كتاب مختصر الخصال تحقيق ودراسة
كتاب مختصر الخصال تحقيق ودراسة
حول الكتاب
رسالة ماجستير بعنوان:
مختصر الخصال، تأليف الإمام إبراهيم بن قيس الهمداني الحضرمي من علماء القرن الخامس الهجري
(دراسة وتحقيق)
إعداد:عبدالرحمن بن محمد بن نبهان الخروصي
جامعة آل البيت
كلية الدراسات الفقهية والقانونية
قسم الفقه وأصوله
سنة: 1428هـ-2007م
كتاب ( مختصر الخصال ) للإمام أبي إسحاق إبراهيم بن قيس الهمداني الحضرمي من علماء القرن الخامس الهجري هو من بين المختصرات الفقهية الإباضية التي تبوأت مكانة رفيعة بين علماء المذهب؛ بما حواه من أسلوب فريد رصين، وجزالة في التصنيف، واستقصاء للضوابط والقواعد الفقهية الدقيقة، وتتبع الخصال والاستثناءات، وحسن التقسيم والتعداد للوجوه، وشموله لكثير من أبواب الفقه.
تظهر قيمة (الخصال) العلمية للإمام أبي إسحاق باستحضار الأسباب التي دعت أبا إسحاق لتصنيفه لهذا الكتاب ، والتي ذكرها في مقدمة كتابه، ونلخصها في النقاط الآتية:
1) خشيته من انطماس أصول الاباضية ؛ فصنف كتابه ليثبت به بعض متفقهي المذهب ، فحتى لا يكون منهم استخفاف بمسائل الخلاف ألف كتابه( لترسخ الأصول في أماكنها ويتعلق بها أهل دعوتها ويرغب فيها من أكثر النظر فيها).
إذن فنحن في صدد خط ممانعة عن الذوبان في الآخر، وعن فقد الهوية وتفتيت الذات ، فجاء مختصر الخصال على خطوط الدفاع ، وهي قيمة علمية رصينة في عصر أبي إسحاق وبلده حضرموت ، فيشير أبو أسحاق إلى أن هناك مواجهة فكرية وفقهية ، جسدتها إشارته إلى ظهور مذهبي الشافعية والحنفية.
2) أبو إسحاق صنف كتابه هذا ليعالج إشكالية علمية لاحظها ولمسها في مصنفات المذهب الإباضية ـ حتى وقت تصنيفه للكتاب ـ ، هذه الاشكالية أوضحها لنا بقوله: ( وقد نظرت في بعض تصانيف أهل مذهبنا فإذا هو علم منشور، ولا تؤدي المسألة إلا معنى واحداً غير شامل لأصول العلم، مفتقرًا إلى النظر في جميع الكتب) فإسهاماً منه لتقديم خطوة عملية لمعالجة ذلك صنف (مختصر الخصال) ، وقال في مقدمته: ( فجعلت كتابي هذا مختصراً موجزاً ، وفصلته أبواباً ، وجعلت كل باب منه خصالاً ؛ ليسهل على المتعلم حفظه ويقرب إليه فهمه ، ويزيد العالم نباهة في قلبه، وتقوية في علمه ، وبصيرة في دينه)
ومن هذا ندرك أن وضع الكتاب على هذا الاسلوب المميز من جعل كل باب منه على شكل خصال إنما كان ليسهل على المتعلم الحفظ والفهم ، ينتفع العالم من سبكه ونظمه.
وقد تجسدت قيمة (الخصال) العلمية في وظيفتين أساسيتين قام عليها عماد الكتاب :
1) الوظيفة الأولى : تتبع الأثر (وهو ما نقل من أقوال العلماء من أعلام المذهب الإباضي ) وجمعه ثم صهره في قوالب متناسقة . وقد وفق أبو إسحاق في ذلك ، حتى لكأنك تشعر وأنت تقرأ في مختصره أنه تلخيص محكم لموسوعات الفقه الاباضي التي بسطت ألوف المسائل من منثور أثار علماء الاباضية ، مثل : كتاب الضياء للعوتبي ، و كتاب بيان الشرع للكندي ، وغيرهما من الموسوعات.
2) الوظيفة الثانية : القياس والتخريج على أقوال المذهب بما يتفق مع أصول المذهب .
وإلى هاتين الوظيفتين يشير أبو إسحاق بقوله : ( ولقد صنفت كتابي هذا على أصولهم ولست أدري نص ذلك أحد منهم ، فمنه ما نصت به آثارهم ، ومنه ما لم أجد فيه نصاً مما لا بد أن قد قالوا فيه ، وما لعسى أن يقولوا فيه فأقوله قياساً على أصولهم .) 2
وتتبع الأثر هو الأصل في مختصر الخصال ، والسبيل إليه التتبع والاستقراء ، والقياس والتخريج على الأثر هو الركن الثاني المكمل للكتاب ، وهو قائم على الاسنتباط وإلحاق النظير بنظيره .