سالم بن حمد بن سليمان بن حميد الحارثي

المؤلف

سالم بن حمد بن سليمان بن حميد الحارثي

الشيخ العلامة الجليل سالم بن حمد بن سليمان بن حميد الحارثي
هو الشيخ العلامة الجليل سالم بن حمد بن سليمان بن حميد الحارثي، ولد ببلدة المضيرب بولاية القابل في الرابع من ذي القعدة سنة 1351هـ من أبوين كريمين ، والبيت الذي ينتمي إليه تعاقب عليه جملة من أهل العلم والفضل وعلى رأسهم جده الأول الشيخ راشد بن سعيد بن رجب الحارثي الذي عاش في صدر دولة اليعاربة وولي القضاء في إبراء ،.

البداية الحقيقية لمسيرته العلمية كانت سنة 1363 هجرية حين شرع في تلقى العلم على يد الشيخ ناصر بن سعيد النعماني الذي ظل ملازما له حتى وفاته وقد تشرف بزيارة الامام محمد بن عبدالله الخليلي عام 1370 هجرية وبقي ملازما لأهل العلم بنزوى كالشيخ سعود بن احمد الاسحاقي والشيخ سالم بن سيف البوسعيدي ثم عاد إلى المضيرب لكي يواصل تعليمه مع استاذه الشيخ ناصر بن سعيد النعماني .
وبعد ان نال حظا وافرا من العلم رحل إلى سمائل ليحط رحله إلى جوار الشيخ العلامة خلفان بن جميل السيابي رحمه الله وبقي ملازما له لمدة عام تقريبا كما انه قبل ذلك وبالتحديد عام 1370 هجرية سافر إلى زنجبار بصحبة والده والتقى بالكثير من أهل العلم كالشيخ احمد بن حمدون الحارثي وعمه الشيخ عبدالله بن سليمان الحارثي وبعض أهل العلم من غير العمانيين كالشيخ عبدالله بن صالح بن شوين الحضرمي من اليمن والشيخ الاستاذ محمد محمد الدهان من مصر الذي اعتنى بطبع الكثير من الكتب والمخطوطات والشيخ احمد بن سميط الحضرمي من اليمن ايضا. كما زار الشيخ نزوى مرة اخرى بعد وفاة الامام الخليلي وجالس جملة من العلماء كالشيخ احمد بن ناصر السيفي والشيخ سفيان بن محمد الراشدي والشيخ زاهر بن عبدالله العثماني. ومن جملة العلماء الذين جالسهم الشيخ العلامة سيف بن حمد بن شيخان الاغبري وفي عام 1380 هجرية صاهر الشيخ سالم بن حمد شيخه حمد بن عبدالله السالمي وصار من خواص تلامذته ولازمه ببلدة الظاهر من ولاية بدية واستمر التواصل بينهما بعد ذلك حتى وفاته رحمه الله .
ولا تغيب عن البال رحلة الشيخ وباعه الطويل في جمع المخطوطات وتحقيقها ونشرها باعتبارها رافدا علميا لايمكن بأي حال من الاحوال الاستغناء عنه وباعتبارها موروثا حضاريا يجدر بأبناء الجيل المحافظة عليه والسعي بخطى حثيثة لنشره وتحقيقه وجعله في متناول الجميع ليعم نفعه. ولا يعزب عن بال أحد أن عمان بلد عريق احتضن الألوف من أهل العلم والفضل في مجالات شتى منذ صدر الإسلام الاول وليس ادل على ذلك من كون اول كتاب عرف في تاريخ الاسلام هو كتاب الديوان للامام ابي الشعثاء جابر بن زيد اليحمدي الازدي العماني رضي الله عنه وفي تصريح لصاحب السمو السيد فيصل بن علي اَل سعيد رحمه الله عندما كان مستشارا لجلالة السلطان لشئون التراث فإن عدد المخطوطات العمانية الموجودة حاليا يقدر بما لا يقل عن 30 ألف مخطوط مع العلم بأن المكتبة العمانية على مر القرون مرت بالكثير من المحن التي سطرها لنا التاريخ وأدت إلى تلف وفقدان وضياع الكثير من أمهات ونفائس الكتب العمانية التى تشمل بعض الموسوعات العلمية ككتاب الكفاية وكتاب الخزانة وكتاب الاشياخ وغيرها من الكتب أضف إلى ذلك أن الكثير من عامة الناس ممن ورثوا تلك الكنوز أبا عن جد لم يعرفوا لما ورثوه قدره وإنما أهملوه وتناسوه بل وصل الحال عند بعضهم إلى رمي تلك المخطوطات او حرقها او دفنها علما بأن الكثير منها لا توجد منه سوى نسخة واحدة يتيمة بضياعها يضيع الجهد الذي كرسه صاحبه فيها سدى. وعن انتشارها لم تكن ثمة وسيلة لتداول الكتب سوى النسخ باليد وقد كان ذلك في بلادنا إلى عهد قريب. والشيخ سالم بن حمد الحارثي ممن عاصر تلك الحقبة.
وفي لقاء سابق لـ(الوطن) مع الفقيد قال: (كان نسخ المخطوطات وجمعها وتحقيقها هماً يؤرقني ويذهب عني النوم) وقد كانت البداية عام 1370 هجرية تقريبا حين نسخ اول مخطوط ولا يزال هذا المخطوط بحوزته وتتمثل رحلة الشيخ مع المخطوطات في النسخ والجمع والتحقيق والاخراج والنشر. ويجدر بنا ان نشير إلى ان الشيخ سالم بن حمد الحارثي يمتلك مكتبة ضخمة تحتوى على الاَلاف من المخطوطات التي بذل الطارف والتليد في جمعها والاعتناء بها. كما اشار الشيخ إلى انه نسخ جملة من الموسوعات الفقهية المطولة فعند ملازمته للشيخ خلفان بن جميل السيابي نسخ ما لا يقل عن خمسة عشر مجلدا من كتاب المصنف وغير ذلك الكثير والكثير وكما أشرنا لم يكن يومها للكتاب العماني حظ من التحقيق والطبع الا قليلا ونعني بذلك الكتب التي تعد بالأصابع والتي أرسلت إلى بعض الدول العربية التي بدأت تظهر فيها المطابع التي بدأت بالطباعة الحجرية ثم اخذت في التطور وقد قام على ذلك بعض المحسنين وأهل الخير. ومن اوائل الكتب العمانية التي نالت حظ الطبع بعض اجزاء كتاب قاموس الشريعة التي طبعت في المطبعة السلطانية التي أسسها السيد برغش بن سعيد بزنجبار والجزء الثالث من شرح مسند الامام الربيع بن حبيب للامام نور الدين السالمي الذي طبع على نفقة السلطان فيصل بن تركي.
وبالنسبة لجهود الشيخ في جمع المخطوطات فقد استطاع الحصول على كثير من المخطوطات كإهداءات من جملة من مشائخ العلم كالشيخ خلفان بن جميل السيابي والشيخ محمد بن سيف الاغبري وغيرهم كما قام بشراء الكثير منها وعند تجواله في زنجبار بالشرق الافريقي استطاع جمع الكثير من المخطوطات وقد وجد الجو ملائما لان المجتمع هناك وفي كثير من الاحيان لم يكن يقيم لها وزنا فقام بجمع الكثير منها وشحنها إلى عمان عن طريق البحر وقد عانى كثيرا في ذلك هذا إلى جانب البحث من هنا وهناك وقد تمكن من الحصول على جملة من المخطوطات لاتكاد يوجد لها مثيل في السلطنة.
وتكاد جهود الشيخ مترابطة لا تنفصل عن بعضها في كل ما من شأنه العناية بالمخطوطات ففي مجال التحقيق والنشر كان اول ما اعتنى به جمع جوابات الامام محمد بن عبدالله الخليلي رحمه الله وقد استعان بالشيخ سيف بن عبدالعزيز الرواحي والشيخ زاهر بن عبدالله العثماني ثم أرسلها إلى دمشق للطباعة باسم (الفتح الجليل من أجوبة الأمام أبي خليل) وتمت طباعتها باشراف الاستاذ عز الدين التنوخي عضو المجمع العلمي العربي بدمشق. واما بالنسبة لكتاب العقد الثمين وهو جوابات للإمام العلامة نور الدين عبدالله بن حميد السالمي رحمه الله فقد اعتنى به ايما اعتناء وقام بنسخه بخط يده ثلاث مرات وقصة جمعه انه رغب في تحصيل العلم من خلال تلك الفتاوى بعد ما وجد تشجيعا وتحفيزا من الشيخ سعود بن سليمان الكندي هذا إلى جانب رغبته في جمع هذا الكنز الثمين ونشره والافادة منه وقد قام بنسخه له وللشيخ محمد بن عبدالله السالمي وللشيخ احمد بن حمدون الحارثي. وحين وجد الحاجة ملحة إلى طبع هذه الجوابات ونشرها كان قد فقد المجلد الرابع من هذه الجوابات فأرسل في طلب نسخة من إحدى النسخ التي خطتها يده وقد عد مما عده كرامة للامام السالمي انني لم اجد سوى المجلد الرابع الذي هو طلبه في ارث الشيخ احمد بن حمدون الحارثي ، وبعدها سافر إلى مصر والتقى بالشيخ محمد محمد الدهان الذي سبق وان التقى به في زنجبار وكان عونا وسندا في طباعة الفتاوى وإخراجها ولم يعد من مصر الا بعد تمام طباعة الكتاب.
ومنذ بداية عصر النهضة المباركة وبتولي حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ مقاليد الحكم في البلاد عام1970 وحتى يومنا هذا لم يدخر الشيخ سالم بن حمد الحارثي جهدا في المضي قدما في تحقيق ونشر نفائس التراث العلمي الذي تزخر به عمان الطيبة.
ففي بداية الامر كان عضوا للجنة التي تم انشاؤها بتوجيهات سامية لتحقيق المخطوطات ونشرها ثم كان من ضمن السواعد التي تم الاعتماد عليها بعد انشاء وزارة التراث والثقافة فمن الجهود الجبارة التي قدمها الشيخ في هذا الصدد والتي في مقدمتها تحقيق واخراج جملة من الموسوعات الكبرى في الفقه الاباضي والتي في مقدمتها كتاب (بيان الشرع) في واحد وسبعين مجلدا وكتاب (منهج الطالبين) وكتاب المصنف وكتاب لباب الآثار وكتاب الضياء وكتاب الجامع الكبير من اجوبة ابي بشير وكتاب العدل والانصاف وكتاب الدليل والبرهان وكتاب تمهيد قواعد الايمان وغيرها من الكتب والرسائل والبحوث العلمية.
وحول الصعوبات التي واجهته في ذلك أجاب في حواره السابق: لم تكن هناك صعوبات كبيرة بحمد الله سوى السقط ورداءة الخط في بعض المخطوطات وقد تمكنا من الحصول على الاجزاء الناقصة من بعض المهتمين كما انني جلبت من زنجبار قرابة سبعة عشر مجلدا من كتاب بيان الشرع وقد استغرق تحقيق كتاب بيان الشرع وإخراجه ونقله من المخطوطات إلى المطبوع قرابة ثلاث سنوات بعمل متواصل وبعض الكتب التي قمت بتحقيقها كنت مصرا على التعجيل بطبعها ونشرها ولا انسى فضل صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ حين أمر بطبع كتاب منهج الطالبين على نفقته الخاصة فقد قمت بتحقيق هذا الكتاب مع تخريج الآيات نظرا لاهميته. وقد جرينا في التحقيق على عرض النص على عدة نسخ وتصحيح الاخطاء الاملائية واللغوية واستعنت ببعض المهتمين في عرض النص على الأصل وتصحيح الأخطاء.
الجدير بالذكر ان للشيخ سالم بن حمد الحارثي اسهامات علمية في مجال التأليف والنشر منها كتاب العقود الفضية في اصول الاباضية وكتاب النخلة وكتاب المسالك النقية إلى الشريعة الاسلامية هذا إلى جانب اسهاماته العلمية والادبية وله ديوان شعر مطبوع باسم (ديوان الحارثي) ونسخ الشيخ اول مخطوط وعمره 18 عاماً وقد كان الفقيد ينوي اخراج الجزء الثاني من كتاب المسالك النقية إلى الشريعة الاسلامية واعادة تحقيق وطباعة كتاب الفتح الجليل من اجوبة الامام ابي خليل كما ينوي اصدار كتاب بعنوان روضة المستبصرين في ثلاثة ائمة من المتأخرين.

كتب للمؤلف في المكتبة: