العلامة سعيد بن بشير الصبحي
العلامة سعيد بن بشير الصبحي
( ت : 1150 هـ/ 1737 م )
فقيه مشهور ، عاش في آخر القرن الحادي عشر ، والنصف الأول من القرن الثاني عشر الهجري .
ولد الشيخ ضريرا في قرية بني صبح من ولاية الحمراء ، ونشأ فيها ، ثم انتقل إلى نزوى ، فاستوطن محلة خب القش من سمد نزوى ، فتعلم على يد علمائها ، كما تعلم في مدرسة جبرين ، فأخذ عن مشايخها ، وكان ممن أخذ عنه العلم : الشيخ خلف بن سنان الغافري ، والشيخ محمد بن عبدالله بن جمعة بن عبيدان ، والشيخ ناصر بن سليمان بن محمد المدادي ، وغيرهم .
بعدها رجع الشيخ الصبحي إلى نزوى، ليكون قاضيا فيها ، وصار مرجعا لأهل زمانه في الفتيا .
كان الشيخ الصبحي مقربا ومحترما من قبل أئمة عصره ، فكانوا يسمعون كلامه ، ويأخذون رأيه ، ويستشيرونه في كثير من الأمور ، ولم يكن العلامة الصبحي بالذي يداهن في الدين ، بل يقول كلمة الحق ، ولا يخاف في الله لومة لائم ، وقد بدأ نجمه يلمع في الجانب السياسي بدءا من دولة الإمام سلطان بن سيف بن سلطان سنة 1123هـ/ 1711م .
كان العلامة الصبحي تقيا ورعا ، زاهدا متواضعا ، حازما في أمره ، حريصا على استقامة الناس على نهج الرسول وصحابته الكرام ، ومن يتتبع أجوبته يتبيّن له ذلك بوضوح ، فكم من سنة أحياها ، وكم من بدعة أماتها ، من ذلك قوله بأن المؤذن هو الذي يقيم بعد أن كان الإمام في زمانه هو الذي يقيم ولو لم يكن هو المؤذن ، وقوله بحلية القهوة بعد أن قال بحرمتها من سبقه من العلماء .
ولم يكن الشيخ الصبحي بخيلا بعلمه، ومما يدل على ذلك ما جاء عنه أنه قال لبعض سائليه : " وأما بعد ؛ فاعلموا إخواني رحمكم الله أني لا أستكثر من السؤالات التي أنتم ترسلونها إليّ ولو كل يوم ، ولو أتى السائلون لي بحارا جليلة من السؤالات لأفتيتها ، وأنا على المناصحة لكم في جميع الأمور ، ولا يدخلكم الحياء من كثرة المذاكرة لنا ، ونحن الفتيا لازمة علينا ، وفريضة من الله لنا ... وأنا أود أن أنفع المسلمين بجميع جوارحي ، فكيف لا أفتي مسألة وأنا أحفظها ، وأترك إخواني بضررهم ، كفاهم الله الضرر ..الخ " ، ولكنه مع ذلك كان يخاف من أن يكون جوابه من القول على الله بغير علم ، فهو يقول : " ... ينظر في هذا الجواب وفي غيره من الأجوبة التي صدرت عنه إليه من أول ما أجاب إلى آخر وقته ، وانقضاء عمره، ولا يؤخذ منه إلا العدل ، وأنه أوصى بإصلاح فاسده ، ورد باطله ، وأنه تائب من مخالفة الحق ، ومجانبة الصدق ..الخ " اهـ .
لم يترك الشيخ الصبحي أي مؤلف في حياته ، وإنما ترك أجوبة كثيرة ، وقد كانت هنالك العديد من المحاولات لجمع عدد أكبر منها ضمن مؤلف مفرد، ولكن جميع المحاولات لم تستوف كل أجوبته ، ويمكن جمع أجوبته من :
أولا : فتاواه المنثورة في كتب الأثر :
وهي كثيرة جدا ، بحيث لو جمعت منها لكانت في مجلدات ، ومن أهمها : لباب الآثار للصائغي ، وقاموس الشريعة للشيخ السعدي ، وغيرها .
ثانيا : مكتبة السيد محمد بن أحمد :
1. أجوبة الشيخ سعيد بن بشير الصبحي وغيرها في الطهارات ، وقد رتبها وبوبها العلامة أبو نبهان جاعد بن خميس ( ت : 1237هـ ) ، وتقع في مجلد كبير ، يوجد تحت رقم 166 .
2. جوابات الشيخ الصبحي في الأحكام ، وقد رتب في أبواب ، يبدأ بباب المفقود ، ثم الطلاق ، وهكذا ، وتوجد تحت رقم 350 .
ولا يبعد أن يكون ترتيب هذه الجوابات داخل ضمن عمل الشيخ أبي نبهان السابق .
3. أجوبة الشيخ الصبحي : وهي أجوبة على سؤالات توجه بها إليه الشيخ سالم بن خميس بن سالم المحليوي ( حي : 1121هـ ) ، وتتضمن أحكاما مختلفة في الفقه من غير ترتيب ، وتوجد تحت رقم 845 .
ثالثا : مكتبة وزارة التراث
1. القطعة الثانية من جوابات الشيخ الصبحي : وهي مرتبة ومبوبة حسب الأبواب ، تبدأ بباب بيع العروض والحيوان ، وتنتهي بباب المواريث وأحكامها ، وتوجد تحت رقم 1597/ب 229 .
رابعا : المكتبات الخاصة :
ومن أهمها :
1. مكتبة الشيخ محمد بن نبهان الخروصي بالعوابي : يوجد بها جزء من جوابات الشيخ الصبحي ، وهي غير مرتبة .
2. مكتبة الشيخ سالم بن حمد الحارثي ( عالم معاصر ) : الذي رتب ما جمعه الشيخ محمد بن خميس السيفي من أجوبة الشيخ الصبحي في ثلاثة أجزاء ، وسمى ترتيبه هذا " الجامع الكبير من جوابات الشيخ سعيد بن بشير " (مط) ، وكان ترتيبه لها حسب الأبواب الفقهية ، وقد يعلق على بعض المسائل بقوله : قال المرتب ، وقد انتهى من عمله هذا في عام 1383هـ/ 1963م .
ومن الجدير بالذكر أنه توجد ضمن أجوبة العلامة الصبحي هذه أجوبة عن علماء آخرين ، ولكنها نادرة .
هذا .. وبالتأكيد أن هنالك مصادر أخرى لم يرد ذكرها أعلى ، وهي تحتاج إلى بحث عنها في ضمن المكتبات الخاصة .
ومن آثاره من غير الأجوبة مجموعة من الرسائل :
1. رسالة إلى الشيخ سالم بن راشد بن سالم البهلوي والي الإمام سيف بن سلطان الثاني : وهي جواب على طلبه جعل فريضة الإمام سيف بن سلطان الثاني كفريضة محمد بن ناصر ، فأجاب الشيخ الصبحي بالمنع ، وبين للإمام سيف سبب عدم زيادتها .
ويقع الجواب في صفحتين ، وتم تحريره في نهار 21 شعبان 1143هـ/ 1 مارس 1731م .
2. رسالة إلى الإمام سيف بن سلطان الثاني : وهي جواب على طلبه في زيادة فريضته ، وكان جواب الشيخ الصبحي كالسابق ، وهو عدم الموافقة على زيادة فريضته .
3. رسالة إلى الإمام سيف بن سلطان الثاني : وهي جواب فيما استشاره الإمام من جعل الشيخ سليمان بن ناصر بن محمد بن مداد واليا على نزوى ، وكان رد الشيخ الصبحي بالموافقة ، وقد أجاب الإمام على رده بالتأييد لرأيه .
4. رسالة إلى بعض إخوانه : في إلزام نفسه ولاية الإمام سلطان بن سيف الثاني وطاعته وصحة عقده ، وتوجد الرسالة ضمن كتاب تحفة الأعيان للإمام نور الدين السالمي .
5. رسالة إلى الشيخ سالم بن خميس بن سالم البهلوي : وهي في العتاب ، وتوجد ضمن مخطوط جوابات الشيخ الصبحي في مكتبة السيد محمد بن أحمد تحت رقم 350 .
بلغ الشيخ الصبحي درجة عالية في العلم ، وكان مرجع أهل زمانه ، ومن كبار فقهاء أوانه ، برع في الفقه ، واشتغل به في غالب أيام حياته ، ومارسه درسا وتدريسا ، إفتاء وقضاء، وكان صاحب مدرسة فكرية امتدت زمنا ، ومن هنا لا عجب إن أثنى عليه الكثير من علماء عصره وممن جاء بعدهم ؛ كالشيخ أبي نبهان ، والإمام السالمي ، والشيخ إبراهيم العبري ، وقال عنه معاصره الشيخ سالم بن خميس بن سالم المحليوي ( حي : 1121هـ ) : " ... وأقول إن الشيخ الفقيه سعيد بن بشير بن محمد الصبحي إنه شيخ زمانه ، وإنه أمين في فتياه ، مأمون من التحريف والتكليف ، صادق المقال ، حسن الفعال ، ومن كذّبه فهو الكاذب الفاسق ، ومن نسبه إلى غير الصدق فهو عندنا الضال المنافق ، وإني أشهد الله وملائكته ومن بلغه كتابي هذا أو سمع به إني دائن لله تعالى بولاية الشيخ سعيد هذا ، وأسأل الله له الجنة ، والنجاة من النار ، أقول بذلك حقا وصدقا ، لا كذبا ولا ملقا ، وأقول إني لا أستغني عن سؤاله ببيان الشرع ولا المصنف ولا غيرهما ، وإني محتاج إلى سؤاله ، وإني راد نفسي إلى ما يحبه مني ، وراد عما يكرهه مني ..الخ " اهـ .
توفي الشيخ الصبحي أيام دخول العجم إلى عمان ، وكانت وفاته بين دخولهم إلى عبري في 19 شوال 1150هـ/ 9 فبراير 1738م ، وقبل دخولهم إلى نزوى في 1 من ذي الحجة 1150هـ/ 22 مارس 1738م ، ودفن بالقرب من موطنه خب القش ، ورثاه الشيخ الغشري بقصيدة نونية ، تزيد على العشرين بيتا .
المصادر :
العبري ؛ شفاء القلوب ص 288 ــ 292
النور السالمي ؛ تحفة الأعيان 2/110، 142 ، 160
العبري ؛ مقدمة العقد الثمين 1/4
البطاشي ؛ إتحاف الأعيان 3/249 ــ 253
الشامسي ؛ الشيخ سعيد بن بشير الصبحي ــ حياته وآثاره ( كله )
المغيري ؛ السيرة الذاتية للشيخ الصبحي ( كله )
الطريحي ؛ من الملف العماني : التراث العربي العماني ؛ الموسم / العدد 18 ؛ ص 283
ملاحظات :
قدّر أحد الباحثين ولادة الشيخ الصبحي في العقد الثامن من القرن الحادي عشر الهجري .