٢ ١٤٣٧غمي ـ ٢٠١٦م لا يجوز نسخ أو استعمال أي جزء من هذا الكتاب في أي شكل من الأشكال أو بأية وسيلة من الوسائل ـ سواء التصويرية أو الالكترونية، بما في ذلك النسخ الفوتوغرافي أو سواه وحفظ المعلومات واسترجاعها ـ إلا بإذن خطي من الناشر. اا ا    ارع وتحته مباحث: بقصد الشارع. الأول :في التعريف الثاني :في الدليل على قصد الشارع. الثالث :في مخالفة قصد الشارع. الرابع :في الآثار المترتبة على موافقة قصد الشارع ومخالفته. وفيه مطالب: ١ـ صحة العمل وبطلانه. ٢ـ المعاملة بنقيض المقصود. الخامس :في قصد الشارع إخراج المكلف من داعية هواه. السادس :في قصد الشارع رفع الحرج عن المكلفين. السابع :في قصد الشارع مراعاة عوائد الناس وما جرى تعاملهم به. الثامن :في قصد الشارع وضع الشريعة للإفهام. التاسع :في قصد الشارع تحقيق العدل. مقاصد الشريعة بين المذهب الإباضي والمذاهب الإسلامية الأخرى/ج٢ ٦ العاشر :في قصد الشريعة إلى تحقيق مكارم الأخلاق. وتحته مطالب: ا الأول ا   ارع سبق الكلام على تعريف مقاصد الشريعة في أول الكتاب، وقلنا :هي »المعاني والحكم الملحوظة للشارع في جميع أحوال التشريع أو معظمها بحيث لا تختص ملاحظتها في نوع خاص من أحكام الشريعة« كما عرفها الطاهر بن عاشور).(١ أو هي المعاني الغائية التي اتجهت إرادة الشارع إلى تحقيقها عن طريق أحكامه).(٢ أو هي المصالح التي قصدت الشريعة إلى تحقيقها والمفاسد التي قصدت الشريعة إلى درئها عن طريق أحكامها، من حيث الوجود والعدم. ا ا أ('& !" #$%ارع إن معرفة قصد الشارع من أهم العلوم التي يفتح االله بها على أوليائه وأصفيائه وهي من الاجتهاد الذي لم ينقطع، وهو ذروة سنام علم الشريعة )» (١مقاصد الشريعة«، ص ، ٤٩ط الثانية، دار السلام. )» (٢قواعد المقاصد عند الشاطبي«، ص ، ٤٧ط الثانية، دار الفكر. الفصل العاشر :التعريف في قصد الشارع ٧ وبه يستطيع المجتهد أن يبين عن االله وعن رسوله ژ مرادهما من التشريع. ومن لم يعرف قصد الشارع وعلل الأحكام ومعانيها لا يحسن استخراج الأحكام ولا يلج باب الاجتهاد والفتوى حتى يلج الجمل في سم الخياط. ولذلك اش ت ر ط في المجتهد والمفتي العلم بمقاصد الشريعة. يقول الإمام الشاطبي » : 5فإذا بلغ الإنسان مبلغ ا فهم عن الشارع فيه قصده في كل مسألة من مسائل الشريعة وفي كل باب من أبوابها فقد حصل له وصف هو السبب في تنزيله منزلة الخليفة للنبي ژ في التعليم والفتيا والحكم بما أراه االله«)، (١ويقول أيض ا :وأكثر ما تكون زلة العالم عند الغفلة عن اعتبار مقاصد الشارع في ذلك المعنى الذي اجتهد فيه).(٢ والسنة لم ويقول أيض ا» :كما أن من لم يعرف مقاصدهما؛ أي :الكتاب يحل له أن يتكلم فيهما«).(٣ ومن هنا اشترط في المجتهد أن يعرض طريقة العرب في استعمال اللغة ومعرفة أساليبها في الخطاب من الحذف والإطناب، والحقيقة والمجاز لأنه نزل على أساليبهم ومقاصد بيانهم في التعبير. وممن اشترط معرفة قصد الشارع في المجتهد الإمام الشافعي. 5 قال » : 5إذا وقعت الواقعة فأحوج المجتهد إلى طلب الحكم فيها فينظر أولا في نصوص الكتاب فإن وجد مسلك ا دالا على الحكم فهو المراد وإن أعوزه انحدر إلى نصوص الأخبار المتواترة فإن وجده وإلا انحط إلى )» (١الموافقات«. ٣٧٣/٤ ) (٢المصدر نفسه. ٤١٥/٤ ) (٣المصدر نفسه. ٣١/٣ مقاصد الشريعة بين المذهب الإباضي والمذاهب الإسلامية الأخرى/ج٢ ٨ نصوص أخبار الآحاد.. فإن عدم المطلوب في هذه الدرجات لم يخض في القياس، ولكنه ينظر في كليات الشرع ومصالحه العامة).(١ وقال الشاطبي» :إنما تحصل درجة الاجتهاد لمن اتصف بوصفين، أحدهما :فهم مقاصد الشريعة على كمالها، والثاني :التمكن من الاستنباط بناء على فهمه فيها«).(٢ ومعرفة قصد الشارع باب من أبواب فهم كتاب االله تعالى فمن لم يقف مثال ذلك :قولعلى قصد الشارع لا يحسن الفهم عن االله ولا عن رسوله، االله تبارك وتعالى) ( ' & % $ # " ! ﴿ : * ] ﴾ /. - , +الجمعة [٩ :فقد نص االله على البيع وسكت عما سواه لكن لما كان المقصد من ذلك النهي إنما هو السعي إلى صلاة الجمعة دخل في النهي كل ما يلهي عن الصلاة من النوم والجلوس والاضطجاع، والشراء، واللعب والصيد وما في معنى ذلك لأن القصد من وراء ذلك إدراك الجمعة. العلامة أطفيش في »هميان الزاد«)، (٣وصاحب كتابنص على ذلك العلامة أطفيش أن جميع»نصوص التفسير« في كتاب »الضياء«)، (٤وقد ذكر الحرف والمكاسب كالخياطة والنسج وعمل اليد كلها لا تجوز والكسب في وقت النداء حرام).(٥ ) (١ذكره عنه الزركشي في »البحر المحيط« ، ٢٦٧/٨والقرافي في »الفروق« ، ١٢٨/١و»حاشية العطار على الجلال المحلي«. ٤٢٣/٢ )» (٢الموافقات« ٣٧٢/٤و.٣٧٣/ )» (٣هميان الزاد« ، ٣٢/١٤وانظر» :شرح النيل«. ٤٨٥/٣ ) (٤كتاب »نصوص التفسير في كتاب الضياء«. ٢٨٨/١ )» (٥شرح النيل«. ٤٨٥/٣ الفصل العاشر :التعريف في قصد الشارع ٩ وكل ذلك ناتج عن فهم مراد االله في تحريم البيع وقت النداء وهكذا فهم جمهور الفقهاء والمفسرين. بناء على الفهم فإذا كان فهم مقاصد الشريعة والتمكن من الاستنباط فيها شرط ا في الاجتهاد عموم ا وفي الاجتهاد المقاصدي خصوص ا د ل ذلك على أن المقاصد الشرعية لها قيمة عظيمة في الأصول الشرعية لأنها مرتبطة بها ارتباط ا وثيق ا، ويظهر ذلك عندما يستنجد المجتهد بها ويستثمرها في نواحكثيرة على النحو التالي: ١ـ معرفة العلل من أجل قياس ما لم يرد به نص على ما ورد به نص، وبمعرفة العلة يعرف مسالكها وبمعرفة مسالكها يعرف المناسب وتنقيح المناط، وتخريجه وتحقيقه. والسنة وإنما نص من نصوص الكتاب ٢ـ معرفة أحكام ليس عليها  تعرف بعرضها على مصالح الشرع ومفاسده. ٣ـ التمييز بين الأحكام التعبدية المحضة وبين الأحكام المعللة بالمقاصد والحكم وهذا أمر يتوقف على فهم مقاصد التشريع. ٤ـ الترجيح بين النصوص المتعارضة بمقاصد الشريعة والترجيح بالمقاصد، وكذلك الجمع بها مسلك قوي من مسالك الجمع والترجيح مستقلا في هذا الكتاب إن شاء االله تعالى.وسوف أخصص لذلك مبحث ا ٥ـ فهم النصوص في ضوء مقاصد الشريعة كما سبق بيان معنى قوله تعالى.(١)﴾ /. - , + * ﴿ : ) (١بتصرف من» :مقاصد الشريعة وأثرها في الجمع والترجيح« لتلميذتنا الفاضلة يمينة بوسعادي زوجة الدكتور الفاضل محمد بوركاب ص ٢٩٦دار ابن حزم، و»مقاصد الشريعة عند ابن تيمية« د. البدوي ص ، ١١٥و»مقاصد الشريعة« لابن عاشور، ص ١٣و، ١٤و»رسالة موافقة قصد الشارع ومخالفته« لتلميذي الفاضل طارق بكيري من الجزائر قدمت بإشرافي في جامعة الجنان. طبع في دار ابن حزم. مقاصد الشريعة بين المذهب الإباضي والمذاهب الإسلامية الأخرى/ج٢ ١٠ ا ا  ا' *$%ا%ر "! ارع تنوعت الأدلة بين نصية وعقلية على إثبات أن للشريعة مقاصد لتحقيق مصالح الناس في الدارين، قال الشاطبي » : 5وضع الشرائع إنما هو لمصالح العباد، في العاجل والآجل مع ا«)، (١ويقول أيض ا» :تكاليف الشريعة ترجع إلى حفظ مقاصدها في الخلق«).(٢ ويقول ابن القيم» :الشريعة مبناها وأساسها على الحكم، ومصالح العباد في المعاش والمعاد وهي عدل كلها، ورحمة كلها، ومصالح كلها، وحكمة كلها. فكل مسألة خرجت عن العدل إلى الجور، وعن الرحمة إلى ضدها، وعن المصلحة إلى المفسدة، وعن الحكمة إلى العبث، فليست من الشريعة وإن أدخلت فيها بالتأويل«).(٣ وقال العز بن عبد السلام :الشريعة كلها نصائح إما بدرء مفاسد وإما بجلب مصالح).(٤ والسنة على ذلك. وقد د ل الكتاب أما الكتاب فنصوص صريحة واضحة منها قوله تعالىa ` ﴿ : ] ﴾ d c bالأنبياء، [١٠٧ :وقوله تعالى2 1 0 /. ﴿ : ?>=<;:9876543 @ ] ﴾ B Aالجمعة.[٢ : )» (١الموافقات«. ٢٦٢/٢ ) (٢المصدر نفسه. )» (٣إعلام الموقعين«. ٣/٣ )» (٤قواعد الأحكام«، ص. ١٤ الفصل العاشر :التعريف في قصد الشارع ١١ وقوله تعالىÇ Æ Å ❁ à  Á À ¿ 3⁄4 1⁄2 ﴿ : ] ﴾ Ð Ï Î Í Ì Ë Ê É Èطه ١٢٣ :ـ. [١٢٤ فالحياة الطيبة عين المصلحة، والشقاء في الدنيا والآخرة هو عين المفسدة«).(١ والمفاسد قوله تعالىL K ﴿ :المصالحوأجمع آية في القرآن انتظمت VUTSRQPONM ] ﴾ Wالنحل... [٩٠ :الآية. فقد أمر االله بكل خير ونهى عن كل شر فكل منهي عنها. مصلحة للعبد مأمور بها وكل مفسدة الدالة علىومما يدل على اعتبار المقاصد في الشريعة النصوص القرآنية تعليل الأحكام بالمصالح والحكم، وقد سبق الكلام عليها في أول الكتاب. والمقاصد التي جاءت بها الشريعة أنواع من أهمها: ١ـ مقصد التيسير ودفع الحرج؛ كقوله تعالىa ©̈ § ﴿ : « ¬ ®̄ ﴾ ]البقرة، [١٨٥ :وقوله تعالىU T S R ﴿ : _^]\[ZYXWV ` ﴾ ]المائدة.[٦ : وقوله تعالى ~ } | { z ﴿ :ے ¡﴾ ¥ ¤ £ ¢ ]الحج.[٧٨ : ٢ـ مقصد رفع الضرر؛ كقوله ژ » :لا ضرر ولا ضرار«)(٢؛ لأن الضرر مفسدة ورفعه مصلحة، وقوله تعالى] ﴾ 1̧ ¶ μ ﴿ :البقرة [٢٣٣ :الآية. )» (١موافقة قصد الشارع ومخالفته« ) (١٢٤رسالة ماجستير، طارق بكيري. ) (٢سنن ابن ماجه /٧٨٤/٢ :رقم ).(٢٣٤٠ مقاصد الشريعة بين المذهب الإباضي والمذاهب الإسلامية الأخرى/ج٢ ١٢ ٣ـ مقصد العدل :فالشريعة عدل كلها ليس فيها ظلم؛ قال تعالى! ﴿ : " * ) ( ' & % $ # ] ﴾ +الحديد، [٢٥ :وقال~ } | { z y x ﴿ : ے¡ ¬ « a © ̈ § ¦ ¥ ¤ £ ¢ ® ̄ ] ﴾̧ ¶ μ́ 3 2± °المائدة.[٨ : ٤ـ مقصد الوحدة، فقد أمرت الشريعة بالوحدة ونهت عن التفرق؛ قال تعالىL K J I H GF E D C B A ﴿ : ] ﴾ T S R Q P O N Mآل عمران، [١٠٣ :وقوله تعالى- , +* )( ' & % $ # " ! ﴿ : ] ﴾ /. الأنفال.[٤٦ : ومما يدل على اعتبار المقاصد :التنصيص على حكم التكاليف والعبادات وقد ذكرت ذلك عند كلامي على تعليل الأحكام، كقوله تعالى: ﴿= < ; : 9 8 7 6 5 4 3 > ? @ ﴾ ]البقرة.[١٨٣ : وقوله تعالىa ©̈ § ¦ ¥ ¤ ﴿ : « ﴾ ]البقرة.[١٧٩ : وقوله تعالى« a ©̈ § ¦ ¥ ﴿ : ¬ ® ̄ ﴾ ]الأنفال.[٣٩ : إلى آخر ما هنالك من نصوص تبين المقصد من كل عبادة، أو معاملة حد من الحدود.أو  الفصل العاشر :التعريف في قصد الشارع ١٣ ا اا+,  الآ1ر ا/" *$% &0ا!&   ارع و"- . وتحته مطالب: المطلب الأول :صحة العمل وبطلانه الفعل إذا وقع موافق ا لمقصود الشارع كان صحيح ا، إذا وقع مخالف ا النية لقوله ژ :لمقصود الشارع كان باطلا، لذلك اشترط أهل العلم تقديم بالنيات ولكل امرئ ما نوى«).(١»إنما الأعمال وهذا الحديث من الأحاديث التي عليها مدار الشريعة، فليس في الشريعة بالنيات. فعل أو تصرف يصح بغير نية، ومعنى هذا الحديث :إنما قبول الأعمال والنية :ما انعقد عليه القلب، فقد يكون ظاهر العمل صحيح ا إلا أن صاحبه يقصد به عملا مضا د ا لشرع االله فالمعول عليه عند ذلك ما انعقد عليه القلب باطن ا؛ فمن نوى بعقد البيع الربا وقع في الربا ولا يخلصه من الإثم صورة البيع، ومن نوى بعقد النكاح التحليل كان محللا ودخل في الوعيد على ذلك باللعن ولا يخلصه من ذلك صورة النكاح، وكل شيء قصد به تحليل ما حرم االله أو تحريم ما أحل االله كان إثم ا، ولا فرق في حصول الإثم في التحيل على فعل المحرم بين الفعل الموضوع له ولا فعل الموضوع لغيره إذا جعله ذريعة له).(٢ بد فيبالنيات« ولا قال الإمام السالمي :5قوله ژ » :إنما الأعمال النية الحديث من حذف مضاف واختلف الفقهاء في تقديره فالذين اشترطوا ) (١صحيح البخاري /٦/١ :رقم )، (١باب :برد الوحي. )» (٢الدليل على بطلان التحليل« لابن تيمية ص »، ٥١إعلام الموقعين« لابن القيم. ١٦٤/٣ مقاصد الشريعة بين المذهب الإباضي والمذاهب الإسلامية الأخرى/ج٢ ١٤ بالنيات أو نحو ذلك، والذين لم يشترطوها قدرواقدروا صحة الأعمال بالنيات أو نحو ذلك، ورجح الأول بأن الصحة أكثر لزوم اكمال الأعمال للحقيقة من الكمال فالحمل عليها أولى).(١ وقال أبو ستة :هذا الحديث متفق على صحته وهو مجمع على عظم موقعه وجلالته وكثرة فوائده وأنه أصل عظيم من أصول الدين. وقال أبو عبيد :ليس في الأحاديث أجمع وأغنى وأكثر فائدة منه، ومن ث م قال أبو داود :إنه نصف العلم. ووجهه أنه أصل أعمال القلب والطاعة المتعلقة بها وعليه مدارها فهو قاعدة عظيمة للدين، ومن ث م كان أصلا في الإخلاص أيض ا، وأعمال القلب تقابل أعمال الجوارح بل تلك أجل وأفضل بل هي الأصل، فكان نصف ا بل أعظم النصفين).(٢ ومن الأدلة على تأثير موافقة قصد الشارع في قبول العمل :قول الرسول ژ » :لا يجمع بين متفرق، ولا يفرق بين مجتمع في الصدقة«).(٣ وهذا الحديث أصل في إبطال الحيل؛ لأن قصد الفاعل أن ي ف ر من الصدقة، والقاعدة الفقهية تنص على أنه )لا فرار من الصدقة()، (٤وفاعل السيئ فيمنع منسيئ ويجب أن يعامل بنقيض قصدهذلك آثم وقصده الجمع والتفريق. ومعنى الحديث كما قال الشافعي » : 5الخشية خشيتان :خشي ة الساعي أن تق ل الصدقة، وخشي ة رب المال أن تكثر الصدقة، فأمر كل واحد )» (١شرح الجامع الصحيح«. ٢/١ )» (٢حاشية الترتيب«. ٥/١ ) (٣البخاري في كتاب »الزكاة« باب لا يجمع بين متفرق ولا يفرق بين مجتمع حديث ).(١٣٨٢ )» (٤القواعد الفقهية الإباضية« ١٧٣/٥للعبد الفقير. الفصل العاشر :التعريف في قصد الشارع ١٥ ر ح هذا :أنمنهما أن لا يحدث شيئ ا في المال من الجمع والتفريق. وش يكون لرجلين ثمانون شاة لكل واحد منهما أربعون فيجمعان بينها عند مجيء الساعي ليأخذ شاة، أو يكون لرجل واحد أربعون فيفرقها في ب المال من إخراجر ر موضعين لتسقط الصدقة؛ ففي الصورة الأولى ف شاتين عن كل أربعين شاة شا ة بالجمع؛ لأن بالجمع نقصت عن النصاب اثنتين لأن في كل أربعين شاة شاة وفي مائة وإحدى وعشرين شاتان ففي فر من إخراج شاتين.الجمع وفي الصورة الثانية فرق المجتمع بعد أن بلغ نصاب ا ففرقه على موضعين فسقطت الصدقة وهذه حيلة يتوصل بها إلى الحرام وهي قصد سيئ. وقال البخاري :إن من رام أن ينقص شيئ ا من فرائض االله بحيلة يحتالها أنه لا يفلح. قال :وما أجاب به الفقهاء من تصرف ذي المال في ماله قرب حلول الحول يريد بذلك الفرار من الزكاة ومن نوى ذلك فالإثم عنه غير فر عن صيام رمضان قبل رؤية الهلال بيوم، واستقبل سفر اساقط، وهو كمن لا يحتاج إليه ليفطر فالوعيد إليه يتوجه. وقال بعض الحنفية :هذا الذي ذكره البخاري ينسب لأبي يوسف، وقال محمد :يكره لما فيه من قصد إبطال حق الفقراء بعد وجود سببه وهو النصاب. واحتج أبو يوسف بأنه امتناع من الواجب لا إسقاط الواجب، واستدل فلما كان قبل الحلول بيوم تصدق بدرهم منها ولوبأنه لو كان له مائتا درهم، نوى بتصدقه بالدرهم أن يتم الحول وليس في ملكه نصاب فلا تلزمه الزكاة. ب بأن من أصل أبي يوسف أن الحرمة تجامع الفرض كطوافو ت عق المحدث أو العاري، فكيف لا يكون القصد مكروه ا في هذه الحالة؟! مقاصد الشريعة بين المذهب الإباضي والمذاهب الإسلامية الأخرى/ج٢ ١٦ وقوله :امتناع من الواجب لا إسقاط الواجب.. معترض بأن الوجوب قد أول الحول ولذلك جاز التعجيل قبل الحول، ثم قال :والأشبه بأنتقرر من أبا يوسف قد رجع عن ذلك فإنه قال في كتاب »الخراج« بعد إيراد حديث »لا يفرق بين مجتمع« :ولا يحل لرجل يؤمن باالله واليوم الآخر منع الصدقة ولا إخراجها عن ملكه لملك غيره ليفرقها بذلك فتبطل الصدقة عنها بأن يصير لكل واحد منهما ما لا تجب الزكاة ولا يحتال لإبطال الصدقة. ونقل أبو حفصالكبير راوي حديث الحيل عن محمد بن الحسن أن محمد بن الحسن قال :ما احتال به المسلم حتى يتخلص به من الحرام أو يتوصل به إلى الحلال فلا بأس به، وما احتال به حتى يبطل حق ا أو يحق باطلا أو ليدخل به شبهة في حق فهو مكروه، والمكروه عنده إلى الحرام أقرب).(١ " /ا$ء " 3ا' : يرى العلماء أن الاحتيال حكمه حكم المحتال إليه، فإذا كانت الحيلة لإسقاط الواجب شرع ا حتى يصير غير واجب في الظاهر، أو جعل المحرم منهي عنها.حلالا في الظاهر، فالحيلة حرام منوم ا وقت الصلاة ليخرج وقتها وهودواء وذلك كمن شرب خمر ا أو فاقد لعقله كالمغمى عليه، أو كان له مال يقدر به على الحج فوهبه كي لا يجب عليه الحج. وكذلك يحرم التصرف بالمال في هبة أو غيرها قبل الحلول للفرار من الصدقة عند المالكية والحنابلة، وقد اختلف الحنفية فقال أبو يوسف: )» (١فتح الباري«. ٣٣٢/٢ الفصل العاشر :التعريف في قصد الشارع ١٧ لا يكره ذلك، وقال محمد :يكره. لكن ابن حجر ذكر عن الحنفية أن أبا يوسف رجع عن قوله وأخذ بقول الجمهور. ومذهب الشافعية أن هذا التحيل مكروه تنزيه ا إن قصد به الفرار من الصدقة، وقال الشرواني منهم :يحرم، وقال ابن الصلاح منهم :يأثم بقصده لا بفعله. وأما إذا كان الاحتيال لأخذ حق، أو دفع باطل، أو التخلص من الحرام، أو التوصل إلى الحلال، وسواء كانت الوسيلة محرمة أم مشروعة إلا أنها إذا كانت محرمة فهو آثم على الوسيلة دون القصد. وقد يطلب الاحتيال سيما في الحرب).(١ولا المطلب الثاني :المعاملة بنقيض المقصود من القواعد المقررة في الفقه الإباضي بخاصة والفقه الإسلامي بعامة قاعدة) :من أظهر قصد ا فاسد ا عومل بنقيض قصده(، وقاعدة) :يعامل المرء بنقيض قصده السيئ()، (٢وقاعدة) :من استعجل الشيء قبل أوانه عوقب بحرمانه().(٣ فإذا قصد المكلف مناقضة قصد الشارع عومل شرع ا بنقيض قصده السيئ وهذا أصل مقرر في فروع الشريعة، فقد عامل النبي ژ القاتل الذي قصد استعجال ميراث مورثه، فقال ژ » :القاتل لا يرث«).(٤ )» (١الفتاوى الهندية« ، ٣٩٠/٦و»إعلام الموقعين« ، ٣٤٧/٣و»المغني« ، ٣٩٦/١٠وانظر: »الموسوعة الفقهية« ، ١٠٢/٢وكتاب »القواعد الفقهية الإباضية« ١٧٥/٥للعبد الفقير. )» (٢القواعد الفقهية الإباضية« ٢٢٩/٢و، ١٦٢/٣وكتاب »الإيضاح«. ١٦٧/٢ )» (٣القواعد الفقهية الإباضية«. ٤٥/١ )» (٤سنن الترمذي« باب ما جاء في »إبطال ميراث القاتل« ).٤٢٥/٤ (٢١٠٩ مقاصد الشريعة بين المذهب الإباضي والمذاهب الإسلامية الأخرى/ج٢ ١٨ ولهذا الأصل فروع كثيرة منها: ١ـ حرمان القاتل من الميراث الذي قصد بالقتل استعجاله باتفاق المذاهب الإسلامية :الإباضية، والحنفية، والمالكية، والشافعية، والحنابلة، سد ا للذريعة ومعاملة للقاتل بنقيض قصده السيئ.والزيدية، والإمامية الموصي استعجالا للوصية فإنه يعاملالموصى له ٢ـ ومنها :قتل السيئ عند الجمهور، وفي وجه للشافعية يعتبر هذا الفرعبنقيض قصده مستثنى من القاعدة. الفار، وهو :الذي يطلق امرأته في مرضه ليفر من ميراثها، ٣ـ ومنها :طلاق السيئ؛ لما روي أن عثمان ƒورثفإنها ترث منه معاملة له بنقيض قصده الرحمن بن عوف، وكان قد طلقها فيٰتماضر بنت الأصبغ الكلبية من عبد مرض موته ف بتها، واشتهر ذلك في الصحابة فلم ينكر فكان إجماع ا؛ ولأنه قصد قصد ا سيئ ا في الميراث فعومل بنقيض قصده كالقاتل).(١ ٤ـ ومنها :إذا تزوج المرأة في عدتها من زوجها الميت فرق بينهما على السيئ، وذلك عند جميع المذاهب).(٢التأبيد معاملة له بنقيض قصده ٥ـ ومنها :إذا دخل شهر الصوم فأنشأ مريد الصوم سفر ا بقصد التخلص من الصوم، وجب عليه الصوم، لأنه قصد الهروب من الصوم فعومل بنقيض قصده السيئ. ومنها :إذ وجبت الزكاة فقصد المكلف الهروب منها بنفقتها أو إعارتها أو الوقف ونحو ذلك، وجبت الزكاة في ذمته معاملة له بنقيض قصده السيئ. )» (١العدة شرح العمدة« للمقدسي، ص. ٣٦٨ ) (٢انظر :تفصيل هذه المسألة كتاب »الحجة على أهل المدينة« لمحمد بن الحسن، ٣٨٣/٣ و»الأم« ، ١٤٨/٥و»الإقناع« ، ٣٨٣/٤و»معجم القواعد الإباضية« للعبد الفقير ص ٥٨٦رقم القاعدة )، (٣٣٩وكتاب »القواعد الفقهية الإباضية« ٢٣٠/٢للعبد الفقير أيض ا. الفصل العاشر :التعريف في قصد الشارع ١٩ ا ا5".    ارع إ;اج ا 3" $8دا/( &'%اه العلامة الشاطبي 5تعالى في النوعنص عليها هذه قاعدة مقاصدية الرابع في بيان قصد الشارع في دخول المكلف تحت أحكام الشريعة. قال : 5المقصد الشرعي من وضع الشريعة :إخراج المكلف عن داعية هواه حتى يكون عبد ا الله اختيار ا كما هو عبد اللهإضطرار ا).(١ واستدل لهذه القاعدة بأدلة منها: ١ـ النص الصريح الدال على أن العباد خلقوا للتعبد الله والدخول تحت أمره ونهيه، كقوله تعالىK J ❁ H G F E D C ﴿ : ] ﴾ R Q P O N M Lالذاريات ٥٦ :ـ ، [٥٧وقوله تعالى¡ ﴿ : ] ﴾ ¬ « a©̈ § ¦¥ ¤ £ ¢طه.[١٣٢ : ٢ـ ما ثبت في الشريعة من ذم مخالفة هذا القصد وذم من أعرض عن دين االله واتبع هواه... وقد جعل االله اتباع الهوى مضا د ا للحق وعده قسيم ا له كما في قوله تعالىÑ Ð Ï Î Í Ì Ë Ê É ﴿ : ] ﴾ Ù Ø × Ö Õ Ô Ó Òص.[٢٦ : وقال تعالى1⁄4 ❁ o 1̧ ¶ ❁́ 3 2 ❁ °̄ ® ﴿ : 1⁄2 3⁄4 ¿ ] ﴾ É È Ç Æ ❁ Ä Ã ❁  Á Àالنازعات ٣٧ :ـ. [٤١ وقال] ﴾ 4 3 2 1 0 ❁. - , + ﴿ :النجم ٣ :ـ. [٤ وقال] ﴾ ) ( ' & % $ # " ! ﴿ :الجاثية.[٢٣ : )» (١الموافقات«. ٢٨٩/٢ مقاصد الشريعة بين المذهب الإباضي والمذاهب الإسلامية الأخرى/ج٢ ٢٠ وقال] ﴾ Á À ¿ 3⁄4 1⁄2 1⁄4 » ﴿ :محمد.[١٦ : العلامة خميس الرستاقي» :فكل متبع هواه فقد اتخذه معبود ا له«،قال ضوالسلام» :أ بغ قال تعالى، ﴾ % $ # " ! ﴿ :وقال عليه الصلاة إله عبد في الأرض من دون االله الهوى«).(١ وذكر الشيخ سعيد الكندي أن االله جعل الهوى في مقابل عبادة االله ومضاد ا لها، قال تعالى﴾́ 3 2 ± ﴿ :؛ أي :لا يتفق أن يكون لكم أن تعبدوا االله والهوى في حال من الأحوال إنما هو إله واحد، معبود واحد لا يستقيم إلا بمخالفة الهوى كما قال﴾ Ä Ã Â Á ﴿ : ]النازعات.(٢)[٤٠ : كما جعل االله الهوى قسيم ا للوحي ومضا د ا له قال تعالى- , + ﴿ : .(٣)﴾ 4 3 2 1 0 ❁. فالهوى مذموم واتباعه مناقض لاتباع شرع االله تعالى. قال ابن عباس :ما ذكر االله الهوى إلا ذ مه. وقال وهب بن منبه :إذا شككت في أمرين فانظر أيهما أبعدهما عن هواك فهو الخير، فإن كانا شرين شر من الآخر. وقال ژ » :العاجز من أتبع نفسه هواهافأقربهما إلى هواك هو وتم نى على االله الأماني«. وأحاديث الهوى وآياته وأخباره كثيرة).(٤ وقال الشيخ بيوض» :ومن تمسك بما جاء به أبوه ونبذ ما جاء به كتاب وسنة رسول االله فقد اتخذ الهوى إله ا وأشرك باالله ما لم ينزل به سلطان ا«).(٥االله )» (١منهاج الطالبين«. ٢٥٣/١ )» (٢التفسير الميسر« للكندي. ٣٣١/٢ ) (٣المصدر نفسه. ٢٠٢/٤ )» (٤تيسير التفسير« للقطب أطفيش. ٥١/١٠ )» (٥في رحاب القرآن« للشيخ بيوض. ١٥٦/١ الفصل العاشر :التعريف في قصد الشارع ٢١ ا ا>دس  ',ن "!  ارع  د +اج 3%ا3' $8 من أعظم مقاصد هذه الشريعة أنها جاءت لرفع الحرج والمش قة عن الناس ولرفع الإصر والأغلال التي جعلها االله على أهل الكتاب بسبب ظلمهم ونقضهم للمواثيق التي أخذت عليهم تصديق ا لقول االله تعالى عنهم: ﴿ ¡ ] ﴾̈ § ¦ ¥ ¤ £ ¢النساء.[١٦٠ : وقوله﴾ { z y x w v u ﴿ : ]المائدة... [١٣ :الآية. والباء في الآيتين للسببية. وقد استجاب االله دعاء المؤمنين لما قالوا Á À ¿ ﴿ : ÓÒ Ñ Ð Ï Î Í Ì Ë ÊÉ È Ç Æ Å Ä Ã ﴾ ß Þ Ý Ü Û Ú ÙØ × Ö Õ Ô ]البقرة [٢٨٦ :فقد روي عن ابن عباس أ ن االله قال عقب دعائهم :قد فعلت).(١ والسنة، وإجماع الأمة وسيرة السلف وقواعد الشريعةوقد د ل الكتاب على أن هذه الشريعة جاءت لرفع الحرج والمشقة، عن الناس ولحمل الناس على اليسر واللين. أما الكتاب فآياته كثيرة منها: قول االله تعالى ~ } | { z ﴿ :ے ¡﴾ ¥ ¤ £ ¢ ]الحج... [٧٨ :الآية. )» (١تفسير الطبري. ١٠٥/٦ مقاصد الشريعة بين المذهب الإباضي والمذاهب الإسلامية الأخرى/ج٢ ٢٢ وقال أيض اZ Y X W V U T S R ﴿ : [ \ ] ^ _ ` ﴾ ]المائدة،(١)[٦ : والحرج هنا هو الضيق. وقال تعالى- , + * ) ( ' & % $ # ﴿ : ] ﴾ /. الأعراف.[٢ : وقال تعالىJ I H G F E D C B A @ ﴿ : ] ﴾ Kالفتح، [١٧ :يعني في تخلفهم عن الحديبية، وهذه الآية أصل في أصحاب الأعذار. وجميع ما جاء في القرآن من نفي الإثم والجناح :كقوله تعالىC ﴿ : ] ﴾ J I H G F E Dالبقرة، [١٩٨ :قال مجاهد :التجارة في الموسم، وهذا من تمام اليسر أن يجمع العبد بين تجارة الدنيا وتجارة الآخرة. وقوله تعالى﴾ E D C B A @ ? > = ﴿ : ]البقرة.[٢٣٥ : وقوله تعالى] ﴾ Ù Ø × Ö Õ Ô Ó ﴿ :النساء [١٠١ :الآية. وقوله تعالى﴾ 2 1 0/. - , + * ) ﴿ : ]النساء.[١٢٨ : وقوله تعالى^ ] \ [ Z Y X W V ﴿ : _ ` ] ﴾ aالمائدة [٩٣ :الآية، ومثله في القرآن كثير. ومن ذلك نفي الإثم. ) (١وانظر» :التفسير الميسر« للكندي ، ٢٩٠/١و»تيسير التفسير« لأطفيش. ٢٤٦/٢ الفصل العاشر :التعريف في قصد الشارع ٢٣ ومنه قوله تعالى1 0 /. - , + * ) ( ﴿ : ] ﴾ 3 2البقرة.[٢٠٣ : ومنه قوله تعالى] ﴾ q p o n m l k j i ﴿ :البقرة.[١٧٣ : ومن ذلك آيات اليسر في القرآن وهي كثيرة :كقوله تعالى ̈ § ﴿ : © ] ﴾̄ ® ¬ « aالبقرة.[١٨٥ : عرفوقوله تعالى] ﴾ °̄ ® ¬ ❁ a ©̈ § ﴿ :الشرح، [٦، ٥ :فقد فالمعرف العسر مرتين ون كر اليسر مرتين، والاسم إذا كرر معرف ا ومنكر ا يكون واحد ا والمنكر يكون الثاني غير الأول، ولذلك قال النبي ژ » :لن يغلب عسر يسرين«، فالعسر المعرف مرتين هما واحد، واليسر المنكر اثنين. وقوله تعالى] ﴾ ¶ μ ﴿ :الأعلى.[٨ : السنة فالأحاديث في هذا المقصد كثيرة جد ا منها:وأما من ١ـ حديث أبي هريرة» :إن هذا الدين يسر ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه«).(١ ٢ـ قوله ژ في حديث صب الماء على بول الأعرابي» :فإنما بعثتم ميسرين معسرين«)، (٢وقد علق أبو ستة على هذه الحادثة بأن النبي ژ أمرهمولم تبعثوا بالكف عنه للمصلحة الراجحة وهي دفع أعظم المفسدتين باحتمال أيسرهما. ٣ـ وعن أنس بن مالك عن النبي ژ قال» :يسروا ولا تعسروا وبشروا ولا تنفروا«).(٣ ) (١البخاري، باب الدين يسر ١٦/١ح ).(٣٩ ) (٢البخاري، باب صب الماء على البول في المسجد ١٦/١ح )، (٢٢٠انظر» :حاشية الترتيب« .٣١١/١ ) (٣البخاري، باب قول النبي يسروا ولا تعسروا ٣٠/٨ح. ٦١٢٥ مقاصد الشريعة بين المذهب الإباضي والمذاهب الإسلامية الأخرى/ج٢ ٢٤ وعن أنس أن النبي ژ كان يقول» :لا تشددوا على أنفسكم ف ي شد د عليكم فإن قوم ا شددوا على أنفسهم فشدد االله عليهم فتلك بقاياهم في الصوامع والديار« ﴿ ] ﴾ g f e d cالحديد.(١)[٢٧ : ٤ـ وعن عائشة أن النبي ژ قال يوم الحبشة» :ذلك لتعلم يهود أن في ديننا فسحة وإني بعثت بشريعة سمحة«. أي الأديان أحب إلى االله؟ ٥ـ وعن ابن عباس قال :قيل لرسول االله ژ  : قال» :الحنيفية السمحة«، وفي رواية» :بعثت بالحنيفية السمحة«).(٢ ٦ـ وعن عائشة #أنها قالت» :ما خير رسول االله بين أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثم ا فإن كان إثم ا كان أبعد الناس منه«).(٣ ومن ذلك نهيه عن الغلو في الدين، فقد جاءت أحاديث صحيحة وصريحة تنهى عن الغلو في الدين وتأمر بالرفق في ذلك، من هذه الأحاديث: ٧ـ حديث أنس بن مالك ƒقال :قال رسول االله ژ » :إن هذا الدين متين فأوغلوا فيه برفق«، وفيه» :فلا تبغض إلى نفسك عبادة ربك إن المنبت لا أرض ا قطع ولا ظهر ا أبقى«).(٤ ٨ـ وعن ابن عباس قال النبي ژ » :إياكم والغلو في الدين فإنما هلك من كان قبلكم بالغلو في الدين«) (٥إسناده صحيح على شرط مسلم. )» (١سنن أبي داود«، باب في الحسد. ٢٧٦/٤ )» (٢مسند أحمد« ١٧/٤ج )، (٢٠١٨و»حاشية الترتيب«. ١١٥/٢ )» (٣صحيح البخاري« باب صفة النبي ژ ١٨٩/٤ح ).(٣٥٦٠ )» (٤مسند أحمد« ٣٤٦/٢٠ح ).(١٣٠٥٢ )» (٥سنن النسائي« ٢٦٨/٥باب التقاط الحصى وابن ماجه ١٠٠٨٢ح ) (٢٠٢٩باب قدر حصى الرمي. الفصل العاشر :التعريف في قصد الشارع ٢٥ ٩ـ وعن ابن عباس ^ قال :بينما النبي ژ يخطب إذا هو برجل قائم فسأل عنه فقالوا :أبو إسرائيل نذر أن يقوم ولا يقعد، ولا يستظل ولا يتكلم »م ر ه فليتكلم وليستظل وليقعد وليتم صومه«).(١ ويصوم. فقال النبي ژ : العلامة أبو ستة» :وفيه الحث على الرفق في العبادة وعبر بما يدلقال على السير لأن العابد كالسائر«).(٢ أما من الإجماع: فإن الأمة مجمعة على أن هذه الشريعة المباركة موضوعة على قاعدة اليسر دفع الحرج، لم يخالف في ذلك أحد يعتد بخلافه وأن الغلو والتنطع ليس من دين الإسلام ولا من سنة خير الأنام وهو القائل» :إني لأتقاكم الله وأخشاكم له وإني لأنام وأرقد وأصوم وأفطر وأتزوج النساء فمن رغب عن س نتي فليس مني«).(٣ قال ذلك لامرأة عثمان بن مظعون لما تذاكر وأصحابه القيامة وبكوا وهموا أن وحرموا على أنفسهم طيبات الطعام والشراب واللباس والجماع يقطعوا مذاكيرهم ويلبسوا المسوح ويسيحوا في الأرض فلم يقرهم النبي على هذا المنهج المنحرف عن منهج الشريعة السمحة. ومع كل هذه الأدلة التي وصلت إلى درجة القطع فقد نبتت في الأمة فشوهت نابتة اتجهت إلى التشدد والغلو والانحراف عن الاعتدال والتوسط وجه الدين المشرق المضيء وأساءت للإسلام الحنيف السمح وخرجت عن الاعتدال في سلوكها، وفي خطاباتها، وفي أخلاقها، وفي تعاملها مع الناس. )» (١صحيح البخاري« باب النذر فيما لا يملك وفي معصية ح ).١٤٣/ (٦٠٧٤ )» (٢حاشية الترتيب«. ١٧٠/٤ )» (٣غاية المطلوب في الأثر المنسوب«. ٢١٠/١ مقاصد الشريعة بين المذهب الإباضي والمذاهب الإسلامية الأخرى/ج٢ ٢٦ فما عرفت من الدين إلا الاسم، ولا من الشريعة إلا الرسم، لبست ثوب الإسلام وتخلقت بأخلاق اللئام!!. يتشددون في الفتاوى، والأحكام، ويرون اليسر والاعتدال تفلت ا وتهاون ا في الأحكام، بل يرونه خروج ا عن الإسلام، يتحرجون في الأموال ويتجرؤون في الدماء، قتلوا بفتاويهم أكثر مما قتل الحجاج بسيفه. أين هم من الإسلام السمح، والدين اليسر؟ شددوا على الناس فشدد االله عليهم، وض يقوا واسع ا فضاقت عليهم الأرض بما رحبت. لقد كانت نكبة الإسلام بأدعيائه أكثر من نكبته بأعدائه، والله المشتكى وبه المستعان. أما من حيث القواعد والأحكام. فإن من استقرأ قواعد الشريعة وجد من قواعد اليسر ما لا يحصى من ذلك: ١ـ قاعدة »المشقة تجلب التيسير«. ٢ـ وقاعدة »إذا ضاق الأمر اتسع«. ٣ـ وقاعدة »الضرورات تبيح المحظورات«. ٤ـ وقاعدة »لا ضرر ولا ضرار«. ٥ـ وقاعدة »يختار أهون الشرين«. وهي قواعد مشروحة في هذا الكتاب. وكذلك قواعد العرف، مثل: ١ـ قاعدة »استعمال الناس حجة«. الفصل العاشر :التعريف في قصد الشارع ٢٧ ٢ـ وقاعدة »المعروف عرف ا كالمشروط شرط ا«. ٣ـ وقاعدة »المعروف بين التجار كالمشروط بينهم«. إلى آخر ما هنالك من قواعد العرف. والاحتكام إلى العرف هو أحد وجوه التيسير في الشريعة الإسلامية؛ لأن نزع الناس عن المعروف والمألوف حرج كبير. الر خصعلى اختلاف أنواعها: ومن الأدلة على هذا الأصل :ش ر ع كرخص التنقيص، ورخص التقديم، ورخص التأخير، ورخص التغيير. وكذلك أسباب التخفيف مثل المرض، والصغر، والجنون، والعته، والحيض، والنفاس، والرق، والإكراه، والنسيان إلى غير ذلك من عوارض التكليف، كل ذلك يدل على أن هذه الشريعة موضوعة على قاعدة اليسر ودفع المشقة. وكذلك الأحكام الموضوعة على قاعدة المصالح الضرورية، أو الحاج ية، أو التحسين ية. والمصالح الضرورية هي :حفظ الدين، والنفس، والعقل، والمال، والنسب. وأما المصالح الحاجية فهي التي يحتاج الناس إليها ولا تصل إلى مرتبة الضرورة كشرع الرخص، وجميع ما يحتاجه الإنسان للتوسعة ورفع الحرج).(١ قال الشاطبي : 5وأما الحاجيات فمعناها أنها مفتقر إليها من حيث التوسعة ورفع الضيق المؤدي في الغالب إلى الحرج والمشقة اللاحقة بفوت )» (١حاشية محقق روضة الناظر«. ٤٨٠/١ مقاصد الشريعة بين المذهب الإباضي والمذاهب الإسلامية الأخرى/ج٢ ٢٨ المطلوب فإذا لم تراع دخل على المكلفين ـ على الجملة ـ الحرج والمشقة).(١ ومثال المقاصد الضرورية :الرخص المخففة في العبادات كرخص المرض والسفر، وفي العادات كإباحة الصيد، والتمتع بالطيبات مما هو حلال مأكلا ومشرب ا ومسكن ا ومركب ا. وفي المعاملات كالقراض والمساقاة، والسلم. وفي الجنايات فكالحكم باللوث، والتدمية، والقسامة، وضرب الدية على العاقلة، وتضمين الصناع. وأما المصالح التحسين ية فمعناها الأخذ بما يليق من محاسن العادات وتجنب المدنسات التي تأنفها العقول الراجحات، ويجمع ذلك قسم مكارم الأخلاق، فمثالها في العبادات إزالة النجاسة، والطهارات، وستر العورة، وأخذ الزينة، والتقرب بنوافل الخيرات من الصدقات والقربات)، (٢وهكذا يقال في القواعد الأصولية كقاعدة سد الذرائع، والنظر إلى المآل، وغير ذلك وقد سبق الكلام عليها. تكون منها دليل كلي وقطعي على أن هذهإذا جمعنا هذه الأدلة الجزئية الشريعة موضوعة على مقصد عظيم من مقاصد هذه الشريعة المباركة، وهو: اليسر ودفع الحرج والضيق عن هذه الأمة المرحومة).(٣ )» (١الموافقات«. ٢١/٢ )» (٢الموافقات«. ٢٢/٢ )» (٣التعريفات« للجرجاني ص ، ١٤٩و»أثر الأدلة« للبغا، ص. ٢٤٢ الفصل العاشر :التعريف في قصد الشارع ٢٩ ا ا>+,  ',ن   ارع "ا%ة ا/ا@ المطلب الأول :المراد بالعوائد ما جرى عليه عمل الناس من الأعراف المتلقاة بالقبول وما استقرت فرق بينعليه النفوس بشهادة العقول وتلقته الطبائع بالقبول. وهناك من العادة والعرف، فجعل العادة خاصة التصرف الذي ينشأ عن فرد ويتكرر ويعود ع ود ا يخرج عن كونه واقع ا بطريق الاتفاق، وأما العرف فهو التصرف الذي ينشأ عن الجماعة. بالعرف المطلب الثاني :تحرير محل النزاع في المراد واستمر حكم إن العرف إذا كان حكم ا شرعي ا ثبت اعتباره بالنص الشارع فيه حتى توفي رسول االله ژ فهذا لا خلاف فيه. مثاله :سلب العبد أهلية الشهادة، وإزالة النجاسة، وستر العورة والنهي عن الطواف حول البيت على العري. وما أشبه ذلك في العوائد الجارية بين الناس فما اعتبرها الشارع حسنة فهي حسنة، وما اعتبرها قبيحة فهي قبيحة. الشرعي من كل الوجوه واصطدم النص ولا خلاف أن العرف إذا صادم معه حتى لزم من اعتباره إهمال النص فهذا العرف لا خلاف في رده وعدم اعتباره ويسمى بالعرف الفاسد. نص ا آخر ولا خلاف في أن العرف الذي ثبت اعتباره بالنص إذا خالف عام ا والعرف يخالفه في بعض الوجوه لا من كل الوجوه بأن ير د النص مقاصد الشريعة بين المذهب الإباضي والمذاهب الإسلامية الأخرى/ج٢ ٣٠ والأفراد، أو كان الدليل قياس ا، فإن العرف هنا يصلح لأن يكون مخصص ا للنص، ويترك به القياس استحسان ا، كما في جواز السلم والاستصناع ودخول الحمام، والشرب من السقاء. فهذه الأنواع غير مقصودة في البحث عن العرف، وإنما المقصود هو ما تعارفه الناس وجرى بينهم من مسائل التعبير وأساليب الخطاب والكلام وما تواضعوا عليه من الأعمال واعتادوه من شؤون المعاملات مما ليس في نفيه ولا إثباته دليل شرعي. المطلب الثالث :في أقسام العوائد التقسيم الأول إلى قولي وعملي: ينقسم العرف إلى أقسام عدة فهو باعتبار متعلقه ينقسم إلى قسمين: قولي وعملي. العرف القولي :وهو اصطلاح جماعة على لفظ يستعملونه في معنى خاص يتبادر معناه إلى ذهن أحدهم بمجرد سماعه. مثل لفظ :الدابة. فإن هذا اللفظ يطلق في اللغة على كل ما يدب على الأرض من النملة إلى الحصان، إلا أن العرف القولي خصه بذوات الحوافر والأظلاف. ويسمى هذا بالعرف المخصص).(١ والعرف العملي :هو اعتياد الناس على شيء من الأفعال العادية؛ كاعتياد الناس على تعطيل بعض الأيام كالجمع والأعياد، والمناسبات وكعطل المدرسين، والقضاة والمفتيين في رمضان وغيره فهذا عرف عملي).(٢ ) (١ينظر» :طلعة الشمس« للسالمي. ١٦٢/١ ) (٢انظر :كتاب »غاية المأمول في توضيح الفروع للأصول«، ص. ٤٥٦ الفصل العاشر :التعريف في قصد الشارع ٣١ التقسيم الثاني للعرف من حيث المنشأ: ينقسم العرف من حيث منشؤه إلى عرف خاص، وعرف عام. فالعرف الخاص :هو عادة هيئة وجماعة مخصوصة! كالحقائق العرفية التي تواضع عليها أصحاب المهن والحرف الخاصة مثل القلب والكسر للنظار، والرفع والنصب للنحاة، والحقيقة والمجاز لعلماء البيان. والعرف العام :هو اصطلاح هيئة غير مخصوصة بطبقة من طبقاتها. وواضع هذا العرف غير متعين، وهو الجاري منذ عهد الصحابة حتى زماننا هذا، وهو الذي قبله المجتهدون، وعملوا به ولو كان مخالف ا للقياس، ويثبت به حكم عام كاستعمال لفظ الدابة في حيوان مخصوص، وكاستعمال لفظ الطلاق في إزالة الزوجية. بالعرف المطلب الرابع :في الاحتجاج والمذاهب الفقهية متفقة على الاحتجاج بالعرف وأنه يحتكم إليه في فهم النصوص الشرعية وبناء شطر عظيم من الأحكام عليه. العلامة أبو ستة» :اعتبر الفقهاء على اختلاف مذاهبهم العرف،قال وجعلوه أصلا يبنى عليه شطر عظيم من أحكام الفقه«).(١ العلامة القرافي» :أما العرف فمشترك بين المذاهب، ومن استقرأهاوقال وجدهم يصرحون بذلك«).(٢ ) (١انظر :كتاب »العرف« لأبي ستة )ص ٥٦وما بعدها(. )» (٢شرح تنقيح الفصول«. ٤٤٨/١ مقاصد الشريعة بين المذهب الإباضي والمذاهب الإسلامية الأخرى/ج٢ ٣٢ وقد عمل به فقهاء الإباضية)، (١والحنفية)، (٢والمالكية)، (٣والشافعية)،(٤ والحنابلة)، (٥والزيدية)، (٦وأكثر ما يصرحون به في مباحث الأيمان، والبيوع وسائر المعاملات وفي النفقات، وفي مباحث الحيض، وصدقة المواشي وغير ذلك. المطلب الخامس :في دليل الحجية والسنة. استدل الفقهاء والأصوليون على اعتبار العرف بالكتاب، أما الكتاب: فقوله تعالى] ﴾ K J I H G F E ﴿ :الأعراف.[١٩٩ : قال ابن عابدين» :واعلم أن بعض العلماء استدل على اعتبار العرف بقوله. ﴾ H G F E ﴿ : 4والظاهر أن ابن عابدين يعني بقوله شهاب الدين القرافي المالكي فإنه قال في »الفروق« في جواب قول الشافعي البينة ما فيما إذا اختلف الزوجان في متاع البيت :إن القول لمن شهدت له نصه :لنا قوله تعالى، (٧)﴾ H G F E ﴿ :ثم قال :أقول» :وهذا الاستدلال مبني على أن المراد بالعرف في الآية الكريمة عادات الناس وما جرى تعاملهم به فحيث أمر االله نبيه ژ بالأمر به د ل ذلك على اعتباره في الشرع وإلا لما كان للأمر به فائدة«. ) (١انظر :كتاب »الجامع« لابن بركة ٦٦/٢و ٢٩٦و ٣٧٠و»بيان الشرع« ١٠٣/٢٥و.٤٥١/٥٨ ) (٢انظر» :تأسيس النظر« للدبوسي ص ، ١١٢ومجلة »الأحكام« المادة ) (٣٦ص ، ٤١دار الكتب العلمية. )» (٣شرح التنقيح« ، ٤٤٨/١وكتاب »المعونة« ٣٦٥/١، ٣٦٠/١و.٣٨٩/١ ) (٤انظر» :الأشباه والنظائر« للسيوطي ص ٩٠ط ، ١دار الكتب العلمية. )» (٥مجموع الفتاوى« ، ١١٣/٢٦و»المغني« ٩٨/٨و ٢٧٩/٥و ٦/٤و.١١٣/٤ )» (٦سبل السلام«. ١٥٦/١ ) (٧انظر» :الفروق« للقرافي. ١٤٩/٣ الفصل العاشر :التعريف في قصد الشارع ٣٣ وذكر الفتوحي الحنبلي :أن ابن عطيـة قـد استدل بهذه الآيـة علامة المغرب محمدعلى الاحتجاج بالعرف)، (١واستدل بها الحجوي. (٢) 5 العلامة محمد بن يوسف أطفيش في قوله تعالى:وقال قطب المغرب ﴿ :﴾ H Gالعرف كل ما جاءك من االله وما يعرف في الشرع حسنه من مكارم الأخلاق وترك مساويها وسواء في ذلك اعتقاد وقول وعمل).(٣ )قلت( :وما العرف إلا ذلك. ومن الأدلة على اعتبار العرف قوله تعالى~ } | ﴿ : ے ¡ ̄ ® ¬ «a ©̈ § ¦ ¥ ¤ £ ¢ ¿3⁄4 1⁄2 1⁄4 »o 1̧ ¶ μ́ 3 2 ± ° ÌË Ê É È Ç ÆÅ Ä Ã Â Á À ] ﴾ Õ Ô Ó ÒÑ Ð Ï Î Íالنور.[٥٨ : وجه الاستدلال :أن الأمر بالاستئذان ورد في الأوقات التي جرت العادة فيها بالابتذال ووضع الثياب فابتني الحكم الشرعي على ما كانوا يعتادونه).(٤ العلامة أطفيش :أن هذه الأوقات هي أوقات تجرد الناس منوذكر )» (١مختصر التحرير شرح الكوكب المنير« ٤٤٨/٤مكتبة العبيكان، ط الثانية، ت الزحيلي وحماد. )» (٢الفكر السامي« ، ٤٦٨/٢ط أولى، دار الكتب العلمية. )» (٣تيسير التفسير«. ٢٩٤/٣ )» (٤غاية المأمول«، ص. ٤٦٠ مقاصد الشريعة بين المذهب الإباضي والمذاهب الإسلامية الأخرى/ج٢ ٣٤ ملابسهم ولبس ثياب النوم)، (١قلت :وهي عادة مطردة اعتبرها الشارع فشرع أحكامه على وفقها. وقال الشيخ بيوض ] ﴾ μ́ 3 2 ± ﴿ : 5النور:[٥٨ : وكذلك اعتاد الناس إلى أن يدخلوا إلى مضاجعهم بعد منتصف النهار يأخذون قسط ا من الراحة).(٢ ومن الأدلة على اعتبار العرف أن الشريعة ردت كثير ا من الأحكام التي ليس لها ضابط في الشرع ولا في اللغة إلى العرف تخفيف ا على الناس مراعاة قدرهم من الوسع والإقتار. قال تعالى ﴿ :ے ¡ ¤ £ ¢ ] ﴾ ¬ « a © ̈ § ¦ ¥البقرة، [٢٣٦ :وقال©̈ § ﴿ : ] ﴾ ¬ « aالبقرة، [٢٣٣ :فقد رد االله المتعة والنفقة إلى العرف وما يناسب حال كل مكلف من الوسع والضيق، واليسار والإقتار، ويجري مجرى ذلك قول الرسول ژ لهند بنت عتبة زوجة أبي سفيان» :خذي من ماله ما يكفيك وولدك بالمعروف«).(٣ السنة فقوله ژ » :تحيضين في علم االله ست ا أو سبع اوأما أدلة العرف من كما يحيض النساء وكما يطهرهن لميقات حيضهن وطهرهن« رواه الترمذي وصححه الحاكم).(٤ فقد رد الرسول ژ مدة الحيض إلى عادة النساء، وهذا ملاحظ في قوله ژ » :كما تحيض النساء وكما يطهرن«. وحديث أم سلمة أن امرأة كانت تهراق الدم على عهد النبي ژ فاستفتت )» (١هميان الزاد«. ٢٧٥/٩ )» (٢في رحاب القرآن«. ١٦١/١ ) (٣متفق عليه. ) (٤ورواه أبو داود في »سننه« باب من قال :إذا أقبلت الحيضة تدع الصلاة ١١٦/١دار الكتب العلمية. الفصل العاشر :التعريف في قصد الشارع ٣٥ لها أم سلمة رسول االله ژ فقال» :لتنظر عدد الأيام والليالي التي كانت تحيض من الشهر قبل أن يصيبها ذلك فلتترك الصلاة«).(١ وجه الاستدلال :أن النبي ژ ر د المرأة إلى عادتها، وذلك عند التباس دم الحيض بغيره وهذا اعتبار للعادة. ومن أحسن الأدلة على اعتبار العرف حديث حرام بن محيصة أن ناقة البراء بن عازب دخلت حائط ا فأفسدته فقضى النبي ژ » :على أهل الحائط حفظها في النهار وعلى أهل المواشي حفظ مواشيهم بالليل«، رواه أبو داود وصححه الجماعة).(٢ فقد بنى النبي ژ حكمه على ما استقر من عوائدهم) (٣حيث جرت العادة أن تسرح المواشي في النهار ولذلك كان على أهل البساتين حفظ بساتينهم في النهار وحيث جرت العادة أنها تأوي إلى مراحها في الليل كان على أصحابها حفظ مواشيهم ليلا لأن أصحاب البساتين في مأمنمنها أثناء الليل وهذا اعتبار للعرف والعادة. قال الشيخ عامر من فقهاء عمان :وقال الربيع إن دخل من البهائم في زرع ليلا غرموا وإن دخل نهار ا فلا غرم عليه وعلى أهل الزرع حفظ زرعهم بالنهار وعلى أهل المواشي حفظ مواشيهم بالليل، وذكر حديث ناقة البراء بن عازب).(٤ بناء على ما جرى به التعامل بين الناس فقد كان عرفوهذا الحكم )» (١سنن النسائي« /١١٩/١ :رقم ، ٢٠٨باب :ذكر الاغتسال من الحيض. )» (٢السنن الكبرى للبيهقي« /٦٨٦/٢ :رقم ).(١٣٤٣ ) (٣انظر» :الكوكب المنير« ص ٣٩١وص. ٣٩٢ )» (٤غاية المطلوب في الأثر المنسوب« للشيخ عامر بن خميس. ١٧٨/١ مقاصد الشريعة بين المذهب الإباضي والمذاهب الإسلامية الأخرى/ج٢ ٣٦ الناس أن أهل البساتين يحفظون بساتينهم في النهار من المواشي وأن أهل المواشي يحفظون مواشيهم في الليل. قلت :وقد يتغير هذا العرف حتى يجب على أهل المواشي حفظها ليلا ونهار ا وذلك لما كثر العمران وغرست الأرض مساحات واسعة وقلت تغيرالماشية بحيث يسهل حفظها ليلا ونهار ا ويصعب حفظ الزرع ولا ينكر الأحكام بتغير الأزمان. المطلب السادس :في شروط العرف هناك شروط وضوابط لا بد منها في اعتبار العرف. من هذه الشروط: ١ـ أن يكون العرف مطرد ا لا يتخلف فإن تخلف بطل اعتباره ولذلك صت القاعدة الفقهية على أن العادة إنما تعتبر إذا اطردت).(١ن ٢ـ الشرط الثاني :أن يكون عام ا فإن اشتهر في بلد دون آخر فليس بعام. ٣ـ أن يكون موجود ا عند إنشاء التصرف وذلك بأن يكون العرف سابق ا على التصرف فيستمر إلى زمانه فيقارن حدوثه؛ لأن العرف إنما يؤثر فيما يوجد بعده لا فيما مضى قبله ولذلك نصت القاعدة على أنه لا يعتبر العرف الطارئ«. وقال السيوطي» :العرف الذي تحمل عليه الألفاظ هو العرف المقارن السابق دون المتأخر«).(٢ ) (١كتاب »الجامع« لابن بركة ، ١٤٤/٢و»أشباه السيوطي« ، ٩٣/و»ابن النجيم« ص، ٩٩ والمجلة مادة ).(٤١ )» (٢أشباه السيوطي« ص ، ٩٦و»غمز عيون البصائر« ، ٣١١/١و»الوجيز« للبورنو ص. ٢٩٧ الفصل العاشر :التعريف في قصد الشارع ٣٧ تصريح بخلافه، وهذا خاص بالعرف الذيالعرف ٤ـ أن لا يعارض ينزل منزلة الشرط اللفظي والذي تعبر عنه القاعدة المشهورة »المعروف عرف ا كالمشروط شرط ا«) (١مثاله :إذا اعتاد تاجر أنه لا يدفع ثمن البضائع إلا في الشهر الأول من السنة فإن هذه العادة إذا استمرت واطردت صارت كالشرط اللفظي إلا أن أصحاب السلع إذا اشترطوا الدفع في مدة معينة صح الشرط واعتبرت المدة المنصوص عليها دون العرف القائم).(٢ ٥ـ أن لا يكون العرف مخالف ا لأدلة الشرع كمن ا دعى أن حلق اللحية صار عرف ا لشيوعه فإن هذا عرف فاسد لمخالفته قول النبي ژ » :حفوا الشارب واعفوا اللحى«).(٣ ٦ـ أن يكون العرف ملزم ا يتحتم العمل به في نظر الناس).(٤ المطلب السابع :في العرف في الفقه الإباضي والمذهب الإباضي أخذ بالعرف واعتبره حجة في بيان الأحكام والمقادير والمعاني التي ليس لها ضابط في اللغة ولا في الشرع. ومن استقرأ قواعد العرف عندهم تكونت لديه نظرية متكاملة عن العرف والعادة. قدر االله لي من جهد، وهو جهد المقل ـ بدون شك ـوقد قمت بما باستقراء مواقع العرف في كتب الفروع عند الإباضية، فعثرت على قواعد )» (١بيان الشرع« ، ١٠٥/٦و»المصنف«. ٦٩/٢٥ )» (٢غاية المأمول«. ٢٣٨/١ ) (٣رواه النسائي بنحوه كتاب »الزينة« برقم ).(٨٩٥٩ ) (٤كتاب »العرف« لأبي ستة ) ٥٦ـ. (٥٨ مقاصد الشريعة بين المذهب الإباضي والمذاهب الإسلامية الأخرى/ج٢ ٣٨ كثيرة ترسم زمرتها نظرية العرف كاملة وهي قواعد شاركوا فيها جميع المذاهب الإسلامية المباركة. وهذه القواعد هي: ١ـ قاعدة »العادة محكمة«).(١ ٢ـ وقاعدة »المعروف عرف ا كالمشروط شرط ا«).(٢ ٣ـ وقاعدة »الإذن العرفي كالإذن اللفظي«).(٣ نص ا«).(٤ ٤ـ وقاعدة »الثابت عادة كالثابت ٥ـ وقاعدة »الأيمان محمولة على العرف«).(٥ ٦ـ وقاعدة »الحقيقة العرفية هي المتبادرة إلى الذهن«).(٦ ٧ـ وقاعدة »كل ما كان إحراز ا في العرف فهو قبض«).(٧ ٨ـ وقاعدة »إذا اختلف الزوجان ولا بينة أخذ كل ما يليق به«).(٨ ٩ـ وقاعدة »العادة تعتبر إذا اط ردت«. ) (١كتاب »الجامع« ٢٦٦/٢و، ٢٩٦و»بيان الشرع« »، ١٠٣/٢٥أصول الكرخي مع تأسيس النظر«، ص. ١١٢ )» (٢بيان الشرع« ، ١٠٥/٦و»المصنف« ، ٦٩/٢٥و»أشباه ابن نجيم« ، ٨١/١و»السيوطي«. ٩٦/١ )» (٣معارج الآمال« ، ٤٨٩/١و»الوجيز« للبورنو ص. ٨١ )» (٤معارج الآمال«. ٦٢٧/٤ )» (٥الجامع« لابن بركة ، ٨٩/٢و»بيان الشرع« ، ١١٤/٢٦و»فتح القدير« ٢٨٦٢و.١٨٣/٤ )» (٦معارج الآمال« »، ٦٥٥/٤و»شرح التجريد« ، ٢/٥و»أشباه السيوطي« ، ٩٥، ٩٤/و»المنتخب« .٢٠٠/١ نقلا عن »أثر الأدلة« للبغا، ص، ٢٧٣)» (٧شرح كتاب النيل« ، ٢٨٧/١٣و»العرف« لأبي ستة و»المغني«. ٣٢٠/٩ )» (٨الجامع« ، ١٤٤/٢و»أشباه ابن نجيم« ص ، ٩٩و»السيوطي«، ص. ٩٣ الفصل العاشر :التعريف في قصد الشارع ٣٩ ١٠ـ وقاعدة »لا ينكر تغير الأحكام بتغير الأيام«).(١ ١١ـ وقاعدة »الأصل في المبيع أن يعرف على ما جرى العرف في تعريفه«).(٢ ١٢ـ وقاعدة »الإقرار على ما يتعارف الناس ببلدهم من معاني الأسماء«).(٣ ١٣ـ وقاعدة »الحكم للأغلب والنادر لا حكم له«).(٤ هذه ثلاث عشرة قاعدة أتت على العرف من كل جوانبه. وتتميم ا للفائدة فإنني أتناول شرح هذه القواعد شرح ا موجز ا وأحيل القارئ على كتابي »القواعد الإباضية«) (٥فإنني شرحتها وب ينت المذاهب الفقهية منها. ا!%ة الأو*» :ادة ":«&8 الع ود والمعاودة بمعنى التكرار والعادة اسمالعادة في اللغة مأخوذة من لتكرير الفعل حتى يصير سهلا تعاطيه كالطبع. ومادة العادة تقتضي تكرار الشيء وعوده تكرار ا كثير ا حتى يخرج عن كونه واقع ا بطريق الاتفاق لذلك كان خرق العادات من معجزات الأنبياء).(٦ )» (١الجامع« ، ٤٠٦/٢والمجلة المادة )، (٣٩و»الفروق« للقرافي ، ١٧٧/١و»إعلام الموقعين« .١٤/١٣/٣ ) (٢كتاب »الإيضاح«. ٢٥٢/١٤ )» (٣المصنف«. ١١/٢٧ )» (٤بيان الشرع« ، ٧٨/٢٨و»الجامع المفيد« ، ٣٢/٤وكتاب »الإيضاح« ٣٠٦/١و ٣٢٧و٣٤٤ و.٣٤٧ ) (٥انظر» :القواعد الفقهية الإباضية دراسة مقارنة بالمذاهب الإسلامية« ٢٣٠/١وما بعدها. )» (٦غمز عيون البصائر« ، ٢٩٥/١دار الطباعة العامرة، استانبول. مقاصد الشريعة بين المذهب الإباضي والمذاهب الإسلامية الأخرى/ج٢ ٤٠ ومعنى :محكمة اسم مفعول من التحكيم، والتحكيم هو القضاء والفصل بين الناس؛ أي :إن العادة هي المرجع للفضل عند التنازع. معنى القاعدة: سيما في ومعنى هذه القاعدة أن العادة تجعل حكم ا بين الناس ولا الأمور التي ليس لها ضابط في الشرع ولا في اللغة. دليل القاعدة: وأدلة هذه القاعدة هي أدلة العرف، وقد سبقت الإشارة إليها. فروع القاعدة: من فروع القاعدة إذا اختلف الزوجان في متاع البيت رجع إلى العادة فما كان من خواص النساء كالمجوهرات، وآلات النسج والحياكة فيحكم فيه للمرأة وما كان من خواص الرجال كالسيف والسلاح ونحو ذلك فيحكم فيه للرجل).(١ ومنها :أن من نذر على إنسان بشيء هل هو للناذر أو المنذور عليه؟ قيل :هو على ما تجري به العادة من فعل الفاعل فإن كان المتعارف بين الناس أنه يقصد المفعول له على وجه الهبة والعطية فهو للمنذور عليه وإن كان ذلك مما تجري به العادة أن ذلك شيء يبيحه الناذر لمن حضر المنذور فهو على ذلك ويجوز من ذلك ما جرت به العادة بين الناس ومضى عليه التعارف).(٢ ) (١انظر :كتاب »الجامع«. ٢٦٦/٢ )» (٢بيان الشرع«. ١٠٣/٢٥ الفصل العاشر :التعريف في قصد الشارع ٤١ ومنها :استئجار المرضع عملا بالعرف).(١ ومنها :الاحتكام إلى العادة في معرفة سن الحيض والبلوغ وأقل الحيض وأكثره وكذلك النفاس الخ).(٢ ومنها :مقدار النفقة يحتكم فيها إلى العرف).(٣ ا!%ة ا'&» :اوف E%وط :(٤)«C معنى هذه القاعدة أن العرف قد يحل محل الشرط اللفظي في كثير من الأحكام فالعرف العملي إذا كان مشهور ا فإنه يقيد اللفظ. فروع القاعدة: وهذه القاعدة لها فروع كثيرة جدا. العلامة محمد بن إبراهيم من أن لركاب السفينة ١ـ من فروعها :ما ذكره يجد في السير ولا يتحول في السيرأن يشترطوا على صاحب السفينة أن إلى السواحل إلا أن يكون لأصحاب السفينة سنة معروفة مشهورة في ذلك لا يحتاج فيها الراكب إلى شرط).(٥ ومنها :لو دفع ثوب ا إلى خياط ليخيطه ولم يعين له أجرة ثم اختلفا في الأجر وعدمه وقد جرت العادة العمل بالأجرة فهل ينزل منزلة الشرط؟ فيه ) (١مجلة »الأحكام« مادة )، (٣٦ص ٤١دار الكتب العلمية. )» (٢الأشباه والنظائر« ص ، ٩٠ط دار الكتب العلمية، و»سبل السلام«. ١٥١/١ )» (٣مجموع الفتاوى«. ١١٣/٢٦ )» (٤بيان الشرع« ، ١٠٥/٦و»المصنف«. ٦٩/٢٥ )» (٥بيان الشرع«. ١٠٥/٦ مقاصد الشريعة بين المذهب الإباضي والمذاهب الإسلامية الأخرى/ج٢ ٤٢ اختلاف، قال أبو حنيفة :لا أجرة له، وقال أبو يوسف :إن كان الخياط حريف ا له الأجرة وإلا فلا، وقال محمد :إن كان الصانع معروف ا بهذه الصنعة فله الأجرة وإلا فلا).(١ ومنها :لو جرت عادة قوم في قطع الحصرم قبل النضج فهل تنزل عادتهم منزلة الشرط؟ وجهان :أصحهما لا، وقال القفال من الشافعية: نعم«).(٢ ومنها :أن المشتري يرد المعيب بوجود العيب فيه لأن العرف قائم على ذلك).(٣ ومنها :أن البائع لا يلزمه تسليم المبيع إلى منزل المشتري إلا لعرف جرى بذلك كما جرى في الحطب والحشيش، والأخشاب فإن العرف جار بأن يوصله البائع إلى بيت المشتري؛ لأن العرف الجاري في المعاملات كالمشروط في العقد).(٤ ا!%ة ا&» :الإذن ا Eلإذن ا:(٥)«G $ نص عليها السالمي في الفرع السادس في المواضعهذه القاعدة التي يجب فيها الاستئذان قال » : 5وكذلك حانوت التجار والمأتم وبيت العرس وإنما جاز ذلك للتعارف والرضا بالدخول في هذه المواضع«. )» (١الأشباه والنظائر« لابن نجيم ص ٨٤وما بعدها. )» (٢أشباه السيوطي«. ٩٦/١ )» (٣المغني«. ١١٣/٤ )» (٤التاج المذهب«. ٤٣٢/٣ )» (٥معارج الآمال«. ٤٨٩/١ الفصل العاشر :التعريف في قصد الشارع ٤٣ شرح القاعدة: لفظي ا مثل أنا فلان هل ومعنى القاعدة :أن الاستئذان في الأصل يكون أدخل؟ أو نحو ذلك لكن الناس تعرفوا على أحوال لا يحتاج الإنسان فيها إلى إذن لفظي بل جرى العرف بمباشرة الشيء بدون هذا النوع من الاستئذان اللفظي مثل دخول بيت يحترق أو عيادة طبيب أو حانوت تاجر أو نحو ذلك. أصل هذه القاعدة: وأصل هذه القاعدة قوله تعالىA @ ? > = < ; ﴿ : ] ﴾ E D C Bالنور.[٢٩ : ص من إيجاب الاستئذان هذه الدور واستثناهاوجه الدلالة :أن االله خ لكونها مأمونة من الاطلاع على عورات أهلها كالفنادق، والحوانيت، والخانات، وجرى العرف بدخولها من غير استئذان اعتماد ا على الإذن العرفي وكونها أعدت لذلك. تفريع العلماء عليها: هذه القاعدة لها فروع فقهية كثيرة في جميع المذاهب الفقهية. من فروعها :الدخول إلى بيت فيه عرس، أو حريق، لإطفائه من غير إذن. والبيت الذي فيه معصية، وبيت الحاكم، وذلك في النهار وليس في الليل لأنه لا عرف ولا عادة في الدخول إليه ليلا).(١ وقال ابن نجيم من الحنفية :فمما فرع على هذه القاعدة تناول الثمار الساقطة؛ لأن العرف جرى بالتقاطها من غير إذنلفظي. )» (١معارج الآمال«. ٤٨٩/١ مقاصد الشريعة بين المذهب الإباضي والمذاهب الإسلامية الأخرى/ج٢ ٤٤ ومنها :الأكل المقدم له ضيافة من غير إذن لفظي).(١ ومنها :الإمام يترك الإمامة في كل شهر أسبوع ا لزيارة أهله في الرساتيق أو لمصيبة أو للاستراحة بغير إذن لا بأس به ومثله عفو في الشرع وفي العرف؛ ولأن الإذن العرفي قائم مقام الإذن اللفظي).(٢ ومنها :ما ذكره القاضي عبد الوهاب المالكي في كتاب »المعونة«، قال: »وللعامل أن يسافر بالمال إن أطلق العقد إلا أن يشترط عليه ترك السفر«)،(٣ ووجه ذلك :أن العرف جرى بأن عامل القراض ونحوه يسافر من غير إذن لفظي اعتماد ا على الإذن العرفي. ومنها :ما ذكره السيوطي » : 5من تناول الثمار الساقطة إقامة للعرف مقام الإذن اللفظي«).(٤ ومنها :دخول دور القضاة والحمام والولاة، وعيادة الطبيب ونحوها اعتماد ا على الإذن العرفي).(٥ كنحوط يبأو ومن فروعها» :أن المستعير إذا استهلك العين المستعارة صابون أو شمع لا يضمن لأنه مأذون في ذلك عرف ا«).(٦ ا!%ة اا» :&,ا% J,دة :(٧)«  J,E هذه القاعدة نص عليها السالمي في معرض كلامه عن إخراج الزوج )» (١أشباه ابن نجيم«، ص. ٩٣ ) (٢المصدر نفسه، ص. ٩٤ )» (٣المعونة«. ١١٢٥/٢ )» (٤أشباه السيوطي«، ص. ٩٠ ) (٥المصدر نفسه ص ، ٩٠وانظر» :المغني« لابن قدامة. ١٣٠/٥ )» (٦التاج المذهب«. ١٦٢/٥ )» (٧معارج الآمال«. ٦٢٧/٤ الفصل العاشر :التعريف في قصد الشارع ٤٥ صدقة الفطر عن زوجته بغير أمرها قال » : 5وقال أبو حنيفة :لو أدى عن ولده الكبير وعن زوجته بغير أمرها جاز استحسان ا؛ لأنه مأذون فيه عادة الثابت عادة كالثابت نص ا«).(١ معنى القاعدة: أن كل ما ثبت عرف ا أو عادة من حقوق وغيرها فكأنه ثبت بالنص؛ لأن الثابت بالعرف كالتعيين بالنص. ولو لم يعتبر الثابت بالعرف كالثابت بالنص لوقع الناس في حرج ومشقة؛ لما في نزع الناس عما اعتادوه من المشقة التي قصد الشارع إلى إزالتها. أصل القاعدة: دليل هذه القاعدة هو دليل العرف وقد سبق الكلام فيه. فروع القاعدة: العلامة محمد بن بركة :لو اختلف الزوجان فيمن فروعها :ما ذكره متاع البيت يعطى كل واحد ما يناسبه عرف ا فتصدق المرأة فيما ادعته مما هو خاص بالمرأة كالطبلة والحلي، ويصدق الرجل بالسيف ونحوه من نص الشافعي، وهو مذهبالسلاح والفرس وما يصلح للرجل)، (٢وعليه الجمهور. )» (١معارج الآمال«. ٦٢٧/٤ ) (٢كتاب »الجامع« ، ٢٦٦/٢و»شرح التجريد«. ١٦٦/٦ مقاصد الشريعة بين المذهب الإباضي والمذاهب الإسلامية الأخرى/ج٢ ٤٦ ومنها :لو باع التاجر شيئ ا في السوق ولم يصرحا بحلول ولا أجل انصرف ذلك إلى الثابت عرف ا).(١ ومنها :ما قالوه في استئجار الكاتب بأن الحبر عليه والأقلام، والخياط بالعرف، وهكذا ترى أن الثابت في عوائدقالوا :الخيط والإبرة عليه عملا الناس وأعرافهم كالثابت في صريح كلامهم فكأن المستأجر قال للكاتب: للعرف).(٢ الكحال أستأجرك والحبر عليك، ومنها أن الكحل على العرف أن ومنها :إذا اشترى رجل شيئ ا ولم يشترط الحمولة وقد جرى العرف كالنص فيالحمولة على المشتري أو على البائع عمل به ويصير صلب العقد).(٣ ومنها :الشرب من خوابي السيل في الطرقات، ودخول الحمام بغير عقد العرف. وتناول الثمار الساقطة ويلحقمع الحمامي اعتماد ا على الثابت في بذلك التقاط السنبل الذي يتركه الحصادون لثبوته عرف ا).(٤ اف« أو »ا!'!&ا!%ة ا>".ـ& وا>دMـ&» :الأن " *$% &/ ا'& ( ادرة إ* ا:(٥)«3(N ذكر هذه القاعدة أئمة المذاهب الفقهية الستة :الإباضية، والحنفية، والمالكية، والشافعية، والحنابلة، والزيدية).(٦ ) (١كتاب »الجامع« ، ٣٧٠٢و»المصنف«. ١١٠/٢٥ )» (٢أشباه ابن نجيم« ص ، ٩٥و»أشباه السيوطي«، ص. ٩٠ ) (٣كتاب »المعونة«. ١١١٨/٢ ) (٤انظر» :أعلام الموقعين« لابن القيم. ٣٣٩/٣ ) (٥كتاب »الجامع« لابن بركة ، ١٦٩/٢و»بيان الشرع«. ١١٤/٢٦ )» (٦حاشية ابن عابدين« ، ٥٦٨/٥والدسوقي على الشرح الكبير« ، ٤٢١/٢و»أشباه السيوطي« ص، ٩٣ و»المنثور« للزركشي ، ٣٨٣/٢و»إعلام الموقعين« ٥٠/٣و ٥١و»شرح التجريد«. ٢/٥ الفصل العاشر :التعريف في قصد الشارع ٤٧ العرفية إذا تعارضت مع الحقيقة اللغويةتبين أن الحقيقة هذه القاعدة سيما في الأيمان.فإن الحقيقة العرفية هي المقدمة لتبادرها إلى الذهن ولا فهما قاعدتان متقاربتان :الأولى :خاصة في الأيمان، والثانية :عامة في الأيمان وغيرها. العرف أن الرجل إذا حلف على أمرومعنى قاعدة الأيمان محمولة على العرف. له مسمى لغوي وآخر عرفي، حملت يمينه على فلو قال :واالله لا أسكن بيت ا، فسكن بيت الشعر لا يحنث لأنه ليس بيت ا للعرف، وقيل: العرف، وعند الشافعي يحنث إن كان بدوي ا، تقديم ا في يحنث مطلق ا. ومنها :لو حلف لا يضرب فلان ا فضربه وهو ميت لم يحنث؛ لأن ضرب الأموات من بني آدم ليس بضرب وأن حكم البشرية قد زال عنهم بموتهم؛ لأن أيمان الناس على عرفهم وعادتهم؛ لأن ضربهم لإدخال المكروه عليهم وذلك لا يتأتى فيهم).(١ ولو قال :واالله لا أركب دابة، ولا آكل لحم ا، أو لا أجلس على وتد، فركب كافر ا وأكل سمك ا أو جلس على جبل لا يحنث، ولو سمى االله الكافر دابة والسمك لحم ا والجبل وتد ا ﴿ ] ﴾ : 9النبأ[٧ :؛ لأن اليمين تحمل العرف).(٢ على النية حملت علىالنية، فإن عدمت أما عند المالكية فتحمل اليمين على العرف).(٤ البساط وهو السبب الحامل على اليمين، فإن عدم البساط حملت على )(٣ ) (١انظر :كتاب »الجامع« ، ١٦٩/٢و»بيان الشرع«. ١١٤/٢٦ )» (٢حاشية ابن عابدين« ٥٦٨/٥دار الكتب العلمية. ) (٣البساط :هو سياق الكلام. )» (٤حاشية الدسوقي على الشرح الكبير«. ٤٢١/٢ مقاصد الشريعة بين المذهب الإباضي والمذاهب الإسلامية الأخرى/ج٢ ٤٨ النية فإن عدمت فالحال فإن عدمتقال ابن رشد» :تحمل اليمين على فعرف اللفظ«).(١ ومعنى القاعدة الثانية فهو أن الحقيقة العرفية إذا تزاحمت مع اللغوية قدمت العرفية لأنها هي المتبادرة من اللفظ حالة الإطلاق. قال السالمي في أثناء حديثه عن مقدار ما يخرج في صدقة الفطر من البر فمسلم؛ لأننا لاكل صنف قال» :أما قولكم بأن الطعام يطلق على غير نمنع إطلاقه على غيره إنما نقول :إنه حقيقة عرفية عندهم في البر، والحقيقة العرفية هي المتبادرة عند الإطلاق، فإن أريد غيرها ب ي ن بقرينة كما في »طعام الواحد يكفي الاثنين«).(٢ فروع القاعدة: من فروع هذه القاعدة: لو قال :واالله لا أدخل بيت ا فدخل مسجد ا لا يحنث؛ لأن الحقيقة العرفية هي المتبادرة إلى الذهن. ومنها :لو قال :أعطوه دابة أعطي فرس ا أو بغلا، أو حمار ا على المنصوص إلا الإبل والبقر إذ لا يطلق لفظ دابة عليهما عرف ا).(٣ ومنها :لو حلف لا يأكل البيض لم يحنث بأكل بيض السمك والجراد. )» (١بداية المجتهد«. ٣٠٤/١ )» (٢معارج الآمال«. ٦٥٥/٤ )» (٣أشباه السيوطي« ص. ٩٥، ٩٤ الفصل العاشر :التعريف في قصد الشارع ٤٩ ولو حلف لا يأكل رأس ا لم يحنث بأكل رؤوس العصافير، والحيتان لعدم إطلاق اسم الرؤوس عليها عرف ا).(١ العرف إذا لم يضطرب).(٢قال العز بن عبد السلام :قاعدة الأيمان البناء على اف :«O /Pا!%ة ا>E " E» :&,ن إRازا هذه القاعدة نص عليها خميس بن سعيد في معرض كلامه عن رهن الأصول. قال » : 5وكل ما كان إحراز ا فيها فهو قبض يثبت به الرهن«).(٣ ومعنى هذه القاعدة أن القبض يرجع فيه إلى العرف فقد يكون القبض بالتخلية، وقد يكون بتسلمه المفاتيح، وقد يكون بتسجيله في الدوائر العقارية واستلام المستندات. وقال أبو يونس» :لا يثبت القبض في المنقول إلا بالنقل«).(٤ وقال ابن قدامة :والقبض في الرهن كالقبض في البيع والهبة، فإن كان ض ه تناوله باليد، وإن كان أثمان ا أو شيئ ا خفيف ا فتناوله في اليدمنقولا فق ب أيض ا، وإن كان موزون ا أو قليلا فقبضه اكتياله أو اتزانه، وإن حيوان ا أو لباس ا فقبضه التخلية بين مرتهنه وبينه من غير حائل بأن يفتح له باب الدار أو يسلم له مفاتيحها).(٥ )» (١أشباه السيوطي» ص، ٩٥، ٩٤وانظر» :شرح التجريد«. ٦٨/٥ ) (٢المصدر السابق، الجزء والصفة. )» (٣منهاج الطالبين«. ٣٣٢/٧ )» (٤حاشية ابن عابدين«. ٧٣/١٠ )» (٥المغني« لابن قدامة ٣٦٨/٤مكتبة الرياض الحديثة. مقاصد الشريعة بين المذهب الإباضي والمذاهب الإسلامية الأخرى/ج٢ ٥٠ ا!%ة ا"» :&Sإذا ا; $اUوTن  "ع ا' Jأ;" PS" E N :(٢)«-, V'$ هذه القاعدة محل اتفاق عند فقهاء المذاهب الإسلامية :الإباضية والحنفية، والمالكية، والشافعية، والحنابلة، والزيدية).(١ نص عليها الإمام الشافعي، في اختلاف الزوجين أنه يعطى كلفقد واحد ما يليق به وما قضت به البينة، والبينة هي العرف وهذا ما قصد به محمد بن يوسف أطفيش لما قال :أخذ كل ما يليق به. معنى القاعدة: ومعنى هذه القاعدة أنه إذا اختلف الزوجان في بعض أمتعة البيت ولا بي ن ة من شهود أو قرائن احتكما إلى العرف فما قضت به العادة أنه من خواص النساء قضي به لهن وما قضت به العادة أنه للرجال قضي به لهم. فيقضى بنحو العقد، والأساور، والمكحلة، والجلابيب، والطبلة، والقلائد أخذته المرأة، وأخذ الرجل السلاح والكراع وجميع آلات الحرب؛ لأن دلالة العرف تشهد بذلك. قال العاصمي: ولم تكن ببيت فتقتفىوإن متاع البيت فيه اختلفا فيما به يليق كالسكينفالقول قول الزوج مع يمين فهو للزوجة إذا تليوفيما يليق بالنساء كالحلي مثل الرقيق خلفا واقتسماوإن يكن لاقبكل منهما )» (١شرح كتاب النيل«. ٢٨٧/١٣ الفصل العاشر :التعريف في قصد الشارع ٥١ مع اليمين وبقوله القضاءومالك بذاك للزوج قضا )(١ صاحبه من غير ما تفصيلوهو لمن يحلف من نكول وهذا ما ذهب إليه الحنفية)، (٢والمالكية)، (٣والشافعية)، (٤والحنابلة)،(٥ والزيدية).(٦ دليل القاعدة: ودليل هذه القاعدة هو قول االله تعالىI H G F E ﴿ : ] ﴾ K Jالأعراف.[١٩٩ : وجه الدلالة :أن االله تعالى أمر بالاحتكام إلى العرف فيما ليس له ضابط في اللغة أو في الشرع. ا!%ة ا» :&Mادة 0إذا اCدت«):(٧ هذه القاعدة تمثل شرط ا مه م ا من شروط العرف، والمراد باطراد العادة هنا أن يكون العمل بها مستمر ا في جميع الأوقات والحوادث بحيث لا يتخلف إلا بالنص على خلافه ومعنى ذلك :أن تكون العادة مستمرة لا تتخلف من بلد إلى آخر. )» (١شرح النيل«. ٢٨٨/١٣ )» (٢أشباه ابن نجيم« ص. ٩٥ )» (٣بلغة السالك« ، ٣٢٢/٢دار الكتب العلمية. )» (٤أشباه السيوطي« ص. ٩٠ )» (٥المغني« لابن قدامة. ٣٢٠/٩ )» (٦شرح التجريد«. ١٦٦/٦ ) (٧كتاب »الجامع« ، ١٤٤/٢و»أشباه السيوطي« ص ، ٩٣و»أشباه ابن نجيم« ص ٩٩ومجلة »الأحكام العدلية« مادة ).(٤١ مقاصد الشريعة بين المذهب الإباضي والمذاهب الإسلامية الأخرى/ج٢ ٥٢ وهناك شروط أخرى، منها: عام ا في جميع البلاد هذا معنى العموم، ومعنى الاطراد أنأن يكون يستمر العمل بها فلا ينقطع. أن يكون العرف سابق ا على التصرف لذلك قال العلماء :لا عبرة بالعرف الطارئ. وقد سبق تفصيل ذلك. العلامة محمد بن بركة» :فيمن تزوج امرأة على أنها حرة فإذا هيقال مملوكة، أو بكر فوجدها ثيب ا، فعند أبي حنيفة أن نكاحها جائز وقد مضى على أصله، وإن كانت عادة الناس أكثرها الرغبة في الأبكار، فإن كان هذا قصده فعندي أنه ليس بقوي؛ لأن عادة الناس في ذلك مختلفة؛ لأن فيهم من يرغب في بكر دون ثيب، وآخر يرغب في ثيب دون بكر، وآخر يرغب في سوداء دون بيضاء وبيضاء دون سوداء«).(١ وفيه رد على أبي حنيفة حيث استند إلى عادة مضطربة وليست مطردة. فروع القاعدة: هذه القاعدة لها فروع كثيرة وفي أبواب شتى من فروعها. ١ـ لو باع تاجر شيئ ا في السوق ولم يصرح بحلول أو تأجيل انصرف العرف المطرد في السوق.إلى ٢ـ ومنها :العطل الرسمية كأيام الأعياد وعاشوراء وشهر رمضان، فإن هذه العطل لا تسقط من الرواتب شيئ ا لاطراد العرف بذلك في جميع البلاد. ) (١كتاب »الجامع«. ١٤٤/٢ الفصل العاشر :التعريف في قصد الشارع ٥٣ وقد تك لم عليها الفقهاء فقالوا» :البطالة الواقعة في رمضان وعاشوراء وأيام الأعياد لا تسقط من المعلوم شيئ ا«)، (١ويقصدون بالمعلوم ما رتب لهم على هذه الوظائف من المال في أيام بطالتهم، ذكر ذلك ابن نجيم الحنفي، والسيوطي كلاهما عن تقي الدين بن الصلاح من الشافعية).(٢ ٣ـ ومنها :ثبوت الحيض في المرأة إذا استمرت العادة واطردت، فإذا لم تطرد سميت محيرة؛ لأنها حيرت الفقهاء في أمرها. ٤ـ ومنها :أن غالب الحيض ستة أيام أو سبعة؛ لأنه العادة المطردة والغالبة على أكثر النساء والعبرة للغالب. والفروع كثيرة جدا. ا!%ة اة» :لا  'Z0 8Sالأ8Rم ' Z,الأم«):(٣ هذه قاعدة جليلة)، (٤وقد اتفق عليها أئمة المذاهب الستة :الإباضية، والحنفية، والمالكية، والشافعية، والحنابلة، والزيدية. والأحكام التي تتغير بتغير الأيام هي التي يلزم بناؤها على العرف أو المصلحة أما الأحكام النصية أو الإجماعية فإنها أحكام ثابتة لا تتغير إلا بنص ناسخ ثابت عن صاحب الشرع. )» (١أشباه ابن نجيم« ص ٨١دار الكتب العلمية. )» (٢أشباه السيوطي« ص. ١٢٨ ) (٣كتاب »الجامع« لابن بركة. ٤٠٦/٢ ) (٤كلفت بها تلميذة فاضلة من بيروت لتقدمها أطروحة في مرحلة الدكتوراه فقامت بالواجب خير قيام وقدمت للمكتبة الإسلامية كتاب ا مفيد ا في هذه القاعدة هي الدكتورة الفاضلة النبيهة سهى بكداش. مقاصد الشريعة بين المذهب الإباضي والمذاهب الإسلامية الأخرى/ج٢ ٥٤ تغير الأحكام:أسباب وهناك أسباب متعددة لتغير الحكم أو الفتوى، من هذه الأسباب: تغير الحكم بتغير المقصد:١ـ والأصل في ذلك ما أورده الحافظ ابن حجر في الفتح من أن رجلا من الصحابة كان يصلي في قباء فكان كلما قرأ سورة أتبعها بسورة الإخلاص: ﴿ ! " ] ﴾ $ #الإخلاص، [١ :فرفعوا أمره إلى النبي ژ ، فقال له النبي ژ » :ما حملك على هذا؟« قال :إنها صفة الرحمن وأنا أحبها، فقال له النبي ژ » :حبك إياها أدخلك الجنة«).(١ قال ابن حجر :قال ابن المنير» :وفيه أن المقاصد تغير أحكام الفعل فإنه لما ذكر مقصده من حبه لها ظهر حسن مقصده فص وبه النبي ژ ولم يكن ذلك هجر ا لغيرها من السور«)، (٢وفروع هذا الأصل كثيرة. سيما التماثيل، والقصد من تحريمهامن ذلك تحريم اتخاذ الصور ولا أما لو اتخذها ألعاب ا كما قال ابن العربي :لما فيها من مضاهاة خلق االله، )(٣ للصغار فيسقط التحريم لامتهانها، ولذلك أباح الشارع د مى الأطفال لكونها لا تعظم ولا تصلح ذريعة لعبادتها، فالمقصد هنا غ ير الحكم من التحريم إلى الإباحة. ٢ـ تغيير الحكم باختلاف الأماكن: فرع على هذا الأصل الإمام السالمي اختلاف أهل العلم فيوقد ) (١رواه البخاري في كتاب »صفة الصلاة« باب الجمع بين السورتين في الركعة، حديث ).(٧٤١ )» (٢فتح الباري« ج.٢٥٨/٢ : )» (٣أحكام القرآن« لابن العربي ، ٢٩٢/٢دار الكتب العلمية. الفصل العاشر :التعريف في قصد الشارع ٥٥ حريم القبر فذكر أقوال أهل العلم، فقيل :إنه ثلاثة أذرع، وقيل :ذراعان، وقيل :ذراع، وقيل :مرجعه إلى نظر العدول حيث لا مضرة فيه على القبر. ثم قال :لكن اختلفت الأماكن فرأى بعضهم صلابتها محددة بالذراع، ورأى آخر توسطها فحددها بالذراعين، ورأى آخر سهولتها فحددها بثلاثة أذرع).(١ ومثل لذلك ابن القيم بترك النبي ژ إقامة الحدود في الغزو حتى لا ي ف ر المحدود إلى المشركين. ومن الأمثلة على هذا الأصل اختلاف أحكام دار الإسلام عن أحكام دار الحرب. ٣ـ تغيير الحكم باختلاف الزمان: ومن فروعه :منع النساء من إتيان المساجد لما فسد الزمن قالت السيدة عائشة أم المؤمنين » : #لو يعلم النبي ژ ما أحدثه النساء لمنعهن من إتيان المساجد«. جوزه لفساد ومن ذلك :إباحة أخذ الأجرة على تعليم القرآن عند من راء والفقهاء، والأحكام التي الزمان المتمثل في قطع الحكام لعطاءات الق تختلف بفساد الزمان كثيرة. وقد روي عن أسد بن الفرات أنه اتخذ على بابه كلب ا، فقيل له :إن مالك ا لا يبيح ذلك قال :لو عاش مالك إلى زماننا لاتخذ على باب بيته أسدا. )» (١معارج الآمال«. ٢٥٩/٤ مقاصد الشريعة بين المذهب الإباضي والمذاهب الإسلامية الأخرى/ج٢ ٥٦ ا!%ـة ادـ& %ـة» :الأ ـ ا' +أن ـف T " *$%ى اف  :(١)«- 0 معنى القاعدة: العرف في تحديدهومعنى هذه القاعدة أن المبيع يعرف على ما جرى وبيان عيوبه المتعارف عليها بين الناس كل شيء بحسبه تحديد ا يدفع عنه الغرر والجهالة، فالأرض يجرى تحديدها ببيان حدودها الأربعة وهل هي صالحة للسكن والبناء أو للزراعة وهل تقع على الطريق العام أو ليس لها طريق ونحو ذلك. أما الدور والبيوت والأجنة والبساتين والغيران والمواجل والآبار، والعيون إذا كانت في أرض غيره فلا يحتاج فيها إلى ذكر الحدود لأنها بد من ذكر الحدود).(٢محدودة في عينها فإن كانت في أرضه فلا بد أن يعرفها بأنها سمراء أو حمراءولو باعه كذا م د ا من حنطة فلا ونحو ذلك).(٣ وإن كان المبيع ماشية اشترط في تعريفها أن يبين جنسها ضأن ا أو ماعز ا وذكورتها وأنوثتها وسنها وجودتها واشترط الشافعي بلادها، ويشترط في الخيل أنها عربية أو غير عربية وذكورتها وأنوثتها، وفي الحمير بلادها مصرية أو شامية أو أعرابية لأنها تختلف جود ة ورداء ة وقوة وضعف ا. وفي الفاكهة جنسها وصفتها وقدر التفاحة والرمانة ويشترط في قصب السكر ) (١كتاب »الإيضاح«. ٢٥٢/١٤ ) (٢المصدر نفسه. ) (٣مجلة »الأحكام« المادة ).(٣٠١ الفصل العاشر :التعريف في قصد الشارع ٥٧ تعريفه على ما جرى العرف فيه فإن كان يباع حزم ا فعدد أعوادها وطول العود وغلظه وجودته ورداءته).(١ نصوا على أن المبيع يعرف علىوهكذا الحكم عند جميع المذاهب فقد ما جرى العرف في تعريفه فإن كان المبيع بيت ا عرف بعدد الغرف والموقع. وإن كان قماش ا عرف بالنوع والصناعة والدول المصنعة. وإن كان كلب ا عرف بالنوع والصفة من الصيد والحراسة ونحو ذلك. وإن كان بقرة عرفت بالنوع والحلب كم رطلا تحلب وهكذا«).(٢ ا!%ة ا'& %ة» :الإار  " *$%رف اSس :(٣)«#($, معنى القاعدة: أقر بشيء وله حقيقة واسم فيرجع في إقرارهومعنى هذه القاعدة أن من إلى الحقيقة العرفية المشهورة في بلاده هو دون غيرها. قال الشيخ خميس الرستاقي ـ من أئمة الإباضية ـ :وقيل :إن الإقرار على ما يتعارف الناس من معاني الأسماء في بلدهم، مثل الرجل يقر للرجل بدنانير أو دراهم أو مكاكيك فإنما له نقد البلد في الدنانير والدراهم والمثاقيل، ومكيال البلد بالقفيز والصاع).(٤ ) (١كتاب »الذخيرة« للقرافي. ٢٤٥/٥ ) (٢انظر فروع هذه القاعدة المصادر التالية :كتاب »الإيضاح« »، ٢٥٢/١٤البحر الرائق«، ٤٢/١٥ و»البدائع« ، ٢٨١/٥مجلة »الأحكام« المادة )، (٢٠١و»الذخيرة« ، ٢٤٣/٥و»الفتاوى الهندية« للشيخ نظام ٢٦٩/٢دار الفكر، و»الحاوي« للماوردي ، ٩٤٩/٧و»الروض المربع«، ١٤٧/٨ ط. ١ )» (٣المصنف«. ١١/٢٧ )» (٤منهاج الطالبين«. ٧٩/١٧ مقاصد الشريعة بين المذهب الإباضي والمذاهب الإسلامية الأخرى/ج٢ ٥٨ وقال ابن عابدين ـ من الحنفية ـ :لو قال :أليس لي عليك ألف؟، فقال: بلى، فهو إقرار له بها وإن قال :نعم لا يكون إقرارا، وقيل :نعم، لأن الإقرار يحمل على العرف لا على دقائق العربية).(١ أما نعم فهو تأكيد للنفي الحاصل بقول:مراده أن جواب أليس )بلى(، أليس، ولذلك لما قال االله تعالى] ﴾ GF E DC B ﴿ :الأعراف، [١٧٢ :ولو يميزون بين »بلى« وبين »نعم«، والعلماءقالوا :نعم لكفروا، لكن العوام لا العرف).(٢ يلاحظون ذلك لذلك كانت مسائل الأيمان والإقرار على العرف«).(٣وقال الدردير من المالكية» :أصول المذهب بناء الإقرار على أقر بدرهم كبير لزمه درهم أهل البلدوقال ابن قدامة الحنبلي» :وإن العرف«).(٤وهو درهم الإسلام لأنه كبير في نصالعرف في الإقرار، أما الشافعية فقد ظهر من كلامهم أنهم يطرحون على ذلك الماوردي منهم في »الحاوي«).(٥ ا!%ة ا& %ة» :ا #8لأ^ ]$واSدر لا :(٦)«- #8R المراد بالأغلب الأمر الشائع وهو ما قابل النادر، مثاله :أن الحكم بموت المفقود بمرور تسعين سنة من عمره مستند على الشائع الغالب بين )» (١الدر المختار«. ٥٩٥/٥ )» (٢قرة عيون الأخيار لتكملة الدر المختار«. ٢٣٧/٨ )» (٣الشرح الكبير وحاشية الدسوقي«. ٤٠٦/٣ )» (٤الكافي«. ٣٠٧/٤ )» (٥الحاوي الكبير«. ١٦/٧ )» (٦بيان الشرع« ، ٧٨/٢٨و»الجامع المفيد« ، ٣٢/٤وكتاب »الإيضاح« ٣٠٦/١و ٣٢٧و٣٤٤ و.٣٤٧ الفصل العاشر :التعريف في قصد الشارع ٥٩ الناس من أن الإنسان لا يعيش أكثر من تسعين سنة على أن البعض قد يعيش أكثر من ذلك إلا أنه نادر، والنادر لا حكم له بل يحكم بموته على العرف الشائع، وتقسيم ماله بين ورثته، وكذلك يحكم الشارع ببلوغ من له خمس عشرة سنة لأنه هو السن الشائع للبلوغ وإن كان البعض لا يبلغ إلا في السابعة عشرة أو الثامنة عشرة إلا أنه نادر لا ينظر إليه، وكذلك الحكم بسبع سنين لمدة حضانة الصبي وتسع لحضانة البنت مبني على الشائع المتعارف من أن الصبي يستغني عن معين له في لباسه، وأكله، واستنجائه في مثل هذه السن. والبنت إذا بلغت تسع سنين تصبح مشتهاة في الغالب واختلاف النمو في البعض زيادة، ونقص ا بتأثر التربية والأقاليم لا عبرة له بل العبرة للأغلب وهو سبع سنين للصبي وتسع للبنت).(١ وفي »تحفة الفقهاء« :إذا اختلط لبن امرأتين؛ فروي عن أبي يوسف وأبي حنيفة أن الحكم للأغلب فيثبت به التحريم دون الآخر، وقال محمد وزفر :يثبت التحريم بهما احتياط ا وكذلك إذا اختلط لبن شاة بلبن آدمية اعتبرت الغلبة).(٢ وفي »المجموع« للنووي :إذا شيب اللبن بغيره فحكمه حكم المحض الخالص.. وعن المزني أن الحكم للأغلب).(٣ وذكر القرافي أن الدينار إذا كان مغشوش ا يسير ا جد ا كالدانق في العشرة فلا حكم له).(٤ ) (١مجلة »الأحكام« ٤٥/١المادة ).(٤٢ )» (٢تحفة الفقهاء«. ١٣/٢ )» (٣المجموع«. ٢٢٢/١٨ )» (٤الذخيرة«. ٢٣١/١ مقاصد الشريعة بين المذهب الإباضي والمذاهب الإسلامية الأخرى/ج٢ ٦٠ وقال ابن قدامة :الثوب إذا نسج من حرير وغيره؛ إذا قل الحرير عن النصف فليس به بأس وإن زاد عن النصف حرم لأن الحكم للأغلب).(١ وفي »البحر الزخار«» :إذا أطلق النقد انصرف إلى نقد البلد«)، (٢وذلك لأنه الأغلب. هذا شرح مختصر للقواعد الفقهية التي تمثل نظرية العرف والعادة عند الإباضية، ومن أحب التوسع في شرحها فعليه بكتابي »القواعد الفقهية الإباضية«، ففيه استغناء إن شاء االله تعالى ودراسة مقارنة وافية).(٣ العرف والعادة بمقاصد الشريعةالمطلب الثامن :علاقة هذه الشريعة موضوعة على اعتبار العوائد السارية من عهد رسول االله ژ التي أسلم عليها الناس وأقرها النبي ژ ؛ لأن في نزع الناس عما ألفوه وتعارفوه حرج ا كبير ا فقد أقر النبي كثير ا من العوائد في المعاملات الجارية وألغى الكثير من العوائد التي تصطدم بقيم الدين ومصالح العباد ولا تليق بالكرامة الإنسانية مثل زواج المحارم، وزواج زوجة الأب، وزواج الإبضاع بأن ترسل المرأة إلى رجل عظيم فيدخل بها حتى تحمل منه. كما ألغى الربا، والثأر، والأحلاف القائمة على الأعراف الجاهلية والأوضاع الجاهلية. وكانت قريش ومن حولها من الأعراب يطوفون حول البيت على العري، مكاء وتصدية؛ أي :تصفيق ا وتصفيرا، وكان فريق من قريشوكانت صلاتهم )» (١الكافي«. ٢٣١/١ )» (٢البحر الزخار«. ٣١٤/٧ ) (٣انظر :كتاب »القواعد الفقهية الإباضية دراسة مقارنة بالمذاهب الإسلامية« ٢٢٩/١إلى ص. ٢٩١ الفصل العاشر :التعريف في قصد الشارع ٦١ الحمس، فأبطل الإسلاملا يفيضون من حيث أفاض الناس، ويقولون :نحن هذه الأعراف الفاسدة. وأقر الأعراف الصحيحة مثل ضرب الدية على العاقلة. وأقر الأحلاف القائمة على العدل ونصرة المظلوم كحلف الفضول وحلف التناصر الذي عقده النبي ژ مع قبيلة خزاعة مقابل حلف قريش مع أقر كثير ا من البيوع والعقود والمعاملات.قبيلة بكر. كما العرف: ومن أهم ما يتصل بمقاصد الشريعة في مسألة نص أو ضابط العرف حكم ا فيما ليس فيه ١ـ أن الشريعة اعتبرت العرف، والمسائل التي بنيت شرعي أو لغوي، مثل النفقة حيث ردها إلى العرف كثيرة جدا، وقد مضى ذكر كثير منها.على العرف في الفتاوى، والأحكام. ٢ـ اعتبار فقد ألزمت الشريعة المفتي بأن يسأل من يستفتيه عن عرف بلده ويفتيه نص أهل العلم على ذلك نصوص ا توزن بمثاقيل الذهب.عليه، وقد العلامة القرافي » : 5فمهما تجدد في العرف فاقبله، ومهما سقطيقول أسقطه، ولا تجمد على السطور في الكتب طول عمرك، بل إذا جاءك رجل من غير أهل إقليمك يستفتيك لا تجره على عرف بلدك، واسأله عن عرف بلده وأجزه عليه وأفته به دون عرف بلدك والمقرر في كتبك، فهذا هو الحق الواضح، والجمود على المنقولات أبد ا ضلال في الدين وجهل بمقاصد علماء المسلمين والسلف الماضين«).(١ )» (١الفروق« للقرافي ، ١٧٧/١عالم الكتب. مقاصد الشريعة بين المذهب الإباضي والمذاهب الإسلامية الأخرى/ج٢ ٦٢ العلامة ابن القيم » : 5ومن أفتى الناس بمجرد المنقول فيوقال الكتب على اختلاف عرفهم وعوائدهم وأزمنتهم وأمكنتهم، وأحوالهم وقرائن أحوالهم فقد ضل وأضل وكانت جنايته على الدين أعظم من جناية من طبب الناس على اختلاف بلادهم وعوائدهم، وأزمنتهم، وطبائعهم بما في كتاب من كتب الطب على أبدانهم، بل هذا الطبيب الجاهل وهذا أضر ما على أديان الناس وأبدانهم واالله المستعان«)، (١وهذاالمفتي الجاهل جد ا يلقي الضوء على أهمية اعتبار العرف في فهمجد ا ومهم الكلام نفيس مقاصد الشريعة. وذكر كل من القرافي وابن القيم فروع ا على هذا الأصل، من ذلك: تغيرت العادة في النقد والسكة إلى سكة أخرى لحمل الثمن منلو المبيع عند الإطلاق على السكة، والنقد المتجدد دون ما قبله. تغيرت العادةومنها :إذا كان الشيء عيب ا في العادة رد به المبيع، فإن بحيث لم يعد عيب ا لم يرد به المبيع. العرف المتجدد يمين اعد في ومنها :الحلف بصيام شهرين متتابعين لم ي فلا تكاد تجد أحد ا يحلف بذلك فلا تسوغ الفتوى بإلزامه).(٢ ويمكن أن يلحق بذلك الفتوى بجواز أخذ الأجرة على الق ربلما فسد الزمن وتغير العرف وصار أخذ الأجرة على الإمامة والخطابة والقضاء نظير ما يحبس الإمام نفسه في وقت وزمن محددين. بحرمة أخذ الأجرة علىبينما أفتى المتقدمون، ومنهم فقهاء الإباضية القرب والطاعات الواجبة على المسلم، وهذا من اختلاف الزمان وتبدل )» (١إعلام الموقعين« ٦٥/٣ت محمد عبد السلام إبراهيم، دار الكتب العلمية. ) (٢نفس المصدر، وانظر» :الفروق« ، ١٧٧/١عالم الكتب. الفصل العاشر :التعريف في قصد الشارع ٦٣ الأيام وتغيير الأعراف. وقد سبق الكلام على قاعدة »لا ينكر تبدل الأحكام بتغير الأيام«. ومن ذلك :النفقة، وكذلك صدقة الفطر كانت تخرج من الحنطة والشعير والسلت ونحوها؛ لأن ذلك كان قوت أهل البلد في عرفهم، أ ما الآن فقد تغير الحال أما الشعير فلا يؤكل البتة بل يطعم للدواب، وأما القمح ونحوه فلا يقصده الناس، فصار الناس يخرجون القيمة من النقد لما في ذلك من اليسر والمصلحة، وكان ذلك بمراعاة أعراف الناس وعوائدهم. ولو ذهبت أذكر الفروع التي تبدلت أحكامها بتبدل أيامها لطال بنا المقام، واتسع البحث. مقاصد الشريعة بين المذهب الإباضي والمذاهب الإسلامية الأخرى/ج٢ ٦٤ ا ا"3    ارع و +aا& لإPم وتحته المطالب الآتية: ١ـ الشريعة المباركة عربية لا مدخل فيها للألسن الأعجمية. ٢ـ الشريعة وضعت على مقتضى أساليب العرب. ٣ـ تنزيه الشريعة عن وجود ما يخل بالفهم وما لا يعقل معناه. ٤ـ تفسير القرآن يجب أن يكون على وفق ما هو معهود في اللغة. ٥ـ ترجمة القرآن. ٦ـ الخلاف وأنواعه في فهم القرآن. المطلب الأول :الشريعة المباركة عربية من مقاصد هذه الشريعة أن االله وضعها على نمط أساليب العرب الفصيحة فأنزل القرآن بلسان عربي مبين فمن أراد فهمه فعلى مقتضى لسانهم يفهم. كما بعث نبيه محمد ا بلسانعربي فصيح فقد قال ژ » :وأوتيت جوامع الكلم«).(١ وقد أفرد الإمام الشاطبي 5هذا الموضوع في »الموافقات« في النوع الثاني في بيان قصد الشارع في وضع الشريعة للإفهام؛ وذكر تحت هذا النوع مسائل. »وبعثت بجوامع الكلم« باب المفاتيح في) (١الحديث رواه البخاري في »صحيحه« بلفظ اليد، رقم الحديث. ٧٠١٣/ الفصل العاشر :التعريف في قصد الشارع ٦٥ من هذه المسائل :أن الشريعة المباركة عربية لا مدخل فيها للألسنة الأعجمية وأن القرآن ليس فيه كلمة أعجمية. واستدل على ذلك بأمور: منها :قوله تعالى] ﴾ | { z y ﴿ :يوسف، [٢ :وقالt s ﴿ : ] ﴾ uالشعراء، [١٩٥ :وقال. - , + * ) ﴿ : ] ﴾ 1 0 /النحل، [١٠٣ :وقال« a ©̈ § ¦ ﴿ : ¬ ® ̄ ] ﴾ ± °فصلت، [٤٤ :وغير ذلك مما يدل على أنه نزل بلسان العرب لا بلسان العجم. وذكر أن ما جاء فيه من لغات أو ألفاظ أعجمية فإن هذه الألفاظ ل ما تكلمت بها العرب وفهمت مرادها صار ذلك من كلامها)، (١وقال آخرون :إن وضع الفرس وافق وضع العرب ومع ذلك فإن هذا الخلاف الذي يذكره الأصوليون من اشتمال القرآن على ألفاظ أعجمية لا ينبني عليه حكم شرعي ولا يستفاد منه مسألة فقهية).(٢ وإنما ينبني على ذلك أن يعلم الفقيه أو المجتهد، والمفسر والناظر في كلام االله أن القرآن نزل على أساليب العرب في الكلام ومعهود كلامها في ألفاظها الخاصة، وأساليب معانيها. المطلب الثاني :في وضع الشريعة على أساليب العرب في الكلام هذه المسألة متفرعة عن المسألة الأولى، ووجه تفرعها أن يقال :إذا كانت هذه الشريعة عربية ولا مدخل فيها للألسن العجمية تفرع عن ذلك أن )» (١الموافقات«. ٥٠/٢ )» (٢الموافقات«. ٥٠/٢ مقاصد الشريعة بين المذهب الإباضي والمذاهب الإسلامية الأخرى/ج٢ ٦٦ تكون هذه الشريعة موضوعة على أساليب العرب في كلامهم، وأن يكون القرآن حكم ا في فهم اللغة، وأن يكون الرسول من أفصح العرب، وهذا ما سنبينه للقارئ العزيز إن شاء االله. العلامة محمد بنولم ينفرد الشاطبي في هذه المقولات بل تعرض لها بركة وهو من أئمة الإباضية من علماء القرن الرابع الهجري، فقد تعرض هذا الإمام لهذه المسألة في كتاب »الجامع« وسوف أورد طرف ا من كلام الإمامين الجليلين. بالعلامة ابن بركة. قال 5وهو يقرر هذه القاعدة المقاصديةأبدأ العظيمة قال » : 5ثم إن االله تبارك وتعالى إنما جعل الخطاب للفائدة والإفهام، والحكيم لا يخاطب بما لا فائدة فيه، ولا يأمر بما لا يفهم عنه«).(١ ويقول أيض ا :فالخطاب إذا ورد فللعموم صيغة كما أن للخصوص صيغة وللأمر صيغة وللنهي صيغة ولكل وجه من وجوه الخطاب صيغة يعرف بها حكمه ويد ل المخاطب به على معناه، ولن يجهل ذلك أو شيئ ا منه أحد من أهل اللسان والمعرفة من أهل اللغة والبيان. غير أن العرب لسعة لغتها وكثرة معاني كلامها تعبر عن الخصوص بالعموم وعن العموم بلفظ الخصوص، وعن الحقيقة بلفظ المجاز وعن المجاز بلفظ الحقيقة وهذا معروف بينهم ومنسوب عندهم وعليه أدلة موضوعة به من مقدمة الكلام وصلته... وعلى هذا النحو جرت المخاطبة من االله تعالى في محكم كتابه خاطبهم باللسان العربي المبين. فعلى هذا يجب أن يعتبر الخطاب من االله ج ل ذكره أو من رسوله ژ فما ورد بلفظ العموم أجري على عمومه ما لم يخصه دليل الخصوص، وما جاء على ) (١كتاب »الجامع«. ٧١/٢ الفصل العاشر :التعريف في قصد الشارع ٦٧ الخصوص أوقف على خصوصه ما لم يطلقه دليل العموم، وفي هذا المقدار كفاية لمن أراد االله إرشاده).(١ وقال أيض ا، وهو يقرر هذه القاعدة العظيمة :فالخطاب إنما يرد من االله 8بلغة من يخاطبهم لأنه مريد لإفهامهم بقوله تعالىh g f ﴿ : ] ﴾ n m l k j iالرعد [٤ :فالقرآن إنما نزل بلغة القوم الذين بعث فيهم رسول االله ژ ، وهو مشتمل على ضروب من الخطاب المفسر الذي يستغني بلفظه عن بيان غيره، ومنه المجمل الذي لافمنه يستغني عن معرفة بيانه، ومنه المحكم الذي يعرفه السامع، ومنه المتشابه الذي يفكر في تأويله العالم، ومنه ما يحتمل الوجوه التي لا يجوز القطع على شيء منها إلا بدليل ي عل م ما المراد منها، ومنه الإيجاب والإلزام، ومنه الترغيب والإرشاد، ومنه الفرض والندب، ومنه الإباحة والحظر ومنه الكناية والصريح ومنه الحقيقة والمجاز، ومنه الخصوص والعموم ومنه التعريض والإفصاح، ومنه الإطالة والإيجاز، ومنه التكرير والحذف، ومنه الإشارة والتلويح، ومنه التأكيد والترديد، وكل ذلك معروف في لغة العرب. وعلى حسب اختلاف هذه الضروب تختلف معاني أحكامها... فمن عرف ذلك وضع الخطاب موضعه ولم يعدل به إلى غير جهته، ومن قصر علمه عن شيء من ذلك التبس عليه ما قصر علمه عنه... فالواجب أن يعتبر كل خطاب بحسب المعروف في اللسان؛ لأن منه ما يفترق ولا يتفق، ومنه ما يتفق ولا يفترق، ومنه ما يتفق لفظه ويختلف معناه، وكل ذلك معروف عند أهل اللسان، وقد جعلوا للشيء الواحد أسماء كثيرة كالأسد والسيف والفرس وغير ذلك مما يطول ذكره ويكثر وصفه، وقد سموا الاسم الواحد أشياء كثيرة، وسموا بالاسم الواحد الشيء وخلافه كالأقراء ) (١كتاب »الجامع«. ٧٢/٢ مقاصد الشريعة بين المذهب الإباضي والمذاهب الإسلامية الأخرى/ج٢ ٦٨ ونحوها، وكنوا عن الشيء باسم غيره، وأشاروا إلى الشيء باسم غيره.. إلخ ما قال. هذا نص فريد يكشف عن حقيقة أولية عن نزول القرآن على معهود لسان العرب، وعلى هذا الأساس يجب أن يفهم. وإذا انتقلنا إلى أبي إسحاق الشاطبي 5وجدناه يقرر هذه القاعدة فيقول :فإن قلنا :إن القرآن نزل بلسان العرب وأنه عربي لا عجمة فيه، فبمعنى أنه أنزل على لسان معهود العرب في ألفاظها الخاصة وأساليب معانيها وأنها فيما فطرت عليه من لسانها تخاطب بالعام يراد به ظاهره، وبالعام يراد به العام في وجه والخاص في وجه، وبالعام يراد به الخاص، والظاهر يراد به غير الظاهر، وكل ذلك يعرف بأول الكلام، أو وسطه أو آخره، وتتكلم بالكلام ينبئ أوله عن آخره وآخره عن أوله، وتتكلم بالشيء يعرف بالمعنى، كما يعرف بالإشارة، وتسمي الشيء الواحد بأسماء كثيرة، والأشياء الكثيرة باسم واحد، وكل هذا معروف عندها لا ترتاب في شيء منه... فإذا كان كذلك فالقرآن في أساليبه على هذا الترتيب فكما أن لسان بعض الأعاجم لا يمكن أن يفهم من جهة لسان العرب كذلك لا يمكن أن يفهم لسان العرب من جهة فهم أساليب العجم لاختلاف الأوضاع والأساليب، قال :والذي نبه على هذا المأخذ في المسألة هو الإمام الشافعي في رسالته الموضوعة في »أصول الفقه«).(١ هذا كلام مهم في فهم القرآن الكريم وتفسيره؛ لذلك فإن الشاطبي نبه على والسنة عرب يين لم يكن ليخوض فيهما إلاذلك بقوله :ولذلك لما كان الكتاب عربي، أما أعجمي الطبع فلا يمكن أن ينظر فيهما إذ لا يصح له نظر).(٢ )» (١الموافقات« ، ٥٠/٢دار الكتب العلمية. )» (٢الموافقات« ، ٢١٣/٣دار ابن عفان ط أولى. الفصل العاشر :التعريف في قصد الشارع ٦٩ وهذا يقودنا إلى مسألتين: المسألة الأولى :أن كل ما في القرآن جارعلى وفق عقول العرب ولم يخرج عن متعقلاتهم. المسألة الثانية :أن تفسير القرآن وفهمه يجب أن يكون على وفق معهود اللغة، وكل ما خرج عن معهود اللغة فهو تأويل وتفسير مردود. ولنعقد لكل مسألة مطلب ا. المطلب الثالث :هل يوجد في القرآن ما يخرج عن مقتضيات العقول؟ عقد الإمام الشاطبي 5مسألة خاصة بهذا الغرض قال فيها :الأدلة الشرعية لا تنافي قضايا العقول. واستدل على ذلك بأدلة منها: ١ـ إنها لو نافتها لم تكن أدلة للعباد على حكم شرعي ولا غيره، لكنها أدلة باتفاق العلماء فدل على أنها جارية على قضايا العقول. ٢ـ أنها لو نافتها لكان التكليف بمقتضاها تكليف ا بما لا يطاق من جهة التكليف بتصديق ما لا يصدقه العقل. ٣ـ إن مورد التكليف العقل حتى إذا ف ق د ارتفع التكليف وصار الإنسان كالحيوان المهمل وهذا واضح في اعتبار تصديق العقل بالأدلة في لزوم التكليف، فلو جاءت على خلاف ما يقتضيه العقل لكان التكليف على المعتوه والصبي أسهل من التكليف على العاقل، ولما كان التكليف ساقط ا مناف لوضع الشريعة.عن هؤلاء لزم أن يكون ساقط ا عن العقلاء أيض ا وهذا مقاصد الشريعة بين المذهب الإباضي والمذاهب الإسلامية الأخرى/ج٢ ٧٠ ٤ـ لو كان الأمر كذلك لكان الكفار أول من طعن على الشريعة؛ لأنهم كانوا في أشد الحرص على رد ما جاء به رسول االله ژ حتى رموه بالشعر والكهانة وأن القرآن أساطير الأولين ولم يقولوا إنه خارج عن عقول البشر فدل على أنهم عقلوها، وأنها جارية على مقتضى العقول.بوجه من الوجوه ٥ـ دل الاستقراء على أنها جارية على مقتضى العقول الراجحة وتنقاد لها طائعة غير كارهة. وزعم المخالف أنها خارجة عن عقول البشر، واستدل بشبه منها: ١ـ إن فيها ما لا يعقل معناه كفواتح السور، وفيها ما يعلمه الجمهور وما يعلمه العلماء، وفيها ما لا يعلمه إلا االله، فأين جريان هذا القسم على مقتضى العقول؟! ٢ـ إن في الشريعة متشابهات لا يعلمها إلا االله، فأين جريانها على العقول؟ والعلامة محمد بن بركة على هذه الشبه كلها.وأجاب الشاطبي أما مسألة الحروف المقطعة فللناس فيها مقال، وهذا مبني على أنها جارية على مقتضى العقول. وبيان ذلك: أن بعض أهل العلم قال :إنها أسماء السور وافتتاح لها. وقال قوم :إنها أسماء للسور وابتداء لمن يقرؤها. وقال قوم :ليس كذلك لأن القرآن ليس فيه شيء لا معنى له. وهذه أسماء المعاني. وقال بعضهم :إنها حروف إذا وصلت كانت هجاء لشيء يعرف معناه. وروي عن عكرمة أنه قال] ﴾ ! ﴿ :البقرة [١ :قسم. قال ابن بركة» :إن لهذه الحروف معاني تبدأ بها السور ويعلم بها انقضاء ما قبلها وأن القارئ قد أخذ في أخرى وهذا معروف في كلام العرب، وإن الفصل العاشر :التعريف في قصد الشارع ٧١ الرجل ينشد فيقول :بل وبله ويقول :بل ما هاج أحزان ا وشجو ا قد شجا، وقوله :بل، ليس من الشعر ولكن أراد أن يعلم أنه قد انقطع كلامه وأخذ في غيره وأنه مبتدئ للذي أخذ فيه)، (١وقال غير ذلك وهذا مبني على أنها جارية على مقتضى العقول).(٢ أما المتشابهات فليست مما تعارض مقتضيات العقول وإن توهم بعض فبناء على اتباع هواه كما نصتالناس فيها ذلك، لأن من توهم فيها ذلك عليه الآية ~ } | { z y x w v u ﴿ :ے ¡ بناء على أمر صحيح فإذا كان كذلك فالتأويل] ﴾ ¢آل عمران، [٧ :لا أنه فيه راجع إلى معقول موافق لا مخالف وإن فرض أنها لا يعلمها أحد إلا االله فالعقول عنها مصدودة لأمر خارجي لا لمخالفته).(٣ المطلب الرابع :تفسير القرآن يجب أن يكون على وفق ما هو معهود في لغة العرب أنزل االله تعالى القرآن ليكون هادي ا ومرشد ا ومبين ا، وقد أنزله االله تعالى بلسان عربي مبين، يفهمه العلماء الراسخون في العلم كما يفهمه جمهور الناس الذين خوطبوا به على سنن اللسان العربي المبين، وقد تلقى الصحابة الكرام هذا القرآن بالشرح والبيان والتفسير والتأويل وخاصه، ومطلقه ومقيده،فعرفوا أسباب نزوله ووجوه خطابه فعرفوا عا مه وناسخه ومنسوخه والعام الذي أريد به الخصوص، وعرفوا ما نزل منه بمكة وما نزل منه بالمدينة وما نزل منه ليلا، وما نزل منه نهار ا وما نزل شتاء وما نزل منه بمكة وحكمه في أهل المدينة،منه صيف ا، وما نزل منه ) (١كتاب »الموافقات«.٢١٢/٣ : ) (٢كتاب »الجامع« ٨٥/١وما بعدها. )» (٣الموافقات« ٢٢/٣دار الكتب العلمية. مقاصد الشريعة بين المذهب الإباضي والمذاهب الإسلامية الأخرى/ج٢ ٧٢ المدنية في وما نزل بالمدينة وحكمه في أهل مكة، كما عرفوا الآيات المدنية، وفسروه كأنما نزلالمكية في السورالمكية والآيات السور عليهم. ثم بعد العصور الثلاثة المباركة ظهرت في الأمة ظاهرة عجيبة ونبتت فيها نابتة غريبة فسرت القرآن تفسير ا يوافق أهواءها ويشد سدى عقائدها ويروج لأفكارها فظهر ما يسمى بالتفسير الإشاري، والتفسير الصوفي، والتفسير الباطني وهو أخطرها، لأنه ألغى وضع اللغة وصار الباطن محل وربما زينوا بدعتهم بما روي في الحديث من أن القرآن له حدالظاهر، وفصل، وظاهر، وباطن. وبعضهم فسره طرد ا وعكس ا يقصد أن ما نزل في شأن الرسول ژ وأصحابه يمكن أن يراد به ناس معاصرون كما قرأت رسالة صغيرة عنوانها) :الخميني في القرآن( من تأليف الملحق الثقافي الإيراني في دمشق حيث نزل آيات في النبي على الخميني مثل قوله تعالى| ﴿ : } ﴾ ]المدثر[١ :؛ أي :المختبئ في العراق وهو الخميني ﴿، ے ¡ ﴾ ]المدثر[٢ :؛ أي :بالثورة. وبعضها أنزلها على الشاه كقوله تعالى¶ μ́ ﴿ : ̧ ﴾ قال :هو نبأ هبوط طائرة الخميني في طهران1⁄4 » o ﴿، 1⁄2 ❁ ¿ ] ﴾  Á Àالمدثر ٩ :ـ [١٠؛ أي :على الشاه وأعوانه، والرسالة كلها كذلك. وهكذا تلاعبت الأهواء في تفسير كتاب االله. ولما كانت هذه الشريعة وضعت للإفهام، وكانت اللغة العربية واللسان العربي هو أداة الإفهام والتعبير لم تقبل من تفسير كتاب االله إلا ما كان جاري ا على أسلوب أي تفسير آخر يؤدي إلى إهمال الوضع وإلغاءالعرب في الخطاب؛ لأن اللغة وإلى تكذيب الرب ج ل في علاه الذي يقول{ z y ﴿ : الفصل العاشر :التعريف في قصد الشارع ٧٣ | } ~ ﴾ ]يوسف، [٢ :ويقول﴾ 1 0 / ﴿ : ]النحل.[١٠٣ : فكل تفسير للقرآن يخرج عن س نن اللغة ولسانها المبين ونمط خطابهم وأسلوب تعبيرهم وبيانهم وفصاحتهم فهو تفسير مردود؛ لأنه يؤدي إلى والحيرة في كتاب االله.اللبس فهو مناقض لمقاصد الشريعة لذلك كانوا يحافظون على دواوين الشعر لأنها مادة اللغة، قال عمر بن الخطاب» :تمسكوا بدواوين شعركم في جاهليتكم فإن فيه تفسير كتابكم«).(١ أمثلة يتضح بها المقصود: ق ل ه في الآخرة على تفسير القرآن تفسير ا تمجهلقد تجرأم ن لا خ لا العقول وتأباه القلوب الوجلة من االله تعالى. فقد ادعى الزنديق بيان بن سمعان أن اسمه ورد في القرآن حيث زعم أنه هو المراد بقوله] ﴾ v u t ﴿ :آل عمران.[١٣٨ : ع لق الشاطبي عليه بقوله» :ولو جرى له على اللسان العربي لعده فأي معنى لقوله تعالى: الحمقى من جملتهم فإن كان بيان في الآية إسم علم ﴿ ] ﴾ u tآل عمران [١٣٨ :كما يقال :هذا زيد للناس. ومثله في الفحش من تسمى بالكسف ثم زعم أنه المراد بقوله تعالى: فأي معنى يكون للآية على زعمه﴿̈ © ] ﴾ ® ¬ « aالطور [٤٤ : الفاسد كما تقول :وإن يروا رجلا من السماء ساقط ا يقولوا :سحاب مرقوم علو ا كبيرا. تعالى االله عن ذلك ) (١الحديث :لم أعثر عليه، وقال المناوي في »الفتح السماوي« ٧٥٥/٢رقم ٦٤٢/لم أقف عليه. مقاصد الشريعة بين المذهب الإباضي والمذاهب الإسلامية الأخرى/ج٢ ٧٤ ومن أرباب الكلام من ادعى جواز نكاح تسع نسوة مستدلا على ذلك بقوله تعالى﴾ b a ` _ ^ ] \ [ Z ﴿ : ]النساء.[٣ : ومنهم :من يرى شحم الخنزير حلالا لأن االله قال# " ! ﴿ : ] ﴾ & % $المائدة، [٣ :فلم يحرم شيئ ا غير لحمه، ولفظ اللحم يتناول الشحم وغيره بخلاف العكس).(١ ومنهم :من فسر الكرسي في قوله تعالىÆ Å Ä ﴿ : ] ﴾ Çالبقرة [٢٥٥ :بالعلم مستدلين ببيت لا يعرف وهو »ولا يكرسئ علم االله مخلوق« ويكرسئ مهموز والكرسي غير مهموز. فسر قوله تعالى] ﴾ ¥ ¤ £ ¢ ﴿ :طه [١٢١ :أنه ت خ مومنهم :من من أكل الشجرة من قول العرب :غوي الفصيل إذا بشم؛ أي :أتخم وهو فاسد لأن غوي الفصيل ف عل والذي في القرآن ف عل).(٢ ومن تفسيرات الصوفية تفسير قوله تعالى عن عصا موسىb a ﴿ : ] ﴾ d cطه [٢٠ :قال :المراد بالحية هنا الحياة وهي الشريعة، قالها أحدهم، فقلت له :فما معنى قوله تعالى] ﴾ F E D C ﴿ :الأعراف[١٠٧ : فسكت. ومن هذا النوع تفسير قوله تعالى] ﴾ 2 1 0 ﴿ :البقرة،[٢٦٠ : قالوا :إن إبراهيم كان له صاحب يقال له ﴾ 2 ﴿ :وهذه تخرصات يصان كلام رب العالمين عنها. )» (١الموافقات« ٢٨٨/٤ـ دار ابن عفان. )» (٢الموافقات«. ٢٣٠/٤ الفصل العاشر :التعريف في قصد الشارع ٧٥ ذج " '> 0 3ا!آن /P" *$%د اب. نزل القرآن على معهود اللسان العربي، والكلام العربي منه الحقيقـة ومنه المجاز، ومنه الصريح، ومنه الكناية ومنه الحذف، أو الإضمار. ومن تتبع القرآن وجد أن القرآن نزل على أساليب العرب في الكلام، فمن المجاز قوله تعالى] ﴾ 7 6 5 ﴿ :مريم، [٤ :وقولهJ I ﴿ : ] ﴾ Kالكهف، [٧٧ :فأثبت الإرادة للجدار، ومجازه :قارب على الانقضاض. وقوله تعالى] ﴾̈ § ¦ ¥ ¤ £ ﴿ :الإسراء، [٢٤ :وهذه استعارة مكنية حيث شبه حنان الولد على والديه بطائر له جناح ثم حذف المشبه به ورمز إليه بشيء من لوازمه وهو الجناح. قال ابن بركة : 5 ومنه قوله تعالى] ﴾ ^ ] \ [ ﴿ :الناس، (١)[٤ :والوسواس هو الفعل، والفعل ليس له شر وإنما الشر للفاعل، فذكر الوسواس وأراد الموسوس، وهو إبليس لعنه االله. وكقوله تعالىC B A @ ? > j <̧ : 9 ﴿ : ] ﴾ Dالبقرة، [١٧١ :فذكر الناعق وأراد المنعوق به، ذكر هذه الأمثلة العلامة ابن بركة وعلق على ذلك بقوله :والعرب إذا أرادت ذكر الشيء قد تجريه على إسم ما يقرب منه أو سببه).(٢ ومن ذلك قوله تعالى] ﴾ c b ﴿ :طه، [٩٣ :والأمر لا يعصى وإنما يعصى الآمر. ) (١كتاب »الجامع«. ١٠٠/١ ) (٢كتاب »الجامع« لابن بركة. ١٠٠/١ مقاصد الشريعة بين المذهب الإباضي والمذاهب الإسلامية الأخرى/ج٢ ٧٦ ومن ذلك قوله تعالى] ﴾̄ ® ¬ « a ﴿ :نوح، [٦ :لما ازدادوا نفور ا عن دعائه إياهم إلى االله تعالى جاز أن يقول :إن دعاءه زادهم نفور ا وكفر ا من طريق مجاز اللغة).(١ ومن مجاز اللغة :إطلاق المصدر على اسم الفاعل، كقوله تعالى* ﴿ : ] ﴾. - , +البقرة[١٧٧ :؛ أي :البار. ومنه إطلاق المصدر على اسم المفعول، كقوله تعالىh g ﴿ : ] ﴾ k j iالأنبياء[٣٠ :؛ أي :مرتوقتين، ومثل هذا مألوف معروف في لغة العرب. وأما الكناية فقوله تعالى] ﴾ b a ﴿ :الروم، [٢١ :وقولهμ ﴿ : ¶̧ ﴾ ]النساء، [٤٣ :قال ابن عباس :أراد الجماع، ولكن االله كريم حيـي يكني، ومنه قوله تعالى﴾ Q P O N M ﴿ : ]الأعراف [١٨٩ :أراد الوطء. وأما الحذف أو الإضمار فقوله تعالى( ' & ﴿ : ) ﴾ ]النساء [١٥ :فأضـمر ذكر الزنا)، (٢وقوله﴾ g f e ﴿ : ]ص [٣٢ :يريد :الشمس، فأضمر ذكرها، وهي استعارة جميلة. ومن أساليب القرآن إطلاق العام وإرادة الخاص أو إطلاق الخاص وإرادة العام. مثال الأول :قوله تعالىÐ Ï Î Í Ì Ë Ê É È ﴿ : ] ﴾ Ñآل عمران، [١٧٣ :والمقصود من الناس :نعيم بن مسعود. ) (١كتاب »الجامع«. ١٠٢/١ ) (٢كتاب »الجامع« لابن بركة. ١٠٥/١ الفصل العاشر :التعريف في قصد الشارع ٧٧ ومثال الثاني :قوله تعالى+ * )( ' & % $ # " ! ﴿ : ] ﴾ ,التحريم، [١ :إلى قوله] ﴾ 7 6 5 4 3 2 ﴿ :التحريم[٢ : لأمة.فهي في رسول االله وحكمها يشمل عموم ا فمن لم يعرف أساليب العرب في الخطاب لا يستطيع تفسير القرآن ولا فهم مقاصده. المطلب الخامس :في ترجمة القرآن إذا تقرر لدينا أن القرآن قد نزل بلغة العرب وعلى لسان معهود العرب في ألفاظها الخاصة، وأساليب معانيها، وكان من أساليب هذه اللغة الخطاب بالعام وإرادة الخاص، والخطاب بالعام ويراد به ظاهره، وغير ظاهره وبالظاهر، ويراد به غير الظاهر وتتكلم بالكلام ينبئ أوله عن آخره، وآخره عن أوله وتسمي الشيء الواحد بأسماء كثيرة، والأشياء الكثيرة باسم واحد، وكان منه المفسر ومنه المجمل، ومنه الإيجاب ومنه الندب والإرشاد، ومنه الخصوص والعموم ومنه التعريض والإفصاح، ومنه الإطالة والإيجاز ومنه التكرير والحذف، ومنه التصريح والتلويح، ومنه الخفي والصريح، وكل ذلك معروف في لغة العرب وعلى اختلاف هذه الضروب تختلف معاني أحكامه).(١ إذا تقرر ذلك فإن ترجمة القرآن على هذا النحو متعذرة، لأن هذه المعاني الثانوية مما انفردت به لغة العرب، لمقاصد اختصت بها دون غيرها. وقد ذكر الشاطبي 5أن اللغة العربية تشتمل على معانأصلية يشترك في فهمها جميع الناس وجميع الألسنة، ومعانثانوية أو تابعة يختص بها لسان )» (١الموافقات« ، ٥٣/٢وكتاب »الجامع« لابن بركة. ٧١/١ مقاصد الشريعة بين المذهب الإباضي والمذاهب الإسلامية الأخرى/ج٢ ٧٨ العرب فأما ما يشترك به جميع الألسن فهذا يمكن نقله من لغة العرب إلى لغات العجم، وأما ما يختص بلسان العرب فهذا لا يمكن نقله ولا ترجمته. قال : 5وإذا ثبت هذا فلا يمكن من اعتبر هذا الوجه الأخير أن يترجم القرآن وينقله إلى كلام غير عربي. وقد نفى ابن قتيبة إمكان ترجمة القرآن على هذا الوجه، فأما على الوجه الأول فيمكن ترجمة تفسير القرآن وبيان معناه للعامة ومن ليس له فهم يقوى على تحصيل معانيه وكان ذلك جائز ا باتفاق أهل الإسلام فصار هذا الاتفاق حجة في صحة الترجمة على المعنى الأصلي).(١ ومن أمثلة ترجمة المعاني التابعة التي تح ير فيها أهل اللسان الأعجمي قوله تعالى] ﴾. - , + * ) ﴿ :البقرة، [١٨٧ :فالمعنى المراد باللباس معنى مجازي جميل وهو الستر، ولكن اللباس في لغة الأعاجم لا يعني الستر والتحصن ولا شيئ ا من ذلك. بالإضافة إلى المعاني الثانوية الأخرى مثل التهديد، والتعجيز، والتهكم، فهذه أساليب إذا نقلت إلى لغات الأعاجم أفادت معاني أخرى. وقد تكون معاني فاسدة على أوضاعهم. فمثلا قوله تعالى] ﴾ ] \ [ Z Y ﴿ :الدخان، [٤٩ :وقوله تعالى] ﴾ L K J I H G ﴿ :الكهف، [٢٩ :هذا تهديد وإذا ترجمت حرفيته صار تخيير ا ومثل هذا كثير في كتاب االله تعالى. إذ ا فالقرآن عربي اللغة، واللسان عربي الأسلوب والبيان، فمن أراد الفهم عن االله فعلى س نن اللغة، وقوانينها، ومقاصدها، ومراميها. )» (١الموافقات«. ٥٢/٢ الفصل العاشر :التعريف في قصد الشارع ٧٩ المطلب السادس :في أنواع الاختلاف في القرآن ومما يتوقف عليه فهم الكتاب أنواع الخلاف في القرآن. العلامة محمد بن بركة أن الاختلاف فرعان :اختلاف تغاير،وقد ذكر ضاد غير موجود في القرآن إلا في الأمر والنهيواختلاف تضاد، فاختلاف الت من الناسخ والمنسوخ. واختلاف التغاير جائز، ومثل له بقوله تعالى﴾ 1 0 / ﴿ : أمة« بفتح الألف]يوسف [٤٥ :بضم الألف والتشديد؛ أي» :بعد حين، وبعد والتخفيف؛ أي :بعد نسيان وقد يكون قد اجتمع المعنيان لصاحب يوسف. وكذلك قوله تعالى ﴾ p ﴿ :بالتخفيف وسكون اللام ﴿ ] ﴾ pالنور[١٥ : بالتشديد وفتح اللام، لأنه قد يجوز اجتماع المعنيين فيه، لأنهم ألقوه؛ أي: خبر الإفك وتل قوه بأفواههم بلا تمحيص فاجتمع فيه الإلقاء والتلقي. وكذلك قوله تعالى] ﴾ k j i ﴿ :سبأ [١٩ :على الخبر! و»باعد« على الدعاء).(١ فمن رام فهم كتاب االله تعالى وجب في حقه معرفة هذا الباب من الاختلاف في كتاب االله تعالى. ) (١كتاب »الجامع«. ٧٦/١ مقاصد الشريعة بين المذهب الإباضي والمذاهب الإسلامية الأخرى/ج٢ ٨٠ ا ا+M    ارع V'!0ال العدل من أعظم المقاصد التي قامت عليه السماوات والأرض، وبعث به الرسل، وأنزل الكتب، وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة. وما قام العدل في بلد إلا قام فيه الخير والحق وعمرت الأرض وشيدت الحضارات وخيم الأمن على البلاد والعباد، وما رتع الظلم في بلد إلا ح ل فيه الخراب والفساد في البلاد والعباد وخ يم الخوف وبات الناس غير آمنين على دمائهم وأعراضهم، وأموالهم، وقد دلت سنة الاجتماع وحقائق التاريخ ـ فضلا عن دلالة المنقول والمعقول ـ على أن االله يقيم الدولة العادلة ولو ويديل الدولة الظالمة ولو كانت مسلمة.كانت كافرة وكان من سنن االله تعالى الثابتة أنه جعل الظلم سبب ا من أسباب الهلاك، قال تعالى﴾ » o 1̧ ¶ μ́ 3 ﴿ : ]الكهف.[٥٩ : كما جعله سبب ا من أسباب العذاب والشدة في التشريع، قال تعالى: ﴿ ¡ ] ﴾ ©̈ § ¦ ¥ ¤ £ ¢النساء.[١٦٠ : وقد أمر الإسلام بالعدل بجميع صوره ووجوهه، فقد أمر بالعدل في الحكم. قال تعالى3 2 ± °̄ ® ¬ « a © ﴿ : ́ ] ﴾ 1̧ ¶ μالنساء.[٥٨ : ومع اليتامى قال تعالى] ﴾ à  Á À ﴿ :النساء[١٢٧ :؛ أي: العدل).(١ )» (١تفسير الكندي«.٢٦٥/١ : الفصل العاشر :التعريف في قصد الشارع ٨١ وبين الأولاد والأزواج :قال تعالىG F E D C B ﴿ : ] ﴾ P O N M L K JI Hالنساء.[١٢٩ : والمراد بالعدل :العدل في المحبة وهذا أمر جب لي لا يتحكم فيه صاحبه. أما في بقية الحقوق كالقسم والنفقة فالواجب العدل بينهن في ذلك. ورغب بالعدل مع الأعداء. وفي الحقوق وكتابة الدين، قال تعالى% $ # " ! ﴿ : & ' ( ) *] ﴾ /. - , +البقرة.[٢٨٢ : وفي الشهادة قال تعالى~ } | { z y x ﴿ : ے¡ ¬ « a © ̈ § ¦ ¥ ¤ £ ¢ ® ﴾ ]المائدة[٨ :؛ أي :لا يحملنكم بعض قوم على أن لا تعدلوا. قال  وصدواصدوهم عن المسجد الحرام،الكلبي :يعني بهم قريش ا الذين الهدي، فأمر االله رسوله بالعدل فيهم).(١ ومن أروع ما سجل القرآن الكريم من صور العدل والإنصاف ما حكاه القرآن الكريم في شأن بشير بن أبيرق المنافق الذي كان يهجو أصحاب النبي بالشعر حتى لقب بالخبيث، وكان من أمره أنه سرق درع ا لرجل يقال له :رفاعة، وقد اتهمه رفاعة وعمه قتادة بن النعمان بسرقة السلاح فعمد بنو أبيرق إلى النبي ژ وقالوا :يا رسول االله إ نا أهل بيت إسلاموصلاح وإن رفاعة وعمه قد رمونا بالسرقة من غير بينة ولا ثبت. فأتيت النبي ژ فقال لي» :عمدت إلى بيت أهل صلاحقال قتادة: خرجت من ولوددت أني بينة ولا ثبت« وإسلام ترميهم بالسرقة من غير )» (١تفسير القرآن« لهود. ٢٩٤/١ مقاصد الشريعة بين المذهب الإباضي والمذاهب الإسلامية الأخرى/ج٢ ٨٢ بعض مالي ولم أكلم رسول االله ژ فأتيت عمي رفاعة فقال :يا ابن أخي ما صنعت؟ فأخبرته بما قال رسول االله ژ فقال :االله المستعان. وكان ابن أبيرق قد اتهم يهودي ا بسرقة السلاح، وطلب من النبي ژ أن يجادل عنه أمام الصحابة وأ ن يبرئه وأن القرائن تشير إلى اتهام اليهودي النبي ژ أن يجادل عنه فلم يلبث النبي ژ إلا أن أنزل االله عليهبالسرقة ف ه م قوله تعالىàÁ À ¿ 3⁄4 1⁄2 1⁄4 » o 1̧ ﴿ : ] ﴾ Ç Æ Å Äالنساء [١٠٥ :يعني بني أبيرق ﴿ ! " ﴾؛ أي :مما قلت لقتادة ﴿ - , + * ❁ ( ' & % $ ﴾ /. ؛ أي :بني أبيرق ﴿ ❁ 8 7 6 5 4 3 2 1 ﴾ < ; :إلى قوله ﴾ b a ` _ ^ ﴿ :إلى قوله: ﴿ ^ _ ` ] ﴾ b aالنساء. [١٠٩ :وقد علق على هذه الآيات صاحب الظلال تعليق ا رائع ا قال فيه» :هذه الآيات تحكي قصة لا تعرف الأرض لها نظيرا، ولا تعرف البشرية لها شبيه ا، وتشهد وحدها بأن هذا القرآن بد وأن يكون من عند االله؛ لأن البشر مهما ارتفع تصورهم،وهذا الدين لا ومهما صفت أرواحهم، ومهما استقامت طبائعهم لا يمكن أن يرتفعوا بأنفسهم إلى هذا المستوى الذي تشير إليه هذه الآيات إلا بوحي من االله... إنه في الوقت الذي كان اليهود في المدينة يطلقون كل سهامهم المسمومة التي تحويها جعبتهم اللئيمة على الإسلام والمسلمين والتي حكت هذه السورة وسورة البقرة وسورة آل عمران جانب ا منها ومن فعلها في الصف المسلم، في الوقت الذي ينشرون فيه الأكاذيب، ويؤلبون المشركين ويشجعون المنافقين، ويرسمون لهم الطريق، ويطلقون الإشاعات، ويطعنون في القيادة النبوية، ويشككون في الوحي وفي الرسالة، ويحاولون تفسيخ المجتمع المسلم من الداخل.. والإسلام ناشئ في المدينة، ورواسب الجاهلية ما يزال لها آثارها في النفوس... في هذا الوقت الحرج الخطير كانت هذه الآيات تتنزل على الفصل العاشر :التعريف في قصد الشارع ٨٣ رسول االله والجماعة المسلمة فتنصف رجلا يهودي ا ا تهم ظلم ا بسرقة، ول ت دين الذين تآمروا على اتهامه وهم بيت من الأنصار والأنصار يومئذ هم ع د ة وجند ه في مقاومة هذا الكيد الناصب من حوله).(١الإسلام ثم يتابع قائلا :وإن كانت تبرئة بريء أمر ا هائلا ثقيل الوزن في ميزان االله إنما كان أكبر من ذلك كله هو إقامة الميزان الذي لا يميل مع اليهودي ولا مع العصبية ولا يتأرجح من المودة والشنآن، ثم إن النبي ژ كان باستطاعته أن يعتم على هذه القضية لكن النبي ژ أراد أن ي ع د ذلك الجيل إلى إقامة العدل في مجتمع لا يعرف الكيد والشنآن وتربية أمة تنهض بتكاليفها في خلافة الأرض وقيادة البشرية).(٢ هذا هو العدل مع الأعداء لا كسياسة الكيل بمكاييل مزدوجة ومعايير مختلفة واعتبارات متعددة كالتي يشهدها العالم اليوم! ومن صور العدل التي قصدت الشريعة إلى تحقيقها :العدل في الكيل والميزان، قال تعالى* ) ( ' & % $ # " ! ﴿ : 8 76 5 4 3 2 10 /. - ,+ G F E D CB A @ ?> = < ; : 9 ] ﴾ Hالأنعام.[١٥٢ : العدل في »الأنساب« :وذلك بأن ينسب الإنسان إلى أبيه لا إلى نسب عي قال تعالى` _^ ] \ [Z Y X W ﴿ :د n ml k j i h g ❁ e d c b a ] ﴾ u t s r q p oالاحزاب ٤ :ـ. [٥ )» (١في ظلال القرآن«. ٧٥١/٢ ) (٢باختصار من »في ظلال القرآن« سيد قطب. ٧٥١/٢ مقاصد الشريعة بين المذهب الإباضي والمذاهب الإسلامية الأخرى/ج٢ ٨٤ ومن صور العدل في الإصلاح بين الناس قال تعالىk j i ﴿ : x w v u t s r q po n m l ~} | { z yے ¡ ©̈ § ¦¥ ¤ £ ¢ ] ﴾ aالحجرات.[٩ : وهكذا فقد عملت الشريعة على تحقيق العدل في الأرض فعاش الناس في كنفها سعداء كرماء، وشعر كل من يعيش في كنف الدولة الإسلامية بأنه موفور الكرامة محفوظ الجانب آمن ا في سربه لا يخاف من ظلم أو حيف ولا يخشى من تعسف. وقد روي أن عمر بن الخطاب رأى حبر ا يهودي ا يتسول في أسواق المدينة، فقال له عمر :ألست الحبر فلان بن فلان؟ قال :بلى، قال عمر: ألست كنت تؤدي الجزية؟ قال :بلى، قال عمر :واالله ما أنصفناك أكلنا شبيبتك وتركناك في هرمك وعجزك ثم أجرى له راتب ا ما دام في دار الإسلام).(١ وقد رغب القرآن المؤمنين أن يقسطوا مع غير المسلمين من اليهود والنصارى ما داموا مسالمين لم يجردوا على المسلمين حرب ا دينية قال تعالىV U T S R Q P O N M L K J I ﴿ : f e d c b a ` ❁ ^ ] \ [ ZY X W t s r q po n m l k j i h g ] ﴾ uالممتحنة ٨ :ـ. [٩ وهكذا كان العدل والقسط بين الناس من أعظم مقاصد هذه الشريعة. ) (١أخرجه ابن زنجويه في كتاب »الأموال« ١٦٢/١برقم. ١٦٥ الفصل العاشر :التعريف في قصد الشارع ٨٥ ا ا    ارع 8" V'!0رم الأ;لاق بعد الكلام على المبحث التاسع وهو وضع الشريعة على قاعدة العدل بد من الكلام على مكارم الأخلاق فقد أفصح النبي ژ عن مقصد عظيملا من مقاصد رسالته حين قال» :إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق«).(١ وكان عليه الصلاة والسلام يحب مكارم الأخلاق فقد روى السهيلي في »الروض الأنف« أن سنانة بنت حاتم الطائي كانت في سبايا طيء، فقالت: يا رسول االله ذهب الوالد وغاب الوافد، فقال لها :من الوافد؟ فقالت :عدي بن وأمن أخاها حتى دخل في الإسلام).(٢حاتم، فأطلقها النبي مع رهط من قومها وجاء في بعض الروايات أن النبي ژ لما عرفها بنت حاتم، قال ژ » :أطلقوا سراحها فإن لها أب ا كان يحب مكارم الأخلاق وأنا أحب مكارم الأخلاق«).(٣ وقد تجسدت مكارم الأخلاق في وصف أم المؤمنين خديجة بنت خويلد حين قال النبي ژ » :إني خشيت على نفسي«، فقالت :كلا، واالله لا يخزيك االله أبدا، إنك لتصل الرحم، وتحمل الكل، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق).(٤ الرحمن بن الحارث أن رسول االله ژ قال» :إن االلهٰوفي حديث عبد يحب مكارم الأخلاق ويكره سفاسفها«)، (٥هذه صفات رسول االله وهذه ) (١أخرجه ابن أبي شيبة في »مصنفه« بلفظ صالح الأخلاق باب ما أعطى االله محمد ا. ٣٢٤/٦ )» (٢الروض الأنف«. ٤٧٦/٧ )» (٣الروض الأنف« ٤٧٦/٧ت السلامي. ) (٤رواه البخاري في »بدء الوحي« رقم الحديث ).(٣ )» (٥الجامع« لابن وهب. ٥٩٢/١ مقاصد الشريعة بين المذهب الإباضي والمذاهب الإسلامية الأخرى/ج٢ ٨٦ مقومات القيادة فيه. وكلها من مكارم الأخلاق :صلة الرحم، وقري الضيف، وحمل العاجز، ومواساة الناس في النوائب. بالحض على أبواب الخير التي يجمعها بابوقد جاءت هذه الشريعة مكارم الأخلاق مثل صلة الرحم، وإكرام الضيف، وحمل العاجز، والصبر، والعفة، والشجاعة، والنجدة. فأما صلة الرحم فإن الشريعة حضت على زيارة وصلة الأرحام، فقد قال االله تعالى﴾ W V U T S R Q P O N ﴿ : ]محمد.[٢٢ : وجاء في الخبر» :أن االله لما خلق الخلق قالت الرحم :يا رب هذا مكان العائذ بك من القطيعة، قال :أجل ألا ترضين أن أصل من وصلك وأقطع من قطعك؟ قالت :بلى يا رب، قال :هو لك«).(١ وورد أن االله تعالى قال في الحديث القدسي» :لقد خلقت الرحم، وشققت لها اسم ا من اسمي، فمن وصلها وصلته، ومن قطعها قطعته«).(٢ وأما إكرام الضيف فقد حثت الشريع ة على إكرام الضيف فقد قال النبي ژ » :من كان يؤمن باالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه«).(٣ وقد كان إكرام الضيف من أعظم خصاله ژ. وهو خ لق الأنبياء من قبله، والسلام منفقد قص االله علينا في القرآن ما كان من إبراهيم عليه الصلاة إكرامه لضيفانه قال تعالى2 ± ❁̄ ® ¬ « a © ﴿ : ❁  Á À ¿ 3⁄4 1⁄2 ❁ » o 1̧ ¶μ́ 3 ) (١رواه البخاري باب من وصل وصله االله ٥/٨، برقم. ٥٩٨٧ ) (٢رواه الترمذي باب ما جاء في قطيعة الرحم ٣١٥/٤برقم. ١٩٠٧ ) (٣رواه البخاري في باب إكرام الضيف ٣٢/٨، برقم. ٦١٣٥ الفصل العاشر :التعريف في قصد الشارع ٨٧ Ó Ò ÑÐ Ï Î ÍÌ Ë Ê ❁ È Ç Æ Å Ä ] ﴾ Þ Ý Ü Û Ú Ù Ø × Ö ❁ Ôالذاريات ٢٤ :ـ. [٢٩ قال المفسرون :ذكر االله آداب إكرام الضيف في هذه الآيات، وهي: سلام. ١ـ الترحيب بالضيف ـ قال ٢ـ الإسراع في إعداد الطعام ـ فراغ إلى أهله. قال أطفيش :وذلك مبالغة في السرعة).(١ ٣ـ تقديم أحسن ما عنده لضيوفه ـ فجاء بعجل سمين. ٤ـ تقريب الطعام إلى الضيوف ـ فقربه إليهم. ٥ـ سؤالهم الطعام برفق ـ قال :ألا تأكلون. ٦ـ تقديم أكثر مما يكفي الضيف لينبسط في الأكل ولا يستحي قاله القطب) (٢أطفيش. 5هذه هي آداب الضيافة. فقد قيل :إنه لشدة كرمه العلامة أطفيش :ويناسبه قوله تعالىوحب الضيافة كان قد هيأه من قبل، قال ﴿ ﴾  Á Àبفاء الاتصال).(٣ أما حمل العاجز فقد كان ذلك من حسن أخلاق النبي ژ كما وصفته خديجة. وفي الحديث الصحيح قال ژ » :كل س لامى من الناس عليها صدقة كل يوم تطلع فيه الشمس تعدل بين اثنين صدقة فتعين الرجل على دابته أو تحمل عليها متاعه صدقة«).(٤ )» (١تيسير التفسير«. ٢٣٦/٤ ) (٢المصدر السابق. ) (٣المصدر السابق. ) (٤الحديث رواه البخاري باب فضل حمل متاع صاحبه في السفر ٣٥/٤برقم. ٢٨٩١ مقاصد الشريعة بين المذهب الإباضي والمذاهب الإسلامية الأخرى/ج٢ ٨٨ أما مواساة الناس على صروف الدهر ونوائبه فقد كان ذلك خلق ا من حث النبي على زيارة المرضى، والدعاء لهم بالشفاء، كماأخلاقه ژ وقد حث على تعزية المسلم وتشييعه إذا مات. فقد جاء في الخبر» :من عزى مصاب ا كساه االله حلتين من حلل الكرامة يوم القيامة«).(١ وقد عزى النبي الكريم وأصحابه الكرام، وقال ژ لما وصله موت جعفر في مؤتة» :اصنعوا لآل جعفر الطعام فقد حدث لهم ما يشغلهم«).(٢ زى أولياء الجنازة فله قيراط، وإنوعن أبي هريرة قال :قال ژ » :من ع رفعها فقيراط، وإن ص لى عليها فقيراط، وإن بقي حتى تم دفنها أربعة«، ولما قيراط فاتنا).(٣سمع ابن عمر ذلك قال :كم وأما الشجاعة، فقد حضت الشريعة على الشجاعة والجرأة في الحق واعتبرتها من أهم مكارم الأخلاق، قال تعالى ~ } | { ﴿ :ے¡ ﴾ °̄ ® ¬ « a © ̈ § ¦ ¥ ¤ £ ¢ ]النساء.[١٠٤ : وقد كان النبي ژ من أشجع الناس بل أشجعهم على الإطلاق، قال ق كنا نحتميد الح الصحابة :كان إذا حمي الوطيس واحمرت برسول االله ژ ).(٤ ) (١لم أعثر عليه. )» (٢جامع ابن بركة« ٣٠١/١والحديث رواه أبو داود باب صنعة الطعام لأهل الميت ١٧٥/٣ برقم. ٣١٣٢ )» (٣شرح النيل«. ١١١/٥ ) (٤أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه رقم ) (٣٦٦٦٦ج.٣٥٤/٧ الفصل العاشر :التعريف في قصد الشارع ٨٩ ولما انكشف المسلمون يوم حنين عن رسول االله بقي نبي االله وحده في )(١ الميدان يتمثل شعر ا يقول فيه» :أنا النبي لا كذب أنا ابن عبد المطلب« إلي« يحثهم على الثبات حتى اجتمعوا حوله وكان»إلي وينادي أصحابه النصر حليفهم بفضل االله تعالى. وكانت الشجاعة السمة البارزة في أخلاق الصحابة والتابعين وأتباعهم حد الإفراط فكان الرجل يحمل على العسكر لا يرجعحتى وصلت بهم إلى حتى يجود بنفسه. فحدث عنها ولا حرج وما عرف التاريخ رجلا ذا نجدة يقربأما النجدة من رسول االله. فقد سطر التاريخ للنبي مواقف عظيمة من النجدة والنصرة، فقد روى أصحاب السير والأخباريون أن بكر ا لما نقضت العهد وقتلت نفر ا من خزاعة الذين كانوا دخلوا في حلف النبي قام رجل من خزاعة يقال له :عمرو بن سالم يناشد النبي ژ بشعر مؤث ر يقول فيه: حلف أبينا وأبيه الأتلدايا رب إني ناشد محمد ا وق ـ تلونا ركع ا وسجد اإن قريش ا أخلفوك الموعدا فقال له النبي ژ » :نصرت يا عمرو بن سالم!«. ثم جرد حرب ا على قريش كان من خلالها فتح مكة المكرمة).(٢ وامعتصماه؛ فهب المعتصمالروم امرأ ة مسلم ة صرخت:ر ولما أ س لنجدتها وأرسل إلى قائد جيوش الروم »من أمير المؤمنين المعتصم باالله إلى ) (١أخرجه البخاري باب من قاد دابة غيره في الحرب رقم ).(٢٨٦٤ ) (٢سيرة ابن هشام ٣٩٥/٢مطبعة البابي الحلبي. مقاصد الشريعة بين المذهب الإباضي والمذاهب الإسلامية الأخرى/ج٢ ٩٠ كلب الروم أطلق سراحها وإلا فلأسير ن إليك جيش ا أوله عندك وآخره عندي«، وت م فتح عمورية على إثر هذه الحادثة).(١ فكم من حرة تؤسر وتغتصب ولا معتصم يهب لنجدتها، فحسبنا االله ونعم الوكيل! لأمة المباركة.ومثل هذه المواقف كثيرة في تاريخ هذه ا وهكذا فالكلام في مكارم الأخلاق يحتاج إلى صفحات كثيرة وغرضنا الإشارة وليس الاستقصاء. وهكذا تبين أن هذه الشريعة قد وضعها االله تعالى تحقيق ا لهذا المقصد العظيم وهو تحقيق مكارم الأخلاق. ❀❀❀ ) (١الإنباء في تاريخ الحلفاء ١٠٦/١لابن العمراني ت. السامرائي ط أولى والمنتظم لابن الجوزي ٢٩/١١ت محمد عبد القادر عطا، دار الكتب ط أولى. ادي %ا  ا/از& 3',ا  hوا M وتحته مباحث: بفقه الموازنات ١ـ التعريف ٢ـ أهمية فقه الموازنات ٣ـ ضوابط فقه الموازنات ٤ـ في مجال فقه الموازنات ٥ـ علاقة فقه الموازنة بفقه الأولويات ٦ـ أصول فقه الموازنة في الكتاب السنة ٧ـ الموازنة في ٨ـ المبحث الثامن :فقه الموازنة في سيرة النبي ژ ٩ـ المبحث التاسع :فقه الموازنة في سيرة الخلفاء الراشدين ١٠ـ المبحث العاشر :في فقه الموازنة في الفقه الإباضي ١١ـ المبحث الحادي عشر :في أهلية الموازن ١٢ـ المبحث الثاني عشر :في حكم تعلم فقه الموازن ١٣ـ المبحث الثالث عشر :في المراحل التي يسلكها الموازن ١٤ـ المبحث الرابع عشر :موضوع الموازنة مقاصد الشريعة بين المذهب الإباضي والمذاهب الإسلامية الأخرى/ج٢ ٩٢ ا الأول  -! 0ا/ازت !:&Z - ا الفقه في اللغة هو :الفهم ومنه قوله تعالىH G F E D ﴿ : هم فقهه في الدين] ﴾ J Iهود، [٩١ :ومنه قول الرسول ژ لابن عباس» :ال ل وعلمه التأويل«)، (١وهو هنا مطلق الفهم. تعريف الفقه اصطلاح ا: المكتسب منوالفقه اصطلاح ا :هو العلم بالأحكام الشرعية العملية أدلتها التفصيلية).(٢ تعريف فقه الموازنات: الموازنة لغة :من وزن الشيء يزنه وزن ا إذا قدره، وفي »مختار الصحاح«: وهذا يزن درهم ا معناه أنه يساوي درهم ا في القيمة لا في الوزن).(٣ وتأتي الموازنة بمعنى الترجيح).(٤ وفي الحقيقة الموازنة هي :عملية مفاضلة بين شيئين لاختيار الأنسب، ومادتها المبنية للمشاركة بين الاثنين تدل على ذلك. )» (١معجم الطبراني الكبير« ت حمدي بن عبد المجيد ٩١/١١حديث ) (١١٢٠٤مكتبة العلوم والحكم. )» (٢غاية المأمول« للعبد الفقير دار الفتح، الأردن. )» (٣مختار الصحاح« مادة )وزن(. )» (٤لسان العرب« مادة »وزن«. الفصل الحادي عشر :في الموازنة بين المصالح والمفاسد ٩٣ والموازنة سابقة على الترجيح فإن المجتهد ينظر بين دليلين أو قاعدتين ويوازن بينهما من حيث القوة والأهمية فيقدم الأهم فالأهم. تعريف فقه الموازنة اصطلاح ا: تع ر يف ا لقب ي ا على الفن المخصوص لأنهملم يعر الفقهاء ف ق ه الموازنة ف اكتفوا بحقيقة الموازنة في مبحث التعارض والترجيح، فإنهم عرفوا الترجيح بأنه بيان زيادة قوة في إحدى الأمارتين).(١ واعتبروا ذلك ناتج ا عن الموازنة بين الدليلين. لكن فقه الموازنات مؤ خر ا قد اصطلح عليه بأنه :النظر بين الأدلة وغير الأدلة فهو نظر وموازنة بين دليلين شرعيين، أو بين قاعدتين، أو بين مصلحة ومصلحة، أو بين مفسدة ومفسدة، أو بين مصلحة ومفسدة، واختيار أرجح المصلحتين وأخف المفسدتين. فقه الموازنة اصطلاح ا: فقه الموازنة :هو النظر بين المصالح والمفاسد واختيار الأصلح. وهذا الحد صادق من ثلاثة وجوه: الوجه الأول :الموازنة بين مصلحتين واختيار الأصلح. الوجه الثاني :الموازنة بين مفسدتين واختيار الأهون لأنه الأصلح. الوجه الثالث :الموازنة بين المصلحة والمفسدة واختيار الأصلح. والأصلح هنا قد يكون في تقديم رفع المفسدة فإنه قد يكون هو الأصلح وقد يكون بتقديم المصلحة في بعض الأحيان ويكون هو الأصلح. ) (١الابتها ج ٢٠٨/٣ـ للسبكي ـ دار الكتب، بيروت. مقاصد الشريعة بين المذهب الإباضي والمذاهب الإسلامية الأخرى/ج٢ ٩٤ والأصلح يتم اعتباره باعتبارات عدة. فقد يكون باعتبار تحقيق مقصد من مقاصد الشريعة، كتقديم عتق الرقبة في حق من جامع عمد ا في رمضان على مجرد الصوم، فإن الشريعة لم تعتبر الصوم لكونه أشد وطأة على من جامع في نهار رمضان؛ لأنها نظرت إلى تحرير رقبة من رق العبودية وهو أمر يتشوف الشارع إليه أكثر من تشوفه إلى تعذيب المجامع لقوله تعالى] ﴾ Ç Æ Å Ä ﴿ :النساء،[١٤٧ : أما تحرير الرقبة فهو مصلحة أعظم. وقد يكون الأصلح نظر ا إلى الزمان وفساده، كترجيح الفتوى بجواز أخذ الأجر على الق ربكتعليم القرآن والإمامة، والخطابة نظر ا لفساد الزمان وتخلي السلطان في أكثر البلدان عن عطاء العلماء. الح دود في الغزو كيلاوقد يكون الأصلح نظر ا إلى المكان كترك إقامة ي ف ر المحدود إلى العدو. وقد يكون الأصلح نظر ا إلى اعتبار الحال كترك عمر ƒإقامة الحدود عام الرمادة لشيوع الجوع والفاقة مما شكل شبهة دارئة للحد، ويقاس على ذلك سائر الأحوال الاستثنائية كالحروب والكوارث والزلازل ونحوها. وقد يكون الأصلح نظر ا إلى اعتبار المقاصد. مثاله :ما ذكره البخاري في »صحيحه« من أن رجلا كان يصلي في قباء وكان كلما قرأ الفاتحة وسورة كان يقرأ ﴾ $ # " ! ﴿ :فشكوه إلى النبي ژ، فقال له» :ما حملك على هذا؟« قال :يا رسول االله إنها ص ف ة ك الجنة«).(١بك إياها أد خ ل »ح الرحمنوإني أحبها، فقال له النبي ژ : )» (١صحيح البخاري« باب ما جاء في داء النبي ، ١١٥/٩حديث ).(٧٣٧٥ الفصل الحادي عشر :في الموازنة بين المصالح والمفاسد ٩٥ ابن حجر في الفتح بقوله» :قال ناصر الدين ابنالعلامة وقد ع لق عليه المنير في هذا الحديث :إ ن المقاصد تغير أحكام الفعل لأن الرجل لو قال إن الحامل له على إعادتها أنه لا يحفظ غيرها لأمكن أن يأمره بحفظ غيرها، لكنه لما اعت ل بحبها ظهرت صحة قصده فصوبه النبي ژ ، وفيه دليل على جواز تخصيص بعض القرآن بميل النفس إليه والاستكثار منه«).(١ وقد أشار العز بن عبد السلام 5إلى عملية الموازنة بين المصالح والمفاسد، فقال :لا يخفى على عاقل قبل ورود الشرع أن تحصيل المصالح المحضة، ودرء المفاسد المحضة عن نفس الإنسان وعن غيره محمود حسن وأن تقديم أرجح المصالح محمود حسن، وأن درء أفسد المفاسد محمود حسن، وأن تقديم المصالح الراجحة على المفاسد المرجوحة محمود حسن، واتفقت الحكماء على ذلك، وكذلك الشرائع. واعلم أن تقديم الأصلح فالأصلح ودرء الأفسد فالأفسد مركوز في طبائع العباد نظر ا لهم من رب الأرباب، ولا يقدم الصالح على الأصلح إلا الجاهل بفضل الأصلح أو شقي متجاهل لا ينظر إلى ما بين المرتبتين من التفاوت).(٢ من كلام العز يتضح أن فقه الموازنة هو النظر بين المصالح والمفاسد وتقديم الأصلح. فهو تقديم للمصالح الراجحة على المصالح المرجوحة. وتقديم درء المفاسد الراجحة على ما دونها في الفساد. وتقديم المصالح الراجحة على المفاسد المرجوحة. فهو تقديم الأصلح فالأصلح في سلم المصالح. )» (١فتح الباري« ٢٥٨/٢ط محب الدين الخطيب. )» (٢قواعد الأحكام« ٤/١و، ٥دار المعرفة، بيروت. مقاصد الشريعة بين المذهب الإباضي والمذاهب الإسلامية الأخرى/ج٢ ٩٦ ودرء الأفسد فالأفسد في سلم المفاسد. وكذلك تقديم الأصلح فالأصلح عند تعارض المفاسد مع المصالح. فقد يق د م د ر ء المفسدة إذا عظمت، أو تقدم المصلحة إذا عظمت. هذه عملية الموازنة في باب علم المقاصد. وقد خاض في بيان وجلهم لا يخرج عما ذكرته من هذا التحديد،الموازنة علماء معاصرون، واالله أعلم. ا ا  ',ن أ('& ! -ا/ازت و"jلا-0 فقه الموازنات يقوم على ترتيب الأولويات في حياة الأمة وتقديم الأهم على المهم. وتقديم ما هو ضرورة على ما هو حاجة، وما هو حاجة على ما هو تحسين وتزيين. لذلك فإن الدول العظمى ترتب سياساتها وفق المصالح الاستراتيجية، فتولي الأهمية إلى تحقيق ميزان القوى والسباق في التسلح لأنها ترى أن ذلك يتعلق بوجودها، وأمنها. وبعد سياسة القوة العسكرية تعتني بالسياسة الاقتصادية، ثم الإعلامية ثم تتلوها السياسة الخارجية، وبعد ذلك تأتي المصالح الأخرى. لأمم الضعيفة فتولي اهتمامها بالفن تارة، والرياضة تارة، وبناءأما ا المرافق السياحية تارة، وليس لها قدم في مجال القوة والاقتصاد، بل هي أمم مستهلكة لصناعات ومنتجات الشرق والغرب. الفصل الحادي عشر :في الموازنة بين المصالح والمفاسد ٩٧ وهذا يسري في مجال أحكام الشريعة، فإن الشريعة ركزت على الأصول ثم الفروع، وجعلت من الأصول فروع ا وأصولا، ومن الفروع ما هو مطلوب أصالة وما هو مطلوب تباع ا، وقد رسم المعلم الأول خطوط فقه الموازنة منذ اليوم الأول، فركز على أصول العقيدة في مكة فربى اللب نات الأولى على الإيمان باالله تعالى والصلة بالملأ الأعلى وإبراز خصائص الإنسان العليا. فكانت السور المكية تعمل فيهم تربي ة وتعليم ا وإرشاد ا وترسم لهم الآفاق العريضة لهذا الدين، وتربي فيهم ملكة الخوف والرجاء لتنشئ منهم ذلك الجيل القرآني الفريد، الذي تربى على الأخلاق والعقيدة الإيمانية الحقة التي صاغت منهم خير أمة أخرجت للناس تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر وتؤمن باالله. حتى إذا انتقلوا إلى المدينة جاءت مرحلة التشريع وبيان الأحكام؛ لأن الشريعة والأحكام والحدود تحتاج إلى سياج وحارس يحرسها والعقيدة هي السياج والحارس الأمين، وسوف يتضح هذا الأمر عند الكلام على فقه والسنة وسيرة الرسول ژ وسيرة الخلفاء الراشدينالأولويات في الكتاب المهديين من بعده. لأمم التي يختل فيها فقه الأولويات وفقه الموازنات هيلذلك فإن ا أمة مضطربة سياسي ا واقتصادي ا واجتماعي ا وهي أمة تنتظر الموت. لذلك فإن فقه الموازنات أو فقه الأولويات من الأمور الضرورية والحلول البدهية التي تقوم عليها مصالح الأمم والشعوب. وسياسات الدول الكبرى وفي مقدمتها أمريكا والمنظومة الأوروبية تراعي في سياساتها سياسة المصالح على وفق ميزان الأولويات، فسياستها حيث تتحقق مصالحها الاستراتيجية. فمصالحها قبلتها ودينها وديدنها، الذي تدين به وتدندن حوله. مقاصد الشريعة بين المذهب الإباضي والمذاهب الإسلامية الأخرى/ج٢ ٩٨ وهذا ما حقق لشعوبها الرفاهية والازدهار أ ما أم تنا فغارقة في ظلام الجهل، والفقر والتخلف لأنها لا تقيم حياتها ولا سياستها على ميزان فقه الأولويات أو فقه الموازنات بل اختل فيها هذا الميزان، فغدت ترى الضروري ليس ضروري ا فاختلت في حياتها القيم والموازين والتصورات كما كانت في أيام الجاهلية الأولى إلا من رحم االله تعالى وهم قلة. من هنا تبرز حاجة الأمة إلى فقه الأولويات في حياتها. لأمة اليوم تنظر إلى بناء المساجد وزخرفتها ولكن تهمل أمر التربيةإن ا والتوجيه لمن يعمر هذه المساجد فتتحول هذه المساجد إلى مصليات خالية من المهمة التي قصدت إليها الشريعة؛ وهي بناء جيل قرآني يعمر هذه المساجد كما قال تعالىp o n m l k j i ﴿ : } | { zy x w v u t s r q ~ ے ¡ ﴾ ]التوبة.[١٨ : وقالß Þ Ý Ü Û Ú Ù Ø × Ö Õ Ô ﴿ : ,+*)('&%$#"!❁áà ] ﴾ 4 3 2 1 0 /. -النور ٣٦ :ـ. [٣٧ وقد مدح االله أهل قباء ورغب في الصلاة في مسجدهم بسبب ما هم عليه من الطهارة التي جمعت بين طهارة القلب وطهارة البدن. قال تعالىLK J I H G F E D C B A ﴿ : ] ﴾ U T S RQ P O N Mالتوبة، [١٠٨ :فاالله مدح المسجد بأهله وذم مسجد ضرار بأهله فالأول رسالته رفع منارة الدين وتفريق للأمة هدم الدين وإرصا د لمن حارب االله ورسوله، والثاني رسالته وفتن ة للمؤمنين. الفصل الحادي عشر :في الموازنة بين المصالح والمفاسد ٩٩ ومن مظاهر اختلال فقه الموازنات في واقع الأمة: لأمة لا توازن بين هذهالاختلال الظاهر في التخصصات العلمية فإن ا لأمة. التخصصات، بل يطغى جانب على الآخر، بحيث لا تتحقق الكفاية في ا يجب أن تتحقق الكفاي ة في القطاعات كلها :في قطاع الطب والصيدلة، وفي قطاع الاقتصاد والتجارة، وفي قطاع الهندسة بكل فروعها، وفي قطاع التخصص لأمة.الشرعي، وسائر العلوم الإنسانية، وفي جميع التخصصات التي تنهض با ومن فقه الأولويات ما يتعلق بالمفتي والمستفتي: فالمفتي في دين االله يجب في حقه أن يراعي في فتواه مقتضى الحال زمان ا ومكان ا وأحوالا ولا يجمد على النص ضارب ا المكان والزمان والحال عرض الحائط. فإن النبي ژ وهو المبين عن االله تعالى كان يراعي حال السائل. فقد جاء في الحديث الصحيح أن رجلا جاء إلى النبي ژ فسأله أي الأعمال أفضل؟ قال» :الصلاة على ميقاتها«. ثم جاءه آخر فقال له :أي الأعمال أفضل؟ قال» :بر الوالدين«. ثم جاءه آخر فقال له :أي الأعمال أفضـل؟ قال» :الجهاد في سبيل االله«).(١ فإن النبي ژ راعى أحوال السائلين ون ز ل جوابه على مقتضى حالكل يؤخر الصلاة عن وقتها أجابه بما هو خير لهمنهم، فمن رأى من حاله أنه وهو الصلاة على وقتها لا سيما وأنه ربما يحرص على بر والديه ويحب الجهاد فالأفضل في حقه الصلاة على وقتها وهي المقصر فيها. ) (١صحيح البخاري /١٥٦/٩ :رقم )، (٧٥٣٤باب :وسمى النبي ژ الصلاة عملا. مقاصد الشريعة بين المذهب الإباضي والمذاهب الإسلامية الأخرى/ج٢ ١٠٠ ومن رآه يقصر في بر والديه ويحرص على الصلاة والجهاد أجابه بما يناسب حاله وهو بر الوالدين. ومن رآه يحب والديه ويحرص على الصلاة في وقتها غير أنه يكره الجهاد والجراح والغزو في سبيل االله أجابه بما يناسب حاله. وهذا من الاجتهاد في تحقيق المناط. قال الشاطبي :وهذا النوع من الاجتهاد الذي لا ينقطع وهو مما يفتح االله به على أوليائه وأصفيائه).(١ ويروى عن ابن عباس أنه جاء رجل يسأله هل للقاتل من توبة؟ فنظر ابن عباس إليه فرأى الشر يتطاير من بين عينيه. فقال له :لا. ثم جاء إنسان آخر فسأله السؤال نفسه، فقال :نعم إن للقاتل توبة! فسئل ما حملك على هذا الجواب المختلف؟ فقال :أما الأول فقد رأيت الشر بين عينيه فعلمت أنه يريد الشر ويسأل عن الرخصة فيه، أما الثاني فيسأل سؤال تفقه. بأمر آخذهوفي النسائي عن أبي أمامة قال :أتيت النبي ژ، فقلت :مرني عنك؟ قال» :عليك بالصوم فإنه لا مثيل له«).(٢ أي الأعمال أفضل درجة عند االله يوم القيامة؟وفي الترمذي سئل ژ  قال» :الذاكرون االله كثير ا والذاكرات«).(٣ ) (١انظر» :الموافقات« ، ٢٦/٥ط أولى، دار ابن عفان، ت أبي عبيدة مشهور بن حسن. ) (٢أخرجه النسائي في »المجتبى« كتاب »الصيام« ١٦٦، ١٦٥/٤ـ وابن أبي شيبة في »المصنف« .٥/٣ ) (٣أخرجه الترمذي في »الجامع« مع أبواب الدعاء باب :الحث على ذكر االله ٤٥٨/٥رقم ).(٣٦٧٦ الفصل الحادي عشر :في الموازنة بين المصالح والمفاسد ١٠١ وفي النسائي »ليس شيء أكرم على االله من الدعاء«).(١ أي العبادة أفضل؟ قال» :دعاء المرء لنفسه«).(٢وفي البزار : خير؟ قال» :من سلم المسلمون من لسانهأي المسلمين وفي مسلم : ويده«).(٣ أي الإسلام خير؟ قال» :تطعم الطعام، وتقرأ السلام على منوفيه سئل  عرفت ومن لم تعرف«).(٤ وفي الصحيح» :ما أع ط ي أحد خير ا من الصبر«).(٥ وفي الترمذي» :خيركم من تعلم القرآن وعلمه«).(٦ أشياء كثيرة من هذا النمط تدل على أن التفاضل ليس بمطلق،وهناك ويشعر إشعار ا ظاهر ا بأن القصد إنما هو بالنسبة إلى الوقت أو إلى حال السائل كما قال الشاطبي 5تعالى).(٧ لفقه الأولويات وتفتحوهذه الأحاديث الكثيرة تشكل أصلا صحيح ا بفقه الموازنات فينزل فتواه على المقتضىللمفتي والمجتهد باب ا لأن يتمرس المطلوب حالا ومآلا وزمان ا ومكان ا. ) (١أخرجه الترمذي في »الجامع« أبواب الدعوات برقم )، (٣٣٧٠وابن ماجه في »السنن« كتاب »الدعاء« رقم ).(٣٨٢٩ )» (٢مسند البزار« ، ٢٥١/٤و»المستدرك« للحاكم. ٥٤٣/١ ) (٣أخرجه مسلم في كتاب »الإيمان« باب تفاضل الإسلام وأي أموره أفضل ٦٥/١برقم.٤٠ : ) (٤أخرجه مسلم في الباب السابق برقم ) (٦٥حديث ).(٣٩ ) (٥أخرجه البخاري في »صحيحه« كتاب »الزكاة« باب الاستعفاف عن المسألة رقم.١٤٦٩ : ) (٦أخرجه البخاري في »صحيحه« كتاب »فضائل القرآن« باب خيركم من تع لم القرآن برقم ).(٥٠٢٨) (٥٠٢٧ )» (٧الموافقات« ).(٣١/٥ مقاصد الشريعة بين المذهب الإباضي والمذاهب الإسلامية الأخرى/ج٢ ١٠٢ سيما فيما يتعلق ببابومن فقه الأولويات :فقه الدعوة إلى االله ولا الحسبة والمحتسب فيه. فعلى الدعاة أن يقدموا في دعوتهم الأهم فالأهم فلا يجندون طاقاتهم لأمة غارقة في الإلحاد والشرك، ولا يرغبونفي السياسة والاقتصاد، وا لأمة لا تقيم الصلاة ولا تؤدي الزكاة كحال الكثيرينالناس في الجهاد وا اليوم لا يعرفون فرض وقتهم. إن النبي ژ بقي في مكة ثلاث عشرة سنة وهو يقول للناس :اعبدوا ربكم، ويقول] ﴾ ( ' & % ❁ # " ! ﴿ :الكافرون ١ :ـ. [٢ وكان حول الكعبة ستون وثلاثمائة صنم ينظر النبي ژ إلى وجوهها الكالحة ولا يستطيع أن يفعل لها شيئ ا، ويرى أن فرض الوقت هو تحطيم تلك التماثيل البلهاء في نفوس الناس وفي قلوبهم قبل أن تحطم في واقع أمرهم. ولما دخل مكة فاتح ا كان تحطيمها أج ل عمل قام به وهذا من فقه الأولويات الذي ينتج عن الموازنة بين المصالح والمفاسد زمان ا ومكان ا، وأحوالا. فعلى الدعاة أن يقدموا تعبيد الناس الله، ويحققوا الدينونة له في الأرض قبل كل شيء. ثم يرتبوا جهودهم حسب أولوياتهم فيبدؤوا بالأصول، ثم فروع الأصول، ثم الفروع، ثم فروع الفروع، إن جاز التعبير.. وهكذا، وهي قاعدة مهمة في الدعوة إلى االله. وفي الاحتساب يقدم الاحتساب على المسائل التي لا خلاف فيها بين فقهاء الأمة، أما المسائل الخلافية فلا إنكار فيها. والقاعدة في ذلك هي» :لا ي نكر المختلف فيه وإنما ي نكر المتفق عليه« وفي محاربة البدع يعتنى بالبدع العقدية المضلة، ولا يعتنى بإنكار البدع الفصل الحادي عشر :في الموازنة بين المصالح والمفاسد ١٠٣ ويقدم الأهم فالأهم في باب الحسبة وفي كل أمر من أمور الشريعة،الفرعية، بد من الموازنة بين واقع الحال والمآل، وبين تغيير المنكر باليد أوولا الج نان. اللسان أو وفقه الأولويات يهم الأمة كل الأمة أفراد ا وجماعات ودولا، بل إن الدول هي أحوج ما تكون إلى فقه الأولويات عندما ترسم مخططاتها وبرامجها، فإنها تضع نصب أعينها سلم الأولويات في تحقيق المصالح العليا ودفع المفاسد والأخطار المحدقة بها. وهنا تبرز أهمية فقه الموازنة في حياة ا لأمة. وقد أدرك فقهاؤنا هذه الحقيقة فوضعوا فقه ا خاص ا يعنى بهذا الجانب أطلقوا عليه اسم السياسة الشرعية لإصلاح الراعي والرعية. ا ا  /aا -! k,ا/ازت عند كلامي على أهمية فقه الموازنات تعرضت لبعض الضوابط المهمة؛ لذلك سوف أشير إليها إشارة عابرة كي ألفت الذهن إليها في هذا المبحث، فمن هذه الضوابط: والسنة له مشاركات في شتىبع ا بعلوم الكتاب ١ـ أن يكون الفقيه م ش العلوم كي يعرف عصره وتستقيم لديه الموازين. ٢ـ أن يكون عارف ا بمقاصد الشرع وأسراره، مدرك ا لأنواع المصالح وتقديم بعضها على بعض وتقديم المعتبر وإلغاء الملغى وتنزيل الأحكام على مقاصد الشارع وموافقته وعدم مصادمته. مقاصد الشريعة بين المذهب الإباضي والمذاهب الإسلامية الأخرى/ج٢ ١٠٤ ملم ا بفقه الأولويات، وهذا يحصل بممارسة الفقه ومعرفة ٣ـ أن يكون الأهم والنظر في طريقة القرآن المكي والمدني والاطلاع على سيرة ص دق لأمة ق دم الرسول ژ وتجارب العلماء الربانيين الذين كان لهم في ا فالقرآن الكريم ر كز في مكة على العقيدة وبناء صرح الإيمان في النفوس، وفي المدينة عالج أمور الأحكام التشريعية. وكذلك النبي أول ما قام به أنه أنذر عشيرته الأقربين امتثالا لقوله تعالى] ﴾ Q P O ﴿ :الشعراء.[٢١٤ : وجه الرسل إلى ملوك الأطراف داعي ا إياهم إلى توحيد االله، وفي المدينةثم سارع إلى وضع وثيقة أشبه بالقانون المدني نظم العلاقة من خلالها بين المسلمين وأهل المدينة من اليهود وغيرهم ممن كان في يثرب كما كانوا يسمونها. ثم قام بسلم أولوياته من بناء المسجد، والمؤاخاة بين المهاجرين والأنصار وعرض نفسه ودعوته على القبائل في مواسم الحج وأسواق التجارة مما كان له الأثر في قيام نواة الأنصار في المدينة. وأما سيرة النبي ففيها من فقه الموازنات ما سوف يأتي بيانه بالتفصيل. وأما تجارب الدعاة والعلماء الربانيين فلكي يطلع على طرقهم في ترتيب الأولويات ويستفاد من تجاربهم ليتجنب الوقوع في الأخطاء. ٤ـ ومن الضوابط :مراعاة الزمان، والمكان والأحوال، وقد سبق الكلام على هذا الضابط في المبحث السابق. ٥ـ ومن الضوابط :النظر في مآلات الأفعال، وقد سبق الكلام عليه عند الكلام على القواعد الأصولية المتعلقة بمقاصد الشريعة. سد ا وفتح ا، وقد تكلمت عن ذلك أيض ا أثناء ٦ـ العلم بمبدأ الذرائع بيان علاقة القواعد الأصولية بمقاصد الشريعة. الفصل الحادي عشر :في الموازنة بين المصالح والمفاسد ١٠٥ العرف لأن الأولويات هي في الحقيقة ما يحكم ٧ـ العلم بمسائل العرف فيها بذلك لئلا يقع الفقيه في الهوى، والتحكم، وقد مضى الكلام العرف أيض ا.على ا اا+,  "jل ! -ا/از& هناك أحكام نصية حكم فيها النبي ژ وب ينها للأمة لا تحتمل الاجتهاد المقاصدي ولا الموازنة وهي الأحكام التي لا تتغير زمان ا ولا مكان ا ولا أحوالا، كالأنصبة والحدود وما يسمى بالمقدرات الشرعية التي يغلب عليها جانب التعبد، وانعقد الإجماع عليها. وهناك أحكام ظنية للنظر فيها حظ ونصيب ولا سيما ما يسمى بفقه النوازل وهي المسائل الجديدة وما يخضع منها للتأثر بالزمان والمكان والأحوال. فهنا مجال فقه الموازنة؛ لأن الفقيه يضطر إلى الموازنة بين زمان وزمان، وبين مكان ومكان، وبين حال وحال، أو بين حال ومآل. وهل هذا الأمر ضروري؟ وهل يترتب عليه خير أو شر في الحال والمآل؟ وهل هذه الفتوى إذا صحت في وجه لا تصح في آخر وإن صحت اليوم هل تصح غدا؟ وهل يترتب عليها من الخير أكثر أو من الشر أكثر؟ ت ذريعة إلى أعمال عدوانية فكان من الأولى تغييرها؟ وهلوهل ا تخ ذ هذا الشر إذا رفع سوف يؤدي رفعه إلى خير أو إلى شر أكبر منه؟ وسوف أسوق أمثلة على كل هذه التساؤلات. مقاصد الشريعة بين المذهب الإباضي والمذاهب الإسلامية الأخرى/ج٢ ١٠٦ المثال الأول :في تغيير الفتوى باختلاف الزمان ما أفتى به متأخرو الحنفية من جواز أخذ الأجرة على تعليم القرآن خلاف ا لمذهب الإباضية، ومن قواعدهم »لا أجر على القرب«)، (١مثل الصلاة والإمامة والخطابة وتعليم القرآن؛ لأنها عبادات مطلوبة بلا أجر. القراء في الغالب،والموازنة تقول :إن عطاء بيت المال قد انقطع عن فإ ما أن نفتي بعدم جواز أخذ الأجر فيضيع العالم، أو بجواز أخذ الأجر فيحفظ العالم ويحفظ معه القرآن. وأما الموازنة بين المكان والمكان، فمثالـها :إقامة الحدود في أرض العدو فالموازنة تقول :إن أقيم الحد في أرض العدو فإنه يوشك أن يؤدي إلى هرب المحدود إلى العدو ويصبح عين ا على المسلمين. وإما أن نؤخره إلى أرض الإسلام حيث تكون الشوكة والغلبة للمسلمين، ولا شك أن الخيار الثاني أولى. ولعل اقتران الحد في المعركة قد اقترن بشبهة جعلته يقع فيما حرم االله فيؤخر لينظر في ملابسات القضية. وأما الموازنة بين اختلاف الحال فمثالها :عدم قطع عمر يد السارق عام الرمادة بسبب المجاعة. فالموازنة تقتضي :أ ن إقامة الحد على الجائع والمحتاج تؤدي به إلى كراهية هذا الدين وأحكامه، وأما إسقاط الحد عنه للشبهة فسوف تمنحه الفرصة لتعظيم حرمات هذا الدين ولا شك أن الخيار الثاني أولى. ومثال الموازنة بين الحال والمآل :ترك النبي ژ قتل المنافقين. )» (١القواعد الإباضية« ٣٩٧/٤للباحث. الفصل الحادي عشر :في الموازنة بين المصالح والمفاسد ١٠٧ فالموازنة تقول :إن قتلهم مصلحة للدين لكن يتر تب عليها مفسدة وهي مخافة أن يتحدث الناس بأن محمد ا يقتل أصحابه لهذا كان ترك قتالهم أولى. ومثال ما يترتب عليه خير لكن اتخذ ذريعة للشر :الفتوى بالعمليات توخى فيها مصالح معتبرة الاستشهادية فإن من أفتى بها في حالات ضيقة جرت إلى سلوك عدوانيقامت عنده في الحال ولم ينتبه إلى أنها واستعملت في غير موضعها وفي أهداف غير مشروعة. وهذه الفتوى وقعت عندي موقع الريبة فهي لا تشبه الحمل على العدو الذي ألحقها به بعض أهل العلم؛ لأن من يحمل على العدو قصده أن يعود سالم ا أو يقاتل حتى يحكم االله بينه وبين خصمه، لكن العمليات التي سميت بالعمليات الاستشهادية الموت فيها محتم، ونحن نعتقد إخلاص هؤلاء وحبهم للجهاد وأنهم يبعثون على نياتهم يوم القيامة، ونعتقد أنهم يحبون الموت في سبيل االله، لكن نحب لهم أن يحسنوا الوسيلة وأن لا يجعلوا أجسامهم عبوات ناسفة، ومن العجب أن بعض من أفتى بجواز هذه العمليات لم يجوز بيع الأعضاء بحجة أن الإنسان لا يملك نفسه، فكيف أجاز التصرف بكل جسده وروحه هنا؟! ولم ينتبه إلى أن من قتل فيها من المسلمين خطأ له دية في رقبة القاتل، ثم لو نظرنا إلى مآلات هذا الفعل لوجدنا أن كثير ا منها أدى إلى قتل النساء والذرية، وبعضها أدى إلى قتل الأبرياء من المسلمين. ؤخذ البريء بجريرة المجرم، قال تعالى6 ﴿ :ثم إن سنة االله أن لا ي C BA @ ? > = < ; : 9 8 7 ONMLKJIHGFED _ ^ ] \ [ Z Y XW V U T S R QP ` ﴾ ]الفتح.[٢٥ : مقاصد الشريعة بين المذهب الإباضي والمذاهب الإسلامية الأخرى/ج٢ ١٠٨ فاالله تعالى منع بحكمته ورحمته وعدله إرسال العذاب على الناس مجرمهم وبريئهم، وب ين أن ذلك سبب للمعرة واللوم والحسرة. ثم أبان أنهم لو تزيلوا عن الأبرياء من المؤمنين لأرسل عليهم العذاب، فأي الطريقين أحسن؟!.هذه سنة االله وطريقته العلامة أطفيش » : 5لو تزيلوا؛ أي :تميزوا عن الكفار«).(١قال ونحن نرى ذلك اعتبار ا بالحال والمآل، وما رأيناه ونراه يحدث من هذه العمليات يجعلنا نستريب في جوازها، واالله أعلم والهادي إلى سواء السبيل. ومثال :ما يرفع من الشر وقد يؤدي إلى شر أعظم :الثورات المسلحة في الدول والمدن وحرق البلاد، فإن ما يترتب عليها من الشر أعظم بكثير من الخير المظنون أو المشكوك فيه، وما يحدث الآن من إهلاك الحرث، والنسل خير شاهد. والأمثلة كثيرة في حياة ا لأمة. ففي هذا الجانب يكمن فقه الموازنات. )» (١هميان الزاد« ، ١٥/١٣و»تفسير الشوكاني« ، ٦٤/٥دار ابن كثير، ط أولى، و»ابن كثير« ، ٣٤٥/٧دار طيبة للنشر، ط ثانية. الفصل الحادي عشر :في الموازنة بين المصالح والمفاسد ١٠٩ ا ا5". %لا& ! -ا/از& -! ,الأو/ت من الباحثين م ن يطلق أحد الفقهين على الآخر لما بينهما من العلاقة ومنهم من يرى الموازنة سابقة على مرحلة الأولوية. وهذا صحيح فإن تقديم الأهم فالأهم من الترجيح والتقديم لا يتم إلا بعد النظر والموازنة بين الأدلة أو المصالح أو بين المصالح والمفاسد، ثم إن فقه الأولويات أخص من فقه الموازنات؛ لأن فقه الموازنات ينتج عن تعارض الأدلة أو المصالح بينما فقه الأولويات لا يشترط أن يكون ناتج ا عن تعارض فقد يكون الأمران جائزين لكن أحدهما أكثر نفع ا وأعظم مصلحة).(١ وأكثر فقه الأولويات لا يكون ناتج ا عن تعارض. والأصل فيه قول الرسول ژ » :احفروا وأوسعوا وادفنوا الاثنين والثلاثة وقد موا أكثرهم قرآن ا«)، (٢والشاهد هو قوله ژ » :قدموا أكثرهم قرآن ا«. ومن فروع هذا الأصل :إذا اجتمع الرجال قدم أفضلهم).(٣ وكذلك النساء قدم أفضلهن. ومن ذلك إذا استووا في العلم قدم أكبرهم. ومن ذلك إذا تقدم اثنان للإمامة قدم أقرؤهم. )» (١فقه الموازنات« للسوسرة، ص. ٣ ) (٢ينظر» :المصنف«. ٢٨٥/٣١ )» (٣المصنف«. ٢٩٠/٣١ مقاصد الشريعة بين المذهب الإباضي والمذاهب الإسلامية الأخرى/ج٢ ١١٠ وإن تقدم اثنان للفتوى والقضاء قدم أفقههم. ومن ذلك :إذا حضرت صلاة الجنازة مع صلاة الفرض قدمت صلاة الجنازة عند أبي حنيفة لئلا تفسد بتأخير الصلاة عليها، وقيل :تقدم صلاة الفرض لأنه فرض عين، وكل قدم الأ ولى في نظره. ومنها :أنه يقدم الأولى فالأولى في صلاة الجنازة قال الإمام أحمد بن عبد االله بن موسى من فقهاء الإباضية» :وأحق النساء بالصلاة عليه الوالدة ثم البنت ثم الأخت ثم الأقرب فالأقرب، فيقدم الأب ثم الزوج ثم الابن ثم الأخ ثم العم. فإن كانت الميتة امرأة فأولى الناس بالصلاة عليها أبوها ثم جدها ثم ابنها، ثم أخوها لأبيها وأمها ثم أخوها لأبيها ثم عصبتها الأقرب فالأقرب«).(١ ومن فروع الموازنة بين المصالح المتعارضة :ما يقوم به الإمام من المن والفداء، والاسترقاق في أهل الحرب فيقدم ما فيه المصلحة.الموازنة بين ومن ذلك :إذا تعارضت عنده مصلحة الدين في الزوجة مع مصلحة الجمال أو المال فيقدم ما يراه الأصلح له. ومن ذلك :الموازنة بين الحرب وعقد الهدنة فيقدم الأولى. »يقدم الأهم فالأهم«).(٢ومن القواعد المقررة عند الإباضية قاعدة : وهكذا رأينا أن فقه الموازنات خاص بالمصالح المتعارضة بخلاف فقه الأولويات فهو عام. )» (١المصنف«. ٢٣١/٣١ ) (٢انظر» :معجم القواعد الفقهية الإباضية«، ج ، ١٥٣٤/٢رقم القاعدة ) (٧٣٦للباحث. الفصل الحادي عشر :في الموازنة بين المصالح والمفاسد ١١١ ا ا>دس أ/ل ! -ا/از&  ا8ب من استقرأ كتاب االله تعالى وجد كثير ا من الآيات التي تشير إلى عملية الموازنة وتبني الأحكام على وفق هذا المنهج السديد. من هذه الآيات قوله تعالى( '& % $ # " ! ﴿ : ) * 9 8 76 5 4 3 2 1 0 /. - , + ] ﴾ < ; :البقرة.[٢١٦ : هذه الآية تشير إلى عملية الموازنة بين تكاليف القتال الذي تزهق فيه الأرواح وتقطع فيه الأشلاء ويلحق بأهله التعب والنصب والبعد عن الأهل والولد وهو ما عنته الآية بأنه كره وبين ما يؤول إليه القتال من رفعة للدين وصون للمقدسات وحرمة للحرمات والأعراض، وقد ب ين االله أن الإنسان قد يكره ما يعود عليه بالنفع المحض، وفيه ترجيح لجانب مصلحة القتال لحفظ الدين على مصلحة حفظ النفس والمال بترك القتال والخلود إلى الراحة والدعة وهذا ما عنته الآية بأنه خير فالموازنة بين المصالح والمفاسد حالا ومآلا واضحة. العلامة أطفيش على هذه الآية بقوله» :وأمر االله ونهيه كلهاوقد ع لق مصلحة للعبد واالله يعلم كل شيء فهو عالم بما يصلح لكم وأنتم لا تعلمون إلا ما علمكم فبادروا إلى ما أمرتم به وإلى ترك ما نهيتم عنه فليس ينهاكم عما هو خير لكم ولا يأمركم بما هو شر لكم«).(١ المثال الثاني :قوله تعالىa ©̈ § ¦ ¥ ¤ ﴿ : « ﴾ ]البقرة [٢٦٣ :وهذه آية تشير إلى الموازنة في باب الأخلاق والآداب، )» (١تيسير التفسير«. ٢٥٠/١ مقاصد الشريعة بين المذهب الإباضي والمذاهب الإسلامية الأخرى/ج٢ ١١٢ بالكلم الطيب اللطيف أعظم في ميزان االلهفقد يكون منع الفقير من العطاء المن والأذى الذي تأباه كرامة الإنسان.من إعطائه مع وقد ب ين االله تعالى أن الم ن يذهب بالحسنات كما يذهب المطر الشديد بالتراب العالق على الحجارة، قال تعالى¶ μ́ 3 2 ﴿ : ̧ ÅÄ Ã Â Á À ¿ 3⁄4 1⁄2 1⁄4 » o 1 Ò Ñ Ð ÏÎ Í Ì Ë Ê É È Ç Æ ] ﴾ Û Ú Ù Ø × ÖÕ Ô Óالبقرة.[٢٦٤ : عام ا في الشريعة، وهو »درءقررت هذه الآية مبدأيقول الشيخ المراغي : المفاسد مقدم على جلب المصالح«)، (١وهي من قواعد فقه الموازنات في الشريعة. والموازنة تظهر في المقابلة بين هذه الآية وبين التي تليها وهي قوله تعالى) ( ' & % $ # " ! ﴿ : * ] ﴾ 2 1 0 /. - , +البقرة[٢٦٥ : الآية، فالمفاضلة ظهرت بين الفريقين. المثال الثالث :قوله تعالى8 76 5 4 3 2 ﴿ : DC B A @ ?> = < ; : 9 ] ﴾ H G F Eالبقرة.[٢٧١ : ففي هذه الآية موازنة بين إسرار الصدقة وإبدائها فقد وازن القرآن بين إخفاء الصدقة وإبدائها، وخ ير العباد بين الأمرين فوصف إبداءها بالفعل الدال على المدح )نع ما هي( فالفعل الجامد )نع م( يدل على المدح فإبداء )» (١تفسير المراغي ٣٣/٣وانظر» :فقه الموازنات« ص ، ٥٥رسالة دكتوراه، ناقشتها للطالب المميز عمر محمد جبه جي في جامعة الجنان، وانظر» :التفسير الميسر« للكندي. ١٣٣/١ الفصل الحادي عشر :في الموازنة بين المصالح والمفاسد ١١٣ الصدقة جائز لكن إخفاءها مراعاة لكرامة الفقير خير، فقد رجح القرآن مصلحة إخفاء الصدقة على مصلحة إبدائها وإشهارها. ففي إظهار الصدقة تشجيع للناس وحثهم على الصدقة وفي هذا مصلحة وفي إخفائها تجرد وإخلاص وستر على الفقير وعدم جرح كرامته بين الناس وهذه مصلحة أرجح ولا شك. المثال الرابع :في قوله تعالى ~ } | ﴿ :ے ¡ £ ¢ ] ﴾̈ § ¦ ¥ ¤الأنعام.(١)[١٠٨ : ذكر القرطبي أن سبب نزول هذه الآية أن كفار قريش قالوا لأبي طالب: إما أن تنهى محمد ا وأصحابه عن سب آلهتنا، والغض منها وإما أن نسب إلهه ونهجوه فنزلت هذه الآية. قال أهل العلم :وحكمها باقفي الأمة على كل حال فمتى كان الكافر في منعة وخيف أن يسب الإسلام أو النبي ژ أو االله 8فلا يحل للمسلم أن يسب صلبانهم، ولا دينهم، ولا كنائسهم ولا يتعرض إلى ما يؤدي إلى ذلك).(٢ وهذه الآية أصـل في سد الذرائـع، وسد الذرائع اجتهاد مقاصـدي يقـوم على الموازنة بين المصلحة والمفسدة، فإن سب آلهة المشركين إهان ة لها، وإغاظة لأهلها مصلحة لأنها حمية للدين إلا أنه يترتب عليهـا مفسدة أعظم منها، السب أولى، وهذا من فقه الموازنة الذي أشار إليه القرآن الكريم.وكان ترك العلامة أطفيش» :وسبها طاعة لكن إن أدى إلى معصية راجحة لاقال يمكن دفعها نهوا عنه وذلك قاعدة كلية لهذه الآية)، (٣وهذا القول تنبيه إلى قاعدة كلية عظيمة وهي قاعدة سد الذرائع. ) (١انظر» :فقه الموازنات« د. جبه جي، ص. ٥٦ )» (٢الجامع لأحكام القرآن« للقرطبي ، ٤٩١/٨مؤسسة الرسالة. )» (٣هميان الزاد« ١١٤/٥و.١٦/٣ مقاصد الشريعة بين المذهب الإباضي والمذاهب الإسلامية الأخرى/ج٢ ١١٤ وهذه موازنة بين المصالح والمفاسد ومن القواعد المقررة »لا يترك حق لباطل«. المثال الخامس :قوله تعالى°̄ ® ¬ « a © ﴿ : 3⁄4 1⁄2 1⁄4 » o 1̧ ¶ ❁ ́ 3 2 ± ¿ ﴾ Ë Ê ÉÈ Ç Æ Å Ä Ã Â Á À ]الأنفال ١٥ :ـ. [١٦ فالتولي من الزحف مفسدة وهو من الكبائر لكنه إذا كان لغرض عسكري يصنع الهزيمة والنكاية بالعدو كأن كان نوع ا من الالتفاف والهجوم من الخلف وتقوية ثغرة في الجيش المسلم جاز فعله؛ لأنه مصلحة عظيمة تعظم على مفسدة التولي كما فعل خالد بن الوليد في غزوة مؤتة حيث تولى أمام الروم بعد أن صنع فيهم النكايات والجراحات تخليص ا للجيش من موت محقق فس ماهم النبي ژ بالكرارين حين أطلق عليهم بعض الناس إلي«).(١ إلي الفرارين، وقال» :أنا فئتكم لفظ يقول العز بن عبد السلام » : 5التولي يوم الزحف مفسدة كبيرة لكنه واجب إذا علم أنه يقتل من الكفار لأن التغرير بالنفوس إنما جاز لما فيه من مصلحة إعزاز الدين بالنكاية بالمشركين فإذا لم تحصل النكاية وجب الانهزام لما في الثبوت من فوات النفوس مع شفاء صدور الكفار، وإرغام أهل الإسلام وقد صار الثبوت هنا مفسدة محضة ليس في طيها مصلحة«).(٢ ويقول أيض ا» :انهزام المسلمين من الكافرين مفسدة لكنه جائز إذا زاد الكافرون على ضعف المسلمين مع التقارب في الصفات تخفيف ا عنهم لما )» (١تيسير التفسير« لأطفيش. ٣٢٠/٣ )» (٢قواعد الأحكام«. ٩٥/١ الفصل الحادي عشر :في الموازنة بين المصالح والمفاسد ١١٥ في ذلك من المشقة دفع ا لمفسدة غلبة الكافرين لفرط كثرتهم على والتحيز إلى فئة مقاتلة بنية أن يقاتل المسلمين وكذلك التحرف لقتال المتحيز معهم، لأنهما وإن كانا إدبار ا إلا أنهما من الإقبال على القتال«)(١؛ أي :من وجه آخر. العلامة أطفيش :وقيل الوعيد خاص بأهل بدر؛ لأنه لا فئة لهموقال فر فيه، أما في غير بدر فمن خاف الموتينحازون إليها فالوعيد خاص لمن بلا فائدة لضعفه وكثرة المشركين فله الفرار«). (٢وهذه موازنة حيث دار الحكم مع الفائدة وعدمها والفائدة هنا هي المصلحة. المثال السادسÍ Ì Ë Ê É È Ç Æ ﴿ : ] ﴾ Ð Ï Îالبقرة.[١٦ : فهذه الآية وردت مورد الذم لمن اختل عنده الميزان في تقدير الموازنة الصحيحة فهي موازنة غير صحيحة مبنية على الهوى والضلال تمخضت عن شراء الضلالة واستبدالها بالهدى وهذه موازنة خاطئة لا محالة. قال الكندي في تفسيره» :وما كانوا مهتدين لطريق التجارة كما يكون ح بربح فيه ويخسروا، والمعنى أنالمتصرفون العالمون بما ير ش التجار مطلوب التجار سلامة رأس المال والربح وهؤلاء قد أضاعوهما فرأس مالهم الهدى ولم يبق لهم مع الضلالة«).(٣ )قلت( :وإنما يوصف بهذا من لم يحسن عملية الموازنة بين المصالح والمفاسد. )» (١قواعد الأحكام«. ٩٥/١ )» (٢تيسير التيسير«. ٣٢١/٣ )» (٣تفسير الكندي«. ٢١/١ مقاصد الشريعة بين المذهب الإباضي والمذاهب الإسلامية الأخرى/ج٢ ١١٦ العلامة أطفيش» :فما ربحت تجارتهم المعهودة التي هي شراءوقال الضلالة بالهدى بل خسروا أبدانهم وأوقاتهم وأموالهم، إذ لم ينالوا بها الجنة«).(١ )قلت( :وهذه أثر الموازنة الخاطئة. المثال السابع :قوله تعالىv u t s r q p ﴿ : ~ } | { z y x wے¡ ± °̄ ® ❁ a ©̈ § ¦¥ ¤ £ ¢ À ¿ 3⁄4 1⁄2 1⁄4 » o 1̧ ¶ μ́ 32 ] ﴾ È Ç Æ ÅÄ Ã Â Áآل عمران ١٤ :ـ. [١٥ ففي هذه الآية مفاضلة وموازنة بين مصالح الدنيا الفانية وبين مصالح الآخرة. قال الكندي» :فيه تزهيد في الدنيا وترغيب في الآخرة«)، (٢وهذه حقيقة الموازنة بين المصالح. المثال الثامن :قوله تعالىF E DC B A @ ? > ﴿ : T S R Q P O N M L K J IH G ] ﴾ \ [ Z Y XW V Uالبقرة.[٢١٧ : ففي هذه الآية موازنة بين المفاسـد :فالقتـال في الشهر الحرام مفسـدة، لكن الفتنـة عـن الـدين والكفر باالله وإخـراج الناس من المسجـد الحـرام مفسدة أعظم، ولا ج ر م أن ارتكاب أهـون المفسدتين واجـب لدفع أشدهما. المثال التاسع :قوله تعالىs r q p o n m ﴿ : ] ﴾ | { z y x w vu tالمائدة.[١٠٠ : )» (١هميان الزاد«. ٢٣/١ )» (٢التفسير الميسر« للكندي. ١٤٩/١ الفصل الحادي عشر :في الموازنة بين المصالح والمفاسد ١١٧ العلامة أطفيش:فهي موازنة بين المصالح والمفاسد في كل شيء، قال »لا يستوي الخبيث من المكلفين، والأعمال، والأقوال والاعتقادات، والأموال والطيب من هؤلاء، ودخل في ذلك المؤمن والكافر والحلال من الأموال والحرام... ولو أعجبك أيها الدنيوي كثرة الخبيث؛ لأن العبرة بالجودة ولو مع القلة«).(١ فهذه موازنة بين الكثرة مع الرداءة وبين القلة مع الجودة، ولا ج ر م أن القليل الجيد خير من الكثير الرديء. المثال العاشر :قوله تعالى» o 1 ̧ ¶ μ́ ﴿ : 1⁄4 1⁄2 3⁄4 ¿ ] ﴾ à  Á Àالبقرة، [٢١٩ :قال أطفيش: »لأن المفسدة إذا ترجحت على المصلحة اقتضت تحريم الفعل«)، (٢وهذه أصل لقاعدة مقاصديةالآية من أصرح الآيات الدالة على فقه الموازنة، وهي مشهورة، وهي) :دفع المفسدة أولى من جلب المصلحة(، وفيها إشارة إلى الترجيح بين المصالح والمفاسد. المثال الحادي عشر :قوله تعالى& % $ # " ! ﴿ : ' ( ) * 3 2 ; 0 /. - , + B A @ ; > =< ; : 9 87 6 5 4 نص صريح في المفاضلة بين القاعدين] ﴾ D Cالنساء، [٩٥ :وهذه الآية  وبين المجاهدين وموازنة بينهما، وهي صريحة في الموازنة والمفاضلة، وترجيح جانب المجاهدين على جانب القاعدين. المثال الثاني عشر :قوله تعالىh g f e d c ﴿ : ] ﴾ s r q p o n m l k j iالكهف.[٧٩ : )» (١تيسير التفسير«. ٣٥١/٢ )» (٢هميان الزاد«. ٢٢٦/٢ مقاصد الشريعة بين المذهب الإباضي والمذاهب الإسلامية الأخرى/ج٢ ١١٨ وتقدير الكلام :يأخذ كل سفينة صالحة غصب ا، فالصفة محذوفة ق السفينة كي لا تعجب الملك،فالخضر ‰علم بهذا الملك المتسلط فخ ر وفي صنيعه موازنة ظاهرة وتقديم أخف الضررين؛ لأن خرق السفينة ضرر ضرر أشد، والموازنة تقتضي ارتكاب أهون الض ررين وأخفوغصبها الشرين، وهذه قاعدة متفق عليها في باب المقاصد فإن قصد الشريعة دفع الضرر أو تقليله وتحقيق المصالح أو تكثيرها. وقد ع لق العز بن عبد السلام على تصرف الخضر » : ‰أن تكون السفينة ليتيم يخاف عليها الوصي أن تغصب وعلم أنه لو خرقها لزهد الغاصب في غصبها فإنه يلزمه خرقها حفظ ا للأكثر بتفويت الأقل فإن حفظ الكثير الخطير بتفويت القليل الحقير من أحسن التصرفات«).(١ كما أجازوا قطع اليد المتآكلة حفظ ا للروح إذا كان الغالب السلامة فإنه يجوز قطعها وإن كان فساد ا لها لما فيه من تحصيل المصلحة الراجحة وهي حفظ الروح، وكذلك حفظ بعض الأموال بتفويت بعضها كتعييب أموال اليتامى والمجانين والسفهاء إذا خيف عليها الغصب فإ ن حفظها قد صار بتعييبها فأشبه ما يفوت من ماليتها من أجور حراستها، وما فعله الخضر ‰مثل ذلك«).(٢ والخضر ‰راعى ارتكاب أهون الضررين وأخف المفسدتين في المسائل الثلاث )خرق السفينة، وقتل الغلام، وبناء الجدار(. وفي تصرفه دليل على عظيم فقهه في اختيار الأولى من المصالح ودفع العلامة أطفيش» :إن االله أعلمه؛ أي :الخضر بحالالأكبر من المفاسد، قال الغلام فظن أو تيقن أن قتله المأمور به قطع المفسدة«).(٣ )» (١قواعد الأحكام«. ٥٠/٢ )» (٢قواعد الأحكام«، ص ٧٨وص. ٧٩ )» (٣هميان الزاد«. ٣٧/٨ الفصل الحادي عشر :في الموازنة بين المصالح والمفاسد ١١٩ المثال الثالث عشر :قوله تعالىm lk j i h g f ﴿ : ] ﴾ w v u t s r q p o nطه.[٩٤ : ففي تصرف هارون ‰موازنة بين مفسدتين واختيار أخفهما فإن في العكوف على جسد العجل مفسدة عظيمة وهي مفسدة الشرك لكن لو أحدث قتالا أو فتنة مع القوم لحدث ما هو أعظم في نظر هارون وهو الفرقة سد د من االلهالتي ربما لم تنته على مرور الدهور، وهذا اجتهاد مقاصدي م تعالى؛ لذلك رأينا موسى قد أقره على اجتهاده فقد وازن هارون بين مفسدتين واختار أدناهن في نظره فقد اختار تركهم عاكفين إلى حين رجوع موسى على ارتكاب الفتنة وإزهاق الأرواح وسفك الدماء. قدم الحفاظ على وحدة قومه في غيبة أخيهقال القرضاوي» :إن هارون الأكبر موسى ريثما يعو د فيتفاهمان كيف يواجهان الموقف الخطير لما يتطلبه من حزم وحنكة«).(١ العلامة ابن عاشور أن اجتهاد هارون كان مرجوح ا واجتهاد موسىويرى أرجح منه؛ لأن حفظ العقيدة الإسلامية أرجح من حفظ الاجتماع إذ إن مصلحة إصلاح الاعتقاد هي أم المصالح التي بها صلاح المجتمع).(٢ )قلت( :بل إن اجتهاد هارون كان راجح ا لأن المنهج لا يقوم بين الناس إلا بأمة قد توحدت على ذلك المنهج، أما الأمة الممزقة والمتفرقة أحزاب ا حيل وجماعات كل حزب بما لديهم فرحون هذه أمة تمزق المنهج و ت العقيدة عقائد شتى، والاستقراء التاريخي شاهد على ذلك فإن الفرق الإسلامية لما اختلفت اختلفت عقائدها وتصوراتها وصارت عقيدتها عقائد شتى، فلا ج ر م أن اجتهاد هارون هو الأصوب والأحكم في الحال والمآل. )» (١فقه الأولويات« للقرضاوي، ص. ١٢٧ )» (٢التحرير والتنوير« لابن عاشور ، ٢٩٣/١٦الدار التونسية وانظر» :فقه الموازنات« د. جبه جي. مقاصد الشريعة بين المذهب الإباضي والمذاهب الإسلامية الأخرى/ج٢ ١٢٠ عقدي ا، وإن انحراف السامريسياسي ا وينقلب لأن الخلاف قد يكون عقدي ا فإن إصلاحه بالحجة والبرهان هو خير من وإن كان في أصله انحراف ا إصلاحه بالسيف والسنان، والحقد والشنآن. وعلى كل حال فلا تثريب عليهما فالكل اجتهد ووازن ولكل وجهة هو موليها. قال أطفيش » : 5وحاصل اعتذار هارون أنه رأى البقاء فيهم مع النهي ومداراتهم، والمحافظة على اجتماعهم إلى أن يأتي موسى فيرى رأي ا أصلح سيما أنهم استضعفوه وكادوا يقتلونه... ثم قال :وفي ذلك دليل علىولا جواز الاجتهاد«)، (١والاجتهاد هنا في الموازنة في اختيار الأصلح. المثال الرابع عشر :في قوله تعالىÄ Ã Â ❁ À ¿ 3⁄4 ﴿ : ] ﴾ Åالقلم.[٣٦، ٣٥ : وهذا استفهام إنكاري ينعى االله فيه الموازنة الخاطئة التي اختلت فيها القيم والموازين. المثال الخامس عشر :في قوله تعالىμ́ 3 2 ± ﴿ : ¶̧ ] ﴾ ¿ 3⁄4 1⁄2 1⁄4 » o 1الجاثية[٢١ : فهي موازنة خاطئة. المثال السادس عشر :قوله تعالىm l k j i h g ﴿ : | { z yx w v u t s r q p o n االله على أصحابها فمن} ~ ے ﴾ ]الأنعام [١٢٢ :وهذه موازنة خاطئة ينعى ذهب إلى ذلك فقد اخت ل عنده الميراث. فليس الحي كالميت وليس الأعمى كالبصير وليس من عمل بطاعة االله وأنفق ماله في سبيل االله كمن عمل بمعصيته. )» (١هميان الزاد«. ١٣٥/٦ الفصل الحادي عشر :في الموازنة بين المصالح والمفاسد ١٢١ وهذا نظير قوله تعالىc b a ` _ ﴿ : ] ﴾ g f edهود، [٢٤ :ونظير قوله تعالىB A @ ﴿ : ] ﴾ F E D Cيوسف.[٣٩ : ونظير قوله تعالى] ﴾ : 9 87 6 5 4 3 ﴿ :النحل،[١٧ : فالتسوية بينهما ممنوعة).(١ ونظير قوله تعالى, +* ) ( ' & % $ # " ! ﴿ : ] ﴾ 6 5 4 3 21 0 /. -الزمر[٢٢ :؛ أي :إنهما لا يستويان).(٢ المثال السابع عشر :قوله تعالى\ [ Z Y X W ﴿ : ]^_`kjihgfedcba ] ﴾ lالتوبة.[١٠٩ : وهذا إنكار على هذه الموازنة الخاطئة أيض ا فالبنيان المؤسس على قاعدة جرف هار.خير من البنيان المؤسس على شفا الإيمان وأ سس الإحسان المثال الثامن عشر :قوله تعالىD C B A @ ? > ﴿ : R QP O N M L K J I H G F E ] ﴾ [ Z Y X WV U TSالنحل، [٧٥ :والاستفهام إنكاري وهذه موازنة خاطئة أيض ا. المثال التاسع عشر :قوله تعالىt ❁ r q p o n m ﴿ : ] ﴾ w v uالشعراء [٩٨، ٩٧ :يقسم أهل النار بأنهم كانوا من الضالين وفي ضلالبينواضح حين ساووا بين معبوداتهم وبين االله تعالى وهذا نتيجة الموازنة الخاطئة. )» (١تفسير الرازي«. ١٩٣/٢٠ ) (٢انظر» :تفسير« لهود بن محكم. ٢٨٧/٣ مقاصد الشريعة بين المذهب الإباضي والمذاهب الإسلامية الأخرى/ج٢ ١٢٢ المثال العشرون :قوله تعالى) ( ❁ & % $ ❁ " ! ﴿ : *;:❁876❁432❁0/.-❁+ < = ❁ ? @ ] ﴾ I H G ❁ E D ❁ B Aعبس ١ :ـ. [١١ هذه الآية نزلت في عبد االله ابن أم مكتوم حين جاء إلى النبي ژ قائلا :يا محمد علمني مما علمك االله، وكان النبي ژ مشغولا بدعوة كبار القوم من قريش فعبس في وجهه وقال له» :إليك عني الآن« فعاتبه ربه بهذا العتاب. وفي هذه الآيات تصحيح لميزان التفاضل وأنه يكون بالتقوى والعمل الصالح لا بالمنصب والجاه فالإنسان إنما يرتقي بما يمثله من قيم أخلاقية ودينية وليس بما يحمله من مقومات مادية وأرضية كالمنصب والنسب والمال ونحو ذلك مما لا وزن له في ميزان االله تبارك وتعالى. وقد ورد أن الذين اشتغل بهم النبي ژ عن هذا الأعمى هو أمية بن خلف وعتبة بن ربيعة أو شيبة أخوه). (١وهؤلاء ع لي ة القوم فنزل على رسول االله ژ العتاب واللوم، وهذا نظير قوله تعالى# " ! ﴿ : 0 /. - , +* ) ( ' & % $ ? > = < ; : 9 8 7 6 5 43 2 1 @ ﴾ ]الكهف.[٢٨ : وقوله] ﴾ Ì Ë Ê É È Ç Æ Å Ä ﴿ :الأنعام[٥٢ : وكان نفر من كبار المشركين قد رأوا في مجلس رسول االله ضعفاء المؤمنين مثل عمار بن ياسر، وابن أم مكتوم، وصهيب الرومي، وبلال الحبشي، وسلمان الفارسي، فقالوا أنف ا :يا محمد لن ندخل إلى مجلس وعندك مثل هؤلاء حتى تطردهم من مجلسك فه م النبي ژ بطردهم فنزلت هذه الآيات. )» (١تفسير القرآن« لهود بن محكم. ١٩٢/٤ الفصل الحادي عشر :في الموازنة بين المصالح والمفاسد ١٢٣ وقد تأسى ملأ محمدژ بملأ نوح ‰حين قالوا لنوح ما حكاه القرآن عن ملئه، قال تعالى ̄ ® ¬ « a ©̈ § ¦ ¥ ﴿ : 3⁄4 1⁄21⁄4»o1 ̧¶μ ́32±° ¿ ] ﴾ à  Á Àهود.[٢٧ : وقد طلبوا من نوح طرد هؤلاء الضعفة، يظهر ذلك من رد نوح على ملئه حيث حكى االله تعالى ذلك عنه بقوله21 0 /. - ﴿ : @ ? >= <; ❁9 8 7 6 5 4 3 ] ﴾ D C BAهود ٢٩ :ـ. [٣٠ فهذه مفاضلات وموازنات أرضية قد اختلت فيها القيم والموازين والاعتبارات، وقد ب ين االله الميزان الصحيح في مثل هؤلاء من ملأ قريش حين رموا القرآن بالافتراء والاختلاف، فقالa ` _ ﴿ : ] ﴾ k j ih g f ed c bهود.[٢٤ : فبين الملأين تشابه في اختلال ميزان التفاضل :تشابهت قلوبهم فتشابهت ألسنتهم وأقوالهم. المثال الحادي والعشرون :في قول االله تعالى$ # " ! ﴿ : ; 0 /. - , + * ) ( ' & % ; > =< ; : 9 87 6 5 4 3 2 @ ] ﴾ D C B Aالنساء.[٩٥ : ففي هذه الآية موازنة ومفاضلة بين المؤمن القاعد عن الجهاد في سبيل االله بماله ونفسه من غير عذر وبين الخارج في سبيل االله بماله ونفسه فالمجاهد بالمال والنفس أعظم درجة. وهذه الدرجة عبرت الآية عنها في آخرها بأنها أجر عظيم. وهي المفاضلة بين المجاهدين وبين القاعدين الذين مقاصد الشريعة بين المذهب الإباضي والمذاهب الإسلامية الأخرى/ج٢ ١٢٤ ليسوا بأولي الضرر وفي معنى هذه الآية قوله تعالىO N M ﴿ : ] ﴾ W V U T SR Q Pالحشر.[٢٠ : وفي معنى قوله تعالى] ﴾ Ì Ë Ê É È Ç Æ ﴿ :الزمر،[٩ : وهذا استفهام إنكاري يفيد النفي؛ أي :لا يستوون. العلامة أطفيش ، 5قال» :وغايةوفي الآية موازنة من وجه آخر ب ينه الجهاد جهاد المرء بماله ونفسه مع ا، ويليه جهاده بنفسه، ويليه جهاده بماله لا ببدنه، بأن يعطي سلاح ا أو فرس ا، أو زاد ا لمن يجاهد«). (١فهذه موازنة بين أنواع الجهاد أعلاها الجهاد بالنفس والمال، ثم بالنفس، ثم بالمال. ا ا>+, ا>&S ا/از&  من استقرأ سنة الرسول ژ وتصرفاته وجد من الأمثلة على فقه الموازنات ما يفوق الحصر. وهذه الموازنات منها ما يكون بين الأعمال الصالحة. ومنها :بين الناس ببيان درجاتهم ومنازلهم. ومنها :الموازنة بين البلاد. ومنها :الموازنة بين ما يدوم وبين ما ينقطع من الأعمال. ومنها :الموازنة بين المصالح والمفاسد. ومنها :الموازنة بين المصالح. )» (١هميان الزاد«. ٨١/٤ الفصل الحادي عشر :في الموازنة بين المصالح والمفاسد ١٢٥ ومنها :الموازنة بين المفاسد. ومنها :الموازنة بين الحقوق. فهذه فروع سبعة سوف أتناولها بالشرح والبيان. المطلب الأول :الموازنة بين الأعمال الصالحة السنة الصحيحة أحاديث في الموازنة بين الأعمال الصالحةثبت في ذكرت طرف ا منها عند كلامي على أهمية فقه الموازنات، وسوف أسوق بعض الأمثلة على ذلك. المثال الأول :في المفاضلة بين الإسلام كما ب وب بذلك مسلم بن أي الحجاج في »صحيحه« فعن أبي موسى ƒقال :قالوا :يا رسول االله الإسلام أفضل؟ قال» :من سلم المسلمون من لسانه ويده«).(١ وعن عبد االله بن عمرو ^ أن رجلا سأل النبي ژ أي الإسلام خير؟ قال» :تطعم الطعام، وتقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف«).(٢ أي العمل أفضل؟ فقال» :إيمانوعن أبي هريرة أن رسول االله ژ سئل باالله ورسوله« قيل :ثم ماذا؟ قال» :الجهاد في سبيل االله«، قيل :ثم ماذا؟ قال: »حج مبرور«).(٣ أي الأعمال أفضل؟وعن عبد االله بن مسعود ƒقال :سألت النبي ژ »بر الوالدين«، فقلت :ثم قال» :الصلاة على ميقاتها«، قلت :ثم أي؟ قال: أي؟ قال» :الجهاد في سبيل االله«).(٤ ) (١تقدم تخريجه ص.. ١٠١ ) (٢تقدم تخريجه ص. ١٠١ ) (٣تقدم تخريجه ص. ٩٩ ) (٤تقدم تخريجه ص. ٩٩ مقاصد الشريعة بين المذهب الإباضي والمذاهب الإسلامية الأخرى/ج٢ ١٢٦ ففي هذه الأحاديث موازنة بين الأعمال وتقديم بعضها على بعض بالنظر إلى مقتضى حال كل سائل).(١ فقد قدم النبي ژ كل عمل بما يناسب حال السائل فمن رآه يؤخر الصلاة عن ميقاتها قدم الصلاة في حقه، ومن رآه يصلي على الوقت إلا أنه ق بوالديه قدم بر الوالدين في حقه وقد سبق بيان ذلك.عا  وقدم الصوم في حق بعض الناس والحج في حق آخرين، وهذه طبيعة فقه الموازنة. وقد أشار صاحب الفتح إلى أن الجواب اختلف باختلاف أحوال السائلين. المطلب الثاني :الموازنة بين الأشخاص ثبت التفاضل بين الأشخاص وقد بني على المفاضلة بين الأشخاص علم مستقل مرتبط بعلم مصطلح الحديث وعلم أصول الفقه. فأفضل الناس بعد رسول االله ژ أبو بكر، ثم عمر، ثم عثمان، ثم علي، والبعض قدم علي ا على عثمان، وبعضهم جعلهما في مرتبة واحدة فكلاهما أهل سابقة وبلاء في الإسلام، وكلاهما صهر للنبي ژ، وكلاهما مبشر بالجنة. وفي هؤلاء الصحابة أحاديث في المفاضلة والموازنة، منها: علي في صحبته وماله أبو بكر، قول الرسول ژ » :إن من أ من الناس ولو كنت متخذ ا خليلا غير ربي لاتخذت أبا بكر«).(٢ ) (١انظر» :فتح الباري« ، ٩/٢دار المعرفة. ) (٢صحيح البخاري باب قول النبي ژ سدوا.. برقم )(٣٦٥٤ الفصل الحادي عشر :في الموازنة بين المصالح والمفاسد ١٢٧ فج ا غيره«)، (١وقال» :لو وقال في عمر» :لو سلكت فج ا لسلك الشيطان كان في أمتي محدثون ملهمون لكان عمر«).(٢ ومن المفاضلة قول الرسول ژ » :أفرضكم زيد، وأقضاكم علي، وأعلمكم بالحلال والحرام معاذ بن جبل«).(٣ وعن أنس بن مالك قال :قال رسول االله ژ » :أرحم أمتي بأمتي أبو حياء عثمان بن عفان، وأعلمهمبكر، وأشد ها في أمر االله عمر، وأصدقهم بالحلال والحرام معاذ بن جبل، وأفرضهم زيد بن ثابت، وأقرؤهم أبي ابن كعب، ولكل أمة أمين وأمين أمتي أبو عبيدة بن الجراح«)، (٤وهذا الحديث وأمثاله أصل في الموازنة في اختيار أصحاب الاختصاص وتقديم بعضهم على بعض عند التزاحم فيقدم في الفقه الأفقه، وفي القرآن الأقرأ، وفي الفرائض الأفرض وهكذا. هذا في الأشخاص والأفراد، وهناك موازنة في الجماعات كأهل بدر وأهل بيعة الرضوان.. ونحو ذلك. المطلب الثالث :في الموازنة بين البلاد هم بارك في شامنا ويمننا«،فقد فاضل النبي ژ بين البلاد، فقال» :ال ل فقالوا :وفي نجدنا؟ قال» :منها يطلع قرن الشيطان«).(٥ ) (١رواه البخاري في مناقب عمر ٢٦/٤رقم الحديث ).(٣٢٩٤ )» (٢معارج الآمال«. ٤٨٥/٩ )» (٣شرح الجامع الصحيح« لنور الدين السالمي. ٤٧٣/٤ )» (٤سنن الترمذي« »، ٦٦٤/٥مناقب معاذ بن جبل«. ) (٥صحيح البخاري باب ما قيل في الزلازل والآيات برقم ).(١٠٣٧ مقاصد الشريعة بين المذهب الإباضي والمذاهب الإسلامية الأخرى/ج٢ ١٢٨ وقال في فضل الشام أيض ا» :ستكون جنود مجندة :جند في اليمن، وجند في العراق، وجند في الشام« قال أبو حوالة :خير لي يا رسول االله؟ قال: »عليك بالشام فإن االله باسط كفيه على الشام«).(١ وقال أيض ا» :لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر االله«، قالوا :أين هم يا رسول االله؟ قال» :في بيت المقدس وأكناف بيت المقدس«)، (٢وهناك أحاديث في فضل الشام كثيرة، وفي فضل مكة أم القرى وقبلة المسلمين فيها وهي خير بلاد االله أجمعين. وفي فضل المدينة، قال» :والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون«).(٣ وقال» :إن المدينة تنفي خبثها«)، (٤وقال» :إن الإسلام ليأرز إلى المدينة كما تأرز الحية إلى حجرها«).(٥ وقال في فضل ع مان كما في »صحيح مسلم« »ولو أن أهل عمان أتيت لما ضربوك وما شتموك«. وقد بوب له مسلم بقوله» :باب فضل أهل عمان«).(٦ وفي »المعجم الكبير« للطبراني )، (٨١٦٤و»مصنف عبد الرزاق« )، (١٣٩٨٧عن طلحة بن داود قال :قال رسول االله ژ » :نعم المرضعون أهل عمان«. ) (١سنن أبي داود باب في سكنى الشام برقم ).(٢٤٨٣ ) (٢مسند أحمد ٦٥٧/٣٦ط الرسالة. ) (٣صحيح مسلم باب في فضل المدينة ٩٩٢/٢برقم ).(١٣٦٢ ) (٤صحيح البخاري باب المدينة تنفي الخبث برقم ).(١٨٨٣ ) (٥صحيح البخاري باب الأيمان بارز إلى المدينة. ٢١/٣ ) (٦رواه مسلم ١٩٧١/٤باب فضل أهل عمان رقم ٧٥حديث ١٥٤٤/وانظر» :إتحاف الأعيان«. الفصل الحادي عشر :في الموازنة بين المصالح والمفاسد ١٢٩ وعن مخلد بن عقبة بن شرحبيل عن جده قال :قال رسول االله ژ » :من تعذرت عليه التجارة فعليه بعمان«).(١ وفي فضائل عمان أحاديث لا تخلو من ضعف لكن موضوعها وهو فضل عمان ثابت في رواية مسلم وفيه غنية عن الضعيف. ومن المفاضلة بين الأمكنة حديث أبي هريرة أن النبي ژ قال» :صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام«).(٢ المطلب الرابع :في الموازنة والمفاضلة بين ما يدوم وبين ما ينقطع من الأعمال ت فهي أفضل منقد ورد عنه ژ أنه ر غب في الأعمال الدائمة ولو قل الكثير المنقطع، فعن عائشة ، #قالت» :عليكم بما تطيقون فواالله لا يمل االله حتى تملوا، وكان أحب الدين إليه ما دام عليه صاحبه«).(٣ ومن هنا كانت الصدقة الجارية أفضل من غيرها، لأن نفعها يدوم ولا ينقطع، ولذلك رغب الفقهاء في الأحباس والأوقاف، وفض لوا ما يدوم من العقارات غير المنقولة على غيرها نظر ا لدوام نفعها. وهذا نوع من الموازنة، وفض ل بعضهم النفقة والصدقة على ما يدوم نفعه كالنفقة والتصدق على تعليم القرآن والعلوم الشرعية وحبس الكتب لدوام نفعها فض لوا ذلك على سائر الوجوه. ) (١هذا الحديث متكلم فيه وقد تساهل العلماء في رواية الضعيف في الفضائل والمناقب. انظر» :إتحاف الأعيان في فضائل عمان«. ٤/١ )» (٢صحيح البخاري« كتاب »الصلاة« في مسجد مكة والمدينة رقم. ٣٦٧/١، ١٩١٠ )» (٣صحيح البخاري« كتاب »الإيمان« باب أحب الدين إلى االله أدومه رقم. ٤٣ مقاصد الشريعة بين المذهب الإباضي والمذاهب الإسلامية الأخرى/ج٢ ١٣٠ المطلب الخامس :الموازنة بين المصالح والمفاسد السنة فكثيرة: أما الموازنة بين المصالح والمفاسد في من ذلك :ما رواه أبو هريرة قال :قام أعرابي فبال في المسجد فتناوله الناس فقال لهم النبي ژ » :دعوه وأهريقوا على بوله سجلا من ماء ـ أو ذنوب ا ـ من ماء فإنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين«).(١ قال النووي في شرحه لهذا الحديث :وفيه الرفق بالجاهل وتعليمه ما يأت بالمخالفة استخفاف ا أو عنادا، وفيهيلزمه من غير تعنيف، ولا إيذاء إذا لم دفع أعظم الضررين باحتمال أخفهما لقوله ژ » :دعوه« لمصلحتين؛ إحداهما لو قطع عليه بوله لتنجست ثيابه، وبدنه ومواضع كثيرة في المسجد).(٢ ويقول ابن حجر :لم ينكر النبي ژ على الصحابة ولم يقل لهم لم ل م تمنعوا الأعرابي بل أمرهم بالكف عنه للمصلحة الراجحة وهو دفع أعظم المفسدتين باحتمال أيسرهما، وتحصيل أعظم المصلحتين بترك أيسرهما، وفيه المبادرة إلى إزالة المفسدة عند زوال المانع لأمرهم عند فراغه بصب الماء عليه).(٣ ففي تصرفه ژ موازنة بين المصلحة والمفسدة، وموازنة بين المفسدتين. وصورة ذلك أن قطع بوله لو حصل بالمنع لتنجست ثيابه وبدنه ومواضع عدة من المسجد، فارتكب أخف الضررين بدفع أشدهما وهي مصلحة بحد ذاتها. )» (١صحيح البخاري« كتاب »الوضوء« باب صب الماء على البول في المسجد رقم، ٦٠٢٤ وانظر» :موسوعة الإمام جابر بن زيد«. ٥٤٧/١٣١٠/ )» (٢شرح النووي على صحيح مسلم« ، ١٩١/٣وانظر» :فقه الموازنة« د. جبه جي ص.١٠٤ )» (٣فتح الباري« ج ٣٢٤/١و.٣٢٥/ الفصل الحادي عشر :في الموازنة بين المصالح والمفاسد ١٣١ وأما الموازنة بين المفاسد :فهو أن حبس البول مفسدة للأعرابي لربما يصاب بمرض بسبب انحباس البول. وانتهاره مفسدة أيض ا؛ لأنه سوف ينجس ثوبه وبدنه ومواضع عدة من المسجد، فهذه مفاسد عدة فقدم النبي أيسرهما وهو تنجيس مكان محدد من المسجد يسهل تطهيره ولا يتضرر الأعرابي، ولا شك أنه إذا تعارضت مفسدتان قدم أخفهما لدفع أشدهما).(١ وذكر الشيخ أبو ستة من فقهاء الإباضية هذا الحديث في حاشية الترتيب، فقال» :لم ينكر النبي على الصحابة، ولم يقل لهم :لم نهيتم الأعرابي؟ بل أمرهم بالكف عنه للمصلحة، وهي دفع أعظم المفسدتين باحتمال أيسرهما وتحصيل أعظم المصلحتين بترك أيسرهما«) (٢وهو كلام ابن حجر السابق. إ #0 &%ا.ة n,را:P ومن الأمثلة على الموازنة بين المصالح والمفاسد ما ذكره الشيخ أبو ستة في »حاشية الترتيب« عن القرطبي من أن النبي ژ أمر بإراقة الخمر في طرقات المدينة وذكر عن القرطبي أن من قال بطهارة الخمر استدل بهذه الواقعة لأنه ژ نهى عن التخلي في الطرقات فلو كانت نجسة ما أمرهم بإراقتها في الطرقات، قال القرطبي » : 5والجواب :أن القصد من الإراقة كان لإشاعة تحريمها فإذا اشتهر ذلك كان أبلغ فتحمل أخف المفسدتين لحصول المصلحة العظيمة الحاصلة من الاشتهار«).(٣ ) (١انظر :هذه القاعدة »الكوكب الدري« للحضرمي. ٧٩/٦ )» (٢حاشية الترتيب«. ٣١١/١ )» (٣حاشية الترتيب« لأبي ستة. ٢٦٠/٣ مقاصد الشريعة بين المذهب الإباضي والمذاهب الإسلامية الأخرى/ج٢ ١٣٢ 0ك S,ء ا/ *$% &8ا %إ,ا(':# ومن الأمثلة على الموازنة بين المصلحة والمفسدة قول الرسول ژ لعائشة » : #لولا حداثة قومك بجاهلية لأنفقت كنز الكعبة في سبيل االله ولجعلت بابها بالأرض ولأدخلت فيها من الحجر«).(١ فقد وازن النبي ژ بين مصلحة إعادة الكعبة إلى قواعد إبراهيم ‰ سيما وأنهم وبين المفسدة الحاصلة بزوال هيبة البيت من قلوب الناس ولا حديثو عهد بجاهلية وكفر. فقدم رفع المفسدة، لأنفقد وازن النبي ژ بين المصلحة والمفسدة ذلك مصلحة أيض ا، فإن تعظيم الكعبة كان من بقايا الحنيفية السمحة وهي م لة إبراهيم ‰فقد لا يتحمل الناس هدمها وتغيير شكلها، لذلك اختار إبقاءها على ما هي عليه، وهذا فقه عظيم وموازنة ظاهرة. وقد علق الإمام السالمي 5على هذا الحديث، فقال» :وفي الحديث ترك ما هو صواب خوف وقوع مفسدة أشد، واستئلاف الناس إلى الإيمان، واجتناب ولي الأمر ما يتسارع الناس إلى إنكاره، وما يخشى منه تولد الضرر ترك فيه أمر واجب كمساعدتهمعليهم في دين أو دنيا وتألف قلوبهم بما لا ي على ترك الزكاة وشبه ذلك، وفيه تقديم الأهم فالأهم من دفع المفسدة وجلب المصلحة، وأنهما إذا تعارضا بدئ بدفع المفسدة، واالله أعلم«).(٢ هذا تمام ما قال. وفيه من الموازنة وفقه الأولويات ما لا يخفى، وسوف خاص ا بفقه الموازنة عند الإباضية إن شاء االله، أ ما هنا فسوفأفرد مطلب ا أقتصر على ذكر نماذج من أحاديث النبي ژ وتعليق الأئمة عليها: ) (١صحيح البخاري، باب :فضل مكة وبنيانها /١٤٦/٢ :رقم ).(١٥٨٥ )» (٢شرح الجامع الصحيح« للسالمي. ٢٥٢/٣ الفصل الحادي عشر :في الموازنة بين المصالح والمفاسد ١٣٣ اN8ب لإلاح ذات ا':3 ومن الأمثلة على الموازنة بين المصالح والمفاسد حديث أم كلثوم بنت عقبة أنها سمعت رسول االله ژ يقول» :ليس بالكذاب الذي يصلح بين الناس فينمي خير ا أو يقول خير ا«).(١ فالكذب هنا محمول على التورية وهي ارتكاب أهون الضررين. وروى البخاري بسنده عن أبي هريرة حديث إبراهيم مع جبارمن الجبابرة، وفيه أن إبراهيم دخل عليه ومعه سارة وهي من أجمل نساء الدنيا آنذاك فأرسل إليه أن يا إبراهيم من التي معك؟ قال :أختي. ثم رجع إليها، مؤمن وقال لها :لا تكذبيني فإني أخبرتهم أنكأختي، واالله إ ن على الأرض آمنت بككنت غيري وغيرك. فقامت سارة فتوضأت وقالت :ال ل هم إن فغط حتىعلي الكافر وبرسولك وأحصنت فرجي إلا على زوجي فلا تسلط إلي إلا شيطان اركض برجله حصل ذلك ثلاث مرات، فقال :واالله ما أرسلتم أرجعوها إلى إبراهيم وأعطوها أجر ا فرجعت إلى إبراهيم ، ‰فقالت: أشعرت أن االله كبت الكافر وأخدم وليدة).(٢ وهذا من إبراهيم ليس كذب ا حقيقي ا بل من المعاريض، وقد قال النبي ژ » :إن لكم في المعاريض لمندوحة عن الكذب«، فهو يقصد أنها أخته في الدين لعصمة الأنبياء عن الكذب. قال النبي ژ » :قال إبراهيم لسارة هذه أختي وذلك في ذات االله. (٣)« 8 ) (١صحيح البخاري باب ليس الكذاب الذي يصلح بين الناس برقم ).(٢٦٩٢ )» (٢صحيح البخاري« كتاب »البيوع« باب شراء المملوك من الحربي وهبته وعتقه، رقم ).(٢٢١٧ )» (٣صحيح البخاري«. ٤٥/٧ مقاصد الشريعة بين المذهب الإباضي والمذاهب الإسلامية الأخرى/ج٢ ١٣٤ )قلت( :وكان الأولى بالبخاري وهو أمير الصنعة أن يضـع هـذا الحديث تحت باب المعاريض وهو أحد الأبواب التي عقـدها 5لمـثل هذه الأحاديث لكنه أخرجه في »الأدب المفرد« في باب المعاريض).(١ المع رضة هو أن من عادةوالذي حمل إبراهيم على اللجوء إلى استعمال ذلك الملك أنه إذا أراد نكاح امرأة لها زوج أنه يقتل زوجها، فقد وازن خليل االله بين مفسدتين واختار أدناهما لدفع أشدهما. ومن القواعد المقررة عند الإباضية »المعرضة أولى من الكذب«).(٢ ومعنى هذه القاعدة أن التعريض والتورية خير من الكذب حيث جاز الكذب، وحيث لا ضرورة تدعو إلى استعمال التورية، أما حيث لا يجوز الكذب، وحيث لا ضرورة تدعو إلى استعمال التورية، فلا تجوز التورية ولا المعاريض«). (٣وفروع القاعدة ذكرتها في »معجم القواعد« وفي »الموسوعة« أيض ا وهي كثيرة ومتنوعة. وقد ذكر العز بن عبد السلام » :5أن الكذب يصير مأذون ا فيه ويثاب على المصلحة التي تضمنها على قدر رتبة تلك المصلحة من الوجوب في حفظ الأموال، والأبضاع، والأرواح، ولو صدق في مثل هذه المواطن لأثم إثم المتسبب إلى تحقيق هذه المفاسد وتتفاوت الرتب له ثم التسبب إلى المفاسد يتفاوت بتفاوت رتب تلك المفاسد«).(٤ العلامة أطفيش 5تعليق ا على ما نسب إلى إبراهيم منويقول الكذب في قوله :إني سقيم، وفي قوله عن زوجته :إنها أخته. قلت :يجوز )» (١الأدب المفرد« قسم الشعر باب المعاريض، رقم ) ٣٠٥/١ (٨٥٥ت محمد فؤاد عبد الباقي. )» (٢معجم القواعد الفقهية الإباضية« ، ١٣٦٦/٢رقم القاعدة ) (٦٥٠للباحث. )» (٣معجم القواعد«. ١٣٦٦/٢ )» (٤قواعد الأحكام«. ٩٦/١ الفصل الحادي عشر :في الموازنة بين المصالح والمفاسد ١٣٥ الكذب في التقية، والحرب، وبين الزوجين، والإصلاح مطلق ا، وقيل :لا يجوز الكذب ولو في ذلك إلا بالمعاريض وصححه جار االله. وقد قيل: إن معنى سقيم؛ مشارف على السقم ولو خلا الإنسان في عمره عن بد له أن يسقم بسقم الموت كأنه حاضر. وقيل :سقيم القلبالسقم فلا بكفرهم أو خارج المزاج عن الاعتدال«)، (١ونحو ذلك مما يدل على التعريض. ويرى أبو حامد الغزالي أن الكذب في الأصل محرم لكنه قد يكون مباح ا إذا حصلنا به مصلحة مباحة كالإصلاح بين الناس، وقد يكون واجب ا إذا كان به درء مفسدة محرمة كإراقة دم امرئ مسلم بغير حق بشرط أن يلتمس المسلم الصدق ما أمكنه. وقد ضبط الغزالي إباحة الكذب بقوله: »الحد فيه أن الكذب محذور ولو صدق في هذه المواضع تولد منه محذور فينبغي أن يقابل أحدهما بالآخر ويزن بالميزان القسط فإذا علم أن المحذور الذي يحصل بالصدق أشد وقع ا في الشرع من الكذب فله الكذب، وإن كان المحذور في الصدق أهون فيجب الصدق، وقد يتقابل الأمران بحيث يتردد فيهما، وعند ذلك الميل إلى الصدق أولى لأن الكذب يباح لضرورة أو حاجة مهمة فإن شك في كون الحاجة مهمة فالأصل التحريم فيرجع إليه، ولأجل غموض إدراك مراتب المقاصد ينبغي أن يحترز الإنسان من الكذب ما أمكنه، وكذلك مهما كانت الحاجة له فيستحب له أن يترك أغراضه ويهجر الكذب، فأما إذا تعلق بحق الغير فلا تجوز المسامحة لحق وإلا ضرر به).(٢الغير )» (١هميان الزاد« ، ٣٦١/١١وانظر» :الجامع الصغير« له أيض ا. ٩٩/١ )» (٢إحياء علوم الدين« للغزالي ، ١٧٨/٣وانظر» :فقه الموازنة« د. عمر محمد جبه جي، ص ، ١١١رسالة ماجستير ناقشتها في جامعة الجنان، سنة ٢٠١٤م. مقاصد الشريعة بين المذهب الإباضي والمذاهب الإسلامية الأخرى/ج٢ ١٣٦  +rا لاة qورة أو :&TR السنة حديث أبي برزة الأسلمي ƒومن الأمثلة على فقه الموازنات في أنه كان يصلي ولجام دابته بيده فجعلت الدابة تنازعه وجعل يتبعها فقال سمعت رجل من الخوارج :الله م افعل بهذا الشيخ. فلما انصرف قال :إني قولكم وإني غزوت مع رسول االله ژ ست غزوات أو سبع غزوات أو إلي من أن وشهدت تيسيره وإني وإن كنت أراجع مع دابتي أحب ثمانية، علي«).(١فيشقهافأدعها ترجع إلى مأ ل فقد علق ابن عاشور على الحديث بقوله :فمشاهدة أفعال رسول االله ژ المتكررة استخلص منها أن من مقاصد الشريعة التيسير. فرأى أن قطع الصلاة من أجل إدراك فرسه ثم العودة إلى استئناف صلاته أولى من استمراره على صلاته مع تجشم مشقة الرجوع إلى أهله راجلا. جوز الفقهاء قطع الصلاة من أجل إدراك مصلحة أو دفع مفسدةوقد ومنهم فقهاء الإباضية. يقول أبو الحسن البسيوي في »جامعه« :قيل :يقطع صلاته من المطر الشديد الذي يخاف منه الضرر على نفسه، أو لدابة تنفر عنه وهو في حال السير، أو لصرف دابته تأكل طعامه أو لشيء وقع يخاف هلاكه ثم يستأنف بعد صلاته وأما غير ذلك فلا يجوز قطع الصلاة«).(٢ والموازنة هنا ظاهرة في تقديم درء أعظم المفسدتين فرجوعه إلى بلده وأهله مشي ا فيه مشقة كبيرة تكون مناط ا للترخص في قطع الصلاة ثم إعادتها بعد ذلك، وفي ذلك جمع بين مصلحة حفظ المال وحفظ الدين. )» (١صحيح البخاري« كتاب »العمل في الصلاة« باب إذا انفلتت الدابة في الصلاة، رقم ).(١٢١١ )» (٢جامع أبي الحسن البسيوي«. ٥٤/٢ الفصل الحادي عشر :في الموازنة بين المصالح والمفاسد ١٣٧ ومن الأمثلة على الموازنة بين المصلحة والمفسدة :تحريم الخروج على الحاكم إلا إذا ظهر منه كفر بواح: روى عبادة بن الصامت ، ƒقال :دعانا رسول االله ژ فبايعناه على السمع والطاعة في منشطنا ومكرهنا وعسرنا ويسرنا وأثرة علينا وأن لا ننازع الأمر أهله إلا أن تروا كفر ا بواح ا عندكم فيه من االله برهان).(١ ففي هذا الحديث دليل على تحمل الضرر الخاص لأنه أخف المفسدتين ما لم يظهر الكفر البواح فإذا أظهره وجب على المسلمين عزله إذا قدروا أما لو ترتب على عزله فساد للحرث والنسل وخراب العمران فيجب الصبر؛ لأنه أخف الضررين وأهون المفسدتين. وذكر النووي أن الخروج على الحكام وقتالهم حرام بإجماع المسلمين ولو كانوا فسق ة ظالمين، فلو طرأ عليه كفر وتغيير للشرع أو بدعة خرج عن حكم الولاية، وسقطت طاعته، ووجب على المسلمين القيام عليه، ونصب إمام عادل إن أمكنهم ذلك، فإن عجزوا لم يجب القيام، و ل يهاجر المسلم وليفر بدينه).(٢ من أرضه إلى غيرها ونقل الشيخ أبو ستة كلام النووي، وهو قوله» :المراد بالكفر هنا المعصية؛ ومعنى الحديث :لا تنازعوا ولاة الأمور في ولايتهم ولا تعترضوا عليهم إلا أن تروا منهم منكر ا محقق ا تعلمونه من قواعد الإسلام«. وقال بعد نقله هذا الكلام :إنه كلام حق).(٣ )» (١صحيح البخاري« كتاب »الفتن« باب قول النبي ژ » :سترون بعدي أمور ا تنكرونها« رقم. ٥٦ ) (٢انظر» :صحيح مسلم« بشرح النووي ، ٢٢٩/١٢كتاب »الإمارة« باب وجوب طاعة الأمراء في غير معصية، و»مسند الربيع بن حبيب«.١٤٥/١، )» (٣حاشية الترتيب«. ٢٨٥/٢ مقاصد الشريعة بين المذهب الإباضي والمذاهب الإسلامية الأخرى/ج٢ ١٣٨ أما ما ذهب إليه بعض المسلمين من جواز الخروج على أئمة الجور أو وجوبه كما هو مذهب الخوارج فهذا مذهب معروف لكنه مقيد بما لم يؤد إلى ظلم وتعسف وفساد أكبر من فساد الحاكم. وقد د ل استقراء التاريخ على أن الثورات ما أزالت باطلا إلا وحصل مثله أو أشد منه. والموازنة الصحيحة تقتضي أن ينظر المجتهد أو الموازن إلى المفاسد التي قد تحدث في الحال أو المآل ويوازن بين المصالح والمفاسد بميزان القسط فإنه يدرك أن الصبر على ارتكاب أخف الضررين أولى. نعم فإ ن في ادعاء الإجماع على عدم الخروج على الولاة نظرا؛ لأن من المذاهب جو ز ذلك كالإباضية، والزيدية، والمعتزلة وهم من علماءالإسلامية من لأمة الذين لا ينعقد الإجماع بدونهم لكن كما قلت :بحدود معينة، وهي ماا لم يؤد الخروج إلى فتنة أشد من فتنة حكم الكافر أو الفاسق لأنهم يقولون بقاعدة :يرتكب أخف الضررين وأهون الشرين، وهذه المسألة من فروعها. ـ ترك النبي ژ قتل المنافقين :ذكر البخاري أن عبد االله بن سلول رأس المنافقين قال :أوق د تداعوا علينا لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل. فقال عمر :ألا نقتل هذا الخبيث يا رسول االله؟ فقال النبي ژ » :لا يتحدث الناس أنه كان يقتل أصحابه«).(١ ففي هذا الحديث من فقه الموازنة :ترك المصلحة إذا أفضت إلى مفسدة وهذا ما يسميه علماء الأصول بسد الذرائع. وفي الحقيقة :إن قاعدة سد الذرائع من هذا القبيل، فهي في حقيقتها ترك المصلحة إذا كانت تفضي إلى مفسدة. ) (١رواه البخاري في »صحيحه« باب ما ينهى من دعوة الجاهلية. ١٨٢/٤ الفصل الحادي عشر :في الموازنة بين المصالح والمفاسد ١٣٩ قال النووي تعقيب ا على هذا الحديث» :وفيه ترك بعض الأمور المختارة والصبر على بعض المفاسد خوف ا من أن يترتب على ذلك مفسدة أعظم منه«).(١ المطلب السادس :في الموازنة بين المفاسد التفاوت بين المصالح ثابت عن صاحب الشرع وكذلك التفاوت بين المفاسد؛ فالمصالح درجات والمفاسد دركات، وعلى الناظر في دين االله أن يوازن بين درجات المصالح فيقدم أعظمها وبين دركات المفاسد فيدفع أشدها بارتكاب أخفها. عد ولا يحصى.السنة وجد من ذلك ما لا يومن تصفح وسوف أورد بعض النماذج: النموذج الأول :حديث أنس ƒقال :قال رسول االله ژ » :ألا أخبركم بأكبر الكبائر«، قال» :الإشراك باالله، وعقوق الوالدين، وقتل النفس، وشهادة الزور«).(٢ أي الذنب أعظم؟ قال» :أنوعن عبد االله بن مسعود قال :سألت النبي ژ تجعل الله ند ا وهو خلقك« قلت :إن ذلك لعظيم، قلت :ثم أي؟ قال» :أن قلت :ثم أي؟ قال» :أن تزاني حليلةتقتل ولدك تخاف أن يطعم معك«، جارك«).(٣ )» (١شرح النووي على صحيح مسلم« ١٣٩/١٦باب نصرة الأخ ظالم ا أو مظلوم ا :ج.١٣٩/٦ )» (٢صحيح البخاري« كتاب »الأدب« باب عقوق الوالدين رقم ).(٥٩٧٦ )» (٣صحيح البخاري« كتاب »تفسير القرآن« باب ﴿ « ¬ ®̄ ﴾ ]البقرة :[٢٢ :ج١٨/٦ رقم ).(٤٤٧٧ مقاصد الشريعة بين المذهب الإباضي والمذاهب الإسلامية الأخرى/ج٢ ١٤٠ ففي هذين الحديثين بين لنا رسول االله أن المحرمات على مراتب بعضها أشد من بعض فأعظمها الإشراك باالله ثم عقوق الوالدين ثم قتل النفس ثم شهادة الزور، و)ثم( في الحديث تفيد العطف مع الترتيب والتراخي ويدخل في قتل النفس قتل الأولاد خشية الإملاق. لذلك قسم الأصوليون المنهيات إلى أقسام :كالحرصة، ثم الكراهة، ثم خلاف الأولى، سل م من ثلاث درجات؛ فالدرجة الأدنى هي خلاف الأولى، ثم الدرجة الثانية هي الكراهة، ثم أعلى الدرجات الحرمة فليس حكم الدرجة الدنيا كحكم الدرجة العليا. ثم الكفر نوعان :كفر دون كفر، وكذلك الشرك فهناك شرك دون شرك، ونفاق دون نفاق، فهناك كفر اعتقادي وهو جحود الإله، وهناك كفر عملي كالحكم بغير ما أنزل االله، وهناك شرك أعلى وهو أن تجعل الله ندا، وهناك شرك أدنى وهو الرياء والسمعة. وهناك نفاق أعلى وهو إظهار الإسلام وإبطان الكفر، وهناك نفاق أدنى وهو التخلف عن صلاة الجماعة، قال السلف :كنا نرى من يتخلف عن الجماعة منافق ا ظاهر النفاق، وهو نفاق عملي؛ لأن المنافق في المعتقد هو من لا يصلي البتة لا في بيته ولا في المسجد. وهناك تفاوت بين المفاسد بالنظر إلى الأحوال: فالزنا من الشيخ الكبير أعظم مفسدة من الزنا من البكر. والزنا بالمحارم أعظم خطر ا من الزنا بالأجنبيات. والزنا بحليلة الجار أعظم خطر ا من الزنا بغيرها. الفصل الحادي عشر :في الموازنة بين المصالح والمفاسد ١٤١ والزنا والمعاصي في رمضان أعظم من المعاصي في سائر الشهور. وكذلك المعاصي في البلد الحرام أعظم من المعاصي في سائر البلاد. وقتل العمد أعظم من قتل الخطأ، وقتل الوالد أعظم من قتل غيره، والقتل خشية الإملاق أعظم من غيره؛ لأنه ينطوي على سوء ظ ن بأن االله هو الرزاق ذو القوة المتين. وهذا الحديث يثبت التفاوت بين الذنوب فمنها الصغائر، ومنها الكبائر، ومنها أكبر الكبائر، وهو مذهب الجمهور. وشذت طائفة منهم الأستاذ أبو إسحاق الإسفراييني وبعض أهل العلم، فقالوا :جميع الذنوب كبائر وإنما يقال لبعضها صغيرة بالإضافة إلى ما هو أكبر منها. والسنة على الأول. قال النووي :قد تظاهرت الأدلة من الكتاب وقال الغزالي في »البسيط« :إنكار الفرق بين الصغيرة والكبيرة لا يليق بالفقيه. إلى أن قال :وقال القرطبي :ما أظنه يصح عن ابن عباس أن كل ذنب كبيرة؛ لأنه مخالف لظاهر القرآن في قوله تعالىd c b ﴿ : ] ﴾ j i h g f eالنساء، [٣١ :وقولهn m ﴿ : ] ﴾ s r q p oالنجم [٣٢ :فجعل المنهيات قسمين :كبائر وفرق بينهما في الحكم.وصغائر وهي اللمم، ومن القواعد المقررة في المذهب الإباضي» :أن السيئات تتضاعف كما تتضاعف الحسنات«).(١ )» (١حاشية الترتيب« لأبي ستة. ٣٣٧/٤ مقاصد الشريعة بين المذهب الإباضي والمذاهب الإسلامية الأخرى/ج٢ ١٤٢ وهذه القاعدة صادقة بوجهين: الأول :أن الذنوب متفاوتة لأن الضعف زيادة في الذنب والجرم).(١ الثاني :أن الذنوب تتضاعف بفعلها مرار ا وتكرارا، أو لهتك حرمة الزمان والمكان، أو الزمان والمكان مع ا مثال هتك حرمة الزمان :الزنا في شهر رمضان، ومثال هتك حرمة المكان :الزنا في بيت االله الحرام، ومثال هتك حرمة الزمان والمكان مع ا :الزنا في شهر رمضان داخل البيت الحرام. قال في »الإيضاح«» :من أكل الميتة في شهر الصوم أو شرب الخمرة كانت عليه مغلظتان مغلظة لهتك حرمة الشهر ومغلظة لشرب الخمرة. وإذا كرر الجماع في رمضان كانت عليه بكل أكلة مغلظة«).(٢ وقال المناوي الحنفي في »فيض القدير« تعليق ا على قول االله تعالى: ﴿ < = > ? @ ] ﴾ D C B Aالحج» :[٢٥ :الإتيان بالجملة الإسمية يفيد ثبوت الإلحاد ودوامه، والتنوين للتعظيم فهو إشارة إلى عظم الذنب. قالوا :وهذا من خصائص الحرم فإنه يعاقب الناوي للشر إذا عزم عليه ولم يفعله، وذهب بعض الصحابة إلى أن السيئات تتضاعف فيه كالحسنات«).(٣ وذكر الإمام الرازي عن مجاهد قوله :تتضاعف السيئات فيه كما تضاعف الحسنات، وبتضاعف الذنب تتضاعف العقوبة.. فقد قال الماوردي في »الحاوي الكبير« :لما ج ل د علي بن أبي طالب النجاشي )» (١معجم القواعد« ٦١٨/١رقم القاعدة )، (٢٧٠وانظر :كتاب »الإيضاح«. ٣١٦/٢ ) (٢كتاب »الإيضاح« ٣١٦/٢للشماخي. )» (٣فيض القدير«. ٨١/١ الفصل الحادي عشر :في الموازنة بين المصالح والمفاسد ١٤٣ ثمانين على شرب الخمر ثم عشرين، قال النجاشي :أما الثمانون فقد لاوة؟) (١فقال علي :على تجرئك على االله في شهرالع عرفتها، فما هذه رمضان. ذكر ذلك أبو الفضل صالح ابن الإمام أحمد)، (٢ومالك في »المدونة«)، (٣والسالمي في »معارج الآمال«، وصاحب »شرح التجريد« من الزيدية).(٤ وهكذا فإن المفاسد تتضاعف كما تتضاعف المصالح. وقد نص على ذلك العز في قواعده)، (٥والشاطبي في اعتصامه).(٦ المطلب السابع :في الموازنة بين الحقوق السنة وجد الكثير من النماذج،من تتبع الموازنة بين الحقوق في وسوف أعرض بعضها: النموذج الأول :أن حق الأم أولى من حق الأب فقد سأل رجل النبي ژ فقال :من أحق الناس بصحبتي يا رسول االله؟ قال» :أمك«، قال :ثم من؟ قال: »أمك«، قال :ثم من؟ قال» :أمك«، قال :ثم من؟ قال» :أبوك«).(٧ لأم مقدم على حق الأب.ففي هذا الحديث ب ين النبي ژ أن حق ا )» (١تفسير الرازي«. ٢١٧/٢٣ )» (٢مسائل أحمد« رواية أبي الفضل. ٣٢٢/٢ )» (٣المعونة«. ٥٤٧/٤ )» (٤شرح التجريد«. ١٥٠/٥ )» (٥قواعد الأحكام«. ١٩/١ )» (٦الاعتصام«. ٣٥٥/٢ )» (٧صحيح البخاري« كتاب »الأدب« باب من أحق الناس بحسن الصحبة رقم. ٥٩٧١/ مقاصد الشريعة بين المذهب الإباضي والمذاهب الإسلامية الأخرى/ج٢ ١٤٤ النموذج الثاني :سأل رجل النبي ژ قال :يا رسول االله لي جاران إلى أيهما أهدي؟ قال» :إلى أقربهما منك باب ا«).(١ وذكر العلماء أن الجار ثلاثة :جار مسلم من الأرحام، وجار مسلم ليس من الرحم، وجار غير مسلم فالأول أولى وهو الجار المسلم القريب فله ثلاثة حقوق :حق الجوار، وحـق الرحم، وحـق الإسـلام. والثاني له حقان فهو في المرتبة الثانية، له حق الجوار، وحق الإسلام، وغير المسلم له حق واحد :هو حق الجوار فهو في المرتبة الثالثة وهذا موازنة في الحقوق. ومن فقه الموازنات :إذا تعارض حق العبد مع حق الرب قدم حق العبد، مبني على المسامحة.مبني على المشاحة وحق الربلأنه لذلك قالوا :التوبة تسقط حق الرب ولا تسقط حق العبد، ومن القواعد الحد في حقوق الآدميين«.المقررة عند الإباضية» :أن التوبة لا تسقط الحد«)، (٢وسوف يأتي تفصيل ذلك أكثرقال ابن بركة» :التوبة لا ترفع إن شاء االله. ) (١صحيح البخاري باب أي الجوار أقرب برقم ).(٢٢٥٩ )» (٢الجامع« ، ٥٢٨/٢وانظر» :معجم القواعد الإباضية« ٤٠٠/١رقم القاعدة ).(١٦٩ الفصل الحادي عشر :في الموازنة بين المصالح والمفاسد ١٤٥ ا ا"3 ! -ا/از&  'Mة ا! S لن أخوض كثير ا في سيرة النبي ژ فقد كتب في ذلك طالب في جامعة الجنان بحث ا أطال فيه وأجاد)، (١لكني سأشير إلى أهم الأحداث فأقول: المكية المطلب الأول :في الموازنة في المرحلة إن من يرافق النبي الكريم ژ في مسيرته الطويلة في العهد المكي والمدني يرى منهج ا فريد ا يرسم للأمة الخطوط العريضة في وضع أسس فقه الأولويات. في الدعوة، والتشريع والخطاب والبناء، بناء الفرد، وبناء لأمة بل كان الميزان دقيق ا في أول اتصال منلأسرة، والمجتمع، والجيل وا ا السماء بالأرض في قول االله 8لنبيه ژ ] ﴾ O N M L K ﴿ :العلق،[١ : تلاها قوله تعالى ❁ } | ﴿ :ے ¡ ﴾ ]المدثر ١ :ـ ، [٢فالأولى إعلام بالنبوة، والثانية إعلام بالرسالة. وهذا ما يقتضيه فقه الاختيار فأعظم ما فضل االله به الإنسان الاصطفاء بالنبوة ولا رسالة بدون نبوة. والعلم أعظم ما امت ن االله به على خلقه، ويليه العمل فهو ثمرة العلم، فلا عجب إن كان ذلك في أول اتصال للسماء بالأرض. ) (١عنيت به الدكتور عمر محمد جبه جي، وقد نال فيها شهادة الدكتوراه كنت أحد مناقشيها. فمن أراد التوسع فليرجع إلى أطروحته »فقه الموازنات في الشريعة الإسلامية«. مقاصد الشريعة بين المذهب الإباضي والمذاهب الإسلامية الأخرى/ج٢ ١٤٦ ثم كانت التزكية في مكة ﴿ 6 5 4 3 2 1 0 /. ] ﴾ B A @ ? > = < ; : 9 8 7الجمعة.[٢ : وقد ركز النبي على الجانب الإيماني فكان يربط الناس بربهم وخالقهم المكية تشد انتباه الناس إلى خالق السموات والأرض وتطلبوكانت السور منهم النظر في ملكوت السماء والأرض. ﴿ e d c b a ` _ ^] \ [ Z Y X ] ﴾ fيونسX W V U T S R Q P ﴿، [١٠١ : gfedcba`_^]❁[ZY ❁utsrqpo❁mlkji ¤ £¢ ¡ ❁ ~ } | { z ❁ x w v ] ﴾ a ©̈§ ¦ ¥ق ٦ :ـ. [١١ فالعقيدة هي رأس مال المسلم وهي الرابط الذي يربط المسلم بالعالم العلوي. والإنسان بدون عقيدة كالحيوان المهمل. والعقيدة هي هوية المسلم وهي وطنه الذي يتفيأ ظلاله، فهي التي تطلعه على حقائق هذا الدين وأنه من عند االله وأن االله هو الخالق والرازق، والمعطي والمانع، وهو المعز المذل، وهو الخافض الرافع، وهو المحيـي المؤخر، وهو الذي بيده مقاليد كل شيء W ﴿ : 4 المقدم والمميت، وهو d c b a ` _ ^ ] \ [ Z Y X ] ﴾ q p o n m lk j ih g f eآل عمران.[٢٦ : وقرآني ا فريد ا لم ولن يجود رباني ا وقد صنعت هذه العقيدة منهم جيلا الزمان بمثله، جيلا رباه محمد ژ وغرس بذوره بيده الشريفة في البلد الطيب وسقاه من معين القرآن، فنعم الزارع ونعم الزرع ونعم الأرض الطيبة ونعم المعين الطيب. الفصل الحادي عشر :في الموازنة بين المصالح والمفاسد ١٤٧ وصدق االله إذ يقول* ) ( ' & % $# " ! ﴿ : : 9 8 7 6 54 3 2 1 0 /. - &% ;< = > ? @H G F E D C B A ] ﴾ Q P O N M L K J Iالفتح...[٢٩ : الآية. فالزارع محمد بن عبد االله ژ، والزرع هم أصحابه @، والأرض هي مكة، واالله يقول+ * ) ( '& % $ # " ! ﴿ : ] ﴾ - ,الأعراف.[٥٨ : والله در إمام دار الهجرة الذي استنبط من هذه الآية تكفير كل من يجد في قلبه غيظ ا على أصحاب محمد ژ. بهذه العقيدة بنوا الدولة في المدينة، وبها فتحوا البلاد وبذلوا المهج والدماء رخيصة في سبيل االله، وبها ث لوا العروش ودان لهم الأكاسرة والقياصرة. وحج ا ومعاملات. بهذه العقيدة حفظوا الشريعة طهارة، وصلاة وصيام ا وبهذه العقيدة حملوا الرحمة والسلام للعالمين وكانوا خير أمة أخرجت للناس. ض عبهذه العقيدة ك فوا عن المحارم والآثام، وأهريقت الخمور، وو ورف ع الظلم من الأرض وعاش الناس في سلام الربا عن كاهل الناس، ووئام. فلا عجب أن تكون العقيدة هي الدرجة الأولى في سلم هذا الدين الحنيف. مقاصد الشريعة بين المذهب الإباضي والمذاهب الإسلامية الأخرى/ج٢ ١٤٨ وبعد غرس العقيدة تأتي الدرجة الثانية وهي الالتفات إلى الشريعة: وحج ا، وذلك في العهد المدني، وسوف أتكلم عنه في فرعصلاة، وزكاة، خاص. ومن أولويات النبي ژ في مكة :هي دعوة الناس إلى الإسلام. فابتدأ النبي بدعوة من حوله من الناس مثل زوجه خديجة بنت خويلد، وصاحبه أبي بكر، وابن عمه علي بن أبي طالب ، ƒومولاه حارثة، وحاضنته أم أيمن، ثم الحلقات الأقرب فالأقرب، فدعا سعد بن أبي وقاص، وطلحة، والزبير.. وغيرهم. ثم أنذر عشيرته الأقربين فاطمة، وحمزة، وصفية. ثم دعا قريش ا، وغيرها من القبائل، وقد اختار من القبائل أهمها :مثل بني هاشم، وبني عبد شمس، وبني مخزوم، وبني تميم، وبني عدي، وهذيل، وغفار، وبني سليم، وخزاعة وغيرها من القبائل المرموقة في ذلك العصر. ثم عرض نفسه على القبائل في موسم الحج، وعقد مع قوم من يثرب عدة بيعات كبيعة العقبة الأولى والثانية. ثم وجه رسائله إلى ملوك الأرض إلى كسرى وقيصر، والمقوقس هذه حركة النبي ژ في مكة فقد وضع منهاج ا واضح ا بين فيه سلم الأولويات في هذا الدين الحنيف. وهكذا ر تب النبي ژ أولوياته في الدعوة في مكة من السرية والكتمان إلى الاتصال الفردي، ثم توسيع دائرة دعوته لتشمل الأحرار، والعبيد، والرجال، والنساء، والصبيان، والتجار، والعمال، والعشائر ثم عرض نفسه على القبائل. الفصل الحادي عشر :في الموازنة بين المصالح والمفاسد ١٤٩ بدأ بغرس العقيدة ونزع أوهام الخرافة والجاهلية من الرؤوس واتخذ بيته بقرب الصفا ليلتقي بالحجاج الوافدين إلى البيت العتيق).(١ المطلب الثاني :فقه الموازنة في العهد المدني لما تهيأت الأرض الطيبة لاستقبال الرسول ژ وأتباعه ت مت الهجرة من المنورة عاصمة مكة إلى يثرب لتصبح كما سماها رسول االله ژ المدينة مستقلة بذاتها وبذلك توفر المناخ المناسب الذي يرتفع فيه صوت الإسلام خوف ولا وجل).(٢بلا فقدم الأه م فالأهم :فبنى النبي المسجد، ثموقد رتب النبي ژ أولوياته، آخى بين المهاجرين والأنصار، ثم كتب وثيقة بين المسلمين وغيرهم. وسوف أتناول هذه الأعمال مبين ا أهميتها في سلم الأوليات. أولاS, :ء ا>:j أول خطوة خطاها النبي ژ في المدينة إقامة المسجد في المكان الذي بركت فيه ناقته وقد اشترى المكان من غلامين يتيمين كانا يملكانه رغم رغبتهما في التبرع به في سبيل االله، وكان النبي ژ يعمل مع أصحابه في بناء المسجد ينقل التراب والأحجار. فالمسجد هو الركيزة الأولى، وهو أولى الأوليات، وأهم ركيزة في بناء المجتمع المسلم، فيه ينشر العلم، ومنه يخرج الدين، وعبر مآذنه يعلو ذكر االله تصديق ا لقول االله تعالىÝ Ü Û Ú Ù Ø × Ö Õ Ô ﴿ : ) (١انظر» :شذا من السيرة« لأحمد مصلح وآخرين ٣٠/١وما بعدها باختصار. ) (٢المصدر نفسه. ١٧٦/١ مقاصد الشريعة بين المذهب الإباضي والمذاهب الإسلامية الأخرى/ج٢ ١٥٠ +*)('&%$#"!❁áàßÞ ] ﴾ 4 3 2 1 0 /. - ,النور... [٣٧، ٣٦ :الآية. ففي المسجد يص لي المسلمون وتلتقي فيه أرواحهم، وفيه ينشر العلم، وهو برلمان الأمة ومجلس شوراها فيه تعقد الرايات، وتنطلق التوجيهات وتعقد التحالفات والاتفاقات، وفي جنباته تزرع العقيدة، ومنه يشع النور إلى العالمين؛ لذلك حرص النبي ژ على البدء فيه).(١ تتخطى مجال العبادة والتوجيه،إن للمسجد في الإسلام رسال ة عظيم ة فهو خلية اجتماعية تبحث فيه قضايا المجتمع المسلم، وهو مدرسة تربوية تعقد فيه الدروس والمحاضرات، وهو دار للتمريض والاستشفاء كما ثبت ذلك في التاريخ في مصر والعراق والأندلس، وهو مكان يأوي إليه كل من انقطعت به السبل. :'1ا ٴ/ا;ة 3',ا 3TPوالأ ر: آخى النبي ژ بين المهاجرين والأنصار، وسمى لكل مهاجر أخاه من الأنصار، توثيق ا لهذه الوحدة بين المسلمين، ورفق ا بالمهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم، وصون ا للأوس والخزرج من فتنة التقاتل والتدابر).(٢ فقد أراد النبي ژ صهر ذلك المجتمع الذي ضربته العصبية الجاهلية ومزقته الحروب المدمرة ونخرت فيه الأهواء والمصالح، أراد جمعه تحت رابطة واحدة وآصرة واحدة ووشيجة واحدة، هي رابطة الإسلام، وآصرة الإيمان، ووشيجة الأخوة في االله ورسوله. ) (١انظر» :شذا من السيرة« ، ١٧٦١و»السيرة النبوية« لبوحجام. ٢٤/١ )» (٢السيرة النبوية« لبوحجام. ٢٥/١ الفصل الحادي عشر :في الموازنة بين المصالح والمفاسد ١٥١ فقامت تلك الأخوة المباركة وارتفع بناؤها الشامخ وضربت بجذورها في الأرض فح لت الوحدة محل التفرقة، وحلت المحبة محل الكراهية، وحل الإيثار محل الشح والأثرة، وصدق االله العظيم إذ يقول1̧ ﴿ : ÆÅÄÃÂÁÀ¿3⁄41⁄21⁄4»o Ô Ó Ò Ñ ÐÏ Î Í Ì Ë Ê É È Ç ] ﴾ × Ö Õالحشر.[٩ : أي :يختارون إخوانهم من المهاجرين ولو كان بهم فقر وحاجة، فعن ابن عمر :أهدي إلى رجل من الأنصار شاة، فقال :إن أخي فلان ا وعياله أحوج مني فأرسل إليهم، حتى تداوله سبعة بيوت فرجع إلى الأول، فنزلت الآية وهي في مدح الأنصار«).(١ وقد قابل المهاجرون هذا الحب والإيثار بالدعاء لإخوانهم بالمغفرة والرضوان، فما استغلوا تلك العاطفة الجياشة، وما أثقلوا عليهم الطلب، بل قالوا لإخوانهم :بارك االله لكم في أموالكم لكن د لونا على السوق. روى البخاري أنه لما قدم المهاجرون إلى المدينة آخى الرسول ژ بين الرحمن :إني أكثر ٰالرحمن بن عوف وسعد بن الربيع، فقال سعد لعبدٰعبد الأنصار مالا أقسم مالي بيني وبينك نصفين، ولي امرأتان فانظر أعجبهما الرحمن :بارك ٰإليك فسمها لي أطلقها فإذا انقضت عدتها فتزوجها. قال عبد االله لك في مالك وأهلك، أين سوقكم؟ فدلوه على سوق بني قينقاع، فما عاد إلا ومعه فضل من أقط وسمن، ثم رجع مرة أخرى إلى السوق بل مرات. )» (١تيسير التفسير« لأطفيش. ١٣٦/١١ مقاصد الشريعة بين المذهب الإباضي والمذاهب الإسلامية الأخرى/ج٢ ١٥٢ الأخوة أخوة الدين حتىمبني ا على هذهوكان الميراث في بادئ الأمر نسخها االله بقوله] ﴾ Ò Ñ Ð Ï Î Í Ì Ë ﴿ :الأنفال،[٧٥ : وهذا مروي عن ابن عباس).(١ وهكذا كانت المؤاخاة هي اللبنة الثانية التي وضعها النبي لبناء المجتمع المسلم. &,E :1ا 3', &!'1/ا> 3'$وا'/Pد: بعد أن بنى رسول االله ژ المسجد الذي كان مركز ا للإشعاع والتوحيد ومنارة لرفع ذكر االله ، 8وآخى بين المهاجرين، والأنصار وجمعهم على آصرة الإسلام. سيما اليهود ينظم علاقة المسلمين مع غيرهم ولا أراد أن يضع دستور ا والذين سكنوا المدينة، فبناء المسجد أولا لتحسين العلاقة بين المسلمين وبين ربهم، والمؤاخاة لتنظيم علاقة المسلمين فيما بينهم، وجاءت الوثيقة لتنظيم العلاقة بين المسلمين وغير المسلمين. وهذا الترتيب يمثل سلم الأولويات الذي وضعه النبي ژ في المدينة. وكانت تلك الوثيقة عبارة عن عقد موادعة وميثاق تعايش بين المسلمين وبين اليهود في المدينة. وقد اشتملت تلك الوثيقة على سبعة وأربعين بندا، أذكر أهمها: ١ـ المسلمون من قريش ويثرب ومن تبعهم فلحق بهم وجاهد معهم أمة واحدة من دون الناس. )» (١هميان الزاد«. ٤٥٨/٣ الفصل الحادي عشر :في الموازنة بين المصالح والمفاسد ١٥٣ ٢ـ هؤلاء المسلمون جميع ا على اختلاف قبائلهم ي و دو ن دماء قتلاهم ويف دون عانيهم )أسيرهم( بالمعروف والقسط بين المؤمنين. ٣ـ تعاون المسلمين مع اليهود دون الظلم والعدوان. ٤ـ حماية من أراد العيش مع المؤمنين والامتناع عن ظلمهم والاعتداء عليهم. ٥ـ لا يحل لمن أقر بما في الصحيفة وآمن باالله واليوم الآخر أن ينصر مجرم ا أو يؤويه وإن نصره أو آواه فإن عليه لعنة االله وغضبه يوم القيامة لا يؤخذ منه صرف ولا عدل. ٦ـ يهود بني عوف أمة مع المؤمنين لليهود دينهم وللمسلمين دينهم إلا من ظلم وأثم فإنه لا يهلك إلا نفسه وأهل بيته. ٧ـ إن ليهود بني النجار والحارث وساعدة، وبني جشم وبني الأوس مثل ما ليهود بني عوف. ٨ـ إن على اليهود نفقتهم وعلى المسلمين نفقتهم وأن بينهم النصر على من حارب أهل هذه الصحيفة. ٩ـ إن على غير المسلمين أن يتعاونوا معهم على صد الخطر والعدوان عن المدينة. ١٠ـ من خرج من المدينة فهو آمن ومن قعد فهو آمن إلا من ظلم وأثم).(١ وهذه الوثيقة أقرت اليهود على ربعاتهم ودينهم، وحفظت لهم الدماء والأموال، ويلاحظ أن النبي ذكر قبائل يهود من بني عوف، والحارث، والنجار، وبني ساعدة كل قبيلة جعلها أمة بمفردها حتى إذا غدرت قبيلة ونقضت الوثيقة )» (١السيرة النبوية« لبوحجام ، ٣٨/١و»شذا من السيرة« ، ١٤١/٢و»حياة محمد« لمحمد حسين هيكل، وانظر» :خاتم النبيين« محمد أبو زهرة ٤٩٩/٢دار الفكر العربي، و»فقه السيرة« للغزالي. ١٩٤/١ مقاصد الشريعة بين المذهب الإباضي والمذاهب الإسلامية الأخرى/ج٢ ١٥٤ أخذت بغدرها دون غيرها من بقية القبائل، ولم يجعل القبائل كلها قبيلة واحدة لكي لا تزر وازرة وزر أخرى. وهذا من تمام العدل والإنصاف. يقول الشيخ محمد الغزالي » : 5وهذه الوثيقة تنطق برغبة المسلمين في التعاون الخالص مع يهود المدينة لنشر السكينة في ربوعها والضرب نصت بوضوح على أنعلى أيدي العادين ومدبري الفتن أي ا كان دينهم، وقد حرية الدين مكفولة فليس هناك أدنى تفكير في محاربة طائفة أو إكراه مستضعف، بل تكاتفت العبارات في هذه المعاهدة على نصرة المظلوم وحماية الجار ورعاية الحقوق الخاصة والعامة«).(١ هذه الخطوات الثلاث تمثل سلم الأولويات تتلوها أولويات أخرى مثل تأسيس جيش قوي والتصدي للمشاكل الاقتصادية، والاجتماعية. وكان القرآن المدني ينزل على رسول االله بالحلول والتصدي لكل هذه المشاكل بطول آياته وسوره التي تناسب البيان والتشريع ووضع الحلول المناسبة. المطلب الثالث :فقه الموازنة في صلح الحديبية ذكرت كتب السيرة أن النبي ژ أراد أن يعتمر فدعا أصحابه لزيارة البيت العتيق، ولم يكن مع المسلمين إلا سلاح المسافر؛ السيوف في ت ناق ت ه، فقال لها النبي ژأغمادها، فلما وصل النبي ژ إلى الحديبية ح ر ن ل، ح ل«، فلم تنبعث، فقالوا :خلأت القصواء. فقال»ح والمسلمون : رسول االله ژ » :ما خلأت ولا هو لها بعادة ولكن حبسها حابس الفيل أما واالله لا يسألوني اليوم خطة في تعظيم حرمة االله إلا أعطيتهم إياها«، ثم زجرها فوثبت، فنزل النبي ژ على ثمد قليل الماء، ففزعت قريش لنزوله، )» (١فقه السيرة«. ١٩٥/١ الفصل الحادي عشر :في الموازنة بين المصالح والمفاسد ١٥٥ فأرسل النبي ژ عثمان بن عفان يخبر أن النبي ژ أتى زائر ا لا يريد حرب ا مست عثمان بمكروه فدعا رسول االله ژولا قتالا. وقد أشيع أن قريش ا قد إلى البيعة، وكانت بيعة على الموت في سبيل االله، وبايع النبي عن عثمان فلما رجع عثمان ƒسالم ا قالوا له :اشتفيت من الطواف بالبيت؟! فقال: مكثت بها سنة ورسول االله ژ فيبئسما ظننتم بي والذي نفسي بيده لو فأبيت. طفت بها حتى يطوف، ولقد دعتني قريش إلى الطوافالحديبية ما فقال المسلمون :رسول االله أعلم باالله وأحسننا ظن ا. وحصلت مفاوضات بين النبي ژ وبين بديل بن ورقاء وعروة بن مسعود أسفرت عن نزول قريش عن موقفها في صد النبي ژ عن البيت لعلي» :اكتب وقبولها بالصلح، وأرسلت سهيل بن عمرو، فقال رسول االله ژ بسم االله الرحمن الرحيم«، فقال سهيل :لا نعرف إلا رحمن اليمامة، ولكن اكتب :باسمك اللهم، فكتبها علي. قال رسول االله ژ » :اكتب :هذا ما صالح عليه رسول االله سهيل بن عمرو«، فقال سهيل :لو نعلم أنك رسول ما قاتلناك ولكن اكتب» :محمد ابن عبد االله«، فقال النبي ژ لعلي» :امحها«، فقال :لا واالله لا أمحوها، فقال النبي ژ » :أين مكانها من الكاغد« فدله عليها فمحاها النبي ژ بيده الشريفة. وكانت بنود صلح الحديبية صعبة على النبي ژ وأصحابه حيث جاء فيها: ١ـ يرجع النبي محمد ژ لا يدخل البيت الآن إلا في العام القادم يدخلها هو وأصحابه ليس معهم سلاح سوى سلاح المسافر؛ السيوف في أغمادها. مقاصد الشريعة بين المذهب الإباضي والمذاهب الإسلامية الأخرى/ج٢ ١٥٦ ٢ـ من ذهب إلى محمد منا فعلى محمد ژ رده إلينا، ومن جاءنا من المسلمين لم نرده إليهم. ٣ـ الاتفاق على هدنة لمدة عشر سنوات لا يتقاتل فيها الناس. ٤ـ من أحب أن يدخل في عقد قريش دخل ومن أحب أن يدخل في عقد محمد دخل، فدخلت خزاعة في عقد محمد، وبكر في عقد قريش. وألح عليه فيلما سمع عمر بهذه البنود اشتاط غيظ ا وكلم رسول االله الكلام قائلا :ألم تعدنا يا رسول االله أن ندخل البيت الحرام آمنين محلقين ومقصرين؟ فقال ژ » :نعم لكن لم أقل لكم هذا العام«، ثم ذهبرؤوسنا إلى أبي بكر، فقال له أبو بكر :يا عمر أأنت تابع أو متبوع؟ فقال :بل تابع، فقال أبو بكر :الزم غ ر زه. ولما اش تد الكلام على رسول االله قال» :أنا عبد االله ورسوله ولن يضيعني«).(١ هذا مختصر ذلك الحدث الجلل ومن تأمل طريقة النبي ژ في تعامله مع هذا الحدث ظهر له سلم الموازنة الذي اتبعه رسول االله ژ. فقد وازن النبي ژ بين دخول مكة مقاتلا وبين التحلل من الإحرام ليأتي في العام القادم فاختار أهون الض ررين؛ لأن النبي ژ لم يرد إراقة يأت محارب ا وليس معه سلاح يصلح لفتح معركة ولودماء في الحرم ولم يتحدث الناس أن محمد ا اجتاح أهله في البلدخارج الحرم ولم يرد أن الحرام. ثم وازن بين قبوله بالبند الثاني وعدم قبوله، فرأى أن المصلحة في قبوله، وقد علل ذلك بقوله» :من جاءهم منا هارب ا ومرتد ا فليس لنا فيه من حاجة ومن جاء منهم إلينا نرده عسى االله أن يجعل له مخرج ا«. )» (١مختصر سيرة الرسول ژ «. ١٨٢/١ الفصل الحادي عشر :في الموازنة بين المصالح والمفاسد ١٥٧ ثم وازن البند الثالث هل يختار الهدنة أم الحرب؟ فرأى في الهدنة مصلحة عظيمة يأمن الناس فيها على دمائهم ويتوقف السيف والسنان وتبدأ الحجة والبرهان، ويعد المسلمون العدة ويستقبلون الوفود القادمة إليه يسألون عن الإسلام فكان كل الخير في هذا الصلح. وقد سماه االله فتح ا، وأنزل فيه] ﴾ % $ # " ! ﴿ :الفتح، [١ :فقال عمر :أ ف ت ح هو يا رسول االله؟ فقال النبي ژ » :نعم إنه لفتح«. وقد أثنى االله على صلح الحديبية وسماه فتح ا عظيم ا. روى ابن هشام عن ابن إسحاق عن الزهري قال :ما فت ح في الإسلام فتح قبله كان أعظم منه )أي :صلح الحديبية( إنما كان القتال حيث التقى الناس. فلما كانت الهدنة وضعت الحرب أوزارها، وأمن الناس بعضهم بعض ا التقوا فتفاوضوا في الحديث، والمنازعة فلم يكلم أحد بالإسلام يعقل شيئ ا إلا دخل فيه، ولقد دخل في تينك السنتين مثل ما كان في الإسلام قبل ذلك أو أكثر).(١ وكان أبو بكر ƒيقول» :ما كان فتح في الإسلام أعظم منه؛ أي :صلح الحديبية ولكن الناس يومئذ قصر رأيهم عما كان بين محمد وربه والعباد يعجلون واالله تبارك وتعالى لا يعجل... لقد نظرت إلى سهيل بن عمرو في حجه قائم ا عند المنحر يقرب إلى رسول االله بدنة ورسول االله ژ ينحرها بيده ودعا الحلاق فحلق رأسه، وٱنظر إلى سهيل يلقط من شعره وأراه يضعه على عينيه وأذكر إباءه أن يقر يوم الحديبية بأن يكتب بسم االله الرحمن )» (١سيرة ابن هشام«. ٣٢٢/٢ مقاصد الشريعة بين المذهب الإباضي والمذاهب الإسلامية الأخرى/ج٢ ١٥٨ حمدت الذي هداه إلىالرحيم ويأبى أن يكتب أن محمد ا رسول االله ف الإسلام«).(١ وبعض العلماء يرى صنيع رسول االله ژ في صلح الحديبية وحي ا من أقره الوحي عليه.السماء بينما يراه آخرون اجتهاد ا وأرى أنه الأرجح لأن الأمر لو كان وحي ا من االله وليس للنبي فيه أي لعمر أن يثور ويعترضتدبير لأخبر الصحابة أنه يسير بوحي ولما تسنى والموضع موضع بيان والبيان لا يجوز تأخيره عن وقت الحاجة إليه، لكنه اجتهد ووفقه االله للصواب، أما قوله ژ» :أنا عبد االله ورسوله ولن يضيعني االله« فإن ذلك لا يعني أن النبي كان يتحرك بالوحي بل اجتهد وأيقن أن االله صوبه وسدده فييقره على الخطأ بل سيسدده ويصوبه كما لن يتركه ولن أمر أسرى بدر وغير ذلك من اجتهاداته. نعم نؤمن أن االله وفقه لإصابة الحق كما يوفق المجتهدين من أمته وكانوا يجتهدون ويقولون :إن أصبنا الحق فمن االله وإن أخطأنا فمن أنفسنا، ولم تكن إصابة الحق عن وحي، واالله أعلم. سيما أن مسائل الحرب والسلم، ونحوها مما تخضع لاجتهادولا النبي ژ. )» (١مغازي الواقدي«. ٦١٠/٢ الفصل الحادي عشر :في الموازنة بين المصالح والمفاسد ١٥٩ ا ا+M  ا/از&  'Mة ا $.ء اا3 وفيه مطالب المطلب الأول :في فقه الموازنة عند أبي بكر الصديق 3 بعد أن لحق الرسول ژ بالرفيق الأعلى، اجتمع الصحابة الكرام في سقيفة بني ساعدة وأقصد بهم أهل الحل والعقد لاختيار خليفة ينهض بأمر حواري رسول االله لأمة، وقد آل الأمر إلى اختيار أبي بكر الصديقهذه ا ورفيق دعوته فبايعه المسلمون، ولا أريد الدخول في تفاصيل مجريات ذلك الحدث وإنما أقصد الإشارة إلى فقه ذلك الصحابي الجليل الذي استنار عقله وفكره وقلبه بنور الرسالة. قدم أطروحته فصل في الموضوع بشكلموسعوهو طالب وهناك من في جامعة الجنان بعنوان» :فقه الموازنات«).(١ وليس غرضنا هنا التفصيل والاستقصاء وإنما الإشارة إلى أهم أولويات الخلفاء الراشدين وفي مقدمتهم أبو بكر الصديق. ƒ ومن الأمثلة التي يظهر فيها فقه الأولويات عند أبي بكر ما يلي: ١ـ قتاله مانعي الزكاة: لما توفي رسول االله ژ ارتدت قبائل كثيرة في جزيرة العرب عن الإسلام وقد بلغ ذلك أبا بكر ƒفقام خطيب ا فقال :واالله لو منعوني عقال قدم أطروحة بعنوان» :فقه الموازنات« استعرض فقه ) (١هو الدكتور محمد عمر جبه جي تاريخي ا بشكل موسع، وقد نوقشت الأطروحة في جامعة الجنان فكتب أحدالموازنة أعضاء اللجنة المحكمة :نال فيها الطالب درجة الدكتوراه بتقدير ممتاز. مقاصد الشريعة بين المذهب الإباضي والمذاهب الإسلامية الأخرى/ج٢ ١٦٠ بعير كانوا يؤ دونه إلى رسول االله لقا ت ل تهم عليه. فقام عمر ƒفقال :يا خليفة رسول االله كيف تقاتل قوم ا يشهدون أن لا إله إلا االله وأن محمد ا رسول االله؟! مرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا االله فإذاوقد قال رسول االله ژ » :أ قالوها فقد عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام وحسابهم على االله تعالى«. فقال أبو بكر) :واالله لو منعوني عقال بعير كانوا يؤ دونه إلى رسول االله لقاتلتهم عليه(، قال عمر) :فواالله ما هو إلا أن قد شرح االله صدر أبي بكر فعرفت أنه الحق().(١ فهذا الموقف الحازم من أبي بكر يدل على عظيم علمه وفقهه ƒولولا أبو بكر في موقفه وفقهه لذهب الدين، وهو يعلم أن القتال ليس سهلا ولا سيما قتال قوم فطموا على التمرس والشجاعة في القتال كبني حنيفة القبائل دماء ومهج ا، المجاورة لجهينة وأسلم وغفار وغيرهم وأن القتال يكلف وأموالا لكن ذلك يسهل أمام بقاء الدين حتى يرث االله الأرض ومن عليها. واستمر القتل وقد سقط الآلاف من خيرة أصحاب النبي في معركة اليمامة في عدد من قراء الصحابة، إلا أن االله ثبت هذا الدين بثبات أبي بكر. ƒ ٢ـ جمع القرآن في المصحف: بقراء القرآن خاف عمر من أن يؤدي ذلكاستحر القتل يوم اليمامة لما إلى ضياع كتاب االله. بالقراء يوم اليمامة استحر فجاء عمر إلى أبي بكر فقال :إن القتل قد وأني أخشى أن يستحر القتل بهم فأرى أن تأمر بجمع القرآن الكريم فقال أبو بكر : ƒكيف أفعل شيئ ا لم يفعله رسول االله ژ ؟! والسنة« رقم ، ٧٢٨٤وانظر» :معارج الآمال« )» (١صحيح البخاري« كتاب »الاعتصام بالكتاب للسالمي ١٥/٩و.٤٩ الفصل الحادي عشر :في الموازنة بين المصالح والمفاسد ١٦١ قال عمر :هذا واالله خير فلم يزل عمر يراجعه حتى شرح االله صدر أبي بكر لذلك ورأى الذي رآه عمر. فكلف بذلك زيد بن ثابت وأمره أن يتتبع علي القرآن. قال زيد : ƒواالله لو كلفوني نقل جبل من الجبال ما كان أثقل من الذي كلفوني به! الخ الحديث).(١ اختلفت الموازين بين رأي عمر وبين رأي أبي بكر وزيد بن ثابت @ ففي الوقت الذي رأى عمر فيه جمع القرآن مصلحة ضرورية أس الدين كان أبو بكر يرى ذلك بدعةتتمثل في حفظ القرآن الذي هو وحدث ا في الدين. وبالنظر في سلم الموازنة الدقيقة بين المصلحة والمفسدة، ترجحت المصلحة على المفسدة عند الثلاثة :عمر، وأبي بكر، وزيد بن ثابت رضي االله عنهم أجمعين. فهذا فقه مقاصدي استند إلى قواعد مقاصدية معتبرة، من هذه القواعد: الج مع ذريعة إلى ضياع القرآن، وأما جمعهقاعدة سد الذرائع :فإن ترك فهو ذريعة لحفظه، والوسائل لها حكم المقاصد. القاعدة الثانية :هي قاعدة المآل، فعمر ƒنظر إلى ما يمكن أن يح ل بالقراء في قادمات الأيام في المشاهد والوقائع ما يترتب عليه موت الحفظة مما يؤدي إلى ضياع شيء من القرآن، وهذا تصرف وقائي واحترازي يقوم على فقه عظيم وميزان صحيح ومعيار دقيق يحول دون بالدين، وتخلخل أركانه وتأتي على بنيانهحصول مفسدة عظيمة قد تودي من القواعد! )» (١صحيح البخاري« كتاب »فضائل القرآن« باب جمع القرآن رقم ، ٤٩٨٦وانظر» :شرح الجامع الصحيح« للسالمي. ٣١/١ مقاصد الشريعة بين المذهب الإباضي والمذاهب الإسلامية الأخرى/ج٢ ١٦٢ القاعدة الثالثة :تقديم مصلحة قطعية على مفسدة متوهمة، فكتابة القرآن ومعه مصلحة متطوع بها لا يختلف عليها اثنان، أما تصور ذلك حدث ا في الدين فأمر موهوم. ٣ـ عهده لعمر بالخلافة: لما اشتد المرض بأبي بكر ƒجمع كبار الصحابة، وقال لهم: إنه قد نزل بي ما ترون ولا أظنني إلا ميت ا لما بي، وقد أطلق االله أيمانكم من بيعتي وحل عنكم عقدتي، فأم روا عليكم من أحببتم فإنكم إن أ مرتم في حياتي فإنه أجدر أن لا تختلفوا بعدي. فتشاور وفوضوا الأمر إلى أبي بكر ƒفرشح لهمالصحابة فيما بينهم عمر بن الخطاب فوافقوا على ترشيحه، وفيهم كبار الصحابة يد بن حضير،الرحمن بن عوف، وعثمان بن عفان، وأس ٰكعبد وسعيد بن زيد، وعدد من الأنصار). (١فأبو بكر ƒيعلم أن رسول االله ژ لم يستخلف أحد ا لكنه ƒعظم عليه أن يترك المسلمين عرضة للاختلاف، فشاور أهل الحل والعقد كي يختاروا من فوضوا الأمر إليه عمل بمقتضى النصيحةيرونه مناسب ا ولما الملهم وهو المحدثوالمصلحة، فإنه يعلم أن عمر هو عمر فهو حواري رسول االله وهو الذي وافق ر به في وقائع كثيرة؛ لذلك لم يتردد في تسمية الفاروق. وهذا فقه عظيم ومعرفة ثاقبة في معادن الرجال وميزان دقيق في اختيار الأولى فالأولى لمنصب الخلافة. )» (١أخبار المدينة النبوية« :عمر بن شبة النميري البصري، ت د. عبد االله الدويش ، ٢٣١/٢دار العليان ط ). (١وانظر» :فقه الموازنات« ص. ٢٠١ الفصل الحادي عشر :في الموازنة بين المصالح والمفاسد ١٦٣ المطلب الثاني :في فقه الموازنات عند عمر بن الخطاب)ƒ(١ الملهمين والخلفاء الراشدين ومن المحدثينكان أمير المؤمنين عمر من العشرة المبشرين، وممن استنار عقله وفكره بنور الرسالة فقد شهد مع رسول االله المشاهد، وأشار على النبي ژ برأيه، بل نزل القرآن موافق ا لكثير من آرائه. ƒ وفي خلافته قام ببعض التصرفات الإجرائية التي تدل على فقهمقاصدي تصدى له الدارسون والباحثون في مباحث خاصة.عظيم قد إضاءات سريع ة على بعضها بالقدر الذي يكشف عنوسوف أضيء عبقرية هذا العملاق في فقه الأولويات وفقه الموازنات. وسوف أشير إلى بعضها في الأمثلة الآتية: المثال الأول :اختلاف الصحابة في قسمة سواد العراق: خصها أن أمير المؤمنين عمر ƒقدم الجابية فأراد قسمة الأراضيومل بين المسلمين فقال معاذ :واالله ليكونن ما تكره إنك إن قسمتها يأتي من بعدهم قوم يسدون من الإسلام مسد ا وهم لا يجدون شيئ ا، فانظر أمر ا يسعهم وآخرهم. وخالف في ذلك بعض الصحابة منهم بلال والزبير بن العوام ^ ورأيا قسمة الأراضي كما فعل النبي ژ بخيبر. لكن عمر ƒأجابهم بقوله :لولا آخر المسلمين ما فتحت قرية إلا ) (١انظر :مزيد ا من التفصيل في هذا الموضوع رسالة الأخ د. محمد عمر جبه جي »فقه الموازنات«، ص ٢٠٤ناقشتها في جامعة الجنان. مقاصد الشريعة بين المذهب الإباضي والمذاهب الإسلامية الأخرى/ج٢ ١٦٤ قسمتها بين أهلها كما قسم النبي ژ خيبر). (١والقصة طويلة، وهي معرفة ومشهورة. مبني ا على النظر مقاصدي ا وإذا تأملت في تصرف عمر وجدته اجتهاد ا لأمة الإسلامية التي سوف تواجه أوضاع االمآلي. فإنه نظر إلى مصلحة ا ضخمة تتمثل في تأمين مصادر مالية ترفد الخزينة )بيت المال( لتجييش د الثغور في المدن الكبرى كبغداد، والكوفة، والقاهرة وبناءوسالجيوش القناطر وغير ذلك من مظاهر العمران، فالمصلحة تقتضي بحبس هذه الأراضي لتكون من الصوافي وحكمها حكم الصوافي كما قال السالمي . (٢) 5وهذا يد ل على فقه عمر في تقديم الأولويات. على أ ن أمير المؤمنين استند في اجتهاده إلى ظاهر القرآن الكريم، وهو قول االله تعالىc b a ` _ ^ ] \ [ Z Y X ﴿ : . ﴾ n m l k j i h g f e dإلى قوله تعالى، ﴾̈ § ¦ ¥ ¤ £ ¢ ﴿ :إلى قوله: ﴿̧. ﴾ 1⁄2 1⁄4 » o 1إلى قوله تعالى" ! ﴿ : ] ﴾ $ #الحشر ٧ :ـ. [١٠ فقد رأى عمر ƒأن الفقراء المهاجرين، والذين تبوءوا الدار والإيمان، وهم أهل المدينة من الأنصار، والذين جاؤوا من بعد هؤلاء السادة من المهاجرين والأنصار، كل هؤلاء معطوفون على قوله تعالى[ Z Y X ﴿ : \ ] ^ _ ` ﴾ aإلى آخر من سماهم االله مشتركون معهم في استحقاق الفيء، والذين جاؤوا من بعدهم يصدق على كل من جاء وأدرك الفيء من أهل الإسلام وبقيت هذه الأرض إلى الآن التي لم يقسمها )» (١صحيح البخاري« باب أوقاف أصحاب النبي ژ رقم. ٢٢٣٤ )» (٢معارج الآمال«. ٨٢/٩ الفصل الحادي عشر :في الموازنة بين المصالح والمفاسد ١٦٥ عمر وتس مى عندنا في بلاد الشام والعراق بالأرض الأميرية ولها أحكام وقوى ذلك خاصة في القانون ليس هنا مجال ذكرها. فظاهر القرآن معه موافقة أغلب الصحابة الكرام وقد أدرك المسلمون مصلحة هذا التصرف الع مري وعاش المسلمون في سعة وعافية بما أفاء االله به على رسوله وعلى المؤمنين ووصلت خيراته عبر الأجيال فهذا تصرف مصلحي مبني على فقه  وموازنة حكيمة. سماهم االله ـ من المهاجرينوقد أيد المفسرون رأي عمر في جعل من والأنصار والذين جاؤوا من بعدهم ـ معطوفين على صدر الآية. قال الشيخ هود بن محكم ﴾ £ ¢ ﴿ : 5رجع إلى أول الآيةZ Y X ﴿ : [ \ ] ^ _ ` f e d c b a ﴾ gثم قال ﴾ » o 1̧ ﴿ :تبع ا للكلام الأول. ثم قال ﴾ $ # " ! ﴿ :أي :وللذين جاؤوا من بعدهم تبع ا للكلام الأول أيض ا فلم يبق أحد إلا وله في هذا المال حق، وهذا تفسير حسن. قال» :وذكروا أن عمر بن الخطاب ƒقال :ما من أحمر ولا أسود إلا عشت ويملكون فيئة؛ أي :إلا وله في هذا المال حقه، أعطيه أو من ع ه ولئن اعي باليمن ح ق ه منه قبل أن يسأله أو يحمر فيهالر إن شاء االله ليأتين وجهه«).(١ وممن قال بالعطف على صدر الآية :الفخر الرازي)، (٢والقرطبي.. وغيرهم كثير).(٣ )» (١تفسير كتاب االله العزيز« لهود بن محكم. ٥٧/٤ )» (٢مفاتيح الغيب«. ٥٠٩/٢٩ ) (٣انظر» :تفسير القرطبي«. ١٩/١٨ مقاصد الشريعة بين المذهب الإباضي والمذاهب الإسلامية الأخرى/ج٢ ١٦٦ وعلمه ونظرته المسددة من االله تعالى في الحال وهذا يد ل على فقه عمر والمآل. المثال الثاني :منع عمر ƒنكاح الكتابية: ذكر الطبري في تفسيره بسنده عن الصلت بن بهرام عن شقيق، قال: »تزوج حذيفة يهودية فكتب إليه عمر :خل سبيلها، فكتب إليه أتزعم أنها حرام، ف أخلي سبيلها فقال :لا أزعم أنها حرام ولكن أخاف أن تعاطوا المومسات منهن«).(١ ف عمر بأن عمر مضى بذلك حذر ا من أن يقتديوقد ع لل الطبري ت ص ر به الناس فيزهدوا في المسلمات أو لغير ذلك من المعاني فكتب إليه عمر وأي ا ما تكون العلة الباعثة لعمر على هذا التصرف فإنه يدليأمره بطلاقها سد للذريعة المبني على النظر المآلي الذيعلى فقه مقاصدي عظيم. ففيه شر يجره من  جعله يتوقع الفتنة والفساد على نساء المسلمين، وما يمكن أن ضها من داخلهاويقو على الرجال الذين يدخلون في بيوتهم من يفتك بها ويأتي بنيانها من القواعد كما نشاهده في أيامنا من إقبال كثير من شباب جره من ويلات على الأولاد من التحللالمسلمين على نكاح الكتابيات وما من قيم الدين وخلع ثوب الحياء والفضيلة وموالاة الأقارب من غير المسلمين والتنكر لقيم الإسلام وتعاليمه وتعظيم الأسرة وإدخال عوائد أهل الكتاب وقيام علاقات مع القرابة غير المسلمة وما يستتبع ذلك من مفاسد تفوق التصور. فرضي االله عن عمر الفاروق الذي كان ر به يسد ده. وبذلك يظهر فقه الموازنة الذي تميز به عمر وظهر فيه فقه الأولويات بالقسطاس المستقيم. )» (١تفسير الطبري« ، ٣٦٦/٤و»تفسير البغوي« ، ٢٨٤/١دار إحياء التراث العربي، ط أولى. الفصل الحادي عشر :في الموازنة بين المصالح والمفاسد ١٦٧ المثال الثالث :قتل الجماعة بالواحد: عن ابن عمر ^ أن غلام ا قت ل غ ي ل ة فقال عمر» :لو تمالأ عليه أهل صنعاء لقتلتهم به«).(١ وفي شرح النيل »وقتل عثمان ثلاثة بواحد«).(٢ الأصل في القصاص المساواة؛ لقوله تعالى ́ 3 2 ﴿ : ] ﴾ ¿ 3⁄4 1⁄2 1⁄4 » o1̧ ¶ μالنحل.[١٢٦ : لكن عمر ƒنظر إلى أن ترك القصاص من الجماعة قد يصبح ذريعة للاشتراك في القتل عن طريق الاشتراك بواسطة مجموعات مجرمة امتهنت القتل بطريق الاشتراك وفي ذلك من المفاسد ما لا يخفى. فالعمدة في اجتهاد عمر ƒهي النظر في المصلحة والموازنة بينها وبين المفسدة المتوقعة من عدم القصاص من الجماعة المشتركة في قتل الواحد. وقد ظهرت اليوم توقعات عمر في العصور المتأخرة فقد سمعنا بل ورأينا العصابات المجرمة تخطف الناس، وتقتلهم وتذبحهم بذرائع شتى وتجعل منهم رهائن لأغراض مادية وسياسية، وأسوؤها ما يحصل باسم الدين وتحت راية التوحيد، والكثير منها مخترق بواسطة أجهزة معادية لأهل الإسلام قصدها تشويه الدين والتشهير بأهله؛ فالواجب الأخذ على أيدي هذه العصابات المجرمة التي تخل بالأمن وتخيف السبيل، والاقتصاص منها بشكل جماعي كما فعل عمر. ƒ العلامة الزنجاني الشافعي » : 5هذا الفعل ـ أي :قتل الجماعةيقول بالواحد ـ عدوان وحيف في صورته من حيث إن االله تعالى ق يد الجزاء »الديات« رقم )، ٢١٢/٤ (٦٨٩٦و»شرح النيل«. ٢٤٢/٣٠)» (١صحيح البخاري« كتاب )» (٢شرح النيل«. ٢٤٢/٣ مقاصد الشريعة بين المذهب الإباضي والمذاهب الإسلامية الأخرى/ج٢ ١٦٨ بالمثل، فقال1⁄2 1⁄4 » o1̧ ¶ μ́ 3 2 ﴿ : 3⁄4 ¿ ﴾ ]النحل، [١٢٦ :ثم عدل أهل الإجماع عن الأصل المتفق عليه لحكمة كلية ومصلحة كلية معقولة وذلك أن المماثلة لو روعيت هاهنا لأفضى الأمر إلى سفك الدماء المفضي إلى الفناء؛ إذ الغالب وقوع القتل بصفة الشركة فإن الواحد يقاوم الواحد غالب ا فعند ذلك يصير الحيف في هذا القتل عدلا عند ملاحظة العدل المتوقع منه، والعدل فيه جور عند النظر إلى لمين بأيسرهما،الجور المتوقع منه، فقلنا بوجوب القتل دفع ا لأعظم الظ نص كتابوهذه مصلحة لم يشهد لها أصل معين في الشرع ولا د ل عليها ولا سنة، بل هي مستندة إلى كلي الشرع وهو حفظ قانون في حقن الدماء مبالغة في حسم مواد القتل واستبقاء جنس الإنسان«).(١ العلامة الزنجاني بقوله» :وهذه مصلحة لم يشهد لها أصل معينويقصد في الشرع«؛ أي :لم يرد نص خاص عن الشارع في خصوص هذه المسألة، أصل كلي مثل قوله تعالى] ﴾ § ¦ ¥ ¤ ﴿ :البقرة[١٧٩ :وإنما شهد لها ونحو ذلك مما ورد عن الشارع في حقن الدماء، وكالنصوص الواردة في الشرين كقوله تعالى» o 1 ̧ ¶ μ́ ﴿ :ارتكاب أهون 1⁄4 1⁄2 3⁄4 ¿ ] ﴾ à  Á Àالبقرة.[٢١٩ : ولم يقصد الزنجاني عدم ورود ما يشهد لها بإطلاق لأنها عندئذ تصبح من المناسب الغريب أو الملغى. المطلب الثالث :فقه الموازنة عند عثمان بن عفان ƒ المبشرين بالجنة وهو منعثمان بن عفان صهر رسول االله وأحد العشرة )» (١تخريج الفروع على الأصول« للزنجاني، ت أستاذنا محمد أديب صالح، ص، ٣٢٣ مؤسسة الرسالة. الفصل الحادي عشر :في الموازنة بين المصالح والمفاسد ١٦٩ السابقين الأولين، وهو مجهز الجيوش من أهمها جيش العسرة، وهو من علماء الصحابة شهد الوحي وعرف التنزيل والتأويل، وكان له اجتهادات توخى فيه المصلحةتميز بها وكانت له رؤية في الاجتهاد المقاصدي الذي للإسلام وأهله، وسوف أورد بعض الأمثلة التي تشهد له بذلك: المثال الأول :جمعه القرآن على حرف واحد وهو حرف قريش، وقبل بد من الإشارة إلى أن مسألة جمعبيان وجه الموازنة في هذه القضية لا القرآن قد اختلف فيها، فقد ذهب أهل الحديث من المذاهب الإسلامية الفقه والأصول والعربية وأهل التاريخ إلى أن جمع القرآن حصل فيوأهل عهد أبي بكر بطلبمن عمر بعد معركة اليمامة خوف ا من ضياعه بموت القراء في المشاهد. وذهبت أئمة الإباضية إلى أن الذي جمع القرآن هو رسول االله ژ. وذهبت الشيعة إلى أن الذي جمع القرآن هو علي بن أبي طالب. ƒ وقد استدل جمهور أهل الحديث بروايات صحيحة في أصح كتب الحديث كالبخاري ومسلم)، (١وقد سبق الكلام عليها في مناسبات ع دة. وهذا أمر متواتر عندهم وهذه النسخ الموجودة بين أيدي المسلمين كتبت بالرسم العثماني مما يد ل على أن هناك جمع ا ثاني ا قام به عثمان، وهو جمع القرآن على حرف قريش لما اختلف المسلمون في قراءته في غزوة أرمينية والمسألة معروفة في كتب الحديث والسنن ومشهورة، ومن أراد التوسع فيها السنة وعلوم القرآن. فليرجع إلى مسألة جمع القرآن في كتب )» (١صحيح البخاري« ٧١/٦برقم ) (٤٦٧٩باب قوله تعالى ~ } | ﴿ :ے ¡ ﴾ ]التوبة [١٢٨ :و»مسند ابن أبي شيبة« ٥/١رقم )، (٣و»صحيح ابن حبان« ٣٦٠/١٠ برقم )، (٤٥٠٦و»مسند أحمد« ، ٢٣٨/١و»سنن الترمذي« ٢٨٣/٥برقم ).(٣١٠٣ مقاصد الشريعة بين المذهب الإباضي والمذاهب الإسلامية الأخرى/ج٢ ١٧٠ أد& الإ:&'a, خصها فيما يلي:العلامة محمد بن بركة على مذهبه بأدلة ل استدل ١ـ لا يعقل أن يترك النبي ژ القرآن الكريم الذي هو حجته على أمته مفرق ا في الصحفوالذي تقوم به دعوته وبه يصح الذي بعثه االله داعي ا إليه والجريد ولم يجمعه ولم يضمه ولم يحصه ولم يحكم الأمر في قراءته وما يجوز من الاختلاف وما لا يجوز. وفي إعرابه وتأليف سوره. ٢ـ إن القرآن نزل على رسول االله ژ في ثلاث وعشرين س نة كلما أنزلت سورة قرأها على أصحابه في صلاته وحضور جملة المهاجرين وخيار الأنصار والذين يلونهم في الأقدار، وكانوا أهل عناية وتعظيم له وحرص ويص لون به في ليلهم ويتفقهون فيه ويتفهمون معانيه...عليه يدرسونه نهارهم ف على من كان على هذه الصفة وسار على هذهوإذا كان الأمر كذلك لم يخ السيرة ناسخ ومنسوخ ومكي ومدني وهم شهود للقصة حضور للتنزيل).(١ ٣ـ جعل النبي ك تاب ا للوحي لا يدفع ذلك صاحب خبر ولا حامل أثر بن جبل، ومعاوي ة بن أبيبن ثابت، ومعا ذ وزيد منهم اب ن أبي سرح، فأي شيء يكتب هؤلاء؟سفيان، قال أبو عبيدة مسلم بن أبي كريمة :بلغني أن رسول االله ژ كان إذا نزلت آية قال» :اجعلوها في سورة كذا وكذا«. وما توفي رسول االله إلا والقرآن مجموع متلو).(٢ ثم ذكر عناية الصحابة بالقرآن في الوقوف على تأليفه ومقدمه ومؤخره... ومما يدل على حفظهم لما استحفظوا له وقيامهم بما استكلفوا )» (١الجامع« لابن بركة. ٣٥/١ )» (٢مسند الربيع« ).(١٥ الفصل الحادي عشر :في الموازنة بين المصالح والمفاسد ١٧١ يحرفون الحكاية ولاإياه أنهم كانوا علماء لنظم السور وتأليف الآيلا يقصرون في التأدية. إن أول ما نزل »اقرأ« وأول ما نزل بالمدينة سورة البقرة وآخر ما نزل سورة براءة... إلى آخر ما قال مما يدل على شدة حفظهم ومعرفتهم بالقرآن ومواقع نزوله وأول وآخر ما نزل. والناظر في هذه الأدلة يجدها كلها م سلمة عند جمهور أهل الحديث لا يختلفون في شيء منها فهم مسل مون أن رسول االله جمع السور والآيات وضم بعضها إلى بعض. وكلما نزلت آية قال» :اجعلوها في مكان كذا من سورة كذا«، بل قالوا: إن ترتيب الآيات والسور توقيفي عن االله ورسوله وليس باجتهاد الصحابة. ومقدمه وهم ي سلمون أن الصحابة كانوا يعرفون ناسخه ومنسوخه للنبي ك تاب ا للوحي وهم الذين ومؤخره وأكثر من ذلك وهم يسلمون أن سماهم ابن بركة. 5وكانوا يكتبون الآية في الجلود وعلى اللخاف ونحو ذلك مما تيسر لهم. وهم م سلمون بقول أبي عبيدة مسلم بن أبي كريمة بأن النبي توفي والقرآن مجموع متلو. بل ويستدلون على جمع القرآن بقوله تعالى❁ Ô Ó Ò Ñ ﴿ : ] ﴾ Þ Ý Ü Û ❁ Ù Ø × Öالقيامة ١٧ :ـ. [١٩ لكن جمع القرآن عندهم كان على ثلاثة معان: المعنى الأول :جمعه بمعنى حفظه. والقرآن بهذا الاعتبار كان محفوظ ا القراء وعلى الجلود مكتوب ا بترتيب آياته وسوره؛ لأنهم يعتقدونفي صدور أن ترتيبها كان توقيفي ا عن االله ورسوله ژ وكان يطلق على حفاظ القرآن: ج ماع القرآن. مقاصد الشريعة بين المذهب الإباضي والمذاهب الإسلامية الأخرى/ج٢ ١٧٢ ومدنيه وما نزل ومكيه ومؤخره وناسخه ومنسوخهوكانوا يعرفون مقدمه شتاء وما نزل مفرق ا وما نزل ليلا وما نزل نهار ا وما نزل صيف ا وما نزل مشيع ا وما نزل في مكة وحكمه لأهل المدينة وبالعكس... الخ ما هنالك من علوم تتصل بالقرآن وهو مكتوب على الكتبة الأولى في الجلود واللخاف ونحوها. والمعنى الثاني :هو جمع ما تفرق منه في مصحف واحد خشية ذهابه وهذا موضع النزاع والخطب فيه يسير فأهل الأثر يستدلون على ذلك بالروايات الصحيحة التي بلغت حد التواتر، فالجميع متفقون على أن رسول االله توفي والقرآن مجموع في الصدور مكتوب على الجلود يضر شيء بعد ذلك من الاختلاف في كيفية الجمعواللخاف ونحوها ولا وآليته. والمعنى الثالث للجمع :هو جمع القرآن على حرف قريش، وقد جاء في الأحاديث الصحيحة أن عثمان قال لزيد ومن معه :اذهبوا فما اختلفتم فيه وف فاكتبوه بحرف قريش).(١من الحر فلم يختلفوا إلا في بضع كلمات. هذا الذي فعله عثمان، وأما حرقه المصاحف فقد ثبت أن هنالك مصاحف كانت لبعض الصحابة منها ما كتب ع فيه بين القرآن والتفسير كصحف على تاريخ النزول ومنها ما جم عبد االله بن مسعود هذه هي التي أحرقها. وهذه المسألة مفصلة في كتب الحديث وعلوم القرآن. لأمة وجمعها علىفعلى هذه الروايات يكون عثمان قد نظر في مصلحة ا حرف قريش وألغى الأحرف الأخرى التي أوجبت الاختلاف على اختلاف )» (١صحيح البخاري« كتاب »فضائل القرآن« باب جمع القرآن رقم ).٣٣٨/٣ (٤٩٨٧ الفصل الحادي عشر :في الموازنة بين المصالح والمفاسد ١٧٣ أقوال العلماء فيها وهذا نظر مصلحي توخى فيه تحقيق المصلحة للأمة ودفع المفسدة الواقعة أو المتوقعة عليها إن تعرض كتاب االله لذهاب شيء منه. وبكل حال فإن القرآن قد جمع إ ن على يد النبي ويد خليليه فالحمد الله الذي حفظ كتابه وصان شريعته. وله الشكر والم نة، وصدق االله إذ يقول: ﴿] ﴾ m l k j i h gالحجر.[٩ : المثال الثاني :تفريقه في عقوبة شارب الخمر بين المدمن وبين غيره):(١ عن السائب بن زيد قال :ك نا نؤ تى بالشارب على عهد رسول االله ژ وإمرة أبي بكر وصدرمن خلافة عمر فنقوم إليه بأيدينا، ونعالنا وأرد يت نا حتى كان آخر إمرة عمر فجلد أربعين، حتى إذا عتوا وفسقوا جلد ثمانين. الحر أربعين جلدة، وثبت عنهأما عثمان بن عفان فقد ثبت عنه أنه جلد أنه جلد ثمانين، ولم يكن ذلك عن تش ه، أو هوى، ولكنه فرق بين م ن شربها زل ة منه وبين من امتهن الشرب وأدمن عليه وكأنه جعل الأربعين الأولى حد ا والأربعين الثانية تعزير ا).(٢ فقد وازن عثمان بين الناس فليس كل العصاة على وزانواحد ولذلك بد من التفرقة بين العقوبة.كان لا المثال الثالث :الحجر على السفيه والمفلس: كان عثمان بن عفان ƒيرى الحجر على السفيه وعلى المفلس وإذا حجر على مفلس اقتسم الدائنون ماله بنسبة ديونهم، لكن إن وجد بعض دائنيه سلعته التي باعه إياها بعينها عنده جاز له أن يفسخ البيع ويأخذ سلعته فهو أحق بها من غيره).(٣ )» (١فقه الموازنة«، د. جبه جي، ص. ٢٢١ ) (٢ينظر» :موسوعة فقه عثمان بن عفان« محمد رواس قلعجي، ص ، ٩٣دار النفائس. ) (٣المصدر السابق. مقاصد الشريعة بين المذهب الإباضي والمذاهب الإسلامية الأخرى/ج٢ ١٧٤ وحبس المفلس تدبير وقائي يعود إلى مصلحة ضرورية؛ وهي حفظ المال وحفظ المال من المصالح الضرورية. المثال الرابع :بيع ضوال الإبل: جاء أعرابي إلى النبي ژ فسأله عما يلتقطه، فقال» :اعرف عفاصها عرفها س ن ة فإن جاء صاحبها وإلا فشأنك بها«، فقال :فضالة الغنمووكاءها ثم يا رسول االله؟ قال» :هي لك أو لأخيك أو للذئب« قال :فضالة الإبل؟ قال» :ما ربها«).(١ لك ولها معها سقاؤها، وحذاؤها ترد الماء وتأكل الشجر حتى يلقاها قال الإمام نور الدين السالمي » : 5وذكر مالك في »الموطأ« أنه سمع ابن شهاب يقول :كانت ضوال الإبل في زمن عمر بن الخطاب إبلا مؤبلة لا يمسكها أحد حتى إذا كان زمان عثمان أمر بتعريفها ثم تباع فإذا جاء صاحبها أعطي ثمنها«).(٢ فقد وازن عثمان بين زمن أبي بكر وزمن عمر وبين زمنه هو؛ ففي زمن أبي بكر وعمر كان الناس على الأمانة التامة، أما في زمن عثمان فقد م دت الأيدي إلى ضوال الإبل فاتخذ هذا الإجراء حفظ ا لمصلحة أرباب الإبل« وهذا اجتهاد مقاصدي عظيم لحياطة أموال الناس. )(٣ المطلب الرابع :فقه الموازنة عند علي بن أبي طالب ƒ كان علي بن أبي طالب من أقضى أصحاب رسول االله ومن علماء الصحابة الفقه والفتوى ووزير صدق للخلفاء الثلاثة ومستشار ا لهم، وكانالبارزين في )» (١صحيح البخاري« كتاب »اللقطة« باب ضالة الإبل رقم ).١٨٤/٢ (٢٤٢٧ )» (٢شرح الجامع الصحيح«. ٢٨٢/٤ )» (٣فقه الموازنة« د. جبه جي، ص. ٢٢٧ الفصل الحادي عشر :في الموازنة بين المصالح والمفاسد ١٧٥ عمر يستشيره في المعضلات ويدعو له بطول البقاء، والمتتبع لمواقفه السياسية وأقضيته يجدها تنطوي على مستوى عالمن الفهم والعلم بمقاصد الشرع أكفار هم؟ قال :معاذ االلهحتى في أيام المحنة لما سئل عن الذين خرجوا عليه فروا قيل :أمنافقون هم؟ قال :لا إن المنافقين لا يذكرون االله إلاهم من الكفر قليلا، قيل :فمن هم إذا؟ قال :إخواننا بغوا علينا. يقصد بهم من كان في جيش معاوية بن أبي سفيان، ومن الأمثلة التي تدل على الموازنة عنده. ƒ المثال الأول :ترك القصاص من قتلة عثمان: بعد مقتل عثمان ƒاجتمع أهل الحل والعقد بعلي ƒوتشاوروا في أمر الاقتصاص من قتلة عثمان ، ƒفكان رأيه ƒالتريث في شأنهم خوف ا من حصول فتنة أعظم، وقد ألمح إلى اختيار أهون الشرين حين قال :هذا شر منه القتال الذي ندعوكم إليه من إقرار هؤلاء القوم وهو خير من كأمر لا يدرك، وقد كاد أن يبين لنا وقد جاءت الأحكام بينوالفرقة، وهو المسلمين بإيثار أهمها منفعة وأحوطها).(١ فقد كان علي ƒيرى وجوب الدخول في البيعة أولا والقصاص ثاني ا، فقال القائلون :لا نسمع لك ولا نطيع. فا دعى معاوية أنه ولي الدم وهو الذي يطالب بالقصاص، فقال له الإمام علي :بايع أولا وادخل فيما دخل فيه الناس ثم طالب بحقك في ولاية الدم وإيقاع القصاص، فقال معاوية :بل القصاص أولا).(٢ وإذا نظرت في تقديم الأولى فالأولى من الدخول في البيعة ثم المطالبة ت أنبالقصاص، أو تقديم القصاص أولا ثم الدخول في البيعة ثاني ا، وج د ) (١انظر» :تاريخ الطبري« ، ٤٩٥/٤و»الفتنة ووقعة الجمل« لسيف بن عمر الأسدي، تحقيق أحمد راتب عرموش ، ١٥٠/١و»الكامل في التاريخ« ٥٩٥/٢لابن الأثير، ط أولى. )» (٢الإباضية بين الفرق الإسلامية« لعلي معمر. ٣٩٧/١ مقاصد الشريعة بين المذهب الإباضي والمذاهب الإسلامية الأخرى/ج٢ ١٧٦ موقف الإمام هو الأولى والأحوط؛ لأن القصاص من جيش ملأ المدينة إذا لم يكن للمسلمين إمام يحوطهم ويرعاهم هو الفتنة بعينها. وهو ما يؤيده ظاهر القرآن، قال تعالىt s r q p o n m ﴿ : ] ﴾ { z y xw v uالإسراء.[٣٣ : مع له ولا طاعةفقد أسند االله حق ولي الدم إلى السلطان و م ن لا س ليس بسلطان، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب. وقد انطوى كلام الإمام علي على قواعد مقاصدية كلية يتجسد فيها فقه الموازنة حين قال: شر منه ـ هذا الذي ندعوكم إليه من إقرار هؤلاء والقوم هو خير من القتال والفرقة ـ وقد جاءت الأحكام بين المسلمين بإيثار أعمها منفعة وأحوطها. وهذه عبارة شملت قاعدتين من مقاصد الشريعة: الأولى :قاعدة» :يختار أهون الشرين«. والقاعدة الثانية :هي قاعدة» :الاحتياط«. وهذا فقه عظيم وموازنة دقيقة وزنت بالقسطاس المستقيم! الص ناع: المثال الثاني :تضمين تضمين الصناع هو إجراء احترازي اتخذه علي ƒلما فسد الزمن وخربت الذمم واتخذ الصناع من وثوق الناس بهم ذريعة لإتلاف أموال الناس وأكلها بالباطل، ولم يكن تضمين الصناع على عهد رسول االله ژ لشيوع الأمانة وكذلك الحال في عهد أبي بكر لقرب العصر وكان المعمول به قوله تعالى] ﴾ w v u t s ﴿ :التوبة [٩١ :فلما جاء عصر علي رأى أن هؤلاء الصناع لا يصلحهم إلا الضمان). (١وقد وافقه الصحابة )» (١معجم القواعد الفقهية الإباضية« للباحث. ٣١٥/١ الفصل الحادي عشر :في الموازنة بين المصالح والمفاسد ١٧٧ فكان ذلك إجماع ا. وكان علي قد سلك طريقة عمر وقال :إن الناس لا يصلحهم إلا ذلك). (١فكان في هذا الإجراء مصلحة كلية ضرورية من مصالح الشريعة، وهي حفظ أموال الناس. وقد اشتهر هذا الإجراء عن عمر، ولكن الصحابة وافقوه وتبناه علي ƒمن بعده. وقد ذكر الشاطبي وجه المصلحة فيه فقال :إن الناس لهم حاجة إلى الصناع وهم يغيبون عن الأمتعة في غالب الأحوال، والأغلب عليهم التفريط وترك الحفظ فلو لم يثبت تضمينهم مع مسيس الحاجة إلى استعمالهم لأفضى ذلك إلى أحد أمرين :إما ترك الاستصناع بالكلية وذلك ق على الخلق وإما أن يعملوا ولا يضمنوا ذلك بدعواهم الهلاك والضياعشا  فتضيع الأموال ويقل الاحتراز وتكثر الخيانة. فكانت المصلحة التضمين ثم قال :وهذا معنى قوله :لا يصلح الناس علامة المغرب) :(٢وقد عمل بهذا الإجراء الخلفاءإلا ذاك. قال الحجوي الراشدون لما روا احتياج الناس إلى تضمين الصناع أوجبوه مع منافاته للقياس).(٣ المثال الثالث :ذكر ابن القيم في كتابه »الطرق الحكمية« في فصل الحكم بالفراسة قال : 5ومن ذلك أن عمر بن الخطاب ƒأتي بامرأة فأقرت فأمر برجمها، فقال علي :لعل لها عذرا، ثم قال لها :مازنت فسألها حملك على ذلك؟ قالت :كان لي خليط وفي إبله ماء ولبن ولم يكن في إبلي ماء ولا لبن فظمئت فاستسقيته فأبى أن يسقيني حتى أعطيه نفسي ) (١انظر» :الوصف المناسب« لأحمد بن محمود بن عبد الوهاب الشنقيطي ، ٢٨٠/١نشر عمادة المنورة، ط أولى. البحث العلمي بالجامعة الإسلامية بالمدينة )» (٢الاعتصام«. ١٩/٢ )» (٣الفكر السامي« ، ٥٦٣/٢ط أولى، دار الكتب العلمية. مقاصد الشريعة بين المذهب الإباضي والمذاهب الإسلامية الأخرى/ج٢ ١٧٨ وظننت أن نفسي ستخرج أعطيته الذي أرادفأبيت عليه ثلاث ا فلما ظمئت فسقاني، فقال علي :االله أكبرs rq p o n m l k j i ﴿، ] ﴾ v u tالبقرة.[١٧٣ : وفي »سنن البيهقي« أن عمر شاور الناس فيها، فقال علي :هذه مضطرة أرى أن تخلي سبيلها ففعل).(١ فقد وازن علي ƒبين مصلحتين ضروريتين هما حفظ العرض الذي فقدم مصلحة حفظيناسبه إقامة الحد، وحفظ النفس من الهلاك والموت، النفس على مصلحة حفظ العرض، وهذا فقه عظيم، ومن القواعد المقاصدية قاعدة» :يختار أهون الشرين«، وقاعدة» :الضرورات تبيح المحظورات«، وقاعدة» :إذا ضاق الأمر اتسع«، وهذه الواقعة تستند إلى هذه الكليات علي. ƒ القاطعة فكان الأخذ بها لازم ا. وهذا ما حكم به  )» (١الطرق الحكمية«. ٤٩/١ الفصل الحادي عشر :في الموازنة بين المصالح والمفاسد ١٧٩ ا ا  ! -ا/از&  ا! -الإa, المذهب الإباضي كغيره من المذاهب الإسلامية المتبوعة قائم على بالحكم والمقاصد والأوصاف المناسبة والترجيح بين المقاصدالتعليل والموازنة بين المصالح والمفاسد من جهة وبين المصالح نفسها من جهة وبين المفاسد من جهة أخرى. الإباضي على مقاصدالشريعة وف ر ع أئمته فروع ا لا تعدوقد بني الفقه  ولا تحصى على القواعد المقاصدية الكلية ورجحوا كثير ا من المسائل بناء على تلك المقاصد ووازنوا وقدموا بعض المصالح علىالفروعية الأخرى، وقد بينت ذلك في معجم القواعد الفقهية الإباضية، وفي كتاب »القواعد الفقهية الإباضية« المقارنة بالمذاهب الفقهية حيث خصصت مبحث ا خاص ا بالقواعد المقاصدية. كما بينت ذلك في كتاب »اجتهادات الإمام السالمي. « 5وفي هذا خاص ا بالموازنات عند هؤلاء السادة من خلالالكتاب أخصص مطلب ا القواعد الفقهية المقاصدية والأصولية الآتية: ا/از& 3',ا!/ا %الأ، &'/وا!/ا %ا !&'P ا!%ة الأو* #!0 :ا *$% PSالأ": إذا تعارض دليلان أحدهما :أمر، والثاني :نهي؛ فمذهب جمهور أهل الأصول تقديم النهي على الأمر؛ لأن الأمر لجلب مصلحة والنهي لدفع مفسدة ودفع المفسدة مقدم على جلب المصلحة، ولهذا ما جزم به مقاصد الشريعة بين المذهب الإباضي والمذاهب الإسلامية الأخرى/ج٢ ١٨٠ الشيخ سعيد القنوبي في فتاويه فقد سئل عن صوم يوم عرفة لمن كان واقف ا فيها. فأجاب :بأنه جائز إذا لم يصادف يوم الجمعة، وإنما الخلاف وقع بين العلماء فيما يتعلق بصيام يوم عرفة في أمرين اثنين :الأول :إذا صادف ذلك منهي ا عن صيامه كيوم الجمعة فمن العلماء من يرى عدم مشروعية الصيام؛يوم ا لما ثبت عن النبي ژ أنه نهى عن صيام يوم الجمعة إلا لمن صام يوم ا قبله أو يوم ا بعده، وهو حديث صحيح والنهي يقدم على الأمر عند التعارض. مقيد ا بعلة فإنه يخص من عموم النهي نظر اثم ذكر أن النهي إذا كان لتلك العلة إلا أن الخروج من الخلاف مستحب، فالأفضل لمن أراد الصوم يوم الجمعة أن يصوم يوم ا قبلها أو يوم ا بعدها).(١ وتقديم دفع المفسدة على جلب المصلحة من الموازنة الصحيحة. ا.ص *$%ام: ا!%ة ا'&#!0 : مذهب جمهور الأصوليين تقديم الخاص على العام؛ لأن في ذلك إعمالا للدليلين وهو أولى من العمل بالعام وإهمال الخاص. ومما يتفرع على هذه القاعدة ما ذكره الشيخ سعيد القنوبي في أحكام الحج والعمرة حيث قال» :والذي يؤخذ من بعض الروايات الصحيحة أن الصحابة @ كانوا يصومون في أيام التشريق في اليوم الحادي عشر، والثاني عشر والثالث عشر. هكذا جاء في بعض الروايات الصحيحة المروية عنهم وذلك يد ل على مشروعية الصيام في هذه الأيام خلاف ا لما ذهب إليه كثير من أهل العلم من أنه لا يصام في هذه الأيام نظر ا للنهي الوارد عن النبي عن الصيام فيها، ولكن في حقيقة الواقع ذلك النهي عام وهذه الرواية )» (١أحكام الحج والعمرة« للشيخ سعيد القنوبي. ٢/١ الفصل الحادي عشر :في الموازنة بين المصالح والمفاسد ١٨١ خاصة... وإذا تعارض دليلان أحدهما عام والآخر خاص فإن الخاص يقضي على العام فيقدم عليه كما هو مذهب جمهور ا لأمة«).(١ وهذه موازنة بين الأدلة عند تعارضها وتقديم الأ ولى منها على غيرها. ا!%ة ا& #!0 :ا/rSق *$%ا /Pم):(٢ هذه قاعدة متفق عليها لدى أهل الأصول قاطبة، وقد ذكرها شيخ الإباضية المعاصر الشيخ سعيد بن مبروك القنوبي 5في بحوثه وفتاويه وفرع عليها مسألة» :من أدرك الإمام راكع ا فركع معه قبل أن يرفع الإمام رأسه فقد أدرك الركعة. فقد ذهب إلى ترجيح هذا الحديث على مفهوم فأتموا. حديث »وما فاتكم فاقضوا«، وفي رواية قال : 5وإذا ثبت حديث» :من أدرك الإمام راكع ا فركع قبل أن يرفع الإمام رأسه فقد أدرك تلك الركعة«، وما رواه الطبراني عن علي وابن مسعود أنهما قالا :من لم يدرك الركعة فلا يعتد بالسجدة. وإذا ثبت صحة هذا الحديث فإن منطوقه يقدم على مفهوم حديث »وما فاتكم فاقضوا«، وفي رواية» :فأتموا«، وهو حديث صحيح رواه الربيع 5والشيخان؛ وذلك لأن دلالة المنطوق أقوى من دلالة المفهوم).(٣ )قلت( :ومفهوم حديث »وما فاتكم فأتموا« لا ينافي منطوق حديث: »من أدرك الإمام راكع ا فركع معه قبل أن يرفع رأسه فقد أدرك الركعة«، فهذا معنى قوله» :فما أدركتم فصلوا«، أما قوله ژ » :وما فاتكم فأتموا« فمحمول )» (١أحكام الحج والعمرة«. ١١٥/١ )» (٢بحوث وفتاوى« لسعيد القنوبي. ٨/١ )» (٣بحوث وفتاوى« للقنوبي. ٨/١ مقاصد الشريعة بين المذهب الإباضي والمذاهب الإسلامية الأخرى/ج٢ ١٨٢ على من لم يدرك الإمام راكع ا فهذا يتم ما لم يدركه ولو في الركوع فاستوى الحديثان في الدلالة. واالله أعلم. ا!%ة اا ]80 :&,أ; اqر:3 وهذه من القواعد الفقهية المتفق عليها في جميع المذاهب الإسلامية المتبوعة، وقد ذكرت كلام العلماء فيها في كتاب »القواعد الفقهية الإباضية« بما يغني عن إعادته هنا لكن أذكر بعض ما فرعه الأئمة في المذهب عليها: حي :فقد اختلفمن فروعها :شق بطن المرأة إذا ماتت وفي بطنها حمل  فيها أشياخ الإباضية فكان رأي القطب شقها ارتكاب ا لأخف الضررين وبه قال الثوري، وكرهه أحمد، وحرمه إسحاق كأبي سعيد من شيوخ المذهب المشارقة. العلامة سماحة الشيخ أحمد الخليلي بقول القطب اختيار ا لأخفوقد أخذ الضررين)، (١وهذه موازنة بين شرين ومفسدتين واختيار أخفهما لدفع أشدهما. وسيأتي بحثها مفصلا في الفصل التطبيقي إن شاء االله تعالى. ومن فروعها :ما ذكره السالمي 5فيمن دخل المسجد وغلق عليه الباب أو منعه الخوف من الخروج منه وقد شق عليه الأمر ولا يستطيع أن يملك نفسه وأراد قضاء الحاجة، فقد نقل عن صاحب الديوان أنه يقصد المحراب فيقضي حاجته فيه وإن قصد إلى ركن الشمال فلا بأس وليصلح بعد ذلك ما أفسده في المسجد وليطيبه بما أمكنه، وقيل :إنه لا يقصد المحراب ولكن »)قلت( :وهذا تقل فيه المضرة لأهل المسجد، قال السالمي:يقصد إلى محل القول أصح، ولعل القائل الأول إنما قال ذلك في مكان مخصوص رأى فيه المحاريب متسعة مثلا لا ينالها المص لي لاتساعها أو أنه نظر إلى أن أحد ) (١انظر» :حاشية محقق منهج الطالبين« ، ٤٥٥/٣و»فتاوى الشيخ أحمد الخليلي«. ٩/١ الفصل الحادي عشر :في الموازنة بين المصالح والمفاسد ١٨٣ الناس إذا شاؤوا الصلاة لا يقصدون المحاريب وإنما يقصدون بقية المسجد، وبالجملة فأخف الضررين هو المعتبر هاهنا وإن اختلف في تعيينه نظر العلماء).(١ ومن فروعها :ما ذكره بدر العبري في »الغناء والمعازف بين الحل والحرمة« :من أن الضرب بالدف ليس خاص ا بالنساء، وأن الأصل اشتراك الذكور مع الإناث في الأحكام إلا ما خصه الدليل ولم يرد تخصيص فيه ويرى فيه مندوحة عن الأغاني الماجنة والألحان الخليعة وهو من قبيل اختيار أخف الضررين وأهون الشرين«). (٢وهذه فتوى تقوم على الموازنة بين المفاسد واختيار الأخف لدرء الأشد. ومن فروعها :ما ذكره مبارك الراشدي :من أن حبس المدين إذا كان له مال ظاهر لا يحقق مصلحة الدائنين إذ قد يصبر على الحبس دائم ا فيضيع مال الدائنين وعلى القاضي أن يبيع ماله ويؤدي دينه، فإن بقي عليه شيء من دينه جاز للقاضي أن يحبسه حتى يثبت عسره... ولا شك أن بيع ماله وارتكاب أخف الضررين فيه مصلحة للدائنين وأخف ضرر ا من حبسه، واجب لذا تعين هنا بيع ماله دون حبسه).(٣ ومن فروعها :ما ذكره السالمي 5جواب ا على سؤال :الصلاة على البغاة؟ قال :نعم تجوز الصلاة على البغاة بعد موتهم لكن يص لي عليهم غير المنظور إليه من الناس فلا يصلي عليهم الإمام أو عالم المصر تحقير ا لهم، إلا إذا رأوا المصلحة في الصلاة عليهم فلا بأس، ويحكى أن الإمام الرحمن ص لى على قتلى البغاة لقصد تأليفهم).(٤ٰعبد الوهاب بن الإمام عبد )» (١معارج الآمال«. ١٨/٢ ) (٢انظر» :الغناء والمعازف بين الحل والتحريم« لبدر العبري. ٧٣/١ )» (٣حبس المدين« لمبارك الراشدي. ١٦/١ )» (٤جوابات السالمي«. ٤٩٠/١ مقاصد الشريعة بين المذهب الإباضي والمذاهب الإسلامية الأخرى/ج٢ ١٨٤ وهذه موازنة عظيمة بين مفسدة الصلاة عليهم وبين مفسدة ترك الصلاة إذا كان ترك الصلاة عليهم يجدد الفتنة ويزيد الخلاف فكان تقديم الصلاة عليهم أولى للمصلحة. وهي مصلحة تأليف القلوب وقد ثبت عن علي ƒ أنه أمر قضاة البصرة أن يقبلوا شهادة من قاتله؛ لأن في ردها فتنة وتجديد خلاف، ولكونهم متأولين. ا!%ة ا :&>".إذا JT0ا >ة *$%ا &$ا#0 Jq ا  ):(١ هذه القاعدة من قواعد الموازنة بين المفاسد والمصالح، ذكرها العلامة أطفيش عند تفسير قوله تعالى» o 1 ̧ ¶ μ́ ﴿ : 1⁄4 1⁄2 3⁄4 ¿ ] ﴾ à  Á Àالبقرة، [٢١٩ :قال معللا ذلك :لأن المفسدة إذ ترجحت على المصلحة اقتضت تحريم الفعل. وهذه موازنة بين المفسدة والمصلحة. ومن فروع هذه القاعدة :تحريم الوصال في الصوم والغلو في العبادة؛ لقول الرسول ژ » :عليكم من العمل ما تطيقون وإن االله لا يمل حتى تملوا وإن أحب الأعمال إلى االله أدومها وإن قل«).(٢ وفي هذا الحديث من الموازنة »تقديم المصلحة الدائمة على المنقطعة«. »الفقه الإسلامي بين ظاهر النصوص ومقاصد الشريعة«)» (١هميان الزاد«. ٣٢٦/٢وانظر : للخليلي. ١٧/١ )» (٢صحيح البخاري« كتاب »اللباس« باب الجلوس على الحصير رقم )، (٥٨٦١وكتاب »الصوم« باب صوم شعبان رقم ).(١٩٧٠ الفصل الحادي عشر :في الموازنة بين المصالح والمفاسد ١٨٥ وقيل :بدوام القليل تستمر الطاعة بالذكر والمراقبة والإخلاص والإقبال على االله بخلاف الكثير الشاق حتى ينمو القليل الدائم بحيث يزيد على الكثير المنقطع).(١ ومن فروعها :فتوى ابن مفرج بمنع كنيف بجانب الطريق ولو في ملكه دفع ا للمفسدة).(٢ ا!%ة ا>د #!0 :&Mالأ( 3" #ا &$أو د +ا >ة: هذه القاعدة ذكرها النور السالمي 5في معرض كلامه عن قوادح العلة، قال : 5اعلم أنه إذا عارض المصلحة التي تكون مقصود ا للمستدل مفسدة المستدل؛ لأنه راجحة عليها أو مساوية لها فإن ذلك يكون قادح ا في قياس مصلحة مع مفسدة مساوية أو راجحة؛ لأن دفع الضرر أهم، فيجب الحمل عليه وأما إذا كانت المفسدة مرجوحة فلا تقدم، مثاله :التخلي للعبادة أفضل لما فيه من تزكية النفس فيقول المعترض :فيه مفسدة أقوى وهي عدم كسر الشهوة كف النظر وعدم اتخاذ الولد وهذا أرجح من مصالح العبادة، فيجيبوعدم المستدل بترجيح المصلحة لأنها لحفظ الدين وهو أولى من حفظ النسل).(٣ مسافر سلك ثم مثل لمعارضة المصلحة للمفسدة بأن يقول المستدل: الطريق البعيد لا لغرض غير القصر فإنه لا يقصر؛ لأن المناسب وهو السفر البعيد عورض بمفسدة وهي العدول عن القريب الذي لا قصر فيه لا لغرض غير القصر، فكأنه حصر قصده في ترك ركعتين من الرباعيات. وقال ابن الخطيب :لا تخترم المناسبة بمعارض المفسدة مطلق ا سواء ساوت أم رجحت).(٤ )» (١شرح الجامع الصحيح« للسالمي ، ٤٣٠/٤و»حاشية الترتيب«. ١٣٠/٤ )» (٢فتاوى ابن مفرج«، ص. ٢١ )» (٣طلعة الشمس«. ٢٠١/٤ ) (٤المصدر نفسه. مقاصد الشريعة بين المذهب الإباضي والمذاهب الإسلامية الأخرى/ج٢ ١٨٦ هذا كلام دقيق في الموازنة بين المصلحة والمفسدة. وصفوة القول هو :أن المصلحة إذا عارضها مفسدة مساوية أو راجحة تعين دفع المفسدة فإنه أولى من جلب المصلحة. أما إذا كانت المفسدة مرجوحة قدمنا المصلحة ولا نبالي بالمفسدة المرجوحة. ا!%ة ا> :&,ا/از& ) 0% 3',ا'!' 3والا'Rط(: من المعروف عند أهل العلم أن اليقين أعلى مراتب العلم، يليه غلبة الظن، أو الظن، أو الظن الراجح، ثم الظن، ثم الشك، ثم الوهم. لكن هنالك حالات تعرض لليقين فتمنع استمراره والتمسك به، مثاله: شك في خروج شيء من أنفه، ولكن لم يستيقن إنما شعر بما يشبه طعمه يخش الوسواس؛ لأن المبالغة فيفي فيه، فهنا يقدم قاعدة الاحتياط ما لم الاحتياط قد توقع في الوسوسة وكذلك فإن المبالغة في الشك وسوسة وهي قاعدة عند الإباضية. وفي ذلك يقول الإمام الكدمي من أئمة الإباضية» :ويعجبني معنى الحكم في هذا ما لم يقع هنالك ما يشبه اليقين بذلك فيصبر المبتلى إلى معنى، وحكم مدافعة اليقين، وكذلك عندي يخرج في مثل هذا إذا وجد شبه طعم الدم في فيه أو ع رفه في أنفه، وأشبه هذا أيض ا خروج الريح من دبره ولم يستيقن... والأخذ بمعنى الحكم في معارضة الشيطان والأخذ بالأحوط ما لم يخف في ذلك دخول الشك والوسواس عليه، فإن خشي دخول الوسواس عليه وترتب على ذلك ترك الفرائض في وقتها وترك حضور الجماعات فضلا عن المشقة والحرج، ففي هذه الحالة فإنه يتبع الحكم الذي بني على أساس اليقين«).(١ )» (١المعتبر« للكدمي ج ١١٧/٣و.١١٨/ الفصل الحادي عشر :في الموازنة بين المصالح والمفاسد ١٨٧ ا!%ة ا" :&Sا/از& 3',ا; zا S% &'%اqورة: من القواعد الفقهية عند الإباضية قاعدة» :ما لا ينجي ولا يعصم من النجاسات لا يجوز في حالتي الاضطرار والاختيار«).(١ العلامة جميل بن خميس في قاموس الشريعة).(٢هذه القاعدة ذكرها وبنحوها قال الكدمي في المعتبر، وعبارته» :إذا وجد المضطر شيئ ا من المحرمات مما يعصم وينجي وشيئ ا من أموال الناس الحرام الذي لا يحل له بوجه من الوجوه م ن بيع و لا هبة ولا دليل على أنه يحيـي نفسه من المحرم المباح من الميتة والدم ولحم الخنزير وما أشبهه ولا يأكل من أموال الناس؛ لأن هذا مباح ولا يلزمه الضمان وهذا يلزمه فيه الضمان وجميعهما محجوران إلا عند الضرورة فهذا عند الضرورة مباح لا يتعلق عليه فيه حكم، وهذا يتعلق فيه الحكم والضمان«).(٣ فهذه موازنة بين رخص الشرع فإذا وجد المضطر ما ينجي ويعصم من المحرمات وما لا يعصم ولا ينجي تعين عليه ارتكاب ما يصعمه وينجيه وإذا وجد مالا محجور ا عليه يلزم فيه الضمان وآخر لا ضمان فيه تعين عليه ما لا ضمان فيه، وهذه قاعدة أخرى في المذهب وقد شرحتها في كتاب »القواعد«. ا!%ة ا :&Mا/از& E " 3',ن الله وE " 3',ن 'Zه: قد تعرض الموازنة بين ما يكون خالص ا لوجه االله وبين ما يدخله الرياء والسمعة فيقدم الموازن بين ما يكون الله، والأساس في ذلك قصد المسلم )» (١القواعد الفقهية الإباضية« للعبد الفقير، ج. ٤٥٧/٣ )» (٢قاموس الشريعة« ١٦٧/١٤و.١٧١/ )» (٣المعتبر« للكدمي ١٠٣/٣و.١٠٤ مقاصد الشريعة بين المذهب الإباضي والمذاهب الإسلامية الأخرى/ج٢ ١٨٨ ونيته، ومن القواعد المقررة في الشريعة» :أن المقاصد تغير أحكام الفعل«).(١ مثال ذلك :الموازنة بين إظهار الصدقة وبين إخفائها فإنه يرجع إلى القصد والنية فمن قصد بالإخفاء إخلاص العمل الله فالإخفاء أفضل، وفيه جاء الأثر» :صدقة السر تطفئ غضب الرب«. حث الآخرين على بذل الصدقات وتشجيعهم فالعلانية أفضل،وإن قصد وقد أثنى االله على الفريقين في قوله تعالى ̄ ® ¬ ﴿ : »o1 ̧¶μ ́32±° العلامة أطفيش :أن الصدقة ليلا1⁄4 1⁄2 3⁄4 ﴾ ]البقرة. [٢٧٣ :ذكر لفضل الإخفاء، ونهار ا ليقتدى به).(٢ وقد سئل ابن مفرج عن صلاة النافلة ما الأفضل أن تكون في البيت أو في المسجد؟ أجاب :فذاك يرجع إلى نية العبد في حال السريرة والعلن، فإن ص لى في البيت مخافة أن يط لع عليه ويظهر فذاك أفضل وإلا في المسجد أفضل). (٣فهذه موازنة بين مصلحة إخلاص العمل الله تعالى وبين مصلحة العلن ليقتدى به، أو بين مصلحة الإخلاص ومفسدة الرياء والسمعة. ا!%ة اة :ا/از& 3',ا &$ا!ة و 3',ا &$ا&: المصلحة القاصرة هي التي لا تتعدى موردها، والمصلحة المتعدية هي التي تتعدى موردها. )» (١فتح الباري« ، ٢٥٨/٢دار المعرفة في بيروت. )» (٢تيسير التفسير«. ٣٣١/١ )» (٣فتاوى ابن مفرج«، ص. ١٠٣ الفصل الحادي عشر :في الموازنة بين المصالح والمفاسد ١٨٩ مقدمةمثالها :من أفسد صومه بجماع وجب في حقه إعتاق الرقبة، وهي على الصوم لمن وجد الرقبة؛ لأن إعتاق الرقبة مصلحة متعدية بينما الصوم فمصلحته قاصرة على الصائم لذلك ألغته الشريعة عن الاعتبار وأوجبت الإعتاق، لأن الحرية مصلحة متعدية يتشوف الشارع إليها أكثر من القاصرة. مر معنا أن العلماء اعترضوا على يحيـى بن يحيى الليثي لما أفتىوقد الملك ـ الذي أفسد صومه بالجماع ـ بالصوم بدلا من الإعتاق لمصلحة وكف جماع شهوته، واعتبروا ذلك من المناسبتعذيب الملك بالصوم الملغى. الج لب حتى يفضى به إلى السوق تقديم ا ومثل ذلك :النهي عن تلقي للمصلحة المتعدية إلى أهل السوق على مصلحة الجالب. والأمثلة كثيرة لذلك قالوا :إن المصلحة العامة مقدمة على المصلحة الخاصة، ومن هذا القبيل ما يروى عن أبي طلحة أنه كان لا يصوم على عهد النبي ژ من أجل الجهاد والتق وي على العدو؛ لأن مصلحة الصوم قاصرة على صاحبها ومصلحة الجهاد متعدية. ا!%ة اد& %ة :ا/از& &$ " 3',ا 5 Sو &$ " 3',ال: حدث خلاف كبير في الموازنة بين الضروريات الخمس، وسوف أذكر كلام أهل العلم فيها إن شاء االله تعالى. ومن هذه الموازنة تقديم مصلحة النفس على مصلحة المال عند الجمهور. العلامة الشيخ خميسالفقه الإباضي، فقد ذكر وقد أخذ بذلك الشقصي في سياق حديثه عن الجهاد وشروطه» :أنه يجوز دفع المال للجبابرة لدفع أذاهم، فإن كانوا دفعوا ذلك من أموالهم فجائز للمسلم أن يؤثر نفسه على ماله وأن ينفق ماله في صلاح نفسه ودينه، وقد أمر االله مقاصد الشريعة بين المذهب الإباضي والمذاهب الإسلامية الأخرى/ج٢ ١٩٠ بذلك، وإن كانوا دفعوا ذلك من بيت المال على سبيل ما كان يدفع للمؤلفة فجائز).(١ العلامة محمد بن بركة :وقد أخبرني بعض شيوخنا أن أصحابنا منقال أهل عمان كانوا يحملون إلى بني عمارة في كل عام مالا ليدفعوا به شرهم عن أنفسهم، واالله أعلم أكان ذلك من بيت مالهم أو صلب أموالهم، فإن كانوا دفعوا من أموالهم فجائز لأن المسلم له أن ينفق ماله في إصلاح نفسه وأهله... وإن دفعوا من بيت ماللهم فعلى التأسي برسول االله فيما كان يدفعه من الأموال إلى المؤ لفة«).(٢ ففي هذه المسألة يظهر أن فقهاء الإباضية موافقون للجمهور في تقديم مصلحة النفس على مصلحة المال. ا!%ة ا'& %ة" &$ " #!0 :ل ا &$ " *$% 'Zا:5 S فلو تعارضت مصلحة حفظ مال الغير مع مصلحة حفظ النفس فالذي ذهب إليه الشيخ خميس الشقصي هو تقديم مصلحة مال الغير على مصلحة النفس. قال : 5قال أبو محمد :من أخذه جبار على أن يد له على مال رجل فلا يجوز له أن يد له ولو توعده بالقتل وقتله على ذلك، وإن أجبره ودله ويسمى ظالم ا وأما إن عرضه للقتل على أن يعطيهكان عليه الإثم والضمان، كذا وكذا ولم يقدر على الذي طلبه منه وخاف القتل فأخذ من مال غيره وفدى نفسه من القتل فلا إثم عليه، وعليه الضمان لأن هذا أحيا نفسه من القتل وجائز له أن يحيـي نفسه إذا أمكنه ذلك. )» (١منهج الطالبين«. ٦٤١/٢ )» (٢جامع ابن بركة«. ٤٨٨/٢وانظر» :القواعد الإباضية« ٣٦٦/١للباحث. الفصل الحادي عشر :في الموازنة بين المصالح والمفاسد ١٩١ فهاتان مسألتان: الأولى :كان المال مقصود ا للجبار ولا مجال للفداء. أما المسألة الثانية :فالمقصود جزء من المال يمكن فيه الفداء ما دام أنه ضامن له والقاعدة في أن الاضطرار لا ينفي الضمان. ا!%ة ا& #!0 :%ا &$ا"& *$%ا &$ا:&. إذا تعارضت المصلحة العامة مع المصلحة الخاصة وجب تقديم لأمة مقدمة على رعاية مصلحةالمصلحة العامة عليها؛ لأن مصلحة عموم ا الفرد؛ لذلك منعت الشريعة بناء حانوت للصباغة أو الحدادة أو نحوهما مما يؤذي الناس والجوار ويلحق بهم الضرر؛ لأن المصلحة العامة أولى من مصلحة الفرد، ومن ذلك منع الاحتكار وتلقي الأجلاب؛ لأن ذلك يضر بعموم الناس وإن كان في ذلك مصلحة للمحتكر أو الجالب. الفقه الإباضي فقد ج وز الشيخ خميس الشقصي استعمالوبهذا أخذ أموال الزكاة وهي حق للفقراء لحماية البلاد من أخطار الأعداء، وأن للمسلمين أن يستعينوا بجميع الصدقات، والصوافي ما داموا محتاجين إلى ذلك. وما استعان به المسلمون وأنفقوه من مال االله عند حاجتهم إليه من إقامة الدين وإعزاز الدعوة في وقت خوفهم عليها فليس عليهم أن يغرموا للفقراء وأمنالمسلمين من من ذلك شيئ ا بعد سكون الأمر ووضع الحرب أوزارها ب عن بيضتهم أحق وأولى منخوفهم... وإقامة عساكر المسلمين والذ إعطاء الفقراء إذا خيف على الدولة أن يظهر عليها عدوها وتنتهك حرمتها).(١ )» (١منهج الطالبين«. ١٨/٥وانظر» :مقاصد الشريعة من خلال الفروع الفقهية« د. محمد البشير الحاج سالم، بحث مقدم في ندوة تطور العلوم الفقهية في عمان الجزء الخاص بالمقاصد الشرعية، ص ٢٨٤لسنة ٢٠٠٦م. مقاصد الشريعة بين المذهب الإباضي والمذاهب الإسلامية الأخرى/ج٢ ١٩٢ نص عزيز وفريد في رسم عملية الموازنة بين سلم المصالح الشرعية.فهذا  ومن أمثلة تقديم المصلحة العامة على الخاصة مسألة الترس المشهورة في الفقه، وهي :لو تترس العدو بجمع من المسلمين وعلمنا إن تركناهمأصول استولوا علينا وقتلونا وقتلوا الترس معنا ولو رميناهم مع الترس لتخلص أكثر المسلمين جاز لنا رمي الترس؛ لأن المصلحة هنا ضرورية لأنها تتعلق بصيانة الدين وصيانة نفوس المسلمين داعية إلى جواز رمي الترس، وهي قطعية لأن صيانة الدم بر ميالترس قطعية لا ظنية، وهي كلية لأنها تعود للأمة كلها. فاجتمع في هذه المصلحة ثلاثة شروط :أن تكون ضرورية، وقطعية، وكلية، وهذه شروط الغزالي 5للقطع بالمصلحة المرسلة لا لأصل القول بها. قال الإمام السالمي بعد نقله شروط الغزالي» :وأنت إذا تأملت مذهب الأصحاب رحمهم االله وجدتهم يقبلون هذا النوع من المناسب ويعللون به دل عليه مجملا وإن لم يدل على اعتباره بعينه أو جنسه«).(١ لما ا!%ـة اا,ـ& %ـ!0 :ـ #ا $ـ& ا!'rـ& $%ـ* ا &$ ا:&'SG فلو تزاحمت مصلحتان إحداهما قطعية والأخرى ظنية قدمت القطعية. مثالها :لو تعارض أمامه مصلحة الزواج مع مصلحة التفرغ للعبادة لداع يدعو إلى كل منهما، فالزواج يحتمل أن يتسبب له بالانصراف إلى الزوجة والأولاد عن العبادة، ويحتمل أن يسوء خلقه بسبب الزوجة ونحو ذلك، والتفرغ للعبادة قد لا يكسر شهوته ولا يكف بصره عن الحرام. )» (١طلعة الشمس«. ١٧٤/٢ الفصل الحادي عشر :في الموازنة بين المصالح والمفاسد ١٩٣ قدمت مصلحة الزواج؛ لأن النبي أمر الشباب بالزواج ونهى عن التبتل وترك النكاح. ا!%ة ا #!0 :% &>".ا &$اqور& *$%ا>':&'S إذا تعارض أمر تتعلق به مصلحة ضرورية لحفظ النفس مع مصلحة تحسينية كستر العورة وجب في حق الموازن تقديم مصلحة النفس على مقدم على الحاجي والتحسيني وهذامصلحة ستر العورة، لأن الضروري عند جمهور أهل العلم، وقد سبق بيان ذلك عند الكلام على أنواع المصالح. الفقه الإباضي بذلك.وقد أخذ جوز فقهاء الإباضية للطبيب أن يكشف على عورة الرجل أو المرأةفقد لمداواتهما أو إجراء عملية جراحية لهما حفظ ا للنفس فإنه ضروري مقدم على ستر العورة؛ لأنها من التحسين أو الحاجة. ا!%ة ا>د &$ " #!0 :% &Mلا > " P,/ة &$ " *$% > " P,/ة: قد تتعارض أمام الموازن مصلحتان إحداهما قد يشوبها مفسدة حالا أو مآلا؛ بمعنى :قد تنقلب إلى مفسدة أعظم وقع ا وأشد ضرر ا تصبح المصلحة إزاءها مصلحة مرجوحة وموهومة، والثانية لا يعتريها مفسدة لا في الحال ولا في المآل. وأحسن مثال على ذلك ما ذكره كل من الوارجلاني في »العدل والإنصاف«، والشقصي في »المنهج«، وهو :إسقاط الجزية عن نصارى بني تغلب ومضاعفة الصدقات عليهم).(١ ) (١انظر» :منهج الطالبين«. ٤٦٩/٢ مقاصد الشريعة بين المذهب الإباضي والمذاهب الإسلامية الأخرى/ج٢ ١٩٤ وبيان ذلك أن يقال :إن بني تغلب من نصارى العرب الذين عرفوا بالأنفة والحمية ورضعوا لبان الحرب والفروسية من أيام المهلهل، وقد جاؤوا إلى عمر طالبين منه إسقاط الجزية عنهم ومضاعفة الصدقة عليهم وقد خيرهم عمر بين الجزية والحرب فاختاروا الحرب أنفة وهم أولوا بأس وقوة، فلو حاربهم عمر لخشي منهم اللحاق بالروم فيتقوى الروم بهم على المسلمين، فاستشار عمر @ في شأنهم فأشار الصحابة بوضع الجزية عنهم ومضاعفة الصدقة عليهم ما دام أن العبرة بالمقاصد والمعاني لا بالألفاظ والمباني).(١ فالجزية مصلحة لرفد بيت المال بالأموال وهذه المصلحة مشوبة بمفسدة انسلاخ بني تغلب عن سلطة المسلمين وولائهم للروم. أما مضاعفة الصدقات عليهم مع ضمان ولائهم لدولة الإسلام التي يرأسها عمر مع ضمان دفاعهم وقتالهم إلى جانب المسلمين ضد الروم فهذه مصلحة لا يشوبها شيء من المفاسد. وقد زان ذلك تأييد الصحابة لهذا التوجه فكان ما فعله عمر موازنة دقيقة توجهت فيه المصلحة الخالصة على المصلحة المشوبة بالمفسدة. العلامة الوارجلاني تعليق ا على هذه المسألة» :اعلم أن عمر كما قالقال مة محد ث ا، ومروع ا فإن يكن فيكم فعمر«، وذلك أنه نظررسول االله :إن لكل أ إلى ربيعة بالجزيرة وهم قوم عرب تنصروا قبل الإسلام وهم أهل نكاية في الحروب وشدة قد أرضعتهم الحروب بلبانها وفطمتهم من عهد المهلهل هموا بقطع الفرات إلى دجلة ثم إلى بلاد أرمينية ليعضدواإلى الأبد، وقد النصارى على المسلمين حين عرض عليهم عمر الذلة والصغار والجزية ) (١انظر» :منهج الطالبين« ، ٢٣٤/٥و»العدل والإنصاف«. ٣٠/١ الفصل الحادي عشر :في الموازنة بين المصالح والمفاسد ١٩٥ فخيرهم بين ما ذكرنا وبين السيف فاختاروا السيفوامتنعوا من الإسلام أنفة، وحمية فامتنعوا مما ذكرنا فجعلها عمر صدقة وأسقط عنهم اسم الجزية نظر ا للمسلمين، وأضعف عليهم الصدقة فجعل على خمس من الإبل شاتين وعلى عشر أربع ا وعلى عشرين ثماني ا. وفي خمس وعشرين بنتي مخاض، والذهب كذلك فجعل في الأصول التي يتجرون فيها بين ظهراني المسلمين نصف العشر، فانعقد الصلح بينه وبينهم على ذلك، وجعلهم المسلمون في مقدمتهم بينهم وبين العدو في وأعز بهم أهله ودمدم افتتاح المدائن والقرى والكفور فنفع بهم المسلمين بهم الشرك والأصنام إلى أن ظهر حديث رسول االله ژ » :إن االله ليؤيد هذا عمر وشكره حين الدين بأناس من ربيعة على شاطئ الفرات«، فحمد االله وفقه، ولم يقدر على وتألفهم إلا أن يغمض لهم ببعض حقه وليس بأن أغمض لهم ببعض حقه بأعظم من إرزاء المؤلفة قلوبهم بعض صدقات المسلمين وليس من رزأك في مالك كمن لم ترزأه ماله وهذا كله رأي سديد).(١ هذا تمام ما قال وهو كلام حسن وجيه يدل على عمق فهمه في مقاصد الشريعة. ا!%ة ا> | R &$ " #!0 :% &,اUT *$% 5 Sء " &$ ا 3و 3%ذ} $E #!,ا @UT *$% 5 Sا:3 العلامة الكندي في »المصنف«،ويمكن أن يمثل لهذه القاعدة بما ذكره والجيطالي) (٢في »قواعد الإسلام«، وهو الموازنة بين استعمال الماء مع ما )» (١العدل والإنصاف«. ٣٠٠/١ ) (٢انظر» :قواعد الإسلام« للجيطالي ، ١٩٠/١و»المصنف« ٥٦/٣وص. ٦١، ٦٠ مقاصد الشريعة بين المذهب الإباضي والمذاهب الإسلامية الأخرى/ج٢ ١٩٦ لعدو ض ه عر يترتب على ذلك من فوات النفس والمال إذا كان جلب الماء ي أو سبع، أو كان معه ماء لا يزيد عن حاجته في الشرب، فإنه ينتقل إلى التيمم، فرأيا أن مصلحة المحافظة على النفس أو المال أو إلحاق ضرر بهما أعظم من مصلحة الصلاة بالوضوء. أو يقال :إن مفسدة تلف النفس أو المال أشد من مفسدة فوات الوضوء؛ كلي حفظ الدين، وحفظ النفس والمال كلاهما كلي،جزئي منلأن الصلاة والكلي مقدم على جزئه عند التعارض. ا!%ة ا" $E #!0 :% &Sال @UT *$%ا:3 ومن الأمثلة على هذه القاعدة »ما رواه البخاري بسنده عن أبي برزة ƒ أنه كان يصلي ولجام دابته بيده فجعلت الدابة تنازعه وجعل يتبعها، فقال هم افعل بهذا الشيخ فلما انصرف قال :إني سمعترجل من الخوارج :ال ل مقالتكم وإني غزوت مع رسول االله ژ ست غزوات أو سبع ا أو ثماني ا، إلي من أن أدعهاوشهدت تيسيره وإني إن كنت أراجع مع دابتي أحب علي«).(١ ترجع إلى مألفها فيشق قال الطاهر بن عاشور :فمشاهدته المتعددة لأفعال رسول االله استخلص منها أ ن م ن مقاصد الشريعة التيسير فرأى أن قطع الصلاة من أجل إدراك فرسه ثم العود إلى استئناف صلاته أولى من استمراره على صلاته مع تجشم الرجوع إلى أهله راجلا).(٢ في هذا الحديث تقديم كلي المال على جزئي الدين. )» (١صحيح البخاري« باب العمل في الصلاة، باب إذا انفلتت الدابة رقم ).(١٢١١ )» (٢مقاصد الشريعة« لابن عاشور، ص. ١٩٥ الفصل الحادي عشر :في الموازنة بين المصالح والمفاسد ١٩٧ لكن في المذهب الإباضي أن العمل في الصلاة بغير معنى الصلاة لا العلامة سلمة بن مسلم العوتبي» :عندي أن العمل بغير معنىيجوز، قال الصلاة لا يجوز«).(١ لكن السالمي 5قال :لا تقطع الصلا ة المسايف ة والمطاعن ة والمشي إلى العدو؛ لأن رسول االله ژ أمر بقتل الح يةوالتحرف للقتال، والعقرب في الصلاة، قال أبو سعيد :وأجمع على ذلك أهل العلم إلا أنهم اختلفوا في الإعادة فمطاعنة العدو مثل ذلك، وقال :إن هذا قول الشافعي).(٢ )قلت( :وهذا أكثر تيسير ا ممن ص لى وبيده لجام دابته تنازعه. لكن ما قاله النور السالمي عليه الرحمة يصلح فرع ا لتقديم كلي النفس على جزئي الدين، فمطاعنة العدو لحفظ كلي النفس وكلي الدين وهما مقدمان على جزئي الدين كما سبق بيانه آنف ا. لذلك أجازوا قطع الصلاة لإنقاذ الغريق، وهذا من تقديم كلي النفس على جزئي الدين. ا>~& ا  :% &Mا/از& /!R 3',ق االله و/!Rق ا: 0ا &Z Vواrلا:R عدة، منها:الحق لغة يطلق على معان ١ـ نقيض الباطل، ومنه قوله تعالى] ﴾ Ó Ò Ñ Ð Ï ﴿ :يونس.[٣٢ : )» (١الرفع والضم في الصلاة« لسليمان الشيباني. ٩/١ )» (٢معارج الآمال«. ٣٠/٧وانظر» :موسوعة الإمام جابر بن زيد الفقهية«. ٤٨٣/١ مقاصد الشريعة بين المذهب الإباضي والمذاهب الإسلامية الأخرى/ج٢ ١٩٨ ٢ـ الثابت، ومنه قوله تعالى] ﴾ R Q P O N ﴿ :القصص[٦٣ :؛ أي :ثبت. ٣ـ الحظ والنصيب، ومـنه قوله ژ » :إن االله قد أعطـى كـل ذي حقحقه«).(١ ٤ـ الواجب واللازم، ومنه قوله تعالى﴾ ; : 9 8 ﴿ : ]السجدة[١٣ :؛ أي :وجب. 0ا Vاrلا:R يأتي بمعانعدة منها: ١ـ الحكم المطابق للواقع ويطلق على الأقوال والعقائد والمذاهب ويقابله الباطل ومنه قولهم :لا إله إلا االله كله حق، وقولهم :الإسلام دين الحق، وهو المذهب الحق. ٢ـ الموجود من كل وجه الذي لا ريب فيه، ومنه قولهم :الموت حق؛ أي :لا ريب فيه. ويمكن تعريف الحق اصطلاح ا بأنه» :مصلحة مستح قة شرع ا«. وهذا تعريف الشيخ علي الخفيف).(٢ ويمكن أن يقال :الحق »سلطة أو أهلية قررها الشرع«، كحق الشفعة، وحق الحضانة، وحق المرور، وحق الولاية على الدم أو المال، أو نحو ذلك. حق االله: اختلفت أنظار العلماء في تعريف حق االله. وأحسن ما قيل في تعريفه: يوحد فلا يشرك به. وهذا تعريف صاحب الشرع،هو أن يعبد فلا يكفر، وأن ) (١رواه الترمذي كتاب »الوصايا« باب ما جاء »لا وصية لوارث« رقم ).(٢٠٤٦ الفقه الإسلامي« ص ، ٩٨دار القلم، ط أولى.)» (٢النظريات العامة في الفصل الحادي عشر :في الموازنة بين المصالح والمفاسد ١٩٩ وفي الحديث سئل رسول االله ژ ما حق االله على العباد؟ فقال ژ » :أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئ ا«).(١ فدخل باب التوحيد وباب العبادة في حق االله تعالى. حق العبد: وحق العبد مصالحه)، (٢ويمكن أن يقال :مصالحه التي أثبتها له الشرع كحق الميراث والتملك، وإحراز الوصية والوقف، وحق الدماء والقذف ونحو ذلك. الفرق بين حق االله وحق العبد: ميز العلماء بين حقوق االله وحقوق العباد بأن حقوق االله هي التي لاوقد مدخل فيها للصلح، كالحدود، والزكوات، والكفارات ونحوها. وحقوق العباد هي التي تقبل الصلح والإسقاط والاعتياض عليها). (٣وبه قال ابن القيم، والقرافي).(٤ وذهب الشاطبي إلى أن حق االله ما ليس فيه خ ير ة للعبد معقول المعنى أو غير معقول، وحق العبد ما كان راجع ا إلى مصالحه في الدنيا، فإن كان من المصالح الأخروية فهو من جملة ما يطلق عليه أنه حق الرب ج ل وعلا. وأصل العبادات راجعة إلى حق االله تعالى. وأصل العادات راجعة إلى حق العباد).(٥ ) (١رواه البخاري في كتاب »السير« باب اسم الفرس والحمار رقم )، (٢٦٤٤ومسلم كتاب »الإيمان«، باب الدليل على أن من مات على التوحيد دخل الجنة قطع ا رقم ).(٤٣ )» (٢الذخيرة« ٩٣/٥دار الغرب الإسلامي. )» (٣إعلام الموقعين عن رب العالمين« ، ٨٥/١دار الكتب العلمية. )» (٤الذخيرة«. ١٤١/١ )» (٥الموافقات« ٦٠٠/٢دار المعرفة، ط أولى. مقاصد الشريعة بين المذهب الإباضي والمذاهب الإسلامية الأخرى/ج٢ ٢٠٠ العبد ل ه أن يسقط حقه أو يصالح عليه، أما حقوق االله فلالذلك فإن يحق له إسقاطها فلا يملك إسقاط الطهارة، ولا الصلاة، والصيام، ولا يملك استحلال ما حرم االله، أو نكاح ما حرم االله).(١ '>!0ت (Nه ا!/ق: قسم العلماء هذه الحقوق إلى أربعة أقسام: ١ـ حقوق خالصة الله ٢ـ حقوق خالصة للعباد ٣ـ ما اجتمع فيه الح قان وحق االله تعالى غالب ٤ـ ما اجتمع فيه الح قان وحق العبد فيه غالب. وهـذه التقسيمـات هي فـي الحقيقـة تقسيمات اعتباريـة ونسبيـة وإلا فليس من الصواب اعتبار حق من حقوق العباد ليس الله فيه حق أبدا. وفي ذلك يقول القرافي : 5ونعني بحق العبد المحض هو الذي غلب فيه حقه فيتمكن من إسقاطه، وإلا فما من حق للعبد إلا وفيه حق الله تعالى، وهو أمره بإيصال ذلك الحق إلى مستحقه).(٢ )قلت( :وتسليط هذا الحق على هلكته بالحق ووضعه حيث يريد االله ورسوله هو من شوائب حقوق االله تعالى فليس للعبد حق محض. لكن ما كان الله خالص ا فهو الله لا يشترك فيه العبد. ) (١المصدر السابق. ٦٥٣، ٦٥٢/٢ )» (٢الذخيرة«. ٩٣/٥ الفصل الحادي عشر :في الموازنة بين المصالح والمفاسد ٢٠١ يقول الشاطبي » : 5فإن ما هو الله فهو الله، وما كان للعبد فهو راجع إلى االله من جهة حق االله فيه، ومن جهة كون حق العبد؛ من حقوق االله إذ كان الله أن لا يجعل للعبد حق ا أصلا«).(١ '>!0ت VRاالله: اختلف العلماء في تقسيمات حق االله تعالى على النحو التالي: ١ـ تقسيم الإباضية: قسم الإمام السالمي 5الحقوق من حيث هي إلى أقسام: ١ـ حق االله تعالى فقط كالعبادات أصولا وفروع ا وكالأموال الموقوفة للصلاح العام فإنها حق الله تعالى أيض ا لعظم خطرها وعموم نفعها لا أنه منتفع بها. 4 ٢ـ النوع الثاني :حق للعبد فقط كتحريم مال الغير ومثل ملك الرقبة وملك المتعة وضمان المغصوب ونحو ذلك.  كحد القذف ٣ـ النوع الثالث :حق مشترك بين العبد وبين الرب تعالى والقصاص من المجرم الجاني فإن كل واحد من حد القذف والقصاص حق الله وحق للعبد فمن حيث إنهما رادعان عن المعاصي وزاجران عن الفواحش فهما حق الله، ومن حيث إن حد القذف دافع للعار عن المقذوف فهو حق للعبد. وكذلك القصاص من حيث إنه حافظ لبنية البشر فهو حق للعباد أيض ا، لكن حق االله في الأول أرجح فلذا لا يسقط الحد عن القاذف بعفو المقذوف عنه بعد قيام الحجة بذلك مع الإمام وحق العباد في القصاص راجح؛ فلذا يثبت العفو عنه ممن له الحق، ويكون موروث ا بخلاف الأول. )» (١الموافقات«. ٥٩٨/٢ مقاصد الشريعة بين المذهب الإباضي والمذاهب الإسلامية الأخرى/ج٢ ٢٠٢ وقد نظم ذلك في »شمس الأصول« بقوله: مثل العبادات وما بهما ارتبطوالحق قد يكون الله فقط وقد يكون للعباد حكم اومثل مالللصلاح عما في القذف والقصاص ممن أجرماوقد يجي النوعان فيه مثل ما وأما أنواع حق االله فقد فصلها السالمي أيض ا في »طلعة الشمس« إلى أنواع منها: ١ـ ما يكون من جهة الاعتقاد، وهو الإيمان باالله تعالى وبرسوله ژ وملائكته ورسله واليوم الآخر، وضابطه :ما علم من الشرع بالضرورة. وهي أمور ليست بمحصورة. ٢ـ ومن حقوق االله فروع العبادات وهي الصلاة، والزكاة، والصوم، والحج والجهاد ووظائفها وإنما سميت هذه العبادات فروع ا لأن صحتها مبنية على حصول الإيمان فلا صلاة لمن لا إيمان له. ٣ـ ومنها :عبادة فيها مؤونة كصاع الفطر فإن جهات العبادة فيها كثيرة مثل تسميتها صدقة، وكونها طهر ة للصائم، واشتراط النية ونحو ذلك من أمارات العبادة، وفيها معنى المؤنة لم يشترط لها كمال الأهلية المشروطة في العبادات فوجبت في مال الصبي والمجنون الغن يين اعتبار ا لجانب المؤنة. العش ر، والمراد به زكاة أرض المسلم ٤ـ ومنها :مؤنة فيها عبادة كما في ابتداء من الذمي. ولكونه عبادة لا يؤخذ ٥ـ ومنها :مؤنة فيها عقوبة كالخراج، والمراد به ما يؤخذ من أهل الذ مة من الجزية وغيرها وما يصطلحون عليه مع المسلمين. ٦ـ ومنها :حقوق دائرة بين العبادة والعقوبة وهي الكفارات، فإن في أدائها معنى العبادة؛ لأنها تؤدى بما هو محض العبادة وهو الصوم، والتحرير الفصل الحادي عشر :في الموازنة بين المصالح والمفاسد ٢٠٣ والإطعام، وتجب بطريق الفتوى، ويؤمر من هي عليه بالأداء بنفسه من غير أن يستوفى منه كره ا. جزاء على الفعل وفي وجوبها معنى العقوبة؛ لأنها لم تجب إلا المحظور الذي يوجد في العباد ولذلك سميت كفارات؛ لأنها ساترات للذنوب، فلم تجب الكفارات على المسبب، كحافر البئر؛ لأن الكفارة جزاء المباشرة لا التسبب، ولا على الصبي؛ لأنه ليس أهلا للعقاب والجزاء لكونه لا يوصف بالتقصير. ٧ـ ومنها :حق قائم بنفسه؛ أي :ثابت بذاته من غير أن يتعلق بذمة عبد يؤديه بطريق الطاعة؛ كخمس الغنائم والمعادن، فإن الجهاد حق الله إعزاز ا للدين فالمصاب به كله حق الله تعالى إلا أنه جعل أربعة أخماسه للغانمين امتنان ا، واستبقى الخمس حق ا له لزمنا أداؤه طاعة الله وكذا المعادن. ٨ـ ومنها :محض عقوبة، وهو نوعان :كامل وناقص؛ فالكامل منه ما وقع في نفس الجاني كحد قاطع الطريق وهو الزاني، والسارق، وشارب وح د محض عقوبة للجانيالخمر، فإن هذه الحدود كلها حقوق االله تعالى ولكونها حق ا خالص ا الله تعالى لا تسقط بالعفو عنها من العباد. وأما النوع الناقص فهو ما ح ل في ما حل الجاني دون ب دنه كحرمان القاتل من الميراث فإن حرمانه حق الله تعالى لا يصح لأحد توريثه ولكونه بمنزلة الغرم صار عقوبة للجاني ورادع ا من تعجل الميراث بالقتل).(١ )» (١طلعة الشمس«. ٣٥٨/٢ مقاصد الشريعة بين المذهب الإباضي والمذاهب الإسلامية الأخرى/ج٢ ٢٠٤ #'>!0ا &' Sوا:&'8 قسم الحنفية حقوق االله إلى ثمانية أقسام: ١ـ عبادة خالصة مثل الإيمان باالله تعالى والصلاة والصيام ونحوها. ٢ـ عبادة فيها معنى المؤنة مثل صدقة الفطر فإنها وجبت بسبب وجود نفس يمونها الصائم والعبادة الخالصة لا تجب بسبب الغير. ٣ـ مؤنة فيها معنى العبادة مثل زكاة الزروع وهو العشر الواجب في أرض المسلم، وإنما كانت مؤنة لأنها وظيفة مقدرة على نماء الأرض من الزروع والثمار، وتجب بسبب ما يخرج منها اعتراف ا بفضل االله). (١وكان فيها لأصناف محددة ممن يستحقمقدرة تعطىمعنى العبادة لكونها نسبة الصدقة).(٢ ٤ـ مؤنة فيها معنى العقوبة مثل الخراج على الأرض الزراعية مقابل بقائها في أيدي أصحابها. ٥ـ حقوق دائرة بين العبادة والعقوبة وهي الكفارات مثل كفارة الظهار والفطر في رمضان عمد ا والحنث في اليمين. جزاء على الفعل المحظور شرع ا.أما معنى العقوبة فلأنها وجبت وعبادة من جهة الأداء؛ لأنها تؤدى ببعض العبادات مثل الصوم والإطعام والعتق، ويشترط فيها النية. الحرابة وحد الزنا، وكونها حد اكحد  ٦ـ عقوبة خالصة، وهي الحدود الله لأنه لا يجوز لأحد إسقاطها. )» (١كشف الأسرار« للبخاري. ٢٣٨/٤ ) (٢المصدر السابق. الفصل الحادي عشر :في الموازنة بين المصالح والمفاسد ٢٠٥ ٧ـ عقوبة قاصرة، وهي حرمان القاتل من الإرث، واعتبرت قاصرة لأنه لم يلحق القاتل ألم في بدنه ولا نقصان في ماله. ابتداء مثل الخ مس في الغنائم واعتبر ٨ـ حق قائم بنفسه ثبت الله تعالى حق ا قائم ا بنفسه لأنه لم يتعلق بذمة شخص؛ لأنه م ت سب ب عن الجهاد في الخمس ح ق ا خالص ا الله قائم ا بذاته لمسبيل االله، ولما كان االله هو الناصر كان يتعلق بذمة أحد. وهذا التقسيم هو ما اعتمده الإمام السالمي. 5 أما المالكية :فقد قالوا :التكاليف على ثلاثة أقسام :حق الله تعالى فقط كالإيمان وتحريم الكفر، وحق للعبد فقط كالديون والأثمان، وقسم اختلف ويعنون بحقفيه هل يغل ب فيه حق االله تعالى أو حق العبد كحد القذف العبد المحض أنه لو أسقطه لسقط، وإلا فما من حق للعبد إلا وفيه حق الله تعالى وهو أمره بإيصال ذلك الحق إلى مستحقيه، فيوجد حق االله تعالى دون حق العبد، ولا يوجد حق العبد إلا وفيه حق االله تعالى، وإنما يعرف ذلك بصحة الإسقاط، فكل ما للعبد إسقاطه فهو حق العبد، وكل ما ليس له إسقاطه فهو حق االله تعالى).(١ وذكر الشاطبي :أ ن حقوق االله هي :الصلاة، والصيام، والحج؛ وحقوق الآدميين :كالديون، والنفقات، والنصيحة، وإصلاح ذات البين).(٢ أما الشافعية :فقد قسم الزركشي الحقوق إلى ثلاثة أقسام: ١ـ عبادات محضة يتر تب عليها نيل الدرجات والثواب وتتعلق بأسباب متأخرة كالنصاب والزكاة والوقت للصلاة والصوم. )» (١الفروق« للقرافي ١٤٢/١عالم الكتب. ) (٢الموافقات، ٢٤٦/١ :دار ابن عفان، ط.١ مقاصد الشريعة بين المذهب الإباضي والمذاهب الإسلامية الأخرى/ج٢ ٢٠٦ ٢ـ عقوبات محضة تتعلق بمحظورات هي عنها زاجرة. ٣ـ كفارات وهي مترددة بين العقوبة والعبادة، ثم غالب الكفارات يكون عن المحرمات كما لو واقع في رمضان، والإمساك في الظهار والقتل. وقد يكون في غير محرم لك ن فيه مشابه ة لكفارة اليمين فإن الحنث وإن جاز لكن يقتضي الدليل حرمته فإنه إخلال بتعظيم االله تعالى).(١ أما الحنابلة :فحقوق االله لا تخرج عن تقسيمات جمهور أهل الأصول. أما حقوق العبد فهي خمسة أنواع: ١ـ ح ق ملككحق السيد في مال العبد والمكاتب. تملككحق الأب في مال ولده. ٢ـ حق ٣ـ حق الانتفاع كوضع الجار خشبة في جدار جاره. ٤ـ حق الاختصاص كمرافق الأسواق المتسعة التي يجوز البيع والشراء فيها والجلوس في المساجد لعبادة أو مباح. ٥ـ حق التعلق لاستيفاء الحق كتعلق حق المرتهن بالرهن حتى يستوفى الدين).(٢ )قلت( :ويمكن زيادة :حق المنفعة، وحق المنفعة كحق سكنى العين المؤجرة. وحق المنفعة غير حق الانتفاع كما ذكر القرافي في فروقه؛ لأن حق الانتفاع قاصر على صاحبه كحق الانتفاع بالبضع أما حق المنفعة فيمكن أن يتعدى صاحبه بالهبة أو البيع أو نحو ذلك. )» (١المنثور« للزركشي ، ٥٨/٢وزارة الأوقاف الكويتية، الطبعة الثانية. )» (٢قواعد ابن رجب« ص ١٨٨ـ ١٩٥ـ دار المعرفة، بيروت. الفصل الحادي عشر :في الموازنة بين المصالح والمفاسد ٢٠٧ ا/از& VR 3',االله و VRا S%ارض: لم يكثر الأصوليون من الحديث عن الموازنة بين حق االله وحق العبد على الرغم من أهميته. وأهم من تكلم في هذا الموضوع، هم :الإمام الكدمي في »المعتبر«، والشاطبي في »الموافقات«، والعز بن عبد السلام في »قواعده«، والزركشي في »المنثور«. وهناك من أشار إلى هذا الموضوع إشارات من غير تفصيل كالآمدي في »الإحكام«. وسوف أعرض آراءهم مع شيء من البيان والتعليق. رأي الإمام الكدمي في »المعتبر«: يقول الإمام الكدمي من أئمة الإباضية :إذا تزاحمت حقوق العباد مع حقوق الباري 8واتفقت معي أنه قيل :إن حق االله أولى وألزم من حقوق العباد، لأنها من فرائض االله عليه التي تثبت عليه من قبل االله. وحقوق العباد اكتسبها على نفسه فما لزم عليه من فرائض االله التي لزمته من قبل االله هي أولى وأوجب، ف تقدم حقوق االله إذا لزمت وثبتت... ومعنى قيل :إن حقوق االله الواجبة وحقوق العباد كلها سواء في ماله إذا كانت من المال وفي المال لأنها واجبة كلها في حكم دين االله فيحكم بها كلها في ماله كل شيء منها قد لزم على حياله إذا تزاحمت واتفق وجوبها مع ا إن تزاحمت في وجه من الوجوه فكل من ذلك يجب له من المال بالأسوة عند وجوب ذلك بمنزلة الحقوق أن لو كانت للعباد. ومعنى أنه قد قيل :إن المتقدم وجوبه من حقوق االله أو من حقوق العباد هو أولى في اللزوم أو مقدم قبل الآخر من حقوق االله أو من حقوق العباد، مقاصد الشريعة بين المذهب الإباضي والمذاهب الإسلامية الأخرى/ج٢ ٢٠٨ فما تقدم من حقوق االله ثبت التعبدية عليه في وقته وكان عليه لزومه قبل ما مقدمة في الحكميثبت من حق العباد... ومعنى أنه قيل :إن حقوق العباد في المال في المحيا والممات ويحكم أنها في المحيا ولا تزول في الحكم حقوق العباد وتكون عليه في ذمته ولو تقدمت حقوق االله في لزومها لما ثبت من تقديم حقوق العباد، ثم ذكر دليلا على تقدم حقوق العباد بما روي علي حقوق ا ودين ا فلو في الخبر أن رجلا أتى النبي ژ فقال :يا رسول االله إن أخذت سيفي هذا فقاتلت به حتى أقتل أو نحو هذا أكان يغفر االله لي؟ قال: »نعم إلا حقوق العباد« فلم يستثنعليه من حقوق االله من مقاضيه ولا من حقوقه وقد سأله عنها إلا حقوق العباد).(١ مهمة: المهم انطوى على مذاهب هذا الكلام مقدمة على حقوق العباد مطلق ا.المذهب الأول :أن حقوق االله المذهب الثاني :أن الحقوق المالية التي تجب الله وللعباد كلها سواء كل حق يجب على حياله إذا تزاحمت واتفق وجوبها مع ا بالأسوة كما لو تزاحمت حقوق العباد. خرج نسب ة كل من هذينمال من الزكاة وديون، ت مثال ذلك :لو كان عليه الح قين كما لو كان على الشخص ديون للغرماء فإنه يعطى ك ل نصيبه بالأسوة. ثاني ا :رأي العز بن عبد السلام: ذكر العز بن عبد السلام في قواعده بعض المسائل الفروعية التي ظهرت فيها لديه الموازنة، لا تشكل منهج ا متكاملا في عملية الموازنة. ) (١انظر :كتاب »المعتبر« لأبي سعيد الكدمي. ٨٥/١ الفصل الحادي عشر :في الموازنة بين المصالح والمفاسد ٢٠٩ من هذه الأمثلة :تقديم الصلوات المفروضات عند ضيق الأوقات على الرفاهية، والشراب والطعام وسائر التصرفات. وليس تقديم إنقاذ الغرقى وتخليص الهلكى على الصلوات من هذا الباب، وإنما هو من باب تقديم حق االله وحق العباد على الصلوات).(١ ذكر ذلك أثناء كلامه على ما يقدم من حقوق الرب على حقوق عباده في الفصل السادس. بالر ثم ذكر في الفصل السابع ما يتقدم من حقوق العباد على حقوق رفق ا بهم في دنياهم، ثم ذكر أمثل ة على ذلك منها: التلفظ بكلمة الكفر عند الإكراه حفظ ا للنفوس والأعضاء ليقوم المكلف بعد ذلك بوظائف الطاعات والعبادات ومنها ترك الصلاة والصيام وكل حق الله بالإلجاء والإكراه).(٢ وفي الفصل الثامن ذكر ما اختلف في تقديمه من حق االله أو حق العبد وقد مثل له بأمثلة منها: ب الزكوات باقية قدمتص إذا مات وعليه ديون وزكوات فإن كانت ن صب يشبه تعليق الديون بالرهون وإن كانت تالفةالزكوات؛ لأن تعلقها بالن فمن العلماء من قدم الديون نظر ا إلى رجحان المصلحة في حق العباد سوى بينهما لتكافؤ المصلحتين، ومنهم من قدم الزكوات نظر اومنهم من إلى تقديم مصلحة حق االله).(٣ )» (١قواعد الأحكام«، ص. ٢٥٢ ) (٢المرجع السابق، ص. ٢٥٤ ) (٣قواعد الأحكام، ص. ٢٥٥، ٢٥٤ مقاصد الشريعة بين المذهب الإباضي والمذاهب الإسلامية الأخرى/ج٢ ٢١٠ وصفوة القول :إن حق االله مقدم ما لم يمنع منه مانع كما قال الشاطبي. فالزكاة حق مالي الله، ديون العباد حق مالي للعباد، فإن تزاحمت وزعت كما تو زع حقوق العباد المالية فيما لو تزاحمت كتوزيع مال المفلس على الغرماء. المذهب الثالث :أنه يقدم الأولى فالأولى في كل من حق االله وحق العبد؛ فيقدم الإيمان في حق االله على الصلاة، والصلاة على الزكاة وهكذا، والفرض على النفل، وتقدم الحقوق المالية من حقوق العباد على التحلل من الغيبة مثلا فيما لو اغتاب شخص ا وأخذ ماله. المذهب الرابع :أنه يقدم حق العباد مطلق ا في المحيا والممات؛ لأنها وجبت في ذ مة العبد كحقوق االله، ولعل هذا هو المذهب الذي تشير إليه مبني ة على المسامحة وحقوق العباد مبنية عى المشاحة،قاعدة :حقوق االله الدين على إخراج الزكاة.وعليه يقدم ثالث ا :رأي الإمام الشاطبي: مقدم على حق العبد عند التعارض دائم ايرى الشاطبي 5أن حق االله وأن حقوق العباد مضمونة على االله، قال :إذا تعارض حق االله وحق العبد فالمقدم حق االله فإن حقوق العباد مضمونة على االله).(١ واستد ل على ذلك بأدلة كثيرة منها قوله تعالىE D C ﴿ : VUT❁RQPONMLKJ❁HGF ] ﴾ Z Y X Wالذاريات ٥٦ :ـ. [٥٨ )» (١الموافقات«. ١٨٦/٣ الفصل الحادي عشر :في الموازنة بين المصالح والمفاسد ٢١١ وقوله تعالى®¬ « a©̈ § ¦¥ ¤ £ ¢ ¡ ﴿ : ̄ ] ﴾ °طه، [١٣٢ :والرزق من أعظم حقوق العباد فاقتضى الكلام أن من اشتغل بعبادة االله كفاه االله مؤنة الرزق؛ وذلك لأن االله قادر على الجميع، قال تعالى, + *) ( ' & % $ # " ! ﴿ : ] ﴾ 0 /. -يونس.[١٠٧ : واستدل بقوله تعالىt s r q ❁ o n m l k j ﴿ : ] ﴾ uالطلاق.[٣، ٢ : السنة بقوله ژ » :احفظ االله يحفظك، احفظ االله تجدهواستدل من تجاهك، تعرف إلى االله في الرخاء يعرفك في الشدة«.. الحديث).(١ هم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت ولا ينفع ذاوبقوله ژ » :ال ل الجد منك الجد«)، (٢وقال» :جف القلم بما أنت لاق«)، (٣وهذه الأحاديث وما في معناها كلها تدل على ترك الاعتماد على الأسباب، وفي الاعتماد على االله والأمر بطاعة االله. والسلام فقد قدمواواستد ل أيض ا بما ثبت عن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام حتى تفطرتطاعة االله على حقوق أنفسهم فقد قام عليه الصلاة قدماه، وقال» :أفلا أكون عبد ا شكور ا«) (٤وبلغ رسالته على ما كان عليه من الخوف من قومه حين تمالؤوا عليه، ولكن عصمه االله، وقال لهW V ﴿ : ] ﴾ ] \ [ Z Y Xالتوبة، [٥١ :وقال هو د لقومه وهو يبلغ الرسالة] ﴾ ? > = < ❁ : 9 8 7 6 ﴿ :هود،[٥٦، ٥٥ : ) (١أخرجه الترمذي. ) (٢رواه البخاري. ) (٣رواه البخاري، باب ما يكره من التبتل. ) (٤أخرجه البخاري باب قيام النبي ژ الليل برقم ).(١١٣٠ مقاصد الشريعة بين المذهب الإباضي والمذاهب الإسلامية الأخرى/ج٢ ٢١٢ وقال لهارون وموسى حين قالا❁ « a ©̈ § ¦ ¥ ¤ £ ﴿ : ®̄ ] ﴾ μ́ 3 2 ±°طه.[٤٦، ٤٥ : ثم أثار الشاطبي اعتراض ا فأجاب عنه، وملخص هذا الاعتراض هو تمسك بها الشاطبي تؤدي إلى ترك الأخذ بالأسباب،أن هذه الأدلة التي مناف للشريعة فإن الشريعة أمرت بالأخذ بالأسباب قال تعالى:وهذا ﴿̄ ] ﴾ yx w v uالبقرة، [١٩٥ :وقال أيض اa ©̈ ﴿ : « ¬ ® ﴾ ]الأنفال، [٦٠ :وقد كان النبي يأخذ بالأسباب لمعاشه وسائر أعماله. وأيض ا فحقوق االله ليست على وزان واحد في الطلب فمنها ما هو مطلوب حتم ا كالضروريات، ومنها مطلوب ليس بحتم كالمندوبات فكيف مقدمة على غيرها من حقوق العباد وإن كانت واجبة؟!يقال :إن المندوبات والاعتراض الثالث :أن أدلة الأخذ بالأسباب معارضة لأدلة إطراحها. تقدم لا يدل على إطراح الأسباب بل يدلوقد أجاب على ذلك بأن ما بخاصة الأسباب التي يقتضيها حق االله علىعلى تقديم بعض الأسباب، الأسباب التي يقتضيها حق العبد. أي وجهفرضت أعظم من حقوق العبادوأما الثاني :فإن حقوق االله على كيف كانت، وإنما فسح للمكلف في أخذ حقه من باب الرخصة والتوسعة لا من باب العزيمة وإذا كان كذلك فالعزيمة أولى بالتقديم ما لم يعارض معارض. وأما الثالث :وهو الجواب عن المعارضة للأدلة المذكورة فجوابه أنه لا معارضة فيه فإن أدلته لا تدل على تقديم حق العباد على حق االله فليس فيها مقدمة حيث يقوم معارض فيمعارضة أصلا، غاية ما فيها أن حقوق االله الفصل الحادي عشر :في الموازنة بين المصالح والمفاسد ٢١٣ تقديم حق االله، فحق العبد أولى، مثاله :إذا شق عليه الصوم مثلا لمرضه ولكنه صام فشغله ألم المش قة بالصوم عن استيفاء الصلاة على كمالها وإدامة الحضور فيها أو ما أشبه ذلك عادت عليه المحافظة على تقديم حق االله إلى الإخلال بحقه فلم يكن له ذلك؛ فليس تقديم حق االله على حق العبد بنكير البتة بل هو الحق على الإطلاق كما قال).(١ ثم ذكر أن ما تقدم من تأخير حقوق العباد إنما يرجع إلى نفس المكلف لا إلى غيره، أما ما كان من حق غيره من العباد فهو بالنسبة إليه من حقوق االله تعالى).(٢ قدم حقوق االله على حقوق العبدوالناظر في كلام الشاطبي يرى أنه بإطلاق لكنه يراه قد استثنى أمرين: مقدم ما لم يمنع من تقديمه مانع فإن قام المانع فحقالأول :أن حق االله العبد أولى. الاستثناء الثاني :أن حق االله أولى فيما يعود إلى المكلف، فإن تعلق بغيره صار أولى واعتبره من حقوق الرب. لأنه يرى أنه ما من حق للعبد إلا وللرب فيه شائبة. وبهذا يقترب من عرض أبي سعيد الكدمي: الأول :أن حق االله أولى على أي حال وهو القول الأول. مالي ا، وهو صادق على قول الشاطبي :إنه حق للغيرالثاني :إذا كان الح ق لأن من حقوق الغير المال غالب ا. )» (١الموافقات« باختصار ١٨٥/٣ـ ، ١٩٠دار الكتب العلمية، ط أولى، بتحقيق عبد االله دراز. ) (٢المصدر نفسه. ١٩١/٣ مقاصد الشريعة بين المذهب الإباضي والمذاهب الإسلامية الأخرى/ج٢ ٢١٤ رأي الإمام الزركشي : 5 تناول الزركشي 5ثلاث مسائل هي: ١ـ تعارض حقوق االله مع بعضها. ٢ـ تعارض حقوق الآدميين مع بعضها. ٣ـ تعارض حقوق االله مع حقوق الآدميين. المسألة الأولى :تعارض حقوق االله، وهو على أضرب: قدم آكده، ومن أمثلته تقديم الصلاة آخر وقتهاالأول :ما يتعارض وقته في على رواتبها وعلى المقض ية إذا لم يبق من الوقت إلا ما يسع الحاضرة، فإن كان يسع المؤداة والمقض ية فالفائتة أولى بالتقديم مراعاة للترتيب. الثاني :ما يتساوى فيه لعدم المرجح كمن عليه فائت من رمضانين فإنه يبدأ بأيهما شاء. كالدم الواجب في الإحرام والزكاةالثالث :ما تفاوتت فيقدم المرجح الواجبة فإذا اجتمعا في شاة فالزكاة أولى. الرابع :ما اختلف فيه كالعاري هل يص لي قائم ا ويتم الركوع والسجود محافظة )(١ على الأركان أو يصلي قاعد ا محافظ ة على ستر العورة أو يتخير بينهما؟ المسألة الثانية :تعارض حقوق الآدميين: فتار ة تستوي كالقسم بين الزوجات والنفقة، وتارة تترجح كنفقة نفسه على نفقة زوجته وقريبه).(٢ )» (١المنثور« للزركشي ٦٠/٢ـ. ٦٢ )» (٢المنثور«. ٦٤/٢ الفصل الحادي عشر :في الموازنة بين المصالح والمفاسد ٢١٥ المسألة الثالثة :أن يجتمع حق االله وحق الآدمي: وهو ثلاثة أقسام: الأول :ما ق ط ع فيه بتقديم حق االله كالصلاة والزكاة والصوم والحج فإنها والملاذ تحصيلا لمصلحةتقدم عند القدرة عليها على سائر أنواع التر فه العبد في الآخرة. الثاني :ما قطع فيه بتقديم حق الآدمي كجواز التلفظ بكلمة الكفر عند الإكراه ولبس الحرير عند الحك ة. الثالث :ما فيه خلاف بحقه، ومثاله :إذا مات وعليه زكاة ودين آدمي فيه أقوال ثالثها يتساويان).(١ رأيي في المسألة لدي قاعدة مهمة، وهي:خص بعد هذه الجولة في كلام أهل العلم يتل أن حقوق االله ليست على وزان واحد وإنما هي على ضربين: الأول :حقوق لا تجري فيها المسامحة. الثاني :حقوق تجري فيها المسامحة. فالتي لا تقبل المسامحة :توحيد االله وتنزيهه عن الشريك اعتقادا، وإنما قلت :اعتقاد ا ليخرج الكفر بطريق الإكراه، ويدخل في الإيمان توابعه من ذر الغفاري الفرائض كالصلاة والزكاة وغيرها، والدليل على ذلك ما رواه أبو  أنه قال :أوصاني خليلي رسول االله قائلا» :يا أبا ذر لا تشرك باالله شيئ ا وإن قطعت أو حرقت، ولا تترك صلاة مكتوبة متعمد ا فمن تركها متعمد ا فقد برئت منه الذمة، ولا تشرب الخمر فإنها مفتاح كل شر«. ) (١المرجع نفسه. ٦٥/٢ مقاصد الشريعة بين المذهب الإباضي والمذاهب الإسلامية الأخرى/ج٢ ٢١٦ أما الحقوق التي تجري فيها المسامحة :ما كان دون التوحيد وما انبنى عليه كتأخير الفرائض عن أول الوقت والتلفظ بكلمة الكفر مع اطمئنان القلب بالإيمان، وعدم الحضور أثناء الصلاة مع الحرص عليه قدر الإمكان، ودخول الوسواس مع الحرص على مقاومته فهذا ليس باستطاعة فاعله وهو نقص في حق االله لكن يتسامح فيه لأن االله لا يكلف نفس ا إلا وسعها، ومن ذلك ما توسوس به نفس الإنسان وما يتخيله من معفو عنه في حق الرب؛ لقوله ژ » :إن االله رفعنحو الكفر والطلاق فهذا عن أمتي ما تحدث به أنفسها ما لم تعمل به«. وهذه القاعدة جارية في حق العبد أيض ا. فمنها ما لا يتسامح فيه كالميراث والديون لمن ماطل فيها وهو قادر على سدادها؛ لقول الرسول ژ » :مطل الغني ظلم«).(١ ولقوله تعالى﴾ k j i h gf e d c ﴿ : ]النساء [١١ :وعلى كل فهذا فيه شائبة حق االله وحق العبد. وليس الكلام فيه. أما ما يقبل المسامحة من حقوق العبد؛ كعدم العدل بين الزوجات في المحبة القلبية فإن الإنسان لا يملك ذلك، وقد قال النبي ژ وهو خير م ن هم هذا قسمي فيما أملك فلا تؤاخذني فيما لا أملك«)، (٢فيقدمع دل» :ال ل الأهم فالأهم والأوكد فالأوكد من حقوق الرب وحقوق العبد، واالله أعلم. وقد يتعارض ح قان :حق الله وحق للعبد فما تجري فيه المسامحة يقدم كذب نفسه قب ل منه ذلك؛بحد من حدود االله عليه كحد الزنى ثم أقر كمن مبني على المسامحة.لأن حق االله هنا ) (١الحديث رواه البخاري في باب الحوالة ٩٤/٢برقم ).(٢٢٨٧ )» (٢سنن أبي داود« ٢٤٢/٢برقم ).(٢١٣٤ الفصل الحادي عشر :في الموازنة بين المصالح والمفاسد ٢١٧ أقر بحق من حقوق العباد عليه كمالثم رجع لا يقبل رجوعه؛أما لو لأن حق العبد هنا مبني على المشاحة. وكذلك الشهادة في حق من حقوق االله يتسامح فيها بخلاف الشهادة في حق العبد فلا يتسامح فيها. حد من الحدود كالزنى ما لم ي س ت شهد قيل فيه :إنه شرفمن شهد على  فقير أو لأحد من الناس لا يعلمهالشهود، ومن شهد بح ق ماليليتيم أو غيره قيل فيه :خير الشهود، وفي ذلك حديثان عن النبي ژ أنه قال» :خير الشهود أن يشهد الرجل قبل أن يستشهد«، وورد عنه ژ أنه قال» :شر الشهود أن يشهد الرجل قبل أن يستشهد«، وقد جمع بينهما بعض أهل العلم فقال :خير الشهود من يشهد قبل أن يستشهد في حقوق العباد، وشر الشهود من يشهد قبل أن يستشهد في حقوق االله؛ لأن حقوق العباد مبنية على المشاحة، وحقوق االله تجري فيها المسامحة. وهذه القاعدة التي ذكرتها صادقة بثلاثة وجوه: الأول :ما لا تجري فيه المسامحة في حق االله أوكد مما تجري فيه المسامحة. الثاني :ما لا تجري فيه المسامحة في حق العبد أوكد مما تجري فيه المسامحة. الثالث :ما لا تجري فيه المسامحة في حق الرب والعبد أوكد مما تجري فيه المسامحة. الم وازن أن يعرف ما تجري فيه المسامحةوقد سبقت الأمثلة. بقي على والسنة. مما لا تجري فيه، وطريق ذلك الاستقراء لأدلة الكتاب  مقاصد الشريعة بين المذهب الإباضي والمذاهب الإسلامية الأخرى/ج٢ ٢١٨ بقي وجه، وهو :تعارض حق االله مع حق العبد إذا كانا مما لا تجري فيه والدين المالي، فقيل :دين االله أحق، وقيل :توزع كما توزعالمسامحة كالزكاة حقوق العباد أسوة كما توزع أموال المفلس على الغرماء فيخرج جزء من حق االله وجزء من حق العباد. وهو قول للإمام الكدمي في المعتبر. واالله أعلم. وعيد أو مجاوزةوأقصد بالمسامحة وعدمها في حقوق االله ما ورد فيه والسنة، وكذلك حقوق العباد فما ورد فيه من وعيد فلا يتسامحفي الكتاب فيه مثل من يموت وعليه دين فإن النبي ژ امتنع عن الصلاة على من عليه دين حتى قضاه أبو قتادة).(١ علي ديون فلو أخذتوجاء رجل إلى النبي ژ فقال له :يا رسول االله سيفي فضربت به في سبيل االله أينفعني ذلك؟ فقال له النبي» :إلا الد ين«).(٢ فقد أخبر أن القتال في سبيل االله لا يمحو د ي ن العباد. ويمكن إرجاع جميع الصور التي تكلم عليها العلماء إلى هذه القاعدة.  ا/از& 3',اqورت ا5. اختلف العلماء في ترتيب الضروريات الخمس اختلاف ا كبيرا، فمنهم من قدم حفظ الدين، ثم النفس، ثم العقل، ثم النسل، ثم المال، ومن هؤلاء الأنصاري من الحنفية، وغيره من أهل العلم، ومن المعاصرين العلامة )» (١فواتح الرحموت« ٤٧٠/٢و.٤٧١/ )» (٢ضوابط المصلحة«، ص. ٢١٨ و»فقه الموازنات في الشريعة« رسالة ماجستير قدمت في جامعة الجنان وكنت أحد أعضاء لجنة الحكم وهي من عيون الرسائل والبحث الذي قدمه الكمالي من أحسن البحوث، ص. ٢٨٩ الفصل الحادي عشر :في الموازنة بين المصالح والمفاسد ٢١٩ البوطي 5تعالى، والدكتور عبد االله الكمالي، والشيخ عبد االله دراز)..(١ وغيرهم. ومنهم :من قدم النسب على حفظ العقل؛ لكون حفظ النسب عائد ا إلى حفظ النفس؛ وهم :ابن الحاجب، والآمدي، والعضد في شرحه لابن الحاجب).(٢ عر ترتيب الإمام السالمي، (٣) 5ومنهم :من قدم حفظ العقل كما يش ولكل وجهته. الدين رأى أن الخلق إنما وجد لأجل الدين؛ لقوله تعالى:قدمفمن ﴿ ] ﴾ H G F E D Cالذاريات، [٥٦ :فكل الضروريات خادمة لمصلحة الدين. قدم النفس على الدين قال :إن االله رخص للمضطر أن يكفر إذاومن هدد بالقتل وهذا كان في تقديم النفس على سائر المصالح الضرورية، والمقصود بالكفر النطق به وليس اعتقاده. قدم العقل رأى أن الدين والتكليف والتشريع متوقف على العقل،ومن ومن لا عقل له لا دين له ولا تكليف عليه. وإذا ارتفع العقل صار الإنسان كالبهيمة المهملة، قالوا :وإن العقل صنو النقل وبكليهما عرف الدين. ولولا العقل ما أنزل االله الكتب وأرسل الرسل، وصدق االله إذ يقولsr ﴿ : ] ﴾ ~ } | { z y ❁ w v u tيوسف،[٢، ١ : ويقول أيض ا] ﴾́ 3 2 ± °̄ ﴿ :الأنعام.[٦٥ : )» (١هامش الموافقات«. ٣٢٦/٢ ) (٢انظر »الأحكام« ٢٧٧/٤و»مختصر ابن الحاجب مع شرح العضد« ٣١٧/٢و»العضد«. ٧٥٦/٢ )» (٣طلعة الشمس«.١٤٥/٢ : مقاصد الشريعة بين المذهب الإباضي والمذاهب الإسلامية الأخرى/ج٢ ٢٢٠ ا!%ة اون :ا/از& 3',ا!@:V الحقيقة :هي اللفظ المستعمل فيما وضع أولا شرع ا، أو عرف ا، أو لغة، وهي ثلاثة أنواع: الحقيقة اللغوية :وهي اللفظ المستعمل فيما وضع له لغ ة بوضع أول؛ كالأسد للحيوان المفترس، وكالحمار للبهيمة المخصوصة. والحقيقة الشرعية :وهي التي نقلها أهل الشرع واستعملوها في معنى خاص بهم؛ مثل لفظ الصلاة فإنها نقلت عن الدعاء إلى ذات الأذكار والهيئات المخصوصة. والحقيقة العرفية :وهي التي استعملها أهل العرف في معنى خاص؛ كالدابة فإنها خصصت لذوات الحوافر والأظلاف، وهي في اللغة لكل ما دب على الأرض من النملة إلى الحصان. وهذه الحقائق ترد في خطابات الشارع الحكيم، فإن قصد بها المعنى اللغوي حملت عليه؛ كقول االله تعالى﴾ * ) ( ' & % $ # " ﴿ : ]هود، [٦ :فالدابة هنا يقصد بها كل ما يدب على الأرض من الإنسان والحيوان، وكقوله تعالى] ﴾ 3 2 1 0 /. - , + ﴿ :مريم.[٢٦ : وإن قصد بها المعنى الشرعي حملت عليه؛ كقول االله تعالى= ﴿ : > ? @ ﴾.. الآية ]الإسراء، [٧٨ :فإن الصلاة هنا يقصد بها ذات الأركان والأذكار المخصوصة، وهي الصلاة الشرعية. وكقوله تعالى.. ﴾ 8 7 6 ﴿ :الآية ]البقرة، [١٨٣ :وهو الإمساك المخصوص، وإن قصد بها المعنى العرفي حملت عليه كقول القائل :من ر د ضالتي أعطيته دا بة من دوابي، فيحمل اللفظ على ذات الحافر والأظلاف.علي وهذا لا خلاف فيه، لكن الخلاف لو تزاحمت هذه الحقائق فماذا يقدم؟ الفصل الحادي عشر :في الموازنة بين المصالح والمفاسد ٢٢١ اختلف الأصوليون، فمذهب الإباضية وجمهور أهل الأصول أن الحقيقة الشرعية إذا تزاحمت مع اللغوية قدمت الشرعية عليها، وذهب بعض أهل المذاهب أن الحقيقة اللغوية تقدم على الشرعية وهو مذهب الإمام الباقلاني).(١ ث لبيان الشرعيات وليس لبيان واستدل الجمهور بأن الرسول ژ بع اللغويات وهذه قرينة قوية على تقديم الشرع على اللغة. واحتج الفريق الآخر بأن الحقيقة اللغوية هي الأصل والشرعية هي الفرع، بل الشرعية هي في الحقيقة مجاز لغوي بمعنى أنها لما استعملت في المعنى الشرعي الخاص صارت مجاز ا عند أهل ال لغة. الترجيح: إذا وازنا بين الحقيقة الشرعية وبين الحقيقة اللغوية عند التعارض وجدنا أن الحقيقة الشرعية أولى؛ لأنه يترتب على الحمل عليها مصلحة وفائدة شرعية يظهر ذلك في المثال الآتي، وهو أن النبي ژ كان يدخل على زوجاته في النهار فيقول» :هل عندكن طعام؟« فإن قلن :لا قال» :إني إذ ا أصوم«).(٢ ف تق د م الحقيق ة الشرعية؛ لأن في الحمل عليها فائدة شرعية، وهي صحة صوم النفل من غير نية مبيتة من الليل، وهي فائدة جليلة القدر؛ لذلك قالوا: إن الصائم المتطوع لا تلزمه ني ة م ب يت ة م ن الليل، بل يصح صومه بنية ينشئها الصائم من النهار. )» (١حاشية التفتازاني لمختصر ابن الحاجب« ، ١٦٣/١و»الإبهاج« ، ٢٧٦/١و»كشف الأسرار« .٥٤/١ ) (٢رواه مسلم برقم ).(١١٥٤ مقاصد الشريعة بين المذهب الإباضي والمذاهب الإسلامية الأخرى/ج٢ ٢٢٢ ومن أمثلة ذلك قول الرسول ژ » :الطواف بالبيت صلاة«)، (١فهل المراد بالصلاة هنا المعنى الشرعي أو اللغوي؟ مذهب الجمهور أن المراد بالصلاة الحقيقة الشرعية؛ لذلك اشترط في الطواف أن يكون على طهارة، وهذه فائدة شرعية. أ/ال ا$ء  (Nه ا!%ة: العلامة محمد بن بركة» :إن الطواف فيـ المذهب الإباضي :قال الأوقات المنهي عنالصلاة فيها جائز ولولا الإجماع لم يجز؛ لأن الطواف صلاة ولا يجوز الطواف إلا بستر العورة؛ لأنه صلاة لقول النبي ژ : »الطواف في البيت صلاة«).(٢ فقد قدم ابن بركة الحقيقة الشرعية على اللغوية فاشترط ستر العورة في الطواف وخص من ذلك الطواف بالإجماع فصححه من غير كراهة وهذا تخصيص للعموم بالإجماع وهو سائغ. وذكر ابن نجيم من الحنفية أن الرجل إذا باع مؤجلا ولم يقل إلى رمضان مثلا لا يكون مؤبد ا بل يكون ثلاثة أيام وقيل بأن يتأجل إلى شهر لأنه المعهود في الشرع).(٣ وقال في »مواهب الجليل« :إذا دار اللفظ بين المعهود في الشرع وغيره حمل على المعهود في الشرع).(٤ ) (١أخرجه ابن الجارود في »المنتقى«، والحاكم في »المستدرك«، وقال :هذا صحيح الإسناد ولم يخرجاه. ) (٢سبق تخريجه آنف ا. )» (٣البحر الرائق«. ٣٠١/٥ )» (٤مواهب الجليل«. ٣٤٣/٥ الفصل الحادي عشر :في الموازنة بين المصالح والمفاسد ٢٢٣ وذكر النووي أن مطلق النذر يحمل على المعهود في الشرع).(١ وقال ابن قدامة :المطلق من كلام الآدميين يحمل على المعهود في الشرع).(٢ وهذا يثبت أن الحقيقة الشرعية هي الأولى عند مزاحمتها بغيرها، وهذه موازنة بين ما يترتب عليه فائدة وبين ما لا يترتب عليه فائدة. ومن أمثلة ذلك قول الرسول ژ » :الاثنان جماعة«)، (٣فقد تعارضت الحقيقة الشرعية مع اللغوية فقدمت الشرعية؛ لأنه يترتب على تقديمها فوائد شرعية منها صحة صلاة الجماعة بالاثنين، وصحة التأمير في السفر في الاثنين فما فوق، وعليه تصح الجمعة بالثلاثة؛ لأن من ألفاظ هذا الحديث: »الاثنان فما فوق جماعة« وعليه مذهب الحنفية في الجمعة. العلامة أطفيش » : 5الأصل في أحاديث رسول االله ژ أنلذلك قال تحمل على المعاني الشرعية دون اللغوية«).(٤ ومن أمثلة ذلك قوله تعالىv u t sr q p ﴿ : ] ﴾ z y x wالبقرة، [٢٢٢ :فلفظ المحيض له حقيقة شرعية، وهو مكان الحيض، وحقيقة لغوية وهو زمان الحيض، فلو حملناه على زمان الحيض لزم منه محذور وهو عدم صحة التمتع بالزوجة فيما فوق السرة ودون الركبة، وأما حمله على مكان الحيض فلا يلزم منه هذا المحذور فكان أولى، وهذه فائدة أوجبها تقديم الشرع على اللغة، ذكره الإمام السالمي في »معارج الآمال«).(٥ )» (١المجموع«. ٤٥٩/٨ )» (٢المغني«. ٢٠٩/٨ ) (٣رواه الدارقطني في »سننه« باب الاثنان جماعة رقم ) (١ج ، ١ص. ٢٨٠ )» (٤شرح النيل« ٩٨/٤و.٢٤٧/٤ )» (٥معارج الآمال«. ١٤/٢ مقاصد الشريعة بين المذهب الإباضي والمذاهب الإسلامية الأخرى/ج٢ ٢٢٤ لأن المحيض في اللغة اسم زمان ومكان فهو مشترك لفظي لكن خصص شرع ا بالدم الخارج من رحم المرأة حيث غلب المكان شرع ا فقدم لهذه الفائدة. ا!%ة اد& واون :ا/از& 3',ا~ 5'Mوا:'E/ من القواعد الفقهية قاعدة :التأسيس أولى من التوكيد).(١ معنى التأسيس: أس س التأسيس في اللغة :جعل أساس للشيء يقوم عليه، فهو مأخوذ من البناء؛ أي :جعل له أساس ا وقاعدة يقوم عليها، وأصلا ينبني عليه).(٢ اللفظ السابق له،فد ه وفي الاصطلاح :هو اللفظ الذي يفيد معنى لم ي ويقال له :إفادة).(٣ والعلاقة بين المعنى اللغوي والمعنى الاصطلاحي هي :أن أصل الكلام في اللغة أن يكون مفيد ا فائدة جديدة في معنى مقصودبالوضع، فأساس الكلام الإفادة، وأما التوكيد فليس فيه هذه الإفادة بل هو إعادة اللفظ السابق؛ فلذلك كان التأسيس المتضمن لفائدة جديدة أصلا في الكلام. معنى التوكيد: التوكيد :هو اللفظ الذي يقصد به تقرير لفظ سابق له، ويقال له :إعادة. )» (١بيان الشرع« ، ٦٨/٢٦وكتاب »الإيضاح«. ٤٩٥/٢ )» (٢الوجيز« للبورنو، ص ، ١٩٩مؤسسة الرسالة. )» (٣التمهيد« للأسنوي، ص. ١٦١ الفصل الحادي عشر :في الموازنة بين المصالح والمفاسد ٢٢٥ وعرفه الرازي بقوله» :التوكيد هو اللفظ الموضوع لتقوية ما يفهم من لفظ آخر«).(١ وعرفه البيضاوي :بأنه تقوية مدلول ما ذكر بلفظ ثان ).(٢ بلفظ ثانيشمل جميع أنواع التوكيد سواء بذكر اللفظ نفسه أووقوله: بغيره من ألفاظ التوكيد كالعين، والنفس، أو للمثنى ككلا وكلتا، أو للجمع وهو أجمعون، وزاد عليه الأصفهاني قيد ا وهو مستقل بالدلالة ليخرج التابع).(٣ أقسام التوكيد: ذكر النحاة أن التوكيد على نوعين :لفظي ومعنوي. اللفظي :هو توكيد اللفظ بنفسه؛ أي :بتكراره مثل قول النبي ژ » :واالله لأغزون قريش ا واالله لأغزون قريش ا، ثلاث ا«).(٤ وهذا على ضربين: الأول :أن يكون في الجمل، وهو إما أن يكون مقرون ا بعاطف كقوله تعالى] ﴾ h g f e ❁ c b a ﴿ :القيامة ٣٤ :ـ. [٣٥ والضرب الثاني :في المفردات وهو إما اسم كقوله تعالى ́ 3 ﴿ : ] ﴾ 1̧ ¶ μالفجر، [٢١ :أو فعل كقول الشاعر: أتاك اللاحقون احبس احبسأتاك فأين إلى أين النجاة ببغلتي )» (١المحصول«، ج ، ١ق ، ١ص ، ٣٥٤ت د. طه جابر العلواني. ) (٢المصدر نفسه. )» (٣المنتخب« ورقة ١٤ب و.١٦ ) (٤رواه أبو داود بسنده عن عكرمة بهذا اللفظ ثم قال في الثالثة إن شاء االله كتاب »الإيمان« باب ) (٢٠تصوير استانبول. مقاصد الشريعة بين المذهب الإباضي والمذاهب الإسلامية الأخرى/ج٢ ٢٢٦ وإما حرف كقول الشاعر: دواء ولا لما بهم أبد افلا واالله لا يلغى لما بي الضرب الثاني :التوكيد المعنوي، وهو بغير ذلك اللفظ، وهو قسمان: نفس ه، أو عينه، أو ذاته، أو للمثنىالأول :أن يؤكد الفرد، مثل جاء محمد ك ك لا وكلتا، نحو :جاء الرجلان كلاهما، وجاءت المرأتان كلتاهما، أو للجميع كقوله تعالى] ﴾ Ë Ê É È ﴿ :الحجر.[٣٠ : الثاني :دخول التوكيد على المؤكد مثل »إن أباك القادم«. والتوكيد الذي يلتبس بالتأسيس هو التوكيد اللفظي وليس المعنوي. معنى القاعدة: ومعنى القاعدة :أن الكلام المراد إعماله إذا كان يحتمل التأسيس والتوكيد فحمله على التأسيس أولى. وذلك لأن في الحمل على التأسيس فائدة بينما الحمل على التوكيد ليس فيه فائدة بل هو إعادة، والإفادة خير من الإعادة. فهذه موازنة بين التأسيس والتوكيد، وتقديم ما فيه مصلحة إعمال الكلام على ما كان طريق ا لإلغاء الكلام، وإعمال الكلام أولى من إهماله. فروع القاعدة: وفروع القاعدة أكثر من أن تذكر، فمن هذه الفروع :لو حلف أيمان ا مقاع د متعددة في معنى واحد فلكل يمين كفارة،مكرر ة في مقعدواحدأو كذلك الحكم فيما لو اختلفت الأيمان وتعددت المقاعد فيكون لكل يمين كفارة، وهذا الحكم متفق عليه بين الإباضية)، (١وجمهور المذاهب الإسلامية )» (١بيان الشرع«. ٦٨/٢٦ الفصل الحادي عشر :في الموازنة بين المصالح والمفاسد ٢٢٧ من الحنفية)، (١والمالكية)، (٢والشافعية)، (٣والحنابلة، لكن الحنابلة اشترطوا لتعدد الكفارة أن تكون الأيمان مختلفة).(٤ لكنهم في يمين الطلاق فمذهبهم؛ أي :الحنابلة محمول على التأسيس فمن كرر الطلاق وقع بكل طلقة طلا ق حملا للفظ على التأسيس). (٥وهذا مذهب الزيدية. قال في »شرح بغية الآمل«) :(٦وأما إذا تكرر الأمر بحرف العطف كأن يقول :صل ركعتين، وصل ركعتين فهما مغايرانحملا للفظ على التأسيس وهو أولى من التوكيد، وهذا مذهبهم في الأيمان. ناف، فيقدمنصان :أحدهما مثبت، والآخرومن فروعها :إذا تعارض معرض كلامه عن قراءةالمثبت على النافي. يقول الإمام السالمي 5في الفاتحة في صلاة الجنازة :واحتج من نفى قراءتها من قومنا بأنه لم تثبت القراءة عن رسول االله ژ ، وفي »موطأ مالك« عن نافع عن ابن عمر :كان لا يقرؤها في الصلاة على الجنازة. والجواب أن الروايات المتقدمة مثبتة وهذه نافية، والمثبت يقدم على المنفي؛ لأن عنده زيادة علم)، (٧فهو كالتأسيس المشتمل على فائدة لم يشتمل عليها التوكيد. وهكذا الحكم في الطلاق والظهار، والإقرار يقدم فيها التأسيس على التوكيد. )» (١بدائع الصنائع« ، ١٠/٣ط ) (١الجمالية بمصر. )» (٢أسهل المدارك« ، ٣٠/٢التجارية المتحدة و»الشرح الصغير« للدردير ٣١٦/٣البابي الحلبي. )» (٣أشباه السيوطي« ص ، ١٣٥و»شرح المهذب« ٥٨/٢شركة نبهان. )» (٤الإنصاف« للمرداوي )، (١٧٦و»كشاف القناع«. ٢٤٤/٦ )» (٥الإنصاف«. ٢٢/٩ )» (٦شرح بغية الآمل«. ٢٣٠/١ )» (٧معارج الآمال«. ١٣٩/٤ مقاصد الشريعة بين المذهب الإباضي والمذاهب الإسلامية الأخرى/ج٢ ٢٢٨ ا!%ة ا'& واون :ا/از& /" 3',اك: والقاعدة في ذلك :إذا دار أمر المشترك بين معنيين يوجب أحدهما محذور ا ولا يوجب الآخر محذورا، كان الحمل على ما لا يوجب المحذور أولى. نص عليها الإمام السالمي 5في باب الحيض، فقدهذه القاعدة قال : 5ومن المعلوم أن اللفظ إذا كان مشترك ا بين معنيين، وكان حمله على أحدهما يوجب محذورا، وحمله على الآخر لا يوجب ذلك المحذور، كان حمله على ما لا يوجب المحذور أولى. شرح المفردات: أولا :بيان حقيقة المشترك: المشترك هو اللفظ الموضوع لحقيقتين أو أكثر وضع ا أولا من حيث هما كذلك).(١ فقوله :اللفظ الموضوع، أخرج المهمل كديز )عكس زيد(. وقوله :وضع ا أولا، أخرج المجاز؛ لأنه وضع ثاني ا. وقوله :من حيث هما كذلك، أخرج المتواطىء فإنه يتناول الماهيات المختلفة، لكن لا من حيث هما كذلك بل من حيث إنها مشتركة في معنى واحد).(٢ ثاني ا :وقوع المشترك: والسنة، وهو الراجح من أقوال أهل العلم، لكنالمشترك واقع في الكتاب )» (١المحصول« للرازي، ج ، ١ق. ٣٥٩/١ )» (٢المحصول«، ج ، ١ق ، ١ص ٣٥٩ت د،. ط جابر. الفصل الحادي عشر :في الموازنة بين المصالح والمفاسد ٢٢٩ هل هو واجب أو جائز؟ فيه خلاف وذهب البعض إلى امتناع وقوعه. ولن أخوض هنا في تفصيلات المذاهب ومن أراد التوسع فليرجع إلى المط ولات. والسنة؛ أما الكتاب فبقوله تعالى: وقد استدل من قال بوقوعه بالكتاب ﴿ ] ﴾ L K J I Hالبقرة، [٢٢٨ :والقرء مشترك لفظي بين الحيض والطهر. وقوله] ﴾ < ; ﴿ :القلم، [٢٠ :والصريم :الليل والنهار، وقوله تعالى] ﴾ c b a ﴿ :التكوير، [١٧ :وعسعس معناه :أقبل وأدبر، فهو مشترك بينهما. السنة فقوله ژ» :دعي الصلاة أيام أقرائك«.أما وقوعه في ثالث ا :الحاجة إلى المشترك: احتج من قال بوجود المشترك بأن الألفاظ متناهية لاشتقاقها من الحروف المتناهية، والمعاني غير متناهية؛ لأن الأعداد منها وهي غير متناهية وغير المتناهي إذا وزع على المتناهي لزم الاشتراك هذا من وجه. ومن وجه آخر أن يقال :إن المواضعة تابعة لأغراض المتكلم، وقد يفص ح عن مراد كلامه حيث يكون الإفصاح عنيكون غرض المتكلم أن لا كلامه سبب ا للوقوع في المفسدة وتكون التورية باستعمال المشترك سبب ا في المصلحة. مثال ذلك :ما روي أن أبا بكر سئل يوم الهجرة عن رسول االله، فقال: »هاديهديني السبيل«، فالسبيل و رى به أبو بكر عن الإسلام، والسائل يظنه دلالا له على الطريق).(١ ) (١رواه البخاري في كتاب »مناقب الأنصار« باب ).(٤٥ مقاصد الشريعة بين المذهب الإباضي والمذاهب الإسلامية الأخرى/ج٢ ٢٣٠ رابع ا :إعمال المشترك في جميع معانيه: تشير القاعدة إلى أن المشترك يمكن حمله على أكثر من معنى؛ لذلك اختلف الأصوليون في حمل المشترك على جميع معانيه فأثبته الشافعي وجمهور الأصوليين وبعض الإباضية، وقد احتج الشافعي لمذهبه بأن اللفظ استوت نسبته إلى كل واحدمن المس ميات، فليس تعيين البعض منها بأولى من البعض، فيحمل على الجميع احتياط ا. وقد وقع ذلك في القرآن الكريم كما في قوله تعالىC B ﴿ : ] ﴾ G F E Dالأحزاب، [٥٦ :والصلاة من االله رحمة، ومن الملائكة استغفار، ومن الناس دعاء، وأراد االله بهذا اللفظ المعاني جميعها. وذهب الحنفية، وأبو هاشم، وأبو الحسين البصري، إلى منعه، وهو مذهب أكثر الإباضية واحتجوا بأن العرب وضعت الاسم لكل معنى على سبيل البدل لا على سبيل الجمع، فإذا حمل على جميع معانيه كان استعمالا له في غير ما وضع له، وهو الصحيح عند الإمام السالمي. (١) 5 وجوز البعض حمل المشترك على جميع معانيه مجازا، وجوز البعض جمعهما إن لم يمتنع الجمع بينهما في إرادة واحدة ومنعوا ما يمتنع الجمع بينهما، واختاره البدر الشماخي من الإباضية، وهو أفضل الآراء، وهو اختيار صح ابن الحاجب أيض ا، لكن إن كان مع المشترك علاقة المجاز فعند ذلك معنياه، قال في »شمس الأصول«:أن يراد به وجدت علاقة المجاز لا إنفقدت وموضع النزاع ما إن فإننا حينئذ نرضاهوصح أن يراد معنياه )» (١التمهيد« للأسنوي ص ، ١٧٦و»تخريج الفروع على الأصول« للزنجاني، ص »، ٣١٤إرشاد الفحول«، ص ، ٢٠وانظر» :طلعة الشمس«. ٢٨٠/١ الفصل الحادي عشر :في الموازنة بين المصالح والمفاسد ٢٣١ ومعنى ذلك أن مح ل النزاع في حمل المشترك على معنييه إذا فقدت وصح أن يراد علاقة المجاز بين معاني المشترك أما إذا وجدت العلاقة بينهما المعنيان فإنه يصح حينئذ أن يطلق على معنييه مجاز ا كان مفرد ا أو جمع ا، وذلك نحو قوله تعالى] ﴾ G F E D C B ﴿ :الأحزاب،[٥٦ : والصلاة من االله رحمة، ومن الملائكة استغفار، والعلاقة بينهما أن الرحمة التي هي صلاة االله على نبيه سبب لحصول الاستغفار من الملائكة).(١ ا/از& /" 3',اك ا:G $ إذا علمنا أن المشترك اللفظي يطلق على معانع دة فإن هذه المعاني قد يلزم عن بعضها محذور أو مفاسد فما الحكم؟. الحكم أن الناظر في مدلولي المشترك ينبغي أن يوازن بين مدلولي ويقدم المعنى الذي تترتب عليه مصلحة ويلغي المعنى الذيالمشترك، نص عليه الإمام السالميتترتب عليه مفسدة أو يلزم منه محذور، وهذا ما في »معارج الآمال«. مثال ذلك :قوله تعالىw v u t sr q p ﴿ : ] ﴾ z y xالبقرة.[٢٢٢ : ولفظ المحيض مشترك لفظي بين زمان الحيض وبين مكان الحيض، فلو حملناه على زمان الحيض للزم منه محذور وهو عدم صحة الاستمتاع الس رة ودون الركبة.بالزوجة فوق ولكن لو حملناه على مكان الحيض فلا يلزم عنه حرمة الاستمتاع الس رة ودون الركبة فكان أولى).(٢بالزوجة فوق )» (١طلعة الشمس«. ٢٨٤/١ )» (٢معارج الآمال«. ١٤/٢ مقاصد الشريعة بين المذهب الإباضي والمذاهب الإسلامية الأخرى/ج٢ ٢٣٢ ومن أمثلة ذلك قوله تعالىK J I H ﴿ : ] ﴾ Lالبقرة.[٢٢٨ : والقرء مشترك بين الحيض والطهر، فإذا حملناه على الطهر لزم منه تطويل العدة على المطلقة وإن حملناه على الحيض لم يلزم منه ذلك، فكان حمله على ما لا يلزم منه محذور أولى. ومن أمثلة ذلك أيض ا لو قال في مرض موته :هذه الدار لمولاي من بعدي ثم مات فنظرنا، فإذا له مولى من أعلى وهو السيد ومولى من أسفل ويتصور ذلك في رجل كان عبد ا فعتق ثم ملكوهو عبده الذي في ملكه، عبد ا وصار له مولى وهو سيده الذي أعتقه وعبده الذي كان في ملكه، والوصية جائزة للاثنين مع ا؛ لأنها إن كانت للسيد فهي بمثابة الشكر على أياديه، وإن كانت للعبد فهي بمثابة الشفقة والرحمة، لكن نظرنا فإذا المسلم على غيره؛ لأن في ذلكبأحدهما غير مسلم والآخر مسلم رجحنا مصلحة؛ لأن أموال المسلمين للمسلمين وهي مصلحة عظيمة أوجبتها الموازنة بين مدلولي المشترك. وبهذا تظهر فلسفة الإسلام في اعتبار المصالح وأسبابها، وإهدار المفاسد وطرائقها، وهذا سارفي أصول الشريعة وقواعدها، وفروعها وسبيل ذلك هو الاستقراء لمعاني الأحكام ومقاصدها وطرق الترجيحات ومبادئها، وهذا من أسرار خلود هذه الشريعة وديمومتها ما دامت السماوات والأرض! ا!%ة ا& واون :ا/از&   3',ا & و  ا8ل: نفي الصحة مع نفي الكمال قدم نفيوالقاعدة في ذلك :إذا تعارض الصحة).(١ )» (١بيان الشرع« ١٣/١٢و.٣٢/ الفصل الحادي عشر :في الموازنة بين المصالح والمفاسد ٢٣٣ من القواعد الأصولية نفي الصحة؛ ومعناها :أن الفعل لم يقع صحيح ا ولم ي ب رىء الذمة، ومعنى نفي الكمال :أن الفعل وقع صحيح ا لكنه وقع ناقص الأجر والثواب وكثير ا ما يرد في النصوص الشرعية النفي على الذات مع وجودها ح س ا، كقوله ژ » :لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد«)،(١ وكقوله ژ » :لا نكاح إلا بولي«، ولما وجدت الذات في الخارج حصل تعارض بين نفي الصحة أو نفي المجاز وهو الكمال، ومعنى نفي الصحة: لا صلاة صحيحة لجار المسجد إلا في المسجد، ومعنى نفي الكمال :لا صلاة كاملة لجار المسجد إلا في المسجد، وهنا نقدم نفي الصحة؛ لأنها أقرب المجازات لنفي الذات. )قلت( :هذه هي القاعدة، لكن في هذا المثال د ل الدليل الخارجي على اللذينقالا :صلينا أن المقصود نفي الكمال بدليل أن النبي ژ لم ينكر على في رحالنا. ويمكن أ ن يمثل لنفي الصحة بقول النبي ژ » :لا نكاح إلا بولي«).(٢ وبقوله» :لا صلاة لمن لم يقرأ بأم الكتاب«).(٣ وبقوله» :لا صلاة لمن لا وضوء له«).(٤ ومعنى الكلام هنا :لا صلاة صحيحة لمن لم يقرأ بأم الكتاب وهو مذهب الشافعية والإباضية، وذهب الحنفية إلى أنها ليست ركن ا، والراجح عند المالكية أنها فرض لغير المأموم في الصلاة الجهرية. )» (١مصنف عبد الرزاق« كتاب »الصلاة« باب من سمع النداء ).٤٩٧/١ (١٩١٥ ) (٢البخاري تعليق ا باب من قال» :لا نكاح إلا بولي«. ١٥/٧ )» (٣صحيح البخاري« كتاب »الأذان« باب وجوب القراءة للإمام والمأموم ).١٥١/١ (٧٥٦ )» (٤سنن أبي داود« كتاب »الطهارة« باب في التسمية عند الوضوء ).٢٥/١ (١٠٢ مقاصد الشريعة بين المذهب الإباضي والمذاهب الإسلامية الأخرى/ج٢ ٢٣٤ واستدل الجمهور بحديث» :لا صلاة لمن لا يقرأ بأم الكتاب«، واستدل الحنفية بأن النفي هنا هو نفي الكمال، وأجاب الجمهور بأن نفي الحقيقة أقرب إلى نفي الذات. وهكذا الخلاف في قوله ژ » :لا نكاح إلا بولي«؛ أي :لا نكاح صحيح، وهذا مذهب الجمهور. وذهب الحنفية إلى صحة النكاح بغير ولي، وحملوا النفي على نفي الكمال، وأجاب الجمهور بأن نفي الحقيقة وهي الصحة أقرب إلى نفي الذات، ولا سيما وأن النبي ژ قال» :أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل«).(١ ا/از&   3',اNات و  ا8ل: عند تعارض نفي الصحة مع نفي الكمال يجب تقديم نفي الصحة؛ لأنها أقرب إلى تحقيق قصد الشارع؛ لأن من قصد الشارع أن يطاع فيما أمر لقوله تعالى] ﴾ y x w v u t s r ﴿ :النساء،[٦٤ : وبالطاعة يتحقق الامتثال، وتحقيق الامتثال مقصد من مقاصد الشريعة، وبيان ذلك أن يقال :إن تقديم نفي الصحة هو الأقرب إلى نفي الذات؛ لأن الممنوع شرع ا كالممنوع حس ا، وبتقديم نفي الصحة تتحقق براءة الذمة بيقين، وبذلك يتحقق الامتثال بيقين. وبهذه الموازنة يتب ين أن تقديم نفي الصحة على نفي الكمال موافق لمقصد الشارع في تحقيق الامتثال وبراءة الذمة من أوامر االله وأوامر رسوله ژ. ) (١الحديث أخرجه أبو داود في »السنن« ٢٢٩/٢برقم ).(٢٠٨٣ الفصل الحادي عشر :في الموازنة بين المصالح والمفاسد ٢٣٥  ا$ Jـع ا!%ـة اا,ـ& واـون :ا/ازـ& ',ـ 3ا  ا/ا Vلأ :وا والقاعدة فيه» :إذا تعارض حديثان حديث فيه شرع، والآخر موافق للأصل الذي لا شرع فيه، وجب أن يصار إلى الحديث الموافق للشرع«).(١ نص عليها الشيخ هذه قاعدة من قواعد الموازنة بين الأدلة الشرعية عامر من أئمة الإباضية في »إيضاحه« في معرض كلامه عن استقبال القبلة ببول أو غائط).(٢ قال : 5وأما استقبالها في البيت فلا بأس به؛ لأنه حال بين الناس رجح حديث أبي أيوبوبين القبلة حائل، ومن ذهب مذهب الترجيح الأنصاري؛ لأنه إذا تعارض حديثان أحدهما فيه شرع والآخر موافق للأصل الذي لا شرع فيه، ولم يعلم المتقدم من المتأخر، وجب أن يصار إلى الحديث المثبت للشرع).(٣ "Nا(] الأN(  3''/ه ا!%ة: مذهب جمهور الأصوليين ترجيح ما كان مثبت ا للحكم الشرعي على ما نصكان نافي ا له وهذا ما ذهب إليه جمهور الأصوليين ومنهم الإباضية كما الشيخ عامر عليه في »الإيضاح«. ) (١كتاب »الإيضاح«. ٢٣/١ ) (٢وهو النهي عن استقبال القبلة بالبول والغائط الذي لم يفرق النبي ژ فيه بين مكان وآخر، والأرجح هنا هو الجمع والتوفيق، فيحمل حديث أبي أيوب على الأماكن المكشوفة، ويحمل حديث ابن عمر على الأماكن غير المكشوفة. ) (٣كتاب »الإيضاح« ٢٢/١و.٢٣/ مقاصد الشريعة بين المذهب الإباضي والمذاهب الإسلامية الأخرى/ج٢ ٢٣٦ ومن أمثلة ذلك :بالإضافة إلى ما ذكره الشيخ عامر تعارض حديثين ناف له، فقدفي توريث الع مة والخالة أحدهما مثبت للميراث والثاني روي أن النبي ژ سئل عن ميراث العمة والخالة فقال» :لا شيء لهما«)، (١وروي أنه قال» :الخال وارث من لا وارث له«)، (٢وخلافهم في توريثهما محله إذا لم يكن للميت من يرثه من العصبات أو أصحاب الفروض. فقد ذكر الجصاص أن إثبات الميراث أولى من نفيه من وجهين: أحدهما :أنه ناقل من الأصل ونفي الميراث وارد على الأصل. نافخبر والثاني :أن خبرنا إثبات الميراث وخبرهم نفيه ومتى اجتمع وخبر مثبت كان المثبت أولى).(٣ ومن الأمثلة على هذه القاعدة تعارض حديثين في مغيث زوج بريرة لما عتقت، فقد ورد أنه كان حرا، وورد أيض ا أنه كان عبدا، وعبديته ثابتة قدم قدم حديث الحرية فقد في الأصل وحريته ناقلة عن الأصل، فمن أمر ا زائد ا عن الأصل، ومن قدم حديث أنه كان عبد ا فقد أكد العبودية قدم أنه كان حر ا التأسيس خير من التوكيد؛ يعني كونه حر افيه، فقال :من هو أمر زائد على أصل العبودية فهو أولى، وإلا فقد رجح ابن حجر أنه كان عبد ا).(٤ )» (١مصنف ابن أبي شيبة« ٢٤٩/٦برقم ).(٣١١٢٥ )» (٢سنن الترمذي« ٤٢٢/٤برقم ).(٣١٠٤ )» (٣الفصول في الأصول« ١٧٢/٣وزارة الأوقاف الكويتية، ط. ٢ لملا علي القاري، ص ، ٧٤١دار القلم، و»فتح الباري«، ٤٣٦/١)» (٤شرح نخبة الفكر« و»المعتمد« لأبي الحسين البصري ، ١٨٥/٢و»أشباه السبكي«. ٢٥/١ الفصل الحادي عشر :في الموازنة بين المصالح والمفاسد ٢٣٧ العلامة السرخسي من الحنفية :كان الشيخ أبو الحسن الكرخيوقال يقول :المثبت أولى من النافي). (١وقال ابن السمعاني» :فرواية المثبت أولى من رواية النافي«).(٢ العلامة الشيرازي من الشافعية» :والتاسع :أن يكون أحد الخبرينوقال إثبات ا والآخر نفي ا فيقدم الإثبات على النفي؛ لأن مع المثبت زيادة علم«).(٣ فروع القاعدة: من فروع هذه القاعدة :أن من دخل البيت شرع له أن يصلي تقديم ا لخبر صل.بلال أن النبي ژ دخل البيت فص لى فيه على خبر أسامة أنه لم ي فالخبر الأول فيه شرع والآخر موافق للأصل الذي لا شرع فيه؛ لذلك قدم ما فيه شرع. ومن القواعد الأصولية التي تعبر عن ذلك أيض ا أنه يقدم الخبر الناقل عن البراءة الأصلية على الخبر المبقي على البراءة الأصلية. ومن فروعها :التكبير سبع ا في صلاة العيد ترجيح ا للحديث الذي كبر سبع ا في صلاة العيد)، (٤على الخبر الذي يفيد أنهيفيد أن النبي ژ  قدم ما فيهكبر أربع ا)(٥؛ لأن الرواية الأولى فيها زيادة شرع لذلك شرع).(٦ )» (١أصول السرخسي«. ٢١/٢ ) (٢قواطع الأدلة لابن السمعاني، ١٥/٢ :دار الكتب العلمية. )» (٣اللمع« ، ٨٥/١دار الكتب العلمية، ط.٢ )» (٤شرح معاني الآثار« للطحاوي. ٣٤٧/٤ ) (٥المرجع نفسه. )» (٦الإحكام« للآمدي. ٢٥٦/٤ مقاصد الشريعة بين المذهب الإباضي والمذاهب الإسلامية الأخرى/ج٢ ٢٣٨ ومنها :زيادة الثقة في الأخبار مقبولة لاشتمالها على شرع وفائدة، مثالها ما رواه البخاري أن النبي ژ قال» :وجعلت لي الأرض مسجد ا وطهور ا«)،(١ وقد زاد أبو مالك الأشجعي» :وجعلت تربتها طهورا«)، (٢والفائدة هي تخصيص تراب الحرث دون غيره في التيمم).(٣ يب الغسل من ولوغ الكلب تقديم ا لحديث أبي هريرة ومن فروعها :ت تر عند مسلم أن رسول االله ژ قال» :طهور إناء أحدكم إذا ولغ فيه الكلب أن يغسله سبع مرات أولاهن بالتراب«).(٤ على الرواية الأخرى عند مالك عن أبي هريرة أن النبي ژ قال» :إذا شرب الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبع مرات«).(٥ ا/از& 3',ا .ا Jوا .ا:S ناف له فإننا نقدم المثبتإذا تعارض خبران أحدهما يثبت أمر ا والثاني كما سبق بيان ذلك؛ لأن في تقديم المثبت فائدة وزيادة علم لم يشتمل عليها خبر النافي. ولا شك أن زيادة العلم مصلحة اشتمل عليها الخبر وفائدة معتبرة شرع ا فكان في تقديم المثبت على النافي مصلحة مقصودة شرع ا أوجبت على الم وازن أو المجتهد الترجيح بها. )» (١صحيح البخاري« ٧٤/١رقم ) (٣٣٥كتاب »التيمم«. )» (٢صحيح مسلم« ٣٧١/١برقم ) (٥٢٢كتاب »المساجد«. ) (٣انظر :كتابنا »القواعد الفقهية الإباضية مقارن ا بالمذاهب الفقهية« ج. ٣١٢/٦ )» (٤صحيح مسلم« ٢٣٤/١رقم ) (٢٧٩باب حكم ولوغ الكلب. )» (٥صحيح البخاري« ٤٥/١برقم ) (١٧٢باب الماء الذي يغسل به شعر الإنسان. الفصل الحادي عشر :في الموازنة بين المصالح والمفاسد ٢٣٩ الفقه أن الخبر الموافق لمقاصد الشريعةومن القواعد المقررة في أصول مرجح على الخبر المخالف لمقاصد الشريعة. وقد سبق بيان هذه القاعدة في التي قبلها لاتحاد المعنى. ا$j  وا:ا!%ة ا &>".واون :ا/از& 3',ا  تكلم الأصوليون على أفعال النبي ژ فذكروا أنواعها متعددة؛ وهي النوع الأول :الفعل التشريعي وهو ما قام به النبي ژ بقصد التأسي به وهو ما عبر عنه النبي ژ بقوله» :ص لوا كما رأيتموني أصلي«)، (١وقوله» :خذوا عني مناسككم«)، (٢هذا النوع الأول. والنوع الثاني :الفعل الجبلي ـ وهو ما فعله النبي ژ بمقتضى الجبلة حب ا تأس ولا اتباع لكن من فعله البشرية؛ كطريقة أكله ومشيه، فهذا ليس فيه  بالنبي ژ فإنه يثاب لحبه للنبي ژ. النوع الثالث :هو ما يتردد بين الجبلة والشرع كذهاب النبي ژ إلى العيد من طريق ورجوعه من طريق، وكجلوسه ژ للاستراحة بعد السجود وقبل النهوض، فقد اختلف العلماء في جلسة الاستراحة، فقيل :إنها سنة حم علىتقديم ا للشرع، وذهب البعض إلى أن النبي ژ لما ب د ن وحمل الل ج سده كان يجل س للاستراحة. والنوع الرابع :الفعل الخاص به كزواجه بأكثر من أربع وزواجه بالهبة وبتزويج االله ونحو ذلك. فهذا خاص به لا تشاركه أ مته فيه. ) (١الحديث أخرجه البخاري ١٢٨/١برقم ) (٦٣١بـاب الأذان للمسـافرين إذا كانـوا جماعـة. ) (٢الحديث أخرجه ابن حزم في حجة الوداع ٢٧٠/١رقم ) (٢٦٨بيت الأفكار الدولية. مقاصد الشريعة بين المذهب الإباضي والمذاهب الإسلامية الأخرى/ج٢ ٢٤٠ والنوع الخامس :الفعل البياني كطريقة صلاته البيانية وغير ذلك من الأفعال).(١ " /الإN( 3" &'a,ا ا!>':# صرف الج هب ذ الخبير صرف فيها ت بحث الإمام السالمي هذه المسألة و ت النف س فيها وحررها تحرير ا دقيق ا، وسوف أسوق ما نظم فيها منوأطال أبيات في »شمس الأصول« قال : 5 أتى بيان ا ومخصص ا و ر دوقد جبلي وفعله منه ومنه أيض ا غير ذاك فافطناومنه ما يخصه من دوننا والشرب والنوم ولمس الأهلفأول الأقسام نحو الأكل والثاني والثالث كل سبقاوحكمه الحل لكلمطلقا زوجات معامن غيره كتسعوما به خص فذاك من عا ما حكمه فهو على ما وصفاوغيره قسمان قسم عرفا فقيل واجب وبعض وقفاوالثاني لم يعرف وفيه اختلفا وقيل لا لكنه مبيحوقيل ندب وهو الصحيح لكونه للحق أدنى قرباوإنما صححت منها الندبا لم يكف في إثباته ذا الواردأما الوجوب فهو شيء زائد فقد أتى 5على جميع أفعاله ژ في هذه الأبيات حيث ذكر الفعل الجبلي وهو المنسوب إلى الجبلة كالأكل والشرب ومباشرة الزوجات. وذكر الفعل البياني كبيانه لأفعال الصلاة والحج التي أجملها القرآن ) (١انظر :تفصيل هذه المسألة في »إرشاد الفحول«، ص ، ٣٥٤و»غاية المأمول«، ص. ٢٦٩ الفصل الحادي عشر :في الموازنة بين المصالح والمفاسد ٢٤١ الكريم بقوله] ﴾ ¬ « ﴿ :الأنعام، [٧٢ :وبقوله ~ } | ﴿ :ے ¡ ﴾ ]آل عمران.[٩٧ : والسنة كما لو نهانا عن العمل في وذكر فعله المخصص لعموم الكتاب سوى رداءه فيها فإنه مخصص للنهي؛ لأنه معصوم عن الوقوعالصلاة ثم فيما نهى عنه من المعاصي. وذكر فعله الخاص به وهو زواجه بتسع نسوة فهو خالص له دون المؤمنين من أمته. النوع السادس :ما ورد على غير هذه الأنواع الخمسة وهو قسمان: الأول :ما علمت صفته من وجوب أو ندب أو إباحة فحكمه على ما والسلام مثله في ذلك. وجوب ا أو ندب ا أو علم من ذلك وأمته عليه الصلاة التأسي به. إباحة. ما لم يقم دليل يمنع وهذا مختلف فيه فقيل :يجب التأسي به لعموم قوله تعالى Á ﴿ : ] ﴾ È Ç Æ Å Ä Ãالأحزاب، [٢١ :وقيل :لا يجب التأسي به ژ في هذه الأفعال. الثاني :ما لم تعلم صفته من وجوب أو نحوه وإنما فعله ولم تدل قرينة على جهة إتيانه له أهو على جهة الوجوب أو غيره، وقد ذكر خلاف الأصوليين فيه مع ذكر الأدلة ومناقشتها ثم جنح 5إلى أنها تدل على الندب).(١ ويلاحظ من تقسيمه أنه لم يفرد ما تر د د بين الجبلة والشرع إلا أنه أدخله في جملة فعله الذي لم تعرف جهته وهذا صادق بوجهين: )» (١طلعة الشمس« ٨١/٢ـ. ٨٨ مقاصد الشريعة بين المذهب الإباضي والمذاهب الإسلامية الأخرى/ج٢ ٢٤٢ الأول :ما جهلت دلالته على نوع من الحكم كالوجوب أو الندب أو الإباحة. الثاني :ما جهلت دلالته على عادة أو عبادة؛ أي :على الجبلة أو الشرع وهذا هو اللائق بالأئمة. ا/از& -$ 3',ا %وا$j  S%ارض: بعد هذه المقدمة المه مة فإننا نقول :قد يتعارض فعله ژ بين الجبلة والشرع فماذا نقدم؟. الموازنة تقتضي تقديم ما فيه المصلحة، والمصلحة تقتضي تقديم الشرعي على الجبلي؛ لكونه ژ بعث لبيان الشرعيات. وبتقديم الشرع إعمال للدليل وخروج من عهدة التكليف بيقين وهو حصول الامتثال، وكل ذلك من مقاصد هذه الشريعة. فالنبي ژ مبين عن االله في أقواله وأفعاله وتقريراته وإذا كان من القواعد الكلية الكبرى »إعمال الكلام أولى من إهماله«، فإعمال أفعاله أولى من قر باطلا. إهمالها، فلم يقل النبي ژ لغو ا ولم يفعل عبث ا ولم ي وقد كان عبد االله بن عمر قد لاحظ هذا الملحظ فكان يتأسى برسول االله ژ في جميع أفعاله حتى الجبلية منها. فمن باب أولى التأسي بأفعاله التي ترددت بين الجبلة والشرع، ومن هنا اختار السالمي 5فيما لم تتضح دلالته أن يحمل على الندب وهذا النوع مما جهلت دلالته).(١ وهذا مذهب جمهور أهل الأصول وهو ظاهر فعل الإمام أحمد اقتداء فإنه تسرى واختفى ثلاثة أيام ثم انتقل إلى موضع آخر )» (١طلعة الشمس«. ٨٨/٢ الفصل الحادي عشر :في الموازنة بين المصالح والمفاسد ٢٤٣ بالنبي ژ في التسري واختفائه في الغار ثلاث ا، حتى قال» :ما بلغني حديث إلا عملته، حتى أعطى الحجام دينارا«، وشرب الشافعي واقف ا اقتداء بالنبي ژ ).(١ وذهب كثير من أهل العلم إلى أن ما تردد بين الجبلة والشرع لا يفيد أكثر من الإباحة، حكاه الكيا الهراسي أنه مذهب الصحابة، وقطع به ابن القطان، والماوردي، والروياني من الشافعية. فروع القاعدة: من فروع هذه القاعدة :الاضطجاع بعد سنة الفجر فمن غلب الشرع يرى أنه مندوب. ومنها :دخوله مكة من ثنية كداء. ومنها :ذهابه في العيد من طريق ورجوعه من طريق. ومنها :حجه راكب ا. ومنها :لبسه السبتي والخاتم. ومنها :تطيبه عند الإحرام. ومنها :غسله بذي طوى. ومنها :جلسة الاستراحة عند الشافعية خلاف ا للجمهور، ومنهم :الإباضية. قال أحمد :وأكثر الأحاديث تدل على أنها ليست مستحبة).(٢ )» (١التحبير شرح التحرير«. ١٤٦٠/٣ )» (٢التحبير شرح التحرير«. ١٤٦٠/٣ مقاصد الشريعة بين المذهب الإباضي والمذاهب الإسلامية الأخرى/ج٢ ٢٤٤ ا!%ة ا>د &Mواون :ا/از& 3',اSوب وا/ا:]T المندوب ما يثاب فاعله ولا يعاقب تاركه. كصلاة النوافل. وأما الفرض فالمقصود به الواجب فهو ما يثاب فاعله ويعاقب تاركه. وهو أفضل من النفل؛ لقول االله تعالى في الحديث القدسي) :وما إلي مما افترضته عليه()، (١وهذا يد ل علىإلي عبدي بشيء أحب تقرب نصت القاعدة على أن الفرض أفضلأن الفرض أفضل من النفل، وقد من النفل).(٢ فإذا تزاحم فعل الواجب مع فعل المندوب بمعنى إذا ضاق الوقت، عن فعلهما مع ا قدم الواجب على المندوب، أما إذا كان الوقت موسع ا فعل الأمرين مع ا، مثال ما ضاق وقته :إذا شرع المؤذن في الإقامة لا يبتدئ بالسنة بل بالنافلة، وكذلك إذا ضاق الوقت عن صلاة فرض الفجر لا يبتدئ يص لي الفرض ثم يقضي النفل. شوال مع انشغال الذمةومثاله :ما وسع فيه الوقت كصيام ستة أيام من بفرض رمضان. هذا في القربات البدنية. أما القربات المالية :من اجتمع عليه دين ونفقات وصدقات، بدأ بالدين ثم بالنفقات، ومن عليه دين وأراد الهبة والصدقة والوقف بدأ بالواجب ولا للسنة، ولو تصدق بجميع ماله ولم ينوالزكاة لا تسقط الزكاةيحل تركه عنه).(٣ ) (١رواه البخاري كتاب »الرقاق« باب التواضع رقم ).(٦٠٢١ )» (٢أشباه السيوطي« ص ، ١١٤و»ابن نجيم«، ص ، ١٨٢دار الفكر، ط. ١ )» (٣المنثور« للزركشي. ٢٧٨/٣ الفصل الحادي عشر :في الموازنة بين المصالح والمفاسد ٢٤٥ ومن أمثلة ذلك :إذا أقيمت الصلاة سقطت السنة القبلية؛ لقوله ژ » :إذا أقيمت فلا صلاة إلا المكتوبة«)، (١قال النووي :والحكمة فيه أن يتفرغ للفريضة من أولها فيشرع فيها عقب شروع الإمام في الصلاة وإذا اشتغل بنافلة فاته الإحرام مع الإمام وفاته بعض مكملات الفريضة فالفريضة أولى بالمحافظة من إكمالها).(٢ الفقه الإباضي» :يقدم الأهم فالأهم«) (٣والفرضومن القواعد المقررة في أهم من النفل فيقدم عليه. ومن ذلك :تقديم صيام الفرض على صيام النفل عند تزاحمهما كالمرأة شوال وعليها أيام من الفريضة فالأولى أن تبدأ بصيامتدركها أيام الست من الفريضة على الندب. ومن ذلك :وجوب إفطار المرأة في صيام النفل إن أمرها زوجها بالإفطار وعدم صيام النفل إلا بإذنه؛ لأن طاعته واجبة والصيام هنا مندوب).(٤ ومن ذلك :ترك المندوب بأمر الوالدين أو أحدهما؛ وذلك لأن طاعتهما فرض. الب د ء بتعليم الفرائض قبل السنن والنوافل.ومن ذلك : ومن ذلك :الاحتساب على الفرائض والواجبات قبل السنن والنوافل، وهذا ما وقع فيه خلل كبير من الدعاة، فقد حصل قتال في بعض مساجد ) (١رواه مسلم كتاب »صلاة المسافرين وقصرها« باب كراهة الشروع في نافلة بعد شروع المؤذن رقم.١١٦٠/ )» (٢شرح مسلم« ج. ٢٤١/٣ )» (٣المصنف« ٢٨٥/٣١و ٢٩٠و ٢٧٠و.٢٣١ »الفقه الإسلامي« د. وهبة الزحيلي. ٥٧٩/٢)(٤ مقاصد الشريعة بين المذهب الإباضي والمذاهب الإسلامية الأخرى/ج٢ ٢٤٦ طرابلس الشام بسبب اختلافهم في صلاة التراويح هل هي عشرون ركعة أو ثماني ركعات مع أن الوحدة والألفة فرض والتراويح كلها سنة. وحصل قتال بسبب الجهر ببسم االله الرحمن الرحيم، ومثل هذا كثير، وهذا من سوء الموازنة بين المقاصد، والله المشتكى. ا!%ة ا> &,واون  :ا/از& 0 3',ك ام و اSوب: اقتضاء جازم ا كالفطر في نهارالتحريم :خطاب االله المقتضي للترك رمضان بغير عذر. اقتضاء غير جازم كالمضمضةوالندب :خطاب االله تعالى المقتضي للفعل والاستنشاق. ترك المحرم مع فعل المندوب فيقدم ترك المحرم ويتركوقد يتعارض المندوب إذا أدى إلى محرم. مثاله :المبالغة في المضمضة والاستنشاق في رمضان إذا لزم منها دخول الماء إلى الجوف فإنها تصبح حرام ا ويترك المندوب هنا؛ لأن من قصد الشارع في المضمضة تطهير الفهم من بقايا الطعام والأزم والروائح الكريهة. لكن لما كان ذلك مؤدي ا إلى الإخلال بالواجب تعين تركه؛ لأن الندب يكر عليه بالإبطال.خادم للوجوب فلا يصح أن وف فمالصائم كما أن المضمضة خالفت مقصود ا آخر للشارع، وهو خ ل أطيب من وف فمالصائمعند االله فإنه أرضى للرب لقول النبي ژ » :لخ ل ريحالمسك«)، (١والمضمضة ت فو ت ه فكان تركها أولى. ) (١الحديث في »مصنف ابن أبي شيبة« ٢٩٥/٢برقم )، (٩١٥٥و»مسند أحمد«. (٧٩١٧) ٢٩٥/١٣ الفصل الحادي عشر :في الموازنة بين المصالح والمفاسد ٢٤٧ قال السالمي : 5وقيل :معناه أن الخلوف أكثر ثواب ا من المسك المندوب في الجمع والأعياد ومجالس الذكر والخير).(١ وهذا يلزم عنه كراهية المضمضة والاستنشاق في رمضان فإن أدت إلى دخول الماء في الجوف صارت حرام ا. وقال السالمي أيض ا :والمراد بالمبالغة في الاستنشاق :الاستقصاء في إدخال غسل باطن الألف وإنما أمر به لغير الصائم لأن الصائم يحرم عليه الماء في حلقه، والمبالغة في الاستنشاق يخشى منها ذلك غالب ا، وفي الحديث إشارة إلى أن حكم الداخل إلى الحلق من الأنف في الصوم حكم الداخل من الفم).(٢ وهذا صريح في ترك الحرام، إذا تعارض مع المندوب، أو ترك المندوب إذا أدى إلى الحرام واالله أعلم. ومن ذلك :تخليل الشعر سنة في الطهارة ويكره للمحرم؛ لأنه يؤدي إلى نتف شيء من شعره)، (٣ومثله التطيب مندوب لكن يكره في حق المحرم، وترك الحرام أولى من فعل المندوب. قال السالمي » : 5يحرم جميع أنواع الطيب على المحرم وهو مجمع منافعليه، قال :والحكمة في حرمة التطيب أنه يدعو إلى الجماع لأنه ث أغبر، والقصد أن يبعد عن الترفه وزينة الحياة الدنياللحج، فإن الحج أش ع وملاذها، ويجمع همه لمقاصد الآخرة والاتصاف بصفة الخاشع، وليتذكر القدوم على ربه فيكون أقرب إلى مراقبته وامتناعه ارتكاب المحظورات، )» (١شرح الجامع«. ٥١/٣ ) (٢المصدر نفسه. ١٧٣/١ )» (٣أشباه السيوطي«، ص. ٨٨ مقاصد الشريعة بين المذهب الإباضي والمذاهب الإسلامية الأخرى/ج٢ ٢٤٨ وليتذكر به الموت وليس الأكفان والبعث يوم الدين وليتفاءل بتجرده عن ذنوبه كيوم ولدته أمه«).(١ وما ذكره السالمي من حك مهي في الحقيقة مصالح أخروية اقتضت تقديم ترك المحرم على فعل المندوب، هذا من جهة ومن جهة أخرى هو أن اعتناء الشريعة بدفع المفسدة أعظم من اعتنائها بتحقيق المصلحة. ا!%ـة ا" &Sواـون :ـ ا/از&  3',ـ ا/ا0 +" ]Tك ا8وه: الم وازن فعل الواجب مع ترك المكروه فإنه يقدم فعلإذا تعارض لدى الواجب على ترك المكروه؛ لأن تقديم الواجب أوكد من ترك المكروه، والقاعدة عند الإباضية» :إذا تعارض واجبان قدم أوكدهما«) (٢فمن باب أولى تقديم الواجب على ترك المكروه. مثال ذلك :إذا ضاق وقت الصلاة فلم يجد سوى المقبرة ليص لي فإن خرج من المقبرة خرج الوقت فإنه يص لي داخل المقبرة، فالصلاة في المقبرة مكروهة لكن الصلاة على ميقاتها أمر واجب فيقدم الواجب على ترك المكروه. ماء مغصوب ا فإنه يصليومن ذلك :إذا ضاق وقت الصلاة ولم ي جد إلا فرض وقته ويضمن ثمن الماء بعد ذلك. ومن ذلك :لم يجد ثوب ا يستر به عورته إلا ثوب ا مغصوب ا أو عليه تصاوير فإنه يقدم فعل الواجب على ترك المكروه فيصلي في ذلك الثوب المغصوب أو الذي عليه تصاوير. )» (١شرح الجامع«. ٢٣٦/٣ )» (٢القواعد الفقهية الإباضية« ج./ الفصل الحادي عشر :في الموازنة بين المصالح والمفاسد ٢٤٩ ومن ذلك :الصلاة بثياب الضرير إذا لم يكن عنده من يصونها من الدنس، لكن) (١لو ضاق الوقت صلى فيها تقديم ا لفعل الواجب على ترك المكروه. ومن ذلك :أن الصلاة في جماعة في مسجد قد صليت فيه تلك الصلاة ض مقصد مكروه ، لكن ترك الصلاة في المسجد في هذه الحالة يناق )(٢ الشارع من بناء المساجد وهو عمارتها بالمص لين ورفع الصوت بالذكر مقدم على ترك المكروه.والصلاة فيها، وعمارتها واجب وفعل الواجب الوقت على من ومن ذلك :الصلاة في معاطن الإبل مكروه)، (٣فإن ضاق يزاولها فلم يستطع الخروج منها إلا بعد خروج الوقت ص لى فيها تقديم ا لفعل الواجب على ترك المكروه. الجهال على الوقاية من كثير من وفي مجال الدعوة والحسبة يحرص حرم االله ورسوله من التقاطعالمكروه وخلاف الأولى ويقعون فيما والتدابر، ولا سيما في إنكار المسائل الخلافية التي يكره الإقدام عليها، لكن ما يحصل بسبب التركيز على إنكارها من الفرقة والقطيعة والكراهية والمفاسد الكبيرة ما يوقع في الخلل في الموازنة الصحيحة. وفي هذه الأمور ي تغاضى عن المكروه إذا لزم من إزالته ترك الواجب. والأمثلة أكثر من أن تحصر. القاعدة التاسعة والعشرون :في الموازنة بين فعل الواجب وترك المحرم: قد يقع الموازن بين خيار ف علالواجب وترك الم ح رمفماذا يقدم؟ الدري« للحضرمي. ١١٣/٨)» (١الكوكب )» (٢مختصر الأديان لتعليم الصبيان« ٥٠/١لعلي المنذري. )» (٣معارج الآمال«. ٤٢/٥ مقاصد الشريعة بين المذهب الإباضي والمذاهب الإسلامية الأخرى/ج٢ ٢٥٠ اختلف الأصوليون في هذه القاعدة على قولين: الأول :أن فعل الواجب أولى من ترك المحرم. وعلل الزركشي ذلك في »البحر« بأن فعل الواجب مقصود لنفسه وترك المحرم مقصود لغيره؛ ولذلك قال االله تعالى ̧ ¶ μ́ ﴿ : فبين أن ما في الصلاة] ﴾ 3⁄4 1⁄2 1⁄4 »o 1العنكبوت، [٤٥ : من ذكر أكبر مما فيها من النهي عن الفحشاء. الثاني :أن أعظم الحسنات هو الإيمان باالله وهو أداء واجب وترك الواجب كفر).(١ القول الثاني :أن ترك المحرم أولى، واستدل بما يلي: أ( أن اعتناء الشارع بترك المنهيات أعظم من اعتنائه بفعل المأمورات؛ لقوله ژ » :ما نهيتكم عنه فاجتنبوه وما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم«).(٢ ب( النهي يستوعب الأزمان باستمرار والأمر يتحقق بمرة واحدة ولا يقتضي التكرار).(٣ ج( إن الشارع سامح في ترك بعض الواجبات بأدنى مش قة كالقيام في الصلاة والفطر في السفر، ولم يسامح في الإقدام على المنهيات وبخاصة الكبائر).(٤ )» (١البحر المحيط« ، ٢٧٤/١و»الموازنة بين المصلحة« ورقة ) (٢٥٤رسالة ماجستير قدمها باحث مميز من دبي عنيت به د. عبد االله الكمالي. كنت أحد لجنة التحكيم نال فيها درجة الماجستير بتقدير ممتاز من جامعة الجنان في لبنان. بالسنة« باب الاقتداء بسنن رسول االله ژ رقم ).(١٦٧٤٤) (٢رواه البخاري في كتاب »الاعتصام )» (٣أشباه ابن نجيم« ص. ١٠٠ )» (٤المنثور« للزركشي ، ٣٩٧/٣و»الموازنة« د. الكمالي، ص. ٢٥٤ الفصل الحادي عشر :في الموازنة بين المصالح والمفاسد ٢٥١ والراجح هو القول الثاني؛ لأن دفع المفسدة أولى من جلب المصلحة. مقدم على الإباحة فيقدم ترك المحرم على فعلوقد سبق أن الحظر الواجب، وكذلك يقدم ترك المكروه على فعل المندوب، واالله أعلم. فروع القاعدة: من فروعها :الصلاة قيام ا واجبة فإذا لزم من الوقوف انكشاف عورة أو الاطلاع على عورات جيرانه من النافذة فالأولى عدم القيام دفع ا للمحرم، فتقدم درء المفسدة على جلب المصلحة، فهنا قدم ترك الحرام على فعل الواجب. ومن الأمثلة :تغيير المنكر واجب لكن قد يوقع في محرم في بعض الأحيان، فيقدم ترك المحرم على فعل الواجب، فقد ترك النبي ژ التماثيل حول الكعبة ثلاث عشرة سنة حتى فتح االله عليه مكة مع أن إزالتها واجبة، لكن لو فعل ذلك قبل أن يمكنه االله من إزالتها لوقع في مفسدة عظيمة، فقدم دفع المفسدة على جلب المصلحة. ومن الأمثلة أيض ا :فيما لو لم يجد وسيلة لإنقاذ إنسان إلا بقتل آخر فلا يفعل؛ لأن إنقاذ الأول وإن كان واجب ا ولكن قتل الآخر محرم وترك المحرم أولى من فعل الواجب، ولذلك قال الفقهاء :إن الإكراه على القتل لا يحله فلو أكره شخص على قتل آخر لا يحل له قتله وإن كان حفظ نفسه واجب ا لكن قتل الآخر حرام وترك الحرام أولى من فعل الواجب. وقد اتفق فقهاء الإباضية مع جمهور فقهاء المذاهب الفقهية الأخرى على أن الإكراه على قتل آخر لا يحل قتله فلا يجوز للمستكره على قتل مقاصد الشريعة بين المذهب الإباضي والمذاهب الإسلامية الأخرى/ج٢ ٢٥٢ المكره وإن كان واجب ا لدفعإنسان أن يقتله)، (١والعلة أن امتثال أمر وترك الحرامأولى من فعلحرام، قتل معصوم المكره إلا أن الهلاك عن الواجب. النهي عن ومن الأمثلة على مذهب الإباضية :الصلاة في أوقات الصلاة وذلك حين شروقها وحين غروبها. فإن الصلاة الواجبة أو النافلة تترك نظر ا لحرمة) (٢الصلاة في هذه الأوقات، أما عند الجمهور فإن الصلاة في هذه الأوقات مكروهة فيقدم ترك المكروه على فعل المندوب، فلا تص لي النافلة في أوقات الكراهة تقديم ا لترك المكروه على فعل المندوب. قال الإمام السالمي » : 5والمختار أن الأوقات الثلاثة التي نهي عن الصلاة فيها بعينها، وهي عند طلوع الشمس وعند غروبها وعند توسطها في كبد السماء وفي غير يوم الجمعة لا تجوز الصلاة فيها مطلق ا ولو نام عنها أو نسيها«)(٣؛ وذلك تقديم لترك الحرام على فعل الواجب. ا!%ة الا/1ن  :ا/از&  3',ض ا' 3وض ا:& 8 م ر معنا عند الكلام على أنواع المصالح أنها قد تتعلق بالمكلف عين ا وقد تتعلق بالأمة؛ بمعنى :إذا قام بها واحد سقط الطلب عن الجميع وإذا لم يقم بها أحد أثم الجميع. ففرض العين مهم يقصد حصوله جزم ا مع النظر بالذات إلى فاعله كصلاة الفرض، وفرض الكفاية مهم يقصد حصوله جزم ا )» (١الفروق« »، ٢٠٦/٢طلعة الشمس« »، ٢٢٧/٢المحلى« »، ٣٣٠/٨بدائع الصنائع«، ١٧٩/٧ الدري« للحضرمي. ٣١/٩ و»العزيمة والرخصة« لأحمد الشيخ أحمد ، ٥٠/١و»الكوكب )» (٢شرح الجامع الصحيح«. ٤٩/٢ ) (٣المصدر نفسه. ٤٩/٢ الفصل الحادي عشر :في الموازنة بين المصالح والمفاسد ٢٥٣ من النظر بالذات إلى فاعله كصلاة الجنازة وصلاة العيدين والجهاد في سبيل االله).(١ وقد يتعارض فرض العين مع فرض الكفاية فماذا نقدم؟ اختلف الأصوليون في أيهما الأفضل فرض العين أو فرض الكفاية؟ على قولين: القول الأول :إن فرض الكفاية أفضل من فرض العين، وقد نسب السيوطي والزركشي هذا القول إلى إمام الحرمين الجويني وأبي إسحاق نص عليه أحمد وهو الصحيح عند الآمديالإسفراييني وغيرهما، وهو ما وابن الحاجب)، (٢واستدلوا بما يلي: مزية على القائم بفرض العين بإسقاط ١ـ إن للقائم بفرض الكفاية الحرج عن المسلمين).(٣ ٢ـ لو ترك فرض العين لحق الإثم بتاركه فقط، أما فرض الكفاية فلو ترك أثم الجميع. متعد، وفرض العين قاصر. ٣ـ إن المتعدي أفضل من القاصر، وفرض الكفاية  القول الثاني :أن فرض العين أفضل من فرض الكفاية، وقد نقل الزركشي في »البحر« عن الشافعي قوله في »الأم«» :إن قطع الطواف المفروض لصلاة الجنازة أو الرواتب مكروه، إذ لا يحسن ترك فرض العين لفرض الكفاية«).(٤ )» (١طلعة الشمس« ، ٢٦١/٢و»معارج الآمال«. ٣٠١/٥ )» (٢البحر المحيط« ٢٥٦/١و، ٢٥٢/و»غاية المأمول« ص ٧٦للباحث، دار الفتح، الأردن. )» (٣المنثور« للزركشي ، ٤٠/٣و»البحر المحيط« ٢٥١/١و.٢٥٢/ )» (٤البحر المحيط«. ٢٥٢/١ مقاصد الشريعة بين المذهب الإباضي والمذاهب الإسلامية الأخرى/ج٢ ٢٥٤ ونقل عن الغزالي في »الإحياء« قوله :ومن عليه فرض عين فاشتغل بفرض الكفاية وزعم أن مقصوده الحق فهو كاذب، ومثاله من ترك الصلاة وتبحر في تحصيل الثياب ونسجها قصد ا لسد العورات).(١في نفسه وصحح السالمي 5أن فرض الكفاية لا يلزم بالشروع فيه بخلاف فرض العين فإنه يلزم بالشروع فيه، واستثنى الجهاد وصلاة الجنازة تبع ا للجمهور وذلك لشبههما بفروض العين).(٢ ٤ـ اعتناء الشارع بفرض العين أشد من اعتنائه بفرض الكفاية، فقد طلبه من كل فردبعينه، بخلاف فرض الكفاية. ففيه خلاف هل هو واجب ص ثقل).(٣ف وإذا خ على الكل أو البعض؟ والأمر إذا ع م خ تقرب ٥ـ ثبت في الحديث القدسي قوله ژ فيما يرويه عن ربه» :وما إلي مما اقترضته عليه«، وهذا يشمل فرض العينأحب إلي عبدي بشيء بالإجماع، أما شموله فرض الكفاية ففيه خلاف؛ لأن تعلق فرض الكفاية بالجميع فيه خلاف).(٤ وقد أجابوا عن أدلة القول الأول بما يلي: ١ـ لا يلزم من المزية في القيام بفرض الكفاية الأفضلية فقد يختص المفضول بأمر ويفضله الفاضل بأمور).(٥ المتعدي أفضل من القاصر ليست مطردة).(٦ ٢ـ إن قاعدة العمل ) (١المصدر السابق. )» (٢معارج الآمال« ، ٣٠٣/٥و»المنثور« للزركشي. ٣٦/٣ )» (٣حاشية ابن عابدين«. ٤٤/١ )» (٤المنثور«. ٤١/٣ )» (٥المنثور«. ٤٠/٣ ) (٦المصدر نفسه. ٤٢٠/٢ الفصل الحادي عشر :في الموازنة بين المصالح والمفاسد ٢٥٥ أمثلة على هذه القاعدة: من الأمثلة على هذه القاعدة :يكره قطع الطواف المفروض عين ا لصلاة الجنازة المفروضة على الكفاية).(١ ليس لمن عليه دين أن يسافر إلى الجهاد لئلا يترك فرض العين بفرض الكفاية).(٢ ا!%ة اد& والا/1ن :ا/از& 3',اام وا:&P الفقه الإباضي قاعدة» :الشبهة حمى الحرام«).(٣من القواعد المقررة في معنى الشبهة: الشبهة :هي ما يشبه الشيء وليس بثابت في نفس الأمر. قال السيد الشريف :هو ما لم يتعين كونه حلالا أو حرام ا. وحمى الشيء وحدوده: سمعت وأصل هذه القاعدة حديث النعمان بن بشير ، ƒقال: بين، وبينهما أمور مشتبهات لابين والحرامرسول االله ژ يقول» :الحلال يعلمها كثير من الناس فمن ا تقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام كراعيرعى حول الحمى يوشك أن يقع فيه ألا وإن لكل ملك حمى ألا وإن حمى االله في الأرض محارمه، ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب«).(٤ )» (١المنثور«. ٣٣٩/١ ) (٢المصدر نفسه، نفس الجزء والصفحة و»الموازنة بين المصلحة« د. عبد االله الكمالي، ص. ٢٥٩ )» (٣القواعد الفقهية الإباضية« ٥١٣/١للعبد الفقير إلى مولاه. ) (٤أخرجه البخاري باب من استبرأ لدينه برقم )، (٥٢ومسلم في »المساقاة« برقم ).(١٥٩٩ مقاصد الشريعة بين المذهب الإباضي والمذاهب الإسلامية الأخرى/ج٢ ٢٥٦ بد من الابتعادفد ل الحديث على أن الشبهة هي الحمى حول الحرام فلا عن الحمى لئلا يقع في الحرام. وهذه القاعدة أصل عظيم في الورع وترك ما اشتبه أمره على الناس لئلا يجره ذلك إلى الوقوع في الحرام. وقد روي عن النبي ژ أنه مر بتمرة ساقطة فقال» :لولا أني أخشى أن تكون من الصدقة لأكلتها«).(١ وقد تعرض حالة أمام المكلف تتعارض فيها المحرمات مع المشتبهات فماذا يقدم؟ وذلك إما أن المحرم لا يتسنى الخروج منه إلا بالوقوع في الشبهة أو عدم إمكان فعل الواجب إلا بالوقوع في الشبهة. فالحكم أن يجتنب الحرام ولو أدى ذلك إلى الوقوع في الشبهة؛ لأن الشبه إلاأما اجتناب الحرام فواجب وما حرمتاجتناب الشبه مستحب وس و ر ل ه و و س ي ل ة لكونها طريق ا إلى الوقوع في الحرام، فالشبهة حمى الحرام إليه. والغاية هي الحرام فهي أشد حرمة من مقدماتها ووسائلها. ولأن الوسيلة؛ وهي الشبهة مشكوك في حكمها، أ ما الحرام فهو مقطوع في حكمه لذلك يقدم الوقوع في الشبهات على الوقوع في المحرمات؛ لأن الوقوع في المحرمات انتهاك لحدود االله يقين ا في حين أنه مظنون في الشبهات وإذا تعارض اليقين مع الشك قدم اليقين، وقد سئل أحمد عن رجل ترك مالا فيه شبهة وعليه دين فسأله الوارث هل يتورع عن ذلك المال المشتبه؟ فقال أحمد :أتترك ذمة أبيك مرتهنة؟ قال ابن تيمية :معلق ا على هذه الفتوى :فهذا المال المشتبه خير من ت ركها م رتهن ة بالأعراض، وهذا الفعل واجب على الوارث وجوب عين إن لم يقم غيره فيه مقامه أو وجوب كفاية أو مستحب استحباب ا مؤكد ا أكثر من ) (١أخرجه البخاري في »البيوع« باب ما يتنزه عنه من الشبهات برقم ).(٢٠٥٥ الفصل الحادي عشر :في الموازنة بين المصالح والمفاسد ٢٥٧ الاستحباب في ترك الشبهة لما في ذلك من المصلحة الراجحة، وهكذا وقضاء ديونهم جميع الخلق عليهم واجبات من نفقات أنفسهم وأقاربهم وغير ذلك فإذا تركوها كانوا ظالمين ظلم ا محقق ا وإذا فعلوها بشبهة لم يتحقق ظلمهم فكيف يتورع المسلمين عن ظلم محتمل بارتكاب ظلم محقق).(١ مثال ذلك :لو قدم له لحم خنزير ولحم مشتبه فيه تناول المشتبه فيه البين. وترك الحرام ومن ذلك :الماء المستراب فيه خير من الماء النجس. ومن ذلك :أن النكاح الفاسد، وهو ما لم يس م فيه المهر أخف من نكاح المحلل وهو التيس المستعار. وذلك عند الحنفية وبعض الفقهاء. الفضل وربا النسيئة فربا الفضل أخف منومن ذلك :إذا خير بين ربا ربا النسيئة على قواعد الإباضية. ومن الأمثلة :قبلة الصائم في رمضان أهون من الوطء فيه؛ وذلك لأن الوقوع في المشتبهات أولى من الوقوع في الحرام. ق فيه خلاف والعينةالتور الع ي نة، لأن ومن ذلك :التورق خير من بيع  جدا. حرام بغير خلاف، والفروع كثيرة البين فإذا كان ترك الشبهة ومن البديهي ارتكاب الشبهة دفع ا للحرام استبراء لدين المسلم فمن باب أولى ترك الحرام فإذا ما خير بينأولى الشبهة والحرام فارتكاب الشبهة أولى لأنها أخف الضررين. )» (١الفتاوى«. ٢٧٩/٢٩ مقاصد الشريعة بين المذهب الإباضي والمذاهب الإسلامية الأخرى/ج٢ ٢٥٨ ا!%ة ا'& والا/1ن :ا/از& 3',ا >Sوا!ء: الكتاب إذا نقل ت ه نسخت النسخ في اللغة :هو الإزالة والنقل، ومنه الظ ل إذا أزالته.و ن سخ ت الشمس شرعي م تراخ ).(١وفي الاصطلاح :هو رفع حكمشرعي بطريق  قال السالمي في »شمس الأصول«: د ثبوته بحكمشرعيب ع حكم الشرع سخ أ ن يرف ع الن فقوله :رفع حكم شرعي، خرج المباح إذا طرأ عليه حكم شرعي كإيجاب الصلاة بعد إباحتها وكذلك إيجاب الزكاة بعد أن كانت غير واجبة؛ ورف ع وليس حكم ا شرعي ا لأن هذا رفع للإباحة الأصلية وهي حكم عقلي الإباحة الأصلية ليس بنسخ. صخص الموالمنفصل؛ لأن المتصل التخصيص عد ثبوته وخرج بقوله :ب يرد قبل العمل بالعام، ف ل و و ر د بعد العمل بالعام لكان ذلك نسخ ا. رفع الحكم بعارضمن عوارض الأهليةوخرج بقوله :بحكم شرعي، كالحيضوالجنون والموت فهذا ليس بنسخ).(٢ ض د النسخ ويعبر عنه بالإحكام أو البقاء، وقد يتعارضوأما البقاء فهو النسخ مع البقاء فماذا يقدم؟أمام الموازن البقاء على النسخ؛ لأن النسخم ذ ه ب الجمهور ومنهم الإباضي ة أنه ي قد م عارض على الدليل والأصل عدم النسخ).(٣ )» (١طلعة الشمس«. ٤٦٥/١ )» (٢طلعة الشمس«. ٥٠٠/١ ) (٣انظر» :تيسير التفسير« للقطب أطفيش ، ١٣٧/١و»هميان الزاد« له ، ٢٣١/٤و»شرح الجامع« للسالمي. ٤٣٧/١ الفصل الحادي عشر :في الموازنة بين المصالح والمفاسد ٢٥٩ مثال ذلك :ما ذكره الفتوحي الحنبلي 5لهذا النوع وهو قوله تعالى: ﴿w v u t s r q p o n m l k j i ~ } | { z y xے ¡ ] ﴾ ¥ ¤ £ ¢الأنعام.[١٤٥ : السباع، ص ر المحرم في هذه الآية يقتضي ح ل ما عداها، ومن جملتهف ح )(١ نهي ه ژ عن كل ذي ناب من السباع، أو مخلب من الطير«»وقد و ر د وبعضهم قال :ليس بناسخ. والأكلفبعض العلماء يقول :هذا ناسخ للإباحة، مصدر مضاف إلى مفعوله وهو الأصل في إضافة المصدر فيكون مثل قوله تعالى] ﴾ 2 1 0 ﴿ :المائدة، [٣ :فيكون حكمها واحد ا).(٢ وقد نزل مالك مذهبه على هذه الآية فاعتبر أن كل ما لم يذكر في الجمهور فقا ل :إن هذه الآية نزلت علىالآية من الطعام حلالا، أما تبيح ما تقتلو ن ه سببخاص، وهو أن اليهود جادلوا النبي ژ وقالوا: االله فأنزل االله هذه الآية؛ أي :إنكم مراغ مو ن في ذلكحرم ما يقت ل ه و ت بوقة بالإجماعفلا أحر م إلا ما ت ر و ن ه حلالا. وعلى كل حال فهي م س تذكر في آية الأنعام فلافالإجماع منعقد على تحريم أموركثيرة لم تفيد الحصر. الإمام السالمي 5عند كلامه علىومن الأمثلة على ذلك :ما ذكره إمامة القاعد في شرحه لحديث» :فص لوا قعود ا«، قال :وفي الحديث صحة يصلون وراءه قعود ا اتباع ا له، وفي المسألةإمامة القاعد وأن المأمومين خلاف. قال جابر :وإنما يصح هذا خلف أئمة العدل وأما غيرهم فلا، وحكى ابن حبان عن جابر بن زيد جواز ذلك على الإطلاق، وهو أقرب إلى معنى الحديث، والربيع أعلم بأحوال جابر فإنه أدركه وأخذ عنه وأخذ عن أصحابه ) (١رواه البخاري في كتاب »الطب« /٧٦باب ٥٧/ج ، ٧ص. ٣٣ )» (٢شرح الكوكب المنير« ٢٩٨/١تتحقيق د. محمد الزحيلي. مقاصد الشريعة بين المذهب الإباضي والمذاهب الإسلامية الأخرى/ج٢ ٢٦٠ الخاصين به :ضمام، وأبي عبيدة، وأبي نوح رحمهم االله، وروى ابن حزم ذلك عن جمهور السلف... وهو مشهور قول مالك وبعض أصحابه. وقيل: إن ذلك خاص برسول االله ژ فلا يصح أن يؤ م جالس ا بعده ژ. واستدل لذلك بأنه ژ لا يصح التقدم بين يديه في الصلاة ولا في الرحمن بن عوف ٰغيرها لا لعذر ولا لغيره، و ر د بصلاته ژ خلف عبد وخلف أبي بكر وأن الأصل عدم التخصيص :وقيل :إن ذلك منسوخ بصلاته ژ بالناس في مرض موته بالناس قعود ا وهم قائمون خلفه ولم يأ م ر هم بالقعود وهو قول الشافعي والحميدي وغيره، وأنكر أحمد نسخ الأمر بذلك وجمع بين الحديثين بتنزيلهما على حالتين؛ إحداهما إذا ابتدأ الإمام الراتب الصلاة قاعد ا لمرضيرجى برؤه فحينئذ يص لون خلفه قعودا. والثانية :إذا ابتدأ الإمام قائم ا لزم المأمومين أن يص لوا خلفه قيام ا سواء طرأ ما يقتضي صلاة إمامهم قاعد ا أم لا كما في الأحاديث التي في مرض موته ژ فإن تقريره لهم على القيام دا ل على أنهم لا يلزمهم الجلوس في تلك الحالة؛ لأن أبا بكر ابتدأ الصلاة قائم ا وصلوا معه قيام ا بخلاف الحالة الأولى فإنه ژ ابتدأ الصلاة جالس ا فلما ص لوا خلفه قيام ا أنكر سيما وهو وقواه بعض شراح الحديث بأن الأصل عدم النسخ لا عليهم، في هذه الحالة يستلزم النسخ مرتين لأن الأصل، في حكم القادر على القيام أن لا يصلي قاعد ا وقد نسخ إلى القعود في حق من ص لى إمامه قاعد ا فدعوى نسخ القعود بعد ذلك يقتضي وقوع النسخ مرتين وهو بعيد، واالله أعلم).(١ فقد قدم البقاء على النسخ. )» (١شرح الجامع الصحيح«. ٤٣٧/١ الفصل الحادي عشر :في الموازنة بين المصالح والمفاسد ٢٦١ ا #!0 3" &8ا!ء *$%ا:>S وإعمال كلامااللهوكلام وإهمال له إلغاء للحكم الحكمة :أن النسخ رسوله أولى من إهماله. االله ورسول ه في هذاعاء النسخفي الحكم الشرعي هو ادعاء أ ن لا يطاع واد الحكم واالله تعالى يقول﴾ y x w v u t s r ﴿ : كام أولى من النسخ في سلم الموازنات.الإح ]النساء[٦٤ :؛ لذلك كان البقاء أو ومن الأمثلة :نكاح المحصنات من الكتابيات، لقوله تعالى3⁄4 ﴿ : ¿ ] ﴾  Á Àالمائدة، [٥ :فه ن حلال لمن يتزوجهن من المؤمنين وهذا تخصيص من عموم تحريم المشركات، وسورة المائدة ثابتة كلها لم ينسخ منها شيء وكانت الصحابة كابن مسعود يتزوجون نساء أهل الكتاب الحرائر المحصنات ولم يظهر من أحد إنكار لذلك فكان إجماع ا على الجواز، وكره عمر بن الخطاب تزوجهن كراهة تنزيه لا تحريم إذ كثرت المؤمنات، وزعم بعض العلماء أنه لا يجوز تزوجهن لأن لفظ المشركات يتناولهن والتخصيص والنسخ خلاف الأصل. )قلت( :هذا مثال على القاعدة لكن الصحيح جواز نكاح حرائر أهل الكتاب وأن الصواب هو تخصيص قوله تعالى،﴾ D C B ﴿ : بقوله تعالى، ﴾  Á À ¿ 3⁄4 ﴿ :والتخصيص خير من النسخ؛ لأن التخصيص إعمال للدليلين :العام فيما بقي منه بعد التخصيص، والخاص فيما استثنى من أفراد العام)، (١والنسخ إعمال لأحد الدليلين وإهمال للآخر بالكلية. ) (١انظر» :هميان الزاد« ٣٣١/٢لقطب المغرب أطفيش. مقاصد الشريعة بين المذهب الإباضي والمذاهب الإسلامية الأخرى/ج٢ ٢٦٢ ا!%ة ا& والا/1ن  :ا/از& 3',اك وا:>S سبق تعريف المشترك وتعريف النسخ. أما تعارض النسخ مع المشترك فأمر يقع في نصوص الشارع الحكيم. وعندها فعلى الموازن تقديم المشترك على النسخ؛ لأن الاشتراك أولى من النسخ لأن النسخ إلغاء للدليل والحكم الشرعي، أما المشترك فلا إلغاء فيه بل غايته أنه يتوقف فيه إلى ورود القرينة المبينة له عند من لا يحمله على جميع معانيه أما عند من يحمله على جميع معانيه فلا إشكال لديه في المشترك اللفظي. وفائدة العمل بالدليل مصلحة شرعية وبها تبرأ ذمة المكلف ويتحقق الامتثال وهو من مقاصد هذه الشريعة. ومن مقاصد الشريعة أن يطاع االله ورسوله، والنسخ يوجب أن لا يطاع االله ورسوله في الحكم المنسوخ. مثاله :ما ذكره ابن السبكي في »الإبهاج« قال :التبييت شرط في صحة الصوم في رمضان خلاف ا لأبي حنيفة، وساعدنا عليه القضاء والنذر، فإن التبييت فيهما شرط بالاتفاق فنقيس مح ل النزاع على محل والسلام قدم المدينة يومالوفاق، فإن عارض بما روي أنه عليه الصلاة عاشوراء فرأى اليهود صائمين فسأل ‰عن صومهم ويومهم فقيل :هذا يوم أنجى االله فيه موسى وأهلك فرعون عدوه وكان موسى يصومه شكر ا ونحن نصومه اتباع ا فقال » : ‰نحن أحق بموسى منهم«) (١ثم أمر بالصوم في أثناء النهار، ومن المعلوم أن الصوم بالنهار لا يكون إلا بنية من النهار. )» (١شرح الجامع الصحيح« ، ٩/٣و»حاشية الترتيب«. ٤٠/٢ الفصل الحادي عشر :في الموازنة بين المصالح والمفاسد ٢٦٣ قلنا :لا نسلم وجوب ذلك اليوم، فإن قيل :ظاهر الأمر الوجوب كان لمن يعتقد أن الأمر مشترك بين الوجوب والندب أن يقول كما هو حقيقة في الوجوب فكذلك في الندب وإذا كان حقيقة فيهما فلا يحمل على الوجوب إلا بقرينة زائدة قال :وعندنا صوم النفل يصح بنية من النهار فإن قيل :الاشتراك خلاف الأصل قلنا :لو لم يكن مشترك ا لزم النسخ وأن صوم يوم عاشوراء غير ثابت والاشتراك خير من النسخ).(١ ا!%ة اا &,والا/1ن :ا/از& 3',ا >Sوا:z. قد يتعارض النسخ مع التخصيص في النصوص الشرعية وعلى الموازن أن يقدم التخصيص على النسخ؛ لأن التخصيص خير من النسخ؛ لأن فيه إعمالا للدليلين أما النسخ ففيه إعمال لأحد الدليلين وإهمال للآخر، وإعمال الدليلين أولى من إهمالهما أو إهمال أحدهما بالكلية، والمصلحة في إعمال الدليلن لأنه بذلك يتحقق الامتثال بتحقيق طاعة االله ورسوله، ودعوى النسخ وتقديمه على التخصيص خروج عن الامتثال ومخالفة عن أمر االله ورسوله وقد حذر االله من ذلك بقوله^ ] ﴿ : _ ` ] ﴾ aالنور.[٦٣ : العلامة أطفيش في تفسيره لقوله تعالىB ﴿ :مثال ذلك :ما ذكره ] ﴾ D Cالبقرة، [٢٢١ :مع قوله تعالىÁ À ¿ 3⁄4 ﴿ : ] ﴾ Ä Ã Âالمائدة.[٥ : قال » : 5ولا تنكحوا المشركات؛ أي :لا تتزوجوا أيها المؤمنون النساء المشركات حرائر أو إماء حتى يؤم ن والآية بلفظها تشمل المشركات )» (١الإبهاج شرح المنهاج« ، ٣٣٦/١مطبعة الفجالة بمصر والقاعدة الكلية »إعمال الكلام أولى من إهماله« للعبد الفقير إلى مولاه، ص ، ٤٤٠المؤسسة الجامعية مجد ط أولى، بيروت. مقاصد الشريعة بين المذهب الإباضي والمذاهب الإسلامية الأخرى/ج٢ ٢٦٤ لأن أهل الكتاب الذين بلغهم أمر النبي ژ ولم يتبعوه مشركون... لأنهم يقولون :المسيح ابن االله وعزير ابن االله، وقد حكى القرآن ذلك عنهم قال تعالىs r q p o n m l k ﴿ : ] ﴾ tالتوبة.[٣٠ : المحصنات من عموم المشركات وهذا تخصيص منولكن خصت عموم وليس نسخ ا للعموم قال :وزعم بعض العلماء أنه لا يجوز تزوجهن لأن لفظ المشركات يتناولهن والتخصيص والنسخ خلاف الأصل. ثم رجح 5التخصيص)، (١لأنه خير من القول بالنسخ لما سبق. ا!%ة ا &>".والا/1ن :ا/از& 3',اjز واك: المجاز :هو اللفظ المستعمل فيما وضع له ثاني ا لعلاقة مع قرينة مانعة من إرادة ما وضع له أولا. قد يتعارض المجاز مع المشترك وفي هذه الحالة يجب تقديم المجاز على المشترك لأمرين: الأول :كثرة المجاز، فالمجاز أكثر من الاشتراك بالاستقراء حتى بالغ ابن جني فقال :أكثر اللغات مجاز. والكثرة تفيد غلبة الظن في محل الشك. الوجه الثاني :أن المجاز فيه إعمال دائم ا؛ لأنه إن كان معه قرينة تدل على إرادة المجاز أعملناه فيه، وإلا أعملناه في الحقيقة بخلاف المشترك بد في إعماله من القرينة، فإن لم تقترن فيه قرينة كان مجملا غيرفإنه لا مفيد وإعمال الكلام أولى من إهماله. )» (١هميان الزاد«. ٣٣٢/٢ الفصل الحادي عشر :في الموازنة بين المصالح والمفاسد ٢٦٥ قال البدخشي » : 5المجاز خير من الاشتراك لما ذكرنا أولا، أو لأن فيه إعمال اللفظ مع القرينة في المعنى المجازي وبدونها فيما وضع له أولا؛ أي :في المعنى الحقيقي، أما الاشتراك فبدون القرينة يوجب التوقف وإهمال اللفظ، والأصل الإعمال، مثاله :النكاح يحتمل أن يكون مشترك ا بين العقد والوطء أو يكون حقيقة في أحدهما مجاز ا في الآخر فيكون المجاز أولى لما قلناه«).(١ وقال الشوكاني» :ولأن المجاز معمول به مطلق ا فبلا قرينة حقيقة ومعها مجاز. والمشترك بلا قرينة مهمل والإعمال أولى من الإهمال«).(٢ وهذا قياس المذهب الإباضي؛ لأن المشترك اللفظي من أسباب إهمال اللفظ ولا سيما وأنهم لا يعممون المشترك فلا يعملونه في جميع معانيه كما سبق بيانه)، (٣ومن قواعد مذهبهم :أن الحقيقة إذا تعذرت يصار إلى المجاز)، (٤ومن قواعدهم :أن المشترك خلاف الأصل)، (٥ولا يصار إليه إلا عند الضرورة) (٦فإذا كان المشترك من أسباب إهمال اللفظ عندهم فإنه إذا عرض للفظ وتعذر إعماله في حقيقته تعين المصير إلى المجاز وهذا دا ل على أن المجاز خير من الاشتراك. وهكذا يظهر أن تقديم المجاز على المشترك مصلحة، وهي إعمال الكلام وصونه عن الإهمال وتحقيق الامتثال والخروج من العهدة. )» (١البدخشي على المنهاج« ، ٢٩٣/٢ط محمد علي صبيح. )» (٢إرشاد الفحول« ص ، ٢٦دار المعرفة. ) (٣انظر» :طلعة الشمس«. ٢٨٠/١ )» (٤القواعد الفقهية الإباضية« ٣٤٠/١وج ٢٩/١و ٣١/و.٣٠١/ )» (٥مختصر العدل والإنصاف«. ١٠/١ )» (٦مخصصات العموم« لأحمد الشعيبي. ١٢/١ مقاصد الشريعة بين المذهب الإباضي والمذاهب الإسلامية الأخرى/ج٢ ٢٦٦ ا!%ة ا>د &Mوالا/1ن  :ا/از& 3',اjز وا: !S ضعأهل اللغة ثم رف و و والمراد بالنقل :أن يوضع لفظ لمعنى في ع ينقله أهل الشرع إلى معنى خاص عندهم بحيث يشتهر اللفظ ويصبح حقيقة لغوي ا، مثل :الصلاة شرعية فيه، ويهجر المعنى اللغوي حتى يصير مجاز ا ضعأهل الشرعفهي في وضع أهل اللغة تعني الدعاء، ثم نقلت في و فصارت ذات حقيقة شرعية أولها التحريم وآخرها التسليم ذات ركوع وسجود. إذا علمت هذا فاعلم أنه قد يتعارض النقل مع المجاز، وعلى الموازن يقدم المجاز على النقل؛ لأن النقل يستلزم نسخ المنقول عنه الأول،أن مثاله :لفظ الصلاة، فإن المعتزلة ادعوا أنها منقولة إلى الأفعال الخاصة، والجمهور قالوا :هي مجازات لغوية اشتهرت، فمذهبهم أولى لأن المجاز أولى من النقل لما في النقل من إلغاء للمنقول عنه. فالصلاة في اللغة :الدعاء، فلما نقلناها إلى ذات الأركان المخصوصة أهملنا معناها اللغوي، أما إذا اعتبرناها مجازات لغوي ة اشتهرت فصارت حقائق شرعية لم نهمل معناها الأول ولم نقطع النظر عنه؛ ولهذا كان إعمال الكلام بتقديم المجاز على النقل أولى من إهماله بتقديم النقل على المجاز).(١ وفي ذلك مصلحة كبيرة، وهي إعمال الدليل وحصول البراءة من الأدلة بيقين. وهذا قياد مذهب الإباضية فإنهم يرون أن النسخ خلاف الأصل وتقديم النقل على المجاز يوقع في النسخ الذي هو خلاف الأصل كما سبق بيانه. )» (١الإبهاج شرح المنهاج«، ٢٧٥/١ :دار الكتب العلمية. الفصل الحادي عشر :في الموازنة بين المصالح والمفاسد ٢٦٧ ا!%ة ا> &,والا/1ن :ا/از& 3',اjز والإaر: سبق تعريف المجاز: أما الإضمار فهو :تقدير شيء في الكلام لصحته شرع ا أو عقلا. مثال ما يدل على صحته شرع ا قول النبي ژ » :رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه«)، (١فتقدر كلمة »إثم« فيكون الإثم هو المرفوع وليس ذات الخطأ، والنسيان. ومثال ما يدل على صحته عقلا قول االله تعالى﴾ k j ﴿ : ]يوسف، [٨٢ :فتقدر كلمة »أهل«؛ أي :واسأل أهل القرية، وتسمى هذه الدلالة: دلالة الاقتضاء. ومن القواعد المقررة عند الإباضية :أن المرفوع في كلام النبي ژ :رفع عن أمتي الخطأ هو الإثم، وهذا مذهب الحنفية والمالكية. وقالت الشافعية وبعض أهل العلم :المرفوع هو الإثم والحكم؛ لذلك قالوا بعموم المقتضى، بينما ذهب الجمهور أن المقتضى لا عموم له. وقد يتعارض أمام الموازن أو المجتهد المجاز مع الإضمار وفي هذه الحالة يقدم المجاز على الإضمار. ',ن %لا& (Nه ا!%ة !,ا&):(٢ علاقة هذه القاعدة بمقاصد الشريعة أن يقال :إ ن كلا من الإضمار والمجاز سيان لكن تقديم يحتاج كل منهما إلى القرينة لحصول الخفاء فيهما فهما المجاز أقرب إلى مقصود الشارع لكثرة استعماله المجاز وقلة استعماله الإضمار؛ لكون الإضمار إنما يصار إليه للضرورة من أجل تصحيح كلام الشارع ) (١الحديث أخرجه ابن ماجه ٦٥٩/١برقم ).(٢٠٤٣ )» (٢القواعد الفقهية الإباضية«. مقاصد الشريعة بين المذهب الإباضي والمذاهب الإسلامية الأخرى/ج٢ ٢٦٨ أو المتكلم، بينما المحاز من أساليب التعبير الذي يزدان به الكلام جمالا وقوة حتى قيل :إن المجاز أفضل من الحقيقة، وقد قدم العلماء المجاز على الإضمار؛ لما في المجاز من المصالح والفوائد الشرعية التي قصر عنها الإضمار. مثال ذلك :لو قال السيد لعبده :أنت ابني تردد هذا التعبير بين كونه لفظ، تقديره :أنت ابني في الحنو أومجاز ا عن الإعتاق وبين كونه أضمر فيه الع ت ق مصلحة شرعية يتشوف الشارع إلى تحقيقها،التقدير، فيقدم المجاز لأن فيكون تقديم المجاز على الإضمار محقق ا لمقصود الشارع وهو الحرية. قال الإسنوي : 5الإضمار مثل المجاز فيكون اللفظ مهملا حتى لا يترجح أحدهما إلا بدليل لاستوائهما في الاحتياج إلى القرينة وفي احتمال خفائهما؛ وذلك لأن كلا منهما يحتاج إلى قرينة تمنع المخاطب عن فهم الظاهر، وكما يحتمل وقوع الخفاء في المضمر يحتمل وقوعه في تعيين المجاز فاستويا، هذا ما جزم به الإمام فخر الدين الرازي في »المحصول«)،(١ و»المنتخب«. وجزم في »المعالم« أنهما سيان؛ مثاله إذا قال السيد لعبده بالبنوة مجاز ا عن العتق فيحكمالأصغر منه سن ا :أنت ابني، فيحتمل أنه عبر بعتقه، ويحتمل أن يكون فيه إضمار؛ تقديره :ابني في الحنو. قال الإسنوي: والمسألة فيها خلاف والمختار أنه لا يعتق. أقول :إن مبدأ تصحيح الكلام وإعماله في فوائده مبدأ مقرر في جميع المذاهب الفقهية الإباضية، والحنفية، والمالكية، والحنابلة، والشافعية، والزيدية؛ لأن إعمال الكلام أولى من إهماله وهي قاعدة كلية مقررة عند الجميع. ولا سيما أن تقديم المجاز يحقق مقصد ا من مقاصد الشريعة كما سبق بيانه ويصون الكلام عن اللغو والعبث، وهو مقصد آخر عبر عنه القرآن )» (١المحصول« ج ١ق ، ١ص ٥٠٠ت د،. طه جابر. الفصل الحادي عشر :في الموازنة بين المصالح والمفاسد ٢٦٩ بقوله] ﴾ /. - , + ﴿ :المؤمنون، [٣ :وبقولهP O ﴿ : ] ﴾ S R Qالقصص[٥٥ :؛ لذلك قدمنا المجاز على الإضمار. لذلك فإن الإمام أبا حنيفة يحمل قول السيد لعبده :أنت ابني على العتق، ونقل صاحب »البدائع« تعليل أبي حنيفة في هذه المسألة وأنا هنا أنقله باختصار قال : 5 »لأن كلام المتدين يحمل على الصحة والسداد ما أمكن لاعتبار عقله ودينه، وأمكن تصحيح هذا الكلام من وجهين :الكناية، والمجاز«. هذا لفظه ثم ب ين كيفية الحمل على الكناية، والمجاز، فقال» :أما الكناية فهي الملازمة والمجاورة وهي كثيرة في اللغة كما في قوله تعالى3 2 ± °̄ ﴿ : ́ ﴾ ]النساء، [٤٣ :والغائط المكان المطمئن من الأرض كنى به عن الحدث لملازمة بين هذا المكان وبين الحدث غالب ا؛ إذ العادة أن الحدث يوجد في هذه الأمكنة تستر ا عن الناس، والبنوة في الملك ملازمة للحرية فجاز أن يكني بقوله :هذا ابني عن قوله :هذا معتقي، وذكر الصريح والكناية في الكلام سواء، ولو صرح فقال :هذا معتقي، عتق وكذا لو كنى به. وأما المجاز فلأن من طرقه وعلاقاته المشابهة بين الذاتين فالابن اسم للمخلوق من ماء الرجل، والأنثى وفيه معنى ظاهر وهو كونه منعم ا عليه من جهة الأب بالإحياء لاكتساب سبب وجوده، وبقائه بالتربية، والمع تق ـ بالفتح ـ منعم عليه من جهة المعتق ـ بالكسر ـ إذ الإعتاق إنعام على المع تق قال تعالى] ﴾ @ ? > = < ; ﴿ :الأحزاب، [٣٧ :قيل في »التفسير« :أنعم االله عليه بالإسلام، وأنعمت عليه بالإعتاق، فكان بينهما مشابهة في هذا المعنى، وأنه معنى لازم مشهور فيجوز إطلاق الابن على المع تق ـ بالفتح ـ مجاز ا لإظهار نعمة العتق، كإطلاق اسم الأسد على الشجاع لإظهار صفة الشجاعة«).(١ ) (١باختصار من »بدائع الصنائع« للكاساني ، ٢٢٧٩/٥مطبعة الإمام. مقاصد الشريعة بين المذهب الإباضي والمذاهب الإسلامية الأخرى/ج٢ ٢٧٠ وبهذا يظهر صحة المجاز وأنه أولى من القول بالإضمار. ا!%ة ا" &Sوالا/1ن  :ا/از& 3',ا >Sوا!'': النسخ :سبق تعريفه: التقييد :هو دلالة اللفظ على ماهية موصوفة بما يقلل من شيوعها وانتشارها. ولذلك قال ابن عبد الشكور بأنه» :ما خرج عن الانتشار بوجه ما«).(١ وقد يتعارض أمام الموازن أو المجتهد النسخ مع التقييد فيجب أن يقدم التقييد؛ لأن النسخ إهمال لأحد الدليلين بينما التقييد إعمال للدليلين مع ا وهو أولى. مثاله :قوله تعالى* ) ( ' & % $ # " ! ﴿ : ] ﴾ +الإسراء.[١٨ : مع قوله تعالىo nm l k j i h g f e ﴿ : ] ﴾ u t s r q pالشورى، [٢٠ :فمن العلماء من يعتبر الأولى ناسخة للآية الثانية؛ لأن الإنسان قد يسعى سعي ا حثيث ا ولا يصل إلى ما يريده من الدنيا. والتحقيق أن هذا تقييد للمطلق إذ كان قوله تعالى﴾ u t ﴿ : مطلق ا، ومعناه مقيد بالمشيئة، وهو قوله تعالى، ﴾ + * ) ( ﴿ :وإلا فهو إخبار، والأخبار لا يدخلها النسخ، وهذه قاعدة مقررة في أصول الإباضية).(٢ )» (١مسلم الثبوت« ، ٣٦٠/١وانظر» :القاعدة الكلية إعمال الكلام أولى من إهماله وأثرها في الأصول« ص ٣٨٨للعبد الفقير إلى مولاه. )» (٢الموافقات« للشاطبي ، ١٠٩/٣وانظر» :القواعد الفقهية الإباضية« ٢٨٨٦للمؤلف. الفصل الحادي عشر :في الموازنة بين المصالح والمفاسد ٢٧١ ا!%ة ا &Mوالا/1ن :ا/از& 3',ام اNي د; -$اz'. وام اNي  -$; #ا.(١)z'. وهذا النوع من العموم قد يتعارض، وعلى الموازن تقديم العام الذي لم يخصص على العام الذي دخله التخصيص. وهو رأي جمهور الأصوليين ولم يعلم أن أحد ا خالف في ذلك إلا الصفي الهندي والسبكي).(٢ وحجة الجمهور أن العام الذي دخله التخصيص اختلف في كونه حجة في الباقي بعد التخصيص، والذين قالوا هو حجة بعد التخصيص قال جماعة منهم :هو مجاز في الباقي. وقال البدر الشماخي من أئمة الإباضية :إن العام إذا خص حتى لم يبق منه ما يكون جمع ا فهو مجاز ويصح به الاستدلال على الأصح وفي كون الباقي حجة).(٣ وحجة الجمهور أن العام المخصص اختلف في كونه حجة في الباقي بعد التخصيص، والذين قالوا هو حجة بعد التخصيص قال جماعة منهم :هو مجاز في الباقي بخلاف الذي لم يدخله تخصيص فهو سالم من ذلك، وما اتفق على أنه حجة أولى مما اختلف في كونه حجة، وهل هو حقيقة أو مجاز؟).(٤ )قلت( :والعام الذي لم يدخله التخصيص فيه إعمال للنص في جميع أفراده، أما الذي دخله التخصيص ففيه إعمال له في بعض أفراده، والأصل في العام أن يكون معمولا به في جميع أفراده وهو أولى. )» (١القاعدة الكلية إعمال الكلام أولى من إهماله«، ص. ٤٤٦ )» (٢الشنقيطي على روضة الناظر«، ص. ٣٢٤ )» (٣مختصر العدل والإنصاف«. ١٩/١ )» (٤الشنقيطي على روضة الناظر«، ص. ٣٢٤ مقاصد الشريعة بين المذهب الإباضي والمذاهب الإسلامية الأخرى/ج٢ ٢٧٢ وحجة الصفي الهندي والسبكي أن الغالب في العموم التخصيص والحمل على الغالب أولى وأن ما دخله التخصيص يبعد تخصيصه مرة أخرى بخلاف الباقي على عمومه. ومثال هذه المسألة :قوله تعالى ~ } | ﴿ :ے ﴾ ]النساء [٢٣ :الآية، عا م في كل أختين وسواء كان الجمع بينهما بنكاح أو بملك اليمين، وهذا العام لم يدخله تخصيص فهو مقدم على عموم قوله تعالى: ﴿A @ ? > = < ; ❁ 9 8 7 6 ] ﴾ D C Bالمؤمنون، [٦، ٥ :شامل بعمومه للأختين إلا أن عموم ﴿ > ? @ ﴾ Aدخله التخصيص للإجماع على أن عموم ﴿ > ? @ ] ﴾ Aالمؤمنون [٦ :يخصه عموم وأخواتكم من الرضاعة. فلا تحل الأخت من الرضاعة بملك اليمين إجماع ا ويخصصه قوله تعالى] ﴾ F E D C B A @ ﴿ :النساء، [٢٢ :فلا تحل موطوءة الأب بملك اليمين إجماع ا. فإن قيل :إن عموم ﴿ | } ~ ے ﴾، مخصص بقوله تعالى﴾ A @ ? > ﴿ :؛ فالجواب :أن ذلك التخصيص هو محل نزاع، والاستدلال بصورة النزاع ممنوع بإطباق أهل النظر).(١ وكذلك فإن قوله تعالى ~ } | ﴿ :ے ﴾ عا م يشمل الحرتين والأمتين ولا يخصص بالحرتين).(٢ ففي الصورة الأولى :نجد أن إعمال النص في عمومه أولى لأنه يشمل صورتين هما الجمع بينهما بالنكاح أو بملك اليمين، وفيه فائدة شرعية عظيمة وهي حرمة الجمع بين الأختين بالنكاح وبملك اليمين وهو أولى )» (١الشنقيطي على روضة الناظر« ص ٣٢٤وما بعدها. )» (٢شرح الكوكب المنير« ٢٩٧/١ت الزحيلي. الفصل الحادي عشر :في الموازنة بين المصالح والمفاسد ٢٧٣ من قصر العام على حرمته بالنكاح فقط؛ لأن الأصل في الدليل إعماله في جميع صوره، والعام في جميع أفراده وهو الأصل في مراعاة مبدأ إعمال الكلام. أما الصورة الثانية :فنجد أن إعمال العام في الحرتين والأمتين أولى من تخصيصه بالحرتين؛ لأن التخصيص كالنسخ فهو خلاف الأصل؛ لأنه نسخ جزئي لبعض أفراد العام ففيه إهمال لبعض الأفراد. وبهذا يظهر أن تقديم العام الذي لم يدخله تخصيص مقدم على العام الذي دخله التخصيص، وفي تقديمه مصلحة شرعية معتبرة وهي إعمال الدليل في جميع أفراده. ا!%ة الأر/,ن  :ا/از&  %ة د +ارض 3',الأد&: التعارض هو التقابل على سبيل التمانع، هذا في اللغة. جزئي ا بحيث يقتضي كل كلي ا أو وفي الاصطلاح :تقابل دليلين شرعيين منهما نقيض الآخر).(١ والترجيح :م ن رجح الميزان، إذا مالت إحدى كفتيه بالأخرى. وفي الاصطلاح بيان زيادة قوة في إحدى الأمارتين ليعمل بها).(٢ أ +! 3ارض؟ التعارض لا يقع في الأدلة القطعية وإلا ثبت مقتضاهما وهما ضدان، وهو ما تصان عنه الشريعة. )» (١القاعدة الكلية إعمال الكلام أولى من إهماله وأثرها في الأصول« ص. ٤٣٥، ٤٣٤ ) (٢المصدر السابق، ص. ٤٣٥ مقاصد الشريعة بين المذهب الإباضي والمذاهب الإسلامية الأخرى/ج٢ ٢٧٤ ولا يقع بين قطعي وظني، للقطع بتقديم القطعي على الظني، فيبقى التعارض في الأدلة الظنية. " ƒPSا$ء  د +ارض ا/ا 3', +الأد&: هناك طرق أربع لدفع التعارض الواقع بين النصوص. ذكرها العلماء في منهجين: المنهج الأول :للجمهور ومنهم الإباضية ويعتمد هذا المنهج الجمع والتوفيق بين الأدلة، فإن تعذر الجمع يصار إلى الترجيح، ثم النسخ إ ن علم التاريخ، ثم التساقط. ومنهج الحنفية، وهو النسخ أولا إن علم التاريخ. الطريق الثاني :هو الترجيح. الطريق الثالث :الجمع والتوفيق. الرابع :وهو التساقط. الموازنة بين هذين المنهجين: وازنا بين هذين المنهجين وجدنا منهج الجمهور من حيث تحقيقإذا مقصد الشرع الذي هو إعمال الأدلة الشرعية وعدم إهمالها، وتحقيق طاعة االله وطاعة رسوله لأن االله تعالى يقولw v u t s r ﴿ : ] ﴾ y xالنساء. [٦٤ :وتقديم النسخ على الجمع خروج عن طاعة االله ورسوله في الحكم المنسوخ. وكذلك فإن الجمع بين الدليلين خروج من عهدة التكليف وطاعة وامتثال لأمر االله، وأمر رسوله ژ. الفصل الحادي عشر :في الموازنة بين المصالح والمفاسد ٢٧٥ فلا جرم أنه يقدم على النسخ والترجيح والتساقط؛ لأن الجمع عمل بأحدالدليلين وإهمال الآخربالدليلين مع ا، وأما الترجيح فهو عمل وكذلك النسخ، أما التساقط فهو إهمال للدليلين مع ا وإعمال الدليلين كل واحد من وجهه لا يخالف فيه الآخر أولى من إهمالهما أو إهمال أحدهما بالكلية).(١ هذا من جهة ومن جهة أخرى فلأن التعارض الواقع في نصوص الشريعة تعارض ظاهري وليس حقيقي ا لأن الشريعة كلها تعود إلى قولموافق وليس إلى قولمخالف. يقول الشاطبي » : 5والتعارض الحقيقي لا يقع بين النصوص الشرعية قطعية كانت أو ظنية؛ لأن الشريعة الواحدة الصادرة عن المعصوم لا تقبل التعارض«).(٢ الخلال وهو من أصحاب أحمد المتقدمين :ولا يجوز فيوقال أبو بكر الشرع خبران متعارضان ليس مع أحدهما ترجيح يقدم به فأحد المتعارضين باطل إما لكذب الناقل أو خطئه بوجه ما في النقليات، أو خطأ النظر في النظريات، أو لبطلان حكمه بالنسخ).(٣ )قلت( :ويبقى للموازن خيار الجمع وعدم نسبة الدليلين إلى التعارض. وفيه يقول ابن خزيمة» :لا أعرف حديثين صحيحين متضادين فمن كان عنده شيء فليأتني به لأؤلف بينهما«. ) (١انظر» :غاية المأمول« ص ، ٦٦٥و»القاعدة الكلية إعمال الكلام أولى من إهماله« ص ٤٥٢ وكلاهما للعبد الفقير إلى ربه. )» (٢الموافقات« ص ١١٨وص ٢٩٤المسألة الثالثة من كتاب »الاجتهاد«. )» (٣شرح الكوكب« ، ٤٢٨/ط أولى. مقاصد الشريعة بين المذهب الإباضي والمذاهب الإسلامية الأخرى/ج٢ ٢٧٦ وقال ابن القيم :وسننه الثابتة كلها حق يجب اتباعها ولا يضرب بعضها ببعض بل يستعمل كل منهما على وجه).(١ فإعمال الدليلين أولى من إهمالهما أو إهمال أحدهما بالكلية ويكون ذلك عن طريق التخصيص أو التقييد أو غير ذلك من طرق الجمع وقد سبق ذكرها وهذا ما مشى عليه أئمة الإباضية فقد نص الثميني منهم في »التاج المنظوم« على هذا الأصل في معرض كلامه عن زكاة الماشية قال » : 5وقيل :تجب تعلق ا بظاهر الخبر وهو »في كل خمسمن الإبل أو البقر شاة،في الماشية وفي كل أربعين شاة شاة« مطلق ا، فيحتمل أن يراد به ما وقع عليه الاسم أو ما احتمل من التأويل، والتخصيص، قال :والنظر يوجبها فيما أجمع عليه من وجوبهما في السائمة، لأن العمل بالدليلين أولى من إلغاء أحدهما«).(٢ العلامة أطفيش 5في معرض كلامه عنوقد نص عليه قطب المغرب قبض الهبة، قال» :وقيل :تصح بقبول فقط وهو قول علي وابن مسعود والربيع في غير الأب وهو المختار، كما أن البيع يصح بلا قبض، وكذا الرهن عند بعض، وكذا النكاح بلا حضور، وغير ذلك في غير هبة الأب لولده ذكر ا أو أنثى، وأما هبة الأب لولده فالمختار اشتراط القبض لكلام بناء على أن كلامه مخصوص بالولد... قال :قالأبي بكر السابق كذا قيل الشيخ :الهبة عقد كالبيع تقوم مقام البيع تجوز في كل موضع يجوز فيه، وتبطل في كل موضع يبطل فيه، بل هي أسهل لأنها قربة، وإن قلت :لم نزلت الإجماع للقياس وهو مرجوح واتفقوا على العمل بالراجح دون قلت :لم يترك بل ع م ل بدليلين والعمل بالدليلين أولى«)، (٣وهذاالمرجوح؟ )» (١زاد المعاد« ، ١٧٩/٤دار الفكر. )» (٢التاج المنظوم« ٢٣٢/٢للثميني. )» (٣شرح النيل« لأطفيش. ٢٥١/٢٢ الفصل الحادي عشر :في الموازنة بين المصالح والمفاسد ٢٧٧ نص صريح على وجوب تقديم العمل بالدليلين وهو الجمع بينهما وأنه إعمال للدليلين أولى من القول بالترجيح أو النسخ أو التساقط؛ لأن ذلك مع ا وهو أولى، واالله أعلم. وقد نص عليها محمد بن بركة إمام عمان أثناء كلامه عن الحج القارن هل يجزئه لحجته وعمرته طوافان وسعيان أو طواف واحد وسعي واحد؟ ثم قال :وقد ورد خبران وثبت صحتهما عند أهل العلم ولم يعلم المتقدم منهما من المتأخر ولا الناسخ لهما من المنسوخ، فالواجب عندي استعمالهما ما أمكن ولا يطرح منهما شيء).(١ وفي أثناء كلامه على النكول عن اليمين، قال :فنحن قلنا بالخبرين وعملنا بفائدتهما فأنت أسقطت أحدهما، ومن احتج بخبرين كان دليله أهدى ممن أسقط أحدهما، وباالله التوفيق).(٢ نص على هذه القاعدة في معرضالعلامة محمد بن إبراهيم فقد أما محتج بأن الصلاة تصحكلامه عن القراءة خلف الإمام، فقال» :فإن احتج وإن لم يقرأ فيها بأم الكتاب؛ لخبر »كل صلاة لم يقرأ فيها بأم الكتاب فهي خداج«؛ والخداج :هو النقص. قيل له. فقد نقل عنه ژ خبران الأول الذي ذكرته، والآخر قوله ژ » :لا صلاة لمن لم يقرأ بأم الكتاب«، فمن استعمل الخبرين أولى ممن ألغى أحدهما).(٣ والفروع عند أئمة الإباضية أكثر من أن تحصر، وبما تقدم فقد ثبت أنهم يقدمون الجمع على الترجيح، والنسخ، والتساقط، تأصيلا وتفريع ا. ) (١كتاب »الجامع«. ٥٦/٢ ) (٢كتاب »الجامع«. ٥٢/٢ )» (٣بيان الشرع«. ١٠٩/١ مقاصد الشريعة بين المذهب الإباضي والمذاهب الإسلامية الأخرى/ج٢ ٢٧٨ ا!%ة اد& والأر/,ن  :ا/از& 3',ا > وا: j المجمل لغ ة هو :المبهم، من أجمل الأمر إذا أبهمه). (١وقيل :مأخوذ من الجمل وهو الاختلاط وسمي بذلك لاختلاط المراد بغيره. وفي الاصطلاح :هو ما لم تتضح دلالته من قول أو فعل).(٢ والمفسر :هو اسم للمكشوف الذي لا يحتمل التأويل إذا كان خاص ا، عام ا. فهو فوق الظاهر والنص، مثاله قولهولا يحتمل التخصيص إذا كان تعالى] ﴾ Ë Ê É È ﴿ :الحجر، [٣٠ :فإن الملائكة عام فيه احتمال الخصوص فبقوله ﴾ Ê ﴿ :ينقطع هذا الاحتمال ويبقى احتمال الجمع والافتراق فبقوله ﴾ Ë ﴿ :ينقطع احتمال تأويل الافتراق).(٣ وقد يتعارض المجمل مع المفسر وفي هذه الحالة يقدم المفسر على المجمل. نص عليها الإمام محمد بن بركة من أئمةوهذه من قواعد الحنفية، وقد الإباضية في عمان في جامعه. قال » : 5إن من ملك من العبيد ما يناسبه أو يراحمه ممن لا يحل له نكاحه فإنه يعتق عليه من حين ملكه؛ لما روي عن النبي ژ أنه قال» :من ملك ذا رحم محرم عتق عليه«)، (٤وذهب بعض المخالفين إلى أن العتق لا يقع إلا بفعل المالك، أما بالملك فلا، وروى في ذلك خبر ا عن النبي ژ أنه قال» :لا يجزي ولد والده إلا أن يجده مملوك ا فيشتريه ثم يعتقه«).(٥ )» (١إرشاد الفحول« ص. ١٦٧ )» (٢غاية المأمول« ص. ٥٦٧ )» (٣أصول السرخسي« ص ، ١٦٥دار المعرفة. ) (٤رواه ابن الجارود في »المنتقى«، والحاكم في »المستدرك«. ) (٥أخرجه السبعة سوى البخاري. الفصل الحادي عشر :في الموازنة بين المصالح والمفاسد ٢٧٩ وهذا خبر تنازع الناس في تأويله، وخبر» :من ملك ذا رحم محرم عتق عليه« صح الخبران كان المفسر أولى باتباعه والعمل به أولى منهو مفسر، وإذا العمل بالمجمل«).(١ والمفسر درجة في الدلالة أوضح من النص عند الحنفية، فإذا استعملت في مصطلح غيرهم قصد بها النص، فالنص أقوى من المجمل أيض ا. وتبدو علاقة هذه القاعدة بمقاصد الشريعة في أن الإجمال سبب من أسباب إهمال الدليل، وذلك خارج عن مقصود الشارع إذ مقصوده البيان وليس الإجمال؛ لقوله تعالى; : 9 8 7 6 5 ﴿ : < ﴾ ]النحل. [٤٤ :وقوله تعالى﴾ D C B A @ ? ﴿ : ]النحل، [٨٩ :وقوله] ﴾ Þ Ý Ü Û ❁ Ù Ø × Ö ﴿ :القيامة،[١٩، ١٨ : وغير ذلك من الآيات التي توضح مقصد الشارع في بيان الشريعة ورفع اللبس والإجمال عنها. العلامة ابن بركة على هذه القاعدة اشتراطومن المسائل التي فرعها الإيمان في الرقبة، قال » : 5والنظر عندي أن كفارة الظهار وقتل الخطأ واليمين لا يجزئ فيها غير مؤمنة لأن الآيتين إذا كانت إحداهما مجملة والأخرى مفسرة كانت المفسرة حاكمة على المجملة ومبينة لها). (٢فتفسر الرقبة المجملة في الظهار بالرقبة المفسرة في كفارة القتل الخطأ بالإيمان، واالله أعلم«. ومن المسائل التي فرعها عليها أيض ا أن الحائض تصلي بالوضوء الواحد ما شاءت من الفروض والنوافل، وقد استدل بحديث» :توضئي ) (١كتاب »الجامع«. ٤٤٥/٢ ) (٢كتاب »الجامع«. ٨٨/٢ مقاصد الشريعة بين المذهب الإباضي والمذاهب الإسلامية الأخرى/ج٢ ٢٨٠ لوقت كل صلاة«)، (١قال :فهذا مفسر وهو مقدم على حديث» :توضئي لكل صلاة«؛ لأنه مجمل يحتمل الوضوء لكل صلاة، ويحتمل لوقت كل صلاة، فعلى الاحتمال الأول يجب عليها أن تتوضأ المستحاضة لكل صلاة بمفردها. وعلى الاحتمال الثاني يجب أن تتوضأ لكل وقت وضوء ا فتصلي بالوضوء الأول ما تشاء، فهذا الاحتمال تقويه رواية» :توضئي لوقت كل صلاة«؛ لأنه مفسر فيقدم على المجمل).(٢ ا!%ة ا'& والأر/,ن :ا/از& 3',ا (Gوا ٴ/ول: الظاهر في اللغة ضد الخفي، وهو الواضح. وفي الاصطلاح :هو ما دل على المعنى دلالة ظنية إما بالوضع كالأسد، وإما بالعرف كالغائط. والتأويل مشتق من الأول وهو العاقبة والمصير. واصطلاح ا :حمل الظاهر على المحتمل المرجوح بدليل يصيره راجح ا. وقوله :بدليل :تنبيه على أن التأويل لا يصح بغير دليل. فيما يدخله التأويل: التأويل يدخل الفروع العملية ولا خلاف فيه كتأويل البيع بالسوم في نهي النبي ژ عن البيع على بيع أخيه. ويدخل العقائد، وقد اختلف فيه المسلمون على مذاهب: ) (١تحفة الأحوزي للمباركفوري، ٤٩٢/١ :دار الكتب العلمية. ) (٢المصدر السابق. الفصل الحادي عشر :في الموازنة بين المصالح والمفاسد ٢٨١ الأول :أن التأويل لا يصح في باب العقائد وبخاصة في آيات الصفات بل يجري حملها على ظاهرها. والمذهب الثاني :أن لها تأويلا استأثر االله بعلمه ونحن نمسك عنه مع تنزيه اعتقادنا عن التشبيه والتجسيم والتعطيل، لقوله تعالى¥ ¤ ﴿ : ¦ §̈ ﴾ ]آل عمران، [٧ :قال ابن برهان :وهذا قول السلف. المذهب الثالث :أن التأويل داخل في باب العقائد وبخاصة في آيات الصفات وهذا منقول عن بعض الصحابة كابن عباس، وعلي، وابن مسعود، وأم سلمة، والتابعين كمجاهد وغيرهم، وقد وسعت الكلام في هذا الموضوع في كتاب »القواعد الفقهية الإباضية«)، (١وكتاب »البدعة«)، (٢وكتاب »غاية المأمول«، وكتاب »معجم القواعد«، فمن أراد التوسع فليرجع إليها).(٣ وقد يتعارض الظاهر مع المؤول فيقدم الظاهر؛ لأن التأويل خلاف الأصل، وهذا مذهب الجمهور منهم الإباضية قال الشماخي منهم :والظاهر أولى من المؤول).(٤ مثال ذلك :قول النبي ژ » :لا يبع أحدكم على بيع أخيه«، فبعض العلماء أو ل البيع بالسوم، والبعض الآخر قال :البيع لفظ ظاهر في العقد إيجاب ا وقبولا، فالحمل على الظاهر أولى. ومن الفروع التي ذكرها الشماخي في »مختصر العدل والإنصاف«: )» (١القواعد الفقهية الإباضية« ٣٩٠/٥للباحث. )» (٢البدعة وأثرها في اختلاف الأمة« ص ٢٤٠للباحث. السنة« للالكائي ، ٩٨/١و»إرشاد )» (٣غاية المأمول« ص ٦١٢للباحث، وانظر» :شرح اعتقاد أهل الفحول« ص. ١٧٧ )» (٤مختصر العدل والإنصاف«. ١٨/١ مقاصد الشريعة بين المذهب الإباضي والمذاهب الإسلامية الأخرى/ج٢ ٢٨٢ ١ـ تأويل بعض الفقهاء قوله ژ :لمن أسلم على عشر نسوة» :أمسك أربع ا وفارق سائرهن« على معنى تجديد النكاح، لكن الحمل على الظاهر أولى؛ وهو أن يفارق من يشاء، والباقيات على النكاح الأول. ٢ـ وكتأويل قوله ژ » :في كل أربعين شاة شاة« على القيمة، والحمل على الظاهر أولى؛ وهو إخراج القيمة، لأنه لا يجوز أن يستنبط من العلة معنى يكر على أصله بالإبطال، ولو سلمنا جواز إخراج القيمة لسقطت زكاة الماشية وهي أصل برأسها كزكاة الزروع. ٣ـ وكتأويل قوله ژ » :أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل« على الصغيرة أو الأمة، والظاهر أولى؛ لأن الصغيرة لا تسمى امرأة في عرف اللغة، والأمة لا تملك مهرها، بل مهرها لسيدها، والنبي ژ قال: ويد ها استحل من فرجها والأمة ليس لها مهر »فإن دخل بها فلها المهر بما يد سيدها«).(١ %لا& (Nه ا!%ة !,ا&: أما علاقة هذه القاعدة فقد ظهرت بما وجهناه في القاعدة السابقة، وهي :أن من مقاصد هذه الشريعة البيان، لأن التأويل خلاف الأصل وهو نوع من اللبس والإجمال، كما أن فيه نوع ا من الجزم على االله ورسوله وتقولا الله ورسوله ما لم يقولاه، لذلك كان الحمل على الظاهر أولى من حيث إبراء الذمة، وحصول الامتثال، وفهم النص عن االله ورسوله على قوانين اللغة العربية، فإن من مقاصد القرآن فهمه على نمط كلام العرب، واستعمالاتهم وليس من أساليب العرب ترك الظاهر والمصير إلى الباطن، وباالله التوفيق. ) (١انظر :هذه المسائل مع التصرف في »مختصر العدل والإنصاف«.١٨/١ : الفصل الحادي عشر :في الموازنة بين المصالح والمفاسد ٢٨٣ ا!%ة ا& والأر/,ن :ا/از& 3',ا #8وا:zS والقاعدة في ذلك :أن المحكم مقدم على النص).(١ " *Sا:#8 المحكم :في اللغة من أحكمت البناء؛ أي :قويته ومنعت عنه الخلل).(٢ وفي الاصطلاح :ما اتضحت دلالته ولم يحتمل التأويل ولا التخصيص ولا النسخ لا في زمن الرسالة ولا بعده. المرتفع من منصة العروس.والنص :لغة هو وفي الاصطلاح :ما اتضحت دلالته كوضوح العروس على المنصة، لكنه يحتمل التخصيص والنسخ، وقد يتعارض المحكم مع النص في كلام الشارع وفي هذه الحال يجب تقديم المحكم على النص. وهذا مذهب الإباضية وجماهير أهل العلم، بل لا أعرف منازع ا في ذلك عند أهل العلم بالشريعة؛ لأن المحكم على رأس واضح الدلالة، كما أن المتشابه على رأس خفي الدلالة. ويدخل في المحكم النص والظاهر، ويدخل المتشابه في المجمل).(٣ مثال ذلك :تحريم النكاح بزوجات النبي ژ بعده على التأبيد؛ لقوله تعالىÉ È Ç Æ Å Ä Ã Â Á À ¿ 3⁄4 ﴿ : ] ﴾ Ë Êالأحزاب، [٥٣ :وهذه الآية محكمة لا تقبل نسخ ا ولا تخصيص ا، )» (١غاية المأمول« ص. ٦٧٦ ) (٢انظر» :طلعة الشمس«. ٣٣/١ )» (٣طلعة الشمس«. ١١٣/١ مقاصد الشريعة بين المذهب الإباضي والمذاهب الإسلامية الأخرى/ج٢ ٢٨٤ وقد عارض هذه الآية قوله تعالى] ﴾ 2 1 0 /. ﴿ :النساء.[٢٤ : وهذه الآية عامة يدخل فيها من عدا المحرمات المذكورات في الآية وتشمل بعمومها زوجات النبي ژ ، لكن عمومها مخصص بقوله تعالى: ﴿ 3⁄4 ¿ ، ﴾ Ä Ã Â Á Àوهي محكمة، والمحكم مقدم على النص. %لا& (Nه ا!%ة !,ا&: نت علاقة تعارض الظاهر مع المؤول، وعلاقة تعارضسبق أن ب ي المفسر مع المجمل بمقاصد الشريعة، وهذه القاعدة من هذا القبيل فإن المحكم أكثر ضوح ا من النص؛ ولأنه قد يترتب على تقديم النص على المحكم بعض المفاسد كما في المثال السابق فكان تقديم المحكم أولى، واالله أعلم. الفصل الحادي عشر :في الموازنة بين المصالح والمفاسد ٢٨٥ ا ادي %  أ( &'$ا/ازن يقصد الباحثون بأهلية الموازن أهلية المجتهد وشروطه؛ لأن الموازن هو من يصلح للنظر والاستدلال والتوجيه والترجيح أو صفات وشروط المفتي في دين االله والذين كتبوا في الموازنة وأهلية الموازن لم يخرجوا عن شروط المجتهد سواء في المذهب أو في الفتوى. وعلماؤنا الأوائل لم يفردوا هذه الدراسة بمؤلفات خاصة كما فعل الشاطبي، ولم يبحثوا أهلية الموازن بهذا المصطلح. وإنما تكلموا على المقاصد أثناء كلامهم على العلة، وفي مبحث المناسبة حيث ذكروا المناسب المعتبر، والملغى، والمرسل، والحقيقي، والإقناعي، وتكلموا على أهلية الموازن أثناء كلامهم على مباحث الاجتهاد وشروطه، أو شروط المفتي. والفقه إلا أن بعض المعاصرين ألقى باللائمة على علماء الأصول لكونهم أهملوا علم المقاصد. فقد ذكر الدكتور محمد عبد االله دراز :بأن معظم الفقهاء غفلوا عن أهمية فوجهوا همتهم إلى قواعد أصول الفقه، وأهملوا النظر فيعلم المقاصد المقاصد فلم يتناولها بعضهم إلا عرض ا حين عالج القياس). (١ويعلق الدكتور حمادي العبيدي على كلام دراز قائلا :وكان من نتيجة هذا الإهمال للعلم الذي قام عليه الاجتهاد عند الصحابة @ وعند من سار على نهجهم من السنة أن شاع الخلط والاضطراب في طرق الاجتهادوأئمة أهلالتابعين ) (١مقدمة كتاب »الموافقات«. ٥/١ مقاصد الشريعة بين المذهب الإباضي والمذاهب الإسلامية الأخرى/ج٢ ٢٨٦ وتطفل عليه من ليس أهلا له، وداخلته الأهواء، قال :ويلحظ عبد االله دراز هذه الآفات، فيقول :فترى فريق ا ممن يستحق وصف الأمية في الشريعة يأخذ ببعض جزئياتها ويهدم كلياتها).(١ أما الشيخ محمد رشيد رضا 5فيعزو إهمالهم المقاصد إلى خوفهم على الشريعة من الهدم، واتخاذ أئمة الجور المقاصد حجة لاتباع أهوائهم، فرأوا أن يتقوا ذلك بإرجاع الأحكام إلى النصوص، ولو بضرب من الأقيسة الخفية، يجعلوا المصالح المرسلة من أدق مسالك العلة في القياس).(٢ قوي، وإساءة إلى أئمةهذا الكلام الذي قاله هؤلاء الأفاضل فيه نظر الفقه، وهي إساءة غير مقصودة يستدعي منا توجيه النقد إليهم ورفع الملام عن أولئك الأعلام. أما دعوة إهمال الأصوليين والفقهاء لمقاصد الشريعة وإبعاده عن ساحة الاجتهاد فكلام لا طائل تحته ولو تصفحنا أبواب الأصول والفقه لوجدنا أن اجتهادهم لا يخرج عن مقاصد الشريعة. والحك مأليس مباحث التعليل سوى البحث عن الأغراض والمعاني الملحوظة للشارع في بناء الأحكام عليها. أليس مباحث المناسب في مسالك العلة وشروطه وأنواعه، من المقاصد؟ أليس الكلام على أنواع المصالح، الضرورية والحاجية والتحسينية التي سبق إليها كل من إمام الحرمين، وتلميذه الغزالي من علم المقاصد؟ ) (١المصدر نفسه. ٩/١ )» (٢تفسير المنار« ١٩٦/٧و.١٩٨/ الفصل الحادي عشر :في الموازنة بين المصالح والمفاسد ٢٨٧ أليس مباحث أسباب التخفيف وعوارض الأهلية تعود إلى مقصد رفع الحرج الذي يعتبر من أعظم مقاصد الشريعة؟ أليس مباحث نفي الضرر في الفقه من مقاصد الشريعة؟ وقل مثل ذلك في مباحث العبادات :أليست تعود إلى حفظ أصل الدين؟ ومباحث المعاملات من بيع وإجارة، ورهن، وضمان، وشفعة وشركة ومضاربة مبن ية على أصل حفظ المال؟ ومباحث الحدود والقصاص تعود لحفظ الدماء من جهة، والأعراض مبني ا على مقاصد من جهة والفعل من جهة، أليس ذلك كله اجتهاد ا الشريعة؟ وقل مثل ذلك في قواعد الأصول؛ كقاعدة سد الذرائع، والاستحسان، والعوائد، والحيل، والنظر إلى المآل.. وغير ذلك، ألا يعتبر ذلك اجتهاد ا مقاصدي ا؟ ومباحث الترجيح وصلتها بالموازنة. فهل يقال بعد ذلك :إنهم أهملوا المقاصد ولم يجتهدوا على وفقها؟! الفقه فيألم يجد فضيلة الدكتور دراز سوى مباحث المناسبة في أصول مباحث القياس؟ ألم يجدها في مبحث الرخص وأسباب التخفيف وغيرهما مما أوردناه؟ وهل صحيح أن الفقهاء والأصوليين أهملوا علم المقاصد السنة كما يقول فضيلة الذي قام عليه اجتهاد الصحابة والتابعين وأئمة أهل الدكتور العبيدي؟ من هم أولئك الأئمة الذي خالفوا اجتهاد الصحابة والتابعين وأئمة أهل السنة؟! إنني لا أعرف عمن يتكلم. هذه طبقات الفقهاء في المذاهب كلها :الإباضية، والحنفية، والمالكية، والشافعية، والحنابلة، والزيدية، تنقل آراء الصحابة والتابعين، وأتباع التابعين مقاصد الشريعة بين المذهب الإباضي والمذاهب الإسلامية الأخرى/ج٢ ٢٨٨ وعلماء الأمصار كما اعتنت بموقف الصحابة والتابعين وأتباعهم والأئمة المجتهدين من تعليل الأحكام حتى نقلت إلينا موقف الحكيم الترمذي في الفقه الذي أهمله محاولته تعليل الأحكام ولا سيما التعبدية منها، أين ذلك أصله الصحابة والتابعون من الذي استدركه عليهم؟!الأصوليون مما الفقه والأصول الذين يأخذون الأحكامومن أولئك الأميون من أئمة  الجزئية فيهدمون كليات الشريعة؟! هاتوا برهانكم. قدمها علىفإن فتشتم فلم تجدوا سوى من توسع في المصلحة حتى الفقه والأصول، وهو أقربالنص مثل الطوفي، ولن تجدوا مثله بين أئمة إلى المنظرين في المصالح منه إلى أئمة الاجتهاد والأصول كما تقولون. أما اتهام الأئمة بأنهم أعرضوا عن علم مقاصد الشريعة خوف ا على الشريعة من الهدم واتخاذ أئمة الجور المقاصد حجة لاتباع أهوائهم واستبدادهم في دماء وأموال الناس... الخ. أقول :هذا تق ول على أئمة العلم والدين وإن قصد إحسان الظن بهم كيف وأن هؤلاء الأئمة كانوا لا يخشون في الحق لومة لائم، فقد سجنوا وضربوا ونفوا ولم يغيروا، حتى إن أحدهم باع السلاطين، ولم يخش في االله عنيت به العز بن عبد السلام.أحد ا منهم، وق ل مثل ذلك في أبي حنيفة ومالك أحمد وغيرهم. وهل صحيح أنهم أهملوا المقاصد؟ بعد أن بينا اجتهادهم المبني على المقاصد. يغير وهل في المقاصد ما يحمل المجتهد على الخوف من السلطان أن الأحكام ويستولي على الأموال؟! أقول :الثابت تاريخي ا عكس ذلك، فقد الرحمن الداخل واقع جارية في رمضانٰذكرت لنا كتب التاريخ أن عبد الفصل الحادي عشر :في الموازنة بين المصالح والمفاسد ٢٨٩ فاستفتى الإمام يحيـى بن يحيـى الليثي فأفتاه بصوم شهرين متتابعين، فلما قال له أهل العلم :لماذا خالفت مذهب مالك وهو العتق؟ قال :لو أفتيته بالإعتاق لاستطاع أن يقع كل يوم على جارية ويعتق، فقالوا له :إن ما ذكرته من مصلحة تعذيب الملك بالصوم هي مصلحة ملغاة؛ لأنها خالفت صريح النص، وهو قوله ژ للأعرابي الذي وقع على زوجته في نهار رمضان: »اعتق رقبة«، وقالوا :إن تشوف الشارع إلى تحرير الرقبة من العبودية أعظم من تشوفه إلى تعذيب الملك. فها هم اعترضوا على القاضي والملك في الأخذ بالمصلحة الملغاة، وب ينوا وجه إلغائها، ولم يخشوا الملك، أليس هذا من علم مقاصد الشريعة؟! ولما كان حكم المماليك بمصر منافي ا لمصلحة شرعية تحسينية ثار عليهم العز بن عبد السلام حتى حررهم ثم قبل بعد ذلك بحكمهم؛ أليس هذا موقف ا مقاصدي ا كاد يكلفه روحه؟ ولما طلب السلطان بيبرس من النووي أن يفرض على الناس ضريبة بع ما يتقوى بها الجند زيادة على الصدقات ثار النووي في وجهه قائلا : لديكم من الديباج والذهب؟! فإذا نفد خذ من أموال الناس ما شئت. فغضب بيبرس وأخرجه من الشام. أليس هذا موقف ا مقاصدي ا لحفظ مال الناس وهي مصلحة ضرورية؟ ومثل هذه المواقف كثيرة لو أردنا استقصاءها لاحتجنا إلى مجلد بسيط وكتاب مديد. نعم كان من الأنسب أن يقال :إنهم لم يفردوها بدراسة نظرية بكتاب مستقل كما فعل الشاطبي على أنه مسبوق ببعض الأبحاث في هذا العلم، إلا أننا نراه إمام ا مستقلا وجهبذ ا خبير ا في هذا الباب ولا ينكر فضله مقاصد الشريعة بين المذهب الإباضي والمذاهب الإسلامية الأخرى/ج٢ ٢٩٠ أحد، ولكن ليس إلى درجة أن نعتبر الفقهاء قد أهملوا هذا العلم فليس ذلك من الصواب في نظري القاصر، واالله أعلم. وط ا/ازن: بعد هذه المقدمة أوجز شروط صفات الموازن بين المقاصد. أولا :من هذه الشروط :العلم بكتاب االله: ونقصد هنا :أن يعرف مقاصد هذا الكتاب العزيز في تقرير الأحكام. فيعرف أساليبه في الخطاب؛ لأن ذلك يقودنا إلى مقصد من مقاصد الشريعة، وهو :أن هذه الشريعة موضوعه للإفهام. وقد تكلمت على ذلك في هذا الكتاب وذكرت أن الشاطبي المالكي ومحمد بن بركة الإباضي العماني قد بحثا هذه المسألة بحث ا وافي ا. وكثير من الأصوليين بحثوا ذلك في مباحث علوم القرآن، وذكر الشاطبي قواعد مقاصدية انبثقت عن هذا الأصل. منها :قاعدة :أن هذه الشريعة موضوعة على قاعدة تناسب الأميين، وهي شريعة أمية تراعي جمهور الأميين، فليس فيها من علوم الفلاسفة والمنجمين، ولا مما هو خارج عن مألوف الأميين. وقاعدة» :القرآن عربي ليس فيه كلام أعجمي«، فيجب تفسيره على نمط أساليب العرب في خطاباتهم. وقاعدة» :ترجمة القرآن« يجب أن تكون على نمط استعمالات العرب قدر الإمكان. وقاعدة» :تفسير القرآن« يجب أن يكون على مألوف العرب في تعبيرهم.. إلخ ما هناك من مباحث تتعلق بالقرآن. الفصل الحادي عشر :في الموازنة بين المصالح والمفاسد ٢٩١ بالإضافة إلى معرفة الناسخ والمنسوخ، والتخصيص، والتقييد، ومراتب الدلالات، فإنها تعوز الموازن في عملية الموازنة وفهم كتاب االله. ثاني ا :العلم بالس نة: ه على الاجتهاد السنة ما يعي ن ويجب على الموازن أن يعلم من المقاصدي، ويركز فيها على ما فيه عناية بعلم المقاصد. مثل التعليل السنة. وعلم خاصها وعامها، ومطلقها ومقيدها، ومنطوقهافي ومفهومها، وناسخها من منسوخها، وطرق الجمع والترجيح، فإنها من لب علم مقاصد الشريعة، ويحتاج الموازن في عملية الموازنة إلى العلم بها. ثالث ا :الإجماع: فإن الإجماع مسلك صحيح من مسالك المصلحة أو الحكمة أو العلة. والعلة :هي الوصف المناسب. والإجماع هو الذي يقرر مناسبة الوصف أو طرديته. والإجماع حاكم على المصالح المعتبرة والمفاسد المعتبرة. وكاشف عن جانب مهم من جوانب المقاصد. وهذا يتطلب معرفة الإجماع وبيان أدلته وشروطه؛ لأن الموازن مجتهد أولا وآخرا. رابع ا :معرفة القياس: وما يتعلق بمقاصد الشريعة كالقياس المصلحي، وقياس العلة، وتمييزه عن قياس الطرد الذي لا مناسبة فيه. ومعرفة مسالك العلة، ولا سيما مسلك المناسبة، وتقسيماتها، وبيان حجيتها، وبناء الأحكام عليها. والعلة هي أس القياس، ومسلك المناسبة محل غموضها. مقاصد الشريعة بين المذهب الإباضي والمذاهب الإسلامية الأخرى/ج٢ ٢٩٢ خامس ا :معرفة علم أصول الفقه: الفقه يعتبر الآلية المهمة لمعرفة المقاصد، وهو آلةإن علم أصول والسنة. الاجتهاد ومعرفة الاستنباط، وهو المسبار لأحكام الكتاب والسنة، والإجماع،ويتركز هذا العلم على الأدلة الإجمالية من الكتاب والقياس، وعوارضها من عموم وخصوص، وإطلاق وتقييد، وإجمال وبيان، وناسخ ومنسوخ، وتعارض وترجيح. ومعرفة طرق الاستفادة منها ويدخل فيه مباحث اللغة والدلالات وتقديم بعضها على بعض. وحال المستفيد ويدخل فيه مباحث الاجتهاد والتقليد، فمن لم يتعمق الفقه لن يلج باب المقاصد حتى يلج الجمل في سم الخياط.في أصول سادس ا :أن يكون على دراية تامة بعلم مقاصد الشريعة: المصالح :هي الحكم والمعاني الملحوظة للشارع من شرع الحكم. وقد سبق الكلام عليها، فيجب في حق الموازن أن يعرف حقيقة المقاصد، وأنواعها من ضرورية، وحاجية وتحسينية وأقسامها من حيث اعتبار الشارع لها وعدم اعتباره لها، وهي ثلاثة أقسام: ١ـ معتبرة وهي التي جاءت موافقة للنص. ٢ـ وملغاة وهي التي خالفت النص والإجماع ٣ـ ومرسلة وهي التي أرسلت عن نص خاص بالاعتبار أو الإهدار. وقد سبق الكلام على هذه الأقسام. وينبغي له أن يكون عالم ا بالغايات والبواعث الداعية إلى الاستصلاح، وهي جلب المصلحة، أو دفع المفسدة، واختلاف الزمان، وسد الذرائع، الفصل الحادي عشر :في الموازنة بين المصالح والمفاسد ٢٩٣ والسنة، واستقراء وكذلك يجب أن يعرف مسالك المصالح من الكتاب، الأمر والنهي الابتدائي التصريحي، واعتبار علل الأمر والنهي، وسكوت الشارع وغير ذلك، وقد سبق الكلام عليها عند الكلام على المصلحة).(١ يتعين على الموازن معرفته :ضوابط المصلحة والمفسدة، وقد سبقومما الكلام عليها. والسنة، ومن هذه الضوابط أن لا تخالف المصلحة الكتاب، والإجماع، والقياس، وعليه أن يعرف ضوابط المفسدة أيض ا، وقد سبق الكلام على كل ذلك. ومن شرائط الموازن :أن يعرف الأحكام التي تتغير بتغير الأيام والأعراف والأحوال وقرائن الأحوال، وأن لا يجمد على المنقول؛ لأن الجمود على المنقول أبد ا ضلال في الدين. يقول القرافي » : 5ومهما تجدد في العرف فاقبله، ومهما سقط فألغه، ولا تجمد على المسطور في الكتب طول عمرك، بل إذا جاءك رجل من تجره على عرف بلدك، واسأله عن عرف بلدهغير أهل إقليمك يستفتيك لا وأجره عليه وأفته به دون عرف بلدك ودون المقرر في كتبك فهذا هو الحق الواضح، والجمود على المنقولات أبد ا ضلال في الدين، وجهل بمقاصد علماء المسلمين، والسلف الماضين«).(٢ فلينظر الذين يلقون باللائمة على الفقهاء والأصوليين لكونهم أهملوا المقاصد، فالقرافي أصولي وفقيه مالكي يقرر أن الجمود على النصوص وإهمال المقاصد ليس من طريقة علماء المسلمين والسلف الماضين. ) (١انظر» :نظرية المقاصد عند الشاطبي«. ١٥٠/١ )» (٢الفروق« للقرافي. ١٩١/١ مقاصد الشريعة بين المذهب الإباضي والمذاهب الإسلامية الأخرى/ج٢ ٢٩٤ العلامة ابن القيم :ومن أفتى الناس بمجرد المنقول في الكتبويقول على اختلاف عرفهم وعوائدهم وأزمنتهم وأمكنتهم وأحوالهم وقرائن أحوالهم فقد ض ل وأضل، وكانت جنايته على الدين أعظم من جناية من طبب الناس كلهم على اختلاف بلادهم، وعوائدهم وأزمنتهم بما في كتاب من كتب الطب على أبدانهم، بل هذا الطبيب الجاهل وهذا المفتي الجاهل أضر ما على أديان الناس وأبدانهم وباالله المستعان). (١فعلى المفتي أن يربط الناس بما تجدد في العرف؛ لأن ذلك من مقاصد الشريعة، فإنها لا تنزع الناس عن أعرافهم وعوائدهم، كما يربط الناس بالزمان والمكان، وهذا مقصد القرآن، فقد تغير التشريع في المدينة عنه الأصوليون على المفتي معرفة العوائد وما يدومفي مكة؛ ولذلك شرط منها وما لا يدوم. وهذه الشروط موضع اتفاق بين جمهور المذاهب الإسلامية وبين الإباضية فقد أجمل الإمام السالمي هذه الشروط في »شمس الأصول«، فقال: تضبط ياء أش في أول الركنين يشترط وفيه شرط فالذي إليه يحتاج اجتها د العلماوذاك أن يكون عالم ا بما ومن أصول حسبما قد يكفي صرفمن علم نحولغة أو وكل فن عنه لا يستغنىومن بلاغة لفهم المعنى وما أتى به اجتماع الأمةالسنةوبالكتاب وبعلم  ملم ا فذكر من الشرط :العلم باللغة نحوا، وصرف ا، وبلاغة، وأن يكون بعلم الأصول لحد الكفاية، ويدخل في علم الأصول علم مقاصد الشريعة، فإنهم كانوا يلحقونها بعلم الأصول. )» (١إعلام الموقعين« ، ٦٦/٢ت محمد عبد السلام إبراهيم، دار الكتب العلمية، ط أولى. الفصل الحادي عشر :في الموازنة بين المصالح والمفاسد ٢٩٥ وذكر من الشروط :العلم بالكتاب، وعلوم الكتاب فنون كثيرة، من ذلك: علم ناسخه ومنسوخه، وعامه وخاصه، ومطلقه ومقيده، ومحكمه ومتشابهه، وأن يكون عارف ا بآيات الأحكام. بالسنة فيجب أن يعلم فيها ما يعلم من القرآن.وذكر من الشروط :العلم وذكر أيض ا معرفة الإجماع والمسائل الإجماعية والخلافية وأقاويل علماء السلف من الصحابة والتابعين وأئمة علماء الأمصار. مه ر بالقياس فليسأما القياس فهو الركن الركين في المجتهد، و م ن لم ي بمجتهد. وقد ع ول السالمي 5على القياس في كتبه ولا سيما في »معارج الآمال« فذكر فيه أنواع القياس الصحيح، والفاسد والمختلف فيه. وقد ذكرت أصوله الاجتهادية في كتاب »اجتهادات السالمي«، وخصصت للقياس فيه فصلا كاملا).(١ وبذلك يظهر شروط المجتهد أو الموازن عند الإباضية والجمهور. ويمكن أن يضاف إلى ما ذكرنا بعض الشروط، من ذلك: العلم الوافي بالفن الذي تتعلق به الموازنة).(٢ اجتماعي ا، أو سياسي ا، أو اقتصادي ا، أو موضوع الموازنة قد يكون دعوي ا، فيحتاج الموازن هنا إلى أهل الفن والخبرةعسكريا، أو والاختصاص. )» (١اجتهادات الإمام السالمي« للعبد الفقير إلى مولاه ص ٥١الفصل الرابع من ص ٥١إلى ص. ٧٤ )» (٢فقه الموازنة« د. الكمال ورقة ).(٣٩٤ مقاصد الشريعة بين المذهب الإباضي والمذاهب الإسلامية الأخرى/ج٢ ٢٩٦ أذكر أننا درسنا في الأزهر نظرية )مالتس() (١عن السكان التي مفادها وجوب تحديد النسل، عن طريق تنظيمه بواسطة تحديد الولادات لكل أسرة، أو خوض الحروب لتتناسب الموارد الاقتصادية والحصص الغذائية مع البشر، وقد ر د علماء الاقتصاد على هذه النظرية بأن صاحبها لم يوازن بين بلاده وبقية البلاد، ولم ينظر إلى الموراد الأخرى غير الزراعة كالصناعة، ولا إلى توفر فرص العمل التي بموجبها يستطيع الفرد إنتاج ما يكفي مائة فرد أو يزيد. كذلك تحتاج هذه النظرية إلى الموازنة الصحيحة بين البلاد وبين الموارد وبين الشعوب المنتجة وغير المنتجة، فالموارد البشرية قد تكون كفيلة بتحقيق نهضة اقتصادية كبيرة أضف إلى ذلك العلم والخبرة، فهذه الصين واليابان من أكثر شعوب العالم قد غزت مصنوعاتها أسواق العالم كثير من البلاد الغنية ذات العدد القليل، وهذه الدولوفاق اقتصادها اقتصاد العربية ذات الثروات الهائلة تموت شعوبها من الفقر والتخلف والجوع. فالمسألة ليست على نسق واحد في المشهد الاقتصادي، والصناعي، والتكنولوجي، والاجتماعي. ومن الأمثلة على الموازنة في الأمور العسكرية :ما حدث في مصر سنة ١٩٧٣عقب اقتحام الجيش المصري خط »پارليف« وعبور قناة السويس حدث أن الأقمار الصناعية أرشدت الجيش الإسرائيلي إلى ثغرة تسمى »بالدرفوار« دخلت منها بعض دبابات مع عدد من الجيش الإسرائيلي فجاء الجيش المصري وأحاط بالجيش الإسرائيلي فجاءت فرقة من الجيش الإسرائيلي فأحاطت بالجيش المصري فجاء الجيش الثالث المصري فأحاط بالجميع، وبدأت المفاوضات، فاستشار قادة الجيش المصري علماء الأزهر ) (١انظر :ترجمة توماس مالتس في موقع »ويكيبيديا«. الفصل الحادي عشر :في الموازنة بين المصالح والمفاسد ٢٩٧ فأفتى بعضهم بأن يضرب الجيش المصري الثالث فرقة الجيش الإسرائيلي تترسوا بهم من الفرقة المصرية عملا بفتوى الغزالي في مسألةمع من الترس المعروفة في كتب »الأصول«، وأفتى آخرون بعدم ضرب الجيش الإسرائيلي مع الترس ذهاب ا منهم على أن هناك بديلا عن ضرب الترس وهو عمليات »الكوماندوس« الليلية، وهكذا استفاد قواد الجيش المصر من علم أهل الاختصاص في عملية الموازنة بين ضرب العدو مع من تترسوا بهم من الجيش المصري وبين عدم ضرب الترس واعتماد »الكوماندوس« المصري لتخليص الترس، وقد رأيت موضع الثغرة عندما كنت في مصر وأخبرني بعض شيوخنا الفضلاء عن هذه الموازنة الجميلة التي أجراها علماء الأزهر آنذاك. سياسي ا عبر المحادثات بين مصر وأمريكا أسفر وانتهت هذه المشكلة عنها توقيع معاهدة »كامب دايڤيد« بعد ذلك. رجع فيها إلى أهل وكذلك في الأمور الطبية ولا سيما الجراحية ي الاختصاص من الأطباء الموثوقين. فمن المسائل الطبية التي تخضع للموازنة تلك التي يتخ ير فيها بين حياة قدم حياة الأم على حياة الجنين، ف تجرى للأم عمليةالأم وحياة الجنين، ف ت ولو مات فيها الجنين. ومنها الجنين المشوه فحالة الجنين المشوه تخضع للموازنة بين إبقائه التشوهات ما يعيش معها وإجهاضه ويرى الطبيب الحاذق فيه رأيه. فمن الجنين. ومنها ما لا يعيش، فالتي يرجى فيها حياته يبقيه الطبيب، أما التي لا يعيش معها الجنين كأن يكون من غير مخ أو بغير قلب أو بغير رئة ونحو ذلك. فمثل هذه يمكن لطبيب إجهاض الجنين. مقاصد الشريعة بين المذهب الإباضي والمذاهب الإسلامية الأخرى/ج٢ ٢٩٨ فهذه العمليات تحتاج إلى فقه الموازنة بين المصالح والمفاسد، وعلى الفقيه أن يستعين بأهل الفن والاختصاص. ومن الأدلة على الاستعانة بأهل الخبرة ما حصل لعزيز مصر حين بنبي االله يوسف ‰الذي وضع له خطة اقتصادية على مدار سبعاستعان سنين يزرعون الأرض ويدخرون ما يزيد عن طعامهم وكانت خطة ناجحة خلصت مصر من مجاعة محتمة بفضل االله ثم بفضل خبرة يوسف الاقتصادية. ومن تمام الخطة أنه قال لعزيز مصرJ IH G F E ﴿ : ] ﴾ L Kيوسف، [٥٥ :وهذا من باب وضع الرجل المناسب في المكان المناسب، وهذا من فقه الموازنات. ومن الشروط التي ينبغي أن تتوفر في الموازن :أن يكون على دراية واقعي ا يستلهم الواقع في تعاطيه مع القضايابفقه العصر، بأن يكون المعاصرة. وذلك بأن ينظر إلى الملابسات والأحوال، والأزمان، والأماكن، وصلاح مقاصدي ا يمتاز بدقة النظر إلى القضاياالزمن وفساده، ويصوغ من ذلك فقه ا المعاصرة ويزينها بالقسطاس المستقيم. ط. ط ومف ر والناس في هذا المقام بين مف ر فالمف رط قد تأثر بالواقع وحاول أن يلوي النصوص لتساير واقعه، والمفرط جمد على النصوص المنقولة من الكتب دون النظر إلى الواقع المتغير، وقد سبق أن ب ينا أن الجمود على المنقولات أبد ا ضلال في الدين، وجهل بمقاصد العلماء السابقين والسلف الماضين. مثال ذلك :ما فعله ابن أبي زيد القيرواني حين ا تخذ كلب ا على باب داره ل ما فسد الزمن وكثر المجرمون في عصره، فقد روي أنه ان ت قد على ذلك بأن الفصل الحادي عشر :في الموازنة بين المصالح والمفاسد ٢٩٩ مالك ا نهى أن يتخذ الرجل كلب ا على بابه، فقال ابن أبي زيد :لو أن مالك ا اليوم موجود لاتخذ أسد ا على باب داره. فما كان مفسدة في عصر مالك أضحى مصلحة في عصر ابن أبي زيد القيرواني. ومن أمثلة اعتبار الحال في الموازنة بين المصالح والمفاسد ما روي عن ابن تيمية أنه كان ماشي ا في دمشق أيام التتار، فرأى واحد ا منهم يشرب الخمر فلم يحتسب عليه الشيخ ولم ينهره، فقال له صاحبه :ألا تحتسب عليه؟ فقال الشيخ :دعه يسكر فإنه إن سكر انشغل بسكره عن أذيتنا فإنما يؤذوننا حال صحوتهم وإفاقتهم. فقد ترك الشيخ الاحتساب؛ لأنه رأى أن المصلحة في سكرهم وهذا اعتبار للموازنة بالنظر إلى تبدل الأحوال. لأمة من فروض الكفاياتبفقه الواقع النظر في حاجة ا ومما يتصل وتحقيق التوازن في التخصصات وتقديم الأولى فالأولى في مجال البحث والتخصص. لأمة والنهوض بها في المجالات كافة بحيث لابد من تحقيق كفاية ا لا يطغى مجال على آخر ولا تخصص على آخر. بد من النظر إلى المشكلات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية وترتيبلا هذه التخصصات حسب سلم الأولويات. فتقدم العلوم التي تعنى بالصناعات على اختلافها. لأمة والعلوم التي تعنى بالإعمار، والطب ,والصيدلة، والزراعة، فتصنع ا سلاحها وغذاءها، ودواءها الأول فالأول، وفي العلوم النظرية ولا سيما لأمة ووضعالإسلامية يجب النظر إلى المشكلات التي وقعت وتقع في ا أبحاث لمعالجتها. لأمة ولا تحل مشكلاتها وليستيقدم من أبحاث لا تحتاج إليها ا أما ما لأمة تعيش عصر الانحطاط.من أولوياتها فهذا يعني أن ا مقاصد الشريعة بين المذهب الإباضي والمذاهب الإسلامية الأخرى/ج٢ ٣٠٠ وما نراه في جامعاتنا من بعض الأبحاث التي يخجل الإنسان من ذكر أسمائها خير شاهد على ذلك. فهذا يكتب عن يأجوج ومأجوج، وأين هم، وما هي أشكالهم، وآخر يكتب عن »هاروت وماروت«. لأمة »بالمهدي المنتظر«، ونزول المسيح، وخروجويأتي آخر ويشغل ا الدجال، وآخر يكتب عن حكم »الضراط«. وإنني إذ أذكر هذه العناوين لا أقلل من جدواها معاذ االله، وأجزم أنها نافعة ولكن لا ترتقي إلى أن تكون لأمة، ويأتيرسائل في الماجستير أو الدكتوراه ,وليست هي من أولويات ا مصري ا فقال: طالب علم أعرفه في إحدى الجامعات إلى أستاذه وكان الإس فارفي الأسفار؟ فقال له أستاذه):(١ضليا سيدي ما رأيكم أن أكتب عن ف لا يكتب في هذا إلا حمار!!. إنها عبارة قاسية لكنها تنم عن شدة استهجانه لما يدور في عقول أمثال هؤلاء الطلاب. إذ ا فالتخصص والبحث العلمي يجب أن يخضع لفقه الأولويات بالنظر إلى كل عصر. وهذا ما يمليه فقه الواقع. يقدمه هؤلاء فاضلا وإنما ساءه ما ) (١هو سيد سقر 5كان في جامعة أم القرى وكان رجلا الطلاب. الفصل الحادي عشر :في الموازنة بين المصالح والمفاسد ٣٠١ ا ا %  -! #$0 #8Rا/از& حكم الموازنة تابع للموضوع الذي تجري فيه الموازنة، فقد يكون لأمة كتقديم فروض العين على فروض الكفاية، وتقديم الفرضواجب ا على ا على النفل، وتقديم درء الحرام على درء المكروه. ويختلف الحكم باختلاف كل ف ن ففي الحسبة يجب التركيز على المنكر الذي لا خلاف في تحريمه، فهو أوجب من غيره مما اختلف في تورع ا. كونه محرم ا؛ لأن ترك الشيء تحريم ا أولى وأوجب من تركه يقدم القوي الأمين والحفيظ العليم، فالقوة والأمانةوفي تقليد الوظائف والحفظ والعلم هي الصفات التي يجب أن تتقدم على غيرها عند التزاحم، فلا ينظر إلى موقع الرجل ومكانته الاجتماعية، ولا في وساطته أو عائلته أو نسبه؛ لقول النبي ژ » :من أبطأ به عمله لم يسرع به نسبه«).(١ وفي علم الطب تجري الموازنة في كثير من الأمور الطبية، وقد سبقت الإشارة إليها سابق ا. فمثل هذه الأمور يكون تعلم فقه الموازنة واجب ا ويتع ين على الموازن الاستعانة بأهل الفن والخبرة. يتم الواجب إلا به فهو واجب«).(٢والقاعدة الأصولية تقرر أن »ما لا »يقدم الأهم فالأهم«).(٣ ومن المقرر في الفقه الإباضي أنه ) (١الحديث في »صحيح مسلم« ٢٠٧٤/٤برقم ) (٢٦٩٩باب فضل الاجتماع على تلاوة القرآن. الفقه« ، ٤١٩/٢و»معجم القواعد الفقهية الإباضية«. ٤٦١/١ )» (٢العدة في أصول )» (٣معجم القواعد« السابق رقم القاعدة )، (٣٤١ج. ٤٧٧/١ مقاصد الشريعة بين المذهب الإباضي والمذاهب الإسلامية الأخرى/ج٢ ٣٠٢ وفي بعض الأحيان يكون فرض الكفاية أولى بالتقديم من فرض العين عند بعض المذاهب، وذلك إذا حضرت صلاة الفرض وصلاة الجنازة فإنهم يقدمون صلاة الجنازة إذا خشي عليها الفساد. وبهذا قال الحنفية. وفي بعض الأحيان يكون النفل أفضل من الفرض، وذلك نحو ابتداء السلام سنه ورده فرض وابتداؤه أفضل من رده. والنفل في رمضان أفضل من الفرض في سواه. وهكذا فعملية الموازنة مهمة وتجب على العالم، والداعية، والقاضي، عدتهم التي لا يستغنون عنها.والمفتي، والخليفة، وهي والمؤسسات والجامعات يجب عليها رصد المحاور والاختصاصات لأمة فتوجه أنظار الطلاب والباحثين إليها.تهم ا التي ووزارات التربية والتعليم والأوقاف عليها واجب أن توازن في خططها وبرامجها التعليمية بين المصالح من جهة وبين المصالح والمفاسد من جهة أهم وأولىوتقدم ذلك على تشييد دور العلم والعبادة، فبناء الأفكارأخرى، من بناء الأحجار. وقد مدح االله أهل قباء ولم يمتدح مسجدهم، فقالO N M ﴿ : ] ﴾ Q Pالتوبة، [١٠٨ :وتقديم الصلاة فيه على الصلاة في مسجد الضرار أمر عائد لأهله لأنهم أسسوه على التقوى من أول يوم، بينما أسس الآخر لأمة.لمحاربة االله ورسوله وتفريق ا بين ا وقال تعالى﴾ q p o n m l k j i ﴿ : ]التوبة، [١٨ :فنحن بحاجة إلى ع ماربيوت االله قبل كل شيء. الفصل الحادي عشر :في الموازنة بين المصالح والمفاسد ٣٠٣ العمانية التي تزود العالم أنوه بجهود وزارة الأوقاف وفي هذا الصدد الإسلامي بأبحاث في غاية الأهمية من حيث اختيار الموضوعات ومن حيث اختيار الباحثين وتنوعهم. من خلال ندوة تطور العلوم الفقهية، منذ عدة سنوات هذه الندوات الفقهية أث رت المكتبات الإسلامية بأبحاث في غاية الأهمية، وقد قامت بطباعتها وتوزيعها في بلاد العالم الإسلامي، ناهيك عن الأثر الطيب في لأمة على اختلاف مذاهبهم، فصارت عمان المحروسة بحراسةجمع علماء ا يحجون إليها من مختلف بلاد العالم االله تعالى قبلة العلماء والباحثين الإسلامي، جزى االله القائمين على رعايتها خير الجزاء، وما هذا العمل الذي نقدمه للأمة إلا إنجاز مبارك من إنجازاتهم. مقاصد الشريعة بين المذهب الإباضي والمذاهب الإسلامية الأخرى/ج٢ ٣٠٤ ا ا %  اا Rا > P8$ا/ازن بد للموازن أن يسلكها بالتدرج لئلا يخت ل الميزان عنده).(١هناك مراحل لا من هذه الخطوات: يتخيله والسنة فليس كل ما ١ـ النظر في المصالح وعرضها على الكتاب الموازن مصلحة كونه كذلك، فلا بد أن تكون المصالح معتبرة شرع ا تدخل نص ا أو إشارة، أو تشهد لها عمومات الشريعة ولوتحت مضامين النصوص أرسلت عن نص خاص، وتسمى بالمصلحة المرسلة وهي التي لم يشهد لها أصل خاص بالاعتبار أو الإهدار لكن تندرج تحت كليات الشريعة وعموماتها. نص ا من كتاب أو سنة فعند ذلك يسقط اعتبارهاأما إذا خالفت المصلحة وتسمى بالمصلحة الملغاة. وكثير ما يخطئ فيها من لم ترسخ قدماه في العلم ولم يخض ل ج ج المعرفة حتى زلت فيها قدم الكبار. فهذا الإمام يحيـى بن يحيـى الليثي أحد كبار أئمة المالكية يفتي الرحمن الداخل الذي وقع على جارية له في رمضان بالصومٰالسلطان عبد ولما سئل :لمعملا بالمصلحة التي هي زجر السلطان وتعذيبه بالصوم، السنة الثابتة فعلت ذلك ولم تعمل بمذهب مالك وهو عتق رقبة كما هي عن رسول االله ژ؟ قال» :لو أفتيته بذلك لاستطاع أن يقع كل يوم على ويكفر بالإعتاق«.جارية ) (١الدكتور عبد االله الكمالي، ورقة ).(٤٠٠ الفصل الحادي عشر :في الموازنة بين المصالح والمفاسد ٣٠٥ لكن العلماء خالفوه قائلين :إن التفات الشارع وتشوفه للإعتاق أكثر من تشوفه إلى تعذيب الملك. وهناك دعاوى باسم إنصاف المرأة يقف وراءها بعض الجهات التنور بثقافة الغرب، مثل يدعونالمشبوهة، ويدندن بها بعض الجهلة الذين مساواة المرأة بالرجل في الميراث، وهذه مصلحة للمرأة في الظاهر، إلا أنها نص قوله تعالى] ﴾ k j i h ﴿ :النساء،[١١ :ملغاة لكونها تخالف لوجدناه مصلحة للمرأة نفسها، لأن ما يترتبولو تأ ملنا هذا التشريع الر باني نفقات وتبعات يقتضي أن يكون نصيبه ضعف نصيبعلى الرجل من المرأة، وهي من تبعات الزوجة نفقة وتداوي ا وملبس ا.. وغير ذلك. لئلا يتأثر الاقتصادونادى بعض الحكام بوجوب الإفطار في رمضان والدخل القومي، ونادى آخر بانخراط المرأة في الجيش لخدمة الوطن بدعوى المصلحة والإصلاح. عدد الزوجات؛ لأن ذلكونادت بعض المؤسسات الاجتماعية بعدم ت ضد مصلحة المرأة، على ما تنطوي هذه الدعوة من أنانية ضد المرأة غير المتزوجة وحرمانها من حق الأمومة الذي كفله الإسلام بتعدد الزوجات. ومن المصالح الملغاة :إعطاء المرأة حق الطلاق بأن تكون العصمة بيدها تطلق الزوج ولا يستطيع تطليقها هو، فعند الحنفية لها أن تشترط أن نص حديثتكون العصمة بيدها وهذه مصلحة وهمية ملغاة؛ لأنها تخالف رسول االله ژ » :الطلاق لمن أخذ بالساق«)، (١وعند الإباضية يجوز للمرأة واحتجوا بحديث أن تشترط على الزوج أن يكون الطلاق بيدها)،(٢ ) (١سنن ابن ماجه /٦٧٢/١ :رقم.٢٠٨١ : )» (٢منهج الطالبين«. ٥٤/١٤ مقاصد الشريعة بين المذهب الإباضي والمذاهب الإسلامية الأخرى/ج٢ ٣٠٦ »المسلمون عند شروطهم«)، (١ولعل حديث »الطلاق لمن أخذ بالساق« لم يصح عندهم. فقد قال السندي في »حاشيته« على »سنن ابن ماجه« :قوله» :إنما الطلاق لمن أخذ بالساق «...وفي »الزوائد« :في إسناده ابن لهيعة وهو ضعيف)، (٢أما حديث» :المسلمون عند شروطهم« فهو في البخاري. فهو أصح. والسنة فإن وافقتهما فهيالمهم أن المصلحة تعرض على الكتاب المصلحة المعتبرة وإن خالفتهما فهي الملغاة. المرحلة الثانية :الجمع بين المصالح المتعارضة: تعارض المصالح فرع عن تعارض الأدلة، والأدلة الشرعية تتعارض فكذلك المصالح تتعارض في ظواهرها، وعلى الموازن أن يسلك المنهج التالي: الجمع والتوفيق فيحاول الموازن الجمع بين المصلحتين قدر يقدم المفضول على الفاضل إذا اتسع وقت الفاضل وضاقالإمكان، فقد وقت المفضول، كتقديم صلاة الجنازة وهي فرض كفاية على الصلاة المفروضة خشية خروج شيء منها يفسد الطهارة ثم يأتي بصلاة الفرض فهذا جمع بين المصلحتين، وكتقديم الأذان والإقامة والسنن الرواتب على الفرائض في أوائل الأوقات، وكتقديم ح م دلة العاطس وتشميته في أثناء الأذان).(٣ )» (١فتح الباري« لابن حجر. ٤١/١ )» (٢حاشية السندي«. ٦٤/١ )» (٣مصالح الأنام«، ص. ١٣٣ الفصل الحادي عشر :في الموازنة بين المصالح والمفاسد ٣٠٧ ومن أمثلة الجمع بين المصالح :ثبوت الشفعة للجار بحديث» :الجار أحق بسقبه«)، (١فهذه مصلحة معارضة بثبوتها للشريك لمفهوم حديث» :فإذا وقعت الحدود وصرفت الطرق فلا شفعة«؛ ومعناه :أن الجار لا شفعة له لتصريف الطرق وتوقيع الحدود بين الجيران، فيجمع بين المصلحتين بتقديم الشريك إذا كان جار ا على الشريك غير الجار وهو أولى من الترجيح، وقال أطفيش :هي للجار والشريك لأن العلة فيها دفع المضرة).(٢ وعلى كل حال فقد سبق الكلام على هذه المسألة في مناسبة أخرى. المرحلة الثالثة :الترجيح بين المصالح: وذلك إذا تعارضت مصلحة حفظ النفس أو الدين مع حفظ المال أو قدموا مصلحة العقل؛العقل فتقدم مصلحة حفظ النفس أو الدين، والإباضية لأنه لا دين لمن لا عقل له، والإنسان بلا عقل كالبهيمة المهملة. وقدم البعض منهم مصلحة حفظ الدين؛ لأن الشارع ر غب المؤمنين وحثهم على الجهاد وأن تبذل النفوس رخيصة في سبيل نصرة دينه، ولم ينظر إلى ضياع نفوسهم في الجهاد؛ لأن حفظ الأديان الحاصل بالجهاد راجح على حفظ النفس).(٣ )قلت( :هذا لا خلاف فيه لأن هذا من باب تقديم المصالح الكلية على لأمة على مصلحة بعض أفرادها).(٤الجزئية، فإن الشريعة تقدم مصلحة ا ) (١الحديث أخرجه الربيع انظر» :الجامع الصحيح« لنور الدين السالمي ، ٢١٠/٤البخاري كتاب »الشفعة« باب عرض الشفعة على صاحبها قبل البيع ) ١٣/٨رقم. (٢٠٩٨ ) (٢البخاري»، الجامع الصحيح«، كتاب »الشفعة«، باب الشفعة فيما لم يقسم فإذا وقعت الحدود فلا شفعة، رقم. ٢٠٩٧ )» (٣شرح النيل«. ٤٨١/٢١ )» (٤مقاصد الشريعة« مصطفى شريفي. ٢١٤/١ مقاصد الشريعة بين المذهب الإباضي والمذاهب الإسلامية الأخرى/ج٢ ٣٠٨ لكن الخلاف فيما لو أكره فرد على الكفر أو القتل، فإنه يتلفظ بكلمة الكفر حفاظ ا على النفس فمن قدم مصلحة النفس فمن هذا الباب، وهي مسألة خلافية يجوز فيها الاجتهاد لكون المصلحة تعلقت بفرد بعينه. ومن هذا القبيل :تقديم المصلحة الضرورية على المصلحة الحاجية، أو الحاجية على التحسينية، والعامة على الخاصة، والدائمة على المنقطعة، والمتعدية على القاصرة، وقد سبق الكلام على كل ذلك. المرحلة الرابعة :الاستشارة):(١ الاستشارة :هي طلب المشورة؛ أي :إبداء الرأي).(٢ والاستشارة مطلوبة شرع ا، فقد استشار النبي ژ أصحابه في مواقع عدة وسعد بن عبادة ^ في مصالحةسعد بن معاذفي معركة بدر، وأحد، واستشار عيينة بن حصن الفزاري والحارث بن عوف المري حين حاصره الأحزاب في الخندق على أن يعطيهم ثلث ثمار المدينة ويرجعا بمن معهما من غطفان عنه... الحديث)، (٣وقال ژ » :ما خاب من استشار ولا ندم من استخار«).(٤ وقد قال االله تعالى] ﴾ E D C B A @? > = ﴿ :آل عمران.[١٥٩ : وعن جابر قال :قال ژ » :إذا استشار أحدكم أخاه فليشر عليه«).(٥ وفي الخبر عن أبي عثمان النهدي عن أبي هريرة عن النبي ژ قال» :إذا كان أمراؤكم خياركم وأغنياؤكم أسخياءكم وأمركم شورى بينكم فظهر )» (١الموازنة في المصلحة« د. الكمالي ورقة ) (٤٠٦رسالة ماجستير. )» (٢المعجم الوجيز« ص ، ٣٥٤و»الموسوعة الكويتية«. ٢٧٩/٢٦ )» (٣الرحيق المختوم« ص ٣١١، ٣١٠دار الحديث، القاهرة. )» (٤شرح مسند أبي حنيفة«. ٥١٧/١ )» (٥فيض القدير« ح ).٢٧٥/١ (١٣٦٨ الفصل الحادي عشر :في الموازنة بين المصالح والمفاسد ٣٠٩ الأرض خير لكم من بطنها. وإذا كان أمراؤكم شراركم وأغنياؤكم بخلاءكم وأمركم إلى نسائكم فبطن الأرض خير لكم من ظهرها«).(١ وذكر الزمخشري في »تفسيره« أن الأنصار إذا حزبهم أمر اجتمعوا وتشاوروا فمدحهم االله تعالى).(٢ وعن عمر ? أنه قال :الرجال ثلاثة :مسلم عاقل يأتمر بما يأمر من رأي فإذا وقع الأمور إذا اشتبهت خرج منها برأيه، وعفيف مسلم ليس له الأمر أتى ذا الرأي فاستشاره واستأمره، ثم نزل عند أمره، وجائر ثائر لا يأتمر راشدا، ولا يطيع مرشدا. وقال أيض ا :شاور في أمرك الذين يخافون االله. وقال سفيان بن عيينة في قوله تعالى :﴾ p o n ﴿ :هي للمؤمنين أن يتشاوروا فيما لم يأتهم عن النبي ژ فيه أثر. وقال الشافعي 5قال تعالى. ﴾ ? > = ﴿ :قال الحسن :إن الحكام ب ع د ه، ولا يشاو ر إذا لغني ا ولكن أراد أن يست ن بذلككان النبي ژ والسنة والآثار وأقاويل الناس والقياس).(٣المشكل إلا عالم ا بالكتابنزل به فإذا تزاحمت أمام الموازن المصالح فلم يستطع الجمع أو الترجيح استشار أهل الفن والخبرة. الفقه المقاصدي عندوالاستشارة أصل من الأصول التي عول عليها الإباضية، ومن القواعد المقررة عندهم قاعدة) :المشاورة حصن من الندامة )» (١تفسير السمعاني. ٨١/٥ )» (٢تفسير الزمخشري«. ٢٢٨/٤ )» (٣تفسير الشافعي«. ٤٩٦/١ مقاصد الشريعة بين المذهب الإباضي والمذاهب الإسلامية الأخرى/ج٢ ٣١٠ مروي عن علي بن أبي طالب، (٢) ƒوأمان من الملامة(). (١وهذه القاعدة أثر الفقه الإباضي. وهل الشورى في هذا المقام م عل م ة للمستشيروقد أخذ بها أو م ل ز مة؟ مصدرها فإن صدرت فييختلف نظر الفقهاء إلى الشورى من حيث حضرة النبوة فهي معلمة؛ لأن االله قال لهC B A @? > = ﴿ : ] ﴾ E Dآل عمران، [١٩٥ :ولم يقل فإذا عزموا فرد الأمر إلى نبيه لكن أمره أن يشاورهم وهو غني عنهم ليعلمهم أهمية الشورى، فإذا صدر الأمر فعن مقام النبوة وليس عن أهل الشورى، فليست الشورى ملزمة له ژ ، أما للأمة فالإلزام فيما عزم عليه ژ ؛ لأن الإجماع في عصره لا قيمة له فالمعول عليه أمره ژ، وكذلك الحال إذا كانت الشورى من فرد فللمستشير أن يأخذ أو يترك وفائدتها أنه استعلم رأي غيره في الأمر ويتوقف الأمر على علم المشير وأمانته وتجربته ورأي الاثنين خير من رأي الواحد ورأي الثلاثة خير من رأي الاثنين. وأما إذا كان مصدرها أهل الحل والعقد فتكون ملزمة؛ لأنها حينئذ إجماع، والإجماع ملزم وهذا يتصور بعد عصر النبي ژ. أما إذا صدرت عن أكثر أهل الحل والعقد فهي مرجحة؛ لأن الترجيح بقول الأكثر طريق صحيح من طرق الترجيح).(٣ "jلات ا/رى: مجالات عدة فتدخل في باب السياسة الشرعية،وتدخل الشورى في وفي الحروب، والتجارة، والنكاح، والسفر، وجميع أبواب المعاملات، وفي )» (١المصنف« للكندي. ١٠/٩ )» (٢فيض القدير« ).٢٧٥/١ (١٣٦٨ )» (٣القواعد الفقهية الإباضية« ج. ٤٢٠/٥ الفصل الحادي عشر :في الموازنة بين المصالح والمفاسد ٣١١ اختيار الأصحاب والأزواج، والسكن، وفي باب الموازنة في فقه الدعوة، نص فيه.وفي مقاصد الشريعة، وفي الاجتهاد بالرأي فيما لا المرحلة الخامسة :الاستخارة):(١ والاستخارة :طلب الخيرة في الشيء).(٢ واصطلاح ا :طلب الاختيار؛ أي :طلب صرف الهمة لما هو المختار عند االله. ذكر العلماء أن الاستخارة تكون في الأمور التي لا يدري العبد وجه الصواب فيها، أما ما لا يختلف الناس في خيره أو شره كالعبادات وصنائع المعروف والمعاصي والمنكرات فهذه لا تحتاج إلى استخارة، وعليه فالاستخارة لا مح ل لها في الحلال البين أو الحرام البين، إنما يكون محلها في الأمور المتشابهة التي يشتبه أمرها على كثير من الناس. وتكون في الموازنة بين المصالح الجائزة والمندوبة إذا تعارضت ليعلم بأيها يبدأ. وعليه أن يقدم الاستشارة على الاستخارة فإذا استشار وظهر له وجه الحق وأسفر وجه المصلحة استخار االله تعالى. قال النووي :وفيه أنه يفعل بعد الاستخارة ما يشرح فيه صدره).(٣ )» (١الموازنة بين المصالح«، د. الكمالي ورقة ).(٤٠٨ )» (٢مختار الصحاح« ص ، ١٩٥، ١٩٤و»تحفة الأحوذي« ، ٤٨٢/٢دار الكتب العلمية، بيروت. ) (٣انظر» :فيض القدير«. ٤٥٠/١ مقاصد الشريعة بين المذهب الإباضي والمذاهب الإسلامية الأخرى/ج٢ ٣١٢ قال بعض الحكماء :من أعطى أربع ا لم يمنع أربع ا :من أعطى الشكر لم يمنع المزيد، ومن أعطى التوبة لم يحرم القبول، ومن أعطى الاستخارة لم يمنع الخير ومن أعطى المشورة لم يمنع الصواب).(١ المرحلة السادسة :القرعة: القرعة :هي المساهمة. ومنها قوله تعالى حكاية عن نبي االله يونس : ‰ ﴿ ] ﴾ i h g fالصافات. [١٤١ :قال ابن عباس :ساهم؛ أي :أقرع. وعن عائشة أن النبي ژ كان إذا أراد سفر ا أقرع بين نسائه، فأيتها خرج سهمها خرج بها معه).(٢ وفي هذه المرحلة :إذا تساوت المصالح مع تعذر الجمع تخ يرنا في التقديم والتأخير وقد يقرع بين المتساويين. الفقه الإباضي قاعدة) :القرع ة عند التشاح().(٣ومن القواعد المقررة في مرجح، وحصلتومعنى القاعدة :إذا تساوت المصالح وتزاحمت ولا المشاحة والاختلاف تعينت القرعة فيقرع بين المصالح المتزاحمة. " /اNا(] ا ! 3" &'Pا!:&% أخذ فقهاء المذاهب الإسلامية بالقرعة عند تزاحم المصالح من غير ترجيح، إلا الحنفية لم يأخذوا بالقرعة؛ لأنها في معنى القمار كما يقول السرخسي منهم. )» (١شرح مسند أبي حنيفة« ٢٠/١ت. سماحة الشيخ خليل الميس، دار الكتب العلمية، ط أولى و»مرقاة المصابيح« ، ٣٣٢٦/٨دار الفكر، ط أولى للهروي. ) (٢أخرجه البخاري في »المشكلات« ).١٨٢/٣ (٢٦٨٩ ) (٣انظر» :القواعد الفقهية الإباضية« ٣٦٣/٢للباحث. الفصل الحادي عشر :في الموازنة بين المصالح والمفاسد ٣١٣ قال السرخسي » : 5ولسنا نأخذ بهذا؛ أي :القرعة؛ لأنه في معنى القمار ففيه تعليق الاستحقاق بخروج القرعة، وإنما تجوز القرعة عندنا فيما يجوز المد عى بينهما لاستوائهما في الحجة)،(١الفصل فيه من غير إقراع... كقسمة وادعوا النسخ لأصل الإقراع بتحريم القمار، وأجازوا القرعة فيما للقاضي أن الم يلعن نفسه).(٢ يفعله من غير إقراع تطييب ا لقلوب الشركاء ونفي ا لتهمة ومثال ما تستعمل فيه القرعة عندهم ما ذكره صاحب »البدائع« منهم» :تقديم الخصوم على مراتبهم في الحضور الأول فالأول؛ لقوله ژ » :المباح لمن سبق إليه«)، (٣وإن اشتبه عليه حالهم استعمل القرعة فقدم من خرجت قرعته«).(٤ ومن الأمثلة على ذلك ما ذكره في باب القسمة حيث قال :ومنها أن يقرع بينهم بعد الفراغ من القسمة ويشترط عليهم قبول من خرج سهمه أولا فله هذا السهم من هذا الجانب من الدار، ومن خرج سهمه بعده فله السهم الذي يليه هكذا ثم يقرع لا لأن القرعة يتعلق بها حكم بل لتطييب النفوس السنة بها ولأن ذلك أنفى للتهمة فكان سنة).(٥ ولورود وبعد هذا البيان الذي ذكره الكاساني كاد الخلاف يكون لفظي ا بين الحنفية والجمهور. وقال القرافي من المالكية» :ومتى تساوت الحقوق والمصالح فهذا هو موضوع القرعة عند التنازع«).(٦ )» (١المبسوط«. ١٣٩/٢٠ )» (٢المبسوط«. ١٧٤/٢٠ ) (٣أخرجه أبو داود بلفظ» :من سبق إلى ماء لم يسبقه إليه مسلم فهو له«.٣٠٧١/١٧٧/٣ : )» (٤بدائع الصنائع«. ١٣/٧ ) (٥المصدر نفسه. ١٩/٧ )» (٦الفروق«. ١١١/٤ مقاصد الشريعة بين المذهب الإباضي والمذاهب الإسلامية الأخرى/ج٢ ٣١٤ وقال العز من الشافعية» :إذا تساوت المصالح مع تعذر الجمع تخ يرنا في التقديم والتأخير، وقد يقرع بين المتساويين«).(١ زوجا لا يدري»سئل سفيان عن ول يين وقال المروزي من الحنابلة : أيهما زوج قبل الآخر قال :إن كان يدري أيهما قبل الآخر فهي للأول، وإن كان لا يدري فارق كل واحد منهما. قال أحمد :يقرع بينهما فمن أصابته القرعة فهي له«).(٢ وقال في »الكافي«» :وإن تزوج أختين ثم طلقهما مع ا قبل الدخول فعليه نصف المهر لإحداهما؛ لأن نكاحهما صحيح ولا يعلم أيتهما هي، فيقرع بينهما كما لو أراد السفر بإحدى زوجتيه، فمن خرجت لها القرعة فلها نصف صداقها«).(٣ وقال الصنعاني تعليق ا على حديث القرعة بين الزوجات :د ل الحديث على القرعة بين الزوجات لمن أراد سفرا، وإخراج إحداهن معه، قال :وهذا فعل لا يد ل على الوجوب ولكنه من مكارم الأخلاق. )قلت( :ولكن أصل القرعة مشروع لكن درجة المشروعية تختلف؛ فمنهم من يرى ذلك من باب الوجوب كالشافعية، ومنهم من يرى الجواز في بعض الوجوه كالحنابلة، أو القمار في بعض الوجوه كالحنفية أيض ا. العلامة ابن بركة وهو من أئمة الإباضية» :إذا و ج د المنبو ذ رجلانوقال فتشاجرا فيه لم يخرج من أيديهما إذا قاما بما يجب من أمره، فإذا كان دار كل واحد منهما بالبعد من دار الآخر متساوية فإني أستحسن أن أقرع بينهما، )» (١قواعد الأحكام« ص. ١٣٣ )» (٢مسائل أحمد وإسحاق«. ١٤٨٩/٤ )» (٣سبل السلام«. ٢٤٢/٢ الفصل الحادي عشر :في الموازنة بين المصالح والمفاسد ٣١٥ فمن خرجت له القرعة دفعته إليه على ما قاله بعض أصحابنا بالقرعة عند المتشاجرين المختلفين).(١ ومن الأمثلة على القرعة :إذا تقدم اثنان للإمامة وكانا متساويين في العلم والورع وحصل التنازع فإنه يقرع بينهما. تقدم اثنان للأذان وكانا حسني الصوت ومتساويـيوكذلك الأمر لو الصفات أقرع بينهما. وكذلك الحال في القضاة، والمفتين، والوظائف العا مة عند تكافؤ الصفات والمزايا تستعمل القرعة. ومن ذلك :إذا حصل التنازع في اختيار الأسهم بين المتقاسمين استعملت القرعة. ومن ذلك إذا أسلم على أكثر من أربع زوجات أو على أختين وأشكل عليه من يفارق استعمل القرعة. ) (١كتاب »الجامع«. ٤٤٧/٢ مقاصد الشريعة بين المذهب الإباضي والمذاهب الإسلامية الأخرى/ج٢ ٣١٦ ا اا% +, "/a/ع ا/از& وفيه مطالب: المطلب الأول :الموازنة في الأقوال المطلب الثاني :الموازنة في الأفعال المطلب الثالث :الموازنة في الاختيار، وفيه مسائل: ١ـ اختيار الخليفة ٢ـ اختيار الزوجة ٣ـ اختيار الكسب ٤ـ اختيار المسكن ٥ـ اختيار المدفن ٦ـ اختيار الدار ٧ـ اختيار القبائل ٨ـ اختيار الرفقة ٩ـ لموازنة بين اختيار المخالطة أو العزلة ١٠ـ الموازنة في اختيار المفتي ١١ـ الموازنة بين إخراج العين أو القيمة في الزكاة الفصل الحادي عشر :في الموازنة بين المصالح والمفاسد ٣١٧ المطلب الأول :الموازنة في الأقوال أفضل قول ع رفه أهل السماء وأهل الأرض قول» :لا إله إلا االله«، قال تعالى. - , + * ) ( ' & % $ # " ! ﴿ : ] ﴾ /الأنبياء، [٢٥ :وفي الحديث الصحيح» :أفضل ما قلته أنا والنبيون من قبلي لا إله إلا االله«)، (١وعن عبد االله بن عمرو بن العاص قال :لا إله إلا االله هي كلمة إخلاص التي لا يقبل االله عملا حتى يقولها. وروى الأعمش عن مجاهد عن ابن عباس قال :من قال لا إله إلا االله فليقل على إثرها» :الحمد الله رب العالمين«).(٢ وروي عن أبي هريرة عن رسول االله ژ » :الإيمـان بضع وستون شعبة أكثرها شهادة أن لا إله إلا االله، وأصغرها إماطة الأذى عن الطريق«).(٣ البر :وفيه تفضيل بعض الدعاء على بعض، وتفضيل الأياموقال ابن عبد على بعض، ولا يعرف شيء من ذلك إلا بتوقيف، فقد ثنيت في يوم الجمعة، ويوم عاشوراء، يوم عرفة).(٤ البر تنصيص على المفاضلة والموازنة في الدعاءوفي كلام ابن عبد والأيام، وصفة الذكر فيها كما قال ابن حبيب أن يقول :االله أكبر كبير ا والحمد الله كثيرا، ثم يقول :لا إله إلا االله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد فيكبر ثلاث ا ويهلل وهو على كل شيء قدير، ثم يدعو بما استطاع، ثم يرجع )» (١مختصر تفسير الشيخ بيوض«. ٣٩٢/١ )» (٢شرح صحيح البخاري« لابن بطال. ١٣٢/١٠ ) (٣المصدر نفسه. )» (٤الاستذكار«. ٥٣١/٢ مقاصد الشريعة بين المذهب الإباضي والمذاهب الإسلامية الأخرى/ج٢ ٣١٨ مرة كما ذكرنا، ثم يدعو، ثم يعيد التهليل والتكبير يفعل ذلك سبع مرات. ثم قال الباجي بعد ذلك :وليس هذا بلازم فمن شاء زاد ومن شاء نقص).(١ وروي عن أبي هريرة ƒأنه قال :من قال ذلك في يوم مائة مرة كانت له عدل عشر رقاب وكتب له مائة حسنة ومحيت عنه مائة سيئة وكانت له يأت أحد بأفضل منه إلا رجلحرز ا من الشيطان يومه ذلك حتى يمسي ولم قال أكثر من ذلك أو عمل أكثر من ذلك).(٢ فالمسلم يوازن بين الدعاء والذكر فقد يكون الذكر أفضل من الدعاء، فقد جاء في الحديث المروي عن ابن عمر رفعه» :من شغله ذكري عن مسألتي أعطيته أفضل ما أعطي السائلين« أخرجه الترمذي وحسنه).(٣ قال البدر الدماميني» :لا يمنع أن يفوق الذكر مع سهولته الأعمال الشاقة الصعبة من الجهاد ونحوه، وإن ورد» :أفضل العبادة أشقها«؛ لأن في الإخلاص في الذكر من المشقة سيما الحمد في حال الفقر ما يصير به أفضل الأعمال«).(٤ )قلت( :وإنما كانت لا إله إلا االله أعظم الأقوال لما يترتب عليها من الدخول في الدين الحق، وما يترتب عليها من التوحيد وإخلاص العبودية الله. والسلام:وع رضه، فقد قال عليه الصلاةوبها أحرز الإنسان ماله ودمه مرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا االله فإذا قالوها فقد عصموا»أ مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام وحسابهم على االله تعالى«، وفي رواية» :ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة«).(٥ )» (١المنتهى«. ٣٠٠/٢ )» (٢عمدة القاري«. ٢١٣/٧ )» (٣فتح الباري«. ١٣٤/١١ )» (٤فيض القدير«. ٣٣/٢ )» (٥شرح صحيح البخاري« لابن بطال. ٧٦/١ الفصل الحادي عشر :في الموازنة بين المصالح والمفاسد ٣١٩ لقيت كافر ا فاقتتلنا فضرب وعن المقداد بن عمرو قال :يا رسول االله إني أسلمت الله أأقتله بعد أنيدي بالسيف فقطعها ثم لا ذ مني بالشجرة وقال: قالها؟ قال رسول االله ژ » :لا تقت ل ه«، قال :يا رسول االله إنه طرح إحدى يدي؟ ثم قال ذلك بعدما قطعها أأقتله؟ قال» :لا تقتله فإن قتلته فإنه بمنزلتك قبل أن تقتله، وأنت بمنزلته قبل أن يقول كلمته التي قالها«).(١ وفي هذا الحديث دلالة صريحة على أ ن لا إله إلا االله محمد رسول االله تعصم الدماء، والمال، والأعراض. فأين الناس من لا إله إلا االله، لقد أعمل المسلمون السيوف في رقاب بعضهم بعض ا بدافع من الحقد والجهل والتعصب، والغريزة المذهبية التي أعمت أبصارهم عن رؤية الحق وص مت آذانهم عن سماعه. ففشا في المسلمين الذبح والذبح المضاد ويحسبون ذلك قربة عند االله في أجواء مدله مة وظلمات حالكة من الفتن الهوجاء التي تعصف بالأمة، وكل ذلك لأنهم أصغوا إلى مؤامرات أعداء االله من غير المسلمين، واالله تعالى يقولÜ Û Ú Ù Ø × Ö Õ Ô Ó ﴿ : ('&%$#"!❁àßÞÝ )* ] ﴾ 1 0 /. - , +آل عمران ١٠٠ :ـ ، [١٠١فقد سمى االله ضكم رقابالفرقة كفرا، وقال ژ » :لا ترجعوا بعدي كفار ا يضرب ب ع بعض«)، (٢فقد رأينا بأم أعيننا ذلك يضرب المسلمون رقاب بعضهم بعض ا على شاشات التلفاز وكل فريق يستفتح على الفريق الآخر بالدعاء بالنصر ر في فضل لا إله إلا االله محمدالس فتوإلى االله المشتكى. فهل ع ر »الديات«، باب قول االله تعالىd c ﴿ :) (١البخاري»، الجامع الصحيح«، كتاب ] ﴾ h g f eالنساء، [٩٣ :رقم.٦٣٥٨ : )» (٢شرح صحيح البخاري« لابن بطال. ٤٩٢/٨ مقاصد الشريعة بين المذهب الإباضي والمذاهب الإسلامية الأخرى/ج٢ ٣٢٠ رسول االله؟ وهل عقل حقيقتها وتبعاتها المسلمون وهم يلمزون أنفسهم ويقتلون بعضهم على الشبهة؟!! قال الإمام السالمي تعليق ا على حديث» :أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا االله« :وفيه دليل على قبول الأعمال الظاهرة والحكم بما المقرين بالتوحيد يقتضيه الظاهر ويؤخذ منه ترك تشريك أهل البدع الملتزمين للشرائع، وقبول توبة الكافرين من غير تفصيل بين كفر ظاهر أو أقر بالتوحيد.باطن، وفيه تحريم أموال من وقال :والمراد بالناس هنا في الحديث :المشركون من غير أهل الكتاب، فهو من العام الذي يراد به الخصوص، ويدل عليه رواية النسائي بلفظ »أمرت أن أقاتل المشركين«).(١ جدا؛ لأن االله غ يا قتال المشركين إلى قول لا إله إلا)قلت( :وهذا وجيه االله، وغ يا قتال أهل الكتاب إلى إعطاء الجزية؛ لقوله تعالىd c ﴿ : .. ﴾ eالآية ]التوبة.[٢٩ : فلا إله إلا االله وحدها هي التي تعصم الدماء والأموال وليس معرفة دقائق التوحيد وعلم الكلام التي كثير ا ما تبعث على الفرقة في بعض والسنة في تقرير التوحيد الأحيان ولا سيما إذا ابتعدت عن هدي الكتاب وسلكت مسالك الفلسفة ومناهج الإغريق. قال الإمام الفاكهاني تعليق ا على هذا الحديث» :وهذا يضعف القول وإلا لم يكن مؤمن ا، وهو غير مذهببوجوب معرفة االله بالبراهين القطعية السلف وأئمة الهدى الذين أقام االله بهم الدين«).(٢ ) (١انظر» :الجامع الصحيح«. ٣٣٩/٣ ) (٢انظر» :حاشية الترتيب« لأبي ستة. ٣١١/٢ الفصل الحادي عشر :في الموازنة بين المصالح والمفاسد ٣٢١ ومتى كان الكلام في دقائق التوحيد يزيد إيمان المتكلم؟ فهذا الرازي 5وهو الإمام المقدم فيه، والغزالي وهو الحجة فيه، وإمام الحرمين وناهيك به علم ا وإجلالا، كل هؤلاء انتهوا عنه آخر المطاف. فهذا الرازي يقول في كتابه الذي صنفه في أقسام اللذات يقول» :لقد جربت الطرق الكلامية والمناهج الفلسفية فما رأيتها تشفي عليلا ولا تروي غليلا، ورأيت أقرب الطرق طريقة القرآن أقرأ في الإثبات ﴿ [ Z Y \ ﴾، واقرأ في النفي ﴿، ﴾ » o 1̧ ﴿ ﴾ 3 2 1 ثم قال» :ومن جرب مثل تجربتي عرف مثل معرفتي«). (١وكتب الغزالي كتابه »إلجام العوام عن علم الكلام« وهو مطبوع ومتداول. فليت الذين كتبوا العقيدة على اختلاف مدارسهم ـ من بالغ في الإثبات حتى وقع في التشبيه، ومن بالغ في النفي حتى وقع في التحريف ـ انتهوا إلى طريقة القرآن في تقرير التوحيد. لذلك كانت لا إله إلا االله المفتاح الكبير الذي يلج منه المسلم إلى الإسلام بيقين فإذا دخل بيقين واحة الدين لا يخرج منها إلا بيقين أيض ا.  ويؤخروا ماومن هنا وجب على الدعاة أن يقدموا ما قدم االله ورسوله، أخره االله ورسوله ـ وإلا فقد ضلوا الطريق. وباالله التوفيق. المطلب الثاني :الموازنة في الأفعال العلامة ابن القيم 5في معرض كلامه على مقام »إياك نعبد«تكلم عن الموازنة والمفاضلة بين الأفعال وذكر اختلاف أهل العلم فيها قائلا» :ثم أهل »مقام :إياك نعبد« لهم في أفضل العبادة وأنفعها وأحقها بالإيثار والتخصيص أربعة طرق، وهم في ذلك أربعة أصناف: )» (١شرح رسالة ابن أبي زيد القيرواني«. ٣٣/١ مقاصد الشريعة بين المذهب الإباضي والمذاهب الإسلامية الأخرى/ج٢ ٣٢٢ الصنف الأول :عندهم أنفع العبادات وأفضلها أشقها على النفوس وأصعبها لأنه أبعد الأشياء عن هواها وهو حقيقة التعبد، والأجر على قدر المشقة ورووا حديث ا ليس له أصل »أفضل الأعمال أحمزها«؛ أي :أصعبها، وأشقها وهؤلاء هم أرباب الجور على النفوس ورأوا أن النفوس لا تستقيم إلا بركوب الأهوال وتحمل المشاق قالوا :وإن هذا الحديث معناه صحيح لقول الرسول ژ لعائشة» :أجرك على قدر مشقتك«).(١ الصنف الثاني :قالوا :أفضل الأعمال التجرد والزهد في الدنيا والتقلل منها غاية الإمكان واطراح الاهتمام بها. وهؤلاء قسمان: فعوامهم ظنوا أن هذا غاية فش مروا إليه وعملوا عليه وهو أفضل درجة من العلم. وخواصهم رأوا هذا مقصود ا لغيره وأن المقصود به العكوف على ذكر االله والاستغراق في محبته والتوكل عليه. ثم ذكر أن هؤلاء قسمان: فرقهم وأذهب جمعهم،فالعارفون إذا جاء الأمر والنهي بادروا إليه ولو والمنحرفون منهم يقولون :المقصود من القلب جمعيته فإذا جاء ما يفرقه عن االله لم يلتفتوا إليه ويقولون :يطالب بالأوراد من كان غافلا فكيف بقلب كل أوقاته و ر د. ثم ذكر أن هؤلاء قسمان: منهم :من يترك الواجبات والفرائض لجمعيته. ) (١أخرجه الحاكم في »مستدركه« بلفظ» :إنما أجرك في عمرتك على قدر نفقتك«، رقم: ، ١٧٣٤وفي »صحيح البخاري«» :ولكنها على قدر نفقتك ونصبك«» :الجامع الصحيح«، كتاب »الحج«، أبواب العمرة، باب :أجر العمرة على قدر النصب، رقم.١٦٦٢ : الفصل الحادي عشر :في الموازنة بين المصالح والمفاسد ٣٢٣ ومنهم :من يقوم بها ويترك السنن والنوافل ويعلم العلم النافع لجمعيته. الصنف الثالث :رأوا أن أفضل العبادات ما كان فيه نفع متعدفهو أفضل من النفع القاصر. فالاشتغال بمصالح الناس وقضاء حوائجهم ومساعدتهم بالجاه والمال مستدلين بقول الرسول ژ » :الخلق عيال االله وأحبهم إلى االله أنفعهم لعياله«)، (١قال» :ولهذا كان فضل العالم على العابد كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب«، وقد قال النبي ژ لعلي» :لأن يهدي االله بك رجلا واحد ا خير لك من حمر النعم«)، (٢ثم ذكر فضل العلماء لما أن فضلهم متعدإلى غيرهم وساق في ذلك أحاديث عدة. الصنف الرابع :قالوا :أفضل العبادة العمل على مرضاة الرب ـ 4وشغل كل وقت بوظيفة ذلك الوقت. فالجهاد في وقت الجهاد أفضل الأعمال ولو أدى إلى ترك الأوراد من صلاة الليل وصيام النهار، والأفضل في وقت حضور الصيف القيام بحقه، والأفضل في وقت السحر الاشتغال بالصلاة، والقرآن، والدعاء، والذكر، وفي وقت الأذان ترك ما هو فيه من الأوراد والاشتغال بإجابة المؤذن، والأفضل في أوقات الصلاة إيقاعها على أفضل وجه والمبادرة إليها في أول أوقاتها، وفي السفر إعانة المحتاج والرفقة وإيثار ذلك على الأولاد وهكذا. وقد سمي هؤلاء بأهل التعبد المطلق والأصناف التي قبلها بأهل التعبد المقيد«).(٣ ) (١الحديث أخرجه الطبراني »المعجم الأوسط«، رقم ، ٥٥٤١أبو يعلى»، المسند«، رقم. ٣٣١٥ البزار »المسند«، رقم.٦٩٤٧ : ) (٢صحيح البخاري /١٠/٢ :رقم )، (٩٢٣باب »من قال في الخطبة بعد الثناء :أما بعد«. ) (٣باختصار من كتاب »التوحيد المفيد« أحمد بن علي المقريزي، ت محمد الزيني ج ص ٤٥ المنورة. وانظر» :مدارج السالكين« ت محمد المعتصم الناشر الجامعة الإسلامية بالمدينة البغدادي ، ١٠٦/١دار الكتاب العربي، ط.٣/ مقاصد الشريعة بين المذهب الإباضي والمذاهب الإسلامية الأخرى/ج٢ ٣٢٤ وهؤلاء يقررون أن المفاضلة تكون بالنظر إلى الأحوال واحتياج المخاطبين وتنزيل كل عبادة في المقام المناسب زمان ا ومكان ا وحالا. وهذا ما ذهب إليه أئمة الإباضية كما ذكر الشيخ أبو ستة في »حاشية الترتيب« قال » : 5ويجاب عن التفضيل في السور بما يجاب به عن التفضيل في الأعمال في نحو »أفضل الأعمال الصلاة على ميقاتها« »أفضل الأعمال بر الوالدين« و»الجهاد في سبيل االله« »أفضل الأعمال أن تدخل على أخيك المؤمن السرور، أو تقضي عنه دين ا أو تطعمه خبز ا« إلى غير ذلك من الأحاديث وقد ذكر في »الجامع« شيئ ا كثير ا قال الشارح العلقمي: قال العلماء :اختلاف الأجوبة في ذلك باختلاف الأحوال واحتياج المخاطبين).(١ وذكر النور السالمي 5في »مشارق الأنوار« ما يفيد أن أفضل العبادة ما تحمل صاحبها المشاق من قطع العوائق وقمع الشهوات ومصادمة المكروه، ومن كان كذلك فهو أفضل لقول النبي ژ » :أفضل الأعمال أحمزها«).(٢ والحقيقة أن الإباضية يرون أن أفضل الأعمال أمر إضافي بأن يشغل كل وقت بوظيفته وهذا أمر يعرفه من استقرأ كلامهم في موارد متعددة. مثال ذلك :أن محمد بن سالم الرقيشي في »النور الوقاد« ذكر أن بذل النفس في سبيل االله أفضل الأعمال فالبائع لنفسه هو البائع للدنيا وما فيها وخارج عنها فلا منزلة أعلى من منزلته ولا عمل أفضل من عمله).(٣ )» (١حاشية الترتيب«. ٢٨٧/٤ )» (٢مشارق الأنوار«. ٣٧/١ )» (٣النور الوقاد على علم الرشاد«. ١٥٣/١ الفصل الحادي عشر :في الموازنة بين المصالح والمفاسد ٣٢٥ وقد قال ذلك في مقام الجهاد ففي مقام الجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لا يوجد أفضل من بذل النفس في الجهاد في سبيل االله. وفي ذلك قال ابن بركة» :أفضل الأعمال كلمة حق يقتل عليها صاحبها عند إمام جائر، وأما عمرو بن جميع فيرى أن أفضل الأعمال هي أسهم الإسلام الثمانية :الصلاة، والزكاة، والصوم، والحج، والعمرة، والجهاد، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر«).(١ ولا شك أن هذا التعبير يدل على عظيم هذه الأعمال).(٢ وورد في »منهج الطالبين« ما يدل على أن التفضيل أمر إضافي. فقد ورد أن أفضل الأعمال :العلم، بعد أداء الفرائض).(٣ وورد أن أفضل الأعمال الإسلام وأفضل الإسلام الإيمان).(٤ وورد أفضل الأعمال »العج والثج«) (٥والعج كثير التلبية، والثج كثير النحر للأضاحي. وذكر الحضرمي في »الكوكب الدري« عن النبي ژ أن أفضل الأعمال ما أكرهت عليه النفوس).(٦ )» (١جامع ابن بركة« ، ١١٩/١و»الكوكب الدري« للحضرمي. ١٠/٣ )» (٢عقيدة التوحيد« لأبي حفص عمرو بن جميع. ٢٢/١ )» (٣منهج الطالبين«. ٣٣/١ ) (٤المصدر نفسه. ٤٤٠/١ ) (٥المصدر نفسه. ٢٣٣/٦ الدري«. ٢٥/٣)» (٦الكوكب مقاصد الشريعة بين المذهب الإباضي والمذاهب الإسلامية الأخرى/ج٢ ٣٢٦ وذكر القطب أطفيش 5عن النبي ژ حديث ا أن أفضل الأعمال الإيمان باالله والجهاد في سبيل االله)، (١وذكر أن أفضل الأعمال الصبر).(٢ وذكر حديث ا عن النبي ژ أن أفضل الأعمال أن تموت ولسانك رطب بذكر االله).(٣ وذكر أن الصحابة كانوا يتلاقون بالبشر ولا يغتابون عند الغيبة ويرون أن ذلك أفضل الأعمال).(٤ وذكر عن النبي ژ » :أن أفضل الأعمال الصلاة على وقتها«).(٥ وذكر أن الحب في االله أفضل الأعمال).(٦ وذكر أن عمر ? قال :أفضل الأعمال أداء ما افترض االله عليك. وذكر الإمام السالمي : 5أن أفضل الأعمال القيام بأمر المسلمين).(٧ وذكر أن أفضل الأعمال الصوم).(٨ وهذه المفاضلة التي ذكرت عن أئمة الإباضية ذكرت في كتب جميع المذاهب؛ لأن كثير ا منها مرفوع إلى النبي ژ وقد جاءت متغايرة ويرجع تغايرها واختلافها لاختلاف أحوال السائلين وما يناسب كل حال وزمان ومكان من العمل. )» (١شرح النيل«. ٣٤٦/١٦ ) (٢المصدر نفسه. ١٢٧/٣٢ ) (٣المصدر نفسه. ٢٢/٣٣ ) (٤المصدر نفسه. ٨١/٣٣ )» (٥شرح النيل« ، ١٥٥/٣٣و»معارج الآمال« للسالمي. ١٨/٥ )» (٦شرح النيل«. ٢١١/٣٣ )» (٧معارج الآمال«. ٥٠٠/٩ )» (٨معارج الآمال«. ٣٠/١١ الفصل الحادي عشر :في الموازنة بين المصالح والمفاسد ٣٢٧ ففي موضوع الاعتقاد :خير الأعمال الإسلام والإيمان، وفي موضوع الولاء والبراء :الحب في االله والبغض فيه، وفي موضوع الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر :أفضل الأعمال كلمة تقال أمام سلطان جائر فيقتل عليها. وفي مجال السياسة الشرعية أفضل الأعمال القيام بأمر المسلمين. وفي مقام المصيبة أفضل الأعمال الصبر. وفي مقام النعمة أفضل الأعمال الشكر. وفي حق من يؤخر الصلاة أفضل الأعمال الصلاة على ميقاتها، وهكذا فلا تعارض ولا تناقض في أقوال صاحب الشرع ولا في أقوال أئمة الشريعة والحمد الله. طرف من ذلك في هذا الكتاب في مناسبة أخرى.وقد أشرت إلى المطلب الثالث :في الموازنة في الاختيار وفيه مسائل: المسألة الأولى :في اختيار الخليفة: هناك صفات تجب مراعاتها في اختيار الخليفة؛ منها صفات خلقية وصفات خلقية. من الصفات الخلقية :الذكورة، والبلوغ، والحرية، وسلامة الحواس من السمع والبصر واللسان وسلامة الأعضاء من نقص يمنع الحركة، والرأي المفضي إلى سياسة الرعية، وتدبير المصالح، والنسب القرشي، وهذا مختلف فيه ويرى ابن خلدون أن المقصود بالقرشية قوة العصبية التي تحمل الناس على الطاعة. وأما الصفات مقاصد الشريعة بين المذهب الإباضي والمذاهب الإسلامية الأخرى/ج٢ ٣٢٨ الخ لقية أو المكتسبة، فهي :النجدة المؤدية إلى حماية البيضة وجهاد العدو، والعلم، والورع).(١ وأما أئمة الإباضية فلهم مواصفاتهم وشروطهم في اختيار الإمام ب ينها الأستاذ »بيير كوبرلي« في كتابه »مدخل إلى دراسة الإباضية وعقيدتها«).(٢ الفقه المقاصدي وبيان فقهأذكر أهمها باختصار، ثم أحاول استنباط الموازنة فيها. وهي في الحقيقة تشتمل على ما ذكره فقهاء السياسة الشرعية والأحكام السلطانية في المذاهب الأخرى خ لا النسب القرشي فليس معتبر ا عندهم. فمن صفات الإمام عندهم :الحرية. أما حديث» :اسمعوا وأطيعوا ولو لأمةتأمر عليكم عبد مجدوع الأنف« فذلك من باب ضرب الأمثال؛ لأن ا مجمعة على عدم مبايعة العبد إلا بعد عتقه). (٣وهكذا الشأن في الطفل بد أن يكون ذكر ا بالغ ا وهذا هو الشأن في جميع الصفاتوالمرأة. فلا الخ لقية السابقة عند الماوردي. يتم اختيار الإمام ومبايعته بحضور الشعب، ويختاره أهل الحل والعقد يتكون من خمسة أو ستة أشخاص معينين مسبق افي مجلس الشورى الذي آخذ ا بالاعتبار آراء الشعب مستشير ا علماء المسلمين، وأعيان الناس وأفاضلهم، وإذا ثبتت إمامة الإمام بالإجماع فلا يجوز خلعه إلا بالإجماع، وليس للرعية أن تنزعه ولا له نزع نفسه إلا إذا صدر منه حدث مع الإصرار )» (١الأحكام السلطانية« للماوردي ).(٨، ٧ )» (٢مدخل إلى دراسة الإباضية« ، ٤٤٠/١ترجمة للأستاذ عمار الجلاصي، نشر محمد موحمد مؤمادي. )» (٣المدخل إلى دراسة الإباضية«. ٤٢٩/١ الفصل الحادي عشر :في الموازنة بين المصالح والمفاسد ٣٢٩ على المعصية، أو عرضت له عاهة جسدية تمنعه من أداء مهمته نحو عجز، تخوله إقامة الصلاة وجمع الزكاةأو صمم، أو خرس. وللإمام سلطة دينية وقسمة الفيء، وقد اتصف بذلك الأئمة في الدولة الرستمية فقد اشتهر أئمتها بالعلم حتى قصدهم طلبة العلم، وقد اشتهرت بذلك مدينة »تيهرت«، فهو إمام الجماعة وخطيب الجمعة في المسجد الجامع في الأمصار. واستمر الحال على ذلك إلى أن سقطت إمامة الظهور بتيهرت والدخول في مسلك الكتمان. ملم ا بعلوم الدين وليس بالضرورة أن يكون الأعلمويجب أن يكون بتأويل القرآن. وهو أمين ببيت مال المسلمين ودولتهم ويملك في ذلك صلاحية غير محدودة ما لم تلحق أعما ل ه مضر ة برعاياه، مثلا له أن يشتري العبيد للجهاد، وله التصرف في الأموال والوصاية على الأشخاص، وهو وصي له يقوم بمصالح الموتى ومصالح مخلفيهم من مجانينوصي من لا  يتعين صاحبها وبله وأيتام وبمصالح الغائب، ويقبض الأموال التي لا كالزكاة والكفارة، والوقف واللقطة والمال الضائع، والوصية المؤبدة وغير المؤبدة كالوصية للمسجد والطريق والسبل، وقبض الدية من القاتل عمد ا وخط أ وأداؤها إلى أهل القتيل، وما لا يعرف صاحبه صرفه إلى بيت مال المسلمين. يختار الإمام خلفاءه في الأمور من أهل الكفاية والثقة والأمانة، فلا يجوز له أن يوكل على الزكاة إلا من علمها، ولا على الدماء والأموال إلا من علمها، ولا على الحرب إلا من يعرف سياستها، وقد اشتهرت هذه تاريخي ا في )تيهرت(، و) عمان(، و)نزوى(، و)نفوسة(، وقد قامالصفات القضاة والعلماء بما أسند إليهم من وظائف أيام الإمام عبد الوهاب بن وظائف الرحمن بن رستم، ويعقوب بن أفلح وغيرهما فقد أسندتٰعبد مقاصد الشريعة بين المذهب الإباضي والمذاهب الإسلامية الأخرى/ج٢ ٣٣٠ الحسبة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وتعيين القضاة إلى العلماء كما حدث في نفوسة. وهو؛ أي :الإمام الذي يقيم الحدود، وإقامة الحد أمر مفوض إلى تقديره، وهو القائد العسكري في حراسة البيضة والذب عن المسلمين. وهناك تفصيلات يدخل فيها الإمام تبين صلاحيته وسياسته يطول ذكرها).(١ اGSة ا!& و! -ا/از&  وط الإ"م S%الإ&'a, إن من ينظر بإنصاف إلى شروط الإمامة عند الإباضية يرى أنها ترجع إلى قاعدتين مقاصديتين: الأولى :قاعدة المصلحة بكل مندرجاتها. والقاعدة الثانية :دفع المفسدة بكل مندرجاتها. ومن مندرجات قاعدة المصلحة قاعدة» :تصرف الإمام على الرعية منوط بالمصلحة« وهي قاعدة مشهورة في فقه المذاهب الإسلامية قاطبة. وقد تجسدت هذه القاعدة في تصرفات الإمام عندهم سواء منها السياسية والعسكرية، والإدارية، والاقتصادية، والقضائية، والاجتماعية. أما التصرفات السياسية فهي تجسيد للسياسة الشرعية سواء في ذلك المكون من أهل الحل والعقد من العلماء والقضاة،مجلس الشورى والأعيان ورؤوس القبائل المشهورين بالرأي والحجا. وكذلك البيعة على السمع والطاعة في غير معصية، وعدم الخروج عليه إذا ثبتت إمامته بالإجماع وغير ذلك. )» (١باختصار« من كتاب »مدخل إلى دراسة الإباضية« ص ٢٤٠ـ ص. ٢٤٦ الفصل الحادي عشر :في الموازنة بين المصالح والمفاسد ٣٣١ أما تصرفاته العسكرية فهو القائد الأعلى يختار الجيش من أشجع الفرسان كما كان جيش الرستميين الذي حوى كتيبة من الفرسان الأشاوس). (١وكان للإباضية موانمتعددة لأسطولها. أما في الشؤون المالية فهو أمين بيت المال وله التصرف في الأموال والوصايا على الأشخاص، ويقبض المال الذي لم يتعين صاحبه كالزكاة والكفارة والوقف واللقطة والوصايا وقبض الدية وتسلبهما لأهل القتيل ونحو ذلك فهذه مصالح تعود إلى مقصد ضروري هو حفظ المال. أما في الشؤون الإدارية فهو الذي يقوم بتعيين الوزراء والقضاة والخلفاء على الأموال والدماء والحروب، ويضع الشخص المناسب في المكان المناسب. فيعين في القضاء أعلمه وفي المال أعلمه، وفي الحرب أكفأ القادة وأعرفهم بأمور الحرب كما سبق. وهذه من المصالح الكبرى تشمل المال والدماء والدين. أما الشؤون الاجتماعية فتتمثل في رعايته الأيتام والز م نى والمجانين والب له، والمغيب وغير ذلك مما سبق بيانه. لأمة فيتجلى في البراءة من الفساقأما في جانب دفع الفساد عن ا والاحتساب عليهم، وتعيين المحتسبين على أسواق المسلمين لمنع الغش والاحتكار وتولي إقامة الحدود لقمع الجريمة والمجرمين، وهذه التصرفات منوطة بالمصلحة ودفع المفسدة، وهكذا تتجسد قاعدة الاختيار في تعيين نقلا عن كتاب »مدخل إلى دراسة الإباضية« ) (١موتيلنسكي ـ أخبار ابن الصغير، ص ، ٦٩ .٤٤٤/١ مقاصد الشريعة بين المذهب الإباضي والمذاهب الإسلامية الأخرى/ج٢ ٣٣٢ الخليفة. فهي قائمة على تقديم الأكفأ، والأعلم، والأحزم، والأتقى، والأورع، على ما يقتضيه فقه الموازنة في الشريعة. المسألة الثانية :في اختيار الزوجة: يتكون هذا السلم من أربعوضع الإسلام سلم ا لعملية اختيار الزوجة درجات، فقال النبي ژ » :تنكح المرأة لأربع لمالها، وجمالها، وحسبها، ودينها فاظفر بذات الدين تربت يداك«).(١ فقد حدد النبي ژ سلم الأولويات في عملية اختيار الزوجة فذكر أن من المقاصد التي يقصدها الناس في المرأة مقصد الحسن والجمال وهو مقصد صحيح، فإن الجمال محبوب في كل شيء وهو أجدر في تحصين الزوج وغض بصره عن المحرمات. وكذلك من المقاصد التي يقصدها الناس في اختيار الزوجة المال، فإذا كانت المرأة غنية فغناها يخفف عنه أعباء النكاح ويساعده في تكوين البيت والأسرة، فقد تزوج النبي ژ بخديجة بنت خويلد فواسته بمالها وجاهها عبر رسول االله ژ عن ذلك حين سئل عن كثرةوحسبها في قومها، وقد اهتمامه بها #فإنه ژ كان كثير الذكر والثناء لها، فقال» :صدقتني حين كذبني الناس وواستني بمالها وجاهها وكان لي منها ولد«).(٢ ومن المقاصد الصحيحة في عملية الاختيار :حسب المرأة ونسبها، فقد عول عليه العرب كثيرا، فقد كانوا لا يرغبون في المرأة التي ليس لها حسب عريق ولا معروف بين العرب، ولا يرون المرأة كفئ ا إذا لم يكن لها حسب ونسب معروف بين الناس. ) (١صحيح البخاري /٧/٧ :رقم، (٥٠٩٠) :باب الأكفاء في الدين. ) (٢الروض الأنف للسهيلي. ٢٧٥/٢ :دار إحياء التراث ط.١ الفصل الحادي عشر :في الموازنة بين المصالح والمفاسد ٣٣٣ هذه المقاصد الأربعة هي التي يتم على أساسها اختيار الزوجة، وقد تجتمع كلها في الزوجة كما هو مشاهد فقد يوفق الزوج أن يقع اختياره على امرأة فيها الصفات الأربعة مجتمعة. وهذا غاية المطلوب. وقد تجتمع في المرأة ثلاث صفات أو صفتان والاختيار هنا سهل، لكن قد يحصل تعارض بين هذه الصفات فقد تعرض له ذات الدين الفقيرة أو غير الجميلة، وتعرض له الجميلة أو الغنية التي لا دين عندها، فهنا يرشد النبي ژ الزوج أو الخاطب إلى اختيار ذات الدين؛ لأن ذات الدين تعين الزوج على تحقيق مقاصد الزواج فهي أمينة على عرضه وفراشه، وهي مؤتمنة على أولاده وماله، وهي التي تعينه على نوائب الحياة وصروف الدهر، وهذه أمور إن وجدت من الزوجة كانت الأسرة في أمان وإن اختلت كانت الأسرة في خطر. الحد في كل شيءوكثير ا ما يؤدي المال بالمرأة إلى الطغيان ومجاوزة فقد يدفعها المال إلى الاستعلاء على الزوج والتمرد عليه والسفر في البلاد بغير إذنه ونحو ذلك من الإسراف والتبذير. وكثير ا ما يؤدي الحسن والجمال في المرأة إلى الافتتان بنفسها وحسنها فيوقعها في الغرور والحرص على إعجاب الرجال بها ووقوعها في الفتنة ونحو ذلك، وقد أشار النبي ژ إلى ذلك بقوله» :لا تنكحوا النساء لمالهن فعسى مالهن أن يطغيهن، ولا تنكحوهن لحسنهن فعسى حسنهن أن يرديهن ولكن انكحوهن لدينهن«).(١ وكذلك صاحب الدين مقصد عند النساء فعلى الولي وكذلك الزوجة أن لا تضع نفسها بين يدي فاسق، فقد ذكر الشيخ عامر بن خميس عن النبي ژ )» (١المعجم الكبير« للطبراني /٥٤/١٤ :رقم. ١٤٦٤٧ مقاصد الشريعة بين المذهب الإباضي والمذاهب الإسلامية الأخرى/ج٢ ٣٣٤ أنه قال» :لا تجعلوا كرائمكم إلا عند ذي دين فإنه إن أحبها أكرمها وإن أبغضها لم يظلمها«).(١ وعن عائشة زوج النبي ژ أنها قالت» :انكح ذا دين أو دع« قال :وعن النبي ژ »تزويج المنافق قطع الرحم«، وفي حديث عنه أنه قال» :من زوج حرمته سفيه ا فقد عقها«. وقال عمر » : 3لأمنعن النساء إلا من الأكفاء«).(٢ وقال الشيخ عبد العزيز الثميني من فقهاء الإباضية :وقيل :في تزوج الغنية خمس خصال :مغالات في الصداق، وتسويف البناء)، (٣وكثرة النفقة،  الضدوفوت الخدمة، وعسر طلاقها إن أراده، وفي الفقيرة خمس أيض ا على من ذلك. ومن مقاصد النكاح :ابتغاء الولد قال تعالى> = < ; ﴿ : ? @ ] ﴾ Aالبقرة، [١٨٧ :قال أهل التفسير :هو الولد، وكان عمر ƒ يقول» :إ نا لنأتي النساء مالنا إليهن من شهوة ولكن طمع ا أن يخرج االله من أصلابنا نسمة توحد االله«).(٤ وروي عنه ژ أنه قال» :تزوجوا الولود الودود فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة«).(٥ ناء عقيم«).(٦ ود خير من ح س اء و ل »س و د وروي عنه أنه قال : وهكذا ظهرت مقاصد النكاح في الإسلام، فعلى الزوج أن يضع سلم ) (١غاية المطلوب في الأثر المنسوب. ١٩٣/١ )» (٢الأثر المنسوب« للشيخ عامر المالكي. ١٩٤/١ ) (٣أي :تأجيل الدخول بالزوجة، وانظر» :التاج المنظوم«. ١٠٥/٥ ) (٤لم أعثر عليه. ) (٥أخرجه أبو داود في كتاب »النكاح« باب النهي عن تزوج من لا تلد برقم ).(٢٠٥٠ ) (٦رواه الطبراني في »الكبير« عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده بلفظ قريب منه رقم.١٠٠٤/ الفصل الحادي عشر :في الموازنة بين المصالح والمفاسد ٣٣٥ أولوياته ويختار شريكة حياته على هدي الإسلام وهدي النبي عليه الصلاة والسلام لتحقيق السعادة في الدارين، واالله الهادي إلى سواء السبيل. المسألة الثالثة :في الموازنة في اختيار الكسب: ا % ]>8الإ>ن ',ه: وقد ثبت التفاوت في الكسب في الشريعة، فقد أخرج أبو داود في سننه الحجام خبيث، »كسب بسنده عن رافع بن خديج أن رسول االله ژ قال : وثمن الكلب خبيث، ومهر البغي خبيث«).(١ وقد اختلف العلماء في كسب الحج ام، فقال بعض أهل العلم :هو حرام واستدل بهذا الحديث. واستدل وقال بعضهم :هو كسب دنيء ودناءته من قبل مخرجه، بالحديث الذي رواه البخاري، فإنه روى »أن النبي ژ احتجم حجمه أبو طيبة وأعطاه أجره وك لم مواليه فخففوا عنه«).(٢ وقال آخرون :لا يجوز أكله بل يعلف للدواب والرقيق ونحوها. واستدل بما رواه أبو داود في »سننه« عن مالك عن ابن شهاب عن ابن محيصة عن أبيه أنه استأذن رسول االله ژ في إجارة الحجام فنهاه فلم يزل يسأله ويستأذنه قال :حتى أمرني بقوله» :اعلفه ناضحك أو أطعمه رقيقك«. قال في »معالم السنن« قال الشيخ :حديث ابن محيصة يدل على أن )» (١معالم السنن« للخطابي. ١٠٢/٣ ) (٢صحيح البخاري /١٢٥/٧ :رقم )، (٥٦٩٦باب :الحجامة من الداء. مقاصد الشريعة بين المذهب الإباضي والمذاهب الإسلامية الأخرى/ج٢ ٣٣٦ أجرة الحجام ليست بحرام وأن خبثها من قبل دناءة مخرجها. قال ابن محرم ا لم يعطه.عباس :احتجم رسول االله وأعطى الحجام أجره ولو علمه ووجهه التنزيه عن الكسب الدنيء والترغيب في تطهير الطعم والإرشاد إلى ما هو أحسن وبعض الكسب أعلى وأفضل وبعضه أدنى وأوكح. نص في الموازنة في اختيار الكسب، والمسلم مأمور بإطابة كسبهوهذا  واختيار الأعلى والأفضل والأطيب دون الأدنى والأوكح. وأما قوله» :ثمن الكلب خبيث، ومهر البغي خبيث«، فإنهما على التحريم؛ وذلك لأن الكلب نجس الذات محرم الثمن، وفعل الزنا محرم وبذل العوض عليه في التحريم مثله؛ لأنه ذريعة إلى التوصل إليه، والحجامة مباحة وفيها نفع وصلاح للأبدان، وخبثها لدناءة مخرجها. والبغي :الزانية، وفعلها البغاء، ومنه قوله تعالىV U T S ﴿ : ] ﴾ Z Y X Wالنور.[٣٣ : ويدخل في هذا الباب كسب الإماء، فقد أخرج أبو داود في »سننه« بسنده عن أبي هريرة قال» :نهى رسول االله ژ عن كسب الإماء«).(١ إماء عليهن ضرائبقال في »معالم السنن« :كان لأهل مكة ولأهل المدينة تخدمن الناس، تخبزن وتسقين الماء وتصنعن غير ذلك من الصناعات ويؤدين التبذلالضريبة إلى ساداتهن، والإماء إذا دخلن تلك المداخل وتبذلن ذلك يؤم ن أن يكون منهن أو من بعضهنوهن خارجات وعليهن ضرائب لم الفجور، وأن يكسبن بالسفاح، فأمر ژ بالتنزه عن كسبهن، ومتى لم يكن لعملهن وجه معلوم يكتسبن به فهو أبلغ في النهي وأشد في الكراهة. )» (١معالم السنن«. ١٠٣/٣ الفصل الحادي عشر :في الموازنة بين المصالح والمفاسد ٣٣٧ وعن رافع بن رفاعة أن النبي ژ نهى عن كسب الأمة إلا ما عملت بيدها نحو الخ ب ز والغ زلوالنفش؛ أي :نفش الصوف وندفه. وعن رافع بن خديج :نهى النبي ژ عن كسب الأمة حتى يعلم من أين هو).(١ ويدخل في هذا الباب أيض ا حلوان الكاهن وهو ما يأخذه الكاهن على كهانته، وهو كسب محرم وفعله باطل يقال :حلوت الرجل شيئ ا يعني رشوته والعراف :أن الكاهن إنما يتعاطى العراف. والفرق بين الكاهنويدخل فيه ويدعي معرفة الأسرار.الخبر عن الكوائن في مستقبل الزمان والعراف هو الذي يتعاطى معرفة الشيء المسروق، ومكان الضا لة ونحوهما من الأمور. ويدخل فيه أيض ا عسب الفحل، وهو أخذ الأجرة على ضرابه، وفيه غرر فقد يضرب وقد لا يضرب وقد تلقح الأنثى وقد لا تلقح فهو أمر مظنون والغرر فيه موجود، وقد اختلف العلماء فيه فروي عن جماعة من أهل العلم من الصحابة تحريمه وهو قول أكثر الفقهاء. وقال مالك :لا بأس به إذا استأجروه ينزونه مدة معلومة، وإنما يبطل إذا شرطوا أن ينزوه حتى علوق النطفة، وزعم أنه من المصلحة ولو منعناه السنة منه وإنما لانقطع النسل، قال في »معالم السنن« :وهذا كله فاسد لمنع هو من باب المعروف، فعلى الناس أن لا يتمانعوا منه، فأما أخذ الأجرة عليه فمحرم وفيه قبح ومنع مروءة، وقد رخص فيه الحسن وابن سيرين، وقال عطاء :لا بأس به إذا لم يجد من يطرقه).(٢ )» (١معالم السنن«. ١٠٤/٣ )» (٢معالم السنن«، ١٠٥/٣ :باب :أعسب الفحل. مقاصد الشريعة بين المذهب الإباضي والمذاهب الإسلامية الأخرى/ج٢ ٣٣٨ أ/ال ا$ء  أ ]'Cا:]M8 اختلف العلماء في أطيب المكاسب، قال الحافظ في »الفتح« :وقد اختلف العلماء في أفضل المكاسب. قال الماوردي :أصول المكاسب الزراعة والتجارة والصنعة، والأشبه بمذهب الشافعي أن أطيبها التجارة، قال :والأرجح عندي أن أطيبها الزراعة؛ لأنها أقرب إلى التوكل، وتعقبه النووي بحديث المقدام الذي في هذا الباب وأن الصواب ما كان بعمل اليد، قال :فإن كان زارع ا فهو أطيب المكاسب لما يشتمل عليه من عمل اليد ولما فيه من التوكل ولما فيه من النفع العام للآدمي والدواب؛ ولأنه لا بد في العادة أن يؤكل منه بغير عوض. )قلت( :أي ابن حجر :وفوق ذلك من عمل اليد ما يكسب من أموال الكفار بالجهاد وهو مكسب النبي ژ وهو أشرف المكاسب؛ لما فيه من إعلاء كلمة االله ، 8وخذلان كلمة أعدائه، والنفع الأخروي. قال :ومن لم يعمل بيده فالزراعة في حقه أفضل لما ذكرنا. مبني على ما فيه من النفع العام ولم ينحصر النفع العام)قلت( :وهذا متعد لما فيه من تهيئةالمتعدي في الزراعة بل كل ما يعمل باليد فنفعه أسباب ما يحتاج الناس إليه، والحق أن ذلك مختلف باختلاف الأحوال والأشخاص والعلم عند االله. قال ابن المنذر :إنما يفضل عمل اليد سائر المكاسب إذا نصح العامل مصرح ا به في حديث أبي هريرة، ومن شرطه أن لا يعتقد أن الرزقكما جاء من الكسب بل من االله. ومن فضل العمل باليد الشغل بالأمر المباح عن البطالة واللهو وكسر النفس بذلك والتعفف عن ذل السؤال، والحاجة إلى الغير).(١ )» (١فتح الباري«. ٣٠٤/٤ الفصل الحادي عشر :في الموازنة بين المصالح والمفاسد ٣٣٩ )قلت( :فعلى الموازن أن يزين الأفضل فالأفضل بالنظر إلى الأحوال والأشخاص والزمان والمكان كما قال ابن حجر. ففي أيام المجاعات يجب أن تتجه الأمة إلى الزراعة كي تسد الحاجة وتدفع عنها المجاعة. وفي الأحوال العادية قد تكون التجارة أفضل لما فيها من جلب البضائع وتحريك الاقتصاد وتغذية الأسواق وتحقيق الأمن الغذائي. فإن تحقق ذلك فعلى الأمة أن تتجه إلى الصناعة، فإن الأمة التي تركب مراكب لم تصنعها وتلبس ثياب ا لم تنسجها هي أمة ضعيفة الجانب لا يعبأ بها ولا سيما الصناعات الثقيلة والحربية منها على جهة الخصوص. هذا بالنظر إلى الأحوال. أما بالنظر إلى الأشخاص فقد تكون الأولوية بحسب الشخص فالبارع في الزراعة ومعرفة التربة وتقلبات الطقس تكون الزراعة في حقه أولوية ومقدمة على التجارة وإن كان يعرف التجارة على الجملة. والبارع في التجارة أكثر من الزراعة فالتجارة في حقه أولى من الزراعة وإن كان يعرفها على الجملة. والبارع في الصناعة والاكتشافات ولديه الخبرة في هذا الجانب أكثر من الزراعة والتجارة فالصناعة في حقه أولى، وبذلك تحصل الكفاية في الأمة. وأما بالنظر إلى المكان فأهل الجبل والبادية والحقول والأنهار قد تكون الزراعة أولوية عندهم. وأما أهل المدن حيث الموانئ والمصانع فقد تكون التجارة والصناعة أفضل المكاسب في حقهم. مقاصد الشريعة بين المذهب الإباضي والمذاهب الإسلامية الأخرى/ج٢ ٣٤٠ الحر في حق الأفراد وهو الصنعة وما في معناها، وفيوقد يتعين العمل وإن نبي االلهذلك يقول النبي ژ » :أطيب الكسب عمل الرجل من كسب يده داود ‰كان يأكل من عمل يده«). (١واالله أعلم. المسألة الرابعة :اختيار المسكن: السنة الترغيب في وقد تكون الموازنة في اختيار المسكن، وقد ثبت في بعض البلاد دون بعض ففي بعضها ترغيب في سكنى الشام، وبعضها يرغب في سكنى المدينة، وبعضها في اليمن، وبعضها في عمان. فمما ورد في فضل سكنى الشام قول االله تعالى# " ! ﴿ : 0/.-,+*)('&%$ ] ﴾ 6 5 4 3 21الإسراء. [١ :وقوله تعالىW V U T ﴿ : ] ﴾ \ [ Z Y Xسبأ [١٨ :قال المفسرون :وهي أرض الشام. السنة فقد أخرج أبو داود بسنده عن عمران بن حصين قال :قالوأما من رسول االله ژ » :لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق ظاهرين على من الدجال«، وفي رواية قالوا :أين هم يا رسول االله؟ناوأهم حتى يقاتل آخرهم قال» :في بيت المقدس وأكناف بيت المقدس«).(٢ سمعت رسول االله ژ يقول:وروى بسنده عن عبد االله بن عمرو قال: »ستكون هجرة بعد هجرة فخيار أهل الأرض ألزمهم مهاجر إبراهيم ويبقى في الأرض شرار أهلها تلفظهم أرضوهم تقذرهم نفس االله وتحشرهم النار مع القردة والخنازير«).(٣ )» (١التيسير بشرح الجامع الصغير« ، ١٦٦١وانظر :كتاب »الضياء« لسلمة العوتبي، ٣١٢/١ و»نصوص التفسير« من كتاب »الضياء«. ٢٢٦/١ ) (٢أخرجه الطبري انظر» :شرح البخاري« لابن بطال. ١٥٦/١ )» (٣معالم السنن«. ٢٣٦/٢ الفصل الحادي عشر :في الموازنة بين المصالح والمفاسد ٣٤١ قال الخطابي :قوله :ستكون هجرة بعد هجرة، معنى الهجرة الثانية: الهجرة إلى الشام وهي مهاجر إبراهيم صلوات االله عليه. وقوله :تقذرهم نفس االله، تأويله أن االله يكره خروجهم إليها ومقامهم فيها فلا يوفقهم لذلك، فصاروا بالرد وترك القبول في معنى الشيء الذي تقذره نفس الإنسان فلا تقبله، وذكر النفس هاهنا مجاز واتساع في الكلام، وهذا شبيه بمعنى قوله تعالى ﴿ :ے ¡ ﴾ ¤ £ ¢ ]التوبة.[٤٦ : هم بارك لنا في وفي »صحيح البخاري« عن عمر أن النبي ژ قال» :ال ل شامنا ويمننا قالها مرار ا فلما كان في الثالثة أو الرابعة قالوا :يا رسول االله وفي عراقنا؟ قال :بها الزلازل والفتن وبها يطلع قرن الشيطان«).(١ قلت :يا رسول االله أينوروى بهز بن حكيم عن أبيه عن جده قال : تأمرني؟ قال» :هاهنا ونحا بيده نحو الشام«. قال الترمذي :هذا حديث حسن صحيح).(٢ وفي فضل الشام وسكناها أحاديث كثيرة فضلا عما ورد في فضلها في القرآن الكريم. المنورة منها حديث مسلموقد وردت أخبار في فضل سكنى المدينة عن أبي هريرة أن رسول االله ژ قال» :إن الإيمان ليأرز إلى المدينة كما تأرز الحية إلى جحرها«).(٣ )» (١عون المعبود«. ١١٤/٧ )» (٢عون المعبود«. ١١٥/٧ ) (٣أخرجه مسلم في باب أن الإسلام بدأ غريب ا وسيعود غريب ا رقم ).(١٤٧ مقاصد الشريعة بين المذهب الإباضي والمذاهب الإسلامية الأخرى/ج٢ ٣٤٢ الحية إلى وفي »سنن الترمذي«» :إن الدين ليأرز إلى الحجاز كما تأرز جحرها وليعقلن الدين من الحجاز معقل الأروية من رأس الجبل «..قال الترمذي :هذا حديث حسن).(١ وروى البخاري بسنده إلى جابر بن عبد االله ƒقال :جاء أعرابي إلى النبي ژ فبايعه على الإسلام، فجاء من الغد محموم ا، فقال :أقلني فأبى ثلاث مرار فقال» :المدينة تنفي خبثها وينصع طيبها«)(٢؛ ومعنى تنفي خبثها: تخرج شرار الناس منها. وفي »مسند الربيع«» :إنما المدينة كالكير تنفي خبثها وتمسك طيبها«).(٣ وفي فضل المدينة على ساكنها أفضل الصلاة والسلام أحاديث كثيرة. وأما في »فضل اليمن« فأحاديث عدة منها حديث» :الإيمان يمان والحكمة يمانية«).(٤ وقد سبق حديث البخاري عن عمر أن النبي ژ قال» :بارك االله في شامنا ويمننا«، وحديث »ستكون أجناد مجندة جند في اليمن، وجند في العراق وجند في الشام« قال ابن حوالة رواي الحديث : خ ر لي يا رسول االله قال» :عليك بالشام فإن االله باسط كنفه على الشام« وفي لفظ كفه أي كنفه وستره وفيه فصل لهذه المدن الثلاث. )» (١سنن الترمذي« في باب أن الإسلام بدأ غريب ا ١٨/٥برقم ).(٢٦٣٠ )» (٢صحيح البخاري« ٢٢/٣برقم ).(١٨٨٣ )» (٣مسند الربيع«. ١٤٦/١وانظر» :شرح الجامع الصحيح« للسالمي ، ٣٢٧/٤و»حاشية الترتيب« .٢٨٦/٢ )» (٤صحيح البخاري« /١٧٣/٥ :رقم، ٤٢٨٨ :باب :قدوم الأشعرين وأهل اليمن. الفصل الحادي عشر :في الموازنة بين المصالح والمفاسد ٣٤٣ وأما ما جاء في »فضل سكنى عمان« ما رواه أبو برزة قال :بعث حي من أحياء العرب فسبوه وضربوه وشتموه فجاءرسول االله ژ رجلا إلى  أتيت ما إلى رسول االله ژ فأخبره، فقال رسول االله ژ » :لو أن أهل عمان سبوك ولا ضربوك«).(١ وهذا يد ل على فضل سكناها، وقد سبق طرف من ذلك في مناسبة ذكر الموازنة بين البلاد، وهنا مناسبة سكنى هذه البلاد ولأن فضل البلاد يستلزم فضل سكناها. المسألة الخامسة :في اختيار المدفن: وأما بالنسبة إلى اختيار القبور فإن النبي ژ أخبر »أن خير القبور دوارسها«).(٢ العلامة ابن بركة :يكره تجصيص القبور والبناء عليها، وإظهارقال العمارة فيها، لما روي عن النبي ژ أنه قال» :خير القبور ما درس«. مر سوي بالأرض، وروي عن عبد االله بن عمر أنه قد ومعنى درس؛ أي : أحبتالرحمن بن أبي بكربناء فسأل عنه فقيل :هذا قبر عبد ٰبقبر بن ي عليه أخته عائشة أن تجعل عليه ظلالا، فقال» :قولوا لها :إنما يظله علمه« فلما بلغها ذلك قالت :صدق عبد االله«. السنة في دفن القبور أن يساوىوقال أبو الحواري من أئمة الإباضية : والسلام» :خير القبوربها الأرض قال :فما زاد فللشيطان، وقال عليه الصلاة ) (١أخرجه مسلم ١٩١١/٤حديث )، (٢٥٤٤وأحمد في »مسنده« ٤٢٠/٤حديث ، ١٩٧٨٦وأهل السنن، وهو حديث يد ل صراحة على فضل أهل عمان. ) (٢شرح الجامع الصحيح للسالمي.٣٨٢/٢ : مقاصد الشريعة بين المذهب الإباضي والمذاهب الإسلامية الأخرى/ج٢ ٣٤٤ دوارسها«)، (١قال السالمي :ويكره التطيين على القبر وذلك كله فرار عن الشهرة) (٢وخير مدافن الإسلام هو البقيع الذي دفن فيه من مات من أهل المدينة في الإسلام، وقد كان النبي كثير الاستغفار لأهل البقيع، فقد روي أن النبي ژ خرج إلى البقيع فخرجت معه بريرة مولاة عائشة فوقف قمت بزيارة قبر الإمام السالمي 5في تنوف، وقد هالني ما رأيت فقد رأيت أثر ا لقبر)(١ ضم ذلك العلم الغزير والعقل المستنير وقد دفن إلى جانبه كل مندارس هو القبر الذي الشيخ حمير بن ناصر، والشيخ سليمان بن حمير رحمهما االله. وقد عزمت على أن أكلم أولاده معالي الشيخ عبد االله السالمي وزير الأوقاف في عمان، رت الأمر فوجدت أنتدب الرحمن السالمي في تحسين القبر إلا أنني ٰوفضيلة الدكتور عبد الإمام السالمي قد توفي بسبب إصلاح المقابر وذلك أن شيخه ماجد بن خميس العبري أفتى في مسألة أوقاف القبور حيث رأى أن تصرف لإصلاح المقابر وكان السالمي 5 يرى أنها لا تصح أن تصرف إلى القبور وأفتى ببطلان هذا النوع من الوصايا وأن مرجع هذه الأموال إلى ورثة الموصي إن وجدوا وإلا فمرجعه إلى بيت المال، ويرى العبري أن دث الخلاف بينهما في هذه المسألة.. فعزم السالمي علىالوقف وقف إلى قيام الساعة ف ح السفر إلى »حمراء العبريين« لإقناع شيخه بوجهة نظره كي لا يطول الخلاف وفي ١٨صفر سنة ١٣٣٢توجه الإمام إلى شيخه ماجد وفي طريقه ذاك وعند غروب الشمس دخل في قرية بني صبح فصدعه جذع شجرة فسقط عن ظهر ناقته ونقل مباشرة إلى القرية ولم يهدأ بال الإمام حتى رأى شيخه العبري فأقنعه بوجهة نظره فرجع العبري عن تخطئة الشيخ السالمي فارتاح بال الإمام لذلك ثم حمل على الأكتاف إلى بلدة تنوف في ٢٦صفر من العام نفسه، فمكث مدة قليلة ثم توفي إلى رحمة االله تعالى في ليلة الخامس من شهر ربيع الأول سنة ١٣٣٢هـ، الموافق ٢١يناير ١٩١٤م ودفن في البلدة. يدل على زهده وإخلاصه والذي يكتب موقفهوقد رأيت بعيني ذلك القبر الدارس الذي لما رأيت ما رأيت تدبرت الأمر في نفسي فقلت هو الذي كان يريدمن إصلاح القبور، ذلك ويختار خير القبور بعيد ا عن البناء والرخام الذي يدل على الشهرة وها هو 5 ينهى عن البناء على القبور خوف الشهرة، فاجتمع لديه الحال والمقال الدالان على زهده وإخلاصه والعبرة بما وراء القبر من الروح والريحان والجنة والغفران، رحمه االله بمنه وكرمه وجعل قبره روضة من رياض الجنة إنه هو السميع العليم. )» (٢شرح الجامع«. ٣٨٢/٣ الفصل الحادي عشر :في الموازنة بين المصالح والمفاسد ٣٤٥ »بعثت إلى أهل البقيعالنبي ژ ووقفت بريرة بجانبه فسألته عن قيامه فقال : لأص لي عليهم«)، (١قال السالمي : 5وقوله :لأصلي، يحتمل الدعاء والاستغفار، ويحتمل أن تكون كالصلاة على الموتى خصوصية لهم).(٢ ومدافن مكة أيض ا التي دفن فيها الصحابة والتابعون لهم بإحسان، ويقاس على ذلك مدافن المسلمين التي دفن فيها العلماء والصلحاء، والتي ليس فيها قبور مشرفة ولا مخصصة ولا بناء ونحو ذلك).(٣ المسألة السادسة :في اختيار الدار: قد تقع الموازنة في اختيار الدار فمن الناس من يرى اختيار الدار القريبة من المسجد لسهولة حضور الجماعات فيها، وقد كانوا يحبون الدور القريبة من المسجد ويرغبون في شرائها لهذه المصلحة فإن الإنسان يرغب في المسجد القريب لحضور الجماعات تفادي ا للمش قات. ويرى البعض أن خير الدور ما بعد عن المسجد لما في ذلك من كثرة الخطى إلى المساجد، فقد أخرج مسلم عن أبي بن كعب قال :رجل ما أعلم أحد ا من أهل المدينة ممن يص لي إلى القبلة أبعد منزلا منه من المسجد وكان لا تخطئه الصلوات مع رسول االله ژ ، فقيل له :لو اشتريت حمار ا لتركبه في الرمضاء والظلماء، فقال :واالله ما أحب أن منزلي بلزق المسجد، فأخبر رسول االله ژ بذلك فسأله فقال :يا رسول االله كيما يكتب أثري وخطاي، ورجوعي إلى أهلي، وإقبالي وإدباري، فقال ژ » :لك ما احتسبت أجمع«).(٤ )» (١الكوكب الدري. ٧١/٤ )» (٢شرح الجامع«. ٣٨١/٣ ) (٣المرجع نفسه. ٣٨٠/٣ ) (٤رواه مسلم باب فضل كثرة الخطا إلى المساجد، ج ٤٦١/١رقم ).(٦٦٣ مقاصد الشريعة بين المذهب الإباضي والمذاهب الإسلامية الأخرى/ج٢ ٣٤٦ وأخرج مسلم عن جابر قال :خ لت البقاع حول المسجد فأراد بنو سلمة أن ينتقلوا إلى قرب المسجد فبلغ ذلك رسول االله ژ فقال لهم» :إنه بلغني أنكم تنتقلون إلى قرب المسجد« فقالوا :نعم أردنا ذلك، فقال ژ » :يا بني سلمة دياركم تكتب آثاركم«).(١ وروى غيره عن أبي سعيد الخدري ƒأن هذه الآية نزلت في حقهم: ﴿̄ ] ﴾ ¶ μ́ 3 2 ± °يس، [١٢ :وهذا يدل على اختيار البعد عن المسجد لتكثير الخطى، وهذا في حق الشباب، أما الشيوخ فقد يكون الأفضل في حقهم قرب المسجد، والموازن ينظر إلى اختلاف الأحوال. المسألة السابعة :في الموازنة بين القبائل: صرتها للدين أووهناك مسألة الموازنة بين القبائل على درجة ن عداوتها. فقد قال النبي ژ » :خير دور الأنصار دار بني النجار ثم بنو عبد الأشهل ثم بنو الحارث بن خزرج ثم بنو ساعدة وفي كل دور الأنصار خير«).(٢ قال ابن بطال :خير دور الأنصار؛ أي :أهل الدور كما قال تعالى: ﴿ » ﴾ k jوالعير« وهو يريد أهلها. وقال ابن قتيبة :الدور في هذا الحديث القبائل، وقال المهلب :وإنما استوجب بنو النجار الخير في هذا الحديث لمسارعتهم إلى الإسلام).(٣ ) (١رواه مسلم، باب فضل كثرة الخطا إلى المسجد ٤٦٢/١رقم ).(٦٦٥ ) (٢أخرجه البخاري، باب فضل دور الأنصار رقم ).(٢٥١١ )» (٣شرح صحيح البخاري« لابن بطال. ٢٤٨/٩ الفصل الحادي عشر :في الموازنة بين المصالح والمفاسد ٣٤٧ وقال النووي في شرحه على »صحيح مسلم«» :خير الدور «..قال القاضي :المراد أهل الدور، والمراد :القبائل وإنما فضل بني النجار لسبقهم في الإسلام وآثارهم الحميدة في الدين، قوله» :ثم دار بني عبد الحارث« قال النووي :هذا خطأ من الرواة وصوابه بنو الحارث بحذف لفظة :عبيد).(١ قال :قال العلماء :وتفضيلهم على قدر سبقهم إلى الإسلام ومآثرهم فيه، وفي هذا دليل لتفضيل القبائل والأشخاص بغير مجازفة ولا هوى).(٢ وروي أنه ژ قال» :غفار غفر االله لها، وأسلم سالمها االله«).(٣ )قلت( :وهذا س ل م أهل الفضل ودرجاتهم في الفضل. وهناك سل م الدركات الذي أشار إليه النبي الأكرم بقوله وهو في صلاته: هم العن بني لحيان، ورعلا، وذكوان، وعصية عصوا االله ورسوله«)،(٤»ال ل هؤلاء دركات بعضها أسفل بعض. وعن أبي هريرة عن النبي ژ أنه قال» :أسلم، وغفار، ومزينة، ومن كان من جهينة، أو جهينة خير من بني تميم، وبني عامر، والحليفين أسد وغطفان«).(٥ وفي رواية» :وأسد وغطفان خابوا وخسروا«).(٦ وفي هذه الأحاديث من فقه الموازنات منهج متكامل، وهو أن الناس قدموا من بلاء في الإسلام وبما لهم فيه من مآثر،إنما يتفاضلون بما )» (١شرح النووي على مسلم«. ٤٤/١٥ ) (٢المصدر نفسه. ٦٩/١٦ ) (٣المصدر نفسه. ٧٢/١٦ )» (٤شرح مسلم«. ٧٣/١٦ ) (٥المصدر نفسه. ٧٤/١٦ ) (٦المصدر نفسه. ٧٦/١٦ مقاصد الشريعة بين المذهب الإباضي والمذاهب الإسلامية الأخرى/ج٢ ٣٤٨ ويتأخرون بما قاموا به من عداوة للإسلام وأهله وليس يتفاضلون بمآثرهم الجاهلية من الجاه والحسب والنسب والأحلاف وغير ذلك. وبذلك قدم المسلمون أبا بكر وعمر على جميع المهاجرين والأنصار وقدموا العشرة المبشرين بالجنة وكذلك أهل بدر وأهل بيعة الرضوان، وكل على قدر مآثره وبلائه وسابقته إلى الإسلام ونصرة دعوة محمد عليه أفضل السلام. الصلاة وأتم المسألة الثامنة :في الموازنة في اختيار الرفقة: الرفقة :هم الأصحاب أو الجماعة ثلاثة فما فوق، وقد وضع الإسلام سلم ا لاختيار الأصحاب. يرغب في صحبة الأشرار.فهناك من يرغب في ر فقة الأغنياء، وهناك من وفي هؤلاء يقول االله تعالىm l k j i h g ﴿ : |{z❁xwvuts❁qpon } ~ ے ¡] ﴾ ¦ ¥ ¤ £ ¢الفرقان ٢٧ :ـ. [٢٩ نزلت في عقبة بن أبي معيط، فإنه ورد أنه دعا النبي إلى بيته فاشترط النبي ژ عليه الإسلام فأسلم فأتاه أمية بن خلف، فقال له :بلغني أنك قد صبأت؟ فقال :رجل كريم طلب هذه الكلمة فأعطيتها له. قال أمية :وجهي من وجهك حرام حتى تأتي محمد ا فتكفر به وتبصق في وجهه. ففعل، فأنزل االله فيه هذه الآية، وقد رآه النبي في الرؤيا أنه يأكل يده من الندم في جهنم )(١ من رؤوس أصابعه إلى مرفقه! ) (١أخرجه أبو داود في »سننه« ٢٥٩/٤رقم )، (٤٨٣٣و»أحمد في مسنده« ٣٣٤/٢رقم )،(٨٣٩٨ حسنه الترمذي، وقال النووي في الرياض :إنه صحيح الإسناد قاله في »مرقاةوقد لملا علي القاري، دار الفكر، ط أولى. المصابيح« ٣٩/١ الفصل الحادي عشر :في الموازنة بين المصالح والمفاسد ٣٤٩ ومنهم :من يختار رفقة الصالحين. ومنهم :من يختار رفقـة العلماء. وبالموازنة يتب ين أن اختيار صحبة العلماء هي الأفضل فإن المرء على دين خليله كما جاء في الحديث. )(١ تصحبن إلا مؤمن ا ولا يأكل طعامك إلا تقي«وورد عنه ژ أنه قال» :لا والله د ر القائل حيث يقول: فكل قرين بالمقارن يقتديعن المرء لا تسل وسل عن قرينه ولا تصحب الأردى فتردى مع الرديإذا كنت في قوم فاصحب خيارهم قال ابن جماعة في »أنس المحاضرة« قال قس بن محمد لولده :يا بني إياك ومصاحب ة الأنذال فإن مصافاتهم إلى زوال وهم أهل خلاف واختلاف وسرعة إقبال وانصراف إن رأوك بخير كرهوك وإن رأوك في غبطة حسدوك ولا تقبل قول واش؛ أي :نمام في حق أخيك ولا تفش سر أخيك لأحد كما قال الشاعر: فلا تجف الصديق بقول واشإذا الواشي نعى إليك صديق ا )(٢ تجالس أو تماشي لنفس منولا تصحب قرين السوء وانظر وعن ابن مسعود ƒقال :جاء رجل إلى النبي ژ ، فقال :كيف تقول أحب قوم ا ولم يلحق بهم؟ فقال ژ » :المرء مع من أحب«).(٣في رجل ملا علي القاري :أحب قوم ا؛ أي :من العلماء أو الصلحاءالعلامة قال ولم يلحق بهم في علمهم وصلاحهم أو العمل أو بمجموعها، فقال ژ : ) (١أخرجه أبو داود ـ انظر» :معالم السنن« ، ١١٤/٤المطبعة العلمية، ط أولى. وقال الترمذي: وهذا حديث حسن إنما نعرفه من هذا الوجه. )» (٢شرح البخاري« للسفيري. ٤٠٠/١ ) (٣متفق عليه. مقاصد الشريعة بين المذهب الإباضي والمذاهب الإسلامية الأخرى/ج٢ ٣٥٠ »المرء مع من أحب«؛ أي :محبوبه ويكـون رفيق ا لمطلوبه قـال تعـالى: ﴿.. ﴾ R Q P O N M L K J Iالآية ]النساء.(١)[٦٩ : فمن أحب الصالحين واختار صحبتهم حشر معهم يوم القيامة، ومن اختار المنحرفين والمجرمين حشر معهم يوم القيامة. قال تعالى] ﴾ Ë Ê É È Ç Æ Å Ä ﴿ :فصلت.[١٩ : تبين أن االله يحشر أعداء االله في النار مع بعضهم البعض كماوهذه الآية يحشر أهل الجنة مع بعضهم البعض من النبيين والصديقين والشهداء أي الفريقين يختار لصحبته.والصالحين فليختر الإنسان المسألة التاسعة :في الموازنة بين اختيار المخالطة أو العزلة: والمراد بالمخالطة :العيش مع الناس وخدمتهم والصبر على أذاهم واحتمال المكروه منهم. وقد اختلف العلماء في الموازنة بين العزلة والمخالطة، وقد بحث الإمام الغزالي هذه المسألة في »الإحياء«)، (٢بما فيه الكفاية، والشاطبي في »الاعتصام«)، (٣وتناولها أصحاب السنن في باب العزلة، وباب الفتن، منهم الخطابي)، (٤وابن ماجه)، (٥والنسائي)، (٦وأصحاب التفسير وغيرهم. وقد اختلف العلماء في هذه المسألة على قولين: )» (١مرقاة المفاتيح«. ٣١٣٥/٨ )» (٢إحياء علوم الدين«.٢٢١/٢ : ) (٣الاعتصام للشاطبي ٤٣٧/١ :ـ. ٤٣٨ )» (٤العزلة« للخطابي ص. ٥٦ )» (٥سنن ابن ماجه.١٣١٧/٢، ) (٦كتاب »الإيمان وشرائعه« باب الفرار بالدين من الفتن. الفصل الحادي عشر :في الموازنة بين المصالح والمفاسد ٣٥١ القول الأول :ذهب إلى تفضيل العزلة وفي مقدمتهم الغزالي وكثير من أهل العلم. واستدل هؤلاء بطائفة من الأحاديث من أهمها: ما رواه البخاري في »صحيحه« عن أبي سعيد الخدري قال :قيل :يا أي الناس أفضل؟ فقال رسول االله ژ » :مؤمن يجاهد في سبيل االلهرسول االله بنفسه وماله«، قيل :ثم من؟ قال» :مؤمن في شعبمن الشعاب يدع الناس من شره«).(١ بوب البخاري باب ا سماه »باب العزلة راحة من خلاط السوء«).(٢وقد وساق فيه حديثين منهما الحديث السابق، وهذا الحديث حديث أبي سعيد الخدري يقول :سمعت رسول االله ژ يقول» :يأتي على الناس زمان يفر بدينهخير مال الرجل المسلم ال غ ن م يتبع بها شعب الجبال ومواقع القطر من الفتن«).(٣ وفي »سنن ابن ماجه« عن أبي هريرة ƒأن النبي ژ قال» :خير معايش الناس لهم رجل ممسك بعنان فرسه في سبيل االله ويطير على متنه كلما سمع هيعة، أو فزعة طار عليه إليها يبتغي الموت أو القتل في مظانه، ورجل في غنيمة في رأس شعفة من هذه الشعاف أو بطن وادمن هذه الأودية يقيم الصلاة، ويؤتي الزكاة ويعبد ربه حتى يأتيه اليقين«).(٤ )» (١صحيح البخاري« ١٥/٤رقم الحديث ) (٢٧٨٧باب أفضل الناس... الخ. )» (٢صحيح البخاري«. ١٠٢/٨ )» (٣البخاري« ١٠٤/٨رقم الحديث ).(٦٤٩٥ )» (٤سنن ابن ماجه« ١٣١٦/٢رقم ).(٣٩٧٧ مقاصد الشريعة بين المذهب الإباضي والمذاهب الإسلامية الأخرى/ج٢ ٣٥٢ قلت :لزم البيت منذ كذاوسئل عبد االله بن الأشج ما فعل عمك؟ قال : وكذا، فقال :إن رجالا من بدر لزموا بيوتهم بعد قتل عثمان فلم يخرجوا إلا إلى قبورهم).(١ والقول الثاني :إن مخالطة الناس والصبر عليهم أفضل من العزلة واستدلوا على مذهبهم بأدلة. منها :قصة أهل الكهف فإن االله أخبرنا بأن جماعة من الفتية المؤمنين فروا بدينهم واعتزلوا الناس في الكهف، حتى ضرب االله على آذانهم في وبينها بأنها ثلاثمائة سنين وازدادوا تسع ا ثم بعثهم فرأواالكهف سنين عدد ا تغيرت إلى أحسن قالوا :وهذا إنما حدث بمن خالط ومارسأن الحياة الدعوة وعاش في معترك الحياة حتى حصل بهم التغيير، ولو اعتزل الجميع لما حصل ذلك التغيير، وهذا يدل على أن الخلطة أحسن من العزلة. وهذه قصتهم كما حكاها القرآن قال تعالى$ # " ! ﴿ : ❁3210/.-,+*)('&% BA@?>=<;:98765 T SR Q P O N ML K J I HG F E D C c b a `_ ^ ] \ ❁ Z Y X W V U q p o n m l kj i h g fe d ~ } | { zy x w v ❁ t s r ے¡ °̄ ® ¬ « a ©̈§ ¦ ¥ ¤ £ ¢ 1⁄4 » o 1̧ ¶ μ́ 3 2 ± 1⁄2 3⁄4 ¿ ] ﴾ Á Àالكهف ١٦ :ـ ، [١٩إلى آخر القصة. )» (١العزلة والانفراد« ١٨/١لابن أبي الدنيا، مكتبة الفرقان، طبعة دار الوطن، ت الشيخ مشهور حسن آل سلمان. الفصل الحادي عشر :في الموازنة بين المصالح والمفاسد ٣٥٣ واستدلوا بما رواه ابن ماجه بإسناد حسن عن ابن عمر ^ قال :قال رسول االله ژ » :المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذانهم خير من الذي »السبل« :في الحديثلا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم«، قال في أفضلية من يخالط الناس مخالطة يأمرهم فيها بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحسن معاملتهم فإنه أفضل من الذي يعتزلهم، ولا يصبر على مخالطتهم والأحكام تختلف باختلاف الأشخاص والأحوال والأزمان ولكل حال مقال).(١ وقال في »تحفة الأحوذي« :والحديث دليل لمن قال :المخالطة أفضل من العزلة).(٢ قال عبد الكريم الخضير في »شرح الموطأ« :أما بالنسبة للعزلة فلا شك يتعدى شرها وضررها على الإنسانأنها أفضل في أيام الفتن التي يخشى أن فالعزلة خير وإلا فالخلطة أفضل... والناس يتفاوتون في هذا المقام فبعض الناس العزلة له خير مطلق ا، وبعضهم الخلطة خير له مطلق ا فالذي يستطيع التأثير في الناس هذا الخلطة أفضل له بحيث لا يتأثر بما هم عليه من الشرور، والذي يتأثر ولا يؤثر فمثل هذا يقال له :اعتزل).(٣ وهذه من الخضير موازنة بين العزلة والمخالطة بميزان المصالح والمفاسد وباعتبار الزمان، والمكان، والأحوال وقد سبقه إلى هذه الموازنة الإمام أبو سليمان حمد بن محمد الخطابي 5صاحب »معالم السنن« في كتاب له في العزلة جمع فيه النصوص عند الطرفين ووازن بينها على كل حال، خلص إلى أن ك ل إنسان يعرف من نفسه تأثره وأثره في غيره فلو أن )» (١تحفة الأحوذي«. ١٧٧/٧ ) (٢المصدر نفسه. ١٧٧/٧ )» (٣باختصار من شرح الموطأ« للخضير ، ٩/١٤دروس مفرغة من موقع الشيخ الخضير. مقاصد الشريعة بين المذهب الإباضي والمذاهب الإسلامية الأخرى/ج٢ ٣٥٤ إنسان ا عنده شيء من العلم ينفع الناس هل يقال :اعتزل لأن الزمن زمن فتنة؟ نعم إذا خشي منه أن يؤثر في الناس أثر ا غير مناسب. وصفوة القول: أن الموازنة بين العزلة والمخالطة تخضع لاختلاف الناس والأحوال، »السبل«. والزمان والمكان، كما قال صاحب قلت :وهذا هو الحق فإن بعض الناس تكون المخالطة فيه خير ا وهو الذي يصلح بين الناس ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ولا سيما أيام الأمن والرخاء. وبعض الناس خير لهم العزلة وهم الذين إذا خالطوا الناس أفسدوا وحركوا نار الفتنة ولا سيما في أيام الفتن، والعبرة بالغالب من الخير أو الشر في الحال أو المآل. ومما يستدل لذلك قول النبي ژ » :من أصبح لا يهتم بأمر المسلمين فليس منهم«).(١ وعن جابر بن زيد ƒمرفوع ا» :أفضل الناس ثواب ا يوم القيامة أنفعهم للناس في الدنيا«. وقال» :إذا أراد االله بعبد خير ا استعمله في قضاء حوائج الناس«).(٢ قال الشيخ ناصر بن أبي نبهان :فيه تنبيه على معان. أحدها :القائم بحوائج السؤال عما يلزم في الدين ووجوه أحكامه وهو أعظم رتبة. الثاني :الإمام العادل القائم بالعدل. )» (١منهج الطالبين«. ٣٣٤/٢ )» (٢موسوعة آثار جابر بن زيد«. ٦٢/٣ الفصل الحادي عشر :في الموازنة بين المصالح والمفاسد ٣٥٥ الثالث :الجهاد في سبيل االله لإنكار المنكر والأمر بالمعروف. الرابع :حوائج الدنيا الحلال).(١ )قلت(» :وهذا الحديث من أصرح الأدلة على فضل المخالطة في حق من ينفع الناس في الدنيا«، واالله أعلم. المسألة العاشرة :في الموازنة في اختيار المفتي: وقد تقع الموازنة بين اختيار المفتي العالم قليل الورع وبين المفتي قليل العلم كثير الورع، فقد اختلف أهل العلم في أيهما يختار ويقدم على مذهبين: الأول :أنه يقدم كثير العلم وإن ق ل ورعه، لأن مدار الفتوى على العلم وليس على الورع فيسأل الأعلم ويعلم بفتواه، وهذا على افتراض استوائهم في العدالة والدين والثقة وفي هذه الحالة لا أثر لزيادة الورع مع قلة العلم. تحري الحق. المذهب الثاني :يقدم الأورع؛ لأن ورعه يحمله على وهل يجوز أن يقلد المفضول مع وجود الفاضل إذا كان قد اعتقد فيه الأفضلية أو المساواة لغيره بغلبة ظنه؟ الصحيح جواز ذلك ولا يلزمه البحث عن أحوال المجتهدين ولم يزل العا مة سلف ا وخلف ا يستفتون الأئمة مع تفاوت مراتبهم في العلم دون نكير عليهم من أحد).(٢ ومن أمثلة ذلك :اختلاف الشافعية في القبلة وذلك إذا اختلف عليه مجتهد ين فإنه يقلد من شاء على الأصح، وقيل» :يقلد الأعلماجتهاد )» (١آراء الشيخ ابن أبي نبهان في قاموس الشريعة«. ٤٨٣/١ )» (٢غاية المأمول« ص ٧٢٠للمؤلف و»الوجيز«، د. محمد حسن هيتو، ص. ٥١٦ مقاصد الشريعة بين المذهب الإباضي والمذاهب الإسلامية الأخرى/ج٢ ٣٥٦ والأوثق، ورجحه الرافعي في »الشرح الصغير«، فقال :إنه الأشبه، وقيل: ابتداء أن أحدهما يصلي مرتين إلى الجهتين، وقال في »الروضة« :إذا عل م أعلم وأوثق ولم يحتج في ذلك إلى بحث وجب عليه تقليده).(١ فهذه موازنة في اختيار المفتي في دين االله هل الأولى النظر إلى العلم أو إلى الصفات من الورع والخوف ونحو ذلك؟ فإذا استويا في أصل العدالة فالأولى تقديم الأعلم. أما إذا عرف المفتي بالجرأة في الدماء وظهر مجونه وق ل خوفه وورعه فهذا ليس بعدل ولا يعبأ بفتاويه، ومثل هؤلاء المفتين كثير في عصرنا والله المشتكى، يبيع أحدهم دينه بعرض من الدنيا قليل نسأل االله السلامة في الدين والعافية في البدن. المسألة الحادية عشرة :في الموازنة بين مصلحة إخراج العين أو القيمة في صدقة الفطر: اختلف العلماء في إخراج القيمة أو العين في صدقة الفطر. فذهب الجمهور إلى منع إخراج القيمة في صدقة الفطر وهو مذهب المالكية والشافعية، والحنابلة. وذهب الحنفية إلى جواز إخراج القيمة. وعند الإباضية قولان كالمذهبين: القول الأول :لا يجزئ إخراج القيمة في صدقة الفطر. قال في »التاج المنظوم« :ولا يجزىء إخراج القيمة من نقد وغيره... وقد جاء الترخيص عنهم في القيمة. )» (١التمهيد« للأسنوي، ص. ٥٣٠ الفصل الحادي عشر :في الموازنة بين المصالح والمفاسد ٣٥٧ قال :وكان ضمام يكره إعطاء النقد وأعجب الأعور ما قاله ثم بدا له أنها؛ أي :القيمة خير، ومنعه محبوب). (١وهذا يجري على زكاة المال. وقد ذكر النور السالمي » : 5أن معاذ ا كان يقبل العروض عن الزكاة والماشية وغيرها«)، (٢وروي عنه أنه كان يقول لأهل اليمن :إيتوني بخميص ولبيس مكان الشاة والحبوب فإنه أيسر عليكم وأنفع لفقراء المدينة).(٣ وهذا أصل في اعتبار القيمة من مالوغيره. وقال السالمي أيض ا» :ويلزم القائلين بإخراج القيمة، من أصحابنا لأنهم إذا رخصوا فيه عند الإمكان فهو في حال الضرورة أمكن).(٤ )قلت( :والحاجة داعية إلى إخراج القيمة والحاجة ت ن ز ل منزلة الضرورة عامة أو خاصة. والموازنة تقتضي من العلماء المفتين في العالم الإسلامي أن ينظروا في أوضاع المسلمين، وفي المقصد الشرعي من الزكاة ولا سيما زكاة الفطر وهو إغناء الفقير عن ذل السؤال في يوم العيد والتوسيع على الفقراء والمساكين، وهذا لا يكون إلا في النقد. وقد أخبرني سماحة مفتي ع كار فضيلة الشيخ أسامة الرفاعي أنه رأى المنورة جماعة من الفقراء قد جمعوا عطاياهمفي سوق القمح في المدينة ) (١انظر» :بدائع الصنائع« ، ٧٣/٢و»مواهب الجليل« ، ٣٥٦/٢و»الحاوي الكبير«، ٣٨٣/٣ و»المغني« لابن قدامة. ٤٨٦/٢ )» (٢التاج المنظوم« ، ٣٢١/٢و»شرح النيل«. ١٥١/٦ )» (٣معارج الآمال«. ٢٥٤/٩ )» (٤المعارج«. ٢٥٥/٩ مقاصد الشريعة بين المذهب الإباضي والمذاهب الإسلامية الأخرى/ج٢ ٣٥٨ التجار بثلث ثمنها ليتخلصوا منها ويأخذوامن القمح وكانوا يبيعونها إلى المال بدل القمح، وهذا أمر أوجبه م ن م ن ع من إخراج القيمة. إن سل م الأولويات في النفقة عند الفقراء يوم العيد يقتضي حاجتهم إلى النقد لدفع حوائجهم ولا سيما إذا وقعوا في حاجة أو ضرورة. إن إخراج القيمة يلائم مقصد الشارع من حيث دفع الحاجة والضرورة والمسألة يوم العيد الذي جعله االله تعالى يوم فرحة وسرور، والحرص على إخراج التمر أو القمح. أو الشعير في ذلك اليوم قد ي فر غ صدقة الفطر عن مضامينها ومقاصدها. واالله أعلم. ا :ا    ارع ٥..... ................................................ا المبحث الأول :التعريف في قصد الشارع ٦..... ...................................................... المبحث الثاني :أهمية علم مقاصد الشارع ٦..... ..................................................... المبحث الثالث :في الدليل على اعتبار مقاصد الشارع ١٠..... ............................. المبحث الرابع :في الآثار المترتبة على موافقة قصد الشارع ومخالفته ١٣.... المطلب الأول :صحة العمل وبطلانه ١٣..... ...................................................................... المطلب الثاني :المعاملة بنقيض المقصود ١٧..... .......................................................... المبحث الخامس :في قصد الشارع إخراج المكلف من داعية هواه ١٩..... .......... المبحث السادس :في بيان مقصد الشارع في دفع الحرج عن المكلفين ٢١..... . المبحث السابع :في بيان قصد الشارع مراعاة العوائد ٢٩..... ................................... المطلب الأول :المراد بالعوائد ٢٩..... ................................................................................... مقاصد الشريعة بين المذهب الإباضي والمذاهب الإسلامية الأخرى/ج٢ ٣٦٠ بالعرف ٢٩..... ...................................المطلب الثاني :تحرير محل النزاع في المراد المطلب الثالث :في أقسام العوائد ٣٠..... ........................................................................... بالعرف ٣١..... ..................................................................المطلب الرابع :في الاحتجاج المطلب الخامس :في دليل الحجية ٣٢..... ........................................................................ العرف ٣٦..... .......................................................................المطلب السادس :في شروط العرف في الفقه الإباضي ٣٧..... .................................................المطلب السابع :في العرف والعادة بمقاصد الشريعة ٦٠..... ..................................المطلب الثامن :علاقة المبحث الثامن :في قصد الشارع وضع الشريعة للإفهام ٦٤..... ............................... المطلب الأول :الشريعة المباركة عربية ٦٤..... ................................................................ المطلب الثاني :في وضع الشريعة على أساليب العرب في الكلام ٦٥..... .......... المطلب الثالث :هل يوجد في القرآن ما يخرج عن مقتضيات العقول ٦٩..... .. المطلب الرابع :تفسير القرآن يجب أن يكون على وفق ما هو معهود في لغة العرب ٧١..... ...................................................................................................... المطلب الخامس :في ترجمة القرآن ٧٧..... ...................................................................... المطلب السادس :في أنواع الاختلاف في القرآن ٧٩..... ............................................. المبحث التاسع :في قصد الشارع تحقيق العدل ٨٠..... ............................................. المبحث العاشر :في قصد الشارع تحقيق مكارم الأخلاق ٨٥..... ........................... ادي  :%ا/از& 3',ا  hوا ٩١..... .............. Mا المبحث الأول :في تعريف فقه الموازنات ٩٢..... ................................................... فهرس الجزء الثاني ٣٦١ المبحث الثاني :في بيان أهيمة فقه الموازنات ومجالاته ٩٦..... ......................... المبحث الثالث :في ضوابط فقه الموازنات ١٠٣..... ............................................... المبحث الرابع :في مجال فقه الموازنة ١٠٥..... ........................................................ المبحث الخامس :علاقة فقه الموازنة بفقه الأولويات ١٠٩..... ............................ المبحث السادس :أصول فقه الموازنة في الكتاب ١١١..... ..................................... الس نة ١٢٤..... ................................................................المبحث السابع :الموازنة في المطلب الأول :الموازنة بين الأعمال الصالحة ١٢٥..... .................................................. المطلب الثاني :الموازنة بين الأشخاص ١٢٦..... ................................................................ المطلب الثالث :الموازنة بين البلاد١٢٧..... ......................................................................... المطلب الرابع :في الموازنة والمفاضلة بين ما يدوم وبين ما ينقطع من الأعمال ١٢٩..... المطلب الخامس :الموازنة بين المصالح والمفاسد ١٣٠..... ....................................... المطلب السادس :الموازنة بين المفاسد ١٣٩..... .............................................................. المطلب السابع :الموازنة بين الحقوق ١٤٣..... ................................................................. المبحث الثامن :فقه الموازنة في سيرة النبي ژ ١٤٥..... ....................................... المكية ١٤٥..... .........................................المطلب الأول :في الموازنة في المرحلة المطلب الثاني :فقه الموازنة في العهد المدني ١٤٩..... ............................................. المطلب الثالث :فقه الموازنة في صلح الحديبية ١٥٤..... ........................................ المبحث التاسع :فقه الموازنة في سيرة الخلفاء الراشدين ١٥٩..... ...................... المطلب الأول :في فقه الموازنة عند أبي بكر الصديق ١٥٩........................... ƒ مقاصد الشريعة بين المذهب الإباضي والمذاهب الإسلامية الأخرى/ج٢ ٣٦٢ المطلب الثاني :في فقة الموازنات عند عمر بن الخطاب ١٦٣..... ................. ƒ المطلب الثالث :فقة الموازنة عند عثمان بن عفان ١٦٨..... ............................... ƒ المطلب الرابع :فقة الموازنة عند علي بن أبي طالب ١٧٤..... ......................... ƒ المبحث العاشر :في فقه الموازنة في الفقه الإباضي ١٧٩..... ............................... المبحث الحادي عشر :في أهلية الموازن ٢٨٥..... ................................................... المبحث الثاني عشر :في حكم تعلم فقه الموازنة ٣٠١..... ................................... المبحث الثالث عشر :في المراحل التي يسلكها الموازن ٣٠٤..... ..................... المبحث الرابع عشر :موضوع الموازنة ٣١٦..... ........................................................ المطلب الأول :الموازنة في الأقوال ٣١٧............................................................................ المطلب الثاني :الموازنة في الأفعال ٣٢١..... ...................................................................... المطلب الثالث :الموازنة في الاختيار ٣٢٧..... .................................................................. وفيه مسائل المسألة الأولى :في اختيار الخليفة ٣٢٧..... ................................................................. المسألة الثانية :في اختيار الزوجة ٣٣٢..... .................................................................... المسألة الثالثة :في اختيار الكسب٣٣٥..... ................................................................... المسألة الرابعة :في اختيار المسكن ٣٤٠..... ................................................................. المسألة الخامسة :في اختيار المدفن ٣٤٣..... ............................................................... المسألة السادسة :في اختيار الدار٣٤٥.......................................................................... المسألة السابعة :في الموازنة بين القبائل ٣٤٦............................................................ المسألة الثامنة :في الموازنة في اختيار الرفقة ٣٤٨..... ............................................. فهرس الجزء الثاني ٣٦٣ المسألة التاسعة :في الموازنة بين المخالطة والعزلة٣٥٠..... ................................... المسألة العاشرة :في الموازنة في اختيار المفتي ٣٥٥............................................... المسألة الحادية عشرة :في الموازنة بين مصلحة إخراج العين أو القيمة في صدقة الفطر٣٥٦.........................................................................................