الإباضية من مصادرها

الإباضية من مصادرها

    حول الكتاب

    من مقدمة الأستاذ محمد باباعمي:

    أما البحث الذي بين أيدينا، .فهو في أصله أطروحة دكتوراه، بعنوان "الإباضية في عمان، الماضي والحاضر"؛ وقد ترجم من اللغة التركية إلى اللغة العربية ترجمة موفقة، من قبل الأستاذ "سعيد الحاج"، ثم ألح علي الأستاذ أورهان أن أراجعه، وأدققه لغة وأسلوبا، ثم أنظر في المعلومات الواردة فيه. ولما ولجت بابه وجدته بحرا موارا، ومحيطا غائر القاع، يمتاز بالكثير من الخصائص التي ترشحه ليكون من أحسن ما صدر من البحوث في تاريخ الفرق والمذاهب، وعن الإباضية بالخصوص. وأبرز خصائص هذا العمل الفكري تتمثل في الآتي:
    ١- الجهد العلمي الذي بذله صاحبه، حتى ليُخيّل إليك أن مؤلفه عايش التراث الإباضي عشرات السنين؛ فقد اعتمد من المصادر الكثير وسافر إلى عُمان، فمكث فيها للبحث في مكتباتها، وللتحاور مع علمائها، ولمعاينة حقيقة الإباضية في الحاضر ومصادرها ومواردها، فوجد من أمده باليد البيضاء كرما، وتناغم مع هذا البلد الكريم أيما تناغم.
    ٢- ثم إن البحث نافذة تفتح من السياق المعرفي التركي، لغة وثقافة وفكرا؛ فهو من أوائل البحوث التي كتبت عن الإباضية في الجامعات التركية، وقد كسب السبق كونه أول بحث يترجم إلى اللغة العربية، وينشر في السياق العربي، وهذه خطوة أخرى لإعادة اللحمة بين أخوين حضاريين، لطالما عملت الاستراتيجيات العالمية على الإيقاع بينهما.
    ٣- المنهج التحليلي الذي سلكه الباحث مكنه من استنتاج الكثير من الأحكام التي لم يسبق إليها، فنسج بذلك بناء معرفيا متكاملا، أحسب أنه أبدع فيه فكان الواضع للحجر الأساس فيه، وهو منهج قراءة الفرق من مصادرها بحق لا ادعاء من قبل باحث مسلم من مذهب مخالف، ومن وعاء حضاري مختلف، وليس من قبل أحد المستشرقين؛ وهذا نادر اليوم في الجامعات الإسلامية للأسف.
    ٤- وقد امتاز البحث بالتصنيف الدقيق. والتفريع المؤيد للفهم مما يساعد في الحكم على الحادثة أو الفكرة أو الحركة؛ ومثال ذلك تصنيفه لأنواع التعاريف التي غرف بها مصطلح (الخوارج) المحوري في هذا البحث :وقد قسمها إلى أربعة" :تعريف سياسي، تعريف مؤيد للحاكم، تعريف مغرق في التعميم، تعريف ليس له استخدام عمل". ومثل لكل نوع من المصادر والمراجع تمثيلا ممتعا.
    ٥- لم يكلف الباحث نفسه عناء تبني الأحكام المطلقة. أو التصنيفات الإقصائية المألوفة، ولكنه أبدا كان يعتمد الأسلوب العلمي المفتوح؛ وأحسب أنه كان واضحا في اعتبار "التحيز" ضرورة في البحث العلمي. وبخاصة في العلوم الإنسانية .ولقد قرر في خاتمة بحثه هذه الحقيقة المنهجية حين قال:"وهكذا فالفهم نوعاً ما مرتبط بالتعاطف. لأننا لا نستطيع فهم الأشياء التي لا نتعاطف معها". وهذا هو مدلول التحيز كما نظر له عبد الوهاب المسيري رحمه الله في بحوثه، وهو جهد منهجي تطبيقي للخروج من الدائرة المغلقة للموضوعية والذاتية، التي تسم الفكر الغربي والفكر العربي المتأثر بالفلسفة الغربية بالتبع.
    ٦- كثيرا ما يصوغ الباحث قاعدة كلية اجتماعية أو فلسفية، أو من سنن الحضارة والتاريخ، ثم يعمد إلى معالجة الأحداث بناء عليها؛ وبهذا تكون القاعدة عنده هي المعيار لا الرأي أو الحكم النمطي؛ مما حرَّرَهُ من التقليد في كثير من أحكامه، وقَرَّبَهُ إلى عين الصواب بفعالية ومسؤولية تحسب له، وتعد من بين أبرز إيجابيته؛ ومن ذلك قوله:"أحيانا وجه الفكر الأحداث، وفي أحيان أخرى غذت الأحداث الأفكار". هذه القاعدة، والتطبيق نقرأه في قوله" :فمثلا، رغم اتباع إباضيي البصرة منهجا معتدلا إلا أن سياسة القمع التي كان ولاة العراق يتبعونها أدت إلى جعلهم يلجؤون إلى اتخاذ مواقف متشددة في بعض الأحيان. ومن هنا يمكن القول بأن الأفكار والأحداث كانت تتفاعل فيما بينها"
    ٧- التحرر من الاحكام الموروثة عبر التاريخ بخاصة مما جاء كتب الملل والنحل، وذلك غالب على البحث بشكل لافت .ويمثل لهذا بقوله" :هذا التعريف الذي جاء به الشهرستاني، منقطعاً عن سياقه التاريخي ومجرداً من الأفكار الدينية والسياسية، مفتوح على النقد بكل المستويات"، ويقول عن ابن حزم في هذا الشأن:"يعرض ابن حزم آراءه دون النظر في المراجع الإباضية، ولذا فقد شهد انتقادات لكتاباته .كما أنه رغم قرب معاصرته لحكم الدولة الإباضية الرشيدية للأندلس إلا أنه لم يذكر عنها أي معلومة".
    ٨- النقد الصريح المستند إلى الدليل بلا محاباة ولا مداراة، ابتغاء الحق والصواب، ومثال ذلك نقده لتعريف ناصر السابعي للخوارج، قوله في ذلك:"ويقدما السابعي، وهو من مؤلفي الإباضية، خلال تبرئته الإباضية من تهمة كونهم خوارج، تعريفا يحمل الصفات العامة التي يحملها تعريف الشهرستاني... " ثم يقول:" وإذا أمعنا النظر في التعريف الذي قدمه السابعي .فإننا ندرك أننا أمام تعريف لا يأخذ بصورة كافية بعين الاعتبار الفكر السياسي والديني، وهو تعريف ضعيف من ناحية الحياكة التاريخية لجهة ربط الحدث بالفكر".

    الإباضية من مصادرها
    الناشر

    كتابك

    تاريخ النشر
    م٢٠١٤
    رابط التحميل
    المرفق الحجم
    الإباضية من مصادرها.pdf 10.63 ميغابايت
    الإباضية من مصادرها.txt 709.87 كيلوبايت
    كتب للمؤلف:
    طالع أيضا