهم في مستوى التنظير والتفكير. وني المستوى الإدراكي العام مجتمعهم في الكثير من المجالات والقضاياء مما جمل أثره في الفكر الإصلاحي بوادي ميزاب قويا ،من خلال آرائه ونظرياته ومنجزاته التقدمية المتميزة؛ التى يمكن أن نعطي أمثلة عنها فيما يلي: -كونه من أوائل من عقد رحلات للسفر في أرجاء العالم الإسلامي قصد زيارة حواضر العلم والجلوس إلى العلماء في بلاد الحجاز والشام ومصر متحديا كل الظروف السياسية والمعيشية الصعبة‘ حيث كان ذلك سنة ...90910,7 -كونه أول مؤسس لبعثة علمية نجزائرية إلى خارج الوطن ومدير لما سنة 3191 /1331م. -كونه من أوائل من شارك في الصحف التونسية بمقالات متنوعة :عن الجزائر ووادي ميزاب قبل سنة 9331ه0291 /م وبعدها. ( )1محمد ناصر :أبو اليقظان وجهاد الكلمة .ص.48 ( )2أحمد فرصوص :الشيخ أبو اليقظان كما عرفته دار البعث‘ قسنطينة .الجزائرش19910ص.03 -72 بوحجام :حياة الشيخ ابي اليقظان لبراهيم 5ص.6 ( )3شريفي :معهد الحياة٬‏ ص.44 944البحث السابع :الصحافة -كونه من أوائل من ناضل في أحزاب سياسية تونسيةء حيث كان عضوا في. الحزب الدستوري التونسي بداية من سنة 5331ه7191 /م. سنةميزا بفي واديمدرسة عربية عصريةمؤسسأولكونه- 3ه5191 /م. -كونه أول من أسس ناديا أدبيا وفكريا في بلدته القرارة سنة . 5191 ,7م .والذي كان مهد ميلاد الحركة الإصلاحية في وادي ميزاربا“ر(" . -كونه آول مؤسس لصحافة عربية من بني عشيرته في الجزائر بداية من سنة 6291 /[ 543م. -كونه اول مؤسس لطبعة عربية في الجزائر سنة 0531ه1391 /م. -كونه أول من أسس جريدة تحرر في الجزائر وتطبع في تونس وتوزع في شمال إفريقيا. -كونه من أوائل من تحدى رموز تيار المحافظة ورؤوسه الكبيرة ،وفض غشاء القدسية عنها ،ومزق غشاوة الرهبة المفرطة في النظر إليها والتعامل معها ،التي طبعوها في نفوس العامة؛ بنشر مقالات مضادة عنها في الجرائد سنة 0291 /91م وما بعدها. حسب رابي؛ بناء على تمحيص إرهاصات ميلاد الحركة الإصلاحية واستنطاق أحداثها خلال العشرية الثانية من القرن العشرين ،فإن الشيخ أبا اليقظان يكون قد ذهب بعيدا في التاثير على رجال الإصلاح .وعلى راسهم الشيخ بيوض؛ الذي لا يزال فتى يافعا في عقده الثاني وأن يكون الشيخ أبو اليقظان وراء غرس الفكرة المرجع السابق .ص -72۔.03بوحجام :اللزجع السابق .ص.6) (1فرصوص: )2( -مفدي :تاريخ الصحافة العربية .ص .661ناصر :الصحف العربية الجزائرية6 .ص.6 31. ومؤسساتهأطر الإصلاح الفصل الخامس:450 الإصلاحية في نفوسهم ،وتوضيح مفهومها ورسم معالمها لديهم 5خاصة في أبعادها الوطنية والإسلامية والعالمية. رغم عدم وقوفنا على تصريحات واضحة أو شواهد بينة لرجال الإصلاح وللشيخ بيوض بالذات على ذلك إلا أن مذهبنا هذا مستند على تلك الصداقة والزمالة الوطيدة التى جمعت هذه الكوكبة من الرجال والشباب“ وعلى تلك المعاشرة اللصيقة التي جمعت الرجلين أبا اليقظان وبيوض منذ سن مبكرة من حياتهما .وجعلت روحيهما تتلاقيان وتتآلفان وتتعانقان. والشاهد الآخر ان الشيخ بيوض لم يحظ بما حظي به الشيخ أبو اليقظان من السفر خارج وادي ميزاب والاطلاع على الأوساط الإسلامية الأخرى حيث قضى مرحلة تكوينه في معهد شيخه الحاج عمر بن يحيى في بلدته القرارة فحرم بذلك من معايشة البعد الوطني الإسلامي ،فكان الشيخ أبو اليقظان من له فضل سد هذا النقص في شخصيته القيادية ،فبنى فيه هذا الجانب وسد فيه هذه الثغرة. وقد أحس الشيخ بيوض فعلا بهذا الخلل في تكوينه ،فحاول استدراكه من خلال قيامه باسفار ورحلات في أرجاء الجزائر مع أحد كبار أعيان الإصلاح وزعمائه السياسيين في وادي ميزاب آنذاك وهو السيد الحاج بكير العنق ،الذي يعتبره الشيخ بيوض أستاذه في السياسة والفكر ،كما حاول استدراك ذلك بعقد رحلة إلى تونس سنة 4431ه5291 /م لأجل معاينة الحركة العلمية والسياسية فيهاك رغم لن ظروفه لم تمكنه من المكوث فيها طويلا للاستفادة والتقصي. من الغريب أننا نجد الشيخ بيوض يقر صراحة في أكثر من موضع من رسائله وخطاباته بافضال السيد الحاج بكير العنق على تكوينه السياسيه" .ولا نجد ما يماثل ذلك من ذكر أفضال الشيخ أبي اليقظان على تكوينه-في حدود اطلاعي طبعا _ رغم كل علاقات المحبة والمودة والوفاء التى جمعت الرجلين القائدين طوال مسيرتهما الجهادية الإصلاحية الطويلة. .10) ) 1انظر مثلا :ناصر :الشيخ بيوض مصلحا وزعيماء ص-692 154البحث السابع :الصحافة أكاد أجزم أن الحركة الإصلاحية وعلى راسها الشيخ بيوض قد تاثرت إلى حد بعيد بالشيخ أبي اليقظان في أفكارها التقدمية التجديدية .وفي تقيدها بالأبعاد الوطنية والإسلامية والعالمية في نهضتها الإصلاحية .وفي تطوير الكثير من رؤاها حول الدين والمذهب والخياة؛ إلى أن أصبحت هذه الخصال والمميزات في الشيخ بيوض وفي حركته سجايا ومعالم بارزة تطبع كل أعمالها ومواقفها وتفكيرها .بيد أن التيار الفكري والعلمي السائد آنذاك في كل أرجاء وادي ميزاب؛ بما في ذلك بلدة القرارة لم يبرز بهذا الفكر النير المتحرر المتفتح على الأبعاد الوطنية والإسلامية. إذن :كانت شخصية الشيخ ابي اليقظان وراء تشكل المعالم الفكرية للنهضة الإصلاحية عند إباضية الجزائر بوادي ميزاب فامتزجت فيها الأصالة مع المعاصرة. والخصوصية المذهبية الإباضية ،والاجتماعية الميزابية بالبعد الوطني الجزائري والانتماء العربي الإسلامي. أما تقويمنا للصحافة اليقظانية بالعودة إلى جرائدها نفسها والاطلاع على المواضيع التى طرحتها والأفكار التي تبنتها والخط الذي سارت عليه ،فإننا نعدها بجق صحافة رأي وموقف وفكرة وقضية ولم تكن صحافة إخبارية أو إشهارية فقط‘ فاستحقت بذلك فعلا أن تكون الممثل الشرعي للحركة الإصلاحية ،بل لسانها الناطق باسمهاء والمعبر عن أفكارها ،والمدافع عن طروحاتها ،ذلك لما احتوت عليه من قضايا الإصلاح وانشغالاته الكبرى التي حملتها في الجانب التربوي التعليمي؛ من الدعوة إلى عصرنة التعليم العربي الإسلامي والدعوة إلى فتح مدارسه في كل الأرجاء ،ودعوة الآباء إلى إلحاق أبنائهم بها .ودعوتهم للوقوف بجنبها في تمويلها والإنفاق عليها وكذا الدعوة إلى تطوير البرامج والمناهج .وإدخال العلوم العصرية والتقنية فيها .والتي حملتها ئي الجانب الاجتماعي الديني؛ من الدعوة إملىحاربة الجمود الفكري ومحاربة الانحرافات الخلقية ،ومحاربة التواكل والتكاسل وترك أسباب الرزق والتمكين ،والدعوة إلى الجد والكد في ميادين العمل والعلم ،ومنافسة المعمرين واليهود ،والدعوة إلى تطوير التجارة والصناعة والفلاحة ،والدعوة إلى ترقية الوعظ الفصل الخامس :أطر الإصلاح ومؤسساته452 والإرشاد في المساجد ،والدعوة إلى محاربة الفقر وأسبابه ،والجهل وبرائنه ،والدعوة إلى الوحدة ونبذ التفرق والتعصب والصراعات الطائفية(". فكانت متخندقة بحق مع التيار الإصلاحي في كل معاركه الإصلاحية ومشاريعه الحضارية. يقول عن خط صحافته الأستاذ الزبير سيف الإسلام « :بالنسبة لمنهجها فإنها تنهج طريق الصراحة والنزاهة والصدق والصدع بالحق وخدمة الصالح العام ،ولا تعرف للدجل والمواراة والتملق والكذب والنفاق سبيلا .كان منهج هذه الجريدة الوطنية العمل بكل .جهد لإحقاق الحق وإبطال الباطل بكل شجاعة وشهامة وقدام. ويصف الشيخ عبد الرحمن بكلي أثر هذه الصحافة في الأمة وثمارها عليها بقوله « :هزهزت هذه الصحف أقطار الأمة ورجتها رجا عنيفا ،ورفعت من قيمة الإصلاح الذي يعتبر صاحبها أحد أعلامه وذللت العقبات ومهدت الصعوبات أمام العاملين ...وربطت صلات الأمة الميزابية بالمجتمع الإسلامي فعرفها الكثير من قراء العربية بعد أن كانت مجهولة لديهم تماما .ورفعت للجزائر رأسا في عالم الشرق والغرب ،وشقت طريق الصحافة الوطنية أمام الأمة الجزائرية .وحلت مشاكل اجتماعية وعلمية كانت أعقد من ذنب الضب يستمسك بها خصوم الإصلاحه“. أما عن الأدوار الإصلاحية التى قامت بها الصحافة اليقظانية فقد حددها الشيخ عبد الرحمن بكلي في هذه المجالات التى اختصرناها كما يلي: ( )1يراجع في ذلك :ناصر :أبو اليقظان وجهاد الكلمة{ كله .سعد النه :تاريخ الجزائر الثقافي جك ص-092 .4زكية منزل :الفكر الاصلاحي عند الشيخ أبي اليقظان ،كله .قاسم الشيخ بالحاج :مقال بعنوان: الشيخ أبو اليقظان ومعالم في جهاده الإسلامي مجلة الموافقات ،الصادرة عن المعهد الوطني العالي لأصول الدين ،الخروبة .الجزائر؛عك ،س 6991م 5ص.905 -894 ( )2سيف الإسلام :تاريخ الصحافة في الجزائر صر.6 ( )3بكلي :مسيرة الإصلاح ،ص.501 صرخت في الآمة صرختها الداوية إلى العلم فاستفاقت من سباتها .وسارت هذه الدعوة في أوساطها فاقبلت على مناهله. -نازلت بعض طواغيت الحكام ،فكشفت القناع عن مخالفاتهم للقوانين واسمعتهم كلمة الحق ،الأمر الذي جعلهم يفكرون قبل الإقدام مخافة التشهير والفضح. تناولت بالنقد بعض أغنياء الأمة الفاسدين المسرفين ،بإذلالهم لأمتهم وتسخيرها مصالحهم .فاوقفتهم عند حدودهم" وكشفت حقيقتهم. خاضت معارك اقتصادية .حيث عقدت فصولا ضافية لمسائلهاء وعلى رأسها التجارة .التي انغمس فيها أبناء عشيرته فلفت أنظارهم إلى الأساليب الصحيحة فيه ،وإلى الغاية والمقصد منهاء وحذرهم من احتكارات اليهود ومكرهم في الأسواق ،وحفزتهم لمنافستهم في هذا الميدان. -عالجت الكثير من المسائل العلمية الهمة ،التي كانت محل جدل في الأوساط الميزابية والجزائرية وفسحت المجال للكتاب وأقلام الباحثين للإدلاء بآرائهم والاجتهاد والبحث عن الحق فيها. مكارم ا أخلاق فيها وتنفبرها من_ ألححت على تربية الأمة0وغرس الانحرافات والمفاسد. انتقدت سلوك بعض الإدارات الفرنسية التى قصرت في أداء واجباتها تجاه المواطنين مما نبهها إلى بعض .أخطائها. ۔ كشفت عن ماضي تاريخ الأمة وأاشعرتها بعزتها ومجدها؛ لتدفع الأبناء للاقتفاء بالآباء. رفعت مطالب الأمة إلى الحكومة الفرنسية فى شتى المناسبات ،وذكرتها بمسؤولياتها وواجباتها ،ودعتها للالتزام بها أمام أفراد الشعب"". ( )1المرجع نفسه :ص.701 -501 الفصل الخامس :اطر الإصلاح ومزسساته454 فيما يلي ناتي إل تعريف مختصر بالجرائد اليقظانيةه: جموع الأعدادتا ريخ ‏ ١لتعطيلتا ريخ الصد وراسم الجريدة عدد9 8جانفي 1أكتوبر .91:وادي ميزاب 9جانفي 5جانفي عدد واحد 010391ميزاب 8عددا 9مارس 9ماي 1391م0391م المغرب 2ماي 8عددا ]النور 31م 3جويلية 0أعدادالبستان 31م النبراس أوت22 6أعداد 31م 6جوانالأمة عددا01 8م 6أعداد 30أوت الفرقان 81م الأمةأما عن الخط العام لجرائده والأهداف التى تعمل على تحقيقها ف مننط:أن نقرأها في افتتاحية أول عددؤ بينها الشيخالقىميزابواديجريدة أبو اليقظان بنفسه حيث جاء فيها ما يلي: .11الشيخ أبو اليقظان كما عرفته .ص9ص؟ .[ 5فرصوص:حياة الشيخ ابي اليقظان بوحجام:)(1 554البحث السابع :الصحافة ه من المحزن والحالة هذه أن تعيش الجزائر ى عصرنا هذا ،وفيها من السكان ستة ملايين" في مساحة ثلاثمائة ألف ميل مربع دون صحافة أهلية .إلا نحو صحيفتين أو ثلاث في أوقات مختلفة. وأبشع من ذلك وأنكى أن تبقى أمة كأمتنا الميزابيةك ولها مركزها في الوجودض ومقامها في الحياة ،ومكانتها في التاريخ .ومنزلتها في الاجتماع ،ودرجتها في تحريك دواليب التجارة في القطر الجزائري وهى بكماء خرساء لا لسان فها يعبر عن مقاصدها ...ولتلافي هذه الحالة الأسيفة عقدنا العزم بعون الله على إنشاء جريدة وطنية إسلامية باسم وادي ميزاب‘ تصدر مرة كل جمعة بعاصمة الجزائر" وهي وإن كانت كلسان حال الأمة الميزابية ،إلا أنها قبل كل شيء لسان حال الفكر الإسلامي عموما 5والجزائر خصوصا فهي مجال لأقلام كافة الأحرار الباحثينه"'. ثم يحدد خطها الفكري وبرنامجها الصحفي بقوله: « -أولا :تاييد الحق والحرية والعدالة والمساواة... -ثانيا :السعي في بث روح الاتحاد والتضامن بين سائر المسلمين على اختلاف أجناسهم ومذاهبهم ...وبذل الجهد في إزالة الشحناء والبغضاء وسوء التفاهم بينهم... ث-الثا :أن تحسن الوساطة بين الأمة والحكومة بإزالة سوء التفاهم بينهما بتشخيص دواء الأمة وآلامها ،وإبلاغ رغباتها لها بكل صراحة. ر-ابعا :بذل الجهد في مقاومة الرذائل ،ونشر الفضيلة قدر المستطاع. -خامسا :حث الأمة على اكتساب العلوم والمعارف© وإحياء اللغة العربية. وتربية أبنائها تربية إسلامية صحيحة. -سادسا :عدم التعرض للأغراض الشخصيةا ما لم يكن فيه درء مفسدة ،أو جلب مصلحة. أبو اليقظان :جريدة وادي ميزاب ع. 1الصادرة بتاريخ 10 :أكتوبر6291م. )(1 ( )2أبو اليقظان :جريدة وادي ميزاب‘ع!\ الصادرة بتاريخ 10 :أكتوبر 6291م. ١لفصل الخامس :أطر ‏ ١لإصلاح ومؤسساته‏456 أسهم في تحرير مقالات جرائد الشيخ أبي اليقظان ثلة من الكتاب من داخل الجزائر وخارجها ،وهم مثلون نخبة الأمة من الوطنيين والإصلاحيين!" ،وابنرز هؤلاء هم: شكيب أرسلان ،سليمان الباروني محمد سعيد الزاهرية‘ .مبارك اليلي 6ابراهيم بيوض عبد الرحمن بكلي .عثمان الكعماك‘ء عمر بن قدور رمضان حمود ،مفدي زكرياء" عدون شريفي. ( )1ناصر :أبو اليقظان وجهاد والكلمة .ص .764بوحجام :حياة الشيخ أبو اليقظان‘ ص.12 -02 ( )2محمد سعيد الزاهري( :و9981 :م-ت6591 :م) في مدينة بسكرة{ درس عند الشيخ عبد الحميد ابن باديس ،ثم انتقل إلى جامع الزيتونة وتحصل على شهادة التطويع .نشط في مجال الصحافة حيث نشر عدة جرائد منها :جريدة الجزائر وجريدة البرق 6وجريدة الوفاق 6عضو نشط في جمعية العلماء المسلمين الجزائريين ،اشتغل بالتدريس من مؤلفاته :الإسلام بحاجة إلى دعاية وتبشير حاضر تلمسان .نويهض: معجم أعلام الجزائر .ص .751موسوعة العلماء والأدباء الجزائريين :ص .54 ( )3مبارك الميلي( :و8981 /5 /52 :م ۔ ت5491 /9/2 :م) من مدينة ميلةإ تلقى تعليمه في الجامع الأخضر وفي جامع الزيتونة تحصل على شهادة التطويع ،قاد الحركة الإصلاحية في مدينة الأغواط ،يلقب بفيلسوف الحركة الإصلاحية ،تولى رئاسة تحرير جريدة البصائر بعد انتقالها إلى قسنطينة ،ترك العديد من اللزلفات ،منها :تاريخ الجزائر في القديم والحديث ،رسالة الشرك ومظاهره .المرجع نفسه :ص .37 ( )4عثمان الكعاك :عالم ومؤرخ تونسي" توفي سنة 6791م. ( )5عمر بن قدور الجزائري( :و0031 :ه3881 /م -ت9731 :ه9591 /م) صفحي كاتب ،شاعر من رواد الصحافة العريية الوطنية في الجزائر أصله من العاصمة\ بها نشا وتعلم ،اصدر جريدة الفاروق" في سنة 3م نشر مقالات في صحف مصرية وفي الأستانة عاصمة الخلافة العثمانية ،نفاه الاستعمار للى الأغواط ،من مؤلفاته :الإبداء والإعادة ني مسلك سائق السعادة .نويهض :المرجع السابق ص.442 -342 ( )6حمود بن سليمان رمضان( :و4231 :ه6091 /م-ت8431 :ه9291 /م) شاعر واديب من غرداية. تلقى دروسه الابتدائية بالمدرستين الفرنسية الرسمية والعربية الحرة بمدينة غليزان ثم واصل دراسته في مدارس تونس وجامع الزيتونة ضمن البعثة العلمية الميزابية ،ترك آثارا أدبية راقية منها :حوالي خمس وعشرين قصيدة .الفتى :محاولة قصصية تروي سيرته الذاتية .بذور الحياة :خواطر فلسفية وحكمية عن الحياة .مقالات ودراسات ادبية واجتماعية في عدة جرائد .وافته المنية وهو في الثالثة والعشرين من عمره. معجم اعلام الإباضية .ج .2ص .162 ( )7زكرياء بن سليمان آل الشيخ الشهير ب :مفدي زكرياء ( :و :جمادى الأولى/ 6231جويلية 8091م ۔ ت 2 :رمضان71 / 7931اوت 7791م) شاعر الثورة الجزائرية .ومن المع أقطاب الأدب الجزائري علال الفاسيه"& علي مرحوم!ةً 0مبارك جلواح“ علي ابو الحسر(‘“ حمزةة بكوشة۔( )5۔ سليمان بن يوسف. والعربي في العصر الحديث .ولد في بني يسجن بيزاب© تلقى تعليمه في بلدته ثامنتقل إلى تونس ضمن ني مدرسة السلام القرآنية والمدرسة الخلدونية ،وجامع الزيتونة؛ حيثالبعثة العلمية الميزابية7 ، تفئقت مواهبه الأدبية والسياسية .شارك بدور فعال في الحركة الوطنية الجزائرية ضمن حزب نجم شمال إفريقيا 6ثم حزب الشعب فكان من أبرز رجاله .وتولى رئاسة تحرير جريدة الشعب لسان حال الحزب. ذاق سجون الاستعمار أكثر من مرة ترك تراثا أدبيا ضخما اهمه :النشيد الوطني الجزائري .إلياذة الجزائر اللهب المقذس» تحت ظلال الزيتون .من وحي الأطلس تاريخ الصحافة العربية الجزائرية .معجم اعلام الإباضية .ج .2ص.823 ( )1عبد النه بن عبد السلام بن علال الفاسي( :ت8431 :ه9291 /م) عالم ووزير مغربي" ولد وتوفي في فاس عين سفيرا للمغرب بفرنسا وتقلد القضاء بفاس .له أدب وشعر وتآليف ،منها :سلوك النهب الخالص الإبريز في بيعة السلطان عبد العزيز .الزركلي :الأعلام ج ،4ص.89 ( )2علي مرحوم :من مواليد!319 /3 /41 :م بنواحي ميلية" درس في الجامع الأخضر بقسنطينة ،اشتغل مفتشا في مدارس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين" عين أمينا عاما للمجلس الإسلامي الأعلى بعد الاستقلال .موسوعة العلماء والأدباء الجزائريين :ص.552 ( )3محمد مبارك جلواح( :و8091 :م-ت3491 :م) من نواحي آقبو ،من رواد الشعر الوجداني الجزائري:، كانت له علاقات مع جمعية العلماء المسلمين الجزائريين ترك ديوان شعر بعنوان :دخان الياس .المرجع .نفسه :ص.541 ( )4علي بن صالح ابو الحسن( :و4231 :ه6091 /م-ت :الثلائاء52حرم 9041ه 6 /سبتمبر 8م) شاعر ومعلم ومجاهدؤ درس في وادي ميزاب ثم في مدارس تونس وجامع الزيتونة ،تولى التدريس في العديد من المدارس في القطر الجزائري" اعتقله الاستعمار لعدة سنوات .كانت له علاقات مع رجال جمعية العلماء المسلمين الجزائريين وله نشاطات في نادي الترقي بالعاصمة ترك ديوان شعر وبعض .316الكتابات .معجم اعلام الإباضية .ج.3ص ( )5محمد حمزة بكوشة :ولد4091 /1 /02 :م بتلمسان 6شاعر ،اشتغل بالتدريس في المغذرب‘ من مؤلفاته: الرومانسية العربية .ديوان سيدي لخضر بن خلوفؤ ديوان سعيد المنداسي .موسوعة العلماء والأدباء الجزائريين :ص.98 ( )6سليمان بن داود ابن يوسف( :و3231 :ه5091 /م -ت 62 :ذو القعدة 2141ه 82 /ماي )2991 من علماء العطف بميزابؤ له اهتمام بالبحوث التاريخية .تلقى تعليمه ني بلدة القرارة٧‏ ثم معهد القطب الشيخ اطفيش ببني يزقن© شارك في نشاط جمعيةالعلماء المسلمين الجزائريين وربطنه علاقة وطيدة مع الشيخ عبد الحميد ابن باديس شارك في تاسيس جمعيةالهدى لنشر الثقافة الإسلامية في مدينة قسنطينة. الفصل الخامس :أطر الإصلاح ومؤسساته458 سليمان بوجناح الفرقد("© حو لقمان. لا شك أن مثل هذه الأعمال الجهادية .البطولية في ميدان الصحافة الوطنية العربية الإسلامية التى تبنت مشروع النهضة الإصلاحية للامة" وتجندت في سبيل الاستفاقة من سباتها ،والنهوض من كبوتهاء والتدرج في بناء مجدها واستعادة عزتها؛ لم تكن لتظهر وتعيش بسلام دون أن تحرك أحقاد الاستعمار وأذنابه ،ليوجه إليها سهامه ومدافعه ،لمحاربتها والقضاء عليها .وعرقلتها مختلف الوسائل المتاحة؛ القانونية منها والإدارية والقمعية ،وليوجه لصاحبها ولمن يقف وراءها مختلف ألوان النكال والعذاب وتجرعه مختلف ألوان الويلات والمتابعات والمضايقات؛ مما لا أوتوا جبال ا لصبر والثبات وتحمل الشدائد ونزوليستطيع تحمله إلا ا لقليل من المصائب وتكبد الويلات. عرف الشيخ أبو اليقظان فصولا من ‏ ١لصراع مع المستعمر وسلطاته بسبب وتحمل الشيختلو الأخرىوخطها الذي اختاره ها فصادرتها واحدةصحافته. يعد عضوا بارزا في الحركة الإصلاحية بقيادة الشيخ بيوضس من الأعضاء المؤسسين لجمعية النهضة الإصلاحية بالعطف سنة 5491م ،نشط ضمن جمعية القيم بعد استقلال الجزائر ،مجاهد نشط في الثورة التحريرية .ادخل سجون الاستعمار أكثر من مرة .اهتم بالنشاط الثقافي بعد الاستقلال حيث جمع اللخطوطات‘ وشارك في الملتقيات الوطنية والدولية ،ترك العديد من الأبجاث والدراسات منها :الخوارج هم انصار الإمام علي رضي الله عنه .مساهمة علماء الإباضية في العلم والفقه والحديث ،حلقات من تاريخ المغرب الإسلامي .معجم اعلام الإباضية :ج .3ص.3[4 ) (1سليمان بن يحيى بوجناح الفرقد( :و3231 :ه 5091 /م -ت8891 / 8041 :م) اديب وصحفي. من المثقفين بمدينة غرداية بميزاب متقنا للعربية والفرنسية ،شارك في صحافة الشيخ ابن باديس 6وهو من الكتاب البارزين في صحافة الشيخ أبي اليقظان ،له مقالات باللغتين العربية والفرنسية من مؤسسي جمعية الوفاق بالجزائر العاصمة .له كتاب بعنوان :الفرقدا وهو مجموعة مقالات بالعربية تتقد وطنية وأصالة. نظرا لنشاطه الوطني سجنه الإستعمار الفرنسي بسجن بربروس سنة9291مإ ونفي ل الصحراء .معجم اعلام الإباضية :ج4 .3ص.34 ( )2حمو بن عمر سليمان بوعصبانة الشهير ب :لقمان (ت 51 :محرم 5831ه/ماي569ام) اديب ومجاهد. ولد بالقرارة؛ من أوائل خريبي معهد الحياة البارزين .شارك بمقالات في جرائد الشيخ ابن باديس وجرائد الشيخ ابي اليقظان .تولى رئاسة بلدة القرارة بعد الاستقلال .المرجع نفسه :ج 25ص.652 954البحث السابع :الصحافة من الصبر والأذى ما لا يطيقه إلا أولوا العزم من الرجال ولقد تناولت المصادر التى درست صحافته فصولا من ذلك". هذا عن الصحافة اليقظانية التى بدت بالفعل حاملة لواء الحركة الإصلاحيةء ورافعة راية النهضة ،ومجابهة آلة الاستعمار في أحلك الفترات من تاريخ النضال السياسي الجهاد .الصحفي في الجزائر ما بين سنة 6291 /543م _ 7531ه [ 839 /م. يبقى أن نشير إلى أن الحركة الإصلاحية عرفت صحافة أخرى خارج الوطن تمثلت في صحافة الشيخ أبي إسحاق:إبراهيم اطفنيش ،حيث أصدر في القاهرة بمصر صحيفته الشهرية المنهاج سنة 5431ه5291 /م وكانت توزع في بلدان شمال إفريقيا وبعض الدول الإسلامية وتصل الجزائر ،هذه الصحيفة التي يمكن أن نعتبرها بعدا آخر للفكرة الإصلاحية في جهادها الإسلامي ،حيث تموقعت في قلب الأمة الإسلامية .وشاركت في نصرة قضاياها وحمل انشغالاتها ،ومناقشة المسائل العلمية والسياسية التى كانت مطروحة ،كما لعبت دورا معتبرا في التعريف بالقضية الجزائرية في المحافل الإسلامية والعربية المشرقية .وفي مناهضة الاستعمار وفضح أفعاله .من خلال نشاط صاحبها الشيخ أبي إسحاق وجهوده العلمية .وعلاقاته التي ربطها مع نخبة من علماء مصر والأزهر ودار الكتب المصرية الي توظف واشتغل فيها. إلا أن دور صحافته في الحركة الإصلاحية يبقى محدودا بمقارنته مع الصحافة اليقظانية ،لبعد صاحبها عن الساحة الوطنية الجزائرية التى كانت مدار:الأحداث وقلبها .كما أن صحيفته شهدت تعثرات وانقطاعات عديدة بسبب الظروف السياسية العامة ،والأوضاع المادية التى مر بها صاحبه(. )1(.مفدي :تاريخ الصحافة العربية .صس .371 -561ناصر :أبو اليقظان وجهاد الكلمة .ص .73 -31 ( )2مفدي :تاريخ الصحافة العريية .ص .641 -531بكلي :مسيرة الإصلاح ،ص.611 -111 ( )3لمزيد اطلاع على مجلة المنهاج يراجع :محمد ناصر :الشيخ براهيم اطفيش في جهاده الاسلامي .ص121۔ .2مفدي :المرجع السابق" ص.641 -531 الفصل الخامس :أطر الإصلاح ومؤسساته460 كما نشير أن تيار الجمود والمحافظة كما ممن واجه العمل الصحفى لدى الحركة الإصلاحية وعرقله ونشر في العامة أن الاشتغال بالصحافة كفر ولهو ولغو .ومما يصد عن ذكر النه وعن الصلاة ،وأن الإنفاق عليها أو مساعدتها يعد قمارا وربا ،ونفروا الناس من شرائها أو قراءتها ووصفوا أصحابها بانكى الأوصاف والنعوت". وعندما راوا اشتداد مقالات صحائف ابي اليقظان في مناصرة تيار الإصلاح وتبني طروحاته ،والدفاع عن مشاريعه ،وفي مهاجمة خصومه من الجمود والفساد بتسفيه أفكارهم .وفضح ضلالاتهم .اضطروا إلى إنشاء صحيفة مضادة لصحافة أبي اليقظان سموها الروح .وكانت تحرر في مدينة البليدة ،وتطبع في الجزائر العاصمة وقد ظهرت سنة 6531ه7391 /م وتوقفت عن الصدور سنة 9391 / 8م .وصدر منها حوالي ثلاثين عددا. .وكان خطها .وجهدها يدور حول مهاجمة تيار الإصلاح ني أفكاره وفتاويه ومشاريعه ومنجزاته .وفي سب وشتم رموزه الشيخ بيوض والشيخ أبي اليقظان والشيخ ابي إسحاق اطفيش. ونظرا لأسلوبها المتدني السافل ،ولمقصدها المنحرف الفاسد فإن الأمة لم تابه بها ولم تلتفت إليها .فلم تشهد أي انتشار ولم تحتضنها الجماهير ،ما جعل صاحبها يقع في أزمات مالية بسببها ،فاضطر إلى توقيفها بعد حوالي سنتين من صدورها. هكذا بدا لي دور الصحافة في صناعة مشروع النهضة الإصلاحية .وحمل لوائه .والنضال في سبيل تجسيد أفكاره وتحقيق أهدافه. صر . 861 - 1 66ناصر :أبو اليقظان وجهاد الكلمة ص-38۔.88 - المرجع نفسه:)(1 ناصر :الصحف العربية الجزائرية .ص 4ا.2-512)(2 164البحث الثامن :الجهود والعلاقات الخارجية للإصلاح الحث الثامن: الجهود والعلاقات الخارجية للإصلاح تحاول أن نتناول في هذا المبحث الجهود الخارجية للمدرسة الإصلاحية وعلاقاتها مع العالم الخارجي ،ونحاول أن نعرف مدى تفتحها على الحياة العامة من حولها وتفاعلها معهاء سواء تعلق ذلك :باحداث الجزائر أم باحداث العالم الإسلامي .هذا ما يجعلنا نهتم بعرض نماذج من هذه الجهود وصور من العلاقات والإاسهامات خارج مجتمع وادي ميزاب كما ينبغي أن نؤكد أن محتوى هذا المبحث هو استثخار للفصول السابقة وتوظيف لنتائجها وبناء عليها. فإلى جانب الأطر والمؤسسات سالفة الذكر التي راهنت عليها الحركة الإصلاحية في إحداث نهضتها وتغيير وجه مجتمعها والسير به نحو حياة أفضل واصلح فقد أقام أعلامها شبكة علاقات خارجية وأسهموا فيها بآرائهم ومواقفهم وأعمالهم ،ودعموا توجهات ونصروا أفكارا .وعارضوا أخرى وتحالفوا مع تيارات وحاربوا أخرى .واعتبروا كل ذلك جزءا من عملهم الإصلاحي. لهذا نرى أن هذه الجهود والعلاقات تعد دعامة من دعائم العملية الإصلاحية وإطارا من أطرها. سبق أن بينا أن التوجه نحو العالم الخارجي والتفاعل الإيجابي معه وربط أواصر الصلة به .والحضور النوعي فيه ،وكسر جدار الانزواء والتقوقع والانكماش يعد ميزة لدى المدرسة الإصلاحيةث حيث خالفت فينه تيار الجمود والمعارضة الذي كان يرى ويعمل على عكس ذلك مع التسجيل أن بدايات هذا الانفتاح والعلاقات والتعاون شوهد في فترات سابقة من التاريخ وكان على شكل مبادرات شخصية وقناعات فردية ولم يكن توجها عاما في المجتمع. ومؤسساتهالفصل الخامس :أطر الإصلاح.462 نهدف من وراء هذه الدراسة إلى بيان موقع الحركة الاصلاحية ضمن واجهة الأحداث الجزائرية والإسلامية .ومدى تأثرها بها وتاثيرها فيها ،وتقويم أفكارها وأعمالها فيها .كما نهدف كذلك إلى نفي وتفنيد ما يمكن أن يشتبه على الأذهان من كون الحركة الإصلاحية عند إباضية الجزائر داخلية منغلقة على نفسهاء لم يهمها إلا مجتمعها وأفرادها ،ولم تراع ما يدور حولها من أحداث. لا شك أن فصول هذه الأطروحة هى المسؤولة عن الإجابة عن هذه ‏ ٠الإشكالية وتفنيد هذه الرؤية وإثبات عكسها ورسم الصورة الحقيقية للمدرسة الإباضية في علاقاتها وجهودها الخارجية .هذا ما يجعل هذا المبحث يقتصر فقط على تاكيد هذه النتيجة وضبط نماذج من هذه الجهود ،وترتيبها تاريخيا وتصنيفها حسب مجالاتها ثم محاولة تقويمها ومقارنتها مع ما هو موجود في الساحة الجزائرية |والإسلامية. أريد ان أشير إلى أن استيفاء حق هذا الموضوع يقتضي استقصاء واستفاضة ودراسة متأنية لتاريخ إباضية الجزائر حتى يتسنى الكشف عن كل ملامح هذه الجهود؛ وهذا ما لا يمكن أن يتأتى في هذه الصفحات .أضف إلى ذلك أن المادة الأولية لهذا الموضوع لا تزال شحيحة؛ تحتاج إلى مزيد بجث في مصادر التاريخ وكشف للأرشيف وتحليل للوثائق والنضوص والرسائل حتى يتسنى جمع شتات. ورسم صورة مشرقة حول تعاون علماء الجزائر في سبيل إحداث نهضة ة إصلاحية. :والدفاع عن مقومات شعبهم. كما ينبغي الإشارة إلى أن إباضية الجزائر يعدون أقلية صغيرة ضمن الشعب الجزائري؛ لذا فإن جهودهم الخارجية-مهما كانت-ستبقى محدودة وقليلة ،ولا يمكن أن تراهن غلى الكثرة بقدر ما تراهن على نوعية الجهد .وعلى المشاركة الرمزية أحيانا .وعلى الرأي المتبنى والموقف المتخذ من الأحداث والقضايا الراهنة. أثبتنا من خلال فصول البحث أن الحركة الإصلاحية كانت حركة إسلامية قبل كل شيء ،معتمدة في مرجعيتها على مصادر التشريع الإسلامي قرآنا وسنة. 364البحث الثامن :الجهود والعلاقات الخارجية للإصلاح وأن دوافعها ومنطلقاتها كانت عقدية وحضارية ،قبل أن تكون مذهبية أو عرقية أو قطرية .وإن تقيدها بالمذهب الإباضي والتزامها بأعراف المجتمع الميزابي أملته ظروف تاريخية واجتماعية معينة ،وأن ذلك يعد أمرا ضروريا بجكم وجودها بداخل هذا المجتمع .وولادتها من رحمه ،واحتضانه لاء ولا شك أن الإسلام يقر بهذا التنوع وبهذه الخصوصيات ما لم تتعد حرمات الله تعالى وتخالف شريعته فلم تتحول هذه المذهبيةا"" وهذه العرقية إلى معول هدم للإسلام .او عامل تفريق لأفراده ،أو مصدر تعصب ضد الآخرين بل أثبت البحث أنها كانت عوامل قوة وتوحد وتمكين لأركان الإسلام في صفوف المجتمع. في حقيقة الأمر إن الموضوعية تقتضي القول إن الطابع العام للنهضة الإصلاحية عند إباضية الجزائر كانت تتسم بالعمل الداخلي وتفريغ الجهود وتركيزها على المجتمع الإباضي في وادي ميزاب إلا أن ما ينبغي التاكيد عليه إن هذا الأمر م يكن وليد عصبية أو انزوائية أو أنانية .إذ أن الطابع العام للمجتمع الجزائري خلال هذه الفترة اقتضى أن يعمل كل في إطار قبيلته ومذهبه ومناطق نفوذه" حيث إن فكرة الجماعة والقبيلة هي المسيطرة وفكرة المواطنة مازالت لم تنضج في الأذهان لدى الشعب الجزائري 6أضف إلى ذلك ما بقي مترسبا في العقول من عهد انحطاط العالم الإسلامي من الأحكام الخاطئة المسبقة التى تحكم نظرات المذاهب الإسلامية لبعضها البعضس والتي ولدت التعصب المذهبي. وجعلت كلا منها يحمل أفكارا خاطئة حول الآخر{ فتشكل بينها مع مرور الزمن جدار فاصل متين. ) ) 1يرى الشيخ احمد الخليلي مفتي سلطنة عمان والمرجع الأول للإباضية أن التقارب بين المذاهب الإسلامية والعمل ف إطاره أمر ضروري وواجب على المسلمين ولكن لا بد أن ينبني على ضوابط شرعية .واسس فكرية لا يجوز تجاوزها أو تعديها ،متمثلة أساسا في الالتزام بثوابت الإسلام عقيدة وشريعة .مقابلة مع الشيخ احمد الخليلي :دمشق .سوريا ،ماي 8002م. ( )2يراجع الفصل الثالث من البحث‘ ص 781فما بعد. الفصل الخامس :أطر الإصلاح ومؤسساته464 لذا انطلقت جهود أعلام الإصلاح في الجزائر نحو بعضهم البعض لأجل كسر هذا الجدار وتصحيح هذه الرؤى وتجاوز هذا الرضع الخاطئ المنافي لتعاليم الإسلام ونهجه القويم. لنا أن نتساءل الآن :فيم تمثلت الجهود والعلاقات الخارجية الإباضية الجزائر بعامة 5والحركة الإصلاحية بخاصة؟ عرضنا في الفصول والمباحث السابقة صورا من حضور إباضية الجزائر في المجالات السياسية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية .وعددنا بعض مواقفهم وأعمالهم الوطنية والإسلامية' .فإذا حاولنا اختصار ذلك في نقاط نقول: -مشاركتهم في الحياة العامة السياسية والاجتماعية والاقتصادية أثناء الحكم العثماني .حيث عقدوا معاهدة حماية مع الديوان العثماني في العاصمةف واستقلوا بالحكم الداخلي لوادي ميزاب عن طريق نظام العزابة ،وشاركوا في الحياة الاقتصادية بمزاولتهم التجارة وبعض المهن والحرف الحرة. -مشاركتهم في رد الغارات الإسبانية على السواحل الجزائرية ،وقيامهم ببعض العمليات الفدائية ضد قوات الإسبان. -مشاركتهم في زة العدوان الفرنسي على السواحل الجزائرية ايام الاختلال الأولى. -مشاركتهم في الدفاع عن مدينة قسنطينة عند احتلال القوات الفرنسية لها. -مشاركتهم في ختلف المقاومات الشعبية بالأفراد وبالمؤن والعتاد والأسلحة. والبارود .حتى كان من أسباب نقض معاهدة الحماية التي أبرمؤها مع فرنسا سنة 3581 / 9م فتح أسواقهم لتمويل المقاومات الشعبية واحتضانهم لها. -مشاركتهم في الحركة الوطنية الجزائرية بالنضال السياسي ني أهم الأحزاب التى عرفتها الساحة الجزائرية. ( )1يراجع الفصل الأول ص 710والفصل الثالثث ص.781 564البحث الثامن :الجهود والعلاقات الخارجية للإصلاح -مشاركتهم في الحركة الوطنية السياسية في تونس ،حيث كانوا في طليعة اللؤزسسين والمناضلين في الحزب الحر الدستوري بقيادة الزعيم عبد العزيز الثعالبي. -مشاركتهم في الصحافة التونسية بمقالات واشعار حول القضايا الجزائرية . والإسلامية. -مشاركتهم في نشاط الاتحاد العام للطلبة المسلمين الجزائريين في تونس، وإسهامهم في التعريف بالقضية الجزائرية. -مشاركتهم في حركة الصحافة الوطنية العربية .حيث كانت صحافة الشيخ أبي اليقظان نموذجا ورمزا للصحافة المقاومة المجاهدة الحاملة للواء الأمة ،والرافعة لتحدياتها والمدافعة عن قضاياها والمجابهة للمستعمر والصامدة في وجه جبروته وطغيانه ،كما كانت حاملة الفكر الإصلاحى وقائدة حروبه ضد الجمود الفكري والتخلف والانحراف والدفاع عن قضية فلسطين والقضايا الإسلامية الأخرى. -مشاركتهم في محافل العالم الإسلامي من خلال جهود الشيخ أبي إسحاق في مصر بربط العلاقات مع علماء الأزهر ،ومع زعماء الحركات الوطنية والإسلامية وتعريفهم بالقضية الجزائرية .وإبلاغ صوتها في المحافل العربية والإسلامية ،وكانت مجلته المنهاج صورة صادقة عن هذا النضال والجهاد. -مشاركتهم في الثورة التحريرية .حيث قادت الحركة الإصلاحية عملية الدعاية الواسعة لان وأشرفت على إنشاء خلاياها على مستوى قرى وادي ميزاب وفي أرجاء الجزائر حيث يوجد الميزابيون ،وقد قدموا جهودا معتبرة في تمويل الثورة بالمال والعتاد والمؤن وتوفير المخابئع ونقل الرسائل .وتقديم الفدائيين والمجاهدير(\'. وقد قام الشيخ بيوض بأدوار جبارة في التمكين للثورة في وادي ميزاب ،حتى أصبخ زعيما لها ،وأحد قادتها في الجنوب الجزائري ،وكانت له لقاءات واتصالات ) (1للاطلاع على مشاركة الميزابيين في الثورة يراجع كتاب :النوري :نبذة من حياة الميزابيين3 6ج .كله .الحاج سعيد :تاريخ بني مزاب.432 -302 . 32 الفصل الخامس :أطر الإصلاح ومؤسساته466 تنسيقية وتشاورية مع محتلف قادة الثورة في الشمال ،قام بأدوار كبيرة وخطيرة فيها. لعل أهمها وقوفه ضد مؤامرة فصل الصحراء عن الشمال ،كما قام بجهود معتبرة ضمن المجلس الجزائري الذي أصبح عضوا فيه ممثلا لوادي ميزاب كما عين بعد إيقاف الحرب في رمضان 1831ه /مارس 2691م عضوا في اللجنة التنفيذية مكلفا بالشؤون الثقافية"'. هذه أهم الخطوط العريضة لإسهامات إباضية الجزائر على مستوى الجبهة الخارجية. كما ينبغى أن نتساءل في هذا المبحث عن جهود الحركة الإصلاحية وعلاقاتها مع المتساكنين معها في وادي ميزاب؛ من القبائل العربية المالكية .ولا يمكن أن نغض الطرف عن التعرض لذلك‘ ونغفل الحديث عنه؛ رغم ما يحمل هذا الموضوع من حساسية .ويصعب توخي الموضوعية فيه وتحديد حقيقته. إذ نقول إن ظروفا اجتماعية وسياسية حكمت العلاقة بين الإباضية الميزابيين والمالكية من القبائل العربية المتساكنة في وادي ميزاب فكانت هذه العلاقة بين مد وجزر؛ تشهد توترا وشنآنا أحيانا .وهدوءا وتوافقا أحيانا أخرى. نرى أن الجهل والتعصب والاستعمار والترسبات التاريخية الخاطئة لعبت دورها في تحديد طبيعة هذه العلاقة" كما كانت الحواجز النفسية والنظرات المذهبية والدوافع العرقية لدى الطرفين تصنع طبيعتها. استمرت هذه الحالة المتذبذبة لفترة زمنية طويلة في تاريخ وادي ميزاب إلا أننا نستطيع القول :إن عصر النهضة الإصلاحية احدث تحولا فيها وتغيرا نحو الأحسن ( )1للاطلاع على جهود الشيخ بيوض في الثورة يراجع كتاب :بيوض :أعمالي في الثورةء كله .بوحجام: الشيخ بيوض والعمل السياسي .كله .بوحجام :الشيخ بيوض وقضية فصل الصحراء ،كله .ناصر :الشيخ بيوض مصلحا وزعيما .ص[.363 -[41 ( )2الحاج سعيد :تاريخ بنى مزاب .ص.421 -56 !:اع[ هعخ`.ئ [ ,ع !ععم, 9891 - 78- 851.م 0991. 764البحث الثامن :الجهود والعلاقات الخارجية للإصلاح والأصوب©ؤ وذلك بفضل جهود أعلامهاێ حيث قاموا بأعمال مهمة وأدوار مشرفة في السعي إلى ردم هذه الهوة بين الطرفين ،وفي التقريب بين وجهات النظر ،وفي بناء اسس التعايش بين المتساكنين ،وربط أواصر الأخوة الإسلامية بينهم ،وفي الدعوة لتجاوز الخلافات والشقاقات الماضية والدعوة للتعاون والتوافق على أساس الدين الواحد ومقومات الشعب الجزائري والوطن الواحد والعدو المشتر(“. تجسد ذلك في الميدان من خلال خطابهم الدعوي في المساجد وفي فتحهم مدارسهم ومعاهدهم لتعليم أبناء القبائل العربية المتساكنة معهم وتخرج الكثير منهم منهاؤ وفي تبادل الزيارات واللقاءات في المناسبات المختلفة وي تبادل الخدمات والمنافع ،وفي التجارة في الأسواق ،وفي الاستخدام في الأعمال والحرف المختلفة. فتحسنت العلاقات وتقدمت أشواطا إلى الآأمام ،مع الاعتراف ببقاء قدر من هذه الحساسيات والعصبيات بين الطرفين إلى حد اليوم. في جانب آخر فقد جمعت الحركة الإصلاحية في وادي ميزاب باختها الحركة الإصلاحية الجزائرية الممثلة ى جمعية العلماء المسلمين الجزائريين علاقات مميزة رفيعة وجهودا معتبرة كبيرة 5لذا نرى ضرورة الوقوف المتاني معها ،وعقد المقارنة بين نهج الحركتين الإصلاحيتين: عند الحديث عن الحركة الإصلاحية التى شهدتها الجزائر فإننا نقول إن أعلامها في الشمال والجنوب والشرق والغرب قد ربطت بينهم علاقات وطيدة منذ انطلاق مسيرتهم مع مطلع القرن العشرين ،فكانت اللقاءات بينهم والمراسلات‘ وكان تبادل وجهات النظر والاستفادة من تجارب بعضهم البعض والمؤازرة في الشدائد والمحن التى أصابتهم كلهم. وكتاب :فعاليات الأياميراجع ف ذلك كتاب :اللقى الأول لفكر الإمام الشيخ إبراهيم بن عمر بيوض.)(1 الدراسية العلمية الوطنية حول فكر الإمام الشيخ عبد الرحمن بن عمر بكلي البكري تنظيم :مكتبة الصفاء وجمعية الفتح وبلدة بريان ،ايام 12-12-32 :مارس.2002المطبعة العربية .غرداية .6002 .كله . 26ص-45۔الجنوب الجزانري،فرائد الإصلاح الشيخ إبراهيم بيوضقرقب:) (2 :ا[ هعل`, 78- 851. الفصل الخامس :أطر الإصلاح ومؤسساته468 لاشك أن قواسم مشتركة عديدة جمعت بينهم ،وجعلت هذه العلاقات تتوطد وتتشابك ،ولا شك أن هنالك وحدة في الرؤية والهدف© وتوافقا في الخط والمنهج. وتلاقيا في ميادين العمل والجهاد. عندما تأسست جمعية العلماء المسلمين الجزائريين سنة 9431ه1391 /م كانت الحركة الإصلاحية عند إباضية الجزائر حاضرة بعلمائها في الجلسات التأسيسية .ثم ممثلة بقائدها الشيخ بيوض في مكتب إدارتها نائبا الأمين مالا 6ثم استخلف الشيخ أبا اليقظان مكانه ،بجكم وجوده بالعاصمة .ووجود الأول بوادي ميزاب .واستمرت العلاقات قويةمترابطة بينهم" لم تشهد أي انقطاع أو تعثر 2 إذا حاولنا عقد مقارنة بين منهج الحركتين فإننا نقول: إن لكلتا الحركتين جذورا إصلاحية جزائرية تعود إلى القرن التاسع عشر وما قبله ،استلهمت منها الروح والفكرة ثم انطلقت على ضوئها. إن كلتا الحركتين استفادت وتأثرت برياح التغيير والإصلاح والفكر الإسلامي القادم من المشرق خاصة مصر وبالذات المدرسة الإصلاحية الممثلة في جمال الدين الأفغاني ومحمد عبده ومحمد رشيد رضا. إن كلتا الحركتين استفادت من النهضة العلمية والصحوة السياسية التي شهدتها تونس مع مطلع القرن العشرين ،حيث سافر العديد من مؤسسيها إلى تونس ودرس في معاهدها ،وتعلم النضال والسياسة والصحافة في المحافل التونسية. ( )1سعد النه :تاريخ الجزائر الثقاني" جك .ص .292ص .005 -984ناصر :الشيخ بيوض مصلحا وزعيماء ص.12 -91 ( )2انظر الفصل الثاني من البحث .بوصفصاف :جمعية العلماءء ص [ .48 -5 ( )3انظر المبحث الرابع من الفصل الثالث .سعد النه :المرجع السابق ج 010ص .62 -12قرقب :الشيخ إبراهيم بيوض رائد الإصلاح في الجنوب الجزائري ص.26 -45 ( )4انظر المبحث الرابع من الفصل الثالث .سعد النه :الرجع نفسه جك .ص .005 -984بوصفصاف: المرجع السابق" ص.48 -15 964البحث الثامن :الجهود والعلاقات الخارجية للإصلاح إن كلتا الحركتين شهدت الانطلاقة الفعلية القوية لها بعد الحرب العالمية الأولى ،حيث تمكنتا من تجميع صفوفهما ،وتحولهما إلى مدرسةه"“. إن دوافع وأسباب ظهور كلتا الحركتين هي نفسها عموما ،متمثلة أساسا في التخلف والجهل والفقر والابتداع والفتن والاستعمار(. إن العقبات والمشاكل التى اعترضت كلتا الحركتين هي نفسها في عمومها متمثلة في الاستعمار والجمود الفكري ،والانحرافؤ والعصبيات ،والجهز“. إن أهداف كلتا الحركتين هى نفسها عموما متمثلة أساسا في العمل على الخروج من وضعية التخلف والجمود والاستعمار ،وبناء المجتمع المسلم المعاصر وتكوين النخبة وتعليم الجيل وتربيته. إن المنهج والخط المتبع في كلتا الحركتين هو نفسه عموما تمثل ي الارتكاز على إصلاح المجتمع من خلال التعليم والوعظ والتوعية والتربية[ باستعمال الأطر والآليات والوسائل المتمثلة أساسا في المسجد والمدرسة .والنادي والصحيفة والجمعيات والمحافل الاجتماعية. إن منجزات كلتا الحركتين وأعمالها هي نفسها ني العموم المتمثلة في تأسيس وإرسالوتفعيل دور المنابر وإنشاء الجمعياتث‘المدارس والمعاهد وبناء المساجد البعثات وإصدار المجلات والجرائد ،ودخول معترك النضال السياسي(. ( )1انظر المبحث الثاني من الفصل الثالث .سعيدوني :مقال بعنوان :مكانة جمعية العلماء المسلمين الجزائريين في الحركة الوطنية الجزائرية .منشور ضمن كتابه :الجزائر منطلقات وآفاق‘ ص.622 -022 ( )2انظر المبحث الأول من الفصل الرابع .تركي :الشيخ عبد الحميد ابن باديس ،ص .811 -71سعيدوني: مقال بعنوان :مكانة جمعية العلماء المسلمين الجزائريين في الحركة الوطنية الجزائرية .منشور ضمن كتابه: الجزائر منطلقات وآفاق "،ص.622 -022 ( )3انظر المبحث الأول من الفصل الرابع .بسام العسلي :عبد الحميد بن باديس ويناء قاعدة الثورة الجزائرية. ص .91-27تركي :التعليم القومي ص.201 -26 ( )4انظر المبحث الثاني والثالث من الفصل الرابع .بوصفصاف :جمعية العلماء .ص.421 -501 ( )5انظر مباحث الفصل الخامس .تركني :المرجع السابق ،ص.373 -382 ( )6انظر الفصل السادس .بوصفصاف :المرجع السابقس ص.022 -521 ومؤسساتهالفصل الخامس :أطر الاصلاح470 .إن النتائج الكبرى التى حققتها كلتا الحركتين هي نفسها عموما ،حيث استطاعتا إلى حد ما تغيير الذهنيات‘ وتربية الجيل وتعليمه ،وإعداد النخب والقضاء على الجمود ورفع الرعي ،وإخراج الاستعمار والحفاظ على اللغة العربية ،وإحياء روح الإسلام .والحفاظ على مقومات الشخصية الجزائرية". هذه هى الجوانب الكبرى التى التقت فيها الحركة الإصلاحية الجزائرية في الشمال والجنوب ،وعملت صفا واحدا نحو بلوغ أهدافها. لا شك أن هذا الاتفاق والتلاقي في الخطوط العريضة لا يلغي بعض الاختلافات والخصوصيات لدى كل من الحركتين ،ويجعل كلا منها تتميز عن غيرها ،وهذا أمر طبيعي ،وقد تعرضنا إلى بيان ذلك في فصول البحث كما نستطيع أن نشير إلى بعضها فيما يلي: امتلاك المجتمع الميزابي للهيئات العرفية التى على رأسها نظام العزابة؛ أعان الحركة الإصلاحية كثيرا على المضي قدما في تجسيد مشروعها الإصلاحي© وسهل وصول خطابها عن طريق قنوات هذا النظام .وهذا ما ل يتأت لجمعية العلماء المسلمين الجزائريين. قلة عدد أفراد المجتمع الميزابي وانحساره في رقعة صغيرة سهل العمل على الحركة الإصلاحية ،مقارنة مع جمعية العلماء التي كان ميدانها القطر الجزائري الشاسع وشعبه العريض. كان انطلاق النهضة الإصلاحية في وادي ميزاب سابقا ومبكراء حيث كان ذلك في منتصف القرن الثامن عشر مما مهد الطريق ،وهيا الأنفس وحضر العقول لتقبل الفكرة الإصلاحية واحتضانها في المراحل اللاحقة .وهذا ما م يتسن لحركة جمعية العلماء المسلمين الجزائريين. المرجع السابق.تركي:] -9۔ ] .2 ص اللزجع السابق. العسلي:بسام‏)( ١انظر خاتمة البحث. صر.833 -813 47‏١والعلاقات الخارجية للإصلاح الجهود الحث الثامن: انزواء المجتمع الميزابي في الصحراء وابتعاده عن قلب الأحداث في الجزائر العاصمة والسواحل والمدن الكبرى جعله-يحافظ إلى حد ما-على دينه ومقوماته ومنظومته الاجتماعية .ولا يتأثر كثيرا بالسياسات الاستعمارية ال عملت ما بوسعها لتخريب كل ذلك .بالمقارنة مع بقية الشعب الجزائري في الشمال. ۔ اعترض الحركة الإصلاحية في وادي ميزاب تيار فكري شديد جامد مستحكم مما صعب عليها العمل والتحرك وأبطا من سيرها ،وتسبب في إحداث شرخ عميق في المجتمع وتقسيمه إلى جبهتين متصارعتين .وهذا ما م يحدث لجمعية العلماء بالشدة والصورة نفسها. ۔ حفاظ الحركة الإصلاحية على مؤسساتها الدينية والتربوية بعد استقلال الجزائرش وتواصل نشاطها الإصلاحي التربوي التعليمي إلى حد اليوم ،وهذا ما ل يتسن لحركة جمعية العلماء المسلمين الجزائريين ،التى تنازلت عن مؤسساتها لصالح الدولة الجزائرية ،وأوقفت معظم أنشطتها التربوية التعليمية. من هذه الجهود المبذولة يتضح كيف ان اعلام الإصلاح في الجزائر كانوا يحملون فعلا مشروعا حضاريا ساميا؛ تعاونوا على تحقيقه وتقاسموا الأدوار فيه وكانوا يكملون بعضهم بعضا ،ويضعون اليد في اليد لأجل التغلب على المشاكل والمعوقات التى كانت تعترض طريقهم .كما كانوا يحترمون أنفسهم .ويقدرون جهود بعضهم بعضا ويعترفون بأفضال بعضهم على بعض ويتفهمون خصوصياتهم ،ويعذرون بعضهم بعضا فيما اختلفوا فيه ولم يتفقوا عليه. من ذلك ما قاله الإمام ابن باديس في حق أخيه الشيخ أبي اليقظان« :وأبو اليقظان إلى جانب ميزابيته التى يفاخر بها وله الحق عربي يجاهد ويجبالد في سبيل العروبة .ووطني يناضل ويقارع في سبيل الوطنية ومسلم مخلص لله دينه يجعل الإسلام في الصف الآول من أعماله. الفصل الخامس :اطر الإصلاح ومؤسساته|472 أما إذا قال أبو اليقظان متالما لحوادث القطر الجزائري فإنه يسيل العبارات دما ويبرح القلب تأثرا .ويبعث في النفس شعورا حيا وإحساسا ساميا؛ه"“. كما أن هذه الجهود تبين كيف أن أعلام الحركة الإصلاحية كانوا في مستوى الوعي بالتحديات الكبرى التي تواجه المجتمع الجزائري" وتحاك ضد الأمة الإسلامية ،وأنهم أدركوا الدور المنوط بهم في المرحلة التاريخية التي وجدوا فيها. فقاموا بها كما ينبغي في حدود استطاعتهم وقدراتهم وإمكاناتهم. كما أنهم أدركوا بعمق معاني الإسلام والوطنيةى وحدود المذهبية والعرقية. فعرفوا كيف يتعايشون رغم هذه الاختلافات والخصوصيات ،بل كيف يوظفونها في خدمة وطنهم ونصرة الإسلام .فلم يكن ذلك سببا في افتراقهم ونزاعهمإ أر تعثر مسيرة نهضتهم .بل كان دعامة فيها. حفظهم هذا الوعي من الدخول في صراعات مذهبية أو عرقية أو جهوية؛ تنسبب في تشتيت جهودهم وإهدار أوقاتهم وتبديد أموالهم وذهاب ريحهم وواد نهضتهم .فلم تستطع السلطات الاستعمارية رغم مكايدها ودسائسها أن تجعل منهم أعداء متفرقين متقاتلين. بذلك نستطيع القول إن علماء الإصلاح في الجزائر ضربوا أروع صورة معاصرة للإسلام في التوافق والتعاون والتناصح ووحدة الصف. إلى جانب هذه العلاقات والجهود فقد كانت لأعلام الإصلاح عند إباضية الجزائر علاقات أخرى مميزة جمعتهم بالإباضية في العالم الإسلامي؛ في جزيرة جربة بتونس!،وجبل نفوسة بليبيا .وسلطنة عمان .اتسمت هذه العلاقات بالتقدير ( )1ابن باديس :جريدة الشهاب" ج .01ص.806 -606 ( )2يرى الشيخ فرحات الجعبيري أن الحركة الإصلاحية وعلى رأسها الشيخ بيوض قدمت خدمات ثقافية وعلمية لإباضية تونس من خلال الزيارات ،واستقبال طلبتها في مدارسها ومعهدها وكانت ترغب في المزيد لو كانت الظروف السياسية مساعدة ومواتية .مقابلة مع الشيخ فرحات الجعبيري: تونسس فيفري 8002م. 374البحث الثامن :الجهود والعلاقات الخارجية للإصلاح والاحترام المتبادل" وبالاستشارات الفقهية والعلمية .وتبادل المراسلات والزيارات. وعقد الرحلاتؤ وقد استقبلت الحركة الإصلاحية في مدارسها وفي معهد الحياة وفودا متتالية من الطلبة من إباضية تونس وليبيا وعمان وزغيبار.“١‏ هكذا كان التواصل الثقافي والعلمي والحضاري بين إباضية الجزائر وإخوانهم في أرجاء العالم الإسلامي وهكذا بدت لنا هذه الجهود وهذه العلاقات الخارجية للإصلاح ونعيد التاكيد على أن هذا المبحث يحتاج إلى مزيد بجث وتقص وتحليل بعد جمع شتات مادته ،حتى يكتمل رسم معالمه بوضوح. فماذا عن الإصلاح في بعده التربوي التعليمي؟ ) ) 1الاطلاع على صور من العلاقات الثقافية بين إباضية الجزائر وعمان وزنجبار يراجع كتاب :حمد ناصر كله.3م.سلطنة عمان‘©مسقطالتواصل الثقافي بين الجزائر وعمان .مكتبة الضامريبوحجام: قاسم الشيخ بالحاج :مذكرات من أعماق جزيرة زنجبار 6كله. 9 اللان الإصلاح التربوي التعليمي__ فلسفة الإصلاح التربوي التعليميالمبحث الأول: التعليم الابتدائيالللحث الفا: التعليم النانويالبحث النالث: المبحث :الرابع :تعليم المرأة للبحث الخامس :البعنات العلمية إلى الخارج 774تمهيد فيتد: نظرا للجهود الكبيرة والمنجزات العظيمة والمسيرة المتواصلة التى حققتها النهضة الإصلاحية في المجال التربوي التعليمي رأينا من الضروري أن تخص كل ذلك بفصل مستقل نعاين فيه هذا البناء الحضاري" ونتتبع خطواته. سبق لنا أن بينا في فصل سابق أن حال التعليم في وادي ميزاب وفي الجزائر عموما خلال القرن التاسع عشر وإلى مطلع القرن العشرين بقي تعليما تقليديا في عمومه يعتمد على نظام الكتاتيب أو ما يعرف في وادي ميزاب بالحاضر الى تشرف عليها حلقات العزابة ،إلى جانب جهود بعض المشايخ الذين سمحت لهم الظروف السفر وتحصيل العلوم والمعارف في الحواضر العلمية الإسلامية امجاورة ،ففتحوا لأنفسهم دورا للعلم خاصة بالطلبة .وحلقات في المساجد لعموم الناس. بقي هذا التعليم يراوح مكانه من حيث النوعية فلم يشهد تطورا واضحا أو تحسنا معتبرا ،فلم يعرف إدارة مسيرة ،ولا مداومة منتظمة للطظلاب©‘ كما لم يعرف استقرارا في البرامج والمناهج والمواد المدرسة\ ولا تدرجا في مستويات الطلبة وطبقاتهم ،إلا ما ندر من دور المشايخ الذين اعتنوا بجلقاتهم وجعلوا منها معاهد علمية يحقؤ وقد مثلنا بذلك في فصل سابق بمعهد قطب الأمة الشيخ امحمد اطفيش("“. إلا أن ما ينبغي تسجيله بكل وضوح والتأكيد عليه أن هذا التعليم بالرغم من بساطته وعفويته قد عمل على غرس القيم الدينية في المجتمع .وحافظ على أصالته وهويته العربية الإسلامية .كما عمل على نشر الحد الأدنى من العلوم الدينية المتعلقة بالفقه وأصول الدين ،وعلم أبجديات اللغة العربية. ( )1يراجع في ذلك المبحث الثاني من الفصل الثاني .ص.811 -201 الفصل السادس :الإصلاح التربوي التعليمي478 كما يسجل على هذا التعليم انصاره على طائفة من الناس دون الشريحة العريضة منهم" مما جعل المجتمع في عمومه بقي يتخبط في الأمية والجهل .أضف إلى ذلك الظروف الاجتماعية والاقتصادية الصعبة التى جعلت من عموم أفراد المجتمع لا يبالون باهمية العلم ،بل يصرفون أبناءهم عنه في سن مبكرة إلى مختلف الأشغال والأعمال من فلاحة وتبارة وحرف.""١‏ كما أن المرأة في هذا النمط من التعليم كانت الضحية الكبرى" فلم يلتفت إليها مطلقا ،ولم يكن المجتمع يرى ضرورة لتعلمها ،فلم تنل إلا النزر القليل الذي يمكنها من حفظ بعض سور القرآن الكريم" ومعرفة ما يجب أن يعلم من )دينها وطهارتها بالضرورة. هذا عن التعليم العربيں في مقابل ذلك فإن السلطات الاستعمارية الفرنسية بعد إلحاقها لمنطقة ميزاب بجكمها العسكري سنة 0031ه2881 /م .أوجدت بعد مدة ما يسمى بالتعليم الفرنسي حيث شرعت في فتح مدارس ابتدائية لها في كل قرى وادي ميزاب بغرض نشر ثقافتها بين الأهالي ومن خلال ذلك تسريب أفكارها لى الناشئة .وتمرير سياساتها الاستعمارية في المجتمع .التي من أساسياتها طمس معالم الشخصية العربية الإسلامية في الأجيال الصاعدة“. أدرك أهالي وادي ميزاب خطورة هذه السياسة الاستعمارية ،وتنبهوا للأهداف الخفية للمستعمر وراء حرصه على فتح هذه المدارس وإجبار أبنائهم للالتحاق بها ،هذا ما جعلهم يمتنعون عن تسجيل أبنائهم فيها ،ويهربونهم إلى مدن الشمال عنل اقتراب كل موعد دراسي. من صحف.حختارات أبو اليقظان:كتاب:ضمنمنشور الأمم شلل. الأمية فآبو اليقظان :مقال بعنوان:) ( 1 .9‏ . ١دبور :أعلام الإصلاح .جك .ص82۔ص96 .بكلي :مسيرةص24التعليم القومي،تركي: منشور ضمن كتاب:التعليم العربيتقرير حولبيوض:)(2 الاصلاح .ص.081 -471 974تمهيد كما رخصت السلطات الاستعمارية بفتح مدارس للآباء البيض لتعليم الحرف والمهارات والصناعات والفنون العصرية للفتيان والفتيات .ولاقت هذه المدارس بدورها معارضة شديدة من الأهالي ومن المشايخ الذين كانوا يحذرون الناس من إلحاق أبنائهم وبناتهم بها ،ويرون فيها وكرا لنشر المسيحية والتبشير ((1 '.ومحاربة الإسلام" هكذا وجدت الحركة الإصلاحية حال التعليم مع مطلع القرن العشرين حينما وصل دورها لتحمل أمانة الإصلاح والنهضة وبناء الأنفس والعقول ففيم تتمثل أوضاعه والسير به تحوالتربية والتعليم وإصلاحبمجالالتى بذلتها للنهوضالجهود الأحسن والأصلح ليواكب العصر ويستجيب لتطلباته. للإجابة عن ذلك لا بد من التساؤل عن فلسفة النهضة الإصلاحية في مجال التربية والتعليم ،وعن الأهداف التى رمت لبلوغهاء وعن الأبعاد التى راعتها في العملية التربوية التعليمية. ص . [ 38تاريخ ببي مزابالحاج سعيد:( ( الفصل السادس :الإصلاح التزبوي التعليمي480 الحث ا ذول : فلسفة الإصلاح التربوي التعليمي [ -الفلسفة التربوية التعليمية: من الأفكار التي اقتنع بها مشايخ الحركة الإصلاحية منذ الوهلة الأولى لنشاطهم أن نهضتهم لا يمكن لها أن تتمكن من النفوسس وآن إصلاحهم لا يمكن له أن ينفرس في القلوبؤ إلا إذا قام على قاعدتين متينتين وسار برجلين قويتين. وعمل بالتوازي على جبهتين عريضتين هما: الإصلاح الديني الاجتماعي لرعاية الجيل الراهن. الإصلاح التربوي التعليمي لإعداد الجيل الصاعد (". .إن وضوح هذه الرؤية لدى أقطاب الحركة الإصلاحية ،ورسوخ هذه القناعة لديهم جعلاهم يتوجهون بقوة لخدمة هذه الجبهة إضافة إلى الجبهة الاجتماعية. ويفرغون طاقاتهم في سبيل رعاية الجيل الصاعد وإعداده لتحمل المسؤولية من بعدهم" وتكوينه تكوينا متزنا يجمع بين التربية والتعليم ،وبين العلم والعمل© وبين حياة الفرد وحياة الجماعة. إل فتح المدارس وبناء الهياكل وتطوير البرامج وضبط المناهج وإعداد7 .الكوادر. يقول الشيخ بيوض :ه عرفنا منذ زمن بعيد ان لا إصلاح للوطن إلا بالعلم الصحيح فدرجنا في سبيله وضحينا فيه بكل عزيزه(. ( )1بكلي :مسيرة الإصلاح ص .72 -22سكحال :منهج الشيخ بيوض 6،ص .66 -36ناصر :مقال بعنوان :القيم الإسلامية في نظام التعليم بوادي ميزاب مجلة الحياة ،الصادرة عن معهد الحياة بالقرارة - ص07۔ .17الجزائر 8عددا.8991 . ( )2دبوز :اعلام الإصلاح ،ج 45ص.27 184البحث الآول :فلسفة ا لاصلاح التزبوي التعليمي نظروا إلى هذا الجيل نظرة إشفاق وحب وأمل لكونه هو من سيتولى الخلافة من بعدهمإ ويعينهم على حمل مشاق الإصلاح والدعوة وأتعابهما ،وهو الذي سيكمل المشوار الذي انطلقوا فيه ،ويسير به خطوات إلى الأمام. يقول الشيخ عبد الرحمن بكلي :ه تثقيف النشء وتنشتته على العلم والفضيلة واجبا لأنهم خلفاؤنا بعدنا ،يتمون ما شرعنا ،ويعلزن ما أسسنا ،بل هم ودائع بايدينا وأمانات؛''. من جهة أخرى فهم أعلام الإصلاح أن أصل مشكلة التخلف والهوان التى يعاني منها المجتمع والركون الذي يحياه ،والقابلية للاستعمار التي يتخبط فيها إنما مردها إلى إشكاليات فكرية على مستوى المفاهيم والتصورات التي تحملها العقول عن الدين وعن الحياة ،وأن العمل والاجتهاد على تغيير تلك .التصورات وتصحيح تلك المفاهيم في الأجيال الصاعدة على مستوى المدى المتوسط والبعيد سيسمح بتغيير الكثير من الأوضاع وتحسين الكثير من الأمور نحو الصلاح والفلاح. يقول الشيخ إبراهيم القرادي واصفا جهود الحركة الإصلاحية وزعيمها بقوله: فحركته كانت تهدف أساسا إلى تغيير المفاهيم وتصحيح التصورات. اجتهدوا في وضع سياسة واضحة المعالم للنهوض بالعملية التربوية التعليمية. ورسموا لها خطة محكمة الجوانب مضبوطة الخطوات والمراحل ،وسطروا لها البرامج والمناهج والمقررات للقيام بمتطلبات هذه الأجيال الصاعدة التي لا تزال لبنة طرية بين أيديهم يستطيعون تطويعها وتشكيلها وفق ما يشاءون على المنهج القويم الذي فهموه وارتضوا التضحية من اجله. كما رأى أعلام الإصلاح في عملهم هذا أنه حلقة في سلسلة ضمن الجهود الجبارة التي بذلها.من سبقهم من علمائهم ومشايخهم طوال قرنين من الزمن ،وهمي ( )1بكلي :مسيرة الإصلاح .ص.52 إبراهيم القرادي:كلمة تابينية للشيخ بيوض منشورة ضمن كتاب :ف رحاب القرآن 6مهرجان ختم تفسير )(2 صک.56القرآن الكريم. 33 النصل السادس :الإصلاح التربوي التعليمي482 تعد الحلقة المهمة والمرحلة النوعية في هذه المسيرة؛ نظرا لما خيط بهم من ظروف صعبة ولما يفهم من تحديات داخلية وخارجية خطيرةء لا تسمح فهم بالتردد أو التأخر أو التولى عن الزحف‘ حتى يتمكنوا فعلا من تنشئة الجيل المنشود الذي يستطيع أن يحمل مشعل الحضارة .ويقضي على التخلف ويطرد المستعمرا ويبني أركان المجتمع الإسلامي الأصيل والمعاصر. يقول الشيخ بيوض عن هذا التواصل والاستمرارية بين الأجيال :ه فنهضتنا اليوم استمرار للنهضة الدينية والعلمية التى بدأها الشيخ الأفضلي والشيخ الثمبني ورفع لواءها بعدهما شيخنا اطفيش رحمهم النه جميعا«"'. من خلال تتبعنا للمسيرة التربوية التعليمية للحركة الإصبلاحية نستطيع أن نحدد جهودها في المجالات الآتية: -توعية الناس باهمية التعليم لإلحاق أبنائهم به وعدم قطعهم على الدراسة وسط الطريق .وعدم الزهد في طلب العلم. الدعوة إلى الإنفاق على التعليم لأجل بناء المدارس وإيواء الطلبة وصرف أجور المعلمين. ۔ بناء المدارس العصرية العربية النظامية الحرة. تطوير التعليم العربي بشقيه الابتدائي والثانوي. إنشاء معهد الحياة للتعليم الثانوي. إرسال البعثات العلمية إلى الخارج والعناية بها وتاطيرها. إنشاء الجمعيات الخيرية المساندة مسيرة التعليم. رد شبه ودعاية تيار الجمود الذي وقف ضد هذا التعليم. مجابهة الاستعمار الذي عمل على خنق هذا التعليم وعرقلة أصحابه. ( )1دبوز :اعلام الإصلاح .ج .4ص .141 384البحث الآول :فلسفة الإصلاح التربوي التعليمي دعوة الجماهير إلى إلحاق أبنائهم بالتعليم الفرنسي وإنهاء مقاطعته. المطالبة بتطوير التعليم الفرنسي وتوسيع نطاقه والمساهمة في بناء مرافقه`"‘. كما أن الوقوف على خطاب الحركة الإصلاحية وتحليل أدبياتها وفهم فلسفتها يبعلنا نقول إنها قد رمت إلى تحقيق غايات سامية وبلوغ أهداف نبيلة نستطيع أن نغبملها فيما يلي: -2الأهداف التربوية التعليمية: لا شك أن الأهداف التي سطرتها الحركة الإصلاحية لمنهجها التربوي التعليمي ستكون مندرجة ضمن الأهداف العامة للعملية الإصلاحية التي تم تحديدها سابقا .وهي مستمدة من روحها وتحدمها وتصب في مجراها في الأخير لأن العمل التربوي التعليمي هو جزء من الإصلاح الشامل. لذا فإننا نستطيع أن نحدد هذه الأهداف فيما يلي: إخراج المجتمع من ورطته الحضارية على المدى المتوسط والبعيد عن طريق إعداد الجيل الصاعد وتكوينه تكوينا متكاملا متزنا يجمع بين متطلبات الروح .والعقل والنفس والجسد. إعداد القيادات والنخب التي ستتولى تحمل أمانة الإصلاح ومواصلة مسيرته. إعداد الفرد الصالح المتحضر الذي يجمع بين.العلم والخلق ،وبين الأصالة والمعاصرة ويتخذ من الدنيا غرسا للآخرة. -غرس القيم الحضارية الإسلامية في نفوس الناشئة والأجيال الصاعدة. -نشر العلم والثقافة والمعرفة في شرائح المجتمع. .56بكلي :مسيرة الإصلاح .ص 46ا. .281 -ينظر ف ذلك كتاب :دبوز :أعلام الإصلاح .جك-4 .)(1 يراجع :البحث الثاني من الفصل الرابع .ص-692۔ .6)(2 .نمصل السادس :الإصلاح التربوي التعليمي484 محاصرة الأمية والجهل والإقلال من نسبتهما. محاربة الجمود والتعصب والتزمت .التى كان الجهل وراءها. تكوين جيل صالح يسهم في نهضة الجزائر والعالم الإسلامي. نورد الآن كلام الشيخ عدون شريفي موضحا هذه الأهداف إجمالا بقوله :‏١ إن الغاية التي يجب أن يجعلها المتعلم نصب عينيه نوعان: عامة :هي طلب رضى الثه ،وشرف العلم نفسه ،ونفي الجهل عنه. خاصة :هي تكوين الملكات العلمية في مختلف الفنون وتثقيف العقل وتنوير الذهن ،وتربية النفس تربية صحيحة وإعدادها لتحمل قسط من عبء الإصلاح الديني والملي والوطني» ". ويضبطها الدكتور محمد ناصر في ما يلي: «أولا :إن العلم في حد ذاته عبادة ينبغي أن يتوجه إليها المسلم بنية صافية طالبا فيه رضى انته وحده... ثانيا :إن العلم وسيلة لغايات نبيلة يخدم بها المتعلم نفسه‘ ويخدم غيره فهو . يخدم نفسه بتثقيف عقله وتنوير ذهنه وتربية نفسه ومن خلال كل ذلك يعد نفسه لخدمة غيره في مجالات الإصلاح الخيرية. ثالثا:إن العلم وسيلة كفاح ومقاومة ،وسلاح لإثبات الذات في حربها ضد الوجود الفرنسي في الميدان الديني والملي والوطني. بينما يحددها الأستاذ نور الدين سكحال في هدفين هما: )«۔ تكوين نخبة مثقفة راشدة... ص .75شريفي :معهد الحياة5)(1 ( )2ناصر :مقال بعنوان :القيم الإسلامية في نظام التعليم بوادي ميزاب" مجلة :الحياة .الصادرة عن معهد الحياة بالقرارة_-الجزائر 5عددا 8991 .م .ص. 27 584البحث الأول :فلسفة الإصلاح التربوي التعليمي تحصين عامة المجتمع من الأفكار الدخيلة والمحافظة على مقومات الشخصية العربية الإسلامية فيهم»("'. هذا عن الأهداف إلى جانب ذلك فإن الحركة الإصلاحية راعت في عمليتها التربوية التعليمية أبعادا ركزت جهودها عليها .ورأت أنها-في مفهومها-لا تتم إلا باستيفاء هذه الجوانب© ،وإلا كانت ناقصة غير متزنة ومحلة وإن إهمال بعضها قد يؤدي إلى انحراف في تربية الجيل وتقصير في القيام بحقوقه. ففيم تتمثل هذه الأبعاد؟ -3الأبعاد التربوية التعليمية: من خلال تتبعنا لمسار الحركة الإصلاحية في تكوينها للأجيال وتربيتها للمجتمع .ومن خلال توقفنا مع البرامج والمقررات والمناهج المسطرة نستطيع أن نخلص أنها راهنت على الأبعاد الآتية: ۔ البعد العقدي. البعد الأخلاقي. ۔ البعد العلمى. ۔ البعدا لاجتماعي . ا۔البيعد العقدي: رأت الحركة الإصلاحية أن عملية التربية والتعليم لا بد أن تقوم وتؤسس على الجانب العقدي الإيماني للفرد ،بجيث تنال الناشئة تكوينا مفعما بدروس العقيدة 5التي تزودهم بنظرة واضحة مقنعة عن الخالق وعن الكون وعن وظيفة الإنسان فيه .وعن معنى الحياة .وعن الرسل والرسائل وعن اليوم الآخر وعن الثواب والعقاب وعن الجنة والنار. الشيخ بيوض ومنهجه ف الإصلاح :ص.76سكحال:()1 الفصل السادس :الإصلاح التربوي التعليمي486 فتعمل على غرس هذه المبادئ والمعاني في قلوبهم والتأكيد عليها لأنها هي الى ستبنى فيهم الشخصية الإسلامية القوية الي تمكنهم من ربط أي تفكير واي عمل لهم في مستقبل حياتهم بطريق الثه تعالى ،وبنهج نبيه المصطفى عليه الصلاة والسلام. ولتجسيد ذلك تقتضي العملية التربوية التعليمية أن يسري البعد العقدي في كل المواد المدرسة واثناء كل الحصص فيحرص الأستاذ والمعلم أن يكشف لتلاميذه علاقة موضوع الدرس بالجانب الإيماني ،ويجعلهم يتأثرون بذلك )(1 ويربط قلوبهم به '. يقول الشيخ بيوض موجها كلامه للمعلمين وللمربين وموضحا فهم منهج التربية الدينية العقدية« :فلا تربية تنفع في إصلاح سلوك الإنسان وتحقيق سلامة قلبه إلا إذا كانت مبنية على كتاب النه وسنة رسوله ،فاملأ أيها المربي المسلم نعيمه ورضوا زهوا لرغبة فبجلا ل الله ومحبته.قلوب ناشتتك ما استطعت والخوف من عذابه ونقمته» . ويقول الشيخ عدون شريفي موضحا ذلك بقوله« :الفرض من التعليم في معهد الحياة ...هو التربية الدينية باوسع معانيها .وذلك بالتركيز على معرفة الله الحسن،على العمل الصالح والسلوكحق المعرفة والإيمان به إيمانا يبعث والخلق الفاضل»“. في هذا الصدد نبد الشيخ بيوض ينتقد منهج المنظومة التربوية بعد مواد» ففصلت‏٦7الجانب من مقرراتهاأهملت هذاأ لاستقلال عندما الوحيالدين والعقيدة عن سائر المواد .وجعلت التلاميذ يتعاملون مع نصرص ( )1بيوض :حديث الشيخ الإمام .حل ! .ص .42 - 22دبوز :أعلام الإصلاح .ج .4ص .841سكحال: الشيخ بيرض ومنهجه في الاصلاح .ص.07 -86 ( )2بيوض :المرجع نفسه .حلا .ص.22 ( )3شريفي :معهد الحياة .ص.86 784البحث الأول :فلسفة الإصلاح التربوي التعليمي قرانا وسنة كما يتعاملون مع أي نص أدبي آخر دون التاكيد والتركيز على بعده الإيماني وأثره العملي. يقول الشيخ بيوض« :أفنرضى لأبنائنا المسلمين أن يتعامل أحدهم مع نص القرآن أو الحديث كما يتعامل المسيحى أو الملحد؟ قصارى أمره أن يضبط من خلاله بعض قواعد الصرف أو النحو والبلاغة ثم هو لا يجرك فيه وجدانا ولا يقوده إلى معرفةالثه ومحبة رسوله .اللهم لاة"'. كما يؤكد الشيخ بيوض على ضرورة إبراز الآثار العملية للعقيدة في الدررس وجعل التلاميذ يتأثرون بها ويندفعون إلى الأعمال ويتنافنسون على فعل الخير. وانتقد الطريقةالعقيمة التي تطرح بها العقيدة عند بعض المسلمين دعاة ومربين بتركيزهم على عالم الغيب فقط على حساب عالم الشهادة الذي يغفلونه أو يستنقصون من العناية به ،بينما يقتضي الأمر عكس ذلك(. بالبعد الخلاقي: البعد الثاني الذي أولته الحركة الإصلاحية الأهمية في عملها التربوي التعليمي هاولأخلاق ،فهي ترى أن عملية التعليم هي تربية وتقويم للسلوك قبل أن تكون معارف وثقافات وعلوما ،هذا ما جعلها ترفع في معهدها ومدارسها شعار التربية قبل الثقافة .وتغرس معاني هذا الشعار في نفوس أبنائها 5وقد سعت لترجمة ذلك عمليا من خلال برامجها وإدارتها وأساتذتها ومعلميها. فكانت تراقب الناشئة في أخلاقهم كما تراقبهم في تحصيل العلوم وكانت تضبط سلوك التلاميذ في القسم وفي الشارع ،وكثيرا ما يعاقب المعلم تلميذا أو طالبا باقترافه خطا خلقيا خارج قاعة الدراسة ،فتصل أنباؤه إلى الإدارة وإلى المشايخ فتعقد له مجلس تأديب ،وتحكم عليه بعقاب أدبي آو جسدي. بيوض :حديث الشيخ الإمام .حل ‏ & ١ص ا .3((1 ( )2إيراهيم بيوض :فتاوى الإمام الشيخ بيوض إيراهيم بن عمرا ترتيب وتقديم وتخريج :بكير الشيخ بالحاج. المطبعة العربية" غرداية !889 .م .جك صر.926 -8:26 التربوي التعليمي الإصلاحالفصل السادس:48 8 كما كان عمدة مدارسها معلمين حازمين صارمين في مسألة التربية والتهذيب لا يتساهلون ولا يتراخون فيها۔ يتولون مراقبة التلاميذ ويقومون اعوجاجهم. ويوجهون أخلاقهم ويهذبون سلوكهم. كما كان المعلم القدوة لأبنائه التلاميذ في التزامه بالسمت الإسلامي وبالخلق الرفيع وبالحزم والجد في العمل والقيام مهمته على أكمل وجه‘ حتى تنطبع شخصيته في نفوس تلاميذه ويؤثر فيهم ويعمل على بناء شخصيتهم. يقول الدكتور محمد ناصر عن منهج التربية بالقدوة المعول عليه في العملية التربوية التعليمية« :القائمون على التعليم ...يختارون بعناية فائقة أساسها السلوك الحسن والتمسك القوي بالدين الإسلامي عقيدة وقولا وعملا ،وبذلك تضع المؤسسة أمام التلاميذ النموذج الذي ينبغي الاحتذاء حذوه .والمثل الذي يقتدي به. ومن المعلوم أن من قواعد التربية الإسلامية ما يطلق عليه التربية بالقدوة ،كما علمنا القرآن الكريم 7 فهذا كانت الأسرة في وادي ميزاب تضع كل ثقتها في هؤلاء المعلمين. وتعتبرهم الأب الثاني القائم بدور المربي والناصح.الأمين ،فيتعاون الطرفان على تربية النشء ،وتنشأ بينهما علاقات وطيدة للقيام بالمهمة كما ينبغي. بذلك تنال شخصية التلميذ والطالب حظها من التربية والتقويم والتهذيب" فتغرس في نفسه القدوة الحسنة التي يعاينها أمامه يوميا وعمليا في شيخه ومعلمه. فتنشا على تلك الطباع الحسنة والأخلاق القويمة. ج۔البعد العلمي: إلى جانب تلك العناية الفائقة التي أولتها العملية التربية بغرس الإيمان بالله علىوا لحثالنا شئةلكريم عليه الصلاة وا لسلا م ف نفوستعال وحب رسوله عجلة الحياة .الصادرة عن معهد الحياة نظام التعليم بوادي ميزابالقيم الإسلامية فمقال بعنوان: ناصر:((1 بالقرارة-الجزائرش عا8991 .م .صك.58 984البحث الأول :فلسفة الإصلاح التربوي التعليمي الآثار العملية لذلك وإلى جانب الصرامة في مراقبة اخلاق التلاميذ وتقويم سلوكهم وتنشئتهم على الخصال الإسلامية الحميدة فإن ذلك لم يكن على حساب التكوين العلمي والمعرفي لهم ،فقد سعت الحركة الإصلاحية على تزويد أبنائها في مدارسها ومعاهدها بزاد علمي متنوع وثري ،وتدرجت معهم من المستويات الدنيا إلى العلياء فمكنت التلاميذ والطلبة من تكوين رصين في علوم اللغة العربية وآدابها : من نحو وصرف وبلاغة وأدب وشعر وزودتهم بقسط وافر من العلوم الشرعية تدرجت فيه معهم من السهل البسيط إلى المعمق الصعب؛ من علوم العقيدة والفقه والتفسير والحديث والأصول والسيرة ،كما تفتحت على العلوم العصرية الحديثة من حساب ورياضيات وجغرافيا وتاريخ وعلوم إنسانية ونالت حظها منها. هذا ما مكنها في نهاية المطاف من تخريج طلبة يحملون ثقافة ثرية وعلوما متنوعة ،ويتحكمون في فنون اللغة العربية والعلوم الشرعية ،بما مكنهم من الالتحاق بالمعاهد العليا خارج الوطن في التخصصات الشرعية والأدبية والعلمية . التي اختارها كل واحد منهم وكانت ميوله تتجه إليها .فنتخرج من طلبة معهد الحياة في الجامعات الشرقية والغربية دكاترة وأساتذة وأدباء وشعراء ومحامون ومهندسون وأطباء يحملون أعلى الشهادات. كما دأبت الحركة الإصلاحية بين الفترة والأخرى إلى مراجعة برامجها وتطوير مناهجها وتحديث أساليب تدريسها كلما رأت الضرورة تتطلب ذلكه"“. كما كانت تضم إلى طاقمها الإداري والتعليمي نخبة من الأساتذة الأكفاء ` الذين أتموا تكوينهم في المعاهد والجامعات وعادوا إلى وادي ميزاب فكانؤا أولى ثمرات جهودها في المجال التربوي التعليمي فزادوها قوة ونشاطا وثراء بتجاربهم وتكوينهم وحملوا لواء العلم والإصلاح معها. ( )1مجموعة من الأساتذة :القانون الأساسي لوحدة التعليم العربي بميزاب (الجزائر) واللاتخة الداخلية. يراجع ف ذلك :شريفي :معهد الحياة .كله .دبوز :نهضة الجزائر الحديثة .ج .3كله.)(2 الفصل السادس :الإصلاح التربوي التعليمي490 د-البعد الاجتماعي العملي: الجانب الرابع الذي أولته الحركة الإصلاحية أهمية ف تكوين ناشئتها ئي مدارسها ومعاهدها وترسيخه ف عقوها هو البعد الاجتماعي العملي .الذي تعني .به ربط الطالب بالدور الاجتماعي الذي ينتظره بعد الفراغ من مزاولة دراسته الميدان ،وأنه لا بد أن يعدوإتمام تكوينه بان يعلم أن وظائف اجتماعية تنتظره ف نفسه ويبرمج عقله لها من الآن" فهو سيصبح في القريب العاجل معلما أو أستاذا أو موظفا أو عاملا في أي جال من مجالات الحياة { فإن المجتمع ينتظر منه القيادة ا لتطوعي دا خل صفوفهوا لتوجيه وا لنصح وا لعمل على إصلاح أوضاعه وا لنشاط وأنه لا طائل من علمه إذا بقي بصاحبه ف برجه الماجي© أو اكتفىوشرائحه6 بوظيفته التى يرتزف منها ولم يسهم باي دور أو جهد ف الحياة ‏ ١اجتماعية العامة{ الى كان لها الفضل في تكوينه وتربيته وتعليمه. لأجل تجسيد هذه المعاني رفع أعلام الإصلاح ف معهدهم ومدارسهم شعارا ا لفرد [ وأفهموا أبناء هم أن تكوينهم هذا لاا لحما عة قبل مصلحةثانيا هو :مصلحة بد في الأخير أو يعود بالنفع على المجتمع وأن يجعلوا نصب أعينهم خدمة أفراد مجتمعهم ؤ وا لتضحية ف سبيل إصلاح أوضا عهم ذ وتقديم ‏ ١لنصح هم [ وآن يكون ذلك مقدما على مصالحهم الذاتية الشخصية. داب رجال الإصلاح وعلى رأسهم الشيخ بيوض والشيخ عدون على تنشئة أبنائهم وطلبتهم على حب الوظيفة الاجتماعية الت تنتظرهم وأنها تعد من جوهر تعلمهم وتكوينهم. يقول الشيخ بيوض في خطاب موجه لطلبته« :اقتتحموا ميادين الإصلاح. فإنكم بذلكبالعدل والحكمةوسووا الخلافاتالمشاكل بالحلول المرضيةفضوا تفرضون وجودكم وتعرفون بانفسكمإ وتحملون الناس على احترامكم ،وتعلمون الأمة كيف تنقاد للمثقفينه.‘١‏ ( )1دبوز :نهضة الجزائر الحديثة .ج .3ص.602 194البحث الأول :فلسفة الإصلاح التربوي التعليمي لأجل إعداد الطلبة في هذا الجانب فإن مؤسسات التعليم-خاصة معهد الحياة-أوجدت بداخلها جوا اجتماعيا وثقافيا مفعما بالنشاط والحيوية وفرص التكوين وتفتيق المواهب واكتشاف المهارات ،مما يسمح للطالب أن يدرب نفسه للمهمة الاجتماعية التى ستناط به مستقبلا. كلف اعلام الإصلاح طلبتهم بانشطة اجتماعية كثيرة ومتنوعة فكانوا العمدة في إحياء حفلات الأعراس والمناسبات الدينية والوطنية بالأناشيد والمدائح الدينية والخطب والمسرحيات والفن الأصيل كما كانت لحم داخل معهد الحياة نواد اسبوعية للتباري بالشعر والخطب والقصائد .فشكلوا فرقا فنية ومسرحية وأدبية متنافسة فيما بينهما. في جانب آخر من الإعداد الاجتماعي كان الطلبة يكلفون بالقيام بكل الخدمات المنزلية الخاصة بهم في إقامتهم" من النظافة والغسل والطبخ وجلب الماء حتى يتعودوا الاتكال على أنفسهم وتحمل مسؤولياتهم والحزم والخشونة في العيش كما أنشئت لهم منظمة كشفية تدربهم على الأعمال التطوعية والرياضة الجسدية. هذه هي الأبعاد التى راهنت عليها الحركة الإصلاحية في تنشئة أبنائها وأجيالها الصاعدة التي كانت تعدها لحمل أمانة الاستخلاف ،وتسلم المقود من بعدها وهذه هي فلسفتها في التربية والتعليم ولعل تميزها يكمن في مراهنتها على الجمع بين هذه الأبعاد الأربعة ،بتكوين شخصية الطالب في بعدها الدينى والعلمي والأخلاقي والاجتماعي. ‏ ٠ونستطيع أن نقول إن الحركة الإصلاحية قد نجحت إلى حد بعيد في سياستها التربوية هذه واستطاعت أن تخرج دفعات واجيالا متعاقبة لأازيد من نصف قرن من الزمن ولا تزال إلى حد اليوم ،واستطاعت أن تنجح إلى حد ( ) 1يراجع في ذلك :شريفي :معهد الحياة[ كله .دبوز :نهضة الجزائر الحديثة ج.3كله. الفصل السادس :الإصلاح التربوي التعليمي492 بعيد في تكوين نخبها وإعداد أجيالا بمراعاتها لهذه الجوانب مجتمعة وحققت بذلك الكثير نن الأهداف التي سطرتها ،فوسعت من مشروعها الإصلاحي من خلالمم حيث يح هؤلاء الطلبة في دراساتهم العليا بمختلف الجامعات بالخارج ومثلوا معهد الحياة وحركة ‏ ١لإصلاح وشرفوها كما قاموا بأدوار مهمة في الحياة الوطنية أثناء الثورة وبعد الاستقلال" كما استطاعت هذه الأجيال أن ف تحقيقتعطي الممل الحسن ف الجمع بين العلم والخلق والعمل كما نجحت أهدافها بنزول هذه الدفعات المتخرجة والعائدة إلى أرض الوطن1المليادين للجيل الأول منوعونالاجتماعية المختلفة للإصلاح .فكانت خير سند المشايخ والأعلام .فزادت قوة وتمكينا للنهضة الإصلاحية. هذه هي فلسفة الحركة الإصلاحية في المجال التربوي التعليمي ،فما هي ومعاهد وبعثات؟ منجزاتها من مدارس جن البنج ٢تنناإ‏ بإنتاج ٢تننثإ‏ بلبن 394البحث الثاني :التعليم الابتدائي المحث الثا تي : ‏ ١لتعليم اللايتدا تي نتناول في هذا المبحث الجهود التى بذلتها الحركة الإصلاحية في سبيل رعاية التعليم الابتدائي وما قامت به من أعمال ،وما حققته من منجزات حضارية فيه. لأجل بيان ذلك نحتاج إلى تتبع دقيق لمسار التعليم الابتدائي في وادي ميزاب: [ -مسيرة التتليم الابتدائي: عرفنا فيما سبق من البحث ان التعليم الابتدائي في وادي ميزاب إلى غابة نهاية القرن التاسع عشر كان يزاول في المحاضر والكتاتيب التابعة للمساجد والتي تشرف عليها حلقات العزابة ،وعادة ما يتكفل به ثلاثة من أعضائها من أوتوا حظا من العلم؛ يشترط فيهم حفظ القرآن الكريم" والعلم بالفرائض الدينية الضرورية. فيحفظون الناس ما تيسر من سور القرآن الكريم" ويعلمونهم الكتابة والقراءة والمبادئ الدينية من عقيدة وصلاة وطهارة. لم يكن يشترط للالتحاق بهذه المحاضر سن معينة ،فيجلس فيها ابن الأربع سنوات مع صاحب السبعين سنة ،كما لم يكن يلتزم فيها بفترة زمنية محددة للدراسة .أما أوقاتها فكانت منحصرة بين صلاتي الظهر والعصر& وبين صلاتي اللغرب والعشاء صيفا ،وبين وقت السحور وطلوع الشمس شتاء. استمر حال التعليم الابتدائي هكذا خلال القرون الماضية إلى حوالي منتصف القرن التاسع عشر؛ وقبل احتلال فرنسا لميزاب بفترة زمنية وجيزة بدا بعض الناس يتنبهون إلى ضرورة تعليم أبنائهم وحاجتهم إلى تحصيل أكثر للعلم{ وكان ذلك ثمرة دعوات المصلحين الآولين وجهودهم من أمثال الشيخ الأفضلي والشيخ الثميتي والشيخ اطفيش وتلاميذهم؛ إذ تيقنوا أن تعليم أبنائهم ني المحاضر لوحدهاء وفي تلك الأوقات المحصورة بين بدايات اليوم ونهاياته غير كاف لتكوينهم. الفصل السادس :الإصلاح التربوي التعليمي44 فاجتهدوا لفتح مدارس للتعليم القرآني ،على غرار ما هي عليه المحاضر في نمط تدريسها وموادهاء؛ إلا أنها تمدد في وقتها لتستغرق أوقاتا أطول من يوم التلاميذ فكانت من طلوع الشمس إلى الزوال" مع بقاء تعليم المحاضر التابع للمساجد على حاله ،فواصل التعليمان طريقهما معا؛ رغم انحصار الأول في عدد محدود من ‏١التلاميذ ولم يعم كل أبناء المجتمع"": دامت الحال على هذه الصورة إلى ما بعد احتلال فرنسا لوادي ميزاب سنة 2881 /م .وفرض تعليمها عليه كسائر مدن الجزائر حيث أصدرت في0 تاريخ 72 :ربيع الأول 0131ه 81 /أكتوير 2981م القانون المنظم للتعليم في الجزائرث وكان مما جاء فيه: ه منع التلاميذ الذين تتراوح أعمارهم بين ست سنوات وثلاث عشرة سنة من الالتحاق بالتعليم العربي ،وإجبارية تسجيلهم في التعليم الفرنسي والالتحاق ‏١بالمدارس الفرنسيةه“. كان هذا القانون سببا في مضايقة التعليم العربي القرآني ومحاصرة الحكام العسكريين له ،ومتابعة القائمين عليه من عزابة وأعيان ومعلمين ،بالتغريم والسجن والتعذيب‘ وغلق مدارسه القليلة البسيطة المبثوثة في المجتمع. وصبر .ولمطريقه ف صمتا لا أنه رغم ذلك توا صل هذا ا لتعليم ©} وشق يشهد توقفاؤ وإنما دخل ف مناورات ومراوغات ومداورات مع الحكام الفرنسيين وأذنابهم من القياد والجواسيس“. أثناء قيام الحرب العالمية الأولى بدأت بوادر ظهور المحاولات الأولى لإصلاح الموجودة ف البلادالتعليم الابتدائي ،والدعوة لتطويره والاستفادة من التجارب .124( )) 1بيوض :تقرير حول التعليم العربي ،منشور ضمن كتاب :تركي :التعليم القومي .ص -9۔ '( )2المرجع نفسه٬‏ ص. .024 ( )3دبوز :أعلام الإصلاح .ج .3ص.491 594البحث الثاني :التعليم الابتداتي المجاورة خاصة التونسية منها ،وذلك بالدعوة لإنشاء المدارس العربية العصرية وإدخال الوسائل العصرية فيها من طاولات وكراس وسسبورات ،وبنائها على شكل أقسام وقاعات لائقة للدراسة ومناسبة للتلاميذؤ وإضافة مواد عصرية فيها. والتجديد في أساليب التدريسر(“. في حقيقة الأمر كانت هذه الدعوات لتطوير التعليم وإنشاء المدارس العصرية ثمرة احتكاك الميزابيين بالأوساط الخارجية ،سواء فى أرجاء الجزائر أو خارجها في البلاد التونسية ،وذلك من خلال أسفارهم بقصد العمل والتجارة ومعاينتهم الأجواء العلمية الإيجابية وتاثئرهم بها ،وربطهم علاقات وطيدة مع أصحابها؛ حيث عايشوا وشاهدوا هذه المدارس العصرية ،ورأوا أساليب تربيتها وتعليمها ومعاملتها للناشئة۔ ورأوا الثمار الحسنة على سلوك تلاميذها ،وعلى مستواهم العلمي ،فرغبوا رغبة شديدة في نقل هذه التجربة إلى وادي ميزاب ،ليعم خيرها وتنعم الأجيال بها. أخذت هذه الفكرة في الاختمار لدى بعض التجار والتبلور في أذهانهم ،وبعد عودة الطلية الأولين الذين قصدوا تونس للدراسة أصبحت هذه الفكرة مع الوقت حديث مجالسهم .وشغلهم الشاغل الذي يقيمهم ويقعدهم .حتى ظهرت أولى بوادرها العملية مع العشرية الثانية من القرن العشرينك وأثناء الحرب العالمية الأولى. ثم أخذت في الانتشار والتوسع مع مرور الوقت. كانت أول تبربة في هذا المجال يخوضها الميزابيون-وبالذات مجموعة من .التجار الذين اقتنعوا بالفكر الإصلاحي وصاروا من أعيانه ومناصريه؛ على رأسهم الرجل البطل الحاج بكير العنق-هي مشاركتهم وتبنيهم فكرة إنشاء المدرسة الصديقية في مدينة تبسة سنة 1331ه 3191 /برعاية وإشراف الشيخ عباس بن حمانة؛ الرجل المصلح والعالم الفحل .حيث ناصروه ودعموه وأيدوا فكرته وساروا ( )1بكلي :مسيرة إصلاح ،ص .761 - !66بيوض :المرجع السابق .ص:224 الفصل السادس :الإصلاح التربوي التعليمي496 معه إلى أن تحققت في الميدان كما مولوا مشروعه .إذ أن مبنى المدرسة هو ملك لأحد التجار الميزابيين ،كما كانوا المسارعين لتسجيل أبنائهم فيها. افتتحت هذه المدرسة وكانت مواكبة للعصر من حيث الهياكل والبرامج والانضباط وأساليب التدريس وسير التعليم ،حيث استقدمت أستاذين من تونس ولما رأت السلطات الفرنسية هذه التفزة النوعية فيها ،وشعرت بخطرها عليها قررت بسرعة فائقة غلقها وتوقيفها عن النشاط نهائيا بعد انقضاء سنة دراسية واحدة من عمرها ،ودبرت من قضى على رأسها المفكر العالم الشهيد عباس بن حمانة باغتياله" بعد أن هدد السلطات الاستعمارية بمتابعة قضية غلق المدرسة فى المحاكم الفرنسية بباريسره‘". كانت هذه أول تجربة يعايشها الميزابيون عن كثب ويستفيد أبناؤهم منها مما جعلهم يدركون أهمية هذه المدارس ،ويتزودون بإرادة وعزم على المضي في فتح مثيلاتها في واد ميزاب' . الا أن أول تجربة للمدرسة العربية العصرية تعيشها وادي ميزاب كانت مع مدرسة الشيخ أبي اليقظان إبراهيم سنة 5191م ،.حيث كان له قصب السبق في جلب هذا النمط من التعليم إلى وادي ميزاب بعد أن عاينه في تونس عند قيادته لأول بعثة طلابية فيها ،ومتابعة تعليم تلاميذ بعثته في مدارسها العربية العصرية. يقول المؤرخ محمد علي دبوز عن أهمية هذا السبق ما يلي« :إنها أول مدرسة عربية عصرية تنشا في جنوب الجزائر ،ستذيق الناس حلاوة التعليم العربي العصري وتريهم النتائج الباهرة لهذه المدارس التي تعتني بالتربية والتعليم فينهضون لإنشائها في كل أنحاء الجزائر 5لأنها متعطشة إلى التربية الإسلامية والتعليم الصحيح .فيجب أن توضح ها القدوة[ وتوجه إلى الطريق المستقيم. نظام التعليمف ناصر :مقال بعنوان :القيم الاسلاميةص-262۔ .072 -دبوز :نهضة الجزائر الحديثة .ج.2) ] ( ص.37بواد ميزاب عجلة الحياة ،الصادرة عن معهد الحياة بالقرارة-الجزائرش عددا.89916 . ( )2بكلي :مسيرة إصلاح .ص.761 ‏. ١ صر88دبوز :أعلام الإصلاح .ج.3) (3 794البحث الثاني :التعليم الابتدائي أبى اليقظان تعد منعطفا تارمخيا مهما.ونقطةلشيخأن مدرسةلذا فإننا نرى تحول كبرى في مسيرة التعليم الابتدائي في وادي ميزاب مما يجعلنا نقف وقفة متأنية مع هذه المدرسة للتعريف بها .ومعرفة أوجه التجديد والتطوير والإبداع فيها: - 2مدرسة الشيخ أبي اليقظان العربية القصري: بعد عودة الشاب ابي اليقظان من تونس سنة 3331ه 5191 /م على رأس اول بعثة علمية طلابية .وتوقفها بسبب ظروف الحرب العالمية الأولى استقر به الحال في بلدته القرارة ،وكان في مجالسه مع أعيان الإصلاح وشيوخه يحدثهم عن ذلك التطور الذي يشهده التعليم العربي في تونس" ويروي لهم أخباره ،ويبين لهم الجوانب الإيجابية التى تبنيها الأجيال من جرائه ،وثماره المفيدة عليهم. إضافة إلى تلك الأنباء السارة التى وصلتهم عن المدرسة الصديقية في مدينة تبسةإ حيث كانوا هم وأبناؤهم أعضاء فاعلين فيها ،فكان ذلك سببا في أن يطلبوا من أبي اليقظان تبنى مشروع تاسيس مدرسة عربية عصرية .على أن يدعموه في ذلك بالرأي والمال. كان رجل الإصلاح الأول في القرارة وشيخها الحاج عمر بن يحيى على قيد الحياة .فطلب استشارته في الموضوع .فوافق على ذلك وبارك الفكرة ،فكانت الخطوات العملية للشاب أبي اليقظان لفتح مدرسته في شهر رجب 3ه /جوان 5191م. افتتحت المدرسة أبوابها والتحق بها حوالي53تلميذا ،وكانت تدرس بالمقابل ،وتميزت عن الكتاتيب الموجودة في وادي ميزاب بما يلي: التدريس في سائر أوقات اليوم لمواد العلوم العربية والشرعية والحياتية العصرية التى تمثلت فيما يلي: تحفيظ القرآن الكريم والحديث النبوي الشريف. تدريس العقيدة والسيرة والفقه` . . -تدريس القراءة والكتابة والنحو والأدب.34 الفصل السادس :الإصلاح التربوي التعليمي498 _ تحفيظ الأناشيد الوطنية. تدريس تاريخ الجزائر والتاريخ الإباضي. ۔ تدريس الجغرافيا والحساب. كما كان لها حصة أسبوعية للرياضة البدنية يخرج فيها التلاميذ مع معلمهم إلى ضواحي المدينة للقيام بالحركات الرياضية ولعب الكرة وتعلم الرماية بالبندقية". أما التطوير في أساليب التدريس فكان الشيخ يركز فيها على طرائق الفهم. ولا يكتفي بالحفظ فكان يردف حفظ الحديث بشرح معانيه وبإسقاطه على واقع التلاميذ في حياتهم اليومية ويبين أثرها في سلوكهم ومعاملاتهم. كما أن من أساليبه في التدريس التركيز على الجانب الأخلاقي في الشرح. فينتقل من شرح الدرس في تخصصه إلى بيان الأوجه العملية والآثار الأخلاقية. فيركز على توجيه التلاميذ وتهذيب أخلاقهم .كما أن من أساليبه التاكيد على فهم الدرس بطريقة الحوار والنقاش وطرح الأسئلة واختبار قدرات التلاميذ وذكائهم ومدى استيعابهم للشرح .كما كان يؤكد كثيرا على مسألة الإتقان في العمل التربوي" فإذا حفظ التلميذ آية أو حديثا لابد أن يتقن حفظه .وإذا فهم قاعدة أر مسألة لا بد له من أن يتقن فهمه. كما كان المعلم مع تلاميذه كالأب مع ابنائه في حبه هم وعطفه عليهم وتقربه إليهم ،وصحبته هم داخل المدرسة وخارجها في الشارع وفي السوق وفي المسجد. حتى أحبوه وتعلقوا بشخصيته فاثر فيهم أيما تأثير. فكان بذلك يعتني بالتربية في أبعادها الخلقية والعقدية الدينية والاجتماعية. فمن ذلك محاسيته لتلاميذه على أداء الصلوات جماعة في المسجد. [ . دبوز :أعلام الإصلاح .ج .3ص09سعد النه :تاريخ الجزائر الثقاني .ج .3ص.472()1 .50[ -ص98دبور :الرجع نفسها ج.3)(2 994البحث الثاني :التعليم الابتدائي هذه أهم مميزات هذه المدرسة العصرية النموذجية التي بلا شك تظهر عليها الكثير من بصمات التجديد والتطوير والتميز عن التعليم التقليدي الذي كان سائدا في وادي ميزاب .كما تظهر عليها بوضوح بصمات التجربة التونسية في التعليم. التي عايشها الشيخ وعرفها عن كثب. لقد ظهرت هذه المدرسة إلى الوجود في وقت كان فيه الحكم العسكري الفرنسي يراقب التعليم ويمنع أي تعليم يظهر خلاف تعليمه ،وبالذات يمنع فتح المدارس العربية غير المرخص هاا لمعرفته بخطورتها .ويستثني من ذلك الكتاتيب التقليدية التابعة للمساجدا التي تعمل خارج أوقات التعليم الفرنسي. لذا فإن مدرسة أبي اليقظان كانت تعد مدرسة خارج القانون ومخالفة للتوجهات الاستعمارية ،فكان الشيخ ينتظر بين الحين والآخر أن يلحق به الأذى وبمدرسته ،وكان يتخذ احتياطاته لذلك وكان أعيان البلد يعينونه في ذلك‘© ويراقبون زيارات الحكام العسكريين إلى البلدة وأعوانهم وينبهون. فمن الاحتياطات التي اتخذها حتى لا يلفت انتباه الاستعمار إليه أنه لم يجهزها بالطاولات واكتفى بالسبورة الجماعية ،فكان تلاميذه يجلسون على الحصير في الأرض ويكتبون في كراريسهم حتى إذا داهمتها أعين الاستعمار وجدتها على شكل كتاب كسائر كتاتيب البلدة .وأخذا بالحيطة والحذر أشار عليه بعض إخوانه الأعيان من إلغاء حصة التربية البدنية" وإخراج التلاميذ إلى أطراف البلدة لتعلم الرمي بالبندقية} فاستجاب لطلبهم". استمرت المدرسة في نشاطها لمدة سنة دراسية وبضعة أشهر .إذ قرر الشيخ أبو اليقظان صاحب الفكرة والمشرف عليها توقيفها بعد مداولة الموضوع مع أعيان الإصلاح ومع أولياء التلاميذ ،وتمثل عذره في عزمه على العودة إلى تونس لمواصلة مشواره الدراسي العالي في جامع الزيتونة .وكذا لأجل التحضير لبعث فكرة البعثات [. ص49دبور :أعلام الإصلاح .ج.3)(1 الفصل السادس :الإصلاح التربوي التعليمي500 الطلابية من جديد لاستقبال أفواج كبيرة من الطلبة لمزاولة دراستهم في هذه المدارس العصرية المتطورةء ثم إكمال دراستهم في المعاهد التونسية ..فتعم الفائدة أكبر عدد من الطلبة من كل أرجاء وادي ميزاب :فينالوا العلم من منبعه المعين.“‘١‏ تقبلوا الفكرة وتقبلوا عذره على مضض مقدمين المصلحة العامة المنتظرة على مصلحة أبنائهم وبلدتهم .آملين للشيخ أبي اليقظان التوفيق والنجاح في مشواره وني أفكاره وطموحه ومشاريعه ،التى ستعود بالخير العميم على الجميع. هكذا اختتمت هذه التجربة الرائدة القصيرة في عمرها ،الغزيرة في مبناها ولي ثمارها وني تداعياتها. كانت هذه المدرسة بذلك سببا عمليا لأن يتذوق أعيان الإصلاح وعموم المجتمع فوائد التعليم الابتدائي العصري" ويرون ثماره بام أعينهم في أبنائهم بعد ما كانوا مترددين .في الإقدام عليه يقدمون قدما ويؤخرون أخرى .فاقتنعوا بالفكرة. ورأوا ضرورة توسيعها لتشمل جميع تلاميذ المدينة .بل جميع تلاميذ وادي ميزاب. يقول المؤرخ محمد علي دبوز عن ثمرة المدرسة ونتيجتها" :نال الشيخ أبو اليقظان مبتغاه بمدرسته القرآنية العصرية .لقد أذاقت القرارة وميزاب حلاوة وجدوى التعليم العربي العصري مقرونا بالتربية الإسلامية القوية .واشعرهم بضرورة المدارس القرآنية العصرية لهم .هذه المدارس التى تحفظ القرآن ومعه ما يجب من العلوم الدينية والعربية وعلوم الحياة ،وتنشئع نفوسا مهذبة قوية وعقولا مثقفة مدركة .وكون أبو اليقظان للقرارة وميزاب وجنوب الجزائر النظرة الصحيحة إلى هذا النوع من التعليم الذي كان ينفر منه الكثيرون“. هكذا كان الشيخ أبو اليقظان وراء تبنى الحركة الإصلاحية مشروع إنشاء المدارس العربية العصرية ،في كل أرجاء وادي ميزاب وأرجاء الجزائر. (ا) المرجع نفسه :ج .3ص.502 صك.502ج.3الرجع نفسه:)(2 ا05البحث الثاني :التعليم الابتدائي بعد التعريف بهذه المدرسة المتميزة والنوعية وذات الدلالة التاريخية الحضارية ناتي لضبط مفهوم المدرسة العربية العصرية. ( -مفهوم المدرسة العربية العصرية: بعودتنا إلى ما ببن أيدينا من مصادر ومراجع حول حركة التعليم والتربية التي شهدها وادي ميزاب نجد تعاريف عديدة مبثوثة حول مفهوم هذه المدرسةا كما نجد تسميات عديدة لها ،لذا نحن بحاجة إلى ضبط هذه التسمية وضبط مفهومها. مع تعدد تعريفات هذه المصادر .فإننا نستطيع أن نجمع بينها للحصول على التعريف المتكامل للمدرسة العربية التى عرفتها الحركة الإصلاحية. يعرفها الشيخ بالحاج قشار بقوله« :هي مدرسة لا علاقة لها بالتعليم الرسمي. يعتمد في بنائها وتكوينها ومعلميها وأساتذتها وتمويلها على إدارة مكونة من البلد الذي تنشا فيه ،وإدارتها هي التي تهيئ البرامجه‘". ويعرفها الأستاذ حمد دبوز بقوله« :هي مدارس تحفظ القرآن الكريم ومعه ما يجب من العلوم الدينية والعربية وعلوم الحياة وتنشئ نفوسا مهذبة قوية وعقولا مثقفة مدركة.‘‘×6 ويعرفها الأستاذ خضير باباواعمر بقوله :اهي مؤسسة تعليمية عصرية مستقلة استقلالا تاما عن التعليم الرسمي تسعى إلى تحقيق أهداف دينية وتربوية واجتماعية وعلمية. وتعرفها الأستاذة مهدية طلاي بقولها« :هى مدارس تعمل تحت إشراف هيئة العزابة ،ويعتبر نشاط هذه المدارس تكميليا تقوم بهؤ في غير اوقات الدراسة ) (1نقلا عن :بشير مرموري :تعليم البنات في ميزاب بين الأصالة والحداثة .دراسة لميكانيزمات التغيير في الواقع الاجتماعي ،رسالة ماجستير .علم الاجتماع .جامعة الجزائر كلية العلوم الاجتماعية .س ج: .1002ص.41 -31-0 ص .302( )2دبوز :اعلام الإصلاح .ج. ( )3نقلا عن :الحاج موسى :المدارس الحرة .ص.73 الفصل السادس :الإصلاح التربوي التعليمي502 بالمدرسة الرسمية الوطنية ،وتقوم المدرسة الحرة الإباضية بتعليم الصغار وتحفيظهم القرآن الكريم" وإعدادهم لتلقي العلم عن شيخ العزابة في مختلف المستويات التعليمية" مبتغية في ذلك تنشئة هؤلاء الصغار تنشئة إسلامية إباضيةه". إذن :من خلال الجمع بين هذه التعاريف نستطيع أن تخلص إلى أن المدرسة العربية العصرية هي: مؤسسة تربوية تعليمية اجتماعية للمستوى الابتدائي" تعنى بتحفيظ القرآن الكريم" وتدريس العلوم العربية والشرعية والحياتية ،تسعى لتحقيق أهداف دينية وتربوية واجتماعية وعلمية .وهي تابعة في إدارتها وتمويلها إلى الهيئات العرفية لوادي ميزاب تشرف عليها جمعية خيرية .وهي مستقلة عن التعليم الرسمي من حيث برامجها ومقرراتها وموادها الدراسية وسياستها التعليمية. كما ينبغي أن نسجل أن هذه المدرسة شهدت عدة مراحل لتطورها بين العهد الاستعماري وعهد الاستقلال ،واثر ذلك على تحديد مفهومها وتعريفهاء ونسجل هنا أن تعريفنا هذا يتعلق بوجه أخص بمفهوم هذه المدرسة في عهدها الأول وقت الاستعمار. ناتي الآن لضبط مميزات هذه المدرسة الى سعت الحركة الإصلاحية لإنشاء ماذج كثيرة منها على نطاق واسع خلال الفترة الاستعمارية. إذن :عند ضبط أطول تسمية لها نقول بأنها: المدرسة القرآنية العربية العصرية النظامية الحرة. فماذا تعنى كل كلمة في هذه التسمية .وما هي أوجه التميز والتجدد فيها: -المدرسة :إشارة إلى أن التعليم ابتدائي أولي متعلق بالناشئة في مرحلتها التعليمية الأولى .وعادة ما يكون فيها سبع سنوات اتباعا للتعليم الفرنسي الذي ( )1مهدية طلاي :المدرسة الإباضية الحرةء دراسة حالة المدرسة الجابرية ،مذكرة ليسانس جامعة الجزانر .7ص6۔.3991-2معهد علم الاجتماع .س ج 305البحث الثاني :التعليم الابتدائي كان فيه سبع سنوات كذلك‘ وهو يبتدئ من السن السادسة للتلميذ إلى السن الثالثة عشر من عمره. -القرآنية :إشارة إلى تبنيها تحفيظ القرآن الكريم وعنايتها به ،وتعليمها العلوم الشرعية الضرورية التي يحتاج إليها التلميذ. _ العربية :إشارة إلى أن التعليم في أساسه عربي ،يدرس مواد اللسان العربي ويعتمد اللغة العربية في تدريس المواد الأخرى ،كما أن هذه الكلمة وجدت لتقابل التعليم الفرنسي. -العصرية :إشارة إلى التطوير الحاصل فيها أو الذي أدخلته الحركة الإصلاحية عليها ،الذي استفادت الكثير منه من المدارس التونسية فسارت على نهجه واقتفت طريقه ،ولتمييزها عن الكتاتيب السائدة. هذا التجديد والتطوير الذي يمكن أن نحصر في الجوانب الآتية: من حيث الواد المدرسة :إضافة علوم الحياة من حساب وجبر ورياضيات[ وجغرافيا وعلوم الطبيعة وعلوم الأشياء ،والرياضة البدنية. - 2من حيث الوسائل :تجهيز المدرسة بالطاولات والكراسي والسبورة والطباشير ،وتزويد التلاميذ بالألواح والكراريس والأدوات والكتبؤ وبقية الأدوات المساعدة للمعلم والتلاميذ للقيام بالعملية التربوية على أحسن وجه. 3۔ من حيث المصادر والمراجع :اعتماد مقررات وبرامج دراسية مشرقية تونسية ومصرية ولبنانية ،والتركيز على التجربة التونسية لقربها ولمعاينتها. 4من حيث أساليب التدريس :اعتماد أسلوب الحوار والنقاش وطرح الأسئلة واختبار قدرات التلاميذ" وتنمية مواهبهمإ واعتماد أسلوب تحبيب العلم للتلميذ ،والمعاملة اللائقة له ومصاحبته ومعاشرته داخل المدرسة وخارجها. واعتماد اسلوب التأثير في سلوكه وأخلاقه بواسطة التربية بالقدوة وغرس الأخلاق في نفسه وطبع شخصية المعلم فيه. نمصل السادس :الإصلاح التربوي التعليمي504 ؟ ۔ من حيث الإدارة والتسيير :اعتماد نظام مراقبة التلاميذ ومحاسبتهم على الحضور والغياب والتأخر والانضباط في الوقت .وتنظيم أوقات الدراسة لتصبح بعد الفجر بمقدار ساعتين .وفي الأمسية بمقدار ثلاث ساعات والدراسة في سائر يام الأسبوع والتعطل يومي الخميس والجمعة .والتزام المعلم بتدريس قسم واحد لسنة دراسية كاملة .دون انقطاع وسط السنة أو تغيير عشوائي غير منظم للمعلمين .واعتماد نظام الطبقات أو المستويات ،وتقسيم المدرسة إلى سبعة مستويات يسمى المستوى الآول الأدنى بالمستوى السابع وهكذا صعودا إلى المستوى الأعلى الذي يسمى المستوى الأول .واعتماد نظام الامتحانات والعطل الأسبوعية والسنوية .واعتماد الانتقال والنجاح والرسوب. _ النظامية :إشارة وتأكيدا على كونها ذات إدارة مسيرة وذات برامج ومستويات ونظام متبع محكم ومراقبة مستمرة للعملية التربوية. -الحرة :لعل كلمة حرة ظهرت إشارة وتمييزا وتفريقا بينها وبين التعليم الفرنسي الذي كان إجباريا رسميا تابعا للسلطات الاستعمارية الحاكمة فكان هذا التعليم مقابلا له بكونه حرا ،غير تابع لسلطة الدولة ومستقلا عنها في إدارته وبرامجه وسياسته التربوية ،كما هو مستقل عنها في مصدر تمويله ،فهو يعتمد على تبرعات المحسنين ،واشتراكات الأولياء. نورد هنا مقتطفات من كلام الأسناذ محمد علي دبوز موضحا بعض جوانب هذا التميز والتطوير الذي عرفته المدارس الإصلاحية إذ يقول: "من أنواع الإصلاح المهمة التي قام بها أعلام الإصلاح في الجزائر إصلاح التربية والتعليم العربي في الجزائر ،لقد كانت التربية قاصرة لا تعتنى بكل النواحي في التلميذ ،سيما عقله فتستعمله ليرقى وتمرنه ليتفتح ،ولا تعلمه الشجاعة الأدبية والاعتماد على النفس والارتقاء بها ...وكانت تلك التربية القديمة القاصرة لا تعتني بفصاحة اللسان وبلاغة القلم وتكوين الذوق الأدبي في الطالب وأكثر عنايتها بالذاكرة تحشوها بمحفوظات في العلوم لا يفهمها 505البحث الثاني :التعليم الابتدائي التلاميذ...فجاء أعلام الإصلاح ...فاعتنوا بالتربية العقلية والخلقية في معاهدهم فكانوا يستعملون عقول الطلبة في وقت الدرس بأاساليبهم الحكيمة التى تستدعي عمل عقل الطالب ونشاطه ...وعودوهم قراءة الكتب الدسمة في الأدب والاجتماع والشريعة والتاريخ وغيرها ،وأذاقوهم حلاوة هذه الفنون في دروسهم ...واعتنوا بالتربية الراسخة بإيجائهم القوي وبالجو الديني الذي يملا معاهدهم وبدروسهم في الشريعةه؛"'. هذا عن مفهوم المدرسة العربية العصرية وعن جوانب تجددها وتميزها على التعليم الذي كان سائدا من ذي قبل .الذي سعت الحركة الإصلاحية وبذلت جهودا جبارة مضنية متواصلة لبثه في كل أرجاء المجتمع وضم كل أبنائها إليه ،والاعتماد عليه في غرس قيم الشخصية العربية الإسلامية في الأجيال وتنشتتهم عليها. ناتي بعد ذلك لنطلع على الجهود التي بذلت في سبيل إيجاد هذا النوع من التعليم على أرض الواقع: -4جهود الحركة الإصلاحية في سبيل التعليم الابتدائي: ابتدأت الجهود الفعلية للحركة الإصلاحية في ميدان التربية والتعليم مع مطلع العشرية الثالثة من القرن العشرين بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى" حيث كان الشعور العام مهيأ للدخول في دعاية واسعة لتصحيح جملة من المفاهيم الخاطئة المترسبة في أذهان جماهير الناس حول التعليم 6بفضل الأحداث العامة التى مر بها العالم ومرت بها المنطقة .وبفضل الاحتكاك المباشر بالأوساط الخارجية ،وبفضل الجهود السابقة للإصلاح. شن مشايخ الحركة الإصلاحية دعاية واسعة استعملوا فيها منابر المساجد واللقاءات والمناسبات والمحافل الاجتماعية المختلفة" وعقدوا الرحلات إلى مدن الشمال حيث توجد تجمعات التجار الميزابيين ،لتصحيح النظرة الخاطئة عن التعليم ا .8 ص()-8۔دبور :إعلام الإصلاح .ج.((1 الاصلاح التربوي التعليميالفصل السادس:5006 وعن الجدوى منه ،ومحاربة اللامبالاة به .حيث كان الناس في عمومهم لا يولون أي أهمية لتعليم أبنائهم .فلا يتابعونهم في دراستهم ،ويزهدون في مواصلة تعليمهم ويقطعونهم وسط الطريق وأحيانا في أوله" فيبقون محرومين منه ،و يسارعون بهم إلى الأشغال والأعمال في حقول الفلاحة وفي المتاجر والحرفؤ فبقي عموم المجتمع ضعيف التكوين. يقول الشيخ أبو اليقظان عن هذه الحال« :إن أغلبية أبناء الأمة يرون أن السعادة والحياة لا تتوقف علئ العلم والتعليم" وإنما تتوقف على المال ووفرة الجاه ،ولا دخل للعلم في العز والحياة ،بل ربما رأى البعض العلم عائقا في سبيل تحصيل المال ،وهذا هو السر في الزهد العام تقريبا من الأمة في العلم والرضا بالجهله.'"١‏ أضف إلى ذلك أن الحالة العامة للتعليم كانت متردية ضعيفة لا تلبي الطلب" بقيت جامدة على حالها لم تشهد أي تطور لمدة زمنية طويلة. يقول الشيخ عبد الرحمن بكلي مصورا هذه الوضعية« :أما التعليم في وقتنا فقد كاد ضوؤه ينطفئ إن لم نقل إنه انطفا تماما ،كيف يزدهر وغالب من يزعم أنه المتعاطي له يسلك طريقة عقيمة لا تنتج نتيجة ولو استمرت عمر نوح؟ أم كيف يزدهر والأفراد الذين وفقوا إلى طريقة من طرقه المنتجة تشن عليهم الغارات ليل نهار ،ويرشقون بنبال التخطئة؟ أم كيف تزدهر ومجموع أفراد تينك الطريقتين لا تبلغ واحدا في المائة على أن عشر ذلك المجموع لم ينقطع إليه كمال الانقطاعا. استمرت هذه الحملة الدعائية الواسعة للحركة الإصلاحية خلال كل سنوات العشرينيات والثلاثينيات لإقناع الناس بجدوى التعليم ،وعدم انغماسهم في الحياة المادية على خساب حياة العلم والأخذ بأسباب التمكين العصرية ،كما كانوا ني كثير من الأحيان يتصلون مباشرة بارباب العائلات ورؤساء العشائر ليقنعوا ( )1ابو اليقظان :جريدة وادي ميزاب .عدد.501تاريخ.6291 /01 /71: ( )2بكلي :جريدة وادي ميزاب ع .2تاريخ.6291 /01 /80 : 705البحث الثاني :التعليم الابتدائي الأولياء بترك أحد الأبناء النجباء لمواصلة دراسته إذا لاحظوا عليه سمات التفوق والنبوغ والرغبة في الاستزادة من العلم وقدرته وحماسه لذلك فينتزعونه من والده انتزاعا .وريما تتدخل عشيرته لإقناعه‘ وربما تتولى تحمل نفقات دراسته وربما تتحمل نفقات أسرته إن كانت فقيرة غير قادرة على أن تعول نفسها". كان معظم مواضيع الذروس والاجتماعات خلال العشرينيات والثلاثينيات حول أهمية التعليم وجدواه ،والتحذير من تضبيعه والتقصير فيه. من جهة أخرى وجه أعلام الإصلاح حملتهم الدعائية إلى توعية الجماهير بضرورة تمويل هنه المدارس والمشاركة بتبرعاتهم واشتراكاتهم لتغطية مصاريفها .فكانت دروس الشيخ بيوض تدعو للإنفاق بسخاء على بناء هياكلها وتجهيز أقسامها واستكمال مرافقها ،وتغطية مصاريف إدارتها وصرف مرتبات معلميها وأساتذتها. يقول الشيخ بيوض مخاطبا الجماهير في أحد اجتماعاته في بلدة غرداية سنة 1 449 /4631م" :إخواني الأعزاء لقد رايتم نتائج العلم الحميدة ،فهل أنتم مستعدون لخدمته بصدق وإخلاص هل أنتم مؤيدون مشاريعه بالإنفاق في سبيلها؟ ما للبعض يبخلون وتنقبض أيديهم عن الإنفاق؟ لو أنفقنا عشر ما ننفقه على الشاي والقهوة ...لوفرنا للعلم ومشاريعه ملايين كل سنة ،ولبلغنا غايتنا منذ زمن بعيد .على المعلمين أن يعلموا وعلى الآباء أن ينفقوا بسخاء .لم تقم هذه المدارس وابنيتها الشاة بلا شيء ولا أدواتها اللازمة لها .وجهازها الضروري الغالى أنفقوا على هذه المدارس والمعاهد قبل أن تنفقوا على ضروريات المعاشة اهتموا بأرواح أبنائكم قبل أن تهتموا بأجسامهم ...إن الإنفاق في التعلم رأس الصدقة .وعبادة كبرى ،وهو سبب الزيادة والبركة في المال وفي كل نعم الله للمنفقهة.. ا .8دبوز :إعلام الإصلاح .ج .3ص08۔)(1 [ا.701-ص60دبور :أعلام الإصلاح .ج.4)(2 التزبوي التعليميالاصلاحالفصل السادس:508 مثل هذا الجهد وهذه الدعاية خلال هذه الفترة إحدى أبرز واجهات الحراك الاجتماعي والنشاط الميداني واللقاءات الجماهيرية للحركة الإصلاحية. في خضم هذه الحملة الدعائية الواسعة والجهود المبذولة لتوعية الناس وتصحيح مفاهيمهم حول التعليم وحول المدارس العصرية كان رموز تيار الجمود والمحافظة يقفون بالمرصاد ضد هذه الجهود ،ويعملون على عرقلتها وعلى تسفيهها وعلى تشويهها لدى الجماهير .فهم لم يقتنعوا بهذا التجديد في التعليم" ولم يرضوا بفتح المدارس العصرية ،ويدعون إلى الإبقاء على الكتاتيب والمحاضر فقط والاكتفاء بها دون سواها ،فكانوا يصورون للناس أن هذه المدارس بدع وانحراف عن النهج القويم والطريق المستقيم الذي تركه المشايخ والأجداد ،وأنها تقليد للكفار وتأثر بهم. واستعمال لوسائلهم من الطاولات والكراسي والآأدوات‘ وأساليب التدريس. وتقليدهم في تدريس العلوم العصرية الحياتية التى هي من علوم الدنيا وزخرفها ،فهي بالتالي ستؤثر سلبا في الأجيال ،وستفسد دينهم وعقيدتهم وأخلاقهم. كانت منابر مساجد تيار الجمود تقود حملة دعائية معاكسة لدعوة المصلحين فتسمي هذه المدارس ب" :المهارس“ ،وتصورها لعامة الناس أوكارا لإفساد الطبائع والأخلاق" والضلال عن الدين والمذهب والأعراف والتقاليد(". من جهة اخرى كان العدو الثاني المتربص بهذه المدارس هم الحكام العسكريون الذي أصدروا تعليماتهم لمنع أي نشاط للمدارس العربية وغلق أبوابها 6إلا برخص تسلمها مصالحها ،يتعسر بل يكاد يستحيل الحصول عليها. فكانوا يراقبون ويلاحقون ويغلقون ويغرمون ويسجنون ويعذبون. لذا كانت هذه المدارس بادئ أمرها تنشط في جو مفعم بالتحديات ،يحجفها الكثير من الحذر والمخاطر والمضايقات من الحكام العسكريين ومن أذنابهم من الشيخ بيوضسكحال:ص.62جك.ا . 371 -دبوز :الملزلجع نفسه6 ص46 بكلي :مسيرة إصلاح.((1 . ومنهجه ف الإصلاح .ص00 905البحث الثاني :التعليم الابتدائي القياد ومعاونيهم .فاضطر القائمون عليها لاستعمال أساليب المراوغات والحيل للتمويه على نشاطهم وللحفاظ على مدارسهم. تارة كانت توهم الحكام العسكريين بان مدارسها مجرد كتاتيب قرآنية تقليدية. كانت موجودة من ذي قبل ،وتارة تفتحها بجوار المسجد لصيقة به؛ حتى تكون محسوبة على مرافقه وعلى نشاطه فتحفظ من المتابعة وتنجو من المراقبة .وتارة كانت تلجا إلى مراقبة تحركات الحكام العسكريين وأعينهم .وبمجرد سماعها بزيارتهم للبلدة أو اقترابهم لناحية مدرستها فإنها تعلن في التلاميذ تعطل الدراسة. وتامرهم بالبقاء في البيوت وعدم التجمع أمام المدرسة حتى تنتهي هذه الزيارة ويغادر الحاكم وأعينه البلدة أو المكان"‘. إن هذه الأوضاع التى تحركت فيها عجلة النهضة الإصلاحية بين جبهتين معارضتين داخلية وخارجية ليكشف عن مدى التضحيات وعن مدى الصبر والأناة الذي لاقاه هؤلاء الرجال وتحملوه في سبيل القيام بهذه المهمة النبيلة واداء هذه الأمانة الثقيلة. كانت هذه المتابعات والمضايقات من الحكام العسكريين سببا ودافعا قويا لتسعى الحركة الإصلاحية لتاسيس جمعياتها الخيرية الراعية هذا التعليم والقائمة على هذه المدارس من خلال مطالبة السلطات الاستعمارية باعتمادها بصفة قانونية .حتى تسمح لها بالنشاط الخيري الاجتماعي الثقافي بطرق شفافة علنية في إطار القانون وضوابطه وحمايته. لأجل الحصول على ترخيص اعتماد هذه الجمعيات عاش رجال الإصلاح ألوانا أخرى من العراقيل والمماطلات‘ وشهدوا فصولا من التضحيات والأتعاب على المستوى المحلى والوطني وحتى على مستوى الإدارة المركزية بباريس .حتى تمكنوا من بغيتهم وحموا مدارسهم وأداروها في أجواء أكثر أمانا واستقراراة. .2124۔ صالتعليم القومي. تركي:كتاب: ضمنالتعليم العربي .منشورتقرير حول‏)( ١بيوض: ( )2المرجع نفسه :ص .224 -124بكلي :مسيرة إصلاح .ص-١07‏ .771 الفصل السادس :الإصلاح التربوي التعليمي510 ناتي الآن إلى استعراض المدارس التي تمكنت الحركة الإصلاحية من تأسيسها. وإلى عرض بعض إحصائياتها. د-مدارس الحركة الإصلاحية: أثمرت الجهود المبذولة منجزات حضارية ضخمة في الميدان" مكنت أجيالا متعاقبة من نهاية العشرينيات وبداية الثلاثينيات إلى حد اليوم من نيل تكوين عميق وتربية متزنة في هذه المدارس العظيمة التى لا تزال تؤدي رسالتهاء حيث فتحت في كل بلدة في وادي ميزاب مدرسة وكذا ف الكثير من مدن الجزائر حيث توجد أسر معتبرة مقيمة مع أبنائها مستقرة بها للعيش والعمل. يحسن أن نعرض هنا تقرير الشيخ بيوض عن هذه المدارس ،الذي أرسله في تاريخ::ربيع الأول 3931ه /ماي 3791م إلى الدكتور رابح تركي بطلب منه عندما كان بصدد إعداد أطروحته حول التعليم القومي والشخصية الجزائرية في القاهرة .وهو يعود إلى أوائل الخمسينيات كما أشار الدكتور رابح تركي إلى ذلك". عدد التلاميذعدد المعلميناسم المدرسة 55370مدرسة غرداية 35230.مدرسة بريان 41661امدرسة القرارة 001.60مدرسة العطف 43.30مدرسة بنورة 0430مدرسة مليكة ) (1تركي :التعليم القومي" ص.693 -593 115} للبحث الثاني :التعليم الابتدائي 02140مدرسة بنى يزقن 0820مدرسة قستطينة 4520مدرسة بسكرة 2320مدرسة سطيف 5310مدرسة العلمة 04. 2مدرسة عنابة 91. 10مدرسة تبسة 9110مدرسة بوسعادة 9210.مدرسة مستغامم [4|10مدرسة تيارت 0310مدرسة سوق أهراس 13َ20مدرسة الجزائر 8210مدرسة بلكور 34ا20مدرسة البليدة 327مدرسة غليزان وجامعة والمخير وباتنة وسكيكدةكما توجد مدرسة في كل من مدينة تقرت لوبجاية والحراش ووهران وعين البيضاء والمنيعة وررقلة إلا أن الشيخ بيوض يتمكن من ضبط إحصانياتها آنذاك("“. التعليمبعد هذا نستعرض بعض جهود الحركة الإصلاحية ف تطوير هذا ا لابتدائي : .6تركي :التعليم القومي ،ص593۔)(1 الفصل السادس :الإصلاح التربوي التعليمي512 - 6جهود الحركة الإصلاحية في تطوير التعليم الابتدائي: بعد أن أثمرت الجهود مدارس مبثوثة في كل أرجاء الجزائر ووادي ميزاب واستطاعت أن تضم إلى صفوفها آلاف التلاميذ وعشرات المعلمين والأساتذة فإن المشروع التربوي الابتدائي قد كبر وتوسع واصبح بحاجة مستمرة إلى المتابعة والتطوير للتحكم فيها والسير به نحو الأحسن دائما. إذ أن جل المدرسين والمعلمين من تلاميذ الحركة الإصلاحية وخريجي معاهدها وبعثاتها في الخارج لذا فإن الفكر والروح الذي يحمله هؤلاء هو فكر متقارب منسجم ينهل من منبع واحد هو الفكر الإصلاحي وتوجيهات علمائه ومشايخه۔ إلا أن هؤلاء المعلمين كانوا ينشطون في مدارسهم بنوع من الحرية في تقرير البرامج واختيار المقررات مع استفادة بعضهم من بعض والتواصل الوثيق الذي كان يجمع بينهم .مع بقاء الإطار العام مشتركا متفقا عليه متمثلا في تدريس العلوم الشرعية والعربية والعصرية بطرق حديثة وفق الجوانب التى استعرضناها سابقا. إلا أن الحركة الإصلاحية رأت ضرورة مواكبة هذا التطور ورعايته ومتابعة مساره وضبطه أكثرؤ وعدم الجمود على المستوى نفسه الذي وصلته ،وعدم البقاء على الوتيرة نفسها التي انطلقت منه .فاي مشروع أو عمل إذا لم يكن في زيادة مستمرة فهو في نقصان ،والجمود على مستوى من النجاح يتحول مع الوقت للى تأخر وفشل وإخفاق. هذا ما جعلها ترى ضرورة إنشاء رابطة تربوية تجمع بين كل معلمي هذه المدارس ومديريها وتنظم لهم اجتماعات دورية ،وملتقيات سنوية يتدارسون فيها أوضاع التعليم ومستجداته .ويتبادلون فيها وجهات النظر حول إشكاليات. ويتعاونون على إيجاد حلول مشتركة لها ،ويستفيدون من خبرات وتبارب بعضهم البعض .فتتحسن العملية التربوية وتتجدد أساليبها وتحل إشكالياته.“"١‏ ( )1مجموعة من الأساتذة :القانون الأساسي لوحدة التعليم العربي بميزاب (الجحزائر) واللائحة الداخلية. 315البحث الثاني :التعليم الابتدائي كانت اجتماعات عامة تعقد في صائفة كل سنة في إحدى قرى وادي ميزاب يحضرها المعلمون من كل مدارس الإصلاح في أرجاء الجزائر ،فيدوم ملتقاهم يومين كاملين يرعاه علماء الإصلاح ومشايخه وكبار أعيانه٧‏ فيكون حدثا عظيما تولى له أهمية كبرى ،يخرج المجتمعون في الأخير باقتراحات وتوصيات عملية يلتزم الجميع بتطبيقها بداية من السنة الدراسية المقبلة". كما شهد هذا الجهد خطوة إضافية أخرى خلال الأربعينيات إذ استحدث الحركة الإصلاحية قانون وحدة التعليم ،الذي عمل على توحيد البرامج والمقررات نهائيا بين كل مدارس الإصلاحل ،كما عينت مفتشا عاما لها هو الشيخ عدون شريفي يزور كل هذه المدارس ويطوف عليها مرة في كل سنة يعاين سير العملية التربوية ويتابع مدى التزام المعلمين والمديرين بتطبيق توصيات الملتقيات ونتائج أعمال وحدة التعليم" وينصح ويوجه ويرشد ويقوم نشاط المعلمين؛ خاصة الجدد منهم الذين يلتحقون بهذه المسيرة في كل سنة مع توسع حركة التعليم ،وبعد ذلك يقدم تقريرا مفصلا عن كل هذه الزيارة وعن ملاحظاته وتقويمه لكل مدرسة على حدة إلى الهيئات العرفية لوادي ميزاب© وإلى مشايخ الحركة الإصلاحية. هذه هي خلاصة جهود الحركة الإصلاحية في سبيل تطوير التعليم العربي الابتدائي ورعايته. لنا أن نتساءل الآن عن مواقف الحركة الإصلاحية وجهودها في سبيل التعليم الفرنسي فيم تنمثل؟ ( )) 1سكحال :الشيخ بيوض ومنهجه ف الإصلاح .ص.1 20 ( )2مجموعة من الأساتذة :المرجع السابق. [.8دبوز :أعلام الإصلاح .ج .4ص . 1 50بيوض :تقرير حول التعليمص08۔شريفي7 :)(3 العربي ،منشور ضمن كتاب-:تركي :التعليم القومي ،ص.224 -2 1آل حكيم :مقابلة مع شاهد القرن6 ص .[ 30ص 9ا .سكحال :الرجع السابق. 35 الفصل السادس :الإصلاح التربوي التعليمي514 -7جهود الحركة الإصلاحية في التتليم الفرنسي: لا بد من الإشارة ان الحركة الإصلاحية إضافة إلى عنايتها بالتعلم العربي القرآني فإنها لم تهمل التعليم الفرنسي بل كان لها منه موقف ورؤية متميزة عما كان سائدا آنذاك في وادي ميزاب هذا ما يكشف عبن استقلالية فكرها ونضجه ،وعدم اكتفائه بالتقليدش وركونه للقديم. نورد هنا خلاصة هذه المواقف والجهود: تكلمنا فيما سبق عن التعليم الفرنسي فقلنا إنه دخل ميزاب مع احتلاله وإلحاقه بالحكم العسكري سنة 0031ه .2881 /فسارع إلى فتح مكاتب تعليمية له في كل قرى وادي ميزاب‘ كما رخص للآباء والأخوات البيض بفتح مدارس خاصة بهم ،كما فتح أيضا مدارس للتكوين في الحرف والمهن والصنائع. إلا أن الميزابيين عرف عنهم موقف معاد سلي تجاه كل هذا النوع من التعليم. فعملوا على مقاطعته بكل أشكاله ،وشن العزابة والمشايخ عليه حملة دعائية شديدة عنيفة؛ حتى لا يفكر احد في إلحاق أبنائه به .حيث راوا فيه أنه مصدر للشر كله. وآن لا خير فيه ،إذ إن الاستعمار أوجده أساسا بغرض مسخ شخصية أبنائهم الإسلامية العربية ،وإبعادهم عن دينهم وتقاليدهم وعوائدهم. ونظرا إلى أن السلطات الاستعمارية سنت قوانين إجبارية هذا التعليم على كل أبناء الجزائر ،فكانت ترغم الأولياء على إلحاق ابنائهم به وتمنع أي تعليم آخر في أوقاته ،وتغرم الأولياء المتهربين منه. مع كل ذلك استمرت مقاطعة الميزابيين له إذ كانوا يتخذون عدة طرق وحيل لإبقاء أبنائهم بعيدين عنه‘ منها تهريبهم إلى بساتينهم في ضواحي المدينة وإخفائهم فيها أيام التسجيل ومنها تهريبهم إلى مدن الشمال حينما يحين وقت الدخول المدرسي ومنها دفع الآموال والرشاوي لممثلي الحكم العسكري من ”القياد“ وأعوانهم لغض الطرف عن أبنائهم ،ومنها دفع 515البحث الثاني :التعليم الابتدائي أبنائهم فيها بدلا عنه.", استمرت هذه الحال إلى نهاية العشرينيات من القرن العشرين" حيث جلس قادة ا لإصلاح وعلى رأسهم الشيخ بيوض للمداولة في الموضوع ودراسته بعمق وبموضوعية وجدية ومصلحية ،فقلبوا أوجهه ،وتبادلوا الآراء حوله ،فخلصوا في الأخير إلى أن المجتمع هو الخاسر الأكبر من هذه الممانعة والمقاطعة ،ومن هذا الموقف السلبي العام من التعليم الفرنسي ،وأن هذا الأمر ليس في صالحهم ولا في صالح الأجيال الصاعدة .وأنه لا بد من اتخاذ خطوات عملية جريئة لتغيير هذا الوضع وتصحيح المفاهيم لدى جماهير الناس في نظرتهم إل هذا التعليم بكونه شرا كله .لا فائدة ترجى من ورائه كما يصوره هم شيوخ وعزابة مساجد تيار الجمود والمعارضة. إذ أدركوا بنظرتهم الموضوعية الفاحصة أن هذه المدارس أصبحت أمرا واقعا لا يمكن تباوزه ولا القفز عليه باي حال من الأحوال ،كما أدركوا أن الأمة بحاجة ماسة إلى أن تكون ابناءها وتدرسهم اللغة الفرنسية والعلوم العصرية الحياتية التي تعتني بها هذه المدارس ،وأنه من الخط الجسيم إبقاء الوضع على حالته الراهنة ،كما أن إدارات الاستعمار كلها تتعامل باللغة الفرنسية وليس من المعقول أن تبقى الأجيال جاهلة للغته عاجزة على قضاء مصالحها ومآربها منها. من جهة أخرى أصبحت السلطات الاستعمارية تشترط في تولي أي وظيفة في مصالها الإدارية الحلية حصول صاحبها على شهادة التعليم الابتدائي من مدارسها الفرنسية ،فلا يمكن أن يبقى أبناء الأمة خارج هذه الوظائف بعيدين عن تولى هذه المناصب بسبب هذه المقاطعة وغيرهم يتدافعون عليها ويسارعون إليها. ص .11 6بكلي:سكحال :الشيخ بيوض ومنهجه ف الاصلاح.ص.43دبوز :أعلام الإصلاح .جك.)(1 مسيرة إصلاح .ص.571 -371 الفصل السادس :الإصلاح التربوي التعليمي516 .كما أنه بواسطة هذه الشهادات الابتدائية الفرنسية يكون باستطاعة الأجيال مواصلة مشوارهم الدراسي في الثانويات والجامعات الفرنسية والتخصص في العلوم الحياتية العصرية الضرورية من الطب والصيدلة والقانون والتجارة ،لأجل إعداد الكفاءات والإطارات والتخلص من التبعية الدائمة للمستعمر ولليهود الملستحوذين على كل هذه المجالات الحيوية التى لا يمكن الاستغناء عنها باي حال ‏١من الأحوال(". إن هذه الدراسة التحليلية التشريحية للوضع السائد في المجتمع تجاه التعليم الفرنسي ترك أعلام الإصلاح يخلصون إلى قناعة إنهاء هذه المقاطعة بأي طريقة كانت وفي أسرع وقت ممكن .حتى لا تضيع المزيد من الأوقات و حتى لا تذهب المزيد من الأجيال ضحية هذه النظرة القاصرة الخاطئة .وضحية الجمود والتعنت والتزمتؤ فلا بد من تغيير الوضع القائم بمختلف السبل والوسائل. عزموا على قلب نظرة المجتمع تجاه هذه القضية رأسا على عقب وتحويل زاويتها بمقدار مائة وثمانين درجة. أعلنها الشيخ بيوض حملة دعائية واسعة شديدة قوية استعمل فيها منابر المساجد والمحافل الاجتماعية المتاحة بين يديه ،داعيا فيها إلى ضرورة إلحاق كل التلاميذ بالمدارس الفرنسية ،وضرورة إيقاف مقاطعتهاء وضرورة تغيير النظرة إليها. وضرورة حرص الأولياء على متابعة أبنائهم في دراستهم حتى حصولهم على شهادة التعليم الابتدائي الفرنسى. أشاع الشيخ بيوض دعايته حول التعليم الفرنسي في كل قرى وادي ميزاب وفي أرجاء الجزائر حيثما حل وارتحل وكان يحضر بنفسه في بلدته القرارة يوم فتح مكاتب التعليم الفرنسي لتسجيل التلاميذ الجدد فيطمئن على قبولهم كلهم وعدم . 1 1 ص7الإصلاح. ومنهجه ف الشيخ بيوض .3 5سكحال:ص43۔دبور :أعلام الإصلاح .جك.) ( 1 ص.43جك.دبوز :المرجع نفسه)(2 715 .البحث الثاني :التعليم الابتدائي رد أي واحد منهم بسبب من الأسباب ،ويبقى مرافقا للجنة التسجيل الفرنسية حتى تنهي عملها ويتأكد من إلحاق كل أبنائه التلاميذه(". ي حقيقة الأمر كان هذا الموقف الجريء وهذا التغير الجذري على ما هو سائد والثورة عليه ،يشكل حرجا كبيرا للحركة الإصلاحية وعلى رأسها الشيخ بيوض© وكان اختبارا عسيرا لقياس شعبيته ومدى استعداد الناس للمضي مع أفكاره الثورية ومواقفه التجديدية 5الى تحدث هزات اجتماعية عنيفة وارتدادات فكرية شديدة .إذ يبدو أن تيار المحافظة والجمود استغرب هذا التحدي‘ ،وهذه الرغبة القوية الجامحة في المغايرة والاختلاف التي وصل إليها تيار الإصلاح وعلى رأسه زعيمه الشيخ بيوض هذا ما جعله يفقد أعصابه ويثور هو الآخر ثورة عارمة على هذا الموقف ويعلنها حربا هائجة على هذا التوجه المفاجئ" وعلى هذه الأفكار المنحرفة الخطيرة ،التى اعتبرها مروقا من الدين ورقة فيه‘ ودفعا باجيال الأمة إلى حافة الملاك بإلقائهم في ايدي الكفرة والمشركين ليصوغوهم وفق أهوائهم وحسب ملتهم وعقيدتهم الباطلة وأخلاقهم الفاسدة. إلا أن الشيخ بيوض بشخصيته القوية المتحدية المعهودة ،وبثقته بنفسه وبإيمانه بموقفه الذي أقدم عليه فإنه لم يابه بهم البتةؤ ولم يحرك لهم ساكنا ولم يتاخر خطوة ولم يتردد قيد أنملة ،إذ يبدو أنه كان ينتظر منهم هذه الرجة العنيفة ويتوقع هذه المجمة المضادة فواصل طريقه في حشد الدعم للتعليم الفرنسي وإقناع الناس جدواه وفوائده ،ولم ينتظر من تيار الجمود أن يوافقه أو ياخذ منه الضوء الأخضر. إذ إن الشيخ بيوض هنا وازن بين المفاسد والمصالح .ورأى أن مصالح هذا التعليم أكثر بكثير من منماسده ،وأن المفاسد المحتملة منه يمكن تلافيها ومعالجتها عن طريق دعم التعليم العربي القرآتي في المدارس الحرة التي سار فيها خطوات جبارة وأصبحت معلما حضاريا بارزا قائما بذاته" تعهد إليه مهمة غرس قيم الإسلام ص.63جك.دبور :أعلام الإصلاح)(1 .11ومنهجه ف الإصلاح .صالشيخ بيوضص.34سكحال:ديور :المرجع نفسه ج.5)(2 الفصل السادس :الإصلاح التربوي التعليمي518 والأخلاق وبناء الشخصية العربية الإسلامية في نفوس الناشئة ،مما لا يبقي أي خوف عليهم. هكذا أصبحت الناشئة في وادي ميزاب تتلقى تعليمين متوازيين ومتكاملين: تعليما عربيا .وتعليما فرنسيا. تعليم عربي يبتدئون به يومهم بعد صلاة الفجر مباشرة بمقدار ساعتين لحفظ القرآن الكريم واستظهاره ،ثم يذهبون في صبيحة اليوم إلى التعليم الفرنسي لتلقي مختلف العلوم في المواد العصرية وتعلم اللغة الفرنسية ،وفي المساء يعودون إلى التعليم العربي للدراسة مقدار ثلاث ساعات يتلقون فيها غتلف العلوم العربية والشرعية ،التي تحصن شخصيتهم وتعمل على تربية نفوسهم وتقويم سلوكهم. لقد غيرت دعوات ا لإصلاح نظرة وادي ميزاب إلى التعليم الفرنسي وآنت أكلها بإلحاق العدد الأكبر من التلاميذ به ،إذ إن الإحصائيات الموجودة تكشف عن الزيادة المطردة لأعداد التلاميذ في مكاتب التعليم الفرنسى«"‘. خلال الأربعينيات اكتظت الأقسام ومدارس التعليم الفرنسي بالتلاميذ حتى أصبحت عاجزة على ضم أعداد من المقبلين عليها ،هذا ما جعل من أعلام الإصلاح يتقدمون بطلباتهم إلى الإدارات المحلية للسلطات الفرنسية بطلب توسيع مدارسها وبناء أقسام وفروع جديدة لها .ثم أصبحوا يطالبون السلطات الفرنسية بالعناية بهذا التعليم 6وتوفير لوازمه ،وانتقاء المعلمين والمديرين له ،والعمل على تطويره حتى يواكب التعليم الفرنسي الموجود في الشمال بأن يعتمد تدريس كل ((2 .والمقرارتالمواد ويتبع نفس البرامج .5صيراجع :الحاج سعيد :تاريخ بغي مزاب)(1 ( )2بكلي :مسيرة إصلاح ص.781 -671دبوز :أعلام الاصلاح .جك .ص .34سكحال :الشيخ بيوض .11ومنهجه ف الإصلاح .ص 915البحث الثاني :التعليم الابتدائي وعندما استدعي الشيخ بيوض من قبل لجنة الإصلاحات الفرنسية لمرض مطالب الأمة الميزابية سنة 4631ه4491 /م كان في مقدمة مطالبه :توسيع نطاق التعليم الفرنسي وترقيته‘". كما تحملت حركة الإصلاح بنفسها في أكثر من مرة وأكثر من مكان نفقات بناء بعض المدارس وترميم بعض الأقسام التابعة للتعليم الفرنسي بفرض دفع عجلته والإسراع في إحداث الإصلاحات عليه. عندما بدأت بوادر ثمار هذا التعليم ونتائجه تظهر على الأجيال خفت صوت تيار الجمود لوحده وأوقف معارضته لهذا التعليم وتشنيعه على رجال الإصلاح. ثم الحق أبناءه به. أما بالنسبة للمدارس الخاصة التى يشرف عليها الآباء البيض فإن موقف الإصلاح منها وموقف الشيخ بيوض كان واضحا في معارضتها ورفض إلحاق أبنائهم بها 5لإدراكهم الأهداف التبشيرية المسيحية الخفية من ورائهاى حيث شهدت مقاطعة عامة مستمرة في وادي ميزاب‘ حتى اشتكى القائمون عليه من عدم إقبال ".التلاميذؤ ومن انقطاعهم المفاجئ والسريع في حال التحاق بعضهم هاهنا التقى موقف تيار الإصلاح مع تيار المحافظة في معارضة هذا التعليم.“١‏ اما عن المدارس الفرنسية التى فتحتها للتكوين المهني وتعلم الحرف والصنائع فإن الحركة الإصلاحية والشيخ بيوض قد دعيا إلى الالتحاق بها وحث الأولياء على تسجيل أبنائهم في كل تخصصاتهاء مما سيعود بالفائدة والنفع على المجتمع بتعلمه هذه الحرف الضرورية وتحكمه فيها ،وكسر احتكار اليهود لبعضها وتحضير الأجيال لمستقبل الجزائر. ( )1دبوز :المرجع نفسه ،جك .ص.34 ( )2بكلي :المرجع السابق" ص .781 -671 .702 .1 ص85سصعيل :المرجع السابق.الحاج) 3 ( )4سكحال :المرجع السابق ،ص.221 الإصلاح التربوي التعليمي الفصل السادس:520 يقول الشيخ بيوض عنها وعن أهميتها« :فقد فتحت مدرسة غرداية للصناعات ،وستفتح في شهر أكتوبر الآني مدرسة تبارية‘ ستتلوها بعد قليل مدرسة فلاحية ،فهل من سداد الراي أن يتركها أبناء الوطن ليحتلها غيرهم؟ وهل يتولى إدارات الأعمال بعد اليوم غير المثقفين؟ وهل يكون الإنتاج بغير علم؟ ثم إن طبيعة العمران تقتضي اختصاصيين كثيرين في شتى فنون العلم 6فمن يكون هؤلاء في ميزاب في الغد القريب؟ه". كما تولى الشيخ بيوض بنفسه إرسال بعثة طلابية من بلدته القرارة سنة 9391 ,8م لتتلقى تكوينها في مدرسة التكوين المهني بغرداية وقام برعاية هؤلاء الطلبة حتى تخرجهم ،ثم قام بمساعدتهم لفتح ورشاتهم وانطلاق أشغالهملة. هذه خلاصة أفكار الحركة الإصلاحية ومواقفها وجهودها من التعليم الابتدائي بشقيه العربي والفرنسي. نستطيع أن نقول في الأخير :إن جهودا جبارة بذلتها الحركة الإصلاحية في هذا المجال استمرت لعقود متتالية ولا تزال" كما استطاعت فعلا أن تسير في سياستها التى رسمتها ،وأن تلتزم بتطبيق مفهومها للعملية التربوية في مراعاتها الأبعاد الدينية والخلقية والعلمية والاجتماعية ،كما استطاعت إلى حد بعيد أن تحقق الأهداف التى رسمتها لنفسها في بداية مسارها المتمثلة أساسا في إعداد الأجيال الصالحة القادرة على تحمل الأمانة وأداء الرسالة. .102دبوز :ننههضضةه الجزائر الحديثة .ج.3ص((1 ص . 1 32 الإصلاح.ف سكحال : :منهح الشيخ بيوض)(2 125البحث الثالث :التعليم الثانوي الممحث التالت: التعليم التانوي نتناول في هذا المبحث جهود الحركة الإصلاحية في مجال التعليم الثانوي" ولاشك أن جهودها هنا متمركزة أساسا على مؤسسة معهد الحياة ،لذا فنحن نشأته وتارمخه وأهم ‏ ١لتطورا ت الحاصلة فيه،وا لتعريفبحاجة إل تتبع ظروف بالمؤسسات والجمعيات المنبثقة عنه ،والمتصلة به كما يلي: [-مسيرة التتليم الثانوى: سبق الحديث فيما مضى أن التعليم الثانوي في وادي ميزاب كان منذ القدم؛ والذي سميناه بالتعليم المشيخي حيث كان وراء قيام النهضة الإصلاحية في كل جوانبها .فما توصلنا إليه كنتيجة أن شرارة الإصلاح الأولى انطلقت من حلقات التعليم على يد المشايخ والعلماء(". كان هذا التعليم الثانوي عبارة عن دور يفتحها العلماء ممن أوتوا حظا من العلم في وادي ميزاب أو خارجها فيتفرغون لتعليم الطلبة العلوم الشرعية والعربية. لم يكن الطلبة يلتزمون في هذه الحلقات بسن محدودة ،ولا بالمكوث لفترة زمنية معينة .حيث أن منهم من يتلقى العلم لمدة قصيرة ثم ينقطع إلى السعي وراء الكسب والمعيشة ومنهم من يمكث فيها فترة طويلة لعدة سنوات فينال نصيبا وافرا من العلم على يد مشايخه ،ثم يواصل مسيرته معتمدا على نفسه في التكوين وعادة ما يكون هؤلاء عمدة مشانخهم ومعاونيهم في التعليم" ثم خلفاءهم من بعدهم. ( )1يراجع المبحث الثاني من الفصل الثانيش ص.811 -201 الفصل السادس :الإصلاح التربوي التعليمي522 بقيت بعض حلقات العلم الي عرفها وادي ميزاب بسيطة متواضعة\ لم يكن وار بعضها الآخر فاصبح معهدا علميا بكل ما تحملترط كم ارضح يذكو أث لها الكلمة من معنى ،واستطاع أن يخرج العشرات من الأجيال ،ومن العلماء والإطارات ويترك آثارا واضحة في الحياة العلمية بوادي ميزاب: . كما يكون عادة لهؤلاء المشايخ حلقات تعليمية ودروس وعظية إرشادية في المسجد لعموم الناس. مع مرور الزمن يتولى هؤلاء المشايخ ريادة المجتمع؛ فيقودونه وينصحونه ويوجهونه ،إذ يصبحون أعضاء في حلقات العزابة وشيوخ مساجدها .فيصبح فهم دور فعال مؤثر في الحياة الاجتماعية العامة للناس. هكذا كان التعليم الثانوي في وادي ميزاب عموما. فما هي الظروف التى ظهر فيها معهد الحياة؟ - 2ظروف نشأة معهد الحياة: مع مطلع القرن العشريين كانت حلقة العلم الموجودة في بلدة القرارة هي حلقة الشيخ الحاج عمر بن يجى التي كانت تدرس العلوم الشرعية والعربية. وكانت حلقة محترمة نهل منها العلم عدد لا بأس به من طلبة القرارة ومن طلبة وادي ميزاب ووارجلان ،وتركت بصمتها في تاريخ بلدة القرارةه"'. كان من أبرز طلبتها الشاب إبراهيم بن عمر بيوض ،حيث مكث في حلقة شيخه عدة سنوات وقد نجب في تحصيل العلم وتفوق وهو لا يزال شابا يافعا في عشريته الثانية ما جعل شيخه يحبه ويقربه إليه ،ويتوسم فيه الخير والنبوغ والمستقبل الواعد فكلفه بتدريس بعض المواد لزملائه الطلبة ونيابته أثناء غيابه. ( )1دبوز :نهضة الجزائر الحديثة .ج .2ص .681 -371شريفي :معهد الحياة ص.72 -52 325البحث الثالث :التعليم الثانوي كما كان الحاج عمر بن يحيى هو شيخ المسجد وشيخ الإصلاح في عهده. فكان يلقي الدروس العامة في المسجد ويعظ الناس ويرشدهم .وكان يقود مسيرة النهضة في بلدته القرارة. شاءت الإرادة الإلهية أن يتوفى الشيخ فجاة سنة 0431ه1291 /مإ إثر وباء خبيث أصاب البلدة" وذهب ضحيته الكثير من الناس وترك هذا الحدث فراغا كبيرا ني البلدة ،وفي نفوس أهلها ،وفي نفوس طلبتها بفقدانهم شيخهم الأول"'. ما كان من الشاب إبراهيم بيوض إلا أن يبادر باخذ زمام الأمور وتحمل الراية وهو لا يزال في مقتبل العمر حيث دعا جميع الطلبة إلى اجتماع حاسم في المسجد بعد الفراغ من جنازة شيخهم مباشرة ،حملهم فيه المسؤولية الجماعية لمواصلة الدراسة في حلقة شيخهم بعد ثلاثة أيام من العزاء والحزن .وأسند المهمة إلى أكبر تلاميذ المعهد الشيخ عمر بن الحاج مسعودا“ 5على أن يتولى هو مساعدته في تدريس بعض الواد. فعلا كان الآمر كذلك حيث تواصلت المسيرة في حلقة الشيخ الحاج عمر بواسطة تلاميذه على هذه الوتيرة لمدة أربع سنوات إلا أنه مما يبدو أن الشاب إبراهيم بيوض الطموح وصاحب المواهب والقدرات الكبيرة ،والرغبة الجامحة في دفع عجلة التعليم إلى الأمام ،بالتجديد والإصلاح من أوضاع الحلقة حتى يجعلها أكثر مواكبة لمستجدات العصر وجد معارضة وممانعة من إخوانه وأقرانه الطلبة الكبار في حلقة شيخهم ،ولم يرتضوا آراءه وافكاره واقتراحاته ،ويبدو أنهم قد وجدوا مساندة في ذلك من خارج البلدة ،وبالذات من بعض علماء ( )1دبوز :المرجع نفسه ج .2ص .681 -371شريفي :المرجع نفسه ،ص.72 -52 ( )2عمر بن الحاج مسعود بن عمر( :ت6531 :ه8391 /م) من بلدة القرارة بميزاب 6اخذ العلم عن الشيخ الحاج عمر بن يحيى" ثم عن الشيخ صالح لعلي في بني يزقن .درس في معهد شيخه الحاج عمرا ثم تراسه بعد وفاته ،ثم فتح مدرسة قرآنية سنة 4291مإ وهي لا تزال باقية تنشط إلى حد اليوم" كما ترك مكتبة من المخطوطات .معجم أعلام الإباضية :ج ،3ص.256 الفصل السادس :ا لإصلاح التزبوي التعليمي54 بني يزقن وشيوخها الحافظين" حيث تزامنت هذه الأحداث في مطلع العشرينيات مع بزوغ الصراع الذي شهده وادي ميزاب بين القديم والجديد ني كل المجالات‘ وعلى رأسها مجال التربية والتعليم" وإرسال البعثات وتعلم العلوم العصرية في المدارس التونسية ،والدعوة إلى التجديد في المناهج وأساليب التعليم .إذ انقسم وادي ميزاب تجاهه إلى فريقين متصارعين؛ مؤيد ومعارض كما بينا ذلك في الصفحات السابقة. يقول الشيخ بيوض عن هذا الشنآن الذي حصل بينه وبين بعض زملائه ما يلي« :أنكر بعض زملائي طلبة الشيخ الحاج عمر بن يحيى الكبار أسالييي المشوقة الحديثة في التدريس وطرقي في التربية ...فكانت بيني وبين بعض طلبة شيخي الكبار المنكرين لطرقي في التربية والتعليم أعنف المعارك. يبدو أن إبراهيم بيوض في هذه المرحلة الآولى من دخوله المعترك الاجتماعي وهو لا يزال شابا يافعا في مقتبل عمره أصبح ينظر إليه أنه يمثل أحد رؤوس تيار التجديد والتغيير ويحسب عليهم" فكان لابد أن يحذر منه ومن أفكاره وآرائه ،ولابد أن يوضع في قفص الاتهام في أي قول يقوله وفي أي خطوة يقدم عليها. كما يبدو أن أقرانه المعارضين له قد استقووا فعلا بالخارج وبعلماء بني يزقن. مما جعلهم يشكلون قوة ،ويثبتون على نهجهم ومبدئهم في المحافظة على سير حلقة شيخهم دون إحداث أي تغيير عليها كما يريد الشاب بيوض وقد تعزز موقفهم بزيارة وفد من علماء ومشايخ بني يزقن لتثبيت هذا التوجه في القرارة وإرساء أركانه ودعم قواعده“. تسبب هذا التحجر في المواقف من الطرفين إلى توقف النعليم في حلقة الشيخ المتوفى لفترة من الزمن ،وتدخل أعيان البلدة وعزابتها لمحاولة الفصل في الموضوع ( )1شريفي :معهد الحياة؛ ص .04 -72سكحال :الشيخ بيوض ومنهجه في الإصلاح ص.401 -301 ( )2دبوز :اعلام الإصلاح .ج .4ص.101 -001 ( )3شريفي :المرجع السابق .ص.82 -72 525البحث الثالث :التعليم الثانوي والتقريب بين الطرفين ،بغية توحيد الصف في المدينة ومواصلة مسيرة التعليم وعدم تعثرها ،فعقدت اجتماعات كثيرة .إلا أنها باءت كلها بالفشل ‏.١ مما اضطر بعده الشاب إبراهيم بيوض ومن وافقه من الطلبة والأعيان سنة 4ه5291 /م أن يقرر فتح حلقة خاصة به ،يتولى إدارتها بنفسه والتدريس فيها حسب ما يراه صحيحا من مناهج وأساليب ويعمل على تطويرها وتحسينها وفق ما اقتنع به. كان الشاب بيوض محظوظا إذ أن موقفه هذا كان مدعوما من الوهلة الأولى بمجموعة من أعيان البلدة ورجال الإصلاح فيها إذ يبدو أنهم توسموا فيه قوة الشخصية والجدية في العمل والمستقبل الواعد في ميدان التربية والتعليم ‏١والإصلاح الاجتماعي. كان مقر هذه الحلقة في دار أوقفها والده في سبيل الثه للتعليم قبل وفاته. فاختار لحلقته تسمية :معهد الشبابؤ لتحمل كل الدلالة على إرادة الطموح والعمل والتجديد التى تملأ حنايا هذا الشاب. هذه هي ظروف نشأة معهد الشباب الذي ستصبح تسميته معهد الحياة. ناتي الآن إلى وقفة تعريفية به وبالتطورات التى شهدها مع الوقت: - 3التعريف بمعهد الحياة: افتتح الشيخ بيوض حلقته العلمية التى سماها معهد الشباب في تاريخ82 : شوال 3431ه 12 /ماي 5291م ،وكان المعهد في دار والده الجميلة الواسعة النظيفة وقد التحق به في بادئ الأمر نحو51طالبا" من بقايا طلبة معهد شيخه الحاج عمر بن يحيى ،ومن التحق بهم من الطلبة الصغار المتخرجين من مدرسة الشيخ الطرابلسي القرآنية فشكلوا اللبنة الأولى لمعهده“. ) (1دبوز :نهضة الحزائر الحديثة ،ج .3ص6۔.2شريفي :اللزجع السابق .ص.6 -03 ) (2دبوز :المرجع نفسه ج .3ص 6ا .91 -شريفي :المرجع السابق .ص. 95 ص-62۔ .0 -آل حكيم :مقابلة مع شاهد القرن ،ص . 81 -1 7دبوز:الخرفي :من أعماق الصحراء)(3 الفصل السادس :الإصلاح التربوي التعليمي526 رأى الشيخ بيوض أن يعتمد في بادئ الآمر البرنامج والمواد نفسها التى كانت تدرس في معهد شيخه دون أن يحدث عليها تغييرا يذكر ،ريثما تستتب الأوضاع في التجديد فومضي الأزمة الى وقعت وتنسى من الأذهان على أن يكونالبلدة الدروس لتلاميذه .وفي فصاحةالأسلوب والطريقة التى سيقدم بها الشيخ بيوض التعليم.لسانه وبراعته ف بعد مضي ثلاثة أشهر من انطلاق مسيرة التعليم في هذا المعهد الناشئ اجتمع عدد من رجال الإصلاح ممن آزروا الشيخ بيوض في فكرته واقتنعوا بخطه‘ وممن أوتى من رفقائه حظا من ا لعلم فراجعوا برامج ا لتعليم ومقرراته وأعادوا ا لنظر فيما كان عليه من اتباع حلقة الشيخ الحاج عمر بن يحيى .هؤلاء هم: شريفي6والشيخ أبو اليقظان إبراهيم ،والشيخ عدونالشيخ إبراهيم بيوض والسيد صالح بن يوس_فة6والسيد عمر 7والسيد قاسم بن الشيخه. والسيد عبد النه بن إبراهيم الدلال{“ .فشكلت هذه المجموعة المباركة الإدارة الأولى لمعهد الحياة .واتفقوا على أن يسير التعديل والتطوير في المعهد بمراحل وبالتدرج بجيث تراعى الأوضاع العامة للمجتمع وقدرات الطلبة ومدى استيعابهم. نهضة الجزائر الحديثة .ج .3ص.02- 91 فيفري 2491م) من أعلام بلدة القرارة بوادي ميزاب‘6) ) 1قاسم بن عيسى بن الشيخ (ت1 / 3 16 : تلقى تعليمه في بلدته ثم في تونس ،كان له نشاط ثقاني واجتماعي في تونس ضمن البعثة العلمية التي اسسها الشيخ أبو اليقظان ،حيث تولى رئاستها خلفا له" كما ساعد الشيخ أبا اليقظان في طبع جرائده ومؤازرة حركته الصحفية .معجم أعلام الإباضية ج ،4ص.327 ( )2احد اعيان بلدة القرارة والمهتمين بشؤون التعليم والمجتمع. .( )3أحد أعيان بلدة القرارة والمهتمين بشؤون التعليم والمجتمع. ( )4عبد النه بن إبراهيم أبو العلا الدلال( :و :ا حرم 0031ه 81 /نوفمبر 2881م ت9731 :ه52 / ديسمبر!069م) درس في بلدته القرارة وعند القطب الشيخ اطفيش في بني يزقن ،كان شاعرا وأديباء وتولى الوعظ والإرشاد في المسجد .وحارب الاستعمار وادخل السجن أكثر من مرة .معجم اعلام الإباضية ج5 .3ص.35 ( )5شريفي :معهد الحياة٬‏ ص.75 725البحث الثالث :التعليم الثانوي يبين الشيخ أبو اليقظان-مقرر هذا الاجتماع-السياسة المنتهجة لتسيير المعهد بقوله« :أما بعد ،فلما كان التعليم في كافة الشعوب ولدى سائر الأمم آخذا في التدرج والارتقاء ،إلا شعب ميزابؤ ولاسيما بلدة القرارة منه فقد بقي على اسلوبه القديم القليل النتيجة ،فكر بعض شبيبتنا المخلصين في وضع نظام للتعليم جديد يكون ۔ وهو مزيج بين الأسلوبين كحلقة تصل بينهما ريثما تتهيأ الننوس، وتسنح الفرص وتأتي الظروف للأخذ باكمل الأسلوب الجديد عملا بقاعدة النشوء والارتقاء. وقد اعتبر في وضعه أهمية العلوم في نظر الشعب ونفسية البلدة وذوق أهلها. وحالتهم الأدبية والمادية .والوقت الملائم لها ،ومبلغ علم الواضعين لههه"‘. اسفرت هذه الجلسات لضبط سيز التعليم في المعهد على ما يلي: تقسيم البرنامج إلى قسمين:قسم يتناول العلوم وقسم يتناول القرآن. تقسيم الطلبة إلى ثلاث طبقات:طبقة كبرى ،وطبقة متوسطةا وطبقة صغرى. يراعى في تقسيمهم سنهم ومستواهم الدراسي السابق. تحديد العلوم المقررة والكتب المعتمدة لكل طبقة كما يلي: الطبقة الكبرى :تدرس العلوم الآتية : مادة الفقه :من كتاب النيل. مادة أصول الفقه :من كتاب طلعة الشمس. مادة البلاغة :من كتاب الجوهر المكنون. مادة النحو :من كتاب ابن عقيل. مادة الصرف :من كتاب شذا العرف. مادة المنطق :من كتاب السلم. ( )1المرجع نفسه :ص.75 -65 الفصل السادس :الإصلاح التربوي التعليمي528 الطبقة المتوسطة :تدرس العلوم الآتية: مادة التوحيد و الفقه :من كتاب مختصر الخصال. مادة النحو:من كتاب القطر. مادة الصرف:من كتاب لامية الأفعال. الطبقة الصغرى :تدرس العلوم الآتية: مادة التوحيد و الفقه:من كتاب تلقين الصبيان. مادة النحو:من كتاب الآجرومية. دروس عمومية:من كتاب قناطر الخيرات. كما حددوا لشهر رمضان برنانجا خاصا تدرس فيه مواد إضافية هي الحساب والمواريث والتاريه"'. كما حددوا في هذه الجلسات غايتهم من هذا التعليم فيما يلي: ه عامة :هي طلب رضى الله‘ وشرق العلم نفسه ،ونفي الجهل عنه. خاصة :هي تكوين الملكات العلمية وفي مختلف الفنون وتثقيف العقل ،وتنوير الذهن ،وتربية النفس تربية صحيحة وإعدادها لتحمل قسط من عبء الإصلاح الديني والملي والوطنى“. إلا ان تركيز الشيخ بيوض في هذه المرحلة الأولى التأسيسية لمعهده كان على بناء شخصية طلبته ،والتأكيد على الجانب التربوي والخلقي فيها ،مع التجديد في أساليب التدريس بالاعتماد على الشرح والفهم والتعمق في المعانيث وعلى استعمال اللغة الفصحى والتدريب عليها بدل التركيز على .75ص65۔شريفي :معهد 5)(1 ( )2المرجع نفسه :ص .95 -75دبوز :نهضة الجزائر الحديثةه ج.22-42 .3 كه[,س!- 2691-5291,ععم ,3991- 94- 25م 4991. 925البحث الثالث :التعليم الثانوي الحفظ وعلى استعمال اللغة الدارجة واللهجة المحلية أثناء شرح الدرس كما كان عليه الحال من قبل ". سار المعهد وفق هذا البرنامج عددا من السنين وكان الشيخ بيوض هو العمدة في تدريس المواد الشرعية والعربية مع مساعدة الشيخ عدون له ئي تدريس بعض المواد اللغوية ،وني القيام بمراقبة سلوك التلاميذ ومتابعة دراستهم .وكان توقيت التدريس في المعهد طوال النهار ،وبين المغرب والعشاء وساعة بعد العشاء. يبدو أن الإدارة الأولى للمعهد قد تفرقت ولم تبق مجتمعة بسبب ظروف الحياة ومشاغلها۔ فمنهم من انقطع للتجارة خارج البلدة .ومنهم من تفرغ للإصلاح الاجتماعي ف.فبقي الشيخ بيوض والشيخ عدون هما العمدتان في متابعة سير على إعداد الأجيال وتربيتهم وتعليمهم.التعليم٥‏7 شهد المعهد مع مرور الزمن عدة تطورات وإضافات وتعديلات في المواد والبرامج والمقررات كلما كانت الضرورة تتطلب ذلك .كما تغير اسمه إلى معهد الحياة بعد تاسيس جمعية الحياة الخيرية الإصلاحية المشرفة عليه سنة 7391م./6 كما يبدو أن عدد الطلبة كان في ازدياد مطرد؛ حيث أصبحت الوفود تقصده وتتجه نحوه من كل أرجاء وادي ميزاب ومن بعض مدن الجزائر ،من جبل نفوسة بليبيا ومن جزيرة جربة بتونس .بغرض الجلوس بين يدي الشيخ بيوض .والاغتراف من علمه والتعلم من تجربته في الحياة والاقتداء بشخصيته القوية؛ حتى بلغ عددهم إبان الحرب العالمية الثانية مائة طالب‘ ثم تضاعف خلال السنوات الموالية كما قصده بعد استقلال الجزائر عدة طلبة من سلطنة عمان“. ناتي الآن لنقف على أهم التطورات التى شهدها المعهد. .6ص52۔اللزجع نقسه .ج.3‏)( ١دبوز: !آ ,|( )2شريفي:الرجع السابق .ص 33- 53 .95م 4, ك,خ س( )3شريفي :معهد الحياة .ص 34- 54 .95م : , 63 الفصل السادس :الإصلاح التربوي التعليمي530 -4التطورات التي شهدها امتد: كانت شخصية الشيخ بيوض الاجتماعية والعلمية والإصلاحية تنمو وتكبر باطراد مع معهده .بقيادته الحركة الإصلاحية .ويمبادراته الكثيرة ومواقفه الجريئة على مختلف الأصعدة .هذا ما جعل من طلبته يكبرون معه بتفاعلهم الإيجابي مع هذه الأحداث التى كانوا يعيشون فصوفا يوميا ويتأثرون بأحداثها ويسايرون تفاصيلها .هذا مأاثر ايجابا في الارتقاء بالعهد درجة درجة .والسير به خطوة خطوة نحو الأحسن والأجود 5حيث عمل الشيخ بيوض على إبقاء باب تطوير معهده مفتوحا على مصراعيه ،والتجديد فيه أكثر من مرةس بإضافة مواد عديدة فيه وتعديل أخرى وتغيير في المقررات ،وتعديل ني الأوقات وإبداع في الأساليب التربوية. وارتباط بالحياة الاجتماعية العامة ،وتفاعل مع الأحداث السياسية الجزائرية والإسلامية والعالمية. خلال الأربعينيات أحدث الشيخ بيوض في معهده دروسا اجتماعية .ودروسا سياسية في الوطنية والقومية .وهي عبارة عن حلقات علمية ثقافية أدبية مفتوحة للمناقشة وتبادل الرأي حول مجريات الأمور العامة في العالم الإسلامي ،فكان الشيخ بيوض يستقي مادتها العلمية من المجلات والجرائد المصرية والتونسية التى كانت تصله تباعا ودوريا إلى القرارة .حيث كان يتابع أخبار الأمة الإسلامية من خلالها من أهمها مجلة الفتح والرسالة والصرخة المصرية. كان ينتقي المقالات والمواضيع والنصوص فيقرأها على طلبته ويحللها ويناقش أفكارها وآراءها ،فكان من خلالها يلهب الحس الوطني والقومي والإسلامي في طلبته .وينشئهم على الوطنية وعلى الاستعداد لتحمل الصعاب والتضحية لأجل الأوطان ولأجل قضايا الإسلام والمسلمين ،وكان يعرض أمامهم تضحيات أبطال الإسلام وفرسانه ،وفصولا من مجابهاتهم للاستعمار الإنبليزي والفرنسي. شريفي :الرجع نفسه6ؤ ص .06)(1 135البحث الثالث :التعليم الثانوي حتى صير منهم شبابا أقوياء أشداء أكفاء حملوا رسالة العلم مع رسالة الدين والوعي بما يدور حولهم من تحديات ،وما ينتظرهم من مسؤوليات. يقول الشيخ عدون شريفي مبينا أثر هذه الدروس :الم يقتصر المعهد على النظام الموضوع له عند افتتاحه بل سار على سنة التطور فكان في تقدم مستمر على توالي الآيام ،فقد أحدث فيه الشيخ بيوض دروسا اجتماعية ووطنية وسياسية ... المبت في الطلبة الحماس الوطني وكان فا أثر بليغ في ثقافتهم العامة وتطورهم نفسيا وتربيتهم اجتماعيا وسياسياهه"“. كما أحدث الشيخ بيوض في معهده كذلك دروسا أدبية رفيعة اعتمد فيها على كتب غزيرة الفائدة مثل كتاب الأمالي لأبي علي القالي وكتاب عصر المأمون للدكتور أحمد فريد الرفاعي{” 3فكانت هذه الدروس تعمل على إنماء الجانب الأدبي والبلاغي في عقول طلبته .وتعمل على صقل أذواقهم وتهذيب نفوسهم وتوسعة مداركهم 6حتى صير منهم كتابا وشعراء ودعاة وأدباء؛‘. كما أحدث الشيخ بيوض فيه درسا يوميا لشرح الحديث النبوي الشريف في صبيحة كل يوم يفتتح به الطالب يومه الدراسي .ابتدأه بشرح مسند الربيع بن حبيب\ ثم انتقل إلى شرح صحيح البخاري اعتمادا على كتاب فتح الباري للحافظ ابن حجر .فكان الشيخ يحلل ويدقق ويحقق في المسائل الفقهية التي تحويها الأحاديث" ويعرج على بيان الدروس الخلقية والآثار السلوكية على الإنسان. ( )1شريفي :معهد الحياة .ص .06 ) (2إسماعيل بن القاسم آبو علي القالي653 - 882( :ه 7 - 109 /م أحفظ اهل زمانه للفة والشعر والأدب .تعلم في بغداد وأقام فيها مسا وعشرين سنةش ثم رحل إلى الغرب فدخل قرطبة واستوطنهاء وتوني بها .له تصانيف كثيرة أهمها :كتاب النوادرؤ ويسمى أمالي القالي في الأخبار والأشعار .الزركلي: الأعلام .ح6 1ص .123 ( )3أحمد فريد الرفاعي( :ت6731 :ه 6591 /م( كاتب مصري من الشتغلين بالادب والتاريخ .تحرج من كلية الآداب بالقاهرة .كتب مقالات في جريدة المؤيد .عين مديرا للصحافة والنشر له تصانيف عديدة منها :عصر المأمون ف ثلائة أجزاء الشخصيات البارزة التاريخية .الرجع نفسه :ج [ .ص.[ 59 ..16شريفي :المرجع السابق .ص)(4 الفصل السادس :الإصلاح التربوي التعليمي532 بقيت هذه ا لاروس متوا صلة قرا بة ا لعشرين سنة! حيث افتتحها ا لشيخ سنة 5431ه6291 /م واختتمها سنة 3631ه5491 /م. يقول المؤرخ محمد علي دبوز أحد شهود هذه الدروس عن طريقة الشيخ بيوض في تدريس كتاب صحيح البخاري ما يلي« :كان الشيخ بيوض بعد أن يقرا ويقارن بين أقوال المذامب فيه.أحكامالتلميذ النص يشرحه ويستنبط ما فيه من يذكرها كلها.فيرجح ما يرجح بالحجة وا لبرها ن .لا يتعصب مذهبه.ولا يقلد أحدا فيما اختارها(.". كما احدث الشيخ بيوض لطلبته ولعامة الناس درسئا في تفسير كلام النه تعالى. حيث كان يلزم كل طلبته بشهوده بعل صلاة العشاء فكانوا يجلسون أمامه يتقدمون وكان يحرص أن لا تفوتهم أي حلقة منه؛ مما جعله يتوقف عنعموم النا س إلقائها أثناء العطل الصيفية حتى يعود الطلبة إلى حلقات دراستهم. غيرتعلى طلبته وعلى عموم المجتمع عظيمةكانت آثار هذه الدروس الكثير من الأوضاع وصححت الكثير من المفاهيم ،ونشرت الكثير من المعارف بين الجماهير. يبين ا لشيخ بيوض أثر دروس تفسيره ف ‏ ١لنفوس بقوله " :إنني أحمد النه تعالى على النتيجة التي شاهدتها من أثر القرآن في نفوس العامة ...إن البلدة كلها مجندة للعمل في كل ميدان ،ما دعي أحد إلى عمل إلا وأجاب وإذا دعي إل مال أعطى. وإذا دعي إلى وقت أعطى من وقته وجهده. عملت هذه ا لدروس عملها ف تكوين ‏ ١لطلبة وتوسيع مدا ركهم وفتح الآفا ق تقويم‏ ١لشرعية وا لعربية < وعملت عملها ف‏ ١لعلوم ‏ ١لعلمية أما مهم وا لاستزادة من سلوكهم وفي تقريبهم إلى فهم القرآن الكريم وإدراك أسرار كلام الله تعالى. ( )1دبوز :نهضة الجزائر الحديثة .ج .3ص .76 ) (2نص حديث الشيخ إبراهيم بيوض في ندوة للإذاعة والتلفزيون الجزائري سنة 0891م ،منشور ضمن كتاب :في رحاب القرآنں محاضرات مهرجان ختم تفسير الشيخ بيوض للقرآن الكريم ص.08 335البحث الثالث :التعليم الثانوي تطورآخر: مع هذه النهضة العلمية التى شهدها المعهد خلال الثلاثينيات والأربعينيات بنشاط الشيخ بيوض في المحافل الاجتماعية-خاصة مخنلال منبر المسجد-فإن اصداءها بلغت كل وادي ميزاب ووصلت إلى أرجاء الجزائر 6ومواطن الإباضية في الغرب والمشرق ،مما جعل أعداد الطلبة تتزايد والوفود تقصده من كل مكان. هذا ما جعل إدارة المعهد تنعقد من جديد لإعادة النظر ف هيكلته وفي برامجه مرة أخرى ليستوعب هذه الأعداد .ويواكب هذه التطظورات ،فوضعت له نظاما جديدا عرضته على الشيخ بيوض فأقره وأصبح ساري المفعول. أهم ما استحدث هو إعادة تقسيم الطلبة إلى أربع طبقات بدل ثلاث كما كان من قبل لتتنقارب الأعمار والمستويات العلمية .وتتنقارب قدرات الإدراك والاستيعاب ثم بعد سنة أضيفت طبقة خامسة كذلك. أسندت الدروس العليا في الطبقات الكبرى للشيخ بيوض والشيخ عدون وتعزز المعهد بأربعة أساتذة جدد من كبار طلبة الشيخ بيوض الذين تكونوا بين يديه وتفوقوا ونبغوا هم :الشيخ عمر بن صالح داود(" .والشيخ علي يجى معمر. والشيخ سعيد بن عبد الله الشيخ دحمان.والشيخ بكير بن عمر بيوض(. كما كان من التجديد استبدال بعض الكتب القديمة المعتمدة في التدريس بكتب أخرى حديثة أوفى بالغرض وانسب لمستويات التلاميذ وأعمارهم ومداركهم. حدث هذا الآمر ني بداية الأربعينيات" وكان هذا التعديل في نظام الطبقات إيذانا بانتقال المعهد من دار الشيخ بيوض بعد أن مكث فيه خمس عشرة سنة إلى ( ) 1عمر بن صالح أداود :اشتغل بالتدريس في معهد الحياة. ( )2بكير ين عمر بيوض :اشتغل بالتدريس في معهد الحياة. ( )3أستاذ :بمعهد الحياة بالقرارة سابقا. الفصل السادس :الإصلاح التربوي التعليمي54 رحاب المسجد وجنباته ،إذ لم تعد الدار تسع أعداد الطلبة ،وكان ذلك في تاريخ 21 ذي القعدة 0631ه /الفاتح من شهر ديسمبر 1491ء ":ر‘.(1 يبدو أن ضيق المعهد بطلبته الوافدين باطراد هو الذي أملى عليه هذا الانتقال؛ إلا أن هذا الأمر كان من أمنيات الشيخ بيوض؛ حيث كان يأمل في ربط مؤسسته التعليمية بمؤسسة المسجد حتى تكتمل رسالتهما وتتعاون مهمتهما في التربية والتعليم والوعظ والإرشاد وإعداد الأجيال ،وحتى يكون الطلبة فهم صلة وثيقة بالمسجد فينشؤوا في رحابه شبابا مسجديين ،ينهلون من قدسيته وطهارته ووقاره وصفائه ،وحتى يحافظوا أشد المحافظة على ركن الدين الأول الصلاة فيؤدوها بخشوعها وفي أوقاتها وبجماعتهاء إذ من المعروف أن من ضوابط إدارة المعهد محاسبة الطلبة على أداء الصلاة جماعة. هذا الارتباط بين المعهد والمسجد وثماره ما يلي:عنيقول الشيخ بيوض "لقد آثرنا أن يكون معهدنا بجانب المسجد متصلا به لينشأ أبناؤنا في جو ديني يصبغهم.باستطاعتنا أن ننشرع معهدا فخما واسعا ف الضاحية الجميلة ولكن هذا المعهد لا يكون له بعض الفوائد التربوية الكبرى التى هى هذا المعهد الذي تملؤه المسجد بروحه. اللشايخهكذا أصبحت زوايا المسجد وجنباته تعج بجلقات العلم وبدروس ومواعظهم .وبمناقشات الطلبة واستفساراتهم طوا ل أوقات اليوم من بعد صلاة الفجر إل ما بعد صلاة العشاء. يصف المؤرخ محمد علي دبوز حالة المعهد بعد انتقاله لل المسجد بقوله1 :صار المدرسينفيه أصواتوتتجاذبأوقات الدرسمسجل القرارة يعجح بالتلاميذ ف وصار تلاميذ معهل الحياة يقضون ف المسجد وفي دار التلاميذوقت الروسف [-6۔ .36) (1شريفي :معهد الحياة .ص ( )2دبوز :نهضة الجزائر الحديثة .ج .3ص .79 535البحث الثالث :التعليم الثانوي لتصل به جل نهارهم وكثيرا من ليلهم} فصبغهم المسجد بصبغته ،وفاز المعهد بخير كبير لوجوده في المسجدا ولا زال معهدنا متصلا بالمسجد يتدفق عليه بأنواره ،لا يرضى أبدا أن يبتعد عنهه"“. كما أن المعهد تعزز تباعا بعدد آخر من الأساتذة الأكفاء الذين التحقوا به بعد استكمال أكثرهم تكوينهم في الجامعات والمعاهد العليا داخل الجزائر وخارجها. هؤلاء هم :الشيخ يحيى حواشل 6والشيخ إبراهيم أداود} والشيخ إبراهيم الحاج أيوب القرادي ،والشيخ الناصر مرموري ،والشيخ محمد علي دبوز ،والشيخ محمد العايب 3والشيخ بكير الشيخ بالحاج 6والشيخ محمد الشيخ بالحاج .والشيخ صالح باجو(".0 هكذا واصل المعهد تطوره وارتقاءه في مسيرة متواصلة ثابتة الخطوات ،امتازت بعدم الجمود على القديم .وبإبقاء باب الاجتهاد والإبداع مفتوحا على مصراعيه. والتفاعل الإمبابي مع المحيط العام محليا ووطنيا وإسلاميا ودوليا .فشكلت له سنة 5591 / 5م لجنة او مجلس علمي موسع ضم كبار الشخصيات العلمية والإصلاحية في وادي ميزاب للنظر في برامجه ومتابعة سيره العلمى ‏.١ ثم أضيفت فيه مواد علم النفس والتاريخ والرياضيات والجبر والهندسة والفيزياء .وبعد استقلال الجزائر أصبح المعهد يدرس كل مواد التعليم ( )1دبوز :نهضة الجزائر الحديثة .ج .3ص.99 -89 اك[0 ,!( )2شريفي :معهد الحياة .ص04-93 .76 -56م , ( )3يحيى بن سليمان حواش( :و9331 :ه0291 /م-ت5931 :ه 4 /جويلية 5791م) من بلدة غرداية .تلقى تعليمه في معهد الحياة بالقرارة .تولى الندريس والوعظ والإرشاد ،ترك بعض الكتابات منها: الإسلام والتطورات العالية ،تاريخ وادي ميزاب .معجم اعلام الإباضية .ج9 .4ص.36 (( )4على قيد الحياة) فقيه وأستاذ بمعهد الحياة بالقرارة سابقا. (( )5على قيد الحياة) أستاذ بمعهد الحياة بالقرارة[ ثم تولى إدارته. (( )6على قيد الحياة) أستاذ بمعهد الحياة بالقرارة. (( )7على قيد الحياة) استاذ بمعهد الحياة بالقرارة. ك[0,!( )8شريفي :المرجع السابق" صص93 .07 -96م , الفصل السادس :الإصلاح التربوي التعليمي536 الرسمي إضافة إلى المواد الشرعية والعربية وتحفيظ القرآن الكريم التي يعنى بها عناية خاصة<". كما سعت إدارة المعهد ومشايخ حركة الإصلاح وأعيانها لحث الطلبة على مواصلة تكوينهم في الجامعات والمعاهد الإسلامية خارج الوطن فارسلتهم في بعثات متتالية إلى تونس ومصر والعراق ،متكفلة بنفقاتهم وموفرة لهم الإقامات وظروف تحصيل العلم. كما كان الكثير من طلبة معهد الحياة ممن أنهى دراسته يتوجه إلى مختلف الميادين الاجتماعية والتربوية والاقتصادية ،فيملؤونها بالنشاط والجد والعمل. ويكونون محور العمل الاجتماعي فيقودون ويوجهون وينصحون ويعلمون فيملؤون فراغات كبيرة ويسدون ثغرات مهمة في مجال الإمامة والوعظ والإرشاد والتعليم والإصلاح. كما شهد المعهد.بعد الاستقلال تطورات أخرى عديدة .حتى يواكب ويساير التعليم الرسمي للدولة الجزائرية ،فاصبح يحتوي على سبع سنوات ،أربع سنوات للتعليم المتوسط وثلاث للتعليم الثانوي. بعد هذه الوقفة مع معهد الحياة وتتبع أهم التطورات الحاصلة فيه ،نأتي الآن للحديث باختصار عن الجمعيات والمؤسسات الاجتماعية والثقافية المنبثقة عنه والمتصلة به في النشاط والعمل: ذ-جمعيات متيد الحياة ومؤسساته: لأجل تفعيل النشاط الثقاني في المعهد ولأجل تشجيع الطلبة على الجد والكد في تحصيل العلم والمنافسة في سبيله" ولأجل تفتيق مواهبهم وإيجاد الفرص لاكتشاف قدراتهم ومهاراتهم الأدبية والعلمية سعى مشايخ معهد الحياة وأساتذتها لإنشاء جو علمي وادبي وثقاني رفيع مفعم بالنشاط والحيوية والإبداع ،بغرض نيل ( (1شريفي :الرجع السابقث؛ ص-56۔ .76 735البحث الثالث :التعليم الثانوي الطالب تكوينا متكاملا في أبعاده الدينية والعلمية والاجتماعية والأخلاقية. وبغرض بناء شخصية الطالب في بعدها الروحي والعقلي والجسدي. أنشثت في مسيرة المعهد عدة جمعيات ومؤسسات انبثقت من روحه ،وخرجت من بنات أفكار مشايخه ،فبقيت تابعة له متصلة به تعمل تحت لوائه ،وكلها تسعى وتتعاون على تحقيق الأهداف نفسها من رعاية الجيل الصالح وإعداده للمستقبل. تتمثل هذه المؤسسات التربوية فيما يلي: _ جمعية الشباب. ۔ مكتبة الحياة. جمعية قدماء تلاميذ معهد الحياة. ۔ داخلية الحياة. ۔ الكشافة. ا۔جمعيت‌الشباب: بعد سنة من تأسيس معهد الحياة؛ أي في سنة 5431ه6291 /م قام الشيخ عدون شريفي بتاسيس جمعية طلابية سماها جمعية الشباب ،وهي عبارة عن ناد أدبي يجمع الطلبة خارج أرقات دراستهم لتدريبهم على إلقاء الخطب والمحاضرات وعلى طلاقة اللسان ،وفصاحة الكلام" والتمرين على كتابة الأشعار والقصص والروايات والتمرس على طرح الأفكار ومناقشتها. وتبادل الآراء وتعلم النقد والتحلير. وضع لهذه الجمعية قانون ونظام يسيرها ،فكانت جلساتها تعقد بانتظام كل اسبوع ،ومع الوقت تطورت ونمت فاصبح لها فروع؛ يشكل كل طبقة من الطلبة جمعية ثقافية أدبية مستقلة. .17آل حكيم :مقابلة مع شاهد القرن© ص.72معهد الحياة .ص07۔شريفي:((1 . 17ناصر :مقال بعنوان :القيم الاسلامية ف نظام التعليم بوادي ميزابث٥‏ ص07۔) (2شريفي :الرجع + عجلة الحياة الصادرة عن معهد الحياة يالقرارة-الجزائرش عددا 8991 .م .ص28۔ .38 الفضل السادس :الإصلاح التربوي التعليمي538 يبدو أن هذه الجمعيات مع مرور السنوات اكتسبت الخبرة والتجربة وقدمت أعمالا وأنشطة مما جعلها تحوز على ثقة إدارة المعهد حتى أصبحت جزعا منها تشارك في التسيير والتنظيم واقتراح البرامج واتخاذ القرارات .حيث أصبح رؤساء هذه الفروع منالطلبة القدامى الكبار يشكلون مع مشايخ المعهد مجلس الإدار 7 يصف ا لشيخ عدون دورها عندما بلغت أوجها ونضجها بقوله :اكان لمذه الجمعية أ:ثعرظيم في سير المعهد وتقدمه ،بل هي الروح المسيرة والدماغ المفكر وكان ها نشاط أدبي واجتماعي في جميع المجالات؛'٢‏ .2 ويبين الدكتور محمد ناصر دورها الفعال في تكوين الطلبة بقوله« :والحق لقد كانت تلك الجمعيات ميدان تدريب حقيقي للأقلام الشابة وهمي تعد من أكبر أسباب تقدم المعهد وتطوره .ومن أقوى الوسائل التربوية العملية التي يمتاز بهام ذ وأذكترقت عقول الطلبة بما يتبارون في كتابته من مقالات وقصائد وقصص فيهم حب الأدب العربي وخلقت في نفوسهم تذوق الجمال ،وتعشق الفصاحة والبلاغة} ودفعتهم إلى الاطلاع ومتابعة ما يجد في عالم الفكر العربي الإسلامي. توسع نشاط هذه الجمعيات مع الوقت لتنتقل من قاعات المعهد وجنبات المسجد إلى مسرح المجتمع ومحافله ،حيث أصبح لها نشاط اجتماعي تمثل في إحياء حفلات المولد النبوي الشريف في البلدة وفي تنظيم مهرجانات سنوية لعرض حصيلة الأعمال والنشاطات الأدبية والثقافية على جماهير الناس كما توسع نشا طها لتكوين مجموعات صوتية فنية" وفرق مسرحية هاوية ،تشارك في تلف حافل البلدة وفي المناسبات الدينية والوطنية“. ( )1شريفي :المرجع نفسه‘ ص.17 -07 ( )2شريفي :المرجع نفسه ،ص.7١‏ ( )3ناصر :المرجع السابق" 8ص.3 ص.17سكحال :الشبخ( )4دبوز :نهضة الجزائر الحديثة .ج .3ص . 431 -821شريفي :معهد الحياة. بيوض ومنهجه في الإصلاح" ص90ا. 935البحث الثالث :التعليم الثانوي كما تمخض عن هذا النشاط ميلاد جريدة أسبوعية حملت اسم جريدة الشباب أنشئت سنة 5431ه6291 /م على إثر تكوين جمعية الشباب" كانت تصدر في كل أسبوع .ويشارك في تحريرها جميع الطلبة ،ويتنافنسون في كتابة مواضيعها ،ويحررها أحسنهم خطا ،ويتولى الشيخ عدون شريفي كتابة افتتاحيتها ويجتمعون على قراءتها في مجالس خاصة يحضرها أساتذتهم ومشايخهم. مع الوقت تطورت هذه الجريدة فتفرعت منها مجلات حائطية خاصة بكل طبقة طلابية" فكان التنافس بين الطبقات وكان الإبداع وكان الابتكار لإعداد اجمل المجلات وأحسنها وأرقاها.‘"١‏ أسهمت جريدة الشباب في تدوين وتاريخ وتخليد الكثير من الأحداث التي شهدتها الحركة الإصلاحية .حيث كان الطلبة يتفاعلون إيبابيا مع جهود مشايخهم وأعيان البلدة وزعيمها الشيخ بيوض ومع معاركه التي كان يخوضها ضد الاستعمار وضد تيار الجمود .فكانوا يشكلون له العون والسند والمدد والأمل. فكانت هذه الأحداث والأجواء العامة حافزا هم على الإبداع والنشاط. تواصلت هذه الجريدة إلى ما بعد الاستقلال وهي الآن تتشكل من عدة أسفار بيرة شاهدة على حياة ثقافية زاخرة ونهضة إصلاحية كبيرة عاشها معهد الحياة وعاشتها القرارة ووادي ميزاب ،وعاشها جنوب الجزائر. كما كانت هذه الجريدة مفتاح انطلاق الكثير من الأسماء الكبيرة اللامعة وبروزها في عالم الأدب والشعر والدعوة والخطابة والدين. ب۔مكتبن المعهد: كان من الضروري أن يكون لمعهد الحياة مكتبة تضم أمهات الكتب في الشريعة واللسان العربي وفنونهما ،وتضم المصادر والمراجع التي تعين الطلبة على ( )1دبوز :المرجع نفسه ،ج .3ص .041 -531شريفي :المرجع نفسه؛ ص .27ناصر :مقال بعنوان :القيم الإسلامية في نظام التعليم بوادي ميزاب ،مجلة الحياة[ الصادرة عن معهد الحياة بالقرارة-الجزائر عددا٠‏ .8ص.38 الفصل السادس :الإصلاح التربوي التعليمي_540 التكوين والاستزادة من تحصيل العلوم إلا أن الظروف العامة آنذاك لم تكن تسمح بإيجاد مثل هذه المكتبة ،إذ كان من الصعب جدا أن يجتمع لدى إنسان مثل ذلكث نظرا للأوضاع المعيشية وندرة حركة الكتب والمتاجرة فيها ،أضف للى ذلك الأوضاع السياسية الاستعمارية التى كانت تضيق على تنقلات الكتاب العربي الإسلامي بصفة عامة .هذا ما دفع مشايخ معهد الحياة للسعي وبذل الجهود لتكوين مكتبة تعم فائدتها جميع الطلبة. تشكلت نواتها من الكتب الخاصة للشيخ بيوض حيث جعلها تحت تصرف طلبته ،ثم أصبحت تكبر مع الوقت من خلال الهدايا التى تصله من هنا وهناك من رجال الإصلاح ومحبيه ومحبي طلبة العلم ،الذين كانوا يقتنونها أثناء أاسفارهم إلى مدن الشمال فيهدونها إلى الشيخ بيوض ليضمها إلى مكتبة معهد الحياة ،وبعضها كان مما جلبه طلبته من البعثات الأولى إلى تونس وإلى بلاد للشرق ،كما ضم إليها تركات بعض المشايخ من الكتب التي أوقفوها في سبيل العلم أو أوقفها أبناؤهم من بعدهو.١‏ حتى أصبحت مكتبة متكاملة للعلوم الشرعية والعربية قدمت خدمات جليلة. وقامت بأدوار فعالة في توفير الكتاب لطلبة المعهد ،وتنمية روح المطالعة لديهم. وتمكينهم من الاطلاع على أمهات الكتب والتبحر في غزير علمها .وقد اعتنت إدارة المعهد بها فخصصت فها قاعة مستقلة .وقامت بفهرستها. جح۔جمعيخ_‌قدماء تلاميذ معهد الحياة: سبق أن تحدثنا عن هذه الجمعية في معرض حديثنا عن الجمعيات التى أنشاتها الحركة الإصلاحية .إذ أن فكرة إنشائها تتمثل في لم شتات طلبة معهد الحياة القدامى المتخرجين منه ،والمنتشرين في غختلف أرجاء الوطن ونفي وادي ميزاب ؤ للقيام بمختلف الوظائف والأعمال .إذ أن أواصر الحبة وعلاقات الصفاء والمودة والأخوة التي تكونت بينهم أيام دراستهم بالعهد وحبهم لمشايخهم الذين لهم فضل تكوينهم ( )1شريفي :معهد الحياةه ص.47 - 37 145البحث الثالث :التعليم الثانوي وتربيتهم ،جعلهم حريصين على الوفاء لهم ولمعهدهم" 6وعلى المحافظة على هذه العلاقات الحميمية الأخوية .كما جعلهم حريصين على متابعة أخبار معهدهم ورد الجميل للمؤسسة التى ربتهم وكونتهم وصيرتهم رجالا أكفاء ناجحين في حياتهم صالحين في أخلاقهم" عازمين على مؤازرة مشايخهم ومساعدتهم بكل ما يملكون وما يقدرون عليه. كانت هذه الدواعي وراء إنشاء جمعية قدماء تلاميذ معهد الحياة حيث تمت هذا الفكرة ونضجت في عقولهم" وكانت موضوع حديث لقاءاتهم ومجالسهم الحميمية .فعرضوها على مشايخهم فاقتنعوا بها وباهمية جدواها .حتى سعى الشيخ عدون شريفي القائم باعمال المعهد لتجسيدها في الميدان على أرض الواقع. كانت دعوة الشيخ عدون لكل الطلبة المتخرجين من معهد الحياة لتنظيم صفوفهم وتوجيه جهودهم ليكونوا السند القوي للحركة الإصلاحية في جهادها التربوي الاجتماعي ماديا ومعنويا ،فكان تاسيسها يوم03رمضان 7631ه50 / ارت 8491م في بلدة القرارة في مؤتمر جامع قدم إليه المشاركون من كل أرجاء الجزائر ووادي ميزاب ،ألقى فيها الشيخ عدون خطابا تاريخيا مهما بين فيه دواعي تاسيسها وما ينتظر منها في المستقبل القريب ،نورد منه ما يلي: ه نجتمع اليوم في هذا المجلس الحافل أمام أستاذنا الشيخ بيوض لا كتلاميذ يتلقون عنه دروس التهذيب والتثقيف كما كنا معه في سالف العهود وإنما نجتمع كجنود مدربين مزودين بالقوة الكلية للنزول إلى ميادين ا لكفاح أما م قائدهم الأعلى ...نجتمع اليوم كمؤتمر عام لهذه الجمعية لتنفيذ أغراضها الأساسية من جمع شتات الأعضاء والمحافظة على الروابط المتينة التى عقدها المعهد زمن الدراسة ،وبث تعاليم الأستاذ ني نفوسهم وفي الأوساط التي يتصلون بهاء وخدمة المشاريع العلمية بجميع الوسائل .والمشاركة في الإصلاح العام بقدر الاستطاعة والنزول إلى ميادين الكفاح بصورة منتظمة وخطط مرسومة تحقق الغاية المطلوبةه_"". ) (1شريفي :معهد الحياة .ص67-77 الفصل السادس :الإصلاح التربوي التعليمي.542 أسفر المؤتمر عن تاسيس الجمعية وانتخاب مجلس إداري لها برئاسة الشيخ عدون ،ووضع قانون أساسي لها يضبط مجال نشاطها وأهدافها ،ومما جاء فيه ما يلي: ه توجيه التلاميذ المتخرجين من المدارس إلى صالح الأعمال وتحقيق غايتهم من طلب العلم. -إرشاد من ظهر منه اخراف عن الصراط السوي اللائق بمقام المتعلمين. مغاضدة المشاريع العلمية ببث الدعاية إليها وإعانتها بكل شيء ممكن. العمل للإصلاح العلمي والاجتماعي بكل الوسائل الممكنة على حسب الاستطاعة. إعانة التلاميذ الفقراء العاجزين عن إتمام دراستهم» . من خلال هذه الأهداف يتضح لنا كيف ربط مشايخ الإصلاح طلبتهم في حياتهم العملية بخدمة المجتمع ونصرة الحركة الإصلاحية .وإمداد السند والعون المادي والأدبي لها ،فشكلوا منهم درعا واقيا حاميا ،ورافدا قويا .وجندوهم لتحقيق أهدافهم أهداف النهضة الإصلاحية الشاملة. إثر ذلك قدمت إدارة الجمعية أوراق اعتمادها إلى اللصالح الإدارية الاستعمارية فحصلت.على الرخصة التي تسمح ها بمزاولة نشاطها. قامت هذه الجمعية بادوار مهمة فعالة في مؤازرة الحركة الإصلاحية ومساندة مسيرتها ومعاضدة مشايخها؛ فكانت بحق يدا من أيديها ووسيلة من وسائلها ني إحداث النهضة الاصلاحية. كان أهمها دعم حركة التعليم في جانبها المادي والأدبي .إذ قامت باحتضان هيئة وحدة التعليم-التي سبق أن تحدثنا عنها -التي عملت في مجال التنسيق بين مدارس الحركة الإصلاحية في توحيد برامجها وسياستها التعليمية ،كما قامت ( )1المرجع نفسه :ص.08 -97 345البحث الثالث :التعليم الثانوي الجمعية بأدوار مهمة في تمويل مشاريع الإصلاح التربوية ،ثم اصبحت مع مرور الوقت تجمع أعيان الإصلاح ومفكريه ،فتحولت إلى العقل المدبر للحركة الإصلاحية .ثم اتخذت لنفسها فروعا في مدن ميزاب وفي أرجاء الجزائر حيث يتجمع التجار الميزابيون 6فقامت بادوار وطنية فعالة في مساندة الثورة التحريرية وتشكيل خلايا تابعة لها ،والإسهام في تمويل الثورة بالعتاد والمؤونة والأموال" واستمر عملها ونشاطها إلى ما بعد الاستقلال(". د۔داخليت‌ الحياة: كان انطلاق المسيرة العلمية للحركة الإصلاحية في القرارة بقيادة الشيخ بيوض بعد تاسيس معهد الحياة إيذانا لتوافد طلبة العلم عليه من كل قرى الوادي وخارجه .إلا أن أعدادهم في السنوات الأولى كان محدودا فلم تكن الحاجة تدعو إلى تخصيص إقامة تؤويهم إذ كان هؤلاء الطلبة يفرقون على بعض المحسنين ممن اقتنع بنهج الإصلاح وسباند مسيرة زعيمه الشيخ بيوض فكانوا يتكفلون بإيوائهم وإطعامهم ويعتبرونهم مثل أبنائهم في الحنو والعطف والمعاملة .وكانوا يسمون عند آل القرارة بابناء بيوض .إلا أنه مع تزايد عددهم خلال الثلاثينيات خصصت لم بعض الدور وسط البلدة تجمعهم وتؤويهم. تسعدهم ممذه الدور الصغيرة ففكر أعيانوعندما ازداد عددهم أكثر الإصلاح وعلى راسهم الشيخ بيوض تفكيرا جديا في إنشاء داخلية كبيرة تحمل كل المواصفات اللائقة لطلبة العلم وتؤويهم كلهم وتسع أعدادا هائلة منهم. فكان الشروع خلال الخمسينيات في إنجاز بناية كبيرة في ضاحية المدينة أصبحت صرحا حضاريا عظيماێ ومدرسة تكوينية كبرى . ( )1دبوز :نهضة الجزائر الحديشة .ج .781-712 .3شريفي :معهد الحياة .ص .57-28ناصر :مقال _-عن معهد الحياة بالقرارةعجلة الحياة .الصادرة نظام التعليم بوادي ميزاب فالقيم الإسلاميةبعنوان: الجزائر عددا .8991 .ص. 28 ( )2شريفي :المرجع نفسه؛ ص.57 -47 الفصل السادس :الإصلاح التربوي التعليمي544 واكب إنشاء هذه الداخلية إرساء نظام محكم ها:وانتقاء إدارة حازمة وتخصيص برنا مج منظمة ف تسييرها ؤ ما يضمن أ لتحكم التا1ف أوضاع الطلبة وا لعشرة الطيبة بينهم© وتنشتتهم على السلوك الحسن والأخلاق الحميدة ،فهم قد قدموا من بيئات وكذامختلفة كل بطباعه وعوائده ونمط عيشه .مما يستلزم هذا الحزم والحرص توفير الجو اللائق لتفريغيم لتحصيل ا لعلم .مع تدريبهم على القيا م باعمال اجتماعية كثيرة وأنشطة ثقافية ورياضية متنوعة. كان مشايخ المعهد يشرفون بانفسهم على تعيين رؤساء الداخلية ويختارونهم بعناية من بين طلبتهم الحازمين الناجحين المتخلقين ،كما يحرصون على متابعة أخبارها ومسايرة أحداثها وزيارتها بانتظام وتفقد أحوالما والتدخل المباشر عندما يستدعي :الأمر ذلك". استطاعت هذه الداخلية الق أصبحت تعرف في القرارة بالبعثة البيوضية؛ تكوين الطلبة تكوينا صارما في أخلاقهم وفي سلوكهم ،وتعويدهم على روح الجماعة والتضحية والبذل" وحاربت فيهم الأنانية وحب الذات والانزواء وا لتقوقع على ‏ ١لنفس .وعودتهم على الخشونة ف ‏ ١لعيش.وعلى الاعتماد على النفس في القيام بكل المهام والأعمال التي يحتاج إليه الإنسان في حياته ،ودربتهم على الأعمال الاجتماعية والأنشطة الثقافية وعلى الرياضة البدنية .فكان نظامها إل حد ما يشبه نظام النكنات العسكريةاة. استطاعت برؤسائها وإدارتها ونظامها أن تطبع بصمتها بقوة في شخصية أي طالب يلتحق بها .حيث صيرت منهم رجالا فرسانا أشداء ،قادرين على تحمل مصاعب الحياة باقتدار واصطبار ومسؤولية٬‏ حتى أصبح الطالب الذي قضى فترة زمنية في القرارة وعاش في داخليتها ودرس في معهدها يعرف من تصرفاته ومنز نمط حياته دون أن يصرح بذلك. ( )1دبوز :نهضة الجزائر الحديثة .ج.871 -841 .3 القراد :مقال بعنوان :دور داخلية الحياة بالقرارة .منشور ضمن كتاب :القرادي :الشيخ القرادي حيات)(2 وآثاره ص.511 -29 545البحث الثالث :التعليم الثانوي ه۔منظمت‌ الكشاقح: المؤسسة الاجتماعية التربوية الخامسة الق تاسست في معهد الحياة .وانبنقت منهب ودعمت مسيرته‘ هي منظمة الكشافة .بغرض دعم مسيرة التربية النموذجية للأجيال برعاية كل الجوانب في شخصيتها كان التفكير في إنشاء منظمة الكشافة. الق تعمل على تنشئة شباب يحملون كامل مواصفات الرجولة من الاستقامة والشجاعة والإقدام وحب عمل الخير" والعناية برياضة الأجساد وتهذيب النفوس وتثقيف العقول. أحدث مشايخ الإصلاح وأعيانها هذه المنظمة سنة 2631ه3491 /م وقت الحرب العالمية الثانية .فكانت فرقة كشفية بصورة غير رسمية تقوم برحلات إلى أطراف البلدة وخارجها وتدرب أعضاءها على أعمال الكشف©“ وتعودهم حياة الخشونة والصبر والتحمل وتدربهم على النشاط والحزم والشجاعة. في سنة 9631ه8491 /م تاسست المنظمة بصفة رسمية قانونية وحملت اسم كشافة الجنوب إذ طلبت الاعتماد من السلطات الاستعمارية فحصلت عليهؤ واعتنى بها مشايخ الإصلاح أكثر؛ حيث أنشؤوا لها هيئة مسيرة مكونة من كبار طلبة معهد الحياة ،ومن بعض المتخرجين ،وبعض الأعيان ،وبقيت تعمل تحت إشرافه(. نشطت منظمة الكشافة أثناء هذه الفترة في تكوين أعضائها الطلبة وإعدادهم لتحمل المهام والمسؤوليات الاجتماعية والتربوية الكبيرة التي تنتظرهم بعد استكمال تكويهمش فكثرت رحلاتها وجولاتها الاستكشافية مشيا على الأقدام في الصحاري المجاورة ،وتدريب الطلبة على مختلف الأعمال الفلاحية؛ خاصة منها تسلق النخيل وتابيرها وقطع ثمارها ،التي تزخر بها منطقة وادي ميزابئ وتعد من الأعمال الرجولية في المجتمع .كما أسهمت ) (1شريفي :معهد الحياة ،ص27۔ .4 37 الكشافة بادوار فعالة في المشاريع الخيرية التطوعية ال عرفتها اللذة :طن ب بناء المساجد والمدارس ودور العشائر والسدود .فكانت تنظم لأعضائها حملات 7تطوعية للمشاركة في إنجاز هذه المشاريع في.ايام عطلهه‘'. بذلك عملت على استكمال إعداد الفزد الصالح ،والنخبة االلكفأة ة ف أبخادها الروحية والجسدية والعقلية. هذه هي الهيئات المنبثقة عن معهن الحياة ،وهذه هي أعرق مؤسسة عزفتها الحركة الإصلاحية واعتنت بها أيما عناية .وسخرت لا عقو لها وصرفت أموانما أق سبيل إعلاء صرحها وبلوغ مرامها ،وخرجت منها نخبها وقياداتها وكفاءاتهاء وكانت مصنع الانسان النموذج الذي ارتضته الحركة الإصلاحية لتخمل أمانة" الدين والوطن. نستطيع في الخبر ان نقول إن الحركة الإصلاحية نجحت نجاجا كبيرا"بقينآدة مشايغها 5الذين على رأسهم الشيخ بيوض والشيخ عدون في تصيير هذه المؤسسة حقيقية لتربية الأجيال وتخريج القيادات والنخب التي أفادت وادي ميزابمشتلة والجزائر والعال العربي والإسلامي ،واستمر عملها إلى ما بعد الاستقلال بل إلى :حد اليوم .وقد اقتربت هذه المسيرة من القرن ،وهي شاهدة عليه. كما نستظيع أن نحكم فنقول إن معهد الحياة يعد أهم مؤسسة حضارية نوعية استطاعت أن تنشئها الحركة الإصلاحية وتخرجها إلى الوجود وتعمل على تطويرها وتحافظ على استمرارها. يحسن أن نختم هذا المبحث ببعض الشهادات على هذه المؤسسة العلمية العريقة: ‏ ٠يقول الدكتور شوقي ضيف؛ الأمين العام لمجمع اللغة العربية بالقاهرة ،سنة _....ه:0991 /0 التعليمنظام فالقيم الاسلامية بعنوان: ناصر :مقال.232 --522ج .3صنههضضةه الجزائر الحديثة ندبوز: ‏) ( ١ ص.48الجزائر عددا.8991 .معهد الحياة بالقرارة محلة الحياة .الصادرة عنبوادي ميزابث٥‏ 745البحث الثالث :التعليم الثانوي « أحيي الجزائر البلد العربي العظيم ،أحبي القرارة ومعهدها معهد الحياة. الذي ظل-طوال ما يقرب من سبعين عاما مضت-قلعة شاة من قلاع العروبة والإسلام في الجزائر الشقيقة .وظل أساتذته العاملون البررة" يرعون فيه أبناءهم من الطلاب رعاية مخلصة مع ما أخذوهم به من خصال إسلامية حميدة ،قوامها الخير العميم. يذكر المعهد بالثناء المستطاب أنه خرج-على مر السنين-نخبة وطنية عملت بكل ما أوتيت من قوة-ولا تزال تعمل-في بناء الجزائر العربية المسلمة ،بناء شاهقا وطيدا ،كما خرج المعهد بجانبهم .صفوة من العلماء والأدباء الأفذاذ الذين ملك عليهم الأدب والعلم ذوات نفوسهم والذين يبذلون لشعبهم في الجزائر كل ما يستطيعون من جهود خصبة في نهضتها العلمية والأدبيةه"‘. ويقول الدكتور شاكز الفحام؛ رئيس مجمع اللغة العربية بدمشق© سنة 0141ه0991 /م: « هذا المعهد الذي قام في القرارة قلعة حصينة من قلاع العربية والإسلام. وخرج الأجيال تلو الأجيال ،وقد تهيأت لمواجهة غدها بالعلم النافع .والخلق الفاضل ،وتزودت بما يحفظ لها شخصيتها ودينها لتشيد مستقبلا زاهراء يليىتق ماضيها الجيده. ويقول الدكتور عبلذ الكريم خلايفة؛ رئيس مجمع !اللفة العربية نالأردن 6سنة ِ041ه [ 099 /م: «معهد الحياة؛ أحد حصون العربية في مغرب الوطن العربي ،حمل لواء .العربية ،لغة القرآن الكريم .ونازل الغزاة المستعمرين الذين حاولوا القضاء على هوية الشعب الجزائري البطل ،وذلك من خلال :محاربة العزبية والقضاء ( )1نقلا عن كتاب :الخرفي :من أعماق الصحراء؛ ص.9 ( )2نقلا عن المرجع نفسه :ص.9 الفصل السادس :الإصلاح التربوي التعليمي.548 اللهلعلمي _ بحمدهذا الحصنأبنائها وعلى السنتهم .فخرجصدورعليها ف والعاملين فيه من الحلة العلماء-ظافرا ‘ ترفرفوتوفيقه _ وبجهود مؤسسيه. لغة العروبةالعربية،حصونكما رفرفت علىالنصرراياتعلى أسواره العربيا.'"١‏أرجاء الوطنوالإسلام ف >< 945البحث الرابع:تعليم المراة المحث اثرا بع: تعليم ‏ ١مرا ‏٥ ارتاينا تخصيص مبحث مستقل لتعليم المرأة في وادي ميزاب ؤ لمحاولة معرفة نظرة الحركة الإصلاحية إليه .وضبط مواقفها منه .والكشف عن جهودها فيه 5نظرا التعليم العام.لخصوصيته وتميزه عن بلا شك سينبنى هذا التعليم أساسا على فلسفة إباضية الجزائر حول المرأة ودورها في الحياة ووظيفتها فيها .لذا سنحتاج في تناول هذا الموضوع ضبط الإطار العام لهذه الفلسقة. .آ -ا فللسمفةجتمع حول المرأة: إذا حاولنا ضبط أهم معالم فلسفة إباضية الجزائر حول المرأة فإننا نقول إن المجتمع كان يحف حياة المرأة من كل جوانبها بسياج متين شديد هو مزيج من الأحكام الشرعية والأخلاق الإسلامية والأعراف المكتسبة والعادات الموروثة؛ مما يحفظ لهذه المرأة كرامتها وطهرها وشرفها ويحول دون أي خدش ممكن له. كما كانت هذه الفلسفة تضرب بجدار من حديد بين الحياة الذكورية والحياة الأنثوية .منع أي لقاء عابر أو اتصال مشبوه بين الجنسين خارج الحدود الشرعية والأحكام العرفية في أي محفل من المحافل الاجتماعية} فحياة المرأة بعد بلوغها ثم بعد زواجها في استقلالية تامة عن حياة الرجل. تنحصر حياتها وتحركاتها في البيت وسط أفراد أسرتها وعائلتها وأبنائها ومحارمها۔ كما يضبط تحرك الرجل في عمله اوفي الشارع .وفي بيته مع زوجته وأفراد أسرته وعائلته ومحارمه دون أن يكون له أي علاقة أو صلة بالمجتمع النسوي خارج هذا الإطار(". ( )1يوسف الواهج :المرأة في المجتمع الميزابي ،ط ا .المطبوعات الجميلةة الجزائر3041 .ه2891 /م. الفصل السادس :الإصلاح التربوي التعليمي550 كما أن من فلسفة المجتمع حول المرأة أن دورها في الحياة ووظيفتها فيها تتمثل أساسا في قيامها بشؤون البيت الزوجية ورعايته .وبناء حياة كريمة سعيدة بداخله بإسعاد الزوج وخدمته وإحصانه .ثم القيام بوظيفة الأمومة أحسن قيام بالإنجاب والإرضاع وتربية الأولاد ورعايتهم وتوفير الحياة السعيدة الهانئة لهمم؛ مما يمكن الأجيال أن تنشأ فى كنف أسر سعيدة منسجمة وتعيش حياة مستقرة هانئة .ملؤها العطف والرعاية والحنان" مما يمكنها أن تبنى شخصيتها وتغرس فيها القيم والأخلاق الاسلاميةه"‘. يقول الشيخ عبد الرحمن بكلي في بيان دور المرأة ووظيفتها« :والأم معمل إلهي لإنتاج الجنس البشري والمحافظة على نوعه ،وفي أحضانها ينشا الجيل،فوظيفتها اخطر وأغنى إنتاجا يقوم به خلوق في الأمة. ويقول كذلك في الموضوع نفسه« :حتى إذا ناداهمن منادي الأمومة والاضطلاع بواجبها الإنسانى لبت نداء الفطرة والواجب فاصبحت زوجة مسعدة فأما بارة وحبست نفسها في خدرها منقطعة لإدارة مملكتها الواسعة العظيمة المسؤولية الكثيرة التكاليف...تديرها بطهارة ومهارة ونزاهة وشرف فتنتج رجالا ونساء يظل بهم حبل البشرية ممدوحا غير منون. ومن فلسفة اجتمع أنه يرى المرأة هي الحافظة الحقيقية لكيانه بدرجة أولى قبل الرجل واكثر منه وأنها الحافظة خصوصياته وعاداته وتقاليده .وهي المسؤولة الأولى على تجسيد مشروع المجتمع الذي ارتضاه وحدد معالمه في بناء الفرد. ص ! .4- 5معمر :الإباضية في موكب التاريخ .حل .4ج .2ص-045۔.245دبوز :نهضة .161الجزائر الحديثة .ج ! .ص .922الحاج سعيد :تاريخ بنى مزاب .ص-061 نن:ع اعخ. 63-53. (ا) بيوض :حديث الشيخ الإمام .حلا .ص! .57 -7بكلي :فتاوى البكري ،ج! .ص.262 -852 الواهج :المرأة في المجتمع الميزابي .ص! .45- ) (2بكلي :المرجع نفسه 6ج ا .ص.262 -852 ) (3المرجع نفسه :ج ا .ص-852۔ .262 155البحث الرابع:تعليم المرأة فهي التى تسند إليها هذه المهمة ويعول عليها في القيام بها؛ ذلك أن الرجل كثيرا ما ينشغل بمشاغل الحياة المختلفة ،فينقطع لجلب القوت ويضطر للاغتراب عن البلدة وعن أسرته لفترات زمنية طويلة تصل غالبا إلى عدة شهور واحيانا إلى عدة سنوات وكثيرا ما يقضى جل عمره في هذا الاغتراب ويكون زائرا لأسرته في الأعياد والمناسبات القليلة فقط .كما يمكن أن يكون متخليا عن مسؤوليته الأسرية ل يبالي بها كما يمكن أن يتوفى .فتبقى المرأة في كل هذه الحالات هي القائمة باعمال الأسرة .وهى الحارسة لحماها والحاضنة لأبنائها .فينشؤوا وقد نالوا نصيبهم من التربية والحنان والرعاية .وتشبعوا بالقيم التي ارتضاها المجتمع لأفراده. | يقول الشيخ بيوض في ضبط فلسفة المجتمع حول المرأة ودورها" :فالمرأة المؤمنة عندنا ما تزال هى الركيزة الأولى في البناء العائلي لا تتصرف في مسؤوليتها الفطرية بنتا أو زوجة أو أما إلا وفق ما يمليه عليها ضميرها الديني ووعيها الاجتماعى ...إيمانا منها بأنها حاضنة الأجيال ،ووعاء للطهر والفضيلة .وحارسة للعرض والشرف فهي المنبت الطيب للعقب والذرية .لا تشوبها لوثة العار بكرا حصانا ،ولا تدنسها دنيئة الخيانة زوجا مصانا ...معتمدة عملى نفسها في تدبير شؤون بيتها وتربية أطفالها .حافظة غيب زوجها ما بقي يضرب في أرض اله طلبا للرزقه‘'. في جانب آخر من فلسفة المجتمع حول دور المرأة كونها تمثل الساعد الأيمن لزوجها الرجل في تدبير شؤون الحياة وتوفير المعيشة؛ وذلك بحسن إدارتها لشؤون البيت الزوجية .والاقتصاد في المعيشة ،والصبر على قلة ذات اليد ،والادخنار للمستقبل ،وبعملها داخل بيتها في الأشغال اليدوية والحرف والصنائع التى تقوم بها من غزل ونسج وخدمة الصوف. الشيخ الإمام .حل [ .ص. 27حديثبيوض:)(1 الواهج :المرأة ف.2بكلي :نتاورى البكري ح ا .ص-852۔ا.7-57المرجع نقسه :حل- 1ص)(2 المجتمع الميزابي ص ا .5 الإصلاح التزبوي التعليمي الفصل السادس:552 يقول الأستاذ محمد علي دبوز« :إن المرأة الميزابية لتمسكها بالدين تطيع زوجها وتحافظ على ماله وتقتصد فيه وتعتقد أن إثراء الرجل يكون بحسن تدبير المرأة وهي عمالة نشيطة تحب النظافة لأنها من الدين تقوم بالبيت أحسن قيام معتمدة على نفسها لا تكلف زوجها بلاء الخادمات تبدأ أعمالها المنزلية بعد صلاة الفجر وتستمر فيها إلى أن تصلي العشاء". ويقول الشيخ بيوض في وصف البيوت الميزابية« :إن بيوتنا لا تكاد تخلو من المناسج وآلات الطرز والخياطة لتشغيل النساء اللائي اكتسبن المهارة وتكوين البنات اللتمرنات على مستوى كل أسرة .لأنه من أوكد الواجبات عندنا أن يتولين بانفسهن إنتاج ما تحتاجه الأسرة من أنواع الزرابي والطنافس والسجاجيد والأكسية ...ولكم أن تتصوروا ما توفره المرأة في الجانب الاقتصادي من حياة الأسرة“. لا شك أن هذه الفلسفة مستمدة من أصول الشريعة الإسلامية بصبغة المذهب الإباضي وعوائد الميزابيين .مما يمكن المجتمع من العيش-في عمومه-على الطهر والصفاء وانحسار الفواحش والفضائح الأخلاقية وحفظ أعراض الناس وشرفهم؛ الذي هو من شرف المجتمع وكرامته. يبين الشيخ عبد الرحمن بكلي ذلك بقوله« :إن نظرتنا هذه مبنية على اعتبار الإسلام دستورا لحياتنا وإننا مطالبون بإقامته ذكورا وإناثا ،نتقرب إلى النه بالقيد بقيوده وإن شق ذلك على أنفسنا أول الأمر فكلامنا مع من يعتقده ويجعله إماما في حياتهه“. هذه هي أهم معالم فلسفة المجتمع الإباضي في وادي ميزاب حول المرأة ودورها ووظيفتها في الوجود ،والتي في إطارها يمكن فهم الموقف من تعليمها ،ثم الجهود المبذولة في سبيله. ‏)( ١دبوز :نهضة الجزائر الحديثة .ج أ .ص.922 ص .57بيوض :المرجع السابق .حل 9)(2 .26بكلي :الرجع السابق .ح.1ص-852۔()3 355البحث الرابع:تعليم المرأة -2هال تتليم المرأة: في حقيقة الأمر يصعب علينا أن نتعرف بدقة على حال تعليم المرأة في وادي ميزاب خلال القرون الماضية ،وهل .وجدت دعوات وجهود للعناية به وهل كان لبعض العلماء السابقين آراء ومواقف حوله؟ إذ لا نكاد نجد-في حدود اطلاعنا المتواضع-في تاريخ وادي ميزاب إشارات واضحة إلى هذا الموضوع .إلا ما كان من قبيل الكلام العام المجمل عن حال التعليم. يبدو أنه لم يكن شيء من ذلك ذا بال ،حتى تهتم به أقلام الباحثين ،فتدونه وتحفظه وتتحدث عنه .ولا شك أن الإطار العام لفلسفة المجتمع حول المرأة كانت وراء تحديد هذا الوضع. إن هذه الفلسفة الصارمة المتشددة التى ضبط بها المجتمع تحركات المراة جمل من الصعوية بمكان أن تظهر مسيرة علمية ها ،أضف إلى ذلك أن الوضع العام للتعليم في وادي ميزاب كان متخلفا بدائيا تقليديا مع عدم مبالاة المجتمع به للأسباب التى استعرضناها سابقا ،وعندما تعالت دعوات علماء النهضة الأولين إلى التعليم ابتدأت بالذكر وركزت جهودها عليهؤ وتواصلت المسيرة إلى أن أنى دور المرأة ،ولم يكن تغيير هذا الوضع بالأمر الهين أو السهل. أما ما عرفناه من حال تعليم البنت في القرون الماضية إلى أواسط القرن العشرين فقد كان بطريقة تقليدية بسيطةس يتمثل في تعليم أنشوي محض يحرم فيه: ويمنع أن يقترب منه الذكر .إذ تتولاه إحدى النساء ممن أوتين نصيبا من العلم وحظا من التعليم على يد والدها أو زوجها أو أحد محارمها ،وممن عرفت بالتقوى .والصلاح والاستقامة ،فتلقن الفتيات شيثا من القرآن الكريم" وتحفظهن ما تيسر من السور القصار والأحاديث النبوية والأدعية المأثورة ،وتعلمهن ما لا يسع جهله من المسائل الدينية الضرورية؛ من أحكام صلاتهن وطهارتهن من أمور الحيض الفصل السادس :الإصلاح التربوي التعليمي554 والنفاس" وعادة ما يكون ذلك في بيت المعلمة أو بيت خاص تحت رقابة وإشراف هيئة "تمسردين“ النسوية. تقسم الفتيات في هذا التعليم إلى مستويين؛ مستوى صغير :تجمع فيها البنات دون سن البلوغ لتلقين سور القرآن القصار .ومستوى كبير :تجمع فيه البنات القريبات من سن البلوغ والبالغات ،لتلقين بعض سور القرآن" وتعليم أحكام الصلاة والطهارة من الحيض والنفاس .وعادة ما تتولى هذه المعلمة أو غيرها من النساء النابهات الإشراف على عملية تعليم الصلاة لهن حين ملاحظة علامات البلوغ على إحداهن ،ويعد ذلك حدثا مهما في حياتها .وأما عن توقيت هذا التعليم فهو ينحصر بين وقتي العصر والمغرب ولم يعرف شيئا من الانضباط أو المحاسبة أو التقويء}'. أما ما يتعلق بتعلم القراءة والكتابة فإن المجتمع حرم على المرأة ذلك واكتفى بتعليمها تلقينا شفويا فز(& .ورأى أن تبقى المرأة أمية باقتناع وقصد وإصرار .إذ بدا له أن صلاح المجتمع في بقائها على هذه الصورة. بنيت هذه النظرة الغريبة ۔للأسف ۔على فهم قاصر وتطبيق خاطئ لقاعدة رأت أن تعليمسد الذرائع ولقاعدة العمل بالأحوط؛ اللتين عرف بهما المجتمع إذ المرأة7-والكتابة مدعاة لفتح الباب أمامها لخدش كرامتها أو مس شرفها الذي هو من كرامة المجتمع وشرفه ،وذلك بإمكانية اتصالها بالعالم الخارجي وبالجنس الذكوري ،أو اتصال الجنس الذكوري بها عن طريق مراسلات أو كلمات غرامية أو عاطفية قد تكون سببا في الانحدار بها إلى المكروه والمحذور. ( )1مرموري :تعليم البنات في ميزاب ،ص .521 -321الواهج :المرأة في المجتمع الميزابي“ ص[ .5مريم سيوسيو :الأهداف التربوية من تعليم البنت الميزابية في المدرسة الحرة ،مذكرة تخرج معهد الإصلاح للبنات ،غرداية .قسم التخصص في التربية والعلوم الإسلامية .س ج7241 :ه6002 /م .ص.5 - 4 سمية فخار :دراسة الفتاة الميزابية بين التعليم الحر والرسمي مذكرة تخرج .معهد الإصلاح للبنات. غرداية .قسم التخصص ف التربية والعلوم الإسلامية .س ج7241 :ه6002 /م .ص.43 ( )2مرموري :تعليم البنات في ميزاب .ص .521 -321الواهج :المرأة في المجتمع الميزابي .ص!.5 555البحث الرابع:تعليم المرأة أما صبيحة اليوم فكانت الفتاة تتةقضيه .مع قريناتها في اللعب‘ 6ومع .أمهافي البيت لتساعدها على قضاء شؤونه .ولتتعلم منها تنك الأعمال المنزلية؛ من غسل وطبخ ونسيج وغزل وحرف أخرى كما تتعلم منها تربيةةألاولاد 5ففتتعدها بذلك لمستقبلها في بيتها الزوجي. يقول الأستاذ محمد علي دبوز« :إن أمها تعدها منذ ولادتها لتكون أساسا لحياة زوجها وركنا للمجتمع بالإيحاء والقدوة الحسنة من سلوكها في الدار وبالتدريب على العمل وعلى كل الأخلاق الإسلامية الراقية نى كل أدوار طفولتها وفي شبابهاه"'. كما أن الزواج في وادي ميزاب كان إلى العهد القريب في سن مبكرة جدا؛ إذ كان مع السنوات الأولى للبلوغ .أو بعد ذلك بقليل ،مما كان يقلل من حظوظ البنت في الاشتغال بالتعليم" فكانت تنتقل مباشرة من بيت والديها إلى بيت زوجها الشاب. الذي عادة ما يعيش حياته الأولى بعد زواجه في بيت أبويه مع أفراد عائلته" فتدخل الفتاة في ترسانة جديدة من الأعراف والتقاليد التى تضبط كل تصرفاتها وحركاتها وسكناتها 5لتشتغل بخدمة اهل زوجها وتتفرغ لمسؤولياتها الجديدة زوجة ثم أما. هكذا كان تعليم المرأة في وادي ميزاب ،وهذه صورة من حياتها الاجتماعية. نريد أن نشير أن هذه الوضعية العامة لتعليم المرأة في ميزاب فيما مضى لم تمنع من ظهور شخصيات نسائية بارزة قوية في تاريخ وادي ميزاب‘ تلقين حظا وافرا من العلم" على أيدي بعض المشايخ وتعلمن القراءة والكتابة .وقمن بأدوار اجتماعية مهمة وفعالة ومؤثرة في الحياة الاجتماعية النسوية والذكورية ،فكن ومصلحات.١‏وسياسياتوداعياتوواعظاتمعلمات ومرشدات ) (1دبوز :أعلام الإصلاح .ج ا.901 . ( )2المرجع نفسه :جا .ص .901الواهج :المرجع السابق .ص.32 ح:ع ل0ل63-53م , ) (3يراجع في ذلك :معجم اعلام الإباضية .معمر :الإباضية في موكب التاريخ .ح .4دبوز :نهضة الجزائر الحديثة. ج ا .بكير أعوشت واحمد كروم :مسلمات صالحات في روضة الإيمان .المطبعة العربية ،غرداية .دت. الفصل السادس :الإصلاح التربوي التعليمي556 كما أن هذه الأمية الإجبارية التى وضع المجتمع فيها المرأة لم تكن على حساب قيامها بوظيفتها الأسرية والتربوية كما ينبغي" حيث استطاعت هذه المرأة الأمية فعلا إسعاد زوجها وتنشئة أبنائها وعيش حياة كريمة سعيدة هانئة. لاشك أن شبكة العلاقات الاجتماعية المتينة المتراصة التي يتمتع بها وادي ميزاب قد ساعدت هذه المرأة على القيام بدورها كما ينبغي أضف إلى ذلك دور المسجد والهيئات العرفية التى كانت تعمل عملها في النصح والتوجيه والارشاد والتعليم. إذن :نستطيع أن نقول إن تعليم المرأة في القديم بقي على حاله جامدا لم يشهد تغيرا أو تطورا يذكر رغم طول الفترة الزمنية ويمكن أن يقسم إلى قسمين: منه ما يلقن ويعلم في الأقسام على يد بعض المعلمات ومنه ما يلقن ويعلم في البيوت-وهو الأكبر -وسط الأسر والعائلات بواسطة الأمهات والجدات ،مما يعد المرأة لوظيفتها المستقبلية زوجة وربة بيت حسب فلسفة الميزابيين وفهمهم لروح الشريعة الإسلامية" وان هذا التعليم كان يهدف أساسا إلى: 1تعليم البنت ما يجب عليها من أمور دينها وطهارتها بالضرورة. -2إعداد البنت للقيام بوظيفتها الفطرية المتمثلة في رعاية البيت الزوجي والأمومة وتربية الأجيال. 3تعليم البنت بعض الصنائع والحرف المنزلية للقيام بمساعدة زوجها في تحمل أعباء المعيشة وتقاسم مشاقها معه. ناتي الآن للنظر في جهود الحركة الإصلاحية للرفع من مستوى هذا التعليم والتجديد فيه ومعرفة مواقفها منه. - 3جود الحركة الإصلاحية في تطوير تعليم المرأة: ومما يبدوبقي هذا ا لتعليم على حاله يرا وح مكانه إلى منتصف ا لقرن ‏ ١لعشرين منه وا لتفكر ف‏ ١لاقترا ب أن مشايخ ا لإصلاح ‏ ١لسابقين قد تهيبوه ولم يستطيعوا 755البحث الرابع:تعليم المرأة تبديده والتحسين من مستواه رغم كل الدعوات والمجهودات التي رأيناها هم في جانب التعليم. يبدو أن سبب تحرجهم للخوض في هذا الموضوع هو توقعهم حصول ارتدادات اجتماعية محتملة ،تسبب لهم مشاكل وصدامات مع العامة نظرا لذلك السياج الحديدي من العادات والتقاليد الموروثة والمترسبة في الأذهان حول المرأة. ما يجعل من التفكير في تغييرها مجازفة لا تحمد عقباها. وكأن بمشايخ النهضة الأولين من الشيخ الأفضلي والشيخ الثميني والشيخ اطفيش والكثير من تلاميذهم اتفقوا على ترك هذا الطابور على حاله ،فلم نجد لهم آراء أو جهودا أو مواقف واضحة فيه. كما نتوقع أن بعض مشايخ النهضة الذين سايروا التيار والتوجه العام كانت لهم آراء خالفةؤ لكنهم احتفظوا بها لنفسهم ورأوا أو وقتها ما زال لم ين للبوح بها والدعوة إليها والعمل على تبسيدها في الميدان 6وركزوا معركتهم على إصلاح الأوضاع الاجتماعية وإصلاح التعليم الذكوري. كما نتوقع أن تكون آراء بعضهم الآخر مسايرة لهذه الفلسفة وموافقة لها. فعملوا على تكريسها أكثر في المجتمع. نريد أن نقول إن التفكير في كسر هذا الطابور وبداية الحديث عن تغييره كان وراءه عدة عوامل ودوافع ،ولم تكن البداية فيه نابعة عن قناعة في المجتمع .بما في ذلك الحركة الإصلاحية التى بدت رجعية متحفظة فيما يخص هذا الملف. .لعل أهم هذه العوامل تمثل في فتح الاستعمار الفرنسي لمدارسه‘ وترخيصه للآباء البيض لفتح مدارسهم حيث أصبحت منفذا ومتنفسا لبعض الأسر التقدمية التي اقتنعت بتعليم بناتها ورأت الحاجة إلى ذلكؤ ولم تبال بسخط المجتمع عليها وإنكاره لصنيعهاء أمام انسداد كل الأبواب في وجود بديل مقنع لتعليم بناتهم. وإخراجهن من بوثقة الآمية والجهل .فكان ملاذهم الوحيد هو تسجيل بناتهم في المدارس الفرنسية. القضل السادس :الإصلاح التربوي التعليمي558 ومن العوامل الأخرى تلك الوضعية التي آل إليها المجتمع النسوي بسبب الأميةؤ وتدنئ المستوى الثقافي العام؛ مما جعله ينشغل بسفاسف الأمور؛ التى عادة ما تطبع .المجتمعات العربية الإسلامية كالإبمان بالشعوذة والسحر والانشغال بعالم الجن. :ذالشياطين ،وما يتبع ذلك من زيارات القبور وتفشي المعتقدات الفاسذة حولها .اضف إلى ذلك شيوع تبادل الأخبار ونشر الإشاعات والوقوع في الغيبة والنميمة؛ ؛ وما يسببه,كل ذلك من أمراض نفسية واجتماعية كثيرة لا حدؤد لها أزلعواقبها. ومن العوامل الأخري.-في مقابل ذلك -تنامي الوعي العام في المجتمع الرجالي إثر تخرج الدفعات الأولى من طلبة المدارس والمعاهذ والجامعاتؤ وإثر النشاط .الاجتمانني ؤزالملسجدي للحركة الاإصلاجية .وإثر الأسفار والرحلات التى عقدها الكثير من الناس للى أرجاء الجزائر وخارجها وتأثئرهم ياجواثها. مما جعل هذا الجيل يحين بالبون الواسع ويلاحظ الهوة الشاسعة بين الذكر والأنثى فى تعليمهماء هذا ما:أصبح يهدد بظهور وطرح مشكلة جديدة خطيرة متمثلة في الزواج والانسجام بين الجنسين إذا بقيت الأوضاع على حالما .ويهدد "بإمكانية انفلات الشباب للبحث عن زوجات وقرينات خار۔ج المجتمع الميزابي. كانت هذه العوأمل مشتركة وراء تحريك عجلة إصلاح تعليم المرأة والتفكير الجدي في كسر طابوره قبل فوات الأوان.“"١‏ كما يلاحظ أن الدعوات والجهود الأولى لإصلاح تعليم المرأة في وادي ميزاب كانت بصفة فرديةش لم تتبنها المؤسسات العرفية ولا الحركات النهضويةة وإنما كان وراءها أشخاص آمنوا بالفكرة واقتنعوا بها فقاموا بمبادرات تمثلت في تعليم بناتهم دون انتظار الإذن من أحد .أو مناقشة الوضوع مع المشايخ والعزابة والأعيان ودعوتهم لفتح مدارس للبنات والعناية بهن عنايتهم بالذكور. ( )1مرموري :تعليم البنات ص! .331 -31 955....البحث الرابع:تعليم المراة . لعل أول مبادرة جادة ظهزت لدى الحركة الإصلاحية في مسيرة تعليم البنت كانت مع جمعية الإصلاح ببلدة غرداية سنة 9631ه8491 /م؛ إذ قامت بخطوة عملية جريئة كان وراءها أحد أعيانها الذي طالب الجمعية مرارا وخاطب مسؤوليها صراحة بضرورة فتح مدرسة حرة للبنات ،وبضرورة الالتفات إلى تعليم البنت ،بعدما لاحظه من الفرق الواسع بين تكوين الجنسين" مما يدعو إلى الحيرة والقلق على وضعية المرأة في مستقبلها إن بقيت على حالها". يبدو أن إيمانه بالفكرة واستماتته عليها ومطالباته المتكررة بالحجة والبرهان لإدارة جمعية الإصلاح ومشايخها آتت أكلها واثلمرت ،مما جعلهم ينصتون إليه ويولون الأهمية لأفكاره ثم يحملونها محمل الجد. بعد مرحلة المخاض من المناقشة والحوار والإقناع الداخلي في صفوف الجمعية وتقليب الفكرة من كل وجوهها والنظر في أبعادها وتداعياتها المحتملة التي استغرقت سنتين كاملتين من الوقت قررت إدارة الجمعية فتح قسم لتعليم البنات ني صفر 0731ه /ديسمبر من سنة 0591م. ابتدأت التجربة بصفة محتشمة\ وبنوع من السرية .وضمت نحو05تلميذة من بنات الأسر الإضلاحية ،يترواح أعمارهن بين السن السابعة والسن الثامنة عشرة. يتولى تدريسهن لأول مرة في تاريخ وادي ميزاب معلم رجل من أساتذة الإصلاح وأعيانها الموثوق في استقامتهم وأخلاقهم وصلاحهم. ما لبث المشروع أن توسع وتضاعف عدد تلميذاته ،وازداد عدد معلميه من الرجال. قامت المدرسة الناشئة بتدريس مواد اللغة العربية وتعليم القراءة والكتابة والإملاء والرسمإ إضافة إلى العناية بتحفيظ القرآن الكريم(. ( )2المرجع نفسه :ص.721 -621 الفصل السادس :الإصلاح التربوي التعليمي560 كانت هذه المبادرة المباركة موفقة إلى حد بعيد ويبدو أن أصداءها قد وصلت بسرعة فائقة إلى كل أرجاء وادي ميزاب ،وإلى الجمعيات الإصلاحية وإدارات التعليم فيها ،فما لبثت أن فتحت الباب على مصراعيه لاتباع آثارها واقتفاء خطواتهاێ وكسر هذا الطابور نهائيا وتحباوزه والقفز عليه ،إذ تسارعت جمعية النهضة الإصلاحية بالعطف إلى تبنى الفكرة وفتح أقسام لتعليم البنات ثم تلتها جمعية الفتح ببريان وجمعية الحياة بالقرارة ثم بقية الجمعيات الإصلاحية. لم تات نهاية الخمسينيات وبداية الستينيات حتى أصبح تعليم البنت الذي ابتدأ بقسم واحد لبعض التلميذات يشرف عليهن معلم واحد يضم مئات البنات وعشرات المعلمين" ويستقل بمدارس كاملة تضم العشرات من الأقسام .حيث تبنت كل الجمعيات الإصلاحية تعليم البنت ،وسارت فيه خطوات متسارعة متلاحقة لتطويره ليلتحق بركب تعليم الذكور ،فوفرت له كل ظروف النجاح وانطلقت مسيرته بقوة وثبات. أصبحت مدارسه تسير على نمط المدارس العربية النظامية الحرة التى أنشأتها الحركة الإصلاحية للذكور ،تدرس فيها المواد العربية والشرعية في سائر صبيحة اليوم} وتعنى بتحفيظ القرآن الكريم إضافة إلى تعليم الحرف والصنائع التي تحتاجها البنت في مستقبل أيامها ،وتعليمها ما يتعلق بها كأنثى وزوجة وربة بيت. كما قسم إلى مستويات من السنة الأولى إلى السنوات المتوسطة والثانوية. استطاع هذا التعليم في وقت قصير أن يحاصر الأمية المتفشية في المجتمع النسوي ويقلل من نسبتها ،ويعمل على توجيه المجتمع نحو الأصلح والأحسن ويحارب فيه الظواهر السلبية التى كانت منتشرة فيه. كما انتقت الحركة الإصلاحية لإدارته وتسييره والتعليم فيه أكفأ إطاراتها ومعلميها من خريجي معاهدها ومدارسها ،وتحت الإشراف المباشر لجمعياتها وأعيانها ومشايخها؛ حتى أصبح هذا التعليم في وقت وجيز يحمل كل مواضفات مدارس التعليم العربي النظامي الحر الذي أنشاته الحركة الإصلاحية. .96مرموري: .26الواهمج :المرأة ف المجتمع الميزابي ،ص-36بكلي :فتاوى البكري ،ج [ .ص-852)(1 165البحث الرابع:تعليم المرأة - 4ر دود الفتل من تطوير تعليم المرأة: إن هذه الخطوة الاستباقية الجريئة التى اتخذتها الحركة الإصلاحية في تعليم البنت وكسرها لبعض المحظورات الاجتماعية ومخالفتها لبعض العادات والتقاليد السائدة الراسخة في الأذهان-حتى أصبحت نوعا من المعتقدات-لم يكن المجتمع ليتسامح معها بسهولة أو يتقبل الأمر الواقع ويسكت عنه‘ وقد التقى في ذلك أنصار التيار الإصلاحي والتيار المحافظ. اتخذ المجتمع ردود أفعال كثيرة واستغرب هذه التصرفات المجينة وهذه الأفعال المتحدية لمشاعر الناس وأعرافهم وعوائدهم .فهنالك من عارض هذا المنحى مطلقا ورأى فيه خروجا عن الدين والمذهب©ؤ وفتحا لطريق خطير نحو الانحراف وانفلات المرأة من قبضة الرجل ومن ضوابط المجتمع ،واعتبرها خطوة نحو تحرير المرأة ورأى فيها ضربا لأسس المجتمع وتقويضا لبنيانه ،واتخذت المعارضة أشكالا من التهديد والاعتداء والتشنيع على أصحابها وإطلاق الإشاعات المغرضة حول المعلمين المتصدرين له وعلى من كان خلفهم من المشايخ والأعيان ،كما كان التشنيع وإطلاق الإشاعات على البنات اللواتي يزاولن هذا التعليم. من الناس من عارض وأمسك بناته عن الالتحاق بهذه المدارس ،ومنهم من سكت والتزم الحياد وأعطى لنفسه الوقت ليراقب التجربة عن بعد ويعرف تداعياتها وينتظر نتائجهاء ثم يحكم عليها بالسلب أو الإيجاب .ومنهم من رضي بالفكرة في مجملها ،وتحفظ على بعض المواد المدرسة والبرامجالمقررة.". مع هذه المواقف وردود الفعل المتباينة يبدو أن مشايخ الحركة الإصلاحية وأعيانها ممن اقتنع بالفكرة وتحمس لها لم ينتظروا الضوء الأخضر من احدؤ ولم تعليم البنات .صر .131 -621سيوسيو :الأهداف التربوية .ص .62 -22فخار :دراسة الفتاة الميزابيةء ص.81-23 ص.041 - -431) (1مرموري : :تعليم البنات التزبوي التعليمي الإصلاح الفصل السادس:5 62 يابهوا بهذه المعارضة ،بل ساروا بخطوات متسارعة ،وبادروا إلى إلحاق بناتهم به حتى يكونوا للناس القدوة والمثل فيتبعوهم ويرفعوا عنه الحرج والتردد ،وفعلا نجحوا في ذلك. شقت القافلة طريقها ،مع بقاء أصحاب هذه الأفكار والمواقف موجودين في المجتمع“ وهكذا مسيرة الحياة فهي لا تنتظر أحدا وإرضاء الناس فيها غاية لا تدرك. إلا أن العجيب في كل هذا يتمثل في موقف زعيم الحركة الإصلاحية الشيخ بيوض من هذه القضية ،حيث بدا فيها تقليديا إلى أبعد الحدود ،مما لم يكن متصورا ولا منتظرا منه .حيث كان رأيه يوافق ويطابق فلسفة المجتمع حول تعليم المرأة الذي عرضناها آنفا. فبالرغم من كل الدعوات والحملات والجهود التي قادها الشيخ الزعيم في سبيل تطوير التعليم والدفع بمسيرته إلى الأمام بخطى كبيرة" ورغم كل المنجزات الجبارة التي استطاع أن يحققها في الميدان مع رفقائه ،إلا أن كل ذلك في نظره كان يخص الذكور فقط :دون الإناث. لقد كان الشيخ بيوض يعتقد أن المرأة ينبغي أن تبقى أمية لا تعرف القراءة والكتابة بل يجب أن لا تعلم ذلك .وان يكتفى في تعليمها بالتعليم الشفوي التلقين فقط ،وأن تتعلم بعض المهارات التقليدية في منزلها من أمها وجدتها .وأن يبقى تعليم البنت على حاله كما كان من ذي قبل ،دون إحداث أي تغيير عليه". هكذا ظهر الشيخ بيوض في هذه القضية على غير عادته ،تقليديا متشددا إلى أبعد الحدود؛ مما يستغرب منه هذا الموقف وهو الرجل الثائر على القديم المندفع بو التجديد المتحمسن لإحداث التغيير. في( )1بيوض :حديث الشيخ الإمام" حلا ،ص .17-57سكحال :الشيخ بيوض ومنهجه ::ص.201الإصلاح 365البحث الرابع:تعليم المرأة إلا أن الشيخ القائد الزعيم أدرك بعبقريته وحنكته في قيادة المجتمع .وبنظرته الثاقبة البعيدة المستقبلية أن المجتمع من حوله قد تغير وأنه لا يوافقه في نظرته هذه ولا يمكن أن يسايره فيها ،وأن حركته الإصلاحية الاجتماعية التعليمية قد غيرت الكثير من الرؤى وبدلت الكثير من التوجهات في الأجيال الصاعدة من تلاميذه المثقفين المتخرجين من المدارس والمعاهد والجامعات .مما غير معه بالتبع موقف المجتمع من المرأة ومن موضوع تعلمها ،فلم يرد الشيخ أن يقف ضد التيار ويعاكسه ،كما لم يرد أن يعارض رفقاء دربه وطلبته وتلاميذه ويدخل معهم في مزايدات كلامية أو خلافات لا طائل من ورائها 5إذ أصبح الكثير منهم متحمسا لذلك ف كل قرى وادي ميزاب. لم يرد الشيخ أن يفرض رايا دكتاتوريا على تلاميذه وهاهنا تظهر حكمة القائد وحنكته ،ويظهر وجه آخر خفي من شخصية الشيخ بيوض المتمثل في عدم الانفراد بالرأي وفي النزول عند رأي الأغلبية المخالفة له ،وهو الزعيم المفدى والقائد المطاع داخل صفوف حركته. ترك الشيخ القائد الأمور تاخذ مجراها الطبيعي دون أن يؤثر فيها إيجابا أو سلبا ،ويبدو أنه كان يراقبها عن كثب .وربما يعمل على توجيهها؛ دون أن يتدخل تدخلا مباشرا فيها. لهذا يلاحظ أن بلدة القرارة معقل الإصلاح الأول وحور نشاطه ومصنع أفكاره ومولد طاقته كانت في هذه القضية متاخرة نوعا ما عن وادي ميزابؤ ولم تكن السباقة إليها كالعادة إذ أن أول من تبنى فيها فكرة تعليم البنت خلال الأربعينيات بصفة فردية هو الشيخ عدون شريفي العضد الأيمن للشيخ بيوضغ ثم تحول إلى مشروع تبناه المجتمع خلال الخمسينيات. دعا الشيخ عدون إلى إلحاق البنات بالتعليم العربي القرآني ،وفتح أقسام ههيا. "رغم معرفته بمعارضة الشيخ بيوض له ،وعدم موافقته على ذلك .إلا أن الأريحية التي تجمع الشيخين القائدين وعلاقات الصفاء والمودة والإخلاص والثقة المتبادلة الإصلاح التربوي التعليمي الفصل السادس:5 64 الموجودة بينهما لم تمنع الشيخ عدون من العمل والتحرك ولم تسمح للشيخ بيوض للوقوف حجر عثرة أمامه. ابتدأ الشيخ عدون في مسعاه بنفسه وباسرته حينما رافق ابنته إلى مدير المدرسة العربية الحرة وطلب منه أن يوافق على تدريسها مع الذكور ويبلسها في مؤخرة القسم بعد أن البسها لباسهم المتمثل في الطاقية والعباءة البيضاء .ثم توسعت الفكرة مع الوقت لتتحول إلى أقسام ثم إلى مدرسة مستقلة بطاقمها الإداري والتربوي التعليميه("“. وكانت مقولة ا لشيخ بيوض وهو يتابع جهود رفيق دربه وعضدها لأيمن ف الدعوة إلى تعليم البنت وتطويره هي قوله« :لم آمر بها ولم تسؤنيه“. هكذا تواصلت مسيرة تعليم العربي الحر للمرأة وكانت في توسع وتزايد مطرد خلال الخمسينيات والستينيات .حتى أصبحت تضم العشرات من المدارس وفروعها بعد الاستقلال. والجميل ي الأمر أن رفيق دربهم الثالث الشيخ عبد الرحمن بكلي كان له موقف واضح وسط في تعليم البنتؤ نستطيع أن نعده خلاصة لموقف الحركة الإصلاحيةث حيث حدد ضوابطه وبين مجالاته وضبط المستوى الذي يمكن للبنت أن تبلغه .نقتطلف من كلامه ما يلي: «نحن لا نعاكس تعليم البنت مادام في حدود الدين ،وما دامت في حصانة مما يفسد عقيدتها واخلاقها وسلوكها ،وما دام ذلك لا يصدها عن القيام بوظيفتها الإنسانية الكبرى التي هيأها الله لها؛ وظيفة الأمومة. ويقول« :أما المسلك الوسط فهو أن ندخلها المدرسة ونعلمها مبادئع القراءة والكتابة والحساب ونلقن لها بعض الحرف اليدوية وتدبير شؤون المنزل ونزودها ( )1مرموري :تعليم البنات ،ص.92 ( )2سكحال :الشيخ بيوض ومنهجه في الإصلاح .ص.201 بكلي :فتاوى البكري 6ج ا .ص.852-262((3 565البحث الرابع:تعليم المرأة بباقة من الأخلاق الإسلامية والآداب الشرعية في مرحلتها الأولى؛ من سن السادسة إلى أن تستكمل الثانية عشرة هنالك إذ تدخل الثالثة عشر ويتحقق بلوغها غالبا 5ننتقل بها من المدرسة إلى معهد النساء حيث يتلقين دروسا ثقافية في أحكام الطهارات والعبادات وشيئا من حقوق الأزواج وآداب المعاشرة وما يهيئهن ليكن زوجات طاهرات فأمهات صالحات مربيات! ف ويقول« :الرأي السديد عندي أن البنت المسلمة تعلم وتثقف ثقافة علمية دينية ،ويبلغ بها أقصى ما يخولها استعدادها إلى أن تصير عالمة كما كانت سالفاتها الصالحات أمثال أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها التى كانت مرجعا من المراجع الدينية للصحابة حتى العالمين منهم. مع كل هذا فإذا أردنا تقويم جهود الحركة الإصلاحية في مجال تعليم المرأة فإنه بوسعنا أن نسجل عليه ما يلي: إن هذه الجهود المبذولة-رغم كل أهميتها-قد أتت متاخرة بربع قرن من تاريخ انطلاق مسيرة تعليم الذكور ،ولا شك أن تلك الفلسفة الاجتماعية حول المرأة كانت وراء هذا التأخر وهذا التهيب من اختراق هذا الميدان وفي حقيقة الأمر فإن هذا يحسب على الحركة الإصلاحية إذ كان بإمكانها أن تدعو إلى تعليم الجنين معا ،ولا تسكت وترضخ لهذه النظرة الدونية القاصرة لتعليم المرأة. -إن جهودها المشكورة في فتح الأقسام والمدارس وتطوير البرامج التي تمت في وقت قياسي لم تشهد الاستمرارية والمواصلة في طريق التطوير خاصة بعد الاستقلال حيث توقفت مرة واحدة عند سقف معين حددته الحركة الإصلاحية لتعليم البنت. حسب رايي إن هذا السقف كان دون المستوى المطلوبؤ إذ لم يستطع مواكبة تطورات المجتمع ونضج الأجيال المتخرجة من الجامعات والمعاهد بعد الاستقلال. ( )1المرجع نفسه :ج ،1ص.262 -852 .2ص-852الرجع نقمسه :ح .1)(2 الإصلاح التربوي التعليمي الفصل السادس:566 -مع كل هذه الجهود العظيمة فإن نظرة الحركة الإصلاحية لتعليم المرأة بقي فبها شيء من القصور ذلك أن أهميته لديها لم يرق إلى أهمية تعليم الذكر ولم تستطع الحركة الإصلاحية التحرر نهائيا من آثار النظرة الاجتماعية السائدة حول المرأة ،لذا ل يكن مواصلة تطوير تعليم البنت من أولوياتها ،وتلمستمر فيه بنفس الحماس الذي انطلقت به في اليوم الأول" هذا ما أثر في المردود العام لهذا التعليم ،فبالرغم من كل إيجابياته بالمقارنة مع الحال التى كان عليها ،إلا أنه كان قي عمومه متوسطا ،وفي أحسن الأحوال مقبولا .استطاع القضاء على الأمية ونشر ثقافة متواضعة لدى النساء ،ولكنه لم يعمل على تكوينهم تكوينا علميا نوعيا رفيعا. حسب راينا؛ إن تعليم المرأة في وادي ميزاب إلى حد الساعة بحاجة إلى المزيد من التطوير والتجويد والتحسين على مستوى المناهج والبرامج والإدارة وأساليب التدريس ،وكان بالإمكان للحركة الإصلاحية أن تقوم بكل هذا وأن تواكب فيه تطور المجتمع وتصل به إلى أعلى المستويات في إطار ضوابط الشرع وأعراف المجتمع لو حصل ها الاقتناع وتوفرت لديها الإرادة. هذه هي مسيرة التعليم العربي الحر للمرأة في وادي ميزاب وهذه بعض الجهود التي بذلتها الحركة الإصلاحية في سبيل تطويره ،وهو ينتظر المزيد للوصول به إلى المستوى المطلوب. لتلااتتقتلااتتقتتااتت 765البحث الخامس :البعثات العلمية إلى الخارج الحث الخامس: البعثات العلمية إلى الخارج نتناول في هذا المبحث فصولا من جهود الحركة الإصلاحية التي بذلتها ني سبيل تكوين أجيالها وتزويدهم بمستويات أعلى من التعليم{ وتمكينهم من تلقبح معارفهم وفتح الآفاق أمامهم للطموح وصعود سلم الدرجات العلا في المجال العلمي ولأجل استكمال بناء شخصياتهم وإعدادهم كفاءات وإطارات لتحمل المسؤوليات الدينية والاجتماعية مستقبلا. ذلك ما يتعلق بجهودها في تأسيس البعثات العلمية في البلاد التونسية. كانت هذه المسيرة طويلة فعلا ومليئة بجليل الأعمال وعظيم التضحيات. وكانت فوائدها على وادي ميزاب وعلى الجزائر زاخرة وغنية ،لذا فليس لنا أن نستوفي حقها في هذه الدراسة المقتضبة ،وإنما سنكتفي بالتعرض إلى أهم معالمها وضبط أهم مراحلها التاريخية ،ونترك التفصيل فيها والإلمام بها لدراسات أخرى يمكن أن تختص بالموضوع. ففيم تتمثل هذه الجهود وما هي دواعي وجودها؟ [ -دواعي قيام البعثات العلمية وميلاد فكرتها: سبق أن بينا في مباحث سابقة أن الأوضاع التعليمة السائدة في وادي ميزاب والجزائر عموما خلال القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين كانت متردية مما دفع شباب الجزائر للتفكير في بدائل للجصول على التكوين العلمي المقبول الذي يروي ظماهم المعرفي ويتوافق مع طموحهم في الحصول على الدرجات العلمية العالية والتخرج من المعاهد والجامعات بشهادات كبيرة ومستويات علمية مقبولة. ) ) 1يراجع في ذلك مثلا :المبحث الثالث من الفصل الثانيێ ص.581 -1 91 الفصل السادس :الإصلاح التربوي التعليمي568 ينفعون بها أنفسهم" ويعودون إلى بلدانهم ليرفعوا عن أهلهم الجهل والأمية وياخذوا بيدهم في سبيل النهضة والإصلاح التى لا تتحقق إلا بشرط العلم والمعرفة. كانت البلاد التونسية خلال هذه الفترة هى الحاضرة العلمية الأقرب للجزائريين والمغاربة عموما ،وكانت تحيى انتعاشا علميا ونهضة ثقافية وحركية اجتماعية وسياسية معتبرة .مكنتها ان تضبح كعبة العلم والثقافة في المغرب الإسلامي يقصدها الطلبة من كل النواحى.'. من جهة أخرى فإن الأوضاع الاستعمارية في الجزائر عملت على خنق أي حركة تحبديدية تطويرية للتعليم" وأبقته في صورته التقليدية البسيطة المحصورة في الكتاتيب وفي دور العلم لبعض المشايخ .وحرمت الشرائح الواسعة من الجزائريين من الالتحاق بالمستويات العليا ني ثانوياتها ومعاهدها وجامعاتهاا“. كانت هذه الأوضاع التعليمية هي الدوافع الرئيسة وراء التفكير الجدي في إنشاء البعثات الطلابية خارج الجزائر. يقول الشيخ عبد الرحمن بكلي موضحا الدوافع وراء قيام البعثات ما يلي: « ...فشعرت إذ ذاك بشدة حاجتها إلى عدة الكفاح .وهو التزود بالعلم الصحيح في صبغته الحديثة ،والتمرس بالعناصر الحية خارج حدود الوطن لتأليف جيش مثقف يحمل راية الكفاح عن جدارة واستحقاق ،وبابه الحياة عن دراية وخبرة ويستغلب على مشاكلها بسلاح العلم وقوة العقيدة .فارسلت البعثات إلى تونس". وزيقول الشيخ أبو اليقظان في الصدد نفسه « :ونحن إنما أسسنا البعثة تحت تأثير ودوافع الحاجة الملحة إلى ذلك لما توجسنا من تطورات الحياة وشيكا بما تدفع إلى ميادينها الزاخرة أبناء المدارس والكليات والجامعات ‘ وخشينا حن من الذوبان وتلاشي كياننا بصفتنا أمة لها كيانها وطابعها الخاص في الميدان الاقتصادي ( )1يراجع في ذلك مثلا كتاب :حمد الفاضل بن عاشور :الحركة الأدبية والفكرية في تونس ،كله. ( )2تركي :التعليم القومي" ص.691 -221 الإصلاح .صئ09مسيرة بكلي:()3 965البحث الخامس :البعثات العلمية إلى الخارج والاجتماعى بالقطر الجزائري شمالا وجنوبا ،نحن نعد أنفسنا قد تاخرنا بيقظتنا عن الوقت اللازم. إلا أننا نستطيع القول إن العامل المباشر في ظهور أول بعثة لإباضية الجزائر في تونس هو ما وقع للمدرسة الصديقية العصرية في مدينة تبسة سنة 1331ه3191 /م بإقدام السلطات الاستعمارية الفرنسية على إجهاض مشروعها وواده في مهده؛ بعد ستة أشهر من افتتاحه بطريقة استعمارية تعسفية مقيتة ،تنم عن حقد دفين وكره شديد للإسلام والعربية والمقومات الحضارية للشعب الجزائري. فكان رد فعل أولياء التلاميذ هو التفكير الجدي والعزم الأكيد على تحدي هذه الخطوة الاستعمارية بإرسال أبنائهم إلى تونس لاستكمال دراستهم في مدارسها العربية العصرية المماثلة للمدرسة الصديقية التى أرادت السلطات الاستعمارية أن تحرم ابناءهم في التعلم فيها. من جهة أخرى فإن بعض المؤشرات تبدي أن فكرة البعثات الطلابية كانت بذرتها موجودة في أذهان بعض الشباب المثقف في وادي ميزاب من قبل هذا التاريخ ،وقبل وقوع هذه الأحداث\ إذ كانت أحلامهم تراودهم وطموحهم يدفعهم للخروج من وادي ميزاب والالتحاق بتونس لاستكمال دراستهم فيها وكسر هذا الطوق المضروب عليهم مهما كان الثمن .إلا أن الأجواء العامة لم تكن مواتية لتقبل مثل هذه الآفكار الشبابية. هذا ما وجدناه فعلا عند الشاب الناشئ أبي اليقظان إبراهيم الذي اعتبرناه في ما مضى من البحث الرجل التقدمي المتفتح داخل المدرسة الإصلاحية. إذ تذكر الروايات أن أول من هم بالخروج من وادي ميزاب تجاه تونس بغرض استكمال الدراسةش والسعي لتكوين بعثة طلابية فيها هو آبو اليقظان وكان ذلك سنة 0331ه2191 /م .وقد قام فعلا بعرض فكرته على بعض رفقائه الطلبة _ ( )1ابو اليقظان :تاريخ صحف ابي اليقظان ،ص!4 التزبوي التعليميالإصلاحالفصل السادس:.5 70 في حلقة شيخهم الحاج عمر بن يحيى في بلدته القرارةى وعرضها على بعض الرجال المتحمسين للإصلاح"'. كان تصوره لفكرة المشروع يتمثل في تكفل المجتمع بمجموعة من الطلبة الكبار الذين نالوا قسطا لا باس به من العلوم في حلقة شيخهم الحاج عمر وإرسالهم إلى تونس لاستكمال دراستهم في معاهدها. كان من الشاب الطموح أن تشجع وتجبرأ مع رفقائه على عرض فكرته على شيخهم الوقور الذي يكنون له كل الاحترام والتقدير ويعملون بتوصياته وتوجيهاته فأجابهم بقوله« :القد أردتم بناء السطح قبل بناء الأساس» (. كان جواب الشيخ المبجل المطاع بالنسبة للشاب أبي اليقظان إيذانا بتوقيف مساعيه في إنحباز مشروعه لاحترام رأي شيخه ومنزلته عنذه .إلا أن اصل الفكرة والمشروع بقي يختلج في قرارة نفسها ويختمر في أعماق ذهنه وينتظر الوقت المناسب ليخرجه للعيان. ظلت الفكرة تراود الشاب التقدمي الطموح ويراودهاء وإن لم يستطع أن يخالف راي شيخه ويحمل رفقاءه للسفر معه إلى تونس إلا أن إيمانه وعزمه في أمره جعله يبحث عن أول فرصة متاحة لمغادرة وادي ميزاب والتوجه إلى تونس لتحقيق بغيته ومراده. كان أن قدر الله تعالى عليه ن أصيب بمرض في عينيه فوجد السبب للسفر إلى تونس سنة 0331ه3191 /م بحثا عن العلاج ،وما إن نزل بها حتى التحق بجامع الزيتونة وواظب على حضور حلقات مشايخها الكبار. فكيف كان ميلاد مشروع البعثة الذي ظل يسكن أعماقه ويملأ وجدانه؟ ( )1محمد لعساكر :محاضرة مرقونة بعنوان :دور الشيخ ابي اليقظان في تاسيس البعشة العلمية ومساهمته ئي الحركة الوطنية بتونس ،ألقيت في مهرجان الشيخ أبي اليقظان الذي نظمته جمعية البلابل الرستمية بغرداية. سنة 9791م .ص.2 ص.2المصدر نفسه:)(2 الشيخ ابو اليقظان كما عرفته .صر .78فرصوص:()3 175 -البحث الخامس :البعثات العلمية إلى الخارج -2البعثة التلمية اليقظانية الأولسى: كان الشاب أبو اليقظان في تونس يزاول دراسته في جامع الزيتونة بطريقة غير نظامية ،أي كان يختار لنفسه المواد والحلقات والأوقات التي يحضرهاء كما كان شأن الكثير من الجزائريين. في هذه الفترة سنة 1331ه3191 /م أغلقت المدرسة الصديقية في مدينة تبسة. فكان عزم الأولياء على نقل أبنائهم إلى تونس ،وكان مشكلهم فيمن سيتولى مرحلة دراستهمففهم لا يزالون فتيانا صغاراعليهم ومتابعة دراستهم؛الاشراف الابتدائية بجاجة إلى رعاية ومراقبة. سرعان ما اهتدى هؤلاء الأولياء إلى الشاب إبراهيم أبي اليقظان الذي كان زميل بعضهم في حلقة شيخهم الحاج عمر بن يحيى بالقرارة ،فتم الاتصال به وعرض الفكرة عليه ،فابدى موافقته مباشرة وتشجيعه لهم ،ورأى أن حلمه الماضي وقت تحتته وقد آن أوانه ليتحول الى واقع' ,قد حان بدات الاستعدادات لاستقبال فوج التلاميذ بالبحث عن منزل مناسب لاستئجا ره يكون مقرا :لبعثتهم ؛ يؤويهم ويعينهم على مزا ولة درا ستهم.وفعلا غ ذلك ،فما أتى شهر جمادى الثانية من سنة 2331ه /ماي 4191م حتى وصل التلاميذ من تبسة إلى تونس وكان عددهم ستة ثم انضم إليهم مجموعة من أبناء العائلات الميزابية المقيمة في تونس فوصل العدد إلى خمسة عشر تلميذا(. بعثة علمية منوأولميزابأبناء واديبعثة علمية منمشكلين بذلك أول أبناء الجزائر. ( )1سعد النه :تاريخ الجزائر الثقاني ،ج .3ص .572 -372دبوز :اعلام الإاصلاح ،ج .3ص.351 -051 لعساكر :حاضرة مرقونة بعنوان :دور الشيخ ابي اليقظان في تاسيس البعثة العلمية .ص .1-2قاسم :أقلام الميزابيين في الصحافة التونسية .ص.81 -21 ( )2سعد الله :المرجع نفسه ج 35ص .572 -372دبوز :المرجع نفسه ،ج 3.5ص.351 -051 الفصل السادس :الإصلاح التربوي التعليمي572 تسلم الشاب أبو اليقظان هذه المسؤولية وتوجهت جهوده في رعاية هؤلا. الفتية إلى واجهتين هامتين هما: توجيه التلاميذ إلى مدرسة عصرية عربية تتوفر فيها شروط التربية والتعليم الجدي النوعي المتناسب مع آمال أوليائهم المعنوية وجهودهم المادية على نسق المدرسة الصديقية التى اغتيلت في مهدها. تسطير نظام داخلي محكم ثري في إقامة البعثة يضمن للتلاميذ الفتية رعاية شؤونهم ومراقبة أخلاقهم وحصانة دينهم واستكمال تربيتهم ومساعدتهم على التعلم والتكوي.( . أما ما يتعلق بالواجهة الأولى فقد وقع اختيار الشيخ أبي اليقظان على المدرسة العربية العصرية التي كان يديرها الشيخ محمد صفر-أحد خريجي جامع الزيتونة- هذه المدرسة التي تعنى بتعليم اللغة العربية وعلومها وتحفيظ القرآن الكريم } والحديث الشريف وتدريس العلوم العصرية واللغة الفرنسية. درس فتية أبي اليقظان في هذه المدرسة ثلاثة أشهر© ثم انتقلوا إلى مدرسة السلام التي تاسست حديثا ،والتي يديرها ويعلم فيها المربي القدير الشاذلتي المرالي. الذي كان معلما في المدرسة الأولى. يبدو أن أبا اليقان المتحرر كعادته كان معجبا إلى حد بعيد بشخصية المربي الشاذلي المرالي ،ووضع فيه كل ثقته لتعليم فتيته؛ مما جعله يقرر نقل تلاميذه إلى مدرسته الجديدة ويشجعه للمضي في مشروعه ويدعمه معنويا ومادياء حيث تكفل بدفع إيحبار مبنى المدرسة. زاول التلاميذ دراستهم بمدرسة السلام مدة سنة دراسية تحصلوا فيها على نصيب وافر من التربية والتكوين بجمعهم بين تعليم المواد العربية والعصرية وحفظ قسظ من القرآن الكريم والحديث الشريف والأناشيد الوطنية. . ( )1لعساكر :محاضرة مرقونة بعنوان :دور الشيخ أبي اليقظان في تاسيس البعثة العلمية .ص.2 ص .381 -[ 37دبور :اعلام الإصلاح .ج.3()2 375البحث الخامس :البعثات العلمية إلى الخارج _ هذا عن الواجهة الأولى .أما على مستوى الواجهة الثانية فقد سطر أبو اليقظان لفتيته بدار البعثة برنامجا مكتفا بالأنشطة ومحكما في الأوقات وحازما في التربية. وكان هدفه هو الجمع بين التربية والتعليم وبناء شخصية الفتيان والقيام بالأاشغال المنزلية والترفيه والرياضة. حدد الشيخ أبو اليقظان المهمات والأدوار التي كان يقوم بها في البعثة فيما يلى: العقائد وفي الفقه الإباضي يوميا.عليهم فالدروس( ۔ إلقاء ۔ تقفقل كراريسهم ودررسهم المدرسية . مراقبة أحوالهم الدينية العملية. المحافظة على حالتهم الصحية والاقتصادية. إدارة شؤونهم المنزلية". هكذا عاش فتية أبي اليقظان في هذا الجو المفعم بالنشاط والاستفادة بين المدرسة والبعثة مدة عشرة أشهر كاملة .إلا أن الأجواء السياسية الطارئة عكرت هذا الجو ،وغيمت على هذا الصفاء باندلاع الحرب العالمية الأولى ووصول لهيبها لل تونس ،فتلبدت سماؤها بغيوم سوداء تنبع بشرور آتية .فكان ذلك سببا أن يضطر أبو اليقظان-ورما بطلب من أولياء تلاميذه -إلى توقيف مشروعه والعودة بالفتية إلى الجزائر ،ورد الأمانات إلى أهلها ،وكان ذلك في شهر ربيع الثاني سنة 3ه /آخر شهر فيفري سنة .5191ف. .7-)( 1أبو اليقظان:إرشاد الحائرين .ص6 ( )2دبوز :اعلام الإصلاح .ج {3ص.581 -481 الفصل السادس :الإصلاح التربوي التعليمي574 استقبلت الجماعات الميزابية في مدن الشرق الجزائري هذه الكوكبة من التلاميذ مع قائدها بحفاوة كبيرة وبانبهار شديد بالنتائج التى ظهرت عليهم في هذه المدة الزمنية القصيرة حيث نزلت هذه القافلة في طريقها إلى وادي ميزاب بمدينة تبسة ومدينة عين البيضاء وأحيت حفلات ثقافية حضرها أعيان الجماعات وقدم فيها التلاميذ نماذج مما تعلموه وتربوا عليه في المدارس التونسية وفي البعثة اليقظانية‘“. كانت هذه البعثة فاتحة خير على وادي ميزاب في سبيل اقتناع مسؤوليها باهمية التعليم العصري وأهمية مشروع البعثات ،وتمنوا لو أنه عاش مدة أطول حتى تظهر نتائجه أكثر ،ويتمكنوا من إلحاق أبنائهم به ليستفيدوا مما استفاد منه هؤلاء ويتعلموا ما تعلموه. هكذا انتهت التجربة الأولى للشاب أبي اليقظان في تحقيق حلمه وتأسيس مشروعه. عاد إلى وادي ميزاب وإلى بلدته القرارة بعد غياب متواصل في تونس استمر عامين وأربعة أشهر قضاها بين استكمال تحصيله العلمي في جامع الزيتونة ورئاسة البعثة الطلابية. لا شك أن أبا اليقظان سيروي كثيرا من وقائع هذه التجربة وفوائدها لرفقائه من الطلبة في حلقة شيخهم الحاج عمر ،وسيحكي لأعيان الإصلاح ولرجال المجتمع عن مزايا التعليم العصري‘ وسيحدثهم عن ضرورة تطوير التعليم بوادي ميزاب© والرقي به إلى ما هعهوليه بتونس ،وسيحثهم على جلب النقلة التونسية. بلا شك أن هذا الذي تم فعلا وحصل في تلك الحقبة؛ فكان من نتائجه أن أسس الشاب أبو اليقظان أول مدرسة عصرية على نمط المدارس التونسية سنة 5191 /331م بدعم من رجال الإصلاح ومشايخها كما عرضنا ذلك سابقا. ثم ماذا حصل بعد ذلك في شؤون البعثات؟ 575البحث الخامس :البعثات العلمية إلى الخارج 2البعثة التلمية اليقظانية الثانية: إذا كان سبب ظهور البعثة الأولى هو غلق المدرسة الصديقية فإن سبب ظهور البعثة الثانية هو اجتماع عدد من الطلبة المتخرجين من حلقة الشيخ عمر بن يحيى ورغبتهم في مواصلة دراستهم في تونس والاستفادة من جوها العلمي. غير مستبعد أن تكون جلسات أبي اليقظان ومسامراته مع رفقائه حول هذا الوضوع وراء تولد هذه الرغبة فيهم وعزمهم على السفر .فهو موجود في هذه الأثناء بين أظهرهم يبث دعايته وينفخ فيهم الحماس والعزيمة كما أنه متفرغ للتدريس في مدرسته النموذجية العصرية التى اعتبرناها أول مدرسة عربية عصرية في وادي ميزاب ولا ندري أسبقتها مدرسة في الجزائر ام لا. التقت إرادة أبي اليقظان مع هؤلاء الطلبة ومن ورائهم بعض الرجال التحمسين للإصلاح في إعادة تجربة البعثة العلمية من جديد على أن يتولى قيادتها وبشرط أن تكون خاصة بالطلبة الكبار دون الصغار منهم ،وتحصر.فيمن نال حظا مقبولا من العلم في حلقات شيخهم الحاج عمر. ما كان من الشيخ أبي اليقظان إلا أن يستجيب هذا المطلب ويوقف مدرسته النموذجية ويعيد الكرة إلى تونس على رأس مجموعة جديدة من الطلبة ،ويؤسس البعثة اليقظانية الثانية. إن مما يلاحظ على شخصية الشيخ أبي اليقظان بتتبع اعماله ومراحل حياته حب المغامرة ،وخفة التحرك وقوة التموقع وقدرة المبادرة وتكرار _ التجربة ،وعدم الاستسلام للأمر الواقع© وعدم الرضا بالفشل ،مع استقلالية التنفكير ،وقوة اتخاذ القرار ،والإقدام على التنفيذ والإسراع ني تحويل الأفكار .إلى أعمال ومنجزات. ( )1دبوز :اعلام الإصلاح ،ج {3ص.612 -312 الفصل السادس :الإصلاح التربوي التعليمي576 والترتيبات انطلقت كوكبة الطلبة بقيادة أبي اليقظانبعل إتمام المشاورات مولية وجهها نحو تونس فوصلتها خلال شهر ربيع الأول من سنة 5ه /جانفي ‏.٠1917 وا ستاجرتبتونسمكونة من ستة طلبة وأبو ‏ ١ليقظا ن سا بعهم.حلتكانت دارا> وما لبث أن التحق بها أعداد من الطلبة من قرى وادي ميزاب ومن الميزابيين المقيمين في تونس .فكان عدد أفرادها في تزايد متسارع مستمر حتى قارب المائة طالب وتلميذ بعد نهاية الحرب العالية الأولى وخلال العشرينيات. ما اضطر الشيخ أبو اليقظان ومن معه من أعيان الميزابيين في تونس إلى تقسيمهم إلى ثلاثة أفواج كل فوج يسكن دارا خاصة به مشكلين بذلك ثلاثة فروع يجمع بينها التنسيق والتعاون وتبادل التجارب .حتى يتم التحكم أكثر في الشباب الناشئ ومراقبة اخلاقهم وتقويم سلوكهم ومتابعة تعليمهم. أما عن دراسة هؤلاء الطلبة فقد تم توجيههم للالتحاق بحلقات جامع الزيتونة وبمقاعد المعهد الخلدوني للعلوم العصرية .إذ رأى الشيخ أبو اليقظان أن تكوين الطلبة وإعدادهم للمستقبل يقتضي تكوينا متكاملا متزنا يجمع بين العلوم الشرعية والعربية والعصرية وتعلم اللغة الفرنسية .مما يسمح لهؤلاء بمسايرة عصرهم والتعامل باقتدار مع وظائفه ومهماته ومشاغله .بينما التحق التلاميذ الصغار الذي انضموا إل البعثة فيما بعد بالمدارس الابتدائية العصرية. ( )1يرجح الأستاذ محمد علي دبوز أن سفر البعثة كان خلال شهر أكتوبر من سنة 6191م لأنه يتناسب مع تاريخ انتاح السنة الدراسية؛ إلا أن الشيخ أبا اليقظان ذكر بنفسه ف كتابه إرشاد الحائرين إن سفره كان 1 جانفي 7191م .صك. ( )2دبوز :المرجع الساسق ،ج .3صر .612لعساكر :محاضرة مرقونة بعنوان :دور الشيخ أبي اليقظان في تاسيس البعثة العلميةء صر.6 ( )3أبو اليقظان :إرشاد الحائرين‘ ص .6لعساكر :محاضرة مرقونةبعنوان :دور الشيخ ابي اليقظان في تاسيس البعثة العلمية .صر .6قاسم :أقلام الميزابيين في الصحافة التونسية .ص.81 -21 775البحث الخامس :البعثات العلمية إلى الخارج ساعد الشيخ أبا اليقظان في إدارة البعثة مجموعة من الطلبة الكبار التى التحقوا بها في السنوات الأولى" وهؤلاء هم الشيخ عبد الرحمن بكلي والشيخ بنوح مصباح والشيخ صالح بابكره' والشيخ يوسف حو وعلي. أما عن نظام البعثة ونشاطها فكان على روح النظام السابق الذي أقامه الشيخ ابو اليقظان للبعثة الأولى وعلى شاكلة برامجه ،إذ قسم المراقبون والموجهون الأدوار التربوية والتعليمية والإدارية بينهم وتعاونوا عليها لاحتواء هذا العدد الهائل المتزايد من الطلبة والتلاميذ. كانت العناية والتركيز على مراقبة أخلاق الشباب من الانحراف أو الفساد وضبط سلوكهم واستكمال تربيهم وملء أوقات فراغهمإ وتوفير الجو الملائم لدراستهم .مع تقديم دروس إضافية يومية لهم. كما طور القائمون على البعثة برنامج نشاطها مستفيدين من تراكم تجاربهم .وخبراتهم السابقة في مجال الإدارة والتسيير واصبح أهم فقراتها ما يلي: _ الحرص على استقامة أخلاق الطلبة بالمراقبة الصارمة لسلوكهم واخلاقهم وحثهم على صلاة الجماعة ومحاسبتهم عليها. تقديم دروس يومية لهم في مواد الفقه والعقيدة والأخلاق. -مساعدة التلاميذ في فهم دروسهم بإعادة شرحها وبسطها وإجراء التمارين عليها. تكوين مجموعات صوتية ومسرحية لتنمية هوايات الطلبة وتهذيب أذواقهم. ( )1صالح بن قاسم بابكر( :و2231 :ه4091 /م -ت5931 :ه 12 /مارس 6791م) من زعماء الحركة الإصلاحية الحديثة بوادي ميزاب ورجالها المخلصين .درس في بلدته غرداية{ وقي مدارس تونس .اشتغل بالتجارة وبالعمل الاجتماعي" وأسس جمعية الإصلاح الخيرية المشرفة على مشاريع الحركة الإصلاحية ني بلدة غرداية ،كان وراء تأسيس العديد من المساجد والمدارس والجمعيات .منها تاسيس أول مدرسة للبنات في غرداية .أسهم بنشاط فعال في الإعداد للثورة والتمكين لهما والإسهام في تمويلها على مستوى ولاية غرداية. .آلقى الاستعمار عليه القبض وسجنه في الأغواط .معجم أعلام الإباضية .ج .3ص.084 39 الفصل السادس :الإصلاح التربوي التعليمي58 -تنظيم جمعيات أدبية لتثقيفهم .ولتفتيق موا هبهم وتشجيعهم على المطالعة الشعر.والبحث .وتدريبهم على الفصاحة والخطابة وقرض تنظيم أمسيات وسهرات فنية أدبية تجمع بين الجد والمرح للترويح عن النفس والتدريب على الشجاعة الأدبية واكتشاف المواهب والقدرات. ,تنظيم برنامج رياضي وترفيهي يوم العطلة نهاية ا لأسبوع يتضمن الخروج إل الغابات والأجنة والشواطئ للعب كرة القدم وتعلم السباحة والاستمتاع بجمال الطبيعة؛"'. لقد تكلم العديد من الكتاب والمؤرخين عن هذا النظام والنشاط الذي شهدته بعثة أبي اليقظان وأشادوا به وبالأدوار التربوية والعلمية والوطنية التي قام بها مع رفقائه في سبيل إعداد الأجيال. يقول الدكتور أبو القاسم سعد النه« :إن ما يلفت النظر في البعثات الميزابية هو الإشراف والتوجيه والانضباط ...وكذلك وسائل الاستقبال وتسهيلات الإقامة والدراسة. ويقول الدكتور حمد صالح الجابري« :عانى الطلبة الجزائريون في الطور الأول من البعثة ...ولا يستثنى من هذه الوضعية غير أبناء وادي ميزاب الذين بدأ توافدهم على الزيتونة من الجنوب الجزائري في شكل مجموعات أكثر إحكاما من حيث التنظيم والإدارة ،وأوفر حظا من النواحي المادية والمعنوية إذ كان يعهد في كل مرة إلى أحد من علمائهم مهمة الإشراف على البعثة الطلابية وتولي كل أمورها ،وتجنيبها ما يتوقع من مصائب؛ 3 ( )1دبوز :أعلام الاصلاح .ج .3ص912۔.5لعساكر :حاضرة مرقونة بعنوان :دور الشيخ ابي اليقظان في تاسيس البعثة العلمية .ص .7 -6قاسم :أقلام الميزابيين في الصحافة التونسية .ص.81 -21 ( )2سعد النه :تاريخ الجزائر الثقاني ،ج8991 .3م .ص.572 ( )3الجابري :النشاط العلمي ص.001 975البحث الخامس :البعثات العلمية إلى الخارج ويقول الدكتور محمد ناصر« :إن الأسس التى قامت عليها هذه البعثات العلمية إسلامية وطنية تعتز بالأصالة .وتتنتح على الثقافة الأجنبية .وإن الناظر في البرنامج اليومي الذي وضعه أبو اليقظان لبعثته سنة 2331ه4191 /م يستحق من المربين العناية والدراسة...كان برنامجهم اليومي يحتوي على وسائل عديدة مثل: صلاة الجماعة ،ومذاكرة القرآن أفرادا وجماعات والاعتماد على النفس في القيام بشؤون البيت طبخا وتنظيفا وغير ذلك ،ويصبح هذا النظام في البعثة جزءا من التربية الإسلامية التي يحاسب عليها التلميذ حين يحاسب على دروسه. كما أن من أنشطة البعثة المحدثة التى أولى لها المسؤولون العناية عقد لقاءات وجلسات مع الشخصيات العلمية والسياسية الموجودة في تونسؤ والشخصيات الجزائرية التى كانت تقصد تونس بين الحين والآخر؛ حيث كان القائمون يسارعون لل ضيافتها في مقر البعثة لإطلاعها على أنشطتهم وتقديمها كلمات توجيهية لأبنائهم الشباب } .ت زارت البعثة خلال هذه الفترة أسماء لامعة في سماء العلم والسياسة والثقافة. لعل أهمها: من تونس الزعيم الوطني الشيخ عبد العزيز الثعالبي" والمناضل محمد الرياحي. ومن الجزائر اللإمام الشيخ عبد الحميد بن باديس وشيخ وادي ميزاب حمو بن باحمد بابا وموسى والمناضل القيادي في صفوف الحزب الدستوري صالح بن يحيى آل الشيخ!،والسياسي المصلح الحاج بكير العنق. ( )1ناصر :مقال بعنوان :القيم الإسلامية في نظام التعليم بوادي ميزاب ،مجلة الحياة ،الصادرة عن معهد الحياة.ع .8991 .1صن.57 -47 ( )2صالح بن يحمى آل الشيخ( :ت7631:ه 5 /جانفي 8491م) من بلدة بني يزقن بوادي ميزاب ،من الزعماء السياسيين والنشطين الجزائريين في صفوف الحزب الدستوري التونسي" وعضو لجتته التتقينية. نشط في تمويل الحزب بالمالؤ سجتته السلطات الاستعمارية في تونس سنة 0291م .معجم اعلام الإباضية :ج .3ص.984 -784 الفتل السادس :الإصلاح التربوي التعليمي580 كما ربطت البعثة علاقات مع الزعيم المجاهد سليمان الباروني حيث تبادل الرسائل مع الشيخ أبي اليقظان ومع طلبته ،وكتب في مدح البعثة وفتيتها قصيدتين رائعتين(". كان الطلبة خلال هذه اللقاءات يلقون خطبهم ومحاولاتهم الشعرية ويستعرضون فصولا من أنشطتهم الثقافية ويؤدون الأناشيد الوطنية والوصلات الفنية والمشاهد المسرحية. سجل الإمام عبد الحميد بن باديس انطباعه عن زيارته للبعثة اليقظانية سنة [ 431ه1291 /م في مقال نشره بجريدة الصديق بعنوان :نهضة جزائرية بالحاضرة التونسية .نقتطف منه ما يلي: «إن الشعور الوطني إذا افعم القلوب لا بد أن تظهر ثمراته في الأعمال حتى تبلغ الأمة غاية الكمال" فهو كالماء تحت الجبال لا بد أن ينبعث فتشقق له الحجارة وتتنفجر منه الأنهار .وهاهم أولاد إخواننا الميزابيين سرى فيهم شعور صحيح. فولعوا بالتقدم ،وأخذوا يتمسكون باسبابه بجد واجتهاد أخذوا في طريق التجارة حتى ملكوا أزمتها .وصاروا العضو القوي الإسلامي بالجزائر فيها .وهاهم اليوم يسعون في طريق العلم ،ويرحلون في طلبه ،وأخلق بهم أن ينالوا منه ما يريدون... حللت بتونس فاستدعتني جماعتهم إلى عندهم في دارهم ليلا ،فلما فرغنا من العشاء ،خرجت إلى صحن الدار شبيبتهم المتعلمة بالمدارس التونسية على الأسلوب الحديث ،الذي يجمع بين العلوم الدينية والدنيوية ،واللغة العربية والفرنسوية ،مع حفظ القرآن الكريم ،فاصطفوا بنظام وشنفوا أسماع الحاضرين بالأناشيد الوطنية والمدرسية .وتحاوروا بالمناظرات السيفية القلمية ،كل ذلك باللهجة الفصيحة والألسن الذلقة والجأاش الثابت ،فرأينا منهم أهلة توشك أن تكون أقمارا .وغروسا طيبة توشك أن تجنى ثمارها. ( )1القصيدتان منشورتان ضمن كتاب :دبوز :أعلام الإصلاح ج .3ص.282 -082 ( )2عبد الحميد بن باديس :مقال بعنوان :نهضة جزائرية بالحاضرة التونسية .جريدة الصديق .عدد 44۔ تاريخ: 185البحث الخامس :البعثات العلمية إلى الخارج هذه هي الخطوط العريضة التي سارت وفقها البعشة اليقظانية في برنامجها ونشاطها. كما اعتنى رؤساء البعثة بجلب المجلات والجرائد المصرية والتونسية الوطنية المناهضة للاستعمار والمنافحة عن الأوطان وكانوا يضعونها بين ايدي الطلبة للاطلاع عليها ،كما يعقدون لها جلسات لقراءة بمض فصوفا وتحليل بعض مقالاتها .لأجل وضع الطلبة في الصورة من الأوضاع التي يعيشها العالم الاسلامي وكذا إذكاء روح الوطنية والوعي السياسي لديهم ،وتقوية ة انتمائهم للامة الاسلامية الواحدة .وإشعارهم بالمخاطر التى تحاكضدها"". استمرت البعثة اليقظانية تسع عشرة سنةعلى هذا النمط من النشاط وعلى هذا السعي والجد في سبيل تكوين الأجيال علميا واجتماعيا واخلاقيا وإعدادهم الجزائر ووادي ميزاب .بةبقي الشيخ أبولتحمل المسؤوليات والمهام الضارية ف ه 5291 /منم دخل الجزائر سنهة4431تسع سنواتااليقظان قائدا هما مدة ليؤسس حركته الصحفية ويتفرغ لمشروعه الجديد ويلج هذا المضمار من الجهاد بداية من سنة5431د 6291 /م استقدم الشيخ أبو اليقظان من ميزاب قبل مغادرته أحد رفقائه السابقين خليفة له في رئاسة البعثة هو السيد قاسم بن الحاج عيسى بن الشيخ ،مع الاستعانة بكبار الطلبة الذين كانوا معه في إدارة البعثة .واستمر السيد قاسم في رئاسة البعثة إلى سنة 6391 /1 553م حيث توقفت نهانا بدخول مسؤوفها الى الجزائر وتخرج الطلبة وانمطاع انقطا بعصهم 2 129 /90 ,9ام. ( ) 1دبوز :أعلام الإصلاح .ج .3ص-222۔ .7 ( )2المرجع نفسه :ج .3ص: .942-052 الفصل السادس :الإصلاح التربوي التعليمي|582 - 3أخبار البعثات الأخرى: أشرنا فيما مضى إلى أن بعثة الميزابيين في تونس اضبح ها ثلاثة فروع .فكيف تم ذلك؟ خلال سنة 5331ه7191/م سافر الشيخ أبو إسحاق إبراهيم اطفيش إلى تونس لاستكمال دراسته ف جامع الزيتونة ثم التحق بها لشيخ محمدا لثميني سنة 9191م .فجمعتهما صداقة متينة وزمالة وطيدة مع الشيخ أبي اليقظان./73 كون الاثنان مع السيد صالح باعلي!" بعثة ثانية خاصة بتلاميذ بلدة بني يزقن. وقد سار الثلاثة بتعاون وتوافق في إنشائها وتسييرها ،وقد استفادوا من تحبربة أبي اليقظان وساروا على نظا مه وبرامجه وأنشطته . مما يبدو آن السيد صالح بن يحيى آل الشيخ المقيم في تونس كان وراء تاسيس هذه البعثة الخاصة بآل بني يزقن؛ ذلك لما رأى من ثمار بعثة أبي اليقظان ،فعرض الفكرة على أعيانها أثناء رحلاته إلى ميزاب وعرضها على السيد صالح باعلي الذي يبدو أنه قدم تونس للتجارة ى نتعاون مع ‏ ١لشيخين ابي إسحاق وا لثميني فأسسوا البعثة اليسجنية. تكفل السيد صالح باعلي بالجانب المادي والرقابي للتلاميذ ،بينما تعاون الثاني والثالث على مسؤولية التربية والتعليم والتوجيه. استمرت هذه البعثة ف نشاطها مدة من الزمن ،ومما يبدو أن الثلاثة القائمين مما اضطروا للعليها ل يتواصل بينهم ‏ ١لانسجام والتوافق وساءت العلاقات بينهم تقسيم البعثة إلى فرعين؛ فرع بقيادة السيد صالح باعلي ،وفرع بقيادة الشيخين أبي إسحاق والثميني وكان ذلك سنة 1431ه2291/م .وبعد أن نفي الشيخ أبو ( )1صالح بن علي باعلي( :و9781 / 7921 :م -ت6831 :ه !1 /اوت 7691م) من رجالات بلدة بني يسجن بميزابؤ وأعيانها الأثرياء .درس عند القطب الشيخ اطفيش .ترأس البعثة العلمية الميزابية في تونس؛ تولى الوعظ والإرشاد في مسجد بلدته .معجم اعلام الإباضية :ج .3ص.374 385البعثات العلمية إل الخارج البحث الخامس: إسحاق اطفيش إل مصر سنة 2431ه 3291 /م وغادر تونس بقي الشيخ الثميني رئيسا للبعثة واستمر نشاطها إلى سنة 8731ه.'".8591 / حقيقة الأمر إن هذه الفروع الثلاثة كلها ابلت بلاء حسنا في تربيةالأجيال واخو على تكوينها وتعليمها ورعاية شؤونها وسلامة أخلاقها واستقامة سلوكها ،وقد تخرج منها العشرات من الشباب والرجال الذين عادوا إلى الجزائر وإلى وادي ميزاب وملؤوها نشاطا واعمالا في مجالات الحياة المختلفة. كما ظهرت خلال سنة 5531ه6391 /م إثر توقف البعثة اليقظانية بعثة تابعة لجمعية الإصلاح ببلدة غرداية .حيث كلفت أحد أبنائها المخلصين الجادين وهو الشيخ بنوح مصباح المتخرج من معاهد تونس ومن بعثة الشيخ أبي اليقظان لرئاسة هذه التجربة الجديدة التي سارت على روح البعثات السابقة .فاستقبلت الطلبة من أبناء غرداية وأبناء جمعية الإصلاح. سارت ونشطت مدة أربع سنوات فكونت وربت ونصحت وأطرت الشباب واستمرت إلى قيام الحرب العالمية الثانية حيث ساءت الأوضاع ني تونس مما اضطر الشيخ بنوح للعودة بطلبته إلى أرض الوطر. هكذا انتهى العهد الأول من البعثات الطلابية الميزابية إلى تونس حيث كان عهدا حافلا بالأحداث والتضحيات والانتصارات‘ ومثلث هذه البعثات فعلا مدارس للتكوين ولم تكن مجرد داخليات للإقامة والنوم والأكل" بل كانت مشاتل لصناعة الرجال وإعداد النخب. يقول الدكتور محمد ناصر عن أفضال هذه البعثات على وادي ميزاب وعلى الجزائر« :والحق إن تاريخ النهضة الثقافية في الجزائر سيظل مدينا فهذه البعثات بالكثير .فإلى أمثال أبي إسحاق اطفيش ،وأبي اليقظان ،والثميني وغيرهم من ( )1دبوز :اعلام الإصلاح .ج .3ص .052 -942الحاج سعيد :تاريخ بني مزاب ،ص.751 ) (2دبوز :الزجع نفسه .ج .3ص ا .452 52 الإصلاح التربوي التعليميالفضل السادس:.584 الرعيل الأول يعود الفضل في نفخ روح الحياة في تلك الشعلة التي أراد الاستعمار الفرنسي إخمادها ،لقد صمد هؤلاء صمود الأبطال في وجه حملات القمع الاستعمارية ودسائسه ،وجابهوا غخططات التيارات المعارضة باسم الدين ودعوى المحافظة على المميزات إنه لا يمكن للمرء أن يمر أمام تلك الفصول من الجهاد العظيم الذي قام به هؤلاء في سبيل ترسيخ أقدام البعثة العلمية دون أن ينحني تقديرا وإجلالا؛ه"“. كما أصبح قادة هذه البعثات مناضلين فاعلين في الأحزاب الوطنية التونسية خاصة منها الحزب الحر الدستوري بقيادة الشيخ عبد العزيز الثعالبي .كما أصبح الكثير من طلبتها أعضاء فاعلين في المحافل السياسية والثقافية التونسية والجزائرية نذكر منهم :مفدي زكرياء ورمضان حمود. هذا عن العهد الأول" فماذا عن العهد الثاني من البعثات الإصلاحية؟ 4البعثة العلمية البيوضية: إذا كان الشيخ أبو اليقظان هو بطل العهد الآول من البعثات فإن العهد الثاني تشكل أبطاله من أشبال زعيم ا لإصلاح الشيخ بيوض الذين أصبحوا شبابا ناضجين نالوا حظا وافرا من التكوين العلمي والتنشئة الاجتماعية وبناء شخصيتهم على يدي شيخهم بيوض وهاهم ينتشرون في الأرض معتمدين على أنفسهم ويشقون طريقهم نحو العلا والسؤدد لاستكمال مشوارهم الدراسي في الجامعات والمعاهد التونسية بعد أن تشبعوا بالفكر الإصلاحي البيوضي. يتحدون في ذلك الأوضاع السياسية العامة؛ حيث ظروف الحرب العالمية الثانية قائمة على أشدها والسلطات الاستعمارية خلال هذه الفترة تطوق الخناق على الجزائريين في حركة اسفارهم وتمنع أي تنقل لهم من الجزائر إلى البلدان لتعليم بوادي ميزاب مجلة الحياة ،الصادرة عن معهد الحياة.ناصر :مقال بعنوان :القيم الإسلامية ف نظام() عا899 .ام ص.47 585للبحث الخامس :البعثات العلمية إلى الخارج المجاورة إلا برخص تسلمها إداراتها؛ لا تمنحها إلا بشق الأنفس وبوسائط ووثائق يتعذر الحصول عليها. وبالذات كانت تمنع السفر إلى تونس لأجل التعلم لما رأته في المتخرجين من مدارسها ومعاهدها من وطنية ووعي ونضال ضدهاء مما ولد لديها مشكلة جديدة تنغخص استقرارها إضافة إلى ويلات الحرب العالمية القائمة. هذا ما جعل الجزائريين يتحدون هذه الاجراءات ويسافرون دون جواز سفر ودون ترخيص من السلطات الاستعمارية باجتياز المسالك الوعرة المنقطعة في ذلك مجازفةوزالاستعمار وجنودها.التى لا تصل إليها أعينالجبال والشعب على حياتهم دف.خطيرة وصل مجموعة من طلبة معهد الحياة إلى تونس بواسطة هذه الطرق الملتوية خلال بداية الأربعينيات والتحقوا بالدراسة ف جامع الزيتونة ومعهد ابن خلدون والمكتبات العامرة بتونس ،مشكلين بذلك النواة الأول للبعثة العلمية البيوضية. وكا ن من أوا ئل هؤلاء المؤرخ محمد علي دبوز . 2 بدأ عدد الطلبة في تزايد خلال سنوات الأربعينيات حتى هبت جمعيات الحركة الإصلاحية المشرفة على التعليم إلى تاطيرهم .وتنظيم هذه الحركة العملية الناشئة فاشترت لهم سنة 1 259م دارا فسيحة في قلب العاصمة تونس بالقرب من جامع الزيتونية تأويهم وتضمهم جميعاء بعد ما كانوا يسكنون متفرقين في دور يستاجرونها ،أو ينزلون عند بعض العائلات الميزابية المقيمة في تونس. أصبحت المعاهد التونسية قبلة طلبة معهد الحياة بعدا ستكمال دراستهم البعثة مقصد هم ومنزلهم .وتخرجهم ْ واصبحت هذه ) (1سعد الله :تاريخ الجزائر النقاني" ج .3ص .562الجابري :النشاط العلمي ،ص ..341دبوز :اعلام الإصلاح .ج .3ص.462 ص.26دبور :الرجع نفسه .ج .3ص .562الخرفي :من أعماق الصحراء)(2 الفصل السادس :الإصلاح التربوي التعليمي586 كما سعى أعلام الحركة الإصلاحية وأعيان جمعياتها إلى توفير الجو الملائم لمواصلة أبنائهم الأشبال تكوينهم وعملوا على التكفل بكل مصاريفهم وحاجياتهم المادية الضرورية .كما عملوا على التأطير الجيد لهم بضبط النظام والمراقبة والتوجيه والرعاية داخل هذه البعثة ،مع التزايد المطرد لأعداد الطلبةء حتى ضاقت هذه الدار بما رحبت بطلبتها ،فاشترت جمعية الفتح بريان دارا ثانية ليتسع إليها الطلبة". .كان اعلام الإصلاح يعينون على رأس هذه البعشة كبار الطلبة الجادين الناضجين النبهاء المعروفين بأخلاقهم واستقامتهم ،والناجحين في دراستهم حتى يقوموا بالمهمة كما ينبغيؤ ويكونوا القدوة لغيرهم من الطلبة!“ .فقد تراس هذه البعثة وشارك في إدارتها كل من الدكتور محمد لعساكر والشيخ محمد الشيخ بالحاج والشيخ صالح باجو والشيخ ايوب سماوي! والدكتور صالح الخرفي“. سارت البعثة في نشاطها على روح البعثة اليقظانية واستلهمت من تجربتها نظامها مع تطوير وتحسين وتفاعل ع الحييط الخارجي۔ والتزام بالأخلاق والآداب والتفرغ لتحصيل العلوم. التحق طلبتها بجامع الزيتونية وبالمعهد الخلدوني بصفة نظامية وتمكنوا من النجاح في دراستهم والتخرج بشهاداتهاى كما واصل عدد منهم دراستهم ني الجامعات المصرية والسورية والعراقية وبعض الجامعات الأوربية في إسبانيا وسويسرا. ( )1دبوز :الرجع نفسه .ج .3ص .862 -462الخرفي :الرجع نفسه‘ ص.86 ( )2دبوز :أعلام الإصلاح .ج .3ص.662 (( )3على قيد الحياة) أستاذ جامعي بكلية الحقوق بين عكنون بالجزائر. ( )4اشتغل بالتدريس في المدارس الحرة ببلدته العطف. ( )5صالح بن صالح الخرفي( :و2391 :م -ت8991 :م) شاعر وأديب ،درس بعهد الحياة ،واصل دراسته في جامع الزيتونة وفي جامعة القاهرة ،التي تحصل منها على شهادة الدكتوراه في الأدب‘ استاذ بجامعة الجزائر اشتغل بالجامعة العربية بالقاهرة وتونس في إطار المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم .له العديد من المؤلفات والمقالات .قاسم الشيخ بالحاج :الشاعر صالح الخرفي .صفحات ني مساره الفكري والأدبي. المطبعة العربيةؤ غرداية .نشر الجمعية الثقافية أنغام الحياةء القرارة ،الجزائر 3002م.ص.54 -21 785البحث الخامس :البعثات العلمية إلى الخارج كما نشطت البعثة نشاطا معتبرا في المجال الثقافي وفي المحافل التونسية" حيث ضيفت في مقر بعثتها الكثير من الوجوه العلمية والسياسية والثقافية التونسية والجزائرية وقامت بتكريمهم وتنظيم حفلات على شرفهم ،وقد استفاد الطلبة من هذه اللقاءات كثيرا في تكوين شخصياتهم والتعرف على مجريات الحياة العلمية والسياسية من صانعيها وأقطابها ،كما استفادوا من نصائح ومواعظ وتجارب هؤلاء العلماء والأعلام والزعماء. لعل أهم هؤلاء هم :الشيخ الفاضل بن عاشور(" .والشيخ عباس الكى ,والعقيد عميروش«ة‘ 8والدكتور فرحات عباس“' 5والشيخ عبد .الرحمن شيبان' .إضافة إلى زعماء الحركة الإصلاحية بوادي ميزاب وأعيانها الذين كانوا يزورون البعثة لتفقد أحوالها باستمرار على رأسهم الشيخ بيوض ( )1حمد الفاضل بن محمد الطاهر ابن عاشور0931 - 7231( :ه079 - 9091 /ام) اديب خطيب مشارك ف علوم الدين" من طلائع النهضة الحديثة النابهين" في تونس.تخرج بالمعهد الزيتوني واصبح أستاذا فيه فعميدا .له عدة مؤلفات أهمها :اعلام الفكر الإسلامي في تاريخ المغرب العربي الحركة الأدبية والفكرية في تونس .الزركلي :الأعلام ج .6ص.522 ( )2احد مشايخ جامع الزيتونة .ووجهاء تونس. ( )3آيت حمودة عميروش :من مواليد تيزي وزو سنة 7291مإ احد قادة الثورة الجزائرية ،تولى قيادة الولاية الثالثة .استشهد في معركة ببوسعادة سنة 9591م .نويهض :معجم أعلام الجزائر .ص.782 في لقاء مع الشيخ محمد الصالح صديق حدثنى عن مجريات الحفل الذي نظمته البعثة البيوضية للعقيد عميروش ،حيث كان أحد المرافقين له في هذه الزيارة مع الشيخ عبد الرحمن شيبان 6وحدثني عن إعجاب العقيد عمروش بالنظام والانضباط الذي عاينه بالبعثة .وإعجابه بالأنشطة والأناشيد وبرنامج الحفل الذي خص به .لقاء بمنزل الشيخ محمد الصالح صديق القبة-الجزائرش جويلية.7002كنت فيه مرافقا للشيخ -صالح سماوي في زيارة لصديقه حمد الصالح. ( )4فرحات عباس( :و 42:اكتوبر 9981م ۔ ت 32 :ديسمبر 5891م) بجيجل 6متحصل على شهادة ني الصيدلة} أحد زعماء حركة احباب البيان:والحرية .من أنصار سياسة الإدماج والمساواة مع الفرنسيين. رئيس الحكومة المؤقتة الجزائرية من سبتمبر سنة !859م إلى اوت سنة 1691م .مجموعة من المؤلفين: موسوعة العلماء والأدباء الجزائريين .دار الحضارة .الجزائر 3002مش ص.812 -712 (( )5على قيد الحياة) وزير سابق ورئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين. التعليميالإصلاح التربوي الفصل السادس:588 والشيخ عبد الرحمن بكلي والشيخ أبو اليقظان والشيخ عدون والشيخ حمو فخار وغيرهم كهر".0 كما كانت لهم مشاركات في المهرجانات الجزائرية التى كان ينظمها الاتحاد العام للطلبة المسلمين الجزائريين في تونس تضامنا مع الثورة التحريرية بعد اندلاعهاء وكذا إحياء للمناسبات المختلفة .فكانت مشاركاتهم بالكلمات والخطب والقصائد الشعرية والوصلات الفنية. لعل من أهم هذه الحفلات: إحياء الذكرى السنوية للشيخ الإمام ابن باديس. إحياء الذكرى السنوية لاندلاع الثورة التحريرية. الاحتفال بميلاد الحكومة الجزائرية المؤقتة في تونس سنة 8731ه8591 /م. الاحتفال بنوم التضامن مع فلسطين في تاريخ 30 :محرم 1831ه61/ جوان ‏.٨1961 كما كانوا أعضاء في هذا الاتحاد وأسهموا في أنشطته وأعماله في تونسر.““١‏ وبعد اندلاع الثورة التحريرية تأثر هؤلاء الطلبة بفكر النضال والثورة وانخرط الكثير منهم في صفوف خلايا الثورة وشعبها وأنشطتها التي أنشأتها جبهة التحرير في تونسث.4 هذه صورة موجزة عن البعثة العلمية البيوضية ،وأرى أن المادة العلمية حولها لا تزال شحيحة جداء ويلزم على .طلبة البعثة الذين زاولوا تكوينهم في تونس وعايشوا جو هذه البعثات ونشاطها أن يجلسوا لكتابة فصنول هذه الصفحات المشرقة الناصعة من تاريخ الجزائر الثقافي والحضاري المعاصر. ( )1دبوز :اعلام الإصلاح .ج .3ص.762 ( )2المرجع نفسه :ج .3ص.762 ( (3الرجع نفسه :ج .3ص.372 ( )4المرجع نفسه :ج .3ص.372 985البحث الخامس :البعثات العلمية إلى الخارج -5ردود الفتل على تأسيس البعثات: لا يمكن أن نتناول موضوع البعثات العلمية بمنأى عن تتبع ردود الفعل التي تزامنت معها وتولدت عنهاء ولا يمكن أن نغض الطرف عما تلقاه الرعيل الأول من الحركة الإصلاحية في سبيل نصرة فكرتهم والثبات عليها والمضي في سبيل تحقيقها۔ لأن ذلك يعد في حقيقة الأمر جزءا من جهادهم وصبرهم وتاريخهم" كما أن أحداثه ترسم أمامنا صورة اجتماعية وثقافية للمجتمع تكشف حقيقته والحال التى كان عليها. إذن :لقد أسفرت هذه المبادرة الجديدة التي لم يعهدها وادي ميزاب من ذي قبل في مجال تكوين ناشئته وإعداد أجياله وتحضيرهم للمستقبل على ردود فعل اجتماعية متباينة .وعلى معارضة هذا المنحى الذي اختاره بعض الشباب وسار فيه دون أن يأخذ الإذن وينتظر الموافقة من المرجعيات الدينية والعلمية بوادي ميزاب©، |للتحكمة في مجريات الأمور به. تكن هذه المبادرة من بنات أفكار هؤلاء الشيوح ،بل قام هؤلاء الشبابإذ بفرض الآمر الواقع. قاد هذه المعارضة جماعة من الفقهاء والعزابة من تيار المحافظة والجمود الذين ساروا ضد تيار الإصلاح في وادي ميزاب ،وضد هذا التوجه الجديد نحو الاستفادة من الحواضر العلمية المجاورةء بفتح الباب على مصراعيه لأبناء وادي ميزاب للسفر بعيدا عنه والاغتراب بغرض الدراسة والتكوين. كانت دعواهم في رد هذا المنحى ومعاكسة هذه الفكرة ،والتشنيع على. الواقفين وراءها مستندة على الذرائع الآتية التي حاولنا أن نجمعها من خطابهم ورسائلهم: .۔ صغر سن التلاميذ المتجهين إلى تونس للتعلم" وابتعادهم عن أسرهم وعائلاتهم قبل استيفاء حظهم من التربية وقبل بلوغهم سن التكليف. الفصل السادس :الإصلاح التربوي التعليمي590 .خالطتهم لبيئات مخالفة لبيثة وادي ميزاب في عوائدها وتقاليدها وأعرافها نما يؤثر عليهم سلبا ،فيفسد طباعهم ويخرب أخلاقهم. .دراستهم على يد المخالفين في المذهب مما ينشع جيلا فاقدا لحصانة المذهب. تعلمهم علوما عصرية دنيوية غير شرعية ،لا فائدة ترجى من ورائها .بل تحولهم ماديين وتزهدهم في دينهم. تعليمهم الفلسفة واللغة الفرنسية سيؤثر سلبا على دينهم وعقيدتهم ويجعل منهم ملحدين كافرين غربيي التوجه والتفكير. اتهام القائمين على البعثات بالانشغال عن مراقبة التلاميذ ورعايتهم بتكوين أنفسهم ،وبشؤون السياسة والتجارة .وتلونهم بأفكار الأحزاب التي يناضلون فيها. -اتهامهم أيضا بتحويل هذه المهمة إلى مورذ لجمع الأموال. هذا اهم ما أنكره التيار المعارض لفكرة البعثات ولمن يقف وراءها. حين تقويمنا لفحوى هذه الدعوى نبد أنها وجهة نظر تحمل جانبا من الصحة والصواب؛ بجرصها على أخلاق الناشئة .وخوفها من فسادها بالاختلاط وتضييع المراقبة في بيئة تونس ،بسبب صغر سنها وعدم رشدها ولا استكمال نصيب تربيتها على أيدي أوليائها .وكذا في تخوفها من الذوبان في الوسط العام. إلا أنها في جهة أخرى بنيت على مغالطات عديدة وعلى جهل بحقيقة الأمر داخل هذه البعثات ونظامها ،وكذا على اتهامات مطلقة وملفقة على القائمين عليها .جلها باطلة لا أساس فهما من الصحة والصواب©‘ ومست أعراضهم وأخلاقهم دون تبين .مما يكشف أن أصحاب هذه الدعوى كان وراء رفضهم هذا أمر آخر يتمثل أساسا في عدم اقتناعهم بهذا التعلم في المدارس التونسية ومعاهدهاء ( )1تراجع في ذلك الكتب الآتية :صالح لعلي :إماطة اللثام عن بعض اللثام كله .صالح لعلي: الدعاية الاطفيش:البراهين القاصفة متتبعي الفلاسفة .كله .أبو اليقظان :إرشاد الحائرين .كله. كله. سبيل الملؤمنين6 195لبحث الخامس :البعثات العلمية إلى الخارج وعدم اقتناعهم بهذه العلوم العصرية المحدثة وعدم اقتناعهم بالاستفادة من التجربة التونسيةث حيث يريدون إبقاء أوضاع التعليم ي وادي ميزاب على حالما دون إحداث أي تغيير فيها .وهذا هو عين الجمود. شن أقطاب هذا التيار حملة شعواء ضد فكرة البعثات وضد أصحابها وظفوا فيها منابر المساجد والمحافل الاجتماعية واللقاءات المختلفة التي تجمعهم بالعامة للتشنيع بهؤلاء ولتحذير الناس من مغبة تسليم أبنائهم لهم. نعتوا أصحابها بمختلف النعوت المهينة ووصفوهم بمختلف الأوصاف الشنيعة من رقة الدين والمروق منه والخروج من المذهب والكفر والضلال والزيغ والانحلال والانحراف(". يبدو أن البعثات قد تأثرت فعلا بهذه الحملة الشرسة إذ أن صوت المسجد ومنبره مسموع في اجتمع وله قبضته وسطوته عليه وعلى جماهير الناس الموام الذين يرون مرجعيتهم في مشاخهم ويضعون ثقتهم التامة فيما يقول عزابتهم، ويرون فيهم القدوة والمثل الأعلى الذي ينبغي أن يطاع ويتبع. تزامنت هذه الحملة مع مطلع العشرينيات ،وبالذات ما بين سنتي 0291 /9م و1431ه2291 /م أي بعد إنشاء البعثة اليقظانية الثانية والبعثة اليسجنية ومع تزايد إرسال العائلات لأبنائها إليها .مما جعل من بعض الأولياء يستردون أبناءهم ويقطعونهم عن دراستهم استجابة لهذا النداء المنبعث من الملسجده.. أصبح المجتمع في حيرة من أمره بين قبول هذا الأمر أو رده ،وبين تصديق أصحاب هذا الفريق أو ذاك .خاصة بعدما أصبح لفريق البعثات مناصروه من الأعيان والمشايخ والعزابة في وادي ميزاب. ) (1تراجع المراجع السابقة نفسها. ( )2ناصر :الشيخ ابو اليقظان وجهاد الكلمة .ص.!5 الفصل السادس :الإصلاح التربوي التعليمي592 انقسم المجتمع تجاه هذا الأمر إلى فريقين؛ فريق معارض ساخط على هذه التصرفات غير المسؤولية .وفريق موافق متحمس مشجع أصحاب الفكرة للمضي قدما في سبيلها وعدم الإنصات لهذه الإشاعات لما لمسه من صدق أصحابها واستقامتهم 3وما رآه من الثمار الت أصبحت تبنى من ورائهاه"“. مما يبدو أن القائمين على البعثات أنفسهم قد ذهلوا لما يروج عنهم" ولما تصلهم من أنباء وأخبار عن تصرفات هؤلاء الفقهاء والعزابةؤ ويبدو أنهم حاولوا مسك أعصابهم وعدم الاندفاع خلف ردود الفعل والإشاعات المروجة عنهم. واعتبروها عاصفة ستمر وينتهي شأنها بعد أن يتعود المجتمع على هذا الأمر الجديد. إذ من عادة المجتمعات المحافظة المتشددة أن ترفض أي أمر جديد عليهاء ثم ما تلبث آن تتوافق معه وتتقبله عندما تلمس فوائده وتتاكد من عدم ضرره عليها. من جهة أخرى أدركوا أن رد فعل هؤلاء المشايخ العزابة نابع من حرصهم على سلامة .المجتمع وتخوفهم عليه من الانحراف أو الفساد ،كما أن هؤلاء في الأخير هم مشانخهم وعزابتهم الذين يجب عليهم توقيرهم واحترامهم وتقدير جهودهم المضنية في الوعظ والإرشاد والعمل الاجتماعي. مما يبدو أن تمادي أصحاب هذه الدعوة في التشنيع ومبالغتهم في ذلك وتكذيبهم للحقائق المحضلة في هذه البعثات ،حتى سودوها في أعين العامة. ووسخوا صفحات القائمين عليها؛ جعلهم يغيرون موقفهم ويرون ضرورة :الدفاع عن أنفسهم وعن أعراضهم .وعن مشروعهم الذي أصبح يهتز بهذه الحملةث وأصبح مهددا بالزوال إن التزموا الحياد والصمت ولم يبينوا للناس ما يرونه يمثل الحق. ِ كان أول رد فعل يصدر ممن هذا الشاب المبادر الطموح ابي اليقظان بنشر مقال في جريدة الإقدام للأمير خالد الجزائري بعنوان :هل يستوي الذين يعلمون والذين ( )1قاسم :أقلام الميزابيين في الصحافة التونسية .ص.81 -21 395البحث الخامس :البعثات العلمية إلى الخارج لا يعلمون.فند فيه أ لأباطيل الملروجة والتهم الملصقة ورد فيه على زعيم المعارضة وسفه أقوا له وأفعا له وتصرفاته . ثم أعقبه بجملة مقالات في عدد من الجرائد التونسية المتمثلة في المنير 6والاتحاد. ومرشد الأمة".ولسان الشعب©٥‏ المعارضةجريد الإقدام واطلاع أحد زعماءمقالالمسألة بعل صدورتطورت بلدة القرارةوقد تزامن ذلك مع وجوده فعليه .ويبدو أنه انزعج به واغتاظ أسفا سنة2291 /1 143م ف زيارة ها محاصرة أفكار الإصلاح التى بدات تسري ف الشباب ،وتستشري في المجتمع بعد وفاة الشيخ الحاج عمر بن يحيى .فعزم على محاربة أبي اليقظان بنفس سلاحه! حيث ألف كتابين ف مهاجمة أصحاب فكرة البعثات. سمى الأول :إماطة اللثام على بعض اللئام .وسمى الثاني :البراهين القاصفة يظهر من العنوانين فظاعة رد الشيخ وشدة إنكاره لهذا التوجه ومحاربته العنيفة له .حيث كان أسلوبه قاسيا جارحا ناعتا الشباب بمختلف الأوصاف السافلة المنكرة. كان صدور هذين الكتابين سببا ف أن يلجأ الشيخ أبو النقظان والشيخ أبو واحد منهماإسحاق لفتح جبه ةه المواجهة مع الشيخ والتصدي لأقواله .نالف كل الموضوع.كتابا مفصلا حول الكتاب الآول للشيخ أبي اليقظان بعنوان :إرشاد الحائرينں تم طبعه في تونس سنة 2431ه [ 329 /م. لعساكر :محاضرة مرقونة بعنوان :دور ص؟ .[ 5شريفي :معهد الحياة ص-72۔.8 -المرجع السابق. ناصر: )(1 الشيخ أبي اليقظان في تاسيس البعثة العلمية .ص.6 شريفي :معهد الحياة .ص.82 -72)(2 40 الفصل السادس :الإصلاح التربوي التعليمي594 والكتاب الثاني للشيخ أبي إسحاق بعنوان :الدعاية إلى سبيل المؤمنين تم طبعه في القاهرة سنة 2431ه3291 /م. تضمن الكتاب الأول التعريف بفكرة البعثات وجهودها في سبيل تربية النشء والافتراءاتثم الرد على ‏ ١لأغلاطومتابعة التلاميذ ومراقبقةبتهم وتكوينهم، والإشاعات الملروجة عليهم .ثم بين ثمار هذه البعثاتت' . وبنبرة أكثروتضمن الكتاب الثاني الذي كان بنبرة أكثر حدة مع الشيخ شدة على الركون الذي مس وادي ميزاب بسبب الجمود الفكري الجاثم على جسد الأمة .وعدم السماح بتقدمها وتطورها بدعوى المحافظة على الدين والمذهب فشنع باصحاب هذا الفكر السفيه الذي هو قاصر على إدراك حقائق الأمور وعاجز عن فهم ما يدور حوله ،ويجاك له من المستعمر .ثم يدعي الدنيا.الدين والقدوة فالامامة ف ثم انتقل الكتاب إلى تتبع فوائد العلوم العصرية التي يتعلمها التلاميذ في المدارس التونسية وبين حاجة الأمة الحاضرة والمستقبلية فها حتى يحصل لها التمكين". هذه خلاصة هذين الكتابين اللذين بقيا شاهدين على هذا الصراع الفكري الذي عاشه وادي ميزاب مع مطلع العشرينيات من القرن العشرين. يظهر أن الشيخين الشابين استطاعا أن يدافعا بقوة عن مشروعهما ما جعل من هذه الحملة المغرضة تخفت مع الأيام بعد أن أخذت نصيبا من الوقت ليس أذهان ا لناس وجلبت اهتما مهم ۔ كما أن مشروعهم ا ستطاع أنبا لقليل ۔ .وشغلت الأخير إذ أصبح الأولياء يسارعونوينجح وينتصر فيجتاز هذا الامتحان بسلام إلى إرسال أبنائهم إل هذه البعثات فزاد عدد الطلبة فيها. ( )1انظر كتاب :أبو اليقظان :إرشاد الحائرين۔ كله. ( )2انظر كتاب :اطفيش :الدعاية إلى سبيل المؤمنين كله 595البحث الخامس :البعثات العلمية إلى الخارج هكذا انتهت فصول هذا الصراع الفكري وشقت البعثات مسيرتها إلى الأمام في ثبات وتطورں وفي حقيقة الأمر إن المجتمع في وادي ميزاب استفاد كثيرا من هذا النقاش ومن هذه الأحداث بتوعية الجماهير وتنبيههم إلى ضرورة الاهتمام بالعلم والعناية بأبنائهم ليحصلوا على المعارف والعلوم ،بعدما كانوا غافلين عن ذلك مقصرين كما تنبه المجتمع إلى ضرورة بعث أبنائهم إلى المدارس التونسية ريثما تتوفر الظروف الحسنة لتطوير التعليم في الجزائر. كما كان هذا الصراع بداية في سبيل تشكل فريق الإصلاح وتميزه عن فريق الجمود" وخطوة في سبيل تبلور أفكاره ،وتجميع صفوفه ،وبروز قياداته ،وتحوله إلى مدرسة لها خصائصها وفلسفتها وأهدافها. هذه خلاصة مسيرة البعثات العلمية الإصلاحية في تونس ،وفعلا كانت مسيرة حضارية حافلة وزاخرة وقد جنى وادي ميزاب من ورائها خيرا عميما لا تزال آثارها الناصعة بادية إلى حد اليوم. هكذا نكون قد أتينا على عرض أهم فصول المشروع الإصلاحي في جانبه التربوي التعليمي. لاشك ان الحركة الإصلاحية عند إباضية الجزائر قد قامت بادوار مهمة في سبيله وباعمال جليلة في طريقه ،واستطاعت أن تحقق منجزات حضارية عظيمة في مسيرة متواصلة متراكمة؛ كان أهم نتائجها وثمارها تربية أجيال كاملة 5وتعليمهم تعليما متكاملا ،وبناء شخصياتهم بناء متزنا ،وتخريج النخب والإطارات التي سدت معاقل العلم والثقافة والوعظ والإصلاح في المجتمع. بهذا نكون قد أنهينا آخر فصول البحث. خاتمة599 خاتمة بعد هذا العرض والتحليل والنقد لمسيرة النهضة الإصلاحية التي شهدتها إباضية الجزائر في تاريخها الحديث والمعاصر من خلال الفصول والمباحث السابقة نستطيع أن نحدد أهم النتائج التى خلصت إليها الأطروحة في النقاط الآتية: إن ما شهده إباضية الجزائر خلال التاريخ الحديث والمعاصر يعد بالفعل[ بالمعنى الاصطلاحي للكلمة.نهضة إصلاحية فهذه النهضة الإصلاحية جذور تعود إلى منتصف القرن الثامن عشر؛2 حيث شهدت لحظات ميلادها في وادي ميزاب بين أحضان حلقات العلماء والمشايخ .وفي جنبات المساجد. 3مرت هذه النهضة بعد ميلادها بمراحل إعدادية .عاشت فيها طور النشأة والصبا ،وقد اتسمت فيها بالضعف والتذبذب ،ثم بدأت تنمو وتكبر وتقوى مع مرور الزمن. 4بعد الحرب العالمية الأولى" مع مطلع العشرينيات من القرن العشرين شهدت النهضة الإصلاحية مرحلة انطلاقها القوي والمتسارع ،وذلك لعدة عوامل داخلية وأخرى خارجية مكنتها من هذه النقلة النوعية في العمل والتحرك كما أنها خلال هذه الفترة شهدت تحولها إلى حركة إصلاحية6بعد أن كانت عبارة عن جهود متفرقة وأعمال مشتتة .ثم استطاعت مع الوقت أن تصبح مدرسة إصلاحية متميزة 5لها فكر ومنهج ومؤسسات واتباع. 5إن النهضة الإصلاحية صادفت خلال مسيرتها ظروفا اجتماعية قاسية. شديدة؛ مما جعلها تراوح مكانها لفترة طويلة قبل أن تنطلق انطلاقتها الفعلية. تمثلت هذه الظروف والمعوقات أساسا في الجمود الفكري والجهل والاستعمار والفاقة والفتن. 006خاتمة 6مع منتصف القرن العشرين بلغت النهضة الإصلاحية مرحلة قوتها ونضجها وتمكينها .وأصبحت قائدة مجتمع إباضية الجزائر في وادي ميزاب وموجهة له .والقوة الفعلية الأولى فيه. 7إن إباضية الجزائر حظيت بامتلاك مجتمعها لنظام العزابة ومؤسساته العرفية الاجتماعية ،التى عملت على حفظ المجتمع من التفكك‘ وصيانته من الانحراف وإبقائه في مستوى من الصلاح والقابلية للدعوة والانصياع للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.وإبقاء خيط الإصلاح فيه رقيقا دون أن ينقطع وضوء النهضة خافتا دون أن ينطفئع ،رغم كل ما آلت إليه الأوضاع العامة .هذا ما دفع فجر النهضة الإصلاحية إلى البزوغ .وأعانها على العمل والنجاح والتمكين. إن الفكرة الإصلاحية تعنى في عمقها إعادة بعث المجتمع على أسس8 الإسلام ومصادره وعقيدته وشريعته واخلاقه وقيمه ،وتطهيره مما شابه من فساد وانحراف وابتداع ،في إطار المذهب الإباضي .والتجربة العرفية الميزابية الأمازيغية. والتفاعل الإيجابي مع العصر بمحاولة استيعاب قضاياه ومستجداته .لأجل بناء تجتمع مسلم أصيل ومعاصر. إن الفكرة الإصلاحية في عمقها تشكلت من الموروث الحضاري9 للمذهب الإباضي والمجتمع الميزابي ،ثم تفتحت على العالم الخارجي فاستفادت منه وتأثرت وتطعمت ولقحت به تجربتها ونظرتها ،تمثل ذلك أساسا في الفكر الإسلامي القادم من المشرق ،مجسدا في الحركة الإصلاحية المصرية ،والحركة العلمية والسياسية التونسية. _ إن النهضة الإصلاحية عند تحولها إلى حركة خلال القرن العشرين0 ضبطت خطة عملية لإحداث الإصلاح .والنزول بها إلى الميدان" وظفت فيها مجموعة من الأطر والمؤسسات والهيئات بعضها كان موجودا من قبل فقامت بتفعيل دوره ،وبعضها أحدثته من العدمإ تمثل ذلك أساسا في المسجد ونظام العزابة خاتمة601 السلطةومؤسساتوالجمعياتوالمعاهد والصحافةومحافل المجتمع والمدارس الاستعمارية والعلاقات الخارجية. إن تيار المعارضة والجمود الذي اعترض طريق النهضة الإصلاحية.11 وكان حجر عثرة في سبيل قيامها .كانت له إيجابيات عديدة؛ فقد عمل على تحريك عجلة الإصلاح ودفعها لبذل جهد أكبر .وعمل على تبميع قواها وترتيب صفوفها وانضوائها تحت قيادتها. كما ينبغي التأكيد على أن هذا التيار لم يتخل عن القيام بواجب الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر .والمحافظة على وظائف الهيئات العرفيةث ونصرة التعليم المسجدي .كما أنه خلال الخمسينيات شهد مرحلة ضعفه وسقوط قلاعه وتشتت قواه والتحاق الكثير من أتباعه بصف الإصلاح .ثم تخلى عن معارضته تدريجيا وسلك طريق ا لإصلاح في الكثير من مشاريعه وأعماله. - 2أدركت الحركة الإصلاحية أنها لن تستطيع أن تذهب بعيدا في تشييد صرحها الإصلاحي إن هي لم توفر لنفسها سندا ماديا قويا وقاعدة اقتصادية ثابتة لتمويل مشاريعها وبناء مجدها .فاتجهت إلى توجيه الناس إلى العمل والكسب‘ وغرست فيهم روح البذل والعطاء في سبيل النه تعالى© وأقنعتهم بضرورة احتضان مشاريعهاێ كما عملت على إنشاء بعض المؤسسات الاقتصادية القوية بتكتيل جهود وأموال بعض التجار ،كما أقامت جولات منتظمة لجمع التبرعات لمشاريعها والدعاية ها. _ 3أدركت الحركة الإصلاحية أن الصحافة سلاح معاصر جديد قوي ومهم .فولجت غماره وخاضت تبربة ناجحة فيه .من خلال تبنيها صحافة الشيخ آبي اليقظان ودعمها لها ،واعتبارها لسان حالها ومنبرها الناطق باسمها والمعبر عن | أفكارها وقناعتها وتوجهاتها ومواقفها .فقامت من خلالها بدور فعال في نصرة القضايا الجزائرية والإسلامية والدفاع عنهاء وإيقاظ الوعي لدى الجماهير ،ومحاربة الاستعمار وكشف مخططاته الفاسدة وسياساته المقيتة. 206خاتمة _ أدركت الحركة الإصلاحية أهمية دورها الجزائري وواجبها الإسلامي.4 فربطت العلاقات الوطيدة مع علماء الجزائر ورجالها الوطنيين" وشاركت بالرأي والموقف والعمل في الأحداث والقضايا الوطنية .وناصرت وأيدت صوت الحق والوطنية" وأدركت أن ذلك يعد جزءا من رسالتها الإصلاحية. - 5أدركت الحركة الإصلاحية أن من أكبر جبهات الإصلاح ومن أكبر تحدياته إعداد الجيل الصاعد وتربيته تربية سليمة على أسس الإسلام وقيمه وثوابته وتحضيره للمستقبل ،فركزت في فلسفتها التربوية التعليمية على البعد العقدي والأخلاقي والعلمي والاجتماعي العملي ،فكرست جهودها في مسيرة متواصلة لم تشهد أي توقف أو تعثر لبناء هذا الجيل ،وإحداث الإصلاح التربوي التعليمي؛ ففتحت المدارس ،وطورت البرامج .وجلبت التجارب وشجعت التعليم الفرنسي ،وأنشأت معهد الحياة وخصته بعناية فائقة ،ورابط أعلامها ومشاميخها ني حلقاته .ورات فيه مشتلة لتخريج النخب والكفاءات وأرسلت طلبتها لاستكمال دراستهم في المعاهد والجامعات الإسلامية ،وأنشأت لهم البعثات العلمية لرعايتهم وتوفير ظروف الدراسة واستزادة التكوين. - 6التفتت الحركة .الإصلاحية إلى تعليم المرأة .فوجدته في حالة بدائية يرثى له ،فقامت فيه بجهود معتبرة ،ففتحت المدارس وطورت البرامج .ونشرت التعليم وقلصت الأمية. تواصلت جهود الحركة الإصلاحية في المجال الاجتماعي والتربوي7 التعليمي بعد استقلال الجزائر ولم تشهد توقفا أو تعشرا ،إدراكا منها باهمية هذا العمل وحاجة المجتمع الأكيدة والمتجددة له .فلم تتنازل عن مؤسساتها ولم تقبل إيقاف مسيرتها باي حال من الأحوال. كما شهدت مع فجر الاستقلال مرحلة اكتمال نضجها وبناء صرحها واستقرار بنيانهاء رغم الهزات العنيفة التى لاقتها من بعض دوائر حزب جبهة التحرير الوطني وأجهزة السلطة على المستوى الحلي في وادي ميزاب. خاتمة603 _ 8اعتمدت الحركة الإصلاحية على محورية القيادةء الي تمثلت في نخبة من العلماء والمشايخ والأعيان التي كانت تحرك خيوط المجتمع وتصنع أحداثه مع التركيز على شخصية القائد الشيخ بيوض حيث كان رمز الإصلاح وإمام الحركة وقدوتها وزعيمها والناطق باسمها ،ولعل ذلك ما ينسجم مع طبيعة المجتمع الذي يدين للشخص الرمز ويضع ثقته الكبيرة فيه. _ 9.نستطيع القول إن الحركة الإصلاحية قدمت نموذجا عمليا وتجربة واقعية معاصرة للعالم الإسلامي في قدرتها على بناء مجتمع يدين عمليا بالشريعة الإسلامية ويلتزم بها في أغلب مجالات حياته" ويجتهد في إطار مبادئها ليجد حلولا لمشاكله الراهنة. لنا أن نتساءل الآن عن مدى تمكن النهضة الإصلاحية من تحقيق أهدافها التى سطرتها لعمليتها الإصلاحية؟ نجيب بالقول إن تحقق هذه الأهداف هو تحقق نسي بلا شك إلا أننا نقر وتعتقد بناء على ما استعرضناه في البحث\ وكنتيجة من نتائجه أن الحركة الإصلاحية نجحت في قطع أشواط معتبرة في سبيل تحقيق أهدافها. ذلك أنها استطاعت أن تحدث الإصلاح .وأن تصحح الكثير من الأخطاء. وتحارب الكثير من البدع .وأن ترد للدين نقاءه وصفاءه 5وأن تعيد بعث الإيمان في القلوب ،وأن تحيي أثره في النفوس ،وبعده في الأعمال. كما استطاعت أن تحارب الجمود الفكري في العقول ،وتمحو آثاره السلبية في الحياة ،وتقضي عليه إلى حد بعيدؤ حتى نزعت منه مفعوله السلبي على المجتمع. بعدما كان يشكل جدارا صلبا أمام عملية الإصلاح. كما استطاعت أن تقاوم الاستعمار ،وتتصدى لمفاسدها 6وتخوض معه معارك كثيرة؛ نجحت وانتصرت فيها رغم ضعف إمكانياتها أمام إمكانياته وجبروته وطغيانه. 406خاتمة كما استطاعت أن تعتني بالفرد والأسرة والمجتمع من خلال دروس المساجد ودور الهيئات العرفية .فربت وعلمت ووعت ووجهت نحو الوجهة الصحيحة في الحياة. كما استطاعت أن تربي الجيل وتعلمه وتحاصر الأمية .وتعده لخوض المعركة الفاصلة مع الاستعمار باندلاع الثورة التحريرية ،وتعده لحمل أمانة بناء العباد والبلاد بعد الاستقلال. كما استطاعت أن ترفع الوعي في الجماهير وتغير الذهنيات وتصحح المفاهيم حول الدين والحياة .وتدفع الناس إلى عمارة الحياة بالخير والعمل الصالح والأخذ بأسباب التمكين. بهذه الجهود العظيمة والأعمال الجليلة نستطيع القول إن النهضة الإصلاحية عند إباضية الجزائر شاركت في إحداث النهضة الجزائرية ،ومن ورائها النهضة الإسلامية. إن كلامنا السابق عن المنجزات الحضارية التى حققتها النهضة الإصلاحية لا يعنى ارتفاعها عن الأخطاء والسلبيات والنقائص لا شك أن فها حظها من ذلك ،شان اي عمل بشري وقد أشرنا إلى بعضها في ثنايا البحث ؤ ونأتي لنعده بعضها الآن: - 1لم تستطع الحركة الإصلاحية الحفاظ على وحدة المجتمع وبقائه صفا واحدا أثناء تجسيد مشروع نهضتها الإصلاحي فهي تتحمل جزءا من مسؤولية إحداث شرخ اجتماعي عميق© نتج عنه قسمة مجتمع وادي ميزاب إلى صفين متخاصمين متعارضين؛ لا تزال الآثار السلبية هذا الانقسام بادية فيه إلى حد اليوم. كما أنها لم تجتهد كثيرا فيما بعد على جبر هذا الكسر وإعادة المياه إلى مجاريها بعد أن استتب فها الأمر. 2ركزت الحركة الإصلاحية كثيرا على شخصية الزعيم القائد .حيث كانت شخصية محورية مركزية؛ كل شيء ينطلق منه ويعود إليه ،وقد أثر ذلك ۔ نوعا ما خاتمة605 على التمكين أكثر للمؤسسات وإتاحة الفرص للأفراد؛ ولعل ذلك ما كان ينسجم مع طبيعة المجتمع الذي كان يدين لزعيم القبيلة وشيخ الجماعة. 3۔ كرست الحركة الإصلاحية فكرها وجهودها وقدراتها مجتمعها .وكان بإمكانها أن تتفتح أكثر على المجتمع الجزائري من خوفها فتفيده بتجربتها وتسهم أكثر في النشاط الوطني. _ 4كانت جهود الحركة الإصلاحية تباه المتساكنين معها في وادي ميزاب من غير الإباضية محتشمة دون المستوى ،فرغم ما قدمته هم من خدمات وفتحت مدارسها ومعهدها لهمإ إلا أن العلاقات معهم بقيت محدودة وفي أطر ضيقة .وفني مناسبات قليلة .وكان بإمكانها أن تغمرهم بنهضتها الإصلاحية. ؟ ركزت الحركة الإصلاحية في تكوين طلبتها على جانب العلوم الشرعية والعربية ،ولم تعن كثيرا بالتكوين في بقية العلوم الإنسانية والتطبيقيةى خاصة وهي تعدهم لتحمل المسؤوليات في ميادين الحياة المختلفة بعد الاستقلال. 6كانت نظرة الحركة الإصلاحية لتعليم المرأة دون المستوى المطلوب© لذا جاءت جهودها في تطويره متاخرة وحددت له سقفا معينا ل ترد تجاوزه. وكان بإمكانها أن تصل به إلى مستويات أعلى في إطار ضوابط الشريعة والأعراف الاجتماعية. 7اعتمدت الحركة الإصلاحية في تمويل مشاريعها أساسا على جمع التبرعات من المحسنين ،ولم تنجح في إيباد بدائل اقتصادية قوية وقارة لتضمن استمرار مشاريعها .وتخفف الحمل عن أفراد مجتمعها؛ حيث بقيت تجربتها الاقتصادية بسيطة. 8كان بالإمكان للحركة الإصلاحية أن تقوم بدور أكبر وتأثير أقوى على إباضية الخارج بخاصة إباضية المغرب من تونس وليبيا ،فتستغل قوتها ونفوذها وقدراتها في إحياء حركتهم وبعث نشاطهم من جديد ،وتصدير نهضتها إليهم. وإخراجهم من الأوضاع المتردية التي يعيشونها ،لكنها اكتفت باستقبال بعض طلبتهم في مدارسها ومعهدها فقط‘ وعقد بعض الزيارات إليهم" ولم تهتم بلعب 606خاتمة دور أكبر كتنظيم صفوفهم وتزويدهم بالتجربة الاجتماعية التي ينعم بها وادي ميزابؤ وإعادة بعث نظام العزابة لديهم .ولعل الأوضاع السياسية في هذه البلدان حالت دون ذلك. 9كان تموقع الحركة الإصلاحية في العالم الإسلامي وربط العلاقات مع العلماء وشهود محافله والمشاركة في أحداثه دون المستوى المطلوب والمنتظر رغم الجهود المبذولة والخطوات النوعية العديدة والأعمال الجديدة المنجزة؛ إلا أنه كان بالإمكان أن تؤدي دورا أكبر؛ فنتسمع صوتها وصوت نهضتها في هذه المحافل الإسلامية وتعقد علاقات وطيدة مع كبار علماء الإسلام ،فتعرف بنهضتها وبمذهبها ،وتصحح النظرة التاريخية الخاطئة عنه ،وتقدم تجربتها الحضارية للعالم الإاسلامي ،ويكون لها قدم راسخ في محافله العالمية. هذه هي أهم النتائج التى توصل إليها البحجثت‘ وبذلك نكون قد أثبتنا الأطروحة التى تبنيناها في المقدمة؛ القائلة بإن إباضية الجزائر أحدثوا-فعلا -نهضة إصلاحية في تاريخهم الحديث والمعاصر. بعد هذا ناتي لتحديد بعض مقترحات بحوث حول النهضة الإصلاحية عند إباضية الجزائر نرى أنها مازالت لم تعن بالدراسة ،وتحتاج لبحوث متخصصة معمقة .هذا ما يتمثل فيما يلي: مسار النهضة الإصلاحية عند إباضية الجزائر من الاستقلال إلى نهايةا القرن العشرين. 2الفكر السياسي للنهضة الإصلاحية عند إباضية الجزائر. 3الفكر التربوي عند الحركة الإصلاحية من خلال دروس الشيخ بيوض السمعية. في الأخير أود أن أنهي هذه الأطروحة بناء على ما توصلت إليه من نتائج بنظرة استشرافية لمستقبل إباضية الجزائر على ضوء أوضاعهم الداخلية .وما يحيط بهم من تحديات خارجية وطنية وعالمية. خاتمة607 رؤي استشرافية لمستقبل إباضيح الجزائر: .شهد مجتمع إباضية الجزائر في وادي ميزاب بعد الاستقلال ظروفا جديدة تمثلت أساسا في زوال حكم الاستعمار وقيام الدولة الجزائريةس مما دفع الحركة الإصلاحية إلى إحداث تغييرات على منهج عملها وآليات تحركها. لقد كان لبسط الدولة الجزائرية نفوذها على القطر الجزائري وقيام مؤسساتها وإداراتها على مستوى المدن والقرى أثره الضروري على الهيئات العرفية المشرفة على تسيير شؤون المجتمع في وادي ميزاب مما استدعى منها تقليص صلاحياتها وحصر أعمالها في دائرة الجهود الدينية الاجتماعية ،والتربوية التعليمية. للأسف نقول :إن وادي ميزاب منى بعد استقلال الجزائر بجماعة كانت تنشط ضمن حزب جبهة التحرير الوطني بولاية غرداية اتسمت بمواصفات الكراهية للحركة الإصلاحية ورجاهاء والازدراء من نظام العزابة ومشايخ .ما جعلها تعمل ما في وسعها لتضييق الخناق على كل ما هو عرفي اجتماعي في وادي ميزاب" بدعوى فرض هيبة الدولة ،وإرساء مؤسساتها على أرض الواقع. عالم وادي ميزاب ورمزهوقد تركزت صور هذه الكراهية على شخص الأول وقائد نهضته الإصلاحية الشيخ بيوض؛ حيث منع من إلقاء دررسه التفسيرية في المسجد واستجوب واستنطق وأهين في العديد من المراتث وأدخل السجن بعد الاستقلال. مع هذه الظروف والأوضاع الجديدة استمرت الحركة الإصلاحية في مسيرتها ،وركزت جهودها على المجتمع والتعليم حتى بلغت فيهما نوعا من الاستقرار والثبات‘ واكتمال صرح بنيانها ،فراهمنت على الحفاظ على مكتسباتها ومنجزاتها الحضارية. خلال هذه الفترة من بعد الاستقلال شهد المجتمع الجزائري بصفة عامة تغيرات سياسية واجتماعية جديدة .من :تبني السلطة نهج الاشتراكية ومحاولتها تجسيد أفكارها ونظمها في المجتمع وقد لاقى ذلك معارضة شديدة 806خاتمة من المشايخ على مستوى وادي ميزاب ورأوا فيه انحرافا عن نهج الشهداء والثورة ومبادئ اللإسلام. كما هددت مؤسسات الحركة الإصلاحية التعليمية بالتأميم والمصادرة من الدولة في إطار قوانين وحدة التعليم؛ إلا أنها ثبتت واستطاعت أن تقنع السلطات العليا في البلاد بجدوى بقاء مؤسساتها وتفهم خصوصياتها" فنجحت في ذلك وتمكنت من الحفاظ عليها. مضت الحركة الإصلاحية في مشروعها الإصلاحي الاجتماعي التعليمي إلى وفاة زعيمها الشيخ بيوض سنة [1891م وما بعده ،ولم تتأثر بغياب قائدها كثيرا كما كان يتوقع ويتخوف منه 6إذ إن القائد أفلح في بناء مؤسسات أهلية قوية وفي تشكيل قيادة نوعية موحدة ،وفي تكوين نخب وكفاءات عالية كثيرة ،وفي تخريج أجيال متعلمة متربية عديدة ،وفي ترك مدرسة فكرية إصلاحية ولودة متجددة متأقلمة مع العصر. إلا أنه يسجل عليها ركونها-بعد ذلك-إلى حالة من الفتور والركود ،ما يستدعي بذل جهود لبعث حيويتها وحركيتها من جديد. أما عن آفاق إباضية الجزائر خلال القرن الواحد والعشرين في ظل التغيرات العالمية الكبرى؛ فإننا نرى أن تحديات كبيرة وخطيرة تهدد بقاءها أصلا أقلية نوعية في الجزائر 5وأن عليها إن أرادت فعلا أن يبقى لجضارتها قدم على مسرح التاريخ. وأن لا تغادره لتصبح صفحة من صفحات الماضي۔ فعليها ما يلي: آ أن تعي جيدا أنها مهددة في بقاء كيانها 5بجكم التأثيرات الخارجية العالية القوية مما يسمى بالعولمة بمختلف صورها وأشكالها ،التي تعمل على سحق الأقليات وإذابة الخصوصيات نحو نموذج المجتمع العالمي الموحد. ب-أن تعتقد فعلا أن مصدر قوتها في إسلامها عقيدة وقولا وعملا وأنها لا تساوي شيئا إن هي تساهلت في ذلك أو تخلت عن تشبثها بدينها وانتمائها لأمة الإسلام 6وأن عليها أن تسخر جهودها لتعض على ذلك بالنواجذ. خاتمة609 ج-أن تعي فعلا أنها جزء لا يتجزأ من الجزائر ،وان تسهم بجدية في بناء الدولة الجزائرية .وتدعم كل ما فيه خير وصلاح التوجه الحضاري الإسلامي في الجزائر. د ۔ أن تدرك جيدا بان جبهات عديدة داخلية وخارجية تنتظرها لإحداث الإصلاح والتغيير فيهاى حتى تضمن لها مقعدا في المستقبل ،يمكن حصر أهمها فيما يلي: 1العمل على إعادة اللحمة والتوافق ببن التيارات والمدارس والقوى الخيرة العملية الفاعلة الموجودة داخل مجتمع إباضية الجزائر. 2۔ الاتفاق على الخطوط العريضة الراهنة والمستقبلية للعمل والإصلاح والاجتهاد ،وتحديد الخطوط الحمراء الت يحرم تجاوزها في حال الاختلاف. تكاثئف الجهود والتعاون على إصلاح أوضاع المجتمع ومحاربة الانحرافات3 والمفاسد فيه ،والحرص على الالتزام بالدين عقيدة وقولا وعملا في كل مجالات الحياة. 4العمل على التمكين للهيئات العرفية وتفعيل دورها والتجديد في هياكلها وانظمتها وطرق تسييرها بما يتوافق مع العصر. العمل على تنظيم المجتمع المدني وتاطيره ،والاستفادة من تجاربه وخبراته5 للتعاون على توعية المجتمع وتثقيفه ومحاربة المفاسد فيه. 6العمل على تصحيح العلاقة مع الإخوة المتساكنين" وإرساء قواعد التعايش وقيم التسامح ببذل جهود عملية وربط علاقات وطيدة معهمإ والتعاون على كل ما فيه خير وصلاح لوادي ميزاب والجزائر ،والتعاون على محاربة كل ما |فيه فساد وهلاك لوادي ميزاب والجزائر. العناية بالمرأة أكثر تربية وتعليما وتوعية وتثقيفا ،والدراسة المعمقة لدورها7 المنوط بها في الأسرة والمجتمع .والتوافق والتقارب بين وجهات النظر حولها ،وتوفير الإطار الشرعي والأخلاقي لتقوم بدورها الحضاري. 41 016خاتمة 8العمل على تطوير التعليم القرآني الحر مما يمكن من بناء شخصية الطفل والقيم الاسلامية. وينشثه على الأخلاقويعرفه بدينه ومذهبه ووطنه العناية بالنخبة العلمية في كل المجالات والتخصصات والعمل على9 تاطيرها وتبوؤ مكانتها في المجتمع" وإسهامها الفعلي في تسييره وتطويره وتوجيهه نحو الوجهة الصحيحة. - 0العناية بالمذهب الإباضي علميا ،بتكوين المختصين فيه تاريخا وفكرا وإعادة دراسته ونقدهوعقيدة وفقهاء والعمل على تحقيق تراثه وطبع مصادره والعمل على حضورهمساره.داخليا والجرأة على تقويم أخطائه وضبط وتموقعه في المحافل الوطنية والإسلامية .وتصحيح الرؤى الخاطئة حوله ،وبذل المزيد من الجهد لأجل اعتباره-فعليا -ضمن دائرة المذاهب الإسلامية الوسطية المعترف بها إسلاميا. هذه أهم الجبهات المفتوحة على إباضية الجزائر في العمل والإصلاح في حاضر أيامها ومستقبلها ،لأجل إثبات شهودها الحضاري خلال القرن الواحد والعشرين وما بعدله. هذا ما فتح النه تعالى به علي في هذا البحجث‘ وهذا هو جهدي في هذه ال طروحة _ أ لتي أعتقد أنها أضحت جزءا مني وأنا جزء منهاء وا لتي أرجو من خلالها أني قد قدمت شيئا للإسلام وللعلم وللتاريخ وللجزائر ،يمكن أن يكون لي . ذخرا وشفيعا بين يدي ربي؛ أرجو ثوابه ،وغفران الذنوب به وأن يبقى علما ينتفع به ،وذكرا طيبا حسنا لي من بعدي. فما كان فيه من خير وصواب فمن انته تعالى ومن توفيقه وإحسانه ومنه وأفضاله علي.وما كا ن فيه من باطل وزلل وخجطلإ فمن نفسي ومن الشيطان وأستغفر الله تعالى منه.الحائط به عرضوليضرب ٭ وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين ٭ الفهارس مم فهرس المصادر والمراجع فهرس الآيات القرآنية فهرس الأحاديث فهرس الأسماء والأعلام فهرس البلدان والأماكن فهرس الأديان والشعوب والفرق والمذاهب ملخص البحث بالإنجليزية ‏٠ فهرس محتويات البحث قهرس المصادر والمراجع -1إبراهيم أبو إسحاق اطفيش :الدعاية إلى سبيل المؤمنين .دت. -2إبراهيم أبو إسحاق اطفيش :مجموعة رسائل الشيخ أبي إسحاق إلى الشيخ ابي اليقظان. جمع الدكتور محمد ناصر .دت. -3إبراهيم أبو اليقظان:إرشاد الحائرين ،تونس1431 ،ه. -4إبراهيم أبو اليقظان :تاريخ صحف ابي اليقظان ،دار هومة ،تق وتع :د .محمد ناصر3002 .م. -5إبراهيم أبو اليقظان :ديوان أبي اليقظان ،دراسة :الدكتور محمد ناصر نشر جمعية التراث‘ القرارة ،غرداية .الجزائرش 9891م. -6إبراهيم أبو اليقظان :غتارات من صحف ابي اليقظان )1( ،جريدة وادي ميزاب6291 . 9291 -م۔ إعداد وتقديم :محمد صالح ناصر .نشر مكتبة الريامش 4241ه3002 /م. -7إبراهيم أبو اليقظان 6ملحق سير الشماخي مخطوط. -8إبراهيم بجاز :الذولة الرستمية .ط ا مطبعة لافوميك‘ الجزائر5891 6م. -9إبراهيم بيوض :أعمالي في الثورة ،الزيتونة للإعلام والنشرا نشر جمعية التراث" القرارة. غرداية .الجزائرش 0991م. - 01إبراهيم بيوض :المجتمع اللسجدي .جمع وإعداد :محمد ناصر بوحجام ،دت. ضمن كتاب :منشورميزاب٥‏العربي الحر بواديالتعليم- 1 1إبراهيم بيوض:تقرير حول رابح تركي :العليم القومي والشخصية الجزائرية .ط \4المؤسسة الوطنية للكتاب" مالجزائر4891 . الشبهات وا لأوهام إعداد وتنسيق:- 21إبراهيم بيوض :حديث الشيخ الإمام ردا على بعض محمد إبراهيم سعيد كعباش۔ الحلقة الأولى ،جمعية النهضة غرداية .الجزائر 2991م. -3إبراهيم بيوض :رسالة مطولة حول دواعي دخوله المجلس الجزائري بعث بها إلى الشيخ ابي إسحاق إبراهيم اطفيش ف القاهرة .خطوطة. 416فهرس المصادر والمراجع -4إبراهيم بيوض :فتاوى الإمام الشيخ بيوض إبراهيم بن عمر ،ترتيب وتقديم وتخريج: بكر الشيخ بالحاج .المطبعة العربية .غرداية8891م -5إبراهيم بيوض :في رحاب القرآن 6تفسير سورة الإسراء تحرير الأستاذ عيسى الشيخ بالحاج .مراجعة :الدكتور محمد ناصر .طا ؤ دار النهضة للنشر والتوزيع. سلطنة عمان 2991 .م. -6إبراهيم بيوض :في رحاب القرآن 6مهرجان ختم تفسير القرآن الكريم .غرداية ،نشر جمعية التراث" دت. -7إبراهيم بيوض :وثيقة مطالب الأمة الميزابية إلى لجنة الإصلاحات الفرنسية ،الجزائر" 30 جانفي 4491م. -8إبراهيم بيوض :وثيقة نداء إلى الشعب الميزابي۔ الجزائرش42افريل 6491م. -9إبراهيم حاج ايوب القرادي :الشيخ القرادي حياته وآثاره ،المطبعة العربية. غرداية0991 .م. -0إبراهيم طلاي :ميزاب بلد كفاح .دار البعث قسنطينة0931 .ه1791 /م. -12ابن:الصغير :أخبار الأمة الرستميين ،تح وتع :محمد ناصر وبحاز إبراهيم" المطبوعات الجميلة الجزائر 6891 .م. مطبعة الببمث"المشايخ بالمغرب تح :إبراهيم طلاي،-2احمد أبو العباس الدرجيني :طبقات قسنطينة .الجزائر 4791 .م. ه.1سير المشايخ .طبعة حجريةالشماخي:-3احمد أبو العباس الجزائر المؤسسة-4احد الخطيب:جمعية العلماء المسلمين الجزائريين وأثرها الإصلاحي ف الوطنية للكتاب الجزائر5891 6م. -5احد أمين :زعماءا لإصلاح في العصر الحديث المؤسسة الوطنية للفنون المطبعية الرغاية ،الجزائر0991م. -6احمد بن محمد أبو العباس الفرسطائي :القسمة واصول الأرضين تح :بكير الشيخ بالحاج .محمد ناصر ط2۔ المطبعة العربية ،غرداية" نشر جمعية التراثؤ القرارة ،الجزائر 83ه7991 /م. فهرس المصادر والمراجع615 -7احمد توفيق المدني :جغرافية القطر الجزائري ط ً2المطبعة العربية .الجزائر 2591م. -8احمد توفيق المدني :حرب الثلاثمائة سنة بين الجزائر وإسبانيا2971 -2941 .م .ط.2 الشركة الوطنية للنشر والتوزيع الجزائر6791 6م. -9احمد توفيق المدني :حياة كفاح .الشركة الوطنية للنشر والتوزيع .الجزائر6791.م. -0احمد توفيق المدني :كتاب الخزائر ،ط [ ،المطبعة العربيةش الجزائر» دت. [ -3احمد توفيق المدني :حمد عثمان باشا .سيرته وحروبه ،نظام الدولة والحياة العامة في عهده۔ المؤسسة الوطنية للكتاب الجزائر 6891م. -2احمد رحماني :التفسير الموضوعي نظرية وتطبيق الجزائر باتنة ،منشورات جامعة باتنة. ط.1دت. -3احمد فرصوص :الشيخ أبو اليقظان كما عرفته ،دار البعث قسنطينة ،الجزائرش 1991م. -4احمد كروم :العلامة الجليل الشيخ :يوسف بن بكير حمو وعلي7881 .م 4891 -مإ حياته وآثاره .نشر جمعية الآمل للتربية والثقافة .العطف© غرداية5141 .ه5991 /م. -5بسام العسلي :عبد الحميد بن باديس وبناء قاعدة الثورة الجزائرية ،ط ‘2دار النفائس" بيروت لبنانؤ 6041ه6891 /م. -6بكير أعوشت واحمد كروم :مسلمات صالحات في روضة الإيمان" المطبعة العربية. غرداية! دت. -7بكير أعوشت :الإمام إبراهيم بيوض وجهاده الإسلامي في الجزائر ،المطبعة العربية. غرداية7891 .م. -8بكير أعوشت :قطب الأمة العلامة محمد بن يوسف اطفيش حياته وآثاره الفكرية وجهاده المطبعة العربية ،غرداية9891 .م. -9بكير أعوشت :وادي ميزاب في ظل الحضارة الإسلامية ،دينيا ،تاريخيا ،اجتماعياء المطبعة العربيةؤ غرداية1991 .م. -0بكير الشيخ صالح وآخرون :منظمتا إيروان وإمسوردان" دت. -14بكير واعلي :الإمامة عند الإباضية بين النظرية والتطبيق" مقارنة مع أهل السنة والجماعة. المطبعة العربية ،غرداية ،نشر جمعية التراثؤ القرارة ،غرداية .الجزائرش 1241ه1002 /م. 616أ فهرس المصادر والمراجع -2يالحاج قشار :عوائد ميزاب سنن لا تقاليدس دت. -3جمعية التراث :معجم أعلام الإباضية .أربع مجلدات من القرن الأول الهجري إلى الخامس عشر الهجري .قسم المغرب ،نشر جمعية التراث ،القرارة .غرداية .الجزائر. 01ه9991 /م. -4حو عيسى النوري :نبذة من حياة الميزابيين الدينية والسياسية والعلمية قديما وحديثا من سنة 5051إلى 2691م۔ دار الكروان" باريس4891م. -5حو فخار :كان حديثا حسناء مناقب القائد المربي الشيخ بيوض إبراهيم 6تق :د .محمد ناصر نشر جمعية التراثؤ القرارةء غرداية ،الجزائر0241 .ه0002 /م. -6خير الدين الزركلي :الأعلام" قاموس تراجم لأشهر الرجال والنساء والعرب والمستعربين والمستشرقين‘ دار العلم للملايين .ط7بيروت ،لبنانؤ 6891م. -7رابح تركي :الشيخ عبد الحميد بن باديس رائد الإصلاح والتربية في الجزائر ط4 المؤسسة الوطنية للكتاب الجزائر 4891م. -8رابح تركي :العليم القومي والشخصية الجزائرية 6591 -391 1م .الشركة الوطنية `للنشر والتوزيع ،الجزائرث 1891م. . -9الربيع بن حبيب :الجامع الصحيح ترتيب الشيخ أبي يعقوب الوارجلاني ،مصور عن المطبعة العربية بدمشق8831 .ه في المطبعة العربية بغرداية5891 .م. -0الزبيف سيف الإسلام :تاريخ الصحافة في الجزائر ،الشركة الوطنية للنشر والتوزيع. |الجزائرش 1791م. -15زكرياء الشيخ بالحاج وآخرون :ضوابط علاقات العمل المطبعة العربية ،غرداية. .[ 424ه3002 /م. -2۔زينب عصمت راشد :تاريخ أوربا۔الحديثڵ دار الفكر العربي القاهرة ،مصر. .5002م./6 -3سعد النه ابو القاسم :الحركة الوطنية الجزائرية0091 - 0381 .مض ج1ة ط1دار الغرب الإسلامي بيروت ،لبنانش 2991م. -4سعد النه أبو القاسم :الحركة الوطنية الجزائرية 03910 -0091 .ج .2ط \4دار الغرب الإسلامي بيروت\ لبنان{ 2991م. المصادر والمراجع فهرس6 ] 7 -5سعد النه أبو القاسم :الحركة الوطنية الجزائرية0391 -0091 .م ،ج .2ط .3الشركة الوطنية للنشر والتوزيع ،الجزائر3891م -6سعد انته أبو القاسم :الحركة الوطنية الجزائرية .5491 -0391 .ج .3ط 4دار الغرب الإسلامي .بيروتؤ لبنانؤ 2991م. -7سعد النه أبو القاسم :الحركة الوطنية الجزائرية54910 -0391ط .3المؤسسة الوطنية للكتاب الجزائرش 6891م. -8سعد النه أبو القاسم :تاريخ الجزائر الثقافي" ط\1دار الغرب الإسلامي" بيروت٥‏ لبنان8991 .م. -9سعد النه أبو القاسم :تاريخ الجزائر الحديث‘ بداية الاحتلال ،مطبعة الجبلاوي ،القاهرة. مصر0791 .م. -0سعيد شريفي .معهد الحياة نشاته وتطوره .ط [ .المطبعة العربية ،غرداية 9891م. 6 1۔صالح الخرفي :صفحات من الجزائر 6مجموعة دراسات ومقالات ،الشركة الوطنية للنشر والتوزيع ،الجزائرش 3791م. -2۔صالح الخرفي :من أعماق الصحراء دار الغرب الإسلامي ،بيروت -لبنان1991 ،م. -3۔صالح الخرفي :من أعماق الصحراء۔ دار الغرب الإسلامي" بيروت\ لبنان1991 ،م. -4صالح بهون ،بشير حاج موسى :الجذور التاريخية للتعليم القرآني الحر بميزاب وتطوره دت. -5۔صالح سماوي :العزابة ودورهم في المجتمع الإباضي بميزاب© ط اؤ المطبعة العربيةء غردايةؤ نشر جمعية التراثؤ القرارة .غرداية ،الجزائرش 7241ه7002 /م. -6۔صالح لعلي :البراهين القاصفة لمتتبعي الفلاسفة ،دت. -7۔-صالح لعلي :إماطة اللثام عن بعض اللثام .دت. 8۔صلاح عبد الفتاح الخالدي :التفسير الموضوعي بين النظرية والتطبيقں دار القلم 6بيروت© ِلبنانؤ 7991م. ط.2الإسلام حتى العصر الحاضرصدرنويهض :معجم أعلام الجزائر من-9۔عادل مؤسسة نويهض الثقافية .بيروتؤ لبنان{ 0041ه0891 /م. 8‏6 ١المصادر والمراجع فهرس -0عبد الرحمن ابن خلدون :كتاب العبر وديوان المبتد والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر .دار الكتاب اللبناني للطباعة والنشر ،بيروتث لبنان2041 .ه1891 /م. 0041ه 0891 /م.بيروتدار الثقافة-7 1عبد الرحمن الجيلالي :تاريخ الجزائر العام 3ط.4 2041ه 2891 /م.غردايةالبكري ،ج.1المطبعة العربيةفتاوى-2عبد الرحمن بكلي: -3عبد الرحمن بكلي :محاضرات البكري في العلم والعلماء .إعداد وتقديم:مصطفى صالح باجو ،نشر مكتبة البكري ،العطف" غرداية الجزائر ،دت. المطبعة العربية،نشر مكتبة البكري-4عبد الرحمن بكلي :مسيرة الإصلاح في جيل غرداية4002 .م. -5عبد الرحمن بكلي :مقدمة على كتاب النيل للشيخ عبد العزيز اللميني .ط .2المطبعة العربية لدار الفكر الإسلامي الجزائر9831 .ه9691 /م. -6عبد الكريم بوصفصاف :جمعية العلماء المسلمين الجزائريين ودورها في تطور الحركة الوطنية الجزائرية5491 - 1391 .م ط \1نشر دار البعث‘ قسنطينةك 1041ه1891 /م. .60م.بيروتومكتبة الملال.دارموسوعة تاريخ العرب‘-7عبد المنعم الهاشمي: -8عدون جهلان :الفكر السياسي عند الإباضية من خلال آراء الشيخ امحمد بن يوسف اطفيش نشر جمعية التراثؤ القرارة ،الجزائر دت. -9علي يحيى معمر :الإباضية بين الفرق الإسلامية عند كتاب المقالات في القديم والحديث‘ .‏١المطبعة العربية غرداية الجزائر 7891م. المطبعةالجزائر .4الإباضية فالتاريخ .حلقةموكبالإباضية ف-0علي محى معمر: العربية غرداية الجزائر5891م. وتاريخهم .المطبعة العربية،-8 1علي يحيى معمر :الإباضية دراسة مركزة ف أصولهم غرداية5891 .م. -2عمر إسماعيل آل حكيم :مقابلة مع شاهد القرن ،ط 7241 ،1ه6002 /م. -3عمر الحاج امحمد :مذكرات ووثائق رسمية عن وادي ميزاب من الناحية الدينية والسياسية والاجتماعية .من سنة3581إلى سنة.1591مطبعة النهضة ،تونس" 1591م. فهرس المصادر والمراجع619 -4عوض خليفات :النظم الاجتماعية والتربوية عند الإباضية في شمال إفريقيا في مرحلة الكتمان .ط.1سلطنة عمان 2891م. -5عيسى باعمارة :المجالس العامة لميزاب8891 /5041 ،مإ دت. -6غازي التوبة :الفكر الإسلامي المعاصر دراسة وتقويم" دار القلم ،بيروت‘ لبنان7791 .م. -7فرحات الجعبيري :نظام العزابة عند الإباضية الوهبية في جربة المطبعة العصرية. 593ا7891 /م. -8فرحات عباس :ليل الاستعمار" تع :أبو بكر رحال مطبعة المحمدية ،المغرب دت. -9قاسم الشيخ بالحاج:الشاعر صالح الخرفني" صفحات في مساره الفكري والأدبيث المطبعة العربية ،غرداية ،نشر الجمعية الثقافية أنغام الحياة ،القرارة ،الجزائرث 3002م. -0قاسم الشيخ بالحاج :الشيخ علي معمر .اضواء على شخصيته وفكره .ط1المطبعة العربية 5غرداية ،نشر جمعية التراث‘ القرارة4241 ،ه3002 /م. -9 1قاسم الشيخ بالحاج :مذكرات من أعماق جزيرة زنجبار .منشورات التبيينں الجاحظية. 21ھ1002 /م. -2قاسم الشيخ بالحاج :نظرية الحضارة عند المفكر مالك بن نبي" منشورات التبيين‘ الجاحظية8991م. -3مالك بن نبي :شروط النهضة سلسلة مشكلات الحضارة ،ترجمة :عبد الصبور شاهين دار الفكر ،بيروتؤ لبنانش 6041ه۔ 6891م. -4الجلة الزيتونية :من سنة 6391م إلى سنة 5591م ،تسعة أجزاء .دار الغرب الإسلامي ،دت. -5مجموعة من الأساتذة :القانون الأساسي لوحدة التعليم العربي بميزاب (الجزائر) واللائحة الداخليةث 4631ه5491 /م. -6مجموعة من المؤلفين :موسوعة العلماء والأدباء الجزائريين" دار الحضارة .الجزائر .3م1. -7مجهول :الجمعيات الخيرية في وادي ميزاب .دت. 026فهرس المصادر والمراجع دت.بيروت!دار صادر العرب‘لسان-8مححمد ابن منظور: تفريعا وسلوكا ‌ مطبعة البعث"الشيخ بالحاج:مميزات ا لإباضية نشأة وتأصيل-9محمد قسنطينة الجزائر 1991 8م. التونسيةالدارجزء.ثلاثونتفسير التحرير والتنويرالطاهر بن عاشور:-محمد0 للنشر4891 .م. 10محمد الفاضل بن عاشور :الحركة الأدبية والفكرية في تونس الدار التونسية للنشر افريل 3891م. 2محمد الفيروز آبادي :القاموس المحيط؛ تح :العرقسوسي محمد نعيم" مؤسسة الرسالة. بيروت!4991م. 3ممد بن مكرم ابن منظور :لسان العرب المحيط ،إعداد وتصنيف :يوسف خياط .دار . 8041ه 8991 /م.بيروت لبنان،لسان العرب - 401محمد بن يعقوب الفيروزبادي :القاموس المحيط المؤسسة العربية للطباعة والنشر، 1 259م.لبنانثبيروت! بوذينة:تونسيون ف تاريخ الحضارات.ط.[1ا لشركة ‏ ١لوطنية للنشر والتوزيعك-59محمد تنس أكتوبر 8991م. القاهرة .مصرا.دار الكتب الحديثةالتفسير والمفسرون ،ط.2- 601محمد حسين الذهى: 60ه6791 /م. 7محمد سعيد كعباش :العطف تاجنينت ،نشر جمعية ألفية العطفؤ العطفت© غرداية. ....6 الدارللمهاجرين الجزائريين بتونسصالح الجابري :النشاط العلمي والفكري- 8محمد العربية للكتاب3891م. علي دبوز :أعلام الإصلاح في الجزائر ج.1ط[.مطبعة البعث‘ قسنطينة.-9محمد الجزائر4931 .ه4791 /م. قسنطينةط.1مطبعة البعثالجزائر ج.2فعلي دبوز :أعلام الإصلاح-011محمد الجزائر6931ه 6791 /م فهرس المصادر والمراجع621 ا -11محمد علي دبوز :أعلام الإصلاح في الجزائر ،ج {3ط [ ،مطبعة البمث‘ قسنطينة. الجزائرش 8931ه8791 /م. محمد علي دبوز :أعلام الإصلاح في الجزائر .ج 4ط [ دار البعث‘ قسنطينة .الجزائر2 0891م./0 3محمدعلي دبوز :أعلام الإصلاح في الجزائر ،جك ط\1دار البعمث‘ قسنطينة. الجزائرث3041م2891 /م. 4محمد علي دبوز :تاريخ المغرب الكبير ،ط،1دار إحياء الكتب العربية .القاهرة٧‏ مصر. 3691 /م.2 5محمد علي دبوز :نهضة الجزائر الحديثة وثورتها المباركة ج 16ط1مطبعة التعاونية. 5ه5691 /م. 6محمد علي دبوز :نهضة الجزائر الحديثة وثورتها المباركة{ ج 2ط [ش المطبعة العربية. الجزائر1931 .ه1791 /م. 7محمد علي دبوز :نهضة الجزائر الحديثة وثورتها المباركةء ج ،3ط1ء المطبعة العربية. 91ه9691 /م. محمد فؤاد عبد الباقي :المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم بجاشية للصحف8 الشريف ط .2دار المعرفة" بيروت ،لبنانش [1141ه1991 /م. 9محمد لعساكر :محاضرة مطبوعة بعنوان :دور الشيخ ابي اليقظان في تاسيس البعثة العلمية ومساهمته في الحركة الوطنية بتونس ،القيت في مهرجان الشيخ ابي اليقظان الذي نظمته جمعية البلابل الرستمية بغرداية .سنة 9791م. محمد مرتضى الزبيدي :تاج العروس من جواهر القاموس ،تح :عبد الستار أحمد فراح،0 دار الهداية۔ بيروت0891 ،م. -2 1محمد ناصر بوحجام (جمع وتعليق) :أبو اليقظان في الدوريات العربية ،المطبعة العربية، غرداية5891 .م. -2عمد ناصر بوحجام :البعد الروحي لنظام حلقة العزابة ،ط ،1نشر جمعية التراث١‏ القرارة .غرداية .الجزائر 8241ه7002 /م. 226فهرس المصادر والمراجع 3عمد ناصر بوحجام :التواصل الثقافي بين الجزائر وعمان .مكتبة الضامري ،مسقط. سلطنة عمان3002 ،م. مكتبة الضامري للنشر- 421محمد ناصر بوحجام :التواصل لثقاني ببن عمان والجزائر 5ط.1 3241ه...3 /والتوزيع ،سلطنة عمان 5محمد ناصر بوحجام :السخرية في الأدب الجزائري الحديث‘ من سنة5291إلى 2691م .طا5المطبعة العربية غرداية 6نشر حمعية التراث ث ،القرارة غرداية الجزائر 4002م./5 محمد ناصر بوحجام :الشيخ إبراهيم بيوض المصلح المربي .ط.1مكتبة الجيل الواعد6 ‏4 /٨15م. 7ممد ناصر بوحجام :الشيخ إبراهيم بيوض والعمل السياسي ط اس المطبعة العربية. غرداية2141 .ه1991 /م. 8ممد ناصر بوحجام :حياة الشيخ أبي اليقظان إبراهيم" دت. 9محمد ناصر :أبو اليقظان وجهاد الكلمة .الشركة الوطنية للنشر والتوزيع .الجزائر سنة . 081م. 0عمد ناصر :الشيخ إبراهيم اطفيش في جهاده الإسلامي .المؤسسة الوطنية للفنون المطبعية الرغاية ،الجزائر ،نشر جمعية التراث ،القرارة غرداية ،الجزائر دت. 131محمد ناصر :الشيخ إبراهيم بن عمر بيوض مصلحا وزعيماء مكتبة الريامإ الجزائر 6دت. -2محمد ناصر :الصحف العربية الجزائرية .9391 _ 7481 .الشركة الوطنية للنشر والتوزيع1 089 6م. 3عمد ناصر :المقالة الصحفية الجزائرية .نشاتها" تطورهاء أعلامهاء من3091إلى 1391م الشركة الوطنية للنشر والتوزيع ،الجزائر 8931ه8791 /م. -4محمد ناصر :حلقة العزابة ودورها في بناء المجتمع اللسجدي جمعية التراثث ،القرارة. الجزائر 0141ه9891 /م. -5عمد ناصر :منهج الدعوة عند الإباضية .ط ٌ2المطبعة العربية ،غرداية ،نشر جمعية التراثؤ القرارة ،غرداية ،الجزائرش 8141ه7991 /م. -6مسعود مزهودي :الإباضية في المغرب الأوسط؛ المطبعة العربية ،غرداية ،نشر جمعية ه 6991 /م.7التراث\ القرارة ،غرداية .الجزائر -7مصطفى ونتن :آراء الشيخ امحمد بن يوسف اطفيش العقدية .المطبعة العربية{ غرداية. نشر جمعية التراث ،القرارةء غرداية الجزائر71 ،ه 6991 /م -8مفدي زكرياء :تاريخ الصحافة العربية في الجزائر 6جمع وتحقيق :احمد حمدي" نشر الجزائر.3 ،م.مؤسسة مفدي زكرياء دار هومة ط6 1دار قرطبة للنشر والتوزيعالفكر الإسلامي المعاصر والتحديات- 1 93۔منير شفيق: المحمدية .الجزائر 5002م. -0موسوعة المكتبة الشاملة :قرص مضغوط يحوي أهم مصادر الحديث. -14ناصر الدين سعيدوني :الجزائر منطلقات وآفاق ،دار الغرب الإسلامي بيروت، لبنان.0 ،م. -2يحيى أبو زكرياء بن أبي بكر :سير الأمة واخبارهم" تح وتع :إسماعيل العربي ،ط .1 مطبعة أحمد زبانة} الجزائر! 9931ه9791 /م. ط6 1دار البعثالجزائر في القرنين التاسع عشر والعشرينثورات- 1 34يحى بوعرير: قسنطينة .الجزائر0041 6ه0891 /م. -[ 44يوسف الحاج سعيد :تاريخ بني مزاب ؤ المطبعة العربية .غرداية2991 .م. ج:المرأة ف المجتمع الميزابي ،ط .1المطبوعات الجميلة الجزائرالواههج:- 541يوسف ‏1 982 /٨13م. -6يوسف سالم البرغثي :حركة المقاومة الوطنية بالجبل الأخضر7291 .م إلى 2391م. مركز جهاد الليبيين للدراسات التاريخية0002 .م. الرسائل الجامعي: -7احمد عيساوي؛ الشيخ العربي بن بلقاسم التبسي مصلحًاء اطروحة دكتوراه؛ جامعة الجزائر ،كلية العلوم الإسلامية .الخروبة .س ج0002-1002 :م. -8بشير مرموري :تعليم البنات في ميزاب بين الأصالة والحداثة .دراسة لميكانيزمات التغيير في الواقع الاجتماعي ،رسالة ماجستير في علم الاجتماع .جامعة الجزائر كلية العلوم الاجتماعية ،س ج1002 -0002 :م. 426فهرس المصادر والمراجع بالحاج ناصر :موقف سكان وادي ميزاب من قانون التجنيد الإجباري-2191 :941 قسم التاريخ .س ج:الإنسانيةليسانسك جامعة الجزائر كلية العلوممذكرة.591 2002 1002م. الدين- 051۔حمو ‏ ١لشيهاني:حاشية أبي يعقوب يوسف بن محمد المصعبي على رسا لة أصول لتبغورين ،دراسة وتحقيق دبلوم الدراسات العلياء جامعة محمد الخامس كلية الآداب 1 599 _ 4991م.والعلوم الإنسانية الرباط ،س ج جامعةرسالة ماجستير.ابي اليقظان6- 151زكية منزل غرابة :الفكر الإصلاحي عنل الشيخ م.40قسنطينة قسم التاريخ .س ج-3 : -[ 25سمية فخار :دراسة الفتاة الميزابية بين التعليم الحر والرسمي © مذكرة تخرج .معهد الإصلاح للبنات غرداية قسم التخصص في التربية والعلوم الاسلامية .س ج: 6002م./7 -3شافية صديق :إشكالية النهوض في الفكر الإسلامي المعاصر :دراسة تحليلية نقدية .أطروحة دكتوراء جامعة الجزائر كلية العلوم الإاسلامية ،الخروبة س ج: 20-3002م. -4عمر إسماعيل آل الحكيم :الإمام الثمينى وكتابه المعالم ي الفلسفة وأصول الدين. الدين6أصولالخروبة .تخصص:الاسلامية.جامعة الجزائر كلية العلومرسالة ماجستير .6 -م.71س ج: -5عيسى قرقب :الإمام إبراهيم بيوض رائد الحركة الإصلاحية في الجنوب الجزائري" 1041 -9ه1891 -0291 /م اطروحة دكتورا دولة في التاريخ الحديث والمعاصر© 6991م.-5991ج:قسم التاريخ .سجامعة قسنطينة -6لطيفة الحاج موسى :المدارس الحرة في بني يزقن خلال القرن العشرين" مذكرة تحرج. المعهد الجابري" بني يزقن" غرداية .س ج.5002 -4002 : الأدب الحديث ،جامعة باتنة- 751محمد زغينة :ابو اليقظان ونثره 6أطروحة دكتورا دولة ف معهد اللغة العربية وآدابها! س ج.8991 -7991 : -8مريم سيوسيو :الأهداف التربوية من تعليم البنت الميزابية في المدرسة الحرة مذكرة تخرج .معهد الإصلاح للبنات غرداية قسم التخصص ف التربية والعلوم الاسلامية .س ج7241 :ه6002 /م. فهرس المصادر والمراجع625 -9مصطفى إتبيرن :المصلحة المرسلة عند الإباضيةء رسالة ماجستير .جامعة الأمير عبد 5م.-4القادر للعلوم الاسلامية .قسنطينة .س ج ليسانس،المدرسة الإباضية الحرة دراسة حالة الملذرسة الجابرية .مذكرة- 061مهدية طلاي: جامعة الجزائر .معهد علم الاجتماع» س ج3991 -2991 :م. -161نادية وزناجي:منهج التفسير عن الشيخين عبد الحميد ابن باديس وإبراهيم بيوض تفمسبرا المعهد الوطني للتعليم العاليتخصص:رسالة ماجستير في العلوم الاسلامية 9991م.باتنة س ج8991 :للعلوم الإسلامية 0891 / 1 998م.الإصلاح.ومنهجه فالشيخ إبراهيم بيوضسكحال:- 1 26نور الدين رسالة ماجستير 5جامعة الأمير عبد القادر للعلوم الإسلامية ،قسنطينة .معهد أصول الدين ،قسم الدعوة والإعلام ،س ج5991 -4991 :م. المقالات: -3إبراهيم أبو اليقظان جريدة الإقدام :عد.58تاريخ 03 :جوان 2291م. -4إبراهيم أبو اليقظان وادي ميزاب ع71۔ تاريخ7291 /7 /12 :م. -5إبراهيم ابو اليقظان :افتتاحية جريدة النبراس" ع.1 -6إبراهيم أبو اليقظان :جريدة وادي ميزاب‘ ع.501تاريخ.6291 /01 /71: -7إبراهيم ابو اليقظان :جريدة وادي ميزاب ع!\ تاريخ 10:أكتوبر 6291م. -8إبراهيم أبو اليقظان :جريدة وادي ميزاب‘ ع! تاريخ 10:أكتوبر 6291م. -9إبراهيم أبو اليقظان :مقال بعنوان :الإسلام يحتضر والمسلمون يهزلون 6منشور ضمن كتاب :أبو اليقظان :غغتارات من صحف ابي اليقظان .ص71 -0إبراهيم أبو اليقظان :مقال بعنوان :الإصلاح ،منشورة ضمن كتاب :أبو اليقظان: مختارات من صحف ابي اليقظانث ص.[ 1وادي ميزاب‘ ع7291 /1 /7 .51م. -171إبراهيم أبو اليقظان :مقال بعنوان :أي هكذاء جريدة البستان ،ع .7جوان 3391م. -2إلبراهيم أبو اليقظان :مقال بعنوان :بين الجريدة والجواق ،جريدة البستان ،ع .1الصادر بتاريخ 72 :افريل 3391م. 626فهرس المصادر والمراجع -3إبراهيمالقرادي :دور المسجد في توجيه المجتمع. .مقال منشورة ضمن كتاب :القرادي: ص.25- 3 8الشيخ القرادي حياته وآثاره. -4إبراهيم القرادي :مقال بعنوان :العشيرة ودورها في تكوين البنية الاجتماعية في ميزاب. .16منشور ضمن كتاب :الشيخ القرادي حياته وآثاره .ص-35۔ كتاب:ضمنبالقرارة . .منشورالحياةداخليةددوربعنوان:مقال- 1 57إبراه يم القرادي: القرادي حياته وآثاره. ضمنمنشورللشيخ بيوض٧ؤ‏العمل ‏ ١للوريحولالقرارة- 1 67تقرير نخبة من مجاهدي كتاب :إبراهيم بيوض :أعمالي في الثورة. .806جريدة الشهاب .ج .1 0ص-606- 771عبد الحميد ابن باديس: .806جريدة الشهاب .ج .1 0ص-606- 871عبدل الحميد ابن باديس: -9عبد الحميد بن باديس :مقال بعنوان :نهضة جزائرية بالحاضرة التونسية .جريدة الصديق .ع.44تاريخ91-90-1291 :م. - 081عبد الرحمن بكلي :جريدة وادي ميزاب ع .2تاريخ6291 /01 /80 :م. -181قاسم الشيخ بالحاج :مقال بعنوان :آثار النهضة التونسية في الحركة الإصلاحية بوادي لة الحياة ،الصادرة عن معهد الحياة بالقرارة،ميزاب الإسلاميجهادهومعالم فبعنوان :الشيخ أبو اليقظان- 281قاسم الشيخ بالحاج :مقال مجلة الموافقات ،الصادرة عن المعهد الوطني العالي لأصول الدين الخروبة\ الجزائر 1 699م.سسع.5 عجلة العصر.حضاري.معهد الحياة منارة إشعاعبعنوان:مقال- 1 38قاسم الشيخ بالحاج: الصادرة عن وزارة الشؤون الدينية والأوقاف الجزائر،ع \71تاريخ :الجمعة 40 حرم8141ه 10 /ماي 8991م{ ص.02-12 ص902بكلي شاعر الإصلاح.مقال بعنوان :الشيخ عبل الرحمن- 1 48حمل ناصر بوحجام محلةبكلي شاعر الإصلاح.مقال بعنوان :الشيخ عبل الرحمن- 1 58حمل ناصر بوحجام: الحياة .الصادرة عن معهد الحياة بالقرارة ،ع 95ص902 مشاكل التعليمإ عجلة- 681محمد ناصر بوحجام :مقال بعنوان :المعلم الكفء يجل كثيرا من ص. 88الحياة .الصادرة عن معهد الحياة بالقرارة7الجزائر عدد.8991 .1 فهرس المصادر والمراجع627 -7عحمد ناصر :مقال بعنوان :القيم الإسلامية في نظام التعليم بوادي ميزاب مجلة الحياة. الصادرة عن معهد الحياة بالقرارة-الجزائر ،ع1۔{89915ص.47-57 ناصر :مقال بعنوان :من رسائل الشيخ عدون إلى الشيخ ابي اليقظان© محلة الحياة-8ححمد الصادرة عن معهد الحياة بالقرارة-الجزائر .ع .9صر!14 - 711 -9مصطفى باجو :مقال بعنوان :الشيخ إبراهيم بيوض مربياء منشور ضمن أعمال الملتقى الأول لفكر الإمام الشيخ إبراهيم بيوض كتاب الملتقىث ص.732 جيل للشيخ عبد الرحمن- 091مصطفى باجو :مقدمة ف كتاب :مسيرة الإصلاح ف بكلي .ص.41 مقال بعنوان :التوجه المعادي للعروبة والإسلام ف السياسة- 191ناصر الدين سعيدوني: الفرنسية في الجزائر منشور ضمن كتابه :الجزائر منطلقات وآفاق‘ء ص.79 -96 مقال بعنوان :صدى كفاح عمر المختار ي الجزائر4منشور- 291ناصر الدين سعيدوني: ضمن كتابه :الجزائر منطلقات وآفاق دار الغرب الإسلامي ،بيروت لبنان0002 .م. - 391ناصر الدين سعيدونى :مقال بعنوان :مسألة السيادة الجزائرية ف العهد العثماني 6محاولة لتقييم العهد العثماني للجزائر منشور ضمن كتابه :الجزائر منطلقات وآفاق" دار الغرب بيروت لبنان02م.الإسلامي. -4ناصر الدين سعيدونى :مقال بعنوان :مكانة جمعية العلماء المسلمين الجزائريين في الحركة الوطنية الجزائريةؤ منشور ضمن كتابه :الجزائر منطلقات وآفاق ،6ص .622 -022 أعمال الملتقيات العلمي: -5العمارة والعمران في وادي ميزاب ،كتاب ملتقى الأيام الدينية الخامسة المنعقدة في مصلى العالية ،الجزائر ،في تاريخ 6 [5 :ذي الحجة 0141ه 92 .82 /جوان 0991م. مطبعة تقنية الألوان ،الجزائر .دت. -6فعاليات الأيام الدراسية العلمية الوطنية حول فكر الإمام الشيخ عبد الرحمن بن عمر بكلى-البكري7تنظيم :مكتبة الصفاء وجمعية الفتح وبلدة بريان ،أيام1-12-32 : مارس.2002المطبعة العربية غرداية.6002 . -7في رحاب القرآن :محاضرات مهرجان ختم الشيخ بيوض للقرآن الكريم .القرارة. 0891م .نشر جمعية التراث٥‏ القرارةء غرداية ،الجزائر .1891 826المصادر والمراجع فهرس .391محضر جلسات مؤتمر جمعية قدماء التلاميذ بلدة بريان جويلية891 -9اللتقى الأول لفكر الإمام الشيخ إبراهيم بن عمر بيوض القرارة 31-41 ،أفريل الطبعة العربية .غرداية نشر :جمعية التراث القرارة" غرداية الجحزائر.2 المقابلات: -0مقابلة مع الشيخ أحمد الخليلي :المفرق" الأردن 52 ،مارس 8002م. -1مقابلة مع الشيخ أحمد الخليلي :دمشق سورياء ماي 8002م. -2مقابلة مع الشيخ بكير الشيخ بالحاج .القرارة ،الجزائرث مارس 8002م. -3مقابلة مع الشيخ بالحاج شريفي القرارة .الجزائر82اوت 5002م. -4مقابلة مع الشيخ بالحاج شريفي القرارة .الجزائر 52 .ديسمبر 7002م. -5مقابلة مع الشيخ عدون شريفي الجزائر ،ماي3002 .م. -6مقابلة مع الأستاذ علي بن إبراهيم بيوض :القرارة .الجزائر مارس 8002م. -7مقابلة مع الدكتور عمر فاروق فوزي :عمان" الأردن 42 ،مارس 8002م. -8مقابلة مع الشيخ فرحات الجعبيري :تونس ،فيفري 8002م. -9مقابلة مع الشيخ محمد الصالح صديق الجزائر" جويلية 7002م. -0مقابلة مع الدكتور محمد ناصر الجزائر 42 ،جوان 5002م. ا -12مقابلة مع الدكتور محمد ناصر الجزائر ،فيفري 6002م. المراجع الأجنبي: ہ212-:اعن!.:ع ,, 7791. 312-ع`7ع :ێ,ع! ,, . 412-:س 5ع., 5881. م 512-[ ,ن|- 2691-5291,ع نم ,3991- 4991. ح !612-:0[ ععل`,ع آ ,لع 5از, 9891 - 0991.ا فهرس الآيات القرآنية فهرس الآيات القرآنية الصفحةالسورة والاية سورة البقرة لك أمة قن خلت لها ما كسبت ولكم ما كَسْم ولآ ئىنالون عَمًا كائوأ| 042134 َعْمَلُون»4 591ويسنالونك عانلباقى فل إصلاح لهم خبزه220 591والله عْلَمُ الميد من المُصنيح4220 برَدهر في ذالك إن أرادوا إصلاحا وَلَهر مثل النزذي عَلَنْهن 791وبعُولتهرة أح228 وَلِلرجَالى عَلََهنَ درجةد والله عزي زز حَكيمً٩‏ بالمعروف إن الذين ءَامَئوأ وَعَملوأ الصالحات وأفَامُوأ الصلة وَءائوا الزكاة لهم أجرهم | 791277 عند ربهم ولآ خوؤف عليهم ولأ هُمْ َخزئون»4 سورة آل عمران 913فل إن كُسمْ تحبون الله فائيعوني بحبكم الله وتمر لكم ذونكم»431 ولتكن منكم أم تَذغون إلى الْخَيْر وَتَامُرون بالمعروف وينهون عن المنكر 89104 أوليك هُمالْمُفلِحون؛» ' كم خَيْرَأمة مأأخرجَت للناس ئامُرون بالمعروف وَئنهَون عن المنكر وثويئون | 972 .2!10 باللهگه 591يُومنون بالله وا لوم لأخر وَيَامُرون بالمعروف ينهون عن المنكر 72114 في الْحَيْرّات وأوبك من الصئالحن؛» سورة النساء وإن خفتم ¡ش .يقاق بهما اوا حَكَمًا مُن أهله وَحَكَمًا مُن أهلها إن يريدآ| ‏١9714 إصلاحا يوفق الله نتهم ن الله كان عَلِيمًا خبيرا ملا خَيرَ في كثير من واهم إلأ شن آمر بصداقة ؤ مضرُوفو آو إصلاح بين | ‏١95114 الناس؛» 036فهرس الآيات القرآنية سورة الأنعام } 8إ وما ئرميل المُزسنلين إلأ مترين وَمننيرين فم آمن واصلح فلاً خوف عَلَنْهم | 691 ولاهم يَخحْرَئون» | } 4وإذا جاءكالزين يُومئون بئايابنا فقل سلم عليكم كتب ربكم على نقيه الحمة | 691 آله من عمل منكم سوءاً بجَهَالَة ثئماب منم خده واصلح فإنهعَقُورً رحيمٌ» سورة الأعراف | } 5يا نعيادم إما اتينَكمْ رسل منكم يقصون عَلَيكُمُ ماياي قمن ائقى واصلح فلا | 691 خوف عليهم ولأ هم يَخزئون» 591 | } 6ولا شيدوا في الأزض بعد إصلاحها 691« | [ 8وَقطْعْتاهُمْ في الأزض أمَمًا مَنْهُمْ الصالحون وينهم ذون ذالك سورة التوبة 9 8وَيَنْهون عنيَامُرون بالمعروفبععضضههدم أؤليآ ء بخض ح وَالْمُومِنُون وَالْمُومات ن17 المنكر ِيمُون:7ويوئون الزكاة وَطيعُون اللة وَرَسُولة أوليك سَيَرْحَمُهمً الله ن الله عزير حَكِيمً٩‏ سورة هود | } 8إن اريد إلأ الاصلاح ما استطعت وما ئؤفيقئ إلأ بالله عليه توكلت وإنه أنيبه | 591 691 | }[ 7وما كان ربك ليلك القرى بظلم وأهلها مُصنلِحُون» | -8ولو شآء ربك لَجَعَلَ الناس أمة واحدة ولا يزالون مُحَتَلِفِين إلا من رحم رَبمكً | 532 | ولذالك خلَقَهْم»9 سورة يوسف 10اا | لق كان في قصتصهم عبرة لأزلي الألباب مَا كان حديكا فترى الرعدسورة 722إ إن الله لاغير مياقوم حنى يغيروا مَا بانشيهم1 ا 36 سورة النحل 791همن عَمل صالحا مُن ذكر أ أنثى وهو وين فلنيئة حَاة طيبة ولنجزيئهم79 ملونهكائوا مأجْرَهُم باخسن سورة الأنبياء 791واذخَلتاُ في رحمي إله ين الصالحين57 691لفاستمجبما له ََهبما له بحى واصلحتا له ززجا»09 سورة النور في ; وت آن الله أن :رفعموَيُذكَرَ فيها اسمه يسسبحح له نيهَا بالئذر َالأصَال 933 المثل ة إيتا الزكاة يخَاونرجال ل ليهم تَجَارَة ولأ ع عن زكر الله773 والأنصتار»في {ه القلوب وما تقلب ‏ ١لقصصسورة 591وقال الذين أوئوا الل ولكم ثواب الله خر لمن ءامن وميل صالحا ول08 يلقاه إلا الصابرون» سورة الروم 01فل سيروا في الآزض فانظروا كَْف كان عاقبة الذين من قل)24 سورة ا لأحزاب 01لقد كان لكم في رَسُول الله إسنوة حسنة لمن كان يرجواللة والم الأخر وَذكَرَ12 الله كثيرا سورة الشورى 197وَجزآءُ سنة سة مثلها فمن عماواصنلح فاجرة على الله؛ إ له ل نج الظالمين04 سورة الحجرات ««وإن طئفتّان من الْمُومِنين اقتتلوا فاصْلحُوا تَهْمَا فإن بثته إخْداهُمَا على 196 الأخرى فَقَابنوا التي د في حشى فيء ة إلى أمر الله .إن آت فاصلخوا يَتَهْمًا بالعَذل وأقسيطوا ا الله بحب الْمُقيطِ“4 632فهرس الآيات القرآنية 532هيا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنئى وَجعَلْتاكُمْ شعوبا وقباب لِمَعَارفوا إن31 أكْرَمَكُمْ جند الله أنقاكمْ إن الله عليم خبي»ه سورة الممتحنة 190قن كانت لَكُم إسنوة حسنة في إبراهيم والذين معة سورة الذاريات 326وذكر قَإن الذكرى ثنق المومني؛55 الي الي الأحاديثنهرس633 ‏ ١لاحادىلثفهرس الصفحةنص الحديث 042«اذكروا محاسن موتاكم! 091"إن العلماء ورثة الأنبياء' 091«إن النه يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها! 792«خير أمتي القرن الذي بعث فيهم ثم الذين يلونهم' 004|«لعن النه الظلمة وأعوانهم وأعوان اعوانهم' 436|فهرس الأسماء والأعلام فهرس الاسماء والاعلام .322.912 .612 .112.0129.941.91اطفيش:إبراهيم أبو إسحاق .932 .832 .732 .922 .8226.103.452 .812 .712 .70260 ا .072 .962 .862 .542 .342 .42.285 .564 .064 .954 .904 .4 .082 .972 .472 .372 .272 .12.495 .395 .3 .603 .503 .003 .892 .682 .2 إبراهيم ابو اليقظان.421 .021 .21 .11 : .513 .413 .313 .113 .0138 .402 .871 .271 .941 .041 .9 .443 .243 .143 .033 .723 .9 .512 .412 .312 .212 .1127 .453 .353 .153 .053 .9436 .032 .822 .522 .422 .912 6 .063 .953 .853 .753 .653 .5 .813 .903 .162 .852 .652 .4 ا .073 .863 .563 .463 .363 .63 .444 .344 .044 .934 .763 .5 .883 .583 .383 .183 .083 .9 .054 .944 .844 .744 .644 .54 .993 .793 .493 .393 .293 .0 ا .864 .064 .854 .654 .454 .54 .704 .604 .404 .204 .104 .0 .005 .994 .794 .694 .274 .174 .914 .214 .114 .014 .9048 .075 .965 .865 .725 .625 .6 .824 .624 .524 .424 .124 .0 .675 .575 .475 .375 .275 .175 .534 .434 .334 .234 .134 .0 .385 .285 .185 .085 .875 .7 .054 .944 .644 .444 .734 60 106. 395. 295. 885. 4. ا .084 .864 .564 .064 .654 .54 .015 .705 .094 .874 .684 .2[براهيم أداود.535 : ا .025 .915 .71 .615 .515 .15إبراهيم اطفيش. 231 : .825 .625 .525 .425 .325 .225 .إبراهيم الإبريكي.12 1 1710 {941 : .435 .335 .235 .135 .035 .9إبراهيم القرادي.38 .25 }.64 .63 .23 : 155. 645. 345. 145. 045. 9.184. 743. 343. 122. 241. 3. 785. 485. 465. 365. 265. 2.55. 806. 76006.630.6.إبراهيم بن بيحمان.231 5210 : .071.051.041.9إبراهيم حفار:.601 . 68 .41 .21 . 11 :إبراهيم بيوض .971 .5.381 .281 .971 .371 .271 . 2 .401 .48 .67 .17.54 .3 إبراهيم طلاي:.802 .602 .502 .402 .581.4 وا لأعلا م ا ل صماء نهرس635 بسام العسلي.014 :ابن زعمون.35 : بكير اعوشت.041 .64 :احمد أمين.372 : بكير الشيخ بالحاج.535 :احمد الرفاعي.041 : بكير العنق.975 .594 .054 .444 .271 :امد باي.73 725 : بكير بيوض.335 :.044.7أحمد توفيق المدني.2 : بلحاج بن كاسي.231 :أحمد الزيات.372 : بلحاج شريفي.222 :أحمد زينى دحلان.061 : بلحاج فخار.044 :آغا يتح.2 : بلحاج قشار.105 .814 .514 :القطب.25 .44 .34 .04 .8 :احمد اطفيش۔ بليدي بوكامل.034 :.631 .921 .021 .911 .28 .18.0 .341 .241 .141 .041 .931.8 بنرح مصباح.775 : 35 .151 .051 .841 .641ا..4 بوعمامة.55 45.5 721 : .261 .161 .951 .851 .751 .5 بيار كبرلي.041 :.861 .7561 .661 .561 .461.3 بيجو.4 :.471 .371 .271 .71! .071.9 جمال الدين الأفغاني.862 .762 .82 .3 :.281 .181 .081 .871 .771 .5 .412 .402 .302 .581 .481.3 .864 .072 .9 .553 .782 .972 .342 .832.7 حسن البنا.812 : 774. 844.{ 583. 383. 963. 3. حسن باشا.33 :755. 394. 2. حمزة بكوشة.754 :أنور الجندي.044 : حو النوري.95 .64 .14 :أوغستان برنار.74 : حمو بابا وموسى.595 77105 .071 :أرلاد سيدي الشيخ.45 .72 : حو فخار.885 .413 .022 :ايوب سماوي.585 : حمو لقمان.854 :بابا بين يونس.141 : حو والحاج.231 :بابكر بن الحاج مسعود.771 171 : خالد الجزائري (الآمير).295 :باي احمد بن بابا عيسى.35 : 636فهرس الأسماء والأعلام الشاذلي المرالي.275 :خضير بابا واعمر.105 : شاكر الفحام.745 :خير الدين الزركلي.041 : الشريف محمد بن عبد انته.82 :دفيد لويس.141 .921 : شكيب أرسلان.654 .072 .962 :دوباراي.04 : شوقي ضيف.645 :دولاتور.74 : صالح آل الشيخ.285 .975 :رابح تركي.015 .501 .21 : صالح الخرفي.585 .044 :راندون.55 04.5 : صالح بابكر.775 :الربيع بن حبيب.953 .892 .712 .531 : صالح باجو.535 ::ا .35 صالح باعلي.285 4710 .371 .071 .941 :رحمة النه الهندي. .061 : صالح باي.33 :رمضان اللينى.0 : صالح بن يوسف.625 :رمضان حمود.485 .654 : صالح بومعقل.941 :الزبير سيف الإسلام.254 5341 : صالح سماوي.573 :زكية منزل غرابة.934 : الطاهر بن عاشور.712 .512 .412 .871 :زيس.921 : الطيب العقبي.613 .671 :سعد النه أبو القاسم.644 .044 .352 .921 : .8 عامر الشماخي.: سعيل الشيخ دحمان.3 : عباس التركى.785 : سعيد بن تعاريت.01 : عباس بن حمانة.694 .594 .5 : .085 .492 .512سليمان الباروني.0 : عبد الحميد الثاني. 061 : .6 .613 .602.6عبد الحميد بن باديس: سليمان بن عيسى.141 : .885 .085 .975 .174.5 عبد الرحمن ابن خلدون.585 .713 .85 :سليمان بن يوسف.754 : عبد الرحمن الكواكى.072 }962 :سليمان بوجناح الفرقد.854 : .411.29 .7.43بكلي:العحبل الرحمنسيد قطب.363 .812 : .931 .631 .331 .921 .321 .01سيدي السعدي.35 : ‏ ١ل سما ‏ ٠وا ل علا ‏٣نهرس637 عكي علواني.041 : 210. 208. 207.ا! .512 .126 علال الفاسي.754 :.552 .452 .352 .932 .722 .0 .203 .003 .682 .462 .952 .7 علي آبو الحسن.754 : .313 .0ا .683 .043 .233 .33 علي مرحوم.754 :.605 .184 .654 .254 .044 .0 علي يحيى معمر.921 .59 .39 .64 .83 :.885 .775 .865 .465 .255 .0 .335 .122 .0عبد الرحمن شيبان.614 : عمر أداود.335 : عمر آل الحكيم.031 .921 :عبد العزيز الثعالى.564 .162 .062 .712 : عمر الحاج امحمد.604 .192 :.485 .9 عمر المختار.492 : عبد العزيز الثمينى .021 .911 :‏125. 0١21 .271 .071حيى الملكي .94 :عمر بن138. 137. 136. 130. 129. 8. .112 .402 .871 .771 .571 .3 7.ا .972 .612 .851 .451 .51 .325 .225 .794 .054 .5139755. 394. 284. 5. .075 .625 .525 .4ا 7ک.475 .عبد القادر الجزائري (الأمير).35 {72 : .395 .5 7‏2. ١عيل القادر الجاوي: عمر بكلي4 :ک.871 .512 4910 . عمر بن الحاج مسعود.325 : .2الكريم بوصفصاف:عيل عمر بن عبد العزير.042 : عبد الله الدلال.525 .12 1 : عمر بن قدور.654 :.01ركبي:عبل 1 عمر بوحجام.625 :عثمان الكعاك.654 : عمر نوح.41[ :عدون جهلان.041 : عمي سعيد.612 .312 .631 .49 .46 .06 :شريفي :ز !:عدون .643 .971 .0.173 .953 .223 .372 .222 .99 .684 .484 .654 .444 .7936 .78عميررش: .335 .35 1 .925 .625 .31.0 عيسى الشيخ بالحاج.263 .272 .312 :645. 245. 145. 935. 83. 7. .563.342عيسى قرقب6 : 885. 465. 3. 638فهرس الأسماء والأعلام .363 .293 .273 .271 .270 .9الفاضل بن عاشور.785 : .8فرحات عباس.785 : .60محمد سعيد الزاهمري: .185 .625شنيخ:لباسم قا .913 .122 .17محمد سعيد كعباش.8 :قريزي.28 : محمد صالح الجابري.875 .252 :لالة فاطمة نسومر.82 : .962.862 .762.061.82 .3عبده:محمد لفيتسكي.673 : .063 .392 .292 .272 .172.0 لويس ترمان.45 94.1 741 {64 : .864.3 ماسكرا.061 : محمد علي دبوز.39 .85 .54 .11 .01 : .131 .921 .721 .121 .0217مالك بن أنس.972 : .022 .012 .502 .451 .441 .0مالك بن ني.723 .713 .482 .121 .21 : .782 .282 .082 .372 .1728مبارك جلواح.754 : .723 .013 .503 .592 .492 .3 مبارك الميلي.654 : .763 .753 .653 .553 .9437 محب الدين الخطيب.812 .702 : .044 .524 .124 .593 .083 .8 .435 .235 .405 .105 .005 6محمد ازبار.231 : 585. 555. 255. 5..14 ! {613بشريراهيمي:إلب لاماحمد محمد لعساكر.585 :محمد الثمينى.385 .285 9410 : حج ك .222 .802 .21محمد ناصر بوحجام:محمد الحنفي.712 : 023. 3. 51 803. 603. 892.8محمد الشيخ بالحاج .171 :ا .585 .535 .22 2. محمد الرياحي .975 محمد ناصر.802 .502 .402 .57 .21 : ماحملدطرابلسي.525 .912 : .613 .892 .962 .262 .822 2 محمد العايب.535 : .843 .723 .913 . 8ا .563 .53 .484 .744 .934 .914 .173 .99محمد النيفر.871 : 385. 975. 835. 8.حمد بر بكر أبو عبد النه.401 .07 : ا .4مرقريت:محمد حسب النه.061 : .8مصطفى باجو:حمد رشيد رضا.862 .762 .812 .82 .3 : فهرس الأسماء والأعلام639 الأنضلي.79 .39 .29 .3 :حى أبو زكرياءمصطفى كامل.072 : .621 .521 .221 .121 .0219 مصطفى وينتن.151 .041 : 431. 131. 031. 921. 821. 7. مفدي زكرياء.485 .654 .544 .934 : 583. 972. 851. 451. 831. 7. 755. 394. 2.المقراني.35 725 : يحى بوتردين.041 :مهدية طلاي.105 : يجى بوعزيز.55 :موتلنسكي .921 : يجى حواش.535 :موسى بن يحى.521 : يوسف أبو يعقوب المصعبي.221 .73 :.12 5المولود الزريى: يوسف الحاج سعيد.59 .21 :الناصر مرموري.535 122 : يوسف القرضاوي :ز.نور الدين السالمي.653 .553 .453 .0 : .9 يوسف بن عدون ابو يعقوب.231 6210 : .113 .922 .602.2 يوسف حو وعلى.775 .512 {871 .071 :نور الدين سكحال: .484 .434 .0 تك6يججق٥6بج‎ 046فهرس البلدان والأماكن قهرس البلدان والاماكن بوفاريك.3 :أدرار.06 : تبسة.175 .965 15 1 .974 .594 .552 :الأردن.745 : .4إسبانيا.585 : تركيا.192 :الأستانة.32 : الأغواط | .54 .34 .24 .14 .04 .93 .33 :تقرت.115 .134 .96 .06 .33 : .06 تمنطيط:! .34.171 .161.96 .45 .94 .74.6 تونس.521 .411 .49 .97 .46 .64 .23 :آفلو.06 : .061 .851 .151 .441 .431 .9أمريكا.812 : .612 .512 .412 .971 .871 .5 الأندلس.12 : .552 .452 .352 .252 .052 .717 .562 .262 .062 .952 .752 .6الأوراس.73 : .273 .173 .392 .292 .272 .9أوربا.092 .982 .82 .12 : .564 .944 .744 .644 .624 .5باتنة.15 1 .912 : .794 .694 .594 .374 .274 .8 .694.5.6.292.07باريس: .965 .865 .045 .635 .925 .9 .905 .0ا .285 .675 .575 .475 .75 .395 .095 .985 .885 .585 .3بريان.593 .283 .612 .341 .16 .65 : 506. 5..585 .065 .015 .534 .124 .04 .115.07تيهرت‘ 6تيارت.9 :.115.234.6 .33بسكرة: .173جبل نفوسة .912 .711 .49 .97 :.115.064 .35البليدة.6 : .9252بنورة.283 .851 .751 .651 .16 .65 : .7 1.221.711.499 .06جربة:.015 5 .925 .2بنى يزقن.821 .321 .221 .97 .16 .65 : الجزائر العاصمة.25 .05 .84 24.1 .53 .43 :.951 .851 .651 .141 .631 .0 .912 .712 .512 .671 .46 .65 .3.871 .771 .671 .471 .371 .4 .554 .014 .804 .693 .703 .2.593 .583 .283 .412 .381 .9 .864 .464 .0ا .285 .425 .15 فهرس البلدان والأماكن641 .274.812عمان .712 .061 .851 .921 :الجزائر :أغلب صفحات البحث. .925 .3الجلفة 0601 :ا .34 غرداية.28 .08 .16 .65 .94 74 14 :الحجاز.844 .471 .061 : .283 .673 .771 .571 .171 .141 الحراش.35 : .015 .705 .534 .334 .824 .5 706. 385. 955. 0.حسين داي.43 : غرناطة.12 :دمشق.745 : فاس.061 :زنجبار.374 .912 : ا .08 36.1 .35 .05 .94 .54 .24 .4فرنسا:سدراتة.95 : .394 .464 .592 .192.712.2سطاوالي.63 : .4سطيف.35 : فلسطين.564 .044 .362 .212 36.1 :سويسرا.585 : .8 سيدي فرج.93 .53 : القذارة.645 .015 .954 .904 .812 : الشام.844 .192 : .49 الشريعة.63 : القدس.912 : .65وة:ح بنضية ضا القرارة17102710 .071 .341 .16 .65 : .112 .802 .381 .771 .571 .3طرابلس.492 : .153 .943 .912 .412 .312 .2العالم الإسلامي :ز ،4 .ك9665 12 91.5 .9 . .863 .563 .463 .653 .353 .2.562 .532 .222 .702 .502 .761 .0 .793 .593 .583 .283 .173.9.372 .272 .962 .862 .762 .6 .624 .993ا .444 .534 .348.613 .792 .392 .292 .782 .4 .054 .9ا .015 .005 .794 .54.254 .844 .744 .244 .983 .3 .035 .725 .425 .225 .0256484. 374. 274. 564. 364. 164. .745 .445 .345 .145 .935 .4606. 306. 185. 645. 0. .395 .475 .175 .075 .365 .0العراق.635 : القسطنطينية.061 :.512.871.301.0 .16.6العطظف: .4.2.8.2 .73 .33قتسطينة:015. 534. 593. 283. 712.6 .115065. 43 642فهرس البلدان والأماكن 583. 535. 465. 459. 8.قصبة الجزائر.53 : الغرب.606 .553 .482 .412 64.1 .23 :.441 .431 .921 .411.59 .97ليبيا.6 : مليكة.015 .593 .6 | 65.5 :ا .492 .912 .971 .061 .851 .51 [ .606 .925 .374 .274 .73 وادي أريغ.51 : وادي ميزاب :أغلب صفحات البحث. متليلي.75 .65 : .35 متيجة .63 : وارجلان 5ورقلة .301 .95 .96 .14 :‏٥0125 144. 143. 134. 130. 8.ا.71مصر.061 .951 .521 .221 .411 .3 : ا!.225 .15.2 .812 7ا .762 .662 .552 .52 ا.513 .392 .472 .372 .728 فهرس الأديان والشعوب والفرق والمذاهب643 فهرس الأديان والشعوب والفرق والمذاهب صمحاتأغلبالإصلاح:الحركة الاصلاحية.الإباضية .74 .54 .83 .91 :ا .07 .66 .6 البحث..921 .221 .021 .711 .601 .69 .9 الدولة العثمانية .السلطة العثمانية .الحكم.851 .641 .041 .931 .631 .4 العثماني .42 .32 .2 :ا .43 .33 .23 .3.743 .562 .812 .661 .461 .0 .83 .7.54 [ .414 .473 .273 .953 .4 .506 .335 .205 .374 .274 .6 السويسريون.52 : .6006 الشعانبة.95 : إباضية الجزائر.31 .01 .8 .7 .6 .5 .4 .3 : الشعب الجزائري.82 .72 .62 .32 .02 : .03 .12 .9ا .93 .73 .53 .43 .23 .3 .102 .961 .161 .501 .25 .53 .03 .05 .94 .84 74 .54 .44 .34 .2اك. .503 .492 .362 .622 .522 .2 .65 .35 .2 .364 .264 .504 .783 .613 6 الأتراك.573 .46 .25 .63 .23 .32 : .965 .745 .174 .7 الإسبان.464 .324 .86 .73 .43 .52 .32 : العثمانيون :ا .83 .53 33.5 3.5 الاستعمار الفرنسي المستعمر السلطات العرب.16 .95 .85 : الاستعمارية :أغلب صفحات البحث. العزابة ،نظام العزابة ،حلقة العزابة 90 :‏٥12 ا.05 .34 .04 .93 3ا.07 .56 .35 .االإلسلمامسإلمون :اغلب صفحات البحث. ا .38 .28 .87 .77 .67 .57 .47 .37 .7الأمة الإسلامية .المجتمع الإسلامي الشعوب .401 .301 .101 .001 .79 .68 .4الإسلامية.502 .371 .931 .821 .4 .3 : .901.0.18011.!.7011.16ا .613 .103 .003 .892 .792 .72 2ا.551 .321 .811 .611 .511 ..274 .964 .943 .9 .612 .112 .971 .771 .761 .9ا .6 .95البربر.8 : .542 .142 .932 .832 .732 6 بنو مرزوق.95 : .403 .292 .752 .942 .842 7 .92 .82 .62 .52 .42 .32الجزائريون.0 : .943 .643 .543 .043 .223 63 ا .773 .673 .573 .753 .253 .53485. 175. 865. 192. 252.5 .083 .973ا .383 .283 .838885. 5. 644فهرس الأديان والشعوب والفرق والمذاهب .69 .87 .23 .91.3الإباضي:للذهب593. 493. 293. 983. 783.6 .763 .303 .003 .582 .222.6634. 624. 324. 914. 814. 5. .016 .006 .255 .364 .604 .603205. 594. 394. 774. 074. 4. لمذهب المالكي.664 .631 :|95. 985. 55. 425. 225. 515. 4. 706. 006. 2. الميزابيون 6بنو ميزاب.53 .33 .23 .13 .21 : .25 .94 .64 .54 .24 .14 .93 .73 .6العطاطشة.95 : .46 .26 .16 .06 .95 .85 .75 .55 4.14.73 63.1 .53 .62 .52الفرنسيون.3 : .0ا.452 .902 .061 .59 .68 ..86 .25 .84 .64 .54 .44 .34 .2 .863 .763 .843 .543 .192 .0.494 .324 .6734 .724 .024 .804 .604 .504 .6المالطيون.52 : .074 .664 .564 .364 .234 .0المالكية :إ .6 .915 .41 .505 .694 .594 .174 0855 .675 .475 .655 .255 .3المجتمع الجزائري.282 .172 .862 .922 : .006 .2.706 .274 .3 المخادمة.95 : .34 18ا۔ .013.36 ا .26 .6اليهود.0 : ا .915 .354 .534 .434 .3459المذا بيح . 5 9 : :.:. ملخص البحث بالإنبليزية645 0ه 0ححح 0ه0 :ه جهد بهد بهد 0يع: [0 2831 /2691م ح7511 /4471م عز معبد هم لعع .ح ح 0ن :م ح عز! بد ۔!د حام حبء ح 0341/9241- 9002/8002 646ذحئ ‘ح 5لعح ط0لعععئ 0م ل0خرح;ر ل 7511س/4471 2831 /2691مع [ . خ,:,,ح ! 0 .ع:ع طعمه ح[0 !حل: ح 7حزمن ح سه5[,حح ع 0ع[0م لل`ع 0عهل م ,ع ل ععع 0حمع ح!آ.,[ع :م ع0عحعط0م ,0رمل! م لهنحم,ع مم ئ 0ع.,5!عل حح ع ! 0عغ ل ع! ل,ح ه ع 0ع, 0عح لحه,ع م,ح1عم ع,0 ,» 0ح پعس: ئ عم ع. ع ع ٹه,ع(حل ع0غحم 0ع حعمل, م0 0م ح.حل مع 0م ,سم , عس م مع حع . ],ئ حم ئم مم[ غ عخ م!,ح 7ح647 مل» محعحععس مل لم5 0ع,. م 5ع.ن س !! 0ع لن0,م مچی م لآ م!آ .,ي مح !ئ0ئ[:! » 0ح,مع عآ ,ل :آح,آ 1ع 0حن هع..1 1نع 0ع .مِ ح: طحع50!: ع سخ 0 0مرع,, م 0عم,ه2 !,ح» »عع ع ! 0,. لع0ععع» [ .م»عح ط عع!ح 0سعمع م ل ح 0ل»,م لمع,مع. :عحعع دح !م0عح»0ع,, ,!,م !!. ل! 0آع-ل0ص ه !-ه ,ع0عل| عه ,حم ع ئ0 0ن مع سعح م ,ح ح حح ل 0ي . 7حئحم ,عن +هحم[ .جح ! 0ه 0م حعم. ح: 7حع م ل 0عع5)ح( 846هح حع.: !:.ععحطح, عمحعححلح . ل:5!جلح عم!.علم, عع عه لح. ح ع:ح ل» م ن!0لم ن 0عح ع. حح:عهعننع 0لح,ح. طع0ح: حح0م,حم . ع!:ع 0م0ح `[ .»ح حهح حنعحعح, ع[ .»ر لس!:7! 0ح!م 0عن[ . ع زع!,!,لح 0م م [ 0سع سمع!. ملحم»:لع عنح 0م[0!س هح,م7 ]حمحعئ مل. 7ح:عع : 0عح رعم ,عس م.حع لعع0ععع. ,مع7ع: 0حح محعمم م ,ح ,ع 5 0عم ع. ك 0سعع 0سعع ع.,ل! 0ع 0ئ 7ح649 ( 0حمحن4 ),ح-عهغ ع عێ5ع() 0عآع ل`. ح م ه,!:0 0)[( 0 لم ]محل سم .حل1]لحم !().ع!ن»سح ع م )][( 0عع0عع م محح ع ن ع0م)( ع 0ع ع 0عم , 0م 0ح,هح م;حلع 0مح 2 0حزآ .جح»!ئ !ا!ح 0ع. ع0:ع 5 0ع0ع ملن! .ح ع نم :50ل ».-0ع ععع!!. عمل 0ع0ع حةل! 0ل م ع,ععع. ح م ه,|:عن .ل !ع 0ع ; ع0خ ¡)ز( عمح [ مم , 7حح,ع » ع!نعخ سحع ,سع» :حهعح ع !! ع م م ح:مح ئح 1م ععم ع ,حئ 5ح» سحععز ل,55ع ئسل ن !.علع حع ع عع 0نم م هل 0567ح علمخس. م هع,5:ع!ح .لم.حعل مع 0م !!م , ن 7نمم .,حع ع يع-,ح حلس,م ع ه» ح« ع لع 0 م عل » م ,محع حنلم» ح ع:!. م 5ع,علعس 0ع حح عطح.0 0س [ 0. 7حح0: 7س0حع{سع م!,!!مح. نححلعع ححنع ع مع.عه ع ع ع 0ر[0 !,ع نم ح,نهم نن .عم 10 0, لحس .ع م هلح,م عم 1ع لح,حعه ‘ 0ح,ثع‘م عس خلعل ه عح 0ح خ ن 0نمط [ .» , حعئ حعحم ع 0طم لعععھ, م 0 5ع0, 0 معل,ع ,,ل ,ع. ععئ[ 65 ط: طعل 5م{0: ع 0م:[ع0 7511 /4471م.2831 /2691. ف 0حع7 : 7ع منممس !ح م> حن,م. ححعهح . :ع غمع0م ععلعع حمعلنه ع 0م. : منعه0,». 0لعمع, حح,مغ !ع حم م 0س.0ع مح لح , .. 2ع 0 ع جر ,ع0ح د.ع, .ح ح ; م.2 0ع,ح ], . آ 70: هنسحعم 0,حع0ع) هععح نمع !` نعسه س0! [ ع :--.ئ 7511 /4471م0 2831 /2691: 0ع.ع, .ع] 0م,مح!نم حرح ع م ح0. ح3 7511 / 4471ح.ع 2567ح عح خ0ع 0 5حي!- خ م ل`م لح 0ن ه !, 0مس.ح خ0عععح` ع. لم ع 2831 / 2691 .ع ح 0ه;ح [ ح غ عزمحس ,ل50رل., س حعععح س(حس ع 0» عع0م ع ). [ع[عع 0نع خنعع.ع, .م ع ! 0ح عغنم, ص!ع ع 0ح: [ ;ع[ علعس0 ه ععم !. عسح: فعن[ ع0لخ م حغح !ه‘ ع ط ,,غ ع;( مح حع م غع,ح»مھ ع)(حنن. حعمح مععحعح » طعم;لئم:,, ل هم. ع!! 1 2ع ع50291, حعغ عم مح, م ع » 0ع10! حلع مغ س» ع. نن,»مم مغ 5عم !; ه علع!5 ,,م. 7ح653 حععم> ح ح 0حح ئ!.7 عم !م,,, رب:. ححعمح 0ح,,م,ھه ع 0ع [ 0م !ه,نه .م [0!»عہ```: !!نح 0حم[ ح عم ع 0م عح ! 00ئععس ع 5 [ ع سح‘0حغن ن.نعم ح:( 1 0عمم معل ع ععدععنعع .رٹعح عمع 0حح ع[ 0ص,,,حم م ,/ح,م ع عم 0ع[ھ ,خ )ع( هل,حح حع م م عحعع م حنمم !مل .ٹعح طحهعلح ع[ لحعحع[ ع 0 0م ح ;ع ` 0ع1|. حح.ن ,ع حعحححع عع" ن م حح. طعنم- سن50291 0نم00 عمس0م ,منعع م0 0ع,م م;ع 45ذح 0سم جعل. لخع,7,ع ,!,,,, م مح. 7عععغ محه ل !ححل0ع لع 0حم عل, لح,م مم 0! :ه: 0حعم ن50م.ع 7عح0ع( 2 ن س 0لعسعع ع نعععط سس محنل,., ه !!ع 0,, ح-.ه[ح مع0 ح0ح م م ,! م!;,0, ,,حح, !-م آحععل.حئ ,»ح م0. ,محخعع. 0ه[عه 0ه[ع >وعع0ح ل00عح0( ه سح حع. ط 0ععح م0ح !/! 0هع2691, لن 0م1, 0 0ع 0س عع`رمع .رعع 0م 5مع. حعهح0, ههه« ه0,,! 2»عهع,ح 0ع0غ عم! لع655 آ..عم . معغ!,ع ه ع5 0عح[|ح ع,ح.عئ ل مححححلآم , :ل!م نعم عم ل م ع ن5ع ن 0حح. للع |0مع حع 0لل0 ح !حمعم:عع ع!لب! ..,ه ,ه, عع,مع ,:ح5مح ع ع 0ع1. محم حعح م , م ,لم م»+. 0ع 0ح عر,ع م ه ح, >ه1ع0حل0. [ح معمم 0م, ئنسع ن0ه ,ح م ححله0ع0. ,نمحعن ,یللم: 0سعع ع ح ه0 0محهع.ع للعحع مع !,1 حمعح عهععح ع; ,غ ,م/ من0. مم حح م حعه ,م ;حنم,ع1ل ح م 0حح ع0حغ. لحنع, 6567ح م ,حمئل ه ملم 1غ0عن2م عل 0ئ,ع. ه1ععغه»ح عع[ ع0|ح خ م عععح! .لع م ع ) 2ر فهرس محتويات البحث657 فهرس محتويات البحث الموضوع ‏ ١لا هداء وتقدير الرموز المستعملة منهجية التوثيق في الهامش تقديم الدكتور محمد بن قاسم ناصر بوحجام مصمدمه الفصل الاول: الاوضاع العامة لإباضية الجزائر خلال عصر النهضة الإصلاحية 91تمهيد 12الهد العام للجزائر أثناء قيام النهضة الإصلاحيةمدخل: 13الميحثا لأول :‏ ١لذوضاع السياسيه 13[-إباضية الجزائر أثناء العهد العثماني 93 - 2إباضية الجزائر أثناء الاستعمار الفرنسي 93آ-إيرام معاهدة الحماية 24ب-تقويم موقف المعاهدة وقبول الحماية 64ج-تقض المعاهدة وإلحاق ميزاب بالحكم العسكري 84د-تقويم موقف إباضية الجحزاتر من الإلحاق 94ه-حالة الحكم في وادي ميزاب بعد الإلحاق 15و مشاركة إباضية الجزائر في الثورات الشعبية 65المبحت الثاني :الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية - 1جغرافية ومناخ وادي ميزاب 6. 75 - 2عمارة وادي ميزاب واصل تسميته 85 - 3أصل سكان وادي ميزاب 16 - 4إحصاءات السكان 36 - 5الحالة المعيشية للسكان 56| - 6التكافل الاجتماعي للسكان 76 - 7 .حالة الأمن بوادي ميزاب 07 - 8النظام الاجتماعي عند إباضية الجزائر : 47المبحث الثالث :الأوضاع الدينية والثقافية: 47|ا-حال حلقة العزابة 97 - 2حالة التعليم 97 .أ -التعليم العربي الإسلامي 08|ب-التعليم الفرنسي 28_ - 3حالة اخلاق المجتمع النصل الثاني : جذورالنهضة الإصلاحية ومراحلها الإعدادية 19المبحث الأول :ميلاد فكرة النهضة الإصلاحية ودواعيها 19تمهيد 19[-بداية عهد النهضة الحديثة 89) - 2دواعي قيام النهضة الإصلاحية . 102‏١المبحث الثاني :جنورالنهضة العلمية . 201تمهيد 401).[-التعليم المسجدي 601ا -المحضرة 801ب-حلقة إروان 011| -تقويم التعليم المسجدي 659 فهرس محتويات البحث - 2التعليم المشيخي 211 611 -تقويم التعليم المشيخي 911المبحث التالث :المراحل الإعدادية للنهضة الإصلاحية 911 021[-الإصلاح في عهد الشيخ ابي زكرياء يجى الأنضلي 721 -تقويم جهوده ني الإصلاح 821 - 2الإصلاح في عهد الشيخ عبد العزيز الثمينى 731 -تقويم جهوده في الإصلاح 831 - 3الإصلاح في عهد الشيخ امحمد اطفيش 241آ-جهوده العلمية في التدريس 341 .التعريف بمعهده 051ب-جهوده العلمية لي التأليف 351ج-جهوده في الإصلاح الاجتماعي 851د-علافاته العلمية والسياسية 161ه-جهوده ني مجابهة الاستعمار 361 -تقويم جهوده ي الإصلاح 661المبحث الرابع :عهد تلاميذ القطب 071أ-نماذج من جهود تلاميذ القطب 071 - 1الشيخ عمر بن يجى المليكي 371 - 2الشبخ صالح بن عمر لعلي 571 - 3الشيخ إبراهيم بن بكير حفار 771 - 4الشيخ حمو بن باحمد بابا وموسى 871 - 5الشيخ يوسف بن بكير حمو وعلي 081ب-تقويم عهد تلاميذ القطب 660 النصل الثالث:. مفهوم الإصلاح ومرجعيته الفكرية والحضارية 189مهيد 192المبحث الأول :مفهوم الإصلاح بين اللغة والاصطلاح اتقرآني 192 - 1الإصلاح لغة 194_ :2الإصلاح اصطلاحا 194 -الإصلاح في القرآن الكريم 200 - 3مرادفات الإصلاح 201المبحث الثاني :مفهوم الإصلاح عند أعلام الحركة الإصلاحية 201ا-مدخل منهجي 201 - 1تحول الإصلاح من الفكرة إلى الحركة 204 - 2الإصلاح مدرسة فكرية 209 - 3لسان الحركة الإصلاحية 211 -الشيخ إبراهيم بيوض 214 -الشيخ إبراهيم أبو اليقظان 215 -الشيخ عبد الرحمن بكلي 217 -الشيخ إبراهيم أبو إسحاق اطفيشس 219_ الشبخ عدون شريفي 222ب -مفهوم الإصلاح 223[-واقع المجتمع الجزائري 226 - 2سبل التغيير والإصلاح 233المبحث التالث :مفهوم اتجمود خ عهد اتحركة الإصلاحية 233 - 1مبرر الحديث عن الجمود 234 - 2تعريف الحمود 235 - 3اصناف فريق الجمود 237 7صتف العوام 237ب-صنف شيوخ العزابة ج-صنف العلماء 238 239د-صنف اصحاب الفوذ والصالح - 4منهج تناول فكر الجمود ني البحث 239 242 - 5مسار فكر الجمود وتطوره 245 - 6تقويم فكر الجمود 247المبحث :الرابع :المرجعية الفكرية والحضارية للإصلاح 247[-المرجعية القاعدية :مسيرة النهضة الإصلاحية بوادي ميزاب 250 - 2المرجعيات التطعيمية 250ا -النهضة العلمية والحركة السياسية الترنسية 251[-التاثر بالنهضة العلمة 260 - 2التاثر بالحركة السياسية 265ب-التاثر بالتهضة الإصلاحية والأدبية المصرية التصل الرابع: عوامل قيام الإصلاح وأهدافه وركانزه الفكرية 279المبحث الأول :عوامل قيام الإصلاح 279ا -العوامل الداخلية 279[-شرارة الإصلاح السابقة 281 - 2الوافع الاجتماعي المتردي 282 - 3الحكم الاستعماري 284} - 4الفقهاء والمشايخ الجامدون . 287 - 5اجتماع كوكبة من النخبة 288ب-العوامل الخارجية 288[-الحرب العالمية الأولى 290 - 2التجنيد الإجباري 292 - 3الإصلاح في العالم الإسلامي 293 - 4الثورات في المغرب الإسلامي 296اتيحت اتتاتى :أهداف الإصلاح 297 - 1إقامة المجتمع الإسلامي الأصيل والمعاصر | 301 - 2عحاربة الجمود الفكري 662ا ليحثفهرس محتويا ت 305 - 3مناهضة الاستعمار والتصدي لمفاسده 307 - 4تغيير المفاهيم وإصلاح التصورات 309 - 5محارية أسباب التخلف 310 - 6تبنيد المجتمع للمشاركة في العملية الإصلاحية 312 - 7العناية بتكوين شخصية الفرد 313 - 8تكوين القيادات والكفاءات 315- 9الإسهام في النهضة الإصلاحية الجزائرية والإسلامية 317المبحث الثالث :الركائز اتلضكرية للإصلاح 318 - 1ركيزة التربية 322 - 2ركيزة التعليم 326 - 3ركيزة الوعظ 39 - 4ركيزة التوعية القصل الخامس : أطر الإصلاح ومؤسساته 337تمهيد 339الميحث اول :مؤسسة المسجد 351 -جهود الشيخ بيوض المسجدية 366الميحث انثاتي :مؤسسات انتربية والتعليم 374| ابحث انتانلث :اتهيئات العرفية 390المبحث الرابع :الأطر والمؤسسات الحديثة 394 - 1الجمعيات الخبرية 396 -جممية قدماء تلاميذ محهد الحياة 399 - 2مؤسسات السلطة الاستعمارية 414الميحتث الخامس :المحافل الاجتماعية 416 - 1الحافل الاجتماعية الدينية 417 - 2الحافل الاجتماعية العرفية 422السادس :القاعة الاقتصاديةايحث 439المبحث السايع :اتلصحاهة 461المبحت التاصن :الجهود والطاقات الخارجية تاإصلاح الفصل السادس :‏٠ الإصلاح التربوي التعطيمي 477 فهرس محتويات البحث663 084الميحث الأول :قلسفة الإصلاح التربوي التعليمى 084[-الفلسفة التربوية التعليمية 384 - 2الأهداف التربوية التعليمية 584 | : - 3الأبعاد التربوية التعليمية أ-البعد العقدي 584 784ب-البعد الأخلاقي 884ج = البعد العلمي 094د-البعد الاجتماعي العملي 394المبحث الثاتي :التعليم الابتدائي 394 - 1مسيرة التعليم الابتدائي 794 - 2مدرسة الشيخ أبي اليقظان العربية العصرية 105 - 3مفهوم المدرسة العربية العصرية 505 - 4جهود الحركة الإصلاحية في سبيل التعليم الابتدائي 015 - 5مدارس الحركة الإصلاحية 215 - 6جهود الحركة الإصلاحية في تطوير التعليم الابتدائي 415 - 7جهود الحركة الإصلاحية في التعليم الفرنسي 125المبحث النالث :التعليم الثانوي 125 - 1مسيرة التعليم الثانوي 225 - 2ظروف نشأة معهد الحياة 525 - 3التعريف بمعهد الحياة 035 - 4التطورات التي شهدها المعهد 3. -تطور آخر..‏. ٠ 635 - 5جمعيات معهد الحياة ومؤسساته 735ا-جمعية الشباب 935ب-مكتبة المعهد : 664فهرس محتويات البحث 540ج-جمعية قدماء تلاميد ممهد الحياة 543د-داخلية الحياة 545 -منظمة الكشافة 549المبحث الرابع :تعليم المرأة 549 - 1فلسفة المجتمع حول المراة 553 - 2حال تعليم المرأة 556 - 3جهود الحركة الإصلاحية في تطوير تعليم المرأة 561 ہ - 4ردود الفعل من تطوير تعليم المرأة 567المبحث الخامس :البعثات العلمية إنتى الخارج 57[-دواعي قيام البعثات العلمية وميلاد فكرتها 571 - 2البعثة العلمية اليقظانية الأولى 575 - 3البعثة العلمية اليقظانية الثانية 582 - 4أخبار البعثات الأخرى 584 - 5البعثة العلمية البيوضية 589 - 6ردود الفعل على تاصيس البعثات 597خاتمه 607 -رؤية استشرافية لمستقبل إباضية الجزائر . الفمارس 613فهرس المصادر والمراجع 629فهرس الآيات القرآنية 633 .فهرس الأحاديث 634الأسماء والأعلامفهرس 640فهرس البلدان والأماكن . 3فهرص الأديان والشعوب والفرق والمذاآمب 645ملخص البحث بالإنجليزية 657فهرس محتويات البحث تم البحت بحمر الله تعللى وتونيئه