الشيخ ناصر بن أبي نبهان جاعد بن خميس الخروصي
الشيخ ناصر بن أبي نبهان جاعد بن خميس الخروصي
ناصر بن أبي نبهان جاعد بن خميس بن مبارك ؛ أبو محمد الخروصي
( و : 1192 هــ/ 1778 م ــــ ت : يوم الأحد 20 جمادى الأولى 1263هــ/ 6 مايو 1847 م )
قاض فقيه ، وناظم للشعر ، عاش في القرن الثالث عشر الهجري ؛ من بلدة العليا من وادي بني خروص .
نشأ في بيت علم وصلاح وفضيلة ، وأخذ العلم عن والده عالم عصره الشيخ أبي نبهان جاعد بن خميس الخروصي .
وأخذ عنه جماعة ، منهم الشيخ المحقق سعيد بن خلفان الخليلي ، والشيخ يحيى بن خلفان بن أبي نبهان الخروصي .
مكث الشيخ ناصر في وطنه العلياء مع والده يتعلم ويدرس ، ثم انتقل مع أبيه وإخوانه إلى العوابي ، فتزوج منها ، واستوطنها ، وظل ينتقل معهم بين العوابي والعلياء حيث إن لهم بيوتا وأموالا ، وقد تعرض هو وإخوته مع والدهم لشدائد ومضايقات في أنفسهم وممتلكاتهم من قبل حكام عصرهم ، فصبروا وصابروا ، فلما مات أبوه اشتدّ الأذى به وبإخوانه ، فانتقل إلى نزوى ، وسكن في العلاية في موضع يسمى الجمى قريبا من مسجد خبّ القش ، وكان الوالي يومئذ على تلك النواحي محمد بن ناصر الجبري ، واشتدّ الأمر بالشيخ ناصر ؛ حتى إنه أكل الخبز بالماء والليمون سنة من قلة يده ، وبقي وحده يكابد المحن إلى أن فرجت تلك الشدائد عنه ، حيث أصبح بعدها مع السلطان سعيد بن سلطان بمثابة قاض ومفت له .
ثم سافر إلى زنجبار برفقة السلطان ، فأقام معه في ميتوني ، وأخذ يتردد على عمان مرات عديدة ، إلى أن توفي في زنجبار يوم الأحد 20 جمادى الأولى 1263هـ/ 6 مايو 1847م ، ودفن ـ رحمه الله ـ في ميتوني ، وكان عمره يوم وفاته واحدا وسبعين عاما ، وقد رثاه ابن رزيق بعدة قصائد .
كان متفننا في علوم جمة ، مقبلا على التصنيف ، قانعا ورعا ، وقد أثنى عليه الكثير من علماء وشعراء عصره ، يكفي أن ابن رزيق مدحه بعدة قصائد وضعها في ديوان سماه " سبائك اللجين في مدح ناصر بن أبي نبهان " .
وإن المتتبع لتآليفه المختلفة يجد أنه كان راسخ القدم في أصول الدين ومسائل العقيدة ، بعيد النظر في مسائل الخلاف وتأصيلها .
له العديد من الآثار العلمية ، منها :
1. العلم المبين وحقّ اليقين : موسوعة علميّة ، حرص فيها الشيخ على أن يجمع أهم الكتب التي تكلمت في أصول الشريعة وفروعها ؛ مع بيان ما ذهب إليه الإباضية في المسائل الخلافية ؛ مما يسهل على الطالب نيل العلوم وتحصيلها ، وتتألف هذه الموسوعة من ستة أسفار ، هي :
السفر الأول : التوحيد لله المجيد (مخ): تعليقات على كتاب العقيدة النسفية وشرحها وحاشيتها ، وقال عنه سماحة الشيخ الخليلي : " وكان في كتابه هذا لا ينغلق على فكرة معينة ، بل يناقش أقوال العلماء على اختلاف اتجاهاتهم الفكرية " اهـ .
وتوجد منه نسخة في مكتبة السيد محمد ، ويصل عدد صفحاتها إلى أكثر من 500 صفحة من القطع الكبير مع صغر خطّ ناسخها .
السفر الثاني : الكشف المبين في افتراق الصحابة والتابعين : لم أعثر عليه إلى الآن ، وقد قال عنه مؤلفه بأنه : "لإقامة البرهان لأصح مذاهب الإسلام بأوضح تبيان حيث كان الاختلاف في أحكام الشريعة ما لا يعرف الأعدل من الأهزل ولا العدل من الهزل من حجة العقل يرجع إلى من هو حجة في نقل الروايات ، وليس هم غير الفرقة المحقة ، فهم الحجة في الشريعة " ، ثم بين أن الاختلاف إنما يعتبر من خلال العقائد .
السفر الثالث : تنوير العقول في علم قواعد الأصول ( مخ ) : تكلم فيه الشيخ عن مواضيع كثيرة جدّا : في أصول الفقه ، وفي العقيدة ، وفي الفقه ، ولكن كلها تدور في فلك أصول الدين ، وهو يفصل بين موضوع وآخر بقوله " بيان " ، وقد يكرّر موضوع البيان في كتابه أكثر من مرة ؛ كمسألة الخمر مثلا .
ويظهر الشيخ في كتابه محقّقا للمسائل ، فلا تمرّ عليه مسألة إلا بعد أن يمحصها ويزنها بميزان الشرع ، ولا يخاف لومة لائم في فتواه ، وكان اعتماده في إصدار أحكامه على القرآن الكريم ، والسنة النبويّة ، والإجماع ، والقياس .
ويختلف منهج الشيخ في تأليف هذا السفر عن بقية الأسفار ؛ حيث كان يعتمد على كتاب من كتب المذاهب الأخرى ، ثم يعلّق عليه تعليقات تبيّن الصواب من الباطل ، ولكنه في هذا السفر لم ينقل عن أيّ كتاب ، بل ألفه بنفسه من أوله إلى آخره ، ولعلّ الشيخ لما أراد أن يتكلم عن موضوع هذا الكتاب ؛ بحث عن كتاب يشابهه فلم يجده ، حيث إن الكلام عن التفريق في الحكم بين الأصول والفروع ، والربط بين العقيدة المتمثلة في الولاية والبراءة وبين مواضيع الإجماع موضوع يندر الكلام حوله .
ويبدو تأثر مؤلف الكتاب بوالده الشيخ أبي نبهان والإمام أبي سعيد واضحا في كتابه . وقد حقق الكتاب مجموعة من طلبة معهد العلوم الشرعية في بحث قدموه للتخرج من المعهد المذكور .
السفر الرابع : الأنوار الجلية ( أو العلية ) في الأحكام الشرعية التنزيلية ( مخ ) : يتألف من جزئين ، ويوجد الجزء الأول منه في مكتبة السيد محمد بن أحمد برقم 27 ، ويقع في أكثر من خمسمائة صفحة .
اعتمد فيه مؤلفه على كتاب الثمرات اليانعة والأحكام الواضحة القاطعة ليوسف بن أحمد الزيدي ( ت: 832هـ ) ، فجعله أصلا لكتابه ، ثم قام بتتبعه والتعليق عليه ، ويبرز رأي الإباضية في تلك المسائل .
وقام مع ذلك ببيان معاني سورة الفاتحة الشريفة ، وقام باستخراج الأحكام الشـرعية التي دلت عليها آياتها .
السفر الخامس : لطائف المنن في أحكام السنن أو لطائف المنة في أحكام السنة ( مخ ) : تعليقات على بعض أحاديث الجامع الصغير للسيوطي ، ويبدأ تعليقه بقوله " بيان " ، ويتنوع تعليقه بين تفصيل لمجمل أو حلّ لإشكال أو بيان لغامض أو تنبيه لنكتة ..الخ ، كما يختلف حجم تعليقه ومكانه من حديث لآخر حسب الداعي للتعليق ، فأحيانا قد يعلق على الحديث بعد الحديث ، وقد يعلّق على مجموعة منها معا ، وأحيانا تمرّ العديد من الأحاديث دون أن يعلّق على واحد منها ، وكذلك الأمر مع حجم التعليق ، فأحيانا يعلّق على الحديث بكلمات معدودة ، وأحيانا أخرى يطيل في التعليق حتى يتجاوز الصفحتين .
يقع الكتاب في مجلد ضخم ، يتألف من 710صفحة ، وقد قسّمه مؤلفه إلى ثلاثة أجزاء ، وقد جعل لتعليقاته مقدمة في الحديث وأقسامه وأهم أحكامه .
السفر السادس : الإرشاد في القياس والاجتهاد ( أو سفر الإرشاد إلى طريق الاجتهاد ) ـ مخ : يقع في مجلد ضخم ، وقد قسّمه إلى أربع مقالات ، وهي في الحقيقة مؤلفات غير إباضية في أصول الفقه ، قم بتتبعها والتعليق عليها .
وهذه المقالات الأربع هي : القول السديد في الاجتهاد ، وشرح الورقات ، ومعيار العقول في علم الأصول ، وكتاب الكافل نيل السول في علم الأصول .
2. الأرجوزة التهذيبية بالعوامل العربية : نظم لمتن العوامل المائة في النحو لعبدالقاهر الجرجاني .
3. التهذيب بالنحو القريب ( مخ ) : شرح لأرجوزته التهذيبية ، وقد حقق الشرح الفاضل/ أحمد بن نبهان الخروصي في بحث تقدم به للتخرج من معهد العلوم الشرعية .
4. مبتدا الكشف في علم الصرف .
5. مبتدأ الأسفار في لغة أهل زنجبار .
6. جواب مسائل النصارى ( مط ) : وهي سبع مسائل توجهوا بها إلى الشيخ ناصر بن أبي نبهان ، فأجاب عليها الشيخ إجابة العارف المطلع ، المحقق الألمعي ، والمسائل هي : هل أهل عمان كلهم على مذهب الإباضية أو لا ؟ و ما يجب وما يستحب عند ولادة مولود أو وفاة أحد ؟ وهل القهوة حرام عندنا أو لا ؟ وأيّ المذاهب أقرب إلينا ؟ وبأيّ شيء خالفناهم وخالفونا فيه ؟ وعن هاروت وماروت ؟! وعن معنى قوله تعالى : إن الله وملائكته يصلون على النبي .. الآية .
وقد أورد ذو الغبراء المسائل المذكورة مع أجوبتها في سيرته ، ويبلغ عدد صفحاتها 35 صفحة ، وقد طبعت السيرة ضمن قاموس الشريعة للشيخ السعدي .
7. فلك الأنوار ومحك الأشعار (مخ): في البلاغة والأدب والعربية ، وقد جعله مؤلفه في ستة أبواب ، ويقع في 496 صفحة .
8. ديوان المصفى في الحكمة .
9. إيضاح نظم السلوك إلى حضرة ملك الملوك ( مخ ) : شرح لقصيدة نظم السلوك للشاعر ابن الفارض في السلوك ، وهو مقسم إلى ثلاثة أجزاء ، تحتوي على سبعة وعشرين بابا .
10. شرح قصيدة حياة المهج ( مخ): شرح فيه القصيدة المذكورة لوالده العلامة أبي نبهان في السلوكيات .
11. رسالة الفوز .
12. السر العلي في خواص النبات بالتدبير السواحلي ( مخ ) : يقع في مقدمة وثلاثة فصول وعشرين بابا .
13. السر الأعظم في تدبير الحجر المكرم .
14. الرسالة المديدية .
15. المعارف القدسية في تفسير الأرواح الروحانية .
16. رسالة الأوضاع .
17. طرف الألطاف .
18. منتهى الكرامات في أسرار الرياضات ( مخ ) : توجد نسخة منه بمكتبة السيد محمد بن أحمد .
19. كتاب المستغرق للحجج .
20. الرسالة المصونة في الأسرار المكنونة .
21. الرسالة التوفيقية في الأوضاع الوفقية .
22. سراج الآفاق في وضع الأوفاق ( مخ ) : يقع في سبعين صفحة .
23. المعارج في علم الزبارج .
24. غاية المنى ونهاية الهنى .
25. التنبيه لديوان المصفى .
26. الإخلاص بنور العلم والخلاص من الظلم ( مخ ) : توجد نسخة منه بمكتبة وزارة التراث ، وقد حقّق .
27. رسالة في الردّ على عمير بن محمد بن سليمان الغلابي ( مخ ) : كتبها جوابا على سؤال الشيخ خميس بن راشد العبري عن أمر الغلابي ، الذي ادعى النبوة ، وأنه ينزل عليه الوحي من ربّ السماء ، وأنه منصور بسبعين ألفا من الملائكة مسومين ، وقد ردّ الشيخ ناصر على جميع ذلك ، ووجه نصحه للشيخ العبري في شأن أمثال هؤلاء .
ومن الجدير بالذكر أن الغلابي المذكور قد ردّ عليه قبل ذلك والد الشيخ ناصر أبو نبهان ، وقد أورد الشيخ العبري ردّ الشيخ ناصر في سيرته شفاء القلوب ، وتقع في ست صفحات تقريبا .
28. الهاسي في علم الراسي ( مخ ) : في الطبّ الشعبي .
29. سيرته إلى أهل المغرب ( مخ ) : وهي جواب أرسله للشيخ سعيد بن علي ، يتضمن الجواب على سبع مسائل ، ويقع في تسع وعشرين صفحة ، توجد نسخة منه في مكتبة الشيخ عشيرة آل خالد ببني يسجن في وادي ميزاب .
30. تعليقات على بعض أبيات ابن رزيق : وقد أشار إلى بعضها ابن رزيق في كتابه الفتح المبين ، منها تفسيره لبيته " سلامة الحال خير من فنا المال " ، وقد عدّه ابن رزيق كتابا مفردا مع أنه لا يتجاوز ثلاث عشرة صفحة .
31. جواب : كتبه جوابا لسؤال وصل إليه عن بعض الانتقادات التي رمي بها علماء الإباضية ، وقد انتصر الشيخ ناصر لهم ، وناقش العديد من القضايا العقدية والفقهية ، منها التأويل ، والتقليد ، وحكم القهوة ، وغيرها .
يقع الجواب في 133 صفحة ، وقد انتهى منه في 23 شوال 1242هـ/ 10 مايو 1827م .
32. أجوبة نثرية كثيرة جدّا : متناثرة في العديد من الكتب ؛ كقاموس الشريعة للشيخ السعدي .
33. قصائد شعرية .
وغيرها .
المصادر :
الخروصي ؛ أجوبة الشيخ ناصر بن جاعد ( م ــ 1137 )
العبري ؛ شفاء القلوب ص 36 ــ 41 ، 94 ــ 129
السعدي ؛ قاموس الشريعة 7/277 ــ 326
ابن رزيق ؛ الصحيفة القحطانية ص 674 ــ 711 ، 809
......... ؛ الفتح المبين ص 132 ــ 156
الخصيبي ؛ شقائق النعمان 1/139 ــ 140
الخليلي ؛ الحقيقة ص 29 ــ 33
الفارسي ؛ البوسعيديون ص 89 ــ 90
الحارثي ؛ العقود الفضية ص 262
بدوي وآخرون ؛ دليل أعلام عمان ص 159
الخروصي ؛ المكتبة العمانية ص 11 ــ 12، 57 ــ 58
وزارة التراث ؛ فهرس المخطوطات ــ الأدب 2/108 ، 109
الراشدي ؛ الشيخ سعيد بن خلفان وفكره ( ضمن قراءات في فكر الخليلي ) ص 116 ــ 119
يعقوب الخروصي ؛ التاريخ الثقافي وأشهر العلماء والشعراء (ضمن ملامح من تاريخ العوابي عبر العصور) ص 95 ــ 100، 106
الخروصي ؛ مقدمة تحقيق التهذيب ب ــ ي
جمعية التراث ؛ دليل المخطوطات : فهرس مكتبة الشيخ ازبار مج 163/4
الشيباني ؛ النتاج الإباضي في التفسير ص 11 ــ 14
ملاحظات :
يذكر ابن رزيق أن وفاة المترجم له كانت يوم الجمعة 25 من جمادى الأولى 1262هــ/ 21 مايو 1846م ، بينما يذكر الفارسي صاحب كتاب البوسعيديون أن وفاته كانت في 22 جمادى الأولى 1263هـ/ 8 مايو 1847م ، فالله أعلم بالصواب .
عدّ ابن رزيق كثيرا من تآليف الشيخ ناصر بن أبي نبهان ، وقد عدّها كتبا، ولكن بعد التأمل فيها نجد أن بعضا منها ليس سوى رسائل ومذكرات لا يتجاوز عدد صفحاتها عشرين صفحة غالبا .
ورد اسم كتابه الموسوعة " حق اليقين " بمسميات متعددة ، فتارة " العلم المبين وحقّ اليقين " ، وتارة ثانية " العلم المبين والحق اليقين " ، وثالثة " الحقّ المبين والحقّ اليقين " ، ورابعة " حقّ اليقين " ، وهكذا تسمية أسفاره أو أجزائه ، ويبدو أن الشيخ ناصر له دور في ذلك ؛ إذ يثبت تآليفه بأكثر من عنوان .
يذكر من تآليف الشيخ ناصر كتاب " الحق المبين في الردّ على المخالفين " ، وهو نفس موسوعته " العلم المبين والحق اليقين" .