مقام الصحابة مقام الصحابة ٣ بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله حق حمده والصلاة والسلام على نبيه المصطفى ورسوله المجتبى وعلى آله وصحبه، وكل من سلك سبيل رشده. أما بعد... فسلام زكي وتحية مباركة على أخينا الجليل الشيخ محمد بن محمد ابن حبرنا وإمامنا قطب الأئمة محمد بن يوسف إطفيش رضي الله تعالى عنه القيم على مكتبة قطب الأئمة بيزجن من وادي ميزاب. تلقيت بعظيم الشكر وبالغ التقدير رسالتكم القيمة المتضمنة سؤالا فيما وقع بين الصحابة من فتن أٍريقت فيها دماء وأزهقت أرواح وأدت إلى تصدع صرح الخلافة الإسلامية فانهدت وقام على أنقاضها ملك عضوض، وقد ذكرتم ما وجدتموه بين الناس من خلاف في ذلك بين ناقد لهذه الفتنة وناظر في أبعادها بموجب ما يقتضيه حكم الإسلام العادل الذي لا يفرق بين قريب وبعيد وبغيض وحبيب في حكمه عليهم، وآخر يجنح إلى طي هذه الصفحة وعدم نشر ما احتوته من مصائب ومثالب أصحابي كالنجوم بأيهم » : اعتمادا على ما روي عن النبي ژ أنه قال أو كما رووا. ،« إذا وصلتم أصحابي فكفوا » : وأنه قال ،« اقتديتم اهتديتم مقام الصحابة ٤ وقد أردتم مني إيضاح الحق بدليله في هذه القضية الشائكة، وإليكم مني جوابها: اعلم أن لعموم الصحابة منزلة عالية لا يدرك شأوها ولا يمتطى مطاها، فكم تضمن القرآن ثناء الله تعالى عليهم كما في قوله: ﴿!"#$ 3210/.-,+*)('&% CBA@?>=<;:987654NMLKJIHGFED[ZYXWVUTSRQPO §¦¥¤£¢﴿ : \﴾ [الفتح: ٢٩ ]، وقوله μ´³²±°¯®¬«ª©¨ ÄÃÂÁÀ¿¾½¼»º¹¸❁ ÑÐÏÎÍÌËÊÉÈÇÆÅ$#"! ❁×ÖÕÔÓÒ/.-,+*)('&% 76543210 ﴾ [الحشر: ٨ ١٠ ]، وروى مسلمخير » : ٢٥٣٣ ) من حديث ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي ژ أنه قال ) أمتي القرن الذين يلوني، ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم، ثم يجيء قوم « لم يذكر هناد القرن في حديثه « تسبق شهادة أحدهم يمينه ويمينه شهادته أي الناس خير؟ قال: قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين » : ورواه بلفظ ،« يلونهم، ثم يجيء قوم تبدر شهادة أحدهم يمينه، وتبدر يمينه شهادته والمراد بقرنه ژ أصحابه. مقام الصحابة ٥ ولا غرو في ارتقاء أصحاب النبي ژ إلى هذا المقام الرفيع الذي لا يزاحمهم فيه مزاحم، فإنهم أكرمهم الله تعالى بلقائه عليه أفضل الصلاة والسلام والإيمان به ونصرته والجهاد معه والتلقي عنه، فكانوا هم الواسطة بينه وبين أمته في إيصال هذا الدين إلى من بعدهم، كما كانوا مؤهلين بفطرتهم الزكية وفطنتهم الوقادة أن يكونوا ينابيع علم ومصابيح هداية ترتوي الأمة بما يتدفق منهم من علم وتستهدي بما يشع من أقوالهم وأعمالهم وأخلاقهم من حكمة هادية إلى الصراط المستقيم. لذلك ذهب بعض فقهائنا إلى أن المجتهد من هذه الأمة إن اجتهد فيما سبق للصحابة فيه رأي عليه أن لا يخرج عن آراء جميع الصحابة، بل لا بد أن يستمسك برأي بعضهم، وهو الذي انتصر له الإمام ابن بركة في لأن الصحابة هم الحجة التامة، ألاَ ترى أن » : ٧) إذ علله بقوله / جامعه ( ١ الله تعالى جعل شهادتهم على الناس كشهادة الرسول عليهم بقوله: CBA@?>=<;: ﴿ البقرة: ١٤٣ ]، فلا يجوز وقوع الخطأ في شهادتهم إذا كانت ] ﴾ED IHG﴿ : شهادتهم كشهادة الرسول عليه السلام عليهم مثل قوله ،[ النساء: ١١٥ ] ﴾RQPONMLKJ اه .« والخارج من قول الصحابة متبع لغير سبيل المؤمنين ٤٣٣ ) أن مرتبة الصحبة تأتي بعد / وبين الإمام السالمي في جواباته ( ٥ مرتبة النبوة عندما أنكر ما يدعيه بعضالمتصوفة أنهم يجتمعون بالنبي ژ وأنت تعلم أن الصحابة أكرم » : ويصلون وراءه، فقد رد هذه الدعوى بقوله مقام الصحابة ٦ الخلق على الله بعد الأنبياء ولم تنقل هذه الدعوى عن أحد منهم مع قرب العهد وشدة الشوق، حاشاهم من ادعاء ذلك. وقد مضى عليهم بعد محمد ژ عصران: عصر استقامة وعصر اختلاف، فهم في عصر الاستقامة مشتاقون إلى رؤيته، وفي عصر الاختلاف محتاجون إلى حكمه، فما رآه اه .« المشتاق ولا لقيه المحتاج وهذا يعني بلا ريب أن للصحابة قدرا عاليا ومقاما رفيعا، لا يتطاول إليه المتطاولون وإن جدوا وبذلوا النفس والنفيس. وبعدما خلت القرون عليهم وانطوت العصور من بعدهم، فإنه بلا ريب من الأسلم والأحوط أن تطوى صفحة أحداثهم وتلجم الأفواه وتقطع الألسن عما شجر بينهم فلا يذكروا إلا بمناقبهم ومآثرهم الحسنة، ÍÌËÊÉÈÇÆ﴿ : فإن هذا الذي يقتضيه قوله تعالى البقرة: ١٣٤ ]، ولكن الذي دعانا ] ﴾ÖÕÔÓÒÑÐÏÎ إلى أن نتعرض لبعض ما حدث من بعضهم، ونستدل للحق في ذلك بنصوص القرآن وأحاديث الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام، أن كثيرا ممن خاض في هذا لم يكن مستهديا فيما يقوله أو يؤثره ببصيرة من القرآن أو بينة من سنة الرسول عليه الصلاة والسلام، وإنما كان فيما يقوله متأثرا بعاطفة رعناء ومندفعا بعاصفة من الهوى؛ لذلك أغمض عينيه عن الواقع الأبلج، وأصم أذنيه عن حجج الشرع التي تصخ الأسماع، فكم تجد في كلامهم تبرئة ساحة من خرج عن الخليفة الشرعي لقصد استلاب الخلافة منه وتحويلها إلى ملك عضوض وطمس مقام الصحابة ٧ الحق وموه الحقيقة بسن لعن الخليفة على منابر الجمعة وغيرها، حتى نشأ على ذلك الصغير ومات عليه الكبير. وقد تجاهل هؤلاء المموهون ما صدر على هؤلاء من الحكم بالبغي على لسان رسول الله ژ بما تواتر عنه من الأحاديث الصحيحة، في حين أنهم صبوا قوارع الإنكار على الأبرياء صبا.. عندما اتهموا بالمروق والبغي والعدوان والفساد والانحراف المحكمة الأولى الذين كانوا معروفين بالقراء ومشهورين بالنسك والزهد، وقد اجتمع حرصهم على المحافظة على الخلافة من أن تتصدع بتآمر المتآمرين وبغي المعتدين وأدركوا ببصيرتهم خدعة التحكيم وما تفضي إليه من تشتت كلمة المسلمين وذهاب ريحهم، فكان نصيبهم من القالة والكتاب ما ألصقوه بهم من التهم الفاجرة ووضعوا فيهم من الأحاديث المزورة، مع أن جماعة من هؤلاء المحكمة كانوا من أجلة الصحابة، فمنهم من كان من أهل بدر ومنهم من شهد بيعة الرضوان، ولكن ذلك لم يشفع لهم عند الذين يدعون حب الصحابة وطي صفحتهم حتى لا يتعرض لها بشيء. وقد ثبت بلا ريب صواب موقفهم من إنكار التحكيم إذ لم تكن له من عاقبة إلا تصدع الخلافة وزوالها وسقوط الحكم في أيدي الجورة الذين اتخذوا عباد الله خولا وماله دولا، فلم يبالوا بسفك دماء الأبرياء من الصحابة والتابعين كما حدث في واقعة الحرة التي أبيدت فيها بقايا الصحابة وانتهكت فيها حرمات حرم النبي ژ وارتكبت في جنباته كل فاحشة وجريرة، فإن هذه كلها إنما كانت ثمارا لخدعة التحكيم الذي مقام الصحابة ٨ أنكره أهل البصائر فاتهموا في بصائرهم ودينهم، واختلقت الأحاديث لتلُبسِهَم كل منكر وتجُردهم من كل معروف، ولم يعتبر بشيء من ذلك الذين لم يكن لهم هم إلا اجترار ما قاله المغرضون، فإن هذا كله هو الذي دعانا إلى نشر هذه الصحيفة المطوية لنصرة الحق وإزهاق الباطل، ولولا ذلك لكنا أسرع الناس إلى طيها، وأحرص على عدم النبس ببنت شفة في تلكم الأحداث، فإن الدماء التي أريقت فيها طهرت منها أسنتنا فحري أن تطهر منها ألسنتنا، ولكن الحق عندما يتعرض للحيف لا يبقى مناص عن نصرته، والحقيقة عندما تمنى بالتشويه يجب أن تبرز في صورتها المشرقة وجمالها الأخاذ للألباب، وذلك الذي يحتمه العدل الذي طولبنا به في قوله تعالى: DCBA@?>=<;:98 ﴿ الأنعام: ١٥٢ ]، وقوله: ﴿"#$ ] ﴾HGFE 10/.-,+*)('&% BA@?>=<;:98765432yx﴿ : النساء: ١٣٥ ]، وقوله ] ﴾IHGFEDC ¦¥¤£¢¡ ے~}|{z ¶μ´³²±°¯®¬«ª©¨§ .[ المائدة: ٨ ] ﴾¸ فالأمور يجب أن لا يحكم فيها إلا بعد الإحاطة بملابساتها والتعمق في أبعادها والنظر في بداياتها ومآلاتها واستحضار حكم الله ورسوله مقام الصحابة ٩ فيها، وهذا هو الذي كان نصب أعيننا وملء قلوبنا عندما دافعنا عن الحق والحقيقة اللذين انتصرنا بتوفيق الله لهما، على أننا في كل جزئية طرحناها إنما رجعنا فيها إلى مصادر غير مصادر علمائنا، وإنما نقلنا ما قاله العلماء الآخرون حتى لا نتحيز في الحكم إلى ما قاله أسلافنا، وأنزلنا نصوص القرآن والسنة النبوية الثابتة الصحيحة وآثار علماء الأمة على الأحداث، وبينا فيها ما هو الحق والحمد لله حق حمده. وبناء على هذا المنهج السليم سيكون سيرنا إن شاء الله في الإجابة على ما سألتم عنه من التباين الذي وجدتموه في الطرح الذي طرحه بعض المعاصرين فيما يختص بالصحابة بين مجترئ على نقد ما صدر عمن هو محسوب عليهم ومعدود في جملتهم وآخر متهيب ناصح بعدم الخوض في قضاياهم جميعا، فإننا لن نصدر إن شاء الله فيما نقوله إلا عن الكتاب العزيز والسنة الثابتة المطهرة. ومن خلال رجوعنا إلى هذين المصدرين النيرين وضحت لنا قضايا لا بد من الأخذ بها في الاعتبار. القضية الأولى: أن جيل الصحابة هو أفضل الأجيال بالنظر إلى ما كان يتميز به مجموعهم من رسوخ الإيمان وصفاء القلوب وصلاح العمل وانتشار البر وقلة الفجور مع ما أكرمهم الله به من لقاء رسول الله ژ والتلقي عنه، ولكن لا يسري هذا الحكم على الأفراد جميعا، فليس كل فرد من أفرادهم أفضل ممن بعدهم. مقام الصحابة ١٠ القضية الثانية: أنهم لم يكونوا معصومين، فإنهم كغيرهم عرضة للشيطان ووساوسه، وعرضة للوقوع في الزلل، ولذلك أقيمت عليهم الحدود المشروعة في الإسلام كحد الزنا والسرقة والقذف، وإنما العصمة للنبيين وحدهم. القضية الثالثة: أنهم يناط بأفعالهم خيرا أو شرا جزاؤهم العادل في الدنيا وفي الآخرة، فقد حظوا في الدنيا بنصر الله لهم وتمكينه إياهم جزاء ما فعلوه من الخير كما أنهم مجزيون على ذلك أحسن الجزاء في الدار الآخرة، وفي مقابل ذلك يشملهم العدل الإلهي فيجزون في الدنيا على ما يرتكبون من هتك محارم الله مثل ما يجزى غيرهم، ولذلك لم يعفوا من الحدود الشرعية، فأقيمت عليهم كما تقام على غيرهم، وكذلك يتوجه إليهم الوعيد الأخروي كما يتوجه إلى من سواهم، فهم في غير مأمن من العقاب إن لم يتوبوا مما أتوه. القضية الرابعة: أنهم في حكم الاصطفاء والولاية يشمل حب المؤمنين لهم في الله تعالى بالنظر إلى عمومهم، أما أفرادهم فيرجع أمر ذلك إلى ما يصدر عنهم من استقامة أو ضدها، فهم في برهم يعاملون بما يستحقون وإن لم يبروا فكل منهم يتحمل تبعة ما فعل. القضية الخامسة: أن النبي ژ كان يتولى من يتولاه منهم بحكم الظاهر عندما تظهر لهم منهم الاستقامة والبر إلا إن أوحي إليه في أحد بعينه أنه مرضي عند الله، فيتولاه بموجب ذلك ولاية الحقيقة بحيث يقطع بسعادته وتكون ولايته له غير منوطة بما يأتيه من الأعمال وإنما هي معقودة على ما علمه قطعا من رضى الله تعالى عنه. مقام الصحابة ١١ القضية السادسة: أن من ثبتت ولايته بالحقيقة يعامل في الدنيا بموجب ما يصدر عنه من العمل كما يقتضيه شرع الله ولا تعفيه ولايته من إجراء الأحكام الشرعية عليه وإن بقيت ولايته راسخة لا يزعزعها ما صدر عنه من عمل. هذا كله اتضح لي بالرجوع إلى نصوص الكتاب والثابت عن النبي عليه الصلاة والسلام وما درج عليه خيار الصحابة رضي الله عنهم المشهود لهم من رسول الله ژ، ومن جميع الأمة. والدليل على أنهم بالنظر إلى أفرادهم يتفاوتون بحسب ما يصدر عنهم من الأعمال دخولهم قطعا في خطاب الله تعالى الذي وجهه إليهم وإلى @?>=<;: من بعدهم كقوله تعالى: ﴿ 9 O❁ MLKJIHGFEDCBAZYXWVUTSRQPWVU﴿ : ]\[^﴾ [النساء: ١٢٣ ١٢٤ ]، وقوله gfedcba`_^]\[ZYX ¹¸¶μ´³²±﴿ : الطور: ٢١ ، وقوله ﴾h ﴾ÃÂÁÀ¿¾½¼»º الجاثية: ٢١ ، فإنه ليس من المعقول أن تكون قوارع النذر في هذه الآيات وغيرها خاصة بمن يأتي من بعد عصر الصحابة، كيف وقد كانوا مطالبين بأن يكونوا معتقدين لمضامينها مكيفين أعمالهم وفق مفاهيمها مسارعين إلى تهذيب أعمالهم وأخلاقهم حسب مقتضاها. مقام الصحابة ١٢ ومع ذلك توجه الإنذار إليهم بالنص وإلى من بعدهم بالتبعية في °¯®¬«ª©﴿ : آيات أخرى، كقوله تعالى ¾½¼»º¹¸¶❁ ´³²± ÊÉÈÇÆÅÄÃÂÁÀ¿ qponmlk﴿ : الأنفال: ١٥ ١٦ ]، وقوله ] ﴾Ë ،[ الصف: ٢ ٣ ] ﴾|{zyxwvut❁ r ONMLKJIHGFED﴿ : وقوله [ZYXWVUTSRQPfedc❁ a`_^]\ rqponmlkjihgے~}|{zyx﴿ : التوبة: ٣٨ ٣٩ ]، وقوله ] ﴾s «ª©¨❁ ¦¥¤£¢¡ ¸¶μ´³²±°❁ ®¬ ÈÇÆÅÄÃÂÁÀ¿¾½¼»º¹ محمد: ٣٦ ٣٨ ]، وقوله: ] ﴾ÐÏÎÍÌËÊÉ .-,+*)('&%$#"! ﴿ =<;:9876543210/ .[ <﴾ [الفتح: ١٦ RQPONML﴿ : وكذلك قوله تعالى `_^]\[ZYXWVUTSالنور: ٦٣ ]، إذ لا يتصور ] ﴾hgfedcba مقام الصحابة ١٣ أن يكون الخطاب فيه إلا للصحابة، لأنهم هم الذين كانوا حول الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام، فيتصور أن يتسللوا عنه لواذا، وإذا كان الوعيد الذي في آخر الآية على المخالفة عن أ مره يشمل من بعدهم فإن شموله لأولئك بالتبعية، أما شموله للصحابة فبالنص لما ذكرته، ويقوي ذلك ارتباط هذه الآية بما سبقها وهو قوله تعالى: ﴿ !"# 210/.-,+*)('&%$ =<;:9876543﴾JIHGFEDCBA@?> .[ [النور: ٦٢ ومن الآيات المحذرة من أشد الوعيد ما لا يتصور خطابها بحال لمن tsrqp﴿ : بعد الصحابة رضي الله عنهم، كقوله تعالى ے¡ ~}|{zyxwvu الحجرات: ٢]، فإن رفع الأصوات فوق ] ﴾¦¥¤£¢ صوته ژ لا يتصور بحال فيمن بعد عصره، إذ لم يكونوا معاشرين له فيمكنهم أن يتبادلوا معه الحديث حتى يرفعوا أصواتهم فوق صوته، وإنما يتأتى ذلك لمن كانوا معاشريه ومشاركيه القول في مجلسه، وأنت ترى كيف تضمن خطاب الآية الكريمة أشد الوعيد، وهو إحباط الأعمال بمجرد رفعهم الصوت فوق صوته عليه الصلاة والسلام. وهو بلا ريب تنبيه على أن مخالفة حكمه والخروج عن طاعة الله وطاعته أولى بمثل هذا الوعيد الشديد. مقام الصحابة ١٤ هذا؛ وقد تعزز ما دلت عليه هذه الآيات من كونهم يترتب على أفعالهم وعدها ووعيدها كما يترتب ذلك على أفعال غيرهم أنهم توعد من يعد من أخص خاصتهم أشد الوعيد على ارتكاب محارم الله مقابلا بأحسن الوعد حال التزام حدود الله، فقد خاطب الله أمهات المؤمنين رضي الله ÃÂÁÀ¿¾½﴿ : عنهن أشد الخطاب عندما قال الأحزاب: ٣٠ ]، كما ] ﴾ÍÌËÊÉÈÇÆÅÄ خاطبهن أرجى خطاب في قوله: ﴿"#$%&' )(*+,-./﴾ الأحزاب: ٣١ ، هذا مع إبانته لقدرهن وعلو مقامهن في قوله: ﴿ 54321 .[ 9876 ﴾ [الأحزاب: ٣٢ ومثل ذلك ما تضمنه خطاب النبي ژ لعشيرته ولأهل بيته الطاهر من التحذير عن الاغترار بقرابتهم منه وصلتهم به حتى شمل ذلك قرة عينه وفلذة كبده السيدة فاطمة رضي الله تعالى عنها، كما شمل عمه ،( العباس وعمته صفية رضي الله عنهما، فقد أخرج البخارى ( ٢٦٠٢ ومسلم ( ٢٠٦ )، والنسائى ( ٣٦٤٦ ) والدارمى ( ٢٧٣٢ ) عن أبي هريرة عن يا معشر قريش اشتروا أنفسكم من الله لا أغنى عنكم » : النبي ژ أنه قال من الله شيئا يا بني عبد مناف اشتروا أنفسكم من الله لا أغنى عنكم من الله شيئا يا عباسبن عبد المطلب لا أغنى عنك من الله شيئا يا صفية عمة رسول الله لا أغنى عنك من الله شيئا يا فاطمة بنت محمد سليني وأخرجه مسلم ( ٢٠٥ ) من ،« من مالي ما شئت لا أغنى عنك من الله شيئا طريق عائشة رضي الله عنها. مقام الصحابة ١٥ ٦٧ ) من حديث أبي هريرة / وجاء عند الترمذي الحكيم في نوادره( ٣ بلفظ: يا بني عبد مناف يا بني عبد المطلب يا فاطمة بنت محمد يا صفية بنت عبد المطلب عمة رسول الله اشتروا أنفسكم لا أغنى عنكم من الله شيئا سلوني من مالي ما شئتم واعلموا أن أولى الناس بي يوم القيامة المتقون وإن تكونوا أنتم مع قرابتكم فذلك لا يأتيني الناس بالأعمال وتأتوني بالدنيا تحملونها على أعناقكم فتقولون يا محمد فأقول هكذا ثم تقولون يا محمد فأقول هكذا أعرض بوجهي عنكم فيقولون يا محمد أنا فلان بن فلان فأقول أما النسب فأعرف وأما العمل فلا أعرف نبذتم الكتاب فارجعوا فلا قرابة بيني وبينكم. وإذا كان هذا الخطاب الشديد موجها إلى هؤلاء مع ما اجتمع لهم من صحبته ژ وقرابتهم منه، فما بالكم بمن أدلى بسبب واحد وهو الصحبة وحدها، أيقال بأنها عاصمة له من المسؤولية أمام الله؟؟!. ولا يقال بأن هذا الخطاب كان لهم قبل أن يستجيبوا لداعي الله ويدخلوا في دينه فإن ذلك إن احتمل في العباس وصفية وغيرهما من بني عبد مناف وبني عبد المطلب فإنه لا يحتمل في فاطمة رضي الله تعالى عنها التي لم تبلغ حد التكليف إلا في كنف الإسلام، وقد ولدت ونشأت في رعايته عليه الصلاة والسلام، فلم يعرف عنها في يوم من الأيام التلكؤ عن الاستجابة لداعي الله، وقد كانت أمها رضي الله عنها أول من آمن به ژ من النساء، وقد نشأت في حضنها ورعاية أبيها لها، أيتصور أنها كانت من قبل على ملة جاهلية؟ كلا. مقام الصحابة ١٦ وقد أنذر ژ جميع صحابته وجنده أن يغلوا شيئا أو يتحملوا مظلمة، فقد أخرج أحمد ( ٩٤٩٩ )، والبخاري ( ٢٩٠٨ )، ومسلم ( ١٨٣١ ) وأبو عوانة ٧٠٧٧ )، وابن حبان ( ٤٨٤٧ )، والبيهقى ( ١٧٩٨٥ ) عن أبي هريرة رضي الله ) لا ألفين أحدكم يجيء يوم القيامة على رقبته بعير له » : عنه أنه ژ قال رغاء يقول يا رسول الله أغثني فأقول لا أملك لك شيئا قد بلغتك لا ألفين أحدكم يجيء يوم القيامة على رقبته فرس له حممة فيقول يا رسول الله أغثني فأقول لا أملك لك شيئا قد بلغتك لا ألفين أحدكم يجيء يوم القيامة على رقبته شاة لها ثغاء يقول يا رسول الله أغثني فأقول لا أملك لك شيئا قد بلغتك لا ألفين أحدكم يجيء يوم القيامة على رقبته نفس لها صياح فيقول يا رسول الله أغثني فأقول لا أملك لك شيئا قد أبلغتك لا ألفين أحدكم يجيء يوم القيامة على رقبته رقاع يخفق فيقول يا رسول الله أغثني فأقول لا أملك لك شيئا قد أبلغتك لا ألفين أحدكم يجيء يوم القيامة على رقبته صامت فيقول يا رسول الله أغثني فأقول لا .« أملك لك شيئا قد أبلغتك وهذا الخطاب وأمثاله بلا ريب إن كان شاملا لمن جاء من بعد عهد الصحابة فإنه يشملهم بالتبعية لأن حكمه ينسحب على الجميع، وأما الصحابة فهو يشملهم بالأصالة. وقد دلت أحاديث الحوض المستفيضة أنه ژ يتكشف له يوم القيامة من أحوال الناس الذين كانوا حوله وكان يرتضيهم في دينهم ما لم يكن ( منكشفا له من قبل في الحياة الدنيا، فقد روى الربيع في مسنده ( ٤٣ مقام الصحابة ١٧ ومالك ( ٥٨ )، وأحمد ( ٧٩٨٠ )، ومسلم ( ٢٤٩ )، والنسائى ( ١٥٠ )، وابن ماجه ،( ٤٣٠٦ )، وابن حبان ( ١٠٤٦ )، وأبو يعلى ( ٥٠٢ )، وأبو عوانة ( ٣٦٠ ) والبيهقي ( ٣٩٢ ) عن أبي هريرة أن النبي ژ خرج إلى المقبرة فقال: السلام عليكم دار قوم مؤمنين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، وددت أني » رأيت إخواني، قالوا يا رسول الله: ألسنا بإخوانك؟ قال: بل أنتم أصحابي وإنما أخواني الذين يأتون من بعدي وأنا فرطهم على الحوض، قالوا يا رسول الله: كيف تعرف من يأتي بعدك؟ قال: أرأيتم لو كان لرجل خيل غر محجلة في خيل دهم بهم ألا يعرف خيله؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال: فإنهم يأتون يوم القيامة غرا محجلين من أثر الوضوء، وأنا فرطهم على الحوض، وليذادن رجال عن حوضي كما يزاد البعير الضال فأناديهم .« ألا هلم فيقال إنهم قد بدلوا بعدك فأقول فسحقا فسحقا وروى أحمد ( ٢٣٣٨٥ )، والبخارى ( ٦٢٠٥ ) عن حذيفة رضي الله عنه أنا فرطكم على الحوض أنظركم ليرفع لي رجال » : عن النبي ژ أنه قال منكم حتى إذا عرفتهم اختلجوا دوني، فأقول: رب أصحابي رب أصحابي، .« فيقال: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك ليردن » : وروى البخاري ( ٦٥٨٢ ) عن أنس رضي الله عنه عن النبي ژ قال علي ناس من أصحابي الحوض، حتى عرفتهم اختلجوا دوني، فأقول: ( وعنه عند مسلم ( ٢٣٠٤ ،« أصحابي، فيقول: لا تدري ما أحدثوا بعدك ليردن علي الحوض رجال ممن » : والبيهقي في البعث والنشور ( ١٤٩ ) بلفظ صاحبني، حتى إذا رأيتهم ورفعوا إلي اختلجوا دوني، فلأقولن: أي رب وروى ابن ،« أصيحابي، أصيحابي، فليقالن لي: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك مقام الصحابة ١٨ ماجة ( ٣٠٥٧ ) عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله ژ وهو على أتدرون أي يوم هذا، وأي شهر هذا، وأي بلد » : ناقته المخضرمة بعرفات فقال ألا وإن أموالكم، » : قالوا: هذا بلد حرام، وشهر حرام، ويوم حرام قال «؟ هذا ودماءكم عليكم حرام، كحرمة شهركم هذا، في بلدكم هذا، في يومكم هذا، ألا وإني فرطكم على الحوض، وأكاثر بكم الأمم، فلا تسودوا وجهي، ألا وإني مستنقذ أناسا، ومستنقذ مني أناس، فأقول: يا رب أصيحابي؟ فيقول: وعنه أيضا عند أحمد( ٣٨١٢ ): قال ،« إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك إني فرطكم على الحوض، وإني سأنازع رجالا، فأغلب » : رسول الله ژ وعن أبي ،« عليهم، فأقول: يا رب أصحابي، فيقال: لا تدري ما أحدثوا بعدك ليردن علي الحوض رجال » : بكرة عند أحمد ( ٢٠٤٩٤ ): أن رسول الله ژ قال ممن صحبني ورآني، حتى إذا رفعوا إلي ورأيتهم اختلجوا دوني، فلأقولن .« رب أصحابي أصحابي، فيقال: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك وروى البخاري ( ٤٦٢٥ ) عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: خطب يا أيها الناس، إنكم محشورون إلى الله حفاة عراة » : رسول الله ژ فقال ﴾JIHGFEDCBA@? ﴿ : ثم قال ،« غرلا ألا وإن أول الخلائق يكسى يوم » : [الأنبياء: ١٠٤ ] إلى آخر الآية، ثم قال القيامة إبراهيم، ألا وإنه يجاء برجال من أمتي فيؤخذ بهم ذات الشمال، فأقول: يا رب أصيحابي، فيقال: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك، فأقول μ´³²±°¯®¬«﴿ : كما قال العبد الصالح المائدة: ١١٧ ] فيقال: إن هؤلاء لم ] ﴾¿¾½¼»º¹¸¶ .« يزالوا مرتدين على أعقابهم منذ فارقتهم مقام الصحابة ١٩ وروى البخاري ( ٦٥٨٦ ) عن ابن المسيب، أنه كان يحدث، عن يرد على الحوض رجال من » : أصحاب النبي ژ: أن النبي ژ قال أصحابي، فيحلئون عنه، فأقول: يا رب أصحابي، فيقول: إنك لا علم لك وقال شعيب عن « بما أحدثوا بعدك، إنهم ارتدوا على أدبارهم القهقرى وقال عقيل: « فيجلون » : الزهري، كان أبو هريرة، يحدث عن النبي ژ وقال الزبيدي عن الزهري، عن محمد بن علي، عن عبيد ،« فيحلئون » الله بن أبي رافع، عن أبي هريرة، عن النبي ژ. وروى البخاري( ٦٥٩٣ ) ومسلم ( ٢٢٩٢ ) عن أسماء بنت أبي بكر رضي إني على الحوض حتى أنظر من يرد » : الله عنهما، قالت: قال النبي ژ علي منكم، وسيؤخذ ناس دوني، فأقول: يا رب مني ومن أمتي، فيقال: فكان « هل شعرت ما عملوا بعدك، والله ما برحوا يرجعون على أعقابهم اللهم إنا نعوذ بك أن نرجع على أعقابنا، أو نفتن » : ابن أبي مليكة، يقول .« عن ديننا وعن عائشة رضي الله تعالى عنها عند مسلم ( ٢٢٩٤ ) قالت: سمعت إني على الحوض أنتظر » رسول الله ژ يقول: وهو بين ظهراني أصحابه من يرد علي منكم، فوالله ليقتطعن دوني رجال، فلأقولن: أي رب مني إنك لا تدري ما عملوا بعدك، ما زالوا يرجعون على » : ومن أمتي، فيقول .« أعقابهم وأنت ترى أن هذه الروايات جميعا تدل على أن هؤلاء الذين حرموا من الورود على الحوض وحيل بينهم وبين النبي ژ كان ژ يعرفهم مقام الصحابة ٢٠ لأنهم صحبوه، وقد مات وهو راض عنهم، فلذلك يحرص على تخليصهم وإلحاقهم به، ولكنه يفاجأ بأنهم أحدثوا بعده ما لم يدر بباله، وهي بذلك تدل على أمرين: أولهما: أنه ژ كان يتولاهم بحكم الظاهر، وكانت حقيقة أمرهم عند الله تعالى بخلاف ما ظهر له، وهو دليل على ما قلناه من أنه ژ يتولى منيتولى من أصحابه بحكم الظاهر إلا من أوحي إليه بأنه مرضي عند الله. ويعزز ذلك ما أخرجه البخاري ( ١٢٤٣ ): حدثنا يحيى بن بكير، حدثنا الليث، عن عقيل، عن ابن شهاب، قال: أخبرني خارجة بن زيد بن ثابت، أن أم العلاء، امرأة من الأنصار بايعت النبي ژ أخبرته: أنه اقتسم المهاجرون قرعة فطار لنا عثمان بن مظعون، فأنزلناه في أبياتنا، فوجع وجعه الذي توفي فيه، فلما توفي وغسل وكفن في أثوابه، دخل رسول الله ژ، فقلت: رحمة الله عليك أبا السائب، فشهادتي عليك: لقد فقلت: بأبي «؟ وما يدريك أن الله قد أكرمه » : أكرمك الله، فقال النبي ژ أما هو فقد جاءه اليقين، والله » : أنت يا رسول الله، فمن يكرمه الله؟ فقال قالت: « إني لأرجو له الخير، والله ما أدري، وأنا رسول الله، ما يفعل بي فوالله لا أزكي أحدا بعده أبدا حدثنا سعيد بن عفير، حدثنا الليث مثله. وقال نافع بن يزيد، عن عقيل ما يفعل به. وتابعه شعيب، وعمرو بن .( دينار، ومعمر، وأخرجه أحمد ( ٢١٢٧ ) والنسائي( ٧٥٨٧ ٣٨٥ ) عن أنس رضي الله عنه: أن عثمان بن مظعون / وروى الروياني ( ٢ حيث توفى خرج النبي ژ فحمل في جنازته، وخرجت امرأته تنادى: مقام الصحابة ٢١ ما يدريك » : مرتين، فالتفت إليها النبي ژ وقال ،« أبشر يا عثمان بالجنة » .«.. لعل عثمان تكلم فيما لا يعنيه أو بخل بما لا يملك ثانيهما: أن الحدث الذي أدى إلى أن يحال بينهم وبينه وأن ينقلبوا إلى مصير غير مصيره إنما كان بعد ما فارقهم النبي ژ إلى الله، وهو يعني أن سيرتهم في عهد ژ كانت مرضية، وإنما حرفهم عنها من بعده ما سبق من قضاء الله فيهم، وهو مما يعكر قول من قال بأنهم كانوا منافقين، إذ المنافقون كانوا من أول الأمر لا خلاق لهم في الدين ولا نصيب لهم من اتباعه عليه أفضل الصلاة والسلام، فلا معنى لتقييد تبديلهم وحدثهم أنه كان بعده ژ. وكذلك دعوى أن هؤلاء جميعا ارتدوا عن الإسلام ومنعوا الزكاة المفروضة لا تقبل فكم من نص في الأحاديث على أنهم من أصحابه، ومن المعلوم أن الذين ارتدوا فخلعوا عن رقابهم طوق الإسلام إنما كانوا أعرابا في أطراف الأرض ولم يكونوا من صحبة النبي ژ في شيء. وأغرب من هذا كله أن نجد رواية عند البخاري تدل على أن نسبة الهلاك هي الغالبة ولا يخلص منهم إلا الشاذ، فقد روى في صحيحه بينا أنا قائم إذا زمرة، حتى إذا » : ٦٢١٥ ) عن أبي هريرة: عن النبي ژ ) عرفتهم خرج رجل من بيني وبينهم، فقال: هلم، فقلت: أين؟ قال: إلى النار والله، قلت: وما شأنهم؟ قال: إنهم ارتدوا بعدك على أدبارهم القهقرى. ثم إذا زمرة، حتى إذا عرفتهم خرج رجل من بيني وبينهم، فقال: هلم، قلت أين؟ قال: إلى النار والله، قلت: ما شأنهم؟ قال: إنهم ارتدوا .« بعدك على أدبارهم القهقرى، فلا أراه يخلص منهم إلا مثل همل النعم مقام الصحابة ٢٢ والحديث وإن عول من عول على سنده فتقبل متنه وحمله على محامل شتى نرى أنه بعيد عما دل عليه القرآن من أن أصحابه ژ كانوا على بر وتقوى وأنهم مرضيون عند الله، والشواذ هم الذين خرجوا عن عموم هذا الحكم، لذلك نعده من مشكلات المرويات فنرده وإن صح سنده لشذوذه عما ذكرته من دلالة القرآن وإنما استغله الذين امتلأت صدورهم كراهية وحقدا لأصحاب النبي ژ ورأوا أن الرضى عنهم حالة استثنائية شاذة، وأن السواد الأعظم منهم هلكى، وهذا ما ترده النصوص القرآنية الدالة على أن الرضى عنهم هو الأصل كما تقدم. وبجانب هؤلاء الذين نبُئِّ أنه سينكشف له أمرهم يوم القيامة بخلاف ما كان يظنهم به في الدنيا من غير تعيين أشخاصهم، هناك من أصحابه من صرح ژ بهلاكهم قبل موتهم وبعده مع تعيينهم بأشخاصهم، فقد أخرج البخاري( ٢٨٩٨ ) ومسلم ( ١١٢ ) عن سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه: أن رسول الله ژ، التقى هو والمشركون، فاقتتلوا، فلما مال رسول الله ژ إلى عسكره، ومال الآخرون إلى عسكرهم، وفي أصحاب رسول الله ژ رجل، لا يدع لهم شاذة ولا فاذة إلا اتبعها يضربها بسيفه، أما إنه » : فقال: ما أجزأ منا اليوم أحد كما أجزأ فلان، فقال رسول الله ژ فقال رجل من القوم: أنا صاحبه، قال: فخرج معه كلما ،« من أهل النار وقف وقف معه، وإذا أسرع أسرع معه، قال: فجرح الرجل جرحا شديدا، فاستعجل الموت، فوضع نصل سيفه بالأرض، وذبابه بين ثدييه، ثم تحامل على سيفه، فقتل نفسه، فخرج الرجل إلى رسول الله ژ، فقال: قال: الرجل الذي ذكرت آنفا أنه «؟ وما ذاك » : أشهد أنك رسول الله، قال مقام الصحابة ٢٣ من أهل النار، فأعظم الناس ذلك، فقلت: أنا لكم به، فخرجت في طلبه، ثم جرح جرحا شديدا، فاستعجل الموت، فوضع نصل سيفه في الأرض وذبابه بين ثدييه ثم تحامل عليه فقتل نفسه، فقال رسول الله ژ عند ذلك: إن الرجل ليعمل عمل أهل الجنة، فيما يبدو للناس، وهو من أهل النار، » .« وإن الرجل ليعمل عمل أهل النار، فيما يبدو للناس، وهو من أهل الجنة ( وروى الربيع ( ٤٧٠ ) والبخاري( ٦٧٠٧ ) واللفظ له ومسلم( ١١٥ ( والنسائي ( ٣٨٢٧ ) وأبو داود ( ٢٧١١ ) والطبراني ( ١٣٢٢ ) وابن حبان ( ٤٨٥١ و( ٤٨٥٢ ) عن أبي هريرة، قال: خرجنا مع رسول الله ژ يوم خيبر، فلم نغنم ذهبا ولا فضة، إلا الأموال والثياب والمتاع، فأهدى رجل من بني الضبيب، يقال له رفاعة بن زيد، لرسول الله ژ غلاما، يقال له مدعم، فوجه رسول الله ژ إلى وادي القرى، حتى إذا كان بوادي القرى، بينما مدعم يحط رحلا لرسول الله ژ، إذا سهم عائر فقتله، فقال الناس: هنيئا كلا، والذي نفسي بيده، إن الشملة التي » : له الجنة، فقال رسول الله ژ فلما « أخذها يوم خيبر من المغانم، لم تصبها المقاسم، لتشتعل عليه نارا سمع ذلك الناس جاء رجل بشراك أو شراكين إلى النبي ژ، فقال: .« شراك من نار أو: شراكان من نار » وأخرج مسلم ( ١١٤ ) عن عبد الله بن عباس، قال: حدثني عمر بن الخطاب، قال: لما كان يوم خيبر، أقبل نفر من صحابة النبي ژ، فقالوا: فلان شهيد، فلان شهيد، حتى مروا على رجل، فقالوا: فلان شهيد، فقال ثم قال « كلا، إني رأيته في النار في بردة غلها أو عباءة » : رسول الله ژ مقام الصحابة ٢٤ يا ابن الخطاب، اذهب فناد في الناس، أنه لا يدخل الجنة » : رسول الله ژ قال: فخرجت فناديت: ألا إنه لا يدخل الجنة إلا ،« إلا المؤمنون ( وهو أيضا عند أحمد( ٢٠٣ ) والترمذي( ١٥٧٤ ) وابن حبان( ٤٨٥٧ .« المؤمنون من هذا الطريق. وأنت ترى أن ما ذكره رسول الله ژ من هلاك هؤلاء الهالكين إنما نيط بما ظهر منهم من قتل أنفسهم أو غلول ما غلوا ولو كان شيئا قليلا يسيرا كالبردة أو العباءة أو الشملة، ولم ينط ذلك بأن لهم في الباطن سريرة تنافي الإيمان، وبهذا يدفع ما عسى أن يقال بأن هؤلاء كانوا معدودين في المنافقين فلا ينطبق حكمهم على من كان معدودا في الصحابة! إذ لا وجه لتجاهل مناط هذه الأحكام في كلام رسول الله ژ، والاعتماد على مناط لم يذكره. ومع ذلك فقد أخبر النبي ژ أنه اندرج في ضمن أصحابه جماعة من المنافقين، فقد جاء في حديث حذيفة رضي الله عنه الذي رواه أحمد ،( ٢٣٣٦٧ )، ومسلم ( ٢٧٧٩ )وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني ( ١٢٧٠ ) في أصحابي اثنا عشر » : والبيهقي ( ١٦٦١٣ ) أنه قال عليه الصلاة والسلام ،« منافقا منهم ثمانية لا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط وهو دليل على أن مجتمع الصحابة مع رقيه في الفضل وتميزه بالخير لم يكن خالصا من شائبة النفاق، على أن القرآن الكريم صريح في كون المجتمع المدني في عهده ژ كان منطويا على من مرد على النفاق ولم يكن معلوما للنبي ژ، وإنما كان الله وحده هو العليم بهم، فقد نص KJIHGFEDCB﴿ : تعالى على ذلك في قوله . التوبة: ١٠١ ﴾UTSRQPONML مقام الصحابة ٢٥ وقد جاءت صور متناثرة عند المحدثين مما صرح فيه النبي ژ بهلاك بعض من كانوا معه، وهو مما يدل على أن هؤلاء خاصة أوحي إليه فيهم بما عرفه بمصيرهم فأخبر بذلك أصحابه لأجل العظة والذكرى. وهذه الروايات كلها دالة على أن الصحبة لا تعصمهم من المؤاخذة بما عسى أن يأتوا من جرائر، فهم كما أنهم مشتركون مع سائر الأمة في الأوامر والنواهي، كذلك يشملهم وعدها ووعيدها، وهو يتعزز بالنص القرآني المذكور، ومما يؤكد ذلك ما نجده في القرآن الكريم عندما يذكرون بالخير ويبشرون بجزائه العظيم يقترن التبشير بذكر أعمالهم الخيرة لأجل التنصيص على أن الصحبة وحدها غير كافية في إسعادهم إن لم تكن مصحوبة بالبر والتقوى، ناهيك أن الله سبحانه عندما وصفهم بالاستجابة لله والرسول بعدما أصابهم القرح، جعل تبشيرهم بالأجر ¶﴿ : العظيم للذين أحسنوا منهم واتقوا كما هو ظاهر في قوله ÄÃÂÁÀ¿¾½¼»º¹¸ آل عمران: ١٧٢ ]، مع أن الاستجابة التي استجابوها كانت هي ] ﴾ÆÅ عين الإحسان التقوى. وكذلك نجد أن الله سبحانه عندما بشر بالرضى الذين بايعوا رسول الله ژ بيعة الرضوان لم ينط الرضى الذي بشرهم به بمجرد البيعة، ba`_﴿ : وإنما ناطه بإيمانهم، كما هو واضح في قوله nmlkjihgfedc.[ الفتح: ١٨ ] ﴾qpo مقام الصحابة ٢٦ ومع هذا كله، فقد اقترن التبشير بالتحذير إذ كان الوعد لمن أوفى مقرونا بالوعيد لمن نكث كما هو صريح في قوله: ﴿!"# 43210/.-,+*)('&%$ 98765 :;﴾ [الفتح: ١٠ ]، وعندما خلد ذكرهم بعطفهم على رسول الله ژ ووصفهم بما وصفهم به من الخير ناط ما وعدهم به من المغفرة والأجر العظيم بإيمانهم وعملهم الصالح، وذلك في قوله: ﴿!"#$%&')(*+,-. =<;:9876543210/ JIHGFEDCBA@?> WVUTSRQPONMLK.[ الفتح: ٢٩ ] ﴾\[ZYX كل ذلك من أجل ترسيخ عقيدة أن كلا مجزي بعمله فهم إنما يرقون الدرجات العلى ويتبوأون مقامات الزلفى باستمساكهم بعروة التقوى واعتصامهم بحبل الإيمان، وفي ذلك ما لا يخفى من تربيتهم على الخوف والرجاء، ليكون خوفهم واقيا لهم من أن يعطوا نفوسهم هواها ورجاؤهم دافعا لهم إلى أن يسارعوا إلى الخيرات. ونجد في الحديث الشريف أن الهجرة نفسها لم يكن المهاجرون فيها على وتيرة واحدة، وإنما كانوا متفاوتين بتفاوت نواياهم، فقد أخرج مالك ،( ٩٨٣ )، وأحمد ( ١٦٨ )، والبخارى ( ١)، ومسلم ( ١٩٠٧ )، والترمذى ( ١٦٤٧ ) وأبو داود ( ٢٢٠١ )، والنسائى ( ٣٤٣٧ )، وابن ماجه ( ٤٢٢٧ )، وابن المبارك مقام الصحابة ٢٧ ٩٦ )، والطبراني / ١٨٨ )، والحميدي ( ٢٨ )، والبيهقى ( ١٨١ )، والطحاوي ( ٣ ) ١٦٦ )، وابن منده / ٢٤٤ )، وابن عساكر ( ٣٢ / في الأوسط ( ٤٠ )، والخطيب ( ٤ في الإيمان ( ٢٠١ ) وفي مسند إبراهيم بن أدهم ( ١٣ )، وتمام في الفوائد ،( ١١٧ )، وابن خزيمة ( ١٤٢ / ٤٨٣ )، والصيداوي في معجم الشيوخ ( ١ ) ،( ٥٠ )، وأبو عوانة ( ٧٤٣٨ )، والبزار ( ٢٥٧ )، وهناد ( ٨٧١ / والدارقطنى ( ١ والبيهقي في الزهد ( ٢٤١ )، والحسن بن سفيان في الأربعين ( ١٣ )، وأبو أحمد الحاكم في شعار أصحاب الحديث ( ٢٠ )، والحسن بن علي العامري في الأمالي والقراءة ( ٢٦ )، والسلفي في مشيخة ابن الحطاب (ص ١٠٢ رقم ٣٩ ، رقم ١)، والديلمى / ١٥ )، والهروي في الأربعين في دلائل التوحيد ( ١ ٤٠١ )، والقضاعى ( ١)، وابن حبان ( ٣٨٨ ) من حديث عمر بن الخطاب ) إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ » : رضي الله عنه أن رسول الله ژ قال ما نوى فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله ومن .« كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها فهجرته إلى ما هاجر إليه هذا؛ ومما هو واضح بداهة أن كل من لم يرد نص قطعي المتن والدلالة بسعادته أو شقاوته فإنه يتولى أو يتبرأ منه بحسب ما يظهر من أعماله ويوكل أمره إلى الله، أما من نصُ عليه في القرآن أو في حديث الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام المتلقى بالتواتر القطعي بأنه مرضي عند الله، أو أنه سعيد، أو أنه من أهل الجنة، فإنه يحكم له بمقتضى النص القطعي، فيتولى ولاية الحقيقة ولو ظهر منه من الأعمال ما يقتضي منه البراءة في الظاهر، فتكره أعماله ولا يكره هو، وكذلك من نص في القرآن أو الحديث المتواتر على أنه عدو لله أو أنه مقام الصحابة ٢٨ من أهل النار أو أنه من الأشقياء فإنه يتبرأ منه بالحقيقة ولو ظهر منه من الأعمال الصالحة ما يؤهله للولاية الظاهرة، إذ لا تبديل لحكم الله، فمن علم الله سعادته فهو سعيد أزلا وأبدا، ومن علم شقاوته فهو شقي أزلا وأبدا. ولا يكفي ولاية الحقيقة أو براءتها ثناء النبي ژ على أحد أو ذمه لما علمت من أن النبي ژ يتولى بحكم الظاهر ويتبرأ بحكم الظاهر إلا في من نزل عليه وحي بعينه يكشف له مصيره عند الله. وبإمكان الصحابة رضي الله عنهم أن يتلقوا ولاية الحقيقة وبراءة الحقيقة من النبي ژ مباشرة، فيتولوا ويتبرأوا بموجب ذلك، ولم يكن موجب لأن يتلقوا ذلك بطريق التواتر، لأن تلقيهم ذلك مشافهة من النبي عليه أفضل الصلاة والسلام أبلغ من التواتر، وقد أدرك الصحابة رضي الله تعالى عنهم أن من كان وليا بالحقيقة تبقى ولايته ولكنها لا تعصمه من إجراء الأحكام الظاهرة عليه إن قارف ما يوجبها. فقد روى البخاري ( ٧١٠٠ ) بإسناده إلى عبد الله بن زياد الأسدي، قال: لما سار طلحة والزبير وعائشة إلى البصرة، بعث علي عمار بن ياسر وحسن بن علي، فقدما علينا الكوفة، فصعدا المنبر، فكان الحسن بن علي فوق المنبر في أعلاه، وقام عمار أسفل من الحسن، فاجتمعنا إليه، إن عائشة قد سارت إلى البصرة، ووالله إنها لزوجة » : فسمعت عمارا، يقول نبيكم ژ في الدنيا والآخرة، ولكن الله تبارك وتعالى ابتلاكم، ليعلم إياه .« تطيعون أم هي مقام الصحابة ٢٩ فعمار رضي الله عنه كما هو واضح من هذه الرواية كان يتولى عائشة رضي الله عنها ولاية حقيقية بما تلقاه عن النبي ژ في شأنها، ولكن لم يمنعه ذلك من حربها في من حاربهم المسلمون يوم الجمل، وإلى ذلك يشير الإمام السالمي في قوله: ع اَئشَِة يًَومْ اَلقتَِال اِلتحََماَ و قََد رْمَىَ عمَار فُيِمَن قْدَ رْمَىَوهََم بْحُكُْم اِلله يِحَكْمُوُنَا و هَُم لْهَاَ باِلفَوزْ يِشَْهَدوُناَ وفي مقابل ذلك أن النبي ژ عندما علم عاقبة ذلك الرجل الذي كان أبلى بلاء حسنا في الجهاد وقاتل قتالا لم يقاتله أحد من أقرانه لم يثنه ذلك عن البراءة منه، لأنه كان يتبرأ منه بالحقيقة، فلذلك كان يعلن أنه من أهل النار والعياذ بالله قبل أن يلقى مصيره أو يصدر منه ما أوجب شقاءه، وهو قتله لنفسه. هذا؛ وكما أن النبي ژ كان يتولى من يتولاهم من أصحابه بحكم الظاهر عندما لا يوحى إليه في شأنهم بما يدل على عاقبة أمرهم، كذلك يتبرأ بحكم الظاهر ممن ارتكب ما يوجب البراءة حالما تخفى عليه خاتمة أمرهم وذلك لا ينافي أن يكونوا سعداء عند الله، إذ باب التوبة مفتوح للتائبين، ويدل على هذه البراءة الناشئة عن ظواهر أعمالهم، ما أخرجه ،( أحمد ( ٢٧٥٥٩ )، ومسلم ( ١٤٤١ )، وأبو داود ( ٢١٥٦ ) وأبو عوانة ( ٤٣٦٣ والدارمي ( ٢٤٧٨ )، والبغوي في الجعديات ( ١٧٠٤ ) عن أبي الدرداء، عن لعله يريد أن يلم » : النبي ژ، أنه أتى بامرأة مجح على باب فسطاط، فقال لقد هممت أن ألعنه لعنا يدخل » : فقالوا: نعم، فقال رسول الله ژ ،« بها .«؟ معه قبره، كيف يورثه وهو لا يحل له؟ كيف يستخدمه وهو لا يحل له مقام الصحابة ٣٠ فأنت ترى أن النبي ژ هم بأن يلعن من أراد أن يلم بالسبية التي استحقها شرعا ولكنها كانت حاملا ممن قبله بسبب فعلته هذه، مع أنه كان من ضمن أصحابه المقاتلين معه، ولكن فعله ذلك استحق به البراءة التي ترتب عليها اللعن، وكان إمساكه ژ عن لعنه من حيث إنه كان هاما بالإلمام بها ولم يكن باشر ذلك بعد. ولما كانت هذه براءة بحكم الظاهر وقد يتوب المتبرأ منه ويكون من الصالحين دعا النبي ژ ربه سبحانه أن يحول ما يصدر منه من لعن أو دعاء إن كان لمن لا يستحقه بما علم الله فيه من خير إلى رحمة وزكاة، ١١٢ ): رجاله ثقات. والطبراني / فقد أخرج أحمد ( ٢٣٨٤٤ )، قال الهيثمى ( ١ في الأوسط ( ٢٣٠٩ ) عن أبى الطفيل وامرأته سودة عن النبي ژ أنه قال: اللهم إنما أنا بشر فأيما عبد من المؤمنين دعوت عليه بدعوة فاجعلها له » ،( ومثله عن جابر رضي الله عنه عند ابن أبى شيبة ( ٢٩٥٥٢ ،« زكاة ورحمة وأحمد ( ١٥٣٣٠ ) ومسلم ( ٢٦٠٢ ). والبيهقي ( ١٣١٥٩ )، وكذلك عن أبي هريرة عند أحمد ( ١٠٤٣٩ ) والبخاري ( ٦٣٦١ ) ومسلم ( ٢٦٠١ ) وابن أبى شيبة ٢٩٥٥١ )، وهو أيضا عند مسلم ( ٢٦٠٠ ) عن عائشة رضي الله عنها بمعناه. ) ولا يخفى أن النبي ژ أدبه ربه فأحسن تأديبه، فهو أطيب الناس معشرا، وألطفهم قولا وأحسنهم أخلاقا، فما كان ليقدم على شيء من نحو هذا إلا بما ظهر له من موجبه، وإنما احتاط هذا الاحتياط لأجل ما قد يخفى عليه من رجوع هذا الذي سبه أو لعنه إلى الله تعالى بالتوبة النصوح من حيث لا يعلم عليه أفضل الصلاة والسلام. مقام الصحابة ٣١ وبعد؛ فقد رأيت كيف جاءت إشارات الكتاب العزيز منبهة على هذا الذي قلته بومضات من بيانها لا تخفى على لبيب، واستفاضت أحاديث الرسول ژ ناصة على هذا الذي أشارت إليه آيات القرآن، فلم يبق مجال للعدول عن هذا المنهج الواضح إذ الله تعالى أمرنا مع الاختلاف أن نحتكم ÚÙØ×ÖÕÔÓÒ﴿ : إليه وإلى رسوله ژ حيث قال النساء: ٥٩ ]، ولا يعني ] ﴾äãâáàßÞÝÜÛ الرد إلى الله إلا الرجوع إلى كتابه، وكذلك الرد إلى رسوله ژ، لا يكون إلا بالرجوع إلى سنته، وقد علمت ما في الكتاب وما في السنة من الدلالة على ما قلته والحمد لله، وبهذا يتبين لكم المسلك الأهدى في هذه القضية. فإنه من المعلوم أن الاحتكام إلى العواطف بدلا من نصوص الكتاب والسنة أمر لا يقره الدين، إذ لم يجعل الله تعالى لعاطفة ولا لعقل نصيبا في التشريع، وإنما التشريع يعود إلى الله وإلى رسوله عليه الصلاة والسلام. هذا؛ وما ورد من الثناء العاطر الطيب في كتاب الله على الصحابة رضي الله عنهم فهو يعود إلى عمومهم ولا يدخل فيهم هؤلاء الذين نصت عليهم الأحاديث الشريفة، كيف وقد قيل ما من عموم إلا وقد خصص ولأن العام ظني الدلالة وإن كان قطعي المتن كما هو مشهور. أما الاستدلال لكونهم جميعا مرضيين بحديث: (أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم) فهو ليس بشيء لأن الحديث لا يصح، بل نص غير واحد من صيارفة علم الحديث بسقوطه في حضيضالمرويات الموضوعة، مقام الصحابة ٣٢ ٩٢٤ ٩٢٥ ) عن /٢) « جامع بيان العلم وفضله » فقد ذكره ابن عبد البر في أبي شهاب الحناط، عن حمزة الجزري، عن نافع، عن ابن عمر قال: قال ،« إنما أصحابي مثل النجوم فبأيهم أخذتم بقوله اهتديتم » : رسول الله ژ .« وهذا إسناد لا يصح، ولا يرويه عن نافع من يحتج به » : وقال ٣٦٤ ): وأما /٨) « منهاج السنة النبوية » وقال ابن تيمية في كتابه المسمى فهذا الحديث ضعيف ،«« أصحابي كالنجوم فبأيهم اقتديتم اهتديتم » : قوله ضعفه أهل الحديث؛ قال البزار: هذا حديث لا يصح عن رسول الله ژ، وليس هو في كتب الحديث المعتمدة. إن » :(١٧١/٢) « إعلام الموقعين عن رب العالمين » وقال ابن القيم في هذا الحديث قد روي من طريق الأعمش عن أبي سفيان عن جابر ومن حديث سعيد بن المسيب عن ابن عمر ومن طريق حمزة الجزري عن نافع عن ابن عمر، ولا يثبت شيء منها. قال ابن عبد البر: حدثنا محمد بن إبراهيم بن سعيد أن أبا عبد الله بن مفرح حدثهم ثنا محمد بن أيوب الصموت قال: قال لنا البزار: وأما ما فهذا « أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم » : يروى عن النبي ژ .« الكلام لا يصح عن النبي ژ سلسلة الأحاديث » وحكم الألباني عليه بأنه موضوع وقال على أثره في ٩٠ ) وعنه ابن حزم / ذكره ابن عبد البر معلقا ( ٢ » :( ١٤٩ ١٥٠ /١) « الضعيفة من طريق أبي شهاب الحناط عن حمزة الجزري عن نافع عن ابن عمر مرفوعا به. مقام الصحابة ٣٣ ١): أخبرني /٨٦) « المنتخب من المسند » وقد وصله عبد بن حميد في (٢/١١/٤) « الإبانة » أحمد بن يونس حدثنا أبو شهاب به، ورواه ابن بطة في من طريق آخر عن أبي شهاب به، ثم قال ابن عبد البر: وهذا إسناد لا يصح، ولا يرويه عن نافع من يحتج به. قلت القائل الألباني : وحمزة هذا هو ابن أبي حمزة، قال الدارقطني: متروك، وقال ابن عدي: عامة مروياته موضوعة، وقال ابن حبان: ينفرد عن الثقات بالموضوعات حتى كأنه المتعمد لها، ولا تحل أحاديث من موضوعاته « الميزان » الرواية عنه، وقد ساق له الذهبي في هذا منها. ٨٣ ): فقد ظهر أن هذه الرواية لا تثبت أصلا، بل لا / قال ابن حزم ( ٦ شك أنها مكذوبة، لأن الله تعالى يقول في صفة نبيه ژ: ﴿+,- 43210 ﴾ [النجم: ٣ ٤]، فإذا كان كلامه عليه الصلاة ❁ . والسلام في الشريعة حقا كله وواجبا فهو من الله تعالى بلا شك، وما كان UTSRQPO﴿ : من الله تعالى فلا يختلف فيه لقوله تعالى .[ النساء: ٨٢ ] ﴾XWV وقد نهى تعالى عن التفرق والاختلاف بقوله: ﴿$%﴾، فمن المحال أن يأمر رسوله ژ باتباع كل قائل من الصحابة رضي الله عنهم وفيهم من يحلل الشيء، وغيره يحرمه، ولو كان ذلك لكان بيع الخمر حلالا اقتداء بسمرة بن جندب، ولكان أكل البرد للصائم حلالا اقتداء بأبي طلحة، وحراما اقتداء بغيره منهم، ولكان ترك الغسل من الإكسال مقام الصحابة ٣٤ واجبا بعلي وعثمان وطلحة وأبي أيوب وأبي بن كعب وحراما اقتداء بعائشة وابن عمر وكل هذا مروى عندنا بالأسانيد الصحيحة. ثم أطال في بيان بعض الآراء التي صدرت من الصحابة وأخطأوا فيها ٨٦ ): فكيف يجوز / السنة، وذلك في حياته ژ وبعد مماته، ثم قال ( ٦ يعني أنه أثر عن الصحابة ما لا يسوغ ،«!؟ تقليد قوم يخطئون ويصيبون الاقتداء بهم فيه. ونقل خلاصته ابن » : وبعد أن أطال في نقل كلام ابن حزم أتبعه قوله ٢) وأقره، وبه ختم كلامه على الحديث فقال: /١٧٥) « الخلاصة » الملقن في .« وقال ابن حزم: خبر مكذوب موضوع باطل لم يصح قط وأطال أبو حذيفة نبيل بن منصور الكويتي القول في هذا الحديث في ٦٠٩ ٦١٠ )، ونقل /١) « أنيس الساري في تخريج أحاديث فتح الباري » كتابه نقده عن كثير من فطاحل أهل الحديث، ولما جمعه في كلامه من الفوائد قال ابن عدي: وهذا منكر المتن » : الجمة نأتي به بنصه وفصه، فقد قال وقال البزار: هذا الكلام لا يصح عن ،« يعرف بعبد الرحيم بن زيد عن أبيه النبي ژ، وإنما أتى ضعف هذا الحديث من قبل عبد الرحيم بن زيد؛ لأن أهل العلم قد سكتوا عن الرواية لحديثه، والكلام أيضا منكر عن . ٩٢٣ ٩٢٤ / جامع بيان العلم ٢ « النبي ژ وقال ابن الجوزي: وهذا لا يصح، نعيم مجروح، وعبد الرحيم قال ٢٨٣/ العلل ١ « كذاب » : ابن معين مقام الصحابة ٣٥ ٧٦ . وقال الزركشي: وفيه علتان: / وقال الذهبي: إسناده واه، فيض القدير ٤ ضعف عبد الرحيم وإرساله فإن سّعيدا لم يسمع من عمر في قول جماعة. ما يصحح سماعه منه، « الذهب الإبريز » لكن ذكرت في باب الوتر من المعتبر ص ٨٠ ، وقال ابن الملقن: وهذا ضعيف ومنقطع، فإن سّعيد بن المسيب لم يسمع من عمر شيئا، وعبد الرحيم ووالده ضعيفان، البدر المنير. وقال ابن كثير: لم يروه أحد من الكتب الستة وهو ضعيف، قال ابن معين: عبد الرحيم بن زيد كذاب، وقال مرةّ: ليس بشيء، وقال الجوزجاني: غير ثقة، وقال البخاري: تركوه، وقال أبو حاتم: تُركِ حديثه، وقال أبو زرعة: واهي الحديث، وقال النسائي: متروك، وقال ابن عدي: أحاديثه لا يتابعه الثقات عليها. قلت القائل أبو حذيفة : وأبوه ضعيف أيضا، ومع هذا كله فهو منقطع، لأن سّعيد بن المسيب لم يسمع من عمر شيئا، وقد تحفة الطالب. « روُي هذا الحديث من غير طريق ولا يصح شيء منها ورواه موسى بن إسحاق الأنواري عن أحمد بن عبد الله بن يونس فقال « الإبانة » فيه: عن عمرو بن دينار عن ابن عباس. أخرجه ابن بطة في ( ٧٨٥ ٧٨٦ / ١١٦٧ ) وابن عدي ( ٢ ) « الشريعة » ٧٠٢ )، وأخرجه الآجري في ) ٧٠٣ ) وابن بطة ( ٧٠١ ) من طريق عمرو بن ) « حديثه » وأبو الفضل الزهري في عثمان الكلابي ثنا أبو شهاب عن حمزة الجزري عن نافع عن ابن عمر به. ٧٨٥ ) من طريق غسان بن عبيد الموصلي ثنا / وأخرجه ابن عدي ( ٢ حمزة الجزري به. وقال: وهذا الحديث عن نافع عن ابن عمر منكر ليس وقال الحافظ: هذا ،« يرويه غير حمزة عن نافع، وحمزة يضع الحديث مقام الصحابة ٣٦ (١٩٠/٤) « التلخيص » وقال في ،« حديث غريب، تفرد به حمزة الجزري وقال ابن عبد البر: وهذا ،« ٣٣٥ ): وحمزة ضعيف جدا /٤) « المطالب » و ،٩٢٤/ إسناد لا يصح، ولا يرويه عن نافع من يحتج به، جامع بيان العلم ٢ قال الحافظ: قلت: هو متفق على تركه، بل قال ابن عدي: إنهّ يضع، ١٤٦ . وقال الزركشي: وحمزة قال فيه ابن / تخريج أحاديث المختصر ١ . معين: لا يساوي فلسا، وقال البخاري: منكر الحديث، المعتبر ص ٨١ وقال ابن حبان: ينفرد عن الثقات بالموضوعات حتى كأنهّ المتعمد لها .« لا تحل الرواية عنه، وقال الحاكم: يروي عن نافع أحاديث موضوعة ثم تعرض لما روي من ذلك من طريق ابن عباس رضي الله عنهما وأما حديث ابن عباس فأخرجه البيهقي في » :( ٦١٠ ٦١١ / فقال في ( ١ ص ٩٥ ) ونصر المقدسي في ) « الكفاية » ١٥٢ ) والخطيب في ) « المدخل » ٦٥ ) من طريق عمرو بن هاشم البيروتي ثنا ) « تحريم نكاح المتعة » سليمان بن أبي كريمة عن جوُيبر عن الضحاك عن ابن عباس مرفوعا مهما أوتيتم من كتاب الله فالعمل به لا عذر لأحد في تركه، فإن لْم يكن » في كتاب الله فسنة مني ماضية، فإن لم تكن سنة مني ماضية فما قال أصحابي، إن أّصحابي بمنزلة النجوم في السماء، فأيها أخذتم به اهتديتم، واختلاف أصحابي لكم رحمة. قال الزركشي: وهذا الإسناد فيه ضعفاء، وقد روي بهذا اللفظ من طرق كثيرة ولا يصح، المعتبر ص ٨٣ . وقال الحافظ: وجويبر ضعيف جدا، .١٤٦/ والضحاك عن ابن عباس منقطع، تخريج أحاديث المختصر ١ مقام الصحابة ٣٧ قلت القائل أبو حذيفة : وسليمان بن أبي كريمة، قال أبو حاتم: ضعيف الحديث وقال ابن عدي: عامة أحاديثه مناكير، وذكره العقيلي في وقال: يحدثّ بمناكير ولا يتابع على كثير من حديثه. « الضعفاء » وخالفه منِدْلَ بن علي العنزي فرواه عن جويبر عن الضحاك مرسلا. ١٩١ )، قال الحافظ: / تلخيص الحبير ٤ ) « السنة » أخرجه أبو ذر الهروي في وهو في غاية الضعف. قلت القائل أبو حذيفة : مندل ضعفه الجمهور، وقواه بعضهم، .« واختلف فيه قول ابن معين له عنه طريقان: » : ثم تعرض للرواية المنسوبة إلى جابر رضي الله عنه فقال أصحابي » الأول: يرويه الأعمش عن أبي سفيان عن جابر مرفوعا « المؤتلف » أخرجه الدارقطني في ،« كالنجوم، بأيهم اقتديتم اهتديتم ص ١٠٥٧ ) وابن عبد البر في ) « الأحكام » ١٧٧٨ ) وابن حزم في /٤) ١١ ) والحافظ في ) « الفوائد » ١٧٦٠ ) وأبو عمرو بن منده في ) « الجامع » ١٤٦ ) من طريق عبد الله بن روح ثنا /١) (١) « تخريج أحاديث المختصر » سلام بن سليمان ثنا الحارث بن غصُيَنْ عن الأعمش به. قال ابن عبد البر: هذا إسناد لا تقوم به حجة؛ لأن الحارث بن غصين مجهول. وقال الحافظ: قلت: الآفة فيه من الراوي عنه، وإلا فالحارث قد ذكره وقال أيضا: هذا ،« وقال: روى عنه حسين الجعفي « الثقات » ابن حبان في اه .« حديث غريب مقام الصحابة ٣٨ وبالجملة؛ فإن هذه الرواية بكل طرقها لم تثبت عنه عليه الصلاة والسلام، وهو مما لا خلاف فيه بين أهل الحديث، وإنما اغتر بها بعض الأصوليين والفقهاء الذين لا يمحصون الروايات فبنوا عليها أحكاما على أن علتها لا تنحصر في سندها، فإن متنها أيضا لا يصح، وذلك من وجهين: أولهما: أن الصحابة رضي الله تعالى عنهم غير معصومين، وقد سبق فيما ذكرناهم مما روي بالأسانيد الصحيحة أنه حصلت من بعضهم تجاوزات برئ منها رسول الله ژ، وقد وقع جماعة منهم في محظورات شرعية فأقيم على بعضهم حد الزنا، وعلى بعضهم حد السرقة وعلى آخرين منهم حد القذف، ومنهم من جلد على شرب الخمر، وخرجت جماعة منهم على الخلافة الشرعية بغاة كما نص عليه الحديث الثابت بالتواتر عنه ژ، وترتب على ذلك تحويل الخلافة الإسلامية إلى ملك عضوض، فلو ثبت أنه ژ أباح أن يقتدى بأي أحد منهم لكان لكل أحد من هذه الأمة أن يأتي ما شاء من هذه الكبائر، ويكون في فسيح العذر لأنه لم يخرج عن رسوم الهداية، لأنه في ذلك مقتد بصحابي، ويأبى الله ورسوله ذلك. ثانيهما: أن الخطاب بهذا لا يمكن أن يخرج منه الصحابة ويكون خاصا لمن بعدهم، لأن النبي ژ إن كان قال ذلك فقد باشر بهذا الخطاب الصحابة أنفسهم، ولم يباشر به التابعين فمن بعدهم، إذ التابعون إنما تلقوا خطابه ژ بواسطة الصحابة كما تلقى من بعدهم خطابهم بواسطة التابعين، والسامعون لخطابه ژ هم الصحابة وحدهم، وعليه فإنه يكون مقام الصحابة ٣٩ لكل صحابي أن يجعل قول أي صحابي آخر حجة يتبعها وسبيلا يسلكه، وعلى هذا فلا يبقى مجال لأن يستقل بعضهم عن بعض بالاجتهاد، وهذا كله مما يؤكد بطلان هذه الرواية. فهو ليس ،« إذا وصلتم أصحابي فكفوا » : وكذلك الاستدلال برواية إذا ذكر أصحابي » : بشيء إذ لم أجد أصلا لهذه الرواية، وإنما روي بلفظ وفيه ،« فأمسكوا، وإذا ذكرت النجوم فأمسكوا، وإذا ذكر القدر فأمسكوا أنيس » لعلماء الحديث حديث متشعب وقد جمع أبو حذيفة في كتابه ١٥٠ ١٥٢ ) ما تشعب من أقوالهم، ولما فيه من الجمع والفوائد /١) « الساري روي من حديث ابن مسعود ومن حديث » : نقتصر عليه في النقل، فقد قال ثوبان ومن حديث ابن عمر ومن حديث أبي ذر ومن حديث طاوس مرسلا. فأما حديث ابن مسعود فله عنه طريقان: الأول: يرويه مسُهْرِ بن عبد الملك بن سلَعْ عن الأعمش عن أبي وائل إذا ذكر أصحابي فأمسكوا، وإذا ذكرت النجوم » عن ابن مسعود مرفوعا (١٠٤٤٨) « الكبير » أخرجه الطبراني في .« فأمسكوا، وإذا ذكر القدر فأمسكوا ق ٤٦ /أ) والبيهقي في ) « الإمامة » ١٠٨ ) وفي /٤) « الحلية » وأبو نعيم في .(٤٤٤) « القضاء والقدر » وقال أبو نعيم: غريب من حديث الأعمش، تفرد به عنه مسهر، وقال الهيثمي: وفيه مسهر بن عبد الملك وثقه ابن حبان وغيره وفيه خلاف، ٢٠٢ و ٢٢٣ ، وقال العراقي: إسناده / وبقية رجاله رجال الصحيح، المجمع ٧ .٢٢١/ حسن، إتحاف السادة المتقين ١ مقام الصحابة ٤٠ قلت القائل أبو حذيفة : مسهر بن عبد الملك مختلف فيه: قال البخاري: فيه بعض النظر، وقال النسائي: ليس بالقوي، وذكره ابن حبان وقال: يخطئ ويهم. « الثقات » في الثاني: يرويه أبو قحذم النضر بن معبد عن أبي قلاِبة عن ابن مسعود. بغية الباحث ٧٤٢ ) والخرائطي في ) « مسنده » أخرجه الحارث في أصول » ٢٤٩٠ ) وابن أبي زمنين في / ٧٨٢ ) وابن عدي ( ٧ ) « مساوئ الأخلاق » القول في » ٢١٠ و ٢٣٥١ ) والخطيب في ) « السنة » ١٨٦ ) واللالكائي في ) « السنة ٢٢٢ ) وأبو القاسم الأصبهاني في /١) « إتحاف السادة » كما في « علم النجوم ٦٢٩ و ٢٣٦٠ )، وإسناده ضعيف لضعف أبي قحذم. ) « الترغيب » ١٤٢٧ ) من طريق ) « الكبير » وأما حديث ثوبان فأخرجه الطبراني في إذا ذكر أصحابي » يزيد بن ربيعة ثنا أبو الأشعث عن ثوبان مرفوعا وإسناده ،« فأمسكوا، وإذا ذكرت النجوم فأمسكوا، وإذا ذكر القدر فأمسكوا ضعيف لضعف يزيد بن ربيعة الرحبي. وأما حديث ابن عمر فله عنه طرق: الأول: يرويه محمد بن الفضل بن عطية عن كرز بن وبرة عن عطاء إذا ذكر أصحابي فأمسكوا، وإذا ذكر القدر » عن ابن عمر مرفوعا ص ) « تاريخ جرجان » ٢١٧٢ ) والسهمي في / أخرجه ابن عدي ( ٦ ،« فأمسكوا ٣٥٧ ٣٥٨ )، ومحمد بن الفضل بن عطية كذبه ابن معين والفلاس والجوزجاني وغيرهم. مقام الصحابة ٤١ الثاني: يرويه الفرات بن السائب ثنا ميمون بن مهران عن ابن عمر إذا ذكر القدر فأمسكوا، وإذا ذكر النجوم فأمسكوا، وإذا ذكر » مرفوعا ،( ص ٢٩٥ ) « تاريخ جرجان » أخرجه السهمي في ،« أصحابي فأمسكوا وإسناده ضعيف جدا، الفرات بن السائب قال البخاري: تركوه منكر الحديث، وقال النسائي: متروك الحديث، واتهمه ابن حبان بالوضع. الثالث: يرويه يحيى بن سابق أبو زكريا المدائني عن موسى بن عقبة إذا ذكر القدر فأمسكوا، فإنه سر اّلدين لا » عن نافع عن ابن عمر مرفوعا تبلغه عقولكم، وإذا ذكرت النجوم فأمسكوا، فإنهّ يدعو إلى الكهانة، وإذا علقه ابن حبان في ،« ذكر أصحابي فأمسكوا، فإن شّرهّم خير من خيركم ١١٥ )، وقال: يحيى بن سابق كان ممن يروي الموضوعات /٣) « المجروحين » .« عن الثقات، لا يجوز الاحتجاج به في الديانة ولا الرواية عنه بحيلة ١٢٧٥ و ١٩٨٢ ) من طريق ) « الإبانة » وأما حديث أبي ذر فأخرجه ابن بطة في عثمان بن سعيد الخياط الواسطي ثنا الحكم بن سنان عن داود بن أبي هند عن الحسن عن أبي ذر قال: خرج رسول الله ژ على أصحابه وهم يتذاكرون أبهذا » شيئا من القدر، فخرج مغضبا، كأنما فقئ في وجهه حب الرمان، فقال أمرتم؟ أو ما نهيتم عن هذا؟ إنما هلكت الأمم قبلكم في هذا، إذا ذكر القدر .« فأمسكوا، وإذا ذكر أصحابي فأمسكوا، وإذا ذكرت النجوم فأمسكوا واختلف فيه على الحكم بن سنان، فرواه محمد بن المثنى عنه فجعله ٩٠١ )، والحكم بن سنان ) « الطبقات » عن أبي هريرة، أخرجه أبو الشيخ في قال ابن معين وغيره: ضعيف. مقام الصحابة ٤٢ وقد روي عن الحسن مرسلا أخرجه الحارث بن أبي أسامة في بغية الباحث ٧٤٣ ) ثنا داود بن المحُبَر ثنا صالح المرُي عن ) « شمسنده إذا ذكر القدر فأمسكوا، وإذا ذكر أصحابي فأمسكوا، وإذا » الحسن رفعه داود بن المحبر متهم بالوضع. ،« ذكرت الأنواء فأمسكوا ٥١ ) عن معَمْرَ ) « أماليه » وأما حديث طاوس فأخرجه عبد الرزاق في إذا ذكر أصحابي فأمسكوا، وإذا ذكر » عن ابن طاوس عن أبيه مرفوعا اه .« وهو مرسل رجاله ثقات ،« القدر فأمسكوا، وإذا ذكر النجوم فأمسكوا وهو بكل طرقه لم يخل من علة، إذ هو يدور بين الإرسال وبين تخلل أسانيده من يتهم بالوضع أو يوسم بالضعف مع ما لابسه من اضطراب. أما إن جئنا إلى متنه فهو مشكل كالذي قبله، فليت شعري من الذي أمره ژ بالإمساك حال ذكر أصحابه!! أكان هذا الخطاب للتابعين فمن بعدهم بحيث لم يكن موجها إلى الصحابة أنفسهم لأنه تشريع لمن بعدهم؟ فمن المعلوم أن التابعين لم يتلقوا عن رسول الله ژ إلا بواسطة لا تعني الصحابة « أمسكوا » أصحابه، فكيف تكون صيغة الخطاب في قوله وإنما تعني من بعدهم مع كونهم هم الذين بوشروا بالخطاب؟!. وأنت تدري أن هذا الخطاب لو كان متعديا للصحابة إلى من بعدهم للزم كذلك أن يكون الأمر بالإمساك عند ذكر القدر وذكر النجوم لا يشمل الصحابة، فإن الجمل المعطوفة بعضها على بعض لا يفصل بعضها عن بعض في الحكم، والخطاب فيها يجب أن يكون موحدا إلا مع قرينة، ثم هو مخالف لما تضمنه بعض هذه الروايات من كونه ژ خرج على مقام الصحابة ٤٣ أصحابه وهم يتذاكرون النجوم فغضب عليهم، وقال هذا الذي قاله وإن كان الصحابة مندرجين في هذا الخطاب أيضا، فليت شعري؛ كيف يفسر ولمن يكون « فإن شّرهّم خير من خيركم » قوله في بعض هذه الروايات هذا الخطاب ؟!. هذا؛ وقد يعول الآخذون بهاتين الروايتين على حديث أبي سعيد الذي ،( أخرجه الطيالسي ( ٢١٨٣ )، وأحمد ( ١١٥٣٤ )، وابن أبى شيبة ( ٣٢٤٠٤ وعبد بن حميد ( ٩١٨ )، والبخاري ( ٣٤٧٠ )، ومسلم ( ٢٥٤١ )، وأبو داود لا » : ٤٦٥٨ )، والترمذي ( ٣٨٦١ ) وابن حبان ( ٧٢٥٣ ) عن النبي ژ أنه قال ) تسبوا أصحابي فوالذي نفسي بيده لو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا ما .« بلغ مد أحدهم ولا نصيفه ( وقد جاء من طريق أبى هريرة عند مسلم ( ٢٥٤٠ )، وابن ماجه ( ١٦١ والطبراني في الأوسط ( ٦٨٧ )، غير أنه وإن سلم أن إسناده سالم من النقد فإن متنه لا يسلم من الإشكال، لأن هذا الخطاب إنما كان أيضا لصحابة « أصحابي « ولم يكن بوشر به من بعدهم، وهذا يقتضي أن يكون القصد ب مخصوصين لا كل من يندرج في مفهوم الصحابة، وعليه فإن هذا مجمل يحتاج إلى تفصيل، ومن المحتمل أن يكون المراد بهؤلاء الذين لا يبُلْغَُ شأوهم بحيث يكون مقدار أحُدُ ذٍهبا أدنى من مد أحدهم أو نصيفه في الإنفاق هم السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار، وقد يعزز هذا ما رواه مسلم( ٢٥٤١ )، وابن ماجة ( ١٦١ ) و( ٧٢٥٥ )، وابن حبان ( ٦٩٩٤ )، وأبو يعلى ( ١١٧١ )، وابن عساكر ( ٢٧٠٣٥ )، عن أبي سعيد قال: كان بين عبد الرحمن بن عوف وبين خالد بن الوليد شىء فسبه خالد فقال مقام الصحابة ٤٤ لا تسبوا أحدا من أصحابي فإن أحدكم لو أنفق أحدا ذهبا » : رسول الله ژ .« ما أدرك مد أحدهم ولا نصيفه فقد تبين من هذا الحديث أن هذا الحكم لقوم مخصوصين من الصحابة، فإن خالد بن الوليد كان صحابيا غير أنه لم يبلغ إلى مقامات السابقين الأولين منهم، فلذلك خاطبه النبي ژ هذا الخطاب، وإذا كان خالد مع ما له من سابقة على مسلمة الفتح الذين سماهم النبي ژ الطلقاء لم يبلغ مقامات أولئك المخصوصين بهذا الحكم، فما بالك بالطلقاء أنفسهم؟!. وقد انقدح في ذهني هذا الذي قلته منذ زمن بعيد ثم وجدته بحمد الله لبعض العلماء السابقين منهم ابن تيمية القائل في فتاواه ولما كان لفظ ( الصحبة ( فيه عموم وخصوص كان من » :(٥٩/٣٥) اختص من الصحابة بما يتميز به عن غيره يوصف بتلك الصحبة دون .« من لم يشركه فيها فيه إشعار بأن المراد » :(٣٤/ ومثله قوله الحافظ ابن حجر في الفتح ( ٧ بقوله أولا (أصحابي) أصحاب مخصوصون وإلا فالخطاب كان للصحابة، ÉÈÇÆÅ ﴿ : وقد قال لو أن أحدكم أنفق وهذا كقوله تعالى .« الحديد: ١٠ ] الآية ] ﴾ ...ÍÌËÊ وغفل من قال: إن الخطاب بذلك لغير » :(٣٤/ وقال الحافظ أيضا ( ٧ الصحابة وإنما المراد من سيوجد من المسلمين المفروضين في العقل .« تنزيلا لمن سيوجد منزلة الموجود للقطع بوقوعه مقام الصحابة ٤٥ ورد » : ١٨٨ ) هذا إلى الكرماني وأتبعه قوله / وعزا العيني في العمدة ( ١٦ عليه بعضهم ونسبه إلى التغفل بأنه وقع التصريح في نفس الخبر بأن المخاطب بذلك خالد بن الوليد، وهو من الصحابة الموجودين إذا ذاك وهو يشير بذلك إلى ما قاله الحافظ في الفتح. ،« بالاتفاق ومهما يكن فإنه لولا قلب الحقائق وتسفيه الحق وتجريم المحق وتبرئة غير البريء لكان الأسلم عدم الخوض فيما وقعوا فيه لتقادم العهد وكثرة الالتباس، ولكن مع شن الحرب على عصبة الحق غدوا وعشيا استدعى الأمر هذا الدفاع ليحصحص الحق ويستبين الرشد وينجلي الأمر والله سبحانه نسأله التوفيق لاتباع الحق والدفاع عنه ومجانبة الباطل وإزهاقه وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أخوكم المخلصأحمد بن حمد الخليلي١٤ / شعبان / ١٤٣٦ ه