قطب الأئمة محمد بن يوسف بن عيسى، اطفيش

المؤلف

قطب الأئمة محمد بن يوسف بن عيسى، اطفيش

(و: 1237هـ / 1821م - ت: السبت 25 ربيع الثاني 1332هـ / 1914م)

هو: امحَمَّد بن يوسف بن عيسى ابن صالح بن عبد الرحمن بن عيسى ابن إسماعيل بن محمَّد بن عبد العزيز بن بكير الحفصي، اطفيَّش.

أشهر عالم إباضيٍّ بالمغرب الإسلاميِّ في العصور الحديثة.

نسبه:

من عائلة شهيرة بالعلماء من بني يسجن، من عشيرة آل بامحمَّد، وينتهي نسبَه إلى عمر بن حفص الهنتاتي، من العائلة الحفصية المالكة بتونس بين (625-983هـ/ 1229-1574م)، وَفي بَعض كتبه ينهي الشيخ اطفيَّش نسبه إلى أبي حفص عمر بن الخطَّاب t.

أَما أمه فهي: السَّيِّدة مامة سَتي بنت الحاج سعيد بن عدُّون ابن يوسف بن قاسم بن عمر بن موسى بن يدَّر من عشيرة آل يدَّر ببني يسجن.

مولده ونشأته العِلمِيَّة:

ولد بغرداية لَما انتقل إليها والده، وعاش بها طفولته الأولى، وفي الرابعة من عمره توفِّي والده، وتركه يتيما تحت كفالة والدته. توسَّمت فيه بوادر النبوغ، فعهدت به إلى أحد المربين لحفظ القُرْآن، فختمه وحفظه وَهو ابن ثمانِ سنوات، ففتح له مجال العلم، وسارع إلى دور العلماء وحِلَق الدروس بالمسجد.

فأخذ مبادئ النحو والفقه عن أخيه الأكبر: إبراهيم بن يوسف.

وتلقَّى مبادئ المنطق عن الشيخ سعيد بن يوسف وينتن.

وكان يحضر حلقة الشيخ عمر ابن سليمان نوح مع أخيه إبراهيم، وحلقة الشيخ الحاج سليمان بن عيسى في دار التلاميذ اليسجنيين.

كما كان يحضر دروس الشيخ بابا بن يونس في مسجد غرداية.

بعد أخذه لِهذه المبادئ، شمَّر على ساعد الجدِّ والتحصيل، بعزيمة لا تعرف الملل، يؤازره ذكاء حادٌّ، وذاكرة وقَّادة، ورغبة في العلم لا تعرف الحدود.

نشأ عصاميا، لم يسافر للدراسة خارج موطنه، وجعل دأبه الحرصَ على اقتناء الكتب واستنساخها، يجتهد في طلبها واشترائها من كُلِّ البلدان، رغم قِلَّة ذات اليد، وصعوبة الاتصَال.

فتجمَّعت لديه مكتبة غنية، تعتبر فريدة عصرها بالنظر إلى ظروف صاحبها، وبُعده عن مراكز العلوم والعمران.

وَمِمَّا ساعده على التحصيل: اقتناؤه لبعض خزائن العلماء، منها خزانة الشيخ ضياء الدين عبد العزيز الثميني، وقد تَزَوَّجَ امرأة علِمَ أنَّهَا تملك مكتبة ثرية ورثتها عن أبيها.

وما كاد يبلغ السادسة عشرة، حَتى جلس للتدريس والتأليف، وَلَما بلغ العشرين أصبح عالِمَ وادي ميزاب، ثمَّ بلغ درجة الاجتهاد المطلق في كهولته، كما يذكر ذلك بنفسه في كِتَابه: «شامل الأصل والفرع».

معهده:

أنشأ القطب معهدا للتدريس ببني يسجن، تخرَّج فيه علماء ومصلحون ومجاهدون، انبثُّوا في أقطار المغرب والعالم الإسلاميِّ، وانبثت تراجمهم في ثنايا هَذَا المعجم.

له منهج في التدريس يعتمد على استغلال الوقت، والتركيز في التلقين. تستمرُّ دروسه طيلة أَيام الأسبوع، من الضحى إلى الزوال، إِلاَّ يوم الجمعة، ثمَّ يزيد دروسا في المساء بعد العصر.

ولا يدرِّس في اللَّيل إِلاَّ الغرباء والنجباء والمتفوِّقين؛ لأنه كان يخصِّص اللَّيل للتأليف والإجابة عن الرسائل والاستفتاءات المتهاطلة عليه؛ وكان غزير المادَّة، طويل النفَس، متفانيا في العلم، يدرِّس أحيانا أحد عشر درسا مختلفا في اليوم الواحد.

ويستعمل اللسان البربريَّ المحلِّيَّ كأداة للتدريس عند الاقتضاء، ولا يحاسب تلاميذه على الغياب أو الإبطاء، وإذا رأى منهم تعبا روَّح عنهم بما يدفعهم إلى النشاط والتركيز، ويولي عناية خَاصَّةً لأسئلة تلاميذه، فيكتبها ويحقِّق مسائلها، ولا يعجز عن الرجوع إلى المصادر، ولو أثناء الدرس.

بهذا المنهج في التعليم، والسعة في العلم، انهال عليه الطلبة من مختلف الأقطار الإسلاَمِيَّة، وصدروا عنه، وكلُّهم رجال عاملون في مختلف مواقع الحياة: تأليفا، وتعليما، وقيادة، وقضاء، وإصلاحا.

وبلغ عدد تلاميذه العشرات، من أشهرهم:

من ميزاب:

1- إبراهيم اطفيَّش، أبو إسحاق: نزيل القاهرة العالم المحقِّق.

2- إبراهيم الابريكي.

3- إبراهيم بن عيسى أبو اليقظان: رائد الصحافة العَرَبِيَّة في الجزائر

4- اعمارة بن صالح بن موسى.

5- بابكر بن الحاج مسعود.

6- داود بن سعيد بن يوسف.

7- صالح بن عمر لعلي.

8- عمر بن حمو بكلِّي.

9- عمر بن يحيى ويرو المليكي.

10-محمَّد بن سليمان ابن ادريسو.

11-الناصر بن إبراهيم الداغور.

12-يوسف حدبون.

أَما من ليبيا: فيذكَر المجاهد بالسيف والقلم الداعية: سليمان باشا الباروني.

ومن تونس: المؤرِّخ سعيد بن تعاريت.

ومن المدينة المنوَّرة: أحمد الرفاعي.

وغيرهم كثير مِمَّن بلغ المشيخة.

تآليفه:

ومن أهمِّ آثار الشيخ اطفيَّش تآليفه التي أغنى بها المكتبة الإِسلاَمِيَّة، كما ونوعا، فقد عدَّها بَعضهم وقال: إِنهَا تبلغ الثلاثمائة مؤلَّف، ما بين كِتَاب ورسالة.

واتسع له العمر، ليترك هذا التراث الجليل، فقد عمِّر سِتَّة وتسعين عاما، وكان حريصا على الكِتَابة، لا يتركها في حضر ولا سفر، وصفه تلميذه أبو اليقظان بِأنَّهُ «لا يُعرف إِلاَّ في تدريس علم، أو تأليف كتب»، فألَّف في بني يسجن، والقرارة، ووارجلان، وبريان، والحجاز، وَفي السفينة قاصدا الحجَّ.

وشملت تآليفه مختلف فروع المعرفة، في المنقول والمعقول:

في تفسير القُرْآن، له ثلاثة تفاسير هي:

· «تيسير التفسير»: ط1 قديمة، الجزائر 1326هـ في سبع مجلدات ضخمة، وط2 مطبعة البابي الحلبي، مصر، نشر وزارة التراث القومي والثقافة، عُمان، من سنة 1982 إلى سنة 1987م، في 14 جزءًا. ويعاد طبعه الآن بتحقيق الشيخ إبراهيم طلاَّي.

وَهو آخر تفاسيره وأهمُّها، إِذْ كتبه بعد نضجه العلميِّ؛ وقد أنجز الباحث: بوتردين يحيى رسالة الماجستير حول منهج التفسير عند القطب من خلاله.

· «داعي العمل ليوم الأمل» (مخ)، نسخة منه بمكتبة القطب؛ وأخرى في مكتبة الشيخ حمو باباوموسى بغرداية، وَقِيلَ: إِنهُ تفسير لم يتممه، بدأه من الخاتمة وانتهى إلى سورة الرحمن، ولا يزال مخطوطا في مُجَلَّد كبير. صحَّحه الأستاذ مصطفى باجو، وضبطه وصفَّفه الباحثان محمَّد باباعمي ومصطفى شريفي، وهو ينتظر الطبع.

· «هميان الزاد إلى دار الميعاد»: ط1 المطبعة السلطانية، زنجبار؛ ط2: مطابع سجل العرب، نشر وزارة التراث القومي، عُمان، ابتداء من سنة 1980م، ويقع في 13 مُجَلَّدا، بدأ في تأليفه وله من العمر أربع وعشرون سنة، وقد نال الباحث عكِّي علواني درجة الماجستير في منهج التفسير عند القطب من خلال الهميان.

2- في التجويد:

· «تلقين التالي لآيات المتعالي»، (مخ).

· «جامع حرف ورش»، (مط).

3- في الحديث:

· «ترتيب الترتيب»، وهو إعادة ترتيب مسند الربيع بن حبيب، بعد ترتيب أبي يعقوب يوسف الوارجلاني، طبع قديم، الجزائر، 1326هـ.

· «جامع الشمل في أحاديث خاتم الرسل e»، تحقيق محمَّد عبد القادر عطا، (مط)

· «وفاء الضمانة بأداء الأمانة»: (مط)

4- في السيرة النبَوِية:

· «مسائل السيرة»، (مخ).

· «شرح نونية المديح»، (مخ)، والنونية أرجوزة وضعها ابن ونان المغربي في مدح خير البرية محمَّد عَلَيهِ السَّلاَمُ.

5- في التوحيد وعلم الكلام:

· «إزهاق الباطل بالعلم الهاطل»، طبع قديم، 1317هـ.

· «البرهان الجلي في الردِّ على الجربي عَلِي»، (مخ).

· «الجنة في وصف الجنة»، (مط).

· «الحجَّة في بيان المحجَّة في التوحيد بلا تقليد»، (مط).

· «الذخر الأسنى في شرح أسماء الله الحسنى»، (مط).

· «الردُّ على الإنجليزيِّ الطاعن في الدين»، (مط).

· «الردُّ على الصُّفْرِية والأزارقة»، (مط).

· «الردُّ على العقبيِّ»، (مط).

· «القول المتين»، وَهو شرح مُقَدِّمة الشيخ تيبغورين بن عيسى الملشوطي، (مط).

· «التقريرات على حاشية الديانات للسدويكشي، وتتمَّتها للمصعبي»: (مخ).

· «حاشية السؤالات» لأبي عمرو عثمان، (مخ).

· «حاشية على شرح النونية»، (مخ).

· «حاشية على كِتَاب الموجز» لأبي عَمَّار، (مخ).

· «شرح أصول تيبغورين»، (مخ).

· «شرح عقيدة التوحيد»، لعمرو بن جميع، (مط)

· «شرح لامية ابن النظر العمانيِّ»، (مخ).

· «عدم الرؤية وإدحاض مذهب أهل الفرية»، (مخ).

· «فتح الباب للطلاَّب، شرح معالم الدين»، لعبد العزيز الثميني (مخ).

6- في أصول الفقه:

· «فتح الله: شرح شرح مختصر العدل والإنصاف»، (مخ)، وَهو موسوعة في أصول الفقه المقارن، لو طبعت لكانت في اثني عشر مُجَلَّدا.

7- في الفقه: وَهو أوسع مجالات تأليفه:

· «شرح كِتَاب النيل وشفاء العليل»: موسوعة فِقهِية جامعة لآراء المذاهب الإِسلاَمِيَّة، يقارن فيها بين الأقوال بروح متفتحة، ويرجِّح ما يراه بِالحجةِ والدليل، وأصبح هذا الكِتَاب معتمد الإباضية في الفقه. طُبع مرارا، وبواسطته تعرَّف العالم الإسلاميُّ على الفقه الإِباضِيِّ، واعتمدته لجان موسوعات الفقه الإسلاميِّ في مصر والكويت.

نظمه الشيخ البطَّاشي العُماني في 124 ألف بيت، سَمَّاه: «سلاسل الذهب في الأصول والفروع والأدب» (مط).

كما أنَّ جمعية التراث تجتهد لإعداد الفهارس الشاملة لشرح النيل، وقد طبعت الجزء الخاصَّ بالفهارس التقنية، وبقي فهرس المسائل الفقهية.

· «إطالة الأجور وإزالة الفجور»، تحقيق الباحث: عمر بازين (مط).

· «الذهب الخالص المنوَّه بالعلم القالص»، (مط).

· «ترتيب تحفة الأديب وتخصيب القلب الجديب»، (مخ). وهو ترتيب كتاب لعمرو بن رمضان التلاتي.

· «ترتيب كتاب اللقط للشيخ عمرو بن رمضان التلاتي»، (مخ).

· «ترتيب كتاب المعلقات»، لمؤلف مجهول، (مط).

· «ترتيب المدوَّنة الكبرى لأبي غانم بشر بن غانم الخراساني»، (مخ).

· «ترتيب نوازل نفوسة»، (مخ)، وهي مجموعة أجوبة ورسائل لبعض أَيمَّة الإباضية.

· «تفقيه الغامر بترتيب لقط موسى بن عامر»، (مط).

· «جامع الوضع والحاشية»، الوضع لأبي زكرياء الجناوني، وحاشيته لمحمد بن عمر أبي سِتَّة المحشِّي ، (مط).

· «حاشية أبي مسألة»، لأبي العَباس أحمد (مخ).

· «حاشية القناطر»، لإسماعيل الجيطالي، (مخ).

· «حاشية على جواب ابن خلفان»، (مخ).

· «حاشية على شرح الرائية»، (مخ).

· «حكم الدخان والسعوط»، (مط). حقَّقها ودرسها الأستاذ بكير بن يحيى الشيخ بالحاج، في إطار رسالة الماجستير بمعهد أصول الدين بالجزائر.

· «حيَّ على الفلاح: وهي حاشية على كِتَاب الإيضاح» للشيخ عامر بن علي الشماخِي، (مخ).

· «شامل الأصل والفرع»، (مط). ذكر فيه أنهُ كتبه بعد أن بلغ درجة الاجتهاد.

· «شرح الدعائم الموسَّع»، (مخ).

· «شرح الدعائم»: شرح بَعض منظومات ابن النظر العماني المسمَّاة: الدعائم، (مط).

· «القنوان الدانية في مسألة الديوان العانية»، (مط).

· «كِتَاب التحفة والتوأم»، (مط).

· «كشف الكرب»: ترتيب أبي الوليد، تحقيق: محمَّد علي الصليبي، (مط).

· «مختصر في عمارة الأَرض»، (مخ).

8- في التاريخ:

· «إزالة الاعتراض عن محقِّي آل إباض»، (مط).

· «الإمكان فيما جاز أن يكون أو كان»، (مط).

· «الرسالة الشافية في بَعض تواريخ وادي ميزاب»، منه نسخة مختصرة (مط)، وأخرى موسَّعة (مخ)، وَهُوَ من المصادر الأساسية لهذا المعجم.

· «السيرة الجامعة من المعجزات اللامعة»، (مط).

· «الغَسول في أسماء الرسول»، (مط).

9- في النحو واللغة والعروض:

· «إيضاح الدليل إلى علم الخليل»، (مخ).

· «الحاشية الثانية على شرح أبي القاسم الداوي»، (مخ). وضعه وَهو لا يزال يتتلمذ على أخيه الحاج إبراهيم.

· «الكافي في التصريف»، وَهُوَ بصدد التحقيق، في إطار رسالة ماجستير، (مخ).

· «المسائل التحقيقية في بيان التحفة الأجرومية»، (مخ).

· «بيان البيان»، (مخ).

· «حاشية على شرح المرادي على الألفية»، (مخ).

· «شرح شرح أبي سليمان داود على الأجرومية»، (مخ).

· «شرح شرح الاستعارات» لعصام الدين، (مخ).

· «شرح شواهد القزويني»، (مخ).

· «شرح شواهد الوضع»، (مخ).

· «شرح لامية الأفعال»، (مط).

· «قصيدة الغريب: نظم متن مغني اللبيب» لابن هشام، (مخ). وَهو في خمسة آلاف بيت نظمه وله من العمر سِتَّ عشرة سنة.

10- في البلاغة:

· «تخليص العاني من ربقة جهل المعاني»، (مخ).

· «ربيع البديع في علم البديع»، (مخ).

11- في المنطق:

· «شرح سلم الأخضري»، (مخ).

· «إيضاح المنطق في بلاد المشرق»، (مخ).

12- في الطبِّ والفلك والحساب:

· «تحفة الحِبِّ في أصل الطبِّ»،(مط).

· «مطلع الملَك في فنِّ الفَلَك»،(مخ).

· «مسلك الفَلَك»، (مخ).

· «شرح القلصادي»، (مخ).

13- في الشعر: له قصائد عديدة في مواضيع تربوية، ومدائح، ومواعظ، منها:

· «ديوان نظم»، (مط).

· «قصائد القطب»، (مخ).

· «القصيدة الحجازية»، (مخ).

· «قصيدة المعجزات»، (مخ).

· «قصيدة بائية»: ضمن مجموع قصائد، (مخ).

· «قصيدة بدر»، (مخ).

· «مجموع قصائد وأجوبة»، (مخ).

14- في الخط:

· «كِتَاب الرسم»، مطبوع.

15- مواضيع مختلفة:

· «تفسير ألغاز»، (مط).

· «خطبتا العيدين»، (مخ).

· «شرح المخمَّسة»، (مخ).

· «شرح لغز الماء»، (مط). وَهو حلٌّ للغزٍ نال به وساما عالميا، عجز عن حلِّه علماء العالم.

16- الأجوبة والردود والفتاوي:

له من الأجوبة والفتاوي عدد هائل، جمع بَعضها الشيخ عمر بن يوسف اليسجني، ولا يزال أغلبها مخطوطا، ومتفرِّقا بين المكتبات، وتعدُّ مرجعا فقهيا هاما، خَاصَّةً في نوازل عصره، نذكر منها ما يلي:

· «أجوبة لأهل عُمان»، (مخ).

· «جواب أهل زوارة»، (مط).

· «جواب إلى محمَّد بن عبد الله الخليلي»، (مخ).

· «جواب مشايخ مَكَّة»، (مط).

17- المراسلات:

راسل القطب علماء من مختلف مدن الجزائر، ومن خارجها. راسل شخصيات من البحرين، والحجاز، وعُمان، ومصر، وتونس، وجبل نفوسة، وجربة، والجزائر، وفاس، والقسطنطينية، وَبَعض العواصم الأوروبية.

ولو جُمعت هذه الرسائل لألفت مُجَلَّدات فيها من أنواع العلوم، والأخبار التارِيخِية الهامة، ما يصلح لدراسات أكاديمية متخصِّصة، نذكر منها على سبيل المثال:

· «رسالة إلى الوالي العام الفرنسي بالجزائر»: مؤرَّخة في ربيع الأَوَّل 1304هـ بقسنطينة، محفوظة في أرشيف إكس أون بروفونس.

· «مجموع الرسائل»، (مخ).

· «مجموع رسائل بين القطب والإدارة الاستعمارية»، (مخ).

هذه الشَّخصِية الموسوعية كانت نادرة العصر في رسوخها وعطائها العلميِّ.

ولم يقصر الشيخ جهوده في هذا المجال، بل اهتمَّ بالإصلاح الاجتماعيِّ، ومحاربة الجهل والبدع، وَتولَّى رئاسة مجلس العَزَّابة ببني يسجن.

كما تولَّى منصب القضاء، ثمَّ اعتزله لَما بسط الاستعمار الفرنسيُّ نفوذه على منطقة ميزاب سنة 1882م.

وكان القطب عدوًّا عنيدا لفرنسا، وَمِمن وقف بقوَّةٍ في وجه الاحتلال، ودعا إلى مقاطعة المستعمر وعدم التعامل معه، ويذكر أنَّهُ نصب خيمة في حومة الدبدابة بين غرداية وبني يسجن، احتجاجا على دخول فرنسا المنطقة.

وكان حريصا على وحدة المسلمين، يعصره الألم على ما آل إليه أمرهم، من فرقة وهوان، وذلٍّ واستعمار، يدعو للنصر للمجاهدين في كُلِّ بلاد العالم الإسلاميِّ.

وقد دفعه هذا التصَوُّر إلى أن يعيش على أمل التخلُّص من المستعمرين، وأن يُفَكِّر في المشاركة بما يستطيع لتحقيق هذا الأمل، فجعل الجهاد جزءا من رسالته في الحياة، كما يقول:

«لَوْلاَ ثَلاَثٌ هُنَّ: تَعْلِيمُ جَاهِلٍ وخِدْمَةُ رَبيِّ وَالجِهَادُ لِذيِ الكُفْرِ

لَمَا كُنْتُ أَخْشَى المَوْتَ وَالموْتُ لاَزِمٌ وَإِلاَّ فَمَا الحياةُ وَالمَرْءُ في قَهْرِ».

وكان مؤيدا للخلافة العثمانية على ما داخل نظامها من انحراف لأنَّهَا كانت تمثل وحدة المسلمين.

له مراسلات مع السلطان عبد الحميد الثاني، وغيره كسلطان زنجبار، وإمام عُمان.

وكان معتزًّا بإسلامه، غيورا على دينه، فقد أهديت له النياشين، وشهادات التقدير من مختلف سلاطين العالم الإسلاميِّ، وبخاصَّة لَما أجاب على لغز الماء، فقبِل هذه الهدايا، إِلاَّ نيشان الحاكم الفرنسيِّ، فَإِنهُ لَما جاء ممثل الحكومة ليوشِّح صدر الشيخ به، قَدَّمَ له طرف ردائه السفليَّ ليعلِّقه عليه، وَلَما سئل عن ذلك قال: «الإسلام يعلو ولا يعلى عليه».

وقد طبعت جمعية التراث رسالتين للماجستير:

-الأولى للباحث المرحوم جهلان عدُّون بعنوان: «الفكر السياسيُّ عند الإباضية من خلال آراء الشيخ اطفيَّش».

- الثانية للباحث مصطفى بن الناصر وينتن بعنوان: «آراء الشيخ امحَمَّد بن يوسف اطفيَّش العقدية».

شهد له بالرسوخ في العلم علماء كثيرون: منهم الشيخ محمَّد عبده، والشيخ زيني دحلان، وَبَعض علماء الحجاز.

ولقَّبه الشيخ نور الدين السالمي مجدِّدُ العلم بعُمان ب«قطب الأيمَّة».

توفِّي بمرض دام أسبوعا، بعد أن قضى قرابة قرن في الجهاد العلميِّ، والإصلاح الاجتماعيِّ.

المصادر:
*قطب الأَئِمة: أغلب مُؤَلَّفَاته (وانظر: جمعية التراث: دَلِيل المخطوطات، فهرس مكتبة القطب). *إبراهيم حفَّار: السلاسل الذهبية في الشمائل الطفيشية (مخ) كلُّه، 51ص. *أبو اليقظان: ملحق السير (مخ) 2/153. *علي معمَّر: الإباضية في موكب التاريخ، ح1/83؛ ح4/325 وغيرها. *دبوز: نهضة الجزائر، 1/289-388. *عمرو مسعود أبو القاسم: قطب الأَئِمة ودوره في ميدان العلم والإصلاح (مرقون) كلُّه. *أعوشت بكير: قطب الأَئِمة، حياته وآثاره الفكرية، جهاده، كلُّه. *عبد الله كنطابلي: بطاقات تعريف لقطب الأَئِمة ومؤلَّفاته (مخ). *جهلان: الفكر السياسيُّ عند الإباضية من خلال آراء الشيخ محَمَّد بن يوسف اطفيَّش، كلُّه. *عكِّي علواني: منهج التفسير (مرقون). *يحيى بوتردين: الشيخ محمَّد بن يوسف اطفيَّش ومذهبه في تفسير القُرْآن الكريم مقارنة إلى تفسير أهل السنة (مرقون) كلُّه. *يحيى بكُّوش: شرح النيل دائرة معارف إِسْلاَمِية (مرقون) كلُّه. *الجعبيري: البعد الحضاري، 83. *المدني أحمد توفيق: كِتَاب الجزائر. *صالح خرفي: من أعماق الصحراء، 52. *عبد الله ركيبي: الشعر الديني الجزائري، 204. *الزركلي: الأعلام، 8/32-33. *نور سَلمان: الأدب الجزائري، 208. *الشيخ القرادي، ص 227، 240. *الحاج سعيد: تاريخ بني مزاب، 121-122، 134، 143. *جمعية البلابل الرستمية: أعمال مهرجان القطب، سنة 1981م (مرقون بمكتبة الحاج سعيد محمَّد بغرداية) منها: -إبراهيم طلاَّي: الشيخ اطفيَّش ذو التفاسيرالمتعدِّدة. -أحمد بن حمزة الرفاعي: وثيقة بإمضائه يروي فيها عن أبيه كيف تَمَّ قبول تدريس الشيخ اطفيَّش في المسجد النبويِّ. -سالم بن يعقوب: حظُّ جربة من تعاليم القطب. -عبد الرحمن بكلِّي: محاضرة في المهرجان. -محمَّد ابن بابه الشيخ بلحاج: الشيخ اطفيَّش المجتهد المتفتح. -إبراهيم بابزيز: كلمة للمهرجان عن رحلة الشيخ اطفيَّش إلى وارجلان. -الثميني محمَّد: كلمة ختامية للمهرجان. *شريفي بلحاج: مناهج التفسير عند بعد علماء الإباضية، 10-14 *جمعية التراث: الملفَّات الصحفية، 6016، 6085، 6578. *عبد المجيد بن عدَّة: مصلحون كبار، مَجَلَّة المجاهد الأسبوعي، 4 أوت 1989.

*Louis David: Les Mechaikh du M'Zab, 24-25.
ملاحظة:
*«اَطْفِيَّشْ» بالميزابية: اَطَّفْ: خُذ. إِيَّ: تَعَال. أَشْ: كُلْ. وَرُبمَا هو «كناية عن الكرم والجود» في هذه العائلة.
**واشتهر الشيخ اطفيَّش عند الإباضية بلقب «القطب» حَتى أصبح علَما عليه.

كتب للمؤلف في المكتبة: