.ص نا لا نازرااال.را ‏٨‏ . 1٣اا 11نانشت0هن !‏1١ن ٨ 9‏١ 0 7 13 / نيج نم. ٠ 5 2- وح .7 7 ت - اان حصن. - د ررر از 77 ح ےے ...- انا .. دي7الززلزلاز ممر+ و سر انإنه- وزارة التزالت القوى والتضتافة مائلا لنالكازللكتا للعالم اللمحة ا لوهبي الابا ضي الصعبيبن يوسفحمد الجزء الخامس عشر ١ ٩٩ ١م.١ه‏٤١١ سورة الجن مكية كلها وآيها ثمان وعشرون وكلماتها مائتان وخمس وثمانون وحروفها ثمانمائة وسبعون وعنه صلى الله عليه وسلم من قر سورة الجن كان له بعدد كل جني صدق محمدا صلى الله عليه وسلم أو كذب به عتق رقبة وإن لازمها المأسور رجع سالما لأهله بإذن الله تعالى ومن قرأها قاصدا للسلطان أمن من جوره ومن قرأها على محزون حفظ ومن قرأها معتقلا سهل خروجه . بسم الله الرحمن الرحيم ( قل ) يا محمدا ( أوحي إلي ) وقرىء وحي من الوحي لا من الايحاء وهو قراءة بن أبي عبلة وقرأ أحي من الوحي قلبت الواو همزة لانضمامها كأعد وأزن في وعد ووزن وهو قيل قلب مطلق جوازه في كل واو مضمومة وقد أطلقه المازني في المكسورة أيضا كتشاح وإسادة وإعاء في وشاح أو وسادة ووعاء ( أنه استمع ) في تأويل مصدر نائب أوحى والهاء ضمير الشأن والاستماع للقرآن ( .نفر) يقال لما بين الثلاثة إلى العشرة بدخولهما والمراد هنا سبعة( .من الجن ) جن نصيبين قيل كانوا من الشيصفان وهم أكثر الجن عددا وعامة جنود إبليس منهم قيل جاء وه في صلاة الصبح ببطن نخلة موضع بين مكة والطائف وهو يقرا القرآن في الصلاة _ ٢٣ وكانوا أفضل قومهم في دينهم فلما سمعوا رقوا له وصدقوه . قال سهل رأيت في دار عاد مدينة مبنية من حجر فيها قصر عظيم منقور من حجر تأويه الجن فدخلت القصر معتبرا بما فيه فرأيت شخصا قائما يصلي نحو الكعبة وهو في غاية العظم وعليه جبة صوف بيضاء بها طراوة فتعجبت لطراوة جبته وانتظرت حتى فرغ من صلاته فقلت السلام عليك فقال وعليك السلام ياأبا محمد:عجبت لطراوة جبتي وهي علي منذ تسع مائة سنة لقيت فيها عيسى بن مريم عليه السلام ومحمدا صلى الله عليه وسلم وامنت بهما وأعلم ياأبا محمد أن الابدان لاتخلق الثياب وإنما يخلقها مطاعم السحت والاصرار على الذنوب فقلت له ومن أنت قال أنا من الذين قال الله فيهم (قل اوحي) الاية قيل وفي ذلك دليل أنه صلى الله عليه وسلم ما رعءاهم وماقراء عليهم ولكن اتفق حضورهم في وقت فراقه قسمعوا فأخبره الله جل وعلا. وفي الآية ونحوها دليل على وجود الجن واشرك منكرهم وقد أنكرهم جمهور الفلاسفة وأثبتهم جماعة منهم وسموهم بالارواح السفلية وزعموا أنهم أسرع إجابة من الأرواح الفلكية وهي أجسام عاقلة خفية تغلب عليهم النارية والهوائية وقيل نوع من الأرواح المجردة وقيل نفوس شريرة مفارقة عن ابدائها وعن بعضهم انها حيوان هوائي يتشكل بأشكال مختلفة وقيل أنها جواهر ليست بأجسام ولا بأعراض وعندنا الجسم والجوهر واحد قال صاحب هذا القول هذه الجواهر بعضها خيرية كريمة محبة للخيرات ولايعلم عدة [ نوا عهم ا لامحية للشرور وا لافاتويعضها ل نية خسيسة شريرة ‏٤ الله وقيل أجسام مختلفة الماهية موصوفة بالطول والعرض منهم لطيف وكثيف وعلوي وسفلي قادرة على أفعال عجيبة أو شاقة يعجز عنها البشر متشكلة بأشكال مختلفة بأقدار الله لهم على ذلك وقيل أن الأجسام متساوية في تمام الماهية وليست البنية شرطا للحيات وهو قول الاشعري وجمهور اتباعه وأنكر بعض المعتزلة وجود الجن وقالوا البنية شرط للحياة وأنه لابد من صلابة البنية حتى يكون قادرا على الأفعال الشاقة وهو قول منكر نسبه بعضهم للمعتزلة لا لبعضهم والظاهر أن قائله إما مشرك أو شة وغلا بالتاويل والله أعلم. أمر الله سبحانه وتعالى نبيه صلى الله عليه وسلم أن يظهر لاصحابه واقعة الجن وكما أنه مبعوث الى الإنس مبعوث الى الجن لتعلم قريش أن الجن مع تمردهم لما سمعوا القرآن عرفوا إعجازه فآمنوا به " (فقالوا) لقومهم لما رجعوا اليهم (إنا سمعنا قرأنا عجبا ) أنكروا القرآن للتعظيم أو لأنه في معنى كتاب من الكتب والعجب البديع المغاير لكلام الناس في حسن تركيبه ودقة معانيه وهو مصدر وصف به مبالغة أو لتأويله بمعجب به أو ذي عجب أي يتعجب سامعه منه (يهدي الى الرشد) الايمان والطاعة هما الحق والصواب في الدين بالحق والصواب فسره بعضهم (قآمنا به) اى بالقرآن ولما كان الإيمان به إيمانا بالله ووحدانيته ورسله وبراءة من الشرك قالوا ماحكى الله جل وعلا عنهم بقوله " (ولن نشرك برينا أحدا ) لن نعود الى ما كنا عليه من الإشراك به في طاعة الشيطان لقيام البرهان وفيه دليل على أن أولئك النفر كانوا مشركين يهودا أو نصارى أو مجوسا خلاف وقيل ٥ عبدة أصنام وقيل هم غير مشركين بل مؤمنون بالتوراة والإنجيل ولكن كما تقول في شيء لم نفعله قط لن نفعل كذا ويجوز عود الضمير من به الى الله ويدل له قوله بربنا "(وإنه تعالى ج ربنا) أي علا جلال رينا وعظمته عما نسب اليه .كقول آنس كان الرجل إذا قرأ البقرة وآل عمران جد فينا اي عظم وروي في أعيننا وروي ذلك عن عمر . وقيل أمر ربنا وقيل فعله وقيل الاءه ونعماءه على خلقه وقيل ملكه وقيل ذكره وقيل سلطانه وقيل غناه من الجد الذي هو الدولة والبخت فهو غني عن الصاحبة والولد لعظمته أو سلطانه أو ملكوته أو غناه أو غير ذلك والقول الأول للجمهور والأخير للحسن والسادس لمجاهد .وهمزة أن في أنه استمع مفتوحة للنيابة عن الفاعل وفي إنا سمعنا مكسورة للحكاية بالقول ويحمل عليهما البواقي فما كان من الوحي فتح وماكان من قول الجن كسر كهمزة إنه تعالى جة ربنا وكلهن من قولهم ال الأخيرتين.وإن المساجد له وإنه لما قام في بعض القراءات ومن فتح الكل فعطفا على الهاء في به كأنه قيل أمنا به وأمنا صدقنا به وصدقنا بأنه تعالى جد ربنا وبأنه كان يقول سقها وكذا الباقي فالمصدر مجرور ويجوز كونه منصوبا على معنى صدقنا أنه تعالى الخ . وقد قرا ابن كثير والبصريان إنه تعالى بالكسر على انه من جملة المحكي وكذا مابعده الا قوله وإن لو استقاموا وإن المساجد وانه لا قام فإن ذلك من جملة الموحى ووافقهم نافع وأبو بكر الا في أنه لما قام فكسر على الاستئناف أو الحكاية وفتح الباقون الكل الا مايصدر بالفاء واستشكل ‏. ٦ بعضهم العطف على هاء به لعدم إعادة الخافض وأجاب بعض علماء الجزائر بأنه وارد في النظم والنثر الصحيح وأقول لا إشكال وإنما تجب الاعادة مع غير ان ،وأن بالفتح مع التشديد أو الإسكان اما معهما فلا تلزم الاعادة كما يحذف الجار معهما قياسا مع تقدير المصدر مجرورا وقدره بعض مفتوحا ومهما كي المصدرية وتعالى الموافقة المجرد في معناه وهو علا وقويي جد ربنا بكسر الجيم اي صدقت ربوبيته ضد الهزل وقرىء جدا ر بنا بنصب جدا على التمييز ورفع رب على الفاعلية وقر عكرمة جد ربنا بقتح الجيم وضم الدال مع التنوين ورب بدل أو خبر لمحدوف اي هو رينا وذلك ان الجد يطلق على العظيم كما يطلق على العظمة وقرأ أبو الدرداء ذكر ربنا وروي عنه جلال ربنا " (مااتخد صاحبة) زوجة "(ولا ولدا) وصفوه بالتعالي عن الصاحبة لانه لا يحتاج اليها وعن الولد لانه ليستأنس به ويستعان به وهو منزه عن الاستئناس والاستعانه وعن كل نقص وذلك بناء على أن هذا بيان لقوله تعالى جد ربنا والا فكلام على حده وعلى كل حال فإنهم لما سمعوا القرآن ووفقوا للتوحيد والإيمان تنبهوا عن الخطاء فيما اعتقده كفرة الجن من تشبيه الله بخلقه واتخاذه الصاحبة والولد فاستعظموه ونزهوه عنه " (وإنه كان يقول سفيهنا) اي جاهلنا والمراد مارد مخصوص من مردة الجن أو جنس المردة وقيل هو إيليس ونسب للجمهور واستحسن لانه رئيسهم في كل شره والهاء في أنه تعالى وإنه كان يقول ضمير الشأن مها في أنه استمع نفر وكذا في مثل ذلك مما يأتي فجد فاعل تعالى واسم كان ضمير الشأن ويقول سفيهنا فعل وفاعل خبر ‏_ _ ٧ كان والمجموع خبر لان او سفيهنا اسم كان وفي يقول ضمير سفيهنا وإنما قدم خبر كان على هذا على اسمها مع أنه فعلي لأمن لبس اسمها بالمبتدأً بقرينة أن الفعلين لايتواليان في غير التوكيد الا مع الفصل بفاعل أونائب ظاهر أو مستتر " ( على الله شططا) قولا شاطا أو ذا شطط اي بعد ومجاوزة جد أو أطلق على القول أنه البعد توكيدا لبعده لانه نسبة الصاحبة "(وإنا ظننا ان لن تقول الإنسوالولد والشطط ايضا الكذب والعدوان والجن على الله كذبا) فكنا نصدقهم فيما ينسبوه اليه حتى تبين لنا بالقرآن كذبهم كأنهم اعتذروا بذلك.وإن مخففة وكذبا مفعول القول لأنه ولو كان مفردا لكنه مراد به ماهو جملة أو أكثر مثل قولهم إن له زوجة وقولهم إن له ولدا وقولهم الملائكة بناته حاشاه عز ذلك أو نعت لمصدر محذوف اي قولا كذيا اي ذا كذب أموكذوبا فيه . وقريء تقول بفتح القاف والواو مشددة اي ان لن تقول فكذبا مفعول مطلق لا نعت لأن التقول لايكون إلا كذبا إلا أن يقال نعت توكيد " (وإنه كان رجال من الأنس يعوذون برجال مانلجن) كان الرجال مانلعرب إذا نزل في مسيره في واد وخاف على نفسه قال أعوذ بسيل هذا الوادي من سفهاء قومه يريد كبير الجن فيحميه ويمنعه فيما قالوا وفي رواية صاح بأعلى صوته ياعزيز هذا الوادي أعوذ بك من السفهاء الذين في طاعتك بذلك استكبروا وقالوا سدنا الاتنس وغير ذلك من الالفاظ ،وإذا سمع الجن وهذا هو الرهق في قوله "(فزادوهم) اي زادوا الجن بتعوذهم (رهقا) كبرا ‏ ١محارما لانس وا لرهمقق ا لكبر و لكفر و لعتو وغشيانوهو قولهم سدناوعتوا ‏٨ قال ابن عباس الرهق الاثم وقيل الطغيان وقيل الغي وقيل الشر وقيل العظمة وهي التكبر .وخرج ابن ابي السائب الانصاري وأبى إلى المدينة في حاجة رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة قال فاوانا المبيت الىأول ما ذكر راعي غنم فلما انتصف الليل جاء ذيب فأخذ جملا من الغنم فوثب الراعي وقال ياعامر الوادي جارك فنادى مناد ولم نره يارصان ارسله فجاء الجمل يشتد حتى دخل الغنم فأنزل الله على رسوله بمكة .وإنه كان رجال من الإنس يعوون برجال من الجن فزادوهم رهقا وعن سعيد بن جبير أن رجلا من بني تميم يقال له رافع بن عمير قال إني لأسير برمل عالخ ذات يوم إذ فجأني النوم فقلت بعظيم هذا الوادي من أذى الجن فرأيت في منامي رجلا شابا بيده حربة يريد أن يضعها في نحرنا فتى فانتبهت مذعورا ونظرت فلم أر شيئا ثم غفوت فرأيت مثل رؤياي الأولى فانتبهت مذعورا ورأيت ناقتي تضطرب وإذا برجل شاب كالذي رأيت في المنام بيده حربة ورجل شيخ يمسك يده يردعه عنها وهو يقول: مهلا فذلك ميزري وإزارييامالك بن مهلل بن دثار واختر بها ماشئت من أثواريعن ناقة الانس لاتعرض لها ألا رعيت قرابتي وذماريفلقد بدا لي منك مالم احتسب ارتبا لفعلك يااباالعيتسموااليها بحربة مسمومة فقال الشاب في غير موجبة ابا الفيزارياردت ان تسمو وتحفظ قدرنا إن الخيار هم بنواالأخييارماكان منكم سيد فيما مضى ٩ قال فبينما هم كذلك إذ طلعت أثوار من الوحش فقال الشيخ للفتى خذ يا ابن أخي ايها شئت فداء لناقة الانس فأخذ ثورا فانصرف ثم التفت الى الشيخ وقال ياهذا إذا نزلت واديا فخفت هوله فقل أعوذ بالله رب محمد: صلى الله عليه وسلم من هول هذا الوادي ولاتعذ بأحد من الجن فقد بطل أمرها فقلت مُن محمد؟ قال نبي عربي لا شرقي ولا غربي بعث يوم الاثنين قلت أين مسكنه ؟ قال يثرب ذات النخل فركبت راحلتي حتى لحقت بالمدينة فرأني النبي صلى الله عليه وسلم فحدثني بحديثي قبل أن أحدثه فأسلمت قال ابن جبير كنا نرى أنه الذي نزل فيه وإنه كان رجال من الانس يعوذون برجال من الجن فزادوهم رهقاغ ويجوز عود الواو للجن والهاء للانس اي فزاد الجن الإنس غيا بان أضلوهم حتى استعانوا بهم وعن قتادة كانت الجن تحتقر بني آدم لما ترى من جهلهم فكانوا يزيدونهم مخافة ويتعرضون للتخيل لهم ويغوونهم في إرادتهم فهذا هو الرهق فأعاد الواو للجن والأول مجاهد وغيره "(وإنهم) اي الإنس (ظنوا كما ظننتم) أيها الجن أو إن الجن ظنوا كما ظننتم أيها الإنس الكفار كقريش والإتيان من كلام الجن بعضهم لبعض أو كلام منهم للأنس أو استئناف كلام من الله ومن فتح الهمزة فيهما جعلهما من الموحي كما مر( .أن لن يبعث الله أحدأ) أن مخففة وهمي ومابعدها سادة مسد مفعولي ظن والمراد بالبعث الحشر بعد الموت او بعث الرسل(" .وإنا لسنا السماء) طلبنا بلوغها واستماع كلام أهلها لمسه . والتمسه وتلمسه بمعنى كطلبه وأطلبه بتشديد الطاء إبدلا لتاء افتعل طاء وإدغام الطاء فيها وتطلبه (" .فوجدناها ملئت حَرَسنًا) أي حراسا وهم _ ١٠١ الملائكة جمع حارس وقيل اسم جمع وهو الصحيح بدليل قوله "(شديدا) بالافراد مراعاة للفظ ولو كان جمعا لقال شدادا كذا قيل ويجاب بأن شديدا فقفعيل بمعنى فاعل فيوصف به الواحد وغيره والشدة القوة والملائكة أقوياء يمنعونهم من الاستراق وحرسا تمييز غير محول عن شيء مع أنه تمييز نسبة وبسطت ذلك في النحو قيل أو مصدر تمييز وقيل حرساً مفعول لأجله أو مصدر أي ملئت بالملائكة لأجل حفظها ويرده قوله (وشهباً) فإن الشهب لايصح كونه مفعولا لأجله ويصح كونه تمييز جمع شهاب وهو مايقتطع من النجم كالقبس أو قطع نار خلقت كذلك ترمي بها الشياطين لما بعث صلى الله عليه وسلم(" .وإنا كنا نقعد منها) أي فيها متعلق بنقعد وقعودهم في السماء بمعنى قعودهم في جهتها في العلو وفي قربها أو بمحذوف حال من قوله ( " .مقاعد) أي قريبة منها جمع مقعد ظرف مكان كمرمى بعد رمي أو مصدر ميمي مفعول مطلق اي قعدات مخصوصة بأن كانت في مواضع مخصوصة في حال مخصوصة والمشهور الاول أي كنا قيل مبعثه صلى الله عليه وسلم نقعد في مواضع خالية عن الحرس والشهب أو صالحة للترصد والاستماع .٭ (للسمع) أي لاجل الإستماع متعلق بنقعد أو نعت لمقاعد والآن قد ملئت المقاعد كلها " (قمن يستمع الآن يجد له) متعلق بيجد أو حال من شهابا أو متعلق برصدا أن جعل رصدا مفعولا لأجله لا نعتا (.شهابا رصدا) ارصد له ليرمي به ورصدا نعت شهابا بمعنى راصدا أو ذا رصدا وهو نفسه رصد مبالغة أو مفعول لأجله ويجوز وقوع شهابا رصدا على الملائكة اى يجد ملائكة نوي شهاب ‏_ _ ١١ راصدين فرصدا جمع راصدا واسم جمع وقيل الشهاب من الكوكب والرصد من الملائكة وهذا بناء على أن رصدا مفعول لأجله قيل والآية قاطعة بأن كل من يستمع الآن أحرقه شهاب فليس هنا بعد سمع انما الاحراق بعد الإستماع والرجم كان في الجاهلية ولم يكن بمستأصل ولا جاء الإسلام اشتد حتى لم يكن فيه سمع أصلا انتهى قلت لا قطع في الاية بل أفادت بظاهرها أنهم كانوا يستمعون ولايرجمون وبعد البعث لايستمع مستمع إلا رجم فمنهم من يحرق ومنهم من يموت ومنهم من يخبل ومنهم من ينجوا ولما اشتد الرجم بعث إبليس من جنوده ليروا ماحدث الرجم لأجله فرأوا النبي صلى الله عليه وسلم يصلي فرجعوا إاليه على مامر في غير هذا الموضع وهذا مذهب ابن عباسغ وقال ابن قتيبة كان قبل البعث واشد بعده وهو الصحيح فالمراد أنها قبل البعث لم تمل حرسا وبعده ملئت فتجد من الشهاب والرصد مالم تكن تجده قبل والصحيح أنهم قد يستمعون الى الآن فيسمعون قليلاء ومن قال قد كان قبل البعثة فهو مؤيد بقوله "وزينا السماء الدنيا بمصابيح وجعلناها رجوما للشياطين" ونحوه ومن خص الرجم بما بعدها قال إن الرجم موجود بعد البعثة ليكون له آية وهذا كما يقول من يقول بوجوده قبلها ان كثرته علامة وآية له ويدل على وجود الرجم قبل البعثة ذكره في أشعار الجاهلية قال بشر بن ابي :حا زم ينقض خلفها انقضاض الكوكبوالعير يرمقها الغبار وجحشه وقال اوس بن حجر: _ ١٢ تخاله طنبانقع سماوإنقض كالدري يتببه وقال عوف بن الخزم: الدموالثور كالدري يتبعهيرد علينا العير من دون القه ولكنه لما كثر بعد البعث تنبه الناس له .قال معمر للزهري أكان بالنجوم في الجاهلية؟ قال نعم قلت أرأيت قوله وإنا كنا نقعد منها مقاعد المسمع فقال غلظت وشدد أمرها حين بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم وبينما رسول الله صلى الله عليه وسلم فنيفر من الأنصار إذ رمى بنجم فاستنار فقال ماكنتم تقولون في مثل هذا في الجاهلية فقالوا كنا نقول يموت عظيم أو يولد عظيم ومن نفاه قبل البعثة فلعله لم يطلع عليه أموراده نفي الكثرة مثل قول أبي رجاء ما كنا نرى نجما يرمى به فبينما نحن إذ رمى بنجوم في ليلة ذات نجوم فقلنا هذا الأمر حدث فجاء نا بعث النبي صلى الله عليه وسلم فلعل مراده إنهم لم يروه وإن كان أو ذلك تقليد كقولهم ماعندهم قطرة لبن إذ كان فيهم لبن قليل0وذكر يعقوب بن عتبة بن المغير أول من فزع لرمي بالنجوم ثقيف جاوا الرجل منهم يقال له عمرو بن أمية وكان أدهى العرب فقالوا لم تر ماحدث في السماء من القذف بالنجوم فقال انظروا إن كانت معالم النجوم التي يهتدى بها في البر والبحر وينتفع بها فذلك طي الدنيا وإلا فلأمر إرادة الله . وعن لهيب ابن مالك حضرت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت عنده الكهانة فقلت بأبي أنت وأمي يارسول الله نحن أول من عرف حراسة السماء وزجر الشياطين ومنعهم من استراق السمع عند قذف النجوم وذلك ‏_ ١٣٢ أنا اجتمعنا الى كاهن لنا يقال له خطر ابن مالك وكان شيخا كبيرا أتت عليه مائتا سنة وثمانون سنة وكان أعلم كهاننا فقلنا له ياخطر هل عندك علم بهذه النجوم التى يرمى بها فأنا قد فزعنا لها وخفنا سوء عاقبتها فقال ائتوني بسحر أخبركم الخبر أخير أم ضرر أولا من أو حذر فانصرفنا عنه يومنا وأتيناه السحر فإذا هو قائم على قدميه شاخص في السماء بعينه فناديناه ياخطر فأومى الينا ان امسكوا فامسكنا فانقض نجم عظيم من السماء وصرخ الكاهن رافعا صوته أصابه خامرة عقابه عاجله عذابه أحرقه شهابه ياويله ماحاله بلبله بلباله عاوده خياله تقطعت حباله وغيرت أحواله ثم أمسك طويلا واندفع يقول: أخبركم بالحق والبيانيامعشر بني قحطان ‏ ١لموتمن السدا نو لبلد[ قسمت بالكعية و لاركا ن بثاقب بكف ذي سلطانقد منع السمع عتاة الجان يبعث بالتنزيل والقرآنمن أجل مبعوث عظيم الشان تبطل به عبادة الأوثانوالهداي وفاصل الفرقان فقلنا ويحك أنك لتذكر أمرا عظيما فماذا ترى لقومك فقال ارى لقومي ماأرى لنفسي برهانه مثل شعاع الشمسان يتبعوا خير نبي الإنس بمحكم التنزيل غير اللبسمرس خ دا ل مكة اث من يبع فقلنا له ياخطر ممن هو فقال: قريشلمنانهوالحياةوالعيش ‏ ١٤س هيشخلقهولافىمافي حلمه طيش من آل قحطان وآل أيشيكون في جيش وأي جيش فقلنا بين لنا من اي قريش هو فقال: إنه لمن نجل هاشموالبيت ذي الدعائم مباللاحيبعثمن معشر أكارم ثم قال هنا هو البيانوقتل كل ظالم رثم قال الله أكبإخبرني به رئيس الجان عن الجن الخبروانقطعجاء الصق وظهر ثم سكت وأغمي عليه فما افاق الا بعد ثالثة فقال لاإله إلا الله وأصابه الثاني بكسر الهمزة مبدلة عن واو مكسورة جمع وصب وال قحطان الأنصار وآل ايش قبيلة من مؤمنون أو مدح يقال فلان ايش أي شيء عظيم مركب مالجن أي الاستفهامية وشيء وكأنه أراد المهاجرين وإنما تستمع الجن أخبار تتكلم بها الملائكة ولايقدرون أن يسمعوا الوحي وإذا سمعوا الكلمة زادوا فيها تسعا وقيل مائة وعن بعضهم أن إبليس كان قبل مبعث نبينا صلى الله عليه وسلم يدخل سماء الدنيا( " .وأنا لا ندري أشر أريد بمن في الأرض) بحراسة السماء عن الاستراق( " .أم أراد بهم ربهم رشدآ) خيرا والشر العذاب أو الخذلان يعصيان هذا الرسول والرشد -الرحمة أو التوفيق باتباع هذا الرسول وشر أريد مبتدا وخبر سدا مسد مفعولي ندري معلقا عن العمل بالإستقهام.٭ (وإنا منا الصالحون) المؤمنون الأبرار بعد سماع القرآن ( " .ومنادون ذلك) أي ومنا قوم دونهم ١٥ في الصلاح غير كاملين فيه أو غير صالحين بل منافقون وكفار وقيل غير هؤلاء الصالحين فيشتمل من هو صالح دون صلاحهم ومن هو غير صالح وبين هذه القسمة بقوله ( " .كنا طرائق قددا) نوي مذاهب مختلفة أو كانت مذاهبنا مذاهب مختلفة فحذف المضاف من الثاني أو من الأول أو كنا في اختلاف أحوالنا مثل الطرائق المختلفة أو النصب على نزع الخافض أي في طريق إن قلنا بجوازه في السعة وقددا نعت مؤكد لطرائق أو خبر مؤكد بعد خبر لأن كلا من الطرائق والقدد الأشياء المختلفة جمعا طريقة وقدة من قده إذا قطعه وكانت طرائف فصل بعضها عن بعض والمراد أن منهم مؤمنين ويهوداً ونصارى وصابين ومجوسا وعبدة الأوثان وعن ابن عباس ذوي أهواء مختلفة وقيل إن فيهم رافضة وقدرية ومرجئة وخوارج وغيرها.ونقول أما بعد ظهور هذه المذاهب في الإنس فالأمر ظاهر فإن جميع المذاهب الإسلامية وغيرها فيهم وأما في زمان الوحي فشكل الا أن كانت فيهم قبل كونها في الأنس نعم الرافضة والقدرية موجودتان في ذلك الزمان( " .وإنا ظننا) تيقنا " (أن لن نعجز الله في الأرض) اينما كنا فيها نفقد فينا حكمه من الموت والبعث وغيرهما وفي الأرض متعلق بنعجز أو بمحذنوف حال من ضميره (ولن نعجزه هرباً) فيها أو منها الى السماء وهذه أحوال الجن في الإعتقاد بعد الإسلام .وهرباً منصوب على نزع في أو الباء أو مقعول لأجله أو حال أي ذوي هرب أو هاربين أو حال بلا تاويل مبالغة أي لانعجزه ولو ` صرنا نفس الهروب ويجوز كون الظن على بابه من الرجحان إخباراً عن حالهم قبل الإسلام أو قرب الإسلام أو في أوائل السماع ثم رسخ.٭(وإنا _ ١٦ لما سمعنا الهدى أمنا به) وهو القرآن والإيمان به إيمان بالله ونبيه وغيرهما (فمن يؤمن بربه فلا يخاف) خبر لمحدوف بدليل الفاء أو الرفع أي فهو لايخاف فالجملة إسمية للتحقيق إن المؤمن ناج لامحالة مختص بعدم الخوف والظاهر أن الإختصاص مستقفاد من المقام وليس معنى لهذه الجملة والجملة جواب الشرط ولو قدرت قد التحقيقية أو التوقعية لصح أي فقد لايخاف.وقيل لا تقدير وإن الأداة لم تعمل الجزم وإن الربط تارة بالجزم وتارة بالفاء وقر الايش فلا يخف بالجزم فالفاء زائدة ولا نافية أو رابطة ولا ناهية.٭ (بخساً) نقصا في الجزاء أوجزاء بخس وذلك في ثواب حسناته لاينقص منها شيء فإن الحق أن الجن مثابون ( " .ولا رهقا) ولا ان ترهقه ذلة كما ترهق الكافر أو لا يخاف تساؤلا رهقا لانه لم يبخس حقا لأحد ولارهق ظلماً أحدا ففيه إشارة أن من حق المؤمن اجتناب المظالم فإن المؤمن كما قال صلى الله عليه وسلم من أمنه الناس على أنفسهم وأموالهم 4وقيل الرهق ما يغشاه من مكروه0وعن ابن عباس البخس نقص الحسنات والرهق الزيادة في السيئات " (وإنا منا المسلمون ومنا القاسطون ) المائلون عن طريق الهدي الإيمان والطاعة يقال فلان قاسط أي جاير اشتقاقاً من القسط بفتح القاف وقاسط أي عادل إشتقاقاً من القتسط بكسرها وفعل الأول كضرب يضرب والثاني كضرب يضرب ونصر ينصر وعن سعيد بن جبير أن الحجاج قال له حين أراد قتله ماتقول في قال قاسط عادل فقال القوم ماأحسن ماقال حسبوا أنه يصفه بالقسط والعدل فقال الحجاج ياجهله إنه سمانى ظالماً جايراً وروى ظالماً مشركاً ولايصح ‏١٧ أن يريد أن الحجاج مشرك وتلا لحجاج لهم " واما القاسطون " قيل وتلا أيضا " ثم الذين كفروا بربهم يعدلون " " (فمن أسلم فاولئك تحروا) قصدوا " (رشدآ) هداية وتنكيره تعظيم أي رشداً عظيما يبلغهم الى دار الثواب وكفى بذلك وعدا لهم حيث ذكر سبب الثواب والله أعدل من أن يعاقب الجاير ولايثيب الراشد فبطل قول بعضهم أنه لاثواب للجن وأن في الآية دليلا على ذلك يعني عليهم العقاب دون الثواب حيث ذكر تحريهم دون ثوابه وذكر عقباهم بقوله " (وأما القاسطون) المشركون (فكانوا لجهنم حطباً) وقودأً يوم القيامة وعبر بالماضي لتحقق الوقوع وإحضار ذلك العذاب العظيم والظاهر أن قوله فمن أسلم الي حطبا من كلامه لا من كلام الجن ويتالمون بالنار ولو خلقوا من النار لقدرة الله على تعذيب النار ولتفات ومابين النار ولتغيرهم عن حال النار واستغنى عن ذكر مامر تبين بقوله "قمن أسلم فأولئك تحروا رشدا" أو تقدر فيه إما (وان) مخففة وإسمها محذوف وجوبا ضمير الشان أو ضمير غير الشان محذوفا جوازا ‏ ٧وأوجب بعضهم الأول وعلى الثاني فالتقدير انهم وهكذا في مثل ذلك (والُو استقاموا) أي الجن والعطف على انه استمع فهو من جملة الموحي " (على الطريقة) المى أي لو ثبت أبوهم الجان على ما كان عليه من عبادة الله ولم يستكبر عن السجود لادم ولم يكفر وتبعه ولده على الإسلام "(لاسقيناهم ماء غدقا) أي | واسعا كثيرا وهذه كناية عن الأنعام وتوسيع الرزق لأن الماء أصل المعاش وسعة الرزق وهو عزيز الوجود بين العرب وقرىء بكسر الدال (لنفتنهم فيه) الظرفية مجازية أو في معنى الباء اي لنختبرهم به كيف يشكرون ماأعطوا ‏_ ١٨ منه قال عمر بن الخطاب حيث يكون الماء فثم المال وحيث المال فم الفتنة . وعن الحسن وجماعة من التابعين كانت الصحابة سامعين مطيعين فلما فتحت كنوز كسرى وقيضر على الناس ثارت الفتن وقيل المعنى لو استقامت الجن الذين استمعوا على طريقتهم التي كانوا عليها فلم يسلموا لوسعنا عليهم الرزق مستدرجين لهم فتكون النعمة سببا في ازدياد عصيانهم فيعاقبون ويؤيد هذا أنه اليق بقوله لمفتنهم وقيل الضمير في استقاموا للاننس وتم الكلام على الجن فيما قبل ذلك أي لو أسلم كفار مكة لاوسعنا عليهم الرزق وذلك بعد رفع المطر عنهم سبع سنين فنختبرهم أيشكرون وبه أيد بأن الإنس هم المنتفعون بالمطر{ ومن قال المراد الجن أجاب بأنهم ينتفعون أيضاً ولو كان دون انتفاع الإنس و بأن ذلك كناية كما نقول زيد كثير الرماد تريد أنه جواد ولو لم يكن له رماد أصلا وقيل الضمير للإنس كما ذكر لكن المعنى لو داموا على الكفر لانعني عليهم استدراجا وصحح بعضهم أن الطريقة الاسلام سواء عاد الضمير للجن أو للإنس بدليل أل.ومذهب ابن عباس وقتادة ومجاهد وابن جبير أن الضمير للجن القاسطين وقالوا إن المعنى لو أسلموا لانعمنا عليهم مثل" ولو أن أهل الكتاب آمنوا "الخ ويصح عود الضمير للانس والجن معا (ومن يعرض عن ذكر ربه) عن الإيمان وعن عبادته أو عن وعظه أو عن وحيه أو عن القرآن "( يسلكه) ندخله وقرىء بضم النون وكسر اللام وقرىء بالياء "( عذاباً) مفعول ثان لنسلك على تضمينه معنى الادخال أو منصوب على نزع في "(صعدآ) شاقاً قاله ابن عباس بمعنى أنه يعلو على المعذب ويغلبه وهو مصدر وصف به مبالغة وقال ‏١٩١ الحسن معناه لا راحة فيه وقيل لايزداد الا شدة وقال أبو سعيد الخدري ومجاهد جبل في النار وهو مروي أيضا عن ابن عباس "“(وأن المساجد لله) لا لغيره العطف على أنه استمع أو تقدر لام التعليل وتعلق بتدعوا على أن الفاء زائدة وأنه لاصدر للا الناهية والمراد جميع المساجد وقيل المراد بالمساجد الارض كلها لأنها جعلت للنبي صلى الله عليه وسلم مسجدا وهو تفسير حسن وقيل المسجد الحرام وجمع تعظيما أو لأنه يتخد منه مواضع سجود أو لأنه قبلة المساجد وقيل نزلت بسبب تغلب قريش على الكعبة فقال له مواضع السجود وهي الأرض كلها لله فاعبده حيث شئت وهو عين مذهب الحسنغ قال قتادة كانت اليهود والنصارى إذا دخلوا كنا وئسهم وبيعهم أشركوا بالله فامرنا بقوله "(فلاتدعوا مع الله أحداً) أن نخلص العبادة له إذا دخلنا المساجد قال الحسن مامن قوم غير المسلمين يقومون في مساجدهم الا وهم يشركون بالله فيها وقيل المراد بالمساجد جميع ما بني للصلاة والذكر فتدخل الكنائس والبيع وغيرها وإذا كانت الأرض والمساجد للة فلا تسجدوا فيها لغيره ولاتتحدثوا فيها أعني في المساجد بغير كلام الله من أمور الدنيا ولا تجعلوا فيها نصيبا لغيره وعن سعيد بن جبير المساجد الأعضاء السبعة الجبهة واليدان والركبتان والقدمان هي مخلوقة لله وملك له فلا تسجدوا بها لغيره وفي حديث غريب عدا الانف وأسقاط الجبهة وفي رواية عدهما معا وكأنهما حسبا عضوا فكأنه حسب الوجه وقيل جمع مسجد الذي هو مصدر ميمي بمعنى السجود.وعن سعيد بن جبير أن الجن قالت كيف لنا أن نحضر معك الصلاة يارسول الله ونحن ‏_ ٢٠ فارون عنك فنزلت" وإن المساجد لله " وعلى زيادة الفاء فالتعليل مستفاد من اللام وعلى عدم زيادتها فالتفريع بها كاف "(وإنه لما قام عبد الله ) النبي صلى الله عليه وسلم وذكره بلفظ العبد تعظيما له إذ أضافه لنفسه ولامقام أشرف من مقام العبودية أو ذكره بلفظ العبد تواضعا من النبي صلى الله عليه وسلم فإن هذا الكلام واقع موقع وكلامه عن نفسه أو ذكره بلفظ العبد ليشعر بأن موجب قيامه عبادة الله وإن عبادة عبد الله ليست بأمر مستبعد عن العقل ولامستنكر حتى يكونوا عليه لبدا وماذكرت من أنه واقع موقع كلامه عن نقسه إنما هو على كسر الهمزة وأما على فتحها فكلامه تحقيقاً أي واوحي الي أنه لما قال عبد الله وقيل أن هذا من كلام الجن يحكونه لمن يحضر للسمع وهو تفسير ابن جبير "(يدعوه) حال من عبد أي يعبده بنخلة أي الجن "(كادوا يكونون عليه لبدا) جمع لبدة بكسر اللام وهي ماتلبد بعضه على بعض ومنها لبدة الأسد وهي الشعر المتراكم بين كتفيه ازدحموا حرصا على سماع القرآن قاله ابن عباس أو يزدحم الجن المؤمن السمع والجن الكافر للوسوسة واللغو لكيلا يسمع المؤمنون القرآن .وعن قتادة تلبدت الأنس والجن على هذا الأمر ليطفئوه فأبى الله الا أن يتمه أو قال الجن ذلك بكسر الهمزة لاصحابهم لما راوا ازدحام اصحابه غليه صلى الله عليه وسلم واقتدائهم به في الصلاة وطاعتهم له وزعم بعضهم أن المراد بعبد الله نوح انكره قومه وقيل لبد معناه أعوان وهو مروي عن ابن عباس أيضا أو قر ابن عامر لبدا بضم اللام جمع لبدة كذلك في رواية عنه والمشهور أن لابداليا ء جمعوقرىء ليدا بضم اللام وتشديدوهمي لغة.هذه قراءة هشام ‏٢١ كساجد وسجد ث وقريء لبدا بضم اللام والباء بلا تشديد جمع لبود بقتح اللام وضم الباء كصبور وصبر "(قل) صلى الله عليه وسلم وقرأ عا وحمزة قل بصيغة الامر أمر للنبي صلى الله عليه وسلم ليوافق مابعده كذا قرأ أبو عمر وفي رواية عنه "(إنما أدعوا) أعبد "(ربي ولاأشرك يه أحدأً) في العبادة قال ذلك للذين تظاهروا عليه وليس ذلك مما يوجب عداوتي أو للجن عند إزدحامهم تعجباً من عبادة الله والتعجب إنما يكون من عبادة غيره أو قال وما بعده من كلام الجن لقومهم حكاية عنه صلى الله عليه وسلم "(قل) وقرىء قال أي قال عبد الله للمشركين أو للجن أو حكاية الجن لقومهم "(إني لاأملك لكم ضرا) غيا وضلالا "( ولارشدآ) إسلاما كما قرا أبي غيا ولارشدا وعبر عن الغي بالضر لان الضر مسيب عن الغي أو الرشد النفع وهو مسبب عن الإسلام أو الصلاح وهو سبب للنفع لا أقدر أأنضركم ولا أن أنفقعكم أو لا أقدر أن أضلكم أأوهديكم أو لا أقدر أن أدفع عنكم ضرا ولا أن أسوق اليكم رشدا آخر وبين أو دنويين والقادر على ذلك هو الله قيل قال كفار مكة لقد حيت بشيء عظيم فارجع عنه تنخيرك فقال لهم "إنما أدعوا ربي ولا أشرك به أحدا قل إني لا أملك لكم ضرا ولا لل. رشدا "" (قل اني لن يجيرني) لن يمنعني "(من الله أحد) ان عصيته " (ولن أجد من دونه ملتحداً) منحرفاً أو ملتجا اسم لمكان الالتحاد والالتحاد الميل لن أجد ملجأ عن ربي أن خالفته وقيل مدخلا في الأرض كالسرب " (الا بلاغا) استثناء من ملتحداً أي لن أجد مانعا من عذابه إلا البلاغ وقيل استثناء من قوله لا أملك لكم اي الا البلاغ اليكم فإن التبلغ ارشاد ‏٢٢ ومابينهما معترض مؤكد لنفي الاستطاعة أو الإستثناء منقطع أي لكن أبلغ بلاغا وعلى الإستثناء من ملتحداً يصح كونه بدلا هو أولى وقيل أن الشرطية أدغمت في لا النافية والشرط محذوف أي أن لا أبلغ بلاغا وجوابها محذوف دل عليه ماقبله أي فلن أجد من دونه ملتحدا كقولك من يمنعني من عذابه إن لم أطعه وفيه حذف فعل الشرط وحذف الجواب والإدغام وذلك خلاف الأصل وفيه حذف الجواب مع أن الشرط مضارع غير مقرون بلم والمشهور اختصاص هذا بالضرورة وسهل الحذف للجواب والشرط معا كون بعض جملة الشرط باقيا وهو لا النافية والمصدر المفعول المطلق "(من الله) نعت بلاغا ومتعلق به وعليه فمن للمجاوزة ويصح الابتداء "(ورسالاته) عطف على بلاغا كأنه قيل لا أملك لكم الا التبليغ والرسالات فالبلاغ اسم مصدر بمعنى التبليغ "(ومن يعص الله ورسوله) بأن لم يؤمن أو امن وعصي ولم يتب "(فإن له نار جهنم) وقرىء بالفتح المهمزة فالمبتداً محذوف أي فجزاؤه أن له نارجهنم " (خالدين ) حال مقدرة جات على معنى من أي يدخلونها مقدرا خلودهم " (فيها أيداً) فالخلود للمشرك وعصاة الموحدين كما يدل عليه عموم ومن يعصي الله ورسوله وكون الكلام السابق في التوحيد لايوجب أن يكون المراد بالمعصية الشرك كما قيل ليختص الخلود به سلمنا أن المراد بها الشرك بدليل مافيه الكلام وهو التوحيد لكن لنا أدلة من خارج على خلود العصاة "(حتى إذا رأوا مايوعدون) حتى حرف ابتداء لا جارة لأذاكما . قال بعض النحاة وفيها معنى الغاية محذوف اي لايزالون على كفرهم حتى ٢٢٣ الخ دل عليه الحال الذي هو استضعاف الكفار له وعصيانهم أو الغاية لقوله كادو يكونون عليه لبدا والذي يوعدونه يوم بدر أو يوم القيامة كذا قالوا والظاهر أن تلبدهم ينقطع ببدر أو بالموت فالظاهر أن المراد بالموعود يوم بدر ونحوه أو الموت وإن الغاية لقوله كادوا يكونون عليه لبدا صحيحة سواء فسرنا مايوعدون بنحو بدر من عذاب الدنيا أو بالموت وعذاب الآخرة لاتختص بتفسيره بعذاب الآخرة كما قيل وإن قلت كيف تكون الغاية لقوله كادوا الى آخره قلت هو على معنى قولك داموا على قربهم من كونهم لبداً لشدة عداوتهم " (فسيعلمون) عند حلول مايوعدون بهم ٭ (من أضعف ناصرا وأقل عددأً) أهو أم هم على أن ذلك من كلام الله وأنا أم هم على أنه من كلام النبي صلى الله عليه وسلم "(قل إن) اي ما "(أدري أقريب ماتوعدون) قريب مبتدا وما فاعل أغناه عن الخبر أو قريب خبر وما مبتدا "(أم) متصلة عطفت الفعلية على الاسمية " (يجعل له ربي) وقرأ غير نافع وابن كثير والي عمر وبإسكان الياء "(آمدا) غاية غير قريبة لما سمعوا أن الإيعاد قالوا متى هذا الإيعاد فأجابهم بذلك أنه كائن لامحالة أما عاجلا وإما آجلا وإخفاء وقته لمصلحة ٭(عالم الغيب) نعت ربي مراعاة لعلمه السابق للحالي أو الاستقبالي فإن علمه مستمر وإلا لم يكن نعتا لان إضافته حينئد لفظية أو خبر لمحنوف أي هو عالم الغيب وهو ماغاب عن العباد وقال الحسن يوم القيامة ومامضى في السلف وقيل الوحي وقيل مافي قوله أن الله عنده علم الساعة الخ “(فلايظهر على غيبه أحدأً) من الناس وكلما ظهر لمخلوق فليس من الغيب الذي استاثر الله به ولكن المراد . ٢٤ هنا مالم يظهر للعامة بدليل قوله "(الا من ارتضى) اصطفى "(من رسول) فإنه يظهره على بعض غيبه ليكون له معجزة ومن للبيان وإستدل جار الله بالآية على أبطال كرامات الأولياء لأنهم ليسوا برسل ولو كانوا مرتضين وعلى أبطال الكهانة والتنجيم لان أصحابهما ابعد شيء عن الارتضاء وأدخله في السخط ولاسيما الكاهن فإنه أشد كفرا ممن ادعى اطلاعاً على غيب من حياة أو موت أو غيرهما فقد كفر بما في القرآن وأقول كأنه أراد أن كرامات الأولياء ليست على سبيل القطع حين أخبروا غيرهم على اي حالة فإنها محتملة لأنها ظن منهم أو الهام غير متحقق إنه من الله وإذا وقع ماأخبروا به تحققناه بوقوعه ولانجزم بأن أخباره قيل الوقوع كان جزماً لانه لم يكن بواسطة ملك كما يكون للانبياء والا فكرامات الأولياء إنكارها رأسا مكابرة لما هو واضح كالشمس ولا نقدر أن نحصي ماألهم الله به بعض أولياه قال صلى الله عليه وسلم لكل أمة محدث ومروع فإن يك فيكم فعمر أي من يلقي الحديث في روعه وهو القلب وفي رواية لقد كان في من قبلكم من الأمم ناس محدثون من غير أن يكونوا أنبياء وأن يكن في أمتي أحد فإنه عمر قال ابن وهب محدثون بمعنى ملهمون ودال محدث وواو مروع مفتوحان قال يخصص الله الرسل بالملك والاظهار بما يكون بغير واسطة وكرامات الأولياء على المغيبات إنما تكون تلقيا عن الملائكة . كاطلاعنا على أحوال الآخرة بتوسط الأنبياء عليهم الصلاة والسلام انتهى قيل الفارق بين معجزة النبي وكرامة الولى أن المعجزة أمر خارق العادة مع عدم المعارضة مقرون بالتحدي ولايجوز للولي أن يدعى خرق العادة مع ٢٥ التحدي إذ لو أدعاه لكفر من ساعته.وقد يظر خارق على يده من غير دعواه وهذا أيضا هو دليل على صحة نبوة النبي فإن الكرامة ممن تبعه ولو لم تصح نبوته لم يظهر الخارق على يد تابعه وليس الكاهن متايعاً للرسول "(فإنه يسلك) يجعل ويسير "(من بين يديه) اي الرسول " (ومن خلفه رصدأً) ملائكة يحفظوه حتى يبلغ الوحي ويحرسونه من اختلاط الشياطين واختلافهم إليه وعن الضحاك مابعث الله نبيا إلا ومعه ملائكة يحرسونه من الشياطين ان يتشبهوا بصورة الملك قيل إذا بعث رسولا أتاه إبليس في صورة ملك يخبره فيبعث الله بين يديه ومن خلفه رصدا من الملائكة يحرسونه ويطردون الشيطان عنه فإذا جاءه شيطان في صورة ملك أخبروه بأنه شيطان وإذا جاءه ملك أخبروه بأن هذا رسول ربك ويحفظونه من أن يسترق الشياطين السمع من الملائكة فيخبروا به الكهان فيخبر الكهان به الناس قبل الرسول "(ليعلم) الرسول (أن) أي أنه (قد أبلغوا) جبريل والملائكة النازلون بالوحي أو ليعلم الله أنه قد بلغ الأنبياء اي ليتعلق علمه بالتبليغ موجود كما تعلق به قبل وجوده فافرد أولا مراعاة للفظ من وجمع ثانيا مراعاة معناها "(رسلات ربهم) أي أبلغوها كما هي بلا زيادة أو نقص وبلا تغيير وقال ابن جبير ليعلم محمد أن الملائكة الحفظة الرصد النازلين بين يدي جبريل وخلفه قد أبلغوا رسالات ربهم وقال مجاهد ليعلم من كذب أن الرسل قد بلغت وقيل ليعلم ذلك الرسول أن الرسل قبله قد أبلغوا رسالات ربهم وأن الله حافظهم ودافع عنهم وقرىء ليعلم بالبناء للمفعول "(وأحاط) أي الله وهو مقدر لعود ضمير يعلم إلى الله تعالى والواو ‏٢٦ للحال بلا تقدير قد ولا مبتدا أو بتقدير أحدهما أو للاستئناف أو للعطف على محذوف أي فعلم ذلك وأحاط "(بمالديهم) أي بما عند الرسل من الحكم والشرائع ولايفوته شيء ولا ينساه "(وأحصى كل شيء عددأً) من قطر ورمل وذر وورق وماء البحار قطرة قطرة فكيف لايحيط بما عند الرسل وعددا مييز محول عن المفعول أي أحصي عدد كل شيء أو حال من كل أي أحصي كل شيء معدود أو مفعول مطلق نائب عن الاحصاء اللهم ببركة نبيك محمد صلى الله عليه وسلم وبركة هذه السورة أخز النصارى وأهنهم وأكسر شوكتهم وغلب المسلمين والموحدين علينهم صلى الله على و له وصحيه وسلمسدد نا محمد ٢٧ سورة المزمل وهي مكية الا قوله عز وجل "واصبر على ما يقولون" الايتين حكاه الاصبهاني وقوله إن ربك يعلم الى آخر السورة حكاه ابن الفرس ويرده ماروي عن عائشة أنه نزل بعد نزول صدر السورة بسنة وذلك حين فرض قيام الليل في أول الإسلام قبل فرض الصلوات الخمس وقيل عن الجمهور أنها مكية الا أن ربك يعلم الى آخر السورة وقيل كلها مكية وأيها سبع عشرة وقيل عشرون وقيل تسع عشرة وكلماتها مائتان وخمس وثمانون وحروفها ثمان مائة وثلاثون حرفا وعنه صلى الله عليه وسلم من قرأ سورة المزمل دفع الله عنه العسر في الدنيا والآخرة ومن لازم قراعتها وسع عليه رزقه " بسم الله الرحمن الرحيم (ياأيها المزمل) أصله المتزمل أبدلت التاء زايا وأدغمت في الزاي أي طالب الالتفاف في الثوب وكاسب الالتفاف وقرىء بالأصل وقرىء بتخفيف الزاي اي الذي لف نفسه وغطاها وقرىء بتخفيفها وفتح الميم أي الذي هو ملفوف مغطى وكان صلى الله عليه وسلم يتزمل في ثيابه أول ماجاءه جبريل فرقا منه وكان يقول زملوني زملوني حتى أنس به.روي جاءه الوحي في غار حراء فرجع الى خديجة يرتعد فقال زملوني فنزل" ياأيها المزمل" " ياأيها المدثر " وقيل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم نائما بالليل متزملا في ٢٨ قطيفة فنبه ونودي بما يهجن إليه الحال التي كان عليها من التزمل في قطيفة واستعداد مايثقل النوم كما يفعل من لايهمه أمر والمراد بقولنا يهجن يعيب وليس فيه سوء أدب كما زعم بعض لانا نعني به أنه تعالى ردعه عن تلك الحالة ونقله الى أخرى لاغير ذلك وفي ذلك زجر لغيره أيضا عن تلك الحال وقيل كان متزملا في مرط لعائشة يصلي فهو على هذا ليس بتهجين بل هو ثناء عليه وتحسين لحاله وأمر بالمداومة عليها وإشارة لغيره أن يفعل ويداوم وسئلت عائشة ما كان تزمله قالت تزمل في مرط طوله أربع عشرة ذراعا نصفه علي وأنا نائمة ونصفه عليه وهو يصلي وسئلت مم كان فقالت سداه شعر ولحمته وبر وقيل خرج يوما من البيت وقد لبس ثيابه فناداه جبريل ياأيها المزمل وخاطبه بذلك ملاطفة وملاينة في الخطاب وأنه لاعتاب كقوله صلى الله عليه وسلم لعلي لما دخل عليه وقد لصق جنبه بالتراب قم اباتراب وذلك حين مغاضبته له مع فاطمة وكان ذلك في بدء أمر الوحي وبعد ذلك خوطب بالنبي والرسول.وعن عكرمة ان المعنى ياأيها الذي زمل أمرا عظيما أي حمله أي تحمل أعباء النبوة وقم بها أشوبه تثاقله بالتزمل لأنه لم يتمرن إذ ذاك في قيام الليل ومن قال إنه تزمل في مرط عائشة فنودي" ياأيها المزمل" فليست الآية عنده نازلة في بدء الوحي لأن عائشة دخل عليها في المدينة وإنما يقول في بدئه من قال إنه مثلا في مرط خديجة وهي حية في حينئد وقيل القول بأنه مرط عائشة كذاب صراح " (قم) وقرىء بفتح الميم تخفيفاً وبضمها تبعا للقاف والقياس الكسر على أصل ٢٩ التخلص من التقاء الساكنين "(الليل) أي قم للصلاة الليل كله أدواوم عليها فيه أاولليل كله مفعول به أي استغراق الليل بالصلاة ‏"( ٠الا قليلا) استثناء من الليل (نصفه) بدل قليلا بدل كل وإنما كان النصف قليلا بالنسبة الى الكل "(أو انقص منه) من النصف "(قليلا) الى القث "(أو زد عليه) على النصف الى الثلثين ويجوز جعل قليلا الثاني تصف النصف وهو الرابع ويجعل المزيد على هذا القليل الذي هو الربع نصف الربع أو تجعل الزيادة لكونها مطلقة تتمة الث فيكون تخييراً بين النصف والث والربع ويجوز ابدال النصف من الليل فالمعنى قم أقل من نصف الليل فيرجع الضمير في منه وعليه الى أقل من النصف فكأنه قيل قم أقل من نصف الليل أو قم أنقص من ذلك الأقل أو أزيد منه قليلا فيكون التخيير فيما وراء النصف بينه وبين المث فالاستثناء من النصف قيل أو الإستثناء من إعداد الليل فإنه عام والتخيير بين قيام النصف والناقص عنه والزائد عليه وبعض الليالي يقوم فيه بعض لايقوم فيه والذي يقوم فيه تارة يقوم نصفه وتارة أكثر وتارة أقل قيل والاكثر عند العلماء لايزيد على الثلثين ويجوز عود ضميري منه وعليه للنصف والتخيير بين أن يقوم أقل منه وأن يختار أحد الأمرين الاقل والاكثر وكان صلى الله عليه وسلم يقوم هو وأصحابه هذه المقادير وكان الرجل منهم لايدري متى ثلث الليل أو نصفه أو ثاه فكان يقوم الليل كله محافظة على القدر الواجب واشتد ذلك عليهم فرحمهم الله وخفف عنهم ونسخها بقوله فاقرء وا ماتيسر منه قيل ليس في القرآن سورة نسخ أولها بآخرها الا هذه ويين نزول أولها ونزول آخرها سنة وقيل ستة عشر شهرا وكان قيام الليل فرضا في حق الأمة ثم نسخ بالصلوات الخمس أو ثبت فرضه على النبي صلى الله عليه وسلم كما قال ؤمن الليل فتهجد به نافلة لك والمشهور أن قيام الليل لم يقرض على امته قط زعم بعضهم أن في السورة ست آيات منسوخات الأولى " ياأيها المزمل قم الليل الا قليلا" أمر رسول الله صلى الله عليه سلم بقيام الليل فرضا فقامه فرضا وأصحابه والثانية والثالثة تطوعاً ثم قال نصفه فنسخ الجملة بالنصف ثم قال أو أنقص منه قليلا أي من النصف الى الث ثم قال أو زد عليه أى على النصف إلى الثلثين وقام حتى ورمت قدماه أي انتفخت وكان يقوم على ونسخأطراف أنامله فرحمه بقوله "طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى" التحديد بقوله فاقرء وا ماتيسر منه وذلك سنة لاصحابه الرابعة " .وأهجرهم هجراً جميلا " نسخت بآية السيف وكذا الخامسة "وذرني والمكذبين " الآية وكذا السادسة "هذه تذكرة فمن شاء إتخذ الى ربه سبيلا" قلت لا نسخ في الثلاث الأولى بل تخيير والثلاث الأواخر تسلية له صلى الله عليه وسلم وتهديد لهم وقيل نسخ فرض القيام عليه صلى الله عليه وسلم وصححه بعض قومنا والاكثر أنه لم ينسخ عنه وعن الشافعي أن آخر السورة نسخ فرض القيام إلا ماتيسر ثم نسخ بالصلوات الخمس وكان صلى الله عليه وسلم إذا استيقظ قال لاإله الا أنت سبحانك اللهم وبحمدك استغفرك لذنبي وأسالك رحمتك اللهم زدني علما ولا تزغ قلبي بعد إذ هديتني وهب لي من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب وروى إنه يكبر ويحمد ويقول سبحان الله ‏_ ٢١ وبحمده ويقول سبحان الملك القدوس ويستغفر ويهلل ويقول اللهم إني أعوذ بك من ضيق الدنيا ومن ضيق يوم القيامة عشرا عشرا ثم يفتتح الصلاة وكان يقرأ "إن في خلق السموات" الى آخر السورة وقيل فرض عليهم ثم نسخ بعد عشر سنين وقيل نقل في حقه وحقهم وعن الحسن خرج رجل يريد المسجد فسمع قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم فدنا من الباب فسمع رسول الله صلى اللة عليه وسلم حسيسه فقال من هذا فقال أنا فلان بن فلان سمعت قراءة رسول الله صلى اللة عليه وسلم فاحببت أن أصلي ,بصلاته فقال له ادخل فصلى معه فلما اصبح ذكر ذلك لاخوانه فقترصدوا تلك الساعة فدنوا من باب رسول الله صلى اللة عليه وسلم فسمع حسيسنهم فقال من هذا فقالوا فلان وفلان وفلان احببنا أن نصلي بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أدخلوا فدخلوا حتى امتلأت الحجرة وأكثر رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة فسقطوا نعاساً فقال ارجعوا الى رحالكم فليصلي الرجل بقدر مايستطيع فإنكم لاتطيقون ماأطيق وقد تعرضتم لامرإن أخدتم به لن تقوموا به فنزل تصديقا لنبيه "ياأيها المزمل قم الليل الا قليلا" الآية فقاموا إثني عشر شهرا حتى انتفخت أقدامهم ثم أنزل" علم ان سيكون منكم مرضى" الآية (ورتل القرآن ترتيلا) إقرأه على مهل بتبيين الحرف وإشباع الحركات المشبعة حتى يجيء المتلو منه شبيهاً بالثغرالمرتل وهو الفلج المشبه بنور الأقحوان ولايسرده سرد قال عمر شر السير الحقحقة وشر القرآن الهدرمة وسئلت عائشة رضي الله عنها عن قراءة ٢٣٢ رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت لا كسردكم هذا لو أراد السامع أن يعد حروفه لعدها وترتيلا مصدر مؤكد لايجاب الترتيل وعن محمد بن عبد الرحمن كان صلى الله عليه وسلم إذا قرأ يرتل ويفسر وكان ابن عباس يقرا الآية ثم يسكت ثم يقرا الأخرى وقال له جاره صالح مولى التومة لم كنت تفعل هذا فقال من أجل تأويل القرآن وقال رجل لابن عباس إني رجل خفيف القراءة أهذرم القراءة فقال لان اقرا سورة البقرة واترسل فيها وأتديرها أحب الى أن أقرأ القرآن اجمع هدرمة ولأن إقرأ إذا زلزلت والقارعة بتدبر أحب الي من أن أقرأ البقرة وآل عمران تهديرا لو كان يأمر بقراء ته ثلاث آيات أو أربعا أو خمسا وفائدة الترتيل في الصلاة أو غيرها استشعار العظة عند ذكر الله وحصول الرجاء والخوف عند الوعد والوعيد والاعتبار عند القصص والأمثال فيستنير القلب عند ذلك بنور المعرفة فالمقصود حضور القلب ولايتحصل الا بترتيل وفي ترتيله احترام له.ونعت أنس بن مالك قراء ته صلى الله عليه وسلم بأنها كانت مدا وقر بسم الله الرحمن الرحيم يمد الله ويمد الرحمن ويمد الرحيم ونعتتها أم سلمه قراءة مفسرة حرفا حرفا وقالت كان يقطع قراء ته يقول "الحمد لله رب العالمين' ويقف ويقول " الرحمن الرحيم" ويقف ويقول" ملك يوم الدين" ويقف وقام ليلة بقوله عز وجل "إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم " يتمهل فيها ويرددها وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم على أصحابه يقرأون فقال الحمد لله كتاب الله واحد وفيكم الأحمر والابيض _ ٢٢٣ والأسود روي وفيكم العربي والعجمي اقرأوه قبل ان يأتي أقوام يقرأونه كما يقام السهم ولايتاجلونه وروي لايتجاوز تراقيهم والمراد انهم لايعلمون به وعن ابن مسعود لاتنثروه نثر الدقل ولاتهدوه هذا الشعر قفوا عند عجائبة وحركوا به القلوب ولايكن هم أحدكم آخر السورة وعنه صلى الله عليه وسلم من قرا القرآن في أقل من ثلاث ليال لم يفهمه وسمعت عائشة من يهد القرآن هدا فقالت ماقرأ هذا ولاسكت وأمر صلى الله عليه وسلم ابن عمر أن يختمه في سبع وكذا عمل عثمان وأبي وابن مسعود وزيد وغيرهم وهو مذهب الاكثرين وكره جماعة الختم في اليوم والليلة لأنه غاية الإقتصار كما أنها في الشهر غاية الاستكتار وكان بعض السلف يختم في الليل أربع ختمات وفي النهار أربعا وبعض أربعا فيهما وبعض ثلاثا وبعض مرتين وبعض مرة وقد ذمت عائشة ذلك قيل لها ان رجالا تقرأونه في ليلة مرتين أو ثلاثا فقالت قراوا ولم يقرأوا وعن سعيد بن المنذر يارسول الله أقرا القرآن في ثلاث قال نعم إن استطعت وقال صلى الله عليه وسلم اقرأه في شهر فقال أجد قوة فقال في عشر قال أجد وة قال في سبع ولا تزد وفي رواية قال في خمس عشرة قال أجد قوة قال أفي عشرة إلى أن قال لا تزد على سبع واجازوه في شهرين واجازه أبو حنيفة في كل سنة مرتين وقيل يكره تاخير ختمه عن أربعين يوما قال النووي المختار أن يقتصر على قدر يحصل معه كمال الفهم وتدقيق الفكر إن كان من أهل ذلك وإن كان مشغولا بشر العلم أو فصل الحكومة أو نحو ذلك فليقتصر على ماقدر وإن ٢٤ لم يكن من هؤلاء فليكثر ما أمكنه من غير خروج الى حد الملل والهدرمة " "( أنا سنلقي عليك قولا ثقيلا) هو القرآن وقد قيل من قرأ القرآن على دابة غيره قتضررت ضمنها وقيل لا ولفظه رزين ومعناه متين ووحيه أشد من وحي غيره مع أن الوحي مطلقا شديدا لا كسائر الكلام سثل الحارث بن هشام النبي صلى الله عليه وسلم كيف ياتيك الوحي فقال أحيانا يأتيني مثل صلصلة الجرس وهو أشد علي فينفصم عني وقد وعيت ماقال وأحيانا يتمتل لي الملك رجلا فيكلمني قأعي مايقول والأحيان جمع حين والصلصلة الصوت الشديد اليابس الصلب والجرس شيء على هيئة الناقويس ومعنى قوله وهو أشده أن هذا النوع من الوحي أشد الوحي عليه والانقصام الانقطاع ووعيت بمعنى حفظت وعن عائشة لقد رأيته ينزل عليه الوحي في اليوم الشديد البرد فينفقصم عنه وإن جبينه لينفصد عرقا أي يجري عرق جبينه كما يجري الدم للفصد وعن عبادة بن الصامت إذا أنزل عليه الوحي عرفنا ذلك في فيه وغغمض عينيه وتربد وجهه وفي رواية كرب لذلك وتربد وجهه وعن ابن عباس تربد جلده والتربد الاسوداد والكون على لون الغبرة وكان يثقل على رسول الله صلى الله عليه وسلم ويتبين الثقل في جسمه صلى الله عليه وسلم وكان إذا أوحي اليه وهو على ناقته بركت به وكادت فخذه يوما ترض فخذ زيد وقيل المراد بثقله في الآية أنه كلام عظيم لانه كلام رب العالمين وكل ماله خطر فهو ثقيل وقيل سماه ثقيلا لما فيه من التكاليف الشاقة من الأوامر والنواهي ولاسيما على رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنه متحملها بنفسه ومحملها أمته وأراد بالاعتراض بالترتيل ._ ٢٥ والالقاء بين قيام الليل وقوله "ان ناشئة الليل" الخ أن ماكلفه من قيام الليل من جملة التكاليف الثقيلة الصعبة التي ورد بها القرآن لأن الليل وقت السبات والراحة فلابد لمن أحياه من مضادة لطبعه ومجاهدة لنفسه ففي قيامه تسهيل التكليف عليه وعلى هذا القول حذاق العلماء قال الحسن ألهذا خفيف ولكن العمل ثقيل وقيل ثقيل على متأمله لافتقاره الى مزيد تصفية للسر وتجريد النظر وقيل ثقيل في الميزان خفيف في اللسان ونسب للحسن وروي ان مالكا سله سائل عن مسألة وقال إنها خفيفة فزجره وقال ليس في العلم خفيف اما سمعت قول الله" أنا سنلقي عليك قولا ثقيلا" فالعلم كله ثقيل وقيل ثقيل على الكفار والمنافقين درسا وعملا وأيضا يبين عيوبهم وقيل ثقله صدق حكمته وبيانه وصحته وقيل ثقله بالناسخ والمنسوخ والمحكم والمتشابه والجملة على هذه الأوجه وعلى الوجه الأول للتعليل المستأنف فإن التهجد يعد للنفس مابه يعالج ثقله " (ان ناشئة الليل) أي النفس التي تنشا في الليل وتنهض فيه للعبادة من النوم وعن ابن جبير وغيره وهي رواية عن ابن عباس لفظة حبشية نشا الرجل قام من الليل قيل فناشئه على هذا جمع ناشيء أي قائم وقيل الناشئة مصدر على وزن اسم الفاعل كالعاقبة فمعناه القيام قالت عائشة رضي الله عنها القيام بعد النوم قال لها عبيد بن عمير رجل قام من أول الليل أتقولين له قام ناشئة بنصب ناشئة يقام على المفعولية المطلقة قالت لا انما الناشئة القيام بعد النوم فأقام الناشئة مقام القيام وفسرته بالقيام من النوم وقيل الناشئة قيام أوله وقيل آخره وظاهر كلام عائشة أن الناشئة القيام من النوم في الليل في أي ساعة وقيل ‏ ٢٣٦س الناشئة العبادة التي تحدث في الليل وقيل ساعات الليل كلها لانها تحدث واحدة بعد أخرى وقيل الساعة الأولى منه من نشات إذا ابتدأت وقال ابن أبي مليكة سألت ابن عباس وابن الزبير عنها فقالا الليل كله ناشئة ومي عبارة عن الأمور التي تحدث وتنشأ في الليل وقيل كل صلاة بعد العشاء الأخيرة فهي ناشئة الليل وعن زين العابدين علي بن الحسين أنه يصلي بين المغرب والعشاء ويقول أما سمعتم قول الله" إن ناشئة الليل" هذه ناشئة الليل " (هي أشد وطئا) أشد ثبات قدوم في الدين وأبعد من الزلل وأثقل وأغلظ على المصلي من صلاة النهار كقوله صلى الله عليه وسلم اللهم اشتددت وطأتك على مضر وقر ابو عمرو وابن عامر وابن عباس وابن الزبير وغيرهم بكسر الواو وبالمد مصدر واطيعء فالمراد مواطاة القلب اللسان لها ان اريد النفس او يواطي قلب القائم لسانه ان أردت القيام والعبادة او الساعة كذا قيل أو أشد موافقة لما يريد من الخشوع والإخلاص وعن الحسن أشد موافقة بين السر والعلانية لانقطاع رؤية الخلائق وعن ابن عباس كانت صلاتهم أول الليل أشد وطئا يقول هي أجدر لن يحصوا مافرض عليهم من القيام وذلك ان الإنسان إذا نام لايدري متى يستيقظ وقيل اثبت في الخير واحفظ للقراءة من النهار وقيل أوطا للقيام وأسهل للمصلي لان الليل اوفق بالعبادة للخلوة وفراغ القلب والجوارح والبعد من الرياء (وأقوم قيلا) مصدر لقال اي أشد مقالا وقيل اثبت قراء لحضور الققب وهدوء الاصوات وقيل ابين قيلا وقسره أنس بأصوب روي أنه قرأ ٢٧ واصوب قيلا فقيل له ياأباحمزة انما هي وأقوم فقال ان أقوم واصوب واحد وهذا كما قرا أبو سرار القنوي فحاسوا بالحاء المهملة فقيل انما هو بالجيم فقال جاسو وحاسوا واحد وقال الحسن أصدق في التلاوة وأجدر أن لا يلبس عليك الشيطان تلاوتك ٭(ان لك في النهار سبحاً طويلا) تصرفا وتقلبا طويلا في مهماتك وشواغلك ولاتفرغ إلابالليل فعليك بمناجاة الله التي تقتضي فرا غ البال وانتفاء الشواغل ومنه السباحة في الماء وهي التردد والتقلب فيه وقيل فراغا لاشغالك وسعة لنومك فاغتنم الليل وقيل إن فاتك شيء من الليل فلك في النهار فرا غ تداركه فيه وقريء سبخا بالخاء المعجمة من سبخ الصوف وهو نفشه ونشر أجزاءه لانتشار الهم وتفرق القلب " "(واذكر اسم ربك) دم على ذكره ليلا ونهارا واحرص عليه من تسبيح وتكبير وتهليل وتمجيد وتوحيد وصلاة وتلاوة قرآن ودراسة علم وغير ذلك مما كان يستغرق به ساعاته وقيل معناه "(قل بسم الله الرحمن الرحيم) في ابتداء قراء تك "(وتبتل اليه) انقطع اليه في العبادة ودع ماسواه وقيل تضرع اليه ونسب للحسن وقال ابن عباس اخلص اليه ونسب أيضا للكلبي وعن الحسن أن رجلا من السلف كان يصلي من الليل فيتلو الآية فإذا فرغ منها أعادها وتدبرها قال فهو قوله وتبتل اليه وقيل التبتل رفض الدنيا ومافيها والتماس ماعند الله وعليه زيد بن اسلم وقيل توكل عليه قال ابن العربي من علماء دانية وهي بلدة شرقي الأندلس وقيل أصله من قرطبة المراد الانقطاع اليه باخلاص العبادة والتبتل المنهي عنه في الحديث سلوك ٢٨ مسلك النصارى في ترك النكاح والترهب في الصوامع " (تبتيلا) مصذر بتل بالتشديد ناب عن مصدر تبتل وهو التبتيل فهو مفعول مطلق قاله ابن هشام أو معمول لفعله محنوفاً أي بتل اليه تبتيلا أو معمول لتبتل لان معناه بتل نفسك اليه تبتيلا فان التبتيل ملزوم التبتل وعدل اليه للفاصلة ولم يقل بتل لان التبتل الإنقطاع الى الله والتبتيل اشتغال بقطع النفس اليه وذكر التبتيل إشعار ابانة لابد منه (رب المشرق والمغرب) أي هو رب المشرق والمغرب وقر أبو بكر وابن عامر وحمزة والكسائي بالخقض على البدلية من ربك أو . من هاء اليه س وقر ابن عباس رب المشارق والمغارب وعنه أن الجر على اضمار حرف القسم والجواب "(لاإله الا هو) كقولك والله لا أحد في الدار إلا زيد وهو شاذ إذ لانائب عنه فلا ينبغ المصير اليه بل نصير الى البدل في الجرس ويجوز على الرفع كونه مبتدا خبره لاإله إلا هو وأشارت الآية أن . التبتل لايليق إلا إلى مالك المشرق والمغرب "(فاتخذه وكيلا) الفاء للتفريع على الوحدانية فإن كونه واحدا يقتضي إتخاده وكيلا أي متروكة اليه الأمور وقيل كفيلا بما وعدك من النصر والمعونة والعصمة والتوفيق للشكر والصبر ومن أشغل نفسه بالله لم تدخل عليه الوسوسة ويكون الزيادة وإنما تدخل على الفارغ ولامطيع لله وهو يطيع هواه وقيل اتخذه وليا "(واصبر على مايقولون) أي كفار مكة من الافتراء كقولهم انت كاذب أو ساحر وهذا من الصبر المأمور به ولو بعد نزول آية السيف فلا تنسخ كما يتوهم وقد قال بنسخ الآية جماعة " (واهمجرهم)اعتزلهم " (مجرا جميلا) لاجزع فيه وهذا . ٢٩ منسوخ بآية السيف ويحتمل عدم النسخ .وعن بعضهم الهجر الجميل أن يجانبهم بقلبه ويخالفهم مع حسن المخالفة والمداراة والاغظاء وترك المكافأة وعن أبي الدرداء أنا لنكشر في وجوه قوم ونضحك وإن قلوبنا لتقليهم (وذرني والمكذبين) فإني أكفي أمرهم وأفعل بهم مايجلي همك وكل أمرهم الي فإن بي غنية عنك وهذا كما تقول ذرني وزيدا كأنه إذا لم يفوض أمره اليك فقد منعك منه وكون المكذبين مفعولا معه أولى من كونه معطوفاً ٭ (أولى النعمة) أصحاب النعم وقريء بالفتح بمعنى النعم واما النعمة بالضم فالمسرات والمراد أشراف قريش المستهزئون وقيل المطعمون ببدر وقيل الذين القوا في قليب بدر وفي الآية وعيد " (ومهلهم قليلا) تمهيلا قليلا أو زمانا قليلا وهذا القليل هو مابين نزول الآية وقتلهم ببدر وقيل أيام الدنيا فيجازيهم يوم القيامة (انا لدنيا) عندنا "(انكالا) قيودا ثقالا والمفرد نكل بكسر النون وفتحها وقيل قيودا من النار لا تفك أبدا وعن العشبي إذا ارتفعوا اشتغلت بهم لثقلها اعقب ذكر تنعمهم بما يضاده “(وجحيما) نار محرقة شديدة الحر والإتقاد "(وطعاما ذا غصة) ينشب في الحلق وهو الضريع والزقوم وغيرهما وكل مطعوم هنالك هو ذو غصة وعن مجاهد الطعام نوالغخصة شجرة الزقوم وعن ابن عباس شوك من نار يعترض في حلوقهم قال الحسن يأكلون النار ويشربون النار ويلبسون النار وقيل الفسلين "(وعذابا أليماً) موجعاأً والتنكير تعظيم وتهويل وتنويع أي لايعرف كنهه الا الله وفسره بعض بالحرمان عن رضى الله جل وعلا وبالهجران فإن العقوبات الأربع .يشترك فيها الجسد والروح من حيث أن النفوس العاصية المنهمكة في الشهوات تبقي مقيدة بحبها والتعلق بها عن الخلوص الى عالم المجردات منحرقة بحرقة الفرقة متجرعة غصة الهجران معذبة بالحرمان عن تجلي أنوار القدس قرا النبي صلى الله عليه وسلم هذه الآية فصعق وعن الحسن أنه أمسى صائما فأتى بطعام فعرضت له هذه الآية فقال أرفعه ووضع عنده الليلة الثانية فعرضت له فقال أرفعه وكذا الثالثة فأخبر ثابت البناني ويزيد الضبي ويحيى البكاء فجاوا فلم يزالوا حتى شرب شربة من السويق "(يوم) متعلق بعذابا أو بلدينا لنيابته عن الفعل أو الوصف أو ٭ (الأارضبالفعل أو لوصف المنوب عنه "(ترجف) تتزلزل وتضطرب والجبال وكانت الجبال كثيباً) رملا مجتمعا من كثب الشيء جمعه (مهيلا) منثورا من هيل هيلا قال بعضهم المهيل اللين الرخو الذي يذهب به الريح. قال الحسن تطحن الجبال بعضها الى بعض فتصير غبار ومهيلا اسم مفعول من هاله يهيله نثره أصله مهيول نقلت ضمه الياء لثقلها عليها الى الهاء وحذفت الواو للتخلص من الساكنين وخصت بالحذف لانها زائدة وكسرت الهاء لمجانسة الياء فوزنه على ظاهره مفعل بفتح الميم وكسر الفاء وإسكان العين أو حذفت الياء للتخلص وقلبت الواو ياء وكسرت الهاء فوزنه مفيل بفتح الميم وكسر الفاء واسكان الياء وبسطت ذلك في الصرف والنحو. وعلى كل حال فليس وزنه فعيلا مع أنه من هاله يهيله كما قال الزمخشري إلا أن أراد موافقة الحروف عددا وحركة وسكوناً "(إنا أرسلنا اليكم) صلى ‏ ١للَه علبه وسلم"(ورسولا ( محمدالكل أحدي [ هل مكة أو الخطا ب ‏_ ٤١ "(شاهدا عليكم) يوم القيامة بالإيمان والكفر "(كما أرسلنا الى فرعون رسولا ) موسى بن عمران وخص فرعون وموسى بالذكر من سائر الامم والرسل لأن النبي محمدا صلى الله عليه وسلم آذاه أهل مكة واستخفوا به لأنه ولد فيهم كما أن فرعون أزدرى بموسى آذاه لأنه رباه ولم يصرح باسم موسى لأن المقصود لم يتعلق به بل بمجرد الرسالة " (فنعصى فرعون الرسول) الذي أرسلنا اليه فئل للعهد الذكري "(فاخذناه أخذا وبيلا) شديدا عظيما كقولهم كلاء وبيل وخيم لايستمرأ لثقلة ومنه الوابل للمطر العظيم " (فكيف تتقون إن كفرتم) في الدنيايا "(يوما) مفعول تتقون أي كيف تتقون أنفسكم يوم القيامة وهو له إن بقيتم على الكفر فالكفر بمعنى الدوام عليه الى اليوم ويوما على حذف مضاف أو مفعول لكفرتم بمعنى جحدتم ومفعول تتقون محذوف أي كيف تتقون الله إن جحدتم يوم القيامة والجزاء لان تقوى الله خوف عقابه أو ظرف لتتقون ومفعول تتقون محنوف تمقوى في يوم القيامة إن بقيتم على الكفر في الدنيا " ايفل لك بكأي (يجعل) نعت يوما "(الولدان) جمع ولد "(شيبا) جمع أشيب كأبيض وبيض والاصل ضم الشين لكن كسرت للمحافظة على الياء أن تقلب واوا وذلك اليوم يوم القيامة وجعله الولدان شيب مثل في الشدة يقال في اليوم الشديد يوم يشيب نواصي الأطفال والأصل فيه أن الهموم والأحزان إذا تفاقمت على الإنسان اسرع فيه الشيب روي أن رجلا أمسى فاحم الشعر كحلك الغراب وأصبح وهو أبيض الرأس واللحية كالثغامة فقال رأيت القيامة والجنة والنار في المنام ورأيت الناس يقادون في السلاسل الى النار فمن ‏. ٤٢ هول ذلك أصبحت كما ترون ويجوز أن يوصف اليوم بالطول وإن الأطفال يبلغون فيه أوان الشيخوخة والشيب أو يشيبون بسرعة للشدة وذلك حين . يقال لادم قم ابعث بعث النار فيقول ومابعث النار قال من كل ألف يوم تسعمائة وتسعة وتسعون ،وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم أبشروا فإن من ياجوج وماجوج تسعمائة وتسعة وتسعين ومنكم واحد انتم في الناس كالشعرة السوداء في جنب الثور الأبيض أو كالشعرة البيضاء في جنب الثور الأسود أو كالرقمة في ذراع الحمار وإني لأرجو أن تكونوا ربع. أهل الجنة فكبر الصحابة ثم قال ثلث أهل الجنة فكبروا ثم قال شطر أهل الجنة فكبروا والرقمة الاثرة في عضد الحمار والترتيب من الربع الى الث فالشطر توقيع في النفس وإبلاغ في الإكرام والتكرير للبشارة واعتناء بهم وقيل اليوم الذي يشيب فيه الولدان يوم الزلزلة قبل الخروج من الدنيا أو نسبة الجعل لليوم مجاز في الإسناد من باب نسبة الحدث لزمانه ويجوز ان يعود ضمير يجعل لله فلا مجاز والجملة أيضا نعت ليوما والرابط محذوف أي يجعل الله فيه " (السماء منفطر) منشق وتذكير السماء لتضمنه معنى السقف والتقدير سقف منفطر أو شيء منقطر أو لإرادة النسب اي ذات انفطار وكذا قيل وماقبله هو الواضح أو السماء يذكر أو يؤنث "(به) اي بذلك اليوم وذلك وصف لليوم بالشدة بانه تنفطر به السماء مع عظمها وإحكامها فكيف غيرها وقيل تنشق لنزول الملائكة ويجوز أن يراد أن السماء مثقلة به اثقالا يؤدي الى انفطارها لعظمته عليها وخشيتها من وقوعه وزعم بعض آن الضمير عائد الى ذلك المكان وقيل الى الله والباء للألة أو للسببية ‏_ ٤٢ أو للظرفية "(كان وعده مفعولا) لامحالة في وقوعه بعد والهاء لليوم فالاضافة إضافة مصدر لمفعوله أو الهاء لله للعلم به ولو لم يجر له ذكر في ) المقام فالاضافة اضافة مصدره لفاعله اي وعده بذلك اليوم "(إن هذه) السورة أو الآية أو الآيات القرآنية كلها أو الأشياء المذكورة من الإنكال والجحيم والاخذ الوبيل فوال "(تذكرة) عظة للخلق " (فمن شاء اتخد الى ربه سبيلا ) بالايمان والطاعة وليس هذا إباحة للإتخاذ وعدمه بل وعد ووعيد ،واتخذ متعد لواحد فالى ربه متعلق بمحذوف حال من سبيلا اي موصلة الى رضى ربه او لاثنين فإلى ربه متعلق بمحذوف مفعول ثان ومفعول شاء محذوف اي من شاء الخير او الاتعاظ أو إتخاذ السبيل الى ربه (ان ربك يعلم أنك تقوم أدنى) اي أقل "(من ثلثي الليل) وقر هشام بإسكان لام ثلثي وهو لغة وكذا في غيره من الكسور وإنما استعار الأدنى لأقل ومعناه الحقيقي ضد الا بعد لأن الاقرب الى الشيء أقل بعدا منه " (ونصفه وثلثه) وقرأ ابن كثير والكوفيون بنصبهما فالجر للعطف على ثلثي والنصب للعطف على أدنى "(وطائفة من الذين معك) في الإيمان والعطف على ضمير تقوم للفصل بينهما قيل المعنى أنه يعلم أنك تقوم أنت وأمتك قياما مختلفا يكثر ويقل لعدم تحصيل البشر لمقادير الزمان مع غدر النوم وتقدير الزمان حقيقة إنما هو لله فمنهم من كان لايدرى كم صلى فكان يصلي الليل كله حتى انتفخت أقدامهم سنة أو أكثر كما قال "(والله) لا غيركما يدل عليه أن لن تحصوه "(يقدر الليل والنهار) يحصيهما كلا وجزءا "(علم أن) مخففة "(لن تحصوه) لن تطيقوا معرفته على الحقيقة والهاء ٤٤ لليل وقيل لتقدير المدلول عليه يقدر وعن بعض أن المعنى على قراءة نصب النصف والث أنه قد علم أنهم يقدرون الليل على نحو ماأمر به بالاحتياط قيل أو بالحقيقة في قوله نصفه أو انقص منه الى آخره فلم يبق الا قوله أن لن تحصوه اي لتنطيقوا قيامه لكثرته وشدته فخفف عنهم فضلا وتوسيعاً لا لعلة جهلهم بالتقدير وإحصاء الأوقات كل الجهل كما قال "(فتاب عليكم) بالترخيص في ترك القيام المقدر ( فاقرأوا ) اي صلوا عبر عن الصلاة يقراء تها كما يعبر عنها بركوعها ويسجودها ويتسبيحها ويبتعظيمها او المراد قراءة القرآن بعينه دراسة لئلا ينسى واختار ابن العربي الأول ٭ (ماتيسر) اي سهل (من القرآن) قيل من قرأ مائة آية في ليلة لم يحاجه القرآن وكتب من القانتين وقيل يقر خمسين آية وروي من قرا خمسين في يوم وليلة لم يكتب من الغافلين ومن قرا مائة كتب من القانتين ومن قرأمائتين لم يحاجه القرآن يوم القيامة ومن قرأ خمس مائة كتب الله له قنطار من الأجر وروي أربعين بدل خمسين وروي عشرين وروي عشرا ويكفي في الركعة ثلاث آيات وقيل آثنتان وقيل آية طويلة وقيل قصيرةث وعن عبادة بن الصامت عن النبي صلى الله عليه وسلم من تعار من الليل فقال لااله الا الله وحده لاشريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير الحمد لله وسبحان الله ولاإله إلا الله والله أكبر ولاحول ولاقوة الا بالله ثم قال اللهم أغفر لي ودعا بشيء استجيب له فإن توضاآ تم صلى قبلت صلاته وتعار بمعنى استيقض زعم بعض ان قراعة القرآن فرض في كل ليلة والجمهور أنها ندب وعن الحسن وابن سيرين قيام الليل فرض ولو قدر حلب . ٤٥_ شاة يما أمكن من قراعة القرآن أوغيرها قال بعض والركعتان بعد العشاء . مع الوتر داخلتان في امتثال هذا الأمر ومن زاد زاد الله له ثوابا ‏ ٨وعن الحسن أراد الله القراءة في المغرب والعشاء قال قيس بن ابي حازم صليت خلف ابن عباس بالبصرة فقرأ في أول ركعة الفاتحة وأول آية من البقرة وفي الثانية الفاتحة والآية الثانية من البقرة ثم ركع فلما انصرف أقبل علينا بوجهه فقال إن الله يقول" فاقرأوا ماتيسر منه" وينبغي للعاقل المبادرة الى تحصيل الخيرات قبل هجوم صولة الممات قالت بنت الربيع بن خيثم للربيع ياأبت مالي أرى الناس ينامون وأنت لا تنام فقال إن أباك يخاف البيات أي وقوع العدو عليه ليلا قال الباحي . يتلو الكتاب العربي النيراقد أفلح القانت في جنح الدجا مبتهلا مسبحاً مستغفراًفقائما وراكعا وساجدا يبل من دمعه تراب الثرىله حنين وشهيق وبكاء ففي السرى نصيبنا لا في الكرىدى هنيل لتغي ار نب أنا لسف عند الصباح يحمد القوم السرىمن نصب الليل ينال راحة وإختار الفراء قراءة نصب الثلث والنصف قال الصواب النصب والحق أن يقول الراجح الا أن أراد بالصواب الراجح ولعل وجه ذلك ان النصب مطابق لما مر أول السورة من التخيير بين قيام النصف بتمامه وقيام الناقص منه وهو القث وقيام الزائد عليه وهو أدنى من الئثين اي تقوم أقل من الثلثين وتقوم النصف والثلث والجر مطابق للتخيير بين النصف وهو أدنى من الثلث وهو أدنى من النصف والربع وهو أدنى من الثلث ويين ‏٤٦ سبب التخفيف والنسخ بقوله "(علم أن سيكون) أن مخففة (منكم) متعلق بسيكون أب حال من مرضى على التمام ومتعلق بمحذوف خبر على النقصان (مرضى) جمع مريض ويكون وفاعله أو هو واسمه وخبره خبر لان المخففة واسمها ضمير الشأن محنوف ويسبك من خبرها مصدر مفعول لعلم أغنى عن مفعولين لاشتمال مابعد علم على المسند والمسند اليه أو يقدر مقعول ثان (واخرون يضربون) يمشون ويسافرون (في الأرض يبتغون) يطلبون "(من فضل الله) رزقه وعلم دينه وماهو واسطة لعلم الدين ومفعول يبتغون محذوف اي يبتغون شيئا من فضل الله وفصل الله على جواز زيادة من في الإثبات والتعريف " (وآخرون يقاتلون في سبيل الله) اما المريض فيعجز ويضعف عن التهجد وأما المجاهد والمسافر قمشتغلان نهارا بالأعمال الشاقة فلا يقدران على القيام أو يشق عليهما فخفف عنهم قيل سوى الله المجاهدين والمسافرين لكسب الحلال قال عبدالله بن مسعود آيما رجل جلب شيئا الى مدينة من مدائن المسلمين صابراً محتسباً فباعه بسعر يومه كان عندالله من الشهداء ‏ ٠وعن ابن عمر ماخلق الله موتة اموتها بعد القتل في سبيل الله أحب الي من أن أموت بين شعبتي رحلي أضرب في الأرض أبتغي من فضل الله "(فاقرأوا ماتيسر منه) أعاده للتاكيد قال بعضهم اصل من الليل ولو ركعتين أو أربعا "(وآأقيموا الصلاة) المفروضة "(وأتواالزكاة) الواجبة وقيل زكاة الفطر لانه لم تكن بمكة زكاة وإنما وجبت بعد ذلك ومن فسرها بالزكاة الواجبة قال آخر السورة مدني " (واقرضوا الله قرضا حسنا ) أمر بسائر الانفاقات في سبيل الخير أو أمر ‏ ٤٧۔ بتحسين أداء الزكاة من إخراجها من أطيب المال ووضعها في موضعها ابتغاء وجه الله أو أمر بفعل الخير مطلقا مما يتعلق بالنفس أو بالمال وعن ابن عباس يريد سوي الزكاة من صلة الرحم واقراء الضيف ورغب في ذلك بوعد العوض في قوله "(وماتقدموا لانفسكم من خير تجدوه) أي تجدوا ثوابه "(عند الله هو) ضمير فصل جاء بين ماأصله المبتد والخبر وجاء قبل النكرة لأنها كالمعرفة في عدم قبول أل في بعض الصور لأن خيرا اسم تفضيل وهو لايقبل أل في صورة ما إذا ذكرت من التفضيلية قال ابن هشام يشترط فيما بعد ضمير الفصل كونه خبرا لمبتدأ ولو في الأصل وكونه معرفة أو كالمعرفة في أنه لايقبل أل وضمير الفصل اسم لا محل له كاسم الفعل عند الخليل وقال الكسائي محله هو اعراب مابعده أو محله فمحله هنا النصب وقال الفراء محله محل ماقبله فمحله هنا النصب لان الهاء مفعول به وقال أكثر البصريين أنه حرف فتسميتهم له ضميراً مجاز لأنه على صورة الضمير وحروفه ولان أصله ضمير ويجوز كون هو توكيدا للهاء مفصولا منها قال ابن هشام ووهم ابوالبقاء فاجاز كونه بدلا من الهاء قلت ان كان وجه الوهم كون هو ضمير رفع فغير مسلم لأن ضمير الرفع المنفصل يستعار للنصب والجر نعم بعض منع ابدال الضمير من الضمير على تفصيل ذكرته في النحو (خيرا) مفعول ثان وقرأ أبوالسمال بالرفع على أنه خبر ولفظ هو مبتدا والجملة مفعول ثان "(وأعظم أجر) أخبرنا الله ان ماتقدم من الاعمال الحسنة خير وأعظم مما نؤخره الى الوصية عند الموت ومما نتركه بلا صدقة قال صلى الله عليه وسلم ابكم ماله أحب اليه من مال ‏_ ٤٨ وارثه قالوا كلنا قال اعلموا ماتقولون قالوا مانعلم الا ذلك يارسول الله قال مامنكم رجل إلا مال وارثه أحب اليه من ماله قالوا كيف يارسول الله قال انما مال أحدكم ماقدم ومال وارثه ماأخر "(واستغفروا الله) من تقصيركم في قيام الليل وغيره فإن الإنسان لايخلو من تفريط قال بعض العلماء الإستغفار بعد الصلاة مستنبط من هذه الآية ومن قوله "كانوا قليلا من الليل مايهجعون وبالاسحار هم يستغفرون" وكان بعضهم يستغفر الله ثلاثا أثر كل مكتوبة بعقب السلام ويؤثر في ذلك حديثا فكان هذا الاستغفار من التقصير وتقلب الفكر أثناء الصلاة وكان السلف الصالح يصلون الى طلوع الفجر ثم يجلسون للاستغفار وعنه صلى الله عليه وسلم إذا انصرف من صلاته استغفر ثلاثا وقال اللهم انت السلام ومنك السلام تباركت ياذا الجلال والاكرام قيل للاوزاعي كيف الاستغفار قال تقول استغفر الله استغفر الله استغفر الله "(ان الله غفور رحيم) لمن يستغفر اللهم ببركة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وببركة السورة أخز النصارى واهنهم واكسر شوكتهم وغلب المسلمين والموحدين عليهم صلى الله على سيدنا ٭محمد و له وصحيه وسلم ٤٩ سورة المدثر مكية قال بعضهم الا الآية الأخيرة وأيها ست وخمسون وكلماتها مائتان وخمس وخمسون وحروفها الف وعشرة وعنه صلى الله عليه وسلم من قر سورة المدثر أعطاه الله عشر حسنات بعدد من صدق محمدا وكذب به وروي من صدق به ومن كذب به في مكة وقالوا من قرأها يسأل في آخرها الل سبحانه وتعالى حفظ القرآن لم يمت الا حافظا له بإذن الله تعالى " بسم الله الرحمن الرحيم " (ياأيها المدثر ) لابس الدثار وهو مافوق الشعار وهو الثوب الذي يلي الجسد سمي لقوله لما جاءه الوحي دثروني وقيل المراد دثار النبوة والرسالة تجوزا قال صلى اللة عليه وسلم الأنصار شعار والناس دثار وعن عكرمة ياأيها المتحمل نقل الرسالة فقم بها والأصل المتدثر ابدلت التاء دالا وأدغمت الدال في الدال وقرأ عكرمة بفتح الثاء على أنه اسم مفعول من دثره فالدال غير مشددة عنده قال جابر بن عبد الله وغيره أول مانزل "ياأيها المدثر" حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم جاورت بحراء عشرا فلما قضيت جواري هبطت فنوديت يامحمد فنظرت عن يميني اقل أر شيئا ونظرت عن شمالي فلم أر شيئا ونظرت خلفي فلم أر شيئا فرفعت رأس يي فرايت شيئا فأتيت خديجة فقلت دثروني فدثروني وصبوا علي الماء البارد فنزلت "ياأيها ٥ ٠_ المدثر" الخ وروي أنه نودي وهو على حراء يامحمد انك رسول الله وفي رواية عائشة فنظرت فوقي فإذا به قاعد على عرش بين السماء والأرض يعني الملك الذي ناداه فرعبت ورجعت الى خديجة فقلت دثروني دثروني فنزل "ياأيها المدثر" والعرش الكرسي وذلك الملك جبريل وفي رواية أنه ناداه في الوادي بعذ الهبوط وفي رواية بينما أمشي سمعت صوتا فرفعت رأسي فإذا الملك الذي جاء ني بحراء جالس على كرسي بين السماء والارض فرعبت وأخدتني رجفة شديدة فقلت زملوني زملوني فدثروني فنزل" يأيها المدثر" والصحيح أن أول مانزل سورة "اقرا باسم ربك" وعليه الجمهور قال الزهري أول مانزلت سورة" إقرً باسم ربك" الى قوله "مالم يعلم" فحزن رسول الله صلى الله عليه وسلم وجعل يعلو شواهق الجبال فناداه جبريل إنك نبي الله فرجع الى خديجة وقال دثروني وصبوا علي ماء باردا فنزل "ياأيها المدثر" والجمع بين القولين أن أول مانزل على الإطلاق اقرا وآول مانزل بعد فترة الوحي المدثر. وقيل سمع من قريش ماكرهه فاغتم فتغطى بثوبه مفكرا كما يفعل المغموم فأمر أن لا يدع إنذارهم وأن سمعوه وأذوه وقيل كان نائما متدثراً ٭ (قم) " (فانذر) خوف من النار وهو بعثةمن مضجعك أو قم قيام عزم وجد عامة فالمفعول محذوف للتعميم اي انذر الناس دل عليه "وماأرسلناك إلا كافة للناس" ولو نزلت يعد السورة وكم من دليل تأخر عن المدلول وقدره بعضهم فانذر عشيرتك بدليل" وأنذر عشيرتك الأقربين " وقدره بعضهم انذر ٥١ أهل مكة وقد يقال أن أنذر هنا لازم لعدم تعلق الغرض بمفعوله ولكن اطلاق اللازم عليه ليس باصطلاح النحو والفاء عاطفة (" .وربك فكبر) الفاء زائدة ورب مفعول مقدم وكذا ان جعلنا الفاء في جواب أما محذوفة اي وأما ربك فكبر وعليه ابن هشام أو عاطفة وناصب ربك محذوف اي ووحد ربك فكبره فمفعول كبر محذوف أيضا وكذا الفاءات بعد فيها ما في هذه وإذا جعلنا الفاء زائدة فالمفعول تقدم للحصر والفاصله والمراد خصص ربك بالتكبير وصفه بالكبرياء قولا وعقدا روي أنه لما نزل كبر رسول الله صلى الله عليه وسلم وأيقن أنه الوحي لان الشيطان لايأمر بذلك وكذا فعلت خديجة وقيل المراد تكبير الصلاة وقيل أعظم عن إشراك المشركين ويجوز كون الفاء في جواب شرط غير أما اي ماكان او مهما كان فلاتترك تكبيرة وأول مايجب معرفة الصانع ويليها تنزيهه والقوم كانوا مقرين به غير منزهين له عن الشرك والنقائنص "(وثيابك فطهر) من النجاسات وجوبا للصلاة واستحباباً في غيرها وقبيح بالمؤمن الطيب أن يحمل خبث وفي الآية قلب بديعي وهو ان يكون الكلام بحيث لو بدا بحرفه الأخير الى الأول كان بعينه هو مبدأ الكلام كقوله: إنما دعد كبرق منتجعق ترنمبك دعد امنا عج وقوله: وهل كل مودته تدوم'مودته تدوم لكل هول وقي ذلكومخالفة ا لعرب في تطوبلها وجرهاوقيل [ مر من الله بتقصيرها العادات ا مذمومةرفضأول ما أمر يه منا لنجس و لخيلاء وتقصيرهاإصابة ٥٢ الا المرأة فترخي ثوبها شبرا أو ذراعا وتحتفظ عن النجس وقيل طهر ثيابك عن أن تكون مغصوبة أو حراما وقيل ذلك أمر باستكمال القوة العملية بعد أمره باستكمال القوة النظرية والدعاء اليه زيد طاهر الثياب وطاهر الجيب والذيل والاردان إذا وصف بالنقاء من المعايب ومدانس الأخلاق وعمرو دنس الثياب إذا كان غادرا وذلك لأن الثوب يلابس الإنسان ويشتمل به فكني به عنه يقال أعجبني زديد ثويه كما يقال أعجبني زديد عقله ومن كلامهم المجد في ثوبه والكرم تحت حلته وأيضا الغالب أن من طهر باطنه عني بتطهير ظاهره واجتنب الاخباث وقيل طهر دثار النبوة عما يدنسه من الحقد والضجر وقلة الصبر وقيل طهر قلبك عن الصفات الذميمة وعلى الأول الشافعي وغيره0قيل وقال الجمهور المراد تطهير النفس والعرض قال أبو الحسن الشاذلي رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام فقال لي طهر ثيابك من الدنس تحظ بمداد الله في كل نفس فقلت وما ثيابي يارسول الله فقال ان الله كساك حلة المعرفة ثم حلة المحبة ثم حلة التوحيد ثم حلة الإيمان ثم حلة الإسلام فمن عرف الله صغر لديه كل شيء ومن أسلم لله قل ما يعصيه وإن عصاه اعتذر اليه وإذا اعتذر اليه قبل عذره ففهمت حينئذ معنى قوله عز وجل "وثيابك فطهر" "(والرجز فاهجر) الرجز الشرك وغيره من المعاصيس وفسره النبي صلى الله عليه وسلم بالأوٹان والهجر المجانبة . .وعن ابن عباس الرجز السخط اي اجتنب ما يوحب السخط اي دم على هجر الرجز وقراً يعقوب وحفص والرجز بضم الراء وقيل قرا به حقخص ٥٢ وحده 6والضم ابلغ ومبالغته ترجع الى ذمه وتقبيحه واهجره حق الهجر لا الى اباحة ما دونه( " .ولاتمنن تستكثر) برفع تستكثر وجملته حال والمن العطاء لا تعط مستكثراً رأيا لما تعطيه كثيرا أو طالبا به أكثر منه وهذا الأخير نهي خاص به صلى الله عليه وسلم لأن الله اختار له أشرف الآداب وأحسن الأخلاق أو نهي تنزيه له ولأمته والحق أن الإعطاء على شرط رد الاكثر من أول الأمر جائز قطعا بشرط التحصن من الربى وأما بعد ذلك فممنوع لإيباح لأحد أو المعنى لاتمتن بعبادتك علىى اللة سبحانه مستكثرا إياه أو على الناس بالتبليغ مستكثراً به الأجر منهم أو مستكثرا إياه . وقيل المعنى لاتعط شيئا لمجازاة الدنيا بل اعط الله وقيل المراد المن الذي يحبط العمل وهو تعديد النعم وعن مجاهد لا تمنن لا تضعف من قولهم حبل منين اي ضعيف اي لا تضعف تستكثر ماحملناك من أعباء الرسالة .وعن بعضهم أن النبي صلى الله عليه وسلم لايحل له أن يهدي لغيره ليعطيه أكثر منها وغيره يحل له وقر الحسن لاتمن وقراً هو تستكثر بالسكون إما للوقف وإما للإبدال من تمنن على أنه من مَن بكذا لان من شأن المنان بما يعطي أن يستكثره اي يراه كثيرا وأما للتخفيف شبه الثاء والراء المضمومة من تستكثر والواو بعدها بكلمة. وسكنت الراء تخفيفاً وخروجاً عن فعل بكسر الفاء وضم العين وقرا الاعمش بالنصب باضمار ان وقر ابن مسعود بإظهار أنويجوز كون الرفع على اضمار أن مهملة كما روي بالنصب والرفع قوله: _ ٥٤ الا ايهذا الزاجري احضر الوغي وقيل عن الحسن إنه قرأ بالجزم وإنه قال بالتقديم والتأخير أي لاتستكثر عملك فتمن به ولايجوز الجزم في جواب النهي لانه لايصح أن لاتمنن تستكثر ومن لم يشترط تقدير لا النافية صح عنده الجزم على الجواب اي ان مننت تستكثر " (ولريك فاصبر) اصبر له اي لاجل الله واصبر لامره على مشقة التكليف وأذى المشركين . وعن ابن زيد على حرب الأحمر والأسود وعن النخعي اصبر على عطيتك وصله بما قبله وجعله صبرا على العطاء من غير استكثار والظاهر أن ذلك أمر بالصبر على كل شيء من الأوامر والنواهي والمصائب "(فإذا نقر) نفخ "(في الناقور) في الصور وهو القرن وزنه فاعول من النقر بمعنى التصويت وأصله القرع الذي هو سبب الصوت وذلك النفخ الأول وقيل الثاني وصحح قال أبوحباب القصاب أمنا زرارة بن لوفي فلما بلغ" فإذا نقر في الناقور "خر ميتا والفاء للسببية اى اصبر على أذاهم فبين أيديهم زمان صعب تلقى فيه عاقبة صبرك ويلقى أعداؤك عاقبة ضرهم كما قال (فذلك يومئذ يوم عسير على الكافرين) وإذا متعلق بما دل عليه الجواب اي اشتد الأمر أو عسر وهذا يقدر معناه فيكفي في التعليق ولاتحتاج العبارة اليه وإن شئت فعلق إذا بجملة الجواب لتضمنها ذلك المعنى وإن شئت فقدر الجواب لفظ اشتد الأمر أو عسر فتعلق إذا باشتد أو عسر فليس قوله ذلك يومئذ يوم عسير . ويومئذ بدلها وبني لإبهامه وإضافته الى غير متمكن أو ظرف للخبر ونعته القيامة د أتيلان يوموذلك على معنى أن ذ لك الوقت وقت وقوع يوم عسير ويقع حين النقر ولا يتعلق بالنعت لأن معموله لا يتقدم على المنعوت وعلى أنه يطول عليهم ويشدد ويناقشون” .حهميمنث متعلق بعسير وعسره علي (غير يسير) أي غير قليل أو غير سهل عليهم .وأما المؤمنون فيقل ويسهل لهم ولا يناقشون وهذا من دليل الخطاب ويجوز تعليق على بيسير ويجوز بناء على الوقف على عسيرغي نلىبغير ير ع ف غي جواز تقديم معمول ما أضيف اليه فيكون معمول عسير محذوفا للتعميم .وصف اليوم بأنه عسير على المؤمنين والكافرين لكنه أعسر عليهم" وعلى الأول تكون الآية جامعة لوعيد الكافرين وبشارة المؤمنين وتسليتهم وغير يسير توكيد أو أفاد أنه لايرجع يسيرا كما يتيسر ماعسر من أمر الدنيا "(ذرني ومن خلقت وحيدآ) الواو للميعة أو للعطف ووحيداً حال من الباء أي ذرني وحدي معه فلإي أكفيكه في الإنتقام على حد ما مر أو من التاء أي دعني ومن خلقته وحدي لم يشاركني في خلقه أحد كيف يعصيني ويطيع غيري وأنا الخالق له أو من الهاء المحذوفة اي ذرني ومن خلقته فردا لا مال له ولا ولد وتفضلنا عليه بهما أو مفعول لمحنوف اي أذم وحيدا فإن الذي نزلت فيه الآية هو الوليد بن المغيرة المخزومي كان هنا ملقبا بالوحيد لانه لانظير له في المال والولد والشرف فسماه الله به تهكما أو أراد انه وحيد في الشرارة أو عن ابيه فإنه كان زنيما أو ذكره بالوحدة في جملة النعم وقيل لقب بالوحيد بعد نزول الآية فلا تهكم "“(وجعلت له مالا ممدودا) كثيرا مبسوطا أو ممدودا بالنماء كان له الزرع والضرع والتجارة وعن مجاهد وابن جبير هو ألف دينار وعن سفيان بلغنى أنه أربعة ٥٦ آلاف وقال قتادة عشرة آلاف دينار وقيل ألف ألف وقال ابن عباس تسعة آلاف مثقال فضة وكان له بمكة والطائف إبل وخيل وغنم كثير وعبيد وجوار وقيل كان له جنان بالطائف لاتنقطع ثماره شتاء ولاصيفاً وقيل غلته شهر بشهر وعليه ابن جريح وقيل كان له أربعة آلاف درهم وقيل ألف مثقال وقيل أربعة آلاف مثقال وقيل تسعة آلاف وقيل ألف ألف "(وبنين شهوداً) حضورا معه في مكة يتمتع بلقائهم لايحتاجون الى سقر لطلب المعاش استغناء بنعمته ولايحتاج أن يرسلهم في مصالحه لكثرة خدمه أو حضورا في المحافل لوجاهتهم واعتبارهم وهم عشرة كلهم رجال لايغيبون عنه فيشتغل قلبه بغيبتهم وخوف معاطب السفر قاله مجاهد وقيل ثلاثة عشر وقيل سبعة الوليد بن الوليد وخالد وعمارة وهشام والعاصي وقيس وعبد شمس ى أسلم منهم ثلاثة خالد وهشام وعمارة وقيل هم إثنا عشر ومازال في نقصان مال وولد بعد نزول الآية حتى هلك وقيل معنى شهادتهم انهم تسمع شهادتهم فيما ٭(له) العيش والعمر والولد والجاه والرئاسةيتحاكم فيه "(ومهدت) بسطت حتى لقب ريحانة قريش والوحيد باستحقاق الرئاسة والتقدم (تمهيداً) تاكيد للتمهيد "(ثم يطمع ان أزيد) اي في أن أزيد له في المال والولد وماذكر أو مفعول يطمع على أنه يتضمن معنى يرجو وذلك استبعاد لطمعه إما لأنه لا مزيد على ما أوتي أو لأنه لم يشكر النعمة فيزيده الله وقيل أنه كان يقول إن كان مايقول محمد حقا قماخلقت الجنة الالي "(كلا) ردع له عن الطمع وقطع لرجائه ثم استانف تعليلا للردع وعدم الزيادة "(إنه كان آياتنا عنيدا) _ ٥٧ كثير العناد لآيات المنعم منكرا لها .وكافر النعمة لايستحق المزيدں انكر دلائل التوحيد والقدرة والبعث والنبوة وقيل كان كفره كفر عناد يعرف بقلبه وينكر بلسانه وهو أقبح الشرك وأفحشه "(سارهقه صعودآ) قال الحسن ساكلفه مشقة من العذاب لا راحة له فيها قال أبو سعيد الخدري عنه صلى اللة عليه وسلم كعب الأخبار الصعود عقبة من النار يتصعد فيها الكافر سبعين خريفا ثم يهوي فيها سبعين خريفا فهو كذلك وعنه ان الصعود جبل من النار .يكلف ان يصعده فإذا وضع يده ذابت فإذا رفعها عادت وكذا رجله وعن الكبي الصعود صخرة ملساء في النار يكلف الكافر أن يصعدها بسلاسل الحديث يجذب من أمامه لا يرتك بتنفس في صعوده ويضرب من خلفه بمقامع من حديد فيصعدها في أربعين عاماً فإذا بلغ ذروتها أعيد الى أسفلها ثم يكلف أن يصعدها بجذب من أمامه ويضرب من خلفه وكذا دأبه وقيل ذلك مثل لما يلقاه من الشدائد (" .إنه فكر) فيما يخيل ويلبس به طعنا في القرآن "“(وقدر) في نفسه مايتوصل له الى الطعن ،وقيل قدر يرادف هنا بفكر وهذا تعليل للوعيد كان الله عاجله بالفقر بعد الغناء والذل بعد العز في الدنيا لعناده . ويعاقبه في الآخرة أشد العذاب وأفظعه لبلوغه بالعناد غايته وأقصاه في تفكيره وتسميته القرآن سحرأ . ويجوز كون كلمة الردع متبوعة بقوله سأرهقه صعودا رداً لزعمه أن الجنة لم تخلق الا له وإخباراً بأنه من أشد أهل النار عذاباً ويعلل ذلك بعناده ويكون قوله إنه فكر وقدر ي وقوله "إنه كان لا ياتنا عنيدا" .بيانا لكنه عناده ومعناه فكر مايقول في القرآن وهيا في نفسه مايقوله كما يقول كمامر .قال جمهور _ ٥٨ المفسرين إن الوليد سمع من القرآن ما أعجبه ومدحه ثم سمع كذلك مرارأً حتى كاد .يسلم0وقال واللة لقد سمعت من محمد كلاما ماهو من كلام الأنس ولا من كلام الجن إن له لحلاوة وإن عليه لطلاوة وإن أعلاه لمثمر وإن أسفله لمغدق وإنه يعلو ولا يعلى فقالت قريش صبا الوليد لتصبون قريش فقال أبو جهل انا اكفيكموه فحاجه أبو جهل وجماعة حتى غضب الوليد وقال تزعمون أن محمدا مجنون فهل رايتموه يخنق قط قالوا لا قال تزعمون أنه شاعر فهل رأيتموه يشعر قط قالوا لا قال تزعمون أنه كاهن فهل رأيتموه يتكهن قط قالوا لا قال تزعمون أنه كذاب فهل جربتم عليه شيئا من الكذب قط قالوا لاء وكانوا يسمونه قبل النبوة الأمين لصدقه فقالت قريش ماعندك فيه فتفكر في نفسه فقال ما أرى فيه شيئاً مما ذكرتموه فقالوا هو ساحر قال اما هذا قيشبه وفي رواية فقالت قريش صبا واللة الوليد والله ليصبون قريش كلهم فقال أبو جهل وهو ابن أخي الوليد أنا أكفيكموه فغدا عليه حزين فكلمه بما أغضبه ونفى عنه صلى اللة عليه وسلم الجنون وماذكر ونقوا ذلك ثم قال بعد تفكر والله ماهو الا ساحر أما رأيتموه يفرق بين الرجل وأهله وولده ومواليه والذي يقوله سحر بأثره عن أهل بابل فتحركت الجماعة فرحا وتفرقوا معجبين بقوله . وقيل لما نزل "حم تنزيل الكتاب" الى قوله "المصير" قرأها صلى الله عليه وسلم في الصلاة في المسجد والوليد يسمع ولما علم به أعاد قراء تها فانطلق الى قومه من بني مخزوم فقال والله لقد سمعت محمدا يقرا كلاما ماهو من _ ٥٩ كلام البشر الى آخر مامر من صبو قريش ى وفيه أن أبا جهل استكفاهم وانطلق حتى جلس الى جنب الوليد حزينا فقال له الوليد ما لي أراك حزينا ياابن أخي فقال ومايمنعني أن أحزن وهذه قريش تجمع لك نفقة يعينونك على كبر سنك ويزعمون انك زينت كلام محمد وأنك تدخل على ابن أبي كبشة وابن ابي قحافة لتنال من فضل طعامهم فغضب فقال ألم تعلم قريش اني من أكثرهم مالا وولد وهل شبع محمد وأصحابه من الطعام حتى يكون لهم فضل طعام ثم قام مع أبي جهل حتى اتى مجلس قومهم فقال لهم تزعمون أن محمدا مجنون الى آخر مامر وأبو كبشة أخو النبي صلى الله عليه وسلم من الرضاعة وتلك الروايات عن الزهري وروي عن الحسن ان الوليد قال لقريش أن أمر هذا الرجل قد فشى وقد حضر الموسم فإن الناس يسالونكم عنه فما تردون عليهم قالوا نقول أنه مجنون قال يستنطقونه فيجدونه فصيحا غير مجنون فيكذبونكم قالوا فخبرهم أنه كاهن فيسمعونه فلايسمعون شيئا أشبه الشعر ثم انصرف الى بيته س فقالت قريش ايم الله لئن صبا الوليد لتصبون قريش كلها فقال ابو جهل انا اكفيكموه فذهب اليه فجرى التخاطب بينهم كما مر وفي تمام كلام الوليد لكني اكثرت حديث نفسي فإذا الذي يقول سحر وقول بشر وعن سعيد بن المسيب عنه صلى الله عليه وسلم الفتنة تلقح بالنجوى وتنكح بالشكوى فلا توقظوها إذا رقدت ولا تثيروها إذا هي جثمت والفتنة راتعة في بلاد الله تطأ في خطامها حتى يأذن الله فيها فإذا أذن فويل لمن أخذ بخطامها من طلب الفتنة ذهب بقاؤه وقل نماؤه وكانت النار مأواه ألا ففروا من الفتنة كما تفر الوحوش بئولادها ألا فالحذر الحذر فإنه لن ينجو من الفتنة الا من صانع الذل ولان يقال لك ذليل ضعيف خير من أن يقال لك أنك من أصحاب النار فاجتمع اليه قومه فقالوا ياأبا المغيرة كيف يكون قولك قول بشر وسحرا قال اذكركم الله هل تعلمون أنه فرق بين فلان وزوجه وبين فلان وأبيه وفلان وأخيه وفلان ومواليه يعني من أسلم فارق من لم يسلم فقالوا قد فعل قال هو ساحر ،قال مجاهد وكان ذلك في دار الندوة( .فقتل) لعن وقيل عذب كقولهم قتله الله ما اشجعه وأخزاه ما أشعره اي بلغ في الشعر والشجاعة ميلغاً يحق أن يحسد ويدعو عليه حاسده بالقتل والخزي والجملة سيقت مساق الدعاء ولا دعاء حقيق لأنه انما يدعو من ليس الامر بيده “(كيف قدر) هذا انكار وتوبيخ وتعجيب من تقديره استهزاء به أو لأنه أصاب أقصى مايمكن أن يقال عليه .أو حكاية لما كرر من قولهم قتل "كيف قدر" تعجيبا من تقديره ومن إعجابهم بتقديره واستعظامهم لقوله للسببية والفاء لعطف الانشاء على الأخبار وفيها السببية وعلى منع العطف المذكور نقول إنها السببية فقط "(ثم قتل كيف قدر) تكرير للتوكيد والعطف بثم للدلالة على أن هذه المبالغة الثانية أبلغ من الأولى فثم على أصلها من المهلة لكن هذه المهلة في بعد مبالغة عن اخرى في المرتبة " (ثم نظر) في أمر القرآن مرة بعد أخرى لعله يجد ما يدفع به القرآن وقيل في وجوه الناس وقيل في وجه الرسول صلى الله عليه وسلم "(ثم عبس) قطب مابين عينيه لما لم يجد في القرآن طعنا ولم يدر مايقول أو نظر في وجهه ٦١ صلى الله عليه وسلم "(وبسر) مرادف يعبس والمراد بهما كون الوجه كوجه الفضبان المغموم "( ثم ادبر) عن الحق أو الرسول صلى اللة عليه وسلم ٭ (واستكبر) عن اتباعه "(فقال إن) اي ما "(هذا) الذي يقول محمد ٭ (إلا سحر يؤثر) يروي ويتعلم عن السحرة عطف فيما قبل هذا بثم للدلالة على أن الكرة الثانية أبلغ من الأولى كما مر وعطف هنا بالفاء لان الكلمة هنا خطرت بباله بعد طلب مايرد به القرآن فرح وتعجل ونطق بها كما يفعل من اصاب الحجة بعد الفحص الشديد عنها ووسط الأفعال بين المتعاطفات بثم دلالة على أنه قد تأنى وتمهل ،ولما كانت الفاء من شانها الدلالة على الاتصال عطف بها لمجرد الدلالة على أنه لم يكن انفصال بين خطور أن مايقوله سحر وبين التلفظ بأنه سحر لا للدلالة على اتصال القول بالاستكبار أو الإدبار هذا مرادنا فافهم "(ان هذا الا قول البشر) ابن عباس أو غيره على مامر لم يعطف هذه على ماقبلها لجريانها من الجملة قبلها مجرى التوكيد من المؤكد. (سأصليه) أدخله! قيل هو بدل من سارهقه "(سقر) اسم من أسماء النار نار جهنم وقيل آخر دركاتها ،وقيل سادستها "(وماأدراك ماسقر) تهويل لشأنها وقيل المراد لم تكن تدري ماسقر حتى اعلمتك "(لا تبقى) شيئا من لحم داخلها وشعره ودمه وجلده وأعضاء وعظامه حتى تهجم على الفؤاد كقوله بدلناهم جلودأً غيرها ،فالمفعول محذوف أو من قولهم لم يبق عليه اي لم يتعطف ولم يشفق عليه والمراد لم تشقق على أجد فتركته والجملة مستأنفة بين بها التهويل أو حال من سقر ان جعل سقر خبرا أو المبتدأ هو ما والا فلا ٦٢ معنى التعظيم "عند من لم يجز الحال من المبتدا إلا أن جعلنا العامل (ولاتذر) مرادف لقوله لاتبقي مثل قولك اعرض عني وصد عني وقيل لا ترادف فقال مجاهد المعنى لاتحي ولاتميت أي لايبقى من فيها حيا ولاتذر من فيها ميتا كلما احترقوا جددوا ومعنى عدم بقائه حيا .وصوله غاية احتراقه وزوال لحمه ودمه ونخوهما وإلا فلا موت وقيل لايبقى أحد من المستحقين إلا أخذته ثم لاتذر أحدهم إلا عذبته واكلته وقيل لاتبقي لهم لحما ولاتذر منهم عظما وقيل لكل شيء ملال وفترة الا جهنم فهي لاتبقي عليهم ولاتذرهم وقيل لاتبقي أحدا ولاتذر غاية من العذاب إلا وصلتها "(لواحة للبيشر) مغيرة للجلود حتى تدعها أشد سوادا من الليل قاله مجاهد وقال ابن عباس وكثير من المفسرين محرقة للجلود وقيل عنه مغيرة للجلود محرقلةها وقال الحسن وابن كيسان تظهر للناس من مسيرة خمسمائة عام لعظمها وهولها وزفيرها فالبشر على الأول الجلود أو ظاهرها جمع بشرة وعلى الثاني المراد الناس مفرد يطلق على الواحد وغيره وعن بعض أنها تحرق الجلد وتأكل كل شيء الا الفؤاد س وقرىء بالنصب أي اعظمت لواحة أو أعني لواحة أو حال واللام على الاول ولام التقوية وعلى الثاني التعدية "(عليها) أي على النار “(تسعة عشر) ملكا أو صنفا من الملائكة يلون أمرها والمشهور الأول ومن قرالبسملة كفى يكل حرف ملكا من الملائكة التسعة عشر أو صنفا من الأصناف التسعة عشر وهم خزنة جهنم ومالك أميرهم وواحد منهم أعينهم كالبرق الخاطف وأنيابهم كالصياصي ،يخرج لهب النار من أفواههم مابين منكبي ٦٢ أحدهم مسيرة سنة قد نزعت منهم الرحمة بدفع أحدهم سبعين القا قير منهم حيث أراد من جهنم. قال عمرو بن دينار إن أحدهم يدفع بالدفعة الواحدة في جهنم أكثر من ربيعة ومضر قال ابن عباس قال أبو جهل ثكلتكم امهاتكم سمعت من أبن أبي كبشة أن خزنة النار تسعة عشر وأنتم الدهم اي الشجعان أفيعجز عشرة منكم أن يبطش بواحد فقال أبو الاشد بن اسيد بن كلدة الجمحي أنا اكفيكم منهم سبعة عشرس عشرة على ظهري وسبعة على بطني واكفوني انتم اثنين6ويروى أنه قال امشي بين أيديكم على الصراط فادفع عشرة بمنكبي الأيمن وتسعة بمنكبي الأيسر في النار ونمضي فندخل الجنة وكان شديد البطش فظن أن قوته تنفعه وقتئذى وروي أنه قريشا لما سمعت الآية كثر لغطهم وقالوا لكوان هذا حقا فإن هذا العدد قليل.وروي أن أبا جهل قال يامعشر قريش اني لأرى محمدا يخوفكم بخزنة النار يزعم انهم تسعة عشر وأنتم الدهم أفتعجزون أخرجوا لكل واحد مائة منكم أن تبطشوا بواحد منهم فتخرجون منها وهذا منهم جهل فإن لأحدهم مثل قوة الثقلين يسوق أحدهم الأمة وعلى رقبته جبل فيرمي بهم في النار ويرمي الجبل عليهم وهم أقوام خلق الله بحق اللة وبالغضب له وأقواهم بطشاً وجعل الله الخزنة ملائكة مملا يأخذهم ما يآخذ الأنس والجن من الرأفة ولايستريحوا اليهم وقيل هم تسعة عشر صفا وقيل تسعة عشر نقيبا.والمشهور أنهم تسعة عشر ملكا .قال الفخر تعجب الكفار من هذا العدد المخصوص والعلماء ذكروا فيه وجوها. الأول أن اليوم بليلته أربع وعشرون ساعة خمس منها مشغولة بالصلوات ١‏_ _ ٦١٤ الخمس يقيت تسعة عشر خلت عن الذكر فكان العدد بعدد الساعات . الثاني أن أبواب جهنم سبعة ى ستة منها للكفار وواحد للفساق لان أركان الإيمان ثلاثة أقرار واعتقاد وعمل .والكفار تركوا هذه الثلاثة فلهم بحسب تركهم لها ثلاثة من الزبانية على كل واحد من الأبواب الستة والمجموع ثمانية عشره والباب الواحد للفساق لأنهم لم يأتوا بالعمل وقد أقروا واعتقدوا. والثالث أن عددهم بحسب عدد القوى الجثمانية المانعة للنفس الناطقة من معرفة الله وتلك القوى تسعة عشر خمس هي الحواس الظاهرة وخمس أخرى هي الباطنة واثنتان الشهوة والغضب وسبعة هي القوى الطبيعية الجاذبة والماسكة والهاضمة والدافعة والغادية والنامية والمولده انتهى وقيل وجه كون عددهم تسعة عشر أن التسعة عشر يجمع أكثر القليل وهو التسعة وأقل الكثير وهو عشرة وغير ذلك لايدخل تحت حصر من حيث الكثرة ويوجه غير ذلك القول يمثل ذلك بأن يجعل مكان الواحد صنفا أوصفا أو نقيبا وقرىء تسعة عشر بسكون العين المتصلة في الشين كراهة توالي الحركات في ماهو كالكلمة وقرىء تسعة عشر جمع عشير كيمين وأيمن اي تسعة كل نقيب أو جمع عشر فيكون العدد تسعين "(وماجعلنا أصحاب النار الا ملائكة) من غير جنس الإنس والجن لأن الجنسية مظنة الرأفة والبحمة واستراحة كل للاخر ولأن الملائكة أقوى وفيه رد لقول قريش إنهم يستطيعونهم أي جعطناهم خلق لا قبل لاحد من الناس بهم "(وماجعلنا عدتهم إلا فتنة للذين كفروا) أي ماجعلنا عددهم إلا عددا اقتضى افتنانهم في الدين وذلك أنه جعله تسعة عشر ملكا وهو عدد قليل فطمعوا في الغلبة.وقيل _ ٦٥ فتنتهم هي قولهم كيف يقدر هذا العدد القليل على تعذيب جميع من في النار وهو أكثر الثقلين وما دروا أن أحوال الآخرة ليست كأحوال هذه وإن الله أعطى كل واحد قوة الثقلين ،وقيل فتنتهم هي قولهم كيف نقص واحد من العقد هلا كانوا عشرين وهذا القول يصح على القول بأنهم تسعة عشر ملكا والقول بانهم تسعة عشر صفا وغيرهما فكان ذلك سببا لقولهم السابق واستهزائهم وقد مر توجيه كون العدد كذلك وتبين لك أنه عبر باسم المسبب وهو لفظ الفتنة عن السبب وهو العدد المقتضي له تنبيها على أن هذا العدد لاينفك من الافتنان به والمراد بالعدة مطلق العدد لا العدد بقيد كونه تسعة عشر أي لم نجعلهم الا على عدد يقتضي الفتنة ويستلزمها فقوله الا فتنة واقع موقع الا تسعة عشر لكن لما أراد الإخبار بأن هذا العدد يفتنهم عبر بالفتنة وعلى هذا المعنى صح التعليل بقوله "(ليستيقن) ولاتحريف لكتاب الله في ذلك المعنى ولو أدعى أبو حيان أنه تحريف وأنه لايذهب اليه عاقل ولا من له أدنى ذكاء ويتضح التعليل أيضا على تاويل الجعل بالجعل القولي اي قلنا إنما كان عدتهم فتنة ليكتسب "(الذين أوتوا الكتاب) اليقين بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم وصدق القرآن لرؤيتهم ذلك موافقا لما في كتابهم التوراة والإنجيل وهم اليهود والنصارى ولايصح أن يراد بالعدة تسعة عشر لعدم صحة التعليل عليه بل مطلق العدة وماهيتها هذا ماظهر لي بمن الله تعالى " (ويزداد الذين آمنوا إيمانا) بسبب تصديق أهل الكتاب لذلك وأيضا تصديقهم لذلك زيادة إيمان “(ولايرتاب الذين أوتوا الكتاب والمؤمنون) في ذلك وهذا ‏ ٦٦د تاكيد للاستيقان وزيادة الإيمان ونفي لما يعرض للمتيقن من الشبهة وذلك أبلغ لجمعه إثبات اليقين ونفي الشك ولان فيه تعريضاً بحال من عداهم كأنه قال ولتخالف حالهم حال الشاكين المرتابين من هذا النفاق والكفر وسبب الاستيقان والإزدياد أنه صلى الله عليه وسلم أخبرهم بذلك العدد الموافق لما في كتابيهم من غير تعلم ولا اطلاع عليه في كتاب فيعلمون أنه بالوحيس وقد بان لك أن المراد بالكتاب في الموضعين الجنس فيصدق بالتوراة والانجيل وقيل المراد بالذين ليزدادون إيمانا من آمن من أهل الكتاب "(وليقول الذين في قلوبهم مرض) نفاق ولم يكن بمكة نفاق بل إيمان صريح أو شرك ظاهر والسورة مكية والنفاق كان بالمدينة فالمراد الأخبار عن من يكون منافقاً في المدينة من أهلها أو غيرهم اي وليقول المنافقون الذين ينجمون في مستقبل الزمان بعد الهجرة فالآية معجزة للنبي صلى الله عليه وسلم حيث أخبر بالغيب ووقع وفق أخباره .وقيل المراد بالمرض الشك لأن من أهل مكة من هو شاك ومنهم من هو قاطع بالكذب وقال الحسين بن الفضل المرض الاضطراب وضعف الإيمان "(والكافرون) مشركو مكة أفادت اللام في قوله" ليقول" مجرد العلة والسببية ولايجب في العلة أن تكون غرضا تقول خرجت ¡ من البلد لمخافة الشر أي سبب خروجي مخافة الشر اي خفت فخرجت ولم ترد أنك خرجت لتخاف "(ماذا) اي شيء "(آراد الله بهذا مثلا) اي العدد المستغرب استغراب المثل ى وقيل لما استبعدوه حسبوه مثلا مضروبا وقيل مرادهم انكاره من أصله وإنه ليس من عند اللة ولو كان منه لما كان بهذا العدد الناقص ى ومثلا تمييز لهذا أو حال منه "(كذلك) اي مثل ذلك المذكور ٦١٧ من الاضلال والهدي "(يضل الله من يشاء ) اضلاله "(ويهدي من يشاء) هدايته لأن بيده الإضلال والهداية .ومن الإضلال الخذلان الذي هو عدم التوفيق للايمان بعدد الخزنة ومن الهداية الايمان به ويزيد من أنكره كفرا ومن صدقه إيمانا وأفعال الله كلها حسنة "(وما يعلم جنود ربك) جموع خلقه وماعليه كل جند من العدد الخاص من كون بعضها على عقد كامل وبعضها على عدد ناقص ومافي اختصاص كل جند لعدده من الحكمة وغير ذلك "(الا هو) أي إلاربك فالآية دليل على جواز عود الضمير للمضاف اليه أي ولاسبيل لاحد الى معرفة ذلك كما لايعرف الحكمة في عدد السموات والأرضين وأيام السنة والشهور والبروج والكواكب وأعداد النطف والحدود والكفارات والصلوات في الشريعة أو ما يعلم جنود ربك لفرط كثرتها إلا هو يه تتميم الخزنة عشرين ولكن له في هذا العدد الخاص حكمة عاليعز فل لايعلمونها وهو يعلمها وقيل المراد أنه كما أن مقدورات الله غير متناهية كذلك جنوده لاتتناهمى وقيل جواب لأبي جهل إذ قال أما ليدين محمد أعوان إلا تسعة عشر. وفي حديث الاسراء انتهيت الى باب الحفظة وعليه ملك يقال له اسماعيل جنده سبعون ألف ملك وجند كل ملك سبعون ألف ملك ثم تلا "ومايعلم جنود ربك الا هو" (وماهي الا ذكرى للبشر) الضمير لسقر فما بينهما اعتراض قاله الحسن ومجاهد وقيل الضمير للسورة وقيل للآيات التي فيها ذكر سقر وقيل آيات القرآن وقيل للخزنة وقيل لعدتها وقيل للحالة والمخاطبة ٭(كلا) ردع لمن أنكر ماذكر أو بعضه أو إنكار لتذكرهم بذلك اي هي ذكرى لكن ٦٨ لايتعظون بها وقيل ردع لمن يزعم أنه يكفي الخزنة وقيل ردع لمن ينكر أن تكون إحدى الكبر نذيرا بناء على أنها أن تكون لانكار مابعدها كما تكون لانكار ماقبلها وقيل معناها حقا أي تحقق كونها ذكرى أو تحقيق لما بعدها وعاملها محذوف إن قلنا مقعول مطلق . قال ابن هشام تكون كلا بمعنى حقا عند الكسائى ومتابعيه ومي حرف وأما قول مكي أن كلا على راىء الكسائي اسم إذا كانت بمعنى حقاً فيعيد لقلة اشتراك اللفظ بين الاسمية والحرفية ومخالف للاصل ومحوج التكلف دعوى علة لبنائها والا فلم لاتنون.وقال الفراء والنضر ومن وافقهما تكون حرف جواب بمنزلة اي ونعم وحملوا عليه لقوله تعالى" كلا والقمر " وقال أبو حاتم ومتابعوه تكون بمعنى الا الاستفتاحية ويأتي في الآية وليست في الآية للزجر إذ ليس قبلها مايصح رده وقول الطبري وجماعة أنه لما نزل في عدد خزنه جهنم "عليها تسعة عشر" قال بعضهم اكفوني اثنين وأنا اكفيكم سبعة عشر فنزلت" كلا زجرا له" قول متعسف لأن الآية لم تتضمن ذلك انتهى كلام ابن هشام بتلخيص ‏ (٦والقمر والليل إذا أدبر) باسكار ,الذال بعدها همزة تنقل حركتها اليها على طريقة ورش فتكتب ألف واحدة بعد الذال وهذه قراءة نافع وحمزة ويعقوب في رواية عنه وحفص وقرأ الباقون بالف تشبع بها الذال وفتح الدال المهملة وهي الثانية وتكتب أيضا ألف واحدة ففي القراءة الأولى إذ التي هي ظرف لما مضى وفعل رباعي وعدم اشباع .وفي الثانية إذا الاستقبالية وفعل ثلاثي وإشباع ولم أجد من قرا بالف وهمزة ومعنى أدبر ودبر واحد كقبل بمعنى أقبل ومن دبر قولهم صاروا كامس الدابر وقيل من ٦٩ دبر الليل النهار إذ أخلفه يقال دبرني فلان أي جاء خلفي وكذا في أدبر فهي من دبر وأدبر بمعنى اقبل من دبري أي خلفي "(والصبح إذا أسفر) أضاء وجواب القسم "(إنها) اي سفر وصرح بعضهم بأن الضمير راجع لما رجع اليه هي على الخلاف ولايصح كونه ضمير الشان لعدم الجملة بعدها خلافا من وهم (لاحدى الكبر) اي الامور الكبار أي العظام والبلايا العظام ويصح كون الكبر جهنم ولظي والحطمة والسعير وسقر والجحيم والهاوية والكبر جمع كبرى كفضلى وفضل وإنما جمعت كبرى على كبر مع أن الفعل بضم الفاء وبفتح العين جمع فعلة بضم الفاء وسكون العين كغرفة وغرف الحاقأً لفعلى بضم الفاء وإسكان العين بفعلة كذلك تنزيلا للألف منزلة التاء كما ألحقت قاصعاء بقاصعة وسافياء بسافية فجمعا على القواصع والسوافي وفي ابن عطية الكبر جمع كبيرة قال الصفاقصي ولعله وهم من الناسخ ويجوز أن يكون أنها لاحدى الكبر تعليلا لكلا والقسم معترض للتاكيد " (نذيرا) تمييز اي أنها لاحدى الدواهي إنذارا كقولك إنها إحدى النساء عفافاً وقيل حال كأنه قيل كبرت منذرة وقرء بالرفع فهؤ خبر ثان لأن أو خبر محذوف وهو قراءة أبي قال الحسن لانذير ادهى من النار وعن ابن زيد نذيرا "(للبشر) النذير هو محمد صلى الله عليه وسلم وقيل هو الله وعليهما فهو حال لمحتوف وخبر لمخذوف ان رفع اي قلت ذلك أو قال ذلك نذيرا لهم أو هو أو أنت نذير لهم ويجوز تقدير لفظ هو مع عوده للنبي محمد صلى الله عليه وسلم ومن يدع التفاسير إن نذيرا وهو للنبي حال من ضمير قم في أول السورة اي قم نذيرا للبشر فآنذر وعليه الشيخ هود رحمه الله مفسراً للنذير ‏_ ٧٠ بالنبي "(لمن شاء منكم أن يتقدم) يسبق الى الخير (أو يتأخر )يتخلف عنه . ولن خبر وان يتقدم مبتدا كقوله ومن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر في المعنى أو لمن بدل من قوله للبشر يدل بعض اي منذرة للمكلفين الممكنين الذين إن شاء وا تقدموا فيفوزوا أو تأخروا فيهلكوا وإن يتقدم مفعول شاء فعلى الأول هذا وعيد وتهديد وفي الآية رد على المجبرة حيث أتيت المشيئة للخلق ولايقع منه الا ماأراد الله وقيل فاعل شاء عائد الى الله (كل نفس بما كسبت رهينة) مرهونة عند الله عز وجل بعملها السيء أو مرهونة في النار وفيه تقوية لما قبله ورهينة وصف على وزن فعلية بمعنى مفعولة خبر كل وانث لاضافة كل للنفس وزعم بعض أن رهينة مصدر كالشتيمة بمعنى اسم مفعول لاوصف مؤنث بمنذكره رهين لأن فعيلا بمعنى مفعول يستوي فيه المذكر والمؤنث وليس بشيء لأن هذا الإستواء غير لازم على ماهو الواضح نعم ماقاله جائز لامتعين كما زعم أعني كونه مصدرا بمعنى مفعول لكن فيه تكلف وكذا يجوز كونه مصدرا بلا تاويل مبالغة "( الا أصحاب اليمين) أهل الجنة كلهم فإنهم فكوا رقابهم ممن رهنها في النار بالعمل الصالح كما يخلص الراهن رهنه بداء الحق٧‏ وسموا أصحاب اليمين لأنهم على يمين آدم حين أخذ الله الميثاق أو لغير ذلك كما مر وعن بعض أن اليمين الإخلاص وعن علي وابن عباس هم الملائكة وقيل أطفال المسلمين وعزي لعلي .فالمعنى أن المكلفين كلهم مرهونون بذنوبهم فالمؤمن يخلص ويغفر له والكافر لايخلص فلايغفر له والأطفال لاذنب لهم يرهنون به .وقواه بعضهم بالسؤال عما سلك المجرمين في سقر سالوا لأنهم ولدان لايعرفون موجب دخول النار وعلى غير ‏_ ٧١١ هذا فالسؤال للتوبيخ والتخسير ولتكون حكاية ذلك في كتاب الله تذكرة للسامعين "(في جنات) لايبلغ كنه وصفها أي غايته وهو حال من أصحاب اليمين أو من ضميرهم وهو الواو في الفعل بعده أو متعلق بالفعل بعده وقال الصفاقتصي خبر لمحذوف أي هم في جنات وعن بعضهم أن الاستثناء منقطع وإن في جنات خبر لمحذوف فالمعنى لكن أصحاب اليمين في جنات "(يتساء لون) أي سال أصحاب اليمين بعضهم بعضا أو يسألون غيرهم سواء كانوا ملائكة أو آدميين فعلى ان المعنى يساعلون غيرهم فهو من موافقة المجرد مثل تداعيناه ودعوناه " (عن المجرمين ماسلككم ) ادخلكم ٭" ( في سقر) والمجرمون المشركون بدليل التكذيب بيوم الدين ومقتضى الظاهر أن يقال ماسلككم وجاء على طريق الالتفات للخطاب مبالغة في التوبيخ ولو قيل يتساعلون المجرمين ماسلككم لكان على مقتضى الظاهر وقد يقال لا التفات لكن جاء الكلام على وفق مايقول المسؤول للسائل حاكياً لما قال للمجرمين كأن بعضا سال بعضا عما جرى بينهم وبين المجرمين فقال قلنا لهم ماسلككم في سقر الا أن الكلام اختصر وحذف فيه وذلك غير قليل في القرآن "(قالوا) اي المجرمون "(لم نك من المصلين) صلاة الفرض قال بعضهم في نفي الصلاة نفي الإيمان بالله والمعرفة به والخشوع له (ولم نك نطعم المسكين) مايجب إعطاءه كالزكاة وعن بعضهم يشمل الصدقة فرضا أو نفلا وفي ذلك دليل لأصحابنا على أن المشركين مخاطبون بفروع الشريعة حيث اخبروا بأن موجب دخولهم النار عدم الصلاة والزكاة وكذا في قوله " (وكنا نخوض) نشرع في الباطل "(مع الخائضين) فيه أن قسر بالخوض . ٧١٢ في الباطل الذي هو دون الشرك مثل الكبائر وما لاينبغي ؤمن قال غير مخاطبين بفروعها قال المراد لم نك من المصلين ولم نك نطعم المسكين لتكذيبنا بالصلاة والزكاة (" .وكنا نكذب بيوم الدين) يوم الجزاء وهو يوم القيامة "(حتى أتانا اليقين) الموت ومقدماته وقيل صحة ماكذبوا به وهو مرادف للاول لأن ظهور الصحة يكون بالموت "(قماتنقعهم شفاعة الشافعين ) اي لو شفعوا لهم جميعا الملائكة والأنبياء وغيرهم ولكن لايشفع لهم شافع بنفي نقعها لأنها سبب النقع ءينها فعنبر فععة اهم فن ل شتك أاولمراد لم وآن قلت هل سلكوا فيها بواحد من ذلك أو بالجميع قلت كل واحد يكفي في سلكها ولكن اجتمعت تلك الأشياء فيهم وأعظمها التكذيب بيوم الدين وآخره تعظيما له كأنه قيل وكنا بعد ذلك كله مكذبين والشفاعة إنما تنفع المؤمنين وتثبت لهم لأنها تزيد في درجاتهم زيادة وقد يكون انسان في المحشر ممن سبقت سعادته ومات غير مصر منقطعا فيمر به الرجل ممن يشفع في غيره فيقول له المنقطع يافلان فيقول ماتريد فيقول أتذكر رجلا سقاك شربة يوم كذا فيقول وإنك لانت هو فيقول نعم فيشفع له ويمر الرجل باخر فيناديه يافلان فيقول ماتريد فيقول أتذكر رجلا وهب لك وضوءا يوم كذا فيقول نعم فيقول له وانك لهو فيقول نعم فيشفع له ولايقع هذا لمن في النار (فما لهم عن التذكرة) اي التذكير بالقرآن وغيره من المواعظ وقيل المراد القرآن متعلق بما بعده اي مالهم معرضين عن تذكير رسول الله صلى الله عليه وسلم اياهم بالقرآن وغيره وقيل التذكرة نفس القرآن وغيره سمي ذلك بالمصدر لان به التذكير "(معرضين) حال من ضمير الاستقرار المستتر في قوله لهم ٭ ‏_ ٧٢٣ (كانهم حمر ) جمع حمار والمراد حمار الوحش "(مستنفرة) نفرها اسد أو ادمي .فالسين والتاء زائدتان لا للطلب والهمزة في استنفر للتعدية كالتعدية بالتشديد في نفر أو هما للطلب كانها مطلوبة اي تطالب نفسها بالنفار لوقوعها عليه وشدتها فيه أو شبه ملاقاة الادمي أو الاسد مثلا اياها بطلب النفار لأن النفار مسبب عن الملاقاة ولازم لها ومآل الملاقاة الى النفار وكذلك الكلام في قراءة نافع وابن عامر بكسر الفاء بمعنى طلبت نفسها بالنفار أو نافرة ويوافقه قراءه ابن مسعود حمر نافرة وكذا في مصحفه شبههم في اعراضهم عن الذكر بالحمر النافرة لشيء اقرعها فجدت في النفار تهجينا لحالهم وشهادة باليله عليه وقلة العقل ولاترى حيوانا أجهل من الحمار وحشيا أو أهليا ولانقاراً مثل نفار حمار الوحش اذا رأبه رائب ولذا كان أكثر تشبيه العرب الابل في شدة السير بالحمر إذا وردت ماء فاحست بصائد " (فرت من قسورة) من للابتداء أو للتعليل والقسورة الرماة الذين يصيدونها لا واحد لها من لفظه وقد رؤي عن الحسن وابن عباس إنها الرماة وقال أبو هريرة والجمهور القسورة الأسد وهو رواية عن ابن عباس أيضا ووزنه قعولة بفتح الفاء وإسكان العين وفتح الواو من القسر وهو القهر والغلبة وقيل أصوات الناس ونسب أيضا لابن عباس اي سمعت أصواتهم ففرت وعليه فيضعف كون من للابتداء وكذا في قول عكرمة إن القسورة ظلمة الليل وروي عن ابن عباس ان القسورة القناص وعنه انها حبال الصيادين وقيل الرجال الاقوياء وكل ضخم شديد عند العرب قسورة وقسور (بل يريد كل امرء منهم) كل منهم" ) ان يؤتي) يعطي (صحفاً) جمع مع ان كل واحدهؤلاءأحد من ‏٧٤ يريد صحيفة واحدة باعتبار جميع صحفهم وتنزيل قوله يريد كل امرء منهم ان يؤتى صحفاً منزلة قولك يريدون أن يؤتوا صحفاً بتوزيع الصحف عليهم اي يريد كل واحد صحيفة اي كتابا (منشرة) يزال طيها فتقرأ فالنعت تقديري لاماض او مقارن او المراد انها حين الايتاء منشورة على أيدي الملائكة غظة رطبة لا مطوية فالنعت مقارن روي أن كفار قريش قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم لن نؤمن بك حتى تأتي كل واحد منا بكتاب من السماء فيه من رب العالمين الى فلان بن فلان اتبع محمدا فإنه رسول الله وقيل عنوانه من رب العالمين إلى فلان بن فلان وداخله اتبع محمدا فانه رسول الله وفي رواية قالوا ليصبح كل رجل منا وعند راسه كتاب منشور من الله انك رسوله نؤمن بكي وقيل قالوا يامحمد إن الرجل من بني اسرائيل كان يصبح وعند رأسه ذنبه وكفارته فأتنا بمثل ذلك ث وقيل قالوا إن كان محمد صادقا فليصبح عند رأس كل رجل منا صحيفته فيها براته وامنه من النار كانهم اشترطوا في مقابلة ايمانهم وطاعتهم الأمن من النار أول مرة والا فلن يدخلوا في الايمان والطاعة اي كانت النار حقا فلا نؤمن ونطيع حتى تكتب لنا براءة منهاء وقيل إن هذه الأقوال الثلاثة بمعزل عن الصحف المنشرة الا أن يراد بالصحف المنشرة الكتابة الظاهرة المكشوفة . وقر سعيد بن جبير باسكان النون وتخفيف الشين من أنشر بمعنى نشر والتشديد للمبالغة وكذا انشر بزيادة الهمزة فيه توكيد والا فنشر المخفف الثلاثي كاف واسم مفعول منشرة "(كلا) ردع عن طلب الآيات فانها لاتنفعهم وهم أهون على الله من أن يؤتيهم الصحف المنشرة "(بل لايخافون _ ٧٥ الآخرة) عذابهاء فلذلك اعرضوا عن التذكرة لامتناع إيتاء الصحف ولو خافوها لما طلبوا هذه الآية بعد قيام الدلة وطلب الزيادة بعد مانعتت " (كلا) تاكيد للردع المذكور أو ردع عن الأعراض ويلائمة قوله "(انه) اي القرآن "(تذكرة) وفيه تقوية لكون التذكرة المذكورة هي القرآن وحده وتنكير تذكرة للمبالغة اي تذكرة عظيمة بليغة كافية وقيل كلا بمعنى حقا بنا على أنها تكون حرف تحقيق تحقق مابعدها أو ماقبلها "(قمن شاء) أن يذكره ولاينساه ويجعله نصب عينيه "(ذكره) اي فليذكره فإن النفع راجع اليه والهاء للقرآن ويجوز في الهاء ين أن تعودا الى مايوعظ به قرآنا أو غيره ويجوز عودهما الى التذكرة لأنها في معنى مايوعظ به أو في معنى الذكر أو في معنى القرآن "(وما يذكرون الا إن يشاء اللة) ذكركم وفعل العبد بمشيئة الله والاستثناء منقطع وليس تفريغاً على ماقبله ومفعول تذكر محذوف ويجوز أن يكون متصلا على أن المصدر بمعنى اسم مفعول الامشيئته اي ماتذكرون إلا ذكرا شاء اللة وقيل المعنى الا ان يفسرهم على الذكر ويلجئهم اليه لانه طبع على قلوبهم وعلم انهم لايؤمنون اختبارا وهذه قراءة نافع وقر بعضهم تذكرون بتشديد الذال وقر غيره بالمثناة التحية والتخفيف وقرىء أيضا بالتحتية والتشديد وعن بعضهم وقرأ ابو عمرو وعاصم وابن كثير يذكرون بالياء من تحت "(هو أهل التقوى) حقيق بان يطاع ويتقى عقابه وبصفاته "(وأهل المغفرة) لمن آمن واتقى قال صلى الله عليه وسلم هو أهل أنالعليا يتقي وأهل أن يغفر لمن اتقاه ‏ ٧وعنه ان الله تبارك وتعالى قال انا أهل ان ٧٦ محمد صلى الله عليه وسلم وبركة السورة أخز النصارى وأهنهم واكسر شوكتهم وغلب المسلمين والموحدين عليهم صلى الله على سيدنا محمد وآله +وصحيه وسلم ٧٧ سورة القيامة مكية وآيها تسع وثلاثون وقيل أربعون وكلماتها مائتان وتسع وتسعون وحروفها ستمائة واثنان وخمسون وعنه صلى الله عليه وسلم من قرا سورة القيامة شهدت أنا وجبريل يوم القيامة أنه كان مؤمنا بيوم القيامة وحشر مسفرا وجهه ومن قرأها على ماء عذب وشربه على الريق مليء قلبه خشوعا وخشية ومخافة لربه ويكثر من قراء تها سرا ومن كررها حفظ من الظلمة والشياطين ومن قرأها ليلا حفظ من الشياطين بسم الله الرحمن الرحيم ٭ "(لا أقسم بيوم القيامة ) لا زائدة تاكيد للقسم وزيادة لا تاكيدا له قبل مجئه ثيرة إذا كان جوابه منفيا وقيل زيدت لمجرد التوكيد ورد بان هذه تكون حشوا واجيب بأن القرآن كالسورة وقدموا غير ذلك وتأكيد القسم راجع إلى .جوابه وإن شئت فقل لتاكيد الجواب ويزاد ايضا قبل القسم الذي جوابه مثبت قال الله ادخال لاالنافية على فعل القسم مستفيض في كلامهم واشعارهم قال امرء القيس "لا وأبيك وابنه العامري ٭ لايدعي القوم اني افر وفائدتها توكيد القسم وقالوا إنها صلة مها في" لئلا يعلم أهل الكتاب " وفي قوله بئر في بئر لاحور سرا وماشعر. واعترضوا عليه انها انما تزاد في وسط الكلام لا في اوله واجابوا بأن ‏ ٧٨س القرآن في حكم سورة واحدة متصل بعضها ببعض والاعتراض صحيح لانها لم تقع مزيدة الا في وسط الكلام والجواب غير سديد ألا ترى الى امرء القيس كيف زادها في مستهل قصيدته والوجه ان يقال هي للنفي والمعنى في ذلك أنه لايقسم بالشيء إلا إعظاما له يدلك عليه قوله تعالى "فلا أقسم بمواقع النجوم وإنه لقسم لو تعلمون عظيم" فكأنه بادخال حرف النفي يقول ان اعظامي له باقسامي به كلا اعظام يعني أنه يستاهل فوق ذلك ى وقيل ان لانفي لكلام قبل ذلك كأنهم أنكروا البعث فقيل لا أي ليس الأمر على ماذكرتم ثم قيل" أقسم بيوم القيامة" فإن قلت قوله تعالى" فلا وربك لايؤمنون "والآبيات التي انشدتها للقسم عليه منها منفي فهلا زعمت ان لا التي قيل القسم زيدت موطئة للنفي بعده ومؤكدة له وقدرت للقسم عليه المحذوف هاهنا منفيا كقوله لا أقسم بيوم القيامة" لاتتركون سدى ‘ قلت لو قصروا الامر على النفي دون الاثبات لكان لهذا القول مساغ ولكنه لم يقصر الاترى كيف قال " لا أقسم بهذا البلد "الخ وقال" فلا أقسم بمواقع النجوم" الخ وقرىء لاقسم بدون الف بعد لا على أن اللام للابتداء وأقسم خبر مبتدأ محذوف اي لانا أقسم قالوا ويعضده انه في الامام بغير الف انتهى قلت قرأ قنبل بغير الف بعد لا وكذا روي النقاش عن ابي ربيعة عن البزي والباقون بألف ولاخلاف في الثاني ونقول معنى كون القرآن كسورة أنه س لايتناقض ولانسلم أن قوله "ما أنت بنعمة ربك بمجنون " جواب لقولهم ياأيها الذي نزل عليه الذكر أنك مجنون بل كلام رد به ما اعتقدوه أو نطقوا به مرارا مطلقا لابقيد كونه جوابا للفظ مخصوص وعن المغيرة بن شعبة يقولون القيمة وقيامة احدهم موته ‏_ ٧٩ وشهد علقمه جنازة فلما دفن قال اما هذا فقد قامت قيامته ومرادها ان يوم موت احدهم كيوم القيمة عليه لاتفسير الآية بذلك والا فقد اتفق المفسرون على أن المراد القيامة الكبرى لسياق الآية "( ولاأقسم بالنفس اللوامة) النفس المتقية التي يكثر أو يعظم لومها يوم القيامة لمن قصر في التقوى على تقصيره.وعن الحسن ان المراد نفس المؤمن فإنه يلوم نفسه ماذا أردت باكلي وماذا أردت بحديث نفسي ولم عملت كذا ولم تركت كذا.والكافر لايعاقب نفسه ولايحاسبها وعن بعضهم هي النفس الشريفة لاتزال تلوم نفسها وإن اجتهدت بالطاعة وتلك النفس ممدوحة على تلك الاقوال وقيل النفس التي تلوم على الخير والشر ولاتصبر على السراء والضراء تتلوم وقيل التي تتلوم على الخير والشر وتندم على ما فات ى وقيل نفس آدم عليه السلام فإنها لم تزل تلوم على ماخرجت له من الجنة ففي ذلك توبيخ وكذا على القول بأن المراد الجنس.روي عنه صلى الله عليه وسلم ليس من نفس برة ولا فاجرة الا وتلوم نفسها يوم القيامة ان عملت خيرا قالت كيف لم ازدد وإن عملت شرا قالت ياليتني كنت قصرت وقيل المراد النقس الشقية قاله ابن عباس وقتادة قال بعضهم "اقسم بيوم القيامة" تعظيما له ولاأقسم بالنفس الفاجرة تحقيرا لها ‏ ٧وقال بعضهم كل نقس متوسطة ليست بالمطمئنة ولا بالامارة بالسوء فإنها لوامة في الطرفين مرة تلوم على ترك الطاعة ومرة على ‏ ١يمحذ وف‏ ١لقسم‌ وجوا بخلصت وصفت‏ ١طمأنتفاذما سهىفوت لتبعثن دل عليه قوله "(أيح سب ا لانسان) اراد الجنس واسنادالفعل للجنس _ ٨٠ لان فيهم من يحسب وقيل جنس الكافر للبعث وقيل عدي بن ربيعة وهو الذي نزلت فيه الآية سال رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أمر القيامة فاخبره به فقال لو عاينت هذا اليوم لم اصدقك او يجمع الله هذه العظام وهو ختن الاخنس ابن شريق وهما اللذان يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم فيهما وان قلت إذا كان الجواباللهم اكفني جاري السوء وهو حليف بني زهرة. لتبعثن لزم كون المقسم به والمقسم عليه هو يوم القيامة فيكون المعنى انه اقسم بيوم القيامة على وقوع يوم القيامة قلت مثل هذا جائز على جهة التاكيد وقلب انكار المنكر فانهم انكروا القيامة وحلف بها اثباتا لها واجاب بوقوعها او المراد بيوم القيامة وقت انقضاء الدنيا وموت الناس8وزعم بعضهم عن المحققين عن القسم بهذه الأشياء قسم بربها في الحقيقة " (ان لن) ان المخففة ولن النافية "(نجمع عظامه) بعد تفريقها وكونها رميما نسفتها الرياح.اي أيحسب ان لانقدر على ذلك مع انا ابدأناها ‏ ٨وقيل المراد بالعظام جميع الجسد ولكن خص العظام لانها بعض ولانها قالب لايستوي الخلق الا باستوائها س والبناء انما يكون عليها وقيل جرى على قول المكذب من يحيي العظام وهي رميم وقر قتادة بالمثناة الفوقية والبناء للمفعول ورفع العظام وزعم بعضهم ان الجواب قوله (بلى) اي لسنا لانجمع بل نجمعها "(قادرين) حال لمحذوف كما رايته اي قادرين مع جمعها "( على ان نسوي) اي نعيد "(بنانه) اي أصابعه التي في يده ورجله أي عظامها كما كانت مع صغرها فكيف بالعظام الكبيرة وهذه مجازاة للانسان لقلة الصغير والكبير عند الله سواء أو المراد اطراف البنان فكيفعلمه والا ‏٨١ بغيرها وقيل المراد أصابع الرجل لصغرها ماخلا الابهام وهو واضح ويجوز ان يكون ذكر البناء إشارة الى اتمام خلقه حتى البنان التي هي أطراف وآخر مايتم به خلقه وقيل جمع بنانه جعلها كلها مجموعة شيئا واحدا كالكف أو جعل بنانه كل واحدة بلا مفصل فلا يمكنه البسط والقبض والثني لما يريد من الحوائج وقرىء قادرون بالرفع اي نحن قادرون وتفسير الجمع بجمع الفاني والمتشتت وهو الاول اولى لمطابقته للبعث والتفسير بجمعها كالكف أو جعلها بلا مفاصل منسوب للجمهور "(بل يريد الانسان) عطف على أيحسب والمراد الاستفهام على أن بل للاضراب عن المستفهم عنه والمراد الاخبار على أن بل للاضراب على الاستفهام "(ليفجر أمامه) اللام زائدة: لتاكيد ويفجر في تأويل مصدر مفعول يريد اي يريد البقاء على الفجور فيما يستقبل حتى يموت قاله عمر والحسن وقال ابن جبير يقدم الذنوب ويؤخر التوبة سوف أتوب سوف أتوب حتى يأتيه الموت على أسو حاله وعلمه وقال ابن عباس يكذب بما يستقبل من البعث والحساب ويدل له مابعده وقيل المراد بالفجور طول الامل يقول اعيش وأصيب من الدنيا كذا وكذا ولايذكر الموت وتكذيب الحق فجور والميل عنه فجور "(يسال أيان) متى "(يوم القيامة) سؤال تعنت وإنكار "(فاذا برق البصر) تحير فزعا من برق الرجل إذا نظر الى البرق فدهش بصره أو من البريق بمعنى لمع من شدة شخوصه وقرأ غير نافع بكسر الراء بالمعنى الاول وقرأ ابو السمئل بلق يقال يلق اي انفتح وانفرج يقال بلق الباب وابلقه وبلقه بالتخفيف واللزوم وبالتعدية واللزوم وبالتخفيف والتعدية .وروي عن عاصم انه قرأ برق بالفتح وقيل المكسور ‏٨٢ بمعنى الشخوص وذلك ان البصر يبرق عند الموت فلا يطرف لما رأى من العجائب التي كذب بها في الدنيا وقيل تبرق ابصار الكفار عند رؤية جهنم يوم القيامة وقيل عند رؤية الاهوال بعد البعث من نوبان السماء ونزول الملائكة (وخسف القمر) ذهب ضوؤه أو ذهب بعينه أو قريء بالبناء للمفعول . قال ابو عبيدة وجماعة من اللغويين الخسوف والكسوف بمعنى{ وقال ابن ابي اويس الكسوف ذهاب بعض الضوء والخسوف ذهاب جميعه وقيل الخسوف للقمر والكسوف للشمس (وجمع الشمس والقمر) في ذهاب ضوئهما أو في ذهابهما بأنفسهما يقال جمعت الشيء اي طويته واذهبته وعليه الحسنس وقيل يجمعان ويكوران اسودين كالثورين العقبرين في النار وعليه عطاء يعذب بهما من بعدهما وليعلموا انهما لاقدرة لهما وقيل يجمعان ويقذفان في البحر فيكون نار الله الكبرى وقيل يجمع ضوعهما فيبقيان بلاضوء وهو كالاول . وعن ابن عباس وعلى يجعلان في نور الحجب وقيل يجمعان بلا نور ويطلعان من المغرب فالخسوف ان اريد به تلك الحالة محمول على المحاق وقيل المراد امارات الموت فالخسوف ذهاب ضوء البصر والجمع استتباع الروح الحساسة في الذهاب او لوصوله الى من كان يقتبس منه نور العقل من مكان القدس وتذكير الفعل لتقدمه وتغليب المعطوف والا قال وجمعت الشمس والقمر "(يقول الإنسان يومئذ اين المفر) اي الفرار فهو مصدر ميمي وقرىء بكسر الفاء اي موضع الفرار فهو اسم مكان س وأجيز ان يكون المكسور ايضا مصدرا كالمرجع بكسر الجيم بمعنى الرجوع وقرأ ابن _ ٨٢٣ لاملجا وكل ما التجأت اليه من جبل اغويره فهو وزر واصله الوزر بمعني الثقل وعن الحسن كلا لا جبل ولا حرز وكانت العرب اذا اتاها الامر قالوا الجبل الجبل فيحترزون به ويحتصنون "(الى ربك) لا إلى غيره " (يومئذ المستقر) استقراز العباد فيجازون باعمالهم والى حكمه استقرار امرهم فهو مصدر ميمي وعن عبد الله بن مسعود اليه المصير والمرجع اي الاستقرار وقيل هو اسم مكان اي الى مشيئته موضع قرارهم يدخل من يشاء الجنة ومن يشاء النار "(ينبؤا) اي يخبر "(الانسان يومئذ بما قدم) من عمل عمله "(واخر) من عمل لم يعمله او بما قدم من عمل عمله وما أخر من سنة حسبنة أسويئة عمل بها بعده او بما قدم من مال تصدق به وبما اخر خلفه باول عمله وأخره والثاني قول ابن مسعود وابن عباس رضي الله عنهما والآخير مجاهد وهو رواية عن الحسن أيضا ووجه قولا قول ابن مسعود وابن عباس ان من سن سنة حسنة فله أجره وآخر كاجر من عمل بها ومن عمل سنة سيئة فعليه وزرها ووزر كوزر من عمل بها ،قال صلى الله عليه وسلم ايما داع دعا الى ضلالة فاتبع عليها كان عليه مثل وزر من اتبعه ولاينقص ذلك شيئا من أوزارهم0وعن ابن عباس بما قدم من المعصية وأخر من الطاعة وقيل بما قدم من ماله لنفسه وأخر من ماله لورثته (بل الإنسان على نفسه بصيرة) التاء للمبالغة لاللتانيث اي الانسان بصير على نفسه اي شاهد عليها كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا" وعلى متعلق ببصيرة او بصيرة بمعنى حجة بينة مبصرة ووصفها بالبصر مجازا وعلى متعلق بمحتوف من حال من بصيرة والتاء للتانيث ويصيرة خبر على الوجهببن ويجوز أن بكون ‏_ _ ٨٤ الاصل بل الانسان على نفسه رقباء بصيرة فعلى متعلق بمحنوف خبر بصيرة وبصيرة مبتدا ثان نعت لمحذوف وتاؤه للتانيث والجملة خبر الانسان والرقباء جوارحه وحفظته وقيل المراد عين بصيرة "(ولو القى معاذيره) اي ولو جاء يكل مايمكن ان يعتذر به عن قبائحه جمع معذرا وهو العذر وهو جمع على القياس ى قال الضحاك والسدي المعاذير الستور بلغة اليمن يقولون للستر المعذار ،وقال الجمهور جمع معذرة على غير قياس كالمناكير في المنكر فان القياس معاذر بترك الياء وقيل اسم جمع وقول الضحاك اولى قال المعنى ولو ارخى ستوره والستر يمنع رؤية المحتجب كما تمنع المعذرة عقوبة الذنب وذلك ان الكافر ينكر يوم القيامة فتشهد عليه جوارحه وغيرها وتكذب عذره " (لاتحرك) يامحمد "(به) بالقرآن بدليل السياق "(لسانك) قبل ان يتم وحيه " (لتعجل به ) لتاخذه على عجلة مخافة ان ينقلت منك زعم من زعم ان الآية نسخت معنى بقوله تعالى" سنقرؤك فلاتنسى الاماشاء الله "(ان علينا جمعه) .في صدرك "(وقرآنه) اثبات قراء ته في لسانك وهذا تعليل استئنافي لقوله "لاتحرك" ويجوز كون قران بمعنى ثبوت قراء ته والما صدق واحد وعن الحسن ان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا نزل عليه القرآن اتعب نفسه مخافة ان ينساه فنزلت" لاتحرك به "الخ وعن الكلبي اذا أعلمه جبريل شيئا من القرآن لم يفرغ جبريل من آخر الآية حتى يتكلم النبي صلى الله عليه وسلم بأولها مخافة ان ينساها فنزل "سنقرؤك فلاتنسى الاماشاء الله "امره .ان ينصت حتى يفرغ جبريل ولايحرك شفتيه مادام جبريل يقرء صلى الله عليه وسلم وقيل كان كلما قال جبريل شيئا حرك به لسانه وكان بعد ذلك _ ٨٥ لايقرأحتى يفرغ جبريل0وقيل المراد دع عنك جمعه وقرانه فانهما علينا وخذ في العمل اما في حين النزول فلايصح هذا القول لان المحل محل استماع لامحل عمل واما بعد ذلك قصحيحح وقال ابوعبدالله محمد بن اسماعيل في صحيحه قوله "ان علينا جمعه وقرانه " اي تاليف بعضه الى بعض ٭(فاذا قرأناه) عليك بلسان جبريل (فاتبع قرانه) أي قراء ته أي إقرأه كما قرأه حتى يرسخ في ذهنك وعن ابن عباس اعمل به وقيل استمع له وعليه فالمراد بقوله قراعناه شرع جبريل في قراء ته "(ثم ان علينا بيانه) بيان ما أشكل عليك من معانيه وفيه اشارة الى انه كان يعجل في التفهم والسؤال عن المعنى كما كان يعجل في الحفظ حرصا كما نرى بعض من كان يحرص ولاسيما الضرير ودليل على جواز تاخير البيان عن وقت الخطابس وقال أبو عبد الله محمد ان علينا بيانه للناس على لسانك وعن الحسن نجازى على مافيه من الوعد والوعيد وذلك اعتراض بين اجزاء الكلام على الآخرة تاكيدا للتوبيخ على حب العاجلة لان العجلة إذا كانت مذمومة في ماهو أهم الأمور وأصل الدين فكيف في غيره أو اعترض بذلك لوقوعه في اثناء نزول هذه الآيات . وعن بعضهم ان تلك الآية تضمنت الاعراض عن آيات الله وهذه تضمنت المبادرة اليها بحفظها وقيل الكلام مع الإنسان المذكور اي يتلجلج لسانه من سرعة قراءة كتابه خوفا يقال له لاتحرك به لسانك لتعجل به فان علينا جمع مافيه من اعمالك وقراء ته فاذا قراناه فاتبع قراء ته بالاقرار والتامل فيه ثم ان علينا بيان امره بالجزاء عليه وان قلت كيف قال علينا وهل من واجب على الله قلت هذا غير من عزيز في القرآن والمراد وقوع الجمع والقراءة ولابد كما ‏_ _ ٨٦ ان ماوجب عليك لابد ان تفعله "(كلا) ردع للرسول عن عادة العجلة أو للانسان عن الاغترار بالعاجل0وقيل كلا بمعنى حقا وقيل بمعنى الا الاستفتاحية ومعناهما واحد لان كلا منهما للتحقيق والتوكيد لمضمون الجملة غير ان الا تدل على التنبيه وتقع في الاستفتاح وتكسر همزة ان بعدها ولابد "(بل تحبون العاجلة) اي الدنيا وشهواتها "(وتذرون الآخرة) لاتعملون لها تعميم للخطاب اشعارا بأن بني آدم مطبعون على الاستعجال في كل شيء ومن ثم تحبون العاجلة وتذرون الآخرة .وقيل الخطاب للمشركين او للانسان على أن المراد به الجنس بدليل ضمير الجمع ويدل له قراعءة ابن كثير وابن عامر والبصريين يحبون ويذرون بالمثناة تحت قال الغزالي في الأحياء اعلم ان راس الخطايا المهلكة هو حب الدنيا وراس اسباب النجاة هو التجافي بالقلب عن دار الغرور وقال انه لاوصول الى سعادة لقاء الى الله سبحانه في الآخرة الا بتحصيل محبته والأنس به في الدنيا ولاتحصل المحبة ألا بالمعرفة ولاتحصل المعرفة الا بدوام الفكر ولايحصل الانس الا بالمحبة ودوام الذكر ولاتتيسر المواضبة على الذكر والفكر الا بانقلاع حب الدنيا من القلب ولاينله ذلك الابترك لذات الدنيا وشهواتها ولايمكن ترك الشهوات الابقمع الاشتهاء ولاتنقمع الشهوات بشيء كنار الخوف المحرقةللشهوات "(وجوه يومئذ تاضرة) اي ناعمات بضاد معجمة غير مرتفعة س وقال ابن عباس النضارة الحسن وقيل فرحة بالنعيم وقيل مقسره مضيئة وقيل بيض والمراد بالوجوه الاجساد بجملتها لا الوجوه فقط: عبر باسم البعض عن الكل خيرونا ضرةمتعلق ينا ضرهويوملزينةمعظموخصص ا لوجه لانه ‏_ ٨٧ ومسوغ الابتداء بالنكرة التفصيل "(الى ربها) لا الى غيره كما يفيده التقديم "(ناظرة) منتظرة اي ينتظر اصحابها رحمة الله ويرجونها لايتوقعون النعمة والكرامة الا من الله كما لايخشون ولايعبدون في الدنيا الا إياه والنظر كثيرا مايتعدى بإلى ويكون بمعنى الانتظار ومنه والبحر دونك زدتني نعماوإذا نظرت اليك ملك قال جار الله سمعت سروية مستجدية بمكة وقت الظهر حين يغلق الناس أبوابهم ويأوون الى مقايلهم تقول عيني نويظرة الى الله واليكم وقال الشاعر: الى الرحمن تنتظر الخلاصاوجوه ناظرات يوم بدر وروي الى الرحمن ياتي بالفلاح فتراه قال نظرت اليك والبحر دونك فتبين أن النظر بمعنى الانتظار فانه لايراه من جانب البحر الى الجانب الآخر ولم يرد بحر النيل او غيره من البحور التي يرى من بجانبها من الجانب الآخر كبحر طنجة وكالفرات لان المقام مقام التعظيم وتراها قالت نويظرة اليكم مع قد ارخوا الستور وايضا قالت نويظره الى الله ومعلوم انه لايرى في الدنيا عند معظم الخصماء كما لايرى عندنا ايضا في الآخرة فقد ثبت تعدية النظر بمعتى الانتظار بالى لا كما زعم الخصم انه يتعدى بنقسه ابدا ولايقال لو كان النظر بمعنى الانتظار لم يسند الى الوجه لان الانتظار ليس بالوجه لانا تقول كمامر الوجه بمعنى الجملة وقد اسند النظر اليه لان المراد الجملة كما تطلق الرقبة على الجملة وهذا كثير في القرآن واضح كقوله "فتحرير رقبة " لاغير واضح ولاغير ظاهر كما زعم بعض وان قلت الذي في البيت بمعنى السؤال قلت نعم وكفى به حجة عليك فان انتظار الرحمة سؤال لها فهو في _ ٨٨ الآية بمعنى السؤال وعدي بإلى لتضمنه معنى الانهاء اي انهينا اليك آمالنا واوصلنا اليك وماقيل من انه لو كان في البيت بمعنى الانتظار لما قال زدتني نعما لان الانتظار لايستعقب العطاء ممنوع بان المراد المبالغة في المدح حتى ان انتظار الممدوح كسؤاله وايضا الكلام على المجاز وايضا لو كان المراد في الآية البصر لما حصره في الرب حاشاه فان في المحشر اهو الا يبصرها الباصر ولايقال هذا ليس في كل الاحوال حتى ينافية نظرها الى غيره لانا نقول قوله يومئذ دليل ان ذلك في كل الاحوال وهذا ظاهر لايعدل عنه الا بدليل كما اذا قلت لبثت يوما حمل على لبثه كله إلا لقرينة ولما اطلع بعضهم على مواضع من التنزيل وغيره تعدى فيها النظر بمعنى الانتظار بنفسه لا بالى زعم انه ابدا يتعدى بنفسه وخطأ من قال أنه يتعدى أيضا بالى وهو الخاطيء وأما ما روي عنه صلى الله عليه وسلم من انكم ترون ربكم يوم القيامة عيانا لا تضامون في رؤيته كما تضامون في رؤيته القمر ليلة البدر ولاقي رؤية الشمس ليس دونها سحاب وتضامون بفتح التاء وقد تضم وتشديد الميم اي تزدحمون او بضمها وتخفيف الميم اي لاينالكم ظلم فيراه يعض دون بعض وروي الا تضارون وهو كذلك وماروي عنه ان اكرمهم على الله من ينظر في وجهه غدوة وعشية وماروي أنه يكشف الحجاب قما اعطوا شيئا احب اليهم من النظر الى ربهم فان ذلك كله كذب عن الراوي وكذب عنه صلى الله عليه وسلم فان ذلك ينافي قوله تعالى لاتدركه الابصار وقد قال ماجاعكم عني وخالف كتاب الله فليس عني لو تصور شيطان بصورة الصحابي فذكر لهم ذلك ومارووه عن ابن عباس والحبسن كذب عنهما ‏٨٩ وان صح فالنظر بمعنى العلم بوجوده وقولهم عيانا زيادة منهم في الحديث ان كان الحديث ثابتا وقد ذكر السعد الحديث عن احد وعشرين من اكابر الصحابة ولم يذكر فيه عيانا وان ص لفظ عيانا فالمعنى العلم الصحيح الذي كعلم الشيء بالمعاينة وعن بشير عن الضحاك عن ابن عباس أنه خرج ذات يوم فاذا هو برجل يدعو ربه شاخصا بصره الى السماء رافعا يديه فوق رأسه فقال له ابن عباس ادع ربك باصبعك اليمني وسل بكفك اليسرى وأغمض بصرك وكف يدك فإنك لن تراه ولن تناله فقال الرجل ولا في الآخرة فقال ولا في الآخرة فقال الرجل وما وجه قول الله تعالى" وجوه يومئذ ناضرة الى ربها ناظرة" قال ابن عباس ألست تقرأ" لاتدركه الابصار وهو يدرك الابصار" قال ابن عباس ان أولياء الله تنضر وجوههم يوم القيامة والنضرة هي الاشراق ثم ينظرون الى ربهم متى ياذن لهم في دخول الجنة بعد الفراغ من الحساب" كما ان" قوله ووجوه يومئذ باسرة "الخ بمعنى انها كالحة تنتظر العذاب س وكذا عن افلح بن محمد عن ابي معمر السعدي عن علي بن ابي طالب وعن مكنف المدني عن ابي حازم عن محد بن المنكدر مارايت أحدا له عقل يقول ان الله يراه أحد من خلقه" لاتدركه الابصار وهو يدرك الابصار" وقال الذين لايرجون لقاء نا" لولا انزل علينا الملائكة او نرى رينا بنا لقد استكبروا في انفسهم وعتوا عتوا كبيرا "وعن مكلف جلست عند مالك بن أنس فساله سائل هل يرى الله احد من خلقه فتلا " لاتدركه الابصار" وقال" الذين لايرجون " وعن ابي نغيم عن أبي اسحاق الشعبي عن سعيد بن جبير عن نافع بن الازرق سئل ابن عباسن عن قوله تعالى "الى ربها ناظرة" قال _ _ ٩٠ ينظرون الى رحمته وثوابه" لاتدركه الابصار" وكذا قال مجاهد وابراهيم ومكحول والزهري وسعيد بن المسيب وعطاء وسعيد بن جبير والضحاك وابو صالح صاحب التفسير وعكرمة ومحمد بن كعب وعائشة0وعن الحسين ناظرة الى سلطان ربها وقدرته وتدبيره وروى ماتقدم عن مجاهد والفضيل بن عياض وجليل بن عبد الحميد الطائي وعمار بن اخت سفيان الثوري ومنصور بن المعتمر بن سليمان عن ابيه عن وكيع بن الجراح واسباط بن محمد عن يحيى بن ابي زكريا بن زياد عن اسرائيل بن يونس وعيسى بن يونس عن ليث وهو الراوي عن مجاهد وسئل صلى اللة عليه وسلم هل يرى ربه فقال سبحان الله واني اراه اي كيف اراه فانكر رؤيته وان قلت هذا في الدنيا قلت ` هي والآخرة في مثل هذا سواء كما تراه في تفسير الانعام وعن سفيان بن عيينة عن الأعمش عن ابي راشد ان مولاة لعتبة بن عمير قالت انما انظر الى الله واليك فقال لها لاتقولي كذلك ولكن قولي انما انظر الى الله ثم اليك فاقراها على تعدية النظر بمعنى الانتظار بالى وعلى قولها الى الله لانها ارادت انتظار الرحمة والاحسان كما يعلم من المقام فانها في استعطاف ونهاها عن الجمع بين الله وغيره في الانتظار ومظه غيره كما قالوا انما يقال توكلت على الله ثم على فلان لا وعلى فلان . وكذلك روي عن معاذ ان الله تعالى لايراه احد فثبت ان معنى قوله "الى ربها ناظرة" انها منتظرة وملتجئة الى رحمته والنظر على أصله مراد به النظر الى الرحمة من الحوض وملائكة الرحمة والجنة فيقدر مضاف وهذا كقوله " ألم تر الى ريك " " ألم تر الى الذي حاج ابراهيم " ألم تر الذين خرجوا من ‏٩١ ديارهم" وهو صلى الله عليه وسلم لم يرهم بعينه وقال " او لم ير الانسان انا خلقناه من نطفة ولقد كنتم تمنون الموت من قبل ان تلقوه فقد رأيتموه" . وتقول رأيت فلانا عالما وفاهما ورأيت له ادبا وعقلا ومعرفة وقال الكميت: وقال له رأيت الله اهلك قوم عادرأيت الله إذ سمى نزارا وليس في ذلك مايراه البصر ويقابل الآية " انهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون ` وقد فسره ابن عباس وعلي ومجاهد بانهم منعوا من الرحمة واعظم الحجج ان الرؤية تستلزم اللون والله لايوصف به وتستلزم الادراك وهو لايدرك والاحاطة ولو نوعا من الاحاطة وقد قال " ولايحيطون به علما" وخلق الاماكن منه والتحيز جانبا والحلول وكونه تحت شيء وفوق شيء والجهات وذلك كله من صفات الخلق تعالى عنها. وقد قالت عائشة من زعم أن محمدا رآى ربه فقد اعظم الفرية وأمر الاخرة في هذا كأمر الدنيا وقد زعم المخالفون ان ابن عباس قال إنه صلى الله عليه وسلم رأى ربه بعين رأسه وهذا كذب منهم عنه .وروي عنه ان الله جعل بصر سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم في فؤاده فرأى ربه به:والرؤية بالقؤاد لاتكون الاعلما ومثل هذا للغزالي وبقية الكلام في سورة الأنعام "(ووجوه يومئذ باسرة) عابسة عبوسا عظيما متغيرة مسودة لاياسها من رحمة الله وذلك حين يميز بين أهل الجنة وأهل النار ،الباسرة اشد من العابسة والباسلة اشد من الباسرة لكن غلب من الباسل في الشجاع اذا اشتد كلوحه (تظن) تتيقن أو تتوقع "(ان يفعل بها فاقرة) نائب الفاعل وذكر لظهوره وكون تأنيث مجازيا وايضا قد فصل اي ان يفعل بها داهية تكسر فقار الظهر كما ٩٢ انتظرت الوجوه الناظرة الى ربها كل خير قاله مجاهد و الفاقرة مذكر والتاء للمبالغة اي فعل فاقر .وقال الكلبي الفاقرة مصيبة خقفة لعظمها منكرة وقيل شر وقيل دخول النار وقيل الحجب عن رحمة الله ورضاه قال ابوعبيدة من فقرت البعير وسمت انفه بالنار "(كلا) ردع عما يوجب الفاقرة من ايثار العاجلة على الاجلة او بمعنى حقا او بمعنى الا "(إذا بلغت) اي النفس بدليل السياق قال حاتم: إذا حشرجت نفس وضاق بها الصدرأماوي يغني الثراء عن الفتي أي ترددت في الحلق (التراقي) أعالي الصدر وهي عظام مكتنفة لثغرة النحر عن يمين وشمال موارية للجلاقيم والمفرد ترقوة ولكل احد ترقوقان ولكنه جمع باعتبار الجنس في النفس او يقدر الفاعل جمعا اي بلغت النفوس او اقل الجمع اثنان تحقيقا او مجازا وجواب إذا محنوف يقدر بعد المعطوفات اي تيقن ان الامر ماقلنا او أعلم جزاءه أو سيق الى ربها س والآية كناية عن حشرجة النفس ونزاع الموت يسره الله علينا بمنه وجعله لنا راحة من كل شر ذكرهم الله صعوبة الموت الذي هو أول مداخلة الآخرة حين تبلغ الروح التراقي ودنا زهوقها " (وقيل) قال من حضره (من) مبتدأ خبره مابعده أو بالعكس س وراق كقاض يقدر الرفع على الياء المحذوفة للساكن (راق) أيكم يرقيه اي يدعو وينفث مثلا ليشتفى أو أيكم يطب ويداوي قاله ابن عباس وجماعة وقيل تقول ملائكة الموت أيكم يرقى بروحه أملائكة الرحمة أم ملائكة العذاب قاله سليمان التيمي ومقاتل وهو رواية عن ابن عباس وقيل تقول من يرقى بعمله ويبحث بأن عمله قد رقي به قبل وقيل يقول الله من راق ‏٩٢٣ منكم فيشفيه ويزيل عنه قضاء نا لا يا رب "(وظن) أيقن الذي بلغت روحه التراقي "(!نه) اي الذي نزل به او بلوغ النفس الترقوتين (الفراق) المعهود المتوقع فراق الدنيا المحبوبة والاهل والولد (والتقت الساق بالساق) التوت إحدى ساقيه بالأخرى فلايستطيع تحريكهما وعن قتادة ماتت رجلاه فلا تحملانه وقد كان عليهما جوالا .وعن سعيد بن المسيب هما ساقاه تلفان في اكفانه وقيل تقع احداهما على الأخرى بضرب واحدة بالاخرى عند النزع وقيل الساق كناية عن عظم الامر فقيل مفارقة الدنيا بشدة الموت وقيل مفارقتها باقبال الآخرة ى قال ابن عباس هو في آخر دنياه وأول آخرته وقيل شدة الموت بشدة الآخرة وقيل تتابعت عليه الشدائد لايخرج من واحدة الا دخل أشد منها وقيل الناس يجهزون جسده والملائكة يجهزون روحه "(الى ربك) لا إلى غيره " (يومئذ المساق) مصدر ميمي اي السياق يسوقون الى الله وحكمه "(فلا صدق) مايجب تصديقه كالقرآن والرسل والضمير للانسان السابق والعطف بالفاء على" يسأل إيان يوم القيامة "اي لايؤمن بالبعث فلا صدق وأدخل لا على الماضي الخبري لتكررها0وقيل لاصدق ماله اي زكاه والاول أولى وقيل هذه في ابي جهل .ونسب للجمهور وقيل الانسان المذكور أبو جهل وأريد هنا أيضا أبو جهل ويصح أن يكون استئنافا والضمير للذي بلغت روحه الترقوتين جاء على طريق الدعاء على هذا الذي لم يتنبه حتى بلغت ترقوتيه "(ولاصلى) مافرض عليه ولاتدخل لا النافية على الماضي الخبري إلا أن تكررت إلا ماشذ.ولايقاس عليه على الصحيح “(ولكن كذب) بالقرآن (وتولى) عن الإيمان والطاعة "(ثم ذهب إلى أهله) قومه أو أهل بيته ‏٩٤ "(يتمطى) يتبختر في مشيه إعجابا وافتخاراً وأصله يتمطط أي يتمدد لأن المتبختر يمد خطاه أبدلت الطاء الأخيرة ألفا . قال صلى الله عليه وسلم إذا مشت أمتي المطيطا وخدمتهم فارس والروم فقد .جعل بأسهم بينهم وقيل من المطا وهو الظهر لأنه ينثنى في مشيته ث قيل ويمد منكبيه قيل كادت الآية تصرح بأبي جهل فإنه كان يتمطى في مشيته " (أولى لك فأولى) جاء على طريق الالتفات من الغيبة الى الخطاب مبالغة في التهديد والوعيد اي ويلا لك فويلا والثاني تأكيد للأول فهو مفعول مطلق محذوف وقيل اسم فعل ومعناه وليك ماتكره س وعليه فاللام زائدة للتبين وكذا أن جعل مفعولا مطلقا بمعنى وليا لا ويلا أو هو مبتدأ كما يجعل الويل مبتدأ فاللام متعلقة بمحذوف خبر المبتدأ س وذلك على القولين من عطف التوكيد اللفظي بالفاء وقال ابن هشام يختص بثم.وعليه فأولى الثاني خبر لمحتوف اي فهو أولى لك من غيره أي الويل أو ماتكره أولى لك فالجملة مستأنفة أو معطوفة غير مؤكدة وعن بعضهم أولى أفعل من الويل بعد القلب كأدنى من دون أو فعلى من آل يؤل بمعنى عقباك النار "(ثم أولى لك فأولى) عطف جملة" أولى لك "بثم على" أولى لك "عطف توكيد لفظي وكذا ان قلنا أولى فعل اي اولاك الله ماتكره فزاد اللام في المفعول.كقوله تعالى " لردف لكم" . والعرب تستعمل هذه الكلمة في الزجر ويروى أن النبي صلى الله عليه وسلم لبب ابا جهل يوما في البطحاء وقال له:إن الله يقول "أولى لك فاولى" ثم "اولى لك فأولى" فنزل بها القرآن0وقيل المعنى لك الويل مرة بعده مرة فلا تاكيد.وعن قتادة لما نزلت لببه وقالها فقال أتوعدني يامحمد والله ماتستطيع . ٩١٥ انت ولاربك ان تفعلا بي شيئا وإني لأعز من مشي بين جبليها . وروي أنه قال فاجتهد أنت وربك يامحمد جهدكما فلما كان يوم بدر صرعه الله شر صرعة وقتله أشد قتلة ‏ ٧وكان صلى الله عليه وسلم يقول لكل أمة فرعون وفرعون هذه الأمة أبو جهل0وقيل قال ذلك فنزلت الآية "(أيحسب) يظن أو يعلم "(الانسان ان يترك سدى) مهملا لايكلف ولايجازى ولايبعث فهذه دلالة على الحشر وإنكار على منكرها لأن الحكمة تقتضي الأمر بالمحاسن والنهي عن القبائح والتكليف لايتحقق إلا للمجازاة وهي قد لاتكون في الدنيا فتكون في الآخرة قاله القاضي "(ألم يك نطفة) ماء قليلا مخصوصا "(من مني يمنى) تصب في الرحم وقرأ يمنى بالمثناة تحت عودا على المني كان نطفة منتنة فكيف يتكبر ويتمرد "(ثم كان علقة) دما جامدا " (فخلق) اي قدر.وقيل فخلق منها الانسان "(فسوى) اي فسواه وعدله وحذف المفعول للفاصلة0وقيل نفخ فيه الروح وكمل اعضاءه "(فجعل منه) اي من الانسان "(الزوجين) الصنفين "(الذكر والانثى) . ل استدلال آخر بالابداء على الإعادة على مامر تقريره ولذلك رتب عليه قوله (أليس ذلك) الذي أنشأ هذا الإنشاء "(بقادر على أن يحيي الموتى ) .وكان صلى الله عليه وسلم إذا قرأها قال سبحانك بلى وقيل يقول بلى0وقيل يقول سبحانك اللهم وبحمدك بلى ث وكان يأمر بأن يقال ذلك إذا تليت وكان رجل يصلي فوق بيته ويقرأها ويقول سبحانك بلى فسئل فقال سمعته صلى الله عليه وسلم يقول ذلك ولفظ سبحان يكتب بألف وبعدمه0والنطق بها لابد منه ٩٦ وكذا الاعلام المشتهرة وامال الكسائي الفواصل من قوله صلى الى آخر السورة . وقرأ ورش وأبو عمر وبين بين وأخلص الباقون الفتح اللهم بحق نبينا محمد صلى الله عليه وسلم علينا وحق السورة أخز النصارى وأهنهم واكسر شوكتهم وغلب المسلمين والموحدين عليهم صلى الله على سيدنا محمد وآله وصحيه وسلم ٩٧ الانسانسورة وسورة "هل أتى" مكية عند ابن عباس وعطاء بن يسار ومقاتل ومدنية عند مجاهد وقتادة والجمهور وقال الحسن وعكرمة" ولاتطع منهم آثما أو كفورا " مكى والباقي مدني وقيل من أولها الى قوله "إنا نحن نزلنا عليك القرآن تنزيلا" مدني ومنه إلى آخرها مكي وقيل مدنية إلا "فاصير لحكم ربك" وآيها إحدى وثلاثون وكلماتها مائتان وأربعون وحروفها ألف وأربعة وخمسون وعنه صلى الله عليه وسلم من قرأ سورة هل أتى كان جزاؤه على الله جنة وحريرا وقالوا من أكثر قرأتها ثبت اليقين في قلبه وجرت الحكمة على لسانه " بسم الله الرحمن الرحيم (هل) قال ابن عباس بمعنى قد وكذا الكسائي والفراء والمبرد يعنون قد التحقيقية والتقريبية.وقال جار الله هل ابدأ بمعنى قد وهمزة الاستفهام مقدرة قبلها وان قد هنا للتقريب والهمزة قبلها للتقر ير أي اتى على الانسان زمان قريب لم يكن فيه شيئا مذكورا بل نطفة في الرحم ان اريد الجنس أو طين أن أريد آدم إذ كان طينا معجونا أو مصورا غير منفوخ فيه والأصل أهل بدليل قوله " أهل رؤنا بسفح القاع ذي الاكمسائل فوارس يربوع بشدتنا والظاهر انها للاستفهام التقريري.قال ابن هشام وبالغ الزمخشري فزعم انها ابدأ بمعنى قد وأن الاستفهام مستفاد من همزة مقدرة معها ونقله في ٩٨ المفصل عن سريوبيه4فقال وعند سيبويه انها ا يد ا بمعنى قد الا أنهم تركوا الالف قبلها لأنها لاتقع إلا في الاستفهام.وقد جاء دخولها عليها في قوله انتهى ولو كان كما ذكر لن تدخل الا على الفعل كقد ولم أر في كتاب سيبويه مانقله عنه . انما قال في باب عدة مايكون فيه الكلم مانصه وهل وهي للاستفهام لم يزد على ذلك وقيل قد في الآية للتوقع وكأنه قيل لقوم يتوقعون الخبر عن "ما آتى على الانسان "وهو آدم عليه السلام قال والحين زمن كونه طينا .وفي تسهيل ابن مالك أنه تتعين مرادفة هل لقد اذا دخلت عليها الهمزة يعني كما في البيت ومفهومه أنها لاتتعين لذلك إذا لم تدخل عليها بل قد تأتي لذلك كما في الآية وقد لا تأتي له أو أراد أنها اذا لم تدخل عليها الهمزة احتملت الاستفهام ومرادفة قد وقد عكس قوم ماقاله الزمخشري فزعموا ان هل لا تأتي بمعنى قد اصلا قال ابن هشام وهذا هو الصواب عندي إذ لا متمسك من اثبت ذلك الا أحد ثلاثة أمور. أحدها تفسير ابن عباس رضي الله عنهما ،ولعله اراد أن الاستفهام في الآية للتقرير وليس باستفهام حقيقي،أو قد صرح بذلك جماعة من المفسرين فقال بعضهم هل هنا للاستفهام التقريري والمقرر به من أنكر البعث وقد علم انهم يقولون نعم قد مضى دهر طويل لا إنسان فيه فيقال لهم فالذي احدث الناس بعد أن لم يكونوا كيف يمتنع عليه أحياء هم بعد موتهم وهو معنى _ ٩٩ قوله تعالى" ولقد علمتم النشأة الأولى فلولا تذكرون" أي هلا تذكرون فتعلمون ان من انش شيئا بعد أن لم يكن قادر على إعادته بعد موته انتهى.وقال آخر مثل ذلك الا أنه فسر الحين بزمان التطوير في الرحم فقال المعنى ألم يأت على الانسان حين من الدهر كانوا فيه نطفا ثم علقا ثم مضغا الى أن صاروا شيئا مذكورا.وكذا قال الزجاج الا أنه حمل الانسان على آدم عليه السلام فقال المعنى ألم يأت على الانسان حين من الدهر كان فيه ترابا وطينا الى ان نفخ فيه الروح انتهى وقال بعضهم لاتكون هل للاستفهام التقريري وإنما ذلك من خصائص الهمزة0وليس كما قال وذكر جماعة من النحويين أن هل تكون بمنزلة ان في افادة التاكيد والتحقيق يعني فهي عندهم في التاكيد ابلغ من قد وحملوا على ذلك "هل في ذلك قسم لذي حجر" وقدروه جوابا للقسم وهو بعيد .والدليل الثاني قول سيبويه الذي شاقه العرب وفهم مقاصدهم وقد مضى ان سيبويه لم يقل ذلك . والثالث دخول الهمزة عليها في البيت والحرف لايدخل على مثله في المعنى وقد رأيت عن السيرافي في الرواية الصحيحة ام هل وام هذه منطقه بمعنى بل فلا دليل.وبتقدير ثبوت تلك الرواية فالبيت شاذ يمكن تخريجه على أنه من الجمع بين حرفين بمعنى واحد على سبيل التوكيد كقوله " ولاالمما بهم ابدا دواء " بل الذي في البيت أسهل لاختلاف اللفظين وكون احدهما على حرفين كقوله: انتهى كلام ابن هشام( .أتى) مر "(على الانسان) قيل آدم وقيل الجنس ١٠٠ وقيل الصحيح المراد الجنس لسلامته من الخروج عن القاعدة التي هي ان المعرفة المعادة عين الأولى والجواب ان ها هنا قرينه واضحة كالشمس فلا يتوهم لبس "(حين من الدهر) مدة منه قليلة ويوافقه قول من قال هل بمعنى قد التقريبية وقيل المدة هذه قدر أربعين سنة من سنيننا وقيل ستة أشهر . وقيل بقي أربعين سنة طينا وأربعين سنة حماء مسنونا وأربعين سنة صلصالا كالفخار فتم خلقه بعد مائة وعشرين سنة . وعن أنس عنه صلى الله عليه وسلم صور الله آدم في الجنة وتركه ماشاء الله في الجنة فجعل ابليس يدور به وينظر فلما رأه أجوف أي ذا جوف أي بطن أو رأي داخله خاليا علم أنه خلق لايتمالك اي لايحبس نفسه عن الشهوات وقيل لايملك دفع الوسواس عن نفسه وقيل لايملك نفسه عند الغضب.والذي حفظناه مشهورا أنه خلق في الدنيا وحملته الملائكة الى الجنة بعدما نفخ فيه الروح "(لم يكن شيئا مذكورا) لايذكر ولايعرف ولايدري ما اسمه ولا ما يراد به س وذلك قبل أن ينفخ فيه الروح كان شيئا غير مذكور .وسمع عمر رجلا يقرا الآية هذه" لم يكن شيئا مذكورا" فقال عمر ليتها تمت اي ليته بقي على ماكان عليه والضمير لتلك الحالة وهي كونه غير مذكور ولم يخلق ولم يكلف . وروي عن أبي بكر واين مسعود مثل هذا وعن عمر انه قرأها رافعا صوته فقال ياليتني مت قبل هذا كانه أراد ليتني عدمت ولم أخلق أو أراد أن الانسان في الآية الجنس فتمنى أن يكون نطفة غير مخلقة فلايخرج للوجود ١٠١ فيبلغ التكليف وهذا هو الظاهر.وعنه أنه قال ياليتني كنت هذه النيتة لنبتة أخذها من الارضس وياليتني لم تلدني أمي ،ياليتني كنت نسيا منسيا ياليتني لم أكن شيئا.والجملة حال من الانسان أو نعت لحين والرابط بين النعت والمنعوت محذوف اي مذكورا فيه ‏ ٠وهذا الجار المقدر معلق بمذكور أو ليكن أو نعت لشيئا0ويدل على أن الانسان الجنس قوله "(إنا خلقنا الانسان من نطفة) فان الانسان في هذه الآية الجنس لأن آدم من الطين لا من النطفة فيكون ذكر كل أحد ونبهه بما هو نفسه وبما خلق منه.فمعنى كونه أتي عليه حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا أنه مضى عليه زمان وهو في الاصلاب لايذكر ولايعرف أو مضى عليه وهو في الرحم نطفة ثم علقة ثم مضغة وذلك لابعين إرادة الجنس بالانسان المذكور.أو لا لجواز ان يذكر او لا حال ابينا آدم ثم ذكر احوال بنيه "(أمشاج) اخلاط جمع مشج أو مشيج يقال مشجت الشيء إذا خلطته ى والمراد مجموع مني الرجل والمرأة وكل منهما له أجزاء في الرقة والقوام والخواص.قمن هذا صح الجمع ولكونه أجزاء تختلف اعضاؤه وقيل الوان فان ماء الرجل أبيض وماء المرأة أصفر فإذا اختلطا أخضرا ى وقيل اطوار فان النطفة تصير علقة ثم مضغة الى تمام الخلق وعن قتادة الوان واطوار.وعن ابن مسعود عروق النطفة وعن ابن عباس ماء الرجل وماء المرأة يختلطان في الرحم فيكون منهما الولد فماء الرجل أبيض غليظ وماء المرأة أصفر رقيق فايهما علا صاحبه كان الشبه له والعصب والعظم من ماء الرجل واللحم والدم والشعر من ماء المرأة وقيل كل ١٠٢ لونين اختلطا فهما امشاج وقيل الحرارة والبرودة والرطوبة واليبوسة فهي نطفة ذات أمشاج . وقيل أمشاج مفرد كبرمة اعشار وبرد اكياش اي اعيد غزله كالخز والصوف أو هو الردى أو من برود اليمن يغزل مرتين وعن بعضهم أن ذلك كله من نعت المفرد بالجمع واجيب بان النطفة لما كانت من أشياء كل منهامشيج والبرمه من اعشار هي قطعها والثوب من قطع كل منها خلق كان كل من الثلاثة مجموع اجزاء فجاز وصفه بالجمع والظاهر أنه مفرد في قول من قال كل لونين اختلطا فهما امشاج (نبتليه) نختبره بالامر والنهي حال من نا اي ميتلين له مريدين اختباره أو ناقلين له من حال الى حال٬‏ فاستعار الابتلاء للنقل والحال مقدرة مثل مررت برجل له صقر صائدا به غدا الا على التاويل بالارادة .فالحال مقارنة. وعن ابن عباس ماذكر ننقله من حال الى حال في بطن امه نطفة ثم علقة . ويجوز كون الجملة مستانفة " (فجعلناه سميعا بصيرا) الفاء عاطفة سببية فان الجعل سمعيا بصيرا كانه مسبب عن الابتلاء لأنه جعله كذلك ليشاهد الدلائل ويسمع الآيات وزعم بعضهم أن في ذلك لتقديما وتأخيرا اي جعلناه سميعا بصيرا فنبتليه وهو تعسف وقيل المعنى أنا خلقنا الانسان من هذه الامشاج للابتلاء والامتحان وخص العضوين بالذكر لانهما اعظم الحواس وقيل المراد الفهم والتمييز(" .أنا هديناه) بينا له وأريناه "(السبيل) سبيل الحق والباطل والهدى والضلالة والخير والشر،وقيل المراد نصب الدلائل وبعثة الرسل وانزال الكتب "(إما شاكرا وإما كفورا) الشاكر المؤمن والكفور ١٠٢٣ المشرك أو الكفور يعم كفر النفاق وكفر الشرك.وشاكرا حال من الهاء قبله واما الاولى والثانية حرف تفصيل أوتقسيم اي هديناه في حاليه جميعا او مقسوما اليهما بعضهم شاكر بالاهتداء والأخذ فيه وبعضهم كفور بالاعراض عنه أو حال من السبيل ووصفه بالشكر والكفر مجاز والعاطف الواو .وقرأ أبو السمئل بفتح همزة اما الأولى والثانية فجوابهما محذوف وهي قراءة حسنة اي اما شاكرا فبتوفيقنا وإما كفورا فبسوء اختياره ولم يقل كافرا مع أنه المطابق لشاكرا للفاصلة وللمبالغة في الكفر .فان الانسان يكثر كفر النعمة أو كفر الشرك ولايخلو منه إلا من عصمه الله ويأخذ المصر على الكفر وعن ابن هشام ان اما للتفصيل وان الكوفيين أجازوا كونها ان الشرطية وما الزائدة والمنصوب خبر كان أي إن كان شاكرا وإن كان كفور انتهى ملخصا.وقوله" انا هديناه السبيل" مرتب على" قوله جعلناه سميعا بصيرا " من حيث ان الجعل سميعا بصيرا مسبب عن الابتلاء . قال الجبار بن أحمد المعتزلي نعم الله على عباده كثيرة فكل شكر قليل فعبر بشاكر كل كفر عظيم فعبر بكفور "(انا اعتدنا للكافرين سلاسلا) يقادون بها ونون لمناسبة أغلالا وسعيرا أو النون غير تنوين لكنه جاء بدلا من حرف الاطلاق أجزاً الوصل مجرى الوقف أو لقة من يصرف مقاعل ومفاعيل أو من يصرف غير المنصرف مطلقاً جريا على عادته في صرفه إياه في الشعر "(وأغلالا) يقيدون بها وقيل سلاسلا يسحبون في النار بها وأغلالا في أعناقهم تشد فيها السلاسل وقد شدت ايديهم الى الأعناق " مهيجة يعذ بيون يذ لكوقود ا عظيما لا يوصف لشدته أو نا را مسعرة(رسعير) ١‏٠ ٤ ويحرقون به وقرأ غير نافع والكسائى وأبي بكر سلاسل بترك التنوين وقدم وعيدهم على وعد المؤمنين وقد تأخر ذكر الكفار عن المؤمنين في قوله" أما شاكرا وإما كفورأ" س لأن إلا نذار أهم وانفع.قال القاضي وتصدير الكلام وختمه بذكر المؤمنين أحسن "(إن الأبرار) جمع بر كرب وأرباب أو جمع بار كشاهد وإشهاد وهم الصادقون في إيمانهم المطيعون لريهم .وعن الحسن هم الذين لايودون الذر ولايرضون الشر "(يشربون من كأس) اي خمر من كأس أو الكأس الخمر تسمية للحال باسم المحل ى فإن الكأس زجاجة فيها الخمر تؤنث "(كان مزاجها) مايمزج بها والضمير للكأس وأضيف المزاج اليها لأن الممزوج هو فيها أو للخمر المحذوف أو للكأس بمعنى الخمر " (كافورا) لبرده وعذوبته وطيب رائحته وقيل يخلق فيها رائحة الكافور وبياضه وبرده فكأنها مزجت ه.وعلى الأول قتادة قال تمزج لهم بالكافور تختم بالمسك ى وقيل الكافور هنا اسم ماء في الجنة ى وقيل اسم عين فيقدر مضاف اي ماء كافور وعليه ابن عباس والفراء والكلبي ولايقال أن الكافور غير لذيذ وشربه مضر فكيف يشربونه على القول الأول لانا نقول كافور الجنة لذيذ الطعم لايضر "(عينا) بدل من كافور ان جعل اسم ماء أو اسم عين ويجوز مطلقا جعله بدلا من لفظ كاس على المحل بناء على جواز النصب على نزع الخافض في السعة بلا شذوذ فيكون الاتباع على محل يظهر في الفصيح او بناء على جواز اتباع محل لايظهر فيه او بدل من قوله من كأس بناء على أن محل النصب للجار او المجرور معا ويقدر مضاف ا عنىاينصيه على ‏ ١لمفعولية يمحذ وفأو خمر عبن ويجوزما ء عمنأي ١٠ ٥ - عينا أو بمحذوف دل عليه قوله "(يشرب بها عباد الله) أي يقصدون عينا أو يردونها على الاشتغال مثل زيدا مررت به قال ابن هشام الباء للتبعيض أي منها والظاهر أنها للاصاق وتصح للابتداء وتصح للمصاحبة.كقولك شريت الماء بالعسل وتصح الزيادة . قال ابن هشام أو مفعول لمحذوف على حذف مضاف أي يشربون ماء عين وأجاز بعضهم كونه حالا منها في مزاجها وفيه بعد انتهى وعن بعضهم يشرب ممزوجا بها وعباد الله هم الأبرار المذكورون أعادهم يعنون العبودية تعظيما لهم وقيل هم الأولياء قال الواسطي لما اختلفت أحوالهم في الدنيا اختلفت أشربتهم في الآخرة (يفجرونها تفجيرآ) أي يجرونها إجراء سهلا حيث أرادوا تحت أو فوق من منازلهم وقيل عين في دار النبي صلى الله عليه وسلم تفجر إلى دور الأنبياء والمؤمنين وعن بعضهم ينقر باصبعه حيث أراد فيخرج الماء أو غيره مما أراد واستأنف بيان مارزوقوا ذلك لاجله بقوله "(يوفون) أي الابرار "(بالنذر) بما أوجبوه على أنفسهم من الطاعة وليس بواجب فمن وفى بما أوجبه على نفسه كان أوفى بما أوجب الله عليه ابتداء فذلك وصف بليغ لهم والجملة استئناف بياني وفيها دليل على وجوب الوفاء بنذر الطاعة . كان يقول لله علي صوم كذا أوصلاة كذا أو صدقة كذا أو غير ذلك إن شفي مريضي أو فرج الله عني أو نحو ذلك واستفتى سعيد بن عبادة رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نذر على امه ماتت ولم تقضه فأمره بقضا ئه لها ومن لم يف لزمته كفا رة يمين.وعنه صلى الله عليه وسلم لانذر ‏١٠٦١ في معصية اللة ومن نذر معصية وجب عليه أن لايفي بها وتركها كفارة النذر وقيل تلزمه كفارة النذر ث ومن لم يعلق لشيء قيل لايجب عليه الوفاء وقيل يجب،وقيل كفارة النذر صوم عشرة أو إطعام مها س وقيل صوم ثلاثة أإوطعام عشرة وقيل مغلظة ث وقيل أن لم يعلق ولم يقض لزمته كفارة يمين0وقيل ان لم يقل لله علي فلا نذر وإن لم يقل لله صام يوما أيوومين أو اطعم مسكينا أو مسكينين ان حنث وإن قال اللهم افعل لي كذا وأنا أفعل ولم يفعل كذا لزمته كفارة النذر ومن نذر أن يعتكف في معين فمنع بهدم أو غيره فلا عليه.وقيل عليه للرسلة وقيل قدر المؤنة ومشقة الاعتكاف للفقراء وقيل لهم الخيار. ومن نذر أن يعطي لفلان الفقير ان وقع كذا ووقع وقد مات الفقير أعطى الفقراء أو وارث الفقير ولاكفارة عليه حيث لم يعط له لعدمه.قيل الوجوب وقيل تلزمه وقيل بالوقف ومن نذر ما لايستطيعه فلا شيء وقيل كفارة نذر ومن نذر الصلاة في مائة مسجد صلى في واحد عدد ما نذر0وقيل يحط عددها في واحد ويصلي مانذر وإن لم يعين كم يصلي صلى لكل واحد ركعتين وإن عين المساجد ولم يصل فيها أطعم مسكينا أو ضعفه كفارة لنذره وصلى حيث شاء.وإن قال في نذره يوم يقدم فلان فقدم ليلا لزمه نذره وصلى إن أطلق نواه وإن نوى النهار لم يلزمه وإن قال علي صوم اليوم الذي يقدم فيه فلان فقدم نهارا صام يوما بدله 0وقيل لا ولا نذر فيما لايستطاع ولا فيما لا يملك وتلزمه الكفارة.وقيل لا ومن نذر صوم أيام ولياليها صام الايام فقط .وقيل يبدل الليالي اياما أيضا وقيل يبدلها ١‏٠٧ كفارة يمين ومن نذر أن يصوم شهرا ولايتكلم أو نحو ذلك من المباح تكلم ولاعليه وقيل يطعم مسكينا أو مسكينين "(ويخافون يوما) مفعول به " (كان شره) اي الشر الواقع فيه (" .مستطيرا) ممتدا منتشرا غاية الانتشار فاشيا يقال استطار الحريق والحر وهو مزيد طار للمبالغة كنقر واستنفر وفي ذلك دليل على حسن عقيدتهم واجتناب المعاصي. وعن بعضهم استطار خوف ذلك اليوم في السموات والاراضي وأهلها أعداء وأولياء تنشق السنوات تتناثر الكواكب وكورت الشمس والقمر وتزلزلت الأرض وطارت الجبال وغار الماء وكسر كل شيء على الأرض وانشق من جبل وبناء وإناء "( ويطعمون الطعام) مفعول ثان "( على حبه) اي حب الطعام اي يصدقونه وهو محبوب عندهم تشتهيه النفس فقوله على حبه من التعميم البياني وهو أن يؤتى في كلام لايوهم خلاف المقصود بفضلة لنكتة كالمبالغة في الآية أو حب الطعام أي يطعمون بطيب نقوبسهم. أو حب الله لا لأمر دنيوي .وعليهما فقوله على حبه لتادية أصل المراد . "(مسكينا) مفعول أول "(ويتيما وأسيرا) أسيرا من الكفار كان صلى الله عليه وسلم يأتى بالسير فيدفعه الى بعض المسلمين فيقول أحسن إليه فيكون عنده يوما أو يومين أو ثلاثة أو أكثر ويوثره على نفسه حتى يفرغ صلى الله عليه وسلم من الحرب8وكذا يجوز الإحسان الى الكفار في دار الاسلام ولاتصرف اليهم الزكاة والكفارات وغيرها من الواجبات قيل إلا من لم يجد غيرهم وفقراء أهل الكتاب قبل غيرهم وقيل يعطي الكفارات لفقراء أهل الكتاب مع فقراء المسلمين وعن قتادة كان اسيرهم يومئذ المشرك ١‏٠٨ وأخوك المسلم أحق أن تطعمه وعن سعيد بن جبير وعطاء هو الأسير من أهل القبلة .وعن أبي سعيد الخدري هو المملوك والسجون ويجوز ان يراد بالأسير الغريم .قال صلى الله عليه وسلم غريمك اسيرك فأحسن الى أسيرك وان تراد المرأة قال صلى الله عليه وسلم" اتقوا الله في النساء فإنهن عوان بين أيديكم" اي اسيرات والآية قيل سبب نزولها أبوالد حداح وهو من الانصار صام يوما فجاءه في وقت الافطار مسكين ويتيم وأسير فاطعمهم ثلاثة أرغفة وبقي رغيف واحد له ولأهله. وروى المخالفون عن ابن عباس أنها نزلت في علي عمل ليهودي بشيء من شعير فطحن منه ثلثه فأصلحوا منه شيئا ياكلونه ولما فرغ أتى مسكين فسال فاعطاه وأصلح الثلث الثاني ولما فرغ ساله يتيم فأعطاه إياه وأصلح الث الثالث فساله أسير مشرك فأعطاه وطووا يومهم وليلتهم . والآية شاملة لكل مسلم أطعم هؤلاء.وقيل المراد الأسير المشرك والمؤمن وورد في الحث على المسكين قوله صلى الله عليه وسلم لكل شيء مقتاح ومفتاح الجنة حب المسكين والفقراء الصبر هم جلساء الله يوم القيامة . وقوله "اللهم أحيني مسكينا وأمتني مسكينا واحشرني في زمرة المساكين يوم القيامة" فقالت عائشة لم يارسول الله قال إنهم يدخلون الجنة قبل اغنيائهم بأربعين خريفا ياعائشة ردي المسكين ولو بشق تمرة ياعائشة احبي المساكين وقربيهم فان الله يقربك يوم القيامة "(انما نطعمكم لوجه الله) محكي بقول محذوف لفظي اي يقولون انما نطعمكم لوجه الله إزالة لتوهم المن وتوقع المكافأة وإزالة لمذلتهم واستحياء هم ولطفاً وتنبيه على ١_٠٩ الإخلاص وحال صاحب الاخلاص فيقتدى بهم وكانت عائشة رضي الله عنها تبعث الصدقة الى أهل بيت ثم تسأل الرسول ما قالوا فاذا ذكر دعاء دعت لهم بمثله ليبقى ثواب الصدقة لها خالصا لوجه الله لأنه إذا كان الله فلا معنى لمكافأة الخلق أو محكي بقول حالي فإنالإحسان لوجه إطعام الطعام لهؤلاء على حبه كالنطق بأنه لله ويجوز ان يكون ذلك بيانا لاعتقادهم وصحة نيتهم ولم يقولوا شيئا . قال مجاهد وابن جبير ماتكلموا به ولكن علمه الله من قلوبهم فاثنى عليهم ليرغب في ذلك راغب ومعنى لوجه الله لذات الله وذاته هو فكأنه قال الله لكن فيه تاكيد "(لانريد منكم جزاء) عوضا عن الاطعام الذي اطعمناكم (ولاشكورا) شكرا على الاطعام اي مدحا مصدر لشكر "(انا نخاف من ربنا) فلذلك نحسن اليكم أولا نطلب المكافأة منكم (يوما) مفعول به بتقدير مضاف اي عذاب يوم (عبوسا) يكثر فيه ويعظم تعبس الوجوه وتشتد ويكره منظرها.روي عن ابن عباس أن الكافر يعبس يومئذ حتى يسيل من بين عينيه عرق كالقطران ووصف اليوم بالعبوس مجاز في الاسناد من باب اسناد الفعل لزمانه أو مجاز استعاري شبه اليوم في شدته وضرره بالاسد العبوس أو بالشجاع الباسل الذي تمنع مقاتله للظفر "“(قمطريرا) الشديد العبوس الذي يجمع مابين عينيه غضبا0وعن مجاهد العبوس بالشفتين والقمطرير بقبض الجبهة وعن ابن عباس القمطرير الطويلا "(فوقاهم الله شر ذلك اليوم) بسبب خوفهم وتحفظهم عنه كما دلت عليه الفاء "(ولقاهم) ١١٠ "(وسرورا ) في قلوبهم أي اعطاهم " (نضرة) حسنا وضوءا في وجوههم فرحا كما اعطى الكفار عبوسا وحزنا "“(وجزاهم بما صبروا) ما مصدرية أي بصبرهم على أداء الواجبات واجتناب المحرمات وقيل على الفقر والجوع والوفاء بالنذر والإيٹار وقيل الصبر على فعل الطاعة واجبة أو غير واجبة وعلى ترك المحرمات والمكروهات واللذات (جنة وحريرأ) أدخلهم الجنة وألبسهم الحرير . قال قال المخالفون عن ابن عباس ان الحسن والحسين مرضا فعادهما رسول الله صلى الله عليه وسلم في ناس فقالوا ياابالحسن لو نذرت على ولديك فتنذر هو وفاطمة وجارتهما فضة ان يصوموا ثلاثة أيام كل واحد يصوم ثلاثة ان بريا فشفيا ومامعهم شيء فاستقرض علي من شمعون الخيبري ثلاثة اصواع من شعير فطحنت فاطمة صاعا واختبزت خمسة اقراص فوضعوا بين أيديهم ليفطروا فوقف عليهم مسكين فآثروه وباتوا لم يذوقوا الا الماء وأصبحوا صياما.فلما امسوا ووضعوا الطعام وقف عليهم يتيم فآثروه ثم وقف عليهم في الثالثة أسير ففعلوا مثل ذلك فنزل جبريل بهذه السورة وقال "خذها يامحمد هناك الله في" أهل بيتك " .كذا روى المخالفون 4وفي رواية لما اصبحوا بعد الايام الثلاثة أخذ علي بيد الحسن والحسين واقبلوا الى رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما ابصرهم وهم يرتعشون كالفراخ من شدة الجوع قال مااشد ما يسؤني ماأرى بكم وقام فانطلق بهم فرأى فاطمة في محرابها التصق ظهرها ببطنها وغارت عيناها رضي ١١١ الله عنها فساءه ذلك فنزل جبريل وقال "خذها يامحمد هناك الله في أهل بيتك" فأقراءه السورة "(متكئين) حال من الهاء في جزاهم على أن الضمير الهاء ومن قوله هم على أن الضمير الهاء والميم أو صفة الجنة غير جارية على لفظ جنة ولم يبرز الضمير لأمن اللبس ولو برز لقيل متكئين هم ولكن يلزم من كونه صفة تقديم العطف على النعت "(فيها على الارائك) جمع أريكة وهن السرر في الحجال ولا تسمى السرد أرائك الا أن كانت معها الحجال "(لايرون) حال ثانية من الضمير أو صفة لجنة أو حال من جنة أن جعلنا متكئين نعتا أحوال من المستتر في متكئين "(فيها شمسا ولا زمهريرا) برد شديد والمراد به هنا الضار من البرد أي يمر عليهم فيها هواء معتدل لاحار ولابارد به.وعن ثعلب أن الزمهرير القمر في لغة طيء وانشد " والزمهرير مازهرقطعتهاوليلة ظلامها قد اعتكر اي هواء ها مضيء بذاته لايحتاج الى شمس وقمر "(ودانية) قريبة عطف على محل لايرون باوجهه0كقولك زيد رجل يقرأ وصابر وذلك لأن الجملة مسؤولة بالوصف أي غير رائين ودانية "(عليهم ظلالها) جمع ظل فاعل دانية ويجوز كون دانية عطفا على جنه اي وجنة أخرى دانية فيكونون وعدوا جنتين "ولمن خاف مقام ربه جنتان " وقرىء برفع دانية على أنه خبر وظلال مبتدا أو مبتدأ وظلال فاعل أغنى عن الخبر على القلة حيث لم يتقدم نفي أو استفهام والجملة على الرفع بوجهيه حال أو نعت معطوف والمراد ١١٢ ظلال اشجارها "(وذللت قطوفها تذليلا) عطف على دانية على حد صافات ويقبضن أو حال من ضمير دانية وإذا رفع دانية فالعطف على الجملة الإسمية وهي قوله دانية عليهم ظلالها أو عطف على دانية ان جعل خبر أو حال من ضمير دانية مطلقا والقطوف جمع قطف وهو مايقطف من الثمار والعنقود بجملته والعرجون بجملته ونحو دلك ى وتذليلها جعلها سهلة التناول لايمتنع قطافها كيف شاء وا قياما أو قعود أو مضطجعين ى قيل أو تجعل ذليلة لهم خاضعة متقاصرة من قولهم حائط ذليل إذا كان قاصرا وعن مجاهد إن قام ارتفعت بقدر مايتناولها بلا اعلاء البدالي فوق،ويلا انحناء وإن قعد أو اضطجع نزلت اليه (ويطاف عليهم بآنية) بوزن افعلة مرادا به الكثرة جمع اناء والنائب عليهم أو بآنية "(من فضة وأكواب) أبارق بلا عري والعطف على آنية "(كانت) اي تكونت "(قواريرا) اي كالقوارير في الصفاء والشفيف أو قوارير حقيقة بان يكون قوارير الجنة من فضة فيسمى مثل الزجاجة من فضة الجنة قارورة حقيقة وذلك تمام الفاصلة "(قواريرا) بدل من الأول لمغايرته للاول بوصفه بقوله "(من فضة) أو بقوله "( قدروها تقديرا) فيعلق على هذا من فضة يقدروها ويكون الضمير مطلقا لهؤلاء المتنعمين اي قدروها في انقسهم فجاعت على ما اشتهوا من صغر أو كبر أو وسط وعلى اي كيفية ولون أرادوا . وقيل قدروها على قدر رأيهم بلا زيادة ولانقص وذلك الذ الشراب8وقيل الضمير للملائكة وقيل للطائفين دل عليه يطاف س وقيل المعنى قدروها ١١٣ بأعمالهم الصالحات فجات على حسبها .وقرىء قدروها بالبناء للمفعول اي جعلوا قادرين لها كقولك قدرت الشيء بالتخفيف وقدر نية زيد بالتشديد اي جعلني قادرا له اي جعلوا قادرين لها كما شاء وا ونون قوارير الاول لمناسبة رؤوس الاي والثاني مناسبة للاول0ويوقف بالالف فيهما وفي سلاسلا ونون ابن كثير الاول ووقف بالألف ولم ينون الثاني ووقف بالاسكان ولم ينونهما هشام ووقف بالالف صلة للفتحة ووقف أبو عمر وعلى الاول بالالف وعلى الثاني بالاسكان وكذلك وقف بعضهم على سلاسلا بالف بدل التنوين ث وبعضهم بالف اشباع إذ لم ينون وبعضهم بالاسكان وقرىء به برفع قوارير الثاني خبر لمحذوف اي هي قوارير قال بعضهم قوارير الجنة في بياض الفضة ولينها وفي صغاء الزجاج وشفيفه قال الكلبي قوارير كل ارض من ترابها وأرض الجنة من فضة وقواريرها منها وأرض الدنيا من تراب وقواريرها منه . وكذا عن ابن عباس ولم يريدا بالقوارير الزجاحات لانها ليست من التراب ه فيما قيل بل من النبات على ماقيل وظاهر بعض انها من معدن "(ويسقون فيها) في الجنة "(كأساً كان مزاجها) ماتمزج به (زنجبيلا) مايشبه الزنجبيل في الطعم أو يلقى الزنجبيل في الماء7والعرب تستلذ الزنجبيل ومامزج به وذلك لعامة أهل الجنة.وأما المقربون فيشربون الزنجبيل صرفا وهو نبات له قوة مسخنة هاضمة للطعام وليس زنجبيل الآخرة كزنجبيل الدنيا فإنه أحسن ولا لذع فيه وكذا كل ما فيها (عينا) بدل من زنجبيل على ١١٤ حذف مضاف اي ماء عين وماء ها زنجبيل وقيل الزنجبيل اسم للعين وفي ' ذلك ما في قوله كاقورا عينا "(فيها تسمى سلسبيلا) اي لكثرة سهولة مائها ومساغه في الحلق وعن بعضهم أن ماعا كالزنجبيل وان البدل إضراب،وقيل معنى سليبيلا ملساء منقاد حيث شاء وا أو شديدة الجري تسيل في طرقهم ومنازلهم تنبع من جنة عدن الى سائر الجنات وقيل من تحت سدرة المنتهي وعن بعضهم أنه انفجر من السلسبيل نهر الرحمة ونهر الكوثر.وأصل السلسبيل صفة سميت به العين فهو علم وصرف لانه بمعنى المكان أو الماء وليس في الآية ونحوها صفة كما زعم من زعم يقال شراب سلس وسلسال وسلسبيل بزيادة الباء لزيادة المبالغة في السلاسة . وقرىء بمنع الصرف للعلمية والتأنيت لأن العين مؤنث وعن بعضهم أنه علم مركب من فعل أمر وفاعل مستتر ومفعول به كتأبط شرا وذرى حبا ففيه ورود العلم مركبا من فعل الامر وفاعله س لكن مع المفعول وذلك لأنه لايشرب منها الا من سأل اليها سبيلا بالعمل الصالح.وقيل الوقف على تسمى اني تعرف وتشتهر وسلسبيلا فعل وفاعل ومفعول ورد القولان لوصل اللام الاولى بالسين بعدها في الخط واجيب بانه مما خرج فيه خط المصحف عن القاعدة ونسب الى علي مايحتمل القولين . والقول بأن سلسبيلا فعل وفاعل ومفعول والوقف على ماقبله اولى من كونه علما مركبا قاله ابن هشام .قال وبعيد ان يكون صرف للتناسب كقوارير لأتفاقهم على صرفه "(ويطوف عليهم ولدان مخلدون) دائمون لايموتون ١ ١٥ أ ولايشيبون ولا ولادة في الجنة لكنهم على صورة الولدان خلدوا للخدمة وكذا يكون فيها أطفال المنافقين وأطفال المشركين عند بعضهم وقيل مخلدون جعلوا متطرقين "(إذا رأيتهم حسبتهم لؤلؤا منثورا) مفرقاً من سلكه أو من صدفه من صفاء اللون والتفرق في المجالس وانعكاس شعاع بعضهم الى بعض.وعن بعضهم شبهوا باللؤلؤ الرطب إذا نثر من صدفه لانه أحسن وأكثر ماء وعن بعضهم لؤلؤ منثورا من كثرتهم تفرقوا في الخدمة ولو كانوا صفاً لشبهوا باللؤلؤ المنظوم الاترى أنه قال ويطوف واللؤلؤ إذا كان متفرقا كان أحسن في المنظر لوقوع شعاع بعضه على بعض.وعن المامون أنه ليلة زفت اليه بوران بنت الحسن بن سهل وهو على بساط منسوج من ذهب وقد نثرت عليه نساء دار الخلافة اللؤلؤ فنظر اليه منثورا على ذلك البساط فاستحسن المنظر فقال لله در ابي نواس كانه بصر هذا حيث قال: حصباء در على أرض من الذهبكان صغري وكبري من فواقعها وعن جابر بن عبد الله حسن الخادم الى المخدوم كالكوكب الى القمر ليلة البدر "(وإذا رأيت ثم) لامفعول لرأيت المذكور نزل منزلة اللام لا مفعول له ظاهر ولامقدر .قيل لانه عام اي ان بصرك اينما وقع ومتى وجدت منه الرؤية ونسبه ابن هشام للمتقين ويحتمل أن له مفعولا حذف لعدم تعلق الفرض به أو للتعميم وثم ظرف البعيد لاتتصرف . قال ابن هشام ولذا غلط من أعربه مفعولا لرأيت وزعم بعض وهو الفراء أن ١١٦١ مفعول رأيت موصول وثم صلته اي ماثم وفيه انه لايحذف الموصول وتبقى الصلة.قال بعض الا ان ذكر مثه.قال ابن هشام قيل مفعوله موصول محذوف اي ماثم قبل ومثله لقد تقطع بينكم اي مابينكم س هذا فراق بيني وبينكم اي مابيني وبينكم ويرده خفض بينك وان الموصول وصلته كالكلمة الواحدة لايحذف احدهما.وقيل ثم مفعوله ورد بان ثم لايستعمل الا ظرفا او مجرورا بمن أوإلى انتهى . "(رأيت نعيما) عظيما لايوصف عظمه "(وملكا كبيرا) واسعا لاغاية له قال بعض وهو مشكل فإنه له غاية لكن دوامة وازدياد نعمه وتجددها لاغاية لها ولعل هذا هو المراد ى وفي الحديث ادنى أهل الجنة منزلة ينظر في ملكه مسيرة الف عام يرى اقصاه كما يرى ادناه وعن أبي سعيد عنه صلى الله عليه وسلم أدناهم له ثمانون ألف خادم واثنتان وسبعون زوجه وتنصب له قبة لؤلؤ وزبرجد وياقوت كما بين الجابية الى صنعاء . وقال سفيان الملك الكبير هو استئذان الملائكة وتسليمهم عليهم وتعظيمهم لهم وقيل الذي لازوال له وقال محمد بن علي الترمذي ملك التكوين إذا أرادوا شيئا كان والتحقيق ان المراد ذلك وغيره "(عاليهم) اسم فاعل مضاف للضمير مبتدأ أي الذي يعلوهم وهو لباسهم "(ثياب سندس) حرير واما رق من الديباج وقر غير نافع وحمزة بفتح الباء وضم الهاء نصبا على الظرفية وهو متعلق بمحذوف خبر والمبتداً ثياب اي فوقهم ثياب أو نصبا على الحال من هاء عليهم قبله وعليه فثياب فاعل الحال وكذا ان جعل حالا ١١٧ من هاء حسبتهم او من مضاف يقدر قبل قوله ملكا اي أهل ملك وقرىء عاليتهم بفتح التاء على الحال بانواعها أو الظرفية وبضمها على أنه مبتدأ لثياب أخوبر له . قال ابن هشام قال ثعلب ان عاليهم ظرف مكان كفوقهم ورد بأن عالي الدار وداخلها وخارجها ونحو ذلك من الظروف المختصة فلا تنصب على الظرفية انتهى وأجيب بأنه مثل فوقك وأمامك فما كان جوابا له فهو جواب لثعلب وقرىء عليهم . "(خضر) جمع اخضر نعت ثياب وقراً ابن كثير وابو بكر بالجر نعتا لسندس لان السندس مراد باهلجنس ويحتمل الجر على الجوار فيكون نعتا لثياب لكن صون القرآن عنه اولى (واستبرق) ماغلظ من الحرير او من الديباج وروي ان الديباج حرير والعطف على ثياب وقراً حمزة والكسائي بالجر عطفا على سندس فنافع وحفص رفعا خضر واستبرقا وابن كثير وابو بكر خفضا الاول ورفعا الثاني وابن عامر وابو عمرو رفعا الاول وخفضا الثاني وحمزة والكسائي خفضاهما وقرىء بوصل همزة إستبرق وفتح القاف استفعل من البريق جعل علما لهذا النوع من الثياب قال جار الله وليس بصحيح لانه معرب مشهور تعريبه وإن أصله استبرق وقر ابن محصن بقطع الهمزة وفتح القاف وعلى القولين فالفتح نائب عن الجر للعلمية على جنس هذه الثياب والعجمة وهو نكرة إذا لم يكن علما قابلة لال (وحلوا اساور) اي زينوا بها فالواو نائب الفاعل مفعول اول واسار مقعول ١١٨ ثان "(من فضه) لا ينافي اساور من ذهب في الآية الأخرى لصحة التزيين سوار فضة وسوار ذهب في وقت واحد كما تجمع نساء الدنيا بين انواع من اللي وماأحسن معصما فيه سوار ذهب أو فضة ولصحة التزيين بواحد في وقت وباخرى في وقت ولصحة تحلية بعض في عضو أو باعضاء الذهب وبعض بالفضة على قدر اعمالهم والمراد أنوار يتفاوتون فيها تفاوت الذهب والفضة يقال لاهل الجنة ادخلوا الجنة برحمتي واقسموها باعمالكم قال بعضهم ليس أحد من أهل الجنة الا في يده ثلاثة اسورة سوار من فشة وسوار من ذهب وسوار من لؤلؤ والعطف على يطوف عليهم ولدان ه أو الواو للحال وصاحب الحال ضمير عاليهم ومن منع قرن الماضي بواو الحال قد قدر او المبتد ويجوز رجوع الهاء والواو للوالدان وعليه فإذا كانت هذه ثيابهم وهذه آساورهم فمابالك بثياب وأساور المخدومين وقد قيل اسوران اساور الخدم من فضة واساور المخدومين من ذهب . (وسقاهم ربهم شرابا طهورا) نوعا آخر من الشراب يقولون على مامر من الشراب ولعظمته اسند سقيهم الى الله ووصفه بشدة الطهر حتى أن من يشربه يطهر عن الميل الى اللذات الحسنة والركون الى غير الحق يتجرد للطاعة لا كما زعم من زعم ان من شربه في الآخرة يميل عن لذتها ويتجرد للنظر الى ربه وان هذه منتهى درجات الصديقين ولذلك ختم به ثواب الابرار لأنا نقول وقولنا الحق أنه تعالى لايرى دنيا ولا أخرى8وليس رجزا كخمر الدنيا فإن رجزها بالشرع . ١١٩ قال بعض وبالعقل وليست الآخرة دار تكليف وأيضا خمر الآخرة لم تعصرها الأيدي أو الأرجل ولم تجعل في الأباريق التي لم يعين بتنظيفها فتدنس وأيضا لا تؤل الى النجاسة لانهم يشربونها وتهضم الطعام وتعود شهوته فترشح عرقا من ابدانهم له ريح أفضل من رائحة المسك الا ذفر. وقيل الشراب الطهور ماء عين على باب الجنة من شرب منه زال غله وجسده وغشه م والمشهور أن المراد الخمر قال سهل نبه الله عن نجاسة خمر الدنيا تنجس شاربها بالآثام وخمر الجنة تطهر شاربها من كل دنس وتصلحه لمجلس القدس ومشهد العز وصلى سهل العتمة وقرأ "وسقاهم ربهم شرابا طهورا" فجعل يحرك فاه كأنه يمص شيئا وما فرغ من صلاته قيل له الشرب في الصلاة فقال والله لو لم أجد لذته عند قراء ته كاني عند شربه مافعلت ذلك م ويقال لاهل الجنة بعد دخولهم فيها ومشاهدة نعيمها قال السيوطي سقي لما لاكلفة فيه واسقى لما فيه كلفة ولذا ذكر الاول في شراب اهل الجنة والثاني في شراب اهل الدنيا . "( ان هذا) النعيم (كان لكم جزاء) على اعمالكم وقيل هذا اخيار من الله جل وعلا لعباده انه اعده لهم في الآخرة "(وكان سعيكم مشكورا) مقبولا ومجازى عليه غير مضيع وقيل شكر الله لعباده قبول القليل واعطاء الكثير "(انا نحن نزلنا عليك القرآن تنزيلا) لاغيري وقد عرفتني حكيما فكل مافيه هو حكمة ولايفعل الا حكمة ولا يقول الا صدقا فمن الحكمة امري اياك بالصبر الآن وامري اياك بعد حين بالقتال ولذلك اكد قوله نزلنا بتنزيلا وبان ١٢٠ وينحن سواء جعلنا نحن توكيدا لاسم ان او مبتدأ وقيل تنزيلا معناه تنزيلا مخصوصا وهو تنجيم القرآن وتفريقه لحكمة تخصيص كل شيء بوقته وتثبيت قلبه وإزالة الوحشة من اذى الكفار من قلبه وعليه ابن عباس . (فاصبر لحكم ربك) لاتقاتل فهذا منسوخ كذا يقولون وليس متعبا لجواز كون المراد اصبر لحكم ربك عليك بتبليغ الرسالة او بتاخير نصرك على الكفار او بتاخير الأمر بالقتال او المراد كل حكم من احكام الله فتدخل فيه التكاليف كلها (ولاتطع منهم اثما) مذنبا "(او كفورا) كثير الشرك في كفره لاتضجر فتطيعهم والآثم هنا والكفور مشركان جميعا لكن نهاه عن طاعتهم في الشرك وسائر المعاصي اذا دعوه إلى ذلك وقيل الآثم المنافق والكفور المشرك وقيل الآثم عقبة لكثرة تعاطيه لانواع الفسق والكفور الوليد لشدة كفره وشكيمته وكان مع الوليد جملة كفار مفرطين في العداوة والإيذاء له ولمن معه وكانوا مع هذا يبذلون له اموالهم ويزوجون له اكرم بناتهم على أن يرجع ومنهم عتبة لكن الوليد اشد وقيل اراد بالاثم والكفور أباجهل على أن أو بمعنى الواو عطفت صفة على أخرى لموصوف واحد لما فرضت الصلاة نهاه عنها وقال لئن رأيته يصلي لأطأن رقبته والمشهور ان أو على اصلها للتقسيم باعتبار مايدعونه اليه مثلا ويجوز طاعته لهم في غير الاثم والكفر والفرض ان الطاعة المنهي عنها طاعته في احدهما وبالاولى طاعته فيهما أو الفرض انهم اما ان يدعوه للمعصية واما ان يدعوه للشرك وعلى منع الخلو فنهاه عن الطاعة في احدهما إذا دعي اليه ولو كان العطف بالواو لاحتمل ١٢١ الكلام الحكم على المجموع فيجوز الطاعة في احدهما هذا ماظهر لي ثم رأيت الاول للزمخشري . قال ابن هشام إذا دخلت لا الناهية في كلام فيه اؤ التي للإباحة امتنع فعل الجميع نحو " ولاتطع منهم اثما أو كفورا " إذ المعنى لاتفعل احدهما فايهما فعل فهو أحدهما وتلخيصه انها تدخل للنهي كما كان مباحا وكذا في التخيير عند السيرافي انتهى قال المرادي وأجاز ابن كيسان ان يكون النهي عن واحد وأن يكون عن الجميع "(واذكر اسم ربك بكرة) في الفجر "(وأصيلا) في الظهر والعصر أو داوم على ذكره.٭ (ومن الليل فاسجد له) ومن بمعنى في متعلقة بأسجد والفاء زائدة او من الليل نعت محذوف ومن غير زائدة والفاء زائدة اي واسجد له وقتا من الليل ويجوز كون الفاء في جواب اما محذوفة والمراد صلاة المغرب وصلاة العشاء وأجاز بعضهم كون من زائدة مع التعريف والإثبات وقدم من الليل لما في صلاة الليل من الكلفة "(وسبحه ليلا طويلا) أراد جنس الليل الطويل والمراد صل التطوع كما تقدم من تلثيه أو نصفه أو ثلثه قال ابن زيد هذا منسوخ وقيل محكم على وجه الندب8وقيل الخطاب في المعنى للجميع ثم نسخ عنا وبقي عليه القيام في الليل القدر المذكور وقيل أراد بالتسبيح سبحان الله0قال ابن زيد كان هذا واجبا ثم نسخ وقيل محكم على وجه الندب "(ان هؤلاء يحبون) يريد بهم كفار مكة " . (العاجلة) الدنيا وحبها رأس كل خطيئة ومن زهد فيها أحبه الله ومن زهد فيما عند الناس يحبه الناس ويبعث على الزهد فيها كونها فانية شاغلة عن ‏__١٢٢ التفكير في امر الله وكونها تنقص درجات محبها وكون تركها قربة من الله وعلو مرتبة عند الله وكونها مطلية للحساب يوم القيامة والوقوف والسؤال عن الشكر ،وكون تركها سببا لرضى الله وهو أكبر ومن سمي باسم الزهد فقد سمي بالف اسم ممدوح وهذا مع ما للزاهد من راحة القلب والبدن في الدنيا والآخرة فالزهاد هم الملوك في الحقيقة وهم العقلاء لايثارهم الباقي على الفاني.وعقلهم عن الله أمره ونهيه قال الشافعي وأصحابه أن أوصى رجل بثلث ماله لاعقل الناس صرف للزهاد "(ويذرون وراء هم يوما) يطرحونه خلفهم ويعرضون عنه ولايستعدون له أو وراء هم بمعنى أمامهم فإنه مستقيل "(تقيلا) عسيرا استعار الثقل لعسر اليوم وشدته وهذا الثقل كالتعليل لما أمر به ونهى عنه "(نحن خلقناهم وشددنا) أحكمنا "(اسرهم) ربط مفاصلهم بالاعصاب اسرت الشيء شددته وكل مشدود مأسور وفسر مجاهد أسرهم بخلقهم وهو قريب من ذلك وقيل مخرج البول والغائط لانه إذا أخرج الأذى انقبض فانقباضه هو فرشد الله له "(وإذا شئنا بدلنا امثالهم تبديلا) أهلكناهم واتينا بمهم في الخلقة وشدة الاسر مطلقا أو ملكهم فنحي بمن يطيع أو المراد النشأة الثانية وجييء باذا لاستقبال لنشأةوتحققها بعد وعلى الاول والثاني جيء باذا لتحقق القدرة وللاشعار بوقوع التبديل ولامحالة . "(إن هذه تذكرة) الإشارة الى السورة أو إلى الآيات القريبة أو هذه الآية التي قبل هذه فإنه تذكير بالبعث فإن القادر على التبديل قادر على البعث "(فمن شاء اتخذ الى ربه سبيلا) من اختار لنفسه الخير توسل الى ربه ١‏٢٢٣ بالطاعة وزعم بعض ان هذا تخيير منسوخ بآية السيف والحق أن هذا لايشمله النسخ فإنه حكم باق وربما توهم متوهم أن الأمر على مايشاء العبد فيرد عليه بقوله عز وجل "(وماتشاؤن الا ان يشاء الله) والعبد يفعل باختيار منه ومشيئة من الله توافقها مشيئته والمصدر المقدر بعد الا منصوب على الظرفية لنيابته عن ظرف الزمان وذلك كثير نحو جبت قدوم الحاج اي ماتشاؤون ذلك الا وقت ان شاء الله مشيئتهم اي الا وقت مشيئته لمشيئتهم وكذلك الفعل المرفوع مع ما المصدرية في قراءة ابن مسعود وهي" وماتشازون الا ما يشاء اللة ‏ ٧لكنها تحتمل ان تكون ما اسميا وقرأ ابن كثير وابو عمر وابن عامر ومايشاؤون بالمثناةموصولا التحتية "(ان الله كان عليما) بخلقه ومايكون لكل واحد من جنة أو نار "(حكيما ) وفي ذلك حكمة لايعلمها الا هو ولايفعلوا الا ماتقتضيه الحكمة "(يدخل من يشاء في رحمته) جنته وهم المؤمنون أو يدخل من يشاء في دينه بالتوفيق قال بعض أهل داود الطائي قلت له يوما انك قد عرفت فاوصني فدمعت عيناه ثم قال ياأخي إنما الليل والنهار مراحل يرحلها الناس مرحلة مرحلة حتى ينتهوا الى آخر سفرهم فإن استطعت أن تقدم من أول مرحلة زاد لما بين يديك فافعل فإن انقطاع السفر قريب والأمر أعجل من ذلك فتزود لسفرك واقض ما انت قاض من أمرك فكان بالأمر قد بعثك ثم قال وتركني . "(والظالمين) المشركين والمنافقين منصوب على الاشتغال اي وعد الظالمين ١٢٤ أو كافا الظالمين أو نحو ذلك (اعد لهم عذابا اليما) على حد أوعد زيدا مررت به أي جاوزت زيدا مررت به ومه قراءة ابن مسعود وللظالمين أى أعد للظالمين لكن هذه القراءة يقدر فيها الفعل كلفظ المذكور على حد يزيد مررت به وكلتا القرائتين مطابقتان للفعلية قيل فهما أولى من قراعءة ابن الزبير والظالمون بالرفع على الابتداء لعدم مطابقتها والعذاب الأليم النار أعاذني الله ووالدي والمسلمين منها. اللهم ببركة سيدنا محمد وآله وصحبه صل عليهم وسلم وبركة السورة أخز النصارى وأهنهم وأكسر شوكتهم ءوغلب المسلمين والموحدين عليهم صلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم " ١٢٥ مكيةالمرسلاتسورة عند الجمهور قال ابن مسعود نزلت عليه صلى الله عليه وسلم ونحن معه في حري وقيل وإذا قيل لهم اركعوا لايركعون مدني وآيها خمسون وكلماتها مائة وثمانون وحروفها ثمانمائة حرف8وعنه صلى الله عليه وسلم من قرأ سورة المرسلات كتب الله له انه ليس من المشركين.وقال من قرا سورة المرسلات فبلغ " فبأي حديث بعده يؤمنون" فليقل آمنا بالله ومن علقها زالت دماميله بإذن الله تعالى ومن قرأها على حكومة نصر على ومن علقها قهر عدوه وخصمه .خصمه بسم الله الرحمن الرحيم "(والمرسلات) الرياح التي يرسلها الله "(عرفا) حال اي متتابعات كعرف الفرس يتلوا بعضه بعضا يقال جاء وا عرفا واحدا وهم عليه كعرف الضبع إذا تالبوا عليه وقيل عرفا كثيرا وهو حال وقرىء عرفا كنكر بضمتين " (فالعاصفات عصفا) الرياح الشديدة وفي ذلك سجع متواز لمخالفة مافي القرينة الثانية وهو العاصفات لما يقابله في الأولى وهو المرسلات في الوزن "(والناشرات نشرا) الرياح التي تنشر المطر تاتي أمامه وهو الذي يرسل الرياح بشرا بين يدي رحمته ورحمته وللمطر وقيل التي تأتي بالمطر وقيل اللينة . ١٢٦ "(فالفارقات فرقاً) الرياح التي تفرق السحاب وتبدده وقيل آيات القرآن التي تفرق بين الحق والباطل والحلال والحرام (فالملقيات ذكرا) الرياح التي تلقي الخوف والتذكر في القلوب بشدتها وقلع الاشجار وقرىء بابدال التاء ذالا وإدغامها في الذال بعدها "(عذرا) اي للاعذار وقيل عذرا للمحقين وعن بعض وإن المعنى تنزل به الملائكة تعذر به الله الى خلقه وقرىء بضم الذال (أو تذرا) اى للانذار وقيل لانذار المبطلين وقر يعقوب وحمزة وحفص باسكان الذال وقيل المرسلات الملائكة أرسلهم الله عرفا بمعروف من أمر ونهي والملائكة تعصف عصفا في طيرانهم ونزولهم كعصف الرياح في السرعة وتنشر أجنحتها إذا نزلوا الى الأرض . وقيل ينشرون الكتب ودواوين الاعمال يوم القيامة ‏ ٧وتاتي بالفرق بين الحق والباطل وتلقي الكتب الى الانبياء والذكر جنس وقيل الملقيات جبريل جمع تعظيما والذكر القرآن واجيز أن يكون الذكر القرآن والملقيات الملائكة فانهم نسخوه من اللوح وقيل "المرسلات عرفا" آيات القرآن ونزلت متتابعة أو أنزلت بكل عرف اي خير وتعصف القلوب بذكر الوعيد وتنشر أنواع الهداية وأنوارها في قلوب المؤمنين وتفرق بين الحق والباطل وتلقي التذكر والتفكر والتخشع في قلويهم ويجوز ان يراد بالمرسلات مثلا الملائكة وبالعاصفات الرياح وهكذا يراد بكل واحد ما لم يرد بالاخر أو يراد بواحد شيئان أو باثنين أو أكثر واحد مثل ان يراد بالمرسلات والناشرات الملائكة وقيل المراد بذلك كله الرسل ويجوز أيضا ان يراد بواحد أو أكثر الرسل وبالباقي ١ ٢٢٢٧ سواهم وممن فسر "المرسلات عرفا" بالرياح المتتابعة ابن عباس وابن مسعود ومجاهد وقتادة وفسر ابن مسعود والحسن ومجاهد وقتادة الناشرات بالرياح تنشر رحمة الله ومطره. وفسر ابن عباس الفارقات بالملائكة تفرق بين الحق والباطل والحلال والحرام وبالملائكة فسر الجمهور الملقيات وقيل عرفا معناه أفضالا من الله وقيل أمرا بمعروف وقيل الرياح التي يعرفها الناس ويعهدونها0وقيل الملائكة تنشر الشرائع في الأرض أو تنشر النفوس الموتى بالجهل بما أوحي وقيل الآيات عصفن الشرائع والكتب بالنسخ ونشرن حكم الله شرقا وغربا وقيل "المرسلات" رياح العذاب والناشرات رياح الرحمة والمطر وبهبوبها تتلقى القلوب التفكر أو المراد النفوس المرسلات الى الأبدان فعصفن ما سوى الحق ونشرن أثار ذلك في جميع الاعضاء ففرقن بين الحق والباطل ويرين كل شيء هالكا الا وجهه فاليقين ذكرا بحيث لايكون في القلب واللسان الا ذكر الله . وقيل معنى عذرا أنه يعذر التائب إذا رأى نعمة الله في الغيث فرجع لنفسه تائبا مستغفرا ونذر معناه أنه ينذر الغافلين الذين ينسبون المطر للانواء وإن قلت إذا فسرنا المرسلات بملائكة العذاب فكيف يكونون هم أو ارسالهم معروفا قلت هم معروفون للانبياء والمؤمنين ولغيرهم فانهم قد سمعوا باهلاك الملائكة من طغى وإن قلت إذا فسرنا لفظا بالملائكة وآخر بالرياح فما انهم المناسية بين الملائكة والرياح حتى جمعت في القسم قلت انهم في ١٢٨ اللطافة والسرعة كالريح وإذا قسرنا عرفنا بالمعروف ضد الحرام فهو مفعول لاجله اي أمر بمعروف فبهذا التاويل اتحد فاعله وفاعل الارسال واتضنحت المصدرية وإذا فسر بالافضال بكسر الهمزة فهو مفعول لاجله بلا تاويل وإذا فسر بالمعرفة فهو حال اي ارسلت وهي معروفة او ذات معرفة عرفها الناس أو مفعول مطلق اي ارسال عرف أو رسالا معروفا أو ذا عرف قال ابن هشام ان كانت المرسلات الملائكة والعرف المعروف فعرفا مفعول لاجله أو منصوب على نزع الخافض وهو الباء وإن كانت المرسلات الارواح أو الملائكة وعرفا بمعنى متتابعة فحال أو عذرا مفعول لاجله وبدل من ذكر وهو مصدر عذرا وجمع عذير بمعنى المعذرة ونذير بمعنى الانذار أو جمع نذير بمعنى الانذار وإذا جعلا جمعي عذير ونذير بمعنى عاذر وناذر فالنصب على الحالية وقرأهما ابو عمر وحمزة والكسائي بالاسكان . "(انما توعدون) من البعث والعذاب فالخطاب للمشركين وقيل من الخير والشر فالخطاب للناس (" .لواقع) يقع بلا ريب والجملة جواب القسم وأقسم بتلك الاشياء تعظيما لها وتذكيرا بها وقيل الاصل ورب المرسلات وعطف العاصفات بالفاء ليدل على أن العصف عقب الارسال وكذا الملقات على الفارقات لأن الالقاء عقب الفرق وإذا قلنا الكلمات كلها مسمى واحد فذلك من باب عطف الصفات لموصوف واحد . "( فإذا النجوم طمست) محي نورها س وبعد محوه تنثر ويجوز أن يراد بطمسها إذهابها فهو نثرها المذكور في آية أخرى "(وإذا السماء فرجت) ١٢٩ شقت وجعلت فرجا فكانت أبوابا "(وإذا الجبال نسفت) فتتت وسيرت وقيل قلعت من اماكنها وعن الحسن ذهبت من اصولها فكانت هباء منبثا وعن الكلبي سويت بالأرض وقيل نسفت كالحب إذا نسف بالمنسف وقيل أخذت بسرعة من اماكنها من نسفت الشيء أخذته بسرعة وبخطف (وإذا الرسل أقتت) جمعت لوقت تنتظره أو عين لها وقت يحضرون فيه للشهادة على الامم وذلك في يوم القيامة قيل ومن هذه الآية انتزع القضاة الاجال في الحكومات ليقع فصل القضاء عند تمامها والهمزة بدل من الواو قال الفراء كل واو انضمت وكانت ضمتها لازمة جاز ان تبدل منها همزة وقرأ أبو عمرو وقتت بالواو على الاصل وزعم بعضهم عن مجاهد ان معنى اقتت اجلت اجلا يعيشون فيه وقرىء طمست وفرجت ونسفت بالتشديد وجواب إذا الأولى محذوف اي وقع الفصل بين الخلق ولاجواب لاذوات بعدها لأنهن تبع لها ودل على المحذوف قوله "(لاي يوم أجلت) اي أجلت ليوم عظيم بالشهادة على الامم بالتبليغ "(ليوم الفصل) بين الخلق متعلق بمحذوف مستأنف للبيان وليس بدلا من قوله لأي يوم وإلا قرن بهمزة الاستفهام وذلك تعظيم وتهويل وتعجيب ويجوز كون لاي يوم أجلت مفعولا ثانيا لاقتت بمعنى اعلمت (وماأدراك مايوم الفصل) من أين تعلم غايته ولم تر مظه قال الحسن انك لم تدر مايوم الفصل حتى اعلمتك به وهذا تعظيم آخر . "(ويل) هو في الأصل مصدر منصوب بمحتوف من معناه وهو هلك وقيل له فعل من لفظه وهو وال كفال ثم عدل به الى الرفع على الابتداء للدلالة ١٣٠ على الثبوت ثبوت الهلاك رسوغ الابتداء به سوقه مساق الدعاء وتعليق اليوم به أو وصفه به وقيل الويل اسم لواد في جهنم "(يومئذ للمكذبين) بالتوحيد والنبوة والبعث والجزاء ويجوز تعليق اليوم بما تعلق به للمكذبين . وليس مايأتي بعد ذلك من قوله" ويل يومئذ للمكذبين " بتوكيد بل كل منها مرتب على مالم يرتب عليه الآخر وزعم بعض انه توكيد لفظي مع انه اكثر من ثلاث ولعل مراده أنه توكيد لفظي من حيث المعنى كما أردت المبالغة في قيام زيد فصرت كلما ذكر أحد أنه لم يقم أو شك فيه قلت قام زيد ردا عليه فافهم وعلى ماذكرت أولا يقدر لكل واحد مالم يقدر للآخر فيقدر للثاني مثلا "ويل يومئذ للمكذبين بآياتنا" أو يطلق فيه التكذيب عاما أو هذا الويل الثاني للأهلاك في الدنيا والأول في الآخرة "(آلم نهلك الأولين) ءكقوم نوح بتكذيب الرسل وقرأ قتادة نهلك بفتح النون من هلك الثلاثيوعاد وثمود المتعدي كاهلك والاستفهام إنكار أو تقرير (ثم نتبعهم الآخرين) نظرائهم في الكفر ككفار مكة.كما يدل له قراءة ابن مسعود ثم سنتبعهم وكذا تدل هذه القراءة على ماقيل ان الآخرين هم الذين تقوم عليهم الساعة والعطف على مجموع الهمزة ولم ومابعدها عطف خبر على طلب فليس الاستفهام متسلطا على المعطوف ولاالنفي ولاالمضي أو العطف على محذوف أي أهلكناهم ثم نتبعهم الآخرين بناء على جواز عطف المضارع مع بقائه للاستقبال على الماضي مع بقائه على المضي ومن أجاز مجيء فثم للاستئناف جعل ذلك مستانفا .وقرىء بالجزم ونسب لابي عمرو والاعرج ١٢٣١ فالعطف على نهلك فيتسلط عليه الاستفهام والمضي والنفي وثم للدلالة على تراخي هلاك الآخرين وهم قوم شعيب وقوم لوط وقوم موسى عن هلاك الأولين فالتخرون هم المتأخرون من المهلكين (كذلك نفعل) أي مثل ذلك الفعل الشنيع نفعل (بالمجرمين) بكل من أجرم وقيل المجرمون هم الأولون والآخرون إقامة للظاهر مقام المضمر ليصفهم بموجب الاهلاك وهو الاجرام وعليه فالكاف زائدة أو للتنشبيه من حيث أنا إذا وصف لنا شىء فلسنا ندرك حقيقته لعدم حضوره فلا نتحصل الا على المية والمضارع لحكاية الحال الماضية إذا قلنا الأخرون هم بقية المهلكين كقوم شعيب قال صاحب المستطرف وهو صاحب الكافية بتشديد الياء في مدح النبي صلى الله عليه وسلم التي منها " ياسيد السادات جئتك قاصدا صلى اعرابي خلف امام فقرا" ألم نهلك الأولين" وكان في الصف الأول فتأخر الى الصف الآخر فقرا "ثم نتبعهم الآخرين" فتقدم للصف غير الآخر فخرج وقالفقر "كذلك نفعل بالمجرمين "وكان اسمه مجرما فأخذ كساءه ان الإمام أهلك الأولين والآخرين وأراد أن يهلكني في جملة القوم والله لا رأيته بعد اليوم . وإنما قلت بتشديد الياء لأنه نسبه الى الكاف لأن رويها كاف وإما الكافية التي هي نظم لابن مالك مثلا فغير مشدد لأنه اسم فاعل كفى (ألم نخلقكم من ماء مهين) ضعيف مستقذر وهو المني (فجعلناه في قرار) هو الرحم " ١٣٢٢ (مكين) حريزغ والفاء لترتيب الأخبار أو على أصلها من الترتيب في الحكم بناء على أن الخلق المراد به التقدير والإرادة المقارنان للفعل أو إخراج ماء من الصلب على أنه فلان (الى قدر معلوم) عند الله للولادة تسعة اشهر أو أقل أو أكثر (ققدرنا) اي قدرنا ذلك تقديرا وقر غير نافع والكسائي بالتخفيف من القدرة أي قدرنا على ذلك أو بمعنى المشدد وهو التقدير ورجح بقراءة التشديد ولقوله" من نطفة خلقه فقدره "ورجح التفسير بالقدرة بقوله "(فنعم القادرون) نحن وأقول ان التشديد يحتمل أن يكون بمعنى التقدير وهو جعل الشيء على قدر مخصوص وأن يكون من القدرة وعلى هذا فالتشديد للمبالغة والتخفيف يحتمل أن يكون بمعنى القدرة ويحتمل ان يكون بمعنى التقدير المذكور من قدر بالتخفيف بمعنى قدر بالتشديد فالقادر لايتعين ان يكون اسم فاعل لقدر الذي هو بمعنى القدرة لجواز كونه من قدر بمعنى قدر المشدد وقد فسر ابن مسعود رضي الله عنه رواية عن النبي صلى الله عليه وسلم القادرون بمعنى المقدرين (ويل يومئذ للمكذبين) بقدرتنا على ذلك أو على الاعادة والقادر على الابتداء قادر على الإعادة . "(ألم نجعل الأرض كفاتا أحياء وأمواتا) قال ابن هشام في معنى الآية قولان أحدهما ان الكفات الأوعية وهي جمع ومفردها كفت والاحياء والأموا ت كناية عما ينبت منها وما لاينبت والثاني أن الكفات مفرد مصدر كفته إذا ضمه وجمعه ونظيره في المعنى والوزن كتبه كتابا والتقدير ذا فعلىاد ممرا ل بها بنواتقول زيد عد ل و لأحيا ء و لأموا تكماكقفات ٣٢٣۔‎١ التفسير الأول أحياء وأمواتا .صفتان لكفاتا وكأنه قيل أوعية حية وميتة أو حالان من الأرض أو من كفاتا على ضعف في ذلك لكونه نكرة ولايسوغ ذلك تقدم النفي لأن النفي المقرون بهمزة الاستفهام يراد به الثبوت فكأنه قيل جعلنا الأرض كفاتا وأجاز بعضهم أن يكون تمييزا كما تقول عندي نحي سمنا وراقود خلا وفيه نظر لأنه مشتق ولأن النحي والراقود ليسا نفس السمن والخل بل محل لهما والأحياء والأموات نفس الكفات وعلى التفسير الثاني هما مفعولان لمحذوف دل عليه كفاتا والتقدير الم نجعل الرض كفاتا لجمع أحياء وأمواتا وأجاز بعضهم أن يكونا مفعولين لكفاتا نفسه وليس بشيع لانه ليس مقدرا بان والفعل انتهى وقيل الكفات اسم لما يجمع وبضم كالضمام والجماع لما يضم ويجمع لامصدر ولاجمع وعلى هذا يصح التمييز وتصح المفعولية محذوف اي كفتت أحياء على ظهرها وأمواتا في بطنها ويصح ان يكون جمع كافت كصائم وصيام فاحياء مفعول محذوف اي كفتت الانس أحياء وأمواتامفعوله أو حال من والكفت الضم ولذلك تسمى الأرض إما لأنها تضم كما تضم الام ولدها وخرج الشعبي الى مقبرة فقال هذه كفات الموتى ثم نظر الى البيوت فقال وهذه كفات الأحياء . واستدل بعض أصحاب الشافعي على قطع النباش بان الله تعالى جعل الأرض كفاتا للأموات فكان بطنها حرزا لهم فالنباش سارق من الحرز وانما نكر أحياء وأمواتا مع أنها كفات للأحياء والأموات جميعا للتفخيم أي ١٣٤ أحياء لايعدون وأمواتا لايحصرون أو لأن أحياء الأنس وأمواتهم بعض من جملة الأحياء والأموات ولا أشكال على الحالية من المحذوف أي كفتهم أحياء وأمواتا . "(وجعلنا فيها رواسي) جبالا ثوابث "(شامخات) مرتفعات والتنكير للتفخيم ولان منها مالم يعرف ولم ير "(واسقيناكم ماء فراتا) بخلق الأنهار والمنافع ى والفرات العذب الصافي "(ويل يومئذ للمكذبين) بأمثال هذا النعم "(انطلقوا) اي يقال لهم يوم القيامة انطلقوا "(الى ماكنتم به تكذبون) من العذاب "(انطلقوا الى ظل ذي ثلاث شعب) بدل من انطلقوا الى ماكنتم به تكذبون كقوله عز وجل "واتقوا الذي أمدكم بما تعلمون أمدكم بانعام" الخ ‏٠ وعن بعض أنه توكيد لفظي كقولك جاء زيد بذهب جاء زيد بعمسجد ومن أجاز عطف البيان في الجملة أجاز أن يكون عطف بيان . وقرأ يعقوب بفتح اللام على الاخبار فالجملة مستأنفة امتثلوا الامر اضطرارا والظل دخان جهنم بتشعب الغطمة ثلاث شعب وهكذا الدخان العظيم تراه يتفرق ذوائب وكان ثلاثا لان حجاب النفس عن أنوار القدس الحس والخيال والوهم او لان المؤدي الى هذا العذاب هو القوة الواهمة الحالة في الدماغ والنضبية التي في يمين القلب والشهوة التي في يساره ولذلك قيل شعبة عن يمين الكافر وشعبة عن يساره وشعبة فوقه يكون فيه حتى يفرغ الناس من الحساب كما يكون اولياء اللة في ظل عرشه وقيل يخرج عنق من النار فيشعب ثلاث شعب على رؤوسهم وعن ايمانهم وعن ١_ ٢٣٥ شمائلهم0وعن ابن عباس الخطاب لعبدة الصليب لأن له ثلاث شعب وإذا راؤوا شعب الدخان الثلاث التجأوا اليها ظنا أنها الظل "(لا ظليل) تهكم بهم وتعريض بان ظلهم غير ظل المؤمنين ورد لما يوهمه لفظ الظل فهو لا يظلهم من شدة الحر كما قال "(ولايغني من اللهب) من النار اي لايزيل حرها "(انها ترمي ) يعني النار وعبر بعض بان الضميرين للشعب ٭ (بشرر) مايتطاير منها وقرىء بشرار ورقق بعضهم الراء الاولى ومن شرر كالثانية اعتبارا للكسر بعدها واكثر العرب انما يعتبر السبب في الترقيق إذا تقدم وبعضهم يعتبره متأخرا أيضا "(كالقصر) اي كل شرارة كالقصر من القصور في عظمة وقيل جمع قصرة وهي الشجرة الغليظة كجمر وجمرة وقيل أصول النخل .وقيل القصر خشب تدخر في الجاهلية للشتاء ونسب لابن عباس وروي عن بعض أنا كنا في الجاهلية نعمد إلى الخشبة فنقطعها ثلاث اذرع وأكثر وأقل وتدخرها للشتاء وكنا نسميها القصر وروي الأول عن عباس وعن جماعة وقرىء بفتح القاف والصاد وهي اعناق الابل ونسبت هذه القراءة لابن عباس وروي أنه فسرها بجذور النخل ومثله شجر وشجرة وقر ابن مسعود بضمهما كرهن ورهن بمعنى القصور وقرأ ابن جبير بكسر القاف وفتح الصاد كحاجة وحوج . "(كأنها جملات) جمع جمال أو جمالة جمعي جمل فهو جمع الجمع كرجال ورجالات وأقوال وأقاويل س واكلب وأكالب هذا تفسير الجمهور . وقال ابن عباس حبال السفن تجمع فتكون كاوسط الجمال مستديرة وقيل النوق وقرىء جماله بالضم ونسب لابن عباس وهي حبل السفينة وقرأ ‏__١٣٦١ يعقوب ورويس جمالات بالضم وهي حبالها وقيل فلوس الجسور وقرأ حمزة والكسائي جمالة بالكسر بمعنى الجمال وقيل الجملات بالكسر السفن قيل شبهت بالقصور ثم بالجمال لبيان التشبيه الا تراهم يشبهون الابل باللمقدان والمجادل (صفر) فإن الشرر لما فيه من النارية يكون أصفر وقيل المعنى سود تضرب الى الصفرة . قال عمران بن حطان بمثل الجمار الصفر نزاعة الشوىدعتهم باعلى صوتها ورمتهم وقال ابو العلاء المعري ترفي بكل شرارة كطرافحمراء ساطعة الذوايب كالدجا فشبهها بالطرف وهو يبت الادم في العظم والحمرة وكأنه قصد بخبثه ان يزيد على تشبيه القرآن وتحجه بماسؤل له من توهم الزيادة جاء في صدر بيته بقوله حمراء توطية لها ومناداة عليها وتنبها للسامعين على مكانها ولقد عمي جمع الله له عماء الدارين عن قوله عز وجل كأنه جمالات صفر فإنه بمنزلة قوله كبيت احمر لا بل ابلغ وعلى ان في التشبيه بالقصر وهو الحصن تشبيها من جهتين من جهة العظم ومن جهة الطول في الهواء وفي التشبيه بالجمالات وهي الفلوس تشبيه من ثلاث جهات من جهة الطعم والطوال والصفرة فابعد الله اغرابه في طرافه وما نفخ في شدقيه من استطرافه . قال الزمخشري والاغراب الاتيان بما هو غريب قيل وشبهه ايضا بالجمال في الكثرة والتتابع والاختلاط وسرعة الحركة وأقول الظاهر الذي لاشك فيه ١٣٧ ان الشرر اسرع من الجمل الا ان كان شرر نار الآخرة ليس كشرر نار الدنيا ث وعن بعضهم ان صفر معناه سودوان سواد الابل يضرب الى الصفرة والعرب تسمي سواد الابل صفرا لانه الى صفرة وفي الحديث شرر نار جهنم اسود كالقيران وكذا النار نفسها لاضوء لها والقير القار وهو القطران وقيل الصفر قطع النحاس وقيل هو على ظاهره من الصفرة الخالصة واختلف في الشرر فقيل مفرد وقيل جمع مفرد شرره وكذا جمع شراره . الشرار مفرد أو "(ويل يومئذ للمكذبين) بذلك (هذا يوم لاينطقون) لاحجة تنفعهم يتكلمون بها أو هم لايتكلمون حيرة أو يختم على أفواههم وهذا في بعض مواقف يوم القيامة ويتكلمون في بعض ويختصمون في بعض فو المراد أنهم لاينطقون بما ينفع والنطق بما لاينفع كلا نطق ولاينطقون مضاف اليه . وقر الاعمش بنصب اليوم على الظرفية فهو متعلق بمحذوف خبر اي واقع يوم لاينطقون والجملة مضاف اليها ويبعد ان يقال فتح يوم بناء لانه انما اضيف لجملة فعلها مضارع معرب ( .ولايؤذن لهم فيعتذرون ) اي الايؤذن لهم في الاعذار فلا يعتذرون فالعطف على يؤذن فالنفي متسلط عليه كما رأيت والفاء لمجرد التعقيب وليست للسببية فكأنه قيل لايكون لهم إذن واعتذار متعقب له وفي الرفع موافقة الفواصل ب والعرب تستحت وفاقها ولو جعلت للسببية لاتنصب بحذف النون فتفوت الموافقة ويدل على ان عدم اعتذار لعدم الاذن وان لهم عذرا لم يؤذنوا فيه مع أنه لاعذر لهم اصلا قال _ ١٣٨ الجنيد اي عذر لمن عارض منعمه وكفر اياديه ونعمه وقيل ربما تخيلوا ان لهم عذرا تخيلا فاسدا فلم يؤذنوا في ذلك العذر الفاسد وقد ذكر ابن هشام بعض ذلك في شرح الشذور وغيره ويسطته في حاشيته "(ويل يومئذ للمكذبين) إذ لم يكن لهم عذر بنفعهم (هذا يوم الفصل) بين أهل الجنة وأهل النار أو بين العباد في الحقوق أو جميع ذلك وتقدم مشه " (جمعناكم والأولين) بيان للفصل لأنه لابد من الجمع ليقع الفصل والخطاب لكفار الامة والاولون كفارالأمم والعطف على الكاف او الواو واو المعية وقرع لهم على كبدهم لدين الله وأهله وأظهر عجزهم كقوله "(فان كان لكم كيد) حيلة في دفع العذاب أو ضر "(فيكدون) عاملوني بها او ضروني بها اي لاكيد لكم تكيدونني به (ويل يومئذ للمكذبين) حيث انقطعت عنهم الحيل . . "(إن المتقين) للشرك تصديقا بالله وكتابه ونبيه "(في ظلال) جمع ظل وهو ظل الشجر والبناء وهذا كنايه عن البرد السليم النافع وتكاثف الاشجار والبناء لانه لاشمس تظلل الاشجار والبناء من حرها إذ ليس في الجنة مايؤذي (وعيون وفواكه) الظرفية باعتبار العيون والفواكه مجازية بخلافها باعتبار الظلال ففي الآية دليل على جواز الجمع بين الحقيقة والمجاز فان العيون والفواكه ليست اوعية لهم ولكنها قريبة منهم لا تمتنع حيث ارادوها فجاء ت الآية على طريق المبالغة حتى كأنهم فيها ومانع الجمع يجعل في بمعنى عند أو يقدر في التي للظرفية المجازية قيل العيون . "(مما يشتهون) والمراد أنهم في أنواع الترفه وإن ماكل الجنة ومشاربها ١٣٩ بحسب شهواتهم بخلاف الدنيا فبحسب مايجد الناس في الاغلبب (كلو ( محكي بقول مقدر مستأنف أو بقول مقدر حال من ضمير الاستقرار اي يقال لهم او مقولا لهم كلوا "(واشربوا هنيئا) حال اي متهنئين ومر غير "(بما كنتم تعملون) من الطاعات قيل إنما يقال لهم ذلك في الآخرة إعلاما بأنهم كانوا احقاء بذلك في الدنيا كقولك فيمن مات لاتمت بلى والله قد مات "(انا كذلك نجزي المحسنين) فليس جزاء الكفار ذلك لأنهم غير محسنين فالآية تذكر كما يفوتهم . "(ويل يومئذ للمكذبين) إذ فاتهم ذلك النعيم الدائم الخالص مما ينغخصه وعوضوا العذاب العظيم مع خلاص ذلك النعيم لخصومهم ونحاه خصومهم من ذلك العذاب والمحسنون هم المتقون المذكورون وقيل غيرهم "(كلوا وتمتعوا قليلا انكم مجرمون) الظاهر انه قال هذا للكفار في الدنيا تذكيرا وتهديدا لهم بما جنوا على أنفسهم من ايثار القليل الفاني على الكثير الدائم وظاهر اللفظ أمر ومعناه نهي بليغ وزجر عظيم والخطاب لكفار مكة وقيل يقال لهم ذلك في الآخرة اعلاما بانهم كانوا في الدنيا احقاء بان يقال لهم تذكيرا بافعالهم الشنيعة وقليلا ظرف زمان أو غير ذلك مما مر وغايته الموت وذكر الاجرام اعلام بانه الموجب لقلة التمتع ودوام الهلاك والجملة مستانفة الاستقرار علىعلى القول الاول أو حال من المكذبين أضوميره أو ضمير تقدير القول ومحكية يقول على الثاني "(ويل يومئذ للمكذبين) حيث باعوا. التمتع الدائم الكثير بالقليل المنقطع قال بعضهم ومن جعل الآية مدنية أعني ١٤٠ كلوا وتمتعوا قليلا " ( ويل يومئذ للمكذبين )قال هي في المنافقين الذين اسروا الشرك "(وإذا قيل لهم اركعوا) صلوا والركوع بعض الصلاة "( لايركعون ) لايصلون امر صلى الله عليه وسلم ثقيفا بالصلاة فقالوا لاتنحني فانها مسبة وعسى ان نفعل غيرها فقال لاخير في دين ليس فيه ركوع ولاسجود قيل ماكان على العرب أشد من الركوع والسجود وقيل نزل ذلك في قريش وقيل المراد بالركوع الخضوع لامر الله قال بعضهم في الآية دليل على أن الامر للوجوب وأن الكفار مخاطبون بفروع الشريعة وعن ابن عباس انما يقال ذلك للكفار يوم القيامة يوم يدعون الى السجود فلايسجدون فالركوع السجود لان فيه انحناء مثل السجود "(ويل يومئذ للمكذبين ) لامتناعهم من الصلاة "(فباي حديث بعده) اي بعد القرآن نعت لحديث أو متعلق بما بعده كما تعلق به قوله باي "(يؤمنون) إذا لم يؤمنوا بالقرآن مع أنه أوضح دليل فلا يؤمنون بغيره وروي عن ابن عباس ويعقوب تؤمنون بالمنشاة الفوقية. اللهم يارب ببركة نبيك محمد صلى الله عليه وسلم وبركة السورة آخز النصارى واهنهم واكسر شوكتهم وغلب المسلمين والموحدين عليهم صلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم عدد كل رومي كفر به . ١٤١ عمسورة وتسمى سورة النبأ وسورة التساؤل وسورة المعصرات س مكية وآيها أربعون وقيل إحدى وأربعون وكلماتها مائة وثلاث وسبعون وحروفها تسعمائة وسبعون.قال صلى الله عليه وسلم من قرأ سورة " عم يتسالون" سقاه الله برد الشراب يوم القيامة وإن قرأها مسافر حفظ حتى يرجع وتعليقها على الذراع قوة وإن دخل بها على سلطان أمن شره . بسم الله الرحمن الرحيم "(عم) أصله عن ما عن الجارة وما ا لإستفهامية أبدلت نون عن ميما وأذعمت في الميم وحذفت الألف ى ماء الأستفهامية لدخول الجار،قال ابن هشام فرقا بينها وبين ما الخبرية يعني الموصولة والشرطية نحو سألت عما سألت عنه. قال الشيخ خالد ولم يعكسوا فيحذفوا من الخبرية لأن ألفها غير متطرفة وألف الإستفهامية متطرفة لأنها في نية التأخير عن العامل وألف الخبرية في حشو الصلة والشرط ولذا تثبت ألف الإستفهامية إذا ركبت مع ذا وقر عكرمة وعيسى بن عمر عما بإثبات الألف شذوذا كما ثبت ضرورة س وقال الأخفش لغة وقر البزي عمه يخلف عنه بهاء السكت وقفا أو إجراء للوصل مجرى الوقف وذلك أنه تليها هاء السكت في الوقف بعد حذف الألف حفظا للفتحة ومن العرب من يقول عم بإسكان الميم وقفا ويتعلق بقوله . -۔١ ٤٢ ‎ "(يتساعلون) والضمير للمشركين من أهل مكة والإستفهام تفخيم لما سئلوا عنه كأنه لفخامته خفي فيسآل عنه فسئل عنه بعم وهو عالم به وهو البعث وقيل القرآن وقيل نبوة محمد صلى الله عليه وسلم وكانوا يسألوا بعضهم بعضا فذلك التساؤل أو التساؤل لموافقة المجرد ى والمعنى يسالون المؤمنين ونبيهم إستهزاء أو الضمير للكافر مطلقا ألولناس مطلقا المسلمون يتساعون ليزدادوا خشية واستعدادا والكافرون ليزدادوا استهزاء وإن قلت كيف يختلف الكافر قلت منهم الجازم بالتكذيب ومنهم الشاك وقر يسآلون بتشديد السين وإبدال التاء سينا وأدغم السين في السين . "(عن النبا) الخبر "(العظيم) متعلق بمحذوف بيان للمتسائل عنه أي يتسآلون عن النبأ العظيم والجملة مستأنفة وهذا أولى من تعليقه بيتسالون قبله فيتعلق عم بيتسالون محذوفا لأن الحذف من الآخر لدلالة الأول أولى لكن قراءة البزي عمه بهاء السكت تدل عليه وكذا قرأ ابن كثير ويعقوب إلا أنه قيل أجروا الوصل مجرى الوقف . والنب العظيم كما مر البعث عن قتادة أو القرآن وعليه الجمهور ومجاهد أو النبوة دعاهم صلى اللة عليه وسلم إلى التوحيد وأخبرهم بالبعث وأنه رسول تتكذبوه فيحتمل أن النبة ذلك كله س وعن ابن عباس وقتادة في رواية عنه أن الني هو الشرع الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم . "(الذين هم فيه مختلفون) قطعا بالنفي وشكا إن قلنا الضمائر للمشركين من أهل مكة أو مطلقا أو إقرارا وإنكارا س وإن قلنا للمسلمين والكفار ١٤٣ فالمسلمون مصدقون والكفار غير مصدقين بل منكر وشاك وأيضا يقولون في القرآن والنبي اقوالا مختلفة من سحر وكهانة وشعر وكذب . "(سيعلمون) ما"( كلا) زجر عن الإختلاف ونفي لصحة مدعاهم يتسآلون إستهزاء إذا وقع وهذا وعيد وكذا إن قلنا معناه سيعلمون عاقبة التكذيب والشك ‏ (٦ثم كلا سيعلمون) زجر ووعيد آثر آخرين توكيدا لفظيا والعطف بثم دلالة على أن هذا الزجر والوعيد الاخرين أشد من الأولين وقيل الأولان عند النزع والآخران يوم القيامة0وقيل الأولان للبعث والأخران للجزاء وإذا قلنا أن الضمائر للناس مطلقا فيعلمون وعد المؤمنين لتصديقهم ووعيد الكفار لتكذيبهم وقرأ ابن عامر ستعلمون بالتاء في الموضعين على طريق الالتفات أو على إضمار قل ثم أشار إلى القدرة على البعث للجزاء بقوله . "( ألم نجعل الأرض مهادا ) فراشا كالمهد وقرىء مهدا باسكان الهاء أي كالمهد للصبي وهو ما يمهد له فينام عليه تسمية للممهود بالمصدر كهذا الدرهم ضرب الأمير أي مضروبة أو أطلق معنى المصدر عليها مبالغة أو يقدر مضاف أي ذات مهد "(والجبال أوتادا) لها لئلا تمتد كما تثبت الخيمة بالأوتاد فمن فعل هذا الأمر العجيب كيف لايقدر على أيجادكم ثانيا ولا شيء من أفعاله تعالى عبث لأنه الحكيم وقد اقتضت حكمته البعث للجزاء والإستفهام إنكارا للإنتفاء أتوقريرا بما عند المخاطبين . "( وخلقناكم أزواجا) أصنافا ذكورا وإناثا "(وجعلنا نومكم سباتا) راحة ١٤٤ لابدانكم من التعب وقمعا له والسبت القطع والنوم قاطع للحركة والإحساس فتحصل الراحة وقيل السبات الموت والمسبوت الميت من السبت وهو القطع وذلك لأن النوم إحدى الموتين والحياة في النهار كما قال " والنهار معاشا" وقيل السبات السكون وعن النبي صلى الله عليه وسلم ما من مسلم يبيت على ذكر طاهرا ويستيقض من الليل فيسال الله خيرا من الدنيا والآخرة إلا أعطاه الله إياه س وكان فراشه صلى الله عليه وسلم نحوا مما يوضع الإنسان في قبره وكان المسجد عند رأسه . "(وجعلنا الليل لباسا) إستعارة لأنه يستر بسواده عن العيون ما أردتم ستره مثل أن تختقوا عن العدو أو تختفوا لتقعوا عليهم وكاإاخفاء ما لا تحبون الإطلاع عليه فهو ساتر عن العيون كالثوب ٭(وجعلنا النهار معاشا) أي وقت عيش س أي وقت حياة تستيقضون فيه أو وقت ما يعاش به تتقلبون فيه تحصيله أو يقدر هكذا سبب معاش "( وبنينا فوقكم سبعا) "(شدادا) أقوياء محكمات لايؤثر فيها مرور الدهور وهوسبع سموات "(وجعلنا سراجا وهاجا ) أي خلقنا شيئا منيرا وقادا يتلألاجمع شديدة.. وهو الشمس ى يقال وهجت النار أي أضأت وهو صفة مبالغة أو سراجا بالغا في الوهج وهو الحر والأول للكلبي والثاني للحسن قال بعضهم الوهج بجمع النور والحر وعن ابن كثير أن إطلاق السراج على الشمس مجاز وهو الصحيح "(وأنزلنا من المعصرات) السحب إذا عصرت أي شارفت أن تعصرها الرياح فتمطر أو تأهلت لذلك أو عرضت له كقولك أحصد الزرع أي شارف الحصد أو تأهل له وأباع زيد جاريته أي عرضها للبيع _ ١ ٤٥ ويقال أعصرت الجارية أي شارفت أن تحض أو المعصرات الرياح التي حان لها أن تعصر السحاب وقد قرأ عكرمة بالمعصرات فيصح ارجاع الباء لمن ومن للباء لأنه إذا كان الإنزال منها فهو بها كما تقول اعطاني من يده درهما وأعطانيه بيده وقيل الرياح ذوات الأعاصير وإنما جعلت مبتدأ للانزال لانها منشأ السحاب وتذره . وعن الحسن وقتادة المعصرات السموات وذلك أن الماء ينزل من السماء الى السحاب فكأن السموات يعصرن أي يحملن على العصر ونسب بعضهم لابن عباس والجمهور أن المعصرات السحب القاطرة وأن السحاب ينعصر فيخرج منه الماء ونسب لابن عباس أن المعصرات الرياح ذوات الأعاصير وقيل المعصرات المغيتات والعصر الغيث ونسب لابن كيسان قيل يريد التي حان لها أن تعصر أي تغيث . "(ماء ثجاجا) صفة مبالغة من ثج اللازم أي منصبا بكثرة ومن المتعدي أفضل الحج العج والثج أي أفضل أموره رفع الصوت بعاليه وصب دماء المدي ويحتمل اللزوم أي انصبابها وقر الاعج ثجاجا بضم الثاء ككبار بضم الكاف وفيه مبالغة أيضا بل هو أبلغ لأنه مشدد كالأول وزاد بالضم فهو مفرد ويحتمل أن يكون جمعا كركع مما ورد في غير العاقل فلا مبالغة وإنما نعث الماء على هذا بالجمع لأنه صادق على مياه. "(لنخرج به حبا) ما يأكله الناس كالبر والشعير "(ونباتا) نحو الحشيش والتبن من علف الدواب كلوا وأرعوا أنعامكم "( وجنات ألفافا) بساتين .١٤٦ ملتفة وقال الكلبي ألفافا جمع لفيفة كإشراف إذا كان جمع شريفة وقيل لا مفرد له من لفظه كالأوزع والخزف وقيل مفرده لف بكسر اللام وفتحها وقال ابن قتيبة جمع جمع المفرد لفاء وجمعه لف بضم اللام وجمع هذا الجمع ألفاف ورد بأنه لانظير له هذا مراد جار الله لا كما فهم القاضي كلامه أنه لانظير كخضراء وخضر وإخضار وحمراء وحمر وإحمار فإنه إنما أراد أن مثل هذا غير وارد واختار الجار أنه جمع ملتفة جمع بحذف الزوائد ولعل القاضي فهم كلام الجار أنه لم يرد من كلامهم ما يماثل لفظ إخضار ولفظ إحمار في جمع خضر وحمر . "( إن يوم الفصل ) بين الخلق "(كان) في علم الله وحكمه "(ميقاتا) ‏ ٠حدا توقت به الدنيا أو حدا للخلائق يردونه ويصلون اليه وقيل وقتا للثواب "( يوم ينفخ في الصور) يوم بدل من يوم لا عطف بيان كماوالعقاب أجاز أن يوم الفصل معرفة ويوم ينفخ نكرة على ما اشتهر عند النحاة من أن الفعل وحده والجمله نكرتان والمعرفة لاتبين بالنكرة وأقول أجاز بعضهم بيان المعرفة بالنكرة والعكس والنكرة بالنكرة وبعد فإن إطلاق التنكير على الفعل أو الجملة لايظهر وكذا التعريف نعم التحقيق أن نسبة الفعل أو الجملة إن كانت معهودة فهي في معنى المعرفة فعلى هذا صح جعل يوم بدلا من يوم لإضافته لجملة نسبة الفعل فيها معهودة فكأنه قيل يوم النفخ لا كما قيل أن نسية ذلك نكرة أبدا كذا ظهر لي فتفطن ويجوز كونه مفعولا لأعني وفي الصور متعلق بينفخ على النيابة "( فتأتون) من المقابر إلى الموقف ‏ ٤٧لد "(أفواجا) جماعات مختلفات.جماعة كالقرود وهم النمامون وجماعة كالخنازير وهم أهل السحت وجماعة منكسون يسحبون على وجوههم وهم أكلة الربا وجماعة عمي وهم الجائرون في الحكم وجماعة صم بكم وهم المعجبون بأعمالهم وجماعة يمضغون ألسنتهم فهي تدلى على صدورهم يسيل القيح من أفواههم بتقذرهم أهل الجمع وهم العلماء الذين خالف قولهم عملهم وجماعة مقطعة أيديهم وأرجلهم وهم المؤذون جيرانهم وجماعة مصلبون على جذوع من نار وهم الساعون بالناس الى السلطان وجماعة أشد نتنا من الجيف وهم التابعون للشهوات المانعون حق الله عز وجل وجماعة يلبسون ثيابا سابغة من قطران لازقة بجلودهم وهم المتكبرون أهل الخيلاء وهؤلاء كلهم في هذه الأمة والسعداء منها على أحوال حسنة . سأل معاذ النبي صلى الله عليه وسلم عن الآية فسالت عييناه صلى الله عليه وسلم بالدموع فقال سألت عن عظيم فأجابه بما ذكر وقيل أفواجا أمما مع أئمتهم وفي قوله نمامون تغليب لأن المنكوس ومقطوع الرجلين لايتأتى منه إتيان أو يقال يأتي زحفا وكذا المنكوس بل هذا أشد ولعل المراد بالإتيان الحضور. "(وفتحت السماء) شققت لنزول الملائكة أو لشدة اليوم والتشديد للمبالغة وقر من عدا نافعا وأبا عمرو وابن كثير وابن عامر بالتخفيف وقيل تتناثر حتى تصير مواضع النثر أبوابا "(فكانت أبوابا) هذا على طريق المبالغة أي كانت كلها أبوابا من كثرة الشقوق أو المراد ذات أبواب وقيل المراد أنها = ٤٨ -؛‎١ مبالغة س وقيل تتقطع السماء قطعا صغارا حتى تكون كالواح الباب فهذا كونها أبوابا وقيل فيها أبواب للصعود والنزول تنفتح يومئذ . "(وسيرت الجبال ) أي جعلت ذاهبة عن أماكنها وطارت في الهواء كالهباء "(فكانت سرابا) مثل السراب ى تراه كالجبل ولاتتحصل منه على شيء تذهب وتغني وقيل السراب الهباء تكون كالهباء في الخفة وذلك عبارة عن فنائها "(إن جهنم كانت مرصادا) اسم مكان على غير قياس كالمضمائر لموضع اضمار الخيل أي موضع رصد يرصد فيه خزنة النار الكفار . "(للطاغين) أي الكافرين فلا يتجاوزونها (" .مآبا) مرجعا لهم يدخلونها خبر ثان ويحتمل أن يكون للطاغين راجعا إلى مآبا فقط ومرصادا راجع للمؤمنين أي هي موضع ترصدهم فيه الملائكة الذين يستقبلونهم ليحرسوهم من فيحها عند مرورهم عليها ويجوز أن يكون الرصدة خزنتها تحرسهم من فيحها وممن قال مرصادا للمؤمنين الحسن وقتادة ويجوز أن يكون مرصادا صفة مبالغة أي كثيرة الرصد أو عظيمة لايشذ عنها كافر كمضراب لكثير الضرب أو عضيمه وقيل المعنى أنها طريق للمؤمنين وقيل مهيأة للكفار.قال اين عباس سئل العبد في مجالس على جهنم عن التوحيد فالصلاة فالزكاة فالصوم فالحج فالعمرة فالمظالم فإن لم يوف في واحد انخرق به وإن وقى بها نجا وعن الحسن أنها ترصدهم كما يرصد الأسد للوحش وأنها نزلت في الوليد بن المغيرة وقرأ ابن عمر بفتح همزة أن تقدير لام التعليل . ١‏٤٩ "(لابثين) وقرأ حمزة وروح لبثين بإسقاط الالف على أنه صفة مبالغة كملك ومزق وخذر بكسر الوسط وعدم الألف واللبث في الغالب الإقامة التي تنفك وكادت لا تنفك وهو حال مقدرة أي مقدر لهم اللبث "( فيها أحقابا) جمع قله مفرده حقب بضم الحاء وسكون القاف وضمها مراد به الكثرة التي لا تتناهى . قال الحسن والله ما جعل الله لأهل النار مدة ينتهون اليها لكن كلما مضى حقب تبعه آخر وهذا كما نقول فلان جار بيت بيت لم ترد بيتين بل أردت يجري من بيت إلى آخر ومن الآخر الى الآخر وهكذا٠‏ وكقوله ثم أرجع البصر كرتين ودليل الدوام ذكر الأبد في غير هذه الآية وقوله " فلن نزيدكم إلا عذابا" وغير ذلك ى وعن ابن مسعود لو علم أهل النار أنهم يلبثون عدد حصى الدنيا لفرحوا ولو علم أهل الجنة أنهم يلبثون ذلك لحزنوا فالمعنى أنهم لايرون الدهور المتتابعة ولايكاد يستعمل الحقب والحقبة إلا حيث يراد تتابع الأزمنة وتواليها والإشتقاق يشهد بذلك ألا ترى الى حقيبة الركب تلزمه حيث سافر والحقب الذي ورآه التصديق والحقب ثمانون سنة كل سنة اثناعشر شهرا كل شهر ثلاثون يوما كل يوم ألف سنة من أيام الدنيا روي ذلك عن علي بن ابي طالب وقيل الحقب الواحد سبعة آلاف سنة كلما مضت مدة عقبتها أخرى لانهاية ‏ ٨وعن ابن عباس وابن عمر الحقب ثمانون ألف سنة وعن أبي أمامة عن النبي صلى الله عليه وسلم الحقب ثلاثون ألف سنة ويجوز أن يكون أحقابا قيدا لقوله "(لا ينوقون فيها بردا ولا شرابا إلا ١٥٠ حميما وغساقا ) فتكون الأحقاب حدا إذا انتهت أبدلوا جنسا آخر من العذاب غير الحميم والقساق وأما الخروج فلا حد له ولا وقت وجملة "لايذوقون" حال من ضمير لابٹين ويجوز أن تكون أحقابا جمع حقب بفتح الحاء وكسر القاف من قولك حقب عامهم أي قل مطره وخيره وحقب فلان أخطأه الرزق قهو حال من ضمير لابثين فقوله لايذقون الخ مفسر له حال من ضميره أو ضمير لابٹين وقيل الآية منسوخة بقوله " فلن نزيدكم إلا عذابا" وإنها في الحد والنهاية ورد بأنه لا نسخ في الأخبار والبرد ما يروحهم ويزيد عنهم حر النار من هوائها فإن هواعها حار وقال ابن عباس البرد النوم قال الشاعر: وأن شئت لم أطعم تفاحا ولا بردافلو شئت حرمت النساء سواكم أي ماء باردا عذبا صافيا ولانوما وعليه أبو عبيدة والأول للجمهور ومن البرد بمعنى النوم قول العرب منع البرد البرد وعن ابن عباس البرد الشراب المستلذ البارد وهو خلاف الشراب المطلق بعده والإستثناء منقطع والحميم الماء المتناهي حرارة أوقد عليه منذ خلق السموات والأرض أو الصقر المذاب والقساق ما يغسق أي يسيل من صديدهم . وقيل الغساق القيح الغليظ وقيل الغقساق الذي لايستطاع من برده وهو الزنمهرير وعن بعضهم أن الغساق الزمهرير وهو مستثنى من البرد وأخر لرؤوس الأي والحميم مستثنى من الشراب وأن الاستثناء متصل،وممن قال بأن القساق الزمهرير ابن عباس وقرأ حمزة والكسائي وحفص بالتشديد للسين وقال الحسن والله لقد أدركت .أقواما ما جعل أحدهم بينه وبين الأرض فراش حتى لحق بالله إلا كساه بعضه تحته وبعضه فوقه وقد أدركت أقواما إن كان أحدهم ليعرض له المال الحلال فلا يأخذه ولايعرض له خشية أن يكون هلاكه فيه وإن كان الرجل ليلقاه أخوه في الله فيحسب أنه مريض وما به من مرض إلا أن القرآن آرقه وكان الرجل يلقى الرجل فيقول أخي أتاك إنك وارد جهنم فيقول نعم فيقول أتاك إنك صادر عنها فيقول لا قال ففيم البطاء إذن . "(جزاء) أي جزوا بذلك جزاء فهو مفعول مطلق "(وفاقا) نعت جزاء مبالغة أو يقدر مضاف أي ذا وفاق أو بمعنى موافق أو مفعول مطلق أي وافق أعمالهم وفاقا والجملة نعت جزاء والمراد أن ذلك جزاء على أعمالهم موافق لها ‏ ٠وعن بعض لا ذنب أعظم من الشرك ولا عذاب أعظم من النار وقر أبو حياة وفاقا بفتح الواو وتشديد الفاء صفة مبالغة من وفق الثلاثي يقال وفقه يفقه كوعده يعده . "(انهم كانوا لايرجون ) لايخافون "(حسابا) لانكارهم البعث فعدم الخوف وافقه العذاب المذكور0وفي الآية إشارة الى هذا وقال بعضهم "الرجاء على بابه "(وكذبوا بآياتنا) القرآن وقيل جميع ما جات به الأنبياء وقيل دلائل التوحيد والنبوة والبعث والحساب "(كذابا) تكذيبا لغة قوم فصحاء من اليمن يقولون في مصدر فعل بالتشديد فعالا بالكسر والتشديد لايقولون غير ذلك وفسر بعض هؤلاء القوم آية فقال لقد فسرتها فساراً ما سمع بمثله وعن الفراء سالني اعرابي منهم الخلق أحب اليك ام القصار __١٥٢ يعني التقصير وقرىء بالتخفيف على أنه مصدر كذب بالتخفيف بدليل وكذبتها والمرء ينفعه كذابه فهو اسم مصدر أقيم مقام المصدرفصدقتها وهو التكذيب للدلالة على أنهم كذبوا في تكذيبهم فنصب بالمشدد لأن كل مكذب بالحق كاذب أو مقعول مطلق لثلاثي محذوف أي فكذبوا كذابا بتخفيف ذاليهما أو هو مصدر لكاذب بفتح الذال محذوفا أي كاذبوا كذابا أي مكاذبة كقاتل قتالا وبيان المفاعلة أنهم كاذبون عند المسلمين والمسلمون كاذبون عندهم فكانت بينهم مكاذبة أو منصوب بكذب المشدد المذكور لأن المسلمين قد كذبوا المشركين وسفهوهم فبتكذيب المشركين إياهم تحصل المكاذبة أو إتهم لإفراطهم في الكذب كأنهم محاولون لغلبة غيرهم في الكذب وإذا كان من باب المفاعلة أو من الكذب صح جعله حالا موسسة وإما بمعنى التكذيب فلا تصح الحالية الا على التوكيد وقرىء كذبا بضم الكاف وتشديد الذال جمع كاذب وهو حال مؤسسة فهذه القراءة تؤيد ما ذكرته من الحال المؤسسة وإنما قلت بالتاسيس لأن التكذيب لايستلزم كذب المكذب بالكسر وإنما استفدنا كذبهم من خارج لا من قوله "كذبوا" لكن يجوز في هذه القراءة أن يكون مفردا للمبالغة نائبا عن التكذيب فهو اسم مصدر أو يقدر له ثلاثي أو ذلك كقولهم أمر كبار ورجل كذاب وخسان ويقال فهو صفة لمصدر محذوف أي تكذيبا كذايا أي مفرطا كذبه . "(وكل شيعء) من الأعمال ومنها تكذيبهم بآياتنا "(أحصيناه) مفسر لاحصينا الناصب لكل وقرا أبو السئمل بالرفع على الابتداء "(كتابا ) _١٥ ٢٣ مفعول مطلق لاحصينا برد الاحصاء الى الكتاب بوزن الضرب وهو معنى قوله كتابا فإنه مصدر أيضا لكتب ويرد الكتاب بمعنى الكتب الى الاحصاء فإن كل منهما فيه معنى الجمع والضبط ومصدر لكتب محذوفا أو حال من الهاء بمعنى مكتوب أو إذا كتب في اللوح وصحف لحفظه وهو معلوم عند الله لايتغير فهو يجازيهم به والجملة معترضة بين المسبب وهو الذوق المذكور في قوله "(فذوقوا ) والسبب وهو التكذيب وعدم رجاء الحساب والفاء عطفت الانشاء على الاخبار أو للاستئناف وجات الآية على طريق الالتفات من الغيبة للخطاب مبالغة وقدر بعضهم القول أي فيقال لهم ذوقوا فلا التفات "(فلن نزيدكم إلا عذايا) . عن ابن عمر مانزلت آية في أهل النار أشد من قوله "فذوقوا فلن نزيدكم إلا عذابا" ورواه أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم وكلما استغاثوا من نوع من العذاب نزل عليهم أشد منه "(ان للمتقين مفازا) مصدر ميمي بمعنى الفوز أي فوزا من العذاب أي نجاة منه أو اسم مكان أي موضع نجاة منه أو مصدر ميمي بمعنى الفوز الذي هو الظفر بالبغية أو اسم مكان بمعنى موضع الفوز أي موضع الظفر بالنعيم "“(حدائق) فيه بيان للفوز فإن الفائز من النار تحصل له الحدائق وما بعدها والفائز بمراده يفوز بالحدائق وما معها ولفظ حدائق بدل من مفازا أو بيان له بناء على جواز عطف البيان في النكرات وإن قلت إذا جعلت مفازا مصدرا ميميا فكيف يصح ابدال حدائق منه وهو بدل كل قلت المصدر حدث مفرد لاتبدل منه حدائق لانها ذات وجمع لكنه أطلق على الذات كقولك الزيدون عدل والحدائق . ٤۔‎٥١ جمع حدقة فيها انواع الشجر المثمر هذا وقيل حدائق بدل اشتمال بناء على ان المراد بالمفاز ما عدا الحدائق أو بدل بعض بناء على أن المراد مايعمه والرابط محذوف أي حدائقه وكذا ما بعده "(وأعنابا) عطف على مفازا وحدائق وعلى كل حال فذكره مع كونها مما يشتمل عليه البستان تعظيم لها. "(وكواعب ) الكواعب الجواري التي تكعب ثديهن "(اترابا) على سن واحد بنات ثلاث وثلاثين سنة فيما بينهن وكذا أزواجهن والمراد في الآية التنبيه على اتفاق سنهن وسنهم والمفرد ترب بكسر التاء وإسكان الراء " (وكنسا دهاقا) أي خمرا مالية محالها أو الكأس الزجاجة فيها خمرا خبر بقوله دهاقا إنها ممتلئة بها ونسب لابن عباس والجمهور وقيل الصافية . وقال مجاهد متتابعة ٭( لايسمعون فيها) في الجنة "(لغوا) باطلا كما "(ولا كذابا) كذبا ليس فيهايسمع في الدنيا حال شرب الخمر وغيرها كذب يسمعونه أو معناه تكذيبا أي يكذب بعضهم بعضا فعلى الاول هو مصدر الثلاثي جاء على المبالغة وعلى الثاني هو مصدر كذب بالتشديد وقر الكسائي بالتخفيف مصدر كاذب بفتح الذال أي مكاذبة أو مصدر الثلاثي فمعناه الكذب ى وقر على هذا والذي قبله بالتخفيف "“(جزاء من ربك) مقعول مطلق لمحذوف أي جزاهم ربك جزاء فحذف العامل وناب عنه المصدر وجىء بالفاعل مجرورا بمن متعلقا بجزاء فالحذف واجب ي وقيل عامله معنى قوله "إن للمتقين مفازا " كأنه قال جزى المتقين بمفاز جزاء "(عطاء) بدل من جزاء "(حسابا) نعت أي كافيا من أحسبه الشيء إذا ١٦٥ كفاه حتى قال "حسبي" ويقال أعطاني فاحسبني أي أكثر علي حتى قلت حسبي وقال مجاهد على حساب اعمالهم وذلك أنهم يعطون المنازل على قدر أعمالهم ثم يرزقون بغير حساب فهو مصدر حسب على غير قياس وحاسب على القياس أي حسب لهم حسبانا أو عطاء ذا حسبان أو حاسبهم حسابا أو عطاء ذا محاسبة وقرىء حسابا بالتشديد وفتح الحاء على وزن صفة المبالغة والمراد النسب أي ذا حسبان كتمار بمعنى صاحب تمر أو على صورة صفة مبالغة جاعت من الرباعي شذوذا على حذف الزوائد وهي من احسبه الشيء كفاه كالدراك بمعنى المدرك كذا قالوا والذي حفظت قد ورد من كلامهم ذرك ثلاثيا "(رب السموات والارض ومابينهما) خبر لمحذوف أي هو رب والرحمن نعته أن قلنا أنه صفة أو خبر بعد خبر ورب مبتدا والرحمن خبر أو الرحمن بدل إن قلنا أنه غير صفة ولا يملكون خبر رب أن جعل مبتدا أو خبر أخر أن جعل خبر محذوف ويجوز كون الرحمن مبتدا ولا يملكون خبرا وقر الكوفيون وابن عامر بجر رب وهو بدل من ريك "(الرحمن) وقرأه عاصم وابن عامر بالخفض قيل ويعقوب على أنه نعت لرب لرب لا لمجرور من لان البدل لايسبق النعت س وقر حمزة والكسائي بجر رب ورفع الرحمن على أنه خبر لمحذوف أو مبتدا خبره لا يملكون وغير الكوقيين وابن عامر وعاصم برفع الاسمين "(لايملكون ) أي "( منه خطايا) أيالخلق أهل السموات وأهل الأرض وقيل الملائكة لايقدرون على خطابه خوفا منه وفي هذا جواز خاطبت الله ومنعه صاحب السؤلات وقيل الخطاب الشفاعة إلا بإذنه وقيل الضمير للكفار أي لايقدرون ٥ ٦۔۔‎(١- أن يخاطبوه بمعذرة ولا غيرها وهذا في موطن خاص ‘ وقيل ليس في أيدي الخلق مما يخاطب به الله ويأمر به في أمر الثواب والعقاب خطاب واحد يتصرفون تصرف الملاك فيزيدون فيه أو ينقصون منه ولا يملكون أن يخاطبوه بشيء من نقص العذاب أو زيادة في الثواب إلا أن يهب لهم ذلك أو يأذن لهم فيه وذلك أنهم مملوكون له على الإطلاق فلا يستحقون عليه اعتراضا وذلك لا ينافي الشفاعة بإذنه . "(يوم يقوم الروح) متعلق بيملكون أو بيتكلمون بناء على أنه لا صدر للا النافية غير العاملة.قال الحسن يوم يروح كل شيء في جسده قال للجنس وقيل الروح ملك موكل على الأرواح ي وقال الشعبي والضحاك هو جبريل ه وقال ابن عباس ملك ما خلق الله مخلوقا يقوم بعد العرش أعظم منه وإذا كان يوم القيامة قام وحده صفا وقامت الملائكة كلهم صفا واحدا س وقال ابن مسعود ملك أعظم من السموات والأرض والجبال أشرف الملائكة بعد جبريل الى الله في السماء الرابعة يسبح كل يوم إثني عشر ألف تسبيحة يخلق الله من كل تسبيحة ملكا يجىء يوم القيامة صفا وحده . وقيل جنس على صورة بني آدم يقومون صفا والملائكة صفا هؤلاء جند وهؤلاء جند ث وعن ابن عباس جنس على صورة بني آدم ماينزل ملك إلا ومعه واحد منهم وعنه أنهم بنوا آدم يقومون صفا والملائكة صفا وعنه رواية عن النبي صلى الله عليه وسلم أنهم خلق غير الملائكة حفظة للملائكة كما الملائكة حفظة لنا وقال مجاهد خلق على صورة بني آدم ياكلون ويشريون وقال ابن زيد القرآن فعلى أنه من الملائكة فتخصيصه بالذكر تعظيم له . .۔١ا‎_(٧٥ ) والملائكة صفا لايتكلمون إلا من أذن له الرحمن وقال صوابا ) فإذا لم يقدر هؤلاء على أن يتكلموا إلا بشرط إذن الله لهم وقول الصواب ولا يشفعون إلا لمن ارتضى فكيف يملك غيرهم خطابا فذلك توكيد لقوله " لا يملكون منه خطابا" والذين يأذن لهم الله هم الملائكة والأنبياء والمؤمنون . ومعنى قال صوابا تأهل لقول الصواب في ذلك الموطن وهو نحو الشفاعة لمن ارتضى8وقال البخاري قال صوابا قال حقا في الدنيا وعمل به فهو الأنبياء والمؤمنون0وقيل الصواب لاإله إلا الله ‏ ٠وقيل الضمير في يتكلمون للناس كلهم والخلق8والمستثنى الملائكة والروح0وقيل من أذن له هو السعيد فكأنه قيل لا يتكلمون وينفعون بكلامهم إلا من أذن له . "( ذلك اليوم الحق) الواجب الوقوع وهو يوم القيامة "( قمن شاء اتخد الى ربه مآبا) سبيلا يرجع فيه إلى رضى الله وهو طاعته فينجو من النار "(إنا أندرناكم عذابا قريبا ) هو عذاب الآخرة وكل ما هو آت قريب بل كأنه حاضر لوقوعه ولا محالة وأيضا مبدأه الموت والخطاب لكفار مكة أو للكفار مطلقا وموت الكافر أشد عذابا ويعذب في قبره على الصحيح عندي 4وقيل الخطاب للناس كلهم . "( يوم ينظر المرء ما قدمت يداه ) من خير أو شر فتظهر السعادة للسعيد والشقاوة للشقي بعد ظهورهما عند الموت ونظره رؤيتة في صحيفته أو كناية عن حضوره للجزاء به واليدان كنى بهما عن سائر الأركان ولو عن القلب وما ذلك إلا لأن معظم العمل باليدين0وقيل المراد بالمرء الكافر الظاهر قوله "إنا أنذرناكم" فذكر الكافر بعد ذلك أن أريد به الجنس وضع _ ١٥٨ الظاهر موضع المضمر للذم باسم الكفر. وقال قتادة المرء المؤمن وما موصولة مفعول لينظر أو استفهامية مفعول لقدمت وعليه فجملة قدمت يداه مفعول ينظر علق بالاستفهام ويوم متعلق بعذاب وعنه صلى الله عليه وسلم أول ما يدعى إلى الحساب يوم القيامة البهائم فتجعل الجماء قرناء والقرناء جماء فتقتنص الجماء من القرناء ثم يقال لها كوني ترابا فيتمنى الكافر أن يكون ترابا مها كما قال "(ويقول الكافر ) لما رأي من الهول والمراد جنس الكافر "( يا) حرف تنبيه أو حرف نداء والمنادى محذوف . "(ليتني كنت ترايا) كما كانت البهائم فانجوا من العذاب ث وعن ابن عمر تمد الأرض يوم القيامة مد الأديم فتحشر الدواب والبهائم والوحوش فذكر ما مر وروي أنه سبحانه وتعالى يقول للبهائم بعد القصاص إنا خلقناكم وسخرناكم لبني آدم وكنتم مطيعين أيام حياتكم فارجعوا إلى ما كنتم عليه كونوا تراباء وقيل يقول الله لما عدا الإنس والجن والملائكة بعدما يدخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار كونوا ترابا فيقول الكافر ماذكر وقيل إن الكافر إذا رأى ما أنعم الله به على المؤمنين تمنى أن يكون متواضعا لله كالتراب لا جبارا متكبرا وقيل الكافر إبليس يرى آدم وولده وثوابهم فيتمنى أن يكون شيئا أحقر وهو التراب إذ قال " خلقتني من نار وخلقته من طين" . قال أبو هريرة يقول التراب لا ولا كرامة لك من جعلك مثلي ب وقيل المعنى أن الكفار يتمنون أنه لم يخلقوا ولم يكلفوا وكانوا ترابا في الدنيا وأنكر جماعة حشر الدواب بأنواعها غير الجن والإنس وأنكر بعضهم وعودها ۔_‎_٩٥١ ترابا وعن بعضهم إذا تقاصصت جعل ماكان حسنا منها ثوابا لأهل الجنة وما كان قبيح الصورة عقابا لأهل النار وصحح بعضهم الوقف حتى يصح النقل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم . اللهم بحق هذا النبي علينا صلى الله عليه وسلم وحق السورة أخز النصارى وأهنهم واكسر شوكتهم وغلب المسلمين والموحدين عليهم صلى الله على و له وصحيه وسلم .سرد نا محمد النا زعا تسورة مكية وآيها ست وأربعون وقيل خمس وأربعون وكلماتها مائة وسبعة وتسعون وحروفها سبعمائة وثلاثة وخمسون وعنه صلى الله عليه وسلم من قرأ سورة النازعات كان ممن حبسه الله يوم القيامة حتى يدخل الجنة قدر صلاة مكتوبة وقالوا من قرأها مواجها للعدو انهزم أو للسلطان قضى حوائجه وأمن شره بإذن الله تعالى . بسم الله الرحمن الرحيم "(والنازعات) الملائكة التي تنزع أرواح الكفار من أبدانهم أي والجماعات والنازعات وكذا فيما بعد وهو وصف للملائكة . "( غرقا) مفعول مطلق أي نزعا بشدة فإنهم ينزعونها من آقاصي البدن نزعا عنيفا كما ينزع السفود الكثير الشعب من الصوف المبتل ويجوز كون غرقا حالا أي مبالغين في النزع أو مفعولا للنازعات أي نفوسا ذوات غرق وغريقات في الجسد0وحكي عن علي وابن عباس تغرق نفوس الكافرين في النار فغرقا حال مقدرة من النازعات أو ضميره أو مفعوله المحذوف أى والذين ينزعون النفس مقدرا لها الغرق في النار أو مقدرين لها ذلك أو مفعول مطلق للنازعات على تضمين معنى المغرقات وغرق بمعنى إغراق . ١٦١١ "(والناشطات) الملائكة تخرج أرواح المؤمنين من قولك نشطت الدلو من البئر إذا أخرجتها منها ونشطت العقال حللته "(نشطا) لطفا "(والسابحات) الملائكة التي تسبح من السماء أي تنزل منها بأمره "(سبحا ) وقيل السبح الإسراع وقيل الغوص في إخراج النفس كالغوص في البحر لإخراج السيء من أسفله0وقيل يقبضون روح المؤمن بسلل رفيق ثم يدعونها فتستريح ثم يستخرجها كالسابح في الماء يتحرك فيه برفق وقيل الملائكة بتصرف في الآفاق "“(فالسابقات سبقا) الملائكة تسبق بأرواح المؤمنين إلى الجنقوبأرواح الكافرين إلى النار وقيل المراد السبق الى ما أمروا به وقيل سبقوا المؤمنين بالعمل الصالح (" .قالمدبرات أمرا) الملائكة تدبر أمر أهل الجنة وأهل النار يإيصال كل الى محله وقدر أعماله من لذة وألم0وقيل تدبر أمر الريح والسحاب وغير ذلك ى قال غير واحد اتفقوا أن المراد بالمدبرات الملائكة وليس كذلك وقيل "النازعات غرقا" النفوس الخارجة بعد تفرقها في الصدر من قولك نزع الي كذا أي مال اليه والناشطات نفوس المؤمنين تنشط للخروج لما ترى من الكرامة لأنه تعرض عليهم مقاعدهم وأزواجهم في الجنة قبل الخروج وتدعوهم أزواجهم وروي ذلك عن ابن عباس وروي عن علي أن أرواح الكفار تنشط بين الجلد والظفر حتى تخرج من أفواههم بالكرب والغم . والسابحات أرواح المؤمنين تسبح في الملكوت والكرامات والسابقات المستبقة إلى ذلك الخير والمدبرات المتصرفات في ذلك لشرفها وقوتها وقيل النفوس تنزع عن الشهوات وتنشط الى عالم القدس قتسبح في مراتب ‏ ١ ٦ ٢س الإرتقاء فتسبق الى الكمالات وتكون من أهل التدبير س وقيل أنفس الغزاة أو أبدانهم تنزع القسي بإغراق السهام وتنشط بالسهم للرمي ويسبحون في البر والبحر ويسبقون الى حرب العدو فيدبرون أمر الحرب ب وقيل صفات خيرهم فإنها تنزع في أعنتها نزعا فتغرق في النزع الأعنة لطول أعناقها وتخرج من دار الإسلام الى دار الكفر من قولك ثور ناشط إذا كان خارجا من بلد الى بلد وتسبح في الحرب فتسبق الى العدو فتدبر أمر الظفر . وقيل السابحات والسابقات الخيل والإبل حين يخرجها أصحابها الى الغزو وقيل النجوم تنزع من المشرق الى المغرب غرقا بقطع الفلك حتى تبلغ أقصى المغرب وتنشط من برج الى برج وتسبح في الفلك فيسبق بعض في السير لكونه أسرع فقد بدا أمر أنيط بها كاختلاف الفصول وتقدير الأزمنة وظهور مواقيت العبادة وعبر في حركتها الى المغرب بالنزع لأنها قهرية وفي حركتها من برج لبرج بالنشط لملاعمتها س وقيل النازعات ملك الموت جمع تعظيما أو هو وأعوانه تنزع النفوس حتى تبلغ بها الغاية الناشطات النفوس تخرج من القدم الى الحلق والسابحات السفن والسابقات نفوس المؤمنين تسبق الى الخير أو الى الجنة والمدبرات قال ابن عباس الملائكة وكلوا بأمور عرفهم الله اياها قيل يدبر الأمر في الدنيا جبريل بالوحي والريح والجنود وميكائيل بالقطر والنبات وملك الموت بالقبض وإسرافيل ينزل بالأمر من الله اليهم فهم المدبرات . ويجوز تفسير بعض ذلك بما لم يفسر به غيره على حد ما مر في المرسلات وقد قيل السابحات دواب البحر وقيل السابقات الرياح وقيل المنايا تسبق ١٦٢٣ الأعمال وقد روي عن علي والحسن أن النازعات النجوم وعن ابن مسعود . وابن عباس ومحمد بن علي أنها الملائكة تنزع النفس وعن علي وابن عباس ايضا أن الغرق إغراقها في النار وقيل في النازعات أنها بقر الوحش وعن الحسن الناشطات النفوس وعن ابن عباس نفوس المؤمنين وعن علي نفوس الكفار وعن محمد بن علي انها الملائكة تنشط الأنفس وعن ابن عباس النفوس مطلقا وأقسم بهذه الأشياء تعظيما لها وله أن يقسم بما شاء من خلقه أو يكون التقدير ورب النازعات وجواب القسم محذوف دل عليه ما بعده أي لتقومن الساعة أو لتبعثن وقيل مذكور هو " أن في ذلك لعبرة لمن يخشى" وقيل " قلوب يومئذ واجفة " . "(يوم ) متعلق بالجواب المحذوف أو بالمدبرات على أن التدبير مراد به "التدبير في ذلك اليوم أو بما دل عليه " قلوب يومئذ واجفة " أو بواجفة (ترجف الراجفة) النفخة الأولى التي يرجف كل شيء بها أي يتزلزل وصفه بما يحدث من غيرها بسببها أو المراد الأجرام الساكنة اليوم المتحركة تحركا شديدا وقتئذ كالارض والجبال بدليل " يوم ترجف الأرض والجبال " وقال ابن زيد الراجفة الموت وعن أبي بن كعب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا ذهب ث الليل قام فقال يأيها الناس اذكروا الله اذكروا الله جات الرجفة تتبعها الرادفة جاء الموت بما فيه جاء الموت بما فيه وروي إذا ذهب ربع الليل وصححوا الأول وقيل الراجفة القيامة أي موت الخلائق "( تتبعها الرادفة) النفخة الثانية تتبع الأولى أي تأتي بعدها وبينهما أربعون سنة وقيل تزلزل السماء والكواكب وانشقاقها وانتثارها.تردف ‏١٦١٤ تزلزل الأرض ومافيها وقيل البعث يردف موت الخلق ويجوز كون الردف ردفا للخلق بما كانوا يستعجلونه من قيام الساعة والبعث والظاهر ماتقدم غير هذا ى وتتبعها الرادفة حال: "(قلوب يومئذ واجفة) شديدة الإضطراب من الوجيف وهو خبر لقلوب ولذلك صح تعليق اليوم السابق في الآية قبلها به وأن جعل نعتا والجملة بعده خبر لم يصح تعليقه به لأن معمول النعت لا يسبق المنعوت وقيل واجفة خائفة وقيل زائلة عن مواضعها وإذا قلنا واجفة خبر فمسوغ الابتداء تقدير كثيرة أو الذم أو الوصف بيومئذ ولو كانت القلوب ذواتالنعت أي قلوب واليوم زمان لوجود الفائدة في الوصف هنا لكن الأولى تعليقه بواجفة وإن ما علقنا يوم ترجف بتبعثن مع أن النفخ ليس في وقت البعث لأن المعنى لتبعثن فئ الوقت الواسع الذي تقع فيه النفختان كذا قيل . "(ابصارها خاشعة ) أي أبصار أصحابها دليلة من الخوف ولكون الذل من الخوف أضاف الأبصار إلى ضمير القلوب لأن القلوب محل الخوف والمراد قلوب الكفار بدليل قوله "( يقولون آتنا) بتخفيف الهمزتين وتسهيل الثانية وبه نقر وإدخال ألف بينهما على الوجهين في الموضعين وكان نافع يقر بهمزة فياء فانظر مامر في بالرعد . "( المردودون في الحافرة) في الحالة الأولى يعنون الحياة بعد الموت من قولهم رجع فلان في حافرته أي في طريقه التي جاء فيها فحفرها أي أثر فيها بمشيئة ث ونسبة الحفر إلى الطريق مجاز في الإسناد من باب إسناد ما للفاعل وهو القدم للمفعول وهو الطريق أو من باب النسب كلابن وتامر ‏__١٦٥ أو من باب إسناد ما للحال للمحل يقولون النقد عند الحافرة أى عند الحالة الأولى وهي الصفقة وقال: معاذ الله من سفه وعارأحافرة على صلع وشيب أي رجوعا في حافره وقيل المعنى أئنا للمردودون أحياء في الحافرة أي في الأرض المحفورة وهي القبر وقيل شبه القائل بالفاعل وقيل الحافرة التار وقرأ أبو حياة في الحفرة بإسقاط الألف بمعنى المحفورة وهذا دليل على أن الحافرة بمعنى المحفورة يقال حفرت أسنانه حفرا وهي حفرة من باب فرح إذا آثر الاكال في أورصولها أي محفورة . "( أئذا كنا عظاما) وقرأ غير نافع والسكائي وابن عامر بالإستفهام فهو بهمزتين محققتين أو تسهل الثانية بلا إدخال ألف أو به على ما مر وجواب إذا محذوف على كل حال أي إذا كنا عظاما نرد إلى الحافرة أو إذا كنا عظاما يفعل بنا ذلك والاستفهام في الموضعين انكار . "( نخرة) بالية وقيل متجوفة تنخر عند هبوب الريح عليها أي تصوت وقراً أبو يكر وحمزة والكسائي ناخرة بتلف والأولى صفة مبالغة فهي أبلغ ذكر أبو عبيدة أن أصل المعنى واحد وكذا قال غيره بناء على أنه صفة مشبهة ٭(قالوا تلك )وزعم بعض أن الاولى بمعنى بالية والثانية بمعنى الصائطة الرجعة الى الحياة "( إذا) أي إن صح أمرها "“(كرة) رجعة . "(خاسرة) ذات خسران أو خاسر أصحابها أي إنا خاسرون لتكذيبها وهذا استهزاء لا إنابة وقيل نخسر بما يصيبنا بعد الموت وقيل تلك الكرة إذ كنا عظاما نخرة كاذبة أي لا تقع وهو قول الحسن ٭( فإنما هي ) أي ‏١٦١٦١ النفخة التي للبعث المعبر عنها بالرادفة عند بعض وقيل الكرة أي موجب الكرة "( زجرة) صيحة يقال زجر البعير أي صاح عليه "(واحدة) والفاء تعليل محذوف أي لا تستصعبوها لأنها زجرة واحدة تخرجون أحياء . ٭(فإذا) الفاء للعطف وقيل رابطة لجواب شرط محذوف وإذا الفجائية توكيد للربط أي إذا صيحت الصيحة فإذا "(هم) أي الخلق "(بالساهرة) في الأرض أي في ظاهر الأرض أحياء بعد كونهم في بطنها أمواتا . وسميت ساهرة لأن الناس يسهرون عليها وقيل التي كثر الوطىء عليها وقيل الأرض البيضاء المستوية سميت بذلك لأن السراب يجري فيها من قولهم عين ساهرة أي يجري ماؤها ويقال في ضدها نائمة أو لأن سالكها يسهر خوفا ى وقال قتادة اسم جهنم وقيل أرض المحشر . "( هل أتاك حديث موسى ) الاستفهام للتقرير وقيل هل بمعنى قد وهذه تسلية بأن موسى قد كذبه قومه وصبر فاصبر أنت وإن قومك يهلكهم الله كما أهلك قوم موسى ‏ (٦إذ) متعلق بحديث لأنه ولو كان جامدا غير مصدر لكنه دال على الحدث ٭(ناداه ربه بالواد المقدس) المطهر "(طوي) اسم واد بالشام عند الطور بوقرىعء بترك التنوين وبالتنوين ى وقراعتنا بتركه وتقدم الكلام في طه . "( إذهب الى فرعون إنه طغى ) تكبر وكفر بالله وتجاوز الحد في ذلك والقول مقدر أي قال له إذهب إلى فرعون ى وقرأ ابن مسعود أن اذهب بأن التفسيرية لما في النداء من معنى القول "( فقل هل لك إلا أن تزكى ) أصله تتزكى أبدلت التاء الثانية زايا وأدغمت في الزاي هذه قراءة نافع _ _٦١٦٧ وابن كثير م قيل ويعقوب وقرأ الباقون بتخفيف الزاي أي هل لك ميل إلى أن تتطهر من الطغيان وعن بعض أن تتطهر من الشرك والكفر وقيل الى أن تسلم وتصلح العمل وهذا قريب مما قبله ث وعن ابن عباس الى أن تصلح العمل وذلك ترغيب . "( وأهديك الى ربك ) ارشدك الى معرفته وعبادته بالبرهان "( فتخشى ) بامتثلال المامورات واجتناب المنهيات لأن الخشية إنما تكون بعد المعرفة . قال ابن هشام هذا تفسير لقوله " فقولا له قولا لينا" وخص موسى بالذكر مع أن دعوته شاملة لقومه لأنه أعظمهم فدعوته دعوة لهم0وفي الآية إشارة الى أن دعوة رئيس القوم دعوة لهم كما ذكر الشيخ اسماعيل وغيره وذكر قولين في البداية والخشية ملاك الأمر ومن لم تكن فيه اجترى على كل شر وفي الحديث من خاف ادلج ومن ادلج بلغ المنزل وبدا الكلام بالاستفهام وردفه بكلام الرفق من ماجملة ما تضمنه قوله "فقولا له قولا لىدنا" . "( فأراه الآية الكبرى) المعجزة الكبرى قلب العصى حية تسعى وهي المعجزة السابقة من بين التسع وقال مجاهد اليد فإنهما باعتبار دلالتهما كالواحدة ولذا قيل المراد الآيات التسع "(فكذب) بها ٭“(وعصى) الله تمرد وأظهر التجبر وفي الكلام حذف أي فذهب وبلغ فراه ى وتهب معطوف على قال المحذوف أي قال له في عمل الفساد إذهب إلى فرعون إنه طغى فذهب الخ . ١۔ ‎۔٦٨ "(ثم أدبر) عن الطاعة أي أعرض وهذا كناية وعن بعضهم أعرض عن الإيمان "(يسعى) جملته حال من ضمير أدبر وهو من جملة الكناية وقيل لما رأى الثعبان أدير مرعوبا ساعيا أي مسرعا في مشيه قال الحسن كان رجلا طياشا خفيفا وروي أنه ضرط بغائط في ذلك الوقت أربعمائة مرة "(فحشر) جمع جنوده وقيل السحرة "( فنادى) بنفسه قائما في مقامه خطيبا وأمر مناديا فنادى في الناس القريب والبعيد . " (فقال أنا ربكم الأعلى) لا غيري وهذا تفسير لإجمال ذلك النداء وبيان له وعن بعضهم أنه أراد أنه رب آلهتهم هذا ويجوز أن يريد بقوله أدبر أقبل فيكون من باب الشروع كقولك أقبل زيد يقرأ بمعنى شرع فوضع أدبر موضع أقبل لئلا يوصف بالأقبال ولو لفظا . "(فاخذه الله نكال الآخرقوالأولى) الأخذ الهلاك والنكال مصدر نكل الله به أي انتقم منه ونكله أهلكه ‏ ٧وعن بعض أن معناه التنكيل والأولى الدنيا فنكال الدنيا الإغراق وقدم الآخرة للسجع ونكال الآخرة الاحراق0وعن ابن عباس نكال كلمته الآخرة وهي " أنا ربكم الأعلى " وكلمته الأولى هي " ماعلمت لكم من إله غيري " قيل بينهما أربعون سنة وقيل عشرون قيل بقي بعد قوله " أنا ربكم الأعلى " ثماني سنين ولما كان الأخذ يستعمل في الإهلاك والخزي ذكر بعضهم أن نكال مفعول مطلق مؤكد للأخذ ويرده أن الأخذ عام يحتمل النكالين وأحدهما فالمفعول المطلق منوع وقيل مفعول مطلق محذوف من لفظه رأى مخوفا وهو أيضا منوع لا مؤكد وإن قدر فعله مشددا فكذلك لكنه اسم مصدر وعن بعضهم أخذ أنكالا أي مخوفا لما رآه ١٦٩٦٩ أسومعه أو للتنكيل فيهما فهو مفعول لأجله ألوهما . "( إن في ذلك لعبرة) اتعاظا "(من يخشى )شأنه الخشية لله وعن الحسن " لمن يخشى " أن يقع به ما وقع بفرعون من الهلاك "( أأنتم )بإبدال الهمزة الثانية ألفا وتسهيلها وإدخال ألف بين المسهلة والأخرى وتركه وبتحقيق الهمزتين "( أشد) أصعب "(خلقا أم السماء) عطف على أنتم لا على المستتر في أشد ولو وجد الفعل لأن اسم التفضيل لايرفع ظاهرا إلا إن كان هذا مما يغتفر في ثانيه ما لايغتفر في أوله أو كان هذا على اللغة القليلة من رفع اسم التفضيل الضاهر ولو في عبر مسالة الكحل ولا صعوبة في شيء من ذلك على الله والكل سهل لكنه جرى على ما يظهر في بادي الرأي من كون السماءأشد ويجوز كون السماء مبتدا محذوف الخبر أي أشد فتكون أم منقطعة بمعنى بل أو متصلة واستأنف أمر السماء بقوله "( بناها ) وفسر البناء بقوله " (رفع سمكها) أي جعل سمكها في جهة العلو رفيعا وقيل السمك السقف وقيل رفع سمكها بمعنى أوقفها بغير عمد . "(فسواها) عدلها وجعلها مستوية ملساء لا تفاوت ولا فطور وتممها بما يتم به أمرها من كواكب وتدوير وغير ذلك كقولهم سوى فلان أمره إذا أصلحه "( وأغطش ليلها) أي أظلمه يقال أغطش الليل بنقسه أي صار ذا ظلمه فأغطش يتعدى ويلزم ومه أظلم ويقال أيضا غطش وظلم وأغطشه وأظلمه وأضاف الليل الى ضمير السماء بحدوثه بحركتها . "(وأخرج ضحاها ) أوجد ضحاها بعد العدم بأن أطلع الشمس في الأفق وهو بمنزلة قولك أضا ءهو أضوا عه وأنوره‏ ١لنهار وعبير يبيعضه ‏ ١لذيوا مرا ل ١٧‏٠ نهارها وأضاف الضحى الى السماء لان الضحى تقع بالشمس وهي في السماء تحدث بحركة السماء "(والأرض) مفعول محذوف يفسره دحاها واختاره لمكان الجمل الفعلية قيل (بعد ذلك دحاها ) بسطها للسكنى وكانت مخلوقة قبل السماء غير مبسوطة ثم خلق السماء ثم بسط الأرض وأجرى فيها الأنهار وأرساها بالجبال وقيل كانت فيها العيون والأشجار قبل البسط وقيل بعد معناه مع كقوله عتل بعد ذلك زنيم على ما مر " ( أخرج منها ماعها ) حال والماضي يقع حالا ولو بدون قد فلا نحتاج لتقديرها وإنما يقدرها بعض إذا قرن بالواو وإن قلنا العيون والشجر قبل البسط فالحال محكية أو بعده فمقدرة وذلك بتفجير العيون0ويجوز كون الجملة مبينة لبعض معاني الدحو فإن بسطها للسكنى لابد معه مما يحتاج اليه الساكن من مشرب وماكل . "(ومرعاها) مصدر ميمي بمعنى اسم مفعول وهو في الأصل ماترعاه الدواب واستعير لما ترعاه وما ياكله الناس كذا يقال والتحقيق أنه مجاز ارسالي من اطلاق اسم الخاص على العام ولعل الاستعارة في كلام ذلك القائل لغويه وإنما تتضح الاستعارة الاصطلاحية إن أريد بالمرعى ما ياكل الناس فقط وهذا بمعنى صحيح م وقيل المرعى في الأصل اسم مكان وإذا أريد بالمرعى ما يقتات به دخل الملح وهو من الماء ويقتات به . "( والجبال أرساها ) أثبتها سكانا للأرض بها وفي نصب الجبال ما في نصب الأرض وقرأها الحسن بالرفع على الإبتداء وهو مرجوح لأن الملعطوف عليه الجملة الفعلية إلا إن كان الرفع استئنافا فالرفع راجح " ‏ ١٧١۔ (متاعا) مفعول لاجله تنازعه الافعال السابقة إن أجيز التنازع في المفعول له وهو نائب عن التمتيع أو عن التمتع إن لم نشترط اتحاد الفاعل وقيل مفعول لأجله لمحنوف نائب عن التمتع بناء على عدم الاشتراط وقيل عن التمتيع ويجوز كونه مفعولا مطلقا أي تتمتعون تمتعا أو نمتعكم تمتيعا ولا حذف )العامل يب بقوله . "(لكم) ما اتصل به من فاعل وهو الواو أو مفعول وهو الكاف "(ولأنعامكم) الإبل والبقر والغنم جمع نعم(" .فإذا جاعت الطامة) الداهية التي تطم على الدواهي أتىعلوها وأكد ذلك بقوله "( الكبرى) أي التي هي أكبر الطامات قال ابن عباس هي يوم القيامة وقيل النفخة الثانية وقيل الساعة التي يساق فيها أهل الجنة الى الجنة وأهل النار الى النار . "(يدم) بدل من إذا "(يتذكر الإنسان) جنس الإنسان "(ما) موصول اسمي أو حرفي(":سعى) من خير وشر وكأنهم نسوه وذلك لفرط غفلتهم أو لطول المدة أو نسوه حقيقة لطولها "( وبرزت) أظهرت (",الجحيم) النار الشديدة الإحراق وقرىء برزت بالتخفيف وتاء الثآنيت كالتاء في القراءة الأولى . "(من يرى ) لكل من شأنه الرؤية وهي لاتخفى على واحد من أهل المحشر وقر ابن مسعود لمن رأى أي لكل من جاعت منه الرؤية.وقر عكرمة لمن ترى على أن فيه ضمير الجحيم ضمير غيبة أو على أن فيه ضمير الخطاب على أنه خطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم أو المراد في قراءة التحتية من يرى من الكفار وجواب إذا هو قوله . "(فما) الخ أو محذوف دل عليه يوم يتذكر "(من طغى) كفر وجاوز الحد " ‏١٧٢ على الآخرة مكذبا بها أو مصدقا متبعا( وآثر) اختار "(الحياةالدنيا) لشهواته0قال بعضهم ما طلعت شمس ولا غربت على أحد إلا وهو جاهل إلا من يؤثر الله على نفسه وروحه ودنياه وعلامة بغض الدنيا أن تهون عليه المصائب حتى نفسه وولده كما قال مسلم بن يسار حين مات ابنه يابني شغلني الحزن لك عن الحزن عليك اللهم اني قد جعلت ثوابك لي عليه أن يهون له وأن عليه نعيم الدنيا وأن لا يكون شيء أقرب اليه من الله كما قال عامر بن عبد القيس ما نظرت الى شيء الا رأيت الله أقرب اليه مني . ولهذا قالت رابعة العدوية إني أحب الدنيا لأذكرك فيها وأحب الآخرة لألقاك إلهي كل ساعة تمر علي لايكون لساني فيها رطبا بذكرك فهي مشؤومة إلهي لا تجمع علي أمرين فإني لا أطيقهما الإحراق بالنار وفرافك "( فإن الجحيم هي ) لا غير "(المأوى) أل عوض عن الضمير أي مثواه ومن منع ذلك قدر هي المأوى له فال لتعريف الحقيقة وفيها بعض الإشارة للحصول فكأنه قيل مأوى هذا الطاغي وسرى من حضور الطاغي حضور الى مأواه ولا لبس في ذلك لأنه معلوم أنه لا يكون مرجع لأحد مرجعا لغيره وهذا كما نقول غض الطرف فإنه لا يتوهم أن المراد ظرف غير المخاطب وقوله هي ضمير قصل أو مبتدأ والمأوى المرجع . "(وأما من خاف مقام ربه) قيامه بين يديه أو يوم القيامة أو المحشر ولا صدق واحد فمقام على الأول مصدر ميمي وعلى الثاني اسم زمان وعلى الثالث اسم مكان(" .ونهى ) زجر "(النفس) الأمارة "(عن الهوى) المراد بالتباع الشهوات وقال مجاهد هو الرجل يهم بمعصية فيذكر الله فيتركها " ‏١٧٣ ( فإن الجنة) العامة "(هي ) لا غير . "( المأوى) وله فيها جنتان ومن خاف مقام ربه جنتان وأل في النفس والهوى والمأوى مثلها في الآية المذكورة وعن بعضهم أن الآية الأولى نزلت في أبي عزير بن عمير والثانية في أخيه مصعب بن عمير وقد قتل مصعب أخاه أبا عزير يوم أحد ووقي رسول الله صلى الله عليه وسلم بنفسه حتى نفدت المشاقص في جوفه . "( يسالونك عن الساعة ) يوم القيامة والضمير لقريش "(أيان ) متى "(مرساها) مصدر ميمي أي أرساعها أي اثباتها أو اسم مكان أي إيان موضع إرسائها أي انتهائها واستقرارها في مرسى السفينه وهو ماتنتهي اليه وتستقر فيه ولكن المكان في الآية مجاز وقيل المنتهى المجىء "(فيم) في الجارة وما الاستفهامية حذفت ألفها والجار والمجرور خبر لقوله( أنت) أي في أي شىء أنت . "( من ذكراها) بالتحديد والتوقيت ليس عندك علمها وقيل فيم أنت من ذكر وقتها لهم لو علمته فإن ذكرها لا يزيدهم إلا غما ولا يعلم وقتها الا الله وعن عائشة رضي الله عنها لم يزل رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر الساعة ويسال عنها حتى نزلت فهو على هذا تعجب من كثرة ذكره لها كأنه قال في أي شغل واهتمام أنت من ذكرها والسؤال عنها أي يسألونك فالحرصك على جوايهم لا تزال تذكرها وتسآل عنها0وقيل فيم انكار لسؤالهم أي لم يسئلون أو لم سؤالهم "وأنت من ذكراها " مبتدأ وخبر أى أنت ذكر من ذكراها أي علامة من علاماتها فإن إرساله خاتم النبيين _١٧ ٤ إمارة من إماراتها وعلامة الشيء يذكر الشيء بها " فيم أنت من ذكراها" من جملة ما سالوا عنه فعليه وعلى الأول فمن متعلقة بمحذوف نعت لما الاستفهامية بناء على جواز نعتها وهو الصحيح وكذا الشرطية . "( الى ربك منتهاها) انتهاء علمها لا يعلمها غيره فخذوا فيما ينفع من الاستعداد لها فإنكم لا تدرون متى هي ولا معنى للاشتغال بالسؤال عنها وذلك جواب سؤالهم . "(انما أنت منذر من يخشاها ) لا غير ذلك أي انما بعثت لإنذار من يخاف هولها وهو لا يناسب تعيين الوقت وتخصيص من يخشى لأنه المنتفع ولم بوقتها ى ويجوز أن يكون المعنى إنما يؤثر إنذارك فيمن علمتبعث تعلهم الله أنه يخافها وقر منذر بالتنوين فمن مفعول به لمنذر لأنه اسم فاعل للحال معتمد على المبتدأ ونسبت هذه القراءة لابي عمرو وهي الأصل "( كأنهم يوم يرونها) يعاينون أحوالها "( لم يلبٹوا) في قبورهم أوفي الدنيا "( الا عشية أو ضحاها ) وإنما أضاف الضحى لضمير العشية مع أنه لا ضحى للعشية للملابسة بين الضحى والعشية لاجتماعهما في يوم واحد ظرفين ي وقيل التقدير ضحى يومها وزعم بعضهم أن قوله هاء زائدة من زيادة المضاف اليه وكان حمزة والكسائي يميلان أواخر الآي من قوله " هل أتاك حديث موسى " الى آخر السورة الا دحاها فإن حمزة فتحه فتحا خالصا س وقر ورش ماكان فيه هاء وألف من ذلك بين بين وما يكن فيه هاء وألف يخلص فتحه الا من ذكراها فانه قراءة بين بين من أجل الراء وأمال ١٧٥ أبو عمرو ما فيه الراء من ذلك بين بين وأخلص الباقون فتح ذلك كله . اللهم ببركة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وبركة السورة أخز النصارى وأهنهم واكسر شوكتهم وغلب المسلمين والموحدين عليهم صلى الله على محمد وآله وصحيه وسلم ..7 ١٧٦١ سورة عبس وهي مكية وآيها إحدى وأربعون وكلماتها مائة وثلاثون وحروفها خمسمائة وثلاثة وثلاثون س وعنه صلى الله عليه وسلم من قرأ سورة عبس جاء يوم القيامة ووجهه ضاحك مستبشر ومن حملها كفى الشر أينما توجه ومن كتبها في قطعة من جلد بكر وعلقها أمن من شر الكائدين ويحبب له فعل الخيرات . بسم الله الرحمن الرحيم "(عيس ) انقبض وجهه صلى الله عليه وسلم وقرىء بالتشديد لمبالفة " (وتولى ) أعرض "(ن) لأن "(جاءه) علة لعبس أو لتولى أو تنازعاه عند بعض(",الأعمى) عبد الله بن ام مكثوم وإنما عبس وتولى لمجيء الأعمى لأنه قطع عنه ما هو فيه بكلامه لا لكون الجاءي أعمى وقرىء أأن جاءه بهمزتين مفتوحتين همزة الاستفهام وهمزة أن المصدرية وبالتسهيل وبادخال الف بينهما كما مر والمتعلق حينئد محذوف أي فعل ذلك لأن جاءه الأعمى وعليه فالوقف على تولى ى الاستفهام للإنكار وذكره بالفظ الأعمى إشعارا بعذره في الإقدام على قطع كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه الحق بالرفق أو لزيادة الإنكار عليه كأنه قيل اتعبست وتوليت لكونه أعمى وإسمه عمر وقيل عبد الله بن شريح بن مالك بن ربيعة وقيل عمر بن قيس بن زرارة بن الأصم بن زهرة بن رواحة وهو قريشي فهري من بني عامر بن ١٧٧ لوى واسم امه عاتقة بنت عبد الله المخزومية وهو ابن خالت خديجة بنت خويلد اسلم قديما بمكة قيل ام مكتوم ام أبيه . روي أنه صلى الله عليه وسلم كان يدعوا رجلا من أشراف قريش ويقر عليه القرآن ويقول له هل ترى بما أقول بأسا فكان ذلك الرجل يقول لا والدمى يعنى الأصنام إذا جاء ابن ام مكتوم فقال يارسول اللة استدنني وعلمني مما علمك الله فكان في ذلك كله قطع لحديث النبي صلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم مع الرجل فلما صعب عليه ابن ام مكتوم عبس وأعرض عنه . قيل أن الرجل امية ابن أبي الصلت وقال مجاهد عتبة ابن ربيعة أو أخوه شيبة.وقال ابن اسحاق الوليد ابن المغيرة وروي أنه كان عنده عتبة وشيبة ابنا ربيعة وأبو جهل والعباس بن عبد المطلب وأمية بن خلف والوليد بن المغيرة وأبي بن خلف أخو أمية من أشراف قريش يدعوهم الى الإسلام رجاء أن يسلم بإسلامهم غيرهم قتاداه ابن ام مكتوم يارسول الله أقرء ني وعلمني مما علمك الله وكرر ذلك مرارا ولايدري أنه مشغول مع غيره حتى ظهرت الكراهية في وجه رسول الله عليه صلى الله عليه وسلم وكان حريصا على إسلام هؤلاء وغيرهم فأعرض عنه وانصرف لبيته فعاتبه الله والرواية الاولى من طريق عائشة رضي الله عنها . وروي أنه قال في نفسه يقول هولاء الصناديد إنما اتبعه الصبيان والعبيد والسفله فعيس وجهه وأعرض عنه وأقبل على الصناديد يكلمهم فعوتب وكان بعد ذلك يكرمه ويقول إذا رأه مرحبا بمن عاتبني ربي فيه ويبسط له رداءه ١٧٨ ويقول هل لك من حاجة س قال سفيان الثوري واستخلفه على المدينة مرتين . وقال غيره واستخلفه عليها ثلات عشرة مرة في غزواته وكان من المهاجرين الاولين قيل قتل شهيدا بالقادسية وهي قرية قرب الكوفة وعن أنس رأيته يوم القادسية وعليه درع وله راية سودا "(ومايدريك) أي وأي شيء يجعلك داريا بحاله "(لعله يزكى) أي يتطهر من الآثام بما يتعلم منك وأصله يتزكى أبدلت التاء زايا وأدغمت الزاي في الزاي وفي الآية إشارة الى أن إعراضه صلى الله عليه وسلم كان لتزكية غيره وكأنه قيل ما يدريك لعل فيه ما تحب من التزكية وروي أنه صلى الله عليه وسلم ما عبس في وجه فقير ولا تصدى لغني وقد تأدب بذلك جماعة من الناس منهم سفيان الثوري تكون الفقراء في مجلسه أمراء وفي الالتفات من الغيبة للخطاب زيادة إنكار كمن يشكوا الى الناس من زيد وهو حاضر ولا حمى الشكوى أقبل عليه بالتوبيخ وألزم الحجة . "( أو يذكر) يتعظ بموعظتك وتكون له لطفا في بعض الطاعات فيزداد على ما كان والأصل يتذكر أبدلت التاء ذالا "( فتنفعه الذكرى) عظتك وقيل الضمير في لعله وما بعده للكافر أي طمعت في أن يتزكى بالإسلام أو يتذكر فتقربه الذكرى الى قبول الحق وما أدراك إن ذلك كائن منه حتى أعرضت عن الأعمى وقرأ عاصم بنصب تنفع في جواب الترجي كما قرأ فاطلع وهذا أولى من أن يقال النصب على تقدير قرن خبر لعل بأن ومن أن يقال عطفا على جملة " لعله يزكى "لأنها مفعول به لأن المشهور اشتراط ١٧٩ خلوص الإسم في نصب الفعل بعده ولعله يزكى قائم مقام الاسم لا اسم " (اما من استغنى) عن الإيمان بالله بماله "(فانت له تصضدى) تتعرض والأصل تتصدى أيدلت التاء الثانية صادا وأدغمت في الصاد هذه قراعءة نافع وابن كثير وقر غيرهما بتشديد الدال فقط وقرأ أبو جعفر بتشديد الدال فقط وضم التاء بناء للمفعول أي تدعوك نفسك الى التصدي حرصا على الإسلام وليس عليك في عدم تزكيته بالإسلام إن عليك الا البلاغ كما قال . "( وما عليك الا يزكى ) عليك خبر وإلا يزكى مبتدأ أي ما عليك عدم تزكية آي ليس ضررا عليك أو يقدر مضاف قبل المبتدأ أي ثم عدم التزكي وما نافية ويجوز أن تكون استفهامية مبتدأ وعليك خبر0وألا يزكى على تقدير الجار أي في ألا يزكى أو بألا يزكى . "(وأما من جاعك يسعى ) جملة يسعى حال من ضمير جاء أي ساعيا طابا الخير وهو ابن ام مكتوم(" .وهو يخشى ) حال ثانية أو حال من ضمير يسعى أي يسعى هو يخشى الله عز وجل أو ضر الكفار في إتيانه إياك أو العثور في الطريق لأنه أعمى ولا قائد له "(فأنت عنه تلهى) تتشاغل وهو تفعل بفتح الكل إلا اللام وتشديد العين وهو من لهى وقر طلحة ابن مصرف تتلهى باثبات التائين وقرأ أبو جعفر تلهى للبناء للمفعول وتشديد الهاء كما شددت في غير هذه القراءة وهو مضارع لهى بتشديد الهاء والبناء للمفعول أي يلهيك شن الصناديد ى قال القاضي ولعل ذكر التصدي والتلهي للاشعار بأن العتاب على اهتمام قلبه بالغني وتلهيه عن الفقير ومه ‏١٨٠ لا ينبغي له ذلك انتهى. وذلك كله عتاب للنبي صلى الله عليه وسلم وذلك حكم لهم من غير النبي صلى الله عليه وسلم فإنه يجب علينا تقديم الضعيف من أهل الخير على الشريف من أهل الشر قال عياض وليس في قوله " عبس وتولى "الآية ما يقتضي اثبات ذنب للنبي صلى الله عليه وسلم أو أنه خالف أمر ربه سبحانه وإنما في الآية إعلام بحال الرجلين وتوهين أمر الكافر والإشارة الى الإعراض عنه . قال السهيلي وانظر كيف نزلت الآية بلفظ الإخبار عن الغائب ولم يقل عبست وتوليت وهذا يشبه حال المعاتب المعرض ثم أقبل عليه بالخطاب إعلاما أنه لم يقصد بالإعراض عن ابن ام مكتوم إلا الرغبة في الخير ودخول المشرك في الإسلام إذا كان مقه يسلم بإسلامه بشر كثير فكلم نبيه حين بدأ الكلام بما يشبه كلام المعرض ثم خاطبه تأنيسا له. "(كلا) أي لا تعد الى مثل ذلك "(إنها) أي الموعظة أو المعاتبة أو السورة أو الآيات أو القرآن فأنث لتأنيث الخبر "( تذكرة فمن شاء ذكره) حفظ ذلك واتعظ به أو ذكر الضمير باعتبار الوعظ أو العتاب أو القرآن أو الذكر زعم بعض أن هذا منسوخ بالسبق . "( في صحف) خبر ثان لأن أو نعت لتذكرة فالجملة بنهما معترضة أي تذكرة ثابتة أو مثبتة في صحف أو خبر لمحذوف أي هي في صحف م قيل وذلك يؤدي أن المراد القرآن كله قال بعضهم الصحف اللوح المحفوظ وقيل صحف الأنبياء المنزلة كقوله " إن هذا لفي الصحف الأولى" . ١٨١ "(مكرمة) عند الله "(مرفوعة) مرفوعة القدرة عند الله وقيل مرفوعة في السماء السابعة ي "( مطهرة) عن مس الشياطين والكفرة لايمسها إلا الملائكة "( بأيدي سفرة) جمع سافر بمعنى كاتب وهم الملائكة يننسخونها من اللوح المحفوظ وقيل الأنبياء يكتبون الوحي ونبينا صلى الله عليه وسلم لا يكتب وقيل الصحابة وقيل القراء وقيل الملائكة سفرة ببن الله وأنبيائه بالوحي أو بينه وبين الإنس وسموا بذلك لكشفهم الأمر . "(كرام) أعزاء على الله عز وجل وقيل متعطفين على المؤمنين يكلونهم ويستغفرون لهم "( بررة) مطيعين أتقياء وعن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة . "( قتل الإنسان) أى جنس الكافر وهذا من أشنع دعاء العرب وهم يستعملون هذا في اللعن قاله مجاهد وادعى بعض أنه تحكم وقال إن المراد أنه أهل أن يدعى عليه بذلك وقيل الإنسان عتبة بن أبي لهب غاضب أباه فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فأسلمه ثم إن أباه استصلحه وأعطاه مالا وجهزه الى الشام فبعث عتبة الى النبي صلى الله عليه وسلم أني كافر برب النجم إذا هوى فدعى عليه النبي صلى الله عليه وسلم وقال اللهم ابعث عليه كلبك حتى ياكله فجاءه الأسد في سفره المذكور فأكله من بين الرفقة وقصته ابسطها في غير هذا وقيل الإنسان أمية بن خلف وقيل الذين قتلوا يوم بدر "( ماأكفره ) استفهام توبيخي أي ماحمله على الكفر أو تعجب من إفراطه في كفران نعمة الله.قال جار الله ولا ترى أسلوبا أغلظ منه ؤلا أخشن مسا ولا أذل على سخط الله ولا أبعد شوطا في المذلة مع تقارب ١٨٢ طرفيه ولاأجمع للوم على قصر متنه وقد ألهم الله عز وجل امرء القيس النطق بهذه الآية وهي لما تنزل وله عز وجل أن يفعل ما يشاء وقد يقال أن مانطق به امروء القيس ولو اتفق لفظه مع هذه الآية حيث قال "قتل الإنسان ماأكفره" لكنها في القرآن أفصح متضمنة لمعان لم يقصدها امرء القيس ولا خطرت بباله أو بال أحد ثم دل على انحطاط قدره من حيث أنه مخلوق من نطفة وصائر الى القبر ومن حيث أنه غير شاكر لما هو مغمور فيه من أصول النعم وفروعها بقوله "(من أي شيء خلقه) أي من شيء حقير والاستفهام للتقرير والتحقير ولذلك أجاب بقوله "(من نطفة) لا غير "(خلقه فقدره ) خلقه أطوارا من نطفة الى آخر خلقته وقيل خلق رأسه وعينيه ويديه ورجليه وغير ذلك مما يصلح له من الأعضاء والأشكال على قدر ما أراد . "(ثم السبيل يسره) سهل له طريق الخروج من بطن أمه قاله ابن عباس وقال الحسن ومجاهد سبيل الهدى وسبيل الضلالة وعن الحسن سبيل النظر المؤدي الى الأيمان والعلم بطريق الحق والباطل وقيل يسر له كل ماله أعوليه وفي الآية على غير القول الأول إشارة الى أن الدنيا طريق والمقصد غيرها كما قال . "(ثم أماته) قيل والتعريف بال للإشعار بأنه سبيل عام وفي ذكر التيسير نفي للخبر فاقهم ونصب السبيل على الإشتغال موافقة للفعلية أو مقعول ثان ليسر تضمينا له معنى هدى . "(فأقبره ) أدخله القبر أجوعله ذا قبر أو أمر بقبره يقال قبر زيد ميتا ذفنه وأقبره بكر ميتا أمره بقبره والإماتة معدودة في النعم لأنه بها ينتقل الى دار ١٨٣ السعادة وكذا الإقبار تكرمة وصيانة عن السباع والطير ولم يكن مطروحا على الأرض كسائر الحيوانات "(ثم إذا شاء أنشره) بعثه وقرىءنشره وفي التعبير بإذا شاء إشارة الى أنه وقت البعث موكول اليه لا يعلمه أحد . "( كلا) ردع عن التكبر والكفر أو بمعنى حقا "(ما يقض ) يفعل "( ما أمره ) به ربه أي من آدم الى هذه الغاية لم يقض إنسان ما أمر به على الحقيقة إذ يخلو أحد من تقصير ما وقيل لم يقض هذا الكافر الى الآن ما أمر به والظاهر أن في الآية غير متوقع ثبوت ما نفته وحذف العائد المجرور مع أنه لم يتعلق لمثل ما تقدم الموصول ولم يجر الموصول بمثل ذلك الجار اللهم إلا أن يقال أن التوقع قد يكون إمكانيا وشأنيا أي من شأنه أن يقضي وينتظر قضائه وأن العائد منصوب مقدر أي ما أمره إياه على القلة على حد ما جاء في قوله: أمرتك الخير فافعل ما أمرت به أو إنما مصدرية وضمن أمر معنى الزم فالهاء هي الرابط والمفعول الأول محذوف مقدر بعد الهاء أي إياه "( فلينظر الإنسان الى طعامه ) كيف ديره وجعل سببا لحياته وقيل إلى مخرج طعامه ومدخله ولولا ذلك لهلك والنظر نظر اعتبار . "(إنا صيبنا الماء ) من السحاب "(صبا) وهذا استئناف مبين لكيفية إحداث الطعام وذكر النعم في معاشه بعد ذكر نعم خلقه وأمانته4وقرأ الكوفيون بفتح همزة أن على الإبدال من الطعام بدل اشتمال أي إلى صبنا الماء من أجل إيجاد طعامه . ١٨٤ "(ثم شققنا الأرض شقا) بالنبات فاسناد الشق الى نفسه حقيقة أقولبنا الأرض بالحرث فاسناد مجاز لان الذي يقلبها الإنسان ولكن بنقدار الله وخلقه الفعل "( فآنبتنا فيها حبا ) يتغذى به كالبر والشعير جمع حبة وأما الحب بالكسر فما ينبت من البذور ولا يحفل به "( وعنبا) هو غذاء من وجه وفاكهة من وجه آخر فلذا جعله تابعا للحب . "( وقضبا) هو ما يقضب رطبا لياكله ابن آدم من النبات وقيل الرطب من التمر وسمي باسم المصدر لأنه تقضب مرة بعد الاخرى وقيل القضب الصفصفة قال بعضهم هذا ضعيف لأن الصفصفة للبهائم وقيل هو علف "(وزيتونا) حب أسود يعصر منه الزيت "( ونخلا وحدائق )الدواب كلها بساتين "( غلبا ) كثيرة الشجار أو عظامها أو الحدائق نفسها كثيرة أو عظام متكاثفة وعلى الأول فالوصف بالغلب وصف للمحل بصفة ماحل فيه 4وعن ابن عباس الغلب الطوال وعن الحسن حدائق غلبا نخلا كراما طوالا وذلك تخصيص بعد تعميم وعن الكلبي شجر أغلاظا طوالا . "(وأبا) مايزرعه الناس وتأكله الدواب"(وفاكهة) جميع ألوان الفاكهة وقيل ماتأكل ولو لم يزرعوه وقال ابن عباس ماياكله الناس والأنعام وعنه للرعي وسئل أبو يكر عن الأب أي سماء تظلني وأي أرض تقيلني إذا قلت في كتاب الله ما لا علم لي به رواه ابراهيم التيمي ،وعن أنس أن عمر قرا الآية فقال كل هذا قد عرفنا فما الأب ثم رفع عصى كانت بيده وقال هذا لعمر الله التكلف وما عليك يا ابن ام عمر أن لا تدري ما الأب وروي ما كلفنا بهذا وروي ما:مرنا بهذا ثم قال اتبعوا ماتبين لكم من هذا الكتاب وما ١٨٥ لا تدعوه وليس هذا نهي عن البحث عن مشكلاته ولكن كانت أكبر همهم العمل فكان الشغل بعلم لايعمل به تكلفا عندهم والآية مسوقة استدعاء للشكر وقد علم من السياق أن الأب بعض ما ابيته لله للإنسان منفعة له فأمر نفسه بالأهم وهو الشكر وأن ندع معرفة الأب الى أن يتبين في غير هذا الوقت وأمر غيره بالجري على هذا السنن وسمي أبا لأنه يؤب ويوم أي يقصد أو من قولك أب لكذا إذا تهي له وهو يهيا للرعي وقيل فاكهة يابسة تؤب للشتاء . "( متاعا لكم ولأنعامكم) قد سيق فإن بعض ذلك لكم وبعضه لأنعامكم والكل منفعة لكم الى الموت "( فإذا جات الصاخة ) النفخة الثانية ويقال صح لحديته إذا استمع له وأسند الصخ اليها تجوزا لأن الناس يصبحون اليها أو حقيقة لمعنى تصح أسماعهم أي تبالغ فيها حتى تضمها وعبر بعض بقوله تكاد تصمها وعن الخليل الصاخة صيحة تصخى الآذان أي تصمها لشدتها . "( يوم ) بدل من إذا ومتعلق بجاء فإن وقت الصيحة من جملة اليوم كما تقول جاء زيد يوم الجمعة إذا جاء أوله مثلا "(يفر المرء) لاشتغاله بشأنه وعلمه أن الأقارب كغيرهم لا ينفعونه ولشدة اليوم هذا قول الجمهور والقرار التباعد(" .من أخيه) قدمه لأنه ولو كان بعيدا بالنسبة للاب والأم والإبن لكنه يأنس اليه في الدنيا ويتطارح اليه ويتجاسر بما أراد وأما هؤلاء فبينه وبينهم حصن الحياة(" .وأمه ) قدمها لأنها أشفق عليه من غيرها " (وأبيه) هو أشفق من الزوجة "( وصاحبته) زوجته قدمها على الولد ١٨٦ لان محبتها إذا اشتدت تفوق محبة الولد "(وبنيه) وقيل بدأ بالاخ والأبوين لأنهم أقرب اليه وجعلهم في درجة ثم بالصاحبة والبنين لأنهم أقرب وأحب وقيل آخر الأحب فالأحب للمبالغة أي يفر من أخيه بل من أبويه بل من صاحبته وبنيه وقيل يفر من هؤلاء لسوئهم إن كانوا سيئين فلايحضر معهم ولايواليهم وروي أن أول من يفر من أخيه هابيل يفر من قابيل وابراهيم صلى الله عليه وسلم من أبيه _ وأمه ولوط من صاحبته ونوح من ابنه وعبارة بعضهم يفر نبينا محمد صلى الله عليه وسلم من أمه وزعم بعض قومنا أنها وإياه أحياهما الله له فأسلما وله أن يفعل مايشاء وقيل يفر من هؤلاء حذرا من المطالبة بالحقوق بقول الاخ لم تواسيني بمالك والابوان يقولان قصرت في حقنا والصاحبة تقول لم توفني حقي وأطعمتني الحرام والولد ماأرشدتنا وما علمتنا وجواب إذا محذوف دل عليه قوله "(لكل امرء ) أحد "(منهم يومئذ شأن يغنيه ) حال يشغله عن حال غيره وقرىء يعني بالمهملة أي يهمه ويحشرون حفاة عراة لاينظر أحد لعورة أحد "( وجوه يومئذ مسفرة ) مضيئة من قولك أسفر الصبح قال ابن عباس لقيام الليل وفي الحديث من كثر قيامه بالليل حسن وجهه بالنهار وقال الضحاك للوضوء وقيل لا غير أراها في سبيل الله . "(ضاحكة ) بعد الحساب (مستبشرة ) منبسطة لما ترى من النعم والإستبشار حالة غير الضحك فو المراد مستبشر أصحابها بالسهم وهم المؤمنون "(وجوه يومئذ عليها غبرة) غبار وكدرة ٭(ترهقها) تغشاها " قترة ) سواد وظلمه قال جار الله ولا ترى أوحش من اجتماع الغبرة ‏١٨٧ والسواد في الوجه كما ترى من وجوه الزنوج أي العبيد السود إذا اغبرت يجمع الى سواد وجوههم الغبرة كما جمعوا الفجور الى الكفر كما قال . "( أولئك هم الكفرة الفجرة) جمع كافر وفاجر وقيل القترة سواد كالدخان وعن ابي عبيد هو الغباروالغبرة الكآبة أي أهل هذه الحالة عن ابن عباس, القترة الذلة وعن بعض الغبرة ما كان أسفل في الأرض والقترة ماارتفع من الغبار في الهواء أمال حمزة والكسائى وآخر أي السورة الى تلهى وأماله وأمال أبو عمر والذكرى وماعداه بين بين وورش جميع ذلك بين بين وأخلص الباقون الفتح . اللهم بحق نبيك علينا محمد صلى الله عليه وسلم وبركة السورة أخز النصارى وأهنهم وأكسر شوكتهم وغلب المسلمين والموحدين عليهم صلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم . .١٨٨ سورة التكوير مكية وآيها تسع وعشرون وكلماتها مائة وأربع وحروفها خمس مائة وثلاثون وفي الحديث من سره أن ينظر اليه يوم القيامة كأنه يرى بعينيه فليقر "إذا الشمس كورت وإذا السماء انفطرت وإذا السماء انشقت " رواه محمد بن سوارعن ابن عمر وعنه صلى ا له عليه وسلم من قرأ سورة التكوير أعاذه الله أن يفضحه حين تنشر صحيفته وقالوا قراعتها تقوي النظر وتزيل الرمد والغشاوة بإذن الله تعالى . بسم الله الرحمن الرحيم (إذا الشمس كورت ) لفت من كورة العمامة إذا لففتها بمعنى رفعت لأن الثوب إذا أريد رفعه لف.فافها عبارة عن إزالتها أو لف ضوبها وزال أثره فحذف المضاف أو كنى عن ذهاب الضوء بلفها لأنها مادامت غير ملفوفة فضوؤها منبسط أو أزيل ضوعها وهي باقية ولله أن يفعل ما يشاء . وعن ابن عباس يكورها الله والقمر والنجوم أي يطرحها مجموعة في البحر ثم يبعث عليها ريحا دبورا فتضربها فيصير نارا وعنه كورت بمعنى جعلت مظلمة وعن قتادة أزيل ضوؤها وعن الربيع ابن خيتم رمى بها والشمس نائب لمحذوف دل عليه كورت ى وأجاز الأخفش كون الشمس مبتدأ إجازة لكون الشرط جملة اسمية وأجاز الكوفيون كون الشمس فاعلا نائبا مقدما. "(وإذا النجوم اتكدرت ): انقضت على الأرض وعن ابن عباس تغيرت ١٨.-‎۔٩ وعلى الأول الكلبي وعطاء قالا تمطر السماء يومئذ نجوما ولا يبقى نجم إلا وقع ويروى أنها والشمس والقمر تطرح في النار ليراها عابدوها ويزداد حرها . "(وإذا الجبال سيرت) صيرت سائرة على وجه الأرض أو في الهواء فصارت هباء "(وإذا العشار ) النوق والحوامل أو التي أتى على حملها عشرة أشهر وهو اسمها الى ان تضع الى تمام سنة (" .عطلت ) تركت بلا راع مهملة مع أنها أنفس أموال العرب لشدة الهول وقيل تركت بلا حلب ولا صر خلف عن ولدها وقرىء بالتخفيف . "( وإذا الوحوش حشرت ) جمعت من كل جانب للقصاص وقال قتادة يحشر كل شيء حتى الذباب للقصاص ثم ترد ترابا الا ما كان حسن الصورة كالطاووس فيبقى يتنعم به أهل الجنة وعن ابن عباس حشر كل شيء موته الا الإنس والجن فإنهما يوافيان يوم القيامة يقال حشرتهم السنة أي استاء صلتهم وقرىء بالتشديد والمشهور الأول س ومر رسول الله صلى الله عليه وسلم أول النهار ببعير معقول ثم مر عليه أخرى وهو بحاله فقال أين صاحب هذا البعير ليعدل خصومه . "( وإذا البحار سجرت ) قال ابن عباس وابي ابن كعب ومجاهد أوقدت فصارت نارا تضطرم لأهلها وقيل فجر بعضها الى بعض مالحها وعذبها حتى تعود بحرا واحدا وتصير على رؤوس الجبال وتعم الأرض وتعلو فوقها الى أن تعلو الجبال يقال سجر التنور أي ملىء بالحطب ليحميه وقيل أحميت وجعلت حميما آنيا لأهل النار وعن الحسن يذهب مائها حتى لا ١٩٠ تبقى قطرة وقرأ ابن كثير وأبو عمر بالتخفيف وذلك ست آيات في الد بينما الناس في أسواقهم إذ ذهب ضوء الشمس بينهما هم كذا إذ تناثر النجوم فتحركت واضطربت وفزع الثقلاني واختلفا الدواب والطير والوحش وتماوجوا فتقول الجن للانس نأتيكم بالخبر فينطلقون الى البحر فيجدونه نارا تتأجج وبين ماهم إذ تصدعت الأرض الى الأرض السابعة والسماء الى السماء السابعة إذ جاء تهم ريح فاتتهم قال ابن عباس وست في الآخرة كما قال . "( وإذا النفوس زوجت) قرنت بالأبدان وعن النعمان بن بشير وعمر بن الخطاب وابن عباس قرنت بشكلها يقرن الرجل الصالح بالرجل الصالح في الجنة والسوء بالسوء في النار رووا ذلك عنه صلى الله عليه وسلم وقيل أن النعمان سأل عمر فأجابه بذلك وقيل يحشر الرجل مع صاحب عمله من رغب في العلم مع من رغب فيه والزاني مع الزاني وهكذا وعن الحسن اليهود باليهود والنصراني بالنصراني وهكذا والمنافق بالمنافق والمؤمن بالمؤمن وقال الكلبي يقرن المؤمن بالحوراء والكافر بشيطانه وقيل تقرن بكتبها وأعمالها وفي الآية خص علي خليل الخير قال صلى اللة عليه وسلم المرء مع من أحب فلينظر أحدكم من يخالل وعن مقاتل المراد نفوس المؤمنين تقرن بالحور . "(وإذا الموؤدة سئلت بتي ذنب قتلت ) الموؤدة الجارية بدفنها والدها حية خوف العار أو الفقر و الفعل وأد بفتح الهمزة يئد كوعد يعد مقلوب عند بعض من أد يؤد كقال يقول إذا ثقلت والمدفونة تثقل بالتراب حتى تموت ١٩١١ كان الرجل إذا ولد بنتا وأراد أن يستحييها البسها جبة من صوف أو شعر ترعى له الإبل والغنم في البادية وإن أراد قتلها تركها حتى إذا كانت سداسية قال لأمها طيبيها وزينيها حتى أذهب بها الى أحمائها وقد حفر لها بئرا في الصحراء فيبلغ بها البئر فيقول لها انظري فيها ثم يدفعها من خلفها ويهيل عليها التراب حتى يسوي البئر بالأرض وروي عن ابن عباس أن الحامل إذا ولدت بنتا رمت بها في حفرة حفرتها وتمخظت عليها قرب الولادة وإذا ولدت ابنا حبسته . وروي أنهم يقولون أحيانا أن الله أولى بهن فيقتلونهن الحاقا به لأنهم يقولون أن المملائكة بنات الله وكان صعصعة ابن نجية يتتبع الموؤدات ويستحيينهن وبه افتخر الفرزدق إذ قال: وأحيى الوئيد ولم يئدومنا الذي منع الوائدات وسؤالها تبكيت لقاتلها وانكار لأنها لاذنب لها تستوجب به القتل كما بكت النصارى لسؤال عيسى عليه الصلاة والسلام أأنت قلت للناس فإذا كان الكبت القاتل بأنه لاذنب لها فكيف يعذبها بالنار ولاذنب لها مع أن عذاب النار دائم فبطل قول من قال أن أولاد المشركين في النار0وقد سئل ابن عباس واحتج بالآية على نفي دخولهم النار للتعذيب س وقرأ يعقوب بالتشديد تعظيما لذلك القتل وقرىء سألت بالبناء بالفعل أي سالت الله أو قاتلها وقرىء ابن عباس ياي ذنب قلت بكسرالتاء بعد اللام الساكنة وكانوا لعنهم الله يقتلون بناتهم ويغذون كلابهم . "(وإذا الصحف ) كتب الاعمال قال الثعالبي وقيل التي تتطاير بالإيمان ١٩٢_ "(نشرت) للحساب يعد طيها عند الموت قال قتادة صحيفتكوالشمائل ياابن آدم تطوى على عملك فانظر ماتملي فيها وكان عمر إذا قرأها قال اليك يساق الأمر بن آدم وعنه صلى الله عليه وسلم يحشر الناس حفاة عراة فقالت أم سلمة رضي الله عنها كيف بالنساء فقال شغل الناس ياأم سلمة قالت وما شغلهم قال النشر الصحف فيها مثاقيل الذر ومثاقيل الخردل أي وزن ذلك ونشرت بين أصحابها قيل تتطاير الصحف من تحت العرش صحيفة الكافر المؤمن في يده في جنة عالية وصحيفة في يده في سموم وحميم أي مكتوب فيها ذلك،قال جار الله وهي صحف غير صحف الأعمال وقرأ ابن كثير وابو عمر وحمزة والكسائي بالتشديد للمبالغة في النشر أو الكثرة الصحف أولشدة بسطها وتطايرها . "(وإذا السماء كشطت) قلعت وأزيلت كما يكشط الإيهاب وهو الجلد عن الذبيحة "يوم نطوي السماء كطي السجل " وقرأ ابن مسعود كشطت بالقاف والمعنى واحد وتعاقب الكاف والقاف كثير يقال لبكت الثريد ولبقته والكافور والقافور "(وإذا الجحيم سعرت ) أوقدت إيقادا شديدا لأعداء الله وعن بعضهم وقودها غضب الله وخطايا بني آدم وذلك قراءة نافع وابن عامر وحقص وابن زكوان ورويس وقرأ الباقون بغير التشديد "(وإذا الجنة أزلفت) قربت لأولياء الله ليدخلوها أو ليروها قبل دخولها . "(علمت نفس ) كل نفس "(ماأحضرت) من خير أو شر ما هيأته وعدته والجملة جواب إذا الأولى مع ما عطفت عليهما وقد علمت أن المراد بالنفس الإستغراق الصريح وإن شئت فقل لفظه التقليل وتفهم منه الكثرة يقينا كما ٩٣۔‎١ قيل في ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين" وقوله قد أترك القرن مصرفا أنامله وقول قائد العسكر رب فارس عندي أو لاتعدم عندي فارسا وإنما قصد التمادي في تكثير فرسانه وأراد إظهار البراءة من التزيد وأنه يقلل كثير ماعنده فضلا عن أن يتزيد فجاء بلفظ التقليل وذلك إذا قلت له مثلا كم فارس عندك فالآية بمنزلة كم نفس بل أبلغ لأن المراد جميع نفوس الثقلين وعن ابن مسعود قرأها رجل فلما بلغ " علمت نفس ما أحضرت " قال وأقطع ظهرياه (" .فلا أقسم ) مر مافيه "(بالخنس ) بالكواكب الرواجع من خنس إذا تأخر وهي ما سوى القمرين من السيارات ولذا وصفها بقوله "( الجواري الكنس) أي التي تجري وتختفي تحت ضوء الشمس من كنس الوحش إذا أذخل كناسه وهو بيته المتخذ من أغصان الشجر أو تختفي بغيوبها في المغرب مثلا وقيل الدراري الخمس زحل والمشتري والمريخ والزهرة وعطارد تتأخر عن مطالعها في كل عام وأيضا بينما ترى النجم في آخر البرج ذكر راجعا الى أوله وقيل الخنس الجواي الكنس الظبا تأوي الى أماكنها وعليه ابن مسعود وقال الجمهور المراد الدراري السبعة الخمسة المذكورة والشمس والقمر وقيل بقر الوحش وعن الحسن النجوم تخنس ترجع الى مطالعها في الليل القابلة أو الساعة القابلة ولو في غير الليل وهي جمع خانس وجار وكانس . "(والليل إذا عسعس ) أقبل بظلمته قاله الحسن وقال ابن عباس والكلبي ا قسم يا قيا له‏ ١لاضوا ء يقا ل عسعس وسعسع وعن ‏ ١لميردمنأد ير وهو ‏ ١٩٤۔ وإدباره وقيل عسعس إشتدت ظلمته والمشهور أن العسعس رقة الظلام وذلك يكون في طرف الليل . "(والصبح إذا تنفقس) ظهر ضوءه واتسع وقيل بدأ أوله وقيل تنفس هبوب نسيم عند إقباله جعل نفسا له تجاوزا وقيل شبه النهار بالمخزون وإذا ظهر فكأنه إنسان خرج من السجن فتنقس أو شبه الليل بمخزون وذلك بأنه محبوس لايقضي قبل وقته فإذا طلع الفجر فكأن الليل تنفس راحة لتخلصه .من الحيس "(أنه) أي القرآن "( لقول رسول كريم ) هو جبريل فإنه يقول القرآن عن الله قاله الجمهور وقيل النبي صلى الله عليه وسلم والجملة جواب القسم " (ذي قوة) من قوته أنه صاح صيحة بثمود فصبحوا جاثمين ويهنبطوا من السماء الى الأرض ويصعد في أسرع من طرفة عين وكان رسولا الى الأنبياء . ذو"(عند ذي العرش ) عند الله مالك العرش متعلق بقوله "(مكين) أ ه ٭ مكانة أي رفعة ومن كان ذا مكانة عند الله فهو شديد العظمة والمكانة : (مطاع ) في الملائكة وهذه إشارة الى مكانته عند الله "(ثم) إشارة الى الظرف المذكور وهو ظرف وقرىء بضم الثاء على العطف لقوله "(آمين) تعظيما للأمانة وتفضيلا لها على مايرى الصفات وذلك أن ثم للمهلة وهي هنا للتراخي الرتبة وعلى الفتح فهي متعلقة بمطاع أو بأمين والمراد أنه أمين على الوحي ومن طاعة الملائكة له فتحهم .له باب السماء بقوله إن هذا رسول الله على البدلية من عند وهذا ليلة الإسراء على القول أنها في ١‏_١٦١٥_.اليقظة. "(وما صاحبكم بمجنون )كما تقولون يعني محمدا صلى الله عليه وسلم والعطف على جواب القسم والخطاب لكفار مكة يقولون إنه مجنون وإن ما يقول ليس من عند نفسه واستدل الزمخشري على عادته على فضل جبريل على نبينا صلى الله وسلم عليهما بذلك حيث وصفه بأنه رسول كريم وأنه ذو قوة عند عظيم بلغت عظمته أن العرش من ملكه وبأنه مطاع في الملائكة فهو أفضلهم وأنه أمين ووصف النبي صلى الله عليه وسلم بأنه غير مجنون فقط وأجيب بأن المقام إنما هو مقام مدح جبريل وحده لا مقام الموازنة بينه وبين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وما نفي الجنون عنه إلا جواب لقولهم أنه مجنون وهو أفضل المخلوقات على الإطلاق كما بسط في محله وقال عياض في الشفاء أكثر المفسرين على أن قوله " مطاع ثم أمين به " المراد نبينا صلى الله عليه وسلم . "( ولقد رآه ) رأى محمد صلى الله عليه وسلم جبريل قال بعضهم أجمعوا أن قوله "ما صاحبكم بمجنون ولقد رأه " الصاحب والضمير الملستتر في رأى للنبي صلى الله عليه وسلم . "(بالأفق المبين) الجهة العالية نحو السماء البين علوها وهي جهة المشرق وعن بعض هو مطلع الشمس الأعلى قال صلى الله عليه وسلم لجبريل عليه السلام إني أحب أن أراك على صورتك التي خلقت عليها قال لن تقوى على ذلك قال بلا قال فأين تشاء أن تخيل لك بالابطح قال لا يسعني ذلك فيمن قال لا يسعني ذلك قال فبعرفات قال لا يسعني ذلك فروي أنه خرج صلى الله عليه وسلم في الوقت فإذا بجبريل قد أقبل من جبال عرفات بخشخشة ‏١٩١٦١ قد ملأ ما يين المشرق والمغرب ورأسه في السماء ورجلاه في الأرض فلما رأه خر مغشيا عليه قتحول عن صوته فضمه الى صدره وقال يا محمد لا تخف وكيف لو رأيت اسرافيل ورأسه تحت العرش ورجلاه في تخوم الأرض السابعة وأن العرش لعلى كاهله وأنه يتضائل أحيانا من مخافة الله عز وجل كالعصفور حتى لايحمل ما يحمل عرش ربك إلا عظمته جل وعلا "( وماهو ) محمد صلى الله عليه وسلم "( على الغيب ) ما غاب من الوحي وأخبار السماء وما أطلع عليه من قصص الأنبياء وغيرهم " (بضنين) بنخيل فينقص منه شيئا أو يكتمه كما يكتم الكاهن ما عنده حتى أخذ عليه حلوانا وقرىء بالظاء المشالة أي بمتهم وهي قراعءة ابن كثير وأبي عمر والكسائي والأعرج والذي في مصحف ابن مسعود الظاء المشالة والذي في مصحف أبي الضاد غير المشالة وكان صلى الله عليه وسلم يقرا بهما واعلم أن إتقان الفعل بين الضاد والظاء ومعرفة مخرجيهما واجبان فإن أكثر العجم مظما معشر هؤلاء البرابر لا يفرقون بينهما وإن فرقوا ففرق غير صائب مع أن وضع أحدهما موضع الآخر كوضع الدال مكان الجيم فإن كلا منهما مباين للآخر كتابة ونطقا وتعبيرا فغير المشال يعبر عنه ويكتب هكذا ضاد بالدال وغير الإشالة وينطق به من أصل حافة اللسان ومايليها من الأضراس من يمين اللسان أو يساره وهو أكثر وأيسر أو منهما وهو أقل وأعسر وكان عمر يخرجها منهما وهي أصعب الحروف وأشدها ولذا قال صلى الله عليه وسلم أنا أفصح من نطق بالضاد بيد أني من قريش أي الذين هم أصل العرب وهو أفصح من نطق بها فهو أفصح ١٩٧ العرب كلها وخصها بالذكر لعسرها على غير العرب وبيد للتعليل أو الإستثناء مؤكد للمدح كما يشبه الذم قال صاحب القوادر من قومنا لاتجوز إمامة من لا يفرق بين الضاد والظاء وأما المشالة فيعبر عنها وتكتب هكذا ظاء بمشالة وهمزة ومخرجها من طرف اللسان وأصول الثنايا العليا. "( وماهو ) أي القرآن بدليل الخبر . "(بقول الشيطان الرجيم) مر جوم مسترق للسمع وهذا نفي لقولهم إنه "( فأين تذهبون )سحر وكهانة وكانوا يقولون شيطان يلقيه على لسانه الى ماذا تنصرفون عن القرآن وهو الشفاء والبيان وأي طريق تسلكون وهذا بيان لضلالتهم وتوقيف عليها حيث نسبوا القرآن والرسول الى ما نسبوهما كما تقول لمن أخطأ الطريق الجادة الى أين تذهب تريد أن تتطلعه على أنه أخطا الطريق . "(إن) أي ما "(هو) أي القرآن "(إلا ذكر ) عظة "(للعالمين) الثقلين وفي التعبير بمادة ع ل م إشارة الى أنه ينفع من تأهل للعلم "(لمن) بدل من للعالمين لأن هذا الذي شاء هو المنتفع بالتذكير "(شاء منكم أن يستقيم) باتباع الحق وتحريه وغيره وكأنه لم يوعظ لأنه لا تنفعه الموعظة " (وما تشاؤون ) الإستقامة فتستقيمون ٭( إلا أن يشاء الله ) أي وقت مشيئته أو ما تشاؤونها يا من لا يشاؤها الا بقسر من الله والجاه فله الفصل والحق والتوفيق "(رب العالمين) مالك الخلق كلهم . ١٩٨ "(اللهم ببركة النبي محمد صلى الله عليه وسلم وبركة السورة أخز النصارى وأهنهم وأكسر شوكتهم وغلب المسلمين والموحدين عليهم صلى الله على سيدنا محمد وآله وصحيه وسلم . ١٩٩ مكية‏ ١لاإنقطارسورة وآيها سبع عشرة وكلماتها ثمانون وحروفها ثلاثمائة وتسعة وعشرون وعنه صلى الله عليه وسلم من قرأ " إذا السماء انفطرت " كتب الله له بعدد كل قطرة من السماء حسنة ويعدد كل قبر حسنة وقالوا إذا قرأها محبوس أو مسور خرج بإذن الله وإذا غسلت بمائها الحمرة زالت والله سبحانه أعلم . بسم الله الرحمن الرحيم (إذا السماء انقطرت ) انشقت وذلك يوم القيامة بعد النفخة الآخرة "( وإذا الكواكب انتثرت ) تساقطت متفرقة "(وإذا البحار فجرت ) فجر بعضها في بعض وخلطت بحرا واحدا عذبها ومالحها وقيل أفيضت أو قيل ينقل ماؤها منها الى غيرها . "( وإذا القبور بعثرت ) قلب ترابها وأخرج موتاها وما فيها وسميت سورة براءة المبعثرة لأنها أظهرت أسرارهم ويجوز أن يكون اختصارا للحكاية فهو لفظ مركب من البعث والبحث وراء أي مركب من بعث وبحث وراء الإثارة كبسملة وحوقلة فالراء أو رواء أو الإثارة ٭“(علمت نفس ) جواب إذا الأولى وما عطف عليها وعن جار الله أنه روى أن الأرض تنشف الماء بعد امتلأ البحار فتصير مستوية وهو معنى التفجير عند الحسن وقرىء فجرت بالتخفيف وقر مجاهد فجرت على البناء للفاعل والتخفيف والمعنى بغت لزوال البرزخ نظرا الى قوله" لايبغيا" لأن البغي والفجور إخوان وذلك أن البرزخ الذي بين العذب والملح زال وصارت البحار بحرا واحدا . ٢٠_ ٠ ‏ ("٦وأخرت ) من سيئة أو مال أو ما(" ما قدمت ) من عمل صالح أخرت من فرض لم تؤده وقيل ما قدمت من خير أو شر ومل أخرت من حسنة له أجر كأجر عاملها أو قبيحه عليها ووزره كوزر عاملها وقيل ما قدمت من الصدقات وأخرت من الزكاة . "( ياأيها الإنسان ما غرك بربك الكريم ) أي شيء خدعك وجرك على عصيانه وماذا آمنك من عقابه0وما للإستفهام التوبيخي إنكارا للاغترار به وإنما ذكر الكريم مع أن المقام مقام توبيخ وإنكار والمعروف أنه إنما يغتر للكريم كما يروى عن أنه صاح بغلامه مرات فلم يجبه فنظر فإذا هو بالباب فقال مالك لم تجبني قال لثقتي بحلمك وإنني من عقايك فاستحسن جوايه وأعتقه وكما اشتهر أن من كرم الرجل سوء أدب غلمانه للمبالغة في المنع عن الإغترار فإن الكرم المحض لايقتضي إمهال الظالم وتسوية الموالي والمعادي وللاشعار بأن ذلك الغرور عظيم لايناسبه الكرم فلا كرم لصاحبه وللاإشعار بما يغره الشيطان به من قوله افعل ما شئت فربك كريم لايعذب أحدا ولايعاجل بالعقوبة ولذلالة على أن كثرة كرمه تستدعي الجد في طاعته لا الإنهماك في عصيانه إغرارا بكرمه وإن حق الإنسان أن لا يغتر بتكرم الله حيث خلقه وأنعم عليه حتى يطمع بعد كفرانه أن يتفضل عليه بالثواب وطرح العقاب فإن هذا منكر خارج عن حد الحكمة ولهذا قال صلى الله عليه وسلم لما تلاها غره جهله . وقال عمر رضي الله عنه غره حمقه وجهله وقال الحسن غره والله شيطانه الخبيث الذي زين له المعاصي وقال له افعل ما شئت فريك الكريم الذي ٦٢٠١ تفضل عليك بما تفضل أولا هو متفضل عليك آخر حتى ورطه ث وقيل للفضيل بن عياض أن أقامك الله يوم القيامة وقال لك " ماغرك بربك الكريم" فماذا تقول قال أقول غرتني ستورك المرخاة وهذا على سبيل الإعتراف بالخطا في الإغترار بالستر وليس ذلك بعذر كما يظنه الطماع ويظنه قصاص الحشوي ويروون عن أأمتهم إنما قال ربك الكريم دون سائر صفاته ليلقين عبده الجواب حتى يقول غرني كرم الكريم وحكى الثعالبي عن الثعالبي أن أهل الإشارة قالوا إنما قال بربك الكريم تلقينا للجواب حتى يقول غرني كرمك . وروى التعالبي أنه قال صلى الله عليه وسلم لما تلاها غره جهله قال بعد الرواية فسبحان الله ما أرحمه بعباده وعن ابن مسعود ما منكم من أحد إلا سيقول الله له يوم القيامة يا ابن آدم ما غرك بي وماذا عملت فيما علمت يا ابن آدم ماذا أجبت المرسلين ولعل مراد هؤلاء مراد ابين مسعود من أنه يعاتب الثائب السعيد عما صدر منه فيجيب بذلك وإما أن يكون ذلك جوابا ينفع غير الثائب فلا . وعن يحيى بن معاذ لو قال ما غرك بي أقول غرك بربك بي سالفا ؤألفا وعن ابي بكر الوراق لو قال لي ما غرك بي لقلت غرني بك أنك أكرم الأكرمين . قال بعضهم ليس شيء أقرب الى لله من قلب المؤمن فإذا حضر الغير فيه فهو الحجاب ومن نظر الى الله بقلبه بعد عن كل شيء دونه ومن طلب طاعته أرضاه بحلمه ومن أسلم الى الله قلبه فولى جوارحه فاستقامت وإنما نحنقلويكمشهدت قلويهم على قدر ما حفظوا من جوارحهم فألزموا ٦٢٠٢ مخلقون وخالقنا معنا ولا تملوا من عملكم فإن الله شاهدكم حيث ما كنتم وأنزلوا به حاجاتكم وموتوا على بابه وقولوا نحن جهال وعالمنا معنا ونحن ضعفاء ومقوينا معنا ونحن عاجزون وقادرنا معنا فإن من لزمها كان الهواء والفضاء والأرض والسماء عنده سواء . وعن بعض أن الآية نزلت في الوليد ابن المغيرة وقيل في أبي ابن الأشد وإسمه أسيد ابن كلدة وقيل اسمه كلدة بن خلف وكان كافرا ضرب النبي صلى الله عليه وسلم ولم يعاقبه الله وأنزل الآية وقيل عامة في كل كافر وعاص وقرأ سعيد بن جبير ما أغرك ما على التعجب وإما على لإستفهام براجللرفع فهو غار أي غفل وأغره غيره جعله غافلا .من قولك غر ال "( الذي خلقك فسواك) جعلك مستوي الخلق سالم الأعضاء معدة لمنافعها "( فعدلك ) جعلك معتدلا مناسب الخلق منمن سمع وبصر وشم وكسب غير تفاوت فيه معتدلا بما يستعده من القوي فلم يجعل إحدى اليدين أطول ولا إحدى العينين أوسع ولا بعض الأعضاء أبيض وبعضها أسود ولابعض الشعر فاحما وبعضه أشقر وجعلك معتدل الخلق تمشي قائما لا كلبهائم وذلك تقرير للربوبية وإثبات للكرم وتنبيه على أن من قدر على ذلك أولا قادر عليه ثانيا . وقر الكوفيون عدلك بالتخفيف أي عدل بعض أعضائك ببعض حتى اعتدلت أو قفصرفك عن خلقة غيرك وميزك بخلقة فارقت خلقة سائر الحيوانات وكان صلى الله عليه وسلم إذا نظر الى الهلال قال آمنت بالذي خلقك فسواك "( في أي صورة ماشاء ركبك) أي ركبك في أي صورة شاعهافعدلك ٢٠٢٣ من تحو حسن وطول وذكور به وضده وفي أي شبه شبه أب أو أم أو قريب لواجب . قال الضحاك يشبه الرجل الرجل وليس عنده قرابة الا من قبل آدم عليه السلام ولايتشابه الرجلان حتى لا يفرق بينهما ففي متعلق بركب وما زائدة وجملة شاء صفقة صورة أو بمحذوف حال من كاف ركبك والجمهور على الأول ويجوز تعليق في بعدل ففي أي معنى التعجب أي في صورة عجيبة فتكون ما شرطية وشاء شرطا وركب جوابا فهي مفعول مطلق واقعة على التركيب ولم يعطف الجملة كما عطف ماقبلها لأنها بيان لعدل وعن بعض أن ما مصدرية والمصدر صفة لصورة على تأويله باسم مفعول أو على تقدير مضاف وفي المعنى قال أبو البقاء ما شرطية أو زائدة وعليهما فالجملة صفة لصورة والعائد محذوف أي عليها وفي متعلقة بركبك أهو كان حقه إذا علق في بركبك وقال الجملة صفة أن يقطع بأن ما زائدة إذ لا يتعلق ما قبل الشرط الجازم وبجوابه قلت وكذا غير الجازم قال لا تكون جملة جواب الشرط وحدها صفة والصواب أن يقال إن قدرت ما زائدة فالصفة جملة شاء وحدها والتقدير شاعها وفي متعلق بركبك أو باستقرار محذوف هو حال من مفعوله أو بعدلك أي وضعك في صورة أي صورة وإن قدرت شرطية فالصفة مجموع الجملتين والعائد محذوف أيضا وتقديره عليها وتكون في حينئذ متعلق بعدلك أي عدلك في صورة أي صورة ثم يعد ١ ٥ ‎نتهى. ‎١ستأنف ما ٢٠٤ (" كلا ) ردع عن الإغترار بكرم الله "( بل تكذبون ) ياكفار مكة "( بالدين ) أي بالجزاء أو بالشريعة وهذا انتقال الى ما هو السبب الأصلي في إغترارهم والتكذيب شر من الطمع الذي يطمعونه "( وإن عليكم لحافظين) من الملائكة لأاعمالكم "( كراما كاتبين ) لأعمالكم ذكر الحقيظ تحقيقا لما يكذبون به وردعا لما يتوقعون من التسامح والإهمال ووصف الحافظين بالكرم عنده لتعظيم الجزاء . "( يعلمون ما تفعلون ) مما أطلعهم الله عليه وكل ما علموه فليس بغيب إذ لا يعلم الغيب إلا الله وقيل يعلمون ما في القلب بأن يجعل الله لهم عليه علامة فيكتبونه وفي ذلك تهويل للعصاة ولطف للمؤمنين س وكان الفضل إذا قرأها قال ماأشدها آية على الغافلين والصحيح أنهم لايكتبون إلا أعمال الجوارح لقوله تعالى في بعض كتبه أنتم الحفظة لأعمال العباد وأنا الرقيب على ما في قلوبهم فقيل يكتبون كل مارأوا أو سمعوا حتى أنينه في مرضه وقيل لايكتبون إلا ما يترتب عليه الثواب أو العقاب وأقول أنين المريض إما جزع فهو شر وإما ضروري غير جازع معه فهو يكتب له الحسنات أو مهمل فلا خير ولا شر . "( إن الابرار ) المؤمنين الصادقين في إيمانهم "(لفي نعيم ) نعيم الجنة لبرهم قالت عائشة رضي الله عنها الذكر الخفي الذي لا تسمعه الحفظة يضاعف على الذي تسمعه الحفظة سبعين ضعفا فإذا كان يوم القيامة قال الله تعالى للعبد إن لك عندي كنزا لم يطلع عليه أحد غيري وعن بعض إذا عمل العبد في العلانية عملا وعمل في السر مثله قال الله للملائكة هذا عبدي حقا . فجار لفي جحيم ) نار محرقةوالفجار جمع فاجر يعم المشرك او لإن "( والمنافق فالملائكة تكتب لأجل بر البار وفجور الفاجر روي أن سليمان بن عبد الملك قال لإبن حازم المدني ليت شعري مالنا عند الله فقال اعرض عملك على كتاب الله تعالى فإنك تعلم ما لك عند الله فقال أين أجد ذلك في كتاب الله قال عند قوله " إن الأبرار لفي نعيم وإن الفجار لفي جحيم " قال سليمان فأين رحمة الله قال قريب من المحسنين . ‏ (٦يوم الدين ) يوم الجزاء "("( يصلونها ) يدخلونها ويقاسون حرها وما هم عنها بغائبين ) أي لا يغيبون عن النار كما قال وما هم عنها بمخرجين أو لم يغيبوا عنها في قبورهم وقيل ثلات حالات الحالة التي يحفظ فيها عمله وهي حالة الحياة وحالة الجزاء وهي يوم القيامة بعد الحساب وحالة البرزخ وهي قوله "وما هم عنها بغائبين " يرون مقاعدهم من النار غدوا وعشية ويشاهدونها . "( وما أدراك ) يامحمد وقيل الخطاب للكافر ) ما يوم الدين ) تهويل وتعظيم ليوم الجزاء وإنه لا يدرك كنهه إلا الله وإنه كيف تصور فهو فوق ذلك وأجمل القول في وصفه وزيادة تعظيمه بقوله ٭( ثم ما أدراك ما يوم الدين يوم لا تملك نفس لنفس شيئا ) من الخير جلبا ومن دفع ضر . ونصب اليوم على التعليق بمحذوف دل عليه لفظ الدين أي يدانون أي مفتوح فتح ينا ء ومحله رفع علي[ ي أذ كر [ و هويجا زون أو مفعول لمحذ وف ‏٢٠٦١ البدلية من يوم الدين وقد قر البصريان وابن كثير وقيل ابن كثير وأبو عمر بالرفع أو على الإبدال أو الخبرية محذوف ‏ (٦والأمر يومئذ لله ) وحده لا لغيره ولا يشاركه غيره ولاتملكون منه شيئا كما تملكون أمور الدنيا . اللهم ببركة النبي محمد صلى الله عليه وسلم وبركة السورة أخز النصارى وأهنهم وأكسر شوكتهم وغلب المسلمين والموحدين عليهم صلى الله على و له وصحيه وسلم .سدد نا محمد ٢٠٧ سورة المطففين مكية وقيل إلا ست آيات من أولها وقال ابن عباس مدنية وعنه نزل بعضها بمكة ونزل أمر التطفيف بالمدينة وقيل مكية إلا " إذا تتلى عليهم آياتنا قال أساطير الاولين " وقيل نزلت بين مكة والمدينة في الهجرة س وآيها ست وثلاثون وكلماتها مائة وتسع وستون وحروفها سبعمائة وثلاثون0قال صلى الله عليه وسلم من قرأ سورة المطففين سقاه الله من الرحيق المختوم يوم القيامة وإذا قرأت على مخزون كفي خشاشة الأرض . بسم الله الرحمن الرحيم " ( ويل للمطففين ) الويل واد في جهنم أو كلمة عذاب والمطفف الذي يبخس في الكيل والوزن وذلك أن ما يبخس طفيف أي قليل أو حقير وكان أهل المدينة أخبث الناس كيلا فنزلت الآية بعد قدومه صلى الله عليه وسلم في قول فأحسنوا وروي أنه قدمها وبها رجل يعرف بأبي جهينة ومعه صاعان يكيل لأحدهما ويكتال بالاخر وروي أنهم كانت بيعتهم المنابذة أنيذ لي وأنبذ إليك والملامسة يشترى الثوب بلا ذراع ونشر ونظر بلا مس والمخاطرة وهي التراهمن فنزلت وقرأها عليهم وقال خمس بخمس قيل يارسول الله وما خمس بخمس قال ما نقض قوم العهد إلا صلط الله عليهم عدوهم وما حكموا بغير ما أنزل الله إلا فشى فيهم الفقر وما ظهرت فيهم الفاحشة إلا قشى فيهم الموت وما طففوا الكيل إلا منعوا النبات وأخذوا بالسنين ولا منعوا الزكاة إلا حبس الله عنهم المطر.ومر علي برجل يزن الزعفران وقد أرجح فقال له أقم ٢٠٨ الوزن بالقسط ثم أرجح بعد ذلك ماشئت كأنه أمره بالتسوية أولا ليعتادها ويفصل الواجب من النفل0وكان ابن عمر يمر بالبائع فيقول اتق الله وأوفوا الكيل فإن المطففين يوقفون يوم القيامة لعظمة الرحمن حتى يلجمهم العرق وعن عكرمة أشهد أن كل كيال ووزان في النار فقيل له إن ابنك كيال أو وزان فقال أشهد أنه في النار ‏ ٠وعن أبي لاتلتمسوا الحوائج ممن رزقه في رؤوس المكائيل والسن الموازين . وعن ابن عباس أنكم معشر الأعاجم وليتم أمرين بهما هلك من كان قبلكم المكيال والموزان وخص الأعاجم لأنهم يجمعونها وكان أهل مكة يزنون وأهل المدينة يكيلون وقيل نزلت في مشركي مكة عابهم بتطفيف الكيل . "(الذين إذا اكتالوا) الهمزة والتاء للمبالغة في الكيل ككسب واكتسب وذلك لأنهم يكيلون لأنفسهم من مال غيرهم ولم يقل أوتزنوا لأن المطففين كانوا لايأخذون مايكال ويوزن إلا بالمكاييل دون الموازين لتمكنهم بالإكتيال من الإستيفاء والسرقة لأنهم يزعزعون ويحتالون في المال وإذا أعطوا كالو أو وزنوا لتمكنهم من البخس في النوعين جميعا . "( على الناس)أي منهم ومن وعلى يتعاقبان اكتلت عليك بمعنى أخذت ما عليك واكتلت منك بمعنى استوفيت منك أو على الإستعلاء المجازي وذلك أنهم إذا اكتالوا من الناس حقوقهم يأخذونها وافية بأن يكيلوا كيلا ضارا لاصحاب الأموال بل الكيل من مال الناس مطلقا عليهم لأنهم "( يستوفون) الكيل "( وإذا كالوهم أو وزنوهم ) الهاءان للناس وهما منصوبتا المحل على نزع الخافض كقوله تمرون الديار وقوله ولقد جنيتك وقولهم الحريص يصيدك ٢٠٩ وقولهم باعك عبدا أي تمرون بالديار وجنيت لك ويصيد لك وباع لك أو مقعول به مسرح على حذف مضاف أي كالوا مكيلهم أو وزنوا موزونه أو من باب نصحه ونصح له وشكره وشكر له ولا يكون قوله هم توكيدا للواو لوجهين أحدهما أن الكلام يخرج حينئذ الى نظام فاسد أي إذا أخذوا من الناس استوفوا وإذا تولوا الكيل والوزن هم على الخصوص أخسروا وهو كلام متنافر لأن الحديث واقع في الفعل لا في المباشرة الثاني أنه لو كان توكيد لكتب الألف بعد الواو كما هو القاعدة في خط المصحف وغيره من كتابة الألف بعد واو الجماعة غير المتعقبة بضمير مفعول فرقا بينها وبين واو العلة في غير المصحف واطرد ولو وجدت قرينة غيرها وإن قلت خط المصحف كثيرا ما يخرج عن قاعدة الخط فهذا مما خرج فيه كالهاء توكيد وإسقاط الألف خروج عن قاعدة الخط قلت الخروج عنها خلاف الأصل فلا يرتكب إلا موجب وما دعاه جار الله من وجود الألف ساقطة بعد واو الجماعة في مواضع بخط الأئمة المتقنين لا يكون له حجة فقد كتبها من هو أعلم وأتقن وأكثر وكان عيسى بن عمر وحمزة يقفان على الواو وقفا قليلا يبينان بها ما أراد ذكر ابن هشام بعض ذلك ويجوز تعليق على بالفعل بعده . "( يخسرون ) بضم الياء أي ينقصون الكيل والوزن والتطفيف كبيرة وعظم الله أمر الكيل والوزن وأمر الخلق متوقف عليهما وعن قتادة أوف يا ابن آدم كما تحب أن يوفى لك واعدل كما تحب أن يعدل لك وعن الفضيل بخس الميزان سواد يوم القيامة وكما يحرم التطفيف يحرم اتخاذ وزنين أو كميلخينتلفين في سوق واحد أومنزل ٢١٠ (" إلا ) توبيخ ونفي قال أبو البقاء لا هنا هي النافية ودخلت عليها همزة الإستفهام وليست لا التي للتنبيه والإستفتاح لأن ما بعد إلا التنبيهية مثبت وهو هنا منفي انتهى. "(يظن أولئك ) أي ألا يعلمون "(إنهم مبعوثون ) مع ما قام من الدلائل على البعث والإشارة للمطففين هذا والذي ظهر لي ثم رأيته منصوصا عليه أن الظن على بابه على معنى أنهم لو لم يكن عندهم في شأن البعث إلا الظن لم يتجاسروا على التطفيف وغيره من القبائح وكيف بمن تيقنه وأفعالهم تدل على أنه لايخطر ببالهم أصلا . قال أعرابي لعبد الملك بن مروان قد سمعت ما قال الله في المطففين أراد أن المطفف قد توجه عليه الوعيد العظيم الذي سمعت به فما ظنك بنفسك وأنت تأخذ أامولالمسلمين بلا كيل ولا وزن "( ليوم عظيم ) اللام للتوقيت تمع)لق أو للظرفية والمراد يوم القيامة وعظمه لعظم ما يكون فيه (" .م يو بمبعوثون إن جعلنا ليوم تعليلا أبودلا من مجموع الجار والمجرور بناء على أن محل النصب للمجموع أو من محل المجرور بناء على أن المحل له اشتراط وعلى عدم ظهور المحل في الفصيح عند العطف على المحل وقد يقال إنه يظهر محله فإنا إذا جعلنا اللام بمعنى في فلو أسقطت لنصب على الظرفية لا على طريقة النصب لا على نزع الخافض أويوم بدل من المجرور على اللفظ لكن بنى ولو كان مضافا لجملة فعلها معرب وقد قرىء بالجر "( يقوم الناس ) من القبور "( لرب العالمين ) أي الحكمة قال جار الله ما معناه أن في هذا الإنكار والتعجيب وذكر الظن ووصف اليوم بالعظم وقيام ٢١١ الناس فيه لله سبحانه وتعالى والتعبير عنه برب العالمين مبالغات في المنع عن التطفيف وتعظيم إثمه وقر ابن عمر هذه السورة وبلغ "يوم يقوم الناس لرب العالمين " فبكى يكاء شديدا خوفا لذلك اليوم وامتنع من قراءة ما بعده . وعن ابن عمر يقوم أحدهم في رشحه إلى أنصاف أذنيه ث وعن المقداد تدنو الشمس من رؤوس الخلائق يوم القيامة حتى تكون منهم كمقدار ميل0قال الترمذي أو اثنين ى قال بعضهم والله ما أدري أميل الأرض أم ميل الكحل فيكونون على قدر أعمالهم في العرق الى الكعبين وإلى الركبتين وإلى الحقوين وأقل وأكثر ومنهم من يغرق ويقومون في ذلك المقام ثلاثمائة سنين وقيل خمسمائة عام وقيل عمر الدنيا ثم يحاسبون ويخف ذلك المقدار على قدر الأعمال حتى يكون على بعضهم كالساعة . وعن سلمان تدنو الشمس من الناس يوم القيامة حتى تكون من رؤوسهم قاب قوس أو قاب قوسين فتعطي حر عشر سنين وليس على أحد يومئذ طحربة أي خرقة ولا ترى فيه عورة مؤمن ولا مؤمنة ولا يضر حرها يومئذ مؤمنا ولا مؤمنة ى وأما الكفار فتطبخهم فإنما تقول أجوافهم غق غق قال المحاسبي فإذا وفي الموقف أهل السموات والأرضين كسبت الشمس حر عشر سنين ثم أدنيت من الخلائق قاب قوس أو قوسين فلا ظل في ذلك اليوم إلا ظل عرش رب العالمين فكم بين مستظل بظل العرش ويين واقف بحر الشمس قد أصهرته واشتد فيها كربه وقلقه فتوهم نفسك في ذلك الموقف فإنك لا محالة واحد منهم اللهم عاملنا بلطفك وفضلك في الدارين فإنه لا حول لنا ولا قوة إلا بك . -۔‎٢١٢- (" كلا ) ردع عن التطفيف والغفلة عن البعث للجزاء في اليوم العظيم وتنبيه أن ذلك مما تجب التوبة عنه وقيل متصلة بما بعدها أي حق ما ذكر حقا ٭( إن كتاب الفجار ) المشركين والمنافقين أي كتب أعمالهم وقيل ما يكتب من أعمالهم وقيل كتابة أعمالهم وقيل عددهم . ) لفي سجين ) قال الحسن لفي سفال وعن كعب حجر أسود تحت الأرض السابعة السفلى لايصعد وهو محل إبليس وجنوده وعليه مجاهد . وعن ابن عمر السجين الأرض السابعة فيها أرواح الكفار وجاء في الحديث عن البراء سجين أسقل سبع أرضين وجاء ابن عباس الى كعب الأحبار فقال أخبرني عن سجين قال إن روح الكافر يصعد بها الى السماء فتأبى السموات أن تقبلها ثم يهبط بها في الأرض أن تقبلها فتدخل تحت سبع تمهي بها الى سجين وهو موضع جند إبليس فيخرج لها من نن ث يضي أر سجين رق فيرقم ويختم وقيل صخرة تحت الأرض السابعة اخضرت السماء بها.قال وهب هي آخر سلطان إبليس وفي الحديث الفلق جب في جهنم مغطى وسجين جب في جهنم مفتوح وقيل سجين الخسار والضلال وقيل الحبس ولا يقال كيف يجعل سجين كتابا كما قال كتاب مرقوم فإنه بمنزلة من كتابهم في كتاب لأنا نقول سجين كتاب جامع لديوان الشر دون الله فيه أعمال الشياطين وأعمال الكفرة والقسقة من الثقلين ومن قال اسم موضع قدر الإضافة أي ما كتاب سجين محل كتاب مرقوم وهو علم منقول من الصفة مصروف لأن فيه العلمية وحدها وهو فعيل للمبالغة من السجن كالسكيت من السكوت لقب به الكتاب إن قلنا أنه الكتاب لأنه سبب الحبس ٢١٢٣ والتضييق في جهنم أو لأنه مطروح في مكان موحش مظلم كما علم هو مسكن ابليس وذريته استهانة به وليشهده الشياطين المدحورون كما يشهد الملائكة المقربون ديوان الخير . ) وما أدراك ماسجين ) تعظيم لأمر سجين وتعجيب منه أو تقرير ذبروف بيان مابح) خ ل كت لإستفهام أي هذا مما لم تعلمه قبل الوحي " ( لسجين أي هو كتاب على كلا الوجهين التعظيم والتقرير أو خبر ثان لأن والجملة قبله معترضة وزعم بعضهم أنه خبر لمحذوف على التعظيم وخبر ثان على التقرير . ) مرقوم ) مختوم في لغة حمير أو مبين الكتابة أو معلم يعلمه من رأه أنه لا خير فيه أو كتب عليه أنه كتاب الكفار "( ويل يومئذ للمكذبين ) بيوم الجزاء كما وضحه وذمهم بقوله "( الذين يكذبون بيوم الدين ) الجزاء نعت أحدهما.قيل أو صفة مخصصة \ قيل فالذين نعت توضيح وذم معا أو أو بدل وقيل ويل يومئذ للمكذبين بالحق أو بذلك . "( وما يكذب به إلا كل معتد ) متجاوز الحد في الكفر والجهل حتى استقصر قدرة الله عن البعث "( أثيم ) كثير الإثم وعظيمه مستقلا به حتى حمله على الإنكار ‏ (٦إذا تتلى عليه آياتنا ) القرآن(" .قال أساطير الاولين ) أي هي أكاذيبهم جمع أسطورة بضم الهمزة أو اسطارة بكسرها وهذا أيضا صفة لذلك المتعدي فهو لم تنفعه دلائل التنقل كما لاتتقعه دلائل العقل قال الكلبي المراد يه النضر ابن الحارث . ٢١٤ "( بل ران ) بإدغام(" كلا ) ردع عن هذا القول وقيل معناه لايؤمنون حفص "( على قلوبهمايءة قفكروه اللام في الراء وهو أجود من قراءة ال ما كانوا يكسبون ) تغشى وتعطي على قلوبهم ما عملوه من القبائح حتى صار عليها كالصدا على نحو المرأة حتى لايظهر لهم الحق اصروا على الكبائر والضغائر وسوفول التوبة حتى لايقبل القلب الخير ولا يميل اليه فإن كثرة الأفعال سبب لحصول الملكات فذلك سبب تكذيبهم بالآيات وما فيها وعنه صلى الله عليه وسلم العبد إذا أذنب ذنبا حصل في قلبه نقطة سوداء حتى يسود قلبه كله رواه أبو هريرة وذكروه عن الحسن \ قال أبو هريرة فذلك الرين في قوله " بل ران " قال أبو معاذ النحوي الرين سواد القلب من الذنوب والطبع أشد منه والققل أشد من الطبع وإن تاب تيب عليه وأمال بعضهم ألف ران وفتحة الراء وهو قراعءة أبي بكر وحمزة والكسائي وعن حذيفة القلب كالكف يذنب العبد ذنبا فيقبض ثم يذنب فيقبض حتى يضيق الحق فيخرج ويجيء فلا يجد موضعا . "( كلا ) ردع عن الرين وعن ابن عباس معناه لايصدقون وقيل ليس الأمر كما يقولون وقيل معناه حقا راجع لما بعده "( إنهم عن ربهم حجويون) على حذف مضاف أي عن حرمة ربهم أو ثوابه قاله ابن عباس وقتادة وين أبي مليكة وعن كرامته وعليه ابن كيسان أو ذلك ثمثيل لإهانتهم لأنه لا يرد على الملوك إلا المكرمون وليس ثم نظر الى الله أصلا لا من المؤمنين ولا من الكافرين كما تقول زيد كثير الرماد كناية عن كرمه ولو لم يكن له رماد أصلا فلا دليل في الآية عن الرؤية وإن قلت الظاهر حمله على ٦٢١٥ ظاهره فيفهم منه أن غير هؤلاء يرونه قلت هذا الذي زعمت أنه الظاهر ممنوع بدليل استحالة الرؤية كما علمتك فيما مر فذلك تهديد للكفار بأن يحرموا عن الرحمة كما حجبوا بسوء اختيارهم عن التوحيد ورأيت في بعض الكتب أن مالكا لايثبت الرؤية وعن الشافعي يراه أولياؤه بالرضى فقوله بالرضى تفسير للرؤية فباؤه للتصوير والقوم يكذبون عنهما أنهما أثبتا الرؤية بالآية وغيره كما قالوا كذبا س عن الحسن أنه لو علم الزهاد والعابدون أنهم لايرون ربهم في الميعاد لزهقت أنفسهم في الدنيا واعلم أن الحجب عن الرحمة ولو ورد في المشركين متناول للمنافقين بدليل "واتقوا النار التي اعدت للكافرين " ونحو ذلك وسئل سهيل فقال هم في الدنيا محجوبون عن الأمر كما ورد في الخبر طوبى لمن كان له من قلبه واعظ ومن عقله زاجر ومن لم يكن كذلك فمحجوبون عن الرجمة ولقاء الله والنظر اليهم بالرضى عند مناقشته إياهم . "( ثم إنهم لصالوا الجحيم ) لداخلوا النار ومحترقون بها اسم فاعل صلى جمع جمع المذكر السالم وحذفت النون للإضافة وحذفت لامه أصله لصاليوا نقلت ضمت الياء لتقلها الى اللام فالتقى ساكنان الياء والواو فحذفت الياء "( ثم يقال ) لهم وهم في النار "(هذا ) العذاب ‏ (٦الذي ) خبر "( كنتم به تكذبون) في الدنيا والقائل الخزنة "( كلا ) ردع عن التكذيب وتكرير للئول ليعقب بوعد الأبرار كما عقب بوعيد الفجار إشعارا بأن التطفيف فجور والإبقاء بر وقيل المراد ليس الأمر كما تقولون من إنكار البعث وقيل لايؤمنون بالعذاب الذي لا يصلاه وقيل حقا . ٦٢١ ٦١ . (" إن كتاب الأبرار ) أي كتب أعمال المؤمنين الصادقين في أيمانهم "( لفي عليين ) جمع لواحد له من لفظه ومعناه مواضع عالية علوا عظيما وقيل جمع علي بتشديد اللام من العلو كسجين من السجن مبالغة في العلو وقيل اسم مفرد لموضع واحد مشتمل على مواضع على صيغة الجمع الجمع السالم المذكر وقيل جمع على في الأصل ثم سمى به الموضع وهو موضع في السماء السابعة تحت العرش رواه البراء وابن عباس وقال مجاهد أيضا كذلك . وعن كعب ومجاهد قائمة من قوائم العرش اليمنى وعن ابن عباس الجنة وقال الضحاك سدرة المنتهى:وقيل الصعود وقيل علو بعد علو وشرف بعد شرف وقيل مراتب عالية محفوفة بالجلاجل عظمها الله وعلاها وعن ابن عباس نوع من زبرجدة خضراء معلق تحت العرش ى وقيل علم بديوان الخير الذي دون فيه ما عمله الملائكة وصالحوا الثقلين سمي لأنه سبب الإرتفاع الى أعلى الدرجات في الجنة أو لأنه مرفوع في السماء السابعة حيث يسكن الكربيون تكريما له وتعظيما وعلى أنه علم لديوان الخير فالكتاب بمعنى الكتابة ويقدر مضاف أي كتابة أعمال الأبرار أو المراد ما يكتب له أو عددهم أكوتبهم وقد تضمنها هذا الديوان . وعنه صلى الله عليه وسلم أن أهل الجنة لايرون أهل عليين كما ترون الكوكب في أفق السماء وأن أبا بكر وعمر منهم وأن الملائكة لتصعد بعمل العبد قيستقلونه فإذا انتهوا به إالى ما شاء الله من سلطانه أوحى اليهم أنكم الحفظة على عبدي وأنا الرقيب على قلبه وآنا أخلص عمله فاجعلوه في علييين ٢١٧ فقد غفرت له وإنها لتصعد بعمل العبد فيزكونه فإذا انتهوا إذا ما شاء الله أوحى اليهم انتم الحفظة على عبدي وأنا الرقيب على قلبه وإنه لم يخلص لي عمله فاجعلوه في سجين0وفي التصريح أن عليين اسم لأعلى الجنة وأن الغزوني نقل عن يونس أن بواحد عليين علي وعليه وهي الغرفة ى وعن بعض أن ظاهر الآية أعمال الخير والشر وباطنها أرواح المؤمنين تجمع عند سدرة المنتهى في حواصل طير خضر ترد من أنهار الجنة وترتعي فيها الى يوم القيامة . "(وما أدراك ما عليون كتاب مرقوم ) فيه ما مر والرقم هنا رقم خير "( يشهده المقربون ) يحضره الملائكة المقربون فيحفظونه أو يشهدون بما فيه يوم القيامة ى والهاء لكتاب الأبرار أؤ للكتاب المرقوم على ما مر يحضر ذلك ملائكة عليين وهم مقربون لكرامة المؤمن وفي الحديث من صلى ركعتين بعد المغرب ولن يتكلم ورفعنا في عليين وعن بعض مقربوا أهل كل سماء يشهدون كتاب عمل المؤمن حين يرقم فيه أي يكتب ويشهدون به وعن ابن عباس أن أعمال بني آدم تنسخ في اللوح المحفوظ . "( إن الابرار لفي نعيم ) جنة "(على الأرائك ) الأسرة في الحجال جمع حجلة وهي بيت يزين بالثياب الفاخرة والستور ٭( ينظرون ) إلى ما شاؤا من النعيم والمتنزهات وإلى ما أولاهم من النعمة وإلى أعدائهم يعذبون في النار وما تحجب الحجال أبصارهم وعلى الأرائك خبر ثان لأن أو متعلق بينظرون أو حال من الواو "( تعرف في وجوههم نضرة النعيم ) بهجة التنعم وبريقه وقيل فتعرفهم أنهم من أهل الجنة كما ترى في أوجه الأغنياء ٢١٨ وأهل الترفه وقرأ يعقوب ببناء تعرف للمفعول ورفع نظرة . "( يسقون من رحيق ) خمر صافية بيضاء طيبة خالصة من غش ودنس "( مختوم ) فيه حذف مضاف أي مختوم أوانيه لاتفك أو حذف وإيصال أي مختوم عليه والخمر يذكر ويؤنث فقد ذكر هنا وقيل لادليل على التذكير هنا للتعبير عنه بالرحيق . "( ختامه مسك ) آخر شربة ومقطعه رائحة مسك تفوح منه قاله ابن مسعود وقيل هذا تفسير لقوله مختوم وعن بعض يمزج بالكافور ويختم مزاجه بمسك وقيل المراد أنه مختوم على أوانيها بختام هو مسك كما تختم الآنية في الدنيا بالطين وما يختم على الشيء إلا لشرفه وقرأ الكسائي خاتمة بفتح التاء بعد الألف وقرىء بكسرها أي مايختم به ويقطع . "( وفي ذلك ) الخبر متعلق بالفعل بعده والفاء الداخلة على هذا الفعل زائدة "( فليتنافس ) أي يرغب "( المتنافسون ) بطاعة الله ليصلوا ذلك الخير أو من التنافس بمعنى طلب الشيء النفيس والمغالبة فيه "( ومزاجه من تسنيم ) علم عين سميت بذلك لإرتفاع مكانها لو شرف شرابها وهو من أشرف شرابهم والأول أشهر وسنام البعير أعلاه وسنمت الشيء تسنيما رفعته وروي أنها تنصب عليهم في غرفهم ومنازلهم وقيل يجري في الهواء متستما قينصب في أوانيهم حتى يملأها فيمسك . وعن ابني عباس ومسعود يشربها المقربون صرفا وتمزج لسائر أهل الجنة وسئل ابن عباس عن تسنيم فقال هذا ما قال الله فيه سبحانه وتعالى عكين بقوله" فلا تعلم نقس ماأخفي لهم من قرة عين " وف اسرل تل ل ٢١٩ (عينا) أي أمدح عينا أو حال وقيل ليس تسنيم علما والمعنى مزاجه من كان ذي تسنيم "( يشرب بها المقربون ) صرفا بأنهم لايشتغلون بغير الله سبحانه وتعالى سواء جعلنا الباء للتبعيض أو بمعنى من أو ضمنا يشرب معنى يلتذ فعدي بالباء . "( إن الذين أجرموا) أشركوا وبالغوا في الذنوب وهم كفار مكة الرؤساء كأبي جهل والوليد بن المغيرة والعاصي بن وائل وأشياعهم "( كانوا من الذين آمنوا ) كعمار وبلال وسهيب وحباب وغيرهم من فقراء المسلمين أو المراد المؤمنون جميعا "( يضحكون ) استهزاء بهم قال الحسن يقولون في النبي وأصحابه انظروا الى هؤلاء الذين تركوا شهواتهم في الدنيا يطلبون بذلك نعيما بعدها في زعمهم قال المخالفون جاء علي وجماعة من المسلمين فسخر منهم المنافقون وضحكوا وتغامزوا ثم رجعوا الى أصحابهم فقالوا رأينا الأصلع وضحكوا فنزلت الآية قبل أن يصلوا الى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد قيل الذين أجرموا هم المنافقون لأنهم أشد استهزاء . "( بهم ) بالذين آمنوا ويحتمل عكس ذلك"( وإذا مروا ) الذين أجرموا "( يتغامزون ) أي الذين أجرموا لا غير أي يشيرون بالجفن والحاجب الى المؤمنين استهزاء "( وإذا انقلبوا ) رجعوا "( الى أهلهم انقلبوا فاكهين ) متلذذين بالسخرية منهم ويؤول انقلبوا الأول برادوا الإنقلاب أو شارفوه أو يؤول الثاني مع ما بعده بقولك حصل انقلابهم على فكاهة وذلك في الدنيا كما حكي عنهم أنه كان في أهله مسرورا في أحد التأويلات وقيل فاكهين بمعنى معجبين بما هم فيه من ترك الشهوات وقر حفص فكهين بترك الألف. ٢٢٠ (" وإذا رأوهم ) الواو للمجرمين والهاء للمؤمنين "( قالوا ) أي المجرمون "( إن هؤلاء لضالون ) خاطئون حيث آمنوا بمحمد ولا فائدة لهم في الإيمان وإذا رأوا محمدا وأصحابه قالوا إنهم في ما لا ينقع "( وما أرسلوا ) المجرمون "( عليهم ) على المؤمنين . "( حافظين ) لهم أو لأعمالهم بأن يشهدوا برشدهم أو ضلالهم أى ذلك منهم ضائع غير نافع إذا لم يؤمروا بحفظ حال المؤمنين وفي ذلك إشارة الى تشبيه تهكما أي كأنهم أرسلوا حافظين والجملة مستأنفة أو حال وقيل الواو في راوهم وقالوا وأرسلوا للمؤمنين أي إذا رأوا المجرمين قالوا إنهم ضالون عن دين الله وحكاية ذلك عنهم تصديق لهم وكأنه قيل أتنقلبون فاكهين وأنتم عند هؤلاء الصادقين ضالون وجملة النفي مستأنفة أو حال أي قال المؤمنون إن هؤلاء لضالون والحال أنهم غير موكلين بهم إلا الحرص على الإيمان وتقبيح الكفر قيل فعلا هذا فجملة النفي منسوخة وإذا رجعت الواو للمجرمين صح أن تكون جملة النفي من مقولهم أي قالوا إن المؤمنين:لضالون وإنهم لغير مرسلين لإرشادهم وصدهم عن الشرك . "( فاليوم) متعلق بيضحكون ففيه دليل على جواز تقديم معمول الخبر الفعلي على الميتدا كذا يقال والظاهر انه لا دليل فيه لان البحث حيث يودي تقديم الخبر على المبتدأ الى الإلباس بالفعل والفاعل وهنا لايؤدي لأنه لو قدم اعلم أنه خبر لأن الفعل متصل بالواو نعم لو قدم حتمل لغة " أكلوني البراغيث" واحتمل الإبدال من الواو . "(الذين آمنوا من الكفار يضحكون ) حين يرونهم مغلولين يسحبون الى ٢٢١ النار على وجوههم أو يرونهم أذلاء مغلولين في النار واليوم يوم القيامة وعرقه بال لحضورية تنبيها على تحقيق الوقوع كأنه حاضر موجود أو حكاية لذلك الوقت "( على الأرائك ) وعن أحمد بن يحيى كل ما اتكأت عليه فهو أريكة رواه عن الأزهري وآرائك الجنة من الدر والياقوت وغيرهما متعلق بيضحكون أو بقوله "( ينظرون ) أو حال من أحد الواوين . قال الحسن هذه والله الدولة الكريمة التي أدال الله المؤمنين على المشركين في الآخرة فهم يضحكون منهم وهم متكئون على فروشهم ينظرون اليهم كيف يعذبون بألوان العذاب بعد النعيم والترفه وكيف أهينوا بعد العزة.قال كعب بين الجنة والنار كوى إذا أراد الرجل من أهل الجنة أن ينظر الى عدو له من أهل النار نظر فيراه فيضحك منه فهذا معنى الآية . وقال غيره جسم بينهم عظيم شفاف يرون منه فيضحكون كما ضحك المجرمون في الدنيا وعن الحسن يفتح لهم باب الجنة فيقال لهم اخرجوا من النار وادخلوا الجنة فيخرجون فإذا انتهوا اليه أغلق في وجوههم وردوا الى النار فيضحك المؤمنون ويفعل بهم ذلك مرارا حتى ييأسوا فينادوا بالخروج فلا يخرجوا0وقد قيل إن هذا يفعل بالمنافقين كما كانوا يخدعون بإيمانهم في الدنيا.وقال أبو صالح تفتح للكفار أبواب النار فيقال اخرجوا فإذا انتهوا الى الأبواب أغلقت دونهم فيضحك المؤمنون ويفعل ذلك بهم مرارا(" .هل ثوب الكفار ) جوزوا وأثيبوا قال أوس: سأجزيك أو يجزيك عني موب وقراً الكسائي وحمزة بإدغام اللام في الثاء والجملة مفعول ينظرون كما ٢٢٢ تقول لزيد في حال ضرب عمر ونظر هل ضربته أو بعد حال الضرب ويجوز أن تكون مستأنفة تقريرا للنبي وأمته وتوفيقا لهم "(ما كانوا يفعلون ) من المعاصي وعلى الإستئناف فكأنه قيل إذا فعل ذلك بالمجرمين فهل جوزوا بما فعلوا يامحمد ومن معه نعم جوزوا شر جزاء في شر دار والكفار في الملوضعين المجرمون المذكورون . اللهم ببركة النبي محمد صلى الله عليه وسلم وبركة السورة أخز النصارى وأهنهم واكسر شوكتهم وغلب المسلمين والموحدين عليهم صلى الله على و له وصحيه وسلم .سرد نا محمد ٢٢٢٣ سورة الإنشقاق مكية وآيهاخمس وعشرون وكلماتها مائة وسبع وحروفها أربعمائة وأربعة وثلاثون قيل ايها ثلات وعشرون0وعنه صلى الله عليه وسلم من قرأ سورة الإنشقاق أعاده الله أن يعطيه كتابه وراء ظهره وقالوا إن وضعت على ذات الطلق وضعت من ساعتها وإذا علقت على الدابة حفظت من آفات الدواب ويقر على الملسوع يسكن وجعه وإذا كتبت على حائط المنزل لم يدخله شيء من الهوام . بسم الله الرحمن الرحيم (إذا السماء انشقت ) بالغمام كما قال " ويوم تشقق السماء بالغمام " وقيل صدعت فكانت أبوابا وعن علي تشق من المجرة وهي الطريق الذي يظهر في السماء وفي القاموس المجرة باب السماء أو سرجها " ( وأذنت لربها ) سمعت أمر ربها بالإنشقاق وأطاعته من الأذن بمعنى الإستماع وعنه صلى الله عليه وسلم ما أذن الله لشيء كإذنه لنبي يتغنى بالقرآن وسمع الله علمه والمراد في الحديث الرضى والقبول وكذا أراد في الآية أن السماء فعلت فعل من سمع الأمر فامتقه وإلا فلا إذن ولا سماع أو يقال خلق الله لها السماع فسمعت يلا أذن . "(وحقت ) جعلت حقيقة باستماع والإنقياد قال بعض ويحتمل أن يكون المعنى وحق لها أن تنشق بشدة الهول "(وإذا الأرض مدت ) بسطت بأن يزال ما فيها من جبل وأكمة وعوج مد الأديم العكاضي وعكاض سوق ٢٦٢٤ باليمن وقيل مدها الزيادة في سعتها وعبر بعض بقوله تسويتها حتى لاتبقى فيها أنهار ولا ليل . "(وألقت ) رمت "(ما فيها ) من الموتى والكنوز "(وتخلت ) تجردت عما في بطنها مما ذكروا لتفعل للمبالغة أي بلغت أقصى جهدها في رمي ما فيها كقولك ترحم وتكرم إذا أردت أن تكلف الرحمة والكرم فوق طبعه "(وأذنت لربها ) في الأمر بالإلقاء والتخلي. "( وحقت ) بالأذن وعن نافع عن اين عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنا أول من تنشق عنه الأرض فأجلس في قبري فيفتح لي باب الى السماء بحيال رأسي حتى أنظر الى العرش ثم يفتح لي باب من تحتي حتى أنظر الى الأرض السابعة حتى أنظر الى الثرى ثم يفتح لي باب عن يميني حتى أنظر الى الجنة ومنازل أصحابي فتتحرك الأرض تحتي فقلت مالك أيتها الأرض قالت إن ربي أمرني أن ألقي ما في جوفي وأن أتخلى فأكون كما كنت إذ لاشيء في ولو قال ومدت الأرض لصح لكن كرر إذا لإستقلال ما بعدها بنوع من القدرة وجواب إذا الأولى وما عطف عليها محذوف للتهويل والإكتفاء بما مر في سورة التكوير والإنفطار أي لقي الإنسان عمله أو رأى جزاءه أمحذوف بقدر هكذا لاقي الإنسان كدحه دل عليه ما بعد وملاقيه مع مبتدا مقدر أي فهو ملاقيه وعليه فجملة النداء وما بعدها معترضة . "(ياأيها الإنسان إنك كادح ) ساع ‏ (٦إلى ربك ) بعملك سعيا عظيما بخير وشر ٭(كدحا ) يقال كدح جلده أي أثر فيه بالخدش فكأنه قيل مؤثر في نفسك بالكد في العمل . ٢٢٥ (" فملاقيه ) أي ملاقي ربك بأن تموت أو ملاقي كدحك المدلول عليه بكادح والمراد لاقى جزاء كدحه والجمهور على أن الضمير لربك0وقيل جواب إذا الأولى أذن الأول وجواب الثانية أذن والواوان زائدان فانظر ما تعمل قال عمارة بن زادان قال لي كهمس يا أبا سلمة أذنبت ذنبا فثنا أبكي منذ أربعين سنة قلت ما هو ياأبا عبد الله قال زارني أخ لي فاشتريت له سمكا مشويا بدانق فلما أكلت قمت الى حائط لجاري فأخذت قطعة فقسل بها يده فأنا أبكي عليه منذ أربعين سنة . "( فاما من أوتي كتابه ) الذي كتب فيه عمله "(بيمينه ) وهو المؤمن " ( فسوف يحاسب حسابا يسيرا ) سهلا لا يناقش فيه وهو أن تعرض عليه أعماله فيرى سيئاته وحسناته فلا يجازى بسيئاته بل تغفر له قيل لا شدة في ذلك على صاحبه ولا يقال له لم فعلت ولا يطالب بالعذر والحجة لأنه إن طولب لم يجد حجة ولا عذرا وكانت عائشة لا تسمع شيئا لم تعرفه إلا راجعت فيه حتى تعرفه ى وقال صلى الله عليه وسلم من حوسب عذب فقالت أو ليس الله يقول " فسوف يحاسب حسابا يسيرا" فقال إنما ذلك العرض ولكن من نوقش الحساب عذب وروي أنها رضي الله عنها سمعته يقول في بعض صلاته اللهم حاسبني حسابا يسيرا فلما انصرف قالت يارسول الله ما الحساب اليسير قال أن ينظر في كتابه ويتجاوز عنه أنه من نوقش الحساب ياعائشة يومئذ هلك وكل ما يصيب المؤمن يكفر الله عنه به حتى الشوكة تشوكه ومن حاسب نفسه في الدنيا هون الله عليه حسابه يوم القيامة . وعن ابن عمر يقول الله لعبده أتعرف ذنب كذا فيقول نعم رب أعرف حتى ٢٢٦ إذا قراره بذنوبه ورأى في نفسه أنه هالك قال إني سترتها عليك في الدنيا وإني أغفرها لك اليوم وأحطها عنك ثم يعطى كتاب حسناته وليس في ذلك ما ينافي أن المسلم يعاتب ولا يسمع أحد ذنوبه وأما المنافق المشرك فينادي عليه بذنوبه ومن الناس من لا يحس بهول من أهوال ذلك اليوم ولا حساب ولا سؤال لأنه كان بالله ولله ولا يعرف سواه ولا اختيار له دونه وظاهر الآية أن بين إيتاء الكتاب والحساب مدة فيحتمل ذلك ويحتمل أنه لا مدة ولكن المعنى أن من سيؤتى كتابه بيمينه فذلك الذي يحاسب حسابا يسيرا وقت إيتاء كتابه . "(الى أهله ) في الجنة من الحور والآدميات أو الى"(وينقلب ) يرجع عشيرته أو الى عامة المؤمنين في المحشر "( مسرورا ) بما أعطاه مولاه " ( وأما من أوتي كتابه وراء ظهره ) وهو الكافر فإنه تغل يمناه لعنقه ويثقب صدره فيأخذ كتابه من وراء ظهره بيده اليسرى يدخلها في الصدر وقيل لا يثقب ولكن يأخذه من وراءه ومن جانبه "( فسوف يدعو ثبورا ) يتمنى بورا وهو الهلاك والموت ويقول يا ثبوراه وقيل الثبور اسم جامع للمكاره كما ينادي من وقع في مكروه ياويلاه . ) ويصلى سعيرا يجعل داخلا له فيحرق وسعيرا مفعول ثان وتعدى لإثنين بالتضعيف ومصدره تصلية وقرأ عاصم وحمزة وأبو عمر بفتح الياء وإسكان الصاد أي يقاسي حر السعير ويحترق وهو ثلاثي متعد لواحد ومصدره صلى وقرىء يصلي بضم فاسكان متعد لاثنين بالهمزة ومصدره أصلا . ٢٢٧ (" إنه كان في أهله) في الدنيا "( مسرورة) بالملك والجاه وركوب الشهوات فارغا عن الآخرة كعادة الفجار الذين لايهمهم أمر الآخرة ولايفكرون في العواقب س والصلحاء يحزنون في الدنيا ويفكرون في أمر الآخرة "( إنه ظن أن ) مخففة "( لن يحور ) يرجع الى ربه عز وجل تكذيبا بالبعث وعن ابن عباس ما كنت أدري ما معنى يحور حتى سمعت أعرابيا يقول لبنية له حوري أي ارجعي ث وفي رواية حتى سمعت امراءة اعرابية تقول لبنت لها حوري . "(بلى ) يبعث ويجازى "(إن ربه كان به ) برجوعه أو بأعماله ٭( بصيرا) عالما فيجازى به وعن بعض أن الآيتين نزلتا في أبي سلمة بن عبد الأشد وهو مسلم وأخيه الأسود بن عبد الأشد وهو كافر "( فلا أقسم بالشفق ) حمرة المغرب بعد سقوط الشمس وبذهابها يدخل وقت العشاء عند عامة العلماء وهو رواية عن أبي حنيفة ى والمشهور عنه أنه يدخل بذهاب البياض وروى عنه أسد بن عمر وأنه رجع عن هذا0وقد روي عن الخليل أنه راقبه في منارة الإسكندرية فما رأه غاب بل ينتقل من أفق الى أفق8وقد فسر أبو حنيفة الشفق في الآية بالبياض وإنما سمي الشفق شفقا لرقته كما تسمى رقة القلب وعطفه شفقا ث وعن مجاهد الشفق النهار بدليل عطف الليل عليه فذلك قسم بالليل والنهار الذين فيهما تحرك العالم وسكونه وقيل هو ما بقي من النهار والمشهور الأول وعليه ابن عباس . "( والليل وما وسق ) ما جمعه وستره من الدواب وغيرها وسقن الشيء ضمنته ومنه الوسق أي الاصوع المجموعة وذلك أن الليل إذا أقبل انضم كل ‏٢٦٨ شيء الى مأواه أو المراد ماوقع فيه واشتمل عليه من تهجد العبادة "(والقمر إذا اتسق ) اجتمع نوره وتم ذلك في الليالي البيض وقيل وقت كماله بدرا وهو الليلة الرابعة عشر . "(لتركبن طبقا عن طبق ) أي بعد طبق والمراد الطباق الكثيرة وهي طباق النيران والخطاب للكفار وعن كما ترى بمعنى بعد ذكره ابن هشام وعندي إنه يجوز ابقاععا على معناها كأن كل طبقة بجنب الأخرى ومجاوزة لها في الملكان والشدة ثم رأيت الدما ميني والحمد لله أشار اليه والطبق ما طابق غيره ولو تفاوتا قوة وضعفا . وقيل الطبق المراتب جمع طبقة وفسر بعضهم الطبقات بالموت ومواطن القيامة وأهوالها وما قبلها من الدواهي وكذلك كما لايخفي أحوال ومراتب الخطاب على هذا عام كما إذا فسرت بما يعرض للانسان من كهولة وشيب وهرم وسقم وكما زعم بعض أن المراد كونه رضيعا ففطيما فغلاما فشابا فكهلا فشيخا0وعن أبي سعيد عنه صلى الله عليه وسلم لتتبعن سنن من قبلكم حتى لو دخلوا حجر ضب لتبعتموه فقنا يارسول الله اليهود والنصارى قال فمن وعن مكحول كل عشرين عاما تجدون أمرا لم تكونوا عليه وقيل المراد أن السماء تتغير لونا بعد لون تارة مهلا وتارة وردة وتارة تنشق وتارة تطوى ومعنى ركوبهم لذلك مشاهدتهم له والأصل تركبونن بتشديد النون الثانية حذفت النون الأولى كراهة تلاقي الأمثال وحذفت الواو لدفع إلتقاء الساكنين وقر ابن كثير وحمزة والكسائي بفتح الباء على أن الخطاب للإتسان المفرد مرادا به الجنس والمعنى ما ذكر والخطاب للنبي صلى الله ٢٢٩ عليه وسلم ركب سماء بعد سماء ليلة المعراج وعليه ابن مسعود وابن عباس 4أو حالا شريفا بعد آخر أو رتبة في القرب بإطاعة بعد الأخرى و يجوز أن يكون المراد على قرائتين حالا بعد حال تارة يغلبون المشركين وتارة يغلبهم المشركون والعاقبة بعد للمتقين فلا يحزنكم تكذيبهم ث وقرىء بكسر الباء خطابا للنفس أي لتركبيتن حذفت النون الأولى ثم الياء وقرىء بالمثناة أوله من تحت على الغيبة وعلى هذه القراءة فلا التفات بينه وبين قوله . "( فما لهم لايؤمنون) بيوم القيامة وعن متعلق بمحذوف نعت لطبقا أو حال من ضميره بمعنى مجاوزين لطبق أو مجاوزا له أو مجاوزة على اختلاف القراءات أموتعلقة بتركبن . "( وإذا قرىء عليهم القرآن لا يسجدون ) لايخضعون بأن يؤمنوا به والجملة مستأنفة في ذم آخر لهم ويجوز كون لا يسجدون معطوفا بالواو قبل إذا على لا يؤمنون وقيل المعنى لايسجدون سجود التلاوة وهذه السجدة آخر سجدات القرآن وعن الشافعي ومن وافقه وعن رافع فصليت مع أبي هريرة العتمة فقرا " إذا السماء انشقت " فسجد فقلت ما هذا فقال سجدت بها خلف أبي القاسم صلى الله عليه وسلم فلا أزال أسجد فيها حتى ألقاه ‏ ٨وفي رواية عنه سجدنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في " إقرأ باسم ربك " وإذا السماء انشقت " وفي رواية عنه والله ما سجدت فيها إلا بعد ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يسجد فيها وعن أنس صليت خلف أبي بكر وعمر وعثمان فسجدوا والذي صح عندنا معشر الأباضية أنه لا سجدة تحت سجدة قصليت وعن ابن عباس ليس في المفصل سجدة وأما الحسن فقال ٢٢٣٠ السجود هنا غير واجب ث وروي أنه صلى الله عليه وسلم قرأ " واسجد واقترب" فسجد هو ومن معه من المؤمنين وقريش تصفق فوق رؤوسهم وتصفر فنزلت هذه الآية واحتج أبو حنيفة بذلك على وجوب السجود عند التلاوة فإنه ذم لمن سمع ولم يسجد وأقول لقائل أن يقول الذم من جانب التصفيق والتصفير وقيل المعنى لايصلون مع أن القرآن أمرهم بالصلاة وعبر بالسجود عنها لأنه بعضها . "( بل الذين كفروا يكذبون ) بالقرآن وما فيه والمراد هؤلاء المذكورون "( والله أعلم بما يوعون ) يجمعون في صدورهم وضمرون من الكفر والحسد والبغضاء والبغي وقيل بما يجمعون في صحقهم من السوء ويدخرون من أنواع العبادة والفعل رباعي مبني للفاعل يقال أوعى شيئا أي جعله في وعاء "(فبشرهم بعذاب أليم ) على ذلك ولفظ التبشير استهزاء والأصل أنذرهم ‏ (٦الذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم أجر"(إلا) اسثتناء منقطع أي لكن غير ممنون ) غير مقطوع ولا منقوص في الآخرة أو غير ممنون به عليهم المن المضر . اللهم بيركة نبيك محمد صلى الله عليه وسلم وبركة السورة أخز النصارى وأهنهم واكسر شوكتهم وغلب المسلمين والموحدين عليهم صلى الله على و له وصحيه وسلم .سدد نا محمد ٢٢٣١ سورة البروج مكية وآيها إثنتان وعشرون وكلماتها مائة وتسع وحروفها أربعمائة وخمس وستون وعنه صلى الله عليه وسلم من قرأ سورة البروج أعطاه الله سبحانه بعدد كل جمعة وعرفة تكون في الدنيا عشر حسنات وتنفع لتسهيل الفطام ومن قرأها ففيراشه كان في آمان الله حتى يصبح . بسم الله الرحمن الرحيم "(و لسماء ذات البروج]الإثني عشر شبهت بالقصور لأنها تنزلها السيارات ولأنها تظهر وعن ابن عباس ذات النجوم وقيل ذات الكواكب العظام لظهورها وقيل منازل القمر وقيل البروج النوازل على حذف مضاف أي وأبواب السماء ذات النوازل وكم من أمور تنزل من السماء ي والتبرج الظهور . "(واليوم الموعود ) يوم القيامة قاله الحسن عن النبي صلى الله عليه وسلم "( وشاهد ومشهود ) الشاهد من يشهد ذلك اليوم من الخلائق والشهود ما أحضر فيه من العجائب والتنكير والإفراد للتكثير على حد ما مر في" علمت نفس ما أحضرت " أو للإبهام وقيل الشاهد النبي صلى الله عليه وسلم والمشهود أمته وقيل أمته وسائر الأمم وقيل كل نبي وأمته س وقيل الخالق والمخلوق وقيل المخلوق والخالق وإنه قد شهد المخلوق عليه بالوجود وقيل الملك الحفيظ والمكلف س وقيل يوم النحر ومن يشهده وقيل يوم عرفة ومن يشهده أو العكس فإن اليوم شاهد ومشهود ويوم عرفة يشهده الحاج وقيل يوم الجمعة ومن يحضره أو بالعكس وقيل الحجر الأسود والحجيج أو العكس وقيل الأيام ٢٢٣٢ مع الليالي وبنوا آدم . وعن الحسن ما من يوم إلا وينادي إني يوم جديد فإني على من يعمل في شهيد فاغتنمني فلو غابت شمسي لم تدركني الى يوم القيامة وقيل الشاهد يوم الجمعة والمشهود يوم عرفة0وقيل الشاهد يوم الجمعة والمشهود يوم النحر وقيل الشاهد يوم التروية والمشهود يوم عرفة ى وقيل الشاهد الله والمشهود يوم القيامة وقيل الشاهد نحن ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم والمشهود الأمم السابقة وقيل الشاهد الأنبياء والمشهود النبي صلى الله عليه وسلم شهد وآله بالنبوة وجواب القسم هو قوله "(قتل أصحاب الأخدود ) لم يقرن بقد واللام وقيل الأصل لقد قتل وجوابه محذوف أي أن كفار مكة مبعوثون قيل يدل عليه قتل أصحاب الخ ويرجحه أن السورة وردت في تثبيت المؤمنين وتصبيرهم على أذى المشركين وتذكيرهم بما جرى على ما كان قبلهم من التعذيب على الإيمان وإلحاق أنواع الأذى وصبرهم وثباتهم حتى يأنسوا بهم ويصبرون على ما كانوا يلقون ويعلموا أن هؤلاء الكفرة وهم كفار مكة بمنزلة هؤلاء الملعونين الذين أحرقوا المسلمين وأحق أن ينزل بهم ما نزل بهؤلاء . ومعنى قتل لعن وأصحاب الأخدود كفار ملعونون تجب البراءة منهم على من علم بهم والأخدود مفرد ومعناه الشق المستطيل في الارض ويقال له الخد كالاحقوق والحق وزنا ومعنى0وجمع أخدود أخاديد ولعل الأخدود والحقوق والحق أبلغ من الخد وإذا جعل قتل هو الجواب فليس على طريقة الدعاء بل إخبار صحيح . ‏__٢٢٣٣ وعن المبرد الجواب " إن بطش ربك لشديد " وعن الربيع بن أنس وأبي اسحاق وأبي العاليه بعث الله على أولئك المؤمنين ريحا فقبضت أرواحهم أو نحو هذا يعنون بالمؤمنين الذين ألقاهم أصحاب الأخدود في النار وقالوا وخرجت النار فاحرقت الكافرين الذين كانوا على حافتي الأخدود.وقتل أيضا إخبار ويحتمل على أن يكون على طريق الدعاء فاللعن وإنما قلت على طريق لأن الله لا يدعو على أحد أو لأحد لأنه القادر المطلوب المدعى وأصحاب الأخدود هم الأمرون بحفر الأخدود ومثلهم الحافرون وقد يشملهم اللفظ . "( النار ) بدل اشتمال والرابط ال على أنها عوض عن الضمير العائد للمبدل منه الذي هو الأخدود أي ناره أو الرابط محذوف أي النار له أو فيه وقدر ابن هشام فيه وهو أولى "(ذات الوقود) وصف للنار بالعظمة وكثرة ما يرتفع من لهبها من الحطب الكثير وأبدان الناس لأن ذلك وصف لها بعدما القوا فيها الناس وإن اعتبر ما قبل الإلقاء فاللهب من الحطب فقط وأل في الوقود للحقيقة وهو ما وقد به من حطب والمراد هنا الحطب وحده أو مع الناس وقرىء الوقود بضم الواو فهو جمع للمفقتوح أو مصدر . "( إذ هم ) الملك وأصحابه "(عليها ) أي على النار "(قعود ) وذلك مجاز مرسل أي على مايقرب منها والعلاقة المجاورة ومظه: وبات على النار الندى والمحلق ويقدر مضاف اي على جانبها أو المراد على الاخدود كذا قيل ويرده ان الاخدود مفرد مذكر إلا أن قيل ان ال في الاخدود للجنس فهو شامل للثلاثة ٢٢٣٤ كما روي انهم حقروا ثلاثة اخاديد فالتانيث باعتبار الجملة جملة الاخدود أو أول الاخدود بالحفرة وقد يقال المراد بالاخدود النار مجازا لاشتماله عليها او تقدير مضاف اي قتل اصحاب النار الاخدود او يقدر مضاف اخر اي اخدود النار وعلى هذه الثلاثة فالبدل بدل بعض وعن شيخ الاسلام النار بدل اضراب قال الشيخ خالد عن الكواشي اصحاب الاخدود ثلاثة انطيانويس اارزعي بالشام وبخت نصر بفارس ويوسف ذو نواس بنجران شق لكل واحد متهم شقا عظيما في الأرض طوله أربعون ذراعا وعرضه اثنى عشر ذراعا وهو الأخدود وملؤوه نارا وقالوا من لم يكفر القي فيها ومن كفر ترك انتهي . وقيل أن المراد في الآية أخدود نجران لأنه المشهور عند أهل مكة والمراد نجران اليمن وإن أصحاب هذا الأخدود ثمانون رجلا وإمرأة ولايبقون واحدا الا يعد ما يعرضون عليه الكفر فيأبى ويقيت المرأة آخر فأبت الكفر وشفقت على صبي معها وقيل خافت أيضا على نفسها فانطقه الله لها ياأماه لا تنافقي فمضت فاحترقت قال مجاهد ذلك بنجران0وروي أنه قال ياأماه اصبري فإنك على الحق وعن علي كان أصحاب الأخدود حبشة أرسل الله اليهم نبيا منهم وهو المراد بقوله تعالى " ومنهم من لم نقصص عليك " فدعاهم الى الله سبحانه فتبعه أناس فقاتلهم الكفار فغلبوا وأخذ الشاردون منهم وأوثقوا وخدوا لهم الاخدود ففعل بهم ما مر وقال الصبي ما قال وذلك أيضا بعدما عرضوا عليهم أن يتركوا ذلك النبي ى وقال سعيد بن جبير انهزم أهل أسفيد فقال عمر أي شيء جرى على المجوس من الأحكام فإنهم ليسوا بأهل كتاب فقال علي بلى قد كان لهم كتاب وكانت الخمر أحلت لهم فتناولها ٢_٢٣ ٥ ملك من ملوكهم فغلبت على عقله فوقع على أخته فلما ذهب عنه السكر ندم وقال لها ويحك ما هذا الذي أتيت وما المخرج منه قالت المخرج منه أن تخطب الناس وتقول إن الله قد أحل نكاح الأخوات لكم فقال الناس باجمعهم معاذ الله أن نؤمن بهذا وما جاعنا به نبي ولا كتاب فبسط فيهم السوط فأبوا أن يقروا فجرد فيهم السيف فأبوا فخد الأخدود وأوقد فيه النيران فمن أبى قذفه فيها . وعن ابن عباس كان بنجران ملك من ملوك حمير يقال له ذو نواس بن شرحبيل في الفترة قبل مولد النبي صلى الله عليه وسلم بسبعين سنة وكان في بلاده غلاما يقال له عبد الله بن تامر وكان أبوه يرسله لمعلمه يعلمه السحر فكره الغلام السحر ولم يجد بدا من طاعة أبيه فجعل يختلف الى المعلم وكان في طريقه راهب حسن القراءة أحسن الصوت فأعجبه ذلك وكان إذا مر به دخل عليه وسمع وإذا أتى الساحر ضربه وإذا رجع من الساحر دخل على الراهب فيضربه أهله فقفشكى ذلك للراهب فقال له إذا اخشيت الساحر فقل حبسني أهلي وإذا أخشيت أهلك فقل حبسني الساحر فبينما هو كذلك إذ أتى على دابة عظيمة خشيت الناس فقال اليوم أعلم الراهب أفضل أم الساحر فأخذ حجرا ثم قال اللهم إن كان أمر الراهب أحب إليك فأقتلها فرماها فماتت فمضى الناس فاتى الراهب فأخبره فقال له أي بني أنت اليوم أفضل مني قد بلغ من أمرك ماأرى فإنك ستبتلى فإن ابتليت فلا تدل علي فكان الغلام يبريء الاكمه وهو المخلوق الاعمى والأابرص ويداوي الناس فسمع جليس للملك قد عمي فأتاه بهدايا كثيرة فقال اشفني فقال له لا ٢٢٣٦ أشفي إلا ما يشفي الله فإني آمنت بالله سبحانه دعوته ليشفيك فآمن به فشفاه فأتى الملك فجلس اليه كالعادة فقال له من رد بصرك فقال ربي فقال أولك رب غيري قال الله ربي وربك فأخذه فلم يزل يعذبه حتى دله على الغلام فجيء بالغلام فقال له أي بني قد بلغ من سحرك ما تبرىء به الاكمه والأبرص وتفعل وتفعل فقال إنما يشفي الله فلم يزل يعذبه حتى دله على الراهب فجيء بالراهب فقيل له ارجع عن دينك فأبى فدعى بالمنشار فوضع المنشار في مفرق رأسه فشقه به حتى وقع شقاه ثم جيء بالغلام فقيل له ارجع عن دينك فأبى فدفعه الى نفر من أصحابه فقال لهم اذهبوا به الى جبل كذا وكذا فاصعدوا به الجبل فإذا بلغتم دروته فإن رجع عن دينه وإلا فاطرحوه أرضا فصعدوا به الجبل فقال اللهم رب العالمين أكفينهم بما شئت فرجف بهم الجبل أي تحرك فسقطوا وجاء يمشي الى الملك فقال له الملك مافعل أصحابك قال كفانيهم الله تعالى فدفعه الى نفر من أصحابه فقال اذهبو به فاحملوه في قرقورة أي سفينة صغيرة وتوسطوا به البحر فإن رجع عن دينه وإلا فاقدفوه ففعلوا فقال اللهم اكفنيهم بما شئت فانكفأت بهم السفينة فغرقوا وجاء يمشي الى الملك فقال له ما فعل إصحابك فقال كفانيهم اله تعالى ثم قال الى الملك لست قاتلي حتى تجمع الناس في صعيد واحد آي أرض مستوية ظاهرة وتصلبني على جذع نخلة ثم تأخذ سهما من كنانتي ثم تضع السهم في كبد القوس ثم قل بسم الله رب هذا اللام ثم ارمني به فإنك إن فعلت ذلك قتلتني ففعل ذلك كله ووقع السهم في صدره فوضع يده على صدره في موضع السهم فقال الناس آمنا برب الغلام ثلاثا ٢٢٣٧ فأتى الملك فقيل له أرأيت ماكنت تحذر قد والله نزل بك حذرك فمر بالأخدود فخد بأفواه السكك أي الطرق وأضرم النيران فمن لم يرجع أقحموه أي أدخلوه فيها فجات امرأة فتقاعست أي تأخرت فقال لها صبي ياأماه اصبري ولا تقاعسي فإنك عل الحق ومثل ذلك لصهيب رواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وزاد فيها أنه كان للملك ساحر قال له كبرت فابعث الي غلاما أعلمه فبعث اليه غلاما وفي الحديث اثبات كرامات الأولياء وجواز الكذب في مصلحة ترجع الى الدين وفي انقاذ النفس من الهلاك وفي روادة المبشار بالباء وتخفيف الهمز . وعن وهب بن منبه لقي رجل على دين عيسى صلى الله عليه وسلم فرفع الى نجران فأحبوه فصار اليه ذو نواس اليهودي بجنوده من حمير وخيره بين النار واليهودية فأبوا عليه فخد الأخدود وأحرق إثني عشر الفا ثم تغلب أرباط على اليمن فهرب ذو نواس واقتحم البحر بفرسه فغرق وعن عبد الله بن أبي بكر أن خربة احترقت في زمان عمر فوجدوا عبد الله بن التامر واضعا يده على ضربة في رأسه إذ أميطت يده عنها انبعثت دما وفي يده خاتم حديد مكتوب فيه ربي الله فبلغ ذلك عمر فقال أعيدوا عليه الذي وجدتم وروي أنه أحرق سبعين ألفا . "(وهم على ما يفعلون بالمؤمنين شهود ) حاضرون لإحراق المؤمنين على كراسي وقيل يشهد بعض لبعض عند الملك أنهم لم يقصروا فيما أمرهم أو يشهد بعض على بعض يوم القيامة بما فعلوه أو تشهد عليهم جوارحهم وألسنتهم وزعم بعض أنهم شهدوا أن المؤمنين ضلال حين تركوا عبادة ٢٢٣٨ الصنم وقعود وشهود جمعاء قاعد وشاهد . "(منهم إلا أن يؤمنوا ) أي إلا"(وما نقموا) ما أنكروا وعابوا وكرهوا إيمانهم المستمر فالمضارع للحال المستمرة ٭( بالله العزيز ) الغالب يخشى عقابه "(الحميد ) الذي يحمد على نعمه ويرجى ثوابه والإيمان عند الكفرة عيب ومنكر مكروه فليس في الآية ما في قوله: الكتائبامنعرول ق فل بهنهمفر أن و غي يفيهم سعيبولا من المدح على طريق الذم لأن الآية حكاية لما عندهم نعم يكون فيها ما في البيت أن قلنا ذلك غير حكاية لحالهم بل إنشاء للمدح أي فعلوا بهم ما فعلوا مع أنهم بهذه الحالة الرفيعة عند الله من الإيمان الصادق . "(الذى له ملك السموات والأرض ) فتحق عبادته على من فيهن فلا عذاب يعادل عذاب من أحرق أولياء العزيز الذي لا يغلبه أحد المستوجب للحمد على نعمه فقوبل بالكفران المستوجب لشكر من فيهن وقرأ أبو حياه نقموا بكسر القاف والفصيح الفتح . "( والله على كل شيء شهيد ) فآمنوا به واعبدوه فإنه شهيد على كفر من كفر فمجازيه به "(إن الذين فتنوا ) ضروا "(المؤمنين والمؤمنات ) بالإحراق ٭( ثم لم يتوبوا فلهم عذاب جهنم ) يستحقونه بكفرهم "(ولهم عذاب الحريق ) بإحراقهم المؤمنين أو عذاب جهنم في الآخرة وعذاب الحريق فى الدنيا وذلك أنه قيل خرجت نار الأخدود فاحرقتهم كما مر وعلى الأول فعذاب الحريق نار عظيمة في الآخرة تتسع كما يتسع الحريق . "(إن الذين آمنوا ) هم المحرقون في الأخدود رضي الله عنهم "(وعملوا ٢٢٣٩ الصالحات لهم جنات تجري من تحتها الأنهار ) وقيل .الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات كفار قريش يصدون الناس عن الإيمان ويأذونهم عليه وأهل الإيمان المسلمون فلهؤلاء الذين فتنوهم عذاب على الكفر وعذاب على الفتنة وأيده بعض بن لفظ ثم لم يتوبوا أشبه في قريش . "( ذلك الفوز الكبير ) مصغر عنه كل ما سواه من ملك الدنيا.٭"(إن بطش ربك ) بالكفار أي أخذهم بعنف "“(لشديد ) مضاعف حسب إرادته "( إنه هو يبدىء ويعيد ) يوجد الخلق أولا ويبعٹهم بعد فنائهم ومن هذه قدرته لا يعجزه شيء ويفعل ما يريد من بطش وغيره قاله الضحاك وبن زيد وعن ابن عباس يبدىء كل ما لم يكن ويعيد كل ما يعاد فهذان قسمان يستوفيان الأشياء كلها وقيل يبدىء بطش الكفار في الدنيا ويعيده في الاخرة وقيل يعيد الكفار كما أبداهم ليبطش بهم إذا لم يشكروا نعمة الإبداء وكذبوا بالإعادة وقرىء يبدأ بفتح المثناة بالدال فإن البدأ يتعدى كالإيداء . "( وهو الغفور ) لذنوب التائبين "(الودود ) المحب لمن أطاعه محبة عظيمة أو المتحبب للخلق مطلقا بإسداء النعم وقيل الذي يحب المغفرة وقيل معناه مودود لأنه يحبه أولياءه "(ذو العرش ) خالقه ومالكه وقيل العرش "(المجيد) المتعاليالملك وقرىء ذي على أنه نعت لربك ومابينهما معترض وقر حمزة والكسائى بخفض المجيد نعتا للعرش ومجد العرش علوه وعظمه وقيل حسنه ويهاءه وقد قيل أن العرش أحسن الاجسام . "( فعال لما يريد ) كلما أراد كان خبر لمحذوف أو خبر متعدد وجات صفة المبالغة على معنى أن ما أراد يقع ولاشك أو لأن ما يريد ويفعل لغاية ٢٤٠ الكثرة ومن ذلك أنه يدخل الجنة من يشاء والنار من يشاء ٭( هل أتاك حديث الجنود ) تقريرا وهل بمعنى قد والجنود الجموع المعاضدة وحديٹهم أنهم أهلكوا يكفرهم وطغيانهم فاصبر وانذر قومك . "( فرعون) بدل كل باعتبار ما بعده وأراد فرعون وأهله وكثيرا ما تعبر العرب بكبير القبيلة عنه وعنهم أو حذف العطف والمعطوف "( وثمود ) واضرب عن ذلك الى الأخبار بقوله "( بل الذين كفروا ) من قومك يا محمد "( في تكذيب ) لما جئت به وهو تكذيب عظيم عجيب ولذا نكر وحالهم أعجب من هؤلاء لأنهم سمعوا قصتهم ورأوا أثرهم وكذبوا أشد من تكذيبهم فذلك وجه الإضراب وكأنه قال تكذيبهم مجرد حسد "(والله من ورائهم محيط ) لاعاصم لهم منه وهذا تمثيل لأنه لا يفوتنه كما لا يفوت المحاط به المحيط فهو يجازيهم ‏ (٦بل هو قرآن مجيد ) عظيم كثير النفع شريف لا نظير له لا شعر وكهانه كذبوا به وقرىء قرآن مجيد بالإضافة على حذف مضاف اليه موصوف أي قرآن رب مجيد . "( في لوح ) هو هواء فوق السماء السابعة أي هو مكتوب موضوع في اللوح أي الهواء الذي فوق السماء السابعة وليس مكتوبا في الهواء بل في اللوح بالضم للام.وهذا اللوح بالضم في ذلك الهواء ‏ ٨وقرأ يحيى بن يعمر بالضم وهو عن يمين العرش في صدر لا إله الا الله وحده دينه الإسلام ومحمد عبده ورسوله فمن آمن بالله عز وجل وصدق بوعده واتبع رسله أدخله الجنة س قال ابن عباس هو من درة بيضاء طوله ما بين السماء والأرض وعرضه ما بين المشرق والمغرب وجا فتاه الدر والياقوت ودفتاه ياقوته حمراء ٢٤١ وقلمه من نور وأعلاه معقود بالعرش وأصله في حجر ملك. "(محفوظ ) نعت للقرآن محفوظ في القلوب لا يدركه الخطا والتبديل ومن النقص والمزيد وقرأ غير نافع بالخفض نعتا للوح أي محفوظ من الخطأ والتبديل فيه والزيادة والنقص والشياطين وقيل اللوح جبهة ملك . اللهم ببركة نبيك محمد صلى الله عليه وسلم وبركة السورة أخز النصارى واهنهم واكسر شوكتهم وغلب المسلمين والموحدين عليهم صلى الله على محمد وآله وصحيه وسلم ,سيدنا ٢٤٢ مكةالطا رقسوره آيها سبع عشرة وكلماتها إحدى وستون وحروفها مائتان وتسعة وثلاثون وعنه صلى الله عليه وسلم من قرا سورة الطارق أعطاه الله سبحانه وتعالى بعدد كل نجم في السماء عشر حسنات تقرأ على الدواء فلا يضر وتمنع الأحلام من أولها الى " ولا ناصر" . بسم الله الرحمن الرحيم ‏ (٦والطارق ) أي النجم الذي يبدو"( والسماء ) المعروفة وقيل المطر بالليل شبه ظهوره بالليل بعد خفائه بالنهار بحدوث المرء عليك ليلا وأصل الطارق سالك الطريق ثم خص عرفا بالآتي ليلا ثم استعمل للبادي فيه هنا كما رأيت ى وقيل سمي طارقا لأنه يطرق الجني أي يصقه والمراد جنس النجوم وإن جعل بمعنى الشهب التي يرجم بها فالطارق بمعنى الحادث ليلا فإنه يطرق المستمع ويحدث عليه ث وروي أن أبى طالب أتى النبي صلى الله عليه وسلم فأتحفه بخبز ولبن فبينما هو يأكل إذا انحط نجم فامتلا ما ثم نورا ففزع فقال ما هذا فقال صلى الله عليه وسلم هذا نجم رمي به وهو آية ‏ (٦وما أدراك ما الطارق النجم ) أيمن آيات الله قفعجب أبو طالب فنزلت هو النجم . "(التاقب) المضيء كانه يثقب الظلام بضوءه فينفد فيه كما قيل دري لأنه يدفعه أقسم الله أولا بالنجم باسمه العام وهو الطارق فأنه مشترك في كل طارق ليلا ثم بين أن هذا الطارق هو النجم الثاقب وذلك تفخيم لشأنه لما فيه ٢٤٢٣ من عجيب القدرة ولطيف الحكمة وفي قوله " وما أدراك ما الطارق " تفخيم أعظم من ذلك ى وقد قيل المراد بالنجم الطارق الثاقب النجم المعهود بالثقب وهو زحل وعليه ابن زيد وعنه أيضا أنه الثريا لأنه المعروف عند العرب بالنجم 4وقال ابن عباس الجدي وعن الحسن أن المراد النجوم لأنها كلها ثاقبة أي ظاهرة الضوء وقيل الثاقب المتوهج قيل المرتفع وقيل ما يرمي به الشيطان ا فيثقبه أي ينفذه وقيل المراد في الآية الإفلاك . "(إن ) مخففة واسمها ضمير الشأن محذوف ‏ (٦كل نفس لا ) اللام فارقة بين النفي والإثبات دالة على الإثبات وما زائدة للتأكيد "( عليها حافظ) مبتدأ وخبر والجملة خبر كل والمجموع خبر إن8والمشهور أن إن في ذلك مهملة لم تعمل في المبتدأ الذي هو كل ولا ضمير هناك محذوف وعليه ابن هشام0وقال الكوفيون إن نافية واللام بمعنى إلا وما زائدة.كما قرأ ابن عامر وعاصم وحمزة لما بالتشديد بمعنى إلا فإن نافية وأن ما بعدها جواب القسم والحافظ الملك يحفظ أعمال المكلف فالمراد بالنفس المكلف وبالحافظ الجنس وقيل يحفظونها عن الشياطين فالمراد المكلف وغيره وعنه صلى الله عليه وسلم وكل بالمؤمن مائة وستون ملكا يذبون عنه كما يذب عن قصعة العسل الذباب ولو وكل العبد الى نقسه طرفة عين لاختطفته الشياطين وإذا جاء المقدور اسلموا الأدمي له وقيل الحافظ الله ولما ذكر " إن كل نفس لما عليها حافظ " أتبعه بقوله "( فلينظر الإنسان مم خلق ) توصية للانسان بالنظر في أول أمره ونشأته الأولى حتى يعلم أن من أنشأه قادر على إعادته وجزائهم فيعمل ليوم الإعادة ولايملي على حافظه إلا ما يسره في عاقبته ‏٢٤٤ فذلك تقرير للبعث والنظر نظر التفكر ومجرور من ما الاستفهامية لكن حذف ألفها . "( خلق من ماء ) مني وهو ماء الرجل وماء المرأة والمرء مخلوق منهما وجعلهما واحد إلا امتزاجهما "(دافق ) قيل بمعنى مدفوق وقيل دقق قد يستعمل لازما فهذا اسم فاعل من اللازم أي خارج بشدة من أصله يخرج من الرجل الى رحم المرأة ومن المرأة الى رحمها ويجوز على أنه من المتعدي أن يكون تسبا الى الدفق الذي هو مصدر دفق أو نسب الدفق الى الماء مجازا أي دفق نفسه . "( يخرج من بين الصلب ) وقرىء بضمتين وقرىء بفتحتين وفيه لغة رابعة لم يقرأ بها وهي صالب وهو من الكاهل الى العجم . "(والترائب ) جمع تريبة وهي عظام الصدر وقيل عظام الصدر والنحر وقيل ما بين الترقوة والثديين وعن أبي عبيدة معلق الحلي الى الصدر وعن ابن عباس موضع القلادة من الصدر وعنه ما بين ثدييها والمعنى أنه يخرج من بين صلب الرجل والترائب المرأة أي يجتمع من الصلب والترائب فهو مشترك بين الصلب والترائب أو أنه يخرج ماء الرجل من بين أجزاء صلبة وماء المرأة من بين ثٹرائيبها قيل العظم والعصب من الرجل والمرأة الدم منها والمشهور أن المني يخرج من جميع أعضائه وأعضائها وتحت كل شعرة جنابة وأكثر ما يخرج من الدماغ وهو أعظم الأعضاء معونة في توليدالمني ولذلك يسرع الافراط في الجماع الضعيف فيه وله خليفة وهو النخاع وهو في الصلب وللدما غ شعب كثيرة نازلة الى ترائبها والصلب والتريبة أقرب الى ٢٤٥ وعاء المني ولذلك خصهما بالذكر قيل ومجتمع المني عروق ملتف بعضها ببعض عند البيضتين وروي أنه يتولد من فضل الهضم الرابع . "( إنه على رجعه ) مصدر رجع المتعدي مضاف لمفعوله "(لقادر) اي أن الله جل وعلا قادر على بعث الإنسان بعد موته كما أنشأه قاله ابن عباس وقتادة وهو الصحيح وقيل أنه قادر على رد الماء الذي هو النطفة في الذكر دعد خروجه وقيل قادر على حبس ذلك الماء فلا يخرج وقيل على رده في مواضعه وقيل على رد الإنسان ماء كما كان وقيل على رده من الكبر الى الشباب ومن الشباب الى الصبا ومن الصبا الى النطفة ويدل على الأول قوله. "( يوم تبلى السرائر ) تكشف ضمائر القلوب في العقائد والنبات ومستورات الأفعال جمع سريرة بمعنى مسرورة وكشفها اظهار الحسن والقبيح لصاحبه والتمييز بينهما قال سهل الة الفقير أداء فرضه وصيانة فقره وحفظ سره وقيل أن السرائر الصلاة والصوم وغسل الجنابة وإذا شاء الإنسان فعلتها ولو لم يفعلها فتبلى هذه السرائر يوم القيامة رواه ابن اسلم وعن أبي الدرداء التوحيد والصلاة والزكاة وغسل الجنابة ث وعن ابن مسعود الصلاة والزكاة والوضوء والوديعة وما خان فيه من ذلك مثل له جسما ويلقى في قعر النار فيقال له اخرجه فيتبعه فيجعله في عنقه فإذا رجا أن يخرج نزل به الى القعر فهو كذلك أبدا وعن ابن عمر يكشف الله عن سر المصالح بإشراق وجهه وعن سر الكافر بظلمة وجهه والصحيح أن السرائر على العموم وسمع الحسن رجلا قائلا: سريرة ود يوم تبلى السرائرسيبقى لها من مضمر القلب والحشا ٢٤٦ وقال ماأغفله عما في السماء والطارق ويوم متعلق برجعه إن قلت المراد بالرجع البعث وإلا علق بمحذوف قاله جار الله ورده ابن هشام بان في تعليقهه برجعه فصلا بين المصدر ومعموله بالأجنبي وهو القادر وقال أن الصواب تعليقه بمحذوف أي يرجعه يوم تبلى السرائر ولا يتعلق بقادر لأن قدرته لاتتقيد بذلك اليوم ولا بغيره . "( فما له ) لهذا الإنسان المنكر للبعث "( من قوة ) يمتنع بها من عذاب الله "( ولا ناصر ) ينصره من الله ‏ (٦والسماء ذات الرجع ) ذات المطر سمي المطر رجعا لأنه يرجعه الله ويعيده كل حين وقيل الرجع رد السحاب الماء الى الأرض فإن السحاب يرفع الماء من البحر ثم يرجعه الى الأرض فيجوز كون السماء بمعنى السحاب ‘ وقيل المراد رجع السماء فإن الله يرجعها في كل دورة الى الموضع الذي تحركت منه وعن العرب أنهم يسمعون السحاب رجعا وأوبا تقولا برجوعه وأوبه وعن ابن عباس الرجع السحاب فيه ماء وعن الحسن لأنه يرجع بالرزق كل عام . "(والأرض ذات الصدع ) الإنشقاق عن النبات والشجر والأنهار أو الصدع اسم لما يخرج منها من نبات وشجر وماء أو مصدر من المتعدي الله ٭(أنه ) أايلقرآن "(لقول فصل ) فاصل بينها ق أي ينىشالشق بمع الحق والياطل والجملة جواب القسم . "( وما هو بالهزل ) اللعب والباطل بل هو جد كله وقيل الهزل الكذب وهو جد وصدق لا عبث ولا كذب فمن حقه أن يهاب ويعظم ويلقى الذهن اليه ولا يمزج بمزاج ويستحضر أن جبار السموات والأرض يخاطبه.وقد نعى الله ٢٤٧ على المشركين ضحكهم . "(أنهم ) أي المشركين من أهل مكة "(يكيدون ) يحتالون في المكر بالنبي صلى الله عليه وسلم حين اجتمعوا في دار الندوة وتشاوروا فيها . وقيل يحتالون قي إبطال القرآن وإطفاء نور الله وكيدهم بالفعل والقول وأكد ذلك بقوله "( كيدا ) أو هذا نوع أي كيدا عظيما وكذلك في قوله "(وأكيد كيدا ) أي استدرجهم من حيث لا يعلمون وأنتقم منهم في الدنيا بالسيف وفي الآخرة بالنار والإستدراج شبيه بالإحتيال فلذلك قال وأكيد كيدا أو سمى الإنتقام كيدا لأنه جزاء كيدهم . "( فمهل الكافرين ) لا تعجل بإهلاكهم ولا تشتغل بالانتقام منهم "( أمهلهم ) فعل أمر مؤكد للأول فهو توكيد لفظي وبينهما مخالفة حسنته فالأول بالتشديد والثاني بالهمز واختلفت حركة الميم "(رويدا) امهالا يسيرا أخذهم الله يوم بدر قال غير واحد نسخ التمهيل والإمهال بآية السيف8وعن قتادة رويدا بمعنى قليل قال أبو البقاء نعت لمصدر محذوف أي إمهالا رويدا نعت به مع أنه مصدر لتصغيره بمعنى قليل أو يسير وهو تصغير رود بفتح الراء والواو أنشد أبو عبده: كأنه تمل يمشي على روديمشي ولا تكلم البطحاء مشيته أي مهل ورقق انتهى بزيادة وقيل هو مصدر مصغر رود بإسكان الواو وفتح الراء أو مصغر إروادا لتصغير الترخيم أي تصغير بحذف الزوائد وكثيرا ما يكون مصدرا نائبا عن فعل الأمر مثل رويدا يا زيد أي امهل امهالا ومن قال أن فعله رباعي فقط وهو أرود كأكرم فليس الرود وتصغيره الذي هو رويد ٦٢٤٨ في ‏ ١لنحو .وبسطت ‏ ١لكلام على رويدايل اسما ء مصدرمصدرين صلى ‏ ١لاه علبه وسلم وبركة | لسورة ‏ ١خز النصا رىا للهم بيركة سدد نا محمد واهنهم واكسر شوكتهم وغلب المسلمين والموحدين عليهم صلى الله على .وسلمو له وصحيهسدد نا محمد ٢٤٩ سورة الأعلى مكية وتسمى سورة " سبح باسم ربك الأعلى " وتسمى سبح8آيهاتسع عشرة وكلماتها اثنتان وسبعون وحروفها مائتان وواحد وتسعون وعنه صلى الله عليه وسلم.ن قرأ سورة الأعلى أعطاه الله عشر حسنات بعدد كل حرف أنزله الله على ابراهيم وموسى ومحمد عليه الصلاة والسلام قرائتها تزيل البواسير والعين وتعليقها يصفي الذهن ويزيد في الحفظ ومن كتبها يوم الجمعة بعد الصلاة في جميع الأفات . بسم الله الرحمن الرحيم "( سبح باسم ربك الأعلى ) قال جماعة من الصحابة والتابعين قل سبحان ربي الأعلى عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم كلما قر؟ ‏٠ سبح اسم ربك الأعلى قال سبحان ربي الأعلى وكان يحبها وقال أول من قال سبحان ربي الأعلى ميكائيل وقيل غيره وقيل معناه نزه ربك عما يصفه المحدون به فالإسم مضاف وغير معتبر والكوفي يقول زائد والظاهر جواز كون الاسم معتبرا أي عظم نفس اسمه ولا تذكرة إلا محترما به وعن ابن عباس صل بأمر ربك الأعلى . وعن عقبة بن عامر لما نزلت " سبح اسم ربك الأعلى " قال صلى الله عليه وسلم اجعلوها في سجودكم ولما نزلت قيل ذلك " فسبح باسم ريك العظيم " قال اجعلوها في ركوعكم وكانوا يقولون الركوع الهم لك ركعت وفي السجود اللهم لك سجدت وقيل معنى سبح اسم ريك نزه اسمه عن تفسيره لما لا يليق _ ٢٥ وعن اطلاقه على غيره وكان المشركون يسمون غيره باسمه زاعمين انهم فيه سواء وذكر الأعلى تعظيما وهو نعت رب أو نعت اسم وهو على الشأن منزه عن الوصف بالحلول في إلا ما كان موصوف بالقهر والقدرة وقر علي سبحان ربي الأعلى وكان ابن مسعود وابن عباس وعلي وابن الزبير وابن عمر إذا قرأوا سبح اسم ريك قالوا سبحان ربي الأعلى . وعن سلمة بن الأكوع ما سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يستفتح دعاء إلا استفتحه بسبحان ربي الأعلى الوهاب وكان صلى الله عليه وسلم يقر في الوتر هذه السورة وسورة الكافرين وقل هو الله أحد فإذا سلم سبحان الملك القدوس ثلاث مرات يدها في الثالثة ويرفع وروي أنه يقول بعد الثالثة رب الملائكة والروح وروى علي أنه صلى الله عليه وسلم يقول في آخر وتره اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك وأعوذ بمعافاتك من عقوبتك وأعوذ بك منك لاأحصي ثناء عليك أنت كما اثنيت على نفسك وفي رواية من طريق عائشة كان يقر في أولى الوتر سبح اسم ربك الأعلى وفي ثانيته قل ياأيها الكافرون وفي ثالثته قل هو الله أحد والمعوذتين . "( الذي خلق ) الخلق "( فسوى ) سواه وقيل المراد الإنسان فقط لا ‏ (٦والذي قدر ) الأرزاق وشددالحيوان كلهم وقيل المراد الحيوان وغيره الكسائي الدال كنافع . "( فهدى ) لاكتسابها وقيل قدر لكل حيوان ما يصلحه فهداه اليه وحكى أن الأفعى إذا اتت عليها الف سنة عميت وقد الهمها الله أن مسح العين بورق الرازيانج الفض يرد اليها بصرها فربما كانت في برية بينهما وبين ٢٥١ الأرض الخصبة مسيرة أيام فتطوي تلك المسافة على طولها وعمائها حتى تهجم في بعض البساتين عليها لا تخطيها فتحك بها عينها وترجع بإذن الله وهداية الله مخلوقات لمصالحهم وإلهامه إياهم وتسخيره لا تحصى وقيل قدر جناس الأشياء وأنواعها وأشخاصها ومقاديرها وصفاتها وأفعالها وأجالها فوجهها الى أفعالها وألهمها ونصب الدلائل وأنزل الآيات وقيل قدر السعادة والشقاوة وتولى أهل السعادة ووكل أهل الشقاوة الى أنقسهم وقيل قدر السعادة والشقاوة فهدى وأضل وعليه الفراء وقيل هذا بين سبيل الهدى والضلالة وعليه الحسن وقيل قدر لكل شيء شكله فعرف الذكر كيف يأتي الأنثى وقيل قدر مدة الجنين في البطن وهداه للخروج وقيل قدر السعادة والشقاوة ويسر لكل فريق سبيل ما قدر له من سعدة أو شقوة وقيل قدر الخير والشر وهدى اليهما . "( والذي أخرج المرعى ) أنبت العشب أخضر وأصفر وأحمر وأبيض وأسود الخلقة وغير ذلك لراعي الدواب "( فجعله غثاء ) جافا هشيما يابسا مثل ما يحمله السيل . "( أحوى ) قال ابن عباس أسود بعد خضرة والكلاء إذا جف ويبس وأصابته الأمطار أسود وكان باليا وأحوى نعت غثاء أو مفعول ثان متعدد ويجوز أن يكون حالا من المرعى أي أخرجه أسود من شدة الخضرة والري 4وقال ابن هشام في المسائل السفرية إن فسرنا بالأخضر كان حالا من المرعي أو بالأسود كان صفة لغثاء ومراده ما ذكر قال في المغني قول منيا لأسودلغٹاء ليس بصحيح على ا طلاقه بل ا ن فسربعضهم أنه صفة .٢٥..‎۔٢ الجفاف واليبس وأما إن فسر بالأسود من شدة الخضرة لكثرة الري ما فسر " مدهامتان " فجعله صفة لغثاء كعجل فيما صفة لعوجا وإنما الواجب أنه حال من المرعى أخر لتناسب الفواصل انتهى . والفاء للترتيب والتعقيب على أصلها والمعطوف عليه محنوف أي ومضت مدة فجعله غثاء أو بمعنى ثم وذلك أن الإخراج لا يعقبه الجمل غناء قاله ابن هشام لكنه قدر قمضت بالفاء واعترض بأن الإخراج لا يعقبه مضي المدة وأجيب بأن المدة شيء واحد إذا مضت بتمامها فقد عقبت مضى ذلك الشيء الإخراج وإن لم يحصل المضي بتمامه إلا في زمان طويل فلذلك صح أن يقال أنها للتعقيب بلا حذف والتعقيب في كل شيء بحسبه . "( سنقرؤك ) نعلمك القرآن بواسطة جبريل فلا تحرك به لسانك لتعجل به وقيل سنجعلك قارئا بإلهام القراءة "( فلا تنسى ) ما تقرأه وكان يخاف الننسيان وذلك تبشير بإعطاء آية بينة وهي أن يقرأ عليه جبريل فيحفظ فيكون قارئا مع أنه أمي لا يكتب س وفي الإخبار قبل الوقوع آية أخرى وقيل كان يعجل فقيل له لا تعجل فإن جبريل يقرأه عليك ويكرره حتى تحفظه ولا تنساه وقيل لا ناهية وألف تنسى زائدة للفاصلة وكتبت ياء للمناسبة للألفات والمعنى النهي عن النسيان وقال الجنيد النهي عن ترك العمل بما فيه . "( إلا ما شاء الله ) أن تنساه بنسخ تلاوته وحكمه.وكان صلى الله عليه وسلم يخرج عن حافظته ما نسخه الله وإنما ينسخ ما ينسخ لمصلحة وقيل إلا ما شاء الله أن تنساه ثم نذكره بعد ذلك0روي أنه أسقط آية في الصلاة ٢٥٢٣ فحسب أبي أنها نسخت فساله فقال نسيتها وسمع رجلا يقرا سورة فقال يرحمه الله لقد أذكرني كذا وكذا آية كنت نسيتها من سورة كذا وروي وكنت انسيتهن من سورة كذا ولا ينسى إلا بعد التبليغ وروي إنه قال إني لا أنسى أو أنسى أو أنسى وعلى الأول وحسن وغيره وعلى الثاني ابن عباس أو المراد نفي النسيان اصلا فإن ظاهر الإستثناء القلة والقلة تستعمل في النفي في مواضع ولايعترض علي هذايانه قد نسي نسيانا قليلا أو نادرا لأن المراد لا تنسى قبل التبليغ ألواتنسى ابدا بل ان نسيت تذكرت وكان صلى الله عليه وسلم يجهر بالقراءة مع قراءة جبريل خوف النسيان فاشير اليه أن لا تجهر. جلمهر ) من القول والفعل "(وما يمخفني )هما ومن ذلك "(اإنهل يع علمه بأنه يجهر مخافة النسيان والمراد تعميم العلم ولو في ما لا يوصف بالجهر ولا بالاخفاء مثل ما لم يخطر بالبال فالله عالم بمصالحك فتنسى من الوحي ما يشاء وتحفظ ما يشاء "( ونيسرك لليسرى ) الشريعة السهلة وهي الإسلام أو للطريقة السهلة في حفظ الوحي وقيل اليسرى ما يستحستن دينا كالنصر وأخرى كرفعة في الجنة وقيل نوفقك في العمل حتى يسهل عليك فهو يسير أي سهل وخلصه أو فعلة يسري سهلة قيل ولكون المراد نوفقك لم يقل نيسر لك اليسرى . ") فذكر إن نفعت الذكرى) أي أن تبين لك نفعها في مواضع ولا شك أنها قد ظهر نفعها في مواضع فذكر لعلك تصادف موضعها ولا تضجر وقيل إن نفعت وإن لم تنفع ي قال ابن هشام مثل سرابيل تقيكم الحر أي والبر أو قيل له ذلك لأنه قد استفرغ مجهوده في التذكير وما زادوا الا عتوا وحصل ‏ ٢٥ ٤۔ اليأس منهم أو من بعضهم فقيل له ذكر إن نفعت الذكرى وإن لم تنقع فلا تتعب نفسك فيمن ذكرت ولم تنفعه الذكرى أو ظاهره شرط ومعناه ذم وإخبار عن حالهم واستبعاد لتأثير الذكرى فيهم وتسجيل عليهم بالطبع على قلوبهم كما تقول للواعظ عظ المساكين إن سمعوا منك مريدا استفادا اتعاظهم أو قال ذلك إعلاما بأن التذكير إنما يجب إذا ظن نفعه وقيل إن بمعنى قد ذكره ابن هشام . "( سيذكر من يخشى ) سيضطعد من سبق في علم الله أنه يخشى الله بأن يتأمل في الذكرى فيعلم حقيقتها ترد عليه الذكرى وهو منكر فيتذكر أو شاك فيتحقق أو جازم فيزيد وأما غيره فلا يخشى العاقبة ولا ينظر "( ويتجنبها) أي يتجنب الذكرى أي يتركها جانبا فإن الف الذكرى للتأنيث "( الاشقى) اسم تفضيل خارج عن معناه أي الشقي فيعم الفاسق والمشرك أو هو على معناه والمراد المشرك فإنه أشقى من الموحد العاصي الشقي وكلاهما يتجنبها وخص المشرك بالذكر لأنه أدخل في الكفر أو لأن العاصي لا يخلو من تذكروا وتذكر غير نافع أو المراد المشرك الذي هو أشقى من المشركين وخص بالذكر لتوغله في الشرك وعن بعض أنها نزلت في الوليد وعتيبة ٭( الذي يصلى النار الكبرى ) هي نار الآخرة والصغرى نار الدنيا فهي جزء من سبعين جزاء منها أو هي نار الدرك الأسفل من نار الآخرة وهي للمشركين الذين يظهرون التوحيد وهم الذين يسميهم قومنا منافقين ومذهبنا أن المنافق نوعان من أسر الشرك وأظهر التوحيد ومن في قلبه توحيد وتصدر منه الكبائر إلا أن تاب . ٢٥٥ (" ثم لا يموت فيها ولا يحيى ) يموت فيستريح ولا يحيى حياة هنيئة والعطف بثم لتراخي مرتبة عدم الموت والحياة الطيبة في النار عن مطلق زنكى ) زكاة القطر "(تم‏ (٦قد أفلح ) فاز "(دية شار ف لبالنالي الص وذكر اسم ريه ) كبر تكبيرة الإحرام لصلاة العيد وقيل تكبيرات العيد "( فصلى ) صلاة العيد .قاله علي وابن مسعود وأبو سعيد وابن عمر وعمر بن عبد العزيز لكن أبو سعيد قال ذكر اسم ربه في طريقه للمصلى وكان علي يقول لا أبى لي إن لا أجد في كتابي إلا صدقة الفطر لقوله " قد أفلح من تزكى " وكان ابن مسعود رضي الله عنه يقول رحم الله امرء تصدق ثم صلى ثم يقرا الآية وقيل عنه أنه فسرها بالصدقة والصلاة المطلقتين.قال نافع كان ابن عمر إذا صلى الغداة أي صلاة الفجر من العيد قال يا نافع أخرجت الصدقة فإن قلت نعم مضى الى المصلى وإن قلت لا قال فالان فاخرج فإنما هذه الآية في هذا قد أفلح من تزكى وذكر اسم ربه فصلى . واستدل بعضهم بالآية على وجوب تكبيرة الإحرام ووجوبها وهو الصحيح . وزعم يعض أنها سنة وبعض أنها نافلة والأقوال الثلاثة في سائر تكبير الصلاة . والحق أن تكبيرة الإحرام فرض وغيره سنة لا يجوز تعمد تركها واستدل بعضهم بالآية على أن تكبيرة الإحرام ليست من الصلاة لعطف الصلاة عليها بالفاء ومن قال أنها منها قال معنى فصلى أتم صلاته الى آخرها أو فسر الذكر بذكر الله مطلقا أو في طريق صلاة العيد ويجوز ذلك واستدل بعضهم ٦٢٥٦ بها على أن افتتاح الصلاة جائز باسم الله أي اسم الله كان والصحيح أنه يجوز بلفظ الله لأن فعل النبي وقوله فسر عموم الآية كما بينا أنه يقال الله أكبر لا الله أعلم ويجوز أعظم وأجل ونحوهما مما يدل على معنى أكبر والبسط في الفقه مع أن الآية ليست نصا في تكبيرة الإحرام ى وإن قلت الآية مكية ولا عيد بمكة ولا زكاة فطر قلت علم الله أنه يكون ذلك بعد فأخبر بقلاح من فعله إذا نزول الحكم به فالنزول سابق على الحكم وقيل نزلت زكاة الفطر بمكة ونسخ وجوبها بالمدينة والصحيح أنها نزلت بالمدينة . وعن الضحاك زكى زكاة الفطر وذكر الله في طريق صلاة العيد وصلاها كما قال أبو سعيد ى وعن ابن عباس هي تطهر من الشرك وقال لاإله الا الله وذكر اسم ربه بلسانه وقلبه وصلى الفرض وفعل ذلك لتذكره موقفه بين يدي ربه وقيل تزكى أدى الزكاة وذكر اسم ربه أي ذكر الله مطلقا وصلى أي الفرض واعترض بان الزكاة أنزلت فرضها بالمدينة قلت بل قيل نزلت في الثانية من الهجرة لليلتين خلتا من شعبان بعد زكاة الفطر وقيل في الرابعة وقيل قبل الهجرة وبينت بعدها وقيل أفلح من وحد وذكر الله وصلى ما فرض عرةتين عشيا. رينكبك وعت يوم إذ رك "( بل تؤثرون الحياة الدنيا ) تختارونها وهي فانية خسيسة منغخصة عن الآخرة وهي رفيعة باقية فلا تفعلون ما يسعدكم في الآخرة والخطاب للأشقيين المعبر عنهم بالأشقى على طريق الإلتفات من الغيبة الى الخطاب أو على إضمار قل أو للكل والحكم على المجموع لا الجميع وذلك أن السعي للدنيا أكثر في الجملة . ٢٥٧ وقر ابن مسعود بل أنتم تؤثرون وقرأ أبو عمرو بل يؤثرون بالمثناة التحتانية قال عرفجة الأشمع كنا عند ابن مسعود فقرا هذه الآية فقال أتدرون لم آثرنا ا لحياة الدنيا على الآخرة قلنا لا قال لأن الدنيا حضرت وعجل لنا طعامها وشرابها ونساؤها ولبذاتها وبهجتها وأن الآخرة تغيبت وزويت عنا فأصبنا العاجل وتركنا الآجل0وقد يقال الخطاب للجميع والحكم على الجميع فإن من في الدنيا لا يخلو من ميل الى الدنيا وكان الإنسان مطبوع على حبها . وعنه صلى الله عليه وسلم أنه قال استحيوا من الله حق الحياء قال ابن مسعود فقلنا يا رسول الله إنا نستحي والحمد لله قال ليس ذلك ولكن الإستحياء من الله حق الحياء أن تحفظ الرأس وما وعي وتحفظ البطن وما حواى وتذكر الموت والبلاء ومن أراد الآخرة ترك الدنيا ومن فعل ذلك فقد استحى من الله حق الحياء قال الغزالي وإيٹار الحياة الدنيا طبع غالب على الإنسان ولذلك قال" بتلؤثرون الحياة الدنيا " . "( والآخرة خير وأبقى ) لاشتمالها على الجنة الدائم نعيمها ولذاتها وإسما التفضيل على بابهما فإن الدنيا فيها بعض النعم وبعض البقاء لكنها تفنى والآخرة أنعم ولا تنقطع أو خارجان عن بابهما تعريضا بأنه لا خير في الدنيا ولا بقاء قال عمر رضي الله عنه ما الدنيا في الآخرة إلا كنفحة أرنب . "( إن هذا ) المذكور من إفلاح المتزكي الذاكر المصلي وأيثار الدنيا على الآخرة في الطباع وكون الآخرة خيرا وأتقى وهذا المذكور من إفلاح من ذكر وكون الآخرة خيرا وأبقى وهذا المذكور في السورة كله "( لقي الصحف "( صحف ) بدل من الصحفالأولى ) المنزلة قبل القرآن أي مذكور فيها ٢٥٨ ) ابراهيم وموسى ) أمام أواخر آي هذه السورة كلها حمزة والكسائي وما عداوأمال ورش فبين بين أما أبو عمرو ى الذكر ى واليسرى والكبرى ذلك بين بين والباقون أخلصوا الفتح قيل المراد وصحف غيرهما لأن هذا اقدر لا تختلف فيه الشرائع ي قال الشيخ اسماعيل في القواعد وفي حديث أبي ذر رحمه الله قال قلت يا رسول الله كم كتاب أنزل الله قال مائة كتاب وأربعة كتب أنزل على شيث بن آدم خمسين صحيفة وأنزل على خانوخ ثلاثين صحيفة وعلى ابراهيم عشر صحائف وعلى موسى قبل التوراة عشر صحائف وأنزل التوراة والإنجيل والزبور والفرقان قال قلت يارسول الله فما كانت صحف ابراهيم قال كانت مثلا كلها أيها الملك المسلط المبتلى المغرور إني لم أبعتك تجمع الدنيا بعضها الى بعض ولكني بعثتك لترد عني دعوة المظلوم وإني لا أردها ولو كانت من كافر وكان فيها أمثال وعلى العاقل أن تكون له ساعات ساعة يناجي فيها ربه وساعة يحاسب فيها نفسه وساعة الله جل جلاله وساعة يخلوا فيها لحاجته من المطعم والمشربنيع صكر ف يتف وعلي العاقل أن لا يكون ضاعنا أي مسافرا إلا في ثلاتة تزود لمعاد ومرمة لمعاش ولذة في غير محرم وعلى العاقل أن يكون بصيرا بزمانه مقبلا على شأنه حافظا للسانه من عد كلامه من عمله قل كلامه إلا فيما يعنيه قال قلت يا رسول الله فما كانت صحف موسى عليه السلام قال كانت عبرا كلها عجبا لمن ايقن بالموت كيف يفرح وعجبا لمن أيقن بالقدر كيف ينصب وعجبا لمن رأى الدنيا وتقلبها باأهلها ثم اطمأن اليها وعجبا لمن أيقن بالحساب غدا ثم هو لا يعلم قلت يا رسول الله أ في أيدينا شيء مما كان في يد ابراهيم ‏٢٥٩ وموسى عليهما السلام قال نعم يا أبا ذر " قد أفلح من تزكى وذكر اسم ربه فصلى " الى آخر السورة انتهى قوله . وفي حديث أبي ذر رحمه الله قال الأولى إسقاط قال أو الأصل قال أبو ذر في حديثه ولما قدم الظرف أظهر مرجع الهاء وستر فاعل قال وقوله أيها الملك أي منها قوله أيها الملك الى آخره أو قوله أيها الملك وما بعده بدل أو بيانا لا مثالا أي كانت فيها أمثال على طريقة هذا المعنى معنى قوله أيها الملك الى أخره وكذا في مشه قوله الى آخر السورة يوهم أن قوله تعالى " إن هذا لفي الصحف الأولى صحف ابراهيم وموسى " ثابت في صحفهما وليس كذلك وإنما الثابت فيها ما قبله وكأنه أراد إقرأ الى آخر السورة لتعلم أن الله أخبرنا أن بعضا مما ذكر في هذه السورة قد أثبته الله في صحفهما أو أراد بالآخر ما جاور الآخر وهو قوله " وأبقى " وفي رواية قال أبو ذر دخلت المسجد فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن للمسجد تحية قلت وما تحيته يارسول الله قال ركعتان تركعهما قلت يارسول الله هل أنزل عليك شيئا مما كان في صحف ابراهيم وموسى قال ياأبا ذر " قد أفلح من تزكى وذكر اسم ربه فصلى بل تؤثرون الحياة الدنيا والآخرة خير وأبقى إن هذا لفي الصحف الأولى صحف ابراهيم وموسى " قلت يا رسول الله فما كانت صحف موسى قال كانت عبرا كلها وساق الراوي ما تقدم عن صحف موسى الا أن في روايته عجبت لمن أيقن بالنار كيف يضحك وهذا بعد ذكر الموت وفيها عجبت لمن أيقن بالقدر كيف يغضب وهذا بعد ذكر تقلب الدنيا وإن قلت كيف قال عجبت قلت معناه أنكرت فالعجب عجب إنكار لا عجب ٢٦٠ جهل أي أنكرت الضحك لن أيقن بالنار كيف يضحك وهكذا . وفي رواية لما أمره بتحية المسجد ركع الركعتين وجلس اليه فقال يا رسول الله إنك أمرتني بالصلاة فما الصلاة قال خير موضوع فاستكثر أو استقلل وهكذا في الآحاديث الأربعين التي جمعها أبو بكر محمد بن حسين وساق ما ذكره الشيخ اسماعيل كله وبعد .ما نصه قال أي أبو ذر قلت يا رسول الله فاوصني قال أوصيك بتقوى الله عز وجل فإنه رأس أمرك قال قلت يا رسول الله زدني قال عليك بتلاوة القرآن وذكر الله عز وجل فإنه ذكر لك في السماء ونور لك في الأرض قال قلت يا رسول الله زدني قال اياك وكثرة الضحك فإنه يميت القلب ويذهب بنور الوجه قلت يا رسول الله زدني قال عليك بالجهاد فإنه رهبانية أمتي قلت يا رسول الله زدني عليك بالصمت الا من خير فإنه مطردة للشيطان فعون لك على أمر دينك . اللهم يارب ببركة سيدنا محمد صلى اللة عليه وسلم وبركة السورة أخز النصارى واهنهم واكسر شوكتهم وغلب المسلمين والموحدين عليهم صلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم . ٦٢٦١ سورة الغاشية مكية آيها ست وعشرون وكلماتها اثنتان وتسعون وحزوفها ثلاثمائة وواحد وثمانون وعنه صلى الله عليه وسلم من قرا سورة الغاشية حاسبه الله حسابا يسيرا قرائتها تنفع من الضرر المأكول وتزيل الألم . بسم الله الرحمن الرحيم "(هل ) قال بعض المفسرين بمعنى قد والتحقيق أنها للتقرير والتوقيف تحريكا لنفس السامع الى تلقي الخبر "( أتاك حديث الغاشية ) القيامة لانها تغشى الناس بأهوالها أي تعلوهم وتغطيهم أو النار كما قال وتغشى وجوههم النار ومن فوقهم غواش وعلى الأول الحسن وعلى الثاني الكلبي . "( وجوه يومئذ خاشعة ) ذليلة متغيرة وهي وجوه أهل الكفر والنفاق والمراد بالوجوه أصحابها تعبيرا باسم البعض عن الكل وعبر به لأنه أعز الأعضاء أو يقدر مضاف قبل وجوه أو في خاشعة أي خاشع أصحابها أو المراد الوجوه وتغييرها موجب لتغيير السائر . "( عاملة) تعمل أمورا عظاما كجر السلاسل وخوضها في النار كخوض الإبل في الوحل وصعود من نار وهبوط في حدور منها وتتعب في ذلك تعبا عظيما كما قال . "( ناصبة ) وحذف متعلقهما تعميما وتعظيما وقيل عملت في الدنيا أعمال السوء والتذت بها وتنعمت فهي في نصب منها في الآخرة وعن ابن عباس المراد عبدة الأصنام وكفار أهل الكتاب الذين كفروا بسيدنا محمد صلى الله ٢٦٢ عليه وسلم لعنهم الله من القسيسين والرهبان وأصحاب الصوامع فإنهم عملوا أعمالا من العبادة عظيمة لا تنفعهم لكفرهم بالنبي وكذا عبدة الأوثان اتعبوا أنفسهم لأوثانهم وتصدقوا بأموالهم وفعلوا أفعالا حسانا كالصدقة على المسكين ولا ينفعهم ذلك0وهؤلاء الذين يحسبون أنهم يحسنون صنعا وقيل المراد أصحاب الصوامع وقيل المراد كل من يختم له بالنار أعاذنا الله منها . وعنه صلى الله عليه وسلم من أحدث في أمرنا هذا ما ليس فيه فهو رد . وروي من عمل عملا ليس فيه أمرنا فهو رد أي مردود عليه ومعنى الروايتين واحد وقيل معنى الأولى الموحد المحدث في الدين ما ليس فيه ومعنى الآية المحدث موحدا أو مشركا س وقيل المراد بالعمل والنصب أنهم يسحبون في النار على وجوههم فينسحبون وقيل يكلفون ارتقاء جبل من حديد . "( تصلى نارا ) تدخلها وقر أبو عمرو وأبو بكر تصلي بالبناء للمفعول من أصلاه الله وقرىعء بالبناء للمفعول والتشديد وقرىء بنصب عامله ناصبه على الذم "( حامية) حارة غاية الحرارة . "( تسقى من عين آنية ) بلغت آنائها في الحرارة أي غايتها لو وقعت منها قطرة على جبل لذاب وعن ابن زيد آنية حاضرة حان شرابها وقيل الآن قد انتهى حرها ويدفعون اليها عطاشا أشد ما يكون العطش فهذا شرابهم وذكر طعامهم بقوله . "(ليس لهم طعام إلا من ضريع ) نوع من الشوك لا ترعاه الإبل ولا غيرها من الدواب بخبثه وما خبيثه في النار كخبثه في الدنيا ‏ ٨وعنه صلى الله عليه وسلم شوك في النار.وعن الحسن وجماعة هو الزقوم وعن ابن عباس ٢٦٢٣ وغيره شبرق النار وقيل شوك من نار أمر من الصبر وأنتن من الجيفة وأشد حرا من سائر النار وذلك الشوك في الدنيا يخرج لاصقا بالارض تسميه قريش الشبرق وإذا انتهى سموه الضريع وقيل يسمى الضريع إذا يبس ورقه في الصيف وينبت في الربيع وفيه ورق وتسميه العرب الشبرق حينئذ0قال أبو الدرداء إن الله يرسل على أهل النار الجوع حتى يعدل عنهم ما هم فيه من العذاب فيستغيثوا فيغاثوا بالضريع ثم يستغيثوا فيغاثوا بطعام ذي غصة فيخبروا بأنهم كانوا يسيغون الغخصص في الدنيا بالمال فيسثغيثوا ويعطشون الى ألف سنة ثم يسقون من العين الآنية شربة لا هنيئة ولا مرئة فإذا اذنوها من وجوههم سلخت جلدة وجوههم واشتوت وإذاوصلت بطونهم قطعتها وسقوا ماء حميما فقطع أمعاعهم0ولا نزلت الآية قال المشركون إن إبلنا لتسمن على الضريع وهم كذبون فإن الإبل لا ترعاه إذا يبست وإتما سمي الضريع إذا يبست فأنزل جل جلاله . "( لايسمن ولا يغني من جوع ) أو قال المشركون ذلك تعنتا وهبهم صدقوا فما ضريع الآخرة كضريع الدنيا وإنما هو ضريع لايسمن ولا يشنبع \ فإن ذلك ليس من طعام الإنسان بل ينفر عنه وإنما هو طعام الدواب إذا يبس فالقوت به والسمن المقصودان بالأكل منتفيان عنهما ويحتمل أن يكون المراد نفي الطعام أصلا كما تقول ليس لزيد ظل الا الشمس تريد نفي الظل على التوكيد وليس له طعام الا التراب تريد أنه ليس عنده شيء من الطعام وأهل النار طبقات على قدر الذنوب فمتهم من من طعامه الزقوم ومنهم من طعامه الضريع ومنهم من طعامه غسلين أو هو شراب وجملة لا يسمن نعت ضريع ‏٢٦٤ وأجيز كونها نعتا لطعام ووصف اهل الجنة بقوله: "( وجوه يومئذ ناعمة ) حسنة تعلوها بهجة وهي وجوه المؤمنين والكلام هنا كالكلام في نظيره "(لسعيها) تعليل لناعمه اي تنعمت لسعيها في الدنيا "(راضية ) لما رأت من الثواب أو قوله لسعيها راجع الى قولهبالخير متعلق بناعمة أوراضية أي رضيت بعملها لما رأت ثوابه " (في جنة) راضية أو حال من ضمير أحدهما أوخبر آخر . "( عالية) أي رفيعة الشأن أو عالية المكان فإنها في السماء السابعة عن يمين العرش أو عالية الشأن والمكان جمعا بين الحقيقة والمجاز فإن العلو حقيقته في علو المكان وأيضا ابعاض الجنة من عالية لأنها درجات بين درجة ودرجة ما بين السماء والأرض . "( لا تسمع فيها لا غية ) مصدر بمعنى اللغو على وزن: اسم الفاعل واللغو الباطل لأن أهل الجنة إنما يتكلمون بالحكمة وحمد الله على النعيم الدائم . وعن الحسن المعصية وقيل الحلف وقيل اسم فاعل أي جماعة أو نفس لاغية ويجوز تقدير كلمة علي النسب كاامرأة لابنة أي ذات لغو وقر بعضهم بفتح التاء ونصب لاغية خطاب لمن يصلح للسمع أو للنبي صلى الله عليه وسلم أو لتائنيث الوجه أي لايسمع اصحابها لا غية ولا حذف المضاف أنث الفعل بالتاء ويجوز أيضا ثآنيث الأصحاب ونسبت هذه القراءة لنافع والمشهور عنه البناء للمفعول ورفع لاية وعلى هذا بنيت وقرأ ابن كثير وأبو عمرو بالمثناة تحت والبناء للمقفعول ونسبت لرويس أيضا . "( فيها عين جارية ) المراد الخنس أي عيون جارية بالماء وغيره لا تنقطع ٢٦٥ والتنكير للتعظيم والتكثير على حد " علمت نفس " "( فيها سرر ) جمع سرير. (٢مرفوعة‏ ) عالية الشأن طويلة رفيعة المكان ليرى المؤمن عليها جميع ملكه إذا جاء تقاصرت حتى يركبها فترتفع من ذهب مكلل بزبرجد وياقوت ولو سقط شيء من أعلاها لأسفلها لسقط مائة خريف وقيل معنى مرفوعة مخبوة من رفع الشيء اذا أخفاه لعزته . ) وأكواب ) كيزان لاعرى لها وتقدم الكلام في ذلك "(موضوعة) على حافات العيون معدة لشربهم وفيها الشراب كلما أرادوا الشراب وجدوها مملوئة وقيل موضوعة بين أيديهم أو موضوعة عند حد الكبر فهي أوساط الواحد يروى وفي ذلك سجع متوازن وهو أن لا يكون جميع ما في القرينة الأولى ولا أكثره مثل ما يقابله من الأخرى لاختلاف سرر وأكواب في الوزن والتقفية "( ونمارق ) وسائد ومساند جمع نمرقة بالفتح والضم . "( مصفوفة ) بعضها الى بعض أينما أرادو ولي الله ان يجلس جلس على واحدة واستند الى الأخرى "(وزرابي ) جمع زريبة وهي كالطنقسة ملونة لها خمل رقيق وقيل بسط عراض فاخرة منسوجة بالدر والياقوت حشوها مسك وزعفران وألوانها الأنوار وما لاعين رأت ولا أذن سمعت (مبثوثة ) مفرقة في مجالس ولي الله وقيل مبسوطة وفي الآية الموازنة وهي تساوي الفاصلتين في الوزن دون التقفية فإن وزن مصفوفة ومبثوثة واحد لكن الأولى على الفاء والثاني على الثاء قال ابن عباس لما ذكر الله ما مر عجب كفار ٢٦٦ مكة وكذبوا ذكرهم على قدرته "(قلا ينظرون ) اي كفار مكة نظرا اعتبار "(الى الإبل ) وجملة "( كيف خلقت ) مستأنفة في التعجيب بأمرها أو بدل من الإبل اشتمال أي أفلا ينظرون الى كيفية خلقتها قال ابن هشام لايكون كيف بدلا من الإبل لأن دخول الجار على كيف شاذ ومسموعا في على لا في الى ولأن الى متعلقة بما بعدها فيلزم أن يعمل في الإستفهام فعل متقدم عليه ولأن الجملة التي بعدها تصير غير مرتبطة وإنما هي منصوبة بما بعدها على الحال ث وفعل النظر متعلق بها وهي وما بعدها بدل من الإبل بدل اشتمال والمعنى الى الإبل كيفية خلقها انتهى . وفي الإبل تدبير عجيب تنهض بالأثقال الى البلاد البعيدة وتبرك بالحمل وتنهض به وتنقاد الى كل من قادها لا تصيح على ضعيف ولا تمانع صغيرا وبرائها طوال العناق لتنوء بالأوقار وترعى كل نابتة في البراري والمفاوز مما لا يرعاه سائر البهائم وتحتمل العطش الى عشر فاكثر وخصت بالذكرر من بين سائر الحيونات لأن نفعها أعظم ولأنها أعجب عند العرب وأعز أموالها وكان شريح القاضي يقول لأصحابه اخرجوا بنا الى الكناسة حتى ننظر الى الإبل كيف خلقت س وعن سعيد بن جبير قال لقيت شريحا القاضي فقلت أين تريد ؟ قال أريد الكناسة قلت وما تصنع بها قال أنظر الى الإبل كيف خلقت وفي الإبل ماافترق في غيرها من لحمها ولبنها والحمل عليها وركوبها ونتاجها وزينة . وعن قتادة لما ذكر الله ارتفاع سرر الجنة قالوا كيف يصعدها الصاعد ؟ فأنزل الله الآية فإنها تبرك وتركب وكذا سرير الجنة وسئل الحسن عن هذه ‏ ٢٦٧۔ الآية وقيل له الفيل أعظم في الأعجوبة فقال إن الفيل العرب بعيدة العهد به ثم هو لا خير فيه لأنه لا يركب ظهره عادة ولا يأكل لحمه ولا يحلب دره وحدثوا حكيما لم ينشأ في بلاد الإبل عن بديع أمر الإبل ففكر ثم قال يوشك أن تكون طوال العناق ‏ ٠وحدثني شيخي أن هذا نصراني لا أقام الله للنصارى قائمة ببركة كل اسم من اسمائه وهي في البر كالسفن في البحر وبدأ بالإيل لأن العرب أشد ملابسة لها ولا يفارقونها ليلا ولا نهارا ظعنا وسفرا والأرض ولو كانوا ألصق بها لا ينظرون اليها نظرهم الى الإبل ى وقال المبرك الإبل هنا السحاب لان العرب قد تسميها بذلك إذ تأتي إرسالا كالإبل0وفي كلامه إشارة الى أن تسميتها إبلا مجاز تشبيه لا حقيقة ودعاه الى ذلك طلب مناسبتها للسماء والجبال والأرض والجمهور أن الإبل الجمال والمناسبة موجودة فإن هذه الأشياء قد انتظمت في نظر العرب في أوديتهم وبواديهم . "( وإلى السماء كيف رفعت ) زفعا بعيدا بينها وبين الأرض خمسمائة عام بلا عمد "( وإلى الجبال كيف نصبت ) وهي راسخة لا تسقط . "( وإلى الارض كيف سطحت ) بسطت وصارت مهادا لحسب قوتنا وإحاطتنا بها ولو كانت مكورة تكويرا لا يظهر لنا لسعة سطحها وقيل مكورة وهو الصحيح خلافا لما اختاره الشيخ يوسف بن ابراهيم رحمه الله وكذا الخلف في السماء واختلف أيضا هل أطرافها متصلة بأطراف الأرض أو هي محيطة بالأرض من فوق وخلف اختاره بعضهم الأول ومن قدر على خلق ذلك قدر على البعث وما بعده وهل أحد يخلق ذلك وقر علي بضم تاء أوالمفعول أ ي خلقتهاخلقت ورفعت وسطحت وا سكان ما قبلها على حذف ‏٢٦٨ رفعتها ونصبتها وسطحتها وعن هارون الرشيد سطحت بتشديد الطاء وإسكان التاء . "(فذكر إنما أنت مذكر ) إلى آخر السورة ذكره بعد ما تقدم لأن المراد بما تقدم أن يتحققوا كمال القدرة وعقب به أمر المعاتب وختم أيضا بأمره بقوله ما عليك إلا التذكير اعتبروا وتذكروا أولا . "( لست عليهم بمصيطر ) بمتسلط تقتلهم أو تكرههم على الإيمان قيل هذه الآية منسوخة بآية السيف ونميم تفتح الطاء بأن صيطر في لغتهم متعد يقولون صيطره فتصيطر وكذا في لغة السين بدل من الصاد من لغاتهم . وقد قرأ الكسائي بالسين فيما قيل ورويت هذه القراءة عن هشام وهذا هو الحق قيل وتبعه قنبل وابن ذكوان وحفص وقرأ حمزة بخلاف عن خلاد بين الصاد والزاي وفي رواية بين السين والصاد . "(إلا من تولى ) عن الإيمان ‏ (٦وكفر ) بالقرآن والإستثناء منقطع أي لكن من تولى وكفر فالله الولاية والقهر عليه كما قال "( فيعذبه الله العذاب الأكبر) عذاب الآخرة وعذاب الدنيا هو العذاب الأصغر وهو الهوان والقتل والجوع ويدل على انقطاع الإستثناء قراءة زيد بن أسلم إلا من تولى بفتح الهمزة وتخفيف اللام تنبيها واستفتاحا وقيل الإستثناء متصل متعلق بقوله " لست عليهم يمصيطر " أي إلا من تولى وكفر فإنك مصيطر عليهم فلا نسخ واعترض بأن السورة مكية والقتال بالمدينة وأجيب بأنه إخبار بفرض الجهاد بعد وإيعاد للكفار به وبعده العذاب الاكبر . وقيل متعلق بقوله فذكر أي ذكر الناس الا من انقطع طمعك منه وتولى ٢٦٩ واستحق العذاب الاكبر وما بينهما اعتراض وقيل المعنى ذكرهم أن يقولوا لاإله إلا الله محمد رسول الله صلي الله عليه وسلم وما جاء به حق وإذا قالوا ذلك فلست متسلطا على سرائرهم ى وقرأ ابن مسعود فإنه يعذبه الله قال ابن هشام قال ابن حزوف من مبتدأ ويعذبه الله الخبر والجملة في موضع نصب على الإستثناء المنقطع انتهى . ) إن الينا إيابهم ( رجوعهم بعد الموت مصدر آب بمعنى رجع وقر أبو جعفر المدني بتشديد الياء مصدر آيب بتشديدها بوزن فعيل بزيادة الياء للمبالغة والأصل اويب اجتمعت الواو والياء وسكنت السابقة فأبدلت الواو ياء وأدغمت في الياء وأصل المصدر أوياب بوزن فيعال قلبت الواو ياء لوقوعها بعد كسرة وأيضا سكنت وبعدها ياء فقلبت ياء وأدغمت في الياء ث ويجوز أن مصدر أوب بتشديد الياء بوزن فعل بتشديد العين وأصل المصدر أوابا بتشديد الواو قلبت ياء لوقوعها بعد كسرة فالمزيد في الوجه الأول ياء وفي الثاني واو كما زيدت ذال في كذب كذابا بتشديدهما وعن بعض أن الأصل أوابا فعالا من أوب ثم قيل أيوابا كديوان في دوان ثم فعل به ما فعل بأصل سيد وقدم الجار والمجرور وللحصر والمبالغة وفي الوعيد وكذا في قوله "( ثم إن علينا حسابهم ) في المحشر فيجازيهم على النقير والقطمير والفتيل . اللهم ببركة النبي محمد صلى الله عليه وسلم وبركة السورة أخز النصارى وأهنهم واكسر شوكتهم وغلب المسلمين والموحدين عليهم صلى الله على و له وصحيه وسلم .سدد نا محمد ٢٧٠ سورة الفجر مكية عند الجمهور ومدنية عند غيرهم وآيها ست وعشرون وكلماتها إثنتان وتسعون وحروفها ثلاثمائة وإحدى وثمانون وقيل آيها تسع وعشرون وقيل ثلاثون . وعنه صلى الله عليه وسلم من قراً سورة الفجر في الليالي العشر غفر له ومن قرأها في سائر الأيام كانت له نوا يوم القيامة ومن قرأها في طلوع الفجر إحدى عشرة مرة أمن من كل مخوف الى الفجر الثاني ومن قزأها على وسطه مائة مرة وجامع رزق ولدا تقر به عينه . بسم الله الرحمن الرحيم "( والفجر ) فجر كل يوم أقسم به تعظيما له لما يحصل به من ذهاب الليل وظهور الضوء وانتشار الناس وسائر الحيونات في طلب الأرزاق وذلك يشبه نشر الموتى من قبورهم للبعث والمراد الوقت أو نفس الطلوع وذلك مذهب الجمهور وكذلك أقسم بما بعده تعظيما وبعثا على شكر فوائدها ويجوز أن يكون القسم في مثل ذلك أمرا من الله لنبيه أن يقسم كما قال " إياك نعبد وإياك نستعين" وإنما يقسم بها تكلما بالآية ولا يقيس عليها غيرها ولا يقسم بها خارج الآية فلا يرد علينا عموم قوله صلى الله عليه وسلم من حلف فليحلف بالله صادقا أو ليصمد ث وعن ابن عباس المراد صلاة الفجر لأنها مفتتح صلاة التهار وتشهدها ملائكة الليل وملائكة النهار وقيل فجر أول يوم من المحرم لأن السنة تنفجر منه وقيل فجر ذي الحجة لأنه قرن به الليالي العشر بناء على أن الليالي العشر الليالي الأوائل من ذي الحجة وقيل فجر يوم النحر لأن فيه أكثر مناسك الحج وفيه القربات وقيل فجر عرفة . ‏٢٧١ (" فليال) يعرب كجوار وغواش "( عشر) نعت ليالي العشر الأوائل من ذي الحجة لأنها أيام الإشتغال بمناسك الحج وفي انحديث ما من أيام العمل فيها أحب الى الله عز وجل من هذه الأيام العشر وذلك مذهب ابن عباس . وقيل العشر الأوائل من رمضان وقيل الأواخر لأن فيها ليلة القدر ولأنه صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر الأواخر شد مأزرة وأيقظ أهله للعبادة وقيل العشر الأول من المحرم لان فيه عاشوراء ولا كانت تلك الليالي ليالي مخصوصة من بين جنس الليالي بفضيلة ليست لغيرها وبعضا من تلك المدة بأيامها ذكرها تعظيما لقدرها على سائر الليالي . والفجر والشفع والوتر فهي كالدرة اليتيمة بين الدر ولو عرفت بأل العهد بها لم نوجد تلك النكتة ولخالفت أل فيها أل في غيرها لأنها في غيرها للجنس نعم قد يقال هي فيها للجنس أيضا جنس العشر أو في غيرها للعهد ولا شيء يداني الوتر إذا قلنا إنه الله ولا ليلة تداني ليلة القدر وليلة المولد أفضل منها: . وقرأ ابن عباس وليالي عشر بإضافة ليال لعشر إضافة بيان فالعشر ليال أو غير بيان فالعشر أيام حذفت منه التاء لجواز حذفها إذا لم يذكر المعدود . "( والشفع والوتر) بفتح الواو وكسرها مع إسكان التاء لغتان قرىء بهما وحكى يونس عن أبي عمرو الوتر بفتح الواو وكسر التاء والكسر مع الإسكان قراءة حمزة والكسائي الشفع الخلق لأنهم مقرونون عددا وشبها وغير ذلك كما قال " ومن كل شيء خلقنا زوجين " والوتر الله بأنه الفرق لا شبيه له ولا ثاني حاشاه وهو مروي عن أبي سعيد الخدري . وقيل الوتر الله لأنه واحد والخلق بأجمعه ثان فيه حصل الشفع وقيل الوتر الله ٢٧٢ والشفع الخلق وأفعالهم وأحوالهم كالإيمان والكفر والهدى والضلالة والسعادة والشقاوة والليل والنهار والأرض والسماء والشمس والقمر والبر والبحر والنور والظلمة والجن والإنس ى وقيل المراد الأشياء كلها شفعها ووترها وقيل شفع الليالي المذكورة ووترها0وقيل الشفع يوم النحر والوتر يوم عرفة لأنه تاسع أيامها ويوم النحر عاشرها وهذا مروي عنه صلى الله عليه وسلم فإن صح لم يجز العدول عنه . وعن عمران ابن حصين عنه صلى الله عليه وسلم المراد الصلاة بعضها شفع وبعضها وتر وعن ابن عباس الشفع صلاة الفجر والوتر صلاة المغرب ي وعن عبد الله ابن الزبير الشفع النفر الأول والوتر النفر الثاني وهذا مروي عنه صلى الله عليه وسلم أيضا وإنه فسره بقوله تعالى " فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه " وقيل الشفع الأيام والليالي والوتر يوم القيامة لأنه لا ليلة معه0وقيل الشفع الجنات لأنها ثمان والوتر النيران لأنها سبع وقيل الشفع أوصاف المخلوقين المتضادة كالعز والدل والقدرة والعجز والقوة والضعف والغنى والفقر والعلم والجهل والبصر والأعمى والحياة والموت والوتر صفات الله المنفرد بها عز بلا ذل وقدرة بلا عجز وقوة بلا ضعف وغنى بلا فقر وعلم بلا جهل وحياة بلا موت . وقيل العناصر والأفلاك والبروج وإنما خصص هؤلاء المخصصون مارأوه أظهر دلالة على التوحيد وأظهر مدخلا في الدين وأظهر مناسبة لما قبل أو أكثر منفعة موجبة لعظيم شكر وكذا في قوله: "( والليل) وهو تعميم الليالي بعد التخصيص وقيل ليلة الجمعة وقيل ليلة ٢٧٢٣ المزدلفة وقيل الفجر سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم لتفجر أنوار الإيمان والطاعة والكونين منه والليالي العشر أصحابه العشرة وهذا لا يليق بالمذهب والشفع الفرض والسنة والوتر إخلاص الطاعة لله دون رؤيته غيره والليل هذه الأمة قال صلى الله عليه وسلم رأيت ليلة أسري بي إلى السماء سوادا عظيما قد سد ما بين السماء والأرض فقلت ما هذا السواد يا جبريل فقال هذه أمتك ولك سبعون ألفا يدخلون الجنة بغير حساب لم نكلمهم الخطايا ولم يدنسوا بالدنيا لا يعرفون إلا الله سبحانه فسموا ليلا كما عبر عنهم بلفظ السواد ولو كان السواد الجاعة العظيمة . "( إذا يسري ) بإثبات الياء وصلا لكن تكتب في كتب المغاربة بالحمرة وتلك قراءة نافع وأبي عمرو وأثبتها في الوصل والوقف ابن كثير قيل ويعقوب ونافع يقف بحذفها وإسكان الراء وقرأ الباقون بحذفها ولو وصلا أكتفاء بالكسرة للتخفيف ومراعاة الفواصل وقرىعء بتنوين الفجر والوتر ويسر تنوينا بدلا من حرف الإطلاق فما هو إلا نون تدخل الفعل والإسم ولو مقرونا بآل وليست بتنوين يخص الإسم وتسميتها تنوينا على المعنى المصدري أي إيجاد النون في الكلمة أموجازا صوري لشبهه بالتنوين . ويسري يمضي مدبرا ومقبلا وقيل المراد إدباره وقيد بوقت سراه لما في التعاقب من قوة الدلالة على كمال القدرة والنعمة أو المراد يسري الناس فيه فأسند السري اليه مجازا لأنه وقت تقع فيه السري كقولهم صام النهار وكقولهم في المكان صلى المقام وجواب القسم محذوف أي لتعذبن ياكفار أو لتعذبن يقدر بعد قوله حجر يدل عليه " ألم تر كيف فعل ربك بعاد " . ٢٧٤ وجملة هل وما بعده معترضة للتوكيد أو يقدر قبل هذه الجملة0وقال ابن الأنباري الجواب " إن ربك لبالمرصاد " وقيل " هل في ذلك قسم لذي حجر " على أن هل بمعنى إن وليس بشيء انتهى . "( هل في ذلك ) القسم أو المقسم به "( قسم) حلف أو محلوف به ففي الآية تجريد بديعي على حد لهم فيها دار الخلد أو المراد هل في ذكر ذلك على طريقة القسم قسم . "( لذي حجر ) أي هل يثبت عنده أنا اقتسمنا إذا حلفنا بتلك الأشياء أو المراد هل في ذلك الذي حلفنا به ما يحلف به ذو حجر ويكتفى به في التوكيد والقصد تعظيم هذا القسم والحجر العقل سمي حجرا لأنه يحجر عما لا ينبغي كما سمي عقل ونهيه لأنه يعقل عنه وينهي وكما يسيء حصاة من الإحصاء وهو الضبط وعن الفراء يقال أنه لذ حجر إذا قاهرا لنفسه ضابطا لها قال مجاهد ذو حجر هو المؤمن ومن كان ذا عقل علم أنه أقسم لله به فبه عجائب ودلائل على توحيده فهو حقيق أن يقسم به لدلالته على خالقه . "( ألم تر كيف فعل ربك بعاد ) ألم تعلم يا محمد ما فعل خالقك بعاد من الهلاك ى وعن بعضهم أطلق لفظ الرؤيا على العلم لأن اخبار عاد وثمود وفرعون كانت معلومة عده وهم اطول وأشد قوة من كفار مكة وعاد في الأصل اسم لأبي قوم ثم أطلق على القوم كما يسمى بنوا هاشم هاشما أو يقدر مضاف أي أولاد عاد أو قوم عاد وهم قوم هود أبوهم عاد بن عوص بن أرم بن سام بن نوح وهم عاد الأولى ومن بعدهم عاد الآخرة . ٢٧٥ (" إرم ) بدل عاد أو عطف بيان والمراد به قوم عاد وأصله اسم جدهم سموا به وفي إرم وما بعده دليل على أن المراد عاد الأولى وقيل إرم في الأصل اسم لأبيهم ولك تقدير المضاف كما مر وعن بعضهم أنه أبوهم وإنه إرم بن عاد بن شيم بن سام بن نوح وقال الكلبي إرم هو الذي يجتمع اليه نسب عاد وثمود وأهل السواد وأهل الجزيرة وكان يقال عاد إرم وثمود إرم فهلك عادا وثمودا وبقي أهل السواد وأهل الجزيرة . وعن سعيد بن المسيب إرم ذات العماد دمشق وقيل الإسكندرية وفيه إن منازل عاد من عمان الى حضر موت وهي بلاد الرمل والاحقاف وعلى القولين سموا باسم بلدهم وعلى كل حال فمنع الصرف للعلمية والتأنيث فإن القبيلة والمدينة مؤنثان وإذا قلنا أنه اسم بلدهم في الاصل صح تقدير مضاف أي أهل إرم وقيل منازلهم بوادي القرى وكانوا ذوي مواش إذا خرج الربيع خرجوا اليه سيارة وإذا تيبس رجعوا ويدل على أنه اسم بلد قراءة ابن الزبير بعاد إرم بالإضافة وقر الحسن بعاد إرم بمنع صرف عاد لإعتبار معنى القبيلة وفيه العلمية وكذا منع صرف إرم لمعنى المدينة وفيه العلمية فهما عنده مفتوحا الآخر والثاني بدل أو بيان ومن صرف عادا فلا اعتبار معنى القوم وقرىء بسكون الراء من إرم للثقل نحو إبل بعض تقل وراء إرم مفخمة ولو وقعت بعد كسرة لازمة لأنه عجمي فالعجم زيادة في موجب منع الصرف السابق وإذا اعتبر معنى القوم فالمانع العلمية والعجمة وقيل لأن الكسرة عارضة والاصل الفتح وبعض يرققها على أنه عربي . "( ذات العماد ) ذات نعت وقرىء بإضافة إرم لذات والإرم العلم أي بعاد ٢٧٦ أهل أعلام ذات العماد ى وذات العماد اسم مدينة أي ذات البناء الرفع أو ذات أساطين عظيمة وإذا قلنا أن ذات العماد القبيلة فالمراد أنهم طوال الأجساد على تشبيه أجسامهم بالأعمدة أو ذووا رفعة وثبات وإنهم كانوا بدويين ذوي عمد وهو قول قتادة ومجاهد والكلبي وابن عباس وعلى الأول مقاتل قال طول أحدهم إثنى عشر ذراعا وروي أربعمائة ذراع بذراعنا . "(التي لم يخلق مها في البلاد ) الضمير لإرم سواء أريد القبيلة أو البلدة أي لم يخلق مثل عاد في البلاد عظما وقوة يأتي واحد فيحمل الصخرة العظيمة فيلقيها علي حي فيهلكهم أو لم يخلق مثل مدينة شداد منهم في جميع بلاد الدنيا س وقر ابن الزبير لم يخلق مثلها بالبناء للفاعل ونصب مثل أي لم يخلق الله مثلها.قال سفيان بن منصور عن أبي وائل أن رجلا يقال له عبد الله بن قلادة خرج في طلب إبل شردت فبينما هو في صحارى عدن بتلك الفلاوات إذا هو بمدينة فيها حصن حول ذلك الحصن قصور كثيرة وأعلام وما دنا منها ظن أن فيها من يساله عن إبله فلم ير أحدا فيها داخلا ولا خارجا فنزل عن ناقته وعقلها وسل سيفه ودخل باب الحصن فإذا هو ببابين عظيمين لم ير في الدنيا أعظم منهما ولا أطيب ريحا منهما وإذا خشبهما من أطيب العود عليهما نجوم من ياقوت أصفر ضوؤها ملا المكان ولا رأى ذلك أعجبه ما رأى وافتتح البابين فإذا هو بمدينة عظيمة لم ير الناس مثلها قط وإذا بقصور معلقة تحتها أعمدة من زبرجد أخضر وعلى باب المدينة عمود من طيب قد نظمت عليه اليواقيت وقد فرشت تلك القصور باللؤلؤ والدر والمسك والزعفران فلما رأى ذلك ولم ير هنالك أحدا أفزعه ذلك ٢٧٧ ثم نظر إلى الأزقة فإذا في كل زقاق منها أشجار أثمرت تحتها أنهار تجري فقال هذه الجنة التي وصف الله تعالى لعباده في الدنيا الحمد لله الذي أدخلني الجنة وحمل من لؤلؤها ومن بنادق المسك والزعفران ولم يستطع أن يقلع من زبرجدها ولا من ياقوتها شيئا لأنها كانت مشبكة في أبوابها وجدرانها فكان اللؤلؤ وبنادق المسك والزعفران منشورا بمنزلة الرمل في تلك القصور وقد كان أصفر اللؤلؤ وتغير لطول الزمان فظهر خبره فبلغ معاويه ابن أبي سفيان فكتب بأشخاصه اليه وما قدم على معاوية وخلا به سأله فنقص عليه وأنكر ذلك عليه واستغربه فقال له ياأمير المؤمنين معي من متاعها الذي فرش في غرفها وبيوتها قال من هو قال بنادق المسك واللؤلؤ قال له هات حتى أرى فعرض عليه ما حمله منها فشم البنادق فلم يجد لها ريحا فأمر ببندقة فكسرت فسطع ريحها مسكا وعنبرا فقال معاوية كيف أصنع حتى أسمع باسم هذه المدينة ولمن هي ومن بناها والله ماأعطي أحد مثل ما أعطي سليمان بن داود وما أظن أن يكون له مظها فقال بعض الجلساء ما كان في اليمن مدينة مها وما يوجد خبر هذه المدينة إلا عند كعب الأخبار فإن رأى أمير المؤمنين أن يبعث له ويأمر بأشخاصه ويغيب عنه هذا الرجل بموضع يسمع كلامه منه وحديثه أو وصفه حتى يتبين أمر هذه المدينة قفعل فإن كعبا سيخبر أمير المؤمنين بخبرها وأمر هذا الرجل إن كان دخلها فأرسل معاوية الى كعب ليخبره بأمرها فلما أتاه قال له معاوية أخبرنا بقصة إرم ذات العماد إن كان عندك علمها قال نعم ياأمير المؤمنين إن هذه المدينة لعاد وذلك أن عادا كان له ابنان سمى أحدهما شديدا والآخر شدادا فهلك ٢٧٨ أبوهما وملكا وتجبرا وقهرا كل البلاد ودان لهما جميع الناس فلم يكن أحد من الناس في زمانهما إلا دخل في طاعتهما لا في شرق الأرض ولا في غربها وأنهما لما صفا لهما ذلك مات شديد بن عاد وبقي شداد فتملك وحده ولم ينازعه أحد ودانت له الدنيا كلها وكان مولعا بقراءة الكتب القديمة وكان كلما مر فيها بصفة الجنة تمنى أن يصنع مثلها في الدنيا فامتلك المدينة التي هي إرم ذات العماد وأمر على صنعتها ما ئة قهرمان مع كل قهرمان مائة من الأحوان ثم قال انطلقوا الى أطيب فلاة من الأرض وأوسعها واعملوا فيها مدينة من ذهب وفضة وياقوت وزبرجد ولؤلؤ وتحت تلك المدينة أعمدة من زبرجد وعلى المدينة قصور ومن فوق القصور غرف ومن فوق الغرف غرف واغرسوا في تلك القصور أغراسا فيها أصناف الثمار كلها واجروا فيها الأنهار حتى تكون تحت الأشجار جارية فإني أسمع في الكتب صفة الجنة وإني أريد أن أتخذ مها في الدنيا فالنجعل سكناها وقالت قهارمته كيف لنا بالقدرة على ما وصفت لنا من الزبرجد والياقوت والذهب والفضة واللؤلؤ نبني بها مدينة كما وصفت لنا فقال لهم شداد ألستم تعلمون أن ملوك الدنيا كلها بيدي قالوا بلى قال فانطلقوا الى كل معدن من معادن الزبرجد والياقوت والذهب والفضة واللؤلؤ وتكلفوا من كل قوم رجلا يخرج لكم ما في كل معدن من تلك المعادن ثم انظروا الى ما في أيدي الناس من الطي فخذوه سوى ما يأتيكم به أصحاب المعادن من معادن الدنيا فيجتمع عندكم من ذلك كثير قال فخرجوا من عنده فكتب إلى كل ملك في الدنيا يأمرهم أن يجعلوا له ما في بلادهم من الجواهر ويحفروا معادنها فانطلقت القهارمة ٢٧٩ فبعثوا كتبا ألى كل ملك من الملوك أن يأخذ كل ما في أيدي أهل مملكته عشر سنين حتى يبعثوا بذلك إلى إرم ذات العماد قال معاوية ياأبا إسحاق كم عدد تلك الملوك الذين تحت شداد قال كانوا مائتين وستين ملكا وتفرقت التهارمة في الصحاري ليوافقوا ما يطلب إلى أن وقفوا على صحراء عظيمة نقية من الجبال والتلال فيها عيون مضطرردة فقالوا هذه الأرض التي أمرنا بها فاخذوابقدر ما أمرهم ثم عمدوا إلى موضع الأزقة وحفروا وعجنوا طين ذلك الأساس من دهن البان فلما فرغوا من الأساس أرسل اليهم الذهب والفضة فبنوها كما يريد شداد فقال معاوية ياأبا إسحاق إني لاأحسب أنهم أقاموا في بنائها زمانا من الدهر قال نعم ياأمير المؤمنين إني لاأجد في التوراة مكتوبا أنهم أقاموا في بنائها ثلاثمائة سنة فقال معاوية لقد أخبرتنا عجبا فحدثنا ياأمير المؤمنين إنما أسماها الله إرم ذات العماد التي لم يخلق مثلها في البلاد قال كعب لما اتوه أخبروه بفراغهم منها قال انطلقوا فاجعلوا عليها حصنا واجعلوا حول الحصن ألف قصر عند كل قصر ألف علم يكون في كل قصر وزير من وزرائي ويكون كل علم عليه ناظور فرجعوا وقعلوا وأتوه وأخبروه بالفراغ فأمر ألف وزير من خاصته أن يهيئوا أشيائهم ويعملوا في الثقلة الى إرم ذات العماد وأمر رجالا أن يسكنوا تلك الأعلام ويقيموا فيها ليلهم ونهارهم وأمر لهم بالعطاء والأرزاق وأمر من أراد من نسائه وخدمه بالجهاز الى إرم ذات العماد فأقاموا في جهازهم عشر سنين ثم سار الملك بمن أراد وتخلف مع قومه في عدن ابن له فلما انتقلوا وسار اليها ليسكن فيها وبقي بينه وبينها مسيرة يوم وليلة بعث الله تعالى عليه وعلى من ٢٨٠ كان معه صيحة من السماء فأهلكتهم جميعا ولم يبق أحد منهم ولم يدخلها شداد ولا من كان معه وسيدخلها رجل في زمانك ويراها ويتحدث بما رأى فلا يصدق فقال معاوية ياأبا إسحاق هل تصفه لنا قال نعم رجل أحمر اشقر قصير على حاجبه خال يخرج في طلب إبل في تلك الصحاري فيقع عليها ويدخلها ويحمل بما فيها والرجل جالس عند معاوية فالتفت كعب فرأى الرجل جالسا فقال هو ذلك الرجل يا أمير المؤمنين قد دخلها فساله عمار أي فقال معاوية ياأبا إسحاق إن هذا من خدامي قال قد ذخلها وإلا فسوف يدخلها وسيدخلها أهل الدين آخر الزمان قال معاوية ياأبا اسحاق لقد فضك الله على غيرك من العلماء ولقد أوتيت من علم الأولين والآخرين ما لم يعطه أحد فقال والذي نفس كعب بيده ما خلق اللة تعالى في الأرض شيئا إلا وقد فسره في التوراة لعبده موسى تفسيرا وإن هذا القرآن أشد وعيدا وكفى بالله وكيلا وروي أن قصورها من الذهب والفضة وأساطينها من الزبرجد والياقوت وفي كل قصر غرف وفوق الغرف غرف من ذهب وفضة ولؤلؤ وياقوت وأبواب القصور مثل مصارع باب المدينة وماعها يجري في سواقي فضة وقيل أنه أمر عليها مائة قهرمان ومع كل قهرمان ألف من الأعوان يديرون بناعها وإنه بنيت اسوسها من الجزع اليمني وإنه بقوا في الجهاز اليها عشرين سنة وكان عمر شداد تسعمائة سنة وقوله على حاجبه خال يعني به أن قوق حاجبيه شامة أي نكتة تخالف البدن قال بعضهم قد رأها سليمان وأنها كانت مدفونة فأمر الله الريح فاظهرتها فخاف أن يفتتن الناس بها فأمر الريح فدفنتها وروي أنها في بلاد الرمل . ٢٨١ قال الشعبي اخبرني دغبل عن رجل من أهل حضر موت قال كنت أسمع من صباي إلى أن اكتهلت بمغارة في جبل من جبالها وهاب الناس دخولها فلم احتفل بما كنت أسمع من ذلك فبينما أنا في نادي قومي إذ نناشدوا حديث المغارة واطنبوا في ذكرها وموضعها فقلت لقومي فإني غير منتبه حتى ادخلها فهل فيكم من يساعدني فقام فتى منهم حديث السن فقال اني سأحبك قلت ياأخي أو تجسر على ذلك قال عندي ما عند رجل من رياضة وشجاعة فهيثنا شمعة وحملنا أدوات عظيمة مملوءة ماء وطعاما مقدار مايكفينا وما يقوينا عليه ثم مضينا نحو ذلك الجبل الذي فيه المغارة وكان مشرفا على البحر في المكان الذي يركب أهل حضر موت منه البحر فلما أنتهينا الى باب المغارة خزمنا علينا ثيابنا وأشعلنا الشمعة ثم ذكرنا الله تعالى ودخلنا ومعنا تلك الأدوات من الماء والطعام فإذا مغارة عظيمة عرضها عشرون ذراعا فمشينا فيها هونا في طريق مستو ثم افضينا إلى درج عالية عرض الدرج عشرون ذراعا في سمك عشرة أذرع فحملنا أنفسنا على نزول تلك الدرج فقلت لصاحبي هلم إلى يدك فكنت أخذ بيده حتى ينزل فإذا نزل وقام في الدرج تعلقت بطرف الدرجة وتسيبت حتى تنال رجلي منكبة فلما نزل كذلك وذلك داعبنا عامة يومنا حتى نزلناه وكانت مقدار مائة درجة فافضينا الى حفر عظيم في الجيل عرضه مائة ذراع وسمكه في السماء مائة ذراع في صده سرير من ذهب مفغصص بصنوف الجوهر وفوقه رجل عادي عظيم الجسم قد أخذ طول الحفر وعرضه مضطجع على ظهره كالنائم وعليه سبعون حاله على طوله وعرضه منسوجة بقضبان الذهب والفضة وإذ ٢٨٢ ذلك الحفر مضيء بثقب عرضه ذراعان وإرتفاعه ثلاثة أذرع خارجا إلى فضاء لم ندر ما هو وإذ على رأس السرير لوح من ذهب عظيم مكتوب فيه بالمسك وهو حبر عاد في زمانهم محفورة تلك الكتابة في اللوح حفرا فقلعناه ودنونا من الرجل ومسسنا تلك الحلل قصات رميما وبقيت قضبان الذهب قائمة قحملناها فكانت مقدار مائة رطل وأردنا قلع الجوهر المخصص به السرير فلم نقدر عليه لوثاقة تركيبه وهجم علينا الليل وطفت الشمعة التي كانت معنا فلما أصبحنا قلت لصاحبي ماترى قال اما الرجوع من حيث جئنا فلا سبيل اليه لارتفاع هذه الدرج وأنا لا نستطيع صعودها ولا سيما والشمعة قد طفت ولكن هلم لنلزم هذا الضوء الذي نرى في هذا الثقب لأنا نرجوا أن يخرج بنا إلى الفضاء إن شاء الله تعالى فقلت لعمري إن هذا لهو الرأي وحملنا معنا اللوح الذي في رأسه والذهب وخرجنا من ذلك الثقب فلم نزل في طريق ضيق مقدار مائتين ذراع حتى خرجنا منه إلى كهف في ذلك الجبل كهيئة الحائط وقد حف بذلك الكهف البحر فجلسنا على باب ذلك الثقب ثلاثة أيام نتقوت ببقية الماء والطعام ولما كان في اليوم الرابع نظرنا إلى مركب قد أقبل في البحر فلوحنا إليه فنظروا إلينا فأرسوا المركب تحتنا فنزلنا من باب ذلك الثقب نزولا شاقا حتى وثبنا إلى المركب بما معنا وخرجنا من البحرفاقتسمنا ذلك الذهب بيننا فصار اللوح في قسمتي ثم أن انفسنا دعتنا إلى العود إلى ذلك السرب مما يلي الثقب فركبنا قاربا وسرنا في البحر نحو ذلك المكان الذي نزلنا منه فخفي علينا مكانه فعلمنا أن لا ترزق إلا ماأخذناه ومكث ذلك اللوح عندي حولا لا أجد من يقرأه لي حتى أتى رجل من أهل ٢٨٢٣ قيه: للوح فقرأه فاذاا لكتاية فأخرجتصنعا ء حميري كان يحسن قرا ءة ك المديدالمفتر بالعمراعتبر بي أيها صاحب الحصن العميدأنا شداد بن عاد الحشيدوالكوأخو القوة والياعس طرا من خوف وعبددان أهل الارض شديدبسلطانوملكت الشرق والغرب ,الحعىيدفنيهوبفضل الملك والعدة هودلد3فأتى هود وكنا في ضلال إلى الأمر السديدفدعانا فلم نتبعه مجيدمنالأإفلفعصيناهوناديت البعيدالأفقمنفاتتنا صيحة تهوي وسط بيداء حصيدفتوافينا كزرع قال دغبل سألت الحميري عن شداد كيف كان بالمغارة بحضرموت مع أنه في اليمن قال إنه هلك هو ومن معه من الصيحة على القرب من تلك المدينة وملك ابنه مرتد بن شداد وقد كان أبوه خلقه على ملكه بحضرموت فحمل مطليا بالصبر والكافور وأمر بحفر تلك المغارة فاستودعه فيها على ذلك السرير من الذهب وزعم بعض الزنادقة أن تلك المدينة تارة تكون باليمن وتارة بالشام وتارة في غير ذلك تنتقل من بلد الى آخر . "(وثمود ) عطف على عاد ‏ (٦الذين جابوا الصخر ) قطعوها واتخذوها بيوتا "(بالوادي)بإثبات الياء وصلا عند نافع في رواية ورش وقنبل وروي عن ‏_ ٦٢٨٤ قنبل إثباتها وقفا أيضا كما عند البزي ي وادي القرى أي فيه وقيل نحتوا من الجبال الصخر قسكنوا أماكنها وقيل أول من نحت الجبال والصخور والرخام ثمود وبنوا ألف وسبعمائة مدينة كلها من الحجارة “(وفرعون ) هو فرعون موسى . "(ذي الأوتاد) ذي الجنود التي يثبت بهم ملكه كما تثبت الخيمة بالأوتاد أو المراد الأوتاد التي يضربها العسكر عند النزول وذلك يسافرون بالخيم وذكرت لكثرة عساكره وعليه ابن عباس وقيل الأوتاد الأبنية العالية وقيل الملك وقيل سمي ذا الأوثاد لتعذيبه بالأوتاد وكان إذا غضب على أحد ضرب له أربعة أوثاد من حديد واحد في اليد والآخر في الأخرى والآخر في الرجل والآخر في الأخرى حتى تنفد الى الأرض . وعن ابن عباس أنه سمي ذا الأوتاد لأنه كانت له امرأة حزقيل تمشط لبنته وكان حزقيل مؤمنا كتم إيمانه مائة سنة وبينما هي تمشط إذ سقط من يدها فقالت تعس من كفر بالله فقالت ابنت فرعون وهل لك من إله غيري فقالت إلاهي وإله أبيك وإله السموات والأرض واحد لا شريك له فقامت فدخلت على أبيها وهي تبكي0فقال لها ما يبكيك قالت الماشطة امرأة خارة بك تزعم أن إلهها وإلاهك وإله السموات والأرض واحد لا شريك له فأرسل اليها فسألها عن ذلك فقالت صدقت فقال ويحك اكفري بإلاهك وأقري بأني إلاهك قالت لاأقر فمدها بين أربعة أوتاد ثم أرسل اليها الحيات والعقارب وقال لها اكفري بالله وإلا أعذيك بهذا العذاب الشديد فقالت لو عذبتني سبعين شهرا ما كفرت بالله ‏ ٨وكان لها بنتان فجاء بابنتها الكبرى فذبحها على فيها فقال اكفري بالله ٢٨٥ وإلا ذبحت الصغرى على فيك وهي رضيع فقالت لو ذبحت من في الارض على في ما كفرت بالله عز وجل فأتى بأبنتها فلما اضجعت اعلى صدرها وأراد ذبحها جزعت المرأة فأطلق الله لسان ابنتها فتكلمت وهي من جملة من تكلم في غير أوان التكلم ياأماه لا تجزعي فإن الله قد بنى لك بيتا في الجنة فاصبري فإنك تفضين الى رحمة الله وكرامته فذبحت فلم تلبث الأم أن ماتت فأسكنها الله عز وجل الجنة.فبعث في طلب زوجها فلم يقدر عليه فقيل لفرعون إنه قد رؤي في موضع كذا في جبل كذا وكذا فبعث رجلين في طلبه فأتيا اليه وهو يصلي وثلاثة صفوف من الوحش خلفه يصلون فلما رأيا ذلك انصرفا فقال حزقيل اللهم أنك تعلم إني كتمت إيماني مائة سنة ولم يظهر علي أحد فأي رجلين كتما على قاهره إلى دينك وأعطيه من الدنيا سؤاله وأيهما أظهره فعجل عقوبته في الدنيا واجعل مصيره في الآخرة إلى النار فانصرفا إلى فرعون ث أما أحدهما فاعتبر وأما الآخر فأخبره على رؤوس الملا فقال له هل معك غيرك قال نعم فلان فدعا به فقال له أحق ما يقول هذا الرجل قال لا فأعطاه وأجازه وقتل الآخر الذي أخبر وصلبه وكان قد تزوج فرعون امرأة من أجل نساء بني إسرائيل يقال لها أسية بنت مزاحم فرأت ما يصنع فرعون بالماشطة وقالت يسعني أن أصبر على ما يأتي وهو كافر وأنا مسلمة وبينما هي كذلك توامر نفسها إذ دخل عليها فرعون فجلس قريبا منها فقالت يا فرعون أنت أشد الخلق و أخبٹهم عمدت الى الماشطة فقتلتها فقال لعل بك الجنون الذي كان بها قالت ما بي من جنون وإن إلاهي وإله السموات والأرض واحد لا شريك له وبزق عليها وضربها وأرسل إلى أبويها ٢٨٦ فدعاهما فقال لهما أصابها الجنون الذي كان بالماشطة قالت أعوذ بالله من ذلك إني شهدت أن ربي وربك ورب السموات والأرض واحد لا شريك له فقال أبواها ياأسية ألست من خيار نساء العالمين نالت أعوذ بالله من ذلك أمامه والقمر خلفه والكواكب حولهالذي يقول فإن كان حقا فلتات الشمس فقال لهما فرعون اخرجا عني ثم مدها بين أربعة أوتاد يعذبها ففتح لها الله بابا إلى الجنة ليهون عليها ما يصنع فرعون فعند ذلك قالت رب ابن لي عندك الخ فقبض الله روحها وأسكنها الجنة وروي أن حزقيل نجار وأنه الذي صنع التابوت لام موسى وهو مناف لما روي أنه آمن وكتم إيمانه إلى أن ظهر موسى صلى اللة عليه وسلم لأن الذي صنعه ذهب غير مرة ليخبر فرعون فأمسك اللة لسانه إلا إن لم يقل صاحب هذا القول بهذا الأخبار أو قال إيمانه يعد صنع التابوت ولكن يرد أيضا أنه كتم إيمانه مائة سنة فهذا يقتضي أنه آمن قبل التابوت وأنه لم يذهب إلى إخبار فرعون ولعله ذهب وتاب . وروي أنه خزن لفرعون مائة سنة وأنه أظهر إسلامه فقتل مصلوبا مع السحرة وامرأته الماشطة مؤمنة إلا أنها كانت مع بنات فرعون لعنه الله تخدمهن وقد وجد صلى الله عليه وسلم رائحة طيبة ليلة الإسراء عند ذهابه إلى الشام قال لجبريل ما هذه الرائحة قال رائحة ماشطة آل فرعون وأولادها بينما هي تمشط بنات فرعون يوما فوقع المشط من يدها فقالت باسم الله فقالت اينته أبي قالت لا بل ربي وربك ورب أبيك فقالت لأخبرن بذلك أبي فأخبرته فدعا بها ويولدها فقال لها من ربك ؟ فقالت إن ربي وربك الله ‏ ٧فأمر ٢٨٧ بتنور من نحاس فأحمى فدعا بها وبولدها فقالت إن لي حاجة إليك قال ما هي ؟ قالت تجمع عظامي وعظام ولدي فتدفنهما فقال ذلك لك لما لك علينا من الحق فأمر بأولادها فلقوا واحدا واحدا في التنور حتى إذا كان آخر ولدها صبيا رضيعا فقال لها ياأماه اصبري على الحق فالقيت في التنور مع ولدها وقيل أو تدلها وذبحوا على صدرها وماتت . وقيل أحمي لها الزيت فألقيت فيها معهم وروي أن امرأة فرعون أسية مؤمنة سرا حتى أنها لا تتعلل بقضاء حاجتها فتخرج فتصلي خوفا منه إلى أن قتل الماشطة وعذبها وهي تنظر من كوة ة ي قصره فعاينت الملائكة عرجت بروح الماشطة فازدادت يقينا وبيىما هي كذلك إذ دخل عليها فرعون وأخبرها بما صنع ى فقالت الويل لك يا فرعون ما أجرأك على الله فقال لها لعلك اعتراك الجنون الذي اعترى صاحبتك فقالت له ما اعتراني جنون ولكن آمنت بالله ربي وربك ورب العالمين فدعا أمها فقال إن ابنتك أخذها الجنون الذي أخذ الماشطة فأقسم لتذوقن الموت أو لتكفرن بإله موسى فخلت بها أمها تسالها موافقة فرعون فأبت فقالت إما أن أكفر بالله فلا والله فأوتدها أربعة أوتاد . قال ابن عباس ومر عليها موسى فشكت إليه بأصبعها فدعا أن يخفف عنها فلم تجد للعذاب الما وقالت وهي في العذاب رب ابن لي الخ فكون لها بيتا من درة فرأته فضحكت فقال انظروا إلى الجنون الذي بها تضحك وهي في العذاب . ) الذين طغوا ) تجبروا ‏ ٠وهو نعت لعاد وثمود وفرعون أو خبر لمحذوف أو منصوب لمحذوف على الذم وهو أولى وقيل المراد به فرعون مرادا به هو ‏٢٨٨ وقومه ويرده قوله ذي الأوتاد ويجاب بأنه أريد به أولا هو وثانيا قومه وهذا شبيه بالإستخدام وفي إعرابه الأوجه المذكورة . "( في البلاد ) عم طغيانهم البلاد "( فأكثروا فيها الفساد ) قيل هذا تفسير للطغيان أي أن طغيانهم القتل والغخصب وجميع الآثام . "( قصب عليهم ربك سوط عذاب ) أي أرسل عليهم نوعا من العذاب وقيل شبه العذاب الذي أرسل عليهم في الدنيا بالسوط الذي يضرب به في الدنيا إشعارا بأنه بالقياس إلى ما أعد لهم من عذاب ا لآخرة كالسوط بالنسبة للسيف وعن بعضهم خص السوط لأنه يقضي من التكرار ما لا يقضيه غيره ‏ ٠وقيل السوط مصدر بمعنى اسم مفعول يقال ساط سوطا أي خلط خلطا فالمعنى أنه صب عليهم ما خلق من أنواع العذاب وأنما سمي به الجلد الذي يضرب به وهو الذي يذكره أصحابنا وغيرهم في الأحكام لكونه مخلوق الطاقات قال القاضي وعن عمرى بن عبيد كان الحسن إذا قرا هذه الآية قال إن عند الله أسواطا كثيرة فاخذهم بسوط منها . "( إن ربك لبالمرصاد ) أي في المكان الذي يترقب فيه الرصد مفعال من رصده كالميقات من وقت والميعاد من وعد وهو كناية وتمثيل لإرصاد الكفار بالعقاب أي أعدده لهم وأنه لا يفوتونه ولا يخفى عليه حال من أحوالهم وإلا فالله متعالم عن المكان ولكنه فئ كل مكان لا ككونه يبصر ويسمع لا كرؤيتنا وسماعنا ولا يفوته كافر إلى الجنة والخلق راجع إلى حكمه وإليه مصيرهم . روي أنه قيل لبعض العرب أين ربك ؟ فقال بالمرصاد8وقراً عمرو بن عبيد هذه السورة عند المنصور ولا بلغ الآية قال "إن ربك لبالمرصاد " يا أبا جعفر ٢٨٩ 4قال جار الله عرض له في هذا النداء بأنه بعض ما توعد بذلك من الجيابرة وإذا علم العبد أن مولاه له بالمرصاد ودامت مراقبته في الفؤاد حضره الخوف لا محالة واعلموا أن الله يعلم ما في أنفسكم فاحذروه قال الغزالي وبحسب معرفة العبد بعيوب نفسه ومعرفته بجلال ربه وأنه مستغن وأنه لا يسأل عما يفعل تكون قوة خوفه فأخوف الناس بربه أعرفهم بنقسه وبربه ولذلك قال صلى الله عليه وسلم أنا أخوفكم لله وقال الله تعالى " إنما يخشى الله من عباده العلماء " وإذا أكملت المعرفة أورثت الخوف وإحتراق القلب ثم يفيض أثر الحرقة من القلب على البدن أفتنقمع الشهوات وتحترق بالخوف ويحصل في القلب الذبول والخشوع والذلة والإستكانة ويصير العبد مستوعب الهم بخوفه والنضر في خاطر عاقبته فلا يتفرغ لغيره ولا يكون له شغل إلا للمراقبة والمحاسبة والمجاهدة والظنة بالأنفاس واللحظات ومؤاخدة النفس في الخطرات والخطوات والكلمات قال ولا تنقمع الشهوات بشيء كما تنقمع بنار الخوف انتهى الله لا يريد من الإنسان إلا الطاعة والسعي لاآخرة وقد أرصد العاصي بالعقوبة وأما الإنسان فالكرامة عنده كرامة الدنيا والإهانةإهانة الدنيا ولا يهمه إلا أمرها كما قال "( فأما الإنسان إذا ) جواب إذا دل عليه في فيقول ربي أكرمني "( ما ) زائدة "(ابتلاه ربه ) فعل فيها فعل المختبر بالنعمة أيشكر أم يكفر "( فاكرمه ونعمه) بالمال والولد والجاه ٭( فيقول ربي أكرمني ) مبتدا وخبر وجملتهما مفعول القول والمجموع خبر المبتدأ الذي هو الإنسان وإذا في نية التأخير "( وأما ) مقابل لما مر قبله متصلط على ضمير الإنسان في ابتلاه وغلبه ورزقه فصحت المقابلة أو يقدر المبتدأ أي ٢٩٠ وأما هو ٭( إذا ما ابتلاه فقدر ) ضيق أو أعطاه قدر الكفاية فيصبر أو ‏ (٦عليه رزقه فيقول ربي أهانني ) أذلني بالفقر فليس ذلك كقولكيجزع الفاسد إما زيد فقائم وأما اليوم فإنه قاعد قيل لم يقل فثهانه فقدر عليه رزقه كما قال فاكرمه ونعمه لأن البسط إكرام من الله لعبده بإنعامه متفضلا من غيرسابقة وآما التضييق فليس بإهانة له لأن الإخلال بالتنفضل لا يكون إهانة ولكن تركا للكرامة وقد يكون المولى المخلوق مكرما لعبده ومهينا وغير مكرم ولا مهين وإذا أهدى لك زيد هدية قلت أكرمني بالهدية ولا تقول أهانني ولا كرمني إذا لم يهد إليك والتضييق قد يؤدي إلى إكرامة الدارين والتوسيع قد يفضي إلى الإنهماك في حب الدنيا والمعاصي ولذلك ردعه عن قوله أكرمني وقوله أهانتني وذمه بقوله "( كلا) مع أن قوله أكرمني موافق لقول الله تعالى فاكرمه وذلك أن الله تبث له الإكرام وأراد به الإعطاء على غير استحقاق وذمه الله على قوله أكرمني لأنه أراد به إن ربي أكرمني لأني أهل ومستحق للإكرام فلا منافات بين قوله تعالى فأكرمه وذمه للإنسان على قوله ربي أكرمني وردعه عنه ويجوز أن يكون الذم والردع بقوله كلا راجعين الى قوله أهانني يعني أنه إذا لم يتفضل عليه سمى ترك التفضل إهانة مع أنه ليس بإهانة قيل ويقوي هذا ذكر الإكرام في قوله فأكرمه وشدد ابن عامر دال قدر وتثبيت ياء أكرمني وياء أهانني وصلا وأثبتها في الوصل والوقف البزي وحذفهما الكوفقيون وابن عامر قيل وأبو عمر وصلا ووقفا وقيل عن أبي عمر أنه خير في الإثبات والحذف وصلا ووقفا وقياس قوله في رؤوس الآي يوجب حذفها ووقفها والكسر بديل الياء وتكتبان هما وياء الوادي بالحمرة عندها ٢٩٢١ معشر المغاربة وفي بعض النسخ إسقاطها من أهانني والله قد يوسع على الكافر تقوية لعذابه ويضيق علي المؤمنين تقوية لتوابه وعن بعض أن المراد بالإنسان أمية ابن خلف الجمحي الكافر والمشهور أن المراد الجنس فإن المؤمن أيضا كثير ما توسوس نفسه بأن التضييق إهانة ولو اختص الخطاب بعده بالكفار وقيل المراد جنس الكفار "( بل لا تكرمون اليتيم ) لا تعطونه حقه من الميراث قال مقاتل كان قدامة بن مضعون في حجر امية بن خلف فدفعه عن حقه والصحيح أن المراد العموم أي لا يتصدقون على اليتيم ولا يؤدون الحق الواجب في أموالهم له مع أن الله كرمهم بكثرة المال(" .ولا تحضون ) لا تحثون أنفسكم ولا أهلكم ولا غيرهم "( على طعام المسكين ) أي ما ياكله المسكين أي لا تحضون على إعطائه الطعام أو هو اسم مصدر بمعنى للطعام وقرأ الكوفيون ولا تحاضون أي لايحض بعضكم بعضا "( وتاكلون التراث ) أي الميراث . "(أكلا لما ) شديدا أنصابكم وأنصاب غيركم كانوا في الجاهلية لايورثون النساء والصبيان ولا يورثون إلا من يقاتل ويحرز الغنيمة ومات عبد الرحمن أخو حسان بن ثابت وترك امرأة يقال لها ام كحة وخمس أخوات فأخذ الورثة ماله فشكت أم كحة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فنزل " يوصيكم الله في أولادكم " الآيات وكانوا يتوارثون بالإدعاء بداعي أن هذه اينة فتورٹثان بذلك ولو عرف ورتٹهم ثم نسخ وكانوا يتوارثون بالمخالفة دمي دمك وحربي حربك وسلمي سلمك وجعل لهذا في الإسلام السلامة ثم نسخت وبالهجرة فمن أسلم ولم يهاجر لم يرث أخاه ثم نسخ الهجرة وقيل الأكل أللم كل ما ٢٩٢ وجد حلالا أو حراما له أو لغيره وقيل المراد أنهم ياكلون ماأخذه الميت من الحرام وهم عائلون به أو ذلك ذم للوارث الذي ظفر بالمال سهلا من غير يعرق فيه جبينه فيسرف في إنفاقه ويأكله أكلا واسعا جامعا من ألوان المشتهيات كما يفعل الوارث البطال . وللم الجمع بمعنى اسم فاعل أو يقدر مضاف أو هو اسم فاعل حذف ألفه ويؤول اليه تفسيره بالشديد فإن الذي جمع فيه الحلال والحرام أكل شديد . "( وتحبون المال حبا جما ) كثير حتى لايؤدون حقوقه إذا اجتمع عنده وقرأ أبو عمرو قيل وسهل ويعقوب لا يكرمون ولا يحضون وياكلون ويحيون يالتحية "( كلا ) ردع عن فعلهم وهو أسوء من قولهم وأدل على تهالكهم بالمال كما ‏ (٦إذا دكتأشار اليه قبل وقيل لا يفعلون ما أمروا به من حق اليتيم وغيره الأرض ) دقت وكسرت وقيل سويت وقيل وزلزلت حتى ينهدم ما عليها . "( دكا دكا ) دقا بعد دق حتى تنخفض الجبال والتلال أو حتى تصير هباء منثورا ودكا .الأول مصدر وكذا الثاني وليس توكيدا للأول فإن الأول لا يفيد تكرير الدك ولذا قال من قال كلاهما مفعول مطلق واحد نظرا للمعنى ولإعراب كل منهما . "( وجاء ربك ) أي أمره فذلك مجاز بالحذف أو المعنى أنه ظهرت آيات قدرته وأثار قهره فذلك تمثيل بما يظهر عند مجيء السلطان من أثار الهيبة والسياسة ما لا يظهر بحضور عساكره ووزرائه وخواصه جميعا ولذلك لم يقل أمر ربك بل اقتصر على لفظ ريك وزعم بعضهم أن المراد ظهوره بلا مجيء حتى يرى تعالى عن ذلك0وزعم بعض أن مجيئه يجيب الإيمان به ‏__٢٩٣ وتركه على حاله بلا تكليف وهذا عمى بعد ظهور ضوئه . "( والملك صفا صفا ) حالان تفيدان التكرير على حد قولك الأول فالأول بالعطف وبابا بابا بلا عطف أوحال واحدة على ما بسطته في النحو وليس في ذلك توكيد ي تنزل ملائكة كل سماء صفا فالحال مقارنة أو تنزل فتصف فالحال مقدرة والصف دائر بصف الملائكة الآخرين من السماء الاخرى والإنس والجن في الوسط وليس في ذلك الجمع بين الحقيقة والمجاز فإن مجيء آيات ربنا لمجيء الملك حقيقة وإن فسر مجيئه بظهور آياته فكذا مجيء الملائكة ظهورهم و بالمجيء والإجتماع وأنما هو في مطلق الظهور والمراد بالملك الجنس وزعمت المشبهة أن مجيئه تعالى حقيقة وأنه يجيىء ويذهب كحلقة وأنه تحويه الأماكن وتخلوه الأماكن حاشاه عن ابن عباس عن عائشة رضي الله عنهم سمعت رسول الله صلى عليه وسلم يقول أشد الناس عذابا يوم القيامة قوما يضاهون الرب فقلت ياأبي وأمي كيف يضاهونه قال يشبهونه بخلقه كما قالت اليهود لعنهم الله أنه على صورة آدم . (وجيء يومئذ بجهنم) نائب الفاعل أو النائب الظرف والأرجح أن النائب بجهنم من جهة المعنى روي أنه لما نزل تغير وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم وعرف في وجهه حتى اشتد على أصحابه فأخبروا عليا فجاء فاحتضنه من خلفه وقبله في عاتقه ثم قال يا نبي الله بأبي أنت وأمي ما الذي حدث اليوم وما الذي غيرك ؟ فتلى عليه الآية فقال له علي كيف يجاء بها قال يجي عيها سبعون ألف ملك يقودونها بسبعين ألف زمام فتشرد شردة ولو تركت أحرقت أهل الجمع وقيل بسبعين ألف زمام يمسك كل زمام سبعون ٦٢٩٤ ألف ملك ولها تغيظ وزفير . "( يومئذ يتذكر الإنسان ) الكافرون والمنافقون يتعظون ويتوبون ويتلهفون عما فاتهم من العمل الصالح أو يتذكر معاصيه ويومئذ بدل من إذا وجواب إذا هو يتذكر فهو الناصب لإذا ويوم وناصب يوم محذوف أو التبعية . "( وأنى له الذكرى ) من أين له: التذكر الكامل وهو الذي ينفعه لأن تذكره وقت إذ لا ينفع فال للكمال أو للعهد الذي في أذهان الخلق من التذكر النافع بين إثباتأو يقدر مضاف أي منفعة الذكرى وعلى كل حال لا منافات الذكرى بقوله يتذكر ونفيها بقوله " أنى له الذكرى " . : "( يقول ) مع تذكره ٭( يا ليتني قدمت ) العمل الصالح في الدنيا (لحياتي ) في الآخرة الحياة الدائمة واللام للتعليل أو شبه التمليك أو اللام بالتوقيت فالمراد حياة الدنيا والجمهور على الأول كقولك كتبته لليلتين مضين من شعبان فهي كعند أو في والآية تبين دليل على أن أفعال العباد إختيارية متعلقة بقصدهم لا محجورون عن الطاعات ولا مجبرون على المعاصي ولكنها مخلوقة لله جارية بإرادته وليسوا مستقلين بها0ولعل من يزعم أنهم محجورون مجبرون يجيب قبحه الله بأن المحجور عن الشيء قد يتمنى إن كان ممكنا منه وهو بعيد كما بعدت هذا الإعتقال عن الصواب . " (فيومئذ لا يعذب عذابه أحد ولا يوثق وثاقه أحد) الهاءان لله عز وجل أى لا يتولى عذابه ووثاقه أحد فعذاب مفعول يعذب لا مفعول مطلق وإنما تعدى اليه لتضمنه معنى يتولى أو مفعول مطلق والمفعول محذوف أي لا يعذب تعذيبه أحد أي لا ينوب عنه أحد في تعذيب العاصي والأمر في ذلك اليوم ٢٩٥ كله لله وللإنسان أي لا يتولى تعذيب الإنسان أحد أؤ لا يعذبه ذلك التعذيب غير الله والمعذب الربانية بأمر الله وكذا الكلام في قوله " لا يوثق وثاقه أحد " وقرأ الكسائي ببناء يعذب ويوثق للمفعول فالهاءان للإنسان وهي قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم0وعن أبي عمرو أنه أعني أبا عمرو رجع اليها في آخر عم والمراد جنس الكافر أو أمية بن خلف لإنتباهه في كفره وعناده ونسبت هذه القراءة ليعقوب أيضا مع الكسائي ويجوز كون المعنى على الأولى لا يحمل عذابه أحد ببناء يجمل للمفعول مع التشديد . "( ياأيتها النفس المطمئنة ) الثابتة على الإيمان المصدقة بما قال الله الموقنة الراضية بقضاء الله وقيل الآمنة من عذاب الله وقيل المطمئنة بذكر الله ويذل على الثالث قول أبي بن كعب ياأيتها النفس الآمنة المطمئنة.وذلك صفة زائدة على الإيمان وفيل المجيبة إلى الله المترقبة إلى كرمه ورضاه في سلسلة الأسباب أو المرتقية إلى معرفته وأمره ولا تعرفه بكنه وتستغني به عن غيره والآية عامة0وقيل المراد حمزة حين استشهد بأحد وقيل في حبيب بن عدي الأنصاري ى وقيل في أبي بكر قال قوم قيل في عثمان حين اشترى بئر رومة وسبلها ويرده أن السورة مكية وكذا يرد على القول بأنها في حمزة رضي الله عنه وقيل نزلت في حبيب بن عدي الذي صلبه أهل مكة وجعلوا وجهه إلى المدينة فقال اللهم إن كان لي عندك خير فحول وجهي نحو قبلتك فحول وجهه نحوها ولم يستطع أحد أن يرده والجملة مقولة القول محذوف يخلقه الله في الهوى أو في جسم أو بواسطة الملك ويقال لها ذلك عند الموت أو عند البعث أعوند دخول الجنة . ٢٩٦ (" إرجعي إلى ربك ) إلى أمره وإرادته الموت ‏ ٠زعم بعض أن الآية تدل على خروج النفوس قبل الأرواح أو ثابت أو إلى جزائه و ثوابه وقيل إلى صاحبك إرجعي إلى جسدك وهذا عند البعث وهو قول عكرمة وعطاء والضحاك ورواية عن ابن عباس قال عبد الله بن عمر إذا مات المؤمن أرسل الله اليه ملكين وأرسل اليه بتحفة من الجنة فقال اخرجي أيتها النفس المطمئنة أخرجي إلى روح وريحان ورب راض غير غضبان فتخرج كأطيب مسك والملك على أرجاء السماء يقال جاء من الأرض روح طيبة فلا تمر بباب إلا فتح ولا بملك إلا صلى عليها فتسجد لله ثم يقال لمكائيل إذهب بهذه النفس فاحبسها مع أنفس المؤمنين ثم يوسع عليه قبره سبعون ذراعا عرضه وسبعون ذراعا طوله فإن كان معه شيء من القرآن كفاه نورا وإلا جعل له نور كالشمس وينام كالعروس لا يوقضها إلا أحب أهلها وإذا توفي الكافر أرسل إليه ملكان فيلفان روحه في قطعة خشنة سيئة فيقال أيتها النفس الخبيثة اخرجي الى جهنم وعذاب أليم ورب عليك غضبان وفي الآية مدح عظيم لنفس المؤمن لتواضعه وهي الروح لا الأمارة بالسوء وقيل إن ذلك النداء في الدنيا أي ارجعي إلى طريق الآخرة أي زيدي في الخير وقيل عندما ينطلق بأهل الجنة إلى الجنة وبأهل النار إلى النار "( راضية ) بالثواب وقيل راضية عند الله بأحكامه في الدنيا . "(مرضية ) رضي عنها ربها بعملها وجوده وإنعامه وهو اسم مفعول أصله مرضوية قلبت الواو ياء وأدغمت في الياء وقلبت الضمة كسرة وراضية ومرضية حالان . ٢٩٧ "(فادخلي في عبادي ) انتظمي في جملة عبادي الصالحين أو في زمرة المقربين فتستضيء بنورهم . "(وادخلي جنتي ) معهم وهذا في الآخرة وقيل ادخلي يا جملة الأرواح في أجساد عبادي ى ويؤيده قراءة أبي راضية مرضية ادخلي في عبادي إلا أن أريد بالعبد الجنس كما أريد بالنفس وضمائرها،وقراءة عبدي بن مسعود فادخلي في جسدي عبدي ى وقراءة ابن عباس فادخلي في عبدي وهمي كقراعءة أبي إلا أنه أثبت الفاء0وعن سعيد بن جبير مات ابن عباس بالطائف فشهدت جنازته فجاء طائرا لم ير على خلته فدخل نعشه ولم ير خارجا منه فلما ذفن تليت هذه الآية على شفير القبر لا يدرى من تلاها " ياأيتها النفس المطمئنة إرجعي إلى ربك راضية مرضية فادخلي في عبادي وادخلي جنتي ' اللهم ببركة نبيك محمد صلى الله عليه وسلم وبركة السورة أخز النصارى وأهنهم واكسر شوكتهم وغلب المسلمين والموحدين عليهم صلى الله على .و له وصحيه وسلمسدد نا محمد ٢٩٨ سورة البلد مكية عند الجمهور وقيل مدنية إلا أربع آيات من أولها وآيها عشرون وكلماتها إثنتان وثمانون وحروفها ثلاثمائة وثمانون8وعنه صلى الله عليه وسلم من قرا " لا أقسم بهذا البلد " أعطاه الله سبحانه وتعالى الأمان من غضبه يوم القيامة وذكروا أنه إذا علقت على الطفل عند ولادته أمن من جميع الهوان ومن المغص وإذا سقي ماعها أمن مما يؤله ونش نشوءا صالحا ومن أصابه كسر أو قك فليأخذ زيتا طيبا من زيت فلسطين قدر قسط ومن الزبيب الجبلي ربع قسط ومن العسل الآسي وحصى لبان ومن كل واحد نصف قسط ويقرأ على الجميع من أولها إلى قوله " وهديناه النجدين " ويعمل منه جبارا ويشد على الموضع فإنه ينجبر ويبرأ ومن لبس ثوبا قد كتب عليه سورة البلد إلى قوله " النجدين " هابه كل من رأه واحترمه وكانت له طلعت وقبول ومن دخل به على سلطان قربه واحترمه وأدناه وقضى حوائجه . بسم الله الرحمن الرحيم "( لا أقسم بهذا البلد ) تقدم الكلام عليه والبلد مكة في جميع أقوال المفسرين وكذا قيل وهو مشكل بالنظر إلى قول من قال أن السورة كلها .مدنه“ ٭( حل ) مقيم "( بهذا البلد ) مكة.ومن جعل"( وأنت ) يامحمد السورة مدنية فمعناه نازل بهذا البلد وكان هذا النزول يوم الفتح وبهذا زال الإشكال المذكور0وقال بعضهم نزلت السورة عام الفتح يوم الفتح أو نزلت ٢٩٩ الأربع الأوائل أيام إقامته بمكة عام الفتح . وعن ابن عباس والجماعة وأنت حلال بهذا البلد يحل لك فيه قتل من شئت . و عنه صلى الله عليه وسلم أحلت لي ساعة من نهار وذلك في يوم الفتح وقد أمر بقتل ابن خطل ولو وجد في أستار الكعبة وقيس بن صبابة وغيرهما وأحل دماء قوم وحرم دماء آخرين فقال بإشارة عنه العباس من دخل دار أبي سفيان فهو آمن ومن أغلق بابه فهو آمن ومن دخل المسجد فهو آمن وقال إن الله حرم مكة يوم خلق السموات والأرض ولم تحل بأحد قبلي ولا تحل لاحد بعدي وإنما أحلت لي ساعة من نهار فهي حرام يحرمه الله إلى يوم القيامة عظم الله قدر مكة ووعد نبيه القتال فيها والأسر وذلك قبل الهجرة والجزاء بعدها يوم الفتح قال فلا يعضد شجرها ولا يختلي خلاعها أي لا يقطع رطب حشيشها أو لا ينفر صيدها ولا تحل لقطتها إلا لمنشدها فقال العباس إلا لاذخر يارسول الله فإن لبيوتنا وقبورنا وكرر قوله فقال له لاذخر وهو حشيش طيب الرائحة0وقيل الآية من أولها آخرها مكية قبل الهجرة كما مر وإن قوله حل بمعنى ساكن مقيم أحولال لك فيها ما لا يحل لغيرك أي سيحل لك ومه إنك ميت أي ستموت ولا سيما أن الأحوال المستقبلية عند الله كالحاضرة قال جار الله وكفاك قليلا على الإستقبال أن السورة بالإتفاق مكية وإنها قبل الهجرة من وقت نزولها مما قال بالفتح انتهى . وأنت خبير بما في دعوى الإنفاق ووعده بذلك تسلية لرسوله صلى الله عليه وسلم واعترض بجملة " وأنت حل بهذا البلد " أو جاء به حالا إظهارا لمزيد فضله وإشعارا بأنه شرف المكان بشرف أهله وقيل أن قوله " وأنت حل بهذا ٢٣٠٠ البلد " معناه أنه يتعرضون لك فيه للقتل كما يتعرضون للصيد في غيرها أو المراد أنهم لا يتعرضون فيه للصيد ويتعرضون لك مع عظم حرمتك فهذا تعجب بحالهم . قال شرحبيل يحرمون أن يقتلوا بها صيدا ويعضدوا بها شجرا ويستعجلون إخراجك وقتلك قيل و في القسم ببلدة تسلية له . "( ووالد ) آدم عليه الصلاة والسلام "( وما ولد ) من الأنبياء والمؤمنين إلى يوم القيامة ولا حرمة لغيرهم حتى يقسم به0وقيل المراد العموم فإن في خلق كل أحد قدرة عظيمة ولله أن يقسم بما شاء وهو الحكيم العليم وقيل الوالد كل والد وما ولد وكل مولود وقيل الوالد ابراهيم وما ولد ذريته0وقيل الوالد آدم وابراهيم وما ولد سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وقيل الوالد أبوه صلى الله عليه وسلم وما ولد هو النبي صلى الله عليه وسلم أقسم الله ببلده الذي هو مسقط رأسه وحرم أبيه ابراهيم ومنشآأبيه اسماعيل وممن ولده وهو آدم أو ابراهيم أو نوح أو اسماعيل أو أبوه أو نزه ذلك عن أن يقسم به عما هو أقل من أن يقسم به عليه واقع ما على العاقل للتعميم والتعظيم ولو من حيث القدرة والتعجيل بعظم الشأن كذا تنكير والد . "( لقد خلقنا الإنسان )الجنس "(في كبد ) فيتعب من مصائب الدنيا وشدائد الآخرقوفي ذلك ثتبيت له صلى الله عليه وسلم على احتمال أذى أهل مكة وعن ابن عباس في خلقه وحمله وإرضاعه وفصاله ومعاشه وحياته وموته وأصل الكبد الشدة قيل لم يخلق الله تعالى خلقا بكيد ابن آدم ومع ذلك فهو أعنف الخلق . ٢٣٠١ وعن ابن عباس أيضا الكبد الإستواء والإستقامة لا معوجا ومنكبا وقيل منتصيا رأسه في بطن أمه وإذا رقدت رفع الملك رأسه ولولاه لغرق في الدم وإذا أراد الله خروجه انقلب رأسه إلى أسفل وقيل في كبد في قوة نزلت في أبى الأشد ابن كلدة ابن جمح وكان شديدا قويا يضع الأديم العكاضي تحت قدميه ويقول من أزاله من تحتي فله كذا وكذا فلا يطاق نزعه إلا قطعا ويبقى من ذلك الأديم بقدر موضع قدميه وربما جيده عشرة رجال فلا يزال كذلك . وعن بعض أن الكبد أصله من قولك كبد الرجل كبدا فهو أكبد إذا وجعته كبده وانتفخت فاتسعت فيه حتى استعمل في كل تعب ومشقة . "(أيحسب ) الإنسان المذكور على الخلف فيه والجمهور على أنه الجنس وعليه فأجاز بعضهم عوده لبعض الجنس وهو الذي يكابد منه أكثر أو الذي اغتر بقوته كأبي الأشد ى وقيل المراد بالإنسان الوليد بن المغيرة وقيل عمرو بن عبدود وقيل الذين يعلم الله أنهم لا يؤمنون وكبدهم مرض قلوبهم . "() أن لن يقدر عليه أحد ) فينتقم منه أو يبعثه بعد الموت والله قادر عليه يقول أهلكت ) أذهبت.‏ (٦مالا لبدا ) كثيرا.من تلبد الشيء إذا اجتمع والمراد ما أنفقه سمعة ومفاخرة وكان أهل الجاهلية يسمون النفقة في ذلك مكارم ويدعونها معالي ومفاخرا وما أنفقه في عداوة رسول الله صلى الله عليه وسلم.وقيل أهلكت مالا كثيرا فمن ذا يحاسبني8وقال مقاتل نزلت في الحارث بن عامر بن نوفل أذنب فاستفتى النبي صلى الله عليه وسلم فأمره بالكفارة فقال لقد أهلكت مالا في الكفارة والنفقات مذ تبعت محمدا ة والمفرد لبدة كغرفة ى وقرىء بكسر اللام جمع لبدة كسدرة.وقرىء ليد بضمتين ٢٣٠٢ جمع لبود كعمود وبتشديد الباء جمع لابد كراكع وركعة . ) أيحسب أن لم يره أحد ) حين كان ينفق أو بعد ذلك فيساله عنه والله يراه ويجازيه ويعلم كم أنفق وفيم أنفق وقيل كانوا ينفقون قليلا أو لاينفقون ويدعون أنهم أنفقوا كثيرا ولم يذروا أن الله عالم بالسر والجهر ،والإستفهامان توبيخ وإنكار للباطل . "( آلم نجعل ) إنكار للنفي أو تقرير بما عند المخاطب "(له عينين) يبصر ‏ (٦ولسانا ) يترح به عما في قلبه "( وشفتين ) يستر بهما فاهبهما ويستعين بهما على النطق والأكل والشرب وغيرهما كالنفخ فهذه نعم عظيمة توجب الشكر وتدل على قدرة موجدها على البعث.يقول الله عز وجل ياابن آدم إذا نازعك لسانك فيما حرمت عليك فقد أعنتك عليه بطبقيبن فاطبق وإن نازعك بصرك فيم حرمت عليك فقد أعنتك عليه يطبقتين فاطبق. "(وهديناه النجدين ) طريق الخير والشر وأصل النجد المكان المرتفع أي بنيناهما له قاله اين عباس وغيره عليه الأكثر وقال الضحاك النجدان ثديا الام ونسب لإبن عباس أيضا . ر )ها الله بعد وأصلها الطريق في سقبة "(إ فقلاتحم ) لا جاوز "(فالع الجبل واستعيرت لماا هو أمر شديد وهو عصيان النفس المانعة من الفك وما بعده والشيطان والهوى والمراد أنه لم يشكر تلك النعم باقتحام العقبة فإن الإنفاق فيها هو الوجه المرضي دون الإنفاق رياء وسمعة أو إضرارا للمسلمين وعن ابن عمر أن العقبة جبل في جهنم وقيل عقبة شديدة فيها فاقتحموها بالطاعة وجهاد النفس وقيل الصراط يضرب على متن جهنم كحد ٢٣ ٠٢٣ السيف مسيرته ثلاثة آلاف سنة صعودا وهبوطا وشدد بعض الصحاية . فقال إن من قال هذا كافر وهو باطل والحق جوازه فإنه لا مانع من كون الصراط ذلك الجسر كما يطلق على دين الله وفي جنب ذلك الصراط كلاليب وخطاطيف كأنها أشواك السعدان فناج مسلم وناج مخدوش ومكردس في النار منكوس فمنهم المار كالبرق والمار كالريح العاصف والمار كالفارس والمار ساعيا والمار ماشيا والزاحف والزال والمكردس والإقتحام المجاوزة والدخول بشدة وإنما دخلت لا على ماض غير دعاء لأنها مكررة في المعنى لان المعنى لا فك رقبة ولا أطعم مسكينا كما فسره عز وجل س وقال الزجاج حذفت لا أي فلا أقتحم العقبة ولا من يدل عليه ثم كان من الذين آمنوا لأن هذا العطف داخل في حيز النفي قال قال ابن هشام ولو صح لجاز لا أكل زيد وشرب وقال بعضهم لا دعائية دعا عليه أن لا يفعل خيرا وقال آخر تحضيض والاصل فالا ثم حذفت الهمزة وهو ضعيف انتهى . ووجه الضحف أن الحذف تصريف في الحرب ويجوز أن يقال دخلت بلا تكرار لأنه بمعنى المضارع الإستمراري أي فلا يقتحم العقبة . "(و ما أدراك ما العقبة ) تعظيم لها وقدر بعض بإقتحام العقبة "( فك ) أي هي فك "(رقبة ) من العبودية بأن يعتق مملوكه أو يعطى مكاتبا وما يؤديه أو فدي أسيرا من المشركين ى وقر ابن كثير وأبو عمر والكسائي فك رقبة أو أطعم بفتح الكاف والهمزة والميم ونصب الرقبة على ابدال فك من اقتحم وعليه فالجملة بينهما معترضة . "( أو إطعام في يوم ذي مسغبة ) المسغبة مصدر ميمي بمعنى السغب أي ٢٣٠٤ الجوع وكذا مقربة ومطربة مصدران ميميان وذي نعت ليوم ووصف اليوم بالجوع مجاز في الإسناد من إسناد ما للحال لمحله والمجرور هنا الزمان كقولهم أطعم نهارا زيد . "(يتيما ) مفعول لإطعام وقر الحسن ذا مسغبة بنصب ذي بإطعام فيتيما بدله أو بيانه إن أجيز في النكرات أو ذا حال من يتيما ويتيما مفعول طعام . "( ذا مقربة ) أي ذا قرب في النسب فأطعامه صدقة وصلة رحم . "( أومسكينا ذا متربة ) أي ذا تراب أي ذا لصوق بالتراب والمراد الفقر فإن الفقر لا يقه شيء من التراب وعن عطاء وسفيان المراد المطروح على ظهر الطريق قاعدا على التراب لا بيت له . وعن ابن عباس هو الذي يخرج من بيته ثم يقلب وجهه ألى بيته مستيقنا أنه ليس له فيه إلا التراب ‏ ٨وعنه صلى الله عليه وسلم الذي مواه المزابل وعنه من اعتق رقبة مسلمة كانت له فداء من النار عضو بعضو حتى الذكر بالذكر وفي رواية من رقبة مسلمة اتق الله لكل عضو منه عضوا من النارحتى فرجه بفرجه0وجاءه أعرابي وقال يا رسول الله علمني عملا يدخل الجنة فقال له لإن كنت أقصرت الخطبة لقد أعرضت المسالة اعتق النسمة وفك الرقبة قال أولياء واحدا قال لا عتق الرقبة أن تنفرد بعنقها وفك الرقبة أن تعين في ثمنها فإن لم تطق فاطعم الجائع واسق الظمأن وامر بالمعروف وانهى عن المنكر وإن لم تطق فكف لسانك إلا من خير والمكاتب عندنا ناحر ولو لم يؤد ومعنى فكه إزالة ذل الدين عنه فلا دليل في ذلك الحديث على عبوديته ى وإذا عممنا الآية فيه كما مر فالمراد أيضا إزالة الدل بإزالة الرق وبإزالة الأسر والدين . ٢٣٠٥ وفي رواية قال أعرابي يا رسول الله دلني على عمل يدخلني الجنة فقال تعتق النسمة وتفك الرقبة قال أوليس سواء قال لا اعتاقها أن تتفرد بعتقها وفكها أن تعين في تخليصها من قود أو عزم والعتق والصدقة من أفاضل الأعمال وعن أبي حنيفة العتق أفضل من الصدقة وعند صاحبيه الصدقة أفضل قيل والآية أدل على قول أبي حنيفةلتقديم العتق ولا يعترض بنحو تقديم النار على الجنة في سورة الحشر لوضوح أن الجنة هي الخير دون النار فلم يعتد بتقديم النار في اللبس لأنها لا لبس وعن الشعبي في رجل عنده فضل نفقة ايضعه في ذي قرابة أو يعتق رقبةالرقبة أفضل لقول النبي صلى اله عليه .وسلم من فك رقبةفك الله بكل عضو منها عضوا منه من النار . وعنه صلى الله عليه وسلم أن الله لم يحب عبدا كما أحب عبدا برد جوع عبد وعنه صلى الله عليه وسلم من أطعم مؤمنا على جوع أطعمه الله من ثمار الجنة ومن سقى مسلما على ظما سقاه الله من الرحيق المختوم ومن كسى مسلما على عراء كساه الله من خضر الجنة ى قال الحسن وقد علم الله أن أقواما يفعلون ذلك وليسوا بمؤمنين فاشترط فقال: "( ثم كان من الذين آمنوا ) عطف على اقتحم أو على فك أو أطعم على قراءة الفتح بثم التراخي الإيمان وتباعده في الرتبة والفضيلة عن العتق والصدقة لا في الوقت لأن الإيمان هو السابق المقدم على غيره ولا يثبت عمل صالح إلا به وإذا كان العطف على اقتحم فليس الإيمان داخل في اقتحام العقبة س وإذا كان على فك أو أطعم فداخل وقيل فك الرقية فك تفسك من النار بالثوبة من الذنوب وهي الحرية الكبرى وعن بعضهم عقبتان أحدهما الذنوب ٢٣٠٦ وهي بين يديه كالجبل يجاوزها بالفك والإطعام وثانيتهما المعرفة فإنه لا يقدر أحد عليها إلا بحول الله وقوته على عتق نفسه عن الهوى "أو إطعام في يوم ذي مسغبة يتيما ذا مقربة " العدل والإنصاف فاليتيم القلب طعامه الوفاء قريب عند الله والمسكين العارف الحزين ذا متربة عند الخلق أو ثم لمجرد ترتيب الذكرى بلا تراخ . "( وتواصوا ) أوصى بعضهم بعضا ٭( بالصبر ) على الطاعة وترك المعصية وعلى الإيمان والثبات عليه والمصائب " ( وتواصوا بالمرحمة ) مصدر ميمي أي بالرحمة أي بالتراحم فيما بينهم ورحمة عباد الله شفقة وتعظيم لأمر الله بها وفي التراحم قوام الناس ولو لم يتراحموا لهلكوا جميعا وعن ابن عباس كل ما يؤدي إلى رحمة الله فالمعنى وتواصوا بموجبات رحمة الله . ٭( أصحاب الميمنة ) اليمين أو"( أولئك ) الموصوفون بهذه الصفات اليمن أي البركة "( والذين كفروا بآياتنا) أي بالقرآن أو بكل ما نصبناه “(هم أصحاب المشئمة ) الشمال أو الشؤوم روي الميمنة عندليلا علينا يمين العرش موضع الجنة والمشئمة الجانب الأيسر موضع النار وقال في أصحاب الميمنة أولئك إشعارا بعلو شأنهم ودرجاتهم وفي أصحاب المشئمة هم تأكيدا لمشامتهم " (عليهم نار) عظيمة . "( مؤصدة ) مطبقة عليهم لا يدخلها روح ولا يخرج منها غم أعاذنا الله منها س من أوصد ة الباب إذا أغلقته وقرأ حفص وحمزة قيل وأبو عمرو مؤصدة بالهمزة بدلا من الواو من أصاد الباب أغلقه وحمزة يقرأ بالواو إذا ٢٣٠٧ وقف وعن أبي بكر بن عباس قر لنا إمام بالهمزة فاشتبهت أن أسد أذني . اللهم ببيركة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وبركة السورة أخز النصارى وأهنهم واكسر شوكتهم وغلب المسلمين والموحدين عليهم صلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليما . ٢٣٠٨ >_) لر_۔۔.۔ ,ََ[ سور5حا آيها خمس عشر وكلماتها أربع وخمسون وحروفها مائتان وسبعة وأربعون . وعنه صلى الله عليه وسلم من قرأ سورة الشمس فكأنما تصدق بكل شيء طلعت عليه الشمس والقمر قيل من كان قليل التوفيق فليذمن قراعتها ففيها زيادة حظوة وتوفيق وقبول لكل الناس ويشرب مائها فيسكن الرجفة ومن أراد خراب بيت العدو فليكتبها على شقفة طين نية من عمل رجل أعزب بقلم حديد ثم يكتب أيضا " فدمدم عليهم " الى آخر السورة سبع مرات ثم يدق الشقفة ويرش ذلك التراب في الموضع الذي يريد خرابه فإنه يكون ذلك . بسم الله الرحمن الرحيم "( والشمس وضحاها ) ضوبها إذا أشرقت وارتفعت قاله مجاهد.وقيل الضحى النهار كله لأن الضحى هو نور الشمس وهو حاصل في النهار كله 4وقال مقاتل الضحى حرها لأنه ونورها متلازمان إذا اشتد نورها قوى حرها وهو ضعيف ‘ وعن بعضهم الضحوة ارتفاع النهار والضحى فوق ذلك والضحاء في الفتح والمد إذا قرب أن ينتصف . "( والقمر إذا تلاها ) قابلها طالعا عند غروبها وتلا غروبها أخذا من نورها وذلك في النصف الأول من الشهر فهو يخالفها في النور وقيل إذا استدار مها في الضياء والنور وذلك في الليالي البيض م وقيل تبعها في الطلوع وذلك أول الشهر8وقيل القمر يتلو الشمس من أول الشهر إلى نصفه في الغروب تغرب هي ثم يغرب هو ويتلوها في النصف الأخير وهو أن تغرب هي ويطلع هو س وقال الحسن يتبعها في كل وقت لأنه يستضيء منها س وقال الزجاج يقاربها ضياء وتورا وليس في الكواكب مظه . ٢٣٠٩ (" والنهار إذا جلاها ) بارتفاعها أي أظهرها إظهارا تاما ولا إشكال فإن الوقت الذي فيه الشمس غير الشمس وقيل الضمير للظلمة بقرينة السياق أي أذهبها بشمسه ى وقيل للدنيا أو للأرض أي أو ضحها والسياق يدل أيضا على ذلك كما يقال أصبحت باردة يريدون الغداة وأرسلت يريدون السماء وضمير جلى النهار أو لله فيكون أقسم بالنهار في أكمل حالاته قيل ظاهر السورة والتي بعدها أن النهار من طلوع الشمس وأما اليوم قمن طلوع الفجر وقيل إنه واليوم سواء في طلوعها وقيل من طلوعه وآخرهما غروب الشمس وسقوطها وغيبتها . "( والليل إذا يغشاها) يغطي ضوبها ويزيله وقيل يغشى الأفاق أو الأرض ولو لم يجعلهما ذكرا بالعلم بهما.قيل إذا في الثلاتة ظرفية خارجة عن الصدر والشرط و العامل فيها فعل القسم بواسطة الواوات العاطفات النائبات عن الواو الأولى القسمية الجارة بنفسها النائبة منابة فعل القسم حتى لا يذكر معها الرابطات للمجرورات والظروف بالمجرور والظرف المقدمين ربط الواو لما بعدها في نحو ضرب زيد عمرا وبكر خالدا قيل والأقسام الأربعة ترجع الى الشمس في الحقيقة لأن النهار يكون بوجودها وبها يشتد الضحى ويوحد وبغرويها يكون الليل ويتبعه القمر أقسم بها تنبيها على الإعتبار بها المؤدي إلى معرفة الله أو التقدير ورب الشمس وكذا في مشه . "( والسماء وما بناها ) أي والذي بناها وهو الله أي أوجدها على صورتها .فما واقعة على العالم بقلة أو باعتبار إسمه العام أي والشيء الذي بناها ودل بنائه على قدرته الكاملة وعلى الأول أبو عبيدة والحسن ومجاهد أو هي ٢٣١ ٠ بمعنى الذي واقعه على المصدر أي والبناء الذي بناها إياه ‏ ٧وقال قتادة والمبرد والزجاج مصدرية أي ويناعها وعليهما فالفاعل ضمير عائد إلى الله ولو لم يجر له ذكر للعلم به وكذا الكلام في ما طحاها وما سواها وللدلالة على كمال القدرة أفرد ذكر يناء السماء . "( والأرض وما طحاها ) بسطها وأوسعها وسطحها على الماء "( ونفس ) نفس آدم عليه الصلاة والسلام أو كل نفس ونكر للتتعظيم والتخصيص من بين النفوس على الأول وللتكثير على الثاني "( وما سواها ) سوى أعضاعها وقيل أكمل عقلها0ويجوز أن يراد بالنفس المعنى القائم بالجسد فتسويتها اعطاعها القوة الكثيرة كالنطق والسمع والبصر والعلم والفهم كذا قيل وهذا صالح أيضا إن أريد الجسد . "( فالهمها فجورها وتقواها ) أفهمها إياهما وعرفها أن الفجور قبيح والتقوى حسنة ومكنه من اختيار ما شاء وعن ابن عباس بين لها الخير والشر وقيل يسر لها ما سبق لها في الأزل توفيقا وخذلانا ‏ ٧قال جابر ابن عبد الله جاء سراقة بن مالك بن جشعهم فقال يا رسول الله بين لنا ديننا فيم العمل بما جفت يه الأقلام وجرت به المقادير أو بشيء لم تجر به فقال بما جفت به الأقلام وجرت به المقادير قال ففيم العمل إذا قال اعملوا فكل ميسر لما خلق له وجاءه رجلان من مزينة فقالا ذلك فقال شيء قضى عليهم وتصديق ذلك في كتاب الله " ونفس وما سواها فلهمها فجورها وتقواها" وقال ذلك عمران بن الحصين لأبى الأسود فقال أبو الأسود شيء قضى عليهم فقال عمران أفلا يكون ظلما قال أبو الأسود ففزعت فزعا شديدا فقلت ٢٣١ ١ كل شيء ملك له وخلق لا يسئل عما يفعل وهم يسئلون فقال عمران رحمك الله إنما قلت ذلك اختبارا لعقلك فذكر له عمران حديث المزنيين وإن قلت إذا جعلنا ما اسما لله لازم تكرير القسم به تعالى قلت لا ضير فإن ذلك تاكيد ولا سيما أن التكرير لإختلاف الصفات تنبيها بها وهي البناء والطحو والتسوية ماعلإلهام ويزيد التكرير أيضا إذا قدرنا ورب السماء ورب الأرض ورب نفس ولا ضير في قولك ورب السماء والذي بناها وهو الله فإن قولك ورب السماء قسم بالله من حيث أنها ملكه وقولك والذي بناها قسم به من حيث أنه خلقها ومن لم يفهم توهم منع ذلك وأخر التقوى للفاصلة . "( قد أفلح من زكاها ) طهرها بالعلم والعمل وأنماها وفاعل زكى عائد إلى من والمفعول عائد الى النفس أي أفلح من زكى نفسه وذلك تفسير الحسن . وقال ابن عباس فيما ذكره الثعالبي فاعل زكى الله ‏ ٧وقال جار الله الضمير لمن وأما قول من قال الضمير في زكى ودسى لله تعالى وأن التأنيث راجع إلى من لانه في معنى النفس فمن تمكيس القدرية الذين يوزعون على الله أقدارا هو منه بريء ومتعال عنه فيما زعموا وهو تقديره المعصية انتهى ملخصا . والظاهر أن هذا الإعراب جائز لا يلزم منه ما زعمت القدرية والجملة جواب القسم وحذفت اللام للطول أي لقد أفلح س وقال جار الله إنها وما بعدها كلام تابع لقوله " فألهمها فجورها وتقواها " على سبيل الإستطراد وليس من جواب القسم في شيء وإن الجواب محذوف تقديره ليدمدم الله عليهم أي على أهل مكة لتكذيبهم رسوله صلى الله عليه وسلم كما دمدم على ثمود .في ٢٣١ ٢ تكذيبهم صالحا وقيل الجواب كذبت ثمود والصحيح الأول وعليه اين هشام وكأنه لما أراد بقوله " قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها " الحث على تكميل النقوس والمبالغة في الحث أقسم عليه بما يدلهم على العام بوجود الصانع ووجوب ذاته وكمال صفاته الذي هو أقصى درجات القوة النظرية ويذكرهم عظيم آلائه ليحملهم على الإستغراق في شكر نعمائه الذي هو منتهى كمالات القوة العملية قاله القاضي . "( وقد خاب ) خسر "( من دساها ) أخفاها ونقصها بالجهالة والفسق وأخملها بذلك والأصل دسسها أبدلت السين الثانية ألفا كما يقال في تقضض تقضي وذلك مبالغة والأصل دس \ وسئل ابن عباس عن قوله " قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها " فقال أتقراً قد أفلح من تزكى وقد خاب من حمل ظلما قال بعض ومن عيوب النفس الشفقة عليها والقيام بتعهدها وتحصيل ماأرابها ومداوالتها الإعراض عنها وقلة الإشتغال بها ‏ ٨وعن بعض من كرمت عليه نفسه هان عليه دينه ‏ ٨وعن بعض أن النفس الزكية زينتها نزاهتها وعاقبتها وعفتها وطهارتها ورعاها وغناها ثقتها بمولاها وعلمها بأنه لا ينساها وكان صلى الله عليه وسلم إذا قرأها قال اللهم آت نفسي تقواها وزكها أنت خير من زكاها أنت وليها ومولاها وعن زيد ابن أرقم كان صلى الله عليه وسلم يقول اللهم إني أعوذ يك من العجز والكسل والبخل والهرم وعذاب القبر اللهم آت نفسي تقواها وزكها أنت خير من زكاها أنت وليها ومولاها اللهم إني أعوذ بك من علم لا ينفع ومن قلب لا يخشع ومن دعاء لا يسمع . ٢٣١٣ (" كذبت ثمود بطغواها) بسبب طغواها ومفعول كذبت محنوف أي كذبت صالحا وهو نبيهم وقيل الباء مثل الباء في كتبت بالقلم والجمهور على الأول وقيل للتعدية والمراد كذبت بما وعدت به من عذابهاذي الطغوى أي المجاوز الحد في الشدة قال ابن عباس الطغوى هنا العذاب والأصل طغياها قلبت الياء واوا فرقا بين المصدر والصفة وقرأ بضم الطاء كالرجع وهي قراءة الحسن . "( إذ انبعث ) طاوع من بعثه أو أسرع وإذ متعلق بكذبت أو بطغواها "( أشقاها ) أشقى ثمود أي أشدهم شكوة وهو قذار ابن سالف رجل أشقر أزرق العينين قصير القامة انبعث إلى عقر الناقة خطب النبي صلى الله عليه وسلم وذكر الناقة وعقرها وقال انبعث لها رجل عزيز عارم منيع في أهله أي شديد ممتنع قال مثل أبي زمعة والعارم الشري الخبيث وقد مر الكلام على ذلك ويجوز أن يراد بأشقاها الجماعة المجتمعين على العقر فإن اسم التفضيل يجوز إفراده إذا أضيف إلى المعرفة كما بسطناه في النحو وثمود شقاة وأشدهم شقاوة هذه الجماعة وأشدها شقاوة قدار المباشر للعقر . "(فقال لهم ) لثمود قيل أو للأشقيين المعبر عنهم باشقى "( رسول الله ) صالح صلى الله عليه وسلم ‏ (٦ناقة الله ) منصوب على التحذير بمحنوف وجوبا أي احفظوا ناقة الله أو احذروها أو ذروها على أنه لا يجب تقدير مادة الحذر في التحذير بل يجوز غيرها وإنما وجب الحذف هنا للعطف كما قال ابن هشام وغيره وأضافها الله تشريفا لها قيل قال لهم ذلك لما عرف أنهم ٢٣١٤ مهتمون أو عازمون على عقرها "( وسقياها ) ذروها وشربها في يومها ولكم يومكم ولا تتعرضوا لها في يومها بالدفع عن الماء "( فكذبوه فعقروها) قتلوها ليسلم لها ما تشرب بسبب تكذيبهم صالحا في نزول العذاب إن تولوا بعد هذه العلامة . "(قدمدم ) أطبق ٭( عليهم ربهم ) العذاب وقيل أنزل عليهم العذاب مقلقلا لهم مكررا وناقة مدمدمة مليسة شحما وقيل استأصلهم بالهلاك "(بذنبهم) بسبب ذنبهم الذي وهو التكذيب والعقر وغيرهما "( فسواها ) سوى الدمدمة عليهم أو بينهم فعمت والكبير والصغير والغني والفقير أو سوى ثمود بالهلاك . "( فلا) هذه قراءة نافع وابن عامر وأهل المدينة والشام عطفا وقرأ الباقون بالعاطفة أؤ الحالية وقال ابن هشام المضارع الواقع مع مرفوعه حالا لا يقرن بالواو إذا كان منفيا بلا س وقال ابن مالك الأكثر عدم قرنه بالواو وعلى المنع فيجوز تقدير الميتد . "( يخاف عقباها ) ضمير يخاف الله وضمير عقباها المدمدمة المفهومة أو لثمود والمضارع للحال أي لا يخاف عاقبة الدمدمة أو عاقبة إهلاك ثمود كما يخاف كل معاقب من الملوك فيبقى بعض الإبقاء قاله ابن عباس والحسن وقال الزجاج والضحاك والسدي ضمير يخاف للمنبعث الأاشقى العاقر وقيل لصالح عليه الصلاة والسلام أي لا يخاف عقباها لأنه قد أنذرهم وفي ذلك إنذارا عظيم بعاقبة الذنب فعلى كل مذنب أن يعتبر وقرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يخف وأمال حمزة والكسائي أواخر آي السورة كلها إلا تلاها ٢٣١٥ وضحاها فحمزة أخلص فتحهما وقرأ أبو عمرو جميعها بين بين وأخلص الباقون الفتحة . اللهم بيركة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وبركة السورة اخز النصارى واهنهم واكسر شوكتهم وغلب المسلمين والموحدين عليهم صلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم .سيدنا ٢٣١٦١ سورة الليل مكية عند الجمهور وعن السيوطي إلا أولها وقيل مدنية وآيها إحدى وعشرون وكلماتها إحدى وسبعون وحروفها ثلاثمائة وعشرة وعنه صلى الله عليه وسلم من قر سورة الليل أعطاه الليل حتى يرضى وعافاه من العسر ويسر له اليسر ي وقالوا من قرأها في الليل خمس عشرة مرة لم ير في منامه ما يكره ونام آمنا وتقرأ في أذن المصروع المغشي عليه وتنفع لمن به الحمى الملازمة يشرب ماعها فإنها تزول بإذن الله . بسم الله الرحمن الرحيم "(والليل إذا يغشى) غطى كل شيء ‏ ٠حذف المفعول للتعميم والفاصلة وأقسم الله به لأن فيه آية عظيمة تسكن فيه الدواب على التحرك وتأوي إلى مأواها فظلمته جامعة للأبدان كما تجمع بصر الأبصار فتستريح وقيل تقدير المفعول يغشى الشمس وقيل النهار أي أذهب ضوء الشمس أو أذهب الضوء الموجود في النهار . "( والنهار إذا تجلى ) تكشف وظهر بطلوع الشمس فإن النهار هو نفس ذلك الزمان لا الشمس ولا طلوعها أقسم به لأنه منتشر الخلق في طلب الرزق وغيره وإذا مظها في السورة قبلها قال ابن هشام ومما خرجت فيه إذا عن الشرط ما وقعت فيه بعد القسم نحو " والليل إذا يغشى والنجم إذا هوى " إذ لو كانت شرطية لكان ما قبلها جوابا أي في المعنى دليل الجواب كما في قولك آتيك إذا أتيتني فيكون التقدير إذا يغشى الليل وإذا هوى النجم ٢٣١٧ أقسمت وهذا ممتنع لوجهين أحدهما أن القسم الإنشائي لا يقبل التعليق لأن الإنشاء إيقاع والمعلق يحتمل الوقوع وعدمه فاما إن جاعني فوالله لاكرمنه فالجواب في المعنى الفعل الإكرام لأنه المسبب عن الشرط وإنما دخل القسم بينهما لمجرد التوكيد ولا يمكن إدعاء مثل ذلك هنا لأن جواب والليل ثابت دائما وجواب والنجم ماض مستمر الإنتفاء فلا يمكن تسببهما عن أمر مستقبل وهو فعل الشرط والثاني أن الجواب خبري قلا يدل عليه الإنشاء لتباين حقيقتهما انتهى . "( وما) وهي مثل التي في قوله عز قائلا " وما سواها " "( خلق الذكر والانثى ) من ماء واحد من كل حيوان يتوالد والظاهر أن الخنثي للشكل ذكر أو أنثى عند الله خفي علينا أمره ثم رأيته منصوصا عليه ومن حذف لا يكلم ذكرا ولا أنثى حنث بتكليمه وقال الحسن المراد آدم وحواء لأنه أبدع آدم من طين وخلق منه حواء بلا أم ‏ ٨وقر ابن مسعود والذي خلق الذكر والأنثى وجر الكسائي في رواية عنه الذكر إبدالا مما وقرأ صلى الله عليه وسلم والذكر الانثى عطفا على الليل والنهار . "( لشتى )مختلفات بعضها في رضى الله وهولكم ع سمعيكام ) "(أإن عمل السعيد وبعضها في سخطه وهو عمل الشقي كما فصله بعد وعنه صلى الله عليه وسلم كلكم يغدو فبائع نفسه فيعتقها أمووبقها أي مهلكها جمع شتيت كمريض ومرضى وإنما أخبر به عن السعي لأن السعي مصدر واقع على كثير والألف للثأنيت وقيل هو مفرد بمعنى مختلف والجملة جواب القسم . ٢٣١٨ (" فأما من أعطى ) الفقير حق الله "( والتقى ) الله وقيل من أعطى الطاعة واتقى المعصية " (ورصدق بالحسنى ) بالجنة أو بملة الإسلام أو بالخصلة التي هي الإيمان أو الكلمة الحسنى وهي ما دلت على حق ككلمة التوحيد ومادل على ثواب . "(فسنيسره ) نهيئه "( لليسرى) أي للخصلى التي تؤدي إلى يسر وراحة كدخول الجنة وهي الأعمال الصالحات يوفقه الله ويسهل له أعمال الخير من يسر الفرس إذا هيأه للركوب بالسرج واللجام وقيل اليسرى الجنة . ) وأما من بخل ) بما أمر به وقيل المراد المال فقط بدليل " وما يغتي عنه ماله " "( واستغنى) بالدنيا عن الآخرة كأنه مستفن عن ثواب الله وقيل "( وكذب بالحسنى فسنيسره للعسرى ) الخصلة التيالمراد المال فقط تؤدي للعسر والشدة كدخول النار وهي الأعمال الفاسدات بخذلان الله له وجعله ضيق الصدر في الخير . وقيل العسرى النار وفي الآيتين طباق يسمى المقابلة وهو أن يؤتى بمعنيين متوافقين أو أكثر ثم بما يقابل ذلك على الترتيب0واشترط السكاكي أن يشترط في المقابلات بكسر الباء ضد ما شرط في المتوافقات كالآيتين وإلا لم يسم بالمقابلة قابل أعطى بنحل واتقى بإستغنى وصدق بكذب واليسرى بالعسرى ولما جعل التيسير مشتركا بين الأربعة الأولى في الآية جعل ضده مشتركا بين الأربعة الأخيرة فيها وهو التيسير بقيد كونه للعسرى فإن تيسير بالعسرى تعسير وإن قلت أين التقابل بين اتقى واستغنى قلت موجود لكن بين اتقى ومسبب استغنى ولازمه وهو عدم الإتقاء فإن عدمه مسبب عن ٢٣١٩ الإستغناء ولازم له والإستغناء سبب وملزوم له مثل ما مر في قوله جل وعلا " أشداء على الكفار رحماء بينهم " . والشقوة والسعدة أزليتان والعمل واجب مع ذلك وعن علي كنا في بقيع الفردق وفي رواية ببقيع الغردق وهو مقبرة المدينة في جنازة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقعد وقعدنا فنكس رسول الله صلى الله عليه وسلم رأسه وجعل ينكث في الأرض أي يوثر ثم قال ما منكم من أحد ولا من نفس منفوسة إلا وقد كتب مكانها في الجنة أو النار وكتبت سعيدة أو شقية فقال رجل يارسول الله أفلا نتكل على كتابنا هذا وندع العمل قمن كان من أهل السعادة فيصير اليها ومن كان من أهل الشقاوة فيصير إليها فقال أما أهل السعادة فييسرون لعمل أهل السعادة وأما أهل الشقاوة وتلا هذه الآية " فأما من أعطى " إلي آخرها . وفي رواية مسلم أفلا نتكل على كتابنا وندع العمل قال اعملوا فكل ميسر لما خلق له وروي يصير في الموضعين من جواب النبي صلى الله عليه وسلم وروى هو والبخاري كنا في جنازة في بقيع الغردق فاتنا رسبول الله صلى الله عليه وسلم فقعد وقعدنا حوله ومعه محضرة فنكس وجعل ينكث بمحضرته ثم قال ما منكم من أحد إلا وقد كتب مقعده من النار ومقعده من الجنة والمحضرة بكسر الميم ما يمسك باليد كالسوت والعصا . وروي أن الرجلين من مزينة لما قالا ففيم العمل إذن يا رسول الله فقال اعملوا فكل ميسر بعمله الذي خلق له قالا فالآن نجد ونعمل ث وروي أن الاولى نزلت في أبي بكر والأخرى في أبي سفيان بن حرب وروي أن أبا بكر __٢٣٢. رضي الله عنه اشترى بلالا من أمية بن خلف ببردة وعشرة أواق فاعتقه فنزل " والليل إذا يغشى " الخ في أبي بكر وفي أمية وقيل كان لرجل من الأنصار نخلة وفروعها في داررجل فقير ذي عيال فكان صاحب النخلة إذا صعد نخلته ليأخذ منها التمر فربما سقطت التمرة فيأخذها صبيان ذلك الفقير فينزل الرجل من نخلته ويأخذ التمرة من أيديهم وإن وجدها في في أحدهم أدخل أصبعه فأخرجها فشكى الفقير إلى النبي صلى الله عليه وسلم فلقى الرجل فقال أتعطيني نخلتك التي فرعها في دار فلان ولك نخلة في الجنة فقال الرجل إن لي نخلة وما فيه أعجب إلي منها وذهب وسمع بذلك بوالد حداج وهو مسلم من الأنصار فقال لصاحب النخلة بعها لي في حائطي الذي في موضع كذا يعني جنانا فيه أربعون نخلة فقال هي لك فأتى بوالد حداج إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال اشتريتها مني بنخلة في الجنة فقال نعم فقال هي لك فدعا النبي صلى الله عليه وسلم ذلك الفقير فقال خذها لك ولعيالك فنزلت الآية . وهذا القول ضعيف لأن السورة مكية والقضية بالمدينة وأجيب بأن السورة عند .صاحب ذلك اقول مدنية أو مكية ظهر حكمها بالمدينة ورجحوا أنها نزلت ية لما يأتي بعده .مكر أي ب و أب في )لنهه اي ع فوهامية انكارية معمول ليفني "(ميغنتأ "و(ما )اناسفية الذي بخل به ٭( إذا تردى ) مات قال مجاهد وقال قتادة تردى في جهنم أي وقع فيها وقيل تردى في قبره قال الشاعر: وحنوطرداعان تلوى فيهمانصيبك مما تجمع الدهر كله ٢٣٢١ قال جندب بن عبد الله لا فقر بعد الجنة ولا غنى بعد النار لايفك أسيرها ولا يستغني فقيرها ووزن تردى تفعل بفتح التاء والفاء والعين المشددة . "( إن علينا للهدى ) أي تبيين الهدى ليتبع والضلالة لتجتنب وقيل إرشاد أوليائي إلى طاعتي "( وإن لنا للآخرة والأولى ) أي الدنيا ففغن طلبهما من غيرنا فقد أخطا الطريق ونعطي منهما ما نشاء لمن نشاء أو نعطي ثواب الإهتداء للمهتدين ولا يضرنا ترككم للإهتداء . "( فأنذرتكم نارا تلظى ) تتوقد وهو مضارع أصله تتلظى حذفت إحدى التائين ولو كان ماضيا لقال تلظت إذ لا يقال في السعة الشمس طلع ذكره "( إلاابن هشام وقرأ ابن الزبير بالتائين " ( لا يصلاها ) لا يدخلها الشقى الذي كذب ) بالنبي وما جاء به . "( وتولى ) عن الإيمان والطاعة والحصر إضافي منظور فيه إلى المسلم أي إنما يصلاها المشرك دون المسلم فلا يقال إن الآية تفيد أن المنافق لا يدخلها أو الحصر مبالغة في جزاء من هو أشد شقوة ومن هو أشد تقى حتى كأن النار لم تخلق إلا له أو المراد نار مخصوصة يدخلها الأشقى ويتجنبها الأتقى وأما التقي فيتجنبها هي وغيرها والشقي يتجنبها ويدخل غيرها والقرينة على ذلك من خارج أو المراد بالاشقى والأتقى الشقي والتقي والمخالفون ويقولون الحصر منظور فيه للخلود أي لا يلازم صليها إلا الذي هو أشقى من غيره وهو المشرك وأما العاصي فيصلاها ويلزمها بل يخرج والأتقى وهو متقي الشرك والعصيان لا يصلاها أصلا. "(وسيجنبها ) يجعل عنها بجانب أي يبعد عنها "( الأتقى ) وقيل الأشقى ٢٣٢٢ أبو جهل أو أمية بن خلف والأتقى أبو بكر رضي الله عنه "( الذي يؤتى ) الفقير "( ماله ) أيوعطيه لغيره صرفا له في مصارف الخير كلها . "( يتزكى ) أي يطلب أن يكون عند الله زاكيا أي طاهرا ولا رياء ولا سمعة أو يطلب من نفسه إخراج الزكاة ووزنه يتفعل من الزكاة والجملة حال من ضمير يؤتى أو بدل من يؤتى بدل شيء من شيء إن أريد بالتزكي إيتاء المال وإن أريد به مطلق التطهر من الدنس فبدل اشتمال0وعن ابن عباس أن بلالا رضي الله عنهم لما أسلم ذهب إلى الأصنام فسلخ عليها وكان عبدا لعبد الله بن جذعان فشكى المشركون إليه فوهبهم لهم ومائة من الإبل ينحرونها لاصنامهم فأخذوه وعذبوه في الرمضاء وجعلوا السلاسل في عنقه تجره صبيانهم وهو يقول أحد أحد ثم أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أبى بكر أن بلالا يعذب في الله بعد أن مر عليه في تلك الحال وقال له ينجيك أحد أحد فحمل أبو بكر رجلا من ذهب فابتاعه به فقال المشركون ما فعل أبوبكر ذلك إلا لنعمة كانت لبلال عليه فأنزل الله تكذيبا لهم "و(مالأحد عنده من نعمة تجزى ) يكافيه عليها . "( إلا ابتغاء وجه ربه الأعلى) اسثتناء منقطع فالنصب واجب ولو تقدم النفي أي لكن ابتغى ثواب ربه العلي الشأن الذي يعطي الجزيل في القليل ويجوز أن يكون الإستثناء متصلا مفرغا فيكون ابتغاء مفعولا لأجله متعلقا بيؤتى علي معنى لا يؤتى ماله إلا ابتغاء وجه ربه الأعلى . وقر يحيى بن وثاب بالرفع علي الإبدال من محل نعمة على لغة تميم ى وقال سعيد بن المسيب أن أمية بن خلف قال لأبي بكر في بلال حين قال له أتبيعه ٢٣٢ ٣ نعم أبيعه بقسطاس أبي بكر وهو مشرك صاحب عشرة ألاف دينار وغلمان وجوار ومواش حمله أبو بكر علي الإسلام على أن يكون ماله فأبى فأبغظه فابتاعه أمية ببلال فاغتنمه وقال المشركون ما فعل ذلك أبو بكر إلا ليد كانت لبلال عنده فأنزل الله " وما لأحد عنده من نعمة تجزى أي إلا ابتغاء وجه ربه الأعلى.ولسوف يرضى أي سوف يظهر له في الآخرة ما يسره من الثواب في الجنة وقيل أن الآيات نزلن في أبي بكر حين أعتق جماعة يؤديهم المشركون على الإسلام قيل أعتق ست رقاب سابعهم بلال مع صبية له قبل المجرة وبلال هذا أبوه رابح وأمه حمامة عبد برجل من رجل من بني جمح مختلف فيه وقيل أمية وقيل جذعان وقيل غير ذلك س قيل كان أمية يخرجه إذا حميت الشمس فيطرحه على ظهره ببطحاء مكة فتوضع الصخرة العظيمة على صدره ويقول لاتزال هكذا حتى تموت أو تكفر بمحمد ويقول وهو في ذلك أحد أحد ومر به أبو بكر وهو في ذلك وكانت داره في بني جميح فيقال لامية ألا تتقي الله في هذا المسكين قال أنت أفسدته فأنقذه مما ترى فقال أبو بكر أو تفعل عندي غلام أشد وأجلد منه وأقوى وهو على دينكم أعطيكه قال قد فعلت فأعطاه أبو بكر غلامه وأخذ بلالا فاعتقه ومن هم هؤلاء الذين أعتقهم عامر بن فهيرة شهد بدرا وأحدا وقتل يوم بئر معونة شهيدا وأم عمير وزهرة وأصيب بصرها حين أعتقها أبو بكر فقالت قريش ما أذهب بصرها إلا للات والعزى فقالت كذبوا وبيت الله ما تضر اللات والعزى وما تنفعان فرد الله بصرها والنهدية وابنتها وكانتا لإمرأة من بني عبد الدار وكانت المرأة بعثتهما تحطبان لهما وهي تقول والله لأعتقهما أبدا فقال أبو بكر كلا يا أم ٢٣٢٤ فلانة فقالت كلا أنت أفسدتهما فاعتقهما قال في كم قالت بكذا أو كذا قال قد أخذتهما وهما حرتان ى وجارية مر بها تعذب فابتاعها وأعتقها قال عمار في أبي بكر ويسمى عتقا ويلال وأصحابه: ` عتيقا وأخزى فاكها وأبى جهلجزى الله خيرا عن بلال وصحبه قل عء نو للمر ار ا ولم يحذر ما يحذعشية قاما في بلال بسوءة شهدت بان الله ربي على مهليتوحيده رب الأنام وقوله لأشرك بالرحمن من خيفة القتلفإن تقتلوني تقتلوني ولم أكن وموسى وعيسى نجني ثم لا تملفيارب ابراهيم والعبد يونسا على غير حق كان منه ولاعدللمن ظل يهوى الغي من آل غالب قيل كان أبو بكر رضي الله عنه يبتاع ويعتق فقال له أبواه أي بني لو كنت تبتاع من يمنع ظهرك فقال منع ظهري أريد فنزل " وسيجنبها " الخ . وأمال حمزة والكسائي أواخر آي سورتي الليل والضحى إلا موضعا واحدا فاتني الإطلاع عليه فإن حمزة أخلص فتحه وأمال أبو عمرو اليسرى والعسرى وما سواهما بين بين0وقرأ ورش الجميع بين بين وأخلص الباقون فتح الجميع . اللهم يارب ببركة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وبركة السورة اخز النصارى وأهنهم واكسر شوكتهم وغلب المسلمين والموحدين عليهم صلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم كثيرا . ٢٣٢٥ مكيةالضحىسورة آيها إحدى عشرة وكلماتها أربعون وحروفها مائة وإثنان وسبعون وعنه صلى الله عليه وسلم من قرأ سورة الضحى جعله الله فيمن يرضى بمحمد أن يشفع له وكتب الله له عشرة حسنات بعدد كل يتيم وسائل قالوا إذا قرأت على اسم الغائب رجع إلى منزله سالما في أسرع وقت وإذا قرأت على شيء قد نسي صاحبه موضعه عرف موضعه ومن ضاع له ضائع وقر سبع مرات ثم يقول يا جامع العجائب ويا راد كل غائب يا جامع الشتات يا من مقاليد الأمور بيده اجمع علي ضالتي أو ضائعي لا جامع لنا إلا أنت جمعه الله به . وروى قومنا أنه لما نزلت السورة كبر صلى الله عليه وسلم فسن التكبير في آخرها وروى الأمر به خاتمتها وخاتمة كل سورة بعدها وهو الله أكبر ولا إله إلا الله والله أكبر وأهل مكة يفعلون ذلك ى وإنما كبر صلى الله عليه وسلم فرحا بنزول الوحي بعد انقطاعه ى سألت اليهود رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الروح وذي القرنين وأصحاب الكهف فقال سأخبركم غذا بولم يقل إن شاء الله فاحجتبس عنه الوحي أربعين يوما وقال ابن عباس خمسة عشرة يوما وقيل إثني عشر فقال المشركون ودعه ربه وقلاه فأنزل الله عز وجل . بسم الله الرحمن الرحيم "( والضحى ) آلخ هذا قول الأكثرين وعن جندب بن سفيان اشتكى رسول الله صلى اللة عليه وسلم فلم يقم بليلتين أثولاثا فجاعت امرأة وهي أم جميل ۔٢٣٢٦ ١٧ ‎ امرأة أبي لهب فقالت يامحمد إني لأرجوأن يكون شيطانك قد تركك فنزلت . وعن جندب أيضا كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غار فدميت أصبعه فقال صلى الله عليه وسلم هل أنت إلا أصبع دميت وفي سبيل الله ما لقيت فأبطىء عنه جبريل فقال المشركون إن محمدا ودعه ربه وقلاه فنزلت . وما موصول مبتدأ وفي سبيل الله خبر وما استفهامية وقال زيد بن أسلم إن جروا دخل بيته ومات تحت سريره فاحتبس الوحي عنه وهو لا يدري بالجرو ولا جاءه جبريل عاتبه ما أبطأك عني فقال أنا لا أدخل بيتا فيه كلب أو صورة وروي أنه قال يا جبريل ماأبطأك عني ما جئت حتى اشتقت اليك فقال جبريل إني كنت أشد اليك شوقا ولكني عبد مأمور ونزل " وما تنزل إلا بأمر ربك " والضحى وقت ارتفاع الشمس وخصصه لأن النهار يقوى فيه ولأن موسى كلم ربه فيه وألقى السحرة سجدا وقيل الضوء وقيل أول ساعة من طلوع الشمس وقال قتادة النهار بدليل مقابلة البيات به في غير هذه السورة " إن يأتهم بسنا ضحى " ومقابلته بالليل في قوله: "( والليل إذا سجى ) غطى كل شيء بظلامه وقيل سكن ظلامه وقيل من قولهم ليلة ساجية ساكنة الريح أو قيل سكن الخلق فيه والأصوات وأسند السكون إليه إسنادا مجازيا وسجى البحر سكنت أمواجه وقدم الضحى على الليل باعتبار الشرف وقدم الليل في السورة قبل هذه باعتبار الأصل فإن الليل هو السابق والنهار حدث بعده وإنما خلقت الدنيا مظلمة حتى أنه لا نجم . وتقدم الكلام على الضحى وغيره فقيل الضحى وقت اعتدال الحر والبرد في النهار صيفا وشتاء . ٢٣٢٧ وعن ابن عباس سجى أقبل بظلامه وعنه ذهب وعن مجاهد استوى س وقيل الضحى الروح والليل إذا سجى النفس سكنت للروح في إدامة الذكر.قال ابن هشام قيل في نحو والضحى والليل إذا سجى أن الواو الثانية تحتمل العطف والقسمية والصواب الأول ولا أحتاج كل إلى جواب ومما يوضحه مجئ الفاء في أوائل سورتي المرسلات والنازعات . "( ما ودعك ربك ) جواب القسم أي ما تركك والتشديد للمبالغة في النفي على حد ما قيل في قوله عز وجل " وما ربك بظلام " أو الموافقة المخفف أو المعنى ما قطعك قطع المودع وقرىء بتخفيف الدال بمعنى ما تركك وفي هذه القراءة وفي قوله: فرائس أطراف المثقفة السمرثم ودعنا آل عمرو وعامر إبطال قول بعض الصرفيين أنه لم يسمع ماضي يدع "( وما قلى ) ما أيبغفضك وحذف المفعول للفاصلة ولذكره في قوله ما ودعك وقيل تقديره وما (قلى أصحابك والمؤمنين إلى يوم القيامة "( ولاآخرة ) اللام لام الإيتداء" خيرلك ) لإشتماله على الجنة والثواب "( من الأولى ) الدنيا عن ابن عباس رأى صلى الله عليه وسلم ما يفتح لأمته من بعده قسر بذلك فنزلت أي الذي أعطاك ربك في الآخرة أعظم مما أعطاك في الدنيا.وعن ابن مسعود عنه صلى الله عليه وسلم أنا أهل البيت أختار لنا الله لنا الآخرة على الدنيا ومي باقية خالصة عن الشوائب والدنيا فانية مشوبة .بالمضار ووجه الإتصال بذلك بقوله " ما ودعك ربك وما قلى " أن ما ودعك ربك وما قلى نفي للتوديع والبغض وفي نفيهما مواصلة الوحي والمحبة ولا نعمة أعظم من مواصلتهما ٢٣٢٨ فأخبره أن ما أعده له في الآخرة من السبق والتقدم على الأنبياء والرسل وشهادة أمته على آلأمم ورفع درجات المؤمنين وإعلاء مراتبهم بشفاعته وغير ذلك أفضل من تلك النعمة ويجوز أن يراد بالآخرة والأولى ما ينتهي إليه أمره في الدنيا خير من أوله فإنه صلى الله عليه وسلم ما زال يتصاعد في الرفعة والكمال ! وعن عبد الله بن عمرو بن العاصي أن النبي صلى ا له عليه وسلم تلا قوله عز وجل في ابراهيم رب إنهن أضللن كثيرا من الناس فمن تبعني فإنه مني وقوله في عيسى إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم فرفع يديه وقال النهم أمتي الهم أمتي وبكى فقال الله عز وجل يا جبريل اذهب إلى محمد وساله ما يبكيه وهو أعلم بما يبكيه فأتاه فساله فأخبره أنه يبكي على أمته فقال له قل سيرضيك في أمتك ولا يسوك فيهم فذلك قوله جل وعلا . "(ولسوف يعطيك ربك فترضى ) قال ابن عباس يعطيك الشفاعة في أمتك حتى ترضى قال المخالون قال إذن لا أرضى وواحد من أمتي في النار . وعنه صلى الله عليه وسلم لكل نبي دعوة مستجابة تجعل كل نبي دعوته وإني اختبأت دعوتي شفاعة لأمتي يوم القيامة ى قال المخالفون قال فهي نائلة من مات لا يشرك بالله شيئا إن شاء الله . وعن عوف بن مالك عنه صلى الله عليه وسلم خيرني ربي بين أن يدخل تصف أمتي الجنة وبين الشفاعة فاخترت الشفاعة قال المخالفون وقال فهي نائلة إن شاء الله من مات لا يشرك بالله شيئا.قال جعفر بن محمد بن علي إنكم يا معشر أهل العراق تقولون ارجى آية في القرآن " قل يا عبادي الذين ٢٣٢٩ أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله " وأنا أهل البيت نقول أرجى آية فيه " ولسوف يعطيك ربك فترضى " وقد علمت أن الشفاعة عند أصحابنا لا تنال إلا التائبين لما وضحناه في محله وإن داخل النار لا يخرج منها وقيل المراد بالآية ما يعطيه من النصر والتمكين وكثرة المؤمنين وقيل خير الدنيا والآخرة من النصر وكثرة المؤمنين والفتوحات والشفاعة وتفضيله وتفضيل أمته وغير ذلك مما لا يعلم كنهه إلا الله . وروي عن ابن عباس أن له في الجنة ألف قصر من لؤلؤ أبيض ترابه المسك ه واللام لام ابتداء بناء على جواز دخولها على سوف والسين أو قد أو الفعل الجامد ومن منع ذلك قدر المبتدأ في ذلك أي لأنت سوف يعطيك ربك أو لام في جواب قسم مقدران أجزنا دخول لام جواب القسم على المضارع المجرد من نون التوكيد مطلقا أو من قرن بسوف أو السين أو قد واعترض كونها لام الإيتداء لأنها مع المبتدأ فقد مع الفعل وأن مع الإسم فكما لا يحذف الفعل و الإسم ويبقيان بعد حذفهما إلا الفعل فقد يحذف بعد قد للوقف . كذلك لا يحذف المبتدأ وتبقى اللام وبأنه إذا قدر المبتدأ في نحو لسوف يقوم زيد يصير التقدير أن زيد سوف يقوم زيد ولا يخفى ما فيه من الضعف وبأنه يلزم إضمار لا يحتاج إليه الكلام وأجيب بأن قد يجوز حذف الفعل بعدها في الجملة واسم أن قد يحذف كقولهم إن بك زيد مأخوذ إذا رفع زيد أن من يدخل الكنيسة يوما وتكرار الظاهر إنما يفتح إذا صرح بهما وقد قدروا المبتدأ في نحو قمت وأصك عينه وفي نحو ومن عاد فينتقم الله منه وبعد اللام في نحو لا أقم لأجل الصناعة دون أصل المعنى ولو اختلف معنى الإسمية ٢٣٢٣٠ والفعلية نعم لا يحسن وقوع الظاهر موقع المضمور لغير نكتة كالتفخيم ولا يلزم من جعل اللام للابتداء اجتماع دليل الحال ودليل الإستقبال لأن لام الإبتداء للحال إذا لم تقم قرينة الإستقبال وقد قامت فهي توكيد للمستقبل نحو لزيد سوف يقوم كما تؤكد الحال فقد أكدت في الآية للمستقبل وأفادت أن العطاء كائن لا محالة وإن تأخر لمصلحة . أني لم أكنوعن ابن عباس رضي الله عنهما لقد سألت ربي مسألة وددت سالته إياها قلت أي ربي سخرت الريح لسليمان وسخرت إحياء الموتى ارعة من الرسل فأنزل الله "( م ذك جلان لفرنت خ لفلا سخرت وسى وس لعي الم يجدك يتيما فأوى ) الخ تعديدا لما أنعم عليه تنبيها على أنه قد أحسن اليه كما أحسن للأنبياء قبله ولكنه لم يستقص له ذكر النعم كما هو العادة في ذكر النعم يذكر بعضها ويفهم الباقي وعلى أنه كما أحسن اليه فيما مضى يحسن اليه فيما يستقبل وإن تأخر فيصبر ويتسع صدره ويجد بمعنى يعلم فالكاف ويتيما مفعولاه أو بمعنى يلقاك فإن الله في كل مكان لا ككوننا فيتيما حال واليتيم لاأب كونه له بأن مات قبل بلوغه وقد مات أبوه وهو جنين له ستة أشهر والله أعلم وماتت أمه وهو ابن ثمان سنين بلا مال فتواك الله إلى عمك أبي طالب ضمل اليه وجعله مأواك وعطفه عليك وأحسن تربيتك وقد كان عند جده عبد المطلب ومات وكفله عمه إلى أن تزوج خديجة . وقرىء أوي بلا مد يقال أواه بمعنى رحمه وأواه بمعنى أولاه0وفي المواهب لما تم لأمه من حملها شهران مات أبوه عبد الله وقيل مات وهو في المهد قاله الدولابي0وعن ابن أبي خيثمة وهو ابن شهرين ي وقيل ابن سبعة أشهر وقيل ٢٣٢٣١ ابن ثمانية وعشرين شهرا والراجح المشهورالاول وقال أبو حيان بحره قيل لجعفر الصادق لم يتم النبي صلى اللة عليه وسلم من أبويه أي ابيه وأمه فقال لان لا يكون عليه حق لمخلوق ى ولما بلغ صلى الله عليه وسلم أربع سنين وقيل خمسا ٬قيل‏ ستا وقيل سبعا وقيل تسعا وقيل إثنتي عشرة وشهرا وعشرة أيام ماتت أمه ‏ ٧ومن بدع التفاسير قوله يتيما من قولهم درة يتيمة أي لا نظير لها وهو لا نظير له في قريش أي وحيدا فيهم وأواه الله وأيده وشرفه بالنبوة واصطفاه بالرسالة . "( ووجدك ضالا ) عاريا عن تفاصيل الشريعة وعلم الحكم والأحكام كقوله " ماكنت تدرى ما الكتاب ولا الإيمان " أي تفاصيل الإيمان وقوله " نحن نقص عليك أحسن القصص بما أوحينا إليك هذا القرآن وإن كنت من قبله لمن الغافلين " . "( فهدى ) أي هداك وأوصلك إلى علم ذلك بالوحي والتوفيق والإلهام وذلك هو الصحيح وقال عياض عن الجنيد وجدك متحيرا في بيان ما أنزل اليك فهداك لبيانه لقوله سبحانه " وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس " وقيل وجدك متحيرا لا تدري ما تتقرب به إلى الله بعدالإيمان فهداك إلى ماأنت عليه الآن وقيل وجدك لا تدري من أنت فعرفك نفسك وحالك ى وقيل وجدك في أهل الضلال أي ناشئا فيهم فعصمك ولم تعتقد اعتقادهم ولم تعص عصيانهم وقيل وجدك خامل الذكر لا يعرفك الناس فهداهم إليك وإلى نفسه بك وقال الثعلبي قال بعض المتكلمين إذا وجدت العرب شجرة مفردة في فلاة سموها ضالة لأنها يهتدي به الضال إلى الطريق أي وجدتك وحيدا لا نبي معك ٢٣٢٣٢ فهديت بك الخلق إلي . وعن ابن عباس أنه صلى الله عليه وسلم ضل في شعاب مكة وهو صغير فره أبو جهل منصرفا من فنائه فرده عند جده عبد المطلب ي وقال سعيد بن المسيب خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم مع عمه أبي طالب في قافلة ميسرة غلام خديجة فبينما هو راكب ذات ليلة جاء إبليس فأخذ بزمام ناقته فعدل به عن الطريق فجاء جبريل عليه السلام فنفخ على إبليس نفخة وقع منها إلى الحبشة ورد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الناقة وقيل ضل عند حليمة عند باب مكة حين فطمته وجات لترده على عبد المطلب أو على أبي طالب أو قيل باب مكة بكثير ‏ ٠ومن زعم أنه ضل على الحق وكان على ملة قومه قبل النبوة ثم هداه الله للإسلام فقد كفر فإن الأنبياء معصومون عن الكبائر قبل البلوغ وبعده وقبل النبوة وبعدها أعني لا يفعلون ما يكون كبيرة في حق البالغ المكلف " ما ضل صاحبكم وما غوى " ومعصومون عن الصغائر والقبائح فكيف يشركون ولو كان ذلك فيه لعابه المشركون به فإنهم حرصوا على ما يعيبونه به وقد تواتر أن الله شرح صدره وهو طفل شقه وأخرجت منه علقة وقال جبريل هذا حظ الشيطان منك وملاه حكمة وإيمانا أي هذا ما يفعل بك الشيطان من الوسواس والإغواء لمؤاثر فيك وقد استحلفه رجل في الشام باللات والعزى فقال لا أحلف بهما وإني لأمر عنهما فأعرض خذ ما تدعيه ورثت فيه علامة النبوة وهو صغير وعن عياض لا أعلم أحدا قال ضالا عن الإيمان . _ ٢٣٢٣٢٣٢٣ وعن ابن عطاء الله ضالا محبا معرفتي والضال المحب كما قال تعالى " وإنك لفي ضلالك القديم " أميحبتك القديمة انتهى . "( ووجدك عائلا ) فقيرا وعن بعض فقيرا ذا عيال وقرىء عيلا بتشديد الياء "ف(اغنى ) أغناك بما حصل لك من ربح التجارة أو مال خديجة ثم بالغنائم تحت ظل رمحي أوبباالكلل و ققي نلاعةزلم ج قعلير وس وعنه صلى الله عليه والصبر أي أرضاك وأقنعك بما أعطاك فهذه حقيقة الغنى ث وعنه صلى الله عليه وسلم ليس الغنى عن كثرة العرض ولكن الغنى غنى النفس والعرض بفتح العين والراء المال . وعنه صلى الله عليه وسلم قد أفلح من أسلم ورزق كفافا وقنعه لله بما أتاه . حل ي مادم قا وروي أنه لما قال لله فعلت للنبي الفلاني كذا وللنبي الفلاني كذا ألم أجدك يتيما فأويتك قال له بلى يارب قال الله ألم أجدك ضالا فهديتك قال بلى يا رب قال ألم أجدك عائلا فأغنيتك قال بلى يارب وفي رواية قال ألم نشرح لك صدرك ووضعنا عنك وزرك قال بلى يارب وإنما من الله بتلك النعم لأن امتنانه تقويلةلقلب وتذكير فيشكر الله فيزيده أي لاتظن أني أضيعك وقد إلىيوجد ركافك و ققيلفعلت بك كذا وكذا وربيتك صغيرا بل أثم النعمة علي سبيل المعرفة فأغناك بالقرآن والحكمة . "( فااملايتيم فلا تقهر ) لا تغلبه على ماله وحقه لضعفه فقد كنت يتيما وكانت الجاهلية يأخذون مال اليتيم ى وعنه صلى الله عليه وسلم خير بيت في المسلمين بيت فيه يتيم يحسن إليه وشر بيت في المسلمين بيت فيه يساء عليه. وقال أنا وكافل اليتيم كهاتين وأشار بأصبعيه وقال أنا وكافل اليتيم كهذا ٢٣٢٣٤ وأشار بالسبابة والوسطى وفرج مابينهما س وقرأ ابن مسعود فلا تكهر بالكاف وهو أن يعبس في وجهه . "( وأما السائل فلا تنهر ) لا تزجره بغلظة بل اعطه أو رده به بلين وشكا اليه رجل قسوة قلبه فقال إن اردت أن يلين قلبك فامسح رأس اليتيم واطعم المساكين وقال من عال يتيما من ابويه مسلمين حتى يستغني وجبت له الجنة وقال اعطوا الاجير حقه قبل ان يجف عرقه واعطوا السائل وإن جاء على فرس ى وروي أنه صلى الله عليه وسلم أهدي اليه ثوب فساله سائل فأعطاه إياه فباعه فاشتراه المهدي وأهداه إلى النبي صلى الله عليه وسلم فسأله ذلك السائل فأعطاه فباعه للمهدي فأهداه أيضا فساله فأعطاه وغضب صلى الله " .هار ن فل تائل عليه وسلم فنزلت " وأما الس وعنه صلى الله عليه وسلم إذا أرددت السائل فلم يرجع فلا عليك أن تزجره . وقيل السائل أبو الدرداء يطلب العلم ويقاس عليه غيره وقيل المراد العموم إذا جاك طالب علم فأكرمه وعلمه ولا تعبس في وجهه ولا تنهره ولا تلقه بمكروه 4وعن ابراهيم بن أدهم المراد طلب الإنفاق كما مر قال نعم القوم السؤال يحملون زادنا إلى الآخرة وقال السائل يريد الآخرة يجيء إلى باب أحدكم فيقول هل توجهون إلى أهلكم بشيء وفي تقهر وتنهر لزوم ما لا يلزم . "( وأما بنعمة ريك فحدث ) غيرك فإن الحديث بها شكر تقول أعطاني الله كذا وأعطاني كذا لا مفاخرا بل تعظيما لله وإعطائه والمراد العموم وقيل المراد بالنعمة النبوة والتحديث به وتبليفها.قال مجاهد بث القرآن وبلغ ما أرسلت به واقرأ القرآن وعلمه وقيل حدث بنعمة الإيواء والهداية والإغناء ٢٣٢٣٥ فتعطف على اليتيم ولا تنهر السائل وارشد الضال كما كنت في ذل ذلك فأنعم الله عليك . والظاهر العموم وكان السلف يتحدثون فيم بينهم بما فعلوا من العبادة ليقتاد بهم ويؤولون الآية في ذلك وغيره وكان عبد الله بن غالب إذا أصبح قال رزقني الله البارحة خيرا قرأت كذا وصليت كذا فقال له يا أبا فراس أملك يقول مثل هذا فيقول قال الله " وأما بنعمة ربك فحدث " وأنتم تقولون لاتحدث بنعمة الله ولا يخفى أنه إنما يجوز هذا إذا قصد اللطف والإقتداء وأومنت فتنة الرياء والستر أفضل م قال جار الله ولو لم يكن فيه إلا التشبه بأهل الرياء والسمعة لكفى به . وقيل الإخبار أولى لأنه شكر ولأنه يكون له مثل أجر من فعل بها قال وقد اختلف العلماء هل قصد الإغتنام أولى أو قصد السلامة أولى س وروي عنه صلى الله عليه وسلم أن من أعطى عطاء فليكافىء وإن لم يجد فليثن ومن أثنى فقد شكر ومن كتم فقد كفر ومن تحلى بما لم يعط كان لابس ثوب زور وإن الطاعم الشاكر بمنزلة الصائم الصابر وأن من لم يشكر القليل لم يشكر الكثير ومن لم يشكر الناس لم يشكر الله ‏ ٠قال بعض العلماء التحدث .بالنعمة فرض لآنه شكر وترك الشكر كفر والجماعة رحمة والفرقة عذاب . اللهم ببركة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وبركة السورة أخز النصارى واهنهم واكسر شوكتهم وغلب المسلمين والموحدين عليهم صلى الله على و له وصحيه وسلم .سرد نا محمد ٢٣٢٣٦ سورة ألم نشرح مكية آيها ثمان وكلماتها سبع وخمسون وحروفها مائة وثلاثة وعنه صلى الله عليه وسلم من قر ألم نشرح فكان ما جاعغي وأنا مغتم ففرج عني وقالوا قراعتها على الصدر تنفع م ضيقه وتسكن وجع الفؤاد وشرب ماؤها يقتت الحصاة وينفع من به وجع في مثانته . بسم الله الرحمن الرحيم "( ألم نشرح لك صدرك ) الإستفهام تقرير أو إنكار لعدم الشرح أى قد فتحنا صدرك عن المهدي والمعرفة بإذهاب الشواغل التي تصد عن إدراك الحق ووسعناه بالإيمان والعلم والحكمة والقرآن وأنزلنا عنه ضيق الجهل وصبرناك على أذى الكفار وسهلنا لك تلقي الوحي بعدما كان يشق عليك وقيل الشرح الشق وذلك أنه كان صلى الله عليه وسلم عند البيت بين النائم واليقضان إذ سمعت قائلا أحد الرجلين أهو هو قال الآخر هو فأناني القائل فشق نحري الى عاتقي واستخرج قلبي ثم أتاى بطست من ذهب فيه ماء زمزم فغسل قلبي ثم كبر وقال حشى إيمانا وحكمة ثم أعبد كما هو . وعن أنس أتاه جبريل عليه السلام وهو يلعب مع الغلمان فأخذه فضربه فشق قلبه واستخرج منه علقة فقال هذا حظ الشيطان منك والمراد ما تقدم تفسيره 4أو هذا ما نال.منك الشيطان من أشياء ينبغي تركها ولكن لا ذنب فيها ولا سيما هو غير بالغ ثم غسله في طست من ذهب بماء زمزم ثم أعاده كما كان وجاء الغلمان يسعون إلى أمه يعني حليمة وقالوا إن محمدا قتل ٢٣٢٣٧ فاستقبلوه وهو منقع اللون وكنت أرى أثر المخيط في صدره قالت حليمة لما فصلته قدمنا به إلى أمه ونحن أحرص شيء على مكثه فينا بما نرى من البركة فكلمنا أمه وقلنا لو تركته عندنا حتى يغلظ فإنا نخشى عليه وباء مكة ولم نزل بها حتي رددناه معنا فوالله إنه لبعد مقدمنا بشهرين أو ثلاثة مع أخيه من الرضاعة لفى بهم لنا خلف بيوتنا جاء أخوه يشتد فقال ذاك أخي القرشي وقد جاءه رجلان عليهما ثياب بيض وأضجعاه وشقا بطنه فخرجت أنا وأبوه نشتد نحوه فنجده قائما منقعا لونه فاعتنقه أبوه فقال أي بني ما شأنك قال جاني رجلان عليهما ثياب بيض فضجعاني فشقا بطني ثم استخرجا منه شيئا فطرحاه ثم رداه كما كان فرجعنا به لبيتنا ض وأقول لعل الثياب للتأنس وإلا فالملائكة أجسام نورانية لا تحتاج إلى سترة فقال أبوه تعني زوجها يا حليمة لقد خشيت أن يكون ابني قد أصيب أي أصابه الجن فانطلقي نرده إلى أهله قبل أن يظهر ما به نتخوف فاحتملناه إلى أمه فقالت لماذا وقد كنتما حريصين عليه كنا نخشى عليه الأحداث فقالت ماذاك بكما فاصدقاني شأنكما فلم تدعنا حتى أخبرناها قالت أخشيتما عليه الشيطان كلا والله ما للشيطان عليه سبيل وإنه لكائن لإبني هذا شأن . وعنه صلى الله عليه وسلم مسترجعا في بني ليث بن بكر فبينما أنا ذات يوم في بطن واد مع أقراب لي من الصبيان إذا أنا برهط ثلاثة معهم طست من ذهب ملىء جا فأخذوني من بين أصحابي وانطلق الصبيان هرابا مسرعين إلى الحي فعمد أحدهم فاضجعني علي الأرض اضجاعا لطيفا ثم شق ما بين مفرق صدري إلى منتهى عانتي وأنا أنظر إليهم لم أجد لذلك مسا ثم _ ٢٣٢٣٨ أخرج أحشاء بطني ثم غسلها بداك الج فأنعم غسلها ثم أعادها مكانها ثم قام الثاني فقال لصاحبه تنح ثم أدخل يده في جوفي وأخرج قلبي وأنا أنظر إليه فصدعه ثم أخرج منه مضغة سوداء فرمى بها ثم قال بيده يمنة ويسرة كأنه يتناول شيئا فإذا بخاتم في يده من نور إيحار الناظر دونه فختم به قلبي فامتلا نورا وذلك نور النبوة والحكمة ثم أعاده مكانه فوجدت برد ذلك الخاتم في قلبي دهرا ثم قال الثالث لصاحبه تنح فأمر يده بيم مفرق صدري إلى منتهى عانتي فالتام ذلك الشق بإذن الله تعالى ثم أخد بيدي فأنهضني من مكاني إنها ضالطيف ثم قال للأول زنه بعشرة من أمته فوزنوني بهم فرجحتهم فلما قال زنه بمائة من أمته فرجح ثم قال زنه بالف فرجحتهم فقال دعوهم فلو وزنتموه بأمته كلها لرجحهم ثم ضموني إلى صدورهم وقبلوا رأسي وما بين عيني ثم قالوا يا حبيبي أنك لو تدري مايراد بك من الخير لقرة عيناك0وفي رواية ابن عباس قاله ياحليمة إذا أنا بإبني ضمرة بعد وفزعا وحبيبه يرشح عرقا باكيا ينادي ياأباه يا أماه الحقا محمدا فلما تلحقانه إلا ميتا أتاه رجل فاختطفه من أوسطنا وعلا به دروة الجبل حتى شق صدره إلى عانته . وعنه صلى الله عليه وسلم أتاني رهط ثلاثة بيد أحد إبريق من فضة وفي يد الثاني طست من زمردة خضراء والحكمة في شق صدره في حال الصبا تطهيره عن حالات الصبا حتى يتصف في سن الصبا بأوصاف الرجولية وروي أن جبريل وميكائيل شقا صدره وغسلاه ثم قالا " إقراً باسم ربك " وهذا شق آخر عند نزول الوحي لتجدد له القوة على حمله وشق أيضا صدره ٢٣٢٣٩ ليلة الإسراء وشق أيضا وهو ابن عشر سنين أو نحوها مع قصة له مع عبد المطلب فذلك خمس مرات ووجه استعمال الطست من الذهب مع أنه محرم علينا أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يستعمله وإنما استعمله الملك وتناوله أو أن ذلك قبل تحريمه أو أن تلك الحالات محسوبات من أحوال الأخر ومحل البسط غير هذا.وقرأ أبو جعفر المنصور بفتح الحاء وقالوا لعله أشبع الحاء في مخرجها فظن السامع أنه فتحها وقال للحياني النصب بلم لفه وقيل الفتح تبع للراء أو موافقة للام بعدها وقيل الفتح لأجل النون التوكيد الخفيفة محذوفة ورد بأنها لاتحذف إلا لساكن أو لوقف في بعض المواضع الصالح لحذفها وقفا وبأن المنفي بلم لا يؤكد بالنون وشد غير ذلك ذكره ابن هشام . "( ووضعنا عنك وزرك) عطف على ألم نشرح لأنه في معنى شرحنا لك صدرك أي وحططنا عنك ما سلف لك في الجاهلية مما فعلته والأولى تركه وقيل الخطأ والسهو وقيل ذنوب أمتك فأضافها إليه لإشتغال قلبه بها أو يقدر مضاف أي وزر أمتك أي أزلنا عنك تضايقك بوزرها وقيل المراد جهله بالأحكام قبل فرضها ونزولها أو وضعها تعليمها والوزر الثقل والأحكام ثقيلة أو الوزر تأسفه وحرصه على إسلام قومه أو ما كان من ضلال قومه مع العجز عن إرشادهم أو تعليمهم إياه وإضراره أحويرته أو أشياء فعلها قبل الوحي ثم أوحى إليه بتحريمها فعدت أوزارا وقد كان مهتما بها أو تلقى الوحي أو ما ثقل به ظهره من التبليغ بأن بلغ فزال عنه الفرض وقيل مجازاعصمناك عن الوزر الذي أثقل ظهرك لو كان وسمى العصمة وضعا وقيل خفف عنك أثقال النبوة وأعانك علي الناس ى وقيل أزال عنك ما كان في ٢٣٤٠ قلبك من ثقل من عصيان قريش وعبادة الأصنام0وقرأ أنس وحللنا أي حططنا وقرأابن مسعود وحللنا عنك وقرك . "( الذي أنقض ظهرك ) ثقله حتى سمع له نقيض وهو صوت خفيف يسمع من الرجل بالحاء المهملة أو الحمل على البعير إذا أثقله وذلك تمثيل وعن عياض كاد ينقض ظهرك . "( ورفعنا لك ذكرك ) بأن تذكر مع ذكري في الآذان والإقامة والتشهد والخطبة والدخول في الإسلام وقرن طاعتك بطاعتي وصلاتي عليك في ملائكتي وأمري بالصلاة وخطابي لك بالألقاب وذكري لك باسم النبوة والرسالة ودكرى لك في كتب الأولين وأخذي على الأنبياء والأمم كافة أن يؤمنوا بك ولا يجوز خطبة أو أذان أو إقامة أو صلاة إلا بك والشفاعة العامة لإراحة أهل الحشر وغير ذلك من الخصائص في الدنيا والآخرة فلا تكترث بأذى قريش فإن الذي فعل بك هذه النعم سيظفرك بهم ورفع الذكر حسن القائم بالأمور بالناس لكنه محبط بفيامه إن رأيا أو سمع والخمول حسن للمنفقرد بالعبادة . وعن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم أتاني جبريل فقال إن ربي وربك يقول أتدري كيف رفعت ذكرك قلت الله ورسوله أعلم قال يقول إذا ذكرتك ذكرتك معي وعن ابن عباس المراد الأذان والإقامة والتشهد والخطب :قال حسان من الله مشهور بلوح ويشهدأغر عليه للنبوة خاتم إذا قال فى الخمس المؤذن أشهدوضم الإله إسم النبي مع اسمه ٢٣٤١ فذو العرش محمود وهذا محمدوشق له من اسمه ليجله وقيل أخذ الميثاق على الأنبياء والزمهم الإيمان به والإقرار بفضله وقيل قرن اسمه وطاعته باسم الله وطاعنه وإنما قال لك في الموضعين وعنك مع الإستغناء عن ذلك ليفيد المبالغة بالإبهام قبل الإيضاح فإنه إذا قيل مثلا ألم نشرح فهم أن ثم له مشروحا وإذا قيل صدرك أوضح ما علم مبهما وكان المشركون يعيرون رسول الله صلى الله عليه وسلم والمؤمنون بالفقر حتى قالوا إن كان بك طلب الغنى جمعنا لك مالا حتى تكون كثيسر أهل مكة وزوجناك من أردت فاترك ما أنت فيه فاغتم وظن عصيانهم ورغبوا عن الإسلام لفقر أهله واحتقارهم فذكره ما أنعم به عليه وقال له: "( فإن مع العسر ) كضيق الصدر والوزر المنقض للظر وضلال القوم وإيذائهم وإهانتهم إياك وافتقارك وافتقار المسلمين " ( يسرا ) كالشرح والوضع والتوفيق للهداية ورفع الذكر والنصر أو كأنه قال شرحنا صدرك ووضعنا وزرك ورفعنا ذكرك بعد أن لم تكن كذلك لأن مع العسر يسرا وإنما قال مع العسر مع أن اليسر بعد العسر لا معه تقريبا لليسر حتى كأنه حاضر مع العسر ونكر يسرا للتعظيم والتكثير فتح له القرى القريبة والبعيدة ذوات الاموال والقوة في زمانه وبعده حتى كان يعطي المائة من الإبل ويهب الهبة السنية وله اليسر في الآخرة أكبر من ذلك وذلك وعد للمؤمنين أيضا وكان القشري في البادية وألقى في روعه ما معناه أن الموت أولى لمن أصبح مغموما0ولا جن الليل هتف به قائل ما معناه يا هذا الذي تذكر همه واغتم في قلبه إذا اشتد بك الغم ففكر في ألم نشرح وحفظ كلامه وفرج عنه الله ٢٣٤٢ وقا ل قا ئل: فإن الله أولى بالجميلولا تظنن بربك ظن سوء وقول الله أصدق كل قيلفإن العسر يتبعه يسرا "(إن مع العسر يسرا ) توكيد لفظي كقولك قام رجل قام رجل والمراد رجل واحد وقد ورد في مواضع إعادة النكرة والمراد بها الأولى وتؤيد هذا قراءة ابن مسعود فإن مع العسر يسرا بلا تكرير ولا ينافي قراعته هذه قوله والذي نفسي بيده لو كان العسر في حجر لطلبه اليسر حتى يدخل عليه إنه لن يغلب عسر يسرين لأنه يمكن أن يكون فهم اليسرين من تنكير يسر للتعظيم وفي اليسرين إيسار كثيرة وموعد الله لا يحمل إلا على أو في ما يحتمله اللفظ . وعنه صلى الله عليه وسلم أنه خرج يوما ضاحكا قائلا لن يغلب عسر يسرين فأبشروا وذلك لما نزلت الآية ويجوز أن تكون الجملة مستأنفة وعد آخر فيكون اليسر الثاني يسرا آخر وأم العسر فواحد لأن أل فيه للعهد الذكرى أو للحقيقة المفسرة بالعسر الأول وهذا على الغالب من أن المعرفة إذا أعيدت فهي عين الأولى والنكرة غير النكرة الاولى ذكره ابن هشام . "( فإذا فرغت ) من التبليغ "( فانصب ) فاتعب في العبادة شكرا لما عددنا عليك من النعم السالفة ووعدنا من النعم الآتية فتتابع أوقاتك وقتا في التبليغ ووقتا قي سائر العبادة ويحرص على أن لا يخلي وقتا من أوقاته عن العبادة س وعن الحسن إذا فرغت من الغزو فاجتهد في العبادة.وعن ابن ٢٣٤٣ عباس والكلبي إذا فرغت من الصلاة المفروضة فاتعب في الدعاء لك وللمؤمنين ى وعن مجاهد إذا فرغت من دنياك فانصب في صلاتك ورأى الشعبي رجلا يرفع حجرا يختبر به قوته فقال ليس هذا بأمر الفارغ يعنى أن أمر الفارغ من دنياه الشروع في العبادة والقعود من غير شغل والإشتغال بما لا يعني من سفه الرأي وضعف العقل واستيلاء الغفلة . قال أعرابي لأكره أن أرى أحدكم فارغا سهيلا لا في عمل الدنيا ولا في عمل الاخرة والسهلة الذي لا شيء معه وقيل البطال وعن ابن مسعود إذا فرغت من الفرض فانصب في قيام الليل الذي هو فرض اخر عليك وقيل إذا فرغت من التشهد فارغب في الدعاء . وعن ابن عباس وابن مسعود إذا فرغت من الفرض فانصب في النافلة ؛ وعن بعض الرافضة قبحهم الله انه قر فانصب بكسر الصاد واراد نصب عليا للامامة وقرأ ابو السمال فرغت بكسر الراء وليست فصيحة "( والى ربك فارغب ) لا الى غيره ولا تسال إلا فضله متوكلا عليه فغيره لا يضر ولا ينفع وتضرع اليه لا الى غيره0وعن أبي الدرداء من ادمن قرع الباب يوشك أن يفتح له يعني الدعاء والمشهور عندنا أنه لا يدعي في المفروضة إلا بعد التشهد بما في القران أو نحوه ولا يجوز قبله ولو بما في القران واجاز بعض فقهائنا الدعاء فيها مطلقا الحديث ثبت ولو عندنا أنه صلى الله عليه وسلم إذا مر بآية رحمه أو عذاب وينزه إذا مر بآية تنزيه وذلك في الصلاة وكره بعضهم ذلك ويجوز في النافلة بما في القرآن أو نحوه وقيل بعد التشهد وكره بعضهم ذلك أيضا ولم يكره المخالفون ذلك قال في القواعد وليدع أي المصلي ٢٣٤٤ بدعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي رواه ابن عباس رضي الله عنه أنه كان يدعو به إذا فرغ من صلاة الوتر وهو الهم إني أسالك رحمة من عندك تهدي بها قلبي وتجمع بها شملي أي حوائجي وتلم بها شعثي أي ما تفرق من أمري وترد بها إلفي أي ما والفت وتحفظ بها غائبي وترفع بها شاهدي بتشديد الياء أي الذين يشهدون عملي من الملائكة وتزكي بها عملي وتبيض بها وجهي وتلهمني بها رشدي وتعصمني بها من كل سوء اللهم إني أسالك إيمانا صادقا ويقينا ليس بعده كفر ورحمة أنال بها شرف كرامتك في الدنيا والآخرة اللهم إني أسالك الفوز عند القضاء ومنازل الشهداء وعيش السعداء والنصرة على الأعداء ومرافقة الأنبياء اللهم إن قصر عملي وضعف رأي وافتقرت إلى رحمتك فإني أسالك ياقاضي الأمور ويا شافي الصدور كما تجير تذاته تحذف أي تصقر بين البحور أن تجرني من عذاب السعير ومن دعوة الثببور أي الهلاك ومن فتنة القبور اللهم ما قصر عنه عملي ولم تبلغه مسالتي من خير وعدته أحدا من خلقك أو أنت معطيه أحدا من عبادك فإنى أسألك وأرغب إليك فيه برحمتك ياأرحم الراحمين . اللهم اجعلنا هداة مهتدين غير ضالين ولا مضلين اللهم يا ذا الأمر الرشيد والحبل الشديد أسالك الأمن يوم الوعيد والجنة يوم الخلود مع المقربين الشهود أي المشاهدين لجلال الله أو الحاضرين في الجنة الفائقين فيها الركع السجود الموقين بالعهود إنك رحيم ودود وأنت تفعل ما تريد اللهم مني الدعاء وعليك الإجابة وهذا الجهد أي هذا ما أطقته وأتعبني وعليك التكلان ولا حول ولا قوة إلا بك اللهم اجعل لي نورا في قلبي ونورا في قبري ونورا في بصري ‏٢٤٥ ونورا في لحمي ونورا في عظمي ونورا في دمي ونورا بين يدي ونورا من أمامي ونورا من ورائي ونورا عن يميني ونورا عن شمالي ونورا من فوقي ونورا من تحتي اللهم زدني نورا واعطيني نورا في الدنيا والآخرة برحمتك ياأرحم الراحمين سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين.وقرىء فرغب بتشديد الغين أي رغب الناس إلى طلب ما عنده . اللهم ببركة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وبركة السورة اخز النصارى واهنهم واكسر شوكتهم وغلب المسلمين والمحدين عليهم صلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم كثيرا . _ ٢٣٤٦ سورة التين وتسمى سورة والتين بالواو وهكذا في مها كالصافات والذاريات والنجم والطور والسماء والفجر والشمس والضحى والليل والعاديات والعصر تسمى بما بعد الواو وبالواو مع ما بعدها والإستعمالان موجودان في النسخ والتفاسير0وهي مكية وقيل مدنية آيها ثمان وكلماتها أربع وثلاثون وحروفها مائة وخمسة،وعنه صلى الله عليه وسلم من قرأ سورة والتين أعطاه الله خصلتين العافية واليقين ما دام في دار الدنيا وإذا مات أعطاه الله من الاجر بعدد من قرا هذه السورة ومن قرأها منكم فليقل بلى وأنا على ذلك من الشاهدين وقالوا إذا قرئت على ما يخزن من الطعام صرف الله عنه ما يؤذيه وكانت فيه البركة . بسم الله الرحمن الرحيم "( والتين والزيتون ) الماكولين.قال ابن عباس والكلبي هما تينكم هذا وزيتونكم هذا أقسم الله بهما لأنهما عجيبان من بين أصناف الأشجار المثمرة التبن لحلاوته وادخاره طعاما كالتمر والزيتون لخروج الزيت منه وياكلونه وأهدي لرسول الله صلى الله عليه وسلم طبق فيه تين فاكل منه فقال لأصحابه كلوا فلو قلت إن فاكهة نزلت من الجنة لقلت هذه لأن فاكهة الجنة بلا عجم فكلوها فإنها تقطع البواسير وتنقع من النقرس وهو ورم ووجع في مفاصل الكعبين وأصابع الرجلين . ومر معاذ بن جبل بشجرة الزيتون فأخذ منها قظيبا واستاك به وقال سمعت ٢٣٤٧ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول نعم السواك الزيتون من الشجرة المباركة يطيب الفم ويذهب بالحفرة وهي حفرة الأسنان0وسمعته يقول هي سواكي وسواك الانبياء قبلي وهو فاكهة وإدام ودواء ونور في الظلمة من شجرة مباركة وله دهن لطيف كثير المنافع وقد تنبت حيث لا دهنية فيه كالجبال . والتين فاكهة طيبة لافضلة له وغذاء لطيف سريع الهضم ودواء كثير النفع فإنه يلين الطبع ويفتح سداد الكبد والطحان ويسمن البدن ويقلل البلغم 3 ويثبتان في الأرض مدة طويلة ولا سيما الزيتون فإنه يثبت الوفا ولا يحتاج إلى خدمة وتربية وقيل جبلان من أرض المقدسة فالتين الجبل الذي عليه ودمشق والزيتون الذي عليه بيت المقدس واسمهما بالسريانية طور سيناء وطور زيتاء لانهما ينبتان سيناء وهو التين بالسريانية وزيتاء وهي الزيت . وقال السهيلي طور تيناء بالمثناة أولى وروي التفسير بالجبلين ‏ ٧عن ابن عباس وقيل والتين جبل بين حلوان وهمدان والزيتون جبل بالشام لأنهما منابتهما كأنه قيل ومنابت التين والزيتون وقيل التين مسجد دمشق والزيتون بيت المقدس أقسم بهما لانهما موضع الطاعة ى وقيل التين دمشق والزيتون بلد المقدس وعن السهيلي جبلان عند بيت المقدس ى وقيل التين مسجد أصحاب الكهف والزيتون مسجد إيليا وقيل التين مسجد نوح عليه السلام بناه على الجودي والزيتون بيت المقدس . "( وطور سنين ) الجبل الذي كلم الله موسى عليه وسنين مضاف اليه وهو اسم مفرد يعرب كجمع المذكر السالم ويجوز إعرابه على النون مع لزوم الياء ٢٣٤٨ وعليه فالفتحة خفض لأنه علم أعجمي ويجوز فيه في غير القرآن غير ذلك وهو اسم للأرض التي فيها الجبل وسميت سنين وسيناء لحسنها وبركتها بالأشجار ي قال الماوردي ليس كل جبل يقال طور إلا أن تكون فيه الشجار المثمرة وإلا فهو جبل فقط0وعن بعض أن كل جبل فيه أشجار مثمرة ويسمى سنين وسيناعطور سنين قيل هو جبل بالشام . ‏ (٦الأمين ) لا"و(هذا البلد ) مكة حماها الله وغيرها من بلاد الإسلام خيانة فيه أي من شأنه أن يكون كذلك وأن يكون أهله عدولا لعظمته أو هو يحفظ من دخله كما يحفظ المؤتمن أمانته ومن دخله كان آمنا في الجاهلية والإسلام حتى أنه لا يصاد صيده ولا يقطع شجره أقسم بهذه البقاع لبركتها الظاهرة س فالتين والزيتون مهاجر ابراهيم ومولد عيسى ومنشاه والطور المكان الذي نودي فيه موسى ومكة مكان البيت الذي هو هدى لعامين ومولد رسول ا له صلى ا له عليه وسلم ومبعثه . "ل(قد خلقنا الإنسان ) الجنس "(في أحسن تقويم ) تعديل فإنه خصه بنصب القامة وحسن الصورة لا منكبا وياكل بيده لا بفيه ويفهعم ويميز ولم ير قوم الحنث على من حلف بالطلاق أن زوجته أحسن من الشمس محتجين بالآية . "( ثم رددناه أسفل سافلين ) أي أمتناه وهو من أهل النار فأسفل حال من الهاء وثم على أصلها أو خذلناه فكان يعمل عمل أهلها والإعراب على هذا كالذي قبله أو جعلناه في أسفل السافلين أو هو النار فأسفل ظرف وثم على أصلها وجعله في أسفلها إنما هو يوم القيامة أإوظهار مكانه فيها عند الموت ٢٤٩ أوجعل روحه فيها0ولكن يقال كيف يضاف اسم التفضيل إلى غير جنسه فإن أسفل هو مكان النار والسافلين العقلاء لأن غير العاقل لا يجمع هذا الجمع وقد يقال المراد بالسافلين كل ما سفل من عاقل وغيره تغليبا للعاقل في الجمع ودخول غير العاقل فيه مسوغ للإضافة أو أسفل ليس باسم تفضيل ويجوز أن يكون ثم للترتيب الذكري وذلك بأن نقول رده أسفل سافلين هو وجعله شقيا والشقوة أزلية سابقة على خلق الإنسان واعلم أنه مالا يشكر نعمة التقويم وغيرها قبح صورة في النار وعذبه فيها . "( إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات فلهم أجر غير ممنون) غيرمقطوع أو .غير ممنون عليه المن المضر وهو من الإنسان على غيره لأجل ما أعطاه والإستثناء متصل وإن فسرنا رده أسفل سافلين بإزالة حسن صورته بالكبر بأن قوس ظهره وابيض شعره وهزل جلده وكل سمعه وبصره وتغير كل شيء منه وكان مشيه كمشية المقيد وصوته ضعيفا مخلطا وقوته ضعفا وذكاء فؤاده خرفا فالإستثناء منقطع أي لكن الذين كانوا صالحين وهرموا فلهم ثواب دائم على طاعتهم وصبرهم على الهرم والمشاق والقيام بالعبادة على تثاقل نهوضهم فيكون المراد بالإنسان أولا الكافر س روي أنه إذا ضعف المؤمن عما كان يعمل في شبابه من العبادة كتب الله له أجرا قوى ما كان يعمل وعنه صلئ الله عليه وسلم إذا مرض العبد أو سافر كتب الله له مثل ماكان يعمل صحيحا مقيما وعن ابن عباس رد الله نفرا إلى أرذل العمر بالهرم والمرض وانقطعوا عن الجهاد وأعمال البر فأنزل الله عذرهم بهذه الآية وأخبر أن لهم مثل ما كان قبل ذهاب عقولهم أو قواهم واللفظ يعم غيرهم ٢٣٥٠ ممن كان مهم فهم سواء . وعن عكرمة ما يضر هذا الشيخ كبره إذا ختم الله له بأحسن ما كان يعمل 4وعن أنس عنه صلى الله عليه وسلم إذا بلغ المؤمن خمسين سنة خفف الله حسابه وإذا بلغ ستين رزقه الله لا نابة إليه وإذا بلغ سبعين أحبه أهل السماء وإذا بلغ ثمانين كتبت حسناته وتجاوز الله عن سيئاته وإذا بلغ تسعين غفرت ذنوبه وشفع في أهل بيته وكان أسير الله في أرضه فإذا بلغ مائة ولم يعمل شيئا كتب له مثل ما كان يعمل في صحته ولم تكتب عليه سيئة ى وعن الضحاك معنى " أجر غير ممنون " أجر بغير عمل0وعن ابن عباس المراد إلا الذين قرأوا القرآن ومن قرا القرآن لا يرد إلى أرذل العمر . "( فما يكذبك ) أي شيء يدل على كذبك أو ينطق به فإنك ما قلت إلا حقا بل الأشياء كلها تدل على صدقك أو تنطق به أو ما بمعنى من على القلة وعليه قتادة والخطاب للانسان مطلقا أو الكافر على الإلتفات وعليه الكلبي أي أي شيء يجعلك كاذبا ويحملك على الكذب وذلك أن الكافر مكذب بالحق والمكذب به كاذب أو حذر الإنسان مطلقا عن التكذيب وفي هرم الإنسان بعد شبابه دليل عليه سبحانه خلقه من ماء ورباه وسواه ونقصه بعد ذلك وهذا أوضح دليل والقادر على هذا قادر على البعث . "( بعد ) ظهور الدلائل ٭( بالدين ) بالجزاء والحساب يوم القيامة أو المراد بالدين الشريعة والباء سببية أي ما يكذبك بسبب الدين . "( أليس الله باحكم الحاكمين) أقضى القاضين فيا له من حكم شديد يضعه بين خلقه وهذا وعيد للكافرين ويا له من حكم سهل يحكمه فيما بينه ٢٥١ وبين المؤمنين وليس هذا أمرا بعدم القتال حتى يكون منسوخا بآية القتال كما قيل ،وعن البراء أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في سفر فصلي العشاء الأخيرة فقر في إحدى الركعتين بالتين والزيتون فما سمعت أحدا أحسن منه صوتا أو قراءة صلى الله عليه وسلم . اللهم ببركة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وبركة السورة أخز النصارى وأهنهم واكسر شوكتهم وغلب المسلمين والموحدين عليهم صلى الله على محمد وآله وصحيه وسلم .سيدنا ٢٥٢ قال له اقرا قال ما أقرا في الثالثة أو في الثانية فإن بعضا قال لم يغطه الثالثة ى وممن قال أن اقرا باسم ربك أول ما نزل عائشة وابن عباس وأبو موسى الأشعري . وقال أبو رجاء العطاردي يجلسنا حلقا عليه ثوبان أبيضان فإذا تلا هذه السورة قال هذه أول سورة أنزل الله على النبي محمد صلى الله عليه وسلم ومنهم عبيد بن عمير قال جاء جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال له اقر قال وما أقرأ فوالله ما أنا بقارىء قال اقرا باسم ربك الذي خلق فكان يقول هو أول ما نزل . وعن مجاهد أول ما نزل رقرأ باسم ربك وعن الزهري كان صلى الله عليه وسلم بحراء إذ أتى ملك بنمط من ديباج فيه مكتوب أقرأ باسم ربك الذي خلق إلى ما لم يعلم ‏ ٧وعن جابر بن عبد الله أن أول ما نزل يا أيها المدثر وجمع بين القولين بأنه سئل عن أول سورة نزلت كاملة فبين أنها المدثر نزلت بتمامها بعدما نزلت اقرأ إلى ما لم يعلم س ويؤيده ما رواه أنه صلى الله عليه وسلم قال سمعت صوتا من السماء وأنا أمشي فرفعت رأسي فإذا الملك الذي جاني بحراء جالس على كرسي بين السماء والأرض فرجعت وقلت زملوني زملوني فدثروني فأنزل الله ياأيها المدثر وجمع بينهما أيضا بأن مراد جابر بالأولية أولية مخصوصة بما بعد فترة الوحي لا أولية مطلقة وجمع بينهما أيضا بن المراد أولية مخصوصة بالامر بالإنذار قال بعضهم أول ما نزل للنبوة اقر وأول ما نزل للرسالة ياأيها المدثر ومعنى العبارتين واحد وجمع أيضا يأن اقرا أول ما نزل بغير سيب ويا [ يها المدثر نزلت يسبب متقد م ‏٢٣٥٢ ٣٥ ٥ خط ويكتب بالعربية ما شاء من الإنجيل ويكتب بالعبرانية وغيرها وكان شيخا أعمى وجده أسد ابن عبد العزى بن قصي فقالت له اسمع من ابن أخيك فقال له ياابن أخي ما ترى فأخبره فقال له ورقة هذا الناموس الذي أنزل الله على موسى ياليتني فيها جدعا ليتني كنت حيا إذ يخرجك قومك فقال صلى الله عليه وسلم أو مخرجي هم قال نعم لم يأت رجل قط يمثل ما جئت به إلا عودي وإن يدركني يومك حيا أنصرك نصرا مؤزرا أي قويا ولبث ورقة قليلا فمات . قال بعض قومنا وفتر الوحي فترة حتى حزن صلى الله عليه وسلم وحتى كان يخرج يتردى من ذروة الجبل الشاهق ليلقي نفسه فيتلقاه جبريل عليه السلام ويقول إنك رسول الله حقا فيسكن قلبه وخوفه وتقر عينه فيرجع وكلما طالت عليه الفترة غدا لمثل ذلك ويقول له جبريل مثل ذلك وأظن أن هذا لا يصح وفي رواية فجئه الحق أي بغته والتحنث الخروج من الحنث أي الاثم بالعبادة والغط الضم الشديد والجهد المشقة وحكمه ذلك احضار قلبه للوحي ولذا كرر ثلاثا كما بدا بالرويا توطية للوحي والكل النقل والحوائج المهمة ومعني تكسب المعدوم تعطي المعدوم المال والناموس صاحب الخير وهو جبريل عليه السلام وقوله ورقة يا ليتني فيها معناه في ايام النبوة والجذع الشاب القوي فأول ما أنزل سورة العلق وقيل المدثر ومر الجمع بينهما وذلك الحديث مرسل من طريق عائشة رضي الله عنها لأن عائشة لم تلحق هذه القصة ولكن سمعتها من النبي صلى الله عليه وسلم أو من غيره من الصحابة ومرسل الصحابي .وفي روا ية ايه‏ ١لأسفرا ئني لانه لا يحتجحجة عند جميع العلماء وتفرد ٢٣٥٤ سورة العلق وتسمى سورة اقرأ باسم ربك وسورة القلم مكية آيها تسع عشرة وكلماتها اتنتان وتسعون وحروفها مائتان وثمانون س وعنه صلى الله عليه وسلم من قرا سورة العلق أعطي من الاجر كما قر المفصل كله وقالوا من قرأها متوجها السفر وقي من كل شيء حتى يعود إلى أهله برا أو بحرا وأول ما بدا له صلى الله عليه وسلم الرؤية الصالحة تجيء كفلق الصبح ثم حبب إليه الخلاء فيخلوا بغار حراء فيتحنث أي يتعبد فيه الليالي ذوات العدد قبل أن ينزع إلى أهله ثم ينزع اليهم ويتزود لمثلها وجاءه الحق يعد ذلك في غار حراء والحق الملك أو الوحي جاءه الملك فقال اقرأ قال فقلت ما أنا بقارىء فأخذني فغطني حتى بلغ مني الجهد ثم أرسلني فقال اقرأ فقلت ما أنا بقارىء فاخذني فغطني الثانية حتى بلغ مني الجهد ثم أرسلني فقال اقرأ باسم ربك فقلت ما أنا بقارىء فأخذني فغطني الثالثة حتى بلغ مني الجهد فأرسلني فقال اقرأ باسم ربك حتى بلغ ما لم يعلم فرجع إلى خديجة يرجف فؤاده فقال زملوني زملوني فزملوه حتى ذهب الروع وأخبرها الخبر وأنه خشي على نفسه فقالت كلا أبشر فوالله لا يحزنك أو لا يحزنك أبدا إنك لتصل الرحم وتصدق الحديث وتحمل الكل وتكسب المعدوم وتقر الضيف وتعين على النوائب فجات به إلى ورقة بن نوفل بن عمها وكان قد تنصر وتعلم الإنجيل وخطه وتعلم كل كتاب وكل خط ويكتب بالعربية ما شاء من الإنجيل ويكتب بالعبرانية وغيرها وكان ابن نوفل ابن عمها وكان قد تنصر وتعلم الإنجيل وخطه وتعلم كل كتاب وكل __٢٣٥٣ وهو الرعب. وعن بعض أن ما ذكره جابر استنبطه من حديثه صلى الله عليه وسلم باجتهاد منه وما ذكرته عائشة رواية فيقدم على ما ذكره ى وقال جار الله أكثر المفسرين على أن أول سورة نزلت فاتحة الكتاب . قال ابن حجر الذي ذهب اليه الاكثر أن أول ما نزل هو اقرا وأما من قال الفاتحة فهو أقل قليل بالنسبة إلى من قال اقرا أو أخرج البيهقي أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال لخديجة إني إذا خلوت وحدي سمعت والله نداء فقد والله خشيت أن يكون هذا أمرا فقالت معاذ الله إنك لتفعل كذا وكذا ذكرت ما مر فلما دخل أبو بكر ذكرت خديجة حديثه له وقالت اذهب به إلى ورقة فقال له إني إذا خلوت سمعت نداء خلفي يا محمد يا محمد فهرب اثبت حتى تسمع ما يقول ثم آتني فاخبرني0فلما فقال لا تفعل إذا أت فاك خلا نداه يا محمد قل باسم الله الرحمن الرحيم " الحمد للة رب العالمين " الى آخرها وهو حديث مرسل . قال البيهقي يحتمل أن يكون خبرا عن نزولها بعد نزول اقرا والمدثر وأول ما نزل على الإطلاق البسملة بعد أن قال له استعذ بالله وعن عائشة أول سورة نزلت من المفصل فيها ذكر الجنة والنار حتى أسلم الناس نزل الحلال والحرام أي من أول ما نزل فلا ينافي أن أول نازل اقر ونزل آخر المدثر أو كله بعد نزول صدر اقرا قال علي بن الحسين أول سورة نزلت بمكة اقرأ وآخرها المؤمنون وقيل العنكبوت وأول ما نزل في المدينة ويل للمطققفين وآخرها براءة فبطل قول ابن حجر أن أول نازل فيها البقرة بإجماع وأما أول _ ٢٣٥٦ ما أعلن به صلي الله عليه وسلم في مكة فهو النجم . بسم الله الرحمن الرحيم "(اقرً) مبني على سكون الهمزة كذا في نسختا معشر المغاربة وصحت كتابة غيرنا له بالف غير مهموزة فهو مبني على سكون الهمزة المبدلة الفا ‏٠ (" باسم ربك ) متعلقا بمحذوف جوازا حال أي مفتتحا باسم ربك أي قل باسم الله الرحمن الرحيم ثم اقرا القران وهذا في غير هذه السورة واما هذه فقد قال له جبريل في شأنها استعذ بالله ثم قل باسم الله الرحمن الرحيم اقرأ باسم ربك وفي ذلك دليل على وجوب البسملة الا ان يقال اسم ربك صادق على قولك باسم الله لكن نقول نزل اتمام البسملة بعد ذلك انني امر باتمامها عند القراءة وقال بعضهم ان ذلك مستحب وقدر بعضهم اقرأ القرآن مستعينا باسم ربك على تحمل النبوة والرسالة وجعل اقرا كاللازم بان لم يتعلق الفرض بذكر مفعوله والمراد اذا وجد القراءة وقيل المفعول اسم ربك والباء زائدة اي اذكر اسم ربك وزعم بعض انه يجوز ان يكون المفعول اسم ربك الخ على ارادة اللفظ اي اقرأ هذا اللفظ وانما لم يتقدم الجار فيفيد التخصيص لأن هذه أول سورة نزلت فكان الأمر بالقراءة أهم ويجوز تعليق الياء باقر الثاني فيفيد تقديمه الحصر بعد تقديم الأول بالإهتمام ويجوز كون الباء زائدة ومدخولها مفعول للثاني ولا مفعول للأول على ما مر أو يقدر ويجوز تعليق الباء بالثاني وتعليق باسم الله بالأول فيفيد الحصر مرتين أو تعلق بسم الله بالأول ومفعول هذا الأول اسم ريك بزيادة باعه وذلك لأن الصحيح أن البسملة من السورة . ٢٥٧ ) الذي خلق ) لا مفعول له إنما هومثل قولك فلان يعطي إذا لم ترد الإثبات الإعطاء له أي الذي له الخلق ولا خالق سواه أو له مفعول حذف للتعميم والمعنى خلق كل شيء أو مفعوله الإنسان وخلق الثاني تأكيدا له كقولك ضربت ضربت زيدا أو حذف مفعوله بالإبهام ثم لإيضاح فإنه أدخل في النفس وتفسيره هو قوله: "(خلق الإنسان ) أي وغيره وأفرده بالذكر لأنه أشرف وأظهر صنعا وتدبيرا وأدل على وجوب العبادة المقصودة من القراءة وهو القارىء دون غيره وإليه نزل القرآن والمراد جنس الإنسان بدليل قوله "( من علق ) فإن العلق جمع علقة وهي قطعة صغيرة من الدم الغليظ ولو أريد الواحد لقيل من علقة . والوقف على خلق الأول وهو رأس وإذا قلنا لا مفعول له أو مفعوله محذوف والرأس الآخر علق ولا وقف على الأول إن جعلنا مفعوله هو الإنسان المذكور ولا فاصل على هذا فهو ضعيف وأول الواجبات عندنا معرفة الله جل وعلا لا التفكر ولذا نزل أولا ما يدل على وجوده وكمال قدرته وحكمته . "( إقر) تاكيد للأول أو أراد بالأول مطلق القراءة واقرأه في نفسك وبالثاني تعليم الأمة أو القراءة في الصلاة أو قال له اقرأه "( وربك الأكرم ) يانبينا امض لما أمرتك وربك ليس كهذه الأرباب بل هو الأكرم الذي لا يلحفه نقص والواو للحال أو للإستئناف وتعريف الطرفين للحصير أي ربك هو المعرؤف بالكرم الزائد دون غيره ينعم علي عباده نعما لا تحصى ويحلم عنهم لا يعالجهم بالعقوبة مع كفرهم وجحودهم نعمه وعصيانهم ويقبل تويٹهم ويبدل سيئاتهم حسنات والكرم العطاء بلا عوض والإبتداء بالإحسان س وقيل المراد ۔‎_٨٥٣٢ الحلم عن جهل الإنسان وعصيانه أو المراد الحث على القراءة أي اقرا فإن ربك يجزيك بكل حرف عشر حسنات ومن نعمه التي لا تكاد يبلغ شرف قدرها تعليم الخط والعلم كما قال: "( الذي علم ) أي الخط وقرأ به ابن الزبير ٭( بالقلم) لا تحيط قوة البشر بمنافع الكتابة فإن بالكتابة تعلم الأمر الغائب عنك في بعد وتعلم ما في القلب بها بلا نطق كما يعلم باللسان فالقلم أحد اللسانين وبالقلم دونت الكتب والحكم وأخبار السلف ومقالاتهم وكتب الله والحاصل أن بالقلم استقامة أمور الدين والدثيا . وسئل بعضهم عن الكلام فقال ريح لا يستقر قيل فما قيده قال الكتابة لان القلم ينوب على اللسان واللسان لا ينوب عنه ى قال بعضهم في صفة القلم: قطف الخطا نياله أقصى المدىورواقم رقش كمثل أراقم يبيض المدىيهاا لا ا ذا لفتمسيرهاالقوا نم ما يحدسود والرقش الحية أنٹى والأرقم الذكر والغفلة عن تقييد العلم بالقلم خطأ لعروض النسيان وفي الحديث قيدوا العلم بالكتابة . وشكى اليه صلى الله عليه وسلم النسيان رجل فقال استعمل يدك أي اكتب . قال الخليل بن أحمد اجعل ما في الكتب رأس المال وما في القلب النفقة قيل العلم شارد عن الذهن فاجعل الكتب عنه حماة والأقلام رعاه0وقد فسر ابن عباس الإثارة بالخط في أوثاره من علم وبه فسر مجاهد الحكمة في ومن يؤت الحكمة قال حكيم الروم الخط هندسة روحانية وإن ظهرت بآلة جسادنية ٢٣ 2|٤ ٩ وحكيم العرب الخط أصيل في الروح وإن ظهر بحواش الجسد وأول من كتب ادريس وقيل آدم كتب كتابات كلها قبل موته بثلاثمائة سنة في طين ثم طبخه ولا غرقت الأرض في زمان نوح بقيت الكتابة فأصاب كل قوم كتابتهم وبقيت الكتابة العربية فأصابها اسماعيل وتعلمها وهو أول من كتب بالعربية بعد آدم وقيل لم يسبقه في كتابة العرب آدم ولا غيره . وعن عروة بن الزبير أول من كتب قوم من الأوائل أسمائهم أبجد هوز حطي كلمن سعفص قرشت ٹخذ ظغش وكانوا ملوك مدين0وقال ابن قتيبة أول من كتب بالعربية مرار بن مروة من أهل الأنبار ومن أهل الأنبار انتشرت وقيل أول من وضع الصور مرار وأول من فصل ووصل أسلم بن سدرة وأول من وضع الأعجام عامر بن خدرة والله أعلم . ٭( علم الإنسان ما لم يعلم ) علم الناس ما لم يعلموا فالإنسان هو المذكور علمهم ما جهلوه من قراءة وكتابة وجميع الصنائع بخلق القوى ونصب الدلائل وأنزل الكتب أظهر الله هنا ما أنعم به علي الإنسان من أن نقله من أحسن المراتب وهي كونه علقة إلى أعلاها وهي القراءة والخط والعلم وما يترتب على ذلك تقريرا لربوبيته وتحقيقا لزيادة كرمه وبدأ بدليل العقل وختم باللنسمعى وقيل الإنسان هذا آدم علمه الأسماء ولم يكن يعلمها وقيل سيدنا محمد صلى الله وسلم عليهما وعلى القولين فذلك على غير الغائب من أن المعرفة الثانية عين الأولى والظاهر أن المراد الجنس كما مر ٭( كلا) ردع الطاغي عن الطغيان لدلالة السياق عليه وقيل بمعنى حقا والبسط على ذلك في حاشيتي على الشذور وشرحه . ٢٣٦ ٠ "إن الإنسان ) الجنس والحكم على المجموع لا الجميع فلا يرد علينا من لا يطغى كالأنبياء.قال بعضهم لقد قصر علم عبد زويت عنه الدنيا ثم لم يعلم أن ذلك نظر من الله وقصر علم عبد بسطت له الدنيا فلم يخش أن يكون ذلك مكرا من الله تعالى يمكر به والله ما بسط الله الدنيا لعبد إلا طغى كائنا ماكان لقوله تعالى " إن الإنسان " "( ليطغى أن رأه استغنى ) بالمال والطغيان مجاوزة حد الله وقيل المراد زيادته في مطعمه ومشربه وملبسه ومركبه وقيل الإنسان أبو جهل طغى لغناه وكثرة من يخشى ناديه فناصب رسول الله صلى الله عليه وسلم ونهاه عن الصلاة في المسجد وقال لإن رأيت محمدا يسجد عند الكعبة لأطأن على عنقه فرد عليه النبي صلى الله عليه وسلم وانتهره فقال أبو جهل أتهددني أنا والله إي لاكثر أهل الوادي ناديا فنزلت الآية س وقيل كان إذا أصاب مالا زاد في ثيابه ومركبه وطعامه وأن مصدريه داخلة على الماضي ولام التعليل مقدرة قبلها والضمير المستتر في رأي والهاء راجعان إلى الإنسان وصح عمل عامل واحد في ضميرين للمسمى واحد لأن العامل من أفعال القلوب لأن الرؤية علميةمتصلين مفعولها الهاء وجملة استغنى وذلك جائز في أفعال القلوب وفقد وعدم واختلف في الرؤية المية أي لان رأى نفسه استغنى أي لرؤيته نفسه استغنى ولم يمد قنبل همزة رأه بألف بل أسقط الألف . "( إن إلى ربك الرجعى ) أي الرجوع فيجازيك بأعمالك ولا ينفعك في الآخرة مالك وهذا خطاب وتهديد لذلك الإنسان الطاغي ى والرجعى مصدر وألفه للتأنيث على سبيل القياس ،وروي أن أبا جهل قال لرسول الله صلى ٢٦١١ الله عليه وسلم أتزعم أن من استغنى طغى فاجعل لنا جبال مكة فضة وذهبا لعلنا نأخذ منها أفنطغفى فندع ديننا ونتبع دينك فنزل جبريل فقال إن شئت فعلنا ذلك ثم إن لم يؤمنوا فعلنا بهم ما فعلنا بأصحاب المائدة فقكف صلى الله عليه وسلم عن الدعاء إبقاء عليهم وروي أنه لعنه الله قال هل يعفر محمد وجهه بين أظهركم قالوا نعم قال فوالله لإن رأيته لأطأن عنقه فجاءه ثم نكص على عاقبيه فقالوا ما لك يأبا الحكم قال إن بيني وبينه لخندقا من تار وهولا وأجنحة فنزل "( أرأيت ) يامحمد "( الذي ينهى ) هو أبو جهل "( عبدا) هو النبي صلى الله عليه وسلم وفي ذلك التفات من الخطاب للغيبة بالتعبير بظاهر منكر مقام الضمير لأن في تنكيره مبالغة في تقبيح النهي والدلالة على كمال عبودية المنهي وفي رواية أنه لما قالوا نعم يعفر وجهه بحضرتنا قال واللات والعزى لإن رأيته يفعل ذلك لأطأن على رقبته ولا أعفرن وجهه في التراب إلى تمام ما مر وهي رواية جار الله فيما يظهر لي حيث كنى عن الصنمين بقوله فوالذي حلف به حكاية لقوله واللات والعزى . قال صلى الله عليه وسلم لو دنا مني لأختطفته الملائكة عضوا عضوا0وفي رواية قال لإن رأيته يصلي عند البيت لأطأن على عنقه فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لو فعل لأاخذته الملائكة عيانا . "( إذا صلى ) أي تعجب من هذا الذي ينهى عبدا إذا صلى لله ويأمر بعبادة الصنم وكذا أرأيت في الموضعين الآتيين للتعجيب وقيل المراد بالعبد الجنس وعن الحسن الناهي أمية بن خلف والعبد سلمان وكان من نهى عن الصلاة غيره فهو كأمية وأبي جهل إلا ما ورد الشرع به كنهي الحائض ٢٣٦٢ والنفساء عن الصلاة والنهي عن الصلاة في الدار المغصوبة وعن الصلاة في الأوقات التي لا يصلى فيها وكالإجازة للمولى أن يمنع عبده من النافلة وللزوج أن يمنع زوجه منها لمصلحة وزعم بعضهم أنه لا خلاف أن الناهي أبو جهل وليس كذلك للخلاف المذكور إلا أن يقال المراد أنه لم يقل أحد أن الذي ينهى عبدا أريد به جنس الإنسان . "( أرأيت ) توكيد لائول "(إن كان على الهدى) فيما ينهى عنه من عبادة الله "( أو أمر بالتقوى ) بالمعروف فيما يأمر به من عبادة الأوثان كما يعتقد وقيل المراد إن كان المنهي على الهدى أو أمر بالتقوى وعليه فهذا الخطاب الثاني للكافر الناهي ولا تاكيد فإن الله سبحانه كالحاكم الذي حضره الخصمان يخاطب هذا مرة والآخر مرة وكأنه قال يا كافر إخبرني إن كانت صلاته هدى ودعائه إلى الله سبحانه وتعالى أمرا بالتقوى أفتنهاه وجواب إن محذوف أي إن كان ذلك الناهي عن الصلاة على الهدى أمرا بالتقوى فأخبرني وهذا رد عليه وتزييف لإعتقاده دل عليه أرأيت أو يقدر فإن الله يراه ويجازيه دل عليه ألم يعلم أو إن كان المنهي على الهدى أو أمر بالتقوى فالله يراه ويجازيه الواو للتقسيم أو بمعنى الواو والمفعول الثاني للرؤيته الأولى إن وشرطها وجوابها ولا مفعول للثانية والثالثة وجواب إذا محذوف دل عليه ينهى "( أرأيت ) يامحمد ‏ (٦إن كذبت ) ذلك الناهي بالحق "( وتولى ) عنه . "( ألم يعلم بأن الله يرى ) يعلم ما يصدر منه ومن غيره ولا يخفى عنه شيء فهو يجازيه والجملة دليل جواب إن هذه أي كذب وتولى فإن الله عالم به أو والله مجازيه لا جواب وإلا اقترنت بالفاء بأن يقال أفلم يعلم بتقديم ٢٣٦٢٣ الهمزة ويجوز تقديره أفلم يعلم كما يقال إن أكرمتك أفتكرمني . وفي قوله ألم يعلم بأن الله يرى ما يثير الهمم الراكدة ويسيل العيون الجامدة ويبعث على الحياة والمراقبة.قال الغزالي أعلم إن الله مطلع على ضميرك ومشرف عاى ظلاهرك وياطنك فتأدب أيها المسكين ظاهرا وباطنا بين يديه سبحانه واجتنب أن لا يراك حيث نهاك ولا يفقدك حيث أمرك ولا تدع عنك التفكير في قرب الأجل وحلول الموت القاطع للأمل وخروج الأمر من الإختيار وحصول الحسرة والندامة بطول الإغترار ولعله ذكر الأمر بالتقوى ثانيا ولم يذكره أولا إذ لم يقل إذا صلى أو أمر بالتقوى لأن النهي كان عن الصلاة والأمر بالتقوى فاختصر عل ذكر الصلاة لأنه دعوة بالفعل أو لأن نهي العبد إذا صلى يحتمل أن يكون للصلاة ولغيرها وعامة أحوالها محصورة في تكميل نفسه للعبادة وغيرها بالدعوة " ( كلا ) ردع للنذاهي عن النهمي عن عبادة الله والأمر بعبادة الأصنام وقيل نفي بعلمه بأن الله يرى . "( لإن لم ينته) عن إيذاء محمد وتكذيبه أو لإن لم ينته عن النهي وما هو فيه "( لنسفعا بالناصية ) أي لنأخذنه بناصيته إلى النار ونسحيه إليها بشدة فالفعل مؤكدة بالنون وكتبت ألفا لأنه يوقف عليها بإبدالها ألفا والسفع الجذب بشدة ومقعوله محذوف وأل عوض عن المضاف اليه أو للعهد بصاحبها وحضوره أو يقدر بالناصية له أو منه ويجوز لزوم نسفع أي نمسك بناصيته ويجوز نعذبه إلى الناصية وزيادة الباء ‏ ٧والناصية شعر مقدم الرأس وقرأ ابن مسعود لاسفعن بالهمزة والنون الخفيفة وقر لنسفعن بالتشديد وعلى كل حال السافع مباشرة هو الملائكة . ٢٣٦٤ (" ناصية ) بدل من الناصية بدل تكرة من معرفة لجواز ذلك إذا وصفت النكرة بتخصيصها وإفادتها إذ ذاك كما وصفت هنا بقوله "( كاذبة خاطئة) ولم يشترط بعضهم ذلك وإسناد الكذب والخاطا إلى الناصية مجاز فإن لكاذب والخاطىء هو صاحبها ويجوز تقدير مضاف أي كاذب صاحبها خاطىء صاحبها فذلك مجاز بالحذف وفي ذلك الإسناد المجازي من الحسن والجزالة والمبالغة ما ليس في قولك ناصية كاذب صاحبها خاطىء صاحبها أو في قولك ناصية كاذب خاطىء بالإضافة . وقرىء برفع ناصية وكاذبة وخاطئة ونصب الثلاثة على الشتم8وعن ابن عباس نهى أبو جهل النبي صلى الله عليه وسلم عن الصلاة وهو فيها فانتهره النبي صلى الله عليه وسلم حين الفرا غ فقال أتنهرني فوالله لأملأن عليك هذا الوادي إن شئت خيلا جردا أو رحالا مرا إتهددني وأنا أكثر أهل الوادي ناديا فنزل "( فليدع نادية ) أي أهل ناديه والنادي المجلس الذي ينتدى فيه القوم أي يجتمعون فيه فليدعهم ليعينوه ولا يسمى المجلس ناديا إلا إذا كان أهله فيه وعن مجاهد ناديه قومه وعشيرته . "( سندع ) بحذف الواو من الخط تبعا لحذفها نطقا لإلتقاء الساكنين ٭ ( الزبانية ) الملائكة الغلاظ الشداد لإهلاكه وجره إلى النار سموا بذلك لأنهم يزينون أي يدفعون أهل النار بشدة والمفرد زبنيت كعفريت أو زبنى على النسب وغير النسب فقيل زباني والتاء في الزبانية عوض عن ياء النسب والتحتية المخففة فيه هي زائدة عن المفرد كجمع الليل على الليالي والزبانية في كلام العرب الشرط . ٢٣٦١٥ وعن ابن عباس والله لو دعا ناديه لأخذته الزبانية أرجلهم في الأرض ورؤوسهم في السماء ولا سمع أبو جهل ولى هاربا إلى قومه فقالوا أخفته فقال لا ولكن خفت الزبانية لا أدري من هم وعنه صلى الله عليه وسلم لو دعا ناديه لأخذته الزبانية عيانا0وقرأ ابن أبي عبلة سيدعي الزبانية بالبناء للمفعول(" .كلا) ردع للناهي أيضا "(لا تطعه ) يامحمد في ترك العبادة وعن ابن عمر بينما أنا في بدر إذ خرج رجل من الأرض في عنقه سلسلة يمسك طرفها أسود فقال يا عبد الله اسقني فقال ابن عمر لا أدري أعرف اسمي أو كما يقول الرجل يا عبد الله وقال لي الأسود لا تسقه فإنه كافر ثم اجنذبه فدخل الأرض فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فاخترته فقال أو قد رأيته ذلك عدو الله أبو جهل وذلك عذابه إلى يوم القيامة وذلك أنه لما لن ينته أخذه الله يوم بدر . "( واسجد ) دم على السجود والمراد الصلاة "( واقترب ) لله بسجودك وفي الحديث أقرب ما يكون العبد من ربه إذا كان ساجدا والشافعي يسجد هنا س وعن أبي هريرة سجدنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في " اقرا باسم ربك " " وإذا السماء انشقت " وليس في ذلك عندنا سجود ولو صح الحديث لوجب الوقوف معه وفي رواية زيادة في آخر الحديث فأكثروا من الدعاء في السجود فضمن أن يستجاب لكم واغتنموا الدعاء عند نزول المطر وعن ربيعة ابن كعب الإسلمي كنت أبيت مع النبي صلى الله عليه وسلم فأتيته بوضوءه وحاجته فقال لي سل فقلت أسالك مرافقتك في الجنة قال أو غير ذلك قلت هو ذاك قال فأعني على نفسك بكثرة السجود . ٢٣٦١٦ وروي أنه كان يبيت عند باب النبي صلى الله عليه وسلم فيسمعه الهون من الليل يقول سمع الله لمن حمده والهون يقول الحمد لله رب العالمين.وعن ابن وهب عن جماعة من العلماء أن قوله اسجد خطاب للنبي صلى الله عليه وسلم وقوله اقترب خطاب لأبي جهل أي اقترب اجتربت حتى ترى كيف تهلك والتأويل الاول أظهر بدليل الأحاديث م أمال حمزة والكسائي أواخر آي هذه السورة من لدن ليطغى إذا يرى وأمال أبو عمرو يرى وحده وما عداه يين بين وأخلص الباقون فتح الكل . اللهم ببركة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وبركة السورة أخز النصارى وأهنهم واكسر شوكتهم وغلب المسلمين والموحدين عليهم صلى الله على و له وصحيه وسلم ,سرد نا محمد ٢٣٦٧ القدرسورة مكية عند قتادة ومدنية عند ابن عباس ونسب للجمهزر وصححه بعضهم قال بعضهم هي أول ما نزل بالمدينة0وآيها خمس وقيل ست وكلماتها ثلاثون وحروفها مائة وإثنا عشر ى وعنه صلى الله عليه وسلم من قراً سورة القدر أعطي من الأجر كمن صام رمضان وأحيى ليلة القدر.قال بعضهم قال لي بعض العارفين ألا أعلمك اسم الله الأعظم قلت بلى قال اقرا الحمد لله رب العالمين وقل هو الله أحد وآية الكرسي وأنا أنزلناه في ليلة القدر ثم استقبل القبلة وادع بما أحببت ومن أخذ بناصية ما يحب فقرأ عليه إنا أنزلناه في ليلة القدر فإن الله يريه فيه ما يحب قال أبو الحسن الشاذلي بن بطال إن أردت الصدق في القول فاعن على نفسك بقراءة إنا أنزلناه في ليلة القدر بسم الله الرحمن الرحيم "( إنا أنزلناه ) أي القرآن أسند أنزله إلى نفسه تعظيما له ورجع اليه الضمير مع أنه لم يتقدم له ذكر شهادة بالشرف الرفيع المغني عن التصريح كما عظمه بتعظيم الوقف الذي نزل فيه بقوله: ٭( في ليلة القدر) أي الليلة التي لها شأن كامل فتل للكمال كقولك لزيد قدر عند الأمير أي منزلة وجاه وهذه الليلة لها شرف على سائر الليالي غير ليلة المولد ‏ ٧ومنه وما قدروا الله حق قدره لنزول القرآن فيها جملة واحدة من اللوح المحفوظ إلى بيت العزة في السماء الدنيا ثم نزل به نحو ما جبريل بحسب الوقائع في ثلاث وعشرين سنة وقيل في عشرين بعدما أملاه على ٢٣٦٨ اللسقرة.وقال الشعبي ابتدأنا إنزاله إليك في ليلة القدر نزل عليه في حراء في العشر الأواخر من رمضان وتقدمت قصته قيل أنزله إلى السماء الدنيا ليشرف الملائكة بذلك ولأنها مشتركة مسكن لهم وسقف لنا وزينة وقيل سميت ليلة القدر لأن الله سبحانه يقدر الأمور كلها فيها من الأحكام والأرزاق والآجال وما يكون في السنة بناء على أنها هي المراد في قوله " فيها يفرق كل أمر حكيم ‏٠ ومعنى التقدير فيها إظهار القضاء للملائكة فيكتبوه وإلا فتقدير الأمور لا أول له وهو القضاء عند بعض ‘ قال الحسين بن الفضيل سوق المقادير إلى المواقيت وتنفيذ القضاء المقدر وقيل سميت ليلة القدر لأن العمل فيها يكون ذا قدر عند الله لقبوله0وقيل لأن الأرض تضيق فيها بالملائكة.وعن أبي عبيدة الملائكة في الأرض ليلة القدر أكثر من عدد الحصى كقوله تعالى " ومن قدر عليه رزقه " أي ضيق وقيل القدر تضيقها عن العلم بإخفاعها0وقيل القدر بمعنى القدر بفتح الدال نظير القضاء أو مقابلة ولكن سكنت إشعارا بأن المراد تفصيل ما جرى به القضاء وإظهاره وهو موافق للقول الثاني ولو عدوه قولا آخر ثم عظم تلك الليلة أيضا يقوله: "( وما أدراك ما ليلة القدر ) وفي تعظيمها هذا تعظيم أيضا للقرآن بل عظمت لنزوله فيها وعن ابن عيينة ما كان في القرآن ما أدرك بكذا وقد أعلمه به وما كان ما يدريك لم يعلمه به فقد علم صلى الله عليه وسلم ليلة القدر وتعينت عنده وتعقب بقوله " وما يدريك لعله يزكى " فإنها نزلت في ابن أم _ ٢٦٩ مكتوم وقد علم بحاله وإنه ممن تزكى ونفعته الذكرى وعن أبي عبيدة عن جابر بن زيد عن أنس عنه صلى الله عليه وسلم أرأيت هذه الليلة حتى تلاحى رجلان منكم فرفعت فالتمسوها في التاسعة أو السابعة أو الخامسة.قال الربيع تماريا وتنازعا والرجلان عبد الله بن أبي حدود وكعب بن مالك وفي رواية فتلاحى وروي فجاء رجلان يختصمان معهما الشيطان وروي أنه لقيهما عند سدة المسجد أي عتبته وروي خرج النبي صلى الله عليه وسلم ليخبرنا بليلة القدر فتلاحى فلان وفلان فرفعت وعسى أن يكون خيرا لكم فالتمسوها في التاسعة والسابعة والخامسة . ومعني أرأيت بضم الهمزة وكسر الراء أعلمت بليلة القدر وذلك في المنام أى . جعلت مبصرا لها وإنما أرى علامتها وهي السجود في الماء والطين ث وروي وقد رأيت ومعنى قوله رفعت أنها رفعت من قلبي نسيب تعيينها للإشتغال بالمتخاصمين وقيل رفعت بركتها في تلك السنة وقيل ضمير رفعت للملائكة وقيل رفعت معرفتها ويمكن أنها لم تقع لكن كادت تقع فمنعت لمخاصمة الرجلين . وسال واهب المعافري زينب بنت أم سلمة هل كان صلى الله عليه وسلم يعلمها فقالت لو علمها لما أقام الناس غيرها ويبحث باحتمال أنه علمها بعد رفعها وأمره الله بسترها ليقع الإجتهاد في جميع العشر الأواخر أو رمضان كله وهي كرامة والكرامة يستحب إخفاؤها خوف السلب والرياء ولئلا يتشاغل ره وقد قال يعقوب عليه يه . عن الشكر بالنظر اليها وذكرها للناس ولئلا يغحسد ٢٧٠ السلام " يا بني لا تقصص رؤياك على إخوتك " الخ وتبعا لما اختاره الله لنبيه فإنه لم يعينها له في القرآن ولم يعينها له ويأمره بإشهارها للصحابة . والظاهر أن المراد بالتاسعة والسابعة والخامسة التاسعة والسابعة والخامسة من العشر الأخر ى وفي رواية في تاسعة تبقى وفي سابعة تبقى وفي خامسة تبقى . وعن أبي عبيدة عن جابر عن أبي سعيد عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان يعتكف في العشر الوسط من رمضان اعتكفنا معه حتى إذا كان ليلة إحدى وعشرين وهي الليلة التي يخرج من اعتكافه غدوتها قال من اعتكف معي فليعتكف في العشر الأواخر وقد رأيت هذه الليلة ثم أنسبتها وقد رأيت أني أسجد في غدوتها في ماء وطين فالتمسوها في العشر الأواخر فالتمسوها في كل وتر وروي عن أبي سلمة عن أبي سعيد فاعتكفنا مع النبي صلى الله عليه وسلم العشر الأوسط من رمضان فخرج صبيحة عشرين فخطبنا وقال إني رأيت أني أسجد في ماء وطين فمن كان اعتكف معي فليرجع فرجعنا وما نرى في السماء قزعة أي قطعة من سحاب رقيقة فجاعتنا سحابة فأمطرت حتى سال سقف المسجد وكان من جريد النخل وأقيمت الصلاة فرأيته صلى الله عليه وسلم يسجد في الماء والطين حتى رأيت أثره في جبهته والعشر الليالي ولكن وصفت بالاوسط في رواية أبي سعيد لتأويلهن بالوقت أو الزمان أوالظث . وروي الوسط كما مر ورواية الاوسط أكثر والوسط بضم الواو والسين جمع وسطي وروي بضم الواو وفتح السين كالكبر جمع كبرى ى وروي بإسكان ٢٣٧١ السين جمعا لواسط كبازل وبزل أو تخفيف عن وسط بضمهما ى وروي فخرج صبيحة عشرين فخطبنا وظاهر ما مر أن الخطية وقعت في أول اليوم الحادي والعشرين فأول ليالي اعتكافه الأخير ليلة اثنين وعشرين وهذا مغاير لرواية مالك في آخر الحديث0فأبصرت عيناي رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى جبهته أثر الماء والطين من صبيحة إحدي وعشرين فإنه ظاهر في أن الخطبة في صبح المتم عشرين والمطر في ليلة الحادي والعشرين . ولعل الصبيحة في قوله من صبيحنا الصبح الذي قبلها كما يضاف الذي بعدها اليها قاله ابن دحية ولم يتابع عليه ‏ ٠وروي فإذا كان حين يمشي من عشرين ليلة تمضي ويستقبل إحدى وعشرين رجع إلى مسكنه وهو واضح. في أنه يعتكف في العشر الأواسط يخرج من اعتكافه من اليوم العاشر وهو المتم عشرين وقيل إن الراوي شك هل قال ثم أنسيتها أو قال ثم نسيتها . وروي أن سيب النسيان أيقاظ أهله له فلعل الرؤيا متعددة أو مراده أنه أيقظه بعض أهله فسمع تلاحي الرجلين فقام ليحجز بينهما فنسيها للإشتغال بهما . وروي أنه قال ألا أخبركم بليلة القدز قالوا بلا فسكت ساعة ثم قال لقد قلت لكم وأنا أعلمها ثم أنسيتها فلم يذكر سبب النسيان وهذا يقوي التعدد ومن علاماتها أن الشمس تطلع في صبيحتها لا شعاع لها وهذه رواية وروي أن الشمس في صبيحتها مثل الطست وروي أنها صافية وروي حمراء ضعيفة لا حارة ولا باردة وروي أن الليل صافية بالجة كان فيها قمرا ساطعا ساكنة صاحبة لا حر فيها ولا برد ولا يرمي فيها بكوب وتخرج الشمس كالقمر ليلة ٢٣٧٢ البدر لا شعاع لها لا يطلع معها الشيطان كسائر الأيام قيل أول من يصعد جبريل فيبسط جناحيه فتصبح الشمس بلا شعاع ويدعو ملكا ملكا فيجتمعون اليه فيجتمع نورهم فتصبح لاشعاع لها ويبقون يومهم في الهواء يستغفرون للمؤمنين وإذا دخلوا سماء الدنيا سألهم أهلها من أين فيقولون من أمة محمد صلى الله عليه وسلم فيقولون ما صنع بهم فيقولون غفر لهم وشفع لهم وشفع صالخحم في طالحهم فيضجون بالحمد والتسبيح والتهليل شكرا ويسألون عن كل إنسان فيقولون مبتدع في العام الماضي تائب في هذا وبالعكس ووجدنا فلانا يعبد وفلانا يعصي فيدعون المعابد ويتركون استغفار المعاصي ويدعو لهم أهل كل سماء وتنزل ملائكة سدرة المنتهى ومعهم جبريل بأربعة ألوية ينصب لواء على قبري ولواء منها على طور سيناء ولواء على ظهر الكعبة ولواء على بيت المقدس ويدخل النور كل بيت فيه مؤمن أو مؤمنة ينزل في الليلة نور كالقلم وقيل كالحية العظيمة قيل هو نور رحمة وقيل تور لواء الحمد وقيل نور أجنحة الملائكة وقيل نور الطاعات وقيل نور أسرار العارفين وقيل نور الهيبة وقيل أنها ليلة مطر وريح وهو رواية وروي أنه لا يخرج شيطانها حتى يمضي فجرها ولا يرسل فيها شيطان ولا يحدث فيها داء وتقبل توبة كل تائب فيها وتفتح فيها أبواب السماء وهي من غروب الشمس إلي طلوعها قيل تسقط فيها الأشجار إلى الارض ثم تعود كما هي ويسجد فيها كل شيء وتعذب فيها المياه المالحة . وفي رواية أبي سعيد فلما كان صبيحة عشرين قفلنا متاعنا فأتانا النبي ٢٧٢٣ صلى الله عليه وسلم فقال من كان اعتكف فليرجع إلى معتكفه وفيها والذي بعثه بالحق لقد هاجت السماء من اخر ذلك اليوم ولقد رأيت على جبهته وانفه الماء والطين وليس المراد برفعها رفع وجودها بدليل امره بالتماسها وزعم بعضهم انها ذاهبة بعد ما كانت وعامة العلماء والصحابة على بقائها قال ابو هربرة كذب من قال بذهابها هي في كل شهر رمضان وقيل تنتقل في ليلة من سنة وفي اخرى من اخرى . وعن ابي بكر كذب من قال بذهابها قال مالك والثوري واحمد واسحاق وابو ثاورنها تنقل في العشر الاواخر وقيل في رمضان كله ى وقال ابن مسعود وأبو حنيفة قيل في ليلة من السنة كلها وعن ابن مسعود من يقم ليالي الحول يصبها وقال ابن عمر يرحم الله أبا عبد الرحمن أما علم أنها في شهر رمضان ولكن أراد أن لا يتكل الناس وهذا الذي ذكره ابن عمر عليه الجمهور والاكثرون منهم أنها في العشر الأواخر منه وهو الصحيح وقال أبو زيد العقيلي أول ليلة منه وقيل ليلة السابع عشر وهو رواية عن ابن مسعود وزيد بن الأرقم والحسن وقال الشافعي ليلة إحدى وعشرين. وعن عائشة كان صلى الله عليه وسلم يحاول العشر الأخر ى قال عبدالله بن أنيس كنت في مجلس بني سلمة وأنا أصغرهم فقالوا مينسال لنا رسول الّه صلى الله عليه وسلم عن ليلة القدر فخرجت فقلت له يسئلك رهط بني سلمة عن ليلة القدر فقال كم الليلة فقلت اثنتان وعشرون فقال هي الليلة ثم قال أو القابلة يعني المقبلة وهي الثالثة والعشرون وقال جماعة من الصحابة ٢٣٧٤ أنها الثالثة والعشرون ومال اليه الشافعي أيضا وعن بلال أنها في أول السبع من العشر الأواخر ى وقال أبو عبد الله بن أنيس لرسول الله صلى الله عليه وسلم أن لي بادية أكون فيها وأصلي فمرني بليلة أنزلها إلى هذا المسجد فقال ليلة ثلاثة وعشرين وكان يدخل في العصر ويخرج إذا صلى الفجر يجد دابته على باب المسجد فيلحق بالبادية . وفي رواية أرأيت ليلة القدر ونسيت وأراني أسجد في صبيحتها في ماء وطين قال عبد الله فمطرنا ليلة ثلاتة وعشرين وصلى بنا وانصرف وفي جبهته :وأنفه ماء وطين ى وعن بلال وابن عباس والحسن هي ليلة أربع وعشرين وعن ابن عباس التمسوها في ليلة أربع وعشرين وقيل في ليلة خمس وعشرين وعن ابن عباس أيضا وأبي أحمد ليلة سبع وعشرين وقيل لأبي أن ابن مسعود يقول هي في السنة فحلف ولا يستثني أنها ليلة سبع وعشرين من رمضان وهي الليلة التي أمرنا النبي صلى ا له عليه وسلم بقيامها شمس يومها بيضاء لاشعاع لها وروى معاوية عن النبي صلى الله عليه وسلم أن ليلة القدر ليلة سبعة وعشرين وقيل ليلة تسعة وعشرين وقيل ليلة آخر الشهر . وعن ابن عمر عنه صلى الله عليه وسلم هي في كل رمضان ى وعنه صلى الله عليه وسلم اطلبوها ليلة سبعة عشر وليلة واحد وعشرين وليلة ثلاثة وعشرين وعنه التمسوها في العشر الأخر لتسع بقين أو سبع بقين أو خمس بقين أواخر الشهر . وقال بعضهم ليلة أحد وعشرين وليلة ثلاتة وعشرين وخمسة وعشرين وسبعة عشرين وتسعة وعشرين وآخر الليلة قال الشافعي وأقوى الروايات إحدى ‏٢٣٧٥ وعشرون وقيل الليلة السابعة من أوله وهو رواية عن ابن عباس عنه صلى الله عليه وسلم والجمهور أنها ليلة سبعة وعشرين واستنبطه ابن عباس من عدد كلمات السورة وافق أن قوله هي سابع كلمة بعد العشرين وبالغ ابن حزم في انكاره0وعن ابن عطية هو من ملح التفاسير لا من متينها واستنبط ذلك بعضهم من أن ليلة القدر تسعة أحرف وقد أعيدت في السورة ثلاث مرات وذلك سبع وعشرون . قال بعض الحنفية من قال لزوجته أنت طالق ليلة القدر طلقت ليلة سبعة وعشرين ومن رآها يرى كل شيء ساجدا فهذه علامتها عند بعض وقيل علامتها سطوع النور حتى يسطع في المواضع المظلمة وقيل سماع السلام والخطاب من الملائكة وقيل استجابة دعاه من وافقها وصحح أنه لا يشترط لحصولها سماع شيء ولا رؤيته ويحصل ثوابها لمن قامها ولو لم تظهر له عند جماعة وقيل بشرط الظهور ونسب للذكثر من الناس والظاهر الأول . وزعم بعضهم أنها لم تفته في عمره وأنها أبدا ليلة الأحد فإن كان أول الشهر ليلة الأحد كانت له تسع وعشرون وهلم جرا . ولزم من ذلك أن تكون في ليلتين من العشر الوسط لضرورة أن أوتار العشر خمسة وعارضه بعض من تأخر عنه فقال إنها تكوي أبدا ليلة الجمعة وذكر نحو ذلك ولا أصل لهما وخالفا إجماع الصحابة في عهد عمر رضي الله عنه 4وقيل في النصف الآخر منه ليلة مجموعة من الأفراد ودعوى خميس الإجماع على أنها في رمضان مردودة وقيل إن كان أول رمضان الجمعة فهى الليلة التاسع والعشرون أو السبت فالحادية والعشرون أو الأحد فالسابعة ‏٢٣٧٦ والعشرون أو الإثنين فالثلاثة والعشرون أو الثلاتاء فالخامسة والعشرون أو الأربعاء فالسابعة والعشرون أو الخميس فالتاسعة والعشرون . "( ليلة القدر خير من ألف شهر ) بيان بفضلها روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر رجلا من بني إسرائيل لبس السلاح في سبيل الله ألف شهر وهي ثلاثة وثمانون عاما ولث عام فعجب المؤمنون من ذلك وتقاصرت اليهم أعمالهم فاعطوا ليلة القدر وهي خير من مدة ذلك الغازي وهي من خصائص الأمة ‏ ٨وعن ابن عباس ذكر لرسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك الإسرائيلي فعجب وتمنى ذلك لأمته فقال يارب جعلت أمتي أقصر الناس أعمارا وأقلها أعمالا فاعطي هو وأمته ليلة القدر في كل رمضان خيرا من ألف شهر لا ليلة قدر فيها إلى يوم القيامة وقيل إن الرجل فيما مضى لا يقال له عابد حتى يعبد الله ألف شهر فاعطانا الله ليلة إن أقمناها كان أحق بأن نسمى عابدين من أولئك العباد . وأجاز بعضهم أن يكون ذكر الألف للتكثير.وعنه صلى الله عليه وسلم من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ماتقدم من ذنبه وندب لمن وافقها أن يرغب إلى الله في غفران ذنوبه والعصمة فيما بقي من عمره ولمن رأها أن لا يخبر بها فإنه أعظم الثواب ‏ ٠ومن شهد المغرب والعشاء فيها فقد أخذ بحظه منها س قالت عائشة رضي الله عنها إن علمت ليلة القدر فما أقول فيها ؟ قال ضلى الله عليه وسلم قولي اللهم إنك عفو تحب العفوة فاعف عني وكان صلى الله عليه وسلم يعتكف العشر الاواخر حتى توفاه الله وقد يعتكف معها ٢٣٧٧ الاواسط وقد يعتكف معهما الأوائل وكانت أزواجه يعتكفن الأواخر وكان يجتهد في الأواخر ما لا يجتهد في غيره يجيء الليل ويوقظ أهله ويجد ويشد المأزر ث وأخفاها الله جل وعلا ليجتهدوا في رمضان كله طمعا منهم في إداركها فيعظم ثوابهم كما أخفى ساعة الإجابة لذلك في الجمعة والصلاة الوسطى واسمه الأعظم ورضاه في الطاعات ليرغبوا فيها وسخطه في المعاصي لينتهوا عن جميعها وقيام الساعة ليجتهدوا حذرا من قيامها . "( تنزل الملائكة ) إلى الارض وقيل إلى السماء الدنيا وقيل يقربون للمؤمنين وذلك بيان لفضلها أيضا والصحيح النزول من السماء إلى الأرض قيل ينزلون لما رأوا من عبادة المؤمنين ويعتذرون من قولهم أتجعل فيها من يفسد فيها ويستغفرون لمن قصر من المؤمنين . "( والروح ) هو جبريل على الصحيح وعليه الأكثر خص ليزته ‏ ٧وعنه صلى الله عليه وسلم ينزل في جماعة من الملائكة يصلون ويسلمون على كل عبد يذكر الله قائم أو قاعد س وقيل الروح ملائكة لا تراهم الملائكة إلا في تلك الليلة ينزلون في الغروب ويعرجون إذا طلع الفجر كالزهاد الذين لا تراهم إلا يوم العيد وقيل ملك عظيم ينزل مع الملائكة تلك الليلة السموات والأرض لقمة واحدة وقيل خلق يأكلون ويشربون ويلبسون ليسوا من الملائكة ولا من الثقلين قيل ولعلهم خدم أهل الجنة وقيل أشرف الملائكة وقال ابن أبي نجيح الحفظة الكرام الكاتبون . ) في ليلة القدر "(باذن ربهم ) يامره وتنزل وهو مضارع حذقت) فيها احدى تائيه "(من كل امر ) قضاه الله فيها لتلك السنة الى القابل قيل فيها ٢٧٨ الباء سببيه وقيل للتعدية اي نجيء بكل خير او للمصاحبة وقرأ من كل امرء اي من اجل كل انسان مؤمن . "( سلام هي ) سلام بمعني سلامة خير مقدم للحصر اي ما هي الا سلامة لا يقدر الله فيها الا الخير اي هي ذات سلامة او امرها سلامة او يقضي في غيرها خيرا وشرا اوالسلام بمعنى التحية جعلت هي بنفسها اسلاما لكثرته فيها فان الملائكة لا يلقون فيها مؤمنا ولا مؤمنة الا سلموا عليه وعليه الكلبي وعن الشغبي يسلمون على اهل المساجد للغروب للطلوع وقيل من السلامة اي هي سالمة من ان يعمل فيها الشيطان سوءا . "( حتى مطلع الفجر ) مصدر ميمي اي طلوعه او سم مكان اي زمان طلوعه وانما استوى لان المضارع مضمموم العين وقرأ الكسائي بكسر اللام زمانا او مصدرا على غير قياس وروي الكسر ايضا عن ابي عمرو وبسطت ذلك في شرح اللامية فائدة اذا وقفت على نحو الفجر والصبر والقدر والشهر بالاسكان مع عدم النقل وفخمت الراء وجاز ترقيقها نظرا لحالها قبل الوقف وهو الكسر وان وقفت بالنقل جاز ترقيقها نظرا لحالهاايضا قبل الوقف وإذا وقف بالإشمام رققت أو فخمت لكن الترقيق فيه الأقوى منه في الإسكان والنقل وإن وقفت بالروم وجب الترقيق ولا ترقق إذا لم تكن قبل الوقف مكسورة إلا إن كان موجب الترقيق قبلها كالكسرة اللازمة وإنما رققت في نحو " حتى مطلع الفجر " إذا وقف عليه بالنقل بان كسرت الجيم وسكنت الراء نظرا لحالة الراء قبل الوقف والتقدم الكسرة عليها ولو عرضت لأنها ٢٧٩ حركة الراء قبل النقل كانتقالها لما قبلها لا يجعلها كسائر الكسرات العارضة بل هي أصل تقدم عن موضعه فإما أن يراعى الحالة الموجود فترقق الراء وإما أن يراعى الحال الأصلي وهو كون الراء مكسورة قبل النقل فترقق أيضا0وأما قول شارح ابن بري أن الراء تفخم للجميع إذا كسرت ثم وقف عليها بالسكون ولم تكن قبلها علة ترققها نحو القدر والفجر فمراده به الوقف بالإسكان بلا نقل بأن نسكن الراء وتبقى الجيم على سكونها لجواز التقاء ساكنين في الوقف عند كثير بدليل أنه عبر بالوقف بالسكون وهو من أنواع الوقف المقابلة للوقف بالنقل0والوقف بالنقل لا يسمى وقفا بالسكون وبدليل قوله أيضا وإن وقفت بالروم رققت للجميع أيضا فإنه كما لا يخفى ولو عن المبتدأ في علم الوقف لا يصح تحريك ما قبل الراء بتلك الحركة المنقولة منها ولو اختلف التحريكان اخلاصا وروما نعم زعم بعض أن الحركة في الوقف بالنقل غير التي في الآخر فمعنى النقل نقل السكون لاآخر ونقل حركة من خارج أجيلبها إلى ما قبل الآخر . اللهم ببركة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وبركة السورة أخز النصارى وأهنهم واكسر شوكتهم وغلب المسلمين والموحدين عليهم صلى الله على سيدنا محمد وآله وصحيه وسلم . ٢٣٨٠ سورة لم يكن وتسمى سورة أهل الكتاب وكذا سميت في مصحف أبي وسورة البينة وسورة القيامة وسورة البرية وسورة الإنفكاك مكية .وقيل مدنية ونسب للجمهور ونسب الأول لإبن عباس ى وقيل أنه أشهر وأنه مذهب الجمهور . وآيها ثمان وكلماتها أربع وتسعون وحروفها ثلاثمائة وتسعة وتسعون حرفا . وعنه صلى الله عليه وسلم من قر سورة " لم يكن الذين كفروا " كان يوم القيامة مع خير البرية مبيتا ومقبلا وذكروا أن من شربت ماعها من الحوامل نفعها وإذا علقت على الأورام أزالتها وإن علقت على صاحب اليرقان وكتبها أيضا ومحاها وشرب ماعها أذهبه الله عنه واليرقان بالمثناة آخر الحروف مفتوحة مع الراء وقد تسكن الراء مرض يتغير منه لون البدن فاحشا الى صفرة أو سواد يجريان الخط الأصفر والأسود إلى الجلد وما يليه بلا عفونة بسم الله الرحمن الرحيم "( لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب ) اليهود والنصارى ومن للبيان وكفرهم كفر شرك فإنهم ألحدوا في صفات الله وقول اليهود عزير ابن الله وتشبه الله بخلقه وقول النصارى المسيح ابن الله وثالث ثلاثة ومن كفر بنبي مشرك شرك جحود وهم كفروا بنبينا صلى الله عليه وسلم وزعم من زعم أنهم منافقون . "( والمشركين ) عبدة الأوثان0وقرأ ابن مسعود لم يكن المشركون وأهل "(منفكين ) منتهين وزائلين عن كفرهم وشركهم وهو من الإنفكاكالكتاب ٢٨١ التام لا الناقص ويجوز أن يكون ناقصا فيقدر له خبر أي منفكين كافرين ومشركين وزعم بعضهم أنه لا مدخل للناقص هنا0ويجوز تقدير منفكين عن الوعد بالإيمان بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم إذا جاعهم أو منفكين واعدين . "ح(تى تأتيهم البينة ) رسول الله صلى الله عليه وسلم أو القرآن فإنهما مبينان للحق أو معجزة الرسول ومعجزته هي الإقحام به "(رسول من الله ) بدل من البينة ويقدر مضاف إن فسرت البينة بالقرآن أي بينة رسول من الله حال "( يتلو ) نعت رسول أووقرأ ابن مسعود رسولا بالنصب على الحال منه إن علقناه من به أبومحذوف نعت له لا إن علقناه بتأتيهم لعدم مسوغ مجيء الحال من النكرة كذا قيل والظاهر جواز الحالية ولو علق بتأتيهم فإن رسولا صفة فالحالية منه أو من موصوف محذوف أي رجل مرسل أو من الضمير المستتر في رسول قيل أو رسول مبتدأ خبره يتلو . "( صحفا ) قال قتادة والضحاك القرآن في صحفه وقال الحسن الصحف إلا المطهرون أوها س لا م أو ياطل في السماء "م(طهرة ) لياأتيها الب معظمة وأسند التلاوة من الصحف لرسول الله صلى الله عليه وسلم وإن كان أميا لأنه لما كان يحفظ ما كتب فيها ويدرسه كان كقارىء كتابتها وقيل الرسول جبريل . "( فيها كتب قيمة ) في الصحف مكتوبات مستقيمة مناطقة بالحق0وقيل في تلك الصحف التي هي صحف القرآن الكتب المنزلة فإنه متضمن لها أي ٢٣٨٢ فيها أحكام كتب عظام قيمة ى وقيل معنى قيمة وستقلة بالحجة.قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه أي الخلق أعجب إيمانا قالوا الملائكة قال الملائكة في السماء فما لهم لا يؤمنون قال أي الخلائق أعجب إيمانا قالوا النبيون قال النبيين ينزل عليهم الوحي فما لهم لا يؤمنون قال أي الخلائق أعجب إيمانا قالوا أصحابك قال أصحابي يرونني ويسمعون كلامي فما لهم لا يؤمنون قال أعجب الخلائق إيمانا قوم يأتون من بعدكم فيجدون كتابا في رق فيؤمنون به0وعنه صلى الله عليه وسلم خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم . "( وما تفرق الذين أوتوا ) أعطاهم الله ٭( الكتاب ) حقيقة فشمل التوراة والإنجيل ولم يذكر المشركين هنا لأنه إذا تفرق أهل الكتاب مع أنهم على علم بوجود النبي صلى الله عليه وسلم في كتبهم فالمشركون الذين لا كتاب لهم أولى بالتفرق ونفرق أهل الكتاب تفرقهم عن الحق وانقشاعهم عنه أو كأنهم فرقا مؤمن وكافر قائل ليس محمد بالموصوف في الكتاب الذي بين أيدينا وعارف معاندا وما تفرقوا عن الوعد بالإصرار علي الكفر . "إلا من بعد ما جاعتهم البينة ) القرآن أو محمد صلي الله عليه وسلم أو البينة في كتبهم أنه نبي مرسل أي تفرقوا وقد رأوه في كتبهم ى قيل لم يزل أهل الكتاب مجتمعين على تصديق النبي صلي الله عليه وسلم حتى بعثه الله فمؤمن ومكذب وما مر من أول السورة إلى هذا الموضع من مشكل القرآن فقيل تأنى بمعنى أنت أي لم يتركوا كفرهم حتى جاعتهم البينه وهو النبي أو ٢٣٨٢٣ القرآن زاد هما الله شرفا فآمنوا وتركوا الكفر لأنه صلى الله عليه وسلم قد بين لهم ولا شك أن الذين آمنوا بعضهم بقرينة الحال المشاهدة وبقرينة الفرق في أهل الكتاب صريحا وفي غيرهم ضمنا فحاصل ذلك أن بعضا آمن وبعضا كفر وهذا تفرق وقد اجتمعوا من قبله على التصديق وأنهم لا يتركون دينهم حتى يأتيهم هذا الرسول الموصوف في التواة والإنجيل فلا مناقضة بين قوله حتى تأتيهم البينة وقوله وما تفرق الخ ويجوز أن يكون قوله لم يكن الذين كفروا الخ حكاية لما قالوه أو المراد لم يكونوا منفكين كاعتقادهم لاغي وخله وما تفرق الذين الخأو تلفي كلمة في أي اعتقدوا أن لا ينفكوا حت وىقال اخبارا عن الواقع والمعنى انهم وعدوا بالايمان والانفاق عليه عند مجيء رسول الله صلى الله عليه وسلم ولما جاء كفر بعض وامن بعض وما وقع هذا الا متبرق الا بعد مجيئه وقد كانوا من قبل متمتفقين على الايمان اذا جاء او المراد انهم انفكوا عن الايمان اذا جاء ثم ما فرقهم عن الحق ولا اقرهم الا مجيئه وزاد والكفر بمجيئه ونظيره ان بقول الفقير الفاسق لمن يعظه لا انقك حتى يرزقني الله الغنى ولما اغناه زاد فسقا فيقول واعظه ففسقت الا اليوم يريد أن فسقه اشتد وقوي بالغنى وعلى الوجه الذي قيل هذا فكان الواعظ قال له لم تكن منفكا عن الفسق حتى يغنيك الله فما غمست رأسك في الفسق الا بعد ان اغناه يذكره ما كان يقول قبل الإغناء توبيخا وإلزاما للحجة أو المراد لم يكونوا منفكين عن الإجتماع على التصديق حتى تأتيهم ولما أتتهم تفرقوا . ٢٣٨٤ وعن الفراء لم يكونوا منفكين عن معرفة صحة نبوة محمد والتوكف لأمره حتى جاعتهم البينة فتفرقوا أو المراد لا ينتهون حتى أفعل فيهم موجب الإنتهاء وهو بعث الرسول أي لا أتركهم سدى وهذا كما تقول لعبدك الخائن لا تنفك عن الخيانة حتى يجعل لك رقيبا أو حتى يعافيك بكذا تريد أنك لابد لك من الجعل أو العقاب قال الرازي أو المراد أنهم لا ينفكون وإن جاعتهم البينة إلا أن تفسير حتى بذلك ليس من اللغة في شيء . "( وما أمروا) أي ماأمر الله أهل الكتاب الكفار في التوراة والإنجيل "( إلا ليعبدوا ) اللام زائدة وأن الناصبة وباء الجر محذوفتان أي إلا بأن يعبدوا وقرأ ابن مسعود إلا أن يعبدوا "( الله) أو اللام غير زائدة بل تعليلية أي وما أمروا بما في الكتابين إلا أن يعبدوا الله بإخلاص العبادة له كما قال "( مخلصين له الدين) ولكنهم بدلوا وحرفوا أي يجردوا الدين عن الشرك وقيل الدين العبادة وعنه صلي الله عليه وسلم نصر الله هذه الأمة بضعفائها ودعوتهم وإخلاصهم وصلاتهم س وقال إن الله جل وعلا يقول الإخلاص سر من سري استودعته قلب من أحببت من عبادي وقال لمعاذ من أخلص العمل لله أربعين يوما ظهرت ينابيع الحكمة من قلبه على لسانه وكتب بعضهم إلى أخ له أخلص النية في أعمالك يكفيك القليل منها وقال بعض في إخلاص ساعة نجاة الأبد ولكنه عزيز فالعلم نور والعمل زرع وماؤه الاخلاص وهو مراد الله من العمل وقال الحسن ان لله عبادا عقلوا فلما عقلوا عملوا فلما عقلوا أخلصوا فاستدعاهم الإخلاص الى أبواب البر اجمع وقال بعضهم __٣٨٥ الأمر كله يرجع الى أصلين فعل من الله لك وفعل منك له فارض بما فعل وأخلص فيما تفعل فاذا فعلت بهذين فزت في الدارين والاخلاص تصفيه العمل عن مفسداته كالرياء والسمعة وغيرهما من الكبائر جميعا وقيل ان يكون سكون العبد وحركاته لله تعالى خاصة وقيل أن لا يطلع على العمل شيطان فيفسده ولا ملك فيكتبه وقيل اخراج الخلق عن معاملة الخالق سبحانه وتعالى وقيل هو دوام المراقبة ونسيان الحظوظ كلها وروي انه صلى الله عليه وسلم سئل عنه فقال ان تقول ربي الله ثم تستقيم كما امرت اي لا تعبد هواك ولا تعبد الا ربك وتستقيم في عبادته كما امرت واجمعوا ان النجاة في اجتماع ثلاث الاسلام الخالص عن بدعة وهوى والصدق لله في العمل وطيب المطعم قال بعضهم الاخلاص ان يريد الله بطاعته لا سواه فاما ان يريد الخلاص من العقاب او الفوز بالثواب او اياهما او حياء من الله او حبا له من ملاحظة ثوب او عقاب او تعظيما له وفي الاية دليل على وجوب النية بالطاعة ولا ثواب لها الا بالنية فلا يصح الوضوء الا بالنية لرفع الحدث واداء ما وجب هذا مذهبنا معشر الاباضية ومذهب الشافعية وعن بعضهم الاخلاص ان لا يطلب بعمله الجنة والا النجاة من النار بل يعمل اعترافا بالعبودية لنفسه والربوبية لله سبحانه. "( حنفاء ) مائلين عن الاديان كلها الى دين الاسلام وقيل متبعين ملة ابراهيم عليه السلام حججا وقدمه على الصلاة والزكاة لان فيه صلاة وانفاق مال وقيل مختونين وقيل مؤمنين بجميع الانبياء . ٢٣٨٦ (" ويقيموا الصلاة) يؤدوا صلا[ الفرض بشروطها وما تتم به "( ويؤتوا ) اهل الزكاة "( الزكاة ) واهل الزكاة فن ذكر في سورة التوبة وقيل ذكر الزكاة مع ذكر بني اسرائيل يقوي القول ان السورة مدنية لان الزكاة انما فرقت بالمدنية وانما دفع صلى الله عليه وسلم الى مناقضة اهل الكتاب بالمدينة . "( وذلك ) الذي امروا به ٭( دين القيمة) الملة المستقيمة او الكتب المستقيمة او الجماعة المستقيمة او الامة المستقيمة وزعم بعض ان التاء للمبالغة فاما ان يجعل القيم هو الله فلا لان تاء المبالغة لا تلحق صفات الله لا يقال مكانها علامة ولا سماعة واما ان يجعل صفة للنبي صلى الله عليه وسلم فجائز0وقيل القيامة جمع قائم اي دين القائمين بالله بالتوحيد وهو وقرأ ابن مسعود الدين القيمة بتعريف الدين ونعته بالقيمة وتاعءه للمبالغة لا للتأنيث او هي للتأنيث على تأويل الدين بالملة او الشريعة والاحكام وفي الاية دليل على ان الايمان قول وعمل اذ ذكر الاعتقاد اولا والعمل ثانيا ثم قال وذلك دين القيمة والدين هو الاسلام والاسلام هو الايمان بدليل فأخرجنا من كان فيها من المؤمنين فما وجدنا فيها غير بيت من المسلمين كذا قيل والظاهر ان الايمان اعتقادا وإنما يشترط القول اعلاما للناس أو اعتقادا وقول واما العمل فشرط للثواب والنجاة ودليل على قوة الايمان وضعفه . "( إن الذين كفروا من اهل الكتاب والمشركين في نار جهنم خالدين ) حال من ضمير الاستقرار في قوله في نار وهي مقدرة "( فيها) وذلك وعبد لهم ‏٢٣٨٧ وقدم اهل الكتاب لان جنايتهم اعظم لانهم علموا بأمر الله وقد كانوا يستفتحون برسول الله صلى الله عليه وسلم قيل بعثه ويعترفون برسالته فلما بعث انكروه حسدا وارادوا الرفعة في الدنيا بانكاره فأذلهم الله في الدنيا وجعلهم اسفل دركة من الذين انكروا الله والانبياء لان انكار نبي واحد انكار لجميع الانبياء وكفر بالله وقيل دركة للمشركين اسفل وقال في نار جهنم لانهم كانهم فيها الان للتحقق دخولهم اياها او لملابستهم ما يوجب دخولها او يقدر الخبر مضارعا اووصفا مستقبلا اي يثبتون فيها يوم القيامة . "( أولئك هم شر البرية ) ولذلك دخلوا جهنم والبرية فعيلة بمعنى مفعوله اي مبروءة اي مخلوقة وذلك قراءة نافع وابن ذكوان وقر الباقون البرية بتشديد الياء قلبا للهمزة ياء وادغاما للياء فيها والوزن والمعنى مثل ما مر وكذا في الذى بعد "( ان الذين امنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية ) لاجتنابهم الشرك ولاعمالهم الصالحة وقرىء خيار البرية جمع خير بتشديد الياء كجيد وجياد وطيب وطياب بالغ في المؤ منين بمدحهم اولا وبذكر الجزاء المشعر بان ما اعطاهم الله في مقابلة ايمانهم وعملهم اذ قال "( جزاؤهم عند ربهم جنات عدن ) وبالغ بجمع جنة وبالإضافة لعدن اي اقامة وبوصف الجنات بما يزداد بها نعيمها من الانهار والخلود اذ قال " ( تجري من تحتها الانهار خالدين ) حال مقدرة وباكيد الخلود بقوله "( فيها ابدا ) واستأنف ذكر الزيادة على جزائهم بقوله "( رضي الله عنهم ) بطاعتهم له ولم يسخط ٢٣٨٨ عليهم وقيل اعمالهم ولم يرددها عليهم وقيل وفقهم واظهر عليهم اثار رحمته في الدنيا . "( ورضوا عنه ) بثوابه قنعوا به اذ لم يلتهم من اعمالهم شيئا وتفضل عليهم وبلغهم أقصى امانيهم فيما فعله بهم مرضى لهم موافق لطبائعهم وقيل رضوا بما فعله في الدنيا من القضاء والقدر جميعا وعن بعضهم الرضا به ان يكون عندك ربا مدبرا والرضى عنه قبول قضائه وقدره قال السدى وسري السقطي إذا كنت لا ترضى عن الله فكيف تطلب منه الرضا عنك ‏٠ (" ذلك ) المذكور من الجزاء والرضى ‏ (٦لمن خشي ربه ) خافه فترك المعاصي فان الخشية ملاك الامر والباعث على كل خير.قال صلى الله عليه وسلم لابي ان الله امرني ان اقزأ عليك لم يكن الذين كفروا قال وسماني اي ذكرني باسمي قال نعم فبكى . وفي رواية ان الله امرني ان اقرئك القران قال الله سماني لك قال نعم فبكى وفي رواية وذكرت عند رب العالمين قال نعم فاغر ورقت عيناه اي اسرعتا بالدموع وانما بكى سرورا واستصغارا لنفسه عن تأهله لذكره باسمه وقراعته صلى الله عليه وسلم وخوفا من تقصيره في شكر النعمة ‏٠ وخص هذه السورة لجمعها لاصول وقواعد مهمة مع وجارة وامر بذلك ليتعلم بالقراءة من الفاظه ليتعلم غيره التواضع وفي ذلك تنبيه على فضل ابي وحث على الاخذ عنه وتقديمه وكان بعده صلى الله عليه وسلم رأسا واما في امر القراءة فكاحد الصحابة . ٢٣٨٩ أخز ‏ ١لنصا رىصلى الله عليه وسلم وبركة ‏ ١لسورة‏ ١للهم ببركة سرد نا محمل و هنهم وا كسر شوكتهم وغلب ا لمسلمس ‏ ١و لموحد ين عليهم صلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم كثيرا سورة الزلزلة مكية وقيل مدنية والأول مذهب ابن عباس والثاني لقتادة ومقاتل0آيها ثمان وكلماتها خمس وثلاثون وحروفها مائة وتسعة وأربعون س وعنه صلى الله عليه وسلم من قرأ سورة إذا زلزلت أربع مرات كان كمن قرا القرآن كله ‏ ٧وروى ابن عباس أنها تعدل نصف القرآن،قالوا من أكثر من قراتها في الصلاة فتح له كنز من كنوز الدنيا وتكتب في طست لم يستعمل ويشرب ماؤها فينفع اللوقة بإذن الله ومن قرأها وهو داخل على سلطان يخافه زال عنه ما يخافه ويحذره ولم يحضرني الآن معنى اللوقة . بسم الله الرحمن الرحيم "( إذا زلزلت الأرض زلزالها ) تحركت تحركها الموعود الثابت لها أو المناسب لعظمها وهو تحرك شديد وذلك عند قيام الساعة ى وقيل تزلزلت من شدة صوت اسرافيل وينكسر كل من عليها لشدة تحركها ولا تسكن حتى تلقي ما عليها من بناء وجبل وشجر وذلك في الدنيا وهو من علامات الساعة موقيل ذلك زلزلة يوم القيامة وعبارة بعضهم وذلك عند النفخة الأولى أو الثانية وهي زلزلة البعث والمراد واحد0قيل نزلت السورة وأبو بكر رضي الله عنه قاعد فبكى بكاء شديدا حتى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يبكيك يابا بكر قال أبكتني هذه السورة فقال عليه الصلاة والسلام لو أنكم لا تخطئون ولاتذنبون لذهب بكم ى وأتى بقوم يخطئون ويذنبون فيغفر لهم وفي رواية لو لم تذنبوا لخلق الله أمة بعدكم يذنبون فيستغفرون فيغفر الله والزلزال ٢٣٩١ ى وقرىء بفتح الزاي على أنه اسم الحركة لا مصدرمصدر زلزل كدحرج بمعنى التحرك وليس في الابنية فعلال بفتح الفاء إلا في المضاعف س وأجاز ابن هشام أن يعني بالمفتوح المصدر فيكون الفتح تخفيفا من الكسر لثقل التنضعيف م وقال ابن مالك الفتح نادر قال السيوطي وأجازه الزمخشري وقياسا ورد بأن النادر لا يقاس عليه انتهى. "( وأخرجت الأرض أثقالها ) كنوزها.قال صلى الله عليه وسلم تلقي الأرض أفلاذ كبدها أمثال الأسطوانة من الذهب والفضة فيجيء القاتل فيقول في هذا قتلت والقاطع فيقول في هذا قطعت رحمي والسارق فيقول في هذا قطعت يدي ويتركونه فلا يأخذون منه شيئا.والأفلاذ جمع فلذة وهي القطعة المستطيلة شبه ما يخرج من باطنها بقطع الكبد فإنه كان مستورا فيها كما ستر الكبد ‏ ٨وخص الكبد لأنها من أطيب ما يشوى عند العرب من الجزور ث ومن قال ذلك وقت البعث قال الأثقال الموتى فإنهم ثقال فيها كما كانوا عليها حال الحياة ونسب الإخراج الى مكانه وهو لله حقيقة . "( وقال الإنسان ) قال الجمهور المؤمن والكافر ٭ ( ما لها ) استفهام حقيقي أو تعجبي وذلك أنهم يتعجبون من تحركها وتلفظها بما في بطنها وذلك في الدنيا من أشراط الساعة وقيل الإنسان الكافر وذلك تزلزل البعث فتلقي ما فيها من الأموات فيسال الكافر ما لها لأنه جاحد للبعث وأما المؤمن فلا يسئل لأنه مقربه فقول الكافر ذلك كقوله من بعثنا من مرقدنا والمؤمن يقول " هذاما وعد الرحمن وصدق المرسلون " وقيل إن ذلك عند تزلزل البعث ٢٩٢ وآن الإنسان المؤمن والكافرون يقولون ذلك لما يبهرهم من الأمر الفضيع . "( يومئذ ) بدل من إذا "( تحدث أخبارها ) جواب إذا أو يوم متعلق يتحدث وجواب إذا محذوف دل عليه تحدث،والمفعول الأول لتحدث محذوف أي تحدث الخلق والثاني أخبارها لكنه مقيد أي بإخبار سمي ما يعلم من حالها تحديثا مجازا فإنها إذا تحركت وألقت علم أن هذا ما كانت الأنبياء تذكره من أشراط الساعة أو من البعث فكأن الأرض تكلمت بذلك . وقيل ويخلق الله لها كلاما فتنطق حقيقة تخبر بما عمل عليها مخنير أو شر لكن هذا يوم البعث وكذلك ورد في حديث . وذكر ابن مسعود ذلك أيضا وعنه أيضا صلى الله عليه وسلم لا يسمع صوت مؤذن إنس ولا جان ولا شيء إلا إذا شهد له يوم القيامة ى وعن ابي هريرة عنه صلى الله عليه وسلم أتدرون ما أخبارها ؟ قالوا الله ورسوله أعلم قال فإن أخبارها أن تشهد على كل عبد وأمة بما عمل على ظهرها تقول عمل على كذا يوم كذا . "( بأن ربك أوحى لها ) والباء للسببية واللام على أصلها لأن ذلك شيء تحبه تتنشفى به من العصاة أي تحدث لأجل إيحاء ربك لها أن تحدث س وقال ابن عباس اللام بمعنى قيل المشهور إن أوحى يتعدى بإلى وعدي باللام مراعاة للفواصل ويجوز أن يكون بأن ريك الخ بدلا من إخبار لأن المعنى تحدث بأخبارها والإيحاء بمعنى الأمر مجاز0وقرأ ابن مسعود ننبىء أخبارها بالتشديد وقر سعيد بن جبير تنبىء بالتخفيف . ٢٣٩٢٣ (" يومئذ يصدر ) ينصرف عن موقف الحساب ٭( الناس أشتاتا) متفرقين بعضهم إلى الجنة وبعضهم إلي النار " ( ليروا أعمالهم ) مضارع أرى الرباعي وهو مبني للمفعول من الرؤية البصرية تعدت للاعمال وهو المفعول الثاني بنفسها علي حذف مضاف أي جزاء أعمالهم وهو الجنة والنار وللأول بالهمزة وهو الواو والنائب عن الفاعل المفتوح في قراعتنا نقلا من الهمزة بعده ‏ ٧وقيل يصدرون من قبورهم إلى الموقف للحساب متفرقين حالا على حسب أحوالهم في العمل والإعتقاد فبعض أسود وبعض أبيض وبعض راكب وبعض ماش ث وعليه فورودهم إلى القبر بالموت ونسب للجمهور وعلى الأول فورودهم إلى الموت . وقرأ النبي صلى الله عليه وسلم ليروا بفتح الياء من الرؤية البصرية الثلاثية المبنية للفاعل الذي هو الواو المتعدية للواحد الذي هو الأعمال ولما نزل ويطعمون الطعام علي حبه كان رجل يأتيه السائل فيستثقل أن يعطيه التمر والكسرة والجوزة ونحوها ويقول إنما نؤجر على ما نعطي ونحن تحبه وكان رجل يتهاون بالذنب الصغير وربما تهاون بالكذبة والغيبة والنظرة ونحوها ويقول إنما وعد الله النار علي غير ذلك فأنزل الله: "( فمن يعمل مثقال ) زنة "( ذرة ) نملة صغيرة تزن حبة الشعير مائة من جنسها وقيل الذرة الحبة مما يرى في شعاع الشمس وقيل مما يلصق باليد ٭( خيرا ) تمييز "( يره ) في كتابه فيجازى عليه أو يرىمن الأرض جزاءه "( ومن يعملا مثقال ذرة شرا ) تمييز "( يره ) ترغيبا في القليل ٢٣٩٤ من الخير يعطونه السائل فإنه يوشك أن يكبر وتحذيرا من الذنب فإنه يوشك أن يكون كالجبل العظيم ولو صغر عند فاعله ومن عزف جلال الله لم يصغر عند ذنب وتصدق عمر بحبة عنب وكذا عائشة وقالا فيها مثاقيل كثيرة وذلك منهما تعليم للغير وإلا فهما رضي الله عنهما من أكرم الصحابة . وبينما عمر ضي الله عنه بطريق مكة ليلا إذ رأى ركبا مقبلين من جهة فقال لبعض من معه.سلهم من أين أقبلوا فقال أحدهم من الفج العميق نريد البلد العتيق فأخبر عمر بذلك فقال اوقعوا في هذا قل لهم فما أعظم آية في كتاب الله وأحكم آية وأعدل آية وأرجى آية وأخوف آية فقال قائلهم أعظم آية آية الكرسي وأحكمها " إن الله يأمر بالعدل والإحسان " وأعدلها " فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره " الخ وأرجاها " إن الله لا يظلم مثقال ذرة وإن تكن حسنة يضاعفها ويؤت من لدنه أجرا عظيما " وأخوفها " من يعمل سوء يجز به " فأخبر عمر بذلك فقال أفيكم ابن أم عبد فقالوا نعم وهو الذي كلمك ومعني أعظم آية أعظمها ثوابا لقارعها قيل لما نزلت هذه الآية خطب صلى الله عليه وسلم خطبة عظيمة منها قوله ألا وإن الدنيا عرض حاضر ياكل منه البر والفاجر ألا وإن الآخرة أجل صادق يقضي فيها ملك قادر ألا وأن الخير كله بحذافيره في الجنة وأن الشر بحذافيره في النار ألا فاعلموا وأنتم من اله على حذر وإنكم معروضون على أعمالكم " فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره " قال سهل لايستصغر شيء من الذنوب وإن قل فانهم قالوا اربعة بعد الذنب شر منه الاستصغار والاصرار والاستبشار والافتخار يا معشر ٢٣٩٥ المسلمين لقد اعقبتم الاقرار باللسان واليقين بالقلب ان الله واحد ليس كمشه شيء وان لكم ليوما يبعثكم فيه وليسألكم فيه عن مثاقيل الذر من اعمالكم فان كان خيرا اثابكم او شرا عاقبكم ان شاء فحققوه بالفعل وقيل وكيف ذلك قال بخمسة اشياء لا بد لكم منها اكل الحلال ولبس الحلال وحفظ الجوارح واداء الحقوق كما امركم به وكف الاذى عن المسلمين كي لا يذهب باعمالكم قصاصا يوم القيامة ثم استعينوا على ذلك كله بالله سبحانه حتى يتهث لكم قيل فكيف يصح للعبد هذه الاحوال قال لا بد له من عشر بدع خمسا ويتمسك بخمس يدعو وسواس العدو ويتبع العقل فيما يزجره ويدع اهتمامه لأمر الدنيا ويتركها لأهلها ويهتم بالآخرة ويعين أهلها ويدع اتباع الهوى ويتقي الله تعالى على كل حال ويترك المعصية ويشتغل بالطاعة ويدع الجهل والإقامة عليه ويطلب العلم به قيل له وكيف لنا أن نقيمها ونعمل بها قال لابد من أربعة لا يتعب نفسه فيما كان مصيره إلى التراب ولا يرغب فيه ولا يتخذ إخوانا مصيرهم إلى التراب ولا يرغب فيهم ويعلم أنه عبد وأن مولاه عالم بحاله قادر على فرحه وترحه رخيم به وإن قلت سيئات السعيد مغفورة لأنه لا يموت إلا ثائبا وصغائره محرقة بإجتناب الكبائر .وحسنات الشقي محبطة بكفره ولا يجازى السعيد إلا بحسناته ولا الشقي إلا بسيئاته فما معنى الجزاء بالخير والشر قلت ذلك الجزاء على التوزيع فالجزاء بمثقال الذرة من الخير للسعيد والجزاء بمثقال الذرة من الشر للشقي أو حذف القيد أي من يعمل مثقال ذرة خيرا يره إن لم يبطله ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره إن لم __٢٩٦ يغفر له وأجاز بعضهم أن تكون سيئات السعيد تنقص من ثوابه فذلك جزاؤه بها وحسنات الشقي تنقص من عقابه فذلك جزاؤه بها وعن محمد بن كعب القرظي بالظاء المشالة من يعمل مثقال ذرة من خير من الكفار يجازه به في الدنيا ويخرج منها ولا خير له ومن يعمل مثقال ذرة من شر من المسلمين يجازه به في الدنيا فيخرج منها بلا شر . وروي أن أبا بكر لما نزلت الآية بكى وقال أو اسئل عن مثاقيل الذر يوم القيامة ) فقال له النبي صلى الله عليه وسلم يا أبا بكر ما رأيته في الدنيا مما تكره فمثاقيل ذر الشر ويدخر لك الله مثاقيل ذر الخير إلى الآخرة ‏ ٧وعن ابن عباس ليس مؤمن ولا كافر عمل خيرا أو شرا في الدنيا إلا أراه الله يوم القيامة أما المؤمن فيرى حسناته وسيئاته فيغفر الله له سيئاته ويجازيه بحسناته وأما الكافر فيرى حسناته وسيئاته فيعذب بسيئاته والآية تفصيل لقوله " ليروا أعمالهم " ولذلك قرنت بالفاء ويدل له قراءة ابن عباس وزيد بن علي خيرا يره وشرا ييره بالبناء للمفعول ! وسئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن زكاة الحمير فقال ما أنزل الله علي شيئا إلا هذه الآية الجامعة الفاذة " فمن يعمل مثقال ذرة " الخ . وقال الشنواني عن موضع من صحيح البخاري وقع حذف العاطف في حكاية الآية التي فيها عاطف في أحاديث منها قوله صلى الله عليه وسلم حين سئل عن الخمر ما أنزل علي فيها شيء إلا هذه الآية الجامعة الفاذة:فمن يعمل متقال ذرة " بإسقاط الفاء7ومر رجل بالحسن يقرأ السورة ولما بلغ آخرها ٢٣٩٧ قال حسبي الله قد انتهت الموعظة ى وقرأ هشام يره في الموضعين وغيرهما بقصر الهاء والباقون يمدونها بالواو كما يمدها نافع لعدم اعتباره للساكن المحذوف . الهم يارب ببركة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وبركة السورة أخز النصارى وأهنهم واكسر شوكتهم وغلب المسلمين والموحدين عليهم صلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم عدد ما ذكرك وذكره الذاكرون . ٢٣٩٨ العادياتسورة مكية عند ابن مسعود مدنية عند ابن عباس ‘ ايها إحدى عشرة وكلماتها أربعون وحروفها مائة وثلاثة وستون8وعنه صلى الله عليه وسلم من قرا سورة العاديات أعطي من الأجر عشر حسنات بعدد من بات بالمزدلفة وشهد جمعا وقالوا من كتبها وامسكها عنده امن من كل ما يخافه ويحذره وقرأتها تيسر الرزق وتؤمن الخائف وتهدي الولهان باذن الله تعالى ‏٠ (" والعاديات ) الخيل التي تعد في الغزو والعدو نوع من المشية وذلك قول ابن عباس وقال على الابل تعدو من عرفة الى المزدلفة ومن المزدلفة الى منى قال اول غزو في الاسلام غزو بدر وما كان معنا الا فرسان فرس للزبير وفرس للقداد بن الاسود فكيف تكون العاديات ‏ ٠وروي عنه ان المراد الابل المذكور وابل غزوة بدر وقال ابن مسعود الابل مطلقا وقيل بعث الرسول صلى الله عليه وسلم سارية الى حي من كنانة واستعمل عليهم المنذر بن عمر والانصاري فأبطأ خبرهم شهرا فقال المنافقون قتلوا جميعا فاخبر الله عنها بهذه السورة قلت والمراد ببدر بدر الكبرى لكن ذكر بعضهم ان معهم فرسا ل ثالثا لمرتد الغنوي . "( ضبحا ) مفعول مطلق الحال محذوفة اي تضبح ضبحا او ضابحات ضبحا او للعاديات لاستلزام العدو الضبح او حال بمعنى ضابحات او ذوات ٢٣٩٩ ضبح والضبح صوت جهير عند العدو وعند الداودي الصوت الذي يسمع من اجوافها عند الركض وحكاه ابن عباس اح اح وفسر بعضهم ضبح الابل بمد اعناقها في السير وقال ان اصلها من تحرك النار في العود ‏٠ (" فالموريات ) الخيل التي توري اي تخرج النار "( قدحا ) بحوافرها مع الحجارة وانما تظهر اذا سارت ليلا وتسمى نار الحباحب وذلك قول ابن عباس وقال علي وابن مسعود هي الابل لانها في عدوها ترجم الحصى بالحصى فيتطاير منه النار وعن ابن عباس ايضا وجماعة الكلام العام في كل ما يقدح نارا والقدح ضرب الشيء باشيء اخرجا للنار وعراب قدحا كاعراب ضبحا وعن ابي البقاء مصدر مؤكد لان الموري هو القادح ‏٠ (" فالمغيرات ) الخيل تغير على العدو بضم الدال وتشديد الواو والمغير اهلها واسند الاغارة اليها لانها واسطة والاغارة اسنراع السير للوقوع على العدو وذلك قول الحسن وابن عباس وجماعة كثيرة ٬عن‏ علي بن مسعود الابل من مزدلفة تسرع الى منى وفي بدر فالمراد بالاغارة مطلق اسراع السير والسنة ‏٠ان لا تدفع حتى تصبح (" صبحا ) ظرف وهو وقت غفلة العدو "( فاثرن ) هيجن "( به ) اي باغارتهم وذكر لتأويله بالمذكور او بعدوهم او الباء بمعنى في والضمير للصبح او المكان العدو او الاغغارة ‏٠ (" نقعا ) غبارا او صباحا والغبار بالخيل اولى وقر ابو حياة فاثرن بالت إما شديد بمعنى اظهرن واما قلبا لثورن فيصير وثرن فقلبت الواو همزة واثرن معطوف على المغيرات لانه بمعى اغرن وكذا ما قبله ‏٠ .٤٠ ٠ (" فوسطن به ) اي بالنقع او بالعدو او بالمذكور من الاغارة او في ذلك الوقت ومن ارجع الهاء في فاثرن به نقعا للمكان لم يرجع الهاء هنا اليه بل للنقع مثلا(" .جمعا ) جماعة من الاعداء قاله ابن عباس وجماعة وقال علي وابن مسعود المراد الابل وجمع مزدلفة وقرىء بتشديد السين للمبالغة او للتعدية فعليها الباء زائدة للتاكيد والهاء للنقع او للعدو باسكان الدال او للمذكور من الاغارة . وعن ابن عباس كنت جالسا في الحجر فجاء رجل فسألني عن العاديات ضبحا فسرتها له بالخيل فذهب الى علي وهو تحت ساقية زمزم فسا له وذكر له ما قلت فقال دعه لي فلما وقفت على رأسه قال تفتى للناس بما لا علم لك به والله لان كانت اول غزوة في الاسلام بدر وما كان معنا الا فرسان العاديات ضبحا الابل من عرفة الى مزدلفة الى منى فان صحت الرواية فقد استعير الضبح للابل كما استعير المشافر والحافر للانسان والسفتان للمهر والثفر للثور والضبح عند بعضهم لا يكون الا للفرس والكلب والثعلب وقيل الضبح بمعنى الضبع ضبحت الابل وضبعت هزت اصباعها في السير وهو ضعيف وممن خص الضبح الذي هو الصوت المذكور بالفرس والكلب والثعلب ‏٠ وانما تضبح هذه الحيوانات اذا تغيير حالها من تعب او فزع منابن عباس قولهم ضبحته النار اذا غيرته وقيل المراد بذلك كله الخيل وان اراتها النار تهيج الحرب ونار العداوة بين اصحابها.عن ابن عياش الخيل تغزوا فى ٤٠١ سبيل الله ثم تأوي في الليل فيوري اصحابها نارهم لطعامهم وقيل الايراءة مكر الرجل في الحرب يقال اما والله لقدحنا لك ثم لاورين لك وقول علي لا يتعبن بجواز كون القسم وقع بمطلق جماعة الخيل او الاتية بعد وقد مر عن بعض ان الخيل يوم بدر ثلاثة واقسم الله بالخيل او بالابل لما فيها من المنافع الدينية والدنيوية وفي الابل الحجية ترغب في الحج وتعريض بمن لم يحج حيث اقسم على الكند وهو الكفر فان جواب القسم هو قوله: "(ان الانسان لربه لكنود ) كفور لربه جاحد له أو كفور لنعمه وقيل أقسم بالنفوس العاديات اثر كما لهن بالموريات بافكارهن انوار المعارف والمغيرات على الهوى والعاديات إذ ظهر لهن فيرى انوارا القدس فأثرن به شوقا فوسطن به جمعا من جموع علتين وقيل الكنود العاصي وهو لغة كندة قيل سمي كندة لانه كند أباه وفارقه وقيل الذي يعد المصائب وينسى النعم وعن الفضل الذي انسته الخصلة الواحدة من الاساءة الخصال الكثيرة من الإحسان وضده الشكور الذي انسته الخصلة الواحدة من الاحسان الخصال الكثيرة من الاساءة وقيل البخيل قال الكلبي هو لغة بني مالك وقيل قليل الخير من قولهم أرض كنود أي لاتنبت والجمهور على الأول بوجهيه قال الكلبي الكنود في لغة ربيعة ومضر الكفور للنعمة الذي يآكل وحده ويمنع رفده ويجيع عبده ولا يعطي النائبة في قومه وقال الحسن الذي يلوم ربه ويستبطىء الإجابة وروي عنه الوجه الأول وهو أنه المشرك وعنه صلى الله عليه وسلم اتدرون ما الكنود قالوا لا يا رسول الله قال هو الكفور الذي ياكل ٤٠٢ وحده ويمنع رفده ويضرب عبده وكل نعمة من الله ولو جرت على يد مخلوق وأجل ما أنعم به على الإنسان من مثله نعمة أبويه . "( وإنه ) أي الإنسان "(على ذلك ) أي على كنوده بضم الكاف "(لشهيد ) يشهد على نفسه بالكنود قاله الحسن ومجاهد وذلك يوم القيامة أو جعل أثر الكنود الظاهر عليه كالشهادة ورجع أكثر المفسرين الضمير الى الله وذلك وعيد والظاهر الأول لموافقة ما قبله وموافقة ما بعده وهو قوله "(وإنه ) أي الإنسان "(لحب الخير ) أي المال والصحة والولادة والجاه "( لشديد ) أي قوي في حب ذلك وهو يجمع المال ولو من الحرام ويبخل به ويعصي الله لاجل أولاده وصحته وجاهه0وقيل الخير المال وشديد بخيل ويقال أيضا مشدد وقال طرفة: عقيلة مال الفاحش المتشددأرى الموت يعتام الكرام ويصطفي ويعتام يختار والعقيلة الكريمة واللام للتعليل أي لأجل حب المال وعلى الاول بمعنى في كما مر أو للتعدية أي اشتد وتفرغ للدنيا وإيثارها وأما وإلا فضعيف فيها لا يشتد لها وقيل المراد بالخير خير الدنيا والآخرة فإن المؤمن كثيرا ما يصدر منه عدم الشكر لكنه يتوب أو المراد بالإنسان الكافر الذي أقر بأمر الآخرة أو المراد الناس مطلقا ويتوزع الخير عليهم فالمؤمن يحب خير الدنيا والآخرة وكذا الكافر المقر بأمر الآخرة والمشرك يحب خير الدنيا . "( أفلا يعلم ) هذا الإنسان ‏ (٦إذا بعثر ) بعث وأخرج وبعث وأثير وذلك من باب الحث كقولهم في عبد الدار عبدر وقرىء بحث وبحثر "(ما في ٤٠٢٣ "( وحصل ) جمع محصلا في الصحف أو مميزا بينونتى مملر ) اقبو ال الخير والشر وقرىء ببناء بعثر وبحثر وبحث وحصل بالبناء للفاعل وحصل بالبناء له والتخفيف ‘ "( ما في الصدور ) قال صلى الله عليه وسلم يجازون على نياتهم "( إن ربهم بهم ) قيل لم يقل به أي بما في الصدور لاختلاف شأنهم في الحالين والضميران للانسان لأن المراد به الجنس فروعي لفظه تارة ومعناه أخرى . "( يومئذ ) يوم القيامة "( لخبير) فيجازيهم على قدر نياتهم وأعمالهم وخصص ما في الصدر بالذكر لأنه الأصل وأما في الجوارح تابع والظاهر أن ربهم بهم الخ مفعول يعلم سد مسد مفعولين وجواب إذا محذوف وليس جوابها إن ربهم الخ لعدم الفاء فبطل ما قيل أنه الجواب والمجموع مفعول يعلم ويدل بما ذكرته قراءة أبي السمائل بفتح همزة أن وإسقاط لام لخبير ويومئذ متعلق بخبير ولم تمنع اللام من تقديمه والله خبير في ذلك اليوم وغيره 4وخص ذكر اليوم لأن المراد بكونه خبيرا أنه يجازيهم وما يوم الجزاء إلا يوم القيامة فلو قال قائل إن التقديم للحصر لم يبعد.قال الشريف أن المفتوحة لاسبيل إلى اللام فيها وأما قراءة من قرأ ألا أنهم لياكلون الطعام بفتح الهمزة مع اللام في الخبر فقراءة ضعيفة شاذة ولضعفها وقلتها حدث الحجاج اللام لما فتح الهمزة في قوله تعالى " أن ربهم بهم يومئذ لخبير " لما فتح الهمزة ولم يرجع إلى كسرها حذف اللام لئلا يقال لحن وقد وقع في أعظم اللحن انتهى قلت لعله قر بقراءة أبي السمائل ٤٠٤ ‏ ١خز‏ ١لله علبه وسلم وبركة ا لسورةصلىمحمدببركة سدد نا‏ ١للهم يا رب النصارى واهنهم واكسر شوكتهم وغلب المسلمين والموحدين عليهم صلى الله ,محمد وآله وصحيه وسلمعلى سبدنا مكية‏ ١لقا رعةسورة آيها ثمان وكلماتها ست وثلاثون وحروفها مائة واثنان وخمسون وعنه صلي الله عليه وسلم من قرا القارعة أثقل الله بها ميزانه يوم القيامة س وقالوا إذا علقت على من تعطل رزقه كثر رزقه ومن أدمن قراعتها كان في أمان الله تعالى . بسم الله الرحمن الرحيم ) القارعة ) القيامة تقرع القلوب بأهوالها وأصل القرع الضرب والصوت الشديد وقد قال بعضهم سميت قارعة لصوت اسرافيل لأنه إذا نفخ فى الصور مات جميع الخلق لشدة صوته أو لأنه إذا نفخ فيه بعثوا فزعيبن وقيل القارعة القرعة التي تقرع الكفار من العذاب . "( ما القارعة ) تعظيم "( وما أدراك ما القارعة ) لا علم لك بغايتها لأنه لايبلغها فهم أحد وكيف ما قدر أمرها فهي بخلاف ذلك عظمة وإعراب ذلك كإعراب الحاقة ما الحاقة "( يوم يكون الناس ؛ متعلق بيقرع محذوفا دل عليه القارعة ٭( كالفراش ) الطائر الذي لايزال يتقحم على النار ولم يكتف بالتشبيه فقط بل قيده بأن يكون كثيرا كما قال "(الميثوث ) أي المتفرق المنتشر لكثرته وقال الفراء الفراش المبثوث صغار الجراد المنتشرة ووجه الشبه الكثرة والضعف من كل جانب يذهبون إلى الداعي والذل والتراكب فإن الناس يوم القيامة يموج ٤٠٦ بعضهم في بعض ويتراكبون للهول ويذهبون كذهاب الجراد الى جهات يذهب هذا الجانب وهذا الجانب آخر وسمي فراشا لتفرشه وانتشاره . "( وتكون الجبال كالعهن ) الصوف المصبوغ ألوانا وقر ابن مسعود ٭( المنفوش ) المندوف خفة وتفرقا وتطايرا في الجو هذا فيكالصوف الجبال العظام لشدة القارعة فكيف بالإنسان وتقدم الكلام في ذلك0قال بعضهم القرع قرع الأبدان بسهام الموت وقرع الأعمال بسؤال الله وقرع القلوب بخوف القطيعة . "( فأما من ثقلت موازينه ) ترجحت حسناته والموازين جمع موزون وهو العمل الذي له خطر وشرف عند الله أو جمع ميزان مجازا عن التمييز بين الضعيف والقوي والمردود والمقبول لا ميزان عمود وكفة وما هذا إلا كما تقول زن كلامك وزن البيت أوصى أبو بكر عمر رضي الله عنهما إنما ثقلت موازين من ثقلت موازينهم يوم القيامة باتباعهم الحق وثقلها في الدنيا وحق الميزان لا يضع الله فيه إلا الحسنات أن يثقل وإنما خفت موازين من خفت موازينهم باتباع الباطل وخفتها في الدنيا وحق الميزان لايضع فيه إلا السيئات أن يخف ولا توزن أعمال المشرك وقال قومنا تتجسم الأعمال فتوزن في ميزان كقتين وعمود ولسان0ومن رجحت سيئاته من الموحدين أدخل النار وعذب بقدر رجحانها فيخرج وإن شاء الله لم يدخلها وتقدم الكلام في ذلك . "( وأما من"( فهو في عيشة راضية ) مرضية أو ذات رضى وتقدم مه خفت موازينه ) بأن لم تكن له حسنة بأن لن يفعلها أو أبطل أعماله "( فأمه ‏٤٠٧ هاوية ) فمسكنه نار منسفلة وليس هاوية علما بل صفة وإلا منع الصرف للعلمية والتأنيث إلا أن يقال صرف للفاصلة الآخرة بدون وقف وسمي المسكن إما لأن الأصل في السكون والرجوع الأمهات كأنه قيل مرجعه هاوية وهو يهوي فيها سبعين خريفا وذلك تفسير الجمهور . وقيل أمه أم رأسه لأنهم يهوون فيها على رؤوسهم وهو تفسير أبي صالح . وقيل ذلك من قولهم إذا دعوا على الرجل بالهلكة هوت أمه لأنه إذا هوى أي سقط وهلك فقد هوت أمه حزنا فكأنه قيل وأما من خفت موازينه فقد هلك ويؤيد الأول أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لرجل لا أم لك فقال يا رسول الله تدعوني إلى الهدى وتقول لا أم لك فقال عليه الصلاة والسلام إنما أردت لا نار لك قال الله تعالى " فثمه هاوية " قيل ويؤيد كون هاويه اسما علما قوله: "( وما أدراك ما هيه نار حامية ) ارجاعا لهي إلى هاوية وكذا إذا قيل صفة للنار كانه قيل ما هذه الموصوفة بأنها هاوية فقيل نار حامية وإذا قلنا الأم أم الرأس أو ذلك على طريق الدعاء فالضمير للقارعة إذا فسرت بالعذاب وهاء ماهية زائدة للوقف وإذا لم يوقف في ذلك أزيلت كذا قرا بعض القراء والظاهر تعيين الوقف عليها لئلا تغير بالإسقاط مع وجودها في الأمام ولو لم يكن في القرآن وقف واجب أو حرام الإمالة سبب وقد يعد وجودها في الإمام سببا لوجوب الوقف وقد يقال أنها تثبت وصلا ووقفا ولا تعين الوقف فإذا وصلت فقد أجري الوصل مجرى الوقف كذا ظهر لي0ومن جاء بأولى تبعته ٤٠٨ وكان حمزة يسقطها وصلا والباقون يثبتونها وقفا ووصلا وما مبتدا ومي خبر أو بالعكس والجملة سدت مسد المفعول الثاني والثالث هذا هو التحقيق , ونار خبر محذوف والحامية الحارة من حمى اللازم وإن قيل من المتعدي فالمراد النسب أي ذات حمي . اللهم ببركة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وبركة السورة أخز النصارى واهنهم واكسر شوكتهم وغلب المسلمين والموحدين عليهم صلى الله علي .و له وصحيه وسلمسرد نا محمد ٤٠٩ سورة التكاثر مكية وقيل مدنية وآيها ثمان وكلماتها ثمان وعشرون وحروفها مائة وعشرون8وعنه صلى الله عليه وسلم من قرأ الهاكم لم يحاسبه الله سبحانه وتعالي بالنعيم الذي أنعم به عليه في الدنيا وأعطي من الأجر كأنما قرأ ألف آية س وقالوا تقرأ بعد العصر على الشقيقة والصداع فيسكن ومن تقرأها عند نزول المطر سبع مرات كانت له ذخيرة عظيمة . بسم الله الرحمن الرحيم "( الهاكم ) أشغلكم وأصله الصرف إلى اللهو والإدخال فيه تعدى بالهمزة وثلاثيه لازم وهو لها بمعنى غفل واشتغل فالهمزة زائدة للتعدية واللام فاء الكلمة وألمى فعل ماض والكاف مفعول والميم دليل الجماعة قال الدماميني وتوهم بعض الطلبة أن هاكم مبتدأ فستل هل ال الداخلة عليه للعهد أى لماذا "( التكاثر ) المفاخرة والمباهات بكثرة المال والولد والعدد والمناقي عن طاعة الله وما ينجيه من سخطه ومعلوم أن من اشتغل بشيء من أمور الدنيا فإنه يقدر ذلك من الآخرة قال الرازي ال في التكاثر للمعهود السابق في الذهن وهو التكاثر في الدنيا ولذاتها وعلائقها فإنه هو الذي يمنع عن طاعة الله وعبوديته ث ولا كان ذلك مقررا في العقول ومتفقا عليه في الأديان لا جرم حسن دخول حرف التعريف عليه فالآية دالة على أن التكاثر في الدنيا مذموم انتهى . ٤١٠ وعن مطرف بن عبد الله عن أبيه أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقر هذه الآية " الهاكم التكاثر " وقال يقول ابن آدم مالي مالي وهل لك من مالك إلا ما تصدقت فأبقيت أو أكلت فأفنيت وما لبست فأبليت ! وعنه صلى الله عليه وسلم يتبع الميت ثلاثة فيرجع اثنان ويبقى واحد يتبعه أهله وماله وعمله فيرجع أهله وماله ويبقى عمله0وعن أبي الدرداء إذا مات ابن آدم قالت الملائكة ما قدم وقال بنو آدم ما ترك ى وقرأ ابن عباس الهاكم بالمد استفهاما توبيخيا أو تقريريا وقر الكسائي في رواية عنه بهمزتين . "( حتى زرتم المقابر ) حتى متم ودفنتم فيها يقال لمن مات زار قبره أي الهاكم الحرص على الدنيا عن الطاعة والإيمان حتى متم مضيعين للاعمار فيما لا ينفع تاركين للسعي فيما ينفع والسعي للآخرة وكنى عن الموت بالزيارة وحذف الملهي عنه تعظيما وصونا له عن ذكره مع أخبث شيء وهو حب الدنيا والحرص عليها . قال الرازي اعلم أن أهم الأمور وأولاها بالرعاية ترقيق القلب وإزالة حب الدنيا منه ومشاهدة القبور يورث ذلك كما ورد في الخبر ى وروي أن بني عبد مناف وبيني سهم بن عمرو تفاخروا أيهم أكثر عددا فكثرهم بنو عبد مناف أي غلبوهم وهو بفتح المثة وتخفيفها وإنما تعدى لأنه في المغالبة نص عليه ابن هشام وغيره فقال بنوا سهم أن البقية أهلكنا في الجاهلية فعادونا بالأحياء والأموات فكثرهم بنو سهم فأنزل الله " الهاكم التكاثر حتى زرتم المقابر " أي تكاثرتم بالأحياء حتى استوعبتم عددهم فصرتم إلى المقابر ٤١١ فتكاثرتم بالاموات0عبر عن انتقالهم إلى ذكر الأموات بزيارة المقابر وفيه تهكم بهم وازدراء برأيهم0وقيل ذهبوا إلى المقابر حقيقة فعدوها قبرا قبرا قيل إن بني سهم كثروهم بثلاثة بيوت وقيل يحسبون شرفاعهم وذهبوا إلى المقابر وقالوا هذا قبر فلان هذا قبر فلان وقيل نزلت الاية في اليهود قالوا نحن أكثر من بني فلان وبنوه أكثر من بني فلان4وألهاهم ذلك حتى ماتوا ضلالا وقوى بعضهم القول بأن زيارة القبور العد للأموات بأن ذلك أمر مضى معبر عنه بالماضي والخطاب للأحياء ولو أريد الموت لم يصح خطاب الموتى وأجيب بأن المراد الإستقبال أو المراد أهل الفريقين الدائمين على ما كانت عليه موتاهم وخوطب المجموع وفي هذا الآخر ضعف . "( كلا) ردع عن الهو بالدنيا وتنبيه على التشبت بأمر الآخرة إذ هو نافع وغيره وبار وقيل معناه حقا وهو على هذا عائد لما بعده "(سوف تعلمون ) خطا رأيكم إذا عاينتم ما وراعكم وذلك إنذار وتنبيه وتهديد . "( ثم كلا سوف تعلمون ) توكيد لفظي معطوف بثم وهو على التحقيق داخل في العطف لا في التوكيد اللفظي في الإصطلاح وكان العطف يثم اشعارا بأن هذا الإنذار الثاني أبلغ وأشد من الأول كما نقول إذا بالغت في النصح أقول لك ثم أقول لك لا تفعل أو الاول عند الموت أو في القبر والثاني عند المشهور مرادا بكل واحد ما لم يرد بالآخر فلا توكيد قال علي كلا سوف تعلمون في القبر ثم كلا سوف تعلمؤن في البعث0قال الفخر وفي الآية تهديد عظيم للعلماء فإنها تدل على أنه لو حصل اليقين لتركوا التفاخر ٤١٢ والتكاثر فالويل للعالم الذي لا يكون عاقلا ثم الويل له وقيل المعنى سيعلم من أعرض عني أنه لا يجد مى كقوله: وتعلم أنني لك كنت كنزاستذكرني إذا جربت غيري وقيل الخطاب بالزول للكافرين وبالثاني للمؤمنين أو بالعكس وقيل قرأ الاول بالمثناة التحتية والمراد الكافرون والثاني بالفوقية خطابا للمؤمنين. "( كلا ) حقا أو تاكيد للردع الأول المؤكد وكذلك تاكيد للحق الأول أو بمعنى حقا راجع لما بعده ٭( لو تعلمون علم اليقين ) لو تعلمون عاقبة أفعالكم واعتقادكم وتفاخركم علما يقينا أي راسخا أو علما تيقنتموه لشغلكم ذلك فهذا المقرون باللام جواب لو محذوفا أو يقدر لتم ماما لا يوصف أو لا زدتم وحذف للتقخيم واليقين أعلى مراتب العلم ث وعن قتادة كنا نحدث أن علم اليقين أن يعلم أن الله باعثه بعد الموت . "( لترون الجحيم ) ليس جواب لو الإمتناعية لثبوته وتحققه وتوكيده بالنون بل جواب قسم محذوف أكد به الوعيد وأوضح به ماأنذرهم منه بعد ابهامه تفخيما على القاعدة في الإيضاح بعد الإبهام ورؤية الجحيم دخولها والصلى بها فالمخاطبون المشركون قاله ابن عباس وقيل الخطاب للناس فالرؤية والنظر والورود وإن منكم إلا وأوداها يتكردس فيها الكافر وينجو المؤمن والأصل لترعيونن باسكان الراء وفتح الهمزة وهي عين الكلمة وضم الياء وهي آخر الفعل وإسكان واو الجماعة بعدها وإثبات نون الرفع بعدها نون التوكيد الشديدة نقلت فتحة الهمزة للراء وحذفت الهمزة وحذفت ضمة الياء للثقل ٤١٣ فالتقى ساكنان حذفت الياء أو لما تحركت بعد فتحة قلبت ألفا ولو كان ما بعدها ساكنا فالتقى ساكنان فحذفت الألف أو وردت واو الجماعة على الألف فحذفت الألف وحذفت النون الأولى لكراهة أمثال زوائد فالتقى ساكنان واو الجماعة والنون المدغغمة فضمت واو الجماعة فهي الواو المقروئة ولو حذفت الواو لم يدل عليها دليل لإنقتاح ما قبلها ولو ضم ما قبلها لكان الإجحاف بالهمزة وحركتها مع آخر الكلمة ولن تحرك النون محافظة على الأصل ولم تحذف لأن الحذف تصريف وهو غير متأصل في الحرف ولأن الحذف يوهم أن الباقية نون الرفع ولو حذفت المدغمة والمدغم فيها فات التوكيد ولا يدرى بحذفه وإنما لم تقلب الواو ألفا مع تحركها بعد فتح إذ حركت بالضمة لعروض حركتها . وقرىء ترعن بالهمزة بدلا من الواو التي هي ضمير بعد راء مفتوحة فقد وقعت الهمزة ضمير الجماعة وهي قراءة مستكرهة لعروض ضمت الواو وإنما تقلب الواو همزة قياسا إذا ضمت أصالة وقرىء لترون بالبناء للمفعول من الإراءة متعد إثنين لدخول همزة التعدية على رأي الأول ا لواو والثاني الجحيم "( ثم لترونها ) توكيد لفظي معطوف بثم دلالة على أن هذا انذار أشد من الأول أو ليس هناك تاكيد ولكن الرؤية الأولى هي الرؤية من مكان بعيد والثانية ورودها بالحضور أو بالدخول أو الأولى للمعرفة والثانية للنظر أو الحضور أو الدخول أو عكس ذلك وقرأه بالبناء للمفعول من قرا الأول بالبناء له وقد نسبت هذه القراءة لابن عامر والكسائي والتحقيق أن هذه قراعتهما في الأول وأما لترونها فقره بالبناء للفاعل كالباقين. ٤١‏٤ (" عين اليقين ) الرؤية التي هي نفس اليقين فإن علم المعاينة والمشاهدة أعلى مراتب اليقين والإضافة في علم اليقين وعلم اليقين للبيان والمراد لترونها بالمعاينة قال بعضهم اليقين الناروالإقرار باللسان فتيلة والعمل زيد وابتداء اليقين بالمكاشفة ثم المعاينة والمشاهدة.واليقين يحصل عند كمال المعرفة ولهذا كانت متفاوتة بأن اليقين على ثلاث مراتب علم اليقين وعين اليقين وحق اليقين فما كان على طريق النظر والإستدلال فعلم اليقين وهو للأولياء ‏ ٧وما كان من طريق المكاشفة فعين اليقين وهو لخواص الأولياء وما كان بطريق الغيب فحق اليقين وهو للأنبياء عليهم الصلاة والسلام وأما حقيقة حق اليقين فمن خواص سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ى واعلم أن للإيمان درجات الأولى درجة الإثبات والثانية درجة الظن إذا ثبت الإيمان وتحقق انتقل إلى درجة هي أقوى من الأولى وهو الظن الذي مدح الله به المؤمنين في قوله " يظنون أنهم ملاقوا ربهم " فيما قيل وهو معنى يقرب من اليقين وليس شكا ولا رجحانا س الثالثة درجة العلم وهو مترتب على الظن الذي هو الدرجة الثانية وهو نور يقدف في القلب ى والرابعة درجة اليقين وأقل اليقين إذا وصل القلب نفى عنه كل ريب وهو قليل الوجود من أقل ما أوتينا إذا وجد منه بعض نفي كل ريب وملأ القلب نورا وشكرا وخوفا قيل أول المقامات المعرفة ثم اليقين ثم التصديق ثم الإخلاص ثم المشاهدة ثم الطاعة ومن أعلام اليقين النظر الى الله في كل شيء والرجوع اليه في كل أمر والإستعانة به في كل وقيلسب كهوتغير ملب ف في القومدع تعل سهو مين حال ي قال بعضهم اليق ٤١٥ هو تحقيق الأسرار بحكم المغيبات وقيل العلم بمعارضة الشكوك واليقين لا شك فيه إشارة إلى العلم الكسبي وقيل استقرار العلم الذي لا يتحول ولا يتغير في القلب وقيل المكاشفة وقيل رؤية العيان بقوة الإيمان . "( ثم لتسئلن يومئذ عن النعيم ) الرطب والماء البارد كذا قيل قال ابن هشام في المسائل التي سئل عنها في السفر مسالة " ثم لتسئلن يومئذ عن النعيم " هل ما يقوله بعض الناس من أن المراد بالنعيم الماء البارد منقول في كتب التفسير ى الجواب إن النعيم أعم من ذلك والماء البارد من جملته وفي الحديث أول ما يسال عنه العبد يوم القيامة من النعيم أن يقال له ألم أصح جسمك وأروك من الماء البارد رواه الترمدي في سننه انتهى . فأفاد أن النعيم ما يلتذ به من الصحة والفراغ والأمن والمطعم والمشرب وكل منفعة قال الله ياابن آدم طعام يقوتك وثوب يواريك وبيت يكنك وما سوى ذلك حاسبتك به وقيل النعيم الذي يسال عنه النعيم الذي عكفت الهمة عليه وقصرت على التلذذ به وعلى الحياة مع أكل الطيب ولبس اللين وقطع الأوقات باللهو والطرب لا يعبا بالعلم والعمل فأما من اتقى الله فما جعلت النعم إلا له ولا عقاب عليه فإن سئل فما هو إلا سؤال منة وتحبب وإليه أشار صلى الله عليه وسلم حيث أكل هو وأصحابه تمرا وشربوا عليه ماء فقال الحمد لله الذي أطعمنا وسقانا وجعلنا مسلمين . وفي الاية إشارة إلى أن ذلك النعيم المسؤول عنه هو الذي ألهى عن الطاعة فالخطاب لمن ألهاه النعيم "قل من حرم زينة الله " " كلوا من الطيبات " وإن ٤١٦ عممنا الخطاب فسؤال المؤمن سؤال شكر وزعم بعض أن الخطاب مخصوص بالكفار . وعن الحسن وقتادة ثلاث لا يسال الله عنهن ابن آدم وما عداهن فيه الحساب والسؤال إلا ما شاء الله كسوة يواري به سوؤته وكسرة يشد بها صلبه وبيت يكنه من الحر والبرد ث وعنه صلى الله عليه وسلم يحاسب الله العبد على ما عدا هذه الثلاثة وما عدا ماء يشربه0ولعل المراد سؤال ذكر التفضل لا عقاب أو نقص ثواب ولعل الذي ينقص الثواب الأكل لمجرد التلذذ بل قيل إذا أكل تلذذا وأطاع فلا حساب تم8وعن كعب ما أنعم الله على عبده في الدنيا نعمة فشكرها إلا أعطاه الله نفعها في الدنيا ورفع له بها درجة في الجنة وإن لم يشكرها منع نفعها في الدنيا وفتح له طبق في النار والطاعم الشاكر بمنزلة الصائم الصابر ومن الشكر أن تعرف أن النعمة فضل من الله عليك ولما نزلت قال الزبير يا رسول الله أي نعيم نسال عنه وإنما هو الأسودان التمر والماء قال أما إنه سيكونا ‏ ٠وروى ابن مسعود ذلك النعيم الآمن والصحة وروى أبو هريرة أول ما يسأل عنه النعيم ألم نصحح جسدك ونروك من الماء البارد وخرج صلى الله عليه وسلم فإذا بأبي بكر وعمر فقال ما أخرجكما من بيوتكما قالا الجوع يا رسول الله قال والذي نفسي بيده ما أخرجني إلا ما أخرجكما قوما فقاما معه فأتى رجلا من الأنصار فإذا هو ليس في بيته فلما رأته المرأة قالت مرحبا وأهلا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أين فلان؟ يعني الرجل الانصاري وهو زوجها واسمه بل كنيته ابو ٤١٧ الهيثم بن التيهان قالت ذهب يستعذب لنا الماء إذ جاء فنظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبيه ثم قال الحمد لله ماأحد اليوم أكرم أضيافا مني فانطلق فجاعهم بعذق فيه بسر ورطب وتمر فقال كولوا وأخذ المدية فقال له رسول الله صلي الله عليه وسلم إياك والحلوب فذبح لهم شاة فتكلوا من الشاة ومن ذلك العذق وشربوا ولما شبعوا ورووه قال صلى الله عليه وسلم لابي بكر وعمر والذي نفسي بيده لتسئلن عن هذا النعيم يوم القيامة أخرجكم من بيوتكم الجوع ثم لم ترجعوا حتى أصابكم هذا النعيم وقيل ظل بارد ورطب طيب وماء بارد وروي أنه لا يسأل عن طعام تصدق منه ولو على كلب أو سنور وقيل بعده الحمد لله كثيرا كثيرا ولا ما يأكله الصائم ولا ما ياكله مع مسلم ولا ما قال أوله بسم الله وآخره الحمد لله . وعن ابن عباس النعيم صحة البدن والسمع و البصر يسأل فيم استعملت وهو أعلم بها منهم وقيل الصحة والفراغ والمال0وعنه صلى الله عليه وسلم نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ وقيل النعيم المسؤول عنه تخفيف الشرائع وتيسير القرآن وقيل الإسلام فإنه أكبر النعم وقيل سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم فإنه أنقذنا به من الضلال وفي رواية في خديث ابي الهيثم المذكور انه لما اكلوا قالوا هذا هو النعيم الذي تسالون عنه فشق على اصحابه فقال صلى الله عليه وسلم اذا اصبتم مثل هذا وضريتم بايديكم فقولوا بسم الله وعلى بركته واذا شبعتم فقولوا الحمد لله الذي هو اشبعنا واروانا وانعم علينا وافضل فان هذا كفاك اي شكر . ٤١٨ ا خز النصا رىصلى الله علبه وسلم وبيركة ‏ ١لسورةا للهم بيركة سرد نا محمد الله علىعليهم وصلىوا هنهم وا كسر شوكتهم وغلب ‏ ١لمسلمين وا موحد بن هو له وصحيه وسلمسرد نا محمد ٤١٩ سورة العصر مكية عند ابن عباس والجمهور وقيل مدينة وآيها ثلاث وكلماتها اربع عشرة وحروفها ثمانية وستون وعنه صلى الله عليه وسلم من قرأ سورة العصر غفر يا لصير وقا لوا اذايا لحق وتوا صواالله سيحا نه وتعا لى له وكا ن ممن توا صوا قرئت على شيء حرص من كل طارق واذا قرئت على من به حمى وبرد زال ذلك عنه بسم الله الرحمن الرحيم "( والعصر ) قال ابن عباس الدهر لما يخلق الله فيه من العبر والعجائب وقيل المراد الليل والنهار لأنه يقال لهما العصران أقسم بهما لأنهما خزانتان للأعمال وال للحقيقة فعمت الإثنين وعلى الال للإستغراق ويجوز أن تكون على الثاني كذلك وقيل عصر النبوة بما فيه من الأعاجيب كمصر نبينا وعصر سيدنا موسى عليهما الصلاة والسلام فقد قيل أن عصاه بلغت ألف معجزة وقال مقاتل العصر صلاة العصر عظمها بالقسم كما عظمها بالتخصيص بالذكر لقوله والصلاة الوسطى عند بعض . وعنه صلى الله عليه وسلم من فاتته صلاة العصر فكأنما وثر أهله وماله ولأنها أشق لتهاقت الناس في تجارتهم آخر النهار و إشتغالهم بمعائشهم والأمور العظام واجتماعهم لها في ذلك الوقت ،وقال أبي بن كعب سالت النبي صلى الله عليه وسلم عن العصر فقال أقسم ربكم بآخر النهار وهذا كما أقسم ٤٢٠ بالضحى وقيل عصر نبينا صلى الله عليه وسلم إيذانا بأنه أشرف الأعصار كما أقسم ببلده وكما يقال وحياتك ولعمرك وعليه قال للحضور . "( إن الإنسان ) الجنس "( لفي خسر ) خسران في أعمالهم وصرف أعمارهم في الدنيا معرضين عن الآخرة فتلك تجارة خاسرة لفوات الجنة إياهم ونتكر خسرا تعظيما ويدل على أن المراد بالإنسان الجنس الإستثناء منه هو استثناء متصل والمستثنون ليسوا في خسر وقيل المراد الجنس والكل الخاسر لكن خسر المستثنين لا يضرهم فكأنهم لم يخسروا فلذلك استثنوا ذلك إن الإنسان كائنا ما كان لا يخلو من خسر لأن كل ساعة مرت عليه ولم يعمل فيها طاعة أو عمل فيها معصية أو عمل فيها طاعة وهو قادر على طاعة أولى منها فقد خسرها \ واعلم أن الأسباب الداعية الى الآخرة خفية بخلاف الداعية إلى الدنيا ولذا أكثر أهل الدنيا وعلى الأول فلفظ الإنسان شامل للكافر والمؤمن ومعناه خاص بالكافر بدليل استثناء المؤمن وقيل المراد أبو جهل فالإستثناء منقطع فإن أبا جهل لا يصدق على المؤمنين ولا يشمل غير الواحد وكذا قيل المراد أبو لهب فإن أيامهما كلها حسرة . "( إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات ) فإنهم اشتروا الآخرة بالدنيا فقازوا "( وتواصوا ) أوصى بعضهم بعضا "( بالحق ) وهو الإيمان وما يتفرع عليه والحق ماثبت ولم يصح إنكاره من اعتقاد أو عمل وقيل الحق لله وقيل القرآن . "( وتواصوا بالصير ) على الطاعة والمصائب وعن المعاصي عطف خاص لشرفه على عام وقيل المراد بالخسران الهرم وانقطاع الثواب إلا هؤلاء ٤٢١ المستثنين فلا ينقطع ثوابهم ولؤ تركوا عمل الشباب والمشهور ما مر غير هذا ومما ورد في صفة التواصي أن رجلين من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إذل التقيا وأرادا التفرق أخذ كل بيد صاحبه ثم قرأ كل منها والعصر إلى آخره وليس ذلك عطف خاص على عام إذا أريد بالعمل العمل الكامل كذا قيل والظاهر أن العطف في هذا الوجه عطف خاص أيضا فإن الصبر من الأعمال الكاملة وكذا التواصي وذكر سبب الربح وهو الإيمان وإصلاح العمل والتواصي دون سبب الخسر اكتفاءا ببيان المكصود وإيذانا بأن ما عدا سبب الربح يؤدي الى الخسران قيل أو نقص حظا وتكرما فإن الإبهام في جانب الخسر كرم قيل وهل شيء أفضل من الصبر فقيل لا عمل أفضل منه ولا ثواب أكبر من ثوابه ولا زاد إلا التقوى إلا بالصبر ولا معين على الصبر إلا الله وهو من العمل بمنزلة الرأس من الجسد لا يصلح أحدهما إلا بصاحبه وأجله انتظار الفرج وأفضل الصبر مجاهدة النفس على الطاعة واجتناب المعاصي وهو إما صبر على الدنيا حتى ينال ما تشتهي النفس وهو مذموم وإما صبر على الآخرة وهو ممدوح وهذا إما صبر على الطاعة أو عن المعصية أو على المصائب أو على ما جرى منها على يد مخلوق وهذا فضيلة من حيث عبم المعاقبة ‏ ٠ولحق رجل بأويس رضي الله عنه فسمعه يقول النهم اني أعتذر إليك اليوم من كل كبد جائعة وبدل عار فإنه ليس في بيتي من الطعام إلا ما في بطني وليس لي من الدنيا إلا ما على ظهري وكانت عليه خرق وقال له رجل كيف [ صيحت [ و قال كيف [ مسيت قال [ صيحت أحمد ٤٢٢ سبح ظن أنه لا يمسي وإذا أمسى ظنالله وما تسأل عن حال رجل إذا أنه لا يصبح ألا إن ذكر الموت لم يدع للمؤمن فرحا وحق الله ما في مال مسلم لم يدع له ذهبا ولا فضة وإن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لم يدع لمؤمن صديقا فوالله لأمرن بعرف وأنهي عن نكر ولو شتمو أعراضنا ووجدوا على ذلك أعوانا ولو قدفوني بالعظائم لا أدع أن أقوم لله فيهم واعلم أنك اليوم أحوج لآخر كلامه بكل احتياج من حيث أن الدين أشرف على الفوت وكان على رمق لكثرة المنافقين والنصارى ويتم ذلك بأول كلامنا وهو الصبر وقد ذكره أيضا في آخر كلامه وقد ذكره في كتابه في نيف وسبعين موضعا مثل " واستعينوا بالصبر والصلاة " وياأيها الذين آمنوا استعينوا بالصبر " الخ " ولنبلونكم بشيء " الخ " والموفون بعهدهم " الخ "وإن الله يحب الصابرين وإن تصبروا وتتقوا " " وياأيها الذين آمنوا اصبروا "الخ " وإن تصبروا خير لكم " الخ " وقال موسى لقومه استعينوا " الخ " واصبرو إن الله مع الصابرين " الخ " وإلا الذين صبروا وعملوا الصالحات وتمت كلمة ربك الحسنى على بني اسرائيل لما صبروا " " واصبر فإن الله لا يضيع " الخ " والذين صبروا ابتغاء صبرتم " " والذين صبروا وعلى ربهم يتوكلونوجه ربهم " " وسلام عليكم بما " " وليجزي الذين صبروا " " ثم إن ربك للذين هاجروا " الخ " وإن عاقبتم " الخ " وبشر المخبتين " الخ " أولئك يجزون الغرفة بما صبروا وأولئك يؤتون أجرهم مرتين بما صبروا وجعلناهم أئمة يهدون " الخ" وإنما يوفى الصابرون " الخ " ولن صبر " الخ " وليبلونكم " الخ " وجزاؤهم بما صبروا " الخ وغير ذلك. ‏٤٢٢٣ ا لياديةفدخلناوتقدم فضل العير وعن أبي عمرو ين العلاء هرينا من ‏ ١لحجاج فأقمنا فيها مدة مديدة من حى إلى حى فبينما أنا خارج متوزع الخاطر يقول: مجتا زاشيخا من ‏ ١لأعرا بضيق الصد ر ا ذ سمعتميهم ا لقلب إن في الصبر حلية المحتالصبر النفس ينجلي كل هم العقالله فرجة كحلريما تكره النفوس من الأمر تكشف غماعا بغير احتياللا تضيقن بالأمور فقد ولم يستتم الشيخ انشاد الأبيات حتى رأينا فارسا من بعيد قد مات الحجاج فسألت الشيخ عن الفرجة فقال بضم الفاء في الحائط والعود ونحوهما وبفتحها في الأمر من الشدة والنوائب . قال أبو عمرو فلم أدر بأيهما كنت أشد سرورا أبموت الحجاج أم بهذه الفائدة وكنت أشد بها فرحا من موته كذا وجد فلعل قوله وكنت بها الخ نقض لقوله لم أدر أو بيان له لأن مثل قوله فلم أدر الخ قد يستعمل في الجزم بتفقضيل أحد الشقين ولعل الواقع كنت زشد اهتماما بمعرفة هذه المسالة من اهتمامي بخوف الحجاج وإثبات ياء ينجلى ضرورة أو للإاستئناف أو لغة أو إشباع . الهم يارب ببركة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وببركة السورة أخز النصارى وأهنهم واكسر شوكتهم وغلب المسلمين والموحدين عليهم صلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم . ٤٢٤ الهمزةسورة وتسمى أيضا سورة لمزة مكية وقيل مدنية وآيها تسع وكلماتها ست وعشرون وحروقها مائة وأحد عشر ى وعنه صلى الله عليه وسلم من قرا سورة الهمزة أعطاه الله سبحانه وتعالى عشر حسنات بعدد من استهزأ بمحمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه وقالوا من قرأها على من أصابته العين عوفي بإذن الله تعالى . بسم الله الرحمن الرحيم ) ويل ) هلاك أو واد في جهنم وقد مر "( لكل همزة لمزة ) كثير الهمز واللمز س قال ابن عباس الهمز النميمة واللمز التفريق بين الأحبة وقيل معناهما واحد الذي يعيب الناس ويغتابهم وقيل الهمز في الغيب واللمز في الحضور وقيل بالعكس وقيل الهمز باليد واللمز باللسان وقيل الهمز باللسان بدون نطق واللمز بالعين وقيل الهمز ضرر الجليس باللسان واللمز الرمز بالعين أو بالحاجب أو الإشارة بالرأس وقيل الهمز الطعن في الناس أو اللمز الطعن في أنسابهم قال الشيخ عبد العزيز رحمه الله ذم اللمز والهمز والغمز ى فاللمز باللسان إظهار فعل لمن جهله على إرادة التنقيص وإن يجهل بنسبة فاعله لرياء ويحاذر من همز بيد وغمز بعين ورمز برأس أو حاجب وإن في مباح ولا عصيان به انتهى أي لا عصيان في المباح وشدد من استهلكه ولو في مباح وأصل الهمز الكسر كالهمز واللمز الطعن بالجارحة أو نحوها كالهمز فشاعا في الكسر من أعراض الناس والطعن فيهم . ٤٢٥ ووزن همزة ولمزة فعله بضم الفاء وفتح العبن ويختص هذا الوزن لمن كثر منه الفعل وصار عادة له وقرىء ويل للهمزة اللمزة بالتعريف بال الإستغراقية . وقرىء همزة لمزة بإسكان الميم بوزن فعلة بضم الفاء وإسكان العين وهو وزن يختص بمن كثر فعل الناس به شيئا فهو بمعنى اسم مفعول بخلاف الأول فالمراد على هذه القراءة الذي ياتي بالاضاحيك والهزل فيضحك منه الناس ويشتمونه وقد نص أصحابنا على أن من يتكلم بكلام ليضحك به الناس منافق فاعل لكبيرة أخذا من هذه القراءة لكن بقيد أن يكون كاذبا كما ورد في الحديث فهو كالكذب الذي هو نفاق جزما وهو الذي فيه ضر الناس أو الذي هو كذب على الله أو رسوله0وأما سائر الكذب فمختلف فيه هل هو كبير قيل نزلت في الأخنس بن شريق بن وهب الثقفي وكانت عادته الغيبة والوقيعة في الناس م وقيل أمية بن خلف الجمحي وقيل في الوليد بن المغيرة واغتيابه لرسول الله صلى الله عليه وسلم وغضه منه في وجهه ى وقيل في العاصي وائل السهمي وقيل في جميل بن عامر والعبرة بعموم اللفظ ولو كان النزول فيمن ذكر فالآية تعم من فعل ذلك مطلقا وقيل نزلت عامة وفيها تعريض بمن ذكر فإن هذا أضر له ويدخل في الذم لمن يحاكي الناس بأموالهم وأفعالهم وأمواتهم ليضحك منه وبين همزة ولمزة الجناس اللاحق وهو أن يتوافق حروف كلمتين إلا في حرف في واحدة وآخر في أخرى فمختلقان وغير متقاربي المخرج . "( الذي ) بدل من كل أو مفعول لمحذوف أو خبر لمحذوف على الذم0وأجاز بعضهم كونه نعتا لكل لإجازته نعت النكرة للمعرفة أو راعي أن المراد الجنس ٤٢٦ فصار كالنكرة أو أنه يجوز نعت النكرة المضافة أو الموصوفة أو المخصصة بغير ذلك بالمعرفة . "( جمع ) وقراءة حمزة والكسائي وابن عامر بتشديد الميم للمبالغة وموافقة عدد "( مالا ) نكرة للتعظيم أو للتحقير لأنه بالنسبة إلى ما هو أكثر منه ولو من أموال الدنيا حقير وإنما أعقب الهمز واللمز بذكر جمع المال إيذانا بأنه السيب أو كالسبب فيهما . "( وعدده ) أحصاه وأحاط بعدده محافظة عليه أو التشديد للمبالغة عده عدا صحيحا مرة بعد أخرى وقيل جعله عدة لحوادث الدهر واستعده لها . وقرىء وعده مثل رده في الوزن وهو فعل ماض ثلاثي قيل أو اسم بمعنى العدد خفف بالإسكان والإدغام وضعف لأن المفتوح لا يخفف في الثلاثي بل يجوز أن يكون مصدرا كالرد والضرب،وقرىء وعدده بدالين بلا تشديد ولا إدغام وإن قلت يقال جمع المال وعدد المال قلت معنى جمع عدد المال ضبطه استعمالا للجمع في ما معنى الكسب و الضم وفي معنى ضبط العدد بناء على جواز مثل هذا او يقدر ناصب اي ضبط عدده على حد علفتها تبنا وماء باردا او ليست الهاء للمال بل لصاحبه والعدد قومه اي جمع ماله وانصاره وكذا الكلام في قراءة العد المذكوره اذا فسرت بالعدد واما اذا فسرت بالمصدر فالجمع بمعنى الضبط او يقدر الضبط للمصدر او يفسر العدد بالمعدود الذي هو المال او القوم . "( يحسب ان ماله اخلده ) يحسب لجهله انه قد خلد وان مخلدة ماله فهو ‏ ١و اغفله ماله وحيه له عن ا لموت حنىيحب ‏ ١لخلودماله كمافا حبلا يموت ‏٤٢٧ عمل في البناء والفرس وغيرهما عمل من لا يموت فكان ماله اخلده فانه قد اوقعه في عمل من يخلد يوفي ذلك تعريض بان المخلد سعى للآخرة . وعن الحسن ما رأيت يقينا لاشك فيه اشبه شك لا يقين فيه من الموت "(كلا) ردع عن حسبانه فإنه باطل فان المخلد العلم والعمل الصالح قال علي مات خزان المال وهم احياء والعلماء باقون ما بقي الدهر0وكان للاخنس اربعة الاف دينار وقيل عشرة الاف وروي ان الحسن عاد مريضا مؤسرا فقال له المريض ما تقول في الوف لم اقتد بها من لئيم ولا تفضلت على كريم قال الحسن ولكن لماذا قال لنبوة الزمان وجفوة السلطان ونوائب الدهر ومخافة الفقر قال الحسن اذن ندعه لمن يحمدك وترد على من لا يعذرك ‏٠ (" لينبذن ) والله ليطرحن ذلك المجمع للمال وقرىء لينبذان بالف الاثنين اي هو وماله وفيه نون للتوكيد وقرىء لينبذن بضم الذال ضما دالا على واو الجماعة اي هو وقومه الناصرون له أو هو وامواله وغلب على امواله وقرىء لينبذنهبالبناء للفاعل وهو الله ‏٠ (" في الحطمة ) اسم للنار الكثيرة الحطم الشديدة الحطم التي من شانها وعادتها ان تحطم ما يلقى فيه اي تدقه ونار الاخرة كلها كذلك تاكل اللحم وتدق العظم والمراد العموم وقيل اسم للدركة الثانية ويقال للاكول انه الحطمة وقرىء الحاطمة ‏٠ (" وما ادراك ما الحطمة ) وقرىء الحاطمة لا يبلغها علمك ولو علمت منها ما علمت وهي نار لا كالنيران قيل النيران اربعة نار الشهوة ونار الشقاوة ٤٢٨ ونار القطيعة ونار المحبة فنار الشهوة تحرق الطاعات ونار الشقاوة تحرق التوحيد ونار القطيعة تحرق القلوب ونار المحبة تحرق النيران كلها ‏٠ روي ان علي بن الحسين دخل مفازة مع اصحابه فرأئ امرأة فيها وحدها فقال لها من انت قالت امة من اماء الله اليك عني لا يذهبك الحب فقال لها وما الحب فقالت له اخفى من ان يرى وابين من ان يخفى كمونة في الحشا لا يوجد ككمون النار في الحجران قد حته اوري وان تركته توارى فانشأت تقول: كفتية الكهف لا يدرون كم لبثوا "يقفيدشغل همإنلالمح سبين ( نار الله ) اي هي نار الله واضافتها لله تعالى تعظيم لها "ا(لموقدة ) اوقدها الله لا يقدر غيره ان يطفئها تأكل اللحم والعصب وتتخلص الى القلب كما قال(": التي تطلع على الافئدة ) تعلوا اوساط القلوب وتشتمل عليها ولا تفنيها بخلاف غير القلب فانه يؤكل ويجدد وخص القلوب بالذكر لانها الطف ما في البدن واشده تالما او لانه احل العقائدة الزائفة ومنشأ الاعمال القبيحة ولو اكل قلبه لمات ولا موت في النار ويجوز أن يكون تطلع بمعنى تقف على ما في القلب من العقائد الزائغة التي هي موجب تلك النار على سبيل المجاز كأنها علمت بما فيها فهاجت عليها جزاء ‏٠ (" انها عليهم مؤصدة ) بواو او همز اي مطبقة لا يخرج لهبها وحرها ولا يدخلها روح وضمير الجمع بمعنى كل بعد رعاية لفظه "( في عمد )وقرأ الكوفيون الا حفصا وكذلك ابو بكر وحمزة والكسائي بضم العين والميم جمع ٤٢٩ عمود وقرىء بضم العين واسكان الميم تخفيفا عن هذا الجمع او هو جمع اخر . ( 1ممددة ) مطولة وموسعة وقرأ ابن مسعود بعمد ممددة وعنه صلى الله عليه وسلم اوقد على النار الف سنة حتى احمرت ثم الف سنة حتى ابيضت ثم الف سنة حتى اسودت فهي سوداء مظلمة ى قال ابن عباس في عمد ممددة معناه ادخلهم في عمد وفي اعناقهم السلاسل سدت عليهم بها الابواب يعني بالعمد او بالسلاسل وقيل موثقين في اعمدة ممددة مثل المقاطر التي تقطر فيها اللصوص والعمد من حديد او من نار وقال ابن زيد مغلولين بالعمد واستفاد بعضهم من قولهم مؤصدة في عمدان النار داخل العمد وعن عبد الله اذا قيل لهم اخسئوا فيها لا تكلموني انطبقت عليهم وليس لهم فيها الا الزفير والشهيق وقيل تغلق الابواب ويمد عليها بالعمد وعن قتادة بلغنا انها عمد يعذبون بها في النار وهي اوتاد أطباق النار التي تطبق على اهل النار . اللهم ببركة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وبركة السورة اخز النصارى واهنهم واكسر شوكتهم وغلب المسلمين والموحدين عليهم صلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليما كثيرا . سورة الفيل مكية آيها ست وكلماتها أربع وعشرون وحروفها ستة وتسعون وعنه صل اله عليه وسلم من قرأ سورة الفيل أعطاه الله سبحانه وتعالى أيام حياته أمنا من الخسف والمسخ وقالوا من قرأها في صف قتال انصرف الصف الآخر وإذا قرأت على الرماح التي يصادم بها كسرت ما تصادمه وإذا قرئت بين عسكرين انهزم الباغي منهم وخذل وما قرأها أحد في وجه عدو إلا نصره الله تعالى عليه وما قرأها رجل في الحرب الا قوي وغلب وأقدم على القتال . قال الغزالي في وسائل الحاجات وأداب المناجات بلغني عن غير واحد من الصالحين وأرباب القلوب أنه من قرأ في ركعتي الفجر في الاولى الفاتحة وألم نشرح وفي الثانية الفاتحة وألم تر قصرت يد كل عدو عنه ولم يجعل لهم سبيل اليه قال الغزالي هذا صحيح . بسم الله الرحمن الرحيم "( ألم تر ) يا محمد لما شهد أثار القصة وتواترت عنده أخبارها جعله كأنه رأها فأنكر عليه عدم الرؤية بالهمزة أو قرره بها أو عجبه بها أو المعنى ألم تعلم . "( كيف فعل ربك بأصحاب الفيل ) عدى الرؤية إى جملة فعل ربك معلقة بالإستفهام ولم يعدها إلى ما أي ألم تر ما فعل ربك بهم لن المراد تذكير ما فيها من وجوه الدلالة على كمال علم الله عز وجل وقدرته وعزة نبيه وشرفه كأنه قيل ألم تر كيف فعل ربك بأعدائك وأنت لم تظهر في الدنيا فإنه يفعل ٤٣١ بأعدائك من الإهلاك وذلك أن ملك الحبشة النجاشي وكل ملك لهم يسمى النجاشي بعث أرياط إلى اليمن فغلب عليها فقام حبشي يقال له أبرهة بن الصباح بن كيسوم فساخط أرياط في أمر الحبشة فكانت طائفة معه وطائفة مع أرياط وتقاتلوا وقتل أبرهة أرياط واجتمعت له الحبشة وأقره النجاشي ثم رى أبرهة الناس يتجهزون أيام الموسم إلى مكة لحج بيت الله عز وجل فبنى كنيسة بصنعاء وكتب إلى النجاشي إني بنيت لك بصنعاء كنيسة لم يبن لملك مثلها ولست منتهيا حتى أصرف اليها حج العرب فسمع به مالك بن كنانة من قريش فدخلها وتغوط بها ليلا ولطخ بالغذرة قبلتها فبلغ ذلك أبرهة فقال من فعل ذلك فقيل رجل من العرب من أهل ذلك البيت فحلف ليسيرن إلى الكعبة فيهدمها فكتب إلى النجاش يخبره بذلك وساله أن يبعث إليه بفيله المسمى محمودا ولم يوجد مثله قط قوة وعظما فبعته إليه فخرج أبرهة بالحبشة سائرا إلى مكة بالفيل فسمعت العرب بذلك فأعظموه ورأوا جهاده حقا عليهم فخرج إليه ملك من ملوك اليمن يقال له ذونقر بمن أطاعه من قومه فقاتله فهزمه أبرهة وأخذ ذونفر فقال له استبقني فإن بقائي خير لك من قتلي فاستبقاه وأوثقه وكان أبرهة حليما ولما دنا من بلاد خثعم خرج اليه نفيل بن حبيب الخثعمي في ختعم ومن اجتمع اليه من اليمن فهزمهم أبرهة فأخذ نفيلا فقال له إني دليل بأرض العرب وأطيعك أنا وقومي فاستبقني فاستبقاه وخرج معه يدله ومر بالطائف فخرج اليه مسعود بن مغيث في رجال من ثقيف فقال أيها الملك نحن عبيدك لا نخالفك نبعث معك من يدلك ٤٢٣٢٢ فبعثوا معه آبا رغال موالي لهم فخرج فمات في المغمس فقيل هو الذي يرجم قبره وبعث أبرهة رجلا من الحبشية يقال له الأسود ابن مسعود على مقدمة خيله وأمره بالغارة على نعم الناس فجمع أموال الحرم وأصاب مائتي بعير لعيد المطلب ثم أن أبرهة بعث خماط الحمير إلى أهل مكة وقال له سل عن شريفها وقل له إني لم أت لقتال بل لهدم البيت فدخل مكة فلقي عبد المطلب فقال له أرسلني اليك الملك ليخبرك أنه لم يأت لقتال إلا أن تقاتلوه وإنما جاء لهدم البيت ثم الإنصراف فقال عبد المطلب مالنا عنده قتال ولا لنا يدان بينه وبين ما جاء اليه فان هذا بيت الله الحرام وبيت خليله ابراهيم عليه الصلاة والسلام فإن يمنعه فهو بيته وحرمه قال فانطلق معي الى الملك فقيل اردفه على بغلة وركب بعض بنيه حتى قدم العسكر وكان ذو نفر صديقا لعبد المطلب فتاه فقال له ياذونفر هل عندك من غنى فيما نزل فقال غنى رجل أسير لا يأمن أن يقتل بكرة أو عشية ولكن سأبعث إلى أنيس سائس الفيل فإنه لي صديق فساله أن يضع لك من عند الملك مااستطاع من خير ويعظم منزلتك عنده فأرسل اليه فأتاه فقال له إن هذا سيد قريش وصاحب عير مكة يطعم الناس في السهال والوجوش في رؤوس الجبال وقد أصاب له الملك مائتي بعير فإن استطعت فانفعه فإني أحب له الخير فدخل أنيس على أبرهة فذكر ذلك كله له وأنه قد جاء يكلمك غير مخالف لك فأذن له وكان جسيما فأعظمه وأكرمه وكره الجلوس معه على السرير فنزل إلى البساط وقال لترجمانه قل له ما حاجتك عند الملك فقال له أن يرد لي إبلي فقال أبرهة ٤٢٢٣ لترجمانه قل له قد كنت أعجبتني حين رأيتك وزهدت الآن قيك قال لم قال جئت لبيت هو دينك ودين أبائك وهو شرفكم وعصمتكم لأهدمه ولم تكلمني فيه وكلمتني في مائتي بعير أصبتها لك فقال عبد المطلب إنا رب هذه الإبل ولهذا البيت رب يمنعه منك قال ما كان يمنعه مني قال فأنت وذاك فأمر بإبله فردت إليه فخرج بها فأخبر قريش الخبر وأمرهم أن يتفرقوا في الشعاب ورؤوس الجبال خوفا من معرفة الجيش ففعلوا وأتى عبد المطلب البيت وأخذ بحلقة الباب فقال: حماكمنهميارب فامنعيارب لا أرجو لهم سواك قرا كيخريواان‏ ١منعهما ن عدو ‏ ١لييت من عاداك ومضى مع قومه وأصبح أبرهة للمغمس وتهيأ للدخول بالجيش والفيل المذكور ومعه إثنا عشر فيلا فأقبل نفيل إلى الفيل وأخذ بأذنه وقال له أبرك محمود وارجع رشيدا فإنك ببلد الله الحرام فبرك فبعثوه فأبى فضربوه بالمعول في رأسه فأدخلوا محاجنهم تحت مرا فقه ففزعوه ليقوم فأبى فوجهوه راجعا إلى اليمن فقام فهرول وكذا الى كل جهة إلا مكة وخرج نفيل يشتد حتى صعد الجبل وأرسل الله عليهم طيرا من البحر أمثال الخطاطيف مع كل طائر ثلاثة أحجار حجران في رجليه وحجر في منقاره أكبر من العدسة وأصغر من الحمصة ولما غشينا القوم أرسلتها عليهم ولم تصب تلك الحجارة إلا أهلكته وليس إصابة كل القوم وخرجوا هاربين لايهتدون إلى الطريق يتسائلون عن نفيل لديهم على الطريق ونفيل ينظر اليهم من جبل وتساقطوا في الطريق ٤٢٣٤ وبعث الله على أبرهة داء في جسده فجعل تتساقط أنامله كلما سقطت أنملة تبعٹها أخرى من قيح ودم فانتهى إلى صنعاء كالفرخ وما مات حتى انصدع قلبه وخرج من صدره وقيل أصابت الحجارة الجميع والإثني عشر فيلا ولم تصب الفيل العظيم لأنه أبى التوجه إلى الكعبة ولم يتوجه وذكر بعضهم أن أبا يكسوم انفلت وهو وزير أبرهة وتبعه طائر حتى قص القصة على النجاشي فوقع عليه حجرا فمات قال أمية بن أبي الصلت: ما يماري فيهن إلا الكفورإن آيات ربنا ساطعات معقوركأنهيعويظل| لقيل يا لمقمس حتىحبس وقيل ما كان معهم إلا هذا الفيل العظيم وقيل معه ثمانية وروي أنه لما بنى الكنيسة بصنعاء سماها القليس بضم القاف وفتح اللام مشددة وإسكان الياء المثناة التحتية بعدها سنين وقيل بتخفيف اللام وقيل بفتح القاف وكسر اللام مخففة سمي لإرتفاعه ومنه القلاليس لأنها في أعلى الرأس ث وقيل سمت العرب ما علا القليس لأن الناظر اليه يكاد تسقط قلنسوته وروي أنه لما بلغ المغخمس عرض عليه ث مال مكة ليرجع بقومه وفيله فأبى والمغخمس بفتح الميم الثانية مشددة وبكسرها مشددة موضع بطريق الطائف فيه قبر أبي رغال . وعن ابين عباس أنه رأى عند أم هاني من تلك الحجارة نحو قفيز مخططة بجمرة كالجزع الظفاري والجزع الخرز وظفار بلدة باليمن وكان يقع الحجر على رأس واحد ويخرج من دبره وعلى كل حجر اسم من يقع عليه وروي أن أبرهة جد النجاشي الذي كان في زمان النبي صلى الله عليه وسلم بأربعين ٤٢٥ سه أعميينرأ بت قائد ا لفىل وساسنة وقيل بثلاث وعشرين سنه وعن عائشة .الناسيستطعمانمقعدين :ويهذهالباب بالأبيات المذكورةحلقةعندعدد المطلب دعاوروي أن رحله فامنع حلالكلا هاملإنمرء يمنع ومحالهم عددا محالكلا يخلبن صليبهم والفيل كي يسبوا عيالكجروا جميع بلادهم بغيا وما رقبوا جلالكعمدوا حماك بكيدهم لكبدامافامرإن كنت تاركهم وكعبتنا وروي أنه التفت نحو اليمن وهو يدعوا فرأى الطير وقيل إنما ظهرت له وهو فوق جبل من جهة جدة وقيل إن طائفة من العرب أججوا نارا فهبت ريح أحرقت بها كنيسة ابرهة بن الصباح الأشرم وهو المذكور سمي أشرم لأنه مشقوق الأنف ى وقيل ضربوه بحربة فشرم أنفه وجبينه فذلك السبب س وقال مقاتل إن فئة من قريش خرجوا تجارا إلى أرض النجاشي فنزلوا ساحل البحر قرب بيعة للنصارى هنالك تسميها قريش الهيكل فأججوا واشتووا ورحلوا والريح عاصف فاحرقت البيعة فانطلق الصريح الى النجاشي قأسف غضبا للبيعة فبعث أبرهة لهدم الكعبة وكان بمكة وقتئذ أبو مسعود الثقفي مكفوف البصر يضيف بالطائف ويشتووا بمكة وكان نبيها نبيلا تستقيم الأمور برأيه وكان خليلا لعبد المطلب فقال له عبد المطلب ماذا عندك ؟ فهذا يوم لا يستغنى فيه عن رأيك فقال له أبو مسعود اصعد بنا إلى حراء فصعد به فقال لعبد المطلب اعمد إلى مائة من الإبل فقلدها لله ثم أثبتها في الحرم ‏٤٢٣٦ فلعل بعض السواد أن يعقر منها شيئا فيغضب رب البيت فيأخذهم ففعل ذلك عبد المطلب فعمد القوم اليها وعقروا بعضها وجعل عبد المطلب يدعو فقال أبو مسعود إن لهذا البيت ربا يحميه فقد نزل تبع ملك اليمن هذا البيت وأراد هدمه فمنعه الله وابتلاه وأظلم عليه ثلاثة أيام فلما رأى تبع ذلك كساه القياطي البيض وعظمه وتحر له جزورا فأنظر نحو البحر فنظر عبد المطلب فقال أرى طيورا ابيضا نشأت من شاطىء البحر فقال أرمقها ببصرك اين قرارها فقال أراها قد دارت على رؤسنا قال هل تعرفها ؟ قال والله ما أعرفها ما هي بتجدية ولا تهامية ولا غربية ولا شامية قال ما قدرها قال أشباه اليعاسيب في مناقيرها حصي كأنها حصي الخذف قد أقبلت كالليل يتبع بعضها بعضا أمام كل رفقة طائر يقودها أحمر المنقار أسود الرأس طويل العنق فجاعت حتى حادت العسكر من فوقهم أهالت ما في مناقرها مكتوب على كل حجر اسم صاحبه ثم رجعت من حيث جات فلما اصبحا انحطا من ذروة الجبل فمشيا حتى صعدا ربوة فلم يريا أحدا ودنوا فلم يسمعا حسا فقالا بات القوم سمامدين فأصبحوا نياما وزادا دنوا فأذاهم خامدون وكان يقع الحجر على بيضة أحدهم فيحرقها ويحرق دماغه ويحرق الفيل والدابة ويغيب في الأرض من شدة الواقع فأخذ عبد المطلب فاسا من فؤوسهم فحفر حتى أعمق في الأرض فملأه من الذهب الأحمر والجواهر وحفر لصاحبه مها فملاها فقال له اختر حفرتي أو حفرتك أو خذهما معا فقال له اختر لي عن نفسك فقال عبد المطلب إني لم أر أن أجعل أجود المتاع ٤٢٣٧ في حفرتي فهي لك وجلس كل منهما في حقرته ونادى عبد المطلب في الناس فرجعوا فأصابوا من فضلهما حتى ضاقوا به وساد عبد المطلب قريشا وأعطته القادة ولم يزل هو وابو مسعود في غنى ورفع الله البأس عن كعبته . وقيل جاء ابرهة لعنه الله بفيل وفيلة وروي ان الطير جاعتهم عشية ثم صحبتهم فساء صباح المنذرين وعن عكرمة من اصابه حجر جدره فهو اول جدري ظهر ‏٠ وروي ان ابرهة لعنه الله ركب على ذلك الفيل ولما برك بالمغخمس ضربوا رأسه بالمعاويل ليقوم فأبى وروي انه استاق ابل قريش وفيها اربعمائة ناقة لعبد المطلب وان عبد المطلب ركب في قريش حتى بلغ جبل ثبير فاستدارت دائرة غرة رسول الله صلى الله عليه وسلم على جبينه كالهلال واشتد شعاعها على الكعبة مثل السراج فقال ارجعوا فقد كفيتم فوالله ما استدار هذا النور مني الا ان يكون الفضل لنا فرجعوا وان رسول ابرهة لما راى وجه عبد المطلب في مكة خضع وتلجلج لسانه وخر مغشيا عليه وخار كما يغور الثور عند ذبحه ولما افاق خر ساجدا لعبد المطلب وقال اشهد انك سيد قريش حقا وان عبد المطلب لما ذهب الى ابرهة احضر فيله العظيم وهو المذكور فلما راى عبد المطلب خر ساجدا وقال السلام على النور الذي في وجهك يا عبد المطلب واعترض وجود نور النبي صلى الله عليه وسلم في وجه عبد المطلب في ذلك الوقت مع ان الاشهر أن ولادة صلى الله عليه وسلم بعد الفيل بخمسين يوما فقد انتقل النور منه الى عبد الله ومن عبد الله الى امنة ٤٢٣٢٨ وقربت ولادة النور صلى الله عليه وسلم واجيب بانه نورا احدثه الله فيه ببركة نبينا صلى الله عليه وسلم كرامة تخلصه ممن اراد هدم البيت الذي هو في منعة من حين خلق واخذ ماله ومال الناس وخراب الحرام واشعارا بان دينه صلى الله عليه وسلم يعلو الاديان وانه لا يوذي به احدا الا اهلكه الله وقيل لم يبرك الفيل بالمغقمس بل دخل الحرم وبرك في واد اسمه محسر لان الفيل حسر فيه أي أعيا وقيل في صفة الحجارة أنها كالعدس8وقيل كانت قصة الفيل قبل مولده صلى الله عليه وسلم بأربعين سنة وقيل بثلاث وعشرين وقيل بخمس عشرة وقيل بعشر والمشهور وعليه أكثر أنه ولد عام الفيل فقيل بعد الفيل بخمسين يوما وقيل بخمس وخمسين يوما وروي أن ذلك الفيل الاعظم الذكور في الاية قد علموه السجود لأبرهة يجاء به صباحا حتى يسجد له . قيل وكذا الملوك يعلمون السجود للفيل ليسجد لهم وقيل الذي في الآية المراد به جميع الاثني عشر فيلا أو الثمانية التي جاء بها أبرهة ‏ ٠0فال للجنس وفي التعبير به موافقة لرؤوس الاي بخلاف ما لو جمعه وفي قصة الفيل دلالة عظيمة على قدرة الله إذ يستحيل أو يبعد أن تأتي طير من قبل البحر تحمل حجارة ترمي بها ناسا مخصوصين وذكر بعضهم ما يشعر أن تلك الحجارة وقع بعضها بالرأس وبعضها بالرجل وغير ذلك وكل ما وقعت عليه خرقته إلى الأرض . .وقرىء ألم تر بإسكان الراء حرصا على ظهور أثر الجازم أي إعلاما به وليس يجزم وكيف حال من ربك مع وجوب الإعتقاد أن ربنا لاتجري حال من ٤٣٩ الأحوال عليه فافهم.وقال ابن هشام ليس حالا بل مفعول مطلق اي قعل فعل ربك . "( ألم يجعل كيدهم ) في هدم الكعبة وروي أن العرب أهل الحرم هدموا كنيسة للحبشة وهم نصارى،فقال أبرهة لنهدمن كعبة العرب كما هدموا كعبتنا وأخزاهم الله ولو كانوا أهل كتاب والعرب لا كتاب لهم ببركة خروج نبينا صلى الله عليه وسلم من العرب ولأن بيتهم هو الحق دون بيت الحبشة وروي أنهم كلما وجهوا الفيل للبيت ألقي بجرائه للأرض وذلك من معجزات النبي صلى الله عليه وسلم لجوازها على الصحيح ولو قبل وجوده . "( في تضليل ) بطلان وعدم تأثير ‏ ٧فهو كيد ضائع كما قيل لإمرىء القيس الملك الضليل لأنه ضيع ملك أبيه فهؤلاء هم وانصرف حج العرب وغيرهم عن بيت الله إلى ذلك الكنيف فلم يبلغوا قصدهم . "( وأرسل عليهم طيرا ) جمع طائر أو اسم جمع ومر أنها مثل الخطاطيف وهي رواية ابن اسحاق وفي رواية مقاتل إنها كاليعاسيب ي وعن ابن عباس طير لها خراطيم وأعناق طوال ووجوه كوجوه الكلاب ث وروي أن رؤوسها كرؤوس السباع وقيل أنيابها كأنياب السباع وقيل طير خضر لها مناقير صفر ى وقيل طير أسود وسئل أبو سعيد فقال حمام مكة وقيل طير سود مقدفة بالخضرة وقيل سود كلها تشبه الزرازير وقيل طير لا تنزل على الأرض ولا الشجر تبيض في الهواء في خرائط تحت أجنحتها إلى أن يكبر ولدها ويطير ولا تنزل الأرض إلا إذا ماتت قيل لم تخلق إلا ذلك اليوم وقيل ٤٤٠ خلقت في جهنم لهؤلاء أخرجت منها وقتئذ ولذلك كانت من جهة البحر فقد قيل أن البحر غطاه جهنم قيل ووجه الجمع بين تلك الأقوال غير القول بأنها طير لا تنزل على الأرض بقوليه أن فيها ألوانا وصفات فأخبركل واحد بما بلغه من صفاتها وفيه أن بعضا قال كلها سود كما مر . "( أبابيل ) جماعات قيل لا واحد له من لفظه وقيل الواحد أبيل وقيل أبول وقيل أبال بتشديد بائهن وورد إبالة بتخفيفها والإبالة الحزمة الكبيرة من الحطب شبهت بها الجملة من الطير في نظامها ى وقيل أبابيل جماعات واحدة بعد أخرى وعن الحسن الأبابيل الكثيرة وقيل الكثيرة المتفرقة . "( ترميهم بحجارة ) قال ابن عباس صاحت فرمتهم وقيل بعث الله ريحا زادت الحجارة شدة8وقرأ أبو حنيفة يرميهم بالمثناة آخر الحروف على إن المستتر لله أو للطير بناء على أنه اسم جمع واسم جمع المذكر يجوز تذكيره وأنيٹه بل قيل لا يؤنث إلا على المعنى وهو كذلك . "( من سجيل ) علم للديوان المكتوب فيه عذاب الكفار واشتقاقه من السجال وهو الإرسال أي ترميهم بحجارة من جملة العذاب المكتوب في ذلك الديوان ‏ ٧وقيل من السجل وهو الكثير وقيل من طين تحجر معرب سنك كل وقيل حجر وطين بالفارسية أول الكلمة عندهم حجر واخرها طين الأصل سك وكل عربت.وعن ابن عباس طين مطبوخ كالاجر وقيل معناه من شديد عذابه وشي عسجيل معناه شديد وقيل السجيل لحجر اليابس وقيل من سجيل معناه من واد في جهنم أبدلت النون لاما وقيل معرب نسج جبل فالنسج الحجر وجبل الطين . ٤٤١٧ (" فجعلهم كعصف ) ورق الزرع (" .ماكول ) وقع فيه الآكال وهو أن تاكله الدود أو أكلته الدواب وأخرجته روٹا وأصل العبارة فجعلهم كروٹ ولكن سمى الروث باسم ما كان عليه على ما هو المعروف من آداب القرآن فهم يهنون متفرقون مدققون كالروث ث وقيل أكل حبه وبقي ورقا بلا ثمر وقيل كعصف صالح لأكل الدواب وعليه عكرمة والضحاك ى وقيل العصف ورق الحنطة وتبنها وقال ابن عباس القشر الخارج الذي يكون على حب الحنطة كهيئة الغلاف8وعن الحسن العصف سوق الزرع وروي أنه إذا وقع الحجر على رجل سقط جلده وأنهم لما ماتوا أرسل الله سيلا القاهم في البحر . اللهم يارب ببركة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وبركة السورة أخز النصارى وأهنهم واكسر شوكتهم وغلب المسلمين والموحدين عليهم صلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم . ٤٤٢ سورة قريش مكية على الصحيح وقيل مدنية آيها أربع وكلماتها سبعة عشر وحروفها ثلاثة وسبعون.وعنه صلى الله عليه وسلم من قرا سورة لإيلاف قريش أعطاه الله سبحانه وتعالى عشر حسنات بعدد من طاف الكعبة واعتكف بها وقالوا من قرأها على مطعوم يخاف منه كان فيه الشفاء من كل داء وأمن من التخمة والبشم والطيش ومن أدمن قراعتها زال خوفه وهمه ووسوته وكفي شر الأشرار كلهم إن شاء الله بسم الله الرحمن الرحيم "(لإيلاف قريش ) أي لتعودهم ومؤالفتهم متعلق بيعبدوا والفاء زائدة لا تمنع عمل ما بعدها فيما قبلها وإنما زيدت لما في المعنى من الشرط أي إن لم يعبده قريش لنعمه التي لا تحصى فاليعبدوه لنغمة الإيلاف أو الفاء في جواب أما محذوفة غير دالة على تفصيل أو دالة عليه فيقدر عديل . واختار الدماميني تقدير أما وأورد على جعل الفاء زائدة مشعرة بشرط في المعنى تقديم ما بعد حرف الجزاء عليه أو معمول ما بعد فاء الجزاء عليها مع أن الشرط غير أما والمعمول غير اسم الشرط وأجيب بأن ذلك لا يلزم لأنا إنما قدرنا معنى الشرط بدلالة الفاء وليس المراد أن لفظ الشرط مقدر وممن علق اللام بيعبدوا ابن هشام وذكر أن بعضا جعل اللام واجبة لإختلاف زمان الإيلاف وزمان العبادة فإن زمان الإيلاف سابق على زمانها وزمانه حاضر وزمانها مستقبل وهذا الإشتراط اتحاد الزمان لنصب المفعول له وقيل متعلقة ٤٤٣ بمحذوف دل عليه فليعبدوا وقال الكسائي والأخفش متعلقة بأعجبوا مقدرا أي عجبوا بإيلافهم الرحلة ألفوها ولم يعبدوا من سخرها لهم وقال الزجاج متعلقة بجعلهم كعصف ماأكول إما على منزلة التضمين في الشعر وهو أن يتعلق معنى البيت بالذي قبله وأقول مثل هذا في الشعر معيب وليست الآية من ذلك لصحة معنى ما مضى بدون أول هذه السورة.وإما على أنهما سورة واحدة كما كتبتا في مصحف أبي سورة واحدة بلا فصل من المغرب والتين وقرأبالبسملة او غيرها وكما روي ان عمر قرا في الاولى في الثانية ألم تر ولايلاف قريش بلا فصل اي اهلك الحبشة ودقهم ليثبوا على الرحلتين ولا يجتري عليهم احد فنزيدهم مهابة وكانوا محترمين فيها لانهم خدمة بيت الله بخلاف غيرهم فانهم يخاف عليهم من القطاع والمنتهيين . والجمهور على ان لايلاف قريش سورة وحدها لاطباق الصحابة والتواتر على ذلك إلا رواية شاذة عنهم . إنما كانقال الشيخ خالد ويضعف التعليق بجعلهم ان جعلهم كعصف لكفرهم وجرأتهم على البيت ويجاب بأن جزاء الكفر والجرأة هو يوم القيامة أو هذا الجزاء الواقع في الدنيا لأجلهما ولأجل لا يتلاف وذكر التعليل بالايتلاف دون التعليل بهما لأنه لم يتعلق غرض بهما يعود إلى قريش بخلاف الإيتلاف فإنه منه عليهما أو الجعل لأجلهما لكن اللام للعاقبة لما هلكوا لكفرهم وجرئتهم صار هلاكهم صلاحا لقريش فكأنه وقع الإهلاك لصلاحهم ولا تشدد لام لإيلاف لأجل تنوين مأكول لأن البسملة فاصلة وهي آية لابد ٤٤٤ من قراعتها وهكذا لا يؤثر آخر السورة فيما بعد البسملة لا نطقا ولا خطا هذا مذهبنا معشر الأباضية ومذهب من وافقنا وإيلاف مصدر ألف كاتى إيتاء بهمزة بعدها ألف في الفعل فالهمزة زائدة وهي همزة أفعل والألف بدل من همزة هي فاء الكلمة فوزن إيلاف إفعال أو مصدر ألف والهمزة فاء الكلمة والألف زائدة فالوزن فاعل بفتح العين ووزن المصدر فيعال بكسر الفاء كقاتل قتالا كذا قيل ويرده أن إثبات ياء فيعال وهي بدل ألف فاعل بفتح العين نادرا أو ضروري ى وقرأ ابن عامر لالاف قريش بدون ياء مثل قاتل قتالا فالهمزة فاء الكلمة ألف إيلافا ومؤالفة كقاتل قتالا ومقاتل . وقرأ أبو جعفر لألف قريش بإسكان اللام الثانية مصدر ألف الثلاثي أو اسم مصدر الرباعي وقر عكرمة ليالف قريش إلفهم رحلة الشتاء والصيف بجر الفهم بدلا من مصدر يألف وهي قراءة موافقة لقراءة من قرأ لإلف إذا جعلنا الإلف مصدرا للثلاثي أو بنصب الفهم على المفعولية المطلقة . وقريش ولد النظر ابن كنانة سموا بتصغير القرش وهو دابة عظيمة في البحر تعبث بالسفن ولاتطاق إلا بالنار قال أبو ريحانه سأل معاوية ابن عباس لم سميت قريشا قال لدابة من أعظم دواب البحر يسمى القرش لا تمر بشيء إلا أكلته س تاكل ولا تؤكل وتعلو ولا تعلى قال وهل تقول العرب ذلك في أشعارها قال نعم وأنشد شعر الجمحي: بها سميت قريش قريشاوقريش هي التي تسكن البحر على سائر البحور جيوشاسلطت بالعلو في لجج البحر ٤٤٥ ا لجنا حبن ريشاالذ يقيهتتركوا لسمبن ولاتاكل القث يأكلون البلاد أكلا كشيشاهكذا في الكتاب حي قريش يكثر القتل فيهم والخموشاولهم آخر الزمان نبي يحشرون المطي حشرا كميشايملا الأرض خيله ورجاله وهذا التصغير عند بعض للتعظيم وقيل من القرش وهو الكسب لأنهم كسابون ضرابون في التجارة لازرع ولا ضرع تقرش لعياله كسب وقرش لهم فهو قارش وقريش تصغير قارش تصغير ترخيم وقيل من قرشت الشيء جمعته وتقرشوا تجمعوا وكانوا متفرقين في غير الحرم فجمعهم قصي في الحرم قال الشاعر: به جمع الله القبائل من فهرأبوكم قصي كان يدعى مجمعا وروي عنه صلى الله عليه وسلم أن الله اصطفى كنانة من ولد اسماعيل واصطفى قريشا من كنانة واصطفى من قريش بني هاشم واصطفاني من بني هاشم ى وإن الناس تبع لقريش في الخير والشر مسلمهم لمسلمهم وكافرهم لكافرهم وأن من أراد هوان قريش أهانه الله وإنه قال اللهم اذقت أول قريش نكالا أي عذابا فأذق آخرهم نوالا أي عطاء . "( إيلافهم ) فيه القراعتان السابقتان الأفهم والفهم وهو بدل من الأول أو بيان "( رحلة الشتاء والصيف ) مفعول لإيلافهم جاء بالإيلاف أولا مبهما أعني غير مقيد بالمغعول وجاء به ثانيا مقيدا وذلك تفخيم لنعمة الإيلاف وأنه هيا لهم الرحلة حتى ألفوها ولم ينغصها عنهم لفتنة أو غيرها ويقدر مضاف ٤٤٦ أي ورحلة الصيف أو يراد برحلة ما يعمهما لأمن اللبس وإن قلت لو قدر مضاف لنصب الصيف نوبيا عنه جاز قلت بقاء مخفوضا لذكر مثل المضاف وكانوا يرحلون في كل عام رحلتين إلى الشام رحلة في الشتاء ورحلة الصيف يستعينون بهما على التجارة والمقام بمكة لخدمةالبيت س وعن ابن عباس يرحلون في الصيف إلى الطائف حيث الماء والظل وفي الشتاء إلى مكة وقيل في الشتاء الى اليمن لأنها حارة وفي الصيف إلى الشام لأنه بارد ويمتارون لمطعمهم ويتجرون واليمن أذنى إلى مكة ووافقهم أيضا في الشتاء وذلك مذهب الجمهور ثم اخصب اليمن فألفوا طعامهم أهل البحر القوه بجدة على السفن وأهل البر بالممحصت على الإبل والحمير وأخصب الشام فحملوا الى مكة وأناخوا بالأبطح فكفاهم الله مأونة الرحلتين وكانوا في مجاعة حتى جمعهم هاشم على الرحلتين فكانوا يقتسمون ربحهم بين الفقير والغني فكان فقيرهم كغنيهم وهو أول من رحل الإبل إلى الشام وحمل منه القمح قال الشاعر: هلا مررت بآل عبد منافقل للذي طلب السماحة والندا الكفافمنبهممتنقلاهلا مررت بهم تريد قراهم والقائمين هلم للاضيافالرائنشين وليس يوجد رائش حتى يكون فقيرهم كالكافيوالخالطين غنيهم بفقيرهم والراحلين رحلة الإيلافوالقائمين بكل وعد صادق ورجال مكة مستنون عجافعمرو العلا هشم الثريد لقومه سقر الشتاء ورحلة الأصيافسقران بينهم له ولقومه ٤٤٧ وقيل الرحلتان لفلسطين والله أعلم بصحته0وقرىء بضم الراء فالمراد الجهة التي يرحل اليها واختلف القراء العشرة على إزالة ياء إيلافهم في الخط واختلفوا في ياء إيلاف قريش ولذلك نكتبها بالحمرة . "( فليعبدوا رب هذا البيت الذي أطعمهم من جوع وأمنهم من خوف ) قال ابن عباس يشتون بمكة ويصيفون بالطائف فذلك الرحلتان فأمرهم أن يقيموا بالحرم ويعبدوا رب بيته وهو الكعبة والله يكفيهم المأونة أو لما أنعم عليهم بدفع ضر أصحاب الفيل وبالرحلتين للطعام أمرهم بالعبادة للذي أنعم عليهم أو لما عصوا رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا عليهم بسنين كسنين يوسف واشتد جوعهم حتى أكلوا الجيفة والعظام المحرقة فقالوا ادع لنا فإنا مؤمنون فدعا فأخصبت البلاد وقيل لما كفاهم أمر الرحلتين أمرهم بذلك وتنكير الجوع والخوف للتعظيم ومن في الموضعين للتعليل أو للابتداء أي نقلهم من الجوع والخوف والخوف هو خوفهم من أصحاب الفيل أو جعلهم لا يخافون في حضر ولا سفر والعرب تتقاتل وتتسابر أو خوف الجذام فلا يصيبهم ببلدهم وقيل أنهم بمحمد صلى الله عليه وسلم وبالإسلام وقيل ذلك بدعاء ابراهيم عليه الصلاة والسلام وزعم بعض أن المعنى آمنهم من خوف من أن يكون الخلافة في غيرهم وقرىء من خوف بإخفاء النون . اللهم يارب ببركة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وبركة السورة أخز النصارى وأهنهم واكسر شوكتهم وغلب المسلمين والموحدين عليهم صلى الله .يهكل رومي ‏ ١ستهزأو له وصحيه وسلم عدلعلى سيد نا محمد ٤٤٨ ‏ ١ماعونسورة مكية وتسمى أرأيت الذي وقيل مدنية وقيل نصفها مكي ونصفها مدني8قال السيوطي قيل نزلت ثلاث آيات من أولها بمكة يعني أن البسملة رابعة والباقي بالمدينة س وآيها سبع بدون البسملة وقيل ست وكلماتها خمس وعشرون وحروقها مائة وستة وعشرون وعنه صلى الله عليه وسلم من قرأ سورة أرأيت غفر له إن كان للزكاة مؤديا وقالوا من قرأها بعد صلاة الصبح مائة مرة كان في حفظ الله تعالى الى الصبح من اليوم الثاني وإن قرئت على الماعون كل يوم وهو مستقبل القبلة كانت حرزا له ومن أدمن قراعتها قبل قوله وأجيبت دعوته. بسم الله الرحمن الرحيم "( أرأيت ) استفهام تعجبي والمرادالمبالغة في التعجب من المكذب بعد ظهور الدلائل ووضوح البيان والخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم أو لمن يصلح للخطاب من العقلاء مطلقا ‏ ٨وقر ابن مسعود أرأيتك بكاف الخطاب . وقرىء أريت بإسقاط الهمزة التي بعد الراء كما قرىء بعدها بإثباتها وقراعتنا بالألف وإما الإسقاط فضعيف لإختصاصه بالمضارع والأمر ولعل القارىء به الحقه بالمضارع وسهل ذلك وقوع همزة الإستفهام قبله وهو أولى من قوله: رد في الضرع ما قرا في العلابصاح هل رأيت أو سمعت براع " ( الذي يكذب بالدين ) وهو العاصي ابن وائل السهمي وقيل الوليد بن المغيرة وقيل عمر بن عائد المخزومي وقيل أبو جهل وقيل أبو سفيان والدين ٤٤٩ الجزاء أو الإسلام والذي للعهد وقيل المراد المشركون مطلقا فالذي للجنس وعن ابن عباس رجل بخيل من المنافقين فالذي للعهد أيضا وقيل المعنى هل عرفت الذي يكذب بالجزاء إن لم تعرفه . ) فذلك الذي يدع ) يدفع دفعا عنيفا عن حقه الواجب له أو عن المعروف وقرىء يدع بفتح الدال وتخفيف العين أي يترك ويجقو . "( اليتيم ) وروي أن أبا جهل كان وصيا ليتيم وجاءه اليتيم عريانا يسأله من مال نفسه فدفعه0وروي أن أبا سفيان نحر جزورا فسأله يتيم لحما فقرعه ‏ (٦ولا يحض ) نفسه ولا غيره من أهله وغيرهم "( على طعامبعصاه السكين ) أي إطعامه وقد مفريه كلام لا يطعم ولا يأمر بالإطعام شحا بماله ومال غيره لأنه يكذب بالجزاء يقولون أنطعم من لو يشاء الله أطعمه ولذلك رتب الجملة بالفاء على يكذب فإنه لو صدق بالجزاء لم يدع اليتيم ولم يترك الحض قيل ويدل على أن المراد معهود لا الجنس قوله " فذلك الذي " الخ من حيث ألدع وترك الحض قد عهد من بعض الناس كما مر واشتهر بل لم يشترط بعضهم في العهد علم المخاطب وقال إنه يكفي علم المخاطب بكسر الطاء س ومن قال المراد الجنس فذلك عنده نصب علامة للتكذيب مطلقا وهي منع المعروف وإيذاء الضعيف ومن كان فيه هذا ولو لم يكن مكذبا قهو ضعيف الإيمان قريب من التكذيب وكان بعض مضطربا في الإسلام بمكة وفتن فافتتن وربما صلى أحيانا مع المسلمين مدافعة وحيرة فقال الله تعالى: ) فويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون ) غافلون غير مبالين بها ٥.ؤ- ‎ صلوها أو تركوها بضوء و طهارة أم لا في الوقت أو بعده ينقرونها من غير خشوع ويعبثون فيها باللحى والثيات ويلتفتون ويؤديهم عدم الإعتناء بها إلى كثرة التثاوب ولا يدرون على كم انصرفوا ولا يرجون ثوابا عليها ولا عقابا على تركها وعن بعضهم أن المراد المنافقون ان صلوا لم يرجوا ثوابا وإن تركوا لم يخشوا عقابا0وقيل من يؤخرها عن وقتها ‏ ٨وعن الحسن يصلون في العلانية ويتركونها سرا يراعون بها المؤمنين كما ذكر الرياء بعد ذلك . وعن سعيد ابن أبي وقاص سالت النبي صلى الله عليه وسلم عن الذين هم عن صلاتهم ساهون فقال هم الذين يأخرونها عن وقتها وهو قول مجاهد ويدل للقول بأنها في المنافقين ذكر الرياء بعد مع قوله وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى يرآون الناس وقيل من يصليها رياء وإن فاتته لم يندم وتلك الصفات كلها توجد في أهل التوحيد وفي علمائهم:كما توجد في أهل الشرك فالمشرك الخالص لا يصليها والمنافق المسر للشرك ربما صلاها بين الناس إلا التكذيب فلا يوجد في أهل التوحيد وفي الزبور قل للذين يحضرون الكنائس بأبدانهم ويقفون مواقف العباد وقلوبهم في الدنيا أبي يستخفون أم إياي يخادعون وفي الحديث ليس لأحد من صلاته إلا ما عقل منها ‏ ٧وسئل أبو العالية فقال الذي لا يدري على كم ينصرف وأنكر عليه الحسن فقال الذي يخرج وقت الصلاة عنه وهو ساه أي تارك وقيل الذي إن صلاها لأول الوقت لم يفرح وإن أخرها عن وقتها لم يحزن0فلا يرى تعجيلها برا ولا تأخيرها إثما قلت ولا يبعد أن يراد من يصليها ولا يحضر قلبه في شيء منها ولا يعيدها فإن هذا لا صلاة له وواجبة عليه إعادتها . ٤٥١ قال الحسن كل صلاة لايحضر فيها القلب فهي إلى العقوبة أسرع0وعن بعض أن العبد يسجد السجدة وعنده أنه تقرب إلى الله بها ولو قسمت ذنوبه في سجدته على أهل مدينة لهلكوا وذلك إذا أصغى إلى هوى أو استولى باطل على قلبه س وعن أنس وعطاء بن يسار الحمد لله الذي قال عن صلاتهم ولم يقل في صلاتهم يريد أن المؤمن يسهو فيها ويرجع والمنافق يسهو عن جميعها ولا يسجد للسهو وإن سجد لم ينفعه وأما السهو في بعض والرجوع في بعض لوسوسة الشيطان وحديث النفس فلا يخلو منه مسلم بل ربما صدر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن هذا اثبت الفقهاء باب سجود السهو في كتبهم . وكان الربيع رحمه الله يسجد سجدتي السهو مطلقا احتياطا ونفلا أو يعد حديث النفس والشيطان سهوا ولكن ذلك في وقت الصلاة أما في غير وقتها كما إذا صلى الفجر أو العصر أو صلى سنة الفجر فلا يسجد إلا إذا لزمه السجود إلا على قول مجيز النفل بعد الفجر وبعد العصر والفاء رابطة لجواب شرط محذوف أي إذا كان دفع اليتيم وعدم الحض على طعام المسكين علما للتكذيب وموجبا للذم فالسهو من الصلاة التي هي عماد الدين والفارق بين الإيمان والكفر والرياء الذي هو شعيبة من الشرك ومنع الزكاة التي همي شقيقة الصلاة وقنطرة الإسلام أحق بذلك أو الفاء للسببية فالمصليين ظاهر موضوع موضع ضمير الذي ضمير جماعة لأن الذي جنس أو شخص يتضمن أن من فعل مثل فعله فهو مثله أي فويل لهم وقرأ ابن مسعود عن .لا هونصلاتهم ‏٤٥٢ (" الذين هم يراؤن) في الصلاة وغيرها يرون الناس أعمالهم ويريهم الناس الثناء عليها ولهذا عبر بالمفاعلة ولا يكون الرياء في الفرض من حيث هو فرض ولو كان ممكنا من حيث تحسينه ويكون في النافلة فينبغي إخفاؤها خوف الرياء لأنه لا يلام على تركها ورأى بعضهم رجلا في المسجد سجد سجدة الشكر وأطالها فقال ما أحسن هذا لو كان في بيتك وقال هذا إما لانه توهم فيه الرياء أو تحذيرا منه فإن اجتناب الرياء إلا على المرتاضين بالإخلاص ولذلك اشتد خوفه صلى الله عليه وسلم منه على أمته وقال الرياء أخفى من دبيب النملة السوداء في الليلة الظلماء على المسح الأسود وإن أظهر النقل المجرد الترغيب في الطاعة فحسن جميل بل أحسن إلا ما يخاف منقلبة من غلبة الرياء وأما الفرض فشانه الإظهار تنويها بالشريعة وإماطة للتهمة عنه0وقيل المراد الرياء في الصلاة يتركها سرا ويصليها جهرا أو يحسنها جهرا وينقصها سراومن أسر الشرك وأظهر التوحيد فهو مشرك ومنافق ومن فعل كبيرة غير شرك وفي لسانه وقلبه التوحيد فهو منافق هذا مذهينا . "( ويمنعون ) للبخل ‏ (٦الماعون ) الزكاة عند علي وابن عمر والحسن وقتادة والضحاك وبدل له ذكرها بعد الصلاة س وعن ابن عباس وابن مسعود وجماعة ما يتعاطاه الناس كالفأس والقدر والدلو والابرة والانية والمتص ونحو ذلك وروي عنه صلى الله عليه وسلم الماعون الدلو والقدر ‏ ٧وروي انه الماء والنار والملح وكذا قالت عائشة رضي الله عنها وقال مجاهد الماعون العارية ‏ ٧وقال بعض العرب الماعون الماء وقال محمد بن كعب القرظي ٤٥_٢٣ والبخاري المعروف كله.وقال عكرمة الماعون اعلاه الزكاة وادناه عارية المتاع وقد استحبوا اكثار ما يحتاج اليه الجار فيعار له عند احتياجه وكذا غير الجار ولا يقتصر على الواجب فان منع تلك الاشياء عن الجار محظور في الشرع اذا استعارها عن اضطرار وقبيح في غير الاضطرار في غير حال الضرورة وسمي ذلك ماعونا لانه قليل من كثير والبخل به من غاية البخل قال بعض نزل اول السورة بمكة في ابي جهل وهو الذي يكذب بالدين ونزل اخرها بالمدينة في عبد الله بن أبي بن سلول وأصحابه وهم الذين يراؤن الناس وبمنعون الماعون . اللهم ببركة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وبركة السورة أخز النصارى وأهنهم واكسر شوكتهم وغلب المسلمين والموحدين عليهم صلى الله على .و له وصحيه وسلمسدد نا محمد ٤٥٤ سورة الكوثر مكية وقيل مدنية والأول لابن عباس والجمهور والثاني للحسن وعكرمة وآيها أربع بالبسملة بناء على المذهب الحق أنها آية من السورة وكلمها عشرة وحروفها اثنان وأربعون وعنه صلى الله عليه وسلم من قرأ سورة الكوثر سقاه الله من نهر في الجنة ويكتب له عشر حسنات بعدد كل قربان قربة العبد في يوم النحر ويقربونه وقالوا من قرأها في ليلة ألف مرة وصلى على النبي صلى الله عليه وسلم ألف مرة ونام رأى النبي صلى الله عليه وسلم في منامه ومن كتبها وعلقها كانت له حرزا من الأعداء ونصرا عليهم ولم ينله مكروه مادامت عليه وقراعتها لرؤية النبي صلى الله عليه وسلم تكون ليلة الجمعة بسم الله الرحمن الرحيم "( إنا أعطيناك ) يا محمد وروي أنه قرىء أنا انطيناك بابدال العين نونا وروي أنها قراءة النبي صلى الله عليه وسلم وهي لغة اليمن ‏ (٨الكوثر ) فوعل من الكثرة للافراط في الكثرة قيل لأعرابية رجع ابنها من السفر بم آب _ابنك فقالت آب بكوثر . قال الشاعر: وكان أبوك ابن العقائل كوثٹراوأنت كيير ياابن مروان طيب فقيل المراد القرآن العظيم وهو مذهب الحسن وقيل هووالنبوة والحكمة وقيل كثرة اتباعه وقيل علماء أمته اللهم برحمتك اجعلنا منهم ى وقيل أولاده واتباع ___ ٤٥ ٥ أمته وقيل حوض في الجنة وقيل نهر فيها وقيل الخير الكثير ذلك وغيره النبوة والقرآن والحكمة والعلم والشفاعة والحوض وكثرة الإتباع والإظهار على الأديان والنصر وكثرة الفتوح في زمانه وبعده والنهر في الجنة وغير ذلك . قال ابن عباس الكوثر الخير الكثير فقال له سعيد بن جبير فإن ناسا يقولون إنه نهر في الجنة فقال هو خير كثير من الخير الكثير س وقال الجمهور أنه نهر في الجنة قال صلى الله عليه وسلم بينما أنا في الجنة إذ أنا بنهر حافتاه اللؤلؤ فضربت بيدي إلى مجرى الماء فإذا مشربه مسك أذقر فقلت ماهذا ياجبريل فقال هذا الكوثر الذي أعطاك ربك8وذكر في حديث الإسراء أنه زاده الله شرفا قال انفجر لي من السلسبيل نهر الكوثر ونهر الرحمة فاغتسلت في نهر الرحمة فغفر لي ما تقدم من ذنبي وما تأخر وسلكت الكوثر حتى انفجر لي في الجنة . وعن أنس بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم بين أظهرنا إذ غفا غفوة ثم رفع رأسه مبتسما فقلنا ما أضحكك يا رسول الله صلئ الله عليه وسلم قال أنزلت علي آنفا سورة فقرأ بسم الله الرحمن الرحيم " إنا أعطيناك الكوثر فصل لربك وانحر إن شانئك هو الأبتر " ثم قال أتدرون ما الكوثر قلنا الله ورسوله أعلم قال نهر في الجنة وعدنيه ربي عز وجل فيه خير كثير وهو حوض ترد عليه أمتي يوم القيامة وفي الحديث دلالة على أن البسملة من السورة لأنه قال أنزلت علي سورة فقرا البسملة وما بعدها ودلالة على أن السورة مدنية فإن أنسا في المدينة وعن ثوبان عنه صلى الله عليه وسلم أول ٤٥٦ من يرد على الحوض فقراء المهاجرين الدنس ثيابا الشعث رؤوسا الذين لا ينكحون المتنعمات ولا تفتح لهم أبواب السدد ويموت أحدهم وحاجته تتلجلج قي صدره ولو أقسم على الله لأبره وحكى ذلك لعمر بن عبد العزيز فبكى حتى خضل لحيته بالدموع وقال لا جرم أني لا أغسل ثوبي الذي يلي جسدي حتى يتسخ ولا أدهن رأسي حتى يشث والأشعث المغبر الرأس والسدد جمع سدة وهي عتبة باب الدار وروى أنس أول من يرد الحوض على الدابلون الناحلون السائحون الذين إذا جنهم الليل استقبلوه بالحزن والدابل الذي جسده غير ذي وضاة لجوع أو عطش أو تعب أو نحو ذلك والناحل المزيل ى وعن زيد بن أرقم كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فنزلنا منزلا ما فقال أنتم جزء من مائة ألف جزء ممن يريد الحوض قيل كم كنتم يومئذ قال سبعمائة أو ثمان مائة قيل هذا مثال للكثرة والمراد أكثر قلت الحديث نص في الأكثر أو كالنص وجاء أنه أحلى من العسل وأشد بياضا من اللبن وأبرد من الثلج وألين من الزبد حافتاه من الزبرجد وأوانيه من فضة عدد نجوم السماء وأن من شرب منه لايضما أبدا وجاء أن حافتيه قباب من لؤلؤ أجوف وأن طينه مسك أذفر أي شديد الرائحة وجاء أن فيه طيرا أعناقها كأاعناق الجزر0وأن عمر قال له ألعامتنا هذا ؟ فقال صلى الله عليه وسلم نعم وجاء أن حصباه الياقوت وجاء عن ابن عمر أن حافية من ذهب وأنه يجري على الدر والياقوت وتربته أطيب من المسك وماؤه أبيض من الج وجاء عن عمرو بن العاص أنه مسيرة شهر وريحه أطيب من المسك وعن ابن ٤٥٧ عمر أمامكم حوضي مابين جنبيه كما بين جرباء وأدرح وهما قريتان بالشام بينهما ثلاثة أيام والأخيرة في طرف الشام والأولى بجيم فراء ساكنة فباء فألف مقصورة وتمد أيضا والآخرة بهمزة فبدال فراء فجاء مهملة0وعن أنس ما بين صنعاء والمدينة ‏ ٠وفي رواية مابين آيلة وصنعاء اليمن وعن أبي ذر آنيته أكثر من عدد نجوم السماء في الليلة المغللمة الصاحية فيه ميزيان من الجنة عرضه مثل طوله ما بين عمان إلى آيلة وعمان بفتح العين وتشديد الميم بلدة بالبلقاء من أرض الشام وآيلة بفتح فإسكان مدينة في طرف الشام على ساحل البحر بين دمشق ومصر آخر الحجاز وأول الشام بينها وبين المدينة خمس عشرة مرحلة أو نحو ذلك وإلى مصر ثمان مراحل وإلى دمشق إثنتا عشرة واحترز بصنعاء اليمن من صنعاء دمشق وعن ثوبان أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أرضه فقال من مقامي إلى عمان وإن الميزانين أحدهما من ذهب وا'آخر من ورق وروي ميزبان يمدانه من الجنة وروي يشخبان بالإعجام أي يسيلان وروي يغشبان بالإعجام والتشديد وكسر الفين وفتحها أي يتتابع دفعهما ويشتد وجاء أنه يرده أمتي فيختلج العبد منه أي يجذب فأقول يارب إنه من أمتي فقال ما تدري ما أحدث بعدك . وعن ابن مسعود أنا فرطكم على الحوض وليرفعن إلى رجال منكم حتى إذا هويت لأناولهم اختلجوا دوني فأقول أي ربي أصحابي فيقال إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك8وفي رواية عن أنس ليردن على الحوض رجال من صحابتي فيختلجوا دوني فلأقولن رب أصحابي فليقالن إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك ٤٥٨ وفي رواية فأقول سحقا لمن بدل بعدي8والفرط بفتحتين الذي يتقدم للماء ويهي الدلو والحوض ونحوهما وروي أني عند عقدي حوضي أذوذ الناس لأهل اليمن أضرب بعصاي حتى يرقص عليهم والعقد ضم العين المهملة وإسكان القاف موقف الإبل من الحوض وقيل مؤخر الحوض وأذوذ أضرب ويرقص يسيل وهذه منقبة عظيمة لأهل اليمن وعن أبي هريرة يرد على الحوض رهطان من أصحابي وقال من أمتي يختلجون عن الحوض فأقول أي ربي أصحابي فيقال لا علم لك بما أحدثوا ارتدوا على أدبارهم القهمقرى وفي رواية أذوذ غير أمتي فقيل لي هل تعرفنا قال تردون غرا محجلين من الوضوء وتصد طائفة منكم فأقول أي رب من أصحابي فيجيبني ملك بقول وهل تدري ماأحدثوا بعدك . وعن حذيفة وأبي هريرة أن حوضي لأبعد من آيلة إلى عدن ولا أذودن رجالا كما يذاذ اليعير لغير صاحب الحوض ى وتلك الأحاديث صحيحة قريبة من التواتر.قال عياض يجب الإيمان بها ومسافة طول الحوض وقربه مختلفة في الروايات السابقة والوقوف على أبعدها ولما القريبة فتمثيل كما يضرب المثل بالسبعين عن الألف وأكثر والذين يختلجون المرتدون وأصحاب الكبائر غير التائبين وهم أهل السحق والخلود في النار هذا مذهبنا معشر الاباضية واختلف قومنا فقيل لمراد المنافقون في زمان النبي صلى ا له عليه وسلم وقيل المرتدون في زمان أبي بكر رضي الله عنه حتى مات النبي صلى الله عليه وسلم أصحاب مسيلمة الكذاب س وقيل أصحاب الكبائر من أهل التوحيد ٤٥٩ قالوا يجوز أن يزادوا عنه عقوبة ثم يدخلوا الجنة بلا عذاب في النار قال عياض منهم ظاهر حديث من شرب منه لم يظما أبدا إن الشرب بعد الحساب والنجاة من النار وإنه يحتمل أن من شرب منه ولو دخل النار لا يعذب فيها بالظما وبعض الأحاديث يدل على أن الحوض من الجنة إلى خارجها ويشربون منه خارجها ثم يدخلونها0وبعضها علي أنه فيها وذكر الشنواني أن الأظهر عند المحققين وقيل المعجزات الكثيرة وقيل المعرفة وأن في رواية ماؤه أبيض من الورق وفي رواية ولا يسود وجهه أبدا وإنه قيل لا يشرب منه إلا من قدرت له السلامة من النار وإن المراد بالسدد أبواب السلاتين وقيل الحوض في المحشر والكوثر في الجنة يصب في الحوض . قال الشهبلي ومما جاء في معنى الكوثر ما رواه ابن أبي تجيش عن عائشة رضي الله عنها الكوثر نهر في الجنة لا يدخل أحد أصبعيه في أذنيه إلا سمع خرير ذلك النهر وفي رواية عنها قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله أعطاني نهرا يقال له الكوثر لا يشاء أحد من أمتي أن يسمع خريره إلا سمعه قلت يا رسول الله وكيف ذلك قال ادخلي اصبعيك في أذنيك فالذي تسمغين فيها هو من خرير الكوثر (فصل لربك )الفاء سببية والمراد مطلق الصلاة "( وانحر) المراد مطلق النحر أي اخلص صلاتك ودم عليها واخلص نحرك الله واذكر اسمه فيه لانه الذي أعطاك وأعزك وخالفهم في عبادتهم الأصنام والنحر باسمها أو دم على الصلاة لربك وأخلاصها محالفا للساهي المرائي ٤٦٠ بها شكرا لإنعامه فإن الصلاة جامعة لأقسام الشكر والنحر البدن التي هي خيار الأموال العرب فهي النوق وتصدق بها على اليتامى عطفا عليهم مخالفا لمن يدفعهم بعنف ويمنع عنهم القليل الحقير وعلى هذا فهذه السورة كأنها مقابلة للتي قبلها وقيل المراد صلاة العيد ونحر الضحية وقيل الصلاة مطلقا ونحر الهدي والنسك والضحية ونسب الجمهور وقيل صلاة الفرض ونحر البدن بمني وقيل صلاة الفجر بجمع والنحر بمنى وكذب من فسر الصلاة بالصلاة مطلقا أو بالفرض والنحر وضع اليد اليمنى على اليسرى في تلك الصلاة وأكذب منه من روي ذلك عن ابن عباس وكذب أيضا من قال النحر رفع اليدين مع التكبير الى المنحر فإن النبي صلى الله عليه وسلم ولو رفعهما لكن في صلاة واحدة ليقع السلاح من ابط من كان تحته ولم يعد ذلك ولم تفعله الصحابة . "( إن شانئك ) مبغفضك ‏ (٦هو الابتر ) المنقطع وروي ان القاسم مات بمكة ومات ابراهيم بالمدينة ابنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت قريش اصبح محمد ابتر فنزلت اي إن من ابغضك هو الذي لا عقب له لا يبقى منه نسل ولا حسن ذكروا ما انت فيبقى نسلك وذكرك بالخير والشرف الى يوم القيامة والمؤمنون بعدك الى يوم القيامة اولادك وعقبك وتذكر في المنابر والصلوات والاذان والمساجد وغير ذلك وعلى السنة العلماء يبدا بذكري ويثني بذكرك ولك في الاخرة ما لن يوصف والابتر هو الذي مات لم يذكر الا بلعنة وكانوا يقولون محمد ابتر اذ مات مات ذكره وقيل نزلت فى العاصى بن وائل ٤٦١ سماه الابتر.والابتر هو الذي لا عقب له وكان كذلك ى وحمار ابتر لا ذتب له قيل سماه ابتر عند موت القاسم فقلب له التسمية عليه ردا عن نبيه صلى الله عليه وسلم وقيل الابتر المنقطع عن كل خير وقال عكرمة وغيره مات ولد له صلى الله عليه وسلم فقال ابو جهل بتر محمد فنزلت السورة ان ابا جهل لعنه الله هو المقطوع من الرحمة وكل شان لرسول الله صلى الله عليه وسلم فهو ابتر يوم القيامة لا شفيع له ولا حميم وروي ان العاصي ابن وائل السهمي التقي مع النبي صلى الله عليه وسلم عند باب المسجد وتحدث معه وانس من اشرف قريش في المسجد فلما دخل العاصي قالوا من الذي تتحدث معه فقال ذلك الابتر يعني النبي صلى الله عليه وسلم وكان قد توفي ابن له زاده الله شزفا من خديجة فنزلت . وروي ان العاصي لعنه الله اذا ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم قال دعوه فانه ابتر لا عقب له فاذا هلك انقطع ذكره فنزلت ى وعن الحسن ان مبغضك ينقطع امره دونك فلا يبلغ ما يامل فيك عن ابن عباس نزلت في كعب بن الاشرف وجماعة من قريش قالوا لما قدم من مكة نحن اهل السقاية والسدانة وانت سيد اهل المدينة فنحن خير ام هذا الصنوبر فنزل " الم تر الى الذين اوتوا نصيبا " الاية في كعب ونزلت فيمن قال ابتر هذه السورة والصنوبر النحلة المنفردة يدق اسفلها او التي تخرج من اصل اخري بلا غرس او سعفقات تنبت في النخلة او في اصلها تضرها ودواؤها قطع تلك الصنابر وارادوا انه اذا ماتوا استراحوا منه او الوحيد الضعيف الذي لا ولد ‏٠ولا ناصرله ولا عشيرة ‏٤٦٢ | خز ‏ ١لنصارىالله عليه وسلم وبركة | لسورةصلىمحمد‏ ١للهم بيركة سددنا واهنهم واكسر شوكتهم وغلب المسلمين والموحدين عليهم صلى الله على ‏٠وا له وصحبه وسلمسرد نا محمد ٤٦٢٣ ‏ ١لكافرينسورة ويقال ايضا سورة الكافرون بالواو للحكاية.مكية وقيل مدنية ذكره السيوطي فبطل ادعاء الاجماع على انها مكية وآيها ست وكلماتها ست وعشرون وحروفها اربعة وتسعون ! وعنه صلى الله عليه وسلم من قرأ سورة الكافرين فكأنما قرأ ربع القرآن وتباعدت عنه مردة الشياطين وبرىء من الشرك وعوفي من الفرع الاكبر ووجه كونها ربع القرآن إن القرآن أمر ونهي وكل منهما متعلق بالقلب او بالجوارح فذلك اربعة وهذه السورة مشتملة على النهي معنى لا لفظا0عن عبادة غير الله وهي من الاعتقاد قاله يعض ويرده ان القران لم ينحصر في الامر والنهي وان عبادة غير الله تكون بالجوارح او بها وبالقلب ومن ادمن قرأتها امن من الشرك والشك روي ان رهطا من قريش الحارث بن قيس السهمي والعاصي بن وائل والوليد بن المغيرة والاسود بن عبد يغوث والأسود بن عبد المطلب وأمية بن خلف وغيرهم قالوا هلم يامحمد اتبع ديننا ونتبع دينك نعبد إلهك سنة وتعبد آلهتنا سنة فإن كان ما جئت به خيرا كنا قد شاركناك فيه وإن كان بأيدينا حقا أخذت حظك منه فقال صلى الله عليه وسلم معاذ الله أن أشرك بالله شيئا قالؤا فاستلم بعض آلهتنا نصدقك ونعبد إلهك قال حتى أنظر ما يأتي من ربي فأنزل الله عز وجل عليه . ٤٦٤ بسم الله الرحمن الرحيم "( قل ياأيها الكافرون ) إلى آخر السورة وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم الى المسجد الحرام فقام على رؤوس أولئك الملأ وقرأها عليهم فآيسوا منه وأذوه وأصحابه رواه ابن عباس وأنهم قالوا دع دينك نملكك علينا ونمولك وإلا فاعبد آلهتنا سنة إلى آخر مامر ومن هؤلاء أبي بن خلف وأبو جهل وابنا الحجاج.وروي أنهم لقوا العباس فقالوا ياأبا الفضل لو أن ابن أخيك أسلم بعض آلهتنا لصدقناه فأخبره صلى الله عليه وسلم العباس فنزلت السورة وفي ذلك دليل على أن السورة مكية وقيل نزلت في أبي جهل والمستهزئين ومن لم يؤمن بدون تلك القصة وعلى كل حال فالخطاب لمشركين مخصوصين علم الله أنهم لا يعبدونه وإننا تلا عليهم قل لأنه من نفس السورة كما يعلمه من حال جبريل وقوله فإنه لا يلبسه عليه غير القرآن بالقرآن فلم يسقطه وفي ذكره إعلام لهم أنه مأمور بذلك القول من عند الله وإن الأمر جد من عند الله من كونهم لا يؤمنون . "( لا أعبد ) في المستقبل فإن لا النافية تخلص المضارع للأستقلال كما أن دون ) بنتم ما النافية تخلصه للحال(" .ت مغابدون ) في الحال "(عولاا أ في المستقبل فإنه مقابل لقوله" لا أعبد " "( ماأعبد ) في الحال المستمر حكمه و‏(٦لا أنا عابد ) في الحال أو في الماضي لجواز نفي المضي بلا إذا سبقها نفي نحو لا قام ولا قعد ولا يقوم زيد ولا قام عمر "( ما عبدتم ) في الماضي "(ولا أنتم عابدون ) في الماضي . __٤٦٥ (" ما أعبد ) في الحال المستمر اليها ما قبلها المستمرة إلى ما بعدها وما في قوله ما أعبد في الموضعين وقعت للعالم كقولهم سبحان ما يسبح الرعد بحمده أو أشير بها للصفة والصفة غير عالمة كأنه قيل لا تتبعون الحق بل الباطل أطوويق بها ما في قوله ما تعبدون وقوله ما عبدتم وهي لغير العالم لأنها للأصنام ولا يقال هلا قيل ولا أنتم عابدون ما عبدت فيطابق قوله ما عبدتم لأنا نقول هم مشهورون قبل البعثة بعبادة الأصنام فوافقهم الماضي والنبي صلى الله عليه وسلم يعبد الله قبل البعثة كما بعدها لكنه لم تشتهر عبادته قبلها وإنما اشتهرت في حال البعث والإنذار فكأنه لم يعبده إلا في الحال فواففقه مضارع الحال أو لأنه لم يكن قبلها يعبده بهذه العبادة الموجودة بعد البعث وهو صلى الله عليه وسلم لم يعبد الصنم حاشاه في الجاهلية فكيف بعد البعث وقيل إن ما في قوله ما أعبد في الوضعين مصدرية والمصدر مفعول مطلق أي لا أنتم عابدون عبادتي وهي عبادة لله وفيه السلامة من وقوع ما للعالم ومن التأويل ويجوز كون ما في الموضعين الآخرين بفتح الخاء مصدرية وأجاز بعضهم أن يكون كل واحد من المضارعين أو الوصفين للحال والآخر لإستقبال ويجوز أن يكون ولا أنا عابد ما عبدتم ولا أنتم عابدون ما أعبد تأكيدا لقوله لا أعبد ما تعبدون ولا أنتم عابدون ما أعبد لأن الموضع أحوج إلى التوكيد حيث راجعوا النبي صلى الله عليه وسلم بأقبح الأشياء وهو الشرك طلبوا منه أن يكون مشركا ويجوز أن يكون التكرار مراد به مطابقة لقولهم أعبد ألهتنا عاما ونعبد إلهك عاما وهكذا ٤٦٦ (" لكم دينكم ) الذي أنتم عليه كتب الله انكم لا تتركونه "( ولي دين ) الذي أنا عليه كتب الله أن لا أتركه وإنما بعثني الله داعيا الحق ولم تقبلوا مني فدعوني في ديني لا تدعوني الى الشرك أو لكم دينكم تجازون به ولي ديني أجازي به وعلى كل حال فليس في ذلك إشارة لهدنة ولا منع عن الجهاد فضلا عن أن يكون منسوخا كما زعم بعضهم كما أنه لم يكن في ذلك إذن في الكفر وأمال هاشم عابدون في الموضعين وعابد وأخلص الباقون الفتح وتدغم دال عبدتم في تاءه ولم يدغمها بعضهم وفتح ياء لي هو قراءة نافع واليزي بخلاف عنه وحفص وهشام وأسكنها الباقون وتحذف ياء ديني وصلا ووفقا واثبتها يعقوب وصلا ووقفا وربما وجدت في بعض مصاحفنا مكتوبة بالأحمر . اللهم ببركة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وبركة السورة أخز النصارى وأهنهم واكسر شوكتهم وغلب المسلمين والموحدين عليهم صلى الله على وسلم .و له وصحيهسرد نا محمد ٤٦٧ النصرسورة وتسمى سورة التوديع لأنها نعي للنبي صلى الله عليه وسلم مدنية آيها ثلاث وقيل خمس وقيل سبع وكلماتها سبعة عشر وحروفها سبع وخمسون وعنه صلى الله عليه وسلم من قرا " إذا جاء نصر الله " أعطي من الأجر كمن شهد مع محمد صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة وقالوا إن نقشت في رصاص وجعلت في الشبكة يدخل السمك فيها أفواجا ببركتها . بسم الله الرحمن الرحيم "( إذا جاء نصر الله ) إياك على أعدائك من قريش وغيرهم وقيل جنس نصر الله للمؤمنين وعن بعضهم أن النصر هو كمال الدين وإظهاره ٭ ( والفتح) فتح مكة وقيل فتح مكة وفتح سائر البلاد وقيل الإقبال الدنيوي الذي هو تمام النعمة0والمعنى إذا حضر نصر الله والفتح وحصلا ولكن عبر بالمجيء تجوزا للإشعار بأن المقدرات متوجهات من الإزال إلى أوقاتها المعينة فتقرب منها شيئا فشيئا وقد قرب النصر والفتح من وقتهما فكن مترقبا لورودهما مستعدا لشكرهما.وقال ابن عمر نزلت هذه السورة بمنى في أواسط أيام التشريق في حجة الوداع وعاش بعدها ثمانين يوما ونحوها وقرأ ابن عباس إذا جاء فتح الله والنصر . ٤٦٨ بيان فتح مكة من الثعالبي والسهيلي وغيرهما وهو الفتح الذي استبشرت به أهل السماء وضربت أطناب عزه على مناكب الجوزاء ودخل الناس في دين الله أفواجا وأشرق به الدهر ضياء وابتهاجا:خرج له صلى الله عليه وسلم بكتائب الإسلام وجنود الرحمن لنقض قريش العهد الذي وقع بالحديبية فإنه كان قد وقع الشرط أنه من أحب أن يدخل في عقد رسول ا له صلى ا له عليه وسلم وعهده فعل ومن أحب أن يدخل في عقد قريش فعل ى فدخلت بنو بكر في عقد قريش وعهدهم ودخلت خزاعة في عقد رسول الله صلى الله عليه وسلم . وكان بين بني بكر وخزاعة حروب وقتلى في الجاهلية فتشاغلوا عن ذلك لما ظهر الإسلام فلما كانت الهدنة خرج نوفل بن معاوية الدئلي من بني بكر في بني دئل حتى بيت خزاعة وهم على ماء لهم يقال له الوتير فأصاب منهم رجلا يقال له منبه واستيقظت لهم خزاعة فاقتتلوا إلى أن دخلوا الحرم ولم يتركوا القتال ومدت قريش بني بكر بالسلاح وقاتل بعضهم معهم ليلا في خفية وخرج عمرو بن سالم الخزاعي في أربعين راكبا من خزاعة فقدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم يخبرونه بالذي أصابهم ويستنصرونه فقام وهو يجر رداءه وهو يقول لا نصرت إن لم أنصركم بما أنصر منه نفسي . وعن ميمونة سمعته صلى الله عليه وسلم يقول في متوضاه ليلا لبيك لبيك لبيك ثلاثا نصرت نصرت نصرت ثلاثا فلما خرج قلت يارسول الله سمعتك ٤٦٩ تقول في متوضاك كذا وكذا فهل معك أحد وقال صلى الله عليه وسلم هذا رجل من بني كعب يستصرخني ويزعم أن قريشا أعانت عليهم بني بكر ثم عليه السلام فأمر عائشة أن تجهزه ولا تعلم أحدا قالت فدخل عليها أيو بكر فقال يابنيتي ما هذا الجهاز فقالت والله ما أدري فقال والله ما هذا زمان غزو بنى الأصفر أي النصارى فأين يريد صلى الله عليه وسلم قالت فأقمنا :ا لأيياتا لرا جز ينشد هذهثم صلى الصبح بالناس فسمعتٹلاٹا حلف أبينا وأبيه الأتلدايارب إني ناشد محمدا المؤكداميثاقكونقضواإن قريشا أخلفوك الموعدا فانصر هداك الله نصرا أيداوزعموا أن لست تدعو أحدا فيهم رسول الله قد تجرداوادعو عباد الله باتوا مددا أبيض مثل الشمس يسموصعدافي عسكر كالبحر يجري مزيدا إن اسم خسفا وجهه تربدا :ابن اسحاقأى تغير وزاد وسجد ‏١ركعاوقتلوناهم بيوتنا يا لوتير هجد ‏١ عدداأذل وأقلوعموزعموا أن لست تدعو أحدا فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم نصرت ياعمرو بن سالم فكان ذلك ما أهاج فتح مكة ي وقدم أبو سفيان بن حرب على رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة يسأله أن يجدد العهد ويزيد في المدة فأبى عليه فانصرف الى مكة فتجهز رسول الله صلى الله عليه وسلم من غير إعلام أحد بذلك فكتب لطريق ولممنو نه كتا يه ردقصته.وقد مضتيخبرهمحا طب .كتا يا ‏٤٧٠ يصلهم وبعث صلى الله عليه وسلم إلى من حوله من العرب فجلبهم أسلم وغفار ومزينة وأشجع وجهينة وسليم فمنهم من وافاه بالمدينة ومنهم من لحقه بالطريق . وكان المسلمون في غزوة الفتح عشرة آلاف وقيل إثني عشر ألفا وجمع بينهما بأنه خرج من المدينة بالعشر ثم تلاحق به الالفان واستخلف على المدينة ابن أم مكتوم وقيل أبا رهم الغفاري ى وكان خروجه يوم الأربعاء لعشر خلون من شهر رمضان بعد العصر سنة ثمان من الهجرة . وقال أبو سعيد خرجنا لليلتين مضتا من رمضان وصحح وقيل لست عشرة وقيل لثماني عشرة وقيل لإثنتي عشرة وقيل لتسع عشرة ولما بلغ صلى الله عليه وسلم الكديد بفتح الكاف ماء بين قديد وعسفان أفطر حتى انسلخ الشهر وكان العباس رضي الله عنه خرج قبل ذلك بأهله مسلما مهاجرا فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحجفة وكان قبل ذلك مقيما بمكة على سقايته ورسول الله صلى الله عليه وسلم عنه راض وكان ممن لقيه في الطريق أبو سفيان ابن الحارث ابن عمه عليه السلام وأخوه من رضاع حليمة ومعه ولده جعقر س وكان ابو سفيان يألف رسول الله صلى الله عليه وسلم ولما بعث عاداه وهجاه وكان لقاؤهما له عليه السلام بالابواء واسلما قبل دخوله مكة وقيل لقيه هو وعبد الله بن أبي امية بن عمته عاتكة بنت عبد المطلب بين السقيان والعرج فاعرض صلى الله عليه وسلم عنهما لما كان يلقى منهما من شدة الاذى والهجو فقالت له أم سلمة لا يكن ابن عمك وابن عمتك اشقى الناس بك قيل وقال على لابي سفيان رأيت رسول الله عليه وسلم من ‏_ ٤٧١ قبل وجهه فقل له ما قال اخوة يوسف ليوسف تالله لقد اثرك الله علينا وان كنا لخاطئيبب فانه لا يرضى ان يكون احد احسن منه قولا ففعل ذلك ابو سفيان فقال له صلى الله عليه وسلم لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو ارحم الراحمين ويقال انه ما رفع رأسه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم منذ اسلم حياء منه وما بلغ قديدا عقد الالوية والرايات ودفعها الى القبائل ثم من الظهران عشاء فامر اصحابه فاوقدوا عشرة الاف نارا ولم يبلغنزل قريش مسيره وهم مهتمون لما يخافون من غزوه فبعثوا ابا سفيان بن حرب فقالوا ان لقيت محمدا فخذ لنا منه امانا .فخرج هو وحكيم بن حزام وبديل بن ورقاء حتى اتوا من الظهران فلما راوا .العسكر كان افزعهم كان نيرانهم نيران عرفة فقال ابو سفيان ما هذه النيران لكأنها نيران عرفة بديل نيران بني عمرو فقال ابو سفيان نيرانهم اقل من ذلك فارآهم ناس من حرس رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذوهم فأتوا بهم الى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلم ابو سفيان ولما سار قال العباس احبسه بمضيق الوادي عند خطم الجبل حتى ينظر الى المسلمين فحبسه العباس فجعلت القبائل تمر مع النبي صلى الله عليه وسلم كتبت كتيبة على ابي سفيان كلما مرت قبيلة قال يا عباس من هذه قال بنو فلان قال مالي ولهم واقبلت كتيبة لم ير مها قال من هذه قال هؤلاء الانصار عليهم سعد بن عبادة معه الراية فقال سعد بن عبادة يا ابا سفيان اليوم يوم الملحمة أي يوم الحرب اليوم تستحل الكعبة فقال أبو سفيان يا عباس حبذا يوم الذمار بالذال المعجمة المكسورة أي ٤٧٢ الهلاك قيل تمنى أن تكون له يد يدفع بها عن قومه وقيل هذا الغضب للحرم والأهل وقيل يوم يلزم حفظي من أن ينالي مكروه . وقيل إن سعدا قال اليوم يوم الملحمة اليوم تستحل الحرمة فسمعه رجل من المهاجرين فقال يا رسول الله ما آمن ان تكون لسعد في قريش صولة فقال لعلي أدركه فخذ الراية منه وادخل بها وقيل حاذى أبو سفيان النبي صلى الله عليه وسلم فقال له أمرت بقتل قومك قال لا فذكر له ما قال سعد ثم ناشده الله والرحم فقال ياأبو سفيان اليوم يوم المرحمة اليوم يعز الله قريشا وأرسل إلى سعد فأخذ الراية منه فدفعها إلى ابنه قيس ى وعند ابن عساكر من طريق ابي الزبير عن جابر قال لما قال سعد ذلك قال امرأته: قريش ولات حين لجا.يانبي الهدى اليك لحاجتي وعادا هم إله السماء‏ ١لأرضعليهم سعةحنن ضاقت بأهل ‏ ١لحمجون وا لبطحا ءا لظهريريد قاصمةا ن سعدا فدخلته صلى الله عليه وسلم رأفة فأخذت الراية من سعد ودفعت إلى ابنه قيس وعند أبي يعلي من حديث الزبير أن النبي صلى الله عليه وسلم دفعها اليه فدخل مكة بلوائين وهو ضعيف الإسناد وعن الزهري أنه دفعها إلى الزبير بن العوام وجمع بين الأقوال أن عليا أرسل ليأخذها فخشي تغير خاطر سعد فدفعها إلى ابنه قيس وخشي سعد أن يقع من ابنه ما يكره رسول الله عليه وسلم فسال النبي صلى الله عليه وسلم أن يأخذها منه فأخذها الزبير ويرده أنه ما كان علي ليعطيها غيره وقد أمره صلى الله عليه ٤٧٣ وسلم أن يدخل بها بنفسه وقيل إن رأيته صلى الله عليه وسلم مع الزبير وإن أبا سفيان قال ألم تعلم ما قال سعد قال ما قال قال كذا وكذا فقال كذب سعد ولكن هذا يوم يعظم الله فيه الكعبة ويوم تكسى فيه الكعبة وأمر صلى الله عليه وسلم أن تركز رايته بالحجون0قال نافع بن جبير بن مطعم سمعت العباس يقول للزبير بن العوام يا أبا عبد الله ها هنا أمرك رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تركز الراية قال نعم وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد أن يدخل من أعلى مكة من كداء بالفتح والمد ودخل صلى الله عليه وسلم من كدى بالضم والقصر فقتل من خيل خالد رجلان حبيش بن الأشقر وكرز بن جابر الفهري وروى ابن عمر أنه صلى الله عليه وسلم دخل من كداء بالفتح والمد من أعلى مكة وكذا عائشة وغيرها . وعن ابن عمر دخل على راحلته مردفا أسامة بن زيد وذكروا أنه بعث الزبير على المهاجرين وخيلهم وأمره أن يدخلها من أعلى مكة من كداء وأن يغرز رايته بالحجون ولا يبرح حتى يأتيه وبعث خالد بن الوليد في قبائل فضاعة وسليم وغيرهم أن يدخلا من أسفل مكة من كدى وأن يغرز رايته عند أدنى البيوت وبعث سعدا في الانصار وأمرهم أن يكفوا عن القتال إلا إن قوتلوا . ودخل خالد من أسفل مكة وقد تجمع بها بنو بكر وبنو الحارث بن عبد مناف وناس من هذيل ومن الأحابيش الذين استنصرت بهم قريش فقاتلوا خالدا فقاتلهم فانهزموا وقتل من بني بكر نحو من عشرين رجلا ومن هذيل ثلاثة أو أربعة حتى انتهى بهم القتل إلى الحزورة إلى باب المسجد حتى دخلوا الدور ٤٧٤ فارتفعت طائفة منهم على الجبال وصاح أبو سفيان من أغلق بابه وكف يده فهو آمن ولما اطمأن صلى الله عليه وسلم قال لخالد لم قاتلت وقد نهيتك عن القتال وقال هم بدأونا بالقتال وقد كففت يدي ما استطعت فقال قضاء الله وعن ابن اسحاق لما نزل صلى الله عليه وسلم من الظهران رقت نفس العباس بأهل مكة فخرج ليلا راكبا بغلة النبي صلى الله عليه وسلم لكي يجد أحدا ليعلم أهل مكة بمجيىءالنبى صلى الله عليه وسلم ليتأمنوه فسمع صوت أبي سفيان بن حرب وحكيم بن حزام وبديل بن ورقاء فأردف أبا سفيان خلقه وأتى به النبي صلى الله عليه وسلم وانصرف الأخران ليعلما أهل مكة ويمكن الجمع بأن الحرس لما أخذوه استنفذه العباس ث وروي أن عمر لما رأى أبا سفيان رديف العباس دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله هذا أبو سفيان دعني أضرب عنقه فقال العباس يارسول الله إني قد آجرته فقال صلى الله عليه وسلم اذهب يا عباس به إلى رحلك فإذا أصبحت فاتني به فذهب فلما أصبح غذا به على رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما رآه صلى الله عليه وسلم قال ويحك يا أبا سفيان ألم يإن لك أن تعلم أن لاإله إلا الله فقال بأبي أنت وأمي ما أحلمك وأكرمك وأوصلك لقد ظننت أنه لو كان مع الله إله غيره أغفى عني شيئا ثم قال ويحك يا أبا سفيان ألم يإن لك أن تعلم أني رسول الله قال بأبي أنت وأمي احلمك وأكرمك وأوصك أما هذه قفي النفس منها شيء فقال له العباس ويحك اسلم واشهد أن لاإله إلا الله وأن محمدا رسول الله قبل أن تضرب عنقك فأسلم ‏٤٧٥ وشهد شهادة الحق فقال العباس يا رسول الله إن أبا سفيان رجل يحب الفخر فاجعل له شيئا قال نعم وأمر صلى الله عليه وسلم أن ينادي مناد من دخل المسجد فهو آمن ومن دخل دار أبي سفيان فهو آمن ومن أغلق بابه على نفسه فهو آمن إلا المستثنيين عبد الله بن سعد بن أبي سرح أسلم وهلال بن خطل . وروي عبد الله بن خطل قتله أبو برزة وقينتاه وهنما فرنتا بالفاء المفتوحة والراء الساكنة والتاء المثناة الفوقية والنون وقريبة بالقاف والموحدة مصغرا أسلمت إحداهما وقتلت الأخرى قيل التي أسلمت فرنتا وقتلت قريبة وسارة مولاة لبني عبد المطلب أسلمت وقيل كانت مولاة عمرو بن صيفي بن هشام وأرنب علم امرأة وعكرمة بن أبي جهل أسلم والحارث بن نقيد قتله علي ونقيص بن صبابة بصاد مهملة مضمومة وموحدتين الأولى خفيفة قتله نميلة الليثي وهبار بن الأسود أسلم وهو الذي عرض لزينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم حين هاجرت فنحس بها حتى سقطت علي صخرة وأسقطت جنينها وكعب بن الزهير أسلم وهند بنت عتبة أسلمت ووحشي بن حرب أسلم وبعث صلى الله عليه وسلم أبا عبيدة إلى الحراي الذين بغير سلاح فقال لي ياأبا هريرة اهتف لي: بالانصار فهتفت بهم فجاؤوا فطافوا به فقال لهم أترون إلي أوباش قريش وأتباعهم ثم قال بإحدى يديه على الأخرى احصدؤهم حصدا حتى توافوني بالصفا قال أبو هريرة فانطلقنا فما نشاء أن نقتل أحدا منهم إلا قتلناه فجاء أبو سفيان فقال يا رسول الله أبيحت خضراء قريش لا قريش بعد اليوم فقال صلى الله عليه وسلم من أغلق بابه ‏٤٧٦ فهو آمن وتمسك بذلك من قال إن مكة فتحت عنوة وهو قول الأكثر س وقال الشافعي إننها قتحت صلحا لما وقع من هذا التأمين ولإضافة الدور إلى أهلها لأنها لم تقسم ولأن الغقانمين لم يملكوا دورها وإلا لجاز إخراج أهل الدور منها وحجة الأولين ما وقع التصريح به من الأمر بالقتال ووقوعه من خالد بن الوليد وبتصريحه عليه السلام بأنها أحلت له ساعة من نهار ونهيه عن التأسي به في ذلك وأجابوا عن ترك القسمة بأنها لا تستلزم عدم العنوة فقد تفتح البلدة عنوة ويمن على أهلها وتترك لهم دورهم . واحتج الشافعي بأحاديث أنه صلى الله عليه وسلم صالحهم بمر الظهران قبل دخول مكة وبحث فيه بأن الذي أشار اليه إذ كان مراده ما وقع من قوله صلى الله عليه وسلم من دخل دار أبي سفيان فهو آمن ومن دخل المسجد فهو آمن فإن ذلك لا يسمى صلحا إلا إذا التزم من أشير اليه بذلك الكف عن القتال ‏ ٧والذي ورد فايلأحاديث الصحيحة ظاهر وإن قريشا لم يلتزموا بذلك لأنهم استعدوا للحرب وإن أراد بالصلح وقوع عقده فهذا لم ينقل ولا أظنه عني إلا الإحتمال وفيه ما ذكرنا ثم دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة في كتيبتها الخضراء وهو على ناقته القصوى بين أبي بكر وأسيد بن خدير فرأى أبو سفيان ما لا قبل له به فقال للعباس ياأبا الفضل لقد أصبح ملك ابن أخيك ملكا عظيما0وروي أنه صلى الله عليه وسلم وضع رأسه تواضعا لله لما رأى ما أكرمه اللة به من الفتح حتى أن رأسه لتكاد تمس رحله شكرا وخضوعا لعظمته أن أحل له بلده ولم يحله لأحد قبله ولا لأحد يعده . ٤٧٧ وعن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل مكة يوم الفتح وعلى رأسه المغفر وهو بكسر الميم وسكون العين المعجمة وفتح الفاء زرد ينسج من الدروع على قدر الرأس ب وفي المحكم هو ما يجعل من فضل درع الحديد على الرأس مثل القلنسوة فلما نزعه جاء رجل فقال ابن خطل متعلق بأستار الكعبة فقال اقتله ‏ ٨وروي أن ابن خطل قتله الزبير ‏ ٨وروي أنه تعلق بأستار الكعبة فاستبق اليه سعيد بن حويرث وعمار بن ياسر قسبق سعيد عمارا وكان أشب ولعله سبقه ولكن باشر قتله أبو برزة س ونص ابن هشام صاحب السير أن سعيدا وأبا برزة اشتركا في قتله وإنما أمر بقتل ابن خطل لأنه كان مسلما فبعثه صلى الله عليه وسلم مصدقا وبعث معه رجلا من الأنصار وكان معه مولى يخدمه وكان مسلما ونزل منزلا فأمر المولى أن يذبح تيسا ويصنع طعاما ونام فاستيقظ ولم يصنع له شيئا فقتله وارتد وكانت له قينتان تغنيان بهجاء رسول اللة صلى الله عليه وسلم وإنما اختلف في اسمه لأنه كان يسمى عبد العزى ولما أسلم سمي عبد الله ومن سماه بهلال فالتيس عليه باخ له يسمى هلالا واختفى ابن أبي سرح عند عثمان بن عفان فلما دعا الناس صلى الله عليه وسلم إلى البيعة جاء به حتى أوقفه على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله بايع عبد الله فرفع رأسه فنظر اليه ثلاثا كل ذلك بأبى فبايعه بعد ثلاث ثم أقبل على أصحابه فقال ما كان فيكم رجل رشيد يقوم إلى هذا حين كففت عن بيعته فيقتله فقالوا يا رسول الله ما ندري ما في نفسك ألا أومأت الينا قال إنه لا ينبغي للنبي أن تكون له خائنة الأعين وليس صلى الله عليه وسلم محرما يومئذ.قال جابر بن عبد ‏_ ٤٧٨ الله دخل صلى الله عليه وسلم وعليه عمامة سوداء بغير إحرام ولم يدخلها غير محرم إلا ذلك اليوم وجمع بين حديث دخوله بالمغفر وحديث دخوله بالعمامة بأنه كان أول دخوله بالمغفر ثم أزاله ولبس العمامة فحكى كل ما رآه وخطب بتلك العمامة وكانت الخطبة عند باب الكعبة وقيل إن العمامة السوداء كانت ملفوفة فوق المغفر أو كانت تحته وقاية لرأسه من صدى الحديد فذكر أنس وهو صاحب حديث المغفر أنه دخل بالمغفر مريد أن يعلم الناس أنه متأهب للحرب ى وأراد جابر بذكر العمامة إعلامهم أنه دخل غير محرم . وقال أسامة ابن زيد أين منزل رسول الله فقال وهل ترك لنا عقيل من منزل وكان عقيل وطالب كافرين فورث عقيل طالبا ولم يرث جعفر ولا علي شيئا فكان عمر يقول لا يرث الكافر المؤمن ولا المؤمن الكافر.وفي رواية قال عليه الصلاة والسلام منزلنا ان شاء الله إذا فتح الله الخيف حيث تقاسموا على الكفر يعني به المحصب وذلك أن قريشا وكنانة تحالفت على بني هاشم وبني عبد المطلب أن لا يناكحوهم ولا يبايعوهم حتى يسلموا اليهم النبي صلى الله عليه وسلم0وروي أنه اغتسل يوم الفتح في بيت أم هاني ثم صلى الضحى ثمان ركعات قالت لم أره صلى صلاة أخف منها غير أنه يتم الركوع والسجود وأجارت أم هاني حموين لها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أجرنا من أجرت ياأم هاني ى ورجلان الحارث بن هشام وزهير بن أمية بن المغيرة وقد أراد أخوها علي قتلهما فأغلقت عليهما باب دارها وذهبت إلى النبي صلى الله عليه وسلم ولما كان الغد من يوم الفتح قام عليه ٤٧٩ الصلاة والسلام خطيبا في الناس فحمد الله وأثنى عليه ومجده بما هو أهله ثم قال أيها الناس إن الله حرم مكة يوم خلق السم وات والأرض فهي حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة فلا يحل لإمرء يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسفك بها دما أو يعضد بها شجرة فإن أحد ترخص فيها لقتال رسول الله صلى الله عليه وسلم فقولوا إن الله أذن لرسوله ولم يأذن لكم وإنما أحلت لي ساعة من نهار وقد عادت حرمتها اليوم كحرمتها بالأمس فليبلغ الشاهد الغائب ثم قال يامعشر قريش ما ترون أني فاعل فيكم قالوا خيرا أخ كريم وابن أخ كريم قال اذهبوا فأنتم الطلقاء أي الذين أطلقوا فلم يسترقوا ولم يؤسروا والطليق الأسير إذا أطلق والساعة المحللة له ما بين أول ذلك النهار ودخول وقت العصر ولما فتح الله تعالى مكة قال الأنصار فيما بينهم أترون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ فتح الله عليه أرضه وبلده يقيم بها وكان صلى الله عليه وسلم يدعو على الصفا رافعا يديه فلما فرغ من دعائه قال ماذا قلتم قالوا لا شيء يا رسول الله فلم يزل بهم حتى اخبروه فقال صلى الله عليه وسلم معاذ الله المحيي محياكم والممات مماتكم وهم فضالة بن عمير بن الملوح ان يقتل رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يطوف بالبيت فلما دنا منه قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم أفضالة قال نعم يا رسول الله قال ماذا كنت تحدث به نفسك قال لا شيء كنت اذكر الله فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له استغفر الله ثم وضع يده على صدره فسكن قلبه وكان فضالة يقول والله ما رفع يده عن صدري حتى ما خلق الله شيئا أحب إلي منه ‏ ٧وطاف صلى الله عليه وسلم بالبيت يوم الجمعة لعشر بقين من ‏٤٨٠ رمضان وكان حول البيت ثلاثمائة وستين صنما فكلما مر بصنم أشار اليه بقضيبه وهو يقول جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا فيقع الصنم لوجهه. ووى أبو نعيم قد ألزقها الشيطان بالرصاص والحديد ى وروي أنه أمره سبحانه وتعالى أن يقول إذا دخل مكة وقل جاء الحق وزهق الباطل ! فصار يقول ذلك ويطعن الأصنام حول الكعبة بمحجنه فيخر الصنم ساقطا مع إثباتها بالحديد والرصاص والحق القرآن والباطل الشيطان أو الحق الجهاد والباطل الشرك أو الحق عبادة الله والباطل عبادة الشيطان وكانت الثلاثمائة والستين صنما لقبائل العرب يحجون اليها وينحرون لها فشكى البيت أي رب حتى متى تعبد هذه الأصنام حولي دونك فأوحى الله اليه أني سأحدث لك نوبة جديدة يدفون اليك دفيف النسور ويحنون اليك حنين الطير إلى بيضها لهم عجيج حولك بالتلبية ولما نزل قل جاء الحق وزهق الباطل فتح مكة يوم قال جبريل لرسول الله صلى الله عليه وسلم خذ محضرك ثم القها فجعل يأتي صنما صنما ويطعن في بطنه أو عينه بمحضرته ويقول جاء الحق وزهق الباطل فينكب الصنم لوجهه حتى ألقاها جميعا وبقي صنم خزاعة فوق الكعبة وكان من قوارير صفر فقال يا علي ارم به فحمله عليه السلام حتى صعد ورمى به وكسره فجعل أهل مكة يتعجبون ولما قدم أبى أن يدخل البيت وفيه الآلهة فأخرجت بأمره فأخرجوا صورة ابراهيم وإسماعيل في أيديهما الازلام فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا والله لقد علموا أنهما لم ٤٨١ يستقسما بالأزلام قط فدخل البيت وكبر في نواحيه ولم يصل وعن ابن عمر دخل مكة مردفا أسامة وأناخ بفناء الكعبة ودعا عثمان بن طلحة فقال آتني بالمفتاح قذهب إلى أمه فأبت أن تعطيه فقال والله لتعطينه أو ليخرجن هذا السيف من صلبي فاعطته إياه فجاء به صلى الله عليه وسلم فدفعه اليه ففتح الباب وكان بنوا أبي طلحة يزعمون أنه لا يستطيع أحد فتح الكعبة غيرهم فاخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم المفتاح ففتحها بيده وعثمان المذكور هو عثمان بن طلحة بن أبي طلحة بن عبد العزى ويقال له الحجبي بفتح المهملة والجيم ويعرفون بعد ذلك بكثير بالشيبيين نسبة إلى شيبة بن عثمان بن أبي طلحة وهو ابن عم عثمان وعثمان هذا لا ولد له فيما قيل وله صحبة ورواية واسم أمه سلافة بالضم . قال عثمان المذكور كنا نفتح الكعبة في الجاهلية يوم الاثنين والخميس فأقبل النبي صلى الله عليه وسلم يوم يريد أن يدخل الكعبة مع الناس فأغلظت له ونلت منه فحلم عني ثم قال يا عثمان لعلك سترى هذا المفتاح يوما بيدي أضعه حيث شئت فقلت له لقد هلكت قريش يومئذ وذلت قال بل عمرت وعزت يومئذ ودخل الكعبة فوقعت كلمته مني موقعا ظننت أن الأمر سيصير إلى ما قال وما كان يوم الفتح قال يا عثمان أتني بالمفتاح فأتيته به فأخذه مني ثم دفعه الي وقال خذوها خالدة تالدة لا ينزعها منكم إلا ظالم يا عثمان إن الله استأمنكم على بيته فكلوا مما يصل اليكم منه بالمعروف فلما وليت ناداني فرجعت فقال ألم يكن الذي قلت لك فذكرت قوله بمكة قبل الهجرة لعلك ٤٨٢ سترى هذا المفتاح يوما بيدي أضعه حيث شئت قلت بلى أشهد أنك رسول الله . وروى أنه نزل " إن الله يأمركم أن تؤدوا الآمانات إلى أهلها " في عثمان بن طلحة الحجبي أمره صلى الله عليه وسلم أن يأتيه مفتاح الكعبة فأبي وأغلق باب البيت وصعد إلى السطح وقال لو علمت أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم لم أمنعه فلوى على يده وأخذ منه المفتاح وفتح الباب ودخل ولما خرج ساله العباس أن يعطيه المفتاح ويجمع له بين السقاية والسدانة فنزلت إن الله الآية فأمر عليا أن يرد المفتاح إلى عثمان ويعتذر اليه ففعل فقال عثمان أكرهت وأوذيت ثم جئت ترفق فقال علي لقد أنزل الله في شأنك قرآنا وقر عليه الآية وقال عثمان أشهد أن محمدا رسول الله فجاء جبريل عليه السلام فقال مادام هذا البيت أو لبنة من لبناته قائمة فإن المفتاح والسدانة في أولاد عثمان ولما مات دفع لأخيه شيبة فهما في أولادهم إلى يوم القيامة واعترض قوله لو علمت أنه رسول لن أمنعه بأنه وهم من الراوي لأنه كان ممن أسلم . فلو قال هذا كان مرتدا ولما طلب قيل المفتاح من عثمان مد يده إليه فقال العباس يا رسول الله اجعله لي مع السقاية فقبض عثمان يده بالمفتاح فقال صلى الله عليه وسلم إن كنت يا عثمان تؤمن بالله واليوم الآخر فهاكه فقال هاته بالآمانة فأعطاه إياه ونزلت الآية.قال ابن ظفر وهذا أولى بالقبول وروي أنه دخل هو وأسامة بن زيد وبلال وعثمان بن طلحة الحجبي وأغلقوا الباب ى قال ابن عمر وما فتحوا الباب كنت أول من وفلجلقيت بلال __٤٨٣ فستلته هل صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال نعم بين العمودين اليمانين وذهب عني أن أسأله كم صلى ث وروي أنه جعل عمودا عن يساره وعمودا عن يمينه وثلاثة وراءه وليس بين الروايتين مخالفة . وروي أن البيت يومئذ على ستة أعمدة وروي أن عن يمينه عمودين ولعله على خمسة بعد ذلك ويدل له لفظ يومئذ أو الثالث لم يكن على سمت الإثنين في اليمين وروي الإثنين عن يساره وبين موقفه والجدار الذي استقبله نحو ثلاثة أذرع وعن ابن عمر ذراعان أو ثلاثة فمن جعل بينه وبين الجدار ثلاثة وقعت قدماه في مكان قدميه صلى الله عليه وسلم إن كان الثلاثة أو تقع ركبتاه أو يداه أو وجهه إن كانت أقل من ثلاثة وعن ابن عباس عن أسامة أنه صلى الله عليه وسلم دعا في نواحيه كلها ولم يصل وخرج وركع في قيل البيت ركعتين وقال هذه القبلة وروي أنه صلى ركعتين داخلا ث وروي أنه لم يصل . عن أسامة أيضا فجمع بأنه اعتمد على غيره حيث أثبت وعلى علمه حيث نفي لكونه لم يره صلى لاشتغاله بالدعاء لما رآه صلى الله عليه وسلم يدعو في الأركان ورآه بلال لقربه ولم يره أسامة لاشتغاله وخفة الصلاة وإغلاق الباب وبعده وابن عمر ابتدأ بلال بالسؤال ثم أراد زيادة الاستثبات في مكان الصلاة فسال أسامة أو صلى لما غاب أسامة من الكعبة فلم يره فقد روي أن أسامة دخل عليه صلى الله عليه وسلم صورا ،فاعا بدلو من ماء مات له بتله بماء فجعل صلى الله عليه وسلم يمحوها ويقول قاتل الله قوما يصورون ما لا يخلقون . ٤٨٤. وروي أن خالدا بن الوليد كان على باب الكعبة يذب عنه الناس وأقام خمس عشرة ليلة ث وروي تسع عشرة ليلة وروي سبع عشرة وروي ثماني عشرة وكان الفتح لعشر بقين من شهر رمضان وكان الصلح قبل الفتح على عشرين سنة وقيل عشر وممن أعان بني بكر على خزاعة ليلة نقض الصلح بكر بن صفوان بن أمية وعكرمة بن أبي لهب وسهل بن عمرو وعبيدهم . وروي أن منشد يارب إني ناشد محمدا الأبيات أنشد على النبي صلى الله عليه وسلم وهو في المسجد بين الناس وبنو كعب الذين شهدت السحابة بنصرهم رهط عمرو بن سالم وروي أن بديلا ونفرا من خزاعة قدموا عليه صلى الله عليه وسلم فأخبروا بما أصيب منهم وبمظاهرة قريش بني بكر عليهم ورجعوا الى مكة وقال صلى الله عليه وسلم لأصحابه كأنكم بأبي سفيان بعثته قريش يشدد في العقد ويزيد في المدة ولقى بديل بن ورقاء ونفره أبا سفيان فقال من أين يا بديل وهل أتيت محمدا قال لا لكني كنت في خزاعة في هذا الساحل وفي بطن الوادي ولما ذهب مضى إلى مبرك ناقته ففت البعر فرأى النوى فقال أحلف بالله لقد جاء بديل محمدا ودخل أبو سفيان على بنته أم حبيبة في المدينة وأراد الجلوس على فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم فطوته فقال يا بنيتي أرغبت بي عن هذا الفراش أم رغبت به عني فقالت بل هو فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنت مشرك نجس فقال والله لقد أصابك شر بعدي يا بنيتي وخرج0وأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فكلمه فلم يرد عليه شيئا ثم ذهب إلى أبي بكر ٤٨٥ فكلمه أن يكلم له رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ما أنا بفاعل ثم أتى عمر فقال أأنا أشفع لكم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فوالله لو لم أجد إلا الدر لجاهدتكم به وأتى عليا وعند فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم والحسن غلاما يدب بين يديها فقال ياعلي إنك أمس القوم رحما مني فلا أرجعن خائبا اشفع لنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ويحك لقد عزم صلى الله عليه وسلم على أمر لا نستطيع أن نكلمه فيه فالتفت إلى فاطمة وقال يابنت محمد هل لك أن تأمري بنيك هذا فيحجز بين الناس فيكون سيد العرب إلى آخر الدهر قالت والله ما بلغ ابني أن يجير بين الناس فيكون سيد العرب وما يجير أحد على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ياأبا الحسن أرى الأمور قد اشتدت علي فانصحني قال والله ما أعلم شيئا يغني عنك ولكنك سير بني كنانة فقم فاجر بين الناس ثم ألحق بأرضك قال وترى ذلك مغنيا عني شيئا قال لا والله ماأظن ذلك ولكن لم أجد غير ذلك فقام أبو سفيان في المسجد فقال ياأيها الناس إني قد اجرت بين الناس ثم ركب بعيره فانطلق ولما قدم على قريش قالوا ما وراءك قال جئت محمدا فكلمته فوالله ما رد علي .شيئا ثم جئت ابن أبي قحافة فلم أجد عنده خبرا ثم جئت ابن الخطاب فوجدته أعدى القوم ثم أتيت علينا فوجدته ألينهم وقد أشار علي بشىء صنعته فوالله ماأدري هل يغني ذلك شيئا أم لا قالوا وماذا أمرك قال أمرني أن أجير بين الناس ففعلت قالوا فهل أجاز ذلك محمدا قال لا قالوا ويلك لعب بك فما يغني عنك شيء مما قلت قال لا والله ما وجدت غير ٤٨٦ ذلك وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس بالجهاز وأمر أهله أن يجهزوه فدخل أبو بكر رضي الله عنه على عائشة تصلح بعض جهاز رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أي بنيتي أمركم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تجهزوه قالت نعم قال فأين ترينه يريد قالت والله ما أدري ثم أعلن الناس أنه سائر إلى مكة وأمرهم بالجد والتهيىء وقال النهم خذ العيون والأخبار عن قريش حتى نبغتها في بلادها فتجهز الناس واستخلف على المدينة أبا رهم كلثوم بن عتبة بن خلف الغفاري وخرج لعشر بقينا من رمضان سنة ثمان من الهجرة ولم يتخلف مهاجري ولا أنصاري ونزل من الظهران وقد عميت الأخبار عن قريش وقد خرج في تلك الليالي سفيان وحكيم بن حزام وبدليل يتجسسون الأخبار وقد لقى العباس رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحجفة مهاجرا بعياله وكان قبل مقيما على سقايته ورسول الله صلى الله عليه وسلم راض عنه ولما نزل من الظهران قال العباس ليلتئذ وأصباح قريش والله لئن دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم عنوة قبل أن يأتوه فيستأمنوه إنه لهلاك قريش إلى آخر الدهر فخرج على بغلة رسول الله صلى الله عليه وسلم البيضاء فوصل الأراك لعله يجد حطايا أو لبانا يدخلها فيخبرهم فيستأمنونه وسمع كلام أبي سفيان وبديل قبل إضاءة الشمس يتواجعان وأبو سفيان يقول مارأيت كالليلة نيرانا قط على حد ما مر قال فقلت أبا حنضلة فقال أبا الفضل مالك فذاك أبي وأمي فقلت ويحك يا أبا سفيان هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم جاء بما لا قبل __٤٨٧ لكم به بعشرة آلاف من المسلمين قال وما الحيلة قلت والله لئن ظفر بك ليضربن عنقك فاركب على هذه البغلة حتى آتي لك رسول الله صلى الله عليه وسلم فستأمنه فردفه ورجع صاحباه فخرجت لركض به كلما مررت بنار من نيران المسلمين نظروا وقالوا عم رسول الله صلى الله عليه وسلم على بغلة رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى مررت بنار عمر بن الخطاب فقال من هذا وقام إلي فلما رأى أبا سفيان على عجز البغلة قال أبو سقيان عدو الله الحمد لله الذي أمكن منك بغير عقد ولا عهد فخرج يشتد نحو رسول الله صلى الله عليه وسلم وركضت فسبقته بما تسبق الدابة البطيئة الرجل البطيئ قاقتحمت عن البغلة فدخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم ودخل عمر عليه فقال يارسول الله هذا أبو سفيان عدو الله أمكن الله منه بغير عهد ولا عقد فدعني أضرب عنقه فقلت يا رسول الله إني آجرته ثم جلست إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذت برأسه فقلت والله لا يناجيك أحد دوني فلما أكثر عمر في شأنه قلت مهلا يا عمر فوالله ما تصنع هذا إلا لأنه من عبد مناف ولو كان من عدي ما قلت فقال مهلا يا عباس فوالله لإسلامك يوم أسلمت كان أحب إلي من إسلام الخطاب لو أسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اذهب يا عباس إلى رحلك فإذا أصبحت فإت به قال قذهبت به إلى رحلي وبات عندي فلما أصبح غدوت به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما رأه قال ويحك يا أبا سفيان ألم يئن لك إلى آخر ما مر إلا أن في هذه الرواية في المرة الثانية أن أبا سفيان لما أمر بالإسلام قال أما هذه فإن ٤٨٨ في النفس منها حتى الآن شيئا وفيها أن كتيبته صلى الله عليه وسلم الخضراء من المهاجرين والأنصار لا يرى منهم الا الحدق من الحديد ثم جاء حكيم ويديل فاسلما وارسلهما الى مكة يدعوان الى الاسلام وان رسول الله صلى الله عليه وسلم وقف في ذي طوى على راحلته معتجرا سيفه يرد عليه الخبر وضرب قبته بأعلى مكة وقتل من المشركين اثنا عشر او ثلاثة عشر وثلاثة من المسلمين من خيل خالد وممن امر صلى الله عليه وسلم بقتله سارة مولاة لبني عبد المطلب فتغيبت حتى استومن لها رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمنها وعاشت إلى خلافة عمر فوطاها رجل بالأبطح فرسا له فماتت وفي قصة إجارة أم هاني الرجلين أنها وجدته صلى الله عليه وسلم يغتسل من جفنه وأن فيها لأثر العجين وأن فاطمة بنته تستره بثوبه ولما اغتسل توشح بثوبه وصلى ثمان ركعات الضحى وانصرف وقال لها مرحبا بام هاني ما جاء بك فأخبرته خبر الرجلين وخبر علي فقال قد أجرنا من أجرت وآمنا من أمنت فلا تقتلهما فلما دخل الكعبة وجد فيها حمامة من عيدان فكسرها بيده وطرحا ووقف بباب الكعبة وقد استكف له الناس في المسجد فقال لاإله إلا الله وحده لا شريك له صدق وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده إلى كل مآثره أو دم أو مال يدعى فهو تحت قدمي هاتين الأسد إنه البيت وسقاية الحاج إلى وقتل الخط شبيه العمد بالسوط والعصى فيه الدية كاملة مائة من . الإبل أربعون منها في بطونها أولادها يا معشر قريش إن الله تعالى أذهب عنكم نخوة الجاهلية وتعظيمها بالأاباء.الناس من آدم وآدم من تراب ثم تلى " ياأيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنٹى " الآية ثم قال يامعشر قريش ما ‏٤٨٩ ترون أني فاعل بكم قالوا خيرا أخ كريم وابن أخ كريم قال اذهبوا فأنتم الطلقاء يعني أعتقهم فأهل مكة يسمون الطلقاء وقام اليه في المسجد علي وفي يده مفتاح الكعبة فقال اجمع لنا بين الحجابة والسقاية فقال صلى الله عليه وسلم أين عثمان بن طلحة فدعا به فقال هاك مفتاحك يا عثمان اليوم يوم وفاء ويروى اجتمع الناس بالبيعة وهو على الصفا وعمر أسفل منه يأخذ على الناس فبايعوه على السمع والطاعة فيما استطاعوا وبايعته النساء بعد ا الرجال. وخرج صفوان بن أمية يريد جدة ليركب البحر منها إلى اليمن فقال عمير بن وهب الجمحي يارسول الله إن صفوان بن أمية سيد قومه وقد هرب ليقذف نفسه في البحر فثمنه صلى الله عليه وسلم قال اعطني ما يعرف به أمانك فأعطاه عمامته التي دخل بها مكة فخرج بها وأدركه بجدة يريد ركوب البحر فقال ياصفوان فذاك أبي وأمي أذكر الله في نفسك إن تهلكها فهذا آمان رسول الله صلى الله عليه وسلم حسبك به فقال ويلك أغرب عني ولا تكلمني قال أي صفوان فداك أبي وأمي أفضل الناس واعلم الناس وخير الناس ابن عمتك عزه عزك وشرفه شرفك وملكه ملكك قال أخاف على نفسي قال هو زعلى من ذلك وأكرم فرجع به معه حتى وقف به على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال صفوان هذا يزعم أنك آمنتني قال صدق قال فاجعلني في الخيار شهرين قال أنت فيه أربعة أشهر وكان صلى الله عليه وسلم يقصر الصلاة في أيام إقامته بمكة وقتل خزاعة لليلتا عام الفتح بقتيل في الجاهلية ٤٩٠ فقام صلى الله عليه وسلم وأثنى على الله سبحانه وقال إن الله حبس عن مكة الفيل وسلط عليها رسوله والمؤمنين ألا وإنما أحلت لي ساعة ولا يفر صيدها ولا يحل شوكها ولا ساقطتها إلا لمنشدها ومن قتل له قتيل فهو مخير يفتدي أو يقيد فقال العباس إلا الأذخر بأنه لابد منه لقبورنا وبيوتنا فقال إلا الأدخر فقال أبو شاة رجل من اليمن اكتبوا الى يارسول الله فقال صلى الله عليه وسلم اكتبوا لأبو شاة يعني الخطبة المذكورة وفي رواية لما قال أبو سفيان يا معشر قريش هذا محمد قد جاعكم فيما لا قبل لكم به الخ أخذت هند بشاربه فقالت اقتلوا الحمية الدسم قبح من ضليعه قوم قال ويلكم لا تفرنكم هذه فإنه قد جاعكم مالا قبل لكم به وما قال من دخل دار أبي سفيان فهو آمن قالوا قاتلك الله وما تغني عنا دارك ! وروي أنه وقف على راحلته بذي طوى متعرجا بشقة برد حمراء وأنه لما قال للأنصار معاذ الله المحي محياكم والممات مماتكم أقبلوا اليه يبكون ويقولون والله ما قلنا ذلك إلا الظن بالله ورسوله فقال صلى الله عليه وسلم إن الله ورسوله يصدقانكم ويعذرانكم والحمية الرق نسبته الضخامة والدسم السمين . وروي أنها قالت ياآل غالب اقتلوا الأحمق فقال لها أبو سفيان والله لتسلمن أو لأاضربن عنقك وأمر صلى الله عليه وسلم بلالا فأذن وأبو سفيان بن حرب وعتاب بن اسيد والحارث بن هشام بفناء الكعبة فقال عتاب لقد أكرم أسيد أن لا يكون سمع هذا فيسمع منه ما يغيظه فقال الحارث أما والله لو علم أنه محق لا تبعته فقال أبو سفيان لا أقول شيئا لو تكلمت لأخبرته عني هذه ٤٩١ الحصاة فخرج عليهم النبي صلى الله عليه وسلم فقال قد علمت الذي قلتم وذكر لهم ذلك وقال الحارث وعتاب نشهد أنك رسول الله والله ما اطلع على هذا أحد كان معنا فنقول أخبرك وخرج على أبي سفيان في المسجد فقال في نفسه ليت شعري بأي شيء غلبتني فأقبل اليه حتى ضرب بيده بين كتفيه وقال بالله غلبنك يا أبا سفيان فقال أبو سفيان أشهد أنك رسول الله وسمع أبو محذورة الجمحي الأذان واسمه سلمة وهو في فتية من قريش خارج مكة وأقبل هو وهم مستهزئين حاكين صوت المؤذن حزنا وغيظا وأبو محذورة أحسنهم صوتا وقد رفعه صوته بالآذان مستهزئا سمعه النبي صلى الله عليه وسلم فأمر به فجاء يظن أنه مقتول فمسح صلى الله عليه وسلم رأسه وناصيته وصدره بيده قال فامتلا قلبي إيمانا ويقينا وألقى عليه الآذان وعلمه وأمره أن يؤذن لأهل مكة وهو ابن ست عشرة سنة وكان يؤذن حتى مات وتوارث عقبه الآذان ولما سمعت بنت أبي جهل قول المؤذن على الكعبة أشهد أن محمدا رسول الله قالت لعمري قد أكرمك الله ورفع ذكرك وسمعت حي على الصلاة فقالت فأما الصلاة فسنؤديها ثم قالت إن هذا الأمر لحق ولقد جاء به الملك أبى ولكن كره مخالفة قومه ودين أبائه0ولما فتح صلى الله عليه وسلم مكة أتى حرم قبر فجلس وجلس الناس حوله كالمخاطب وقام يبكي فاستقبله عمر رضي الله عنه وهو من أجرا الناس عليه فقال بأبي أنت وأمي يا رسول.الله ما الذي أبكاك قال هذا قبر أمي سالت ربي عز وجل الزيارة فأذن لي وسألته الإستغفار ولم يأذن لي فذكرتها وبكيت \ فلم ير أكثر باكيا ٠يومئذ‎من ٤٩٢ وروي أنه قال ذكرت ضعفها وشدة عذاب الله فبكيت بوروي أنه زار قبرها في ألف مقنع ولما فرغ من بدر أمر ذا الجوشن بالإسلام فقال لا لأني رأيت قومك أولعوا بك قال وكيف بلغك عن مصارعهم ببدر قال قد بلغني قال صلى الله عليه وسلم فإني مهد لك قال إن تغلب على الكعبة وتقطعنيها قال لعلك إن عشت ترذلك ثم قال لبلال خذ حقيبته وزوده من العجوة قال فوالله إني بموضع إذا أقبل فارس فقلت من أين قال من مكة قلت ما فعل الناس قال والله لقد غلب عليها محمد فقال ثقلتني امي لو أسلمت يومئذ ثم سالته الحيرة لاقطعنيها والله أعلم . "( ورأيت الناس يدخلون ) مفعول ثان للرواية إن كانت علميا وحال إن ‏ (٦في دين الله أفواجا ) جماعات كنيفات كأهل مكة والطائفكانت بصرية واليمن وهوازن وسائر قبائل العرب بعد ما كان الناس يدخلون واحدا واحد واثنين اثنين س وقيل المراد بالناس أهل اليمن . قال أبو هريرة لما نزلت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الله أكبر جاء نصر الله والفتح وجاء أهل اليمن رقيقة قلوبهم الإيمان يمان والفقه يمان والحكمة يمانة ‏ ٧وقيل أجد نفس ربكم من قبل اليمن أي دينهم ‏ ٧وعن الحسن لما فتح الله مكة أقيل الحرم بعضها على بعض وقالوا أما إذا ظفر بأهل الحرم فليس لكم به يدان وقد كان اللة أجارهم من أصحاب الفيل وعن كل من أرادهم فكانوا يسلمون أفواجا من غير قتال ث وبكى جابر بن عبد الله فسئل فقال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول دخل الناس في ٤٩٢٣ دين الله أفواجا وسيخرجون منه أفواجا والدخول مجاز وإضافة الدين لله تشريف ث وقرىء يدخلون بالبناء للمفعول . "( فسبح ) جواب إذا "( بحمد ربك ) نزه ربك ملتبسا بحمده على نعمه أو متعجب لتيسير الله ما لم يخطر ببال أحد ملتبسا بحمده أو فصل له ملتبسا بحمده وقد قيل إنه يإنه صلى ثمان ركعات في الكعبة أو أثن على الله يصفات الجلال ملتبسا بحمده على صفات الإكرام وتقدم مثل هذه الباء "( واستغفره ) قال القاضي هضما لنفسك واستفصارا لعملك واستدراكا ما فرط منك من الإلتفات الى غيره ما هو وقد مر عنه أني لأستغفر الله في اليوم والليلة مائة مرة.قال القاضي وقيل أستغفر لأمتك وتقديم التسبيح فالحمد على الإستغفار على طريق النزول على الخالق إلى الخلق كما قيل ما رأيت شيئا إلا ورأيت الله قبله7وعن بعض أن المعنى فانصر روحك على نفسك بالسعي للآخرة لأن الروح منها والنفس تريد الدنيا لأنها منها وافتح باب التسبيح والإستغفار لأمتك فكان يستغفر ويسبح بالغداة مائة مرة ويالعشي مائة واجتهد في العبادة ليلا ونهارا حتى تورمت قدماه واحمرت عيناه واصفرت وجنتاه وقل تبسمه وكثر بكاؤه ولا نزلت السورة استبشرت الصحابة وبكى أبو بكر رضي الله عنه بكاء شديدا فقال صلى الله عليه وسلم ما يبكك فقال نعيت لك نفسك يا رسول الله فقال صلى الله عليه وسلم صدقت اللهم فقهه الدين وعلمه التأويل وفي الآية تعليم لنا بالإستغفار والتسبيح والحمد وقيل إن الباكي عمر وقيل العباس .. ٤٩٤ وروت عائشة رضنى الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم لما فتح مكة وأسلمت العرب جعل يكثر أن يقول سبحانك اللهم وبحمدك وأتوب اليك يتأول القرآن في هذه السورة وقال لها مرة ما أرا ه إلا حضور جلي ونزع هذا المنذزع ابن عباس ث قال ابن عمر نزلت السورة بمنى أواسط أيام التشريق في حجة الوداع وعاش بعدها ثمانين يوما أو نحوها في ربيع الأول سنة عشر وقيل سنتين وقيل إن الباكي ابن عباس فقال صلى الله عليه وسلم لقد أوتي هذا الغلام علما كثيرا . وروي أنها لما نزلت خطب صلى الله عليه وسلم وقال إن عبدا خيره الله بين الدنيا ولقائه فاختار لقاء الله فعلم أبو بكر رضي الله عنه فقال فديناك بأنفسنا وأموالنا وأبائنا وأولادنا0والأكثر على السورة نزلت قبل الفتح وأنها نعي لرسول الله صلى الله عليه وسلم لدلالتها على تمام الدعوة وكمال الدين ولان الأمر بالإستغفار تنبيه على دخول الأجل . وعن ابن عباس كان عمر يدنيه ويأذن له مع أهل بدر فقال عبد الرحمن أتأذن لهذا الفتى معنا وفي أبنائنا من هو مظه فقال إنه من قد علمتم قال ابن عباس فأذن لهم ذات يوم فسالهم عن قول الله تعالى" إذا جاء نصر الله" ولا أراه سألهم إلا من أجلي فقال بعضهم أمر الله نبيه إذا فتح عليه أن يستغفره ويتوب اليه فقلت ليس كذلك ولكن نعيت اليه نفسه فقال عمر ما أعلم منها إلا مثل ما تعلم ثم قال كيف تلومني عليه بعدما ترون وعن النبي صلى الله عليه وسلم أنه دعا فاطمة فقال يابنتاه إنه نعيت إلى نفسي فبكت فقال لا تبكي ٤٩٥ فإنك أول أهلي لحوقا بي وذكر بعض أن عمر هو الذي دعاهم وأن ابن عباس قال لاأراه دعاني إلا ليريهم وأنه قال عمر ما تقولون في قول الله عز وجل " إذا جاء نصر الله " الخ السورة وأن بعضا قال ما مر وبعضا سكت وإنه قال كذا تقول يا ابن عباس فأجابه ابن عباس بما مر عنه وإنه صلى الله عليه وسلم كان يكثر من قول سبحانك اللهم إلى آخر ما مر في سجوده . وفي رواية اللهم اغفر لي بدل أستغفرك وأمره الله بالتسبيح والحمد والإستغفار ليختم عمله بالزيادة في الخير واحتقار نفسه فيزيد له درجات الدنيا والآخرة وإنه قيل التسبيح صلاة الضحى التي صلاها يوم الفتح بعدما اغتسل وقيل هي صلاة الشكر التي قيل إنه صلاها ثمان ركعات داخل الكعبة وإنه قيل في الاية دلالة على فضل التسبيح والتحميد حيث جعل ذلك كافيا في اداء ما وجب من شكر نعمة الفتح والنصر . "( إنه كان توابا ) للمستغفرين وهذه ترجية عظيمة . اللهم ببركة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وبركة السورة أخز النصارى وأهنهم واكسر شوكتهم وغلب المسلمين والموحدين عليهم صلى الله على ‏٠و له وصحيه وسلمسرد نا محمد ٤٩٦ سورة تبت يدا وتسمى سورة تبت وسورة المسد مكية آيها خمس وكلماتها عشرون وحروفها سبعة وسبعون ث وعنه صلي الله عليه و سلم من قرأ سورة تبت رجوت أن لا يجمع الله سبحانه وتعالى بينه وبين أبي لهب في دار واحدة وقالوا إذا كتبت على وجع يخاف زيادته قصر وأعقبته العافية ‏ ٨وإذا قرئت في الدخول إلى جبار أو سلطان كفي شره وزال ضره . قال ابن عباس لما نزل " وأنذر عشيرتك " الخ صعد صلى الله عليه وسلم على الصفا وقال ياصباحاه وفي رواية خرج إلى البطحاء فصعد الجبل فنادى ياصباحاه0وفي رواية صعد الصفا فنادى ياآل غالب وياآل مرة ياآل قصي ياآل كلاب ياآل عبد مناف نادى بطون قريش فاجتمعوا اليه ومن لم يستطع أواشتغل أرسل رسولا لينظر ما الأمر وفيمن جاء أبو لهب فقال صلى الله عليه وسلم إرأيتكم إن أخبرتكم أن خيلا بالواري وفي رواية تخرج من سفح هذا الجبل أسفله المنبطح الذي يسفح فيه الماء تريد أن تغير عليكم أتصدقوني أو أكنتم مصدقي قالوا نعم ما جربنا عليك كذبا قط قال فإني نذير لكم من يدي عذاب شديد وقيل لما اجتمعوا قال لا أغني عنكم شيئا ولا أملك لكم شيئا في الدنيا والآخرة إلا أن تقولوا لاأله إلا الله محمد رسول الله يرميه يه فنزل: فقا ل أيو لهب تيا لك ألهذ ‏ ١دعوتنا وأخذ حجرا ٤٩٧ بسم الله الرحمن الرحيم "( تبت يدا أبي لهب ) أي خسر هو بجملته خسارا يؤدي إلى الهلاك وتبت هلكت والمراد أيضا جملته وأطلق على الكل اسم البعض وخصت الأيدي لأن بها معظم فعل الجوارح أو لأنه رمي النبي صلى الله عليه وسلم بها بحر أو اليدان دنياه وآخرته وقيل خصهما لأنهما يضمان ما يكسب من الأموال وكناه لاشتهاره بكنيته فيعرف بها ولو كانت دالة على خير فإن اللهب إشراق الوجه وصفائه ولعله كان يفتخر بذلك فكنى به تهكما أو كناه لأن اسمه عبد العزي فاستكره ذكر ما فيه من الشرك وهو عبد العزى بن عبد المطلب بن هاشم فهو عم النبي صلى الله عليه وسلم .أو كناه بذلك لأن ماله لهب النار وفيه مجانسة لقوله ذات لهب كما يقال لصاحب الشر أبو الشر وقد قيل لابي المهلب أبو صفرة لصفرة في وجهه فلا يقال كيف كناه والكنية تشريف على أنه لا يسلم أن الكنية بذا تشريف . وروى أعرابيا يعلمه أحد فقال له قل تبت يدا فجعل الأعرابي يقول يدان لأن المعلم لم يذكر له المضاف اليه فلم يتأت له حذف النون ى وما قرأ له المعلم تبت يدا أبي لهب قرأ كما علمه أو كان ذلك بأعرابيا ‏ ٧وقرىء أبو لهب بالواو وحكاية للاسم على أول أحواله وهو الرفع لئلا يتغير فيشكل على السامع كما قيل علي ابن أبو طالب ومعاوية بن أبو سفيان وتقدر ياء الجر المثناة في موضع الواو وذلك حرص على تشهيره بدعوة السوء وأن تبقى سمة له وربما اشتهر الإسم بغير الرفع فيبقى على ما هو وكان لابن قاسم أمير مكة ابنان ٤٩٨ أحدهما عبد الله بالجر والآخر عبد الله بالنصب م وقرأ ابن كثير أبي لهب بإسكان الهاء من تغيير الأعلام وإنما غير المفتوح إلى السكون وإنما يغير المضمون والمكسور كعلم وظرف لأن هذا العلم مركب من متضائفين قخفقف بعض التخفيف . "( وتب ) الأول خرج مخرج الدعاء تعالى عنه والثاني إخبار بوقوع ما دعي به عليه كما يقال أهلكه الله وقد هلك كقوله: جزاء الكلاب العاويات وقد فعلجزاني جزاه الله شر جزائه ويؤيد هذا أن ابن مسعود قرأ وقد تب وقيل الأول تباب ما جمعت يداه من مال والثاني تبابة ؤهلاكه بنفسه . "( ماأغنى عنه ماله ) شيئا من عذاب الله فما نافية أو أي شيء أغنى عنه ماله أو أي إغناء أغنى عنه ماله فهي استفهامية انكارية مفعول به أو مفعول مطلق0قال ابن عباس قال أبو لهب إن كان ما يقول ابن أخي حقا فأنا أفقتدي نفسي بمالي وولدي فأنزل الله " ماأغنى عنه ماله " . "( وما كسب ) أي وما كسبه فما اسم أو كسبه أي أولاد امرأته له أو كسبه ومعناه مكسوبة فما مصدرية والمراد ولده ى قال له ابن عباس واحتكم اليه بنو أبي لهب فاقتتلوا فقام يحجز بينهم فدفعه بعضهم فوقع فغضب فقال اخرجوا عني الكسب الخبيث ى وعنه صلى الله عليه وسلم أن أطيب ما ياكل الرجل من كسبه وإن ولده من كسبه وولد أبي لهب الذي يظن نفعه هو عقبة قد افترسه أسد في طريق الشام وقد أحدق العير والرجال والرحال به وقد مر ٤٩٩ ومات أبو لهب بالعدسة بعد بدر بأيام معدودة وترك ثلاثة حتى امتن وكانوا لا يقربون العدسة يتشاعمون بها واستأجروا بعض السواد فدفنوه وقيل حفروا له والقوه بالعيدان فيه وقيل ألقوا عليه الحجارة ولو لا مخافة السبة ما دفنوه وقيل ماكسيه هو ما ربح من المال بماله الأصيل ومن النتائج والوجاهة والإتباع وقيل ماله ماشيته وما كسب نسلها0وقال الضحاك ما كسبه يده لرسول الله صلى الله عليه وسلم وقال قتادة عمله الذي ظن أنه منه على شيء . ‏ (٦نارا ذات لهب ) ذات اشتعال وتنكير النار واللهب"( سيصلى) يدخل للتعظيم والمراد نار الآخرة وفي الآية دليل على أنه لايؤمن لأنه أوعده بدخول النار بعد لا محالة وكذا قيل ويبحث فيه باحتمال أنه سيؤمن ويفسق فيدخل النار بفسقه وعلى كل حال فقد مات مشركا وقرىء بضم الباء قتشديد اللام "( وامرأته ) عطف على المستتر في يصلي وقرىء ومريتهوتخفيفها بالتصغير وإنما عطف على ذلك الضمير لوجود الفصل ويجوز كونه مبتدأ خبره ستصلى محذوفا أو حمالة وعلى العطف فحمالة خبر لمحذوف وفي جيدها الخ خبر آخر وعلى حذف الخبر فحمالة الخ خبران آخران وهي أم جميل بن حرب أخت أبي سفيان عمة معاوية كانت شديدة العداوة لرسول الله صلى الله عليه وسلم . "( حمالة الحطب ) حطب جهنم فإنها كانت تحمل الأوزار بمعادات رسول الله صلى الله عليه وسلم وتحمل زوجها على إيذائه وحطب النار الأخيرة هو الذنوب وقيل كانت تمشي بالنميمة يقال للمشاء بالنمائم يحمل الحطب أي يوقد بينهم النار ويورث الشر وقيل كانت تحمل الشوك والحسك والسعدان وتنشرها في طريق رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏ ٨قال بعض وطريق أصحابه لتعقرهم وقيل كانت تضع العصاة وهي جمر على طريق النبي صلى الله عليه وسلم فكان يطأها كثيبا وكانت في بيت عز ومال ومع ذلك تحمل الحطب المذكور بنفسها للبخل والحرص على مباشرة الإيذاء بنفسها0وقرىء حمالة بالنصب على الشتم قال جار الله وأنا أستحب هذه القراءة وقد توسل إلي رسول الله بجميل من أحب شتم أم جميل وهي قراءة عاصم بوقرىء حمالة للحطب بالنصب والرفع مع التنوين . "( في جيدها ) عنقها "( حبل من مسد ) ليف النخل وقيل ليف المقل هو علي ظاهر تربط جزمة الحطب بحبل في عنقها وهذا تفسير ابن عباس . وقيل المسد ما مسد أي فتل فذلك الحبل مضمون ومركب من فتلات أو المسد جنس للحبال الممسودة.وقيل سواء كان الفتل من جلد أو ليف أو غيرهما وإذا جعلنا الحطب كناية عن الأوزار الموصلة للنار صح أن يكون في جيدها حبل من مسد على حقيقته نظرا إلي أنها تفعل ذلك في الدنيا وأن يكون ترشيحا للمجاز وأن يكون تصويرا لها بصورة الحطابة التي تحمل الجزمة وتربطها في جيدها تحقيرا لشأنها وبيانا لجاهها في نار جهنم فإنها تحمل فيها شجر الزقوم والضريع بحبل من سلاسل النار كما يعذب كل مجرم بما يفعل من الجرم وقيل سلسلة من حديد ذرعها سبعون ذراعا تدخل من فيها وتخرج من ديرها ويكون سائرها في عنقها فتلة من حديد فتلا محكما وقيل كانت تحمل الحطب لدارها وحملته يوما واستراحت علي حجر فجيدها ملك من خلفها فماتت . وقيل الحبل من مسد خرزات في عنقها0وقيل قلادة فاخرة قالت لا تنفقها إلا في عداوة محمد صلى الله عليه وسلم ويجوز كون هذه الجملة حالا من حمالة أو من ضمير حمالة وخبرا محذوف ويجوز كون في جيدها خبرا أو حالا وحل فاعله لاعتماده على المبتدأ وصاحب الحال و ذكر بعضهم أن أم جميل هذه وهي بنت حرب ابن أمه لما نزلت السورة ذما لها ولزوجها وبلغتها جات بفهر في يدها وهو الحجر الذي يملا الكف إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم لتضربه فقال له أبو بكر إنها امرأة بديئة فلو قمت قال لن تراني وما وصلت لم تره فقالت ياأبا بكر أين صاحبك كيف يهجوني فوالله لو وجدته لضربت بهذا الحجر فاه والله إني لشاعرة وقد ذكرت هجوا قبيحا فقال أبو بكر لا وهو لا يقول الشعر فقالت أنت عندي مصدق وقيل سكت ولا مضت قال يا رسول الله لم لم ترك فقال لم يزل ملك يسترني منها بجناحه وروي أنها تلقي في الطريق الشوك لإرضاء زوجها لعنهما الله بإيذاء النبي صلى الله عليه وسلم . اللهم يارب ببركة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وبركة السورة أخز النصارى وأهنهم واكسر شوكتهم وغلب المسلمين والموحدين عليهم صلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم . ‏ ١لاإخلاصسورة وتسمى سورة الأساس مكية وعن ابن عباس مدنية وآيها أربع وقيل خمس وكلماتها خمس عشرة وحروفها سبعة وأربعون ! وسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا يقرأها فقال وجبت قيل يا رسول الله وما وجبت قال وجبت له الجنة ‏ ٧وقال صلى الله عليه وسلم من قرأها بإخلاص حرم الله لحمه علي النار وقال صلى الله عليه وسلم من مر علي المقابر وقرأها إحدى عشرة مرة وهب الله أجرها للأموات وأعطي أجرا بعدد الأموات4قال الشاذلي إن أردت الإخلاص فاأعن على نفسك بقراعتها وإن أردت الرزق فأعن على نفسك بقراءة سورة الفلق وإن أردت السلامة فأعن بقراءة سورة الناس وهي رقية لكل وجع8وعن سعيد بن المسيب عنه صلى الله عليه وسلم من قر قل هو الله أحد عشر مرات بني له قصر في الجنة ومن قرأها عشرين بني له قصران ومن قرأها له ثلاثين بني له ثلاثة ى فقال عمر رضي الله عنه إذا تكثر قصورنا فقال صلى الله عليه وسلم الله أوسع من ذلك أي فضل الله أوسع وعن أبي سعيد أن رجلا سمع رجلا يقرأ قل هو الله أحد ويرددها في الصلاة فلما أصبح جاء الى النبي صلى الله عليه وسلم وذكر له ذلك وكان الرجل يتقللها فقال صلى الله عليه وسلم والذي نفسي بيده إنها لتعدل نصف القرآن وقال لأصحابه في بعض الروايات أيعجز أحدكم أن يقرأ شٹي القرآن في كل ليلة فشق ذلك عليهم فقال قل هو الله أحد ثلث القرآن وقال إن الله جزء القرآن ثلاثة أجزا ء وجعلها جزء وخرج عليهم يوما فقال أقرأ عليكم ث ٥٠٢٣ القرآن فقرا قل هو الله أحد وإنما كانت ثمٹا لأنها تقديس والقرآن تقديس وإرشاد لمعرفة الله تعالى وإحكام وإن شئت فقل هي مشتملة على معرفة الله وقال النووي هي في صفات الله والقرآن صفات وأحكام وقصص ‘ ومعنى كونها ثلث القرآن أن أجرها كأجر ث القرآن بلا تضعيف وسميت سورة الإخلاص لأنها خالصة لله في صفاته أو لأن قارئها أخلص التوحيد لله والإشتغال بقراعتها يفيد الإشتغال بالله عز وجل . وقال صلى الله عليه وسلم من أراد أن ينام على فراشه فنام على يمينه ثم قرأ قل هو الله أحد مائة مرة فإذا كان يوم القيامة يقول الله تبارك وتعالى يا عبدي ادخل على يمينك الجنة.وقال رجل يارسول الله إني أحب قل هو الله أحد قال حبك إياها أدخلك الجنة وقال صلى الله عليه وسلم من قرأ كل يوم مائتي مرة قل هو الله أحد محا الله عنه ذنوب خمسين سنة إلا أن يكون عليه دين ‏ ٧وعن ابن عباس دخل اليهود على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا يامحمد صف لنا ربك وانسبه ومن أى شيء هو وهل ياكل ويشرب وممن ورث الربوبية ومن يورٹها وفي رواية وممن ورث الدنيا ومن يورثها فإنه وصف نفسه في التوراة ونسبها فارتعد صلى الله عليه وسلم من قولهم حتى ' خمرغشيا عليه فأنزل الله سبحانه وتعالى: بسم الله الرحمن الرحيم "( قل) الخ وروي أن المشركين قالوا صف لنا ربك لما ذكر آلهتهم فنزلت السورة وعن ابن عباس أن عامر بن الطفيل وأربد بن ربيعة أتيا النبي صلى الله عليه وسلم وقال عامر إلى ما تدعونا يا محمد قال إلى الله قال صفه لنا أم من ذهب أم من فضة أم حديد أم خشب فنزلت فأهلكه الله بالطاعون وأربد بالصاعقة س وروي أن اليهود لما قالوا ذلك نزلت قالوا يا محمد هذا نسب يمنع من النسب نشهد أن لاإله إلا الله وحده لا شريك له وأنك رسوله وعبده فلقيهم أبو جهل لعنه الله فقال لهم قد أثر فيكم كلام محمد فقالوا والله ما هو كلامه وإنه يقرأه علينا ونحن نراه في الجو مكتوبا . "( هو الله ) رد على الدهرية الذين أنكروا الله وقالوا لم يكن إلا أرحام تدفع وأرض تبلع وما يهلكنا إلا الدهر فذلك تحقيق وإثبات للوجود "( أحد ) رد على الثنوية أن الأشياء تكونت من نور وظلمة والأحد الواحد كما تدل له قراءة ابن مسعود قل هو الله الواحد لا شريك له فعلا ولا صفة ولا قولا ولا ذاتا وقيل أعم من الواحد قال بعضهم الواحد المنفرد لاإله معه والأحد جامع صفات الجلال وهو من وجوب الوجود والقدرة الذاتية والحكمة التامة ولاجسم ولا عرض ولا تحيز ولاشركة ولا يوصف غير الله بالأحد عند بعض والضمير للذي سالوا عنه أي الذي سالتم عنه هو الله ومعنى الله المنزه عما تقولون الجامع لصفات الكمال وعائد لله بعده ايضاحا بعد ابهام وعلى كل فالله خبر واحد خبر ثان او بدل من الله بناء على جواز ابدال النكرة غير الموصوفة من المعرفة إذا دلت على معنى لم يدل عليه المبدل منه ويجوز كون الله بدلا من هو واحد خبر ويجوز كون هو ضمير الشثن والله مبتدأ واحد خبره والجملة خبر الضمير غير محتاجة للرابط لانها نفسه معنى وعليه ابن هشام قال البزي انما صح حمل احد على قوله الله لان معنى احد منفرد في صفته كوجوبه واستحقاقه العبادة او منفرد في ذاته اي لا تركيب فيه وإذا جعل الله خبرا صح كون احد محذوف قال بعض همزة احد عن واو وقرأ ابن مسعود وابي بن كعب وهو الله احد بغير قل ‏٠ وروي ان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ الله احد باسقاط قل هو وانه قال الله احد يعدل القران وتلك رواية عن ابن مسعود وهي غير السابقة قل لان هذا توحيد بقوله تارة ويأمر به أخرى بخلاف قل ياأيها الكافرون فإنه موادعة لهم وتبت فإنها معاتبة عمه وهذا ظاهره أنه تارة يقرأه بقل وتارة بتركه في هذه السورة س وقيل إن الأعمش قرا قل هو الله أحد وكذا عن عمر وهي السايقة عن اين مسعود وإذا وصلت كسرت التنوين ورققت اللام وإذا وقفت سكنت الدال وفخمت اللام وقر بعضهم بإسقاط التنوين وصلا لإلتقاء الساكنين فتفخم اللام وهذا قليل قاله ابن هشام . "( الله الصمد ) رد على المجسمة وأظهر في الرد عليهم من ذلك قوله ولم يكن له كفؤا أحد قيل وتكرير لفظ الله للدلالة على أن من لم يتصف به لم يستحق الألوهية وإخلاء الجملة عن الربط لأنها كالنتيجة الأولى والدليل عليها والله مبتدأ والصمد خبر ويجوز كون الصمد نعتا وأحد خبرا والصمد السيد المقصود اليه في الحوائج أي هو الذي تعرفونه وتقرون به وتقصدونه أنتم وغيركم في الحوائج وهو المستغني عما عداه وقيل السيد المنتهي في الشرف والسودد وهو قول علي س وقيل عن ابن مسعود إنه الباقي0وعن الكلبي الذي لا يأكل ولا يشرب وهو مروي أيضا عن الأعمش8وروي عن ابن عباس أنه الذي لا جوف له وهو ضعيف لأنه ربما أوهم ثبات غير الجوف له تعالى ولعل مراده أنه كناية عن عدم الأكل والشرب كما يقال ليس بأصم ولا يعتبر ما يتوهم من ثبات الصماخ حشاه8وعن أبي بن كعب أنه الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفؤا أحد وقيل الكامل في جميع الصفات والأفعال وقيل الذي لا تعتريه الآفات وقيل الذي لا عيب فيه وقيل الأول والآخر ذاتا وملكا ‏ ٧وعن عكرمة الصمد القاهر فوق عباده وعن بعضهم ما وحد الله من زعم أنه موصوف لا خوف وهو أعظم من أن تقع عليه أو على ضفته الأوهام ولكن البد . "( لم يلد ) رد على اليهود القائلين عزير ابن الله والنصارى القائلين المسيح ابن الله والمشركين القائلين الملائكة بنات الله والمراد أنه لا يجانسه شيء فضلا عن أن تكون له صاحبة يلد معها أنى يكون له ولد ولم تكن له صاحبة وعبر بلفظ لم الدال على الماضي ردا على هؤلاء القائلين بأنه قد ولد ما ذكر الله تعالى وكذلك لن يلد في المستقبل لأن موجب عدم الولادة موجود دائما أو ‏١ليطابق قوله: (" ولم يولد ) أو لم هنالك للنفي المتصل المستمر وأما لم هذه فإنها للمضي قطعا فإن من وجد ولم يولد فلا يتوهم أنه سيولد فضلا عن أن تنفي مولوديته في المستقبل وهو لا يحتاج لشيء فيلد ولم يسبقه عدم فيكون حاشاه وقوله لم يولد رد لقولهم صف لنا نسبه وكل مولود محدث جسم تعالى عن الحدوث والجسمية والعرضية . ٥٠.٧ (" ولم ) مها في لم يلد "(يكن له كفؤ ا أحد ) لم يكن أحد نظيرا له ومماثلا رد على الشبهة وله متعلق بكفؤا أحوال له أو حال لضميره وقدم لأنه المقصود الأهم بالنفي وقدم كفؤا وهو خبر عن أحد وهو اسم المفاصلية ولأن نفي الكفؤ أهم من نفي أحد ويجوز كون كفؤا حالا من أحد أو من ضمير الاستقرار وله خبر الكون ولعل ربط الجمل الثلاث بالعطف لأن المراد منها نفي أقسام الأمثال فهي كجملة واحدة مبنية عليها بالجمل وقرأ حمزة ويعقوب ونافع في رواية عنه بإسكان الفاء وقر حفص بضم الفاء وقلب الهمزة واوا وتقدم بعض فضائل السورة وعنه صلى الله عليه وسلم قال الله عز وجل كذبني ابن آدم ولم يكن له ذلك وشتمني ولم يكن له ذلك فأما تكذيبه أياي فقوله لن يعبدني كما بداني وليس أول الخلق أهون علي من إعادته وإما شتمه أياي فقوله " اتخذ الله ولدا وأنا الأحد الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفؤا أحد " س وعنه صلى الله عليه وسلم اسست السموات السبع والأرضون السبع على قل هو أحد أي ما خلقت إلا دلائل على توحيد الله ومعرفة صفاته التي نطقت بها هذه السورة وسميت سورة الأساس لذلك أو لإشتمالها على أصول الدين ونزل بها جبريل ومعه سبعون ألف ملك وقال له يوما أشهد جنازة معاوية بن معاوية فخرج صلى الله عليه وسلم ووضع جبريل جناحه على الجبال فتواضعت حتى نظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة وصلى على معاوية هو والملائكة ثم قال ياجبريل بماذا بلغ معاوية هذه الفضيلة قال بقرائته قل هو الله أحد قائما وقاعدا وراكبا وماشيا وكان صلى الله عليه وسلم يقرأها كثيرا مع المعوذنين وينفث على يديه يمسح بهما على جسده ويأمر بذلك ومن واظب على قرائتها نال كل خير وكفى كل شر في الدنيا والآخرة ومن قرأها وهو جائع شبع أو ظمآن روي وسبب مسح الوجه باليد عند قارعها آن جبريل عليه السلام حين قرأها على النبي صلى الله عليه وسلم خرج من فيه نور يتلألأ ومسح به وجهه وأمر له صلى الله عليه وسلم تبركا وتكريرها ثلاثا ليحصل القارئها القرآن كاملا ‏ ٧قيل ومن اتخذ قوله الصمد ذكرا أغناه الله عن الأكل والشرب ومن كتب السورة في جلد أرنب وحمله لا يقربه شيء أبدا ما يضره من إنس أو جن أو أوهام وشكى رجل الفقر لرسول الله صلى الله عله وسلم فقال له إذا دخلت منزلك فاقراً سورة الإخلاص ففعل الرجل ذلك فوسع عليه . اللهم يارب ببركة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وبركة السورة أخز النصارى وأهنهم واكسر شوكتهم وغلب المسلمين والموحدين عليهم صلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم . الفلقسورة مكية وقيل مدنية وصحح وعليه ابن عباس وعلى الاول قتادة وآيها خمس وكلماتها ثلاث وعشرون وحروفها اربعة وخمسون وعنه صلى الله عليه وسلم من قرأ المعوذتين فكأنما قرأ الكتب التي انزل تعالى وقال لقد انزلت علي سورتان ما نزل مثلهما وانك لن تقرا سورتين احب ولا ارضى عند الله سبحانه وتعالى منهما يعني المعوذتين وكان إذا آوى الى فراشه كل ليلة جمع كفيه ثم ينفث فيهما وقرأ هذه القلاقل الثلاثة ومسح ما استطاع من جسده ييدا من رأسه وما اقبل جسده يفعل ذلك ثلاثا ‏٠ وعن عائشة رضي الله عنها كان رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا مرض احد من اهله نفث عليه بالمعوذات ولما مرض مرضه الذي مات فيه جعلت انفث عليه واقرا وامسح عليه بيده رجاء بركتها والنفث النفخ دون تفل وريق ومن قراهما كل ليلة امن من الجن والوسواس ومن كتبهما وعلقهما على الصغار حفظوا من الجنة والهوام ومن قرأهما عند الدخول على .السلطان كفي شره وزعم من زعم أن قل ليست في أول السورتين ونحوهما وليس بشيء لأن رسول الله صلى الهعليه وسلم كان يعلمهم قراءة قل وما بعدها قولوا قل هو الله الخ وقل أعوذ الخ وقل أعوذ برب الناس الخ حين تمسون وحين تصبحون ومارأيت أكذب ممن يقول أن المعوذتين ليستا من القرآن . وعن ابن عباس وعائشة رضي الله عنهما كان غلام من اليهود يخدم النبي صلى الله عليه وسلم فجاعت اليه اليهود ولم يزالوا به حتى أخذ شعرا من الشعر الذي ,يسقط منه صلى الله عليه وسلم عند مشط رأسه وعدة من أسنان المشط وأعطى ذلك اليهود فسحروه وتولى ذلك السحر لبيد بن أعصم اليهودي فنزلت السورتان المعوذتان ومرض النبي صلى الله عليه وسلم حتى امتشر شعره وكان يتخيل أنه فعل شيئا ولم يفعله وأنه أتى النساء ولم يأتيهن وهذا أشد ما يكون من السحر ولبث في السحر ستة أشهر واشتد عليه ثلاث ليال فنزلت السورتان وقيل لبث أربعين ليلة وجمع بأن الستة من ابتداء تغيير مزاجه والأربعين من استحكامه وقيل لبث سنة واختاره ابن حجر وهو في دينه بيقين وإنما يتخيل في أمور الدنيا مع أنه لا يعتقد صحة ما يتخيل بل يصحح نظره أو فكره فيتبين له الأمر على ما هو وقيل معنى تخيله لفعل شيء أنه يظهر له من نشاطه ماألفه من سابق عادته من الإقتدار على الوطي وغيره فإذا حاول لم يقدر وجاء في رواية أن السحر مسلط على جسده دون قلبه وعلى كل حال يبطل قول من قال إنه لو أثر فيه السحر لم تجز الثقة بشرعه وفي ذلك اثبات السحر وتأثيره كما ذكره الله في غير هذه السورة وذلك أن الله يجري الشر على يد الساحر بخرق العادة عند النطق بكلام أو تركيب أجسام أو مزج بين قوي وذلك قدر من الله أمرنا بالاستعاذة والإستعاذة منه كما أن كلما وقع فهو قدر أمرنا بالاستشفاء مما هو ضرر منه فقد يكون الاستشفاء سببا فيوافق انتهاء أجل الضرر . وكان صلى الله عليه وسلم يرقى ويداوي وزعم بعضهم أن السحر خيالات لا حقائق ويرده حديث أن السحر حق وغيره ثم أنه صلى الله عليه وسلم قال ٥_ ١ ١ جائني رجلان أحدهما عند رأسي والآخر عند رحلي قال أحدهما ما وجع الرجل فقال الآخر مطبوب أي مسحور قال ومن طبه أي سحره قال لبيد بن الأعصم اليهودي من بني زريق قال فيما إذا قال في مشط ومشاطه وجب طلعه أوقال جف طلعه وهو وعاء طلع النخل قال فأين هو قال في بئر وإن روي في بئر لبني زريق فذهب إلى البئر في ناس من أصخابه فنظر فرجع فقال ياعائشة كان ماؤها نفع الحياة وكان نخلها رؤوس الشياطين فقالت أفلا استخرجته يا رسول الله فقال أما أنا فقد شفاني الله وخفت أن أثور على الناس منه شرا ث وروي أنه صلى الله عليه وسلم أرسل عليا وعمارا فاستخرجا ذلك من تحت صخرة فايلبئر عقدة في خيط إحدى عشرة عقدة وقيل غرزت بالإبر ونزلت السورتان وقرأهما كلما قرأ آيه انحلت عقدة ووجد خفة حتى تمتا ث وفيهما إحدى عشرة آية على قول فكأنما نشط من عقال وما ذكر ذلك لليهودي ولاأراه بوجه عبوس وروي أنه أتاه جبريل فأخبره بما ذكر من السحر وموضعه وروي أنه أتاه فقال له يا محمد اشتكيت قال نعم قال بسم الله أرقيك من كل شيء يؤذيك ومن شر كل نفس أو عين حاسد الله يشفيك بسم الله أرقيك وليس ذلك مصدقا للكفرة لأنهم قالوا قبل ذلك أنه مسحور وأيضا هذا السحر لم يغير منه إلا ما مر وأيضا أرادوا أنه مجنون بواسطة السحر . وكان صلى الله عليه وسلم أعوذ بالله من الجان وعين الإنسان ولانزلت السورتان أخذ بهما وترك غيرهما وقال ما تعوذ الناس بأفضل منهما ولا __ ٥ ١ ٢ يستشفي بما فيه كفر أو لا يعرف معناه وروي وجد في الطلعة تمثالا علي سورة رسول الله صلى الله عليه وسلم وفيه إبر مغروزة إحدى عشرة وعقدة إحدى عشرة فكلما قرأ آية انحلت عقدة وكلما نزع إبرة وجد لها ألما ثم يجد راحة وإن ذلك في المحرم من سنة سبع بعد رجوعه من الحديبية في ذي الحجة جاعت رؤساء اليهود إلى لبيد المذكور وكان حليفا لبني زريق وكان ساحرا فقالوا أنت أسحرنا وقد سحرنا فلم نصنع شيئا ونحن نجعل لك جعلا على أن تسحره سحرا أبكاه فجعلوا له ثلاثة دنانير وما روي أن السحر يؤثر في نفس فيها من الخبث ما يناسبه غالب أو أثر فيه صلى الله عليه وسلم بيانا لثبوته وجوازه عليه صلى الله عليه وسلم . بسم الله الرحمن الرحيم "( قل أعوذ برب الفلق ) سجن في جهنم وعن ابن عباس وغيره جب في جهنم وقال الاكثرون الصبح ينفلق عنه الليل وهو رواية عن ابن عباس وهو تفسير جابر بن عبد الله وسبب تخصيصه تغيير الحال وتبديل وحشة الليل بسرور النهار وهو كالمثال لمجيء الفرح ومن قدر أن يزيل بالصبح ظلمة الليل قادر على إزالة المخوف ب قيل وفيه محاكاة لفاتحة يوم القيامة و قيل خص الصباح لأنه وقت إجابة المهوفين ودعاء المضطرين وقيل واد في جهنم إذا فتح استعاذ منه ليلها كلهم لشدة حره وقيل الخلق ونسب لابن عباس مثل الثقلين والملائكة والدواب والطير والعيون والأمطار والنبات انفلقا عنه بحر العدم وعلى ٥١٣ كل حال هو فعل بفتح الفاء والعين بمعنى مفلوق عنه أي مكشوف عنه فإن بحر العدم يفلق عن الموجودات . وقال الحسن ماتفلق من الحب والنوى ولفظ الرب هنا أوقع من سائر أسمائه لأن المعاذ من المضار تربية وقدم بعض أصحابه الشام فرأى دور أهل الذمة وما هم فيه من سعة العيش فقال لا أبا لي أليس من وراعهم الفلق فقيل وما الفلق فقال بيت في جهنم إذا فتح صاح جميع أهل النار من شدة حره . "( من شر ما خلق ) أي ما خلقه رب الفلق وخص عالم الخلق بالإستعادة عنه لإنحصار الشر فيه وشره اختياري مثل ما يفعله المكلفون من المعاصي والضرب والشتم والقتل وما يفعله غير المكلفين من المضار كالأطفال والمجانين وطبيعي كاإحراق النار وإهلاك السموم وقيل المراد إبليس لأنه لم يخلق الله خلقا شرا منه ولأن السحر إنما يتم به وإخوانه س قال ابن هشام وقر عمر بن فائد بتنوين شر فما بدل من شر بتقدير مضاف أي ومن شر شر ما خلق وحذف الثاني بدلالة الأول . "( ومن شر غاسق ) ليل عظيم الظلام مجتمعه يقال غسقت العين إذا امتلأت دمعا وقيل من القسق بمعنى السيلان وهو انسياب ظلامه وقيل الفسق القمر.قال صلى الله عليه وسلم يا عائشة تعوذي بالله من شر هذا الفاسق ووقوبه دخل له في الظل الذي يكسفه فيسود أو دخوله في المحاق وفي هذا الوقت يتم السحر المورث للتمريض وقيل الفاسق الليل ووقوبه اقباله بظلامه وقيل سمي الليل غاسقا لأنه أبرد من النهار والفسق البرد والتعوذ من ٥١ ٤ الليل لأن فيه آفات وقيل الفاسق الثريا إذا سقطت وغابت وذلك أن الأسقام تكثر عند وقوعها وترتفع عند طلوعها ووقوبها ووقوعها . "( إذا وقب ) ثبت الليل ودخل ظلامه في كل شيء ‏ (٦ومن شر النفاثات ) النفوس النفاثات أو النساء السواحر التي يعقدنا عقدا في خيوط وينفثن عليها والنفاثة المبالغة في النفث وهو النفخ مع ريق وقيل بلا ريق فهو صفة مبالغة امرأة نافثة والنفاثة والجمع النفاثات وخص النفث وكون النافث نساء إشارة الى بنات لبيب فإنهن سحرن معه . "( في العقد ) جمع عقدة متعلق بالنفاثات وقيل النفث قي العقد كناية عن إبطال عزائم الرجال بالحيل مستعار من تليين العقدة بنفث الريق ليسهل حلها قال القاضي عرف النفاتثات في العقد لأن كل نفاثة شريرة بخلاف كل غاسق وحاسد يعنى لان الغاسق يكون الشر في بعضه دون بعض والحاسد اذا لم يعمل بمقتضي الحسد لا يجاوزه شره والحسد جائز اذا كان بمعني تمني حال خير لا محبة زواله والصحيح جواز النفث في العقد على سبيل الخير وجواز الرقي الشرعية ‏٠ وعن عكرمة لا ينبغي النفث ولال المسح ولا العقد بامره صلى الله عليه وسلم بالاستعاذة من خدعهن الناس بالسحر او من اثمنهن او من ان يصيبه ضرر السحر وهو الظاهر او الكل . ) ومن شر حاسد اذا حسد ) اذا عمل في الخارج بما في قلبه من الحسد اما قبل ذلك قالضرر عائد للحاسد لاغتمامه بسرور المحسود قال عمر بن عبد ٥١٥ العزيز لم أر ظالما اشبه بالمظلوم من الحاسد ويجوز أن يراد بشر الحاسد إثمه وقبح حاله في وقت حسده وإظهار أثره وخص تلك الأشياء بالذكر مع عموم قوله من شر ما خلق لأنها الأسباب القريبة للمضرة وأجاز بعضهم كون الفاسق ما يخلوا عن النور وما يضاهيه كالقوي وبالنفاثات النباتات فإن قواها النباتية من حيث إنها تزيد طولا وعرضا وعمقا كالنفاثات في العقد الثلاثة وبالحاسد الحيوان فإنه يقصد غيره طمعا فيما عنده وعن قتادة المراد شر عينه ونفسه وأراد بالنفس السعي الخبيث ى قال الحسن بن الفضل ختم الله السورة بالحسد بعد ذكر الشرور ليعلم أنه أخس الطبائع وعن بعضهم المراد بالحاسد هنا اليهود لأنهم يحسدون رسول الله صلى الله عليه وسلم وقيل لبيد بن أعصم . اللهم ببركة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وبركة السورة أخز النصارى وأهنهم واكسر شوكتهم وغلب المسلمين والموحدين عليهم صلى الله على سيدنا و له وصحيه وسلم .محمد ٥١٦ سورة الناس مدنية وهو الصحيح وقيل مكية وهو قول قتادة والأول قول ابن عباس وغيره وآيها ست وكلماتها عشرون وحروفها تسع وسبعون وتقدم فضلها . بسم الله الرحمن الرحيم "( قل أعوذ برب الناس ) وقراً غير ورش بدون النقل والحذف بأن سكن اللام وفتح الهمزة وإنما ضيف الرب الى عام في سورة الفلق وهو ما خلق وأضيف هنا لي خاص وهو الناس لأن الإستعاذة هنا من الأضرار التي تعرض لنفوس الناس وفي سورة الفلق من الأضرار التي تعرض للأيدان وتصدر من الناس وغيرهم وربهم مالك أمورهم ومستحق عبادتهم وقيل خص الناس لأنهم أشرف . "( ملك الناس إله الناس) وصف نفسه أولا بأنه رب الناس لأن الربوية تعرف أولا بما يرى من النعم والرب قد يكون ملكا وقد لا يكون ونبه بعد ذلك على أنه ملكهم لأنه إذا تغلغل نظر الناظر في النعم تحقق أنه غني عن الكل وكل شيء له ومنه فهو الملك الحق والملك يكون إلها ويكون غير إله فنبه على أنه إله الناس ولا إله سواه قل لأنه قد يقال رب الناس وملك الناس ولا يقال إله الناس إلا الله عز وجل ويدل كونه الملك الحق على أنه المستحق للعبادة . قال القاضي ويدرج في وجوه الإستعاذة تنزيلا لإختلاف الصفات منزلة اختلاف الذات إشعارا بعظم الآفة المستعاذ منها وتكرير الناس لما في الإظهار من مزيد البيان والإشعار بشرف الإنسان وملك الناس إله الناس ٥١٧ عطف بيان للرب انتهى يعني أن مالكا عطف والهاء عطف آخر وقال الزمخشري بعض ذلك قال ابن هشام ومن الوهم فولى الزمخشري إن ملك الناس إله الناس عطفا بيان لأن البيان يشترط له الجمود والصواب إنهما نعتان أي ولو أضيف ملك لمفعوله لآنه للماضي لكنه لا ينقطع فهو أيضا مستمر فباعتبار مضيه إفادته لإضافة تعريفا قال وقد يجاب بأنهما جريا مجرى الجوامد إذ يستعملان غير جار بين على موصوف وتجري عليهما الصفات نحو قولنا إله واحد وملك عظيم انتهى . "( من شر الوسواس ) قال جار الله اسم بمعنى الوسوسة وأما المصدر فوسواس بالكسر والمراد به الشيطان سمي باسم المصدر كأنه وسوسته لنفسه لأنها صنعته وشغله الذي هو عاكف عليه أو أريد بالوسواس والسوسة الصوت الخفي انتهى ببعض البيان قال ابن هشام والدماميني الأكثر أي يعني بمفتوح اسم الفاعل نحو من شر الوسواس أي الموسوس والصلصال بمعنى المصلصل . ونقل السيوطي عن ابن مالك إن المطرد في المصدر من فعلال هو الكسر وأن الفتح ندر في قولهم وسوس الشيطان وسواسا ووع الكلب وعواعا وغظغط السهم في مروره غظغاطا إذا التوى وان غير ذلك من المفتوح متعيين الوصفية المقصود بها المبالغة وأن تجويز الزمخشري الفتح في المصدر الذي لم يسمع فتحه قياسا على ما سمع يرد بأن النادر لا يقاس عليه . "( الخناس ) المتأخر بشدة عند ذكر الله "( الذي) نعت أو مقطوع للنصب أو الرفع شتما ويحسن الوقف على الخناس. ‏٥١٨ (" ييسوس ) يكلم الكلام الخفي الذي يصل القلب مفهومه سماع "( في صدور ) قلوب ‏ (٦الناس ) قالوا إن الشيطان جاثم على قلب ابن آدم فإذا ذكر الله خنس ومر برسول الله صلى الله عليه وسلم رجل ومعه صلى الله عليه وسلم امرأة من نساءه فقال صلى الله عليه وسلم يافلان هذه فلانه فقال الرجل يا رسول الله أو أظن بك هذا فقال صلى الله عليه وسلم إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم فضيقوا مجاريه بالجوع والعطش وإذا غفل الإنسان وسوس قال قتادة له خرطوم كخرطوم الكلب وقيل كخرطوم الخنزير ويقال أيضا رأسه كرأس الحية يضعه على ثمرة القلب يمسه ويخدشه،قال النووي قال بعض العلماء يستحب قول لاإله ألا الله لمن ابتلى بالوساس في الوضوء والصلاة وشبههما فإنه إذا سمع الذكر بعد ولاإله إلا الله رس الذكر بعضوأنفع دواء الوسواس والمريدون يأمرون بالمداومة عليه في الخلوة وشكى إلى أبي سليمان الداراني الوسواس فقال إذا أردت أن ينقطع فأي وقت أحسست به فافرح فإنك إذا فرحت به انقطع عنك لأنه ليس شيء ابغض إلى الشيطان من سرور المؤمن وإن غتممت به زادك.وعن بعض الأئمة إنما يبتلي بالوسواس من كمل إيمانه فإن اللص لا يقصد بيتا خربا ‏ ٨وعن بعض جعل الله قلب ابن آدم كالزجاجة فلا يعمل شيئا من الشر إلا رمى اليه ملك موكل عليه نهيا من الله وزجرا ينكر عليه ذلك ويلقي اليه الأمر بالطاعة فذلك منه نور يتلالأ فيسدل ابليس إنه الأمر من الله بالخير فيلقي الوسوسة. قال بعض الصحابة يا رسول الله إنا نحدث بشيء يعترض لقلوبنا لان يقع ٥١__٩ أحدنا من السماء فتخطفه الطير أو تهوي به الريح في مكان سحيق أحب اليه من أن يتكلم به فقال صلى الله عليه وسلم أوجدتموه قالوا نعم قال ذلك صريح الإيمان.وفي رواية تلك برازيخ الإيمان قال الغزالي هذا يحمل على الكراهة الصارفة للوسوسة لأنها صريح الإيمان وقد يدعو الشيطان الى الخير المفصول ليصرف عن الفاضل وقد يدعو إلى خير ليجر إلى ذنب لايفىء به ذلك الخير وهو كلب الله عز وجل فادعه ليصرفه عنك واستعذ به منه فلو اشتغلت به لاتعبك وقد يظفر بك فإنه كلب سلطه الله عليك تسليط تخلبه لا قهر . وهو كالكلب النابح إن أقبلت عليه أولع بك ونبح وإن أعرضت سكت وسكن وأدخل الطاعة مجردا عن التعرض له مخلصا لله وإن عارضك فانفه باختصار واشتغل عنه هذا ظهر مالي من التحقق وهو أولى: ما تراه مسطورا في كتب الفقه أن شاء الله . "( من الجنة والناس ) بيان للوسواس أي من شر الوسواس وهو الجن والإنس أو بيان للذي أو متعلق بيوسوس أي من جهة الجن والإنس أو للناس في قوله في صدور الناس على أن المراد بالناس فيه ما يعم الجن والإنس كما يعمهم النفر والرجل والقوم وهو ضعيف لا يناسب فصاحة القرآن والجنة الجن سموا لاجتنابهم أي استئتارهم وسمي الناس ناسا لظورهم من إنس بمعنى أبصر وعلى البيان للوسواس فالمراد أن الناس يوسوسون كالشياطين الى الشر وقام أبو ذر رضي الله عنه إلى الصلاة فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم يا أبا ذر تعوذ بالله من شياطين الجن والإنس فقال أو للانس شياطين كشياطين الجن قال نعم كما قال الله عز وجل " شياطين الإنس والجن " وقال أبو ذر لرجل هل تعوذت بالله من شياطين الإنس ويجوز أن يراد بالناس في قوله " في صدور الناس " اسم قاعل نسي حذفت الياء كحذفها قي بعض القراءات من الداعي في قوله يوم يدع الداعي والمراد به الجنس فيكون من الجنة والناس بيانا أو تبعيضا له فإن نسيان حقوق الله يعم الجنة والناس فهو يوسوس في صدور الناسبين لها. وعن بعضهم وسواس من الجن ووسواس من نفسك فعلى البيانية للناس بمعنى الإنس والجن أو الناسبين فقد قال بعضهم أن الشيطان يوسوس الجن الإنس .كما يوسوس وعنه صلى الله عليه وسلم لا حسد إلا في إثنين رجل أتاه الله القرآن فهو يقوم به أثناء الليل وأطراف النهار ورجل أتاه الله مالا فهو ينفق منه أثناء الليل وأطراف التهار والمراد بهذا الحسد الاغتياط . وسئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أحب الأعمال إلي فقال الحال المرتحل وهو الذي يضرب من أول القرآن إلى أخره كلما حل ارتحل رواه الترمذي . اللهم ببركة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وبركة السورة أخز النصارى وأهنهم واكسر شوكتهم وغلب المسلمين والموحدين عليهم صلى الله على سيدنا محمد و له وصحيه وسلم ٥٢١ ويسالك اللهم عبدك الذليل أخبات المخبتين وإخلاص الموقنين ومرافقة الأبرار واستحقاق وحقيقة الإيمان والغنيمة من كل بر والسلامة من كل إثم والفوز بالجنة يقول المفسر كمل الربع الرابع وقت الظهر من يوم السبت لستع مضين من شهر رمضان من عام ألف ومائتين واحد وسبعين بخط العجلة وقلمها وهذه مسودة لم اطالعها للتصحيح وسأطالعها إن شاء الله تعالى ولاحول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم أنا الله وإنا إليه راجعون لاإله لاإله إلا الله وأن سيدنا محمدا صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم عبده ورسوله