راشد بن خميس بن جمعة الحبسي
راشد بن خميس بن جمعة الحبسي
(ت: 1150هـ)
شاعر، ولد سنة 1087هـ، في عين صارخ من قرى الظاهرة، عرف البؤس والفقر منذ الصغر، فقد حرم نعمة البصر وهو ابن ستة أشهر وفقد أبويه وهو في السادسة من عمره، وهكذا نشأ الحبسي منذ صغره محروما من نعمتين نعمة التمتع بالبصر، ونعمة التنعم بحنان الوالدين، وإذا أضفنا إلى ذلك أن أبويه تركاه وحيدا بلا أنيس يؤنسه، ولا عائل يعوله، أو ولي يتولى أمره، أدركنا مدى الأهوال الجسام التي كابدها الحبسي وهو لما يزل غريرا طري العود يحتاج إلى الدفء والحنان والرعاية، ومن ثم نفهم بالتالي تلك المدائح التي يكتظ بها ديوانه في الأئمة اليعاربة، فقد وجد منهم بعد فقدان والديه اليد الحانية التي رعته، والقلب العطوف الذي آواه وحماه، فقد انتقل إلى حصن جبرين ليكون في رعاية الإمام بلعرب بن سلطان فبسط عليه الإمام ظلال عطفه ورباه وأحسن إليه، وتعلم في مدرسة جبرين النحو والصرف واللغة والعلوم وحفظ جزءا من القرآن الكريم…، حتى أصبح شاعرا كبيرا وأديبا مرموقا، كما أشار إلى ذلك ابن رزيق في تاريخه.
ظل في كنف هذا الإمام إلى حين قيام نزاع دموي بين الإمام بلعرب بن سلطان، وأخيه سيف بن سلطان سنة 1103هـ.
يذكر الحبسي أنه خرج من حصن جبرين أيام محاربة الإمام بلعرب مع أخيه سيف، ويقول أن عمره آنذاك سبع عشرة سنة، وقد كان كتب في هذه المناسبة الأليمة يشكو فيها إلى الله ما آل إليه من سوء الحال بعد أن كان في سعة منه.
بعد وفاة الإمام بلعرب، انتقل إلى قرية الحزم من ناحية الرستاق حيث يسكن الإمام سيف بن سلطان، فأفاض عليه من الرعاية والعطف ما جعله يشيد به وبفترة حكمه، وأقام بالحزم مع سلطان بن سيف الثاني، وكان بارا به محبا له مؤمنا بنبوغه وشاعريته، ولهذا فقد أدناه وأفرد له ولزوجه مكانا في قصره. فأطنب الحبسي في مدحه حتى بلغت مدائحه تسعا وعشرين ما بين مقطوعة وقصيدة.
بعد وفاة الإمام سلطان بن سيف، انتقل الحبسي إلى نزوى حيث اتخذ خراسين سكنا له ووطنا دائما يقر فيه.
هكذا عاش الحبسي نحوا من خمس وخمسين سنة في ظل الرفاهية التي حظي بها تحت كنف الأئمة اليعاربة، ثم انقلبت الحياة بعدها ضده وقلبت له ظهر المجن.
استقر في نزوى إلى حين وفاته إذ لم يبرحها إلا إلى القرى المجاورة مثل: منح، السر والمضيبي، حيث كان أعمامه وقرابته.
لعل هذه المحن ساعدت الحبسي، على إذكاء موهبة الشعر في حناياه فنشأ شاعرا منذ الصغر. فقد طبع الإحساس بالألم نفسه برفاهة مطلقة، وتفتح على القريض يحفظه ويرويه ثم يجد فيه متنفسا عن مشاعره وتعبيرا عن خلجات نفسه، وتوترات أحشائه، وتطلعات أمانيه.
هكذا ارتبطت شهرة الحبسي الشاعر المحروم بشهرة اليعاربة الذين عرف عصرهم بالرخاء والازدهار، في كلّ الجوانب سياسيا واقتصاديا. ولم يكن شاعر اليعاربة فحسب بل كان شاعرا اجتماعيا شعبيا جديرا بهذه التسمية كلّ الجدارة. إذ كان يحس بالشريحة التي عاش بينها وترعرع بينها، فكان دائم الوصف لها في أشعاره ولو كان في حصن جبرين أو الحزم.
له مدائح نبوية على عدد حروف المعجم صدر بها ديوانه المطبوع.